ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 25/01/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

النظام السوري والمال ... والسلطة!

بقلم/ خير الله خير الله

الراية

24-1-2012

بقي المراقبون العرب في سوريا ام خرجوا منها، لم تعد تلك المسألة. كلّ ما في الامر ان هناك نظاما انتهى لكنّه يرفض الاعتراف بذلك. لا يدرك اهل النظام في سوريا ان هناك صفحة طويت وان عليهم البحث عن مخرج يحفظ لهم سلامتهم من جهة ويحول دون تفتيت البلد من جهة اخرى. هذا ما يفرضه المنطق. ولكن هل لدى اهل النظام في سوريا علاقة من نوع ما بالمنطق؟ من لديه علاقة بالمنطق لا يغطي بطريقة او بأخرى جرائم ترتكب في حق اشرف العرب واللبنانيين من امثال رفيق الحريري وباسل فليحان ورفاقهما. من لديه ادنى علاقة بالمنطق لا يدعم حزبا مذهبيا مسلّحا في لبنان ثم يدعي انه يواجه مؤامرة خارجية في سوريا راس الحربة فيها متطرفون اسلاميون. هل الميليشيا المذهبية المسلحة الموالية لايران الموجودة في لبنان تستحق الدعم نظرا الى ان سلاحها موجه الى صدور اللبنانيين والى مؤسسات الدولة، فيما التطرف ممنوع في سوريا لانّ النظام فيها يريد الظهور في مظهر النظام العلماني الذي يدّعي حماية الاقليات، كالمسيحيين مثلا!

ما يمكن مساعدة اهل النظام السوري في التوصل الى مثل هذا المخرج اقتناعهم اخيرا بانّ المال اهمّ من السلطة، خصوصا عندما لا تعود السلطة في متناول اليد. هذا على الاقلّ ما يفرضه المنطق. المال يمثل الحرية. تلك هي اهمية المال لدى الذين يعرفون معنى الحرية وليس لدى اولئك الذين يتحولون عبيدا للمال، مثل بعض المسؤولين في هذا البلد العربي او ذاك.

تكمن مشكلة النظام السوري في ان ليس في استطاعة اي شخص، اكان عربيا او اجنبيا، ادخال بعض المنطق الى عقل من يقف على راس هذا النظام. هل هناك من يستطيع القول للرئيس بشّار الاسد ان العالم تغيّر وان ليس في الامكان اعادة عقارب الساعة الى خلف لا في لبنان ولا في سوريا ولا في المنطقة كلّها؟ هل هناك من يستطيع القول له ان الشعب السوري ليس واقعا في غرامه ولا في غرام النظام وان شباب سوريا مرتبط بالعالم الحضاري وعلى معرفة به وانه مطلع على تفاصيل التفاصيل بالنسبة الى حقيقة النظام الذي يستعبده؟

في النهاية، ان الشعب السوري ليس بالغباء الذي يظنه اهل النظام. ليس بالغباء الى درجة انه لا يعرف كيف ضاع الجولان ومن يتاجر بالجولان والقضية الفلسطينية تحت شعاري "الممانعة" و"المقاومة". هناك اشياء انتهت. يعرف الشعب السوري ان "الممانعة" لا تعني شيئا، كذلك "المقاومة" وان النظام لا يريد اي مواجهة من ايّ نوع كان مع اسرائيل، بل جلّ مبتغاه، استخدام لبنان لتبادل الرسائل مع اسرائيل بما يخدم مصالح الطرفين لا اكثر ولا اقلّ، بغض النظر عن الضرر الذي يلحق بالشعب اللبناني.

اذا كان رهان النظام السوري على روسيا، كلّ ما عليه تذكره ان الاتحاد السوفياتي، بكلّ عظمته، لم يفعل شيئا العام 1967 عندما خسر العرب سيناء والضفة الغربية والجولان. لم يفعل شيئا يذكر حتّى بعد انتهاء حرب العام 1973 التي استخدمها النظام السوري لاكتساب شرعية في حين انه خسر تلك الحرب بالمفهوم العسكري، فاضطر الى التوصل الى اتفاق لفك الارتباط مع اسرائيل برعاية امريكية تولاّها هنري كيسينجر. حصل ذلك في العام 1974 ولا يزال الجولان محتلا!

روسيا لا تنقذ نظاما عربيا. ربّما كانت ايران اكثر فاعلية منها هذه الايّام. لدى ايران رهانات من نوع آخر عبّر عنها قاسم سليماني قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الايراني. لم يخف سليماني الذي اراد تقديم اوراق اعتماده كمرشح لرئاسة الجمهورية في 2013 انه يعتبر لبنان والعراق مستعمرتين ايرانيتين. أكّد سليماني قدرة ايران على تشكيل الحكومتين في البلدين. وقد فعلت ذلك اخيرا معتمدة على ما لديها من ميليشيات مذهبية في العراق وعلى "حزب الله" في لبنان.

الاكيد انه لن يصدر موقف عن مسؤول لبناني كبير يدين هذا الكلام الذي هو في رسم النظام السوري اوّلا. يشكّل كلام سليماني دليلا قاطعا على ان سوريا صارت جزءا من المنظومة الايرانية لا اكثر. اوليس ذلك سببا كافيا كي يأخذ النظام السوري علما بأنه انتهى وان الشريان الذي يبقيه على قيد الحياة لا علاقة له بالمنطق لا من قريب او بعيد. ايران ليست دولة عظمى. الدول العظمى، التي فيها ملايين السكان لا تعتمد على النفط ولا شيء آخر غير النفط لاعالة مواطنيها. الدول العظمى ليست فيها نسبة اربعين في المئة من السكان، حسب اكثر الدراسات تحفّظا، تعيش تحت خطّ الفقر!

=================

المبادرة العربية في مجلس الأمن

رأي الراية

الراية

24-1-2012

قدمت الجامعة العربية ما يمكن وصفها بخارطة طريق محددة المعالم لوقف نزيف الدم في سورية وتنهي الأزمة في البلاد التي باتت تهدد بحرب أهلية تعصف بحاضر سورية ومستقبلها.

المبادرة العربية التي قوبلت برفض فوري من النظام السوري وتشكل بحد ذاتها انتقالا آمنا للسلطة ومخرجا "مشرفا" للنظام السوري ورئيسه. فهي تتيح للطرفين النظام والمعارضة بدء حوار سياسي في ظرف أسبوعين من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال شهرين مع تفويض الرئيس السوري صلاحياته لنائبه من أجل التعاون مع هذه الحكومة.

