ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 26/01/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

سوريا .. وطن له أنين مكتوم !

بقلم/ أحمد مصطفى الغر - مصر

الراية

25-1-2012

ما يجري في سوريا هونموذج حي للاستبداد والديكتاتورية المقنعة بهتافات قلة من السابحين فى فساد النظام ، أبواق إعلامية تروج لواقع غير موجود سوى فى مخيالاتهم ، فبرغم التعتيم الذى يفرضه النظام السورى على الأحداث التى تدور حلقاتها فى شوارع المدن السورية فإن صوراً وفيديوهات كثيرة قد تم بثها وأخرى ربما سيتم بثها لاحقا لجرائم يرتكبها رجال نظام الأسد بحق أبناء شعبه !

الأسد يدمر سوريا ويرهن مستقبلها فى مقابل بقائه فى سدة الحكم ، بل ويجعل من استقرار المنطقة بأكملها مرهون أمام بقاء نظامه ، لكن المشكلة الحقيقية ليست فى سقوط الأسد أواهتزاز أمن المنطقة المهتز والمخترق أمنياً بالفعل ، بل تكمن المشكلة فى الخسائر التى يتكبدها الشعب السورى يومياً فى الأرواح ، وتتكبدها سوريا اقتصادياً وأمنيا مع مطلع شمس كل صباح.

" هوزاهد فى الحكم ، ويريد العودة الى مزاولة مهنة طب الاسنان " ، هكذا ردد مفتى الديار السورية أكثر من مرة متحدثا عن الرئيس السورى ، لكن مع كل مرة يردد فيها المفتى هذا الكلام فإن عدداً جديداً من قتلى الثورة السورية يسقط ، وأسماء اخرى يتم ضمها إلى قوائم الشهداء ، فهل ترك الرئيس للحكم وعودته إلى مزاولة طب الأسنان تستدعى كل هذه الدماء ؟! ، فحتى الأحياء من أبناء سوريا لا يأمنون على حياتهم من أن تصيبهم رصاصة غادرة من رجال النظام ، نحسبهم عند الله شهداء برغم كونهم احياء ، فمشاهد القتل لا تختلف كثيراً عن تلك التى كنا نشاهدها مع بدايات أحداث الثورة الليبية عندما جلب القذافى المرتزقة كى يساعدوا كتائبه لقتل وترويع أبناء شعبه ، أولئك الذين طالبوا بحرية كانت ممنوعة فى عهده وكرامة مهدرة ، ودولة مفقودة الأركان ، وهيبة أضاعها بتصرفاته الجنونية .

فى الواقع إن هناك ما يرسخ فى عقلية الرؤساء أنهم خلقوا ليكونوا رؤساء ، هناك " حاشية " حولهم تقنعهم بأن حال البلاد ستكون أسوأ فى حال غيابهم عن السلطة ! ، فيقتنع الرؤساء تحت ضغط " حاشية النفاق " ، ومطالبة وهتاف المأجورين من أتباعهم بالبقاء فى السلطة ، مدة قد تطول .. لكنها نادراً ما تقصر ، ويبقى الموت هوالمنقذ الوحيد للبلاد لتخليصها من هكذا رؤساء ، لكن فى زمان وصفه البعض ب " الربيع العربى " ، عرفت الشعوب العربية بعد ان استفاقت من غفوتها أن هناك منقذا آخر يمكن ان تتخذه وسيلة أيضاً للتخلص من الطغاة ألا وهى " الثورات " ، وبالرغم من غليان الشارع العربى منذ الشرارة الاولى التى أشعلها البوعزيزي فى تونس ، فإن كل رئيس يخرج على شعبه ليؤكد أنه مصمم على البقاء من أجل الحفاظ على أمن الوطن وإكمال مسيرته الاصلاحية التى بدأها منذ عقود !  عن أي إصلاح يتحدثون ؟!

" فهمتكم" .. ثم " أعي مطالبكم" .. مروراً ب " من أنتم ؟! " .. وصولاً لخطابات صالح والأسد ، يمكننا أن نستنتج شيئاً واحداً فقط : الأوطان باقية .. الرؤساء راحلون .

=================

النظام السوري يختار التصعيد..!

رأي الراية

الراية

25-1-2012

تُؤشّر تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم التي قال فيها إنه "لا حلول عربية" بعد اليوم لتسوية الأزمة السورية،على تزايد الهوّة بين الجامعة العربية والنظام في سوريا الذي اتخذ كما يبدو قراراً بالتصعيد واستخدام القبضة الحديدية للقضاء على الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالتغيير والديمقراطية.

على الرغم من أن وزير الخارجية السوري أبقى الباب موارباً أمام استمرار عمل بعثة المراقبين العرب بالقول: إن دمشق تدرس طلب الجامعة العربية تمديد مهمّة بعثة المراقبين العرب وإنها طالبت بتوضيحات حول دور البعثة بوقف العنف وحق بلاده بالتصدّي "للمجموعات المسلحة" إلا أن كل المؤشرات تُوحي أن قراراً بتعليق أو إلغاء عمل بعثة المراقبين العرب في سوريا سيصدر قريباً خاصة بعد أن قرّرت دول مجلس التعاون الخليجي سحب مراقبيها من البعثة لاستمرار عمليات القتل وعدم التزام الحكومة السورية بوثيقة البرتوكول الموقع مع الجامعة العربية.

لقد قدّمت الجامعة العربية ما يُمكن وصفها بمبادرة اللحظة الأخيرة لوقف العنف والقتل في المدن والبلدات السورية وضمان انتقال سلمي للسلطة في البلاد يُجنّبها خطر الغرق في الحرب الأهلية التي بدأت بوادرها تلوح بالفعل إلا أن الرد السوري على المبادرة كان الرفض المطلق لها وإن الحكومة ستقوم باتخاذ "ما تراه مناسباً" لمعالجة ما وصفه وزير الخارجية السوري "العصابات المسلحة" في بعض المحافظات الذي أكّد في الوقت نفسه الاستمرار في انتهاج الحل الأمني كوسيلة لمعالجة الأمور هناك.

المدن والبلدات السورية ما زالت شاهدة على استمرار القتل والعنف حيث سقط عدد من القتلى والجرحى المدنيين أمس حسب مصدر حقوقي بينهم اثنان في محافظة حماة التي اقتحمتها قوات عسكرية سورية.

إن رفض النظام السوري للحل العربي للأزمة في البلاد وقبل ذلك رفضه للمناشدات العربية بحل الأزمة داخل البيت السوري ومن خلال الحوار الوطني الشامل لكل القوى والأحزاب والفئات هو المسؤول بالتأكيد عن تدويل القضية السورية وليس الجامعة العربية التي يتهمها النظام السوري بالمؤامرة على بلاده..!

إن السعي العربي للحصول على دعم مجلس الأمن الدولي للمبادرة العربية يهدف إلى الضغط على النظام في سوريا لعلّه يُعيد النظر في خياراته وفي قراءته للأحداث التي تشهدها سوريا ويكشف أيضاً الحرص العربي لإبقاء حل الملف السوري ضمن البيت العربي وإن استمرار النظام السوري بالحديث عن مؤامرة خارجية اسطوانة مملّة ومكرّرة لا يُمكن أن يُصدّقها أحد وما يجب أن يُصدّقه النظام في سوريا أن الشعب السوري اتخذ قراراً لا رجعة فيه بالتغيير ونيل الحرية مهما بلغت التضحيات.

=================

شجاعة المملكة.. وعناد دمشق!!

يوسف الكويليت

الرياض

25-1-2012

 بعد أحداث الثورة السورية، وتصاعد القتل للمواطنين من قبل نظام الأسد كان أول من كسر حاجز الصمت العربي بدعوة دمشق لوقف نزيف الدم، ثم سحب سفير المملكة من هناك هو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، ثم تجددت أمس الأول نفس الدعوة وبسحب المراقبين السعوديين الذين قال الأمير سعود الفيصل عنهم بألا يكونوا شاهدي زور..

وطبيعي أن تأتي هذه المواقف متطابقة مع فكر ونهج المملكة، طالما الأمانة تستدعي أن تكون في طليعة من يمثلون الموقف العربي الذي لا يقبل المواربة، أو المجاملة أمام سلطة فقدت شرعيتها أمام الرأي العام العالمي..

الوضع لا يسمح بمقايضة النظام بالشعب السوري، فمثل هذا التفكير أو السلوك يخالف أبسط المبادئ الأخلاقية، طالما تستمد السلطة شرعيتها من البندقية وفلول الشبيحة، ومَن تدربوا على سفك الدماء، بينما المطالب الوطنية عادلة، جاءت من أغلبية هائلة، لا يجوز تسفيه رأيها أو الحطّ منه، وكان هدف المملكة أن النظام لديه الفرصة في التغيير والتعديل والاستجابة للمطالب الوطنية، إلا أن التقاء أفكار العائلة بدءاً من إرث الأب صاحب مجزرة حماة، ثم وصايا الأم بحسم الأمور بقوة النيران، فقيادة الأبناء لمسلسل الأحداث الدامية، تجعل من المستحيل رؤية من يفكرون بهذه الأساليب أن لديهم معايير قابلة للإصلاح بما تفرضه السياسة الواقعية، لكن النظام هو من خلق القطيعة مع شعبه، وسنّ قانون المعادلة الخاطئة، إما بقاؤه، أو سحق المعارضة، وبالتالي فالأمر لا يتعلق بالواقع القائم، بل بالنهايات التي أول من يدركها أعضاء النظام بأن الشعوب لا تهزم طالما تقدم التضحيات وببسالة نادرة..

التوقيت الذي ضبطت ساعات سلطة دمشق عليه، والزمن الذي لا يزالون يرونه، وعدم فهم ما يجري من تغيير كوني، ليس في المعالم السياسية فحسب ، بل في بنية المجتمعات، جعلت الحكم يأخذ مصادر قوته من أوهام لا زال يعيشها، وهي مشكلة مَن لا يرى أبعد من أرنبة أنفه، إذ لو كانت هناك تقديرات النظام لما جرى في المنطقة، واحتواء المشكلة قبل انفجارها، لربما عدّت موجة الغضب بمشاركة فعلية بسنّ الدساتير ومشاركة جميع الأطياف السياسية، وإعادة هيكلة الدولة بما يؤمن لطرفيْ العلاقة فهماً يقيس المتغير الجديد، والتعامل معه بواقعية وضمن أهداف متفق عليها..

المبادرة العربية تعاملت معها دمشق بعدم الاكتراث، والمراقبون تحولوا إلى سجناء تحت رقابة السلطة السورية، والتفكير في الحوار مع المعارضة لا يُقبل إلا بشروط من الرئيس وحكومته، ويبقى الأمر لا يصلح للتعليق، وبالتالي لابد إما أن يقبل حكم الأسد الشروط العربية الأخيرة، وما حملته من مضامين، أو التدويل، وهنا ستكون حجة مجلس الأمن أنه يتكئ في اتخاذ أي إجراء على قانونية الموقف العربي، وفي هذه الحال سيبقى الموقف معروضاً على طاولة الكبار، وحتى لو عوّلت دمشق على مساندة الصين وروسيا، فهو رهان خاسر حدث مع ليبيا، وسبق ذلك من العراق، وانتصر من يعملون لا من يسجلون مواقفهم من خلال حقائب وزراء خارجيتهم وسفرائهم، ودمشق عليها أن تقوّم الموقف بشجاعة قبل أن يأتي العلقم، وما هو أمرّ منه..

======================

كلام سليماني يكشف النظام السوري...

خيرالله خيرالله

المستقبل

25-1-2012

بقي المراقبون العرب في سوريا أم خرجوا منها، لم تعد تلك المسألة. كلّ ما في الأمر ان هناك نظاما انتهى لكنّه يرفض الاعتراف بذلك. لا يدرك أهل النظام في سوريا ان هناك صفحة طويت وان عليهم البحث عن مخرج يحفظ لهم سلامتهم من جهة ويحول دون تفتيت البلد من جهة اخرى. هذا ما يفرضه المنطق. ولكن هل لدى أهل النظام في سوريا علاقة من نوع ما بالمنطق؟

من لديه علاقة بالمنطق لا يغطي بطريقة او باخرى جرائم ترتكب في حق أشرف العرب واللبنانيين من أمثال رفيق الحريري وباسل فليحان ورفاقهما ثم يغطي سلسلة من الجرائم الاخرى بدءا بسمير قصير وانتهاء بانطوان غانم مرورا بجورج حاوي وجبران تويني ووليد عيدو وبيار امين الجميّل من دون ان ننسى محاولات اغتيال مروان حماده والياس المرّ ومي شدياق وسلسلة من التفجيرات في المناطق المسيحية وجرائم كثيرة اخرى من بينها على سبيل المثال وليس الحصر إدخال "فتح الاسلام" الى مخيّم نهر البارد.

