ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 06/02/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

الثورة السورية وقرار مجلس الأمن

تاريخ النشر: الأحد 05 فبراير 2012

د. رضوان السيد

الاتحاد

عندما كنتُ أكتب مقالتي هذه عشية الجمعة 4 فبراير 2012 كانت الأزمة السورية لاتزال تُراوح داخل أروقة مجلس الأمن تحت وطأة الاعتراض الروسي. فبعد الجلسة العلنية يوم الثلاثاء 1 فبراير 2012، والتي أعلن فيها المندوب الروسي رفضه، وسانده الصيني، تحولت الجلسات إلى دورات تفاوُضٍ وتشاوُرٍ، وصارت المساوماتُ تدورُ من خلف الستار ومن وراء الكواليس. ويقال إنّ المسودات حتى صبيحة 4 فبراير بلغت ثلاثاً دون حدوث تقدمٍ محسوس. وما كانت المفاوضات السرية ولا المسودات تدور حول حذف العقوبات من القرار العربي، ولا على حذف التدخل العسكري منه، فهاتان أسطورتان نشرهما الروس والسوريون، ولا أساسَ لهما من الصحة، لأنّ القرار العربي ببساطةٍ لم يتضمَّنَهما أصلاً! المسودات والمساومات دارت حول تسليم الأسد سلطاته لنائبه الأول، وحول متابعة مجلس الأمن للقرار في حالة صدوره (بعد نصف شهرٍ أو شهر)، وهل يكون تحت الفصل السابع أو لا يكون. إنما الصحيح أيضاً أن هذه الأمور ما كانت هي بحدّ ذاتها الموضوع. فالروس يقولون إن سوريا مهمةٌ جداً بالنسبة لهم، لأنها آخِر مناطق نفوذهم في المشرق العربي، وهم يخشَون من قوة الإسلاميين بسوريا، والذين سيعمدون إلى اضطهاد الأقليتين العلوية والمسيحية! ثم إنّ الأميركيين استخفّوا كثيراً بروسيا وببوتين إلى حدّ إثارة المظاهرات ضدَّه بالداخل الروسي، واتهامه بتزوير الانتخابات النيابية! وهكذا فإن الروس يزعمون عندما يشتدُّ الإحراجُ عليهم، أنّ الأسد ليس تابعاً لهم ولا يهتمون لمصيره، بل إنهم يقودون حملةً شعواء على الإمبريالية الأميركية! وبغض النظر عن مدى جدية هذا الكلام؛ فالمتوقَّع ألا تتقدم المساومات معهم إلى حين اجتماع وزير الخارجية الروسي لافروف بهيلاري كلينتون يوم أمس السبت بميونخ.

ما هي فائدةُ القرار الدولي إنْ حصل، ما دام لا يشرعن للعقوبات أو للتدخُّل العسكري؟ له فيما يقول المراقبون فائدتان: الضغط المعنوي والذي قد يجلب معه إجراءات من جانب أكثر أعضاء مجلس الأمن والأُمم المتحدة، وتشجيع الوكالات والمنظمات الدولية على التدخل لحماية المدنيين السوريين، وتصاعد الإدانات لما يحصل للشعب السوري. ومن الطبيعي عندما يوافق الروس والصينيون والهنود وغيرهم على القرار، أن يتوقفوا عن إرسال شحنات الأسلحة، وعن تقديم الدعم الاقتصادي، فلا يبقى له غير إيران وحلفائها في العراق ولبنان! فهناك إذن زيادة في الضغوط إلى حدود الاختناق في المدى المتوسط، مع احتمال موافقة مجلس الأمن فيما بعد على إقرار الملاذات الآمِنة للمدنيين، والذين ما عاد كثيرون منهم يتمكَّنون من الفرار إلى تركيا، أو لبنان، أو الأردن أو العراق!

وهكذا فإنه بقرارٍ ودونه، ليس هناك حلٌّ عربيٌّ أو دوليٌّ عاجل، يعيد للشعب السوري الأمن، ويمنحه حريةً في الحركة والحِراك! وهذا كلُّهُ إنْ لم تحدث انعطافةٌ يقبل بمقتضاها النظام السوري الحلّ السياسيَّ العربيَّ بالفعل. والحلُّ المعروضُ عليه يعني التوقف تماماً عن القمع والعسكرة، والاتّجاه لتشكيل حكومة توافُقية تُجري انتخاباتٍ لمجلس تأسيسي، يتسلم السلطة التشريعية مؤقتا، ويكتب دستوراً جديداً يجري عليه استفتاء، إلى أن يصل الأمر خلال تسعة أشهرٍ إلى انتخابات رئاسية حرةٍ وديمقراطية. ووجهةُ النظر العربية من وراء ذلك أنّ هذا المسار يوقف القتلَ عن الشعب السوري، وتبقى المؤسَّسات، ويستعيد الجيش وحدته، وتتضاءل الشكوك والهواجس الطائفية، وتُحفظ سوريا من التدخلات من أيّ جهةٍ أتت. وفي نظر المراقبين أنّ النظام ما قبلَ حتى الآن بهذا المسار، لأنه يعني فقد السلطة بالتدريج. وإذا كان الأمر كذلك، أي أنّ النظام يريد الاحتفاظ بالسلطة كُلِّها، فإلى ماذا يستندُ في القدرة على ذلك؟

يستند النظام في القدرة على الاحتفاظ بكلِّ السلطة بالصيغة القديمة والمستمرة إلى عدة أمور: تماسُك قطعات من الجيش وقوى الأمن والاستخبارات من حوله (من مائة ألف إلى مائة وخمسين ألفاً). وهذه القطعات مستميتةٌ في الدفاع عن النظام، لأنّ ضباطها يعرفون أنهم سوف يزولون نتيجة الدخول في الحلّ السياسي، وخلال سنةٍ أو سنتين. والأمر الثاني أنّ الإيرانيين هم في ذروة صراعهم مع الأميركيين والأوروبيين، وهناك مفاوضاتٌ كثيفةٌ سرية وعلنية بالواسطة، وليس في الأُفق أمارات على تسويةٍ أو صفقةٍ عاجلة، لذلك فإنّ الإيرانيين سيحمون النظام السوريَّ إلى حدود قدرتهم القُصوى إلى أن يحين أوانُ الحلول مع الولايات المتحدة. وهذا يعطي النظام إمكانياتٍ للصمود في وجه الضغوط، لأنّ إيران وحلفاءَها لا يكتفون بالدعم المباشر بشتّى الوسائل وحسْب؛ بل ويحولون دون التدخُّل التركي، ودون الفعالية العربية بتهديد الخليج والضغط على الجوار في شتّى الاتجاهات. والأمر الثالث أنّ إسرائيل لاتزال حائرةً فيما هو الأفيد لها: الهجوم على إيران مباشرةً، أو انتظار ردود الفعل على الوقائع من جانب "حزب الله" وسوريا. وهناك نظريةٌ يروِّج لها بعضُ الخبراء الاستراتيجيين الأميركيين وهي أنّ الضغوط الهائلة على إيران وسوريا، ستدفع الإيرانيين و"حزب الله" والنظام السوري أو تستدرجهم إلى"الاعتداء" على إسرائيل، فيسهُلُ ضربُ الجميع بنتيجة ذلك. وهذه الحيرة تعني أنّ النظام السوريَّ آمِنٌ مؤقتاً ما دامت "ورقة" الوقفة الاستراتيجية هذه حاضرةً وفاعلة. وباختصار، فإنّ قدرة النظام على الاستمرار آتيةٌ من صمود قواته وكتائبه الخاصة، وعدم وجود أو حصول صفقة بين روسيا والولايات المتحدة، ووقوف إيران والولايات المتحدة على سلاحهما كما يقال، دونما تسويةٍ من جهة، ودونما اندلاعٍ للنزاع المسلَّح بينهما.

وهذا الكلام كلُّهُ ما ورد فيه شيء عن الداخل السوري وقُدُراته الكبيرة أو المحدودة. فالتظاهُراتُ لاتزالُ تحدث في المناطق الخمس الرئيسية، كما حدث مؤخَّراً في ذكرى مجزرة حماة عام 1982، وهي: درعا وريفها، حمص وريفها، حماة وريفها، إدلب وريفها، ريف دمشق. وفي الأسبوعين الأخيرين دخل طُلاب حلب وفتيانها على خطّ التظاهُر، واستمرت التحركات في أربعة أو خمسة أحياء من دمشق، وبعض النواحي الجديدة في الرقة. والظاهرةُ الثانية أنّ تحركات الجيش السوري الحر أو المنشقّين عن الجيش، ازدادت قوةً وفعالية. وتطورت تلك التحركات إلى القدرة على تعطيل هجمات الشبيحة في النواحي الخمس، وخوض معارك كرّ وفرّ مع كتائب الأسد وقواته الخاصة. ولا عبرة بعودة الجيش إلى إخضاع ريف دمشق، لأنه لا يستطيع الصمود فيها لكثرة تعرضه للهجمات. والظاهرة الثالثة أنّ "المجلس الوطنيَّ السوريَّ" صار يشكّل رقماً صعباً، بعد أن انهارت كل شرعية "هيئة التنسيق" التي "احتالت" من قبل باسم معارضة التدخل الخارجي. وكلُّ الدول الكبرى، وكثير من الدول العربية، تتعامل الآن مع "المجلس الوطني"، باعتباره خياراً حقيقياً أو بديلاً عن النظام أو على الأقلّ باعتباره شريكاً تفاوُضياً قوياً. والظاهرة الرابعة أو النتيجة لكلّ السابق، أنّ الانسداد أو اللاجدوى في التماس الحلّ الدولي، دفع ويدفع أطرافاً في الجوار القريب والبعيد إلى دعم المعارضة السورية غير المسلَّحة والمسلَّحة.

والذي أراه، سواء جرت الموافقة بمجلس الأمن على المبادرة العربية أو لم تجر، أنّ الحسْم سيبقى بيد الداخل السوري، لكنّ الأعباء والتكاليف كبيرةٌ وخطيرة. بيد أنّ هذه الأعباء والجراح التي تنزل بالناس كلَّ يوم، ينزل مثلُها بالنظام الذي فقد الشرعية، وما عادت لبقائه ميزات غير ارتكابات القمع والقتل: { إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون، وترجون من الله ما لا يرجون}.