وتنادي بتشكيل هيئة مستقلة مفوضة للتحقيق في الانتهاكات والعمل على إعادة الأمن والاستقرار في البلاد والإعداد لإجراء انتخابات لجمعية تأسيسية منتخبة خلال ثلاثة أشهر من تشكيل الحكومة تتولى إعداد مشروع دستور جديد يتم إقراره عبر استفتاء شعبي ثم إجراء انتخابات عامة لتشكيل حكومة منتخبة من قبل الشعب تقود البلاد.

المبادرة العربية التي سيجري إبلاغها لمجلس الأمن الدولي ومطالبته بدعمها ربما تنجح في تغير قواعد اللعبة بالنسبة لمجلس الأمن وتتغلب على الفيتو الروسي والصيني الذي ساهم في منع مجلس الأمن من اتخاذ عقوبات ضد النظام السوري بسبب استخدامه العنف في قمع المحتجين المطالبين بالتغيير.

ان الأمم المتحدة ممثلة بمجلس الأمن الدولي مطالبة بتقديم دعم قوي وحقيقي للمبادرة العربية التي ستتيح في حال تطبيقها وقف العنف في البلاد والبدء في الإفراج عن المعتقلين وإخلاء المدن من المظاهر المسلحة وضمان حرية التظاهر السلمي بكافة أشكاله وعدم التعرض للمتظاهرين.

لقد حرصت الجامعة العربية على إيجاد حل للأوضاع في سورية داخل إطار البيت العربي وهي لا تزال تحرص على ذلك وتوجه الجامعة العربية إلى مجلس الأمن الدولي حاملة المبادرة العربية بشأن سورية هو ترسيخ للحل العربي الذي وافقت عليه جميع الدول العربية باستثناء الجزائر التي تحفظت على بند التوجه لمجلس الأمن ولبنان التي نأت بنفسها عن المبادرة العربية.

ما يجب أن يعرفه النظام في سورية وهو يعرفه بالتأكيد أن عرض المبادرة العربية على مجلس الأمن -وهو ما يعتبره تدويلا للأزمة السورية- لم يكن ليكون لو التزم النظام بنصوص بروتوكول بعثة المراقبين العرب وقام بوقف العنف وسحب الآليات الثقيلة من المدن والبلدات السورية فالنظام أضاع الفرصة تلو الأخرى لحل الأزمة السورية من خلال الحوار الوطني الشامل بحديثه عن المؤامرة الخارجية ورفضه الإصغاء لصوت الشعب المطالب بالتغيير.

=================

النظام السوري يذهب إلى التدويل على قدميه

2012-01-24

الوطن السعودية

أسهم النظام السوري، بعلم، أو من دون علم، بتوجه أزمته إلى الأمم المتحدة، بعد أن ضرب عرض الحائط بالمبادرة العربية التي أراد المخلصون من العرب أن تسهم في الحيلولة دون أن يتجرع هذا الكأس المر.

المماطلة والتسويف وكسب الوقت التي لعب عليها النظام لإطالة مدة بقاء الحزب الحاكم في السلطة، أصبحت مسألة لا تنطلي على أحد، حتى على أنصاره من بعض الأنظمة التي تدور في فلكه، وخاصة التي تستمد قوتها من إيران. فالمشكلات التي يعانيها حلفاؤه هي أكبر من أن تمكنهم من السير في المأزق السوري إلى النهاية، وهم بالتالي، حريصون على استخدام ما تبقى من الوقت الضائع في سبيل تدبير أمورهم.

فلنأخذ مثلا العراق، الغارق حتى أذنيه في أزمات داخلية قد تؤدي إذا ما تفاقمت إلى أحداث مأساوية عانى منها فترة الاحتلال الأميركي، وهو مهيأ لحرب أهلية، ستؤدي إلى انقسامات وتقسيمات لن تبقي هذا البلد كما هو عليه الآن.

والحليف الآخر للنظام السوري، لبنان، الذي "ينأى بنفسه" عما يدور في سورية، منقسم بين مؤيد، ومعارض للنظام السوري، يلملم خيبات سياسية متتالية، حتى إنه بات لا يستطيع تمرير مشروع في مجلس الوزراء، ولو كان قرارا يسيرا متعلقا بتصحيح الأجور، نظرا للتقاطعات الحزبية والطائفية والمذهبية، حتى بات لبنان أسير التجاذبات من هنا وهناك، وباتت حكومته في مهب ريح، لم يبق عليها سوى حاجة النظام السوري وحليفه الأساسي في لبنان - حزب الله-.

لقد جاء الموقف السعودي أول من أمس ليضع الجميع أمام مسؤولياتهم الأخلاقية والسياسية، سواء أكان ذلك في الجامعة العربية أم الدول الإسلامية أم الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وما على المخلصين لسورية سوى الاقتداء بهذا الموقف، ووضع الحلول الناجزة للوضع الإنساني المأساوي في سورية، كي لا يكون العالم شاهد زور على ما يحصل.

=================

التدخل السلمي العربي في سوريا     

آخر تحديث:الثلاثاء ,24/01/2012

علي الغفلي

الخليج

لا تزال أزمة الحكم مستمرة في سوريا منذ عشرة شهور، وهو استمرار يحمل في طياته كافة المضامين المؤسفة، مصدرها الأساسي لجوء النظام الحاكم إلى رفع تكلفة التغيير السياسي إلى حدود مؤلمة، تصل في الجانب البشري منها إلى مقتل نحو عشرين شخصا كمعدل يومي، وتفتح في الجانب السياسي منها المجال أمام القطر السوري للدخول في آفاق المجهول، الذي تترواح احتمالاته بين وقوع البلاد في الحرب الأهلية، أو الدفع باتجاه التدخل الدولي، وربما امتداد الوضع الراهن في سوريا إلى عام آخر من العنف والغموض .

إن معظم التفاصيل المتعلقة بالأزمة السورية جامدة وكئيبة وتبعث على الابتئاس . فمن جهة، لا يزال نظام الأسد يغالط ويماطل ويستبيح دماء الشعب السوري، ومن المؤكد أن الخطاب الماراثوني الذي ألقاه بشار الأسد منذ اسبوعين يجهض احتمال أن يعرض هذا النظام أية مبادرة بناءة أو يقدم أي تنازل يمكن أن يسهم في مساعدة الدولة السورية على اجتياز مرحلة التغيير السياسي بطريقة آمنة .