من لديه ادنى علاقة بالمنطق لا يدعم حزبا مذهبيا مسلّحا في لبنان ثم يدعي انه يواجه مؤامرة خارجية في سوريا رأس الحربة فيها متطرفون اسلاميون. هل الميليشيا المذهبية المسلحة الموالية لإيران الموجودة في لبنان تستحق الدعم نظرا الى ان سلاحها موجه الى صدور اللبنانيين والى مؤسسات الدولة، فيما التطرف ممنوع في سوريا لانّ النظام فيها يريد الظهور في مظهر النظام العلماني الذي يدّعي حماية الأقليات!

ما يمكن مساعدة أهل النظام السوري في التوصل الى مثل هذا المخرج اقتناعهم اخيرا بأنّ المال أهمّ من السلطة، خصوصا عندما لا تعود السلطة في متناول اليد. هذا على الاقلّ ما يفرضه المنطق. المال يمثل الحرية. تلك هي أهمية المال لدى الذين يعرفون معنى الحرية وليس لدى اولئك الذين يتحولون عبيدا للمال، مثل بعض كبار المسؤولين العرب وغير العرب في مستوى رئيس دولة او رئيس لمجلس الوزراء او النوّاب.

تكمن مشكلة النظام السوري في ان ليس في استطاعة أي شخص، أكان عربيا او اجنبيا، إدخال بعض المنطق الى عقل من يقف على راس هذا النظام. هل هناك من يستطيع القول للرئيس بشّار الاسد ان العالم تغيّر وان ليس في الامكان إعادة عقارب الساعة الى خلف لا في لبنان ولا في سوريا ولا في المنطقة كلّها. هل هناك من يستطيع القول له ان الشعب السوري ليس واقعا في غرامه ولا في غرام النظام وان شباب سوريا مرتبط بالعالم الحضاري وعلى معرفة به وانه مطلع على تفاصيل التفاصيل بالنسبة الى حقيقة النظام الذي يستعبده؟

في النهاية، ان الشعب السوري ليس بالغباء الذي يظنه أهل النظام. ليس بالغباء الى درجة انه لا يعرف كيف ضاع الجولان ومن يتاجر بالجولان والقضية الفلسطينية تحت شعاري "الممانعة" و"المقاومة". هناك اشياء انتهت. يعرف الشعب السوري ان "الممانعة" لا تعني شيئا، كذلك "المقاومة"، وان النظام لا يريد اي مواجهة من ايّ نوع كان مع إسرائيل، بل جلّ مبتغاه، استخدام لبنان لتبادل الرسائل مع إسرائيل بما يخدم مصالح الطرفين لا أكثر ولا أقلّ، بغض النظر عن الضرر الذي يلحق بالشعب اللبناني.

اذا كان رهان النظام السوري على روسيا، كلّ ما عليه تذكره ان الاتحاد السوفياتي، بكلّ عظمته، لم يفعل شيئا العام 1967 عندما خسر العرب سيناء والضفة الغربية والجولان. لم يفعل شيئا يذكر حتّى بعد انتهاء حرب العام 1973 التي استخدمها النظام السوري لاكتساب شرعية في حين انه خسر تلك الحرب بالمفهوم العسكري. بعد حرب 1973، توجه النظام السوري صوب اميركا. كان التوصل الى اتفاق لفك الارتباط مع إسرائيل برعاية أميركية تولاها هنري كيسينجر وليس اي شخص او فريق اخر. حصل ذلك في العام 1974 ولا يزال الجولان محتلا!

روسيا لا تنقذ نظاما عربيا. ربّما كانت إيران اكثر فاعلية منها هذه الايّام. لدى إيران رهانات من نوع اخر عبّر عنها قاسم سليماني قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الايراني. لم يخف سليماني الذي اراد تقديم اوراق اعتماده كمرشح لرئاسة الجمهورية في 2013 انه يعتبر لبنان والعراق مستعمرتين إيرانيتين. اكّد سليماني قدرة ايران على تشكيل الحكومتين في البلدين. وقد فعلت ذلك اخيرا معتمدة على ما لديها من ميليشيات مذهبية في العراق وعلى "حزب الله" في لبنان. ما لم يقله في كلامه الذي تضمّن تهديدات للاردن ان سوريا صارت في الجيب الإيرانية.

الأكيد انه لن يصدر موقف صريح عن مسؤول لبناني كبير يدين هذا الكلام الذي هو في رسم النظام السوري اوّلا. ليس مطلوبا إدانة شكلية لكلام قائد فيلق القدس بمقدار ما انه مطلوب تسمية الاشياء بأسمائها وتأكيد ان الجنوب واهله ليسوا بضاعة يتاجر بها الايراني والسوري ولا أي طرف آخر.

يبقى ان كلام سليماني يشكّل دليلا قاطعا على ان سوريا صارت جزءا من المنظومة الايرانية لا أكثر. لم تعد ايران في حاجة الى سوريا لتأكيد ان الجنوب اللبناني تحت سيطرتها. أوليس ذلك سببا كافيا كي يأخذ النظام السوري علما بأنه انتهى وان الشريان الذي يبقيه على قيد الحياة لا علاقة له بالمنطق لا من قريب او بعيد. ايران ليست دولة عظمى. الدول العظمى، التي فيها ملايين السكان لا تعتمد على النفط ولا شيء اخر غير النفط لإعالة مواطنيها. الدول العظمى ليست فيها نسبة اربعين في المئة من السكان، حسب اكثر الدراسات تحفّظا، تعيش تحت خطّ الفقر!

=================

هل يَنقُص حلفاء الأسد أكثر؟

سركيس نعوم

2012-01-25

النهار

تناقص عدد حلفاء النظام السوري كثيراً في الاشهر الاخيرة. فعربياً، شهدت جامعة الدول العربية في بداية اهتمامها بالأزمة السورية الخطيرة، اجماعاً على صحة المطالب التي يرفعها ثوارها كما على عدالتها، وفي مقدمها تنفيذ إصلاحات جدية تؤدي الى تداول للسلطة والى اقامة نظام ديموقراطي يحترم الحريات العامة وحقوق الانسان. وفي آخر اجتماع لها على مستوى وزراء الخارجية كان هناك توافق إجماعي على طلب الثوار السوريين تنحي الرئيس وتنفيذ إصلاحات وإجراء انتخابات حرة. كما كان هناك توافق شبه إجماعي على إشراك مجلس الامن في مسؤولية ايجاد حل للأزمة في سوريا، في حال فشلت الجامعة في توفير الظروف الملائمة لتنفيذ الحل العربي لها. وذلك يعني ان الدول السبع التي تباينت وجهات نظرها مع غالبية اعضاء الجامعة لم تكن في اعماقها ضد الثورة السورية ومع القمع السوري لها، بل كانت تعكس رغبة بعض هذه الدول في عدم التورط مباشرة في ما يجري داخل سوريا تلافياً لتدخل الاخيرة في شؤونها، وهي قادرة على ذلك. كما كانت تعكس خوف البعض الآخر ان يعدي نجاح ثوار سوريا شعوبَها، وان يدفعها الى التحرك تخلصاً من انظمتها الديكتاتورية والفاسدة. ورد الفعل السوري السلبي (النظام) على القرارات الأخيرة لجامعة الدول العربية يعكس اعترافاً منه بخسارة العرب، وباستعدادهم لمساعدة الثوار بكل الوسائل ومنها المجتمع الدولي. وعلى الصعيد الاقليمي صارت الجمهورية الاسلامية الايرانية الحليف الاستراتيجي الوحيد لنظام الأسد، وخصوصاً بعدما خسر تركيا التي كان يعوّل عليها للقيام بأدوار إقليمية مهمة والتي تحوّلت مؤيدة للثائرين عليه. طبعاً لا يعني ذلك ان سوريا الأسد صارت قريبة من السقوط جراء ذلك، فإيران اصبحت ومن زمان قوة عظمى في المنطقة، بل القوة العظمى، ذلك ان الدول الاخرى القوية وفي مقدمها تركيا يشكّل الغرب بحلف شمال الاطلسي جزءاً اساسياً من قوتها. في حين ان القوة الايرانية ذاتية ومتطورة وقد تصبح نووية، وواجهت بنجاح حتى الآن على الاقل حلفاء اميركا في الشرق الاوسط بل اميركا نفسها. علماً انه لا يزال مبكراً الحكم على نتيجة المواجهة مع اميركا وذلك انطلاقاً من اقتناع بأن الدول العظمى في العالم تخسر معارك لكنها تربح الحرب. وهذا أمر لم يبدُ يوماً متيسراً للقوى الاقليمية الكبرى او حتى العظمى. إلا أن رد فعل ايران هذه على قرارات جامعة الدول العربية اخيراً، بل على مبادرتها المُجَدَّدَة التي تطلب "تنحِّياً" وإن غير رسمي لحليفها الرئيس بشار الأسد، لم يكن رافضاً لها مثل رد فعله هو وحكومته. فقد اعتبر الناطق باسم وزارة الخارجية في طهران "عناصر تقرير لجنة المراقبين العرب عن سوريا فنية ومتوازنة نسبياً". وقال "انه مع المبادرة الجديدة للجامعة تتوافر الارادة اللازمة والكافية لتنفيذ الاصلاحات في سوريا التي التزم الرئيس السوري تنفيذها في خطابه قبل 15 يوماً". طبعاً لا يعني ذلك ان ايران الاسلامية ستختلف مع سوريا الاسد. لكنه يعني انها لن تسقط معها إذا وصلت الى هذه المرحلة، وانها ربما تنصحها بالتجاوب للتوصل الى تسوية مشابهة للتسوية اليمنية أي تضحي برأس النظام وتسمح باستمرار بعضه من خلال الامن والعسكر ولكن مع تداول ما للسلطة. اما على الصعيد الدولي فقد فاجأ رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي والموفد الخاص للرئيس ميدفيديف ميخائيل مارغيلوف، السوريين والعرب والعالم بقوله: "ليس في وسع روسيا ان تفعل المزيد للاسد" الذي عليه ان يقرأ الموقف بوضوح، وهو ان الاصلاحات وإنهاء العنف هو ما ينبغي ان تفعله القيادات السورية اليوم. وطبعاً لا يعني ذلك ان روسيا ستتخلى عن الاسد ونظامه. لكنه يعني انها غير مستعدة للتضحية بمصالحها من اجلهما وخصوصاً اذا ادى تشددهما ورفضهما كل شيء الى حرب مذهبية لا يمكن حصرها داخل حدود سوريا فقط.

هل يقرأ نظام الاسد المواقف العربية والاقليمية والدولية بعقلٍ واعٍ او بعقلٍ "أُمنياتي"؟ لا احد يعرف الجواب.

=================

الحل العربي الذي لا حلَّ غيره

رضوان السيد

الدستور

25-1-2012

عندما اجتمع الأمير سعود الفيصل ببرهان غليون ووفد المجلس الوطني السوري، ثم صرَّح بشأن سحب المراقبين السعوديين، حسبْنا أنّ هناك خلافات تدفع السعودية إلى تمييز نفسها عن العرب الآخرين من أنصار النظام. بيد أنّ المقررات التي صدرت بعد الاجتماع الطويل لوزراء الخارجية واللجنة الوزارية، أوصلت إلى الاعتقاد أنَّ كلام الفيصل كان تمهيداً للمقررات، وليس تعبيراً عن اختلافات. فالذي فعلته الجامعةُ الآن بمقرراتها أنها تقدمت إلى الجانب السياسي والتفاوُضي بغضّ النظر عمّا حصل مع المراقبين. فقد كان المفروض أن يتوقف العنف، وأن تخرج الدبابات والعربات المصفحة من الشوارع، لكنّ شيئاً من ذلك لم يحدث. إنما بدلاً من الحَرَد من طريق سحب المراقبين، جرى التقدم إلى الجانب السياسي لحلّ الأزمة: تسليم الأسد الصلاحيات لفاروق الشرع -وفاروق الشرع يتفاوض على تشكيل حكومة توافقية- والحكومة التوافقية تستلم إدارة الشأن العام، وتُجري انتخابات نيابية، وتقدم مشروع دستور إلى المجلس التعددي الجديد. وتكون خاتمة إعادة تكوين السلطة: إجراء الانتخابات الرئاسية آخِر هذا العام. وهذا هو البديل ليس للمشروع الإصلاحي للأسد( فهو غير موجود)، بل هو البديل للحلّ الأمني الذي ثبت أنه لم يكن حلاًّ، والذي جعل من بقاء النظام أمراً مستحيلاً. والتحول السلمي الذي تعرضه استكمالات المبادرة العربية، المفروض أنه يستجيب للرغبات أو الأعذار الروسية؛ ولذلك يذهب العرب إلى المجلس الأمن وهم واثقون (بعد الاتصالات طبعاً) أنّ الروس لن يعارضوا أو يستعملوا الفيتو، لأنّ العرب راعوهم في كلّ شيئٍ طلبوه.