=================

الجيش السوري الحر... ورهان الحل العسكري

نيكولاس بلاند فورد - طرابلس لبنان

ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونتيور"

تاريخ النشر: الأحد 05 فبراير 2012

الاتحاد

فيما يتضاءل الأمل في حل دبلوماسي للعنف في سوريا، يتحول الاهتمام الدولي إلى"الجيش السوري الحر" المنشق عن النظام، كوسيلة بديلة عن الجهود السياسية، والأممية، لإحداث التغيير وإسقاط نظام الأسد. فهذا الجيش تحول خلال الشهور القليلة الماضية، إلى لاعب رئيسي في المواجهة بين نظام الأسد من جهة والمعارضة السورية من جهة أخرى. وقد أدى تزايد حجمه سواء من خلال تنامي أعداد المنشقين والفارين من صفوف الجيش السوري النظامي، وتطوع كثير من المدنيين السوريين فيه، إلى زيادة كبيرة في وتيرة الهجمات التي يشنها ضد قوات النظام.

وتشير بعض الأنباء إلى أن قوات الجيش السوري الحر، قد دخلت في اشتباكات عنيفة مع قوات الجيش النظامي في أماكن لا تبعد عن العاصمة دمشق بأكثر من خمسة كيلومترات، وأنها قد تمكنت من تأمين عدد من الجيوب حتى لو كانت محدودة المساحة، وهي جيوب باتت تشكل منطقة خالية من قوات النظام. وفي مثل هذه الأحوال من الطبيعي أن تكون سيطرته على تلك المناطق هشة حتى الآن بسبب افتقاره للذخيرة، وضعف شبكة إمداداته اللوجستية.

ويقول "جيفري وايت" المحلل السياسي لدى "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" وهو أيضاً مؤلف ورقة تعريفية حديثه عن الجيش السوري الحر: "أعتقد أن الجيش السوري الحر بات الآن واحداً من القوى القادرة على تحريك الوضع، والتي ستسهم في تحديد شكل النتائج النهائية لما سيتمخض عنه الوضع في النهاية". ويوضح "وايت" ما يقصده مستطرداً: "لقد غير الجيش السوري الحر طبيعة الصراع مع النظام، وبدأ يقترب بخطى حثيثة من التماهي مع المعارضة السورية الشعبية العاملة داخل البلاد نفسها، كما أظهر صلابة وقوة في ساحة القتال، وهو على كل حال يتطور على الدوام سواء من ناحية القدرات أو الأعداد".

وقد ناقش مجلس الأمن الدولي يوم الثلاثاء الماضي، مسودة قرار مقدم من الدول العربية والأوروبية مبني على خطة الجامعة العربية للانتقال السلمي للسلطة في سوريا. ومن المقرر وفقاً لهذه المسودة أن يسلم الأسد السلطة لنائبه بشرط تكوين حكومة وحدة وطنية أولاً، وذلك في موعد أقصاه شهران. ولكن روسيا التي تتمتع بحق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن، عارضت القرار لأنه يتجاوز كما قالت "خطاً أحمر" من وجهة نظرها، ويرقى إلى أن يكون "تغييراً للنظام".

ويقول خبراء إن هذه الخطة -حتى لو خففت روسيا من موقفها الحالي- لن تؤدي إلى نتيجة فعلية لأن الشرخ بين المعارضة، والنظام بات أوسع وأعمق بكثير مما يمكن ترميمه.

والدفع في اتجاه صدور قرار من الأمم المتحدة، يبدو خياراً من بين آخر الخيارات والخطوات التي يمكن التعويل عليها قبل التفكير بشكل أكثر جدية في حل عسكري، بات العديد من الناشطين السوريين يدعون إليه علناً.

و"في الواقع أن قرار الأمم المتحدة لم يعد ضروريّاً في الوقت الراهن، وقد يؤدي إلى نتائج عكسية... فما هو مهم في اللحظة الحالية هو أن تكون لدينا الإرادة والرغبة في تقديم المواد الضرورية والدعم اللوجستي للثوار وتوفير شخصيات قيادية لتزعم الاحتجاجات، ممن يتمتعون بالتدريب الجيد، والقدرة الضرورية على قيادة المرحلة الانتقالية بأنفسهم". كان هذا ما كتبه منذ عدة أيام الناشط "عمار عبدالحميد" في النشرة الإخبارية التي يقوم بإعدادها على شبكة الإنترنت.

ولكن صدور قرار أو قرارات دولية بدعم الجيش السوري الحر، يمكن أن تترتب عليه أيضاً مخاطر تتمثل في الرد المتوقع من قبل النظام السوري على هذه الخطوة، بالإضافة إلى رد فعل الدول والمنظمات الحليفة له في المنطقة مثل إيران و"حزب الله"، وهو ما قد يهدد باتساع دائرة الصراع، وانتقاله إلى الدول المجاورة مع كل ما يترتب على ذلك من خطورة على الأمن الإقليمي من ثم على الاستقرار الدولي.

والحصول على كميات كافية من الأسلحة والذخيرة للاستمرار في مقاومة نظام الأسد، يمثل تحدياً يوميّاً بالنسبة للجيش السوري الحر الذي يحتفظ في الوقت الراهن بسيطرة هشة -كما سبق أن ذكرنا- على مواقع خارج العاصمة السورية دمشق، بالإضافة إلى سيطرته على جزء من محافظة إدلب في الشمال، وعلى بلدة الزبداني على الحدود مع لبنان.

ويعتقد أنه يتم تهريب بعض الأسلحة عبر الحدود اللبنانية المشتركة مع سوريا، على رغم أن الكميات قليلة، وأن التهريب يتم بشكل فردي وليس جماعيّاً منظماً. كما يتم جلب كميات أخرى من الأسلحة عبر حدود سوريا مع تركيا وهي الحدود التي يستطيع مقاتلو الجيش السوري الحر عبورها بسهولة نسبية.

وتقول مصادر دبلوماسية إنه يتم تهريب الأسلحة أيضاً إلى سوريا من العراق من بعض أبناء القبائل السنية في العراق إلى أشقائهم من القبائل السنية في سوريا. وهناك مصادر أخرى تقول إن الأكراد في العراق يسهمون هم أيضاً من جانبهم في تهريب الأسلحة عبر الحدود إلى أشقائهم الأكراد في شمال سوريا.

على أن هناك مصادر أخرى موثوق بها تقول إن جزءاً من تلك الأسلحة يأتي من داخل سوريا نفسها وتحديداً من الجيش السوري النظامي نفسه، كما يقول الضباط المنشقون التابعون للجيش السوري الحر.

وتتردد أنباء مؤداها أن بعض وحدات ذلك الجيش قد تمكنت من الحصول على أسلحة ومعدات معقدة مثل منظومات الصواريخ الروسية الصنع المضادة للدبابات.

ويقول ضباط الجيش السوري الحر إن هدفهم الأساسي هو حماية المتظاهرين في الشوارع، وإن جيشهم يفتقر للقوة البشرية، والأسلحة، والمعدات، والتماسك، والتنظيم، أي للعناصر التي تمكنه من تشكيل تهديد حقيقي للجيش السوري النظامي.

ولكن على رغم جوانب النقص هذه، فإن وحدات الجيش السوري الحر تشن عدداً متزايداً من العمليات الهجومية القائمة على أسلوب الكر والفر، وتكتيكات حرب العصابات، على الجيش السوري النظامي، في محاولة لإنهاك ذلك الجيش، واستنزاف قوته، وتشجيع المزيد من جنوده على الهروب من صفوفه، مما يجعله أكثر ضعفاً وأقل تماسكاً.

ويقول "وايت": "إن المجتمع الدولي ينبغي أن يساند حملة الجيش السوري الحر لاستنزاف قوى الجيش السوري النظامي، من خلال تزويده بالأموال والمعدات والأسلحة، وعلى وجه الخصوص الأسلحة المضادة للدبابات، ومنظومات القيادة والسيطرة، والنصائح والاستشارات العملياتية والتعبوية".

ويطالب ضباط الجيش السوري الحر بالحصول على مساعدة غربية من أجل فرض منطقة حظر طيران وملاذات آمنة، يستطيع إعادة تجميع صفوفه فيها، وشن هجماته منها.

ويصر هؤلاء الضباط على أنهم قادرون على القيام بالمهمة، إذا ما زودوا بكميات كافية من الأسلحة والمعدات وبملاذات آمنة.

ويقول المسؤولون الغربيون المنخرطون في السياسات المتعلقة بسوريا إن قوة وحجم الجيش السوري الذي يتراوح عدده وفق تقديراتهم ما بين 4000 و7000 جندي على رغم أن ضباطه يدّعون أن هذا العدد يصل إلى 40 ألف مقاتل، يمكن أن يصبحا عنصرين جوهريين في تحديد فعالية أدائه وتحديد الطريقة التي ستتطور بها الأزمة السورية، إذا لم يتنازل الأسد عن منصبه خلال ثلاثة أشهر من الآن.

ويوضح أحد هؤلاء المسؤولين ما يريد قوله: "إنه سباق ضد الزمن بمعنى الكلمة... سباق يتعلق بمدى السرعة التي يفقد بها الجيش النظامي، وتفقد بها الحكومة سيطرتهما على المناطق الحيوية في البلاد، ويتعلق بدرجة العنف التي ستسود في تلك المناطق، ومدى الصلابة والشراسة التي ستقاتل بها قوات حماية النظام السوري، من أجل المحافظة على سيطرتها على المدن المهمة وعلى رأسها دمشق وحلب".

=================

"فيتو" دموي

الشرق القطرية

التاريخ: 05 فبراير 2012

"الفيتو" المزدوج الذي واجهت به روسيا والصين قرار مجلس الامن الدولي مساء امس، أدخل الازمة السورية في نفق مظلم ومستقبل قاتم، خصوصا انه جاء بعد ساعات من مذبحة بشعة ارتكبها النظام السوري في حي الخالدية بمدينة حمص اوقعت اكثر من مائتي قتيل وأثارت صدمة كبيرة حول العالم.

لقد كان الموقف الروسي والصيني مخيبا لآمال الشعوب المحبة للحرية والديمقراطية في كل انحاء العالم، وضربة للضمير الانساني الذي ظلت تروعه منذ مارس من العام الماضي وعلى مدى الاشهر التي تلته الجرائم التي ارتكبها نظام الرئيس السوري بشار الاسد بحق شعبه والتي وصفتها منظمات حقوق الانسان بانها ترقى الى جرائم ضد الانسانية.