ومن جهة ثانية، فإن القوى الكبرى مستمرة في الإخفاق المقلق بشأن التعامل مع الأزمة السياسية في سوريا، وذلك على الرغم من ضخامة الثمن الإنساني الذي يتكبده الشعب السوري على مرآى من الجميع . من المؤكد أن المطلوب على المستوى الدولي هو ليس القيام بتدخل عسكري على غرار الحالة الليبية، ولكن المطلوب هو بذل الجهود السياسية والدبلوماسية اللازمة لعزل وإضعاف واجتثاث نظام الأسد، وهو أمر لم يحدث حتى الآن بسبب انشقاق كل من موسكو وبكين عن إرادة المجتمع الدولي الهادفة إلى تحقيق هذه النتائج .

ومن جهة ثالثة، فإن عدم فاعلية قوى المعارضة السورية في جوانب مهمة من أدائها لا تزال تنتقص من قدرة هذه المعارضة على تحقيق التقدم المطلوب نحو إضعاف نظام الأسد، وتنسحب مشكلات أداء المعارضة على الذراعين السياسي والعسكري، وذلك فيما يتعلق بفاعلية أداء كل منهما على حدة، وأيضا بطبيعة التنسيق والتعاون فيما بينهما، والذي ظل محدوداً ولم يتبلور بشكل مؤسسي إلا في الشهر العاشر من عمر الثورة .

من السهل أن يقع المهتمون بالأزمة السورية والمتعاطفون مع المعاناة البشرية التي تنطوي عليها في غياهب اليأس من احتمال سقوط النظام أو احتمال نجاح الثورة، وفي حقيقة الأمر فإن هذه هي النتيجة التي يهدف نظام الأسد إلى الدفع باتجاهها، ويمتلك هذا النظام سجلاً تاريخياً من دفع خصومه وأعدائه إلى خانة القنوط والرضوخ للوضع الراهن، وذلك من خلال استخدام مزيج يتكون من السيطرة على أوراق اللعبة الاستراتيجية، والتهديد بالعنف واستخدامه حين يكون ذلك ممكناً، والتفنن في المراوغة والممطالة من أجل إضاعة الوقت، الأمر الذي يفضي في نهاية المطاف إلى استسلام الأطراف الأخرى للوضع الراهن الذي يفضله النظام الحاكم .

وفي ظل الجمود السائد والمكلف، فإن التطور الواقعي الوحيد والمهم الذي شهدته الأزمة السورية يتمثل في قرار جامعة الدول العربية التدخل السلمي، وذلك من خلال إرسال بعثة المراقبين العرب، للقيام برصد الوضع المتعلق بالاحتكاك بين قوات الأمن والشعب في مختلف المدن السورية، وتقييم مدى التزام نظام الأسد بسحب آليات العنف من الشوراع والميادين العامة، وذلك بهدف إيقاف نزيف دماء المتظاهرين المطالبين بزوال النظام الحاكم .

لقد ظل المعنيون بدراسة النظام الإقليمي العربي يطالبون خلال العقود الماضية بأن تتولى الدول العربية مهمة التصدي لمعالجة المشكلات والأزمات التي تواجه الوطن العربي، وذلك بعيدا عن تدخل القوى الخارجية، وظلت هذه المهمة مناطة بجامعة الدول العربية وذلك بوصفها منظمة حكومية وإقليمية . ومن أسف، فإن معظم المشكلات العربية ظلت بعيدة عن التناول الفاعل من قبل جامعة الدول العربية، وتم السماح للقوى الخارجية للتدخل في معالجة بعض من أهم الأزمات التي عصفت بالعالم العربي .

يستخدم نظام الأسد مزيج الأدوات المفضية إلى اليأس بهدف هزيمة ثورة الشعب السوري . لقد قررت الجامعة العربية التدخل من أجل معالجة هذه الأزمة، ولذلك فإننا نقف الآن أمام واحدة من الحالات القليلة التي تصدت من خلالها هذه المنظمة لمواجهة أزمة عربية حرجة، ويجسد الدور الذي تلعبه الجامعة العربية في هذا الخصوص التطور الوحيد الذي من شأنه أن يكسر جمود الأزمة السورية ويبعث على الأمل الحقيقي في السير بها نحو الحل . والحال كذلك، يتعين على الجامعة العربية أن تتسلح بالصبر والمثابرة وقدرة التحمل، وذلك حتى تتمكن من مجاراة نمط الإنهاك الماراثوني الذي شرع نظام الأسد في استخدامه حيال تدخل الجامعة في الأزمة .

إن التدخل السلمي العربي في سوريا هو المسار الأكثر واقعية للتعامل مع أزمة تغيير الحكم في هذه الدولة . ولذلك، لا يوجد مكان لاستعجال النتائج المترتبة من جهود الجامعة العربية تجاه الأزمة السياسية والإنسانية في سوريا، ومن الخطأ القفز إلى استنتاج إخفاق مهمة المراقبين، ولا يجب التسرع في قرار إخراج موضوع الأزمة من نطاق هذه المنظمة العربية العتيدة . وفي نفس السياق، يتعين على الجامعة أن تتخذ القرار الصحيح، وذلك بأن تستمر في التمديد لمهمة المراقبين العرب في سوريا أكثر من مرة، طالما تطلب التدخل السلمي العربي هناك ذلك . إضافة إلى ذلك، يجب أن تواجه الجامعة محاولات الإحباط والإفشال التي يتقن نظام الأسد ممارستها بجملة من الإجراءات المبتكرة التي يتعين على العقول الخلاقة المبادرة إلى استحداثها بغرض زيادة فرص نجاح دور الجامعة في الأزمة السورية .

يجب أن تستبعد الجامعة فكرة إرسال قوات عربية إلى سوريا تماما، ذلك أنها بمثابة تسليم يائس بفشل الدور الدبلوماسي الذي يجب أن تستمر الجامعة بتأديته والنجاح فيه . ويتعين أن تعمد الجامعة العربية إلى فتح جبهة من الضغط الدبلوماسي على كل من موسكو وبكين، وذلك بهدف ممارسة أدوات النفوذ السياسي الفاعل من أجل التأثير على موقفهما المساند لبقاء نظام بشار الأسد واستمرار العنف المميت الذي يستخدمه ضد شعبه .