لقد كان معروفاً أنّ الخطة لن تعجب النظام السوري، وسيفجّر نتيجة ذلك موجةً أعلى من العنف ضد شعبه. لكنها وإن تكن كذلك ليست خيالةً كما ظنَّ البعض أو يظنون. فلو لم تحقق الخطة الجديدة هذه إلاّ تحول توصياتها إلى قرارٍ بمجلس الأمن، فسيكون ذلك أمراً كافياً. وفضلاً عن ذلك؛ فإنّ الخطة التي تنحّي الأسد موقتاً، تعرض ميزات لسائر أجزاء النظام، بحيث لا تكون هناك دوافع للاستقتال. ثم إنها من ناحيةٍ أُخرى تقلّل من إمكانيات اللجوء للسلاح بالداخل، كما تقوّي الأمل لدى المعارضة السلمية بالداخل والخارج. وهناك نسبة الخمسين بالمائة أو الأكثرية الصامتة. وهذه تريد الاستقرار وتكره العنف من أي جهةٍ أتى. وقد قيل لها الآن إنّ العرب لا يريدون التدحل العسكري الخارجي، ولا حتى التدويل. وإنما يريدون وقْف العنف، والعودة إلى هذه “الأكثرية الصامتة” بالذات والتي تستطيع حَسْمَ الموقف من طريق أصواتها الانتخابية.

وهكذا فهناك آمالٌ وطموحاتٌ ومنافذ تنفتح أمام الجميع أو معظم الفئات، باستثناء الأسد وأقاربه وحاشيته. ولو أخذ النظامُ بها، لأمكن نظرياً أن تكون للبعث وأعضاء الجبهة الوطنية التقدمية الآخرين حظوظٌ في حكومة التوافق، وفي الانتخابات. وهذه المشاركة الممكنة فقط إذا دخل النظام في الحلّ السياسي والتسْووي، لن تكون متاحةً بعد أشهُرٍ قليلة، وعندها سكيون الجيش، وتكون الوحدة الوطنية قد صارا عُرضةً للأخطار!

المتشائمون يقولون إنّ شيئاً من ذلك لن يحصل لأنّ الأسد مثل القذافي لن يقبل. والمتفائلون يقولون بل إنّ الأسد مثل صالح وسوف يقبل في النهاية! أمّا الحلُّ العربيُّ فهو الوحيد والباقي، وسواء بدعمٍ من مجلس الأمن أو بدون دعم! فبالحلّ العربي انفتح الأُفق على تحولٍ ديمقراطيٍّ كبير وسلمي، وهذا عرضٌ لا يرفضه أحدٌ إلاّ تضاءلت حظوظه وانتهت إلى سقوط!

=================

المبادرة العربية والرفض السوري

حازم مبيضين

الرأي الاردنية

25-1-2012

لم يكن منتظراً غير أن ترفض دمشق المبادرة العربية الأخيرة لحل الأزمة السورية, والتي أتت متطابقة مع المبادرة الخليجية تجاه الثورة اليمنية, وأن تعتبر الحكومة السورية أن المبادرة وهي تستنجد بمجلس الأمن الدولي, تأتي خارج إطار خطة العمل العربية والبروتوكول الموقع مع الجامعة, وأن تعدها انتهاكاً لسيادتها الوطنية, وتدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية, وخرقاً فاضحاً للأهداف التي أنشئت الجامعة العربية من أجلها, وللمادة الثامنة من ميثاقها, على الرغم من أن السلطات السورية أعلنت أنها طبقت العديد من بنود المبادرة, من قبيل الإفراج عن المعتقلين, وإخلاء المدن والأحياء السكنية من جميع المظاهر المسلحة, وفتح المجال أمام منظمات الجامعة ووسائل الإعلام العربية والدولية للتنقل بحرية, والاطلاع على حقيقة الأوضاع, ورصد ما يدور من أحداث.

الجامعة العربية لم تكتف بعرض مبادرتها على دمشق, وإنما طلبت تأييد مجلس الأمن لقراراتها, وبما يتجاوز بعثة المراقبين, ويطالب المجلس بدراسة الخطة العربية بكاملها, لاتخاذ قرار قوي من المنظمة الدولية, يكون بمثابة رسالة واضحة إلى النظام والشعب السوري في آن معاً، ويلاحظ في التحرك الدولي أن تعديلاً طرأ على الموقف الروسي, بإعلان الكرملين إن روسيا لا يمكنها عمل المزيد للرئيس الأسد, وأنه لم يعد في جعبتها شيء على الصعيد الدبلوماسي, وأنه ينبغي على الأسد المبادرة فوراً بتنفيذ جملة من الإصلاحات, وإنهاء العنف وإجراء انتخابات حرة, وإعلان ألمانيا أن المبادرة العربية الجديدة تشكل تغيرا في قواعد اللعبة بالنسبة لمجلس الأمن الدولي.

النظام السوري برفضه المبادرة العربية يؤكد عدم جديته في أي معالجة حقيقية للأزمة التي تعيشها البلاد منذ عشرة أشهر، وبما يعني أنه سيمضى في الحل الأمني, رافضاً بحكم تركيبته إحداث تحول في الحياة السياسية، وبما يعني أيضاً أن السوريين سيمرون بمزيد من المعاناة, قبل أن يقتنع النظام بإحداث التحول المنشود, وعلى قاعدة أن دمشق فهمت المبادرة على أنها محاولة لإحداث انقلاب من داخل النظام على نفسه, وبمعنى أن يذهب الرئيس ويحافظ النظام على قواعده الأمنية والعسكرية والسياسية، غير أن رفض دمشق المتسرع يؤشر إلى ثقتها بأن ماجرى يمر اليوم بمراحله الأخيرة, وأنها ما تزال قادرة على دحر المؤامرة والمتآمرين.

وإذا كانت جماعة الاخوان المسلمين السورية رحبت بالمبادرة, واعتبرتها جدية وتستحق الدراسة, وهي انتقال بالموقف العربي من دوامة التسويف إلى محاولة التطوير الجاد والملتزم، وتنم عن شعور بالمسؤولية, فإن معارضة الداخل ممثلة بلجان التنسيق المحلية, اعتبرتها مهلةً جديدةً للنظام, وفرصة أخرى تتيح له مجدداً الوقت والغطاء في مسعاه الى وأد الثورة, فان ذلك يؤشر إلى حجم الأزمة التي تعيشها المعارضة بقدر ما يعيشها النظام, وذلك مؤشر سلبي قد يدفع بمعارضي بقاء الأسد رئيساً من غير السوريين ( بعض العرب والمجتمع الدولي ) إلى النأي بأنفسهم بعيداً عن تعقيدات الموقف في سورية وهو موقف معقد أصلاً بدون هذه الخلافات.

لو كان النظام السوري جاداً في البحث عن حل إيجابي للأزمة, لقبل بالمبادرة العربية الهادفة للحفاظ على سورية دون الحفاظ على نظامها بشكله الراهن, لكن ذلك النظام يماهي بين شرعيته واستمراره وبين أمن سورية وأمان شعبها, وهو مستعد للمضي في المواجهة حتى النهاية رافضاً أي تدخل عربي, رغم أنه اشتهر بالتدخل في الشؤون الداخلية لأكثر من قطر عربي وأكثر من مرة, وتجربته في لبنان والعراق والثورة الفلسطينية ما تزال ماثلةً للعيان, وبما يعني في آخر الأمر أنه يترك الأزمة الطاحنة في بلاد الشام مفتوحة على كل الاحتمالات, بما فيها التدخل الدولي, أو التقسيم بعد حرب أهلية لم تعد بعيدةً, إن استمرت الأمور على هذا المنوال.

=================

الحرب الوهمية لوليد المعلم

خضير بوقايلة

2012-01-24

القدس العربي

يوشك السوريون على دخول عامهم الثاني من الانتفاضة الشعبية ضد نظام الحكم، والتقدم الوحيد المسجل في هذه الأزمة هو عدد القتلى والجرحى واللاجئين. عشرة أشهر من التوتر والاحتجاجات عبر مختلف المدن السورية والنظام لا يزال مصرا بثقة كاذبة على أنه ممسك بزمام الأمور ويكرر أنه ماض في طريق الإصلاح (من غير تسرع من فضلكم!)، إصلاحات لا تجد لها طريقا على الواقع ولا استجابة شعبية لأنها بكل بساطة إصلاحات نظرية ومبهمة لا أحد يؤمن بها لا على مستوى السلطة ولا في أوساط الشعب.

وليد المعلم وزير خارجية الأسد ظهر في مؤتمره الصحافي أمس متنطعا مكابرا ومحاولا خوض معارك بطولية واهية ضد الجامعة العربية ودول الخليج. المعلم اجتهد كثيرا من أجل أن ينقل اهتمامات الرأي العام من أصل المشكلة إلى جدل هامشي أثبت من قبله من الأنظمة العربية المقبورة أنها غير قادرة على السير فيه إلى النهاية. الأزمة في سورية قائمة بين نظام ظالم وشعب يريد أن يتحرر من عبودية طال أمدها، نظام لا يزال يعتقد أن الاستمرار في أسلوب الحكم بالحديد والنار لا يزال ممكنا في عصر الانعتاق والثورة التكنولوجية العارمة. المشكلة الأساسية التي كان على النظام السوري أن يواجهها بجدية ومسؤولية هي الاستجابة لمطالب السوريين الذين خرجوا مطالبين بالحد الأدنى من العيش الحر الكريم وبتخفيف القبضة الأمنية عنهم، لكن حكام البلد عجزوا عن استيعاب رهانات التغيير الزاحفة ففضلوا عوضا عن ذلك الإكثار من القهقهات والكذب على أنفسهم معتقدين أن أسلوب القمع البوليسي قادر لوحده على إخماد هذا الحراك الجديد.

الثورة السورية من أجل الحرية والكرامة انطلقت من الداخل السوري يقودها رجال ونساء وأطفال لا يقلون حبا لبلدهم عن الذين يدّعون ذلك من داخل دائرة النظام وحاشيته، كان وقتها في يد الرئيس الأسد وجماعة الحكم أن يحموا البلاد من كل محاولات التدخل الخارجي ويسيطروا على الوضع بقرارات توافقية داخلية بحتة. كان هذا ممكنا نظريا، لكن النظام الحاكم لا يمكنه حل مشكلة فعلية بحلول نظرية، أما الحل الواقعي والعملي فهو أن يباشر فعلا بخطوات إصلاحية تسلم للشعب حقه في حكم نفسه بنفسه، لولا أن هذا معناه أن على المكان لا يتسع للكلمة الحرة وللغة الإهانة والطغيان إذ لا بد لإحداهما أن تختفي من الساحة وقد وجد النظام أن ذلك صعب عليه بل لا مكان له في سلة الخيارات الممكنة. حرية الشعب تقتضي أن يزول النظام الحاكم بكل مكوناته زوالا نهائيا كاملا، وكل كلام القيادة السورية عن الإصلاحات والشروع فيها لم يكن إلا كذبا على العالم، وإلا كيف نفسر عدم حصول أي تغيير في واقع السوريين منذ عشرة أشهر.

وهنا كان لا بد من البحث عن مشجب آخر يعلق عليه النظام خيبته ويتنصل من مسؤولية رفض السير في طريق الإصلاح، فجاءت حكاية الجماعات الإرهابية المسلحة التي لم يكن أحد يسمع عنها شيئا إلا بعد انتفاضة الشعب، ثم تحول الأمر إلى مؤامرة خارجية تحيكها نصف الكرة الأرضية ضد سورية بلد الممانعة والصمود والتصدي، وعندما تحرك العرب لنصرة الشعب السوري الأعزل وحمايته من الزوال الحتمي تحت نيران جيوش الأمن والشبيحة وجد النظام تفسيرا لذلك في أن العرب ينفذون أجندات تمليها عليهم قوى غربية أمبريالية، ومع ذلك لم يجرؤ النظام على الحديث رسميا عن المؤامرة الصهيونية الإسرائيلية بل ترك ذلك فقط لزبانيته، وكل ما صدر عن دائرة النظام في حق العدو الرئيسي المفترض لنظام الممانعة هو الرسالة التي وجهها رامي مخلوف عبر صحيفة أمريكية مفادها أن الضامن الوحيد لبقاء إسرائيل في أمان هو استمرار نظام دمشق الحالي.

الجامعة العربية لم تعد وعاء جامعا للخطاب العربي، الخلاف بين أعضائها ليس جديدا في الحقيقة، لكنه الآن لم يعد خلافا بين أنظمة تشترك في صفة القمع والظلم ضد شعوبها بل أصبحت هنالك أنظمة منبثقة عن إرادة الشعوب وأنظمة لم تعد ترضى بقيام تحالفات على حساب كرامة الشعوب وهذه لا يمكنها أن تستمر في العمل تحت سقف واحد مع أنظمة فاسدة ظالمة طاغية، وسأبقى داعيا إلى ضرورة تحرك الأنظمة المؤمنة بإرادة الشعوب من أجل الانفصال عن الأنظمة الشمولية البوليسية ولو اقتضى ذلك تأسيس منظمة عربية جديدة تعبر بصدق عن مضمون الدولة الحديثة في المنطقة. لو حصل هذا منذ انتصار الثورتين التونسية والمصرية لما اضطر السوريون إلى شهور من الترقب والانتظار والصراخ تحت رصاص زبانية النظام الحاكم وتحت رقابة وفد الجامعة العربية الذي لم يكفه شهر من التفرج في الأبرياء وهم يقتلون ويشردون ويطاردون ويعذبون فتقدم بطلب ثان ليستمتع بالعرض شهرا آخر. رئيس وفد المراقبين العرب أعلن أن أعمال العنف تراجعت طيلة وجود فريقه على الأراضي السورية، كلام يوحي أن الرجل يعرف فعلا كم من الناس يقتلون ويسجنون في كل يوم على طول وعرض سورية. الجامعة العربية أرسلت مراقبيها لكي يتوقف القتل والقمع ويطلق سراح السجناء وينطلق مسار الإصلاحات فعليا في البلد وتجد المعارضة مكانا شرعيا لها تحت سقف مؤسسات الدولة وهذا أضعف الإيمان، لكن ها هو قائد المراقبين يمنح صك غفران جديدا للنظام ويقدمه وكأنه أدى عملا بطوليا وبأنه صار أرحم لأنه لا يقتل إلا عددا قليلا من المدنيين الأبرياء، وماذا ننتظر من رجل كهذا غير ذلك؟!