بالامس فشل مجلس الامن الدولي، بسبب "الفيتو" الروسي، في تحمل مسؤولياته في حفظ الامن والسلم الدوليين وفي توفير الحماية اللازمة للشعب السوري الذي يواجه آلة القتل والقمع والتنكيل في كل يوم.

ان روسيا والصين شجعتا بموقفهما المتقاعس امس نظام الاسد على المضي في طريق التصعيد الامني المستمر وارتكاب المزيد من المجازر الوحشية مثلما حدث امس في حمص ومن قبل في حماة وتوفير الوقود اللازم لتحويل ما يحدث في سوريا الى حرب أهلية.

لقد جاء القرار المقدم الى مجلس الامن بطلب من مجلس الجامعة العربية بعد اجماع عربي على ضرورة الحصول على الدعم الدولي للخطة العربية لحل الازمة في سوريا من خلال نقل السلطة سلميا بما يعبر عن تطلعات الشعب السوري.

ان روسيا والصين لم تقوضا بالامس تطلعات الشعب السوري وحده، وانما وقفتا في وجه اجماع عربي عبرت عنه القرارات التي صدرت تباعا عن مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية. بل ان الدولتين وقفتا في وجه اجماع دولي كبير، وتتحملان بالتالي المسؤولية الكاملة عن توفير الغطاء للنظام السوري والوقوف ضد صوت الشعب الذي ينادي بالحرية.

ان الجامعة العربية مطالبة بالرد على الموقفين الروسي والصيني اللذين ظلا يتجاهلان رياح الربيع العربي التي تهب على المنطقة، وقد حان الوقت ان تعلم موسكو وبكين انهما اصبحتا بلا اصدقاء في المنطقة.

=================

عذراً حمص... سامحينا

مها بدر الدين

الرأي العام

5-2-2012

أرادها الثائرون تذكرة بأحداث حماة لعل الذكرى تنفع، ولعل القلوب من هول المصاب تخشع، وأرادها المغتصبون مجزرة تعيد إلى الحاضر مآسي أسر تفجع بفلذات أكباد بحقول الحرية لم ترتع، وفي ليلة ظلماء باردة كبرودة نظام الأسد أطلق العنان لحقده الدفين المعتق منذ سنين على شعب أعزل ارتضاه يوماً ولفظه الآن ظالماً فكان جزاءه القتل والإبادة.

حي الخالدية في حمص كان بالأمس صورة دموية رسمت فيها تفاصيل تكوين نظام الأسد السياسي، وأظهرت للعالم أجمع أن رائحة الدم أزكى عنده من كل عطور باريس، وصوت المدفع أشجى له من صوت فيروز، وما الإصلاحات في مخيلته سوى شبيح في جيبه حفنة من الدولارات وفي جيبه الآخر مشط من الرصاص.

حي الخالدية في حمص كان بالأمس نموذجاً مصغراً للقادم من المجازر الكبيرة على يد الشبيح الأكبر بعد أن وقف الدب الروسي وراء ظهره يحميه من المجتمع الدولي ويشد أزره بشحنات الأسلحة الروسية التي تصل إلى موانئ سورية لتفتك بأهلها، ويدفع ثمنها من أموال الشعب السوري ودماء أبنائه.

حي الخالدية في حمص كان بالأمس الصفعة القوية التي لطمت وجه الإنسانية في القرن الواحد والعشرين الغني بشعارات الديموقراطية والهيئات الحقوقية والمنظمات الإنسانية التي تقف عاجزة أمام تعنت شمشون الجبار فاقد البصر والبصيرة.

ان ما حدث بالأمس في حي الخالدية من مجازر يندى لها جبين الإنسانية، ليس إلا نتيجة تخاذل دولي وعربي تجاه الشعب السوري الأعزل الذي طلب العلا فدفع دمه ثمناً، ونتيجة تباطؤ الخطوات الدولية الواجب اتخاذها لردع هذه الهمجية الأسدية التي تمارس على الأراضي السورية دون اعتبار لكل المواثيق والقوانين الدولية المجرمة لهذه الأفعال، ونتيجة التهاون في إعطاء الشعب السوري حقوقه السياسية المشروعة التي نصت عليها هذه القوانين والتي أقرتها المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة التي تقف عاجزة أمام الفيتو الروسي اللعين، ونتيجة تقاعس دول الجوار صاحبة القرب الجغرافي والبعد السياسي والتي أرتأت أن تترك السفينة السورية تغرق بمن فيها دون أن تنزل قوارب النجاة لشعبها المسالم، واكتفت بالنواح والعويل وتبليل الساحات السياسية بالبكاء، ولا ننسى دور الدول العربية التي رغم محاولتها لجم جنوح الرئيس السوري إلا أنها فشلت في تغيير مسار الأحداث لصالح الشعب السوري واكتفت بتغيير المنكر السياسي باللسان دون التفكير بمد يدها لتغييره وهي القادرة.

كما أنه نتيجة تخاذل بعض فئات الشعب السوري الصامتة التي ارتضت لنفسها أن تكون شاهدة عمياء على ما يرتكب بحق أخوانهم الأحرار من مجازر وقد هبوا لاقتلاع الحرية للشعب السوري أجمع من براثن النظام الغاشم، هذه الفئات التي عليها بعد مجزرة الخالدية الشنعاء أن تحدد موقفها من الثورة، فمن ارتضاها له مستقبلاً عليه أن يشارك بها بكل فعالية وتفاعل، ومن تساوره النوايا في اللعب على حبال ما ستأتي به الأيام القادمة فليعلم أن الوقت لم يعد مناسباً للعب، وأن التاريخ والشعب السوري لن يرحم من كان سبباً في تجرعه الجراح من أبناء جلدته، وليدرك الجميع أنه آن الأوان أن يقف كل سوري في الموقف المناسب له وأن يكون مسؤولاً عن موقفه هذا مستقبلاً، وآن الأوان أن تحدد كل طوائف المجتمع السوري ومكوناته رؤيتها للحاضر وتحجز مكانها المناسب في مستقبل سورية ما بعد الأسد.

والأجدر اليوم على داعمي نظام الأسد وما يسمى «بالمنحبكجية» من الشعب السوري أن يعيدوا النظر في حبهم الأعمى للطاغية الذي لا يستند على أساس علمي أو عملي، وأن يتقوا الله في اخوانهم ممن قضوا برصاص ومدافع وقذائف عصابات الشبيحة والمرتزقة، وأن يتساءلوا ماذا يريد بشار الأسد بعد من السوريين، وقد شتت شملنا وأكسبنا صفة اللاجئين التي ما عرفناها إلا في عهده، وقضى على أهلنا في ربوع سورية فمات من مات وفقد من فقد واعتقل من اعتقل؟ ماذا يريد هذا البشار من السوريين بعد أن أعلنوا لفظهم له ولآله ورفضهم لحكمه؟ مذا يريد وقد ترك في كل بيت سوري حرقة، وفي قلب كل أم سورية لوعة، وفي حلم كل طفل سوري كابوساً؟ وكيف يرتضي هؤلاء المؤيدون أن يكون لبشار الأسد كلمة على سورية بعد أن نكل بأهلها هذا التنكيل وأجرم بحقها هذا الإجرام.

بالأمس كنا نعتذر لحماة عما حدث بها من ثلاثين سنة تحت أنظارنا وصمتنا، ونطلب منها السماح وقد تسامحنا، لكن اليوم وحمص تذبح كل يوم تحت أنظار العالم أجمع هل يحق لنا أن نعتذر.. وأن اعتذرنا هل ستسامحنا حمص ونحن في القرن الواحد والعشرين.

=================

الانتهازية تنطبق على الموقف الروسي

خيرالله خيرالله

الرأي العام

5-2-2012

المؤسف ان الموقف الروسي في مجلس الأمن التابع للامم المتحدة لا يصبّ بأي شكل في خدمة الشعب السوري. كلّ ما يمكن ان يؤدي اليه هذا الموقف هو اطالة معاناة الشعب السوري الذي يتوق الى الحرية والكرامة والخروج من براثن نظام عائلي- بعثي لا هدف له سوى استعباد الشعب وتسخيره في خدمة مجموعة حاكمة غير قادرة على تصوّر نفسها خارج السلطة.

ما يدعو للاسف اكثر من ذلك، ان المندوب الروسي في مجلس الأمن لم يجد ما يقوله ردا على الخطاب السخيف الذي ألقاه المندوب السوري الذي يبدو واضحا انه لا يفهم شيئا في الموضوع السوري ويصرّ في الوقت ذاته على استغباء العرب والعالم في آن. كلّ ما فعله المندوب الروسي هو استكمال حفلة الدجل التي احياها المندوب السوري!

بلغ الجهل بالمندوب السوري استشهاده بقصيدة لنزار قبّاني عن دمشق. هل يعرف هذا الموظف السوري شيئا عن نزار قبّاني ام ان كلّ ما في الامر انه اراد المتاجرة بالشاعر الكبير الراحل الذي عاش كلّ حياته في المنفى هربا من النظام السوري ومن بطش الرئيس الراحل حافظ الاسد؟ اين انت يا نزار قبّاني لترد على ممثل لنظام لم يرحم اي سوري يمتلك حدا ادنى من الشعور الانساني والحسّ الحضاري من امثالك، من امثال الذين فضّلوا الغربة على الذلّ وكلّ انواع القهر...

لو كان المندوب السوري يعرف القليل عن نزار قبّاني لكان تذكّر ان نزار قبّاني توفي في لندن وليس في دمشق، وان وجوده في العاصمة البريطانية عائد اولا واخيرا الى انه عاشق حقيقي لدمشق وانه كان يرفض العيش فيها حياة الذليل الغريب عن وطنه.

اراد المندوب السوري المتاجرة بنزار قبّاني ودمشق مثلما اراد المتاجرة مرة اخرى بالفلسطينيين وقضيتهم. هل يعرف المندوب ان عدد الفلسطينيين الذين قتلوا على يد النظام السوري بشكل مباشر او غير مباشر يزيد كثيرا على عدد الفلسطينيين الذين قتلتهم اسرائيل؟

لم تقتصر مساعي المندوب السوري على المتاجرة بدمشق وبنزار قبّاني وبالفلسطينيين وقضيتهم. اراد تربيحا جميلا للبنانيين الذين لجأوا الى سورية في اثناء حرب صيف العام 2006. نسي حتى كيف اندلعت تلك الحرب ومن وراء افتعالها. فات المندوب السوري ان «حزب الله» الايراني كان وراء تلك الحرب عندما خطف جنودا اسرائيليين من خلف ما يسمّى «الخط الازرق» الذي تعتبره الامم المتحدة خط وقف النار بين لبنان واسرائيل.