=================

هل يستيقظ الضمير لينقذ شعب سوريا؟

الجزيرة السعودية

التاريخ: 24 يناير 2012

ناشدت المملكة عبر سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل ضمير العالم، إن كان لا يزال هناك ضمير حي، يهتم بغيره. ومع أنه ليس هناك أقسى من تأنيب الضمير فإننا نجد هناك إهمالاً وتجاهلاً وصمتاً على ما يجري في سوريا؛ فالذبح مستمر، ويجري تحت أنظار من يسمونهم بالمراقبين العرب؛ ففي خلال عشرين يوماً وُجِد فيها المراقبون العرب بسوريا دفع السوريون أربعمائة وخمسين ضحية، سقطت نتيجة تعنت النظام السوري، وغياب الضمير العالمي، بما فيه بعض ضمائر العرب.

امام هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه الأشقاء السوريون أعلنت المملكة بكل وضوح وصدق، لا يمكن المزايدة عليهما، أنها لن تقبل أن تكون ضمن شهداء الزور، وقررت سحب المراقبين السعوديين الذين كانوا ضمن بعثة المراقبين العرب.

وقد حظي سحب المراقبين السعوديين بتقدير واحترام الشعب السوري الثائر، وقبلهم بتقدير واحترام المواطنين السعوديين، الذين لا يريدون أن يكون للسعوديين دور فيما يجري على أرض سوريا من ذبح متعمَّد للشعب السوري، وأن يتم استخدامهم لتبرير الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري، والتغطية والتستر عليها.

الموقف السعودي الرافض للتغطية على الجرائم التي يرتكبها النظام السوري، الذي حصل على مهلة جديدة؛ ليرتكب مزيداً من الجرائم! يتطلب من العرب جميعاً والأسرة الدولية مسلمين وغربيين وحتى شرقيين أن تستيقظ ضمائرهم؛ فالأبرياء يُقتَلون في سوريا بدم بارد، وللأسف تُغطَّى على هذه الجريمة من قِبل مَنْ يُحسبون أشقاء للسوريين..!!

المملكة العربية السعودية وضعت العرب والمجتمع الدولي بأسره أمام مسؤولياتهم، بما في ذلك جامعة الدول العربية، التي لا تزال أسيرة حلفاء النظام السوري، الذين استطاعوا حتى الآن تأخير إنقاذ الشعب السوري من إجرامه، وكذلك منظمة الأمم المتحدة التي يشل عملها فيما يخص الأزمة السورية الابتزاز الروسي والصيني.

هاتان المنظمتان، الإقليمية والدولية، أمام اختبار صعب، اختبار الضمير الإنساني، إن كان هناك ضمير، في ظل طغيان المصالح. فالعرب، أو بالأحرى مَنْ تبقى من العرب، قدَّموا مبادرة عربية، تتضمن حلاً، يفرض على بشار الأسد تسليم صلاحياته إلى نائبه، وتشكيل حكومة وطنية، تهيئ الأوضاع لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، على غرار ما تم في اليمن، ويُطلق سراح المعتقلين، وقبل ذلك تُسحب القوات المسلحة وآلياتها، ويتوقف القتل في سوريا.

هل تستيقظ كل من جامعة الدول العربية والأمم المتحدة، وتتعاونان لتحقيق الحل العربي في سوريا، وإنقاذ الشعب السوري من المذابح اليومية التي يتعرض لها في ظل مراقبة مشبوهة ممن يسمونهم بالمراقبين العرب؟!

=================

ليست "مؤامرة خارجية"!

تاريخ النشر: الثلاثاء 24 يناير 2012

د. طيب تيزيني

الاتحاد

حين خرج شباب سوريا إلى الشوارع قبل عشرة أشهر، كانوا يدركون أن أعظم شعار يمكن أن يطلقوه بعد أربعين عاماً، يتلخص بالثلاثية الكبرى: حرية وكرامة وديمقراطية. بيد أن سادة النظام الأمني لم يدركوا، في بواكير الانتفاضة، أن تلك الثلاثية ستتحول بعد بعض الوقت من "هبَّة" طارئة يمكن محاصرتها بثُلة صغيرة من رجال الأمن وجعْلها "درساً لمن يعتبر"، إلى حدث هائل الدلالة. فلقد أطلق السادات على "الغلابا"، الذين خرجوا في مصر مطالبين بالكرامة والخبز، "انتفاضة الحرامية" منذ عدة عقود، وانتهى إلى سحقهم. وقد جاء الآن، ذوو الأربعين عاماً من حكم في سوريا "يراد له أن يكون إلى الأبد"، فوجدوا أنفسهم، شيئاً فشيئاً، أمام ما أحسوا أنه قد يجسِّد حالة يمكن أن تكون فريدة في تاريخ الثورات والانتفاضات. وبالطبع، اتضح أن ما هو حتى الآن في طور الحدث في سوريا، مختلف عمقاً وسطحاً عن "انتفاضة الغلابا" إياها في حينه.

فإذا رأى السادات في أولئك الذين لم يكونوا يملكون حتى أجسادهم، فإن الأحفاد السوريين راحوا يظهرون كباراً من حيث هم طلاَّب "عدالة - خبز" مع الحرية والكرامة والديمقراطية. وبالطبع، نحن هنا نأخذ بالاعتبار خصوصية كل من المرحلتين الاثنتين في مصر وفي سوريا، مع العلم أن الانتفاضة المصرية قدمت الآن حالة كبرى في انتصارها. وإذ ذاك "بُهتَ الذي رأى"، فراح الإعلام السوري يُنتج ما أراد له أن يكون تغطية للحدث الجديد، الذي ظهر كأنه مفاجئ. فكان، من ثم أن أُنتجت من ذلك الإعلام ثلاث مقولات، في واقع الحال "المستجد به، وتلك هي: "المؤامرة الخارجية"، و"جموع المندسِّين من الإخوان والسلفيين"، وأخيراً "دعاة الطائفية التي لا تُبقِي ولا تذر". هكذا بدأت عجلة الإعلام في النظام السوري في مواجهة "المؤامرة الخارجية المزعومة" بأطرافها المتعددة، الإسرائيلي والأميركي والفرنسي...إلخ، الذين يسعون تحت راية الاستعمار الجديد والصهيونية والامبريالية، إلى تدمير بلد عمل على مدى أربعين عاماً في سبيل خلق "وطن حر" و"شعب سعيد"، وبذلك، جرى التنكر للشعب السوري بمطالبه في التأمين لمجتمع وطني ديمقراطي، واستُبدل ب"مؤامرة خارجية" تقود حرباً ضد النظام السوري.