وليد المعلم حاول أمس جاهدا أن يجعل الخلاف القائم حول بلده بين النظام ونصف الكون، ثم راح يتحدث عن بيوت الزجاج العربية ويهدد حينا برميها بالحجارة إذا استمرت في الضغط من أجل إزاحة الأسد من الحكم، وحينا آخر بمعاملتها بالمثل من خلال دعم أية حركة احتجاجية هناك، أما حياة السوريين ومصير البلد المهدد بكافة الأخطار بسبب تعنت النظام فليذهبوا كلهم إلى الجحيم. النظام السوري لا يزال يرفض تقبل فكرة زواله مع أن ذلك هو المصير الحتمي له إن عاجلا أو آجلا، القاطرة تحركت ولم يعد هناك مكان لأنصاف الحلول ولا للالتفاف على إرادة الشعوب. الأنظمة الفاسدة لا مستقبل لها إلا الاندثار، والشعوب الذكية هي التي تعرف كيف تستفيد من هذا المنعرج التاريخي الحتمي لتشق طريقها نحو الازدهار والحرية وتحمي الأجيال القادمة من نفس المصير الأسود الذي ترعرعت فيه.

==================

خمسة تحديات لبنانية لمرحلة ما بعد الأسد

الثلاثاء, 24 يناير 2012

نديم لحود *

الحياة

لا شك في أن سقوط نظام الأسد في سورية، عاجلاً أم آجلاً، سيزيل أحد المعوقات الأساسية للتطور السياسي والمدني في لبنان. غير أن هذا التغيير وحده ليس كافياً لنقل لبنان نحو الدولة القوية المستدامة لجميع أبنائه.

فعلى الفرقاء السياسيين الذين يحضرون أنفسهم للاستفادة من انتهاء سيطرة النظام السوري على لبنان، ألا ينظروا إلى الاحداث الجارية في سورية على أنها منة إلهية، يكفي انتظار مجيئها لتتبدل كل المجريات فجأةً لمصلحتهم. إن التغيير هناك لن يساهم إلا في تأمين بيئة أكثر ملاءمةً للتطوّر، وفرصة لمعالجة جدية لعدد من التحديات التي يواجهها لبنان.

فصفحة استخدام العنف أو التهديد باللجوء إلى العنف لتحصيل مكاسب سياسية يجب أن تطوى إلى غير رجعة. في هذا الإطار، تشكل المحكمة الخاصة بلبنان أول محاولة جدية لمحاسبة من تورط في عمليات عنف سياسي. فعلى لبنان اقتناص هذه الفرصة الثمينة لوضع حد لمرحلة الإفلات من العقاب، بعدما كان الاغتيال السياسي سهل الاستخدام للكثيرين من اللاعبين على ساحته.

ومهما كانت المواقف من المحكمة، يجب الآن التعامل مع هذه المؤسسة كأمر واقع. وكما أظهرت الأزمة الأخيرة حول دفع المستحقات من تمويلها والمخرج الذي ابتُكر لحل المشكلة، لا قدرة للبنان أن يخرج عن الشرعية الدولية، ما قد يؤثر مباشرةً في قطاعه المصرفي، وهو نقطة قوته وضعفه في الآن معاً. فلا مفر إذاً من الالتزام الكامل بكل مقتضيات المحكمة، بما في ذلك توقيف المشتبه بهم وتسليمهم إلى العدالة.

ومع سقوط نظام الأسد سيفقد «حزب الله» أحد أبرز داعميه، وبذلك ستزيد عزلته الإقليمية. ومع تحوله إلى وضعية أصعب مما هي عليه وضعيته اليوم، من الضروري أن يمتنع أخصام الحزب عن أي تصرف «انتصاري» سيفاقم حتماً الشرخ المذهبي القائم. على العكس، فإن الجرأة السياسية مطلوبة لمناقشة تسوية سياسية جديدة في لبنان، وتنازلات مشرفة بين مكونات المجتمع تضمن تخلي «حزب الله» طوعاً عن منظومته العسكرية. فمع فقدان حليف كالنظام السوري سيكون على «حزب الله» التعامل مع معارضيه من خلال نظرة لبنانية، ستفرض حلاً لبنانياً لمشكلة السلاح، مع الاعتراف بصعوبة هذا المسار.

كذلك لن تبقى علاقة أي نظام جديد في سورية بإيران و «حزب الله» على ما هي عليه اليوم، ومن المحتمل أن تغدو هذه العلاقة قريبة من العدائية. وأخطر ما يمكن أن يلجأ معارضو «حزب الله» إليه عندها، هو الاستقواء بالنظام الجديد في سورية للانقضاض على طرف لبناني آخر، مثلما درجت العادة في لبنان على مدى العصور. إن استبدال هيمنة سورية قديمة بهيمنة جديدة، مع حلفاء جدد، سيغلق الباب على أي تطور في الواقع اللبناني. فلا خيار للبنان وسورية بالتالي إلا بناء علاقات ندية بين دولتين متساويتين، تحترم كل منهما سيادة الدولة الأخرى.

إلى ذلك فمع مستوى دين عام للناتج المحلي يناهز 135 في المئة، على لبنان العمل سريعاً للسيطرة على ماليته العامة. فالجباية يجب أن تتحسن وأبواب التهرب من الضرائب يجب أن تقفل. وفي المقابل، على لبنان إظهار دقة أكبر في الإنفاق العام. فلا مفر من تعزيز الشفافية في إجراء العقود الحكومية والإفصاح التام عن كل الحسابات العامة تجاه الجمهور. ويبرز في هذا الإطار وضع قطاع الكهرباء، الذي يكلف المالية العامة سنوياً ما يقارب 1.2 مليار دولار جراء سوء الإدارة والفساد و «الهدر التقني»، مما يرتب إعادة نظر شاملة في المؤسسة وإصلاحها بنيوياً على كل المستويات. كذلك يجب إقفال مزاريب الهدر الكبرى في مجلس الجنوب وصندوق المهجرين، مثلاً حصراً. ففي السنوات الماضية كلّها، انحصرت انجازات هذين الصندوقين ب «تهجير» مبالغ مالية طائلة نحو... العدم.

إن تحرير الاقتصاد سيكون شرطاً أساسياً لتحفيز النمو وتأمين فرص العمل. لذلك يجب اتخاذ عدد من الخطوات أبرزها: رفع حماية الدولة عن الوكالات الحصرية، وهي أحد أهم أوجه الاحتكارات التي تكبّل الاقتصاد اللبناني؛ وتحرير قطاع الكهرباء والسماح لمنتجي طاقة مستقلين الدخول على الشبكة وتحسين الخدمة أداءً وكلفةً؛ وتحرير قطاع الاتصالات من ملكية الدولة المكبلة للمنافسة والتطوير؛ والانتقال نحو خصخصة إدارة بعض المرافق العامة كإهراءات القمح في بيروت، ومرفأي بيروت وطرابلس، أو كازينو لبنان.

ومع سقوط الأسد، سيزداد تلقائياً مستوى الحرية في لبنان. أما الهدف الحقيقي، فهو تأمين أكبر قدر من الحرية خيارياً وليس صدفةً. وأول خطوة نحو هذا الهدف تكمن في كسر الاحتكارات الطائفية في كل مفاصل الحياة العامة. أما نقطة البداية فقانون انتخاب جديد يعتمد النظام النسبي ومجموعة من الإصلاحات الأساسية كبطاقة الاقتراع المطبوعة مسبقاً وضبط فعلي للإنفاق الانتخابي.

كذلك على لبنان الشروع في تدعيم أساسات نظام سياسي غير طائفي، من خلال درس آليات إنشاء مجلس للشيوخ يمثل الطوائف ويستطيع أن يعالج فعلاً وعملياً المخاوف الطائفية، بالتوازي مع مجلس نيابي غير طائفي. كما يجب وضع قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية، يخول المواطنين أن يختاروا الدولة كحَكم في المفاصل المتعلقة بحياتهم الخاصة، كالزواج والطلاق والإرث.

إن غياب مراحل طويلة من تاريخ لبنان المعاصر، وبخاصة منذ 1945، عن كتب التاريخ، تسمح لكل مجموعة طائفية أو سياسية أن تزرع قراءتها الخاصة للأحداث في ذهن الأجيال الجديدة، ما يسهل استحضار الانقسامات والنزاعات عند كل منعطف يختلف فيه اللبنانيون في المستقبل.

والحال أنّنا لا نملك أوهاماً أو حتى آمالاً في أن تحدث مثل هذه الثورة السياسية تلقائياً. إلا ان السبيل الوحيد إلى الدولة التي ينشدها اللبنانيون الليبراليون، وإلى النظام السياسي الذي يسعون الى قيامه، هو مسار تدريجي لا بل مؤلم، مسار يعتمد على إنجاز إصلاح تلو الإصلاح، خطوة خطوة. وسيكون عليهم اقتناص الفرص إذ الإيمان بالدولة، كما كل إيمان آخر، لا يتحقق بين ليلة وضحاها.

إن انهيار نظام الأسد السياسي والمخابراتي سيخلق فراغاً مفاجئاً على الساحة اللبنانية، وقد يقلب المعادلات. وفي اللحظة التي يحاول فيها اللاعبون السياسيون التقليديون تبديل تحالفاتهم والتأقلم مع التغيير، على الإصلاحيين الليبراليين أن يبادروا سريعاً، قبل أن تضيع هذه الفرصة وتقضي عليها القوى المحافظة. فمهتهم لا تقتصر على الدفع قدماً في معالجة التحديات المذكورة آنفاً، إنما أيضاً البناء عليها من خلال قرارات جريئة وفورية، والتغيير الحقيقي مرتبط بنجاحهم في هذه المهمة.

* كاتب لبناني

=================

هل تصبح روسيا بوابة لحل الأزمة السورية؟

الاربعاء, 25 يناير 2012

حسين عبدالعزيز *

الحياة

منذ بدء الأحداث في سورية منتصف آذار (مارس) الماضي ومجلس الأمن الدولي عاجز عن التعامل مع الملف السوري بسبب الموقف الروسي المتشدد من أي قرار ضد النظام.

وقد بلغ ارتباك مجلس الأمن أوجَه مع استخدام روسيا حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار غربي يدين النظام السوري ويهدد بفرض عقوبات اقتصادية عليه في 5 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

ومنذ ذلك التاريخ والدول الغربية عاجزة عن تقديم مشروع قرار يدين النظام السوري، خوفاً من اصطدامه بالفيتو الروسي، وهو ما عبر عنه منذ أيام وزير الخارجية الفرنسي عبر إدانته صمت مجلس الأمن حيال ما يجري في سورية.

لماذا تقف موسكو بشراسة وراء دمشق؟ هل هي أسباب اقتصادية وعسكرية محضة؟ أم أسباب سياسية لها علاقة بإرث الحرب الباردة؟ أم هو صراع بين موسكو والغرب عنوانه الجزئي في هذه المرحلة سورية؟

لا شك في أن العلاقة الروسية  السورية تضرب بجذورها إلى عقود خلت، وتعمقت هذه العلاقة في ذروة الحرب الباردة، حيث كانت سورية تشكل موطئ قدم بالغ الأهمية بالنسبة إلى الاتحاد السوفياتي في المياه الدافئة، وبحكم حدودها مع إسرائيل كانت سورية عنواناً آخر واستكمالاً للحرب الباردة بين موسكو وواشنطن في منطقة ذات أهمية استراتيجية كبيرة.

لكن هذه العلاقة القديمة غير كافية لتبرير الدعم الروسي للقيادة السورية، فزمن الحرب الباردة قد ولّى إلى غير رجعة، ناهيك عن أن العلاقات بين الدول لا تبنى على الإرث التاريخي، بمقدار ما تبنى على المصالح، حيث لا يوجد عدو دائم ولا صديق دائم.

وإذا أضفنا إلى ذلك ضعف حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي يتجاوز البلياري دولار بقليل، أمكننا القول إن المصالح الاقتصادية أيضاً ليست وراء هذا الدعم، وأبلغ تعبير عن ذلك ما قاله الرئيس الروسي ديمتري مدفيدف أثناء زيارته باريس منذ أشهر «لا توجد علاقات اقتصادية استراتيجية بين روسيا وسورية».