هل كان هناك عاقل يستطيع تجاهل العلاقة العضوية بين النظام السوري و«حزب الله»؟ هل هناك شخص يمتلك حدا ادنى من المنطق لا يستطيع التكهن برد فعل دولة تمارس الارهاب اسمها اسرائيل في حال مهاجمة جنود لها خلف «الخط الازرق»؟

بدل التباكي على اللبنانيين وتمنينهم بما قدمته لهم سورية في صيف العام 2006، كان الأجدر بمندوب النظام لدى الامم المتحدة امتلاك حد ادنى من الشجاعة كي يعتذر من لبنان واللبنانيين والقول ان واجب سورية في تلك المرحلة كان يتمثّل في منع «حزب الله» من الإقدام على مغامرة غير محسوبة ادت الى تدمير جزء من البنية التحتية اللبنانية ومقتل مئات اللبنانيين وجرح الآلاف...

تكمن مشكلة روسيا في انها لا تزال قادرة على دعم مثل هذا النوع من الانظمة. تبدو روسيا في العام 2012، بعد عشرين عاما بالتمام والكمال من انهيار الاتحاد السوفياتي رسميا، وكأنها لم تتعلّم شيئا من التجارب التي مرّت بها القوة العظمى الثانية في العالم طوال الاعوام الخمسة والسبعين التي عاشتها. لم تتعلّم خصوصا ان قمع الشعوب لا يمكن ان يؤدي الى نتيجة وان ليس صحيحا ان في الامكان إلغاء شعب من الشعوب عن طريق الحلول الامنية. لو كان ذلك صحيحا لما كانت بولندا عادت الى البولنديين او هنغاريا الى الهنغار او بلغاريا الى البلغار.

في النهاية، لا بدّ من التساؤل، هل تريد روسيا توريط النظام السوري في مزيد من القمع بسبب حسابات خاصة بها؟ قد يكون الجواب عن هذا السؤال ان روسيا ربما تعتقد أن اوان المساومة على النظام السوري لم يحن بعد وان لا مانع من الانتظار بعض الوقت ما دام ثمن الانتظار يدفعه الشعب السوري من لحمه الحي ودمه الغالي...

في كلّ الاحوال، كلّ ما فعله الاتحاد السوفياتي هو توريط العرب في حروب عادت عليهم بالويلات. لو لم يكن الامر كذلك، لكان حال دون اندلاع حرب العام 1967 التي ادّت الى احتلال اسرائيل للضفة الغربية والقدس الشرقية والجولان وسيناء. هل كان الاتحاد السوفياتي من الغباء الى درجة انه لا يدرك مسبقا النتائج التي كان يمكن ان تترتب على مثل هذه الحرب؟

لو كان الاتحاد السوفياتي صادقا مع العرب، لكان نصح جمال عبدالناصر بتفادي اي نوع من التصعيد الذي دفعه اليه النظام السوري وقتذاك. ولكن يبدو ان الهمّ الوحيد للاتحاد السوفياتي في تلك المرحلة كان يتمثل في اضعاف العرب، كي يصبحوا أكثر فأكثر تحت رحمته في لعبة اقتسام النفوذ بينه وبين الولايات المتحدة. هل يمكن تسمية مثل هذا التصرف بغير كلمة الانتهازية؟ ما الفائدة من هذا النوع من الانتهازية تمارسها موسكو في السنة 2012؟ أوليس ذلك دليلا على قصر نظر لا اكثر؟ ما الفائدة من الوقوف مع نظام مرفوض من شعبه وخسارة العرب كلّ العرب؟

تغيّرت امور كثيرة ولم تتغيّر الذهنية في موسكو التي تصرّ في السنة 2012 على زيادة عذابات السوريين واطالتها غير مدركة ان النظام الذي تدعمه انتهى وان من الافضل لها ابقاء جسر تواصل مع الشعب السوري البطل. نسيت موسكو ان البقاء للشعوب وليس للانظمة. لو لم يكن الامر كذلك، لما سقط الاتحاد السوفياتي يوما...

* خيرالله خيرالله

* كاتب لبناني مقيم في لندن

=================

سوريا..روسيا.. ما هو أبعد من الفيتو!

سلطان الحطاب

الرأي الاردنية

5-2-2012

يغريني التاريخ بالابتعاد عن اللحظة الراهنة من العلاقة السورية الروسية وهي العلاقة التي سبقت قيام الاتحاد السوفييتي وصاحبت وجوده ولم تنته برحيله..فما السر وراء ذلك..وما هي بذرة هذه العلاقات؟..

أذكر أنني كنت في زيارة الى موسكو في أواخر الثمانينات وما زال الاتحاد السوفييتي في آخر آيامه وقد أصيب بمرض البيرسترويكا (اعادة البناء) فلم يتم بناؤه وانما انهار وتغير..كان الرئيس حافظ الاسد في زيارة الى موسكو وقد تابعت خطابه في الكرملين ولفت انتباهي قوله أمام القيادة السوفييتية..»لقد أهديناكم المسيحية» ..وتذكرت أن المسيحية الأرثوذكسية (السريانية) هي ذات منشأ سوري فقد قامت لتنقل مقراتها من أنطاكية الى مناطق في جنوب تركيا ثم الى حمص ثم الى دمشق أخيراً..

وقد أثرت هذه الكنيسة في روسيا تماماً وتشعبت وكان الروس قد قدموا للمنطقة ابان الوجود العثماني فبنوا (مواقع دينية سميت «بالمسكوبية» نسبة الى موسكو وفي فلسطين عدد منها..

اذن الكنيسة الارثوذكسية-السورية-السريانية-النساطرة واليعقوبية نسبة الى (يعقوب البرادعي) امتداد للكنيسة الشرقية أو المشرقية وهو ما حرك بطرك هذه الكنيسة الروسي لزيارة دمشق بعد وقوع الاضطراب في سوريا خاصة وان اتباع هذه الكنيسة العربية كثيرون في سوريا وهم الاكثر من بين الطوائف الأخرى..

ليس فقط الكنيسة الأرثوذكسية وامتدادها هو ما يدفع موسكو للاهتمام بالشأن السوري وتراكيبه الداخلية الاجتماعية وقد يكون هذا السبب الاخير لكني أوردته أولاً لقفز السياسيين والمحللين عنه ووقوفهم عند عوامل أخرى مهمة وعلى رأسها العامل الاقتصادي العسكري ..فروسيا التي أهرعت بارجتها الحربية «ارميرال كوزنيتسوف» لترسو في طرطوس تريد أن ترسل رسائل ان التسليح السوري هو وقف روسي وأن هذه الحلقة لا يجوز ان تكسر كما كسرت حلقة التسليح المصري حين طرد السادات الخبراء الروس قبل ذهابه الى القدس عام 1977..فهناك في سوريا ما يقدر ب (600) خبير وفني روسي لاصلاح ميناء طرطوس السوري على البحرالمتوسط ومهام أخرى وهناك اسلحة روسية تتدفق بكلفة تزيد عن (4) مليار دولار منها صواريخ كروز «بانخو نت الروسية كما أن في سوريا استثمارات روسية تزيد عن(19) مليار دولار في البنية التحتية المدنية والعسكرية وقطاعات أخرى عديدة ولا تريد روسيا ان تعود لتشرب من نفس الكأس الذي شربت منه في ليبيا حين أظهرت مرونة للغرب فانتزعوا ليبيا وضربوا المصالح الروسية الى زمن بعيد..

اذن هناك دوافع عسكرية اقتصادية مهمة ويبقى ان أذكر دافعاً آخر جيوسياسيا قديما ومتجددا ومهما وهو وراثة روسيا لانتصار احدثته منذ العهد القيصري حين استطاعت آنذاك ولأول مرة ان تصل الى المياه الدافئة (البحر المتوسط) وقد بقيت لقرون مع وجود ذبذبات في هذا التواجد الذي ترى روسيا التمسك به الان ضرورة لا تعدلها ضرورات أخرى.. فالمكان حيث الموانيء السورية في طرطوس واللاذقية توفر لها مواقع وجود هامة في وجه تحديات حدثت وأخرى ما زالت تخشاها روسيا من الغرب سواء الأميركي أو الأوروبي المتحالف معه وخاصة في ظل الأزمات المتجددة..فالوصول الى البحر المتوسط يعني الوصول الى جنوب اوروبا واذا كان لروسيا حدود برية مع أوروبا في الامتداد الجغرافي رغم انسلاخ الكتلة الشرقية وانفراطها ودخول أكثرها الى الاتحاد الأوروبي الذي وصل الى 28 دولة فإن الوجود البحري الروسي في المتوسط من خلال موانيء سورية يعادل درجة الخطورة في التلاصق البري وهنا مكمن الخوف لدى روسيا ان تخسر هذا الموقع الاستراتيجي فتكون بذلك قد صفيت مواقعها المهمة في المتوسط وبالتالي رحيلها كما رحلت من مصر وقد لا يكفي وجودها الرمزي في الجزائر..

سوريا اذن مهمة لروسيا لهذه المستويات وأخرى غيرها لا تدركها هذه المقالة ومن هنا فإن الفيتو هو الطلقة الاخيرة في المسدس الروسي لانقاذ المصالح الروسية في سوريا قبل مصالح النظام السوري نفسه..ولذا فإن النظام السوري يبني ثقته بالموقف الروسي لاعلى طريقه من خسروا الرهان على روسيا من العرب ولكن من خلال مصالح روسيا الكبيرة في سوريا ومع نظامها..

=================

العلمانوية السورية ورهاب التغيير

السبت, 04 فبراير 2012

عمر قدور *

الحياة

التبست العلمانية السورية في تاريخها القريب والقصير بتيارات سياسية، أبرزها الأحزاب اليسارية وجزء من الأحزاب القومية، وفي الحالتين لم تتصدر المسألة العلمانية طليعة اهتمام هذه الشريحة، ولم تطفُ قضية العلمانية على السطح إلا بعد التراجع الكبير لليسارية والقومية تزامناً مع تقدّم الإسلام السياسي في المنطقة. لذا، بوسعنا تعريف العلمانية السورية إلى ما قبل عقدين بأنها جزء من مشاريع أيديولوجية، أو شمولية، تملك تصوراً للدولة يفوق المهام الاعتيادية لدولة المواطَنة العصرية، ويقسرها على واجبات تتعدى مقدراتها أولاً، وتتجاوز تالياً الاستحقاقات الواقعية المباشرة.