وملفتٌ ومؤلمٌ أن من أعلن أن أمن إسرائيل هو من أمن سوريا، لم يُساءل أبداً، أما الشعب السوري بشبابه الذين يفتقدون الحرية والكرامة والعمل، فقد أتُّهم بأنه وراء مؤامرة مدبَّرة ضد بلده. وفي هذا، جرى التنكر النظري السياسي لضرورة القيام بإصلاح للبلد يضع السُّراق والمجرمين والفاسدين المفسدين، أمام قضبان العدالة، بينما تعرض الشباب -وهم فئة ذات أهمية عظمى في المجتمع السوري لرفعهم شعارات الإصلاح الشامل- لاستباحة ربما لم تمرّ مثيلة لها في التاريخ السوري والعربي.

لقد طغى طوفان الخراب والتدمير، بدلاً من الاستجابة لشرف الإصلاح. إذ إن هذا الأخير لا يمثل رذيلة أو ثأراً، بقدر ما هو الآن فضيلة الفضائل، ناهيك عن أنه إذا بقي بلد ما هو سوريا، داشراً معرضاً للاستباحة بكل صيغها، فإن ذلك يجعله "قصراً" يعيش تحت قبضة الحطام، ومن ثم، سيكون الخطر في هذه الحال متجهاً إلى البلد ذاته ومن حيث هو. على هذا، يمكن القول إن إيصال البلد إلى هذا الحد من الحطام، إنما هو طريق لتدخّل أجنبي يجد في أسوار البلد العالية ولكن الهشّة والمُنتهكة، طريقاً لفتح أسواره هذه. وطالما عالج سياسيون ومصلحون وقادة وطنيون هذا الحال من وجهة النظر القائلة بأن ترك الوطن هشاً منهوباً مستضعفاً إنما هو إعطاء الإشارة إلى دخوله. لا يمكن أن تدخل جيوش ولا خبراء ولا غزاة وطناً من الأوطان إذا كان من يحميه غير جدير به، وهذا هو درس التاريخ البشري لمن يسعى إلى أن يمتلك القدرة على تأسيس وطن جدير هو وأهله به.

=================

مسيحيو سوريا ونظامها المتهاوي

نقولا زيدان()

المستقبل

24-12-2012

أصبت بذهول ومرارة وغضب منذ أيام، عندما شاهدت على احدى فضائيات النظام السوري المتداعي، قداساً لإحدى الطوائف المسيحية الشرقية عندما انبرى أحد الأحبار يلقي موعظة العام الجديد. فقد جاء على لسانه كلام أنكرت أن يصدر عنه. فقد وصف الحبر الجليل المعارضة السورية والانتفاضة البطولية الثائرة هناك بأنهم مجموعة من العصابات والمجرمين القتلة. لا بل لم ينسَ في موعظته المشبوهة أن يحيي الرئيس السوري القائد التاريخي الخ...! فأطرقت قليلاً وأدركت في الحال خطورة الموقف ومرامي الخطة التي يعدها النظام الدموي ليقود بها البلاد الى الحرب الأهلية، وهي الحل الأخير أو الورقة المتبقية لديه كمخرج مدمر وكارثة محققة يمكن أن تقود سوريا الى التمزق.

ان النظام السوري الساعي ليل نهار لتجميع وحشد ما أمكن من أقليات دينية واثنية، وما تبقى لديه من فلول حزبه المفلس لتعطيل عجلة التاريخ ومساره الحتمي، لمواجهة أكثرية الشعب السوري في ثورته البطولية، يسعى بكل ما أوتي لتدمير سوريا كلها في حرب داخلية متوهماً أن ينجو بنفسه فيطفو على بحر هائل من الدماء والأشلاء.

انها المشكلة نفسها واياها مشكلة الأقليات المسيحية الخائفة بلا مبرر ولا أسباب موجبة من الربيع العربي الذي، بعد أن أسقط أنظمة تونس ومصر وليبيا يدق الآن بلا هوادة ولا تراجع أبواب سوريا.

ونتساءل بحق وبقلق: أية مصلحة لنا في معاداة الشعب السوري بأكثريته الثائرة على حكم الفرد والاستبداد؟

هل نقبل أن نتحول في سوريا الى أدوات للنظام الجاثم بقوة الحديد والنار فوق صدور السوريين.

فلندرك جيداً الآن وقبل فوات الأوان ووقوع الكارثة، ان حرباً أهلية طاحنة يُعِدُّ لها النظام السوري، غير آبه، بنتائجها المدمرة وعواقبها الوخيمة، فما هو موقفنا نحن في اللحظة التاريخية الراهنة حيال هذا الاحتمال المخيف؟

علينا كأقليات مسيحية في سوريا أن نختار بين أمور ثلاثة:

- أن نلوذ بالصمت ونقبع في بيوتنا ومحالنا، فنلعب دور المتفرج غاسلين أيدينا من المعركة الدائرة، وهو موقف زري ومثير للريبة والاتهام، من شأنه أن يدخلنا في مأزق تاريخي يصعب الخروج منه سالمين.

- أن ننخرط في الحركة التاريخية للشعب السوري الثائر، لا بل أن نحتل موقع الطليعة في هذا الحراك، نقدم له العون والدعم والاحاطة، نضمد جراح النازفين في الشوارع، نواكب جنازات الشهداء ونؤوي الملاحقين والهاربين والنازحين. أليس هذا موقفنا النهضوي التنويري الطييعي نحن أيضاً أهل هذه الأرض شركاء المسلمين في صناعة حضارة مشرفة واحدة؟.