إذاً، إلى أين يمكن التوجه لفهم الموقف الروسي من سورية؟ الإجابة على هذا السؤال يجب أن تنطلق من ضرورة فهم المصالح الاستراتيجية الكبرى لروسيا على المستوى العالمي، فالعلاقة بين روسيا ودول الشرق الأوسط بما فيها سورية هي علاقة سياسية لا تحمل أية أبعاد اقتصادية ذات وزن، والعلاقة بين روسيا والاتحاد الأوروبي علاقة اقتصادية بامتياز، وهذا واضح من خلال حجم التبادل التجاري بين الطرفين، أما العلاقة بين موسكو وواشنطن فهي علاقة تتجاوز ما هو سياسي وما هو اقتصادي، إلى ما هو استراتيجي وجيوبولوتيكي على مستوى العالم.

مشكلة روسيا اليوم ليست في الشرق الأوسط، بل في طريقة تعاطي الغرب ولا سيما الولايات المتحدة معها، ذلك أن الغرب ما زال يتعامل مع روسيا بوتين كما كان يتعامل مع روسيا يلتسين، ويضرب عرض الحائط بالمصالح الكبرى لموسكو عبر محاولات جادة لاختراق منظومة أمنها القومي كما حدث في أحداث جورجيا، أو من خلال الدرع الصاروخية التي تسعى واشنطن إلى جعلها درعاً عسكرية وسياسية أمام أي محاولة طموحة من جانب روسيا لإعادة تفعيل دورها القديم.

إن الدفاع عن سورية التي تعتبر دولة مهمة وفق معايير المنطقة، يعطي القيادة الروسية موقعاً متقدماً ضمن المساومات العالمية، بمعنى أن سورية اليوم ليست سوى عنوان جزئي للصراع بين موسكو وواشنطن، وهذا ما يجب أن يتنبه له صناع القرار في دمشق، الذين يختزلون الموقف الروسي في حدود المصالح بين البلدين فقط، ويتناسون تاريخ المواقف الروسية المتغيرة من حلفائها، بدءاً من محمد نجيب الله في أفغانستان مروراً بعراق صدام حسين، وصربيا ميلوسوفيتش، وأخيراً ليبيا القذافي.

وربما أن تقديم روسيا مشروع قرار في مجلس الأمن بعد يوم واحد من انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، فيه من الدلالة ما يكفي، ورسالة إلى الغرب مفادها أن تغير الموقف الروسي من سورية مرتبط بمدى العروض المقدمة إليها، وأما التصريحات الروسية هنا وهناك الداعمة لدمشق، وإرسال أسلحة متطورة، فإنها تندرج في إطار اللعبة السياسية التي تعيد لموسكو مكانتها الضائعة في المنظومة الغربية.

غير أن صناع القرار في موسكو يدركون جيداً أنهم لن يستطيعوا الذهاب بموقفهم إلى ما لا نهاية، حيث يفقد الغرب صبره ويبدأ بخطوات أحادية تفقد روسيا الفرصة على إنجاز حل ما في سورية يحفظ لها مكانتها، وربما من هنا جاء حديث عراب الديبلوماسية الروسية سيرغي لافروف عن ضرورة إيجاد حل في سورية على الطريقة اليمنية، فهل تصبح روسيا فعلاً بوابة لحل الأزمة؟

الإجابة على هذا السؤال مرتبطة بتطور الأحداث الداخلية في سورية، فكلما كان النظام متماسكاً وقوياً كان الموقف الروسي صلباً، وكلما بدت ملامح الضعف تظهر في النظام، وجدنا تغيراً في الموقف الروسي.

* إعلامي وكاتب سوري

=================

الإصلاحات السورية والمبادرة العربية

الاربعاء, 25 يناير 2012

عبدالله إسكندر

الحياة

ما دامت المسألة في سورية «مؤامرةً» خارجية يدعمها العرب وتنفذها «عصابات مسلحة» يموّلها ويسلحها أركان «المؤامرة»، وما دامت هذه «المؤامرة» تستهدف الخط «المقاوم والممانع» الذي أرساه الحكم السوري ببنيته وأسلوب إدارته لشؤون البلاد لزهاء أربعة عقود... ما دام الأمر كذلك، فلماذا تعلن السلطات السورية تغييرات قانونية ودستورية؟ خصوصاً ان بعضها، بغض النظر عن كيفية تطبيقه والنيات وراءه، يؤشر إلى أن البنية الدستورية التي أشرف على وضعها الرئيس الراحل حافظ الأسد على مقاس حكمه، باتت الآن موضع تساؤل داخل الحكم. فهل هذا التساؤل هو نتيجة لإدراك أن بنية الحكم لم تعد صالحة للاستمرار، أم أنه نتيجة ضغط الحركة الاحتجاجية، أم أنه نتيجة الإجماع العربي على رفض أسلوب الحكم السوري في معالجة مطالب المحتجين؟

بين إعلانات الإصلاح الرسمي، وآخرها المتعلق بالتعديل الدستوري في شأن ولاية الرئيس والتعددية السياسية، وبين الممارسة على الأرض وفي السياسة هوة عميقة، لا بل تعارض كبير، إلى حد أن أحدها يلغي الآخر.

فعلى الأرض يستمر القتل اليومي، اي تستمر القوات الحكومية باعتماد لغة القوة وحدها في مواجهة المحتجين والمتظاهرين والمشيعين، رغم توقيع بروتوكول التعاون مع المراقبين العرب، والذي يلزم السلطات في دمشق بوضع حد لهذه السياسة وتوفير مناخ الهدوء الامني الذي يكفل وحده العودة إلى السياسة.

لكن، على ما يبدو، لا ترغب هذه السلطات بالعودة الى السياسة، بدليل موقفها من الشق السياسي للمبادرة العربية بنسختيها القديمة والجديدة. خصوصاً أن هذا الشق يلقى، إلى الإجماع العربي، ترحيباً من قوى أساسية في المعارضة السورية ودعماً دولياً، بما في ذلك حلفاء دمشق، مثل روسيا والصين، اللتين أشادتا أكثر من مرة بهذه الخطة. ويعتقد بأنه، مع توجه الجامعة إلى الأمم المتحدة، للترويج لهذه الخطة، سيصبح من الصعب على كل أعضاء المنظمة الدولية عدم التعامل الجدي معها. مع كل ما ينطوي عليه ذلك من ضغوط كبيرة وملحّة على الحكم السوري الذي تتناقص رقعة تأييده إلى حدود إيران وبعض أحزاب لبنان، بعدما انضم العراق الى تأييد الخطة العربية.

والأرجح أن الحديث عن إصلاحات، كما ورد في صحيفة «الوطن» السورية شبه الرسمية، يهدف الى محاصرة المطالب السياسية الواردة في الخطة العربية، وتالياً اقتصار التعامل مع الأزمة على الجانب الأمني حيث تشعر السلطات أنها متفوقة. وما قاله الوزير وليد المعلم في مؤتمره الصحافي امس، لا يخرج عن الرواية الأولى للسلطات، من دون الأخذ في الاعتبار كل ما حصل في سورية منذ عشرة شهور.

ومرة أخرى، يظهر هذا النهج قصر نظر وعدم رؤية العوامل الكثيرة المتداخلة في هذه الأزمة. كما تظهر في الوقت نفسه قلة إدراك لتصميم خصوم النظام، في الداخل والخارج، وقدرتهم على قلب المعادلة، بما في ذلك شقها الأمني على المدى الزمني المنظور. وما سحْب الثقة العربية من بعثة المراقبين، بعد المطالعة البائسة لرئيسها الفريق الدابي، كما ظهر في قرار المجلس الوزاري وانسحاب الدول الخليجية منها، إلا الدليل على أن تفادي الشر المستطير هو انخراط الحكم السوري في خطة المرحلة الانتقالية كما وردت في المبادرة العربية، وهو انخراط يفترض أن أي إصلاح جدي ينبغي ان يكون حصيلة حوار، خلال هذه المرحلة، وبتوافق الاطراف السورية جميعها، وليس قبلها.

=================

سوريا: هل سينتصر النظام؟

ميشيل كيلو

الشرق الاوسط

25-1-2012

بمعيار الممكنات، فإن احتمال انتصار النظام وارد تماما. ولكي لا يصير واقعيا، أي كي لا تتحقق لهذا الاحتمال العناصر الضرورية التي تجعله يتحقق، لا بد من التسليم بإمكانية حدوثه والعمل ضدها بوعي وتصميم في آن معا، كي لا تنتقل من طور الممكن - المحتمل - إلى طور الواقعي المتحقق. مثل هذا القول ينطبق على انتصار الثورة الشعبية، الذي هو احتمال لا بد من خلق شروط تحققه كي يصير واقعيا بدوره.

أعود إلى السؤال: هل انتصار النظام السوري ممكن؟ وأجيب ب«نعم» صريحة. إن انتصار النظام محتمل تماما، إلا إذا ارتكبت قيادته قدرا كبيرا من الأخطاء على غرار ما تفعله الآن، وارتكب الشعب، بالمقابل، قدرا أقل منها. عندئذ، ستتوفر للمحتمل والممكن شروط تحققه ويصير واقعيا.

ماذا يفعل النظام كي ينتصر؟ إنه ينتقل من مواجهة الداخل إلى محاولة احتوائه، استنادا إلى توازن قوى قائم منذ أشهر بينه وبين الشارع، مستعينا على ذلك بالحل الأمني: ركيزة أي سياسة رسمية وأي حل محتمل. إلى هذا، إنه ينقل الصراع من قتال ضد عصابات مسلحة إلى مجال الحرب ضد الإرهاب، لاعتقاده أنه قد يكسب بذلك التأييد الدولي عامة والغربي خاصة، وينجح في إحداث تحول في مواقف العالم يبدل الأوضاع لصالحه، ويرسي أساسا سياسيا، دوليا وإقليميا، لإخراجه من حالة الانسداد الراهنة، التي صار من الجلي أنه لا يقوى على الخروج منها بقوته العسكرية وحدها.

إلى ما تقدم، يتبع النظام دربا رسمه لصراعه يقوم على تطبيق الطرق التي يدير من خلالها داخله على علاقاته الخارجية، وهي تتلخص في آلية واحدة: «رفض تقديم أي تنازلات للغير أو عقد أي تسويات معه، وإجباره على قبول الموقف السلطوي بجميع مفرداته، عبر استخدام مفرط للعنف يأخذ شكل قمع مكثف في الداخل وأعمال قوة لا قيد عليها بدورها في الخارج». عندما يتعامل النظام مع المجالين الداخلي والخارجي، فإنه يستخدم ضدهما الأساليب ذاتها، التي تستهدف إجبارهما على التخلي عن مواقفهما والرضوخ لما يريده هو منهما. بذلك: يوضع الخصم أمام أحد خيارين: التراجع إلى حد القبول بما يفرض عليه، أو دخول معركة تضمر مخاطر جدية بالنسبة له، يجد نفسه مجبرا قبلها على اتخاذ قراره في شروط أعد لها بصورة مسبقة، ملائمة له وليست كذلك بالنسبة إلى الخصم.

إذا ما طبقنا هذه الآلية على الأزمة الراهنة، وجدنا أن النظام رسم منذ بدايتها خطة تستند إلى رفض وإفشال أي حل داخلي بين الشعب وبينه، لاعتقاده أن حلا كهذا سيكون على حسابه، لكونه سينقل سوريا من سلطة حزبه الواحد إلى سلطة مزدوجة تجعل وضعها انتقاليا بمعنى الكلمة، كي لا يحدث هذا وتعود الأمور إلى الوضع الذي كانت عليه قبل 15 مارس (آذار)، يوم انطلاق التمرد المجتمعي الكبير، أفشل النظام محاولات الحل الداخلي التي تبنتها المعارضة.

واليوم، نراه يقوم بإفشال الحل العربي، حل الجامعة العربية، بعد أن بدأ عمله ضدها بخطوة أولى استهدفت إفراغها من مضمونها وتقييد مجالها الجغرافي والإجرائي - السياسي، وتحويلها من مبادرة تقول بسحب الجيش من المدن إلى ثكناته، ووقف الحل الأمني، وإطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية الأحداث الحالية، والتفاوض على مرحلة انتقالية مع المعارضة، إلى مسألة مراقبين يحق أو لا يحق لهم الدخول إلى أماكن معينة بحجة أنها رموز سيادية، هي في الحقيقة أماكن احتجاز المعتقلين وتعذيبهم ومواقع حشد القوى الأمنية والعسكرية، التي أخرجت بهذه الطريقة من رقابة الجامعة. وها هي بعثتها تجد نفسها مذ وصلت إلى سوريا محاصرة وممنوعة من ممارسة عملها، تعاني من أساليب مخادعة متنوعة، ومن تحريض المواطنين على أفرادها والعمل على إنهاء نشاطها، إلا إذا اقتصر على المهمة التي سبق أن حددها وزير خارجيته الأستاذ وليد المعلم، عندما قال: «إنها سترى المسلحين وهم يعتدون على الشعب». وليست الحملة الضارية التي شنها الرئيس الأسد على الجامعة غير تعبير عن الرغبة في رفض ما قد يصدر عنها، إذا لم يكن في صالح النظام، وفي التحضير للمرحلة ما بعد العربية من الصراع، معركة تدويله، التي تستعد بعض المعارضة لخوضها بعد الفشل المرتقب للحل العربي، الذي لم تراهن عليه في أي وقت.