كشأن الأيديولوجيات الحاملة لها، كانت التصورات العلمانية تقفز عن الواقع المُراد تغييره، ولا تراه فاعلاً أو جديراً بالتحول بفعل ديناميته الخاصة، فيغدو التغيير من فوق هو السبيل الوحيد ل «الارتقاء» به. ولطالما كان الواقع ميؤوساً منه على هذا النحو، فإنه أُهمل من بعض النخب واحتُكِر تمثيله من البعض الآخر الحاكم، في تأبيد مزدوج لوضعية النخب ولوضعية المجتمع. ما خفي طويلاً وفضحته في ما بعد تجارب الأيديولوجيات القومية في الحكم، هو استنادها إلى النازية أو الفاشية، وبالتالي اغترابها عن الواقع، رغم المدّ الجماهيري أحياناً، الذي اعتَمد -كحال كل فاشية- على دغدغة الغرائز ليس إلا، ولم تكن الطبعة اللينينية الستالينية من الماركسية، كما نعلم، في حال أفضل.

لقد رأت الشموليات بأنواعها الدولةَ كوسيلة للانقلاب، ولم تنظر إليها كوسيلة للتنظيم والإدارة السلمية للصراعات الاجتماعية، بل كان يُنظر إلى هذا الدور بنوع من الاستهجان. وإذا شهدنا خلال العقدين الماضيين انهياراً للشمولية، فإن تكريس الدولة/ السلطة ككائن فوق المجتمع كان قد تم في الواقع وفي العقول، وساهم المدّ الأصولي في الفترة ذاتها بترسيخ تصور النخبة عن ذاتها وعن المجتمع، الذي بدا أكثر «تردياً» من ذي قبل، ما منح أنظمة الاستبداد مشروعيةَ الاستمرار، بوصفها الأقل سوءاً. لم يصبح حيادُ الدولة مطلباً، ولم يُفك الارتباط بين الدولة والسلطة، لذا بقي التوصيف السياسي للدولة غالباً على حساب التوصيف القانوني لها.

وفي غياب الاشتغال على مفهوم الدولة، اختزل بعض القوميين واليساريين السابقين العلمانيةَ إلى ما يمكن وصفه ب «نزوع علمانوي» يأخذ مبرراته من الخوف من موجة الإسلام السياسي المتعاظمة، وهنا تبدو العلمانوية نزوعاً هامشياً من حيث إقرارها بالعجز حيال المدّ الإسلامي، بل إنها تكتفي غالباً بتعريف نفسها بواسطة الأخير، فتختزل العلمانيةَ إلى مقلوب للأخير، أي تعرّف نفسها سلباً وحسب. هذا التعريف، الذي يضع العلمانية في موقع طرف وخصم، يجرّدها تلقائياً من إمكانية الانفتاح على المختلف، ويمنع عنها فرصة احتوائه، فتتحول العلمانية إلى مشروع سياسي سلطوي دون الارتقاء فكراً وممارسة إلى مفهوم الدولة.

هذه الوضعية النخبوية دفعت ببعض العلمانويين السوريين إلى التشكيك في الانتفاضة منذ بدايتها، رغم أنها طرحت الشعارات التي يُفترض بهم أن يتمثّلوها. وغير بعيد من منطوق النظام، سنجد هؤلاء يعمدون من دون مبرر إلى اعتبار هذه الشعارات مجرد غطاء لمشروع سياسي أصولي، وكأن الشعارات إياها لا تأخذ مصداقيتها إلا عندما تُرفع من قبلهم وبصياغاتهم النخبوية النظيفة! أول ما يلفت الانتباه في هذا التناقض الصارخ هو عدم الثقة بالشارع، وتنميطه إلى شارع متخلف مجرد من الوعي، وبالتأكيد إلى شارع محكوم بأصولية لا فكاك منها. أما الوجه الآخر، فيأخذنا تلقائياً إلى التنميط الذي يَسِمُ العلمانويين أنفسهم، فنجدهم لا يستطيعون تقبّل حتى المُتفِق معهم إن كان مغايراً لهم، فضلاً عن التعالي الذي ينضح به تشكيكهم في أهلية الآخرين.

لا يفصح العلمانوي عن عداء للانتفاضة، لكنه يبرع في تصيّد أخطائها، فينصبّ جهده على نقدها كلما سنحت الفرصة وبحيث يبدو محقاً تماماً. وإذا كان نقد الثورة ضرورياً أيضاً، فإن ما يستوقف المتابع هي تلك المساحة الشاسعة من الصمت على ما تواجهه الانتفاضة من أفعال قمع، مقابلَ التركيز الشديد على ردود أفعال بعض المنتفضين المُدانة بالتأكيد. إن أخطاء الانتفاضة، من وجهة النظر هذه، هي أخطاء بنيوية تكشف عن جوهرها الخفي، على العكس من مطالبها التي تبدو عارضة، أو على الأقل لم يجرِ تعقُّلها من قبل الثوار. لذا، ليس مستغرباً أن يطالب العلمانوي منذ بداية الانتفاضة بكشف حساب عن مآلها، فهو إذ لا يثق بالشعب، يشترط ضمانات مسبقة على المستقبل، من دون انتظار لسقوط النظام وتعبير الشعب عن نفسه آنذاك بحرية وديموقراطية.

وإذا كانت الوقائع المحلية لا تكفي هذا النمط من التفكير، فإن الخارج كفيل بنجدته، كما حدث في الانتخابات التونسية والمصرية وتقدُّم الإسلاميين فيها، فيسهل على العلمانوي القفز عن التعددية في بنية المجتمع السوري من أجل الجزم بمستقبل أصولي للحكم في سوريا. ما يغيب هنا أيضاً هو الحاضر الذي تُسفك فيه الدماء يومياً، وكأن المستقبل المجهول، إن صحّت الافتراضات السابقة حوله، تمكن مقايضته بالحاضر الدموي. لا ينحاز العلمانوي مباشرة إلى الاستبداد، فهو على الأغلب يقارن بين استبدادٍ حاضر واستبدادٍ آت، أما مفهوم الديموقراطية، فليس وارداً ضمن منظومته، التي تقتضي أولاً تأهيلاً طويل الأجل للمجتمع، حتى يصبح جديراً بها.

المخاوف من تقدّمٍ للأصولية حقيقيةٌ وواقعية بلا شك، لكن التهويل من شأنها واستخدامها كفزاعة يشيان بالعقلية التي لا ترى في التغيير تغييراً إلا لمرة واحدة فقط، فتعاني من رهابه ولا ترى فرصة للتملص من حتميته. في الواقع، إن رهاب التغيير، بما يضمره من تعطيل لفعالية المجتمع الحالية، يقع على الضدّ من العلمانية المفترضة، فمشروع الدولة الذي أجهضته سلطة الأمر الواقع، ينبغي أن يكون محصلةَ الإرادات المجتمعية، بما فيها تلك الشريحة من العلمانويين التي تُحجم عن المشاركة حتى الآن، بل إن مشاركة هذه الشريحة في التغيير واجبة لحماية المستقبل مما تنذر هي به، صدقاً أو رياء. بتعبير بسيط، لا يمكن الدولة الحديثة إلا أن تكون ديموقراطية، ولا ديموقراطية حقيقية بلا علمانية للدولة، لأنها وحدها تضمن فكرة المواطَنة المتساوية. ذلك كله لا يتطلب «علمنة» الفضاء الاجتماعي، بل يتطلب الفصل بين الدولة ككائن معنوي محايد وبين المجتمع كفئات لها مشاربها وانحيازاتها المختلفة.

لم تشهد سوريا الاستقلال نقاشاً واسعاً حول العلمانية، لكن حدث مرة أن سأل سلطان باشا الأطرش الرئيس السوري آنذاك: هل سيحكم رئيس الحكومة فارس الخوري بالقرآن أم بالإنجيل؟ يومها أتت إجابة الرئيس بسيطة وواضحة: سيحكم بالقانون.

* كاتب سوري

=========================

.. والآن أكثر من 200 قتيل في يوم!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

5-2-2012

كتبنا قبل أيام مقالا عن المجازر الأسدية تحت عنوان «100 قتيل في يوم»، والآن نكتب عن «أكثر من 200 قتيل في يوم» بعد مجزرة الخالدية بحمص، فعن كم سنكتب لاحقا طالما أن طاغية دمشق لا يجد من يردعه؟ بل هل يتحمل الطاغية وحده تلك المجازر؟

فمنذ طرح المبادرة العربية وقوات طاغية دمشق تقتل يوميا ما لا يقل عن خمسين سوريا، وأحيانا مائة، حيث فقد النظام الأسدي صوابه، لكن عندما لاحظ الأسد أن مجلس الأمن بات عاجزا عن الوصول إلى قرار واضح ضد نظامه، وجرائمه، وبقيادة روسية، فقد اعتقد أن الوقت قد بات مناسبا للقيام بضربة قاضية بحق الشعب الثائر، من أجل فرض واقع على الأرض يجعل من الصعب على المجتمع الدولي اتخاذ أي قرار قابل للتنفيذ، ولذا فإن قواته لم تتوان عن القيام بمجزرة الخالدية.

وهذا ليس تحليلا، فوزير داخلية الأسد، وكذلك وزير خارجيته، كلاهما أعلن صراحة أن النظام سيعمد إلى الحل الأمني.

ولا فرق بالطبع بين ما قاله وزير الداخلية الأسدي، أو المعلم، وقبلهما الأسد في خطابه الأخير، وما سبق أن قاله سيف الإسلام القذافي أول أيام الثورة الليبية، حين هدد الليبيين صراحة. ولذا فإن صمت المجتمع الدولي، والدفاع الروسي، وحتى بعض العرب، مثل ما نسب للممثل الشخصي للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، حيث اعتبر لجوء الجامعة العربية إلى مجلس الأمن دليلا على أن ميثاق الجامعة العربية «أصبح بلا أخلاق»!.. يجعلنا لا نستغرب جرائم النظام الأسدي، والتي بلغت حد منع قواته لمن هم تحت سن الخمسين من صلاة الجمعة، في بعض المدن السورية، طالما أن الصمت الدولي المخزي لا يزال مستمرا، وبدعم روسي سافر!