- أما الموقف الثالث فهو بالضبط الكارثة التي أعدّها لنا النظام العاتي الدموي المتربع سعيداً فوق رقاب الشعب السوري، والذي يريدنا أن نتحول الى خدام مطيعين له، فنصبح أقلية من المارقين. أليس هذا ما تدعونا إليه حفنة من الأحبار المشبوهين، فهم ونظائرهم من العمائم المرتزقة وبعض نقابات المثقفين الذين باعوا أنفسهم للشيطان، من عجينة واحدة وخبز واحد، أما الخباز فمعروف للقاصي والداني. عندها نصبح عاراً على أمتنا وشعبنا، فقد خنّا الله والمسيح وتعاليمه. أليس المسيح هو الذي دعانا كي ننصر كل مظلوم وملهوف ومضطهد، فهل يحق لنا أن ننسى قصة السامري الطيب في الانجيل؟

إننا نرفع الصوت عالياً وننادي مسيحيي المشرق قاطبة، وندعوهم أن يعوا خطورة المرحلة، ودقتها. قدرنا أن نتشبث بأرضنا وتراثنا وتقاليدنا ونسير مع المسلمين، الذين لا يضمرون لنا شراً، بل هم أخوة لنا في الوطن والتاريخ والمصير، جنباً الى جنب نكابد ونعاني ونكافح، ندفع معاً ضريبة الدم والقهر والعذاب حتى طلوع فجر جديد.

=================

نظام سوريا مسؤول عمّا يزعجه في لبنان!

سركيس نعوم

2012-01-24

النهار

النظام السوري منزعج من الشمال اللبناني السنّي، ومعه "تيار المستقبل" الذي يمثل الغالبية عند السنّة. فأبناء المنطقة المذكورة لا يخفون تعاطفهم مع الثائرين عليه ويجهرون بتأييدهم و"مساعدتهم" لهم. واركان النظام في دمشق يتهمونهم بتجاوز الدعم السياسي والمعنوي والانساني الى الدعم العسكري والمالي بواسطة التهريب عبر الحدود المشتركة. و"تيار المستقبل" لا يخفي تعاطفه السياسي ودعمه الانساني للثوار انفسهم، لكنه يؤكد في استمرار أنه لا يمارس دوراً عملانياً في تأييدهم انطلاقاً من رفضه التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة. إلا أن اركان النظام في دمشق انفسهم لا يبدون مقتنعين بذلك. وهم يحمّلون "التيار" مسؤولية التعبئة ضده لبنانياً وسنياً ومسؤولية المساعدة العملية للثوار.

والنظام السوري نفسه منزعج من الوضع الداخلي في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين كلها وخصوصاً التي منها في الجنوب. وسبب الانزعاج تحوّل المخيمات الخارجة عن سلطة الدولة من زمان مركزاً يحتشد فيه الاسلاميون الاصوليون الداعمون ثوار سوريا، ويستعدون داخله للقيام بكل انواع العمليات لمساعدتهم. ودافعهم الى ذلك إشكالية مذهبية مزمنة وارتباط نظام سوريا وبعض لبنان بايران الاسلامية التي يتهمونها، رغم تحالفهم السابق معها، بالعمل للسيطرة على قلب العالم العربي والاسلامي.

طبعاً، لا يمكن تجاهل حقيقة اساسية، وليس من باب الشماتة بل التذكير بقصر النظر من جهة والاقتناع بالبقاء الى الابد من جهة، هي ان نظام الاسد هو المسؤول الوحيد عن الذي يزعجه اليوم في المخيمات الفلسطينية وعلى الحدود اللبنانية – السورية، فهو الذي تعامل ومن زمان مع منظمات اسلامية هي وفق تصنيفه اليوم تكفيرية وارهابية وتخريبية، واستعملها في لبنان وخارجه. وهو الذي منع دولة لبنان، يوم كان حاكماً لها، من العودة الى المخيمات الفلسطينية وازالة خطرها من دون اي مس بنشاطات ابنائها من أجل فلسطين. وهو الذي رفض ترسيم الحدود اللبنانية – السورية رغم مطالبة مجلس الامن اياه بذلك ومعه لبنان الدولة. واذا كان رفض ترسيم الحدود الجنوبية، الذي قد يحرر مزارع شبعا بحجة انها تحت الاحتلال الاسرائيلي، فإن رفض ترسيم الحدود الشمالية ليس له اي مبرر. وها هو اليوم (اي النظام السوري) يحصد نتائج هذا المنع.

لماذا هذا الكلام الآن؟

ليس لوضع الملح على جرح النظام السوري، ولكن للفت اللبنانيين الى ان تزايد العنف على الحدود اللبنانية – السورية شمالاً لا بد ان يضع لبنان الدولة في موقف صعب، وفي مستقبل قد لا يكون بعيداً. فالثورة السورية تتصاعد، ويتصاعد معها دعم شمال لبنان السنّي لها. والنظام السوري بدأ يجد نفسه غير قادر على اخمادها رغم قدرته على مواجهتها مدة طويلة بسبب قوته العسكرية ودعم ايران له، ومعها روسيا. اما في لبنان ككل، فإن دعم حلفاء النظام السوري من اللبنانيين له يتصاعد داخل لبنان وفي سوريا. وهو متنوع. وينبع من كونهم الاقوى عسكرياً فيه، وقد يجدون انفسهم مضطرين الى مواجهة الاسلاميين المتطرفين الذين يشكّلون في لبنان خطراً عليهم كما على حليفهم السوري.

والموقف الصعب المشار اليه اعلاه هو ان نظام سوريا قد يطلب من لبنان الدولة، اي الحكومة، وضع حد لما يجري ضده فيه ومنه. والطريقة الافضل لذلك هي ارسال مجلس الوزراء بقرار رسمي منه الجيش الى الشمال لاقفال البؤر المتطرفة بحجة انها تمهد لاقامة منطقة متطرفة بالكامل تهدد لبنان وعيشه المشترك، كما سوريا، وتكليفه في الوقت نفسه ضبط المخيمات. ذلك ان اي طريقة اخرى لمعالجة هذا الامر، سواء كانت تولي حلفاء سوريا انفسهم ذلك مباشرة او قيام سوريا به لا بد ان تكون انعكاساته سلبية. إذ ان الطريقة الاولى تحوّل الحرب المذهبية السلمية الحالية حرباً عسكرية. اما الطريقة الثانية فقد تكون صارت صعبة بسبب الثورة و"العين الدولية" على سوريا. لكن البديل منها وضع الشمال المذكور تحت مطرقة العنف وربما الداخل اللبناني معه.

هل يتخذ مجلس الوزراء اللبناني خطوة كما المشار اليها؟

لا جواب عن ذلك حتى الآن. علماً ان عارفي لبنان واوضاعه يلفتون الى امرين قد يعوقان إقدامه على خطوة كهذه. الاول، خوف المسؤولين على وحدة مؤسساتهم الامنية والعسكرية. والثاني، خوفهم من اندلاع فتنة مذهبية تشمل لبنان كله.