تنتظرنا إذن أسابيع تحول مهمة في الأزمة السورية، يرجح أن تنتقل بعدها إلى مجال جديد سيشهد المزيد من العنف والتصعيد في الداخل، والمزيد من انخراط القوى الخارجية في الصراع. وقد بدأت بعض خطوط التطورات المحتملة ترتسم في أفق تصعيد العنف، الذي تم تبنيه منذ بداية الأحداث انطلاقا من مرجعية نظام ما قبل انتفاضة الخامس عشر من مارس، حين انتفضت كتل شعبية هائلة العدد مطالبة ببديل لا يرتبط مع النظام الحالي بأي صلة أو رابطة. وبالنظر إلى توازن القوى القائم منذ بضعة أشهر، وجوهره عجز النظام عن إخراج الشعب من الشارع، وعجز الشعب عن إسقاط النظام، فإن تغيير موازين القوى سيتوقف من الآن فصاعدا على نوع وحجم القوى التي سيدخلها إلى الميدان كل طرف من أطرافه، وعلى فاعلية أساليب وتكتيكات الصراع التي سيستخدمها. وقد كان واضحا من خطاب الرئيس الأسد أنه سيحول دور القوى العسكرية والأمنية من ضبط عصابات مسلحة إلى حرب ضد الإرهاب، بينما استعملت المقاومة الشعبية الإضراب العام لأول مرة، وحاولت تنظيم اعتصام دائم في ساحات المدن العامة، وأنزلت عددا غير مسبوق من المتظاهرين إلى الشوارع، وغطت مناطق لم تكن قد بلغتها بعد، وحركت مناطق من مدينة حلب، بعد أن أسست قيادة موحدة تضم المدينة الهادئة نسبيا وريفها الثائر بقوة.

هل سينتصر النظام؟ أعتقد أنه لن ينتصر، ما دام يتمسك بوضع بال وفات زمانه بوصفه مرجعية يريد فرض قبولها بالقوة على شعب يرفضها ويستميت كي يتخلص منها. ولن ينتصر من خلال إصلاحات جزئية، برانية ومحدودة، سيرفضها الجميع ليس فقط لأنها تأتي متأخرة جدا، بل كذلك لأنها ستبقي عليه وتغلق الباب أمام قيام نظام انتقالي بديل له. أخيرا، إنه لن ينتصر لأنه يحاول حل أزمة سياسية - اجتماعية - اقتصادية - ثقافية شاملة بوسائل لا تصلح إلا لتأجيج نيرانها، كل ما فيها عنف منفلت من عقاله، تطبقه قوى أمنية لم تنجح يوما في معالجة أزمات من هذا النمط.

هل سينجح الشعب؟ حتما، إذا لم تقده المعارضة الحزبية والمنظمة إلى طرق تحرفه عن سبيله إلى الحرية، لن تحول بينه وبين بلوغها في نهاية الأمر، لكنها تزيد من آلامه، التي لا يجوز أن يكون للمعارضة أي مهمة أخرى غير تخفيفها أو إزالتها!

==================

سوريا وعقدة التدخل الدولي

عثمان ميرغني

الشرق الاوسط

25-1-2012

ردود الفعل على المبادرة العربية الأخيرة توحي بأن الأزمة السورية مقبلة على أشهر عصيبة ومزيد من التصعيد في دوامة العنف والقتل والقمع. فالنظام أعلن رفضه القاطع للمبادرة، واعتبرها تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية، وهناك الكثير من المؤشرات على أنه يستجمع طاقاته ويعزز ترسانته استعدادا لانقضاض واسع على الاحتجاجات في أول سانحة. النظام لم يتزحزح أصلا عن موقفه في التعامل مع الانتفاضة على أنها مؤامرة، ومع أبناء الشعب المشاركين فيها على أنهم إرهابيون، وهو الموقف الذي أكده وزير الخارجية، وليد المعلم، في رسالة إلى الأمين العام للجامعة العربية عشية اجتماعها الأخير قال فيها إن الحكومة ستواجه الأعمال الإرهابية بالقوة. هذه هي العقلية السائدة التي تجعل من الصعب تصديق أن النظام يريد التجاوب مع مطالب الشعب أو إنجاز تغييرات حقيقية يمكن أن تؤدي إلى إزاحته من السلطة، وهي العقلية التي جعلته يهاجم ويرفض مبادرة الجامعة الأخيرة بمجرد صدورها.

على الجانب المقابل، تبدو المعارضة السورية، في غالبيتها، متشككة في التحركات العربية، وغير مقتنعة بأن الجامعة تملك القدرة على التدخل الفاعل أو إجبار النظام في دمشق على القبول بمقترحاتها. بل إن قسما منها هاجم الجامعة العربية علنا، واتهمها بأنها تقف في صف النظام السوري، قائلا إن الشعب فقد الثقة فيها لأن كل تحركاتها ومبادراتها لا تفعل شيئا سوى شراء المزيد من الوقت للنظام لكي يواصل سياسة القتل والقمع.

في ظل هذا الوضع، إلى أين ستتجه الأزمة السورية؟

هناك طريقان محتملان كلاهما شائك ومعقد وباهظ الثمن: التدويل أو الحرب الأهلية. صحيح أن كل الأطراف تؤكد رفضها سيناريو الحرب الأهلية وتحذر منه، لكن ما أسهل الانجرار إلى مثل هذه الحرب إذا تواصل الجمود وتصاعد العنف واستمر تدفق السلاح. فالعنف كان السبب وراء انشقاقات الضباط والجنود الذين رفضوا بدايةً تنفيذ أوامر قتل المدنيين ومهاجمة المدن، ومع تواصل عمليات القمع والقتل قرروا المقاومة والتصدي للسلاح بالسلاح. ومثلما حدث في ليبيا فإن هناك شبابا سينضمون إلى التشكيلات المسلحة لحماية المدن والمدنيين، ولمقاومة النظام، وتدريجيا تأخذ الانتفاضة طابعا عسكريا، ولو مكرهة؛ لأنه كلما تأخرت الحلول تراجعت فرص سلمية الانتفاضة، وهو ما نرى بوادره على الأرض اليوم.

الاحتمال الآخر، وهو التدخل الدولي، لا يخلو من التعقيدات، وإن كانت التحركات الراهنة كلها تدفع في اتجاهه. فالنظام، بمواصلته القمع والقتل، يدفع الأمور في هذا الاتجاه، والمعارضة، بعدم اقتناعها بجدوى التحركات العربية وفعاليتها، تطالب بدفع الملف إلى مجلس الأمن، كذلك فإن المبادرة العربية الأخيرة تبدو وكأنها تدفع بالأزمة أيضا في هذا الاتجاه. فالمتمعن في مبادرة الجامعة يمكن أن يلاحظ ثلاثة أشياء ربما كانت في ذهن من صاغوها، الأول هو: محاولة إحداث شق أو إرباك داخل النظام من خلال رمي طوق نجاة شبيه بسيناريو الحل اليمني، وذلك باقتراح تفويض الرئيس نائبه صلاحيات كاملة لكي يتعاون مع حكومة وحدة وطنية تشكل خلال شهرين وتكون مهمتها الإعداد لانتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف عربي ودولي، وفي الوقت ذاته تطالب المبادرة بضمان حرية التظاهر السلمي بجميع أشكاله لكي يستمر الضغط على النظام. الأمر الثاني هو: التمهيد لدفع الأزمة نحو مجلس الأمن، من خلال إطلاعه على مبادرة البنود السبعة وطلب دعمه لها، وبالتالي تهيئة الأرضية لصدور قرارات منه إذا رفضها النظام السوري، وهو الأمر الذي كان، بلا شك، متوقعا لمن صاغوا المبادرة. أما الأمر الثالث فهو أن المبادرة بدفعها الأمور في اتجاه مجلس الأمن تساعد، في الواقع، المعارضة السورية على تجاوز الحرج الذي تشعر به في مطالبتها بالتدخل الدولي. فكل من استمع إلى قادة المعارضة يتحدثون عن التدخل الدولي، أحس، بلا شك، بحرجهم من خلال اللغة المبهمة والعبارات المطاطية التي يستخدمونها عن طبيعة التدخل الدولي الذي ينادون به؛ ذلك أنهم لا يريدون أن يتهمهم أحد بأنهم يجلبون التدخل الدولي إلى بلدهم ويفرطون في سيادته.

الأزمة إذن باتت في طريقها إلى مجلس الأمن، لكن هل من حل سريع؟ بالتأكيد ليس هناك حل دولي لمعالجة الأزمة السورية في أربع وعشرين ساعة، مهما كانت طبيعة الخطوات التي سيتخذها مجلس الأمن، ومهما كان أمل الذين يعولون على هذا الحل. فالموقفان الروسي والصيني سيقفان عقبة أمام صدور قرارات سريعة من مجلس الأمن، مما سيعني المقايضات والمفاوضات الطويلة المعتادة للوصول إلى صيغ مقبولة للقرارات التي يمكن أن يتبناها المجلس ولا تواجَه ب«فيتو» من أحد الأطراف. الأمر الآخر أن هذا العام هو عام الانتخابات الدولية بامتياز من روسيا إلى فرنسا والولايات المتحدة، مما سيعني دخول الحسابات الانتخابية في المواقف السياسية، مما قد يؤدي إلى المزيد من التعقيد والتأخير في أي قرارات دولية باتجاه سوريا.

من هنا، فإن الذين هاجموا الجامعة العربية وقالوا إنها تشتري وقتا للنظام السوري لكي يقتل المزيد من مواطنيه، يبدون وكأنهم يسوقون للناس أملا كاذبا في قرارات سحرية سريعة من مجلس الأمن. فالحقيقة المؤلمة أنه ليس هناك من حل سريع، وكما تعلمنا من التجربة الليبية فإن التدخل الدولي، إن حدث، يأخذ وقتا طويلا، ويجلب معه تعقيدات من نوع آخر؛ لأنه قد يزيح النظام لكنه لا يعالج كل التبعات والمشاكل العالقة.

تبقى نقطة أخيرة، هي أن الثورات العربية التي حُسمت داخليا، ومن دون تدخل خارجي، انتهت سريعا، أما الانتفاضات والثورات التي انتظرت واحتاجت إلى تدخل خارجي فقد طالت معاناتها وزاد عدد ضحاياها. والعبرة من ذلك، للذين يقومون بانتفاضات أو ثورات، أنه لا يمكنهم التعويل على تدخل خارجي لاستكمال عملهم، إلا إذا كانوا مستعدين لمعاناة طويلة ودفع ثمن باهظ؛ فالتغيير يستحسن دائما أن يتم داخليا وبسواعد الشعب لا بأيدٍ خارجية، والثمن سيكون أقل، مهما بدا كبيرا.

=====================

كلمات إياك أن تقولها

أبو عبيدة

موقع رابطة العلماء السوريين

3/1/2012

 شاعت هذه الأيام كتب من نوع :(كلمات إياك أن تقولها) لزوجتك ، لابنك ، لمديرك ،لأبيك أو لأمك لما لها من آثار خطيرة قد لا ينفع معها بعد النطق بها الإصلاح ،وقد خطر في البال أن هناك كلمات لابد من التحذير من قولها في زمن الثورة على الظلم ،لما فيها من تشويه للحقائق ،أو توهين للنفوس ،أو تثبيط للهمم ،فكم من كلمة يفوه بها المرء لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفا ،أو إن لم تهو به هذا الهوي، عُرقل بها- على أقل تقدير- عمل جليل، أوسُدَّ باب من أبواب الخير، ويكفي أنها يلتبس بها الحق بالباطل ، مما يؤثر سلبا في المعركة الدائرة مع الطاغية المستبد الظالم ،وتوقف قائلها بين يدي حساب شديد ، ومساءلة خطيرة هناك في ساحة العدل المطلق حيث يُعرض الخلق على الحي القيوم ،ويجأرالظالمون " ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا احصاها " نسأل الله العافية .

 " الكلمة الأولى " هي :نحن في بلاد الشام ننعم بأمن تحسدنا عليه الأمم منذ أربعين عاما.