وعليه، فالمطلوب اليوم هو اتخاذ قرارات فعلية وعملية، تأخرت كثيرا، ومن الدول العربية، وأولهم دول الخليج العربي، ومن تلك القرارات طرد سفراء النظام الأسدي من أراضيهم فورا، والاعتراف بالمجلس الوطني السوري، ودعمه، بأنواع الدعم كافة، وإطلاق الرحلات الدبلوماسية المكوكية فورا، أي أن نرى المسؤولين الخليجيين وهم يطوفون العواصم الغربية الفاعلة لضمان تمرير قرار أممي حقيقي، وتحت الفصل السابع. فإذا كان الشيخ حمد بن جاسم قد قال في القاهرة بأن التحرك ضد القذافي أوجبه تصريح أحد أبنائه بالتهديد بحرق بنغازي، فإن الأوضاع في سوريا تعد أسوأ، حيث هدد الأسد السوريين بنفسه، والأمر نفسه فعله كل من وزير داخليته، وخارجيته، حيث أعلنوا صراحة التحرك لفرض الحل الأمني، وتطهير سوريا، كما قال وزير داخلية الأسد. فما الذي ينتظره العرب، والمجتمع الدولي، بعد ذلك؟ وعندما نذكر العرب أولا فلسبب بسيط، حيث من غير المقبول أن نرى هيلاري كلينتون وهي تتحرك لتمرير قرار ضد الأسد، ولو كان منقوصا، بينما يقف العرب مكتوفي الأيدي!

المطلوب الآن هو طرد سفراء الأسد، والاعتراف بالمجلس الوطني، والتحرك فورا، دوليا، لحماية السوريين من الطاغية بشار.

=================

الذين ذهبوا لنيويورك لاصطياد الأسد

عبد الرحمن الراشد

الشرق الاوسط

5-2-2012

الاعتقاد بأن مجلس الأمن بوضعه الحالي يعطي شرعية إسقاط النظام السوري، وهْم. والظن بأن قرار الجامعة الذي يتم تبنيه في مجلس الأمن فيه مفتاح الدخول إلى دمشق من خلال الحيل البلاغية، أيضا وهم.

الحل – استثناء - ليس في نيويورك، بل في مكانين فقط، القاهرة وسوريا. بإمكان الجامعة معاقبة النظام بعد هذا الكم المتزايد من الجرائم، وعمليات الإبادة الواضحة، واستهداف المدنيين الصريح، بطرد النظام السوري ومنح المعارضة حق تمثيل بلادها. الجامعة هي من يعطي الشرعية أولا وليس مجلس الأمن، هذا ما حدث عند مواجهة نظام صدام بعد احتلاله الكويت، وهذا ما فعلته الجامعة ردا على جرائم قوات القذافي باستهدافها المدن الليبية المتمردة.

أما قرار الجامعة الذي يظن القانونيون أنه سيمكنهم من صيد الدب السوري من ذيله فليس صحيحا، بل وضعهم في مأزق، وهو الذي اصطادهم؛ حيث يعطيه أولا شرعية البقاء، ويرفع الحرج عن الدول المؤيدة له مثل روسيا، والأسوأ أنه يتضمن ما يكفي من الوقت والجدل القانوني لحماية النظام والإبقاء عليه. القرار لا يقول من هي المعارضة التي تشارك في الحكومة. وبالتالي هذا جدل سيستمر لأشهر في أروقة الجامعة والأمم المتحدة لأن أنظمة سوريا وإيران وروسيا حددت بالاسم المعارضة التي تعترف بها، وهم بضعة أشخاص تابعون لها. وثانيا، ما هي طبيعة المشاركة ومن المسؤول عن وزارات السيادة الأربع، الدفاع والداخلية والخارجية والمالية، وماذا سيحل بأجهزة المخابرات الرهيبة؟ وهذا سيستغرق دهرا. وهو في ثناياه، يعطي شرعية للنظام مهما فعل، كما نرى الآن. وحتى نصوص القرار العربي نفسها مكتوبة بصيغة توافقية لا علاقة لها بتصريحات الوزراء العرب، فهم يقولون إن على الرئيس بشار أن يتنازل عن صلاحياته لنائبه، وبالتالي يكون قد أخرج من الحكم وصار شخصية شكلية، صح؟ خطأ. النص المكتوب لا علاقة له بهذه التصريحات البتة.. «تفويض رئيس الجمهورية نائبه الأول بصلاحيات كاملة للقيام بالتعاون التام مع حكومة الوحدة الوطنية لتمكينها من أداء واجباتها في المرحلة الانتقالية». يعني أن بشار يفوض فاروق الشرع للقيام بالتعاون مع حكومة مشتركة مع المعارضة. أي صلاحيات تعاون لا صلاحيات إدارة البلاد. ومنصب رئيس الجمهورية مختلف عن صلاحيات الحكومة في سوريا، الأول فقط هو من يدير الوزارات الأمنية والعسكرية. أي أنه حتى المشروع الأصلي لا ينزع أنياب الأسد، وبالتالي نحن نثبت شرعيته المكسورة أصلا، ونصادر منه الوزارات الخدمية مثل الصحة والزراعة والمواصلات ونحوها. وبعد هذا كله يجلس أشخاص محسوبون عليه من المعارضة. ولنقل إنني أخطأت الظن في الجامعة والأسد معا، وفعلا شكلت حكومة مشتركة من معارضين حقيقيين، السؤال من سيدير ماذا؟

أعتقد أن الجامعة، بدفع من الدول المنحازة للنظام السوري وبسبب الحملة الكاذبة التي قيلت في حق التدخل الدولي الذي أنقذ الشعب الليبي، وبسبب الخيبة الكبيرة مما يحدث في القاهرة، طأطأت أغلبيتها وانحنت للتعديلات التي جعلت قرار الجامعة باهتا، وتحول من حبل يشنق النظام إلى حبل لإنقاذه، بكل أسف.

الجامعة مطالبة بطرد نظام الأسد، هذه خطوة أساسية، وتأييد الشعب السوري في حقه في الدفاع عن النفس. هاتان الخطوتان كفيلتان بتغيير الوضع على الأرض، وإجبار المجتمع الدولي على السير وراء الجامعة العربية لا أمامها. وبعدها ستجد حكومات ومنظمات عربية ودولية الوسيلة لمواجهة بطش النظام. اليوم لا توجد شرعية عربية للتحرك، فكيف يمكن فعل ذلك؟ بل الأسوأ هو القائم. رئيس المراقبين العرب، جنرال البشير وأحد قادة مخابراته، لا يزال يعطي تصريحات يدافع من خلالها عن جرائم النظام. ومعظم الحكومات العربية سفاراتها تعمل في دمشق، وكل ممثلي نظام بشار يعملون في سفاراتهم في الدول العربية. فكيف يمكن لمجلس الأمن أن يكون أكثر حرصا على لجم المذابح السورية؟

=================

ضعف المعارضة وقوتها!

فايز سارة

الشرق الاوسط

5-2-2012

كثيرا ما يردد المعنيون بالوضع في سوريا كلاما عن ضعف المعارضة السورية، ويسوق البعض منهم أسبابا وعوامل باعتبارها بين ما يجعل المعارضة السورية ضعيفة، بل إنهم قد يتجاوزن ذلك إلى شروحات تفصيلية، تتعلق بالأسباب المباشرة وغير المباشرة لضعف المعارضة. وأغلب ما يردده المعنيون بالوضع السوري حول وصف المعارضة بالضعف صحيح، فهذه بين الحقائق السياسية التي تركها ميراث الخمسين عاما من حكم حزب البعث لسوريا ولا سيما منذ بداية السبعينات، حيث أخذت السياسات المعادية للمعارضة السياسية وللسياسة وشخصياتها اتجاهات جذرية هدفت ليس إلى إضعاف المعارضة فقط، بل إلى تغييبها وتدميرها طالما أمكن ذلك عبر مجموعة سياسات لا تطال المعارضة فحسب بل حواضنها الاجتماعية والثقافية.

إن ضعف المعارضة بتعبيراته الأساسية، يكمن في جملة مظاهر لعل الأهم فيها، يبدو في تمزق اتجاهاتها الفكرية والسياسية إلى تنظيمات وأحزاب متصارعة. وينقسم التيار القومي إلى أحزاب وجماعات بعضها موجود في صف النظام في إطار الجبهة الوطنية التقدمية التي يقودها حزب البعث الحاكم، وبعضها الآخر موجود في المعارضة السورية، ومثل ذلك هو التيار اليساري الذي تتوزع أحزابه وتنظيماته في الاتجاهين، بعضها في جبهة النظام والبعض في المعارضة، ولئن اختلف الأمر بالنسبة للجماعات المنتمية للتيار الديني وللتيار الكردي، إذ هي موجودة في المعارضة حصرا فإنها تعاني من الانقسام والتشرذم على نحو ما هو عليه حال التنظيمات الأخرى، وكان الأمر على هذا النحو في حالة الحزب القومي السوري الاجتماعي والذي طالما عاش في المعارضة مقسما منذ بداية السبعينات بفعل تدخلات السلطة في شؤونه الداخلية، ثم جرى ضم أحد أجنحته إلى جبهة النظام قبل أعوام ليصبح كغيره مقسما وموزعا بين السلطة والمعارضة.

والمظهر الثاني في ضعف المعارضة، يكمن في غياب العناصر الشابة عن أحزابها وتنظيماتها، أو محدودية وجود هؤلاء، وأمر كهذا له أسبابه، لعل الأهم فيها تكثيف النظام جهوده لعزل الشباب عن الأحزاب والحياة السياسية، إضافة إلى غياب المحفزات التي تقدمها الأحزاب السياسية، التي تؤدي إلى جلب الشباب لصفوف الأحزاب والتنظيمات، وثمة سبب ثالث يمثله تمسك القيادات التاريخية بمناصبها ومواقعها القيادية مما يمنع التجديد في الأحزاب، وأهم تعبيرات التجديد دخول الشباب وحصولهم على مسؤوليات قيادية في الأحزاب.