==================

الجامعة العربية تطلق نظاماً عربياً جديداً

اوكتافيا نصر

2012-01-24

النهار

لا بد أن الدعوة التي وجّهتها جامعة الدول العربية إلى بشار الأسد للتنحّي عن منصبه شكّلت مفاجأة (سارّة أو غير سارة) للمشكّكين في إمكان انبعاثها من جديد.

قلت هذا قبلاً وهو جدير بالتكرار: نشهد إعادة تعريف لهذه المنظّمة القديمة وإعادة تحديد لأهدافها، بعدما كانت قد صارت عقيمة على مر السنين في انعكاس لقيادتها غير الفاعلة وأعضائها الطغاة في غالبيتهم. يظهر الآن شرق أوسط جديد نتيجة الصحوة العربية غير المسبوقة التي تستمرّ في اجتياح المنطقة من دون أي مؤشّرات لانتهائها قريباً. وتظهر الجامعة العربية أيضاً هيئةً جديدة مستعدّة للدخول في نقاش حقيقي والوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ. هذا ما يبدو واضحاً على الأقل في تعاملها مع الملف السوري.

لطالما كانت مصر مقراً للجامعة العربية، ولكن يبدو أن للمنظّمة المنبعثة من جديد تفكيراً وقلباً وقيادة مختلفة. في الواقع، تضطلع قطر بدور قيادي في التوسّط في النزاعات والعمل على التوصّل إلى تسويات حتى قبل بدء الربيع العربي. ففي عام 2008، استضافت العاصمة الدوحة السياسيين اللبنانيين المتناحرين وساعدتهم على إيجاد حل بعدما كانوا قد اعتقدوا أنهم في مأزق لا خروج منه. فقد ساهمت جرأة وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وثباته في التوصّل إلى تسوية وفي إجراء مزيد من المحادثات عام 2010.

وفي أيلول 2011، عندما تقدّمت القيادة الفلسطينية بطلب العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، تكلّم وزير الخارجية القطري باسم جميع الدول العربية الأعضاء في الجامعة العربية مبدياً الدعم الكامل لهذا المطلب.

وأدّت قطر، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة، دوراً أساسياً ناجحاً في التدخّل العسكري في ليبيا، وتحديداً في تدريب الثوّار الليبيين وتسليحهم وتمويلهم ضد الديكتاتور. ولاحقاً، روّج وزير الخارجية القطري بقوّة فكرة إرسال مراقبين تابعين للجامعة العربية، وقد وُضِعَت موضع التنفيذ بمباركة تامّة من هذه الإمارة الخليجية وبدعم من دول عربية أخرى. في نظر كثرٍ، صار حمد بن جاسم بن جبر رمز الجامعة العربية الجديدة، المصدر الموثوق به ورأس الحربة الحقيقي.

نظراً إلى الوتيرة التي تسير بها الأمور وانطلاقاً من سجل قطر ومكانتها الدولية، يمكننا أن نتوقّع أن يبدأ العرب فعلاً بالاهتمام بشؤونهم وتدبّر أمورهم بأنفسهم عوض انتظار الحلول الدولية لمشكلاتهم. لن تكون الجامعة العربية في المستقبل شبيهة بما كانت في الماضي. فالجامعة القديمة قد ولّت في حين أن الجامعة الجديدة ستعكس أكثر فأكثر الواقع على الأرض، وعسى أن تكون منصفة مع الجميع.

في خضم الانتفاضات وبناء الأمم والتكتيكات السياسية والمناورات من أجل البقاء، ترتسم معالم نظام عربي جديد، وتفاصيله مذهلة لكل من هو قادر ومستعدّ للنظر أبعد من الأزمة الفورية.

=================

الدم السوري مسؤولية دولية؟!

راجح الخوري

2012-01-24

النهار

بعد ساعات من مغادرة علي عبدالله صالح صنعاء تاركاً منصبه الرئاسي، دعت الجامعة العربية بشار الاسد الى التنحي لصالح نائبه فاروق الشرع [ليكن الله في عون الشرع] لكن سوريا ليست اليمن وبشار الاسد ليس علي عبدالله صالح.

حل عربي للأزمة السورية على الطريقة اليمنية، يفترض ان يبدأ بحوار بين النظام السوري والمعارضة في مدة لا تتجاوز اسبوعين. لكنه سقط بعد دقيقتين عندما رفضته دمشق معتبرة انه "تدخل سافر في شؤونها ومجرد بيانات تحريضية ممن يموّلون الارهاب ويسلحونه ويرتبطون بمخطط يستهدف سوريا من خلال طلب التدخل الخارجي"!

هل كان خافياً على وزراء الخارجية العرب ان الرد السوري سيأتي بهذه الطريقة وان الأسد الذي مسَّح الارض بالجامعة واهلها في خطابه الأخير متوعداً بسحق المعارضة سيضيف الى حربه العسكرية في الداخل حرباً سياسية ضدهم؟

قطعاً لم يكن هذا خافياً على احد، لكن الجامعة التي فشلت في عملية المراقبين الذين تحولوا شهود زور وانقسموا بعضهم على بعض، كانت أمام واحد من اثنين: إما اعلان فشلها وانسحابها من مسؤوليتها حيال المذبحة المتصاعدة، وإما البحث من مخرج التفافي يجعل من وقف حمام الدم مسؤولية دولية من طريق ازاحة العائقين الروسي والصيني في مجلس الأمن، من أمام اي قرار للانخراط الدولي في معالجة الازمة بأي طريقة.

وهكذا تمّ الاتفاق على مبادرة هي عبارة عن "خريطة طريق" من ست نقاط تفتح نافذة على حل سياسي لانتقال السلطة وفق "الطريقة اليمنية" وعلى الاستمرار في مهمة بعثة المراقبين كتغطية أمنية ولو قاصرة تواكب مرحلياً الحل السياسي الذي يعرف الجميع كما قلنا ان الاسد سيرفضه قطعاً!

النقلة النوعية في قرار الجامعة تتمثل في الذهاب الى مجلس الأمن للمصادقة على المبادرة العربية في شقيها الأمني المتصل بالمراقبين والسياسي المتصل بانتقال السلطة، ولا يستطيع احد هنا التحدث عن التدويل لأنه قائم أصلاً على الأقل من خلال المشروع الروسي المعروض على مجلس الامن.