أقول :إن الأمن الذي نعيشه حقيقة ناجم عن طباع الناس وصلاحهم في هذه البلاد ،وليس من منجزات الحاكم ، أو نتائج سياسته ،والأمن أمنان :أمن بين الأفراد ، وهذا من فضل الله على الشام ، ومن بركة الصالحين ، وجهود العلماء ،وأمن بين الساسة والشعب ،وهو أمر مفقود في بلدنا منذ أربعين عاماً ، فمن الطبيعي جدا- في هذا الجو الأمني- أن يؤاخذ الواحد منا بجريرة لم يرتكبها ،وكم استباح الحكام و أزلامهم وزبانيتهم وكلابهم المسعورة من حرمات ، وكم أكلوا من حقوق ،ولا قضاء يحاسب ، ولا أحد من المضطهدين يجرؤ على اللجوء إليه ، يطلب الانتصاف ممَّن أكلوه ، إذن ، فالأمن المُدَّعى ، إن كان هناك من أمن في بلادنا ، ليس من فضائل الحاكم ،بل لعل هذا الأخير هو أول من يعتدي على أمن الناس ، فلا يراعي في أحد ذمة ولا حرمة .

و" الكلمة الثانية " هي : أن من سيأتي بعد هؤلاء ليس خيرا ممن يحكمنا الآن !!

الحقيقة أن هذا القول مفند بلا تفنيد ، ومع ذلك فلنجار القائل الذي يزعم الخيريَّة ، فنقول:ثمة وجهان لهذا الزعم .

 الأول : ما هي الفضائل التي لهؤلاء ، والتي لا يمكن أن يجاريها أحد؟

والثاني :هل خلت الأمة ممن يمكن أن يسوس الأمور بكفاءة وإخلاص ، وبطريقة تحقق العدل والأمن الحقيقي ، لا الأمن الذي رداؤه الظاهر همس ،لا يجرؤ على المعالنة ، لئلا يفهم منه التضجر والألم الممض ، فإذا بالبلاء الذي تفنَّن به النظام ينصب على رأس الذي ارتفعت حرارة همسه في الأسماع ، بل ، وعلى رؤوس أقاربه في أحيان كثيرة ، وصار مصرفا – حتى يصرف عنه السوء- للابتزاز السنوي ، أو الشهري ، بحسب الطاقة المالية!!! أهذه هي المؤهلات التي تخلق بها النظام ، ولا نجد لها مثيلا فيما تنجبه النساء !!!! ويخاف المترامون على أحذيته الضياع ؟

فأما فضائلهم المزعومة التي أصحاب الهلوسات الفكرية- وحدهم- يرونها ، ويبعثهم على استنباتها في قرارات نفوسهم ، خوف هالع ممن سيأتي ، فإننا- وبإنصاف- لا نعرف لهم فضيلة واحدة يمكن أن تذكر، ولا إيجابية يشاد بها ، اللهم إلا قضية الممانعة ، وأرجو عدم ارتفاع وتيرة الضحك ، لئلا يستحكم في الضاحك لهذه الخبرية ضحكه ، فإذا به ينتهي مع النفخ في الصور ، ،أجل :هم منذ ظهر أمرهم ، وتمكنوا - بألاعيب لعبوها- من رقبة البلاد ، وأمور البلاد والعباد في تراجع اقتصادي واجتماعي وأمني وسياسي !!

 لقد خربوا الإنسان ، وعملوا بكل خبث على تهديم قيمه وأخلاقه ،وخربوا التعليم ومؤسساته ،وخربوا مرافق البلاد في كل المجالات ،وانظر إذا أردت إلى شيوع الفساد والرشوة وانتشارها ، حتى صارت فطورا وغداء وعشاء لأصحاب البطون المحدقة بالسلطة ، وصار للرشوة تسعيرة معلنة ، إذ لم يعد هناك خوف من أخذها ، بل والمطالبة بها ، خاصة لدى أجهزة الأمن ، عفوا " الرعب " المركب ، ،وانظر- إذا شئت- إلى هبوط قيمة العملة ، وهبوط قيمتها الشرائية حتى صارت الرواتب أقرب إلى النكتة المضحكة المبكية ،وقارن بين مدارس اليوم ومدارس الأمس ،وبين جامعات اليوم وجامعات الأمس ،وبين مؤسسات ومعامل اليوم ومؤسسات ومعامل الأمس ،إن شيمة هؤلاء الوحيدة ، والتي لاينكرها هؤلاء ، أنهم انقلبوا على الحكم فانتزعوه انتزاعا ، ثم أخضعوا الناس لما يريدونه بالقوة والحديد والترهيب ،ثم أذلوا العلماء وأكابر القوم من الصناعيين والتجار والمفكرين وأساتذة الجامعات ،ثم ابتلعوا البلاد وما فيها من خيرات ،وقالوا: إنهم يحاربون إسرائيل- أرجوك- لا تضحك ، ولا تنكر، فإذا بها مؤامرة وسخة أدت إلى نكسة حزيران ،وحرب يتيمة بيعت بها الجولان من قبل من سُمِّي ببطل الجولان ، وكأن تسليم المبيع قد تمَّ الاتفاق عليه تحت غطاء الحرب ، لئلا يقال " بيعت " والثمن استقرار للحكم ، مدى الحياة ، ولا تزال المساندة حتى اليوم بناء على هذا الاتفاق ، وإلا فما معنى هذه المواقف التالفة من كثير من الدول ؟؟؟ .

ثم ، أليس حراما في بلاد الشام أن يجوع الناس ، ويفتقدون اللحم والفواكه ، في حين تصدر هذه المواد لتباع في الخارج ، وتصب أموالها في جيوب الحكام وأزلامهم من التجار!

أليس حراما ألا يصل للفلاح أكثر من 10 % من سعر المادة التي يزرعها ويرعاها طول العام في السوق !أليس حراما أن يعيش الناس في بلاد الخير في الشتاء على ماتنبته الأرض من الحشائش والأعشاب من سبانخ وملوخية و براصيا وغيرها ، والحاكم وحاشيته يتنعمون باللحوم والفواكه ، ومنها ماهو مستورد ، وبالمنكرات التي يتجرعونها ويحاربون الله عزوجل بها !أم أن ما ذكرته هو من الفضائل التي يوصف بها هؤلاء على أساس أنهم قد فاقوا فيها الآخرين ، ولم يعد هناك نساء يلدن أمثال هذا القرف السلوكي ،أثم يقال بعد هذا :من سيأتي ليحكمنا خيرا من هؤلاء؟

إن الحق الذي لا مراء فيه ، هو أننا قد رأينا من هؤلاء السفلة ألوانا من الخسة والنذالة والإجرام والحقد الدفين مالا يوجد منه أو مثله إلا لدى إبليس نفسه - وحاشاه عن أمثالها- ، إذ لا يبعد أن يكون قد تتلمذ على أيديهم فيها ، وعليه ، فكل ما عدا إبليس يفترض أن يكون أحسن منهم ، وخيرا من خيارهم ، أم أننا نحتاج إلى أربعين سنة أخرى حتى نقتنع بهذه الحقيقة .

و" الكلمة الثالثة " :هؤلاء قد شبعوا حتى التخمة المحمضة ، ومن سيأتي غيرهم سيكون جائعا ، وسيعود ليسرق من جديد.

وأصل هذه المقولة قصة شعبية تتحدث عن رئيس عصابة أو (شيخ منصر) كانت له جرة يملؤها من الأتاوات التي يأخذها من اللصوص أفراد عصابته ،وأن هؤلاء الأخيرين فكروا أن يعينوا لهم رئيسا غير رئيسهم الذي أحسوا باستغلاله لهم ،ثم عدلوا عن ذلك عندما فهموا أن أياً منهم سيأتي سيملأ جرة فارغة من جديد ،ومن الواضح أننا هنا نتحدث عن رئيس عصابة ولا مانع من تشبيه هؤلاء بعصابة ورئيسها ،ولكن ألا يمكن في عصر صار عصر مؤسسات و ترتيبات إجرائية تشريعية و تنفيذية وقضائية أن تحكم سورية من قبل آخرين هم أفضل من العصابات وعرابيها ؟! أخلت بلادنا المباركة من رجال مخلصين يقدمون على الحكم بعقلية غير عقلية اللصوص والمجرمين ؟! ثم إنه مامن إشارة تشير إلى أن هؤلاء الأنذال قد شبعوا أو اكتفوا أو اقتربوا من الشبع أو الاكتفاء ، فهم من المنهومين الذين تتَّسع بطونهم باتِّساع الرغبة في الأكل !إذ مازالت خيرات البلاد تنهب على عيون الناس ، ومازالت مُخَصَّصات المشاريع تذهب إلى جيوب المتنفذين مرات ومرات ، دون أن يقام منها شيء ،وقصة المسرح القومي ليست ببعيدة ، وقد انتظر قريبا من عشرين عاما حتى يقام بعد أن سرقت مخصَّصاته أكثر من مرة .

أجل :لا يوجد ما يؤكد أن اللص يمكن أن يصل إلى درك من النهب يكتفي به ، ويترك للناس بعد ذلك أموالهم ،وقد عرفت سوريا نفسها رؤساء عاشوا في بيوت متواضعة ، وماتوا ميتات متواضعة ،لم يبنوا القصور ،ولم يعيشوا عيشة الملوك، فما الذي يمنع أن يوجد أمثال هؤلاء الرجال من المخلصين ،بل ليعش هؤلاء في القصور، ولا مانع ، ولكن ليتركوا خيرات البلاد ومواردها للناس يتنعمون بها ، ويدرؤون عن أنفسهم بها آلام الفقر وقرصات الجوع ، وإحباطات الأمل .

أذكر أنني عندما زرت متحف قصر (توب كابي) في استانبول ،وقد عاش فيه السلاطين العثمانيون حوالي 280 سنة قبل أن ينتقلوا إلى قصر( دولما باشا ) رأيت قصراً لا يمثل أكثر من ركن من قصر من قصور هؤلاء الحثالة من أدعياء الثورة من أجل الفلاحين والعمال ،سلاطين آل عثمان وما يروى عنهم من حكايات يقطنون في قصر لا يرضى به وزير من وزراء الثورة ، والمتحف موجود وشاهد إلى اليوم لمن يريد ،فمن قال :إنه لا يوجد إلا السارق والقاتل والطامع ليحكم سوريا إن ذهب هؤلاء؟

و" الكلمة الرابعة " :نحن- السوريين أو العرب- لا ينفع معنا إلا الحاكم المستبد حتى تستقر الأمور.

من قال إننا قد خلقنا من طينة أخرى غير طينة الشعوب الأخرى التي تناسبهم الديموقراطية و العدل ؟ لقد شهدت سوريا فترة نيابية كانت خيرا ألف مرة مما عاشته في زمن البعث المستبد، "الشيشكلي " نفسه ، والذي كان يوصف بالاستبداد استقال من الرئاسة حفاظا على دماء الناس ،و"شكري القوتلي " تخلى عن الرئاسة لجمال عبد الناصر حرصا على الوحدة ،ثم إن لكل زمان دولة ورجالا ،نحن اليوم في القرن الحادي والعشرين لم يعد الاستبداد مقبولاً ولا مطاقاً على الإطلاق في الذائقة العالمية ،يجب أن نفهم أن رجالا- كهتلر ولينين وستالين وموسوليني وعبد الناصر وحافظ الأسد- لا مكان لهم بيننا في أيامنا هذه ،فكيف تريدون لبشار "فرخ أبيه الأسد" الذي افترس العباد والتهم البلاد ، أن يبقى وهو و طاقمه ،من أراد ذلك لم يفهم هذه الطبيعة في تغير الزمان وتبدل الظروف.

ثم إن هذا- الذي تقولون إنه لا تستقر أمورنا إلا به- هو الاستبداد ، الذي هو تكميم الأفواه ،وسرقة الأرزاق ،وإزهاق الأرواح ، خاصة في " باستيل تدمر " ،والاعتقالات والسجون ،والاغتصابات والمجون ،ووضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب ،هرس الأحلام والآمال ،قتل الشباب كمدا وحسرات ،إشاعة الفاحشة والمنكرات ،إذلال العلماء ،مراقبة المساجد ومحاصرتها ،إغلاق المعاهد الشرعية ،الغلاء والبلاء بكل أشكالهما وأنواعهما ،هل هناك شعب لا تستقر أموره إلا بهذه الطريقة ،إن من يقول هذا ، ويعلل أنه ضريبة الممانعة المسرحية- بالله عليك لا تضحك- وكأن اليهود المغتصبون يذيقون شعبهم الدائم الاستنفار ألواناً من المذلة والقمع بهذه الحجة ، التي سقوطها أقرب من السقوط نفسه ، إذ كيف يمكن أن يمانع شعب أميتت فيه الحياة !!إن من يزعم ذلك حق عليه أن يعيش حياة العبد المستغل ،ولكن ليتركنا نعيش أحرارا لا نعبد إلا الله .

منذ أن انهار جدار برلين ، وبدأت تماثيل لينين وستالين تتهاوى تحت قبضات الثوار ،كانت بشرى بسقوط بقية أصنام الاستبداد على الأرض ،وهكذا توالت السقوطات ،من صدام إلى زين العابدين وسيده بورقيبة من قبل ،إلى مبارك إلى القذافي صاحب الزنقة التي حشرته في المجرور حتى أخرج منه صاغراً مهووساً ، ،وقريباً جدا الأسد الأب ، والابن بصورة رسمية بعد أن فعلها الثوار علنا وبكل بطولة يحسدون عليها ، ويثابون عليها إن شاء الله .