وبين مظاهر ضعف المعارضة اتكاء أحزاب وتنظيمات الأخيرة على إرث فكري وسياسي فات أوانه، وهو إرث تقليدي يفتقد للحداثة والمعاصرة، بل إن آفاق تنمية ذلك الإرث وتطويره، تجد لها معارضة جذرية من القيادات التاريخية في الأحزاب على نحو ما حدث في الحزب الشيوعي السوري وفي حزب البعث وفي حزب الاتحاد الاشتراكي عدة مرات.

إن مظاهر ضعف المعارضة في جوهرها، ليست إلا نتيجة لسياسات النظام الحاكم وقد عمل على تشتيت المعارضة ومحاربة تنظيماتها، وعزلها عن حواضنها الاجتماعية والثقافية وتحويلها إلى تنظيمات معزولة ولا جماهير لها، وقد اتبع في ذلك سياسات المطاردة والقمع الشديد والاعتقال الطويل، ولم ينج حزب بما في ذلك حزب النظام من المراقبة والمتابعة، واعتقال أعضاء وقيادات فيه في حال بروز تمايزاتها الفكرية والسياسية عن مواقف النظام وسياساته، وإضافة لما سبق فقد تمت ممارسة سياسة العصا والجزرة ضد الأحزاب السياسية بدلا من سياسة المطاردة والقمع من أجل استئناس أحزاب وتنظيمات مختلفة وضمها إلى جبهة النظام، أو تم الإبقاء عليها خارج الجبهة كاحتياط سياسي للنظام الحاكم.

لقد خسرت سوريا بإضعاف المعارضة وأحزابها خسارة كبيرة. ذلك أن إضعاف المعارضة وتغييبها عن الحياة العامة، جعل تلك الحياة بعيدة عن السياسة وخاضعة للأجهزة الأمنية/ العسكرية. وخسارة الحياة العامة للسياسة، إنما كانت تعني غياب الصوت والعقل السياسيين، واللذين يمكن أن يضعا أمام سوريا خيارات في السياسة والاقتصاد والمجتمع والثقافة، لا تفتح الأبواب نحو تطوير البلاد وتقدمها فقط، بل من شأنها أن تسمح بإيجاد حلول ومعالجات للمشكلات الطارئة بما فيها المشكلات الكبرى على نحو ما هي عليه الأزمة الراهنة، الأمر الذي يعني، أن إضعاف وضعف المعارضة له تأثيرات سلبية مركبة، لا تتعلق بالمعارضة فقط، بل بإضعاف المجتمع وإضعاف النظام نفسه، وهذا ما يفسر الحرص الذي تبديه الدول الديمقراطية على وجود واستمرار قوة المعارضة السياسية، وصولا إلى حرص بعضها على حضور المعارضة في إطار حكومات الظل على نحو ما يحصل في بريطانيا ودول أخرى.

إن ضعف المعارضة السورية في ظل الأزمة الأخيرة، جعل النظام يطلق العنان لنفسه في ممارسة سياسة العنف والقوة ضد الشعب، وشيئا فشيئا أخذ يغرق في مأزقه، ولو كانت المعارضة قوية لوضعت في وقت مبكر حدا لتلك السياسة، فجنبت الشعب ما لحق به، وخففت عن البلاد ما أصابها، وكانت خففت جرائم النظام وارتكاباته، وربما جعلته في المكان الذي يمكن التصالح معه، وإصلاح ما ارتكبه، بدل أن يصبح أساس الحل ذهاب النظام.

إن ضعف المعارضة، هو الذي أفسح المجال نحو أقلمة الأزمة السورية، لأن النظام لم يجد من يحد من طغيانه وجبروته، ويردعه عن تحويل الأزمة إلى أزمة إقليمية، تتدخل في علاجها دول الإقليم، وعندما تفشل تأخذ الأزمة لتصير أزمة دولية الطابع، مما يرشحها لشروط الحل العسكري وفق مقتضيات البند السابع في مجلس الأمن الدولي، إذا بقي النظام على تعنته ورفضه للحلول السياسية بما فيها ما يمكن أن تحمله المبادرات الدولية الممكنة أو المبادرة الإقليمية المدولة.

لقد جلب ضعف المعارضة تداعيات خطيرة على الأزمة في سوريا، وما لم تنهض المعارضة من ضعفها، فإن هذه التداعيات مستمرة، الأمر الذي يفرض على المعارضة الخروج من ضعفها، وهو أمر ممكن إذا توفرت الإرادة الكافية لدى أطراف المعارضة وقياداتها، خاصة أن العوامل السياسية الداعمة لتقوية المعارضة متوفرة في المستويين الداخلي والخارجي. ففي الداخل تتوفر توافقات سورية، تكاد تصل حد الإجماع فيما يتعلق بالمهمة الرئيسية الحالية وهي تغيير أو إسقاط النظام، أو فيما يتعلق بالهدف الذي يلي التغيير وهو إقامة دولة ديمقراطية مدنية تعددية، تقوم على العدالة والمشاركة والمساواة. كما تتوفر في مستوى الداخل قوة دفع شعبي يمثله الشارع من أجل خلق مواز سياسي وبديل للسلطة التي يطالب الشارع برحيلها، وفي المستوى الخارجي العربي والدولي، تتوالى الدعوات من أجل تعزيز المعارضة وتقويتها للقيام بدور تمثيلي يكون أقدر على تحمل المسؤولية في حال جرى تغيير النظام القائم.

إن معارضة سورية أقوى، تجنب سوريا الذهاب إلى الأسوأ، وهذه الحقيقة ليست من الماضي، بل إنها حقيقة حاضرة ومستقبلية. ذلك أن قوة المعارضة سوف تمنع ذهاب السوريين إلى حرب داخلية، ويمكن أن تمنع تدخلا عسكريا خارجيا، بل إنها يمكن أن تدير في الأقرب من ذلك عملية سياسية ضمن معادلات محلية وإقليمية ودولية، تجنب البلاد والشعب دفع فواتير أكبر في عملية التغيير الوطني الديمقراطي المنشودة.

=================

آن الأوان لطرد سفير النظام السوري

ياسر أبو هلالة

الغد الاردنية

5-2-2012

توجد مصالح حتمت بقاء سفير النظام السوري في عمان إلى اليوم. بحسابات المبادئ والأخلاق كان لا بد أن يرحل مع تبني النظام للمجازر البشعة بحق أبناء شعبه في حوران ابتداء. ليس لأنهم امتداد طبيعي لنا عشائريا وجغرافيا بل لأن العلاقة مع مجرم بحق الناس حتى لو في أميركا الجنوبية لا تشرفنا. ولذا نطالب ولا نكف عن المطالبة بطرد سفير دولة العدوان الصهيوني. فالمنطق الأخلاقي والإنساني لا يتجزأ. "فمن قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا".

اليوم وهو يرتكب مجزرة حمص، ومنهم بنو خالد أبناء العمومة الأقربين أيضا، يفقد المقومات الأخلاقية والمصلحية معنا. نظام دموي في حال احتضار والشعب السوري لا يقبل بأقل من الموقف التونسي العظيم الذي عبر رغم بعد الشقة الجغرافية أن تونس تظل الأقرب إلى القلب.

ليس لأن روسيا تبيع وتشتري في اللحظات الأخيرة اقتناصا للسعر الأفضل بل لأن من المشرف الوقوف مع هذا الشعب الشجاع الذي يقف وحيدا في مواجهة الجزار.

في الأردن تكتسب السفارة السورية والسفير خصوصية، فالسفير بهجت سليمان كان مسؤول الأمن الداخلي في المخابرات السورية، وهو قبل كل شيء مسؤول عن مصير أكثر من مئتي معتقل ومعتقلة أردنيين في السجون السورية، منهم من فقد ولا يعلم عنه شيئا. وهؤلاء تهمهم كانت بين التعامل مع المخابرات الأردنية أو الانتساب للإخوان المسلمين، أو حركة فتح أو البعث العراقي. والمطلوب قبل أن يطرد السفير أن يبلغنا عن أخبارهم ومصائرهم وقبورهم إن كان ثمة قبور.

السفارة السورية لعبت تاريخيا دورا تآمريا، من اغتيال هزاع المجالي وصولا إلى محاولات اغتيال الملك حسين ومضر بدران إلى اغتيال المعارض السوري نسيب البكري في شوارع عمان.

وهي اليوم تقوم بدور علني في "التشبيح" وممارسة التهديد والترويع للمعارضين السوريين والاختراق الأمني والسياسي.

لا نكرر ما يقوله البيت الأبيض قبل أسبوع، بأن نظام بشار ساقط لا محالة وإنما نكرر ما قلناه منذ سالت دماء محمد درة سورية حمزة الخطيب، يوم كانت أميركا وغيرها يراهنون على إمكانية إصلاح النظام السوري.

لا مكان لسفارة النظام المجرم ولتفتح مكانها سفارة المجلس الوطني السوري، المفروض كان أن تغلق قبل ثلاثين عاما يوم مجزرة حماة الأولى.

yaser.hilila@alghad.jo

========================

نيرون آخر يحرق سورية!!

يوسف الكويليت

الرياض

5-2-2012

 الشعب السوري يُقتل مع سبق الإصرار من نظام أكد أنه بلا شرعية ولا غطاء قانوني إلا من روسيا وإيران والصين، وبقية العالم الذي يعيش مشاهد الإبادة الجماعية، هو القاضي والحكم في الموقف المعنوي الذي تجردت منه دول الحلف مع سورية..

في ذكرى مجزرة حماة التي اختلفت الإحصاءات في حجمها من ثلاثة عشر ألفاً، إلى ثلاثين ألف شهيد، تشهد حمص مجزرة أخرى احتفالاً بذكرى الموت المتعمد، وكأن الوريث بشار أراد إعادة حفلات أبيه الدموية بأخرى تخليداً لذكراه، فيدُ الإجرام طالت الأطفال والمشيّعين واستخدمت أسلحة محرمة، وقُفلت وانتهكت المساجد، والشبيحة وضعوا بشار بمنزلة الإله عندما هتفوا تحدياً لمشاعر شعب مسالم مسلم بشعارات طالت حتى رب السماوات والأرض..

في مجلس الأمن تجري صفقات بين الدول الأعضاء، ففي الوقت الذي ترى أمريكا وحلفاؤها، أن الأمر تعدى خطوطه الحمراء، وأنه لابد من إصدار إدانة وعقوبات، تأتي حامية الحريات الروسية وقبلها السوفياتية، لأن تكون طرف نزاعٍ وقتل للشعب السوري، وبتوقيع شهده وسمعه كل العالم، فتاجر الحرب انطبق عليها بعقد وتوريد صفقات أسلحة بمليارات الدولارات، وتحاول أن تقايض الوضع السوري بنزع صواريخ من آسيا الوسطى وتركيا، والتنازل عن امتيازات مقابل عقد أي اتفاق مع الغرب..

النظام دخل مرحلة فقدان التوازن، فكل الظروف بدأت تأخذ مسارات مضادة له، ولمعرفته أن الحلول لن تأتي من الخارج، وتضييق الخناق على المعارضة بدأت الانشقاقات تتكاثر، وروح الشعب تتجدد، والخزائن فقدت رصيدها، وتحركت العاصمة السياسية والاقتصادية، والريف المحيط بالمدن الكبرى، بدأ يأخذ اتجاه المحميات بواسطة الجيش الحر، وأمام هذه المشاهد، ينتحر النظام بمضاعفة كثافة النيران على جميع الأهداف، لكن قبضته بدأت ترتخي، ولعل رؤية مشاهد زعماء مصر وليبيا، وتونس، ثم الرئيس اليمني الذي آثر حلّ الرحيل، صارت كوابيس في المنام واليقظة لأعضاء الحكم في سورية..

الرهان على بقاء أو ذهاب السلطة يُجمع المؤيدون، والفرقاء أن الحكم منتهي الصلاحية، وذاهب إلى عواصف لا تهدأ، فإما أن يقبل الرحيل السلمي لحقن دماء الشعب، والملاحقات القانونية لكل الجرائم، أو البقاء لنهايات قد تكون الأقرب من نهايات القذافي..

أكثر من مائتي قتيل في مساء أمس الأول في حمص، وآلاف القتلى سواء من انتثرت جثثهم في الشوارع، أو ما أخفته الأنقاض، أو من سقطوا لاحقاً، هذا التوجه الدموي هو نتيجة طبيعية لبلد ليس لدى شعبه إلا التضحيات الكبرى، والمسافة تطول وتتسع، وفي كل تواريخ الثورات سواء من نجحت أو أُجهضت، كان الانتصار للشعوب، وسورية تمر بنفس الشكل والمعنى لحركة تاريخية قد تكون الأقسى والأكثر مواجهةً بين شعب ينشد الحرية، ونظام فاشيّ عاش وبنى سياسته على جثث الأبرياء

========================

قطع العلاقات مع روسيا أصبح ضرورياً لحماية شعب وأطفال سوريا

حسان القطب

المصدر: موقع بيروت أوبزرفر

3/2/2012

إن الصراع على المصالح من الممكن معالجته أو تجاوزه بتعديل اتفاقية أو بتطوير تفاهم أو نص وثيقة، كما أن التباين حول قراءة أحداث سياسية تجري هنا أو هناك قد يتم تخطيه بعد إجراء مراجعة موضوعية للأسباب والنتائج والتداعيات.. والخلاف بين الطوائف والأعراق والإثنيات والمذاهب قد يتم تصويبه بتعزيز روح المواطنة وتعزيز الانتماء الوطني بين جميع أبناء الوطن الواحد.. ولكن نزيف الدم وسلوك سبيل القمع والبطش والقتل والتشريد يؤسس لأزمة صعبة وطويلة يتطلب علاجها مرحلة طويلة من الدراسة والتفسير والصبر والمراجعة وتحميل المسؤوليات ومعاقبة المسؤول عن ارتكابها، وقد يأخذ هذا الدرب سنوات طويلة، وقد يتطلب تعاقب أجيال ليطوي النسيان هذه الأحداث، لأن الانقسام بين مكونات المجتمع ليس من السهل معالجته، واستغلال الطائفية سلاحاً للاستعداء أو للإستقواء أو للاستنهاض هو ذو حدين فمن السهل استغلاله ولكن من الصعب وضع حدٍ له ووقفه حين يشاء من استنفذ استعماله

 

وهذا ما يجري في سوريا اليوم، حيث يقدم نظام الأسد نفسه من خلال بعض الإعلام المؤيد له في لبنان وإيران وروسيا على انه نظام علماني يواجه هجمة طائفية، مع التأكيد على أن استمرار الأسد في الحكم هو ضرورة للأقليات التي تنعم بالعيش في كنف الضمانات التي يقدمها لها هذا النظام العلماني، ويؤكد الأسد في معظم خطاباته ولقاءاته أن نظامه لا يلتفت للمصالح الطائفية والمذهبية بل هو نظام يقدم الانتماء الوطني على الديني ويرعى كافة المواطنين في سوريا.. ولكن في لقاء الأسد الأخير مع أحد حلفائه في لبنان ناقض الأسد نفسه وفضح سلوكه حين خرج هذا الأخير ليقول: (قال وئام وهاب اثر عودته إلى بيروت" أكد الرئيس الأسد المحافظة على وجود الطائفة الدرزية في المشرق العربي، مشيدا بالدور الوطني والقومي الذي لعبته ماضيا وتلعبه اليوم والتاريخ خير شاهد على انجازاتها، مضيفا أن سوريا تكن المحبة لجميع أبنائها دونما تمييز أو استثناء"). لو كان هذا الكلام صحيحاً لما قام النظام السوري وبوحشية باغتيال الزعيم الدرزي المرحوم كمال جنبلاط في عام 1977، في منطقة الشوف اللبنانية، ولكن هذا النظام كما يبدو لا يعرف التعاطي مع مكونات الشعب السوري واللبناني إلا باعتبارها مجموعات وطوائف ومذاهب يقوم بتحريضها على بعضها البعض واستعداء إحداها على الأخرى مستنداً لوقوف بعض الأشخاص ممن يعطيهم الإعلام الموالي لهذا النظام في سوريا ولبنان حجماً يتجاوز حجمهم الحقيقي ودوراً لا يتناسب أبداً مع طاقاتهم وقدراتهم وجمهورهم.. ولذلك جاء هذا الكلام الذي نقله وهاب على لسان الأسد رسالة تحريضية لبث الفرقة والشقاق بين مكونات الشعب السوري وكذلك اللبناني، ولإعطاء الانطباع بأن بعض القوى في سوريا إنما تؤيد الأسد من منطلق الخوف الطائفي والقلق المذهبي، وإلا لكان مضمون الكلام مختلف تماماً ولكان يتضمن كلاماً وطنياً جامعاً، ولكن هذا ما لا يعرف استعماله النظام المتهاوي في دمشق ولا حتى حلفاء هذا النظام في لبنان وكذلك إيران والعراق. لذلك يسعى البعض لإعطاء الثورة السورية طابعاً طائفياً ومذهبياً يبرر للنظام الاستمرار في إتباع سياسة القتل والإبادة، ويعمق لدى بعض المكونات الطائفية الشعور بالخوف من قابل الأيام في حال حصل التغيير وسقط النظام الأسد. وهذا يؤكد أيضاً أن الأسد وأتباعه في لبنان يتعاملون مع المواطنين على أنهم مجموعة مكونات لكيان لا شعب واحد يحمل هوية وطنية واحدة مهما اختلفت انتماءاتهم.

 

من جهة أخرى أعلن مركز «كاست»، وهو أحد أبرز مراكز أبحاث الدفاع والأمن في روسيا، (إن موسكو قد تخسر عقودا عسكرية بمليارات الدولارات إذا أطيح بالأسد من السلطة). إذاً المسألة لدى النظام الروسي ليست مصالح الشعب السوري، ولا الحرص على منع التدخل الدولي في الشأن السوري، ولكنها لعبة المصالح التي تسمح لصاحب حق النقض في مجلس الأمن (الفيتو) من استعماله في حماية نظام يقتل شعبه ويستبيح دماء أطفاله ويشرد سكانه ويهجر مواطنيه، والسعي لإقناع نظام روسيا بالعدول عن هذا الموقف هو سلوك غير أخلاقي يقوم على إعطاء وعود بتامين وحماية مصالح روسيا في سوريا على حساب دم الشعب السوري اليوم وعلى حساب نمو وتطور وازدهار الاقتصاد السوري في المستقبل، إذ إن العقود السورية الحالية مع نظام روسيا هي عقود شراء أسلحة تستعمل اليوم كما استعملت بالأمس في قمع وقتل الشعب السوري وحماية نظام العائلة الحاكمة حالياً منذ ما يقارب الأربعة عقود..

 

إن استمرار نزف الدم السوري على يد نظام الأسد هي مسؤولية أخلاقية وجنائية وقانونية وجريمة ضد الإنسانية يتحمل مسؤوليتها كل من ساهم في حماية هذا النظام وأعطاه وسائل الدعم المادي من مال وسلاح والمعنوي من دعم إعلامي وسياسي، وهذا ما يجب أن يدركه ليس فقط النظام الروسي الحاقد على سوريا وشعب سوريا والأمة العربية، بل حتى القوى السياسية في لبنان وإيران والعراق وبعض القوى الفلسطينية، التي تروج إعلامياً لحق بشار الأسد في قتل أبناء شعبه والتنكيل بهم، ولقدرته كما حقه على معاقبة كل من يرفض سلطته وحكم عائلته ومجموعته باسم المقاومة والممانعة وحماية الأقليات.. لذلك فإن على الدول العربية اليوم مسؤولية كبيرة تفرض عليها التصرف بمسؤولية تجاه الشعب العربي السوري الذي يعاني من البطش والقتل كل لحظة، كما أن على هذه الدول أن تدرك أن سياسة الحوار مع روسيا هي عملية منهجية لشراء الوقت، كما مضيعة للجهود، وهذا يعطي نظام الأسد مزيداً من الوقت ليقتل المزيد من أبناء شعبه ويزرع الفتنة بين مكونات سوريا وامتداداً إلى لبنان، وإلا فما معنى تصريحات السفير السوري في لبنان ووزير خارجية لبنان عدنان منصور المؤيدة لنظام سوريا وممارساته ومواقف حزب الله وبعض الأحزاب التابعة لهذا المحور، لذا يجب على الدول العربية اليوم قبل الغد إظهار جديتها وحزمها في معالجة الشأن السوري والإعلان عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع روسيا وكل دولة وكيان ومجموعة وحزب تؤيد هذا النظام الذي يمارس سياسة القتل ويدفع المنطقة نحو أتون فتنة طائفية ومذهبية يروج لها أتباعه والمستفيدين من وجوده وسلطته في سوريا ومحيطها..

hasktb@hotmail.com

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