و" الكلمة الخامسة " :من الذي سيقف في وجه إسرائيل إذا سقط هؤلاء؟

 قلت :ومتى وقف هؤلاء في وجهها ، وهم لا يزيدون عن حراس لوجودها على طول الجبهة الممتدة بين سوريا وإسرائيل،أربعون عاما حيد فيه السوريون بكل إيمانهم ووطنيتهم وقدسية الأقصى عندهم من المعركة مع اليهود بفضل هؤلاء الأوغاد ،الذين لم يكتفوا بذلك بل سرقوا ميزانية الدولة كل هذه السنين عندما خصصوا معدلات عالية جدا منها لجيش لا يفعل شيئا ،وثق لو أن السوريين رفع ما بينهم وبين يهود من حواجز وسدود لما تركوا لها أثرا يذكر، وهذا المعنى الذي يدركه يهود اليوم من وراء دعم النظام عبر الدول التي يهيمنون عليها ،عندما قامت ثورة مصر في يناير 2011 خرج حاخام إسرائيلي على الناس يحذر من ملايين من العرب قد تزحف على إسرائيل تشبه الملايين التي خرجت في الشارع لإسقاط مبارك ،هذه الأنظمة التي حمت إسرائيل- وباسم الممانعة- وحيدت الملايين من المعركة مع اليهود لا يحزن عليها إن سقطت تحت الأقدام ،بل إن زوال إسرائيل مرهون بالقضاء على هذه الأنظمة المنافقة .

و" الكلمة السادسة ":ألا يقول بعض المشايخ إنها فتنة ومؤامرة ، القصد منها تقسيم سوريا.

أقول :هؤلاء المشايخ لهم الله عزَّ وجل،ولكن ما الصلة بين الاعتراض على الظلم ورفض الاستبداد والذود عن أدنى حقوق للإنسان ، وبين تقسيم سوريا ،حتى العلويون أنفسهم ،كثير منهم مع المعارضين الذين ذاقوا الضيم ألوانا وأشكالا ،المسيحي والمسلم والسني والشيعي والدرزي و العلوي والإسماعيلي ، كلهم معا في الشارع ينادون بإسقاط الدولة الأسدية ،لا تقبل ذائقة سوري واحد فكرة تقسيم سوريا ،ولكنها لعبة النظام والمنتفعين به من كل الطوائف يريدون من تقسيم سوريا أن يصبح فزاعة تجعل الناس يرجعون إلى بيوتهم ،سوريا بكل طوائفها تقف في وجه عائلة وحاشية شيطانية، ولن تقسَّم سوريا ،بل لعل الضمان الوحيد لبقائها واحدة أن يعامل الأفراد بوصفهم مواطنين مهما كانت طائفتهم ، وهذا مالم نعرفه منذ أربعين عاما.

و"الكلمة الثامنة " :ألا يمثل تحالف سوريا مع حزب الله الخطر الوحيد في المنطقة على إسرائيل؟

أقول: إن الخطر الحقيقي الوحيد على إسرائيل هو هذه الملايين التي راحت تهدر في شوارع تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا غير مبالية حتى بالموت ،أما تحالف سوريا وحزب الله فهو خطر كبير جداً ، ولكن ليس على إسرائيل وإنما على المنطقة العربية برمتها ، ودول الخليج بخاصة ، من حيث تحقيق حلم الهلال الفارسي الشيعي في المنطقة مع العراق ،إن المعركة التي يخوضها الناس العُزَّل اليوم في شوارع حمص وحماة ودرعا وإدلب والقامشلي هي معركة كل العرب وكل المسلمين أمام الطمع الفارسي الشيعي بالمنطقة كاملة وخيراتها ،ويجب على العرب والمسلمين أن يفهموا أن هذه الحرب التي تجري في (حواري) سوريا هي حربهم ، وأن القضية قضيتهم.

قد يقول قائل : هاهي الطائفية تطل بعنقها من جديد .

أقول: لسنا نحن الطائفيين ،إنما هم وأطماعهم السياسية وقد ألبست لباس الدين ،لقد أمضى الشيخ القرضاوي بارك الله في عمره شطرا من حياته في جهود التقريب بين السنة والشيعة ،حتى إذا بدأ التشييع المخطط والمنظم في مصر كان كل ما طالب به ألا يدعى إلى التشيع في البلاد ذات الأكثرية السنية ، وألا يدعى إلى التَّسنُّن في البلاد ذات الأكثريَّة الشيعية ،فهاجت كلاب التشيع الفارسي على الشيخ مما جعله (يبصق البحصة ) من فمه ويقول في الشيعة على الطراز الإيراني ما لم يقله في حياته .

ليرحل الأسد وعصابته ،وهو راحل لا محالة بإذن الله تعالى ، ولير كيف سنعيش بخير وسلامة مهما كانت طوائفنا ،فإن واحدا من أهم محركات الثورة ودوافعها هو رفض الطائفية وممارساتها بعد أن أضنت البلاد وأنهكت العباد

و" الكلمة التاسعة " :وما الذي أستطيع أن أفعله أنا ؟

أقول: إن من يسأل هذا السؤال يعتبر نفسه ودوره أكبر مما يستحق،فلا تظنَّن أن الله عز وجل ينتظر منك أن تفعل شيئا حتى ينفذ قدره ويخسف بالظالمين الأرض إن شاء ،ولكن عليك أنت أن تلحق نفسك لتكون من الفائزين في هذه التجربة التي قد لا تتكرر في حياتك ،واعلم أن الله عز وجل يقيض لأقداره من ينفذها من الإنس والجن والملائكة وما عليك إلا أن تجد لنفسك دورا هو أقصى ما تستطيع فعله مخلصاًًًًً لله وحده ،ابدأ بالدعاء ،وما أظنُّه بعسير عليك ،ولكن بقلب حاضر متضرع إلى الله عز وجل ،تبرع بقسط من مالك ليتامى الثورة وأراملها ،والمستضعفين الذين تأثرت أرزاقهم فهم لا يجدون ما يأكلون أو يتدفؤون به ،لست فقيها ولا أجرؤ على الفتوى ،ولكني أميل إلى القول بأنه لا فضل لواحد منا اليوم من ماله، لا ،فكل ما زاد عن حاجتك ادفعه للثوار، حتى يستطيعوا الصمود في الشارع تحت الضرب والرصاص وأمام خطر الاعتقال والتعذيب ،على الأقل يجدون ما يرجعون به إلى بيوتهم وأطفالهم مما يشبع البطون الجائعة ويدفئ الأجسام الباردة ،إن كنت قادرا على الكلام فتكلم، على الكتابة فاكتب ، على الغناء فغنِّ ،على الرسم فارسم ،على التحريض فحرِّض ،على الوقوف في الشارع فقف ،على التكبير فكبِّر ،على إرهاب العدو فأرهبه ،واطلب من الله القبول ،واعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: "من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بغزو مات على شعبة من نفاق" ونحن اليوم في سوريا مستباحون،وعدونا فاجر ماكر ،فجد لنفسك مكانا مع المخلصين واحصل على براءتك من النفاق .

و" الكلمة العاشرة " :لي أسرة وأولاد ومسؤوليات كثيرة تحول بيني وبين ما تقول .

أقول :إنه تلبيس من الشيطان عليك ،فلست أنت رازقهم ولا كافلهم ،وإن كان الله عزَّ وجل قد حماك وحمى أسرتك حتى الآن من ظلمهم وغدرهم فاحمد الله على ذلك ،وادفع الشرَّ عن إخوانك ،فربما تدور الدائرة عليك لا سمح الله ،وتجد نفسك - عندها - وأسرتك وأعمالك وسط الخطر ،عندها لن تغفر لأحد أن يفكر كما تفكر اليوم ،أما حكم الفقه الشرعي ،فنحن في حال يخرج فيها الولد دون إذن أبيه وأمه ،نحن مستباحون ،وكرامة الإسلام والمسلمين مسؤوليتنا جميعا ، ومن قال إن كرامة المسلم ليست من كرامة الإسلام ؟

======================

بعد أن يسقط الأسد

القدس العربي

صحف عبرية

2012-01-24

يديعوت 24/1/2012

العالم العربي حولنا ثائر. فالرئيس المصري في السجن، والقذافي قتل على أيدي المتمردين، وانهار نظاما الحكم في تونس واليمن، وفي سوريا تمرد يقترب فيه عدد القتلى على أيدي الاسد وجماعته من عشرة آلاف شخص بسرعة.

لا يعلم أحد ماذا سيلد اليوم. والصراع بين المدنيين والسلطة حظي باسم 'ربيع الشعوب' العربي لأنه يثير أمل ان يكون بدء تحرر الشعوب حولنا من سلطة الاستبداد التي سادت هناك منذ الأزل، وخطوة اولى نحو جعل نظم الحكم شيئا يشبه ديمقراطية غربية ليبرالية. لكنه كلما مر الوقت تبين ان لهذا الأمل أعداء كثيرين وربما يتجه الشرق الاوسط العربي الى وجهة مختلفة تماما.

مصر مثال جيد: فالحديث آخر الامر هنا عن صراع لا بين لاعبين (الشعب والنظام) بل عن ثلاثة الشعب والنظام (المعتمد على الجيش) والحركات الاسلامية التي تعرض حلا 'مختلفا'، حلا ليس معناه التقدم في الطريق التي سار فيها العالم الغربي منذ أواخر العصور الوسطى بل بالعكس: انطواء المجتمع في الداخل والعودة الى نظم حكم دينية يكون فيها الفقهاء هم الحكام الحقيقيين.

من سينتصر في هذا الصراع؟ تمكن الاشارة الى ثلاثة امكانيات أساسية: ينتصر في الاول 'الشعب' الذي ضاق ذرعا باستغلال النظام إياه. وينتصر في الثاني الجيش ويرجع النظام في مصر الى سابق عهده. وينتصر في الثالث الحركات الاسلامية (الاخوان المسلمون مع السلفيين أو من غيرهم). ويمكن ايضا التفكير في امكانيات أكثر تعقيدا كحلف بين اثنتين من المجموعات الثلاث هذه في مواجهة الثالثة.

في بحث يجري في هذه الايام في جامعة تل ابيب أثار زميلاي في ورشة عمل يوفال نئمان لعلم التكنولوجيا والامن، الدكتور حاييم آسا وشلومو باروم من مركز ابحاث الامن القومي، امكانا يبدو اليوم أكثر واقعية من سواه وهو فترة طويلة من عدم استقرار لا تنجح فيها أية جهة بتغليب ارادتها على المجموعات الاخرى.

قد يفضي عدم الاستقرار هذا في السيناريو المتطرف بالنسبة الينا، الى عودة مصر الى دائرة الحرب مع اسرائيل. وفي حالة أكثر معقولية قد يفضي الى اضعاف النظام وتدهور آخر للسيطرة المصرية على شبه جزيرة سيناء. وقد تصبح حادثة الخلية التي دخلت لتنفيذ عملية قرب ايلات في السنة الماضية أمرا معتادا. ويقتضي هذا ان تعزز في أحسن الحالات قوات الحراسة الشرطية والدوريات على الحدود الجنوبية (مع بناء حاجز حقيقي). وفي حالة اسوأ بالنسبة الينا سنضطر الى ان نزيد بصورة جوهرية مقدار قوات الجيش الاسرائيلي الذي تمتع بفترة هدوء بلغت ثلاثين سنة على هذه الحدود.

وما ذكرناه أعلاه يجري على الحالة السورية أكثر بأضعاف مضاعفة. قد نعود الى وضع لا يسيطر فيه نظام ضعيف في سوريا على الحدود بيننا التي لم تعرف التسلل من اجل الارهاب منذ اربعين سنة.

ما الذي نستطيع ان نفعله لمواجهة الشر الممكن؟ يجب علينا أولا ان نُعد قوتنا العسكرية لامكانيات كانت تبدو الى وقت قريب خيالية. فليس هذا وقت اضعاف الجيش الاسرائيلي بل العكس. منذ وقع اتفاق السلام مع مصر حظينا بنافذة هدوء امني نسبي تم استغلاله جيدا لتطوير الاقتصاد والمجتمع وخفض نسبة ميزانية الامن من ربع الانتاج المحلي الخام الى 5.5 في المائة منه (وهي نسبة تشبه نفقة مواطني دولة اسرائيل على الرياضة والثقافة والترفيه!). ولن تستطيع حكومة ذات مسؤولية الاستمرار في هذا التوجه.

وعلينا ثانيا ان نغير سياستنا الخارجية والامنية. يجب علينا في ساعة عدم يقين كهذه ان نقترب من حلفائنا التقليديين الغرب والولايات المتحدة في مقدمته. ولهذا معنى ايضا يتصل باستعدادنا لمباحثة الفلسطينيين في تقاسم البلاد. وعلينا ان نبحث عن حلفاء آخرين وان نحاول الاقتراب قدر المستطاع من تركيا. صحيح توجد هنا مسألة كرامة وطنية، والاعتذار صعب دائما، لكن البديل عنه أصعب.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