ومن المعروف ان سوريا وافقت على بعثة المراقبين وكذلك روسيا والصين، وعندما تسعى الجامعة الى مصادقة مجلس الأمن على مبادرتها بشقيها الأمني والسياسي من دون طلب اي تدخل عسكري كما أكد الشيخ حمد بن جاسم، لن يكون في وسع روسيا والصين رفض هذه المصادقة التي ستجعل المسؤولية السياسية والاخلاقية عما يجري في سوريا على عاتق الشرعية الدولية التي لن تستطيع تحمّل المزيد من المذابح في سوريا.

=================

سوريا ما تزال حبلى!

طارق مصاروة

الرأي الاردنية

24-12-102

.. حتى أنه ينقصهم الخيال السياسي!!.

فالذي اجترحه وزراء الخارجية لسوريا، لم يكن غير نسخة غير محسنة للمبادرة الخليجية في المسألة اليمنية!

- يتنحى الرئيس بتعيين نائبه فاروق الشرع رئيساً مؤقتاً، وهذا جرى في اليمن بتعيين عبدربه منصور.

- تتشكل حكومة وحدة وطنية تضم النظام والمعارضة وهذا حدث في اليمن، وترأسها باسندورة. وعجز وزراء الخارجية عن تسمية رئيس الوزراء السوري ولنقل انه برهان غليون.

- عودة الجيش إلى معسكراته من الطائعين والمنشقين على علي عبدالله صالح، وهذا يمكن أن يحدث في سوريا أيضاً!!.

- ماذا بقي؟!. بقي أن سوريا غير اليمن، فلا يوجد في سوريا قبائل، بالمعنى المؤسسي، إلا بعض الطائفة العلوية والإخوان المسلمون!!. وبقي أن الدستور الذي وضعه بشار الأسد لا نعرف عنه شيئاً. فلا النظام كان يصدق أن، الناس سيصدقونه، ولا الناس اهتموا بمتابعته، سوى أن النظام تكرّم فأزال المادة الثامنة التي تقول «إن حزب البعث هو قائد الدولة والمجتمع»، وربما وجد بديلاً لها في إحدى مواد الدستور، فالنظام يقايض على كل كلمة، وما يزال ينكر وجود معارضة، ويسمى الناس بالإرهابيين والعملاء، وهو لا يصدق أن الشعب لا يريد العائلة الحاكمة، ولا ممانعتها ومقاومتها.

شيء واحد تمسك به وزراء الخارجية العرب هو تمديد عمل المراقبين الذين ضاعوا خلال يومين، بين إنتهاء مدة عملهم وتمديدها شهراً، ولا يعرف أحد ما الذي يمكن ان يتغيّر بالإبقاء عليهم.. ولعل عدم نشر تقريرهم، أو أي شيء من تقريرهم، يدل على عمق العبثية التي أملت وجودهم. فبعد ان أعلنت السعودية عن سحب مراقبيها، فإننا لا نعرف من سيبقى، ويحسن أن نسحب نحن مراقبينا، وإلاّ فإنهم سيصبحون جزءاً من الصراع غير الأخلاقي الذي يدور الآن، فيمكن أن تقتلهم «الشبيحة» أو يقتلهم المنشقون!!.

ما تزال سوريا حبلى بمزيد من الكوارث، وعلينا أن نفعل أكثر من إعداد مخيم للاجئين السوريين، فبعد فلسطين، ولبنان والعراق صرنا بسوريا!!.

=================

الخناق يضيق على الاسد

عبد الباري عطوان

2012-01-23

القدس العربي

اذا كانت المبادرة الخليجية التي جرى طبخ بنودها في الرياض وبدعم من واشنطن نجحت في اجبار الرئيس اليمني علي عبد الله صالح على الرحيل الى امريكا، عبر البوابة العمانية، فإن الذين يقفون خلف مبادرة جامعة الدول العربية، التي توصل اليها وزراء الخارجية العرب فجر امس الاول، هم خليجيون بالدرجة الاولى، ويريدون النهاية نفسها للرئيس بشار الاسد ،طال الزمان او قصر، فهؤلاء يملكون المال، والكثير منه، مثلما يملكون الدعم الامريكي الغربي، وفوق كل هذا وذاك هناك احتجاجات شعبية تطالب بإصلاحات ديمقراطية مشروعة.

الرئيس بشار الاسد يقف وحيدا تقريبا في مواجهة جامعة عربية لم تعد لبلاده هيبة فيها، ولا قدرة على صياغة قراراتها، بل لم تعد عضوة فيها، والاهم من ذلك ان ابرز حلفائه الخليجيين الذين وقف والده معهم بقوة لاخراج القوات العراقية من الكويت يريدون الآن اخراجه من الحكم، بعد ان انقلبوا عليه، مثلما انقلبوا على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين من قبله، بعد ان انتهى دوره في هزيمة ايران وتقليص خطر تهديداتها لأنظمتهم.

وعندما نقول ان الرئيس الاسد يقف وحيدا، فإننا نشير الى وقوف اصدقائه من بقايا محور دول الممانعة على الحياد ازاء هذه المبادرة العربية التي تطالبه بالتنحي، فالجزائر امتنعت، وكذلك العراق، وكان لبنان هو الدولة الوحيدة التي نأت بنفسها كليا عنها. اما الروس الذين دعموه طوال الاشهر الماضية بقوة، وحركوا حاملات طائراتهم وسفنهم الى قاعدتهم البحرية في طرطوس، واستخدموا 'الفيتو' لمنع اي عقوبات ضد بلاده، فإنهم بصدد تغيير موقفهم فيما يبدو، فلم يعارضوا المبادرة العربية ولم يؤيدوها، واكتفوا بتسريب تصريح لمسؤول كبير اسمه ميخائيل مارجيلوف المشرع وأحد ابرز المقربين للرئيس ديمتري ميدفيديف يقول فيه ان روسيا لا تستطيع ان تفعل للرئيس الاسد اكثر مما فعلته.

هذا التغيير في الموقف الروسي ربما يكون مرده الى تطابق مبادرة الجامعة العربية مع مقترحات روسية جرى تداولها بقوة قبل ثلاثة اشهر، طالبت الرئيس الاسد بتسليم السلطة الى نائبه فاروق الشرع، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تحضّر لانتخابات برلمانية ورئاسية، وتدخل اصلاحات سياسية شاملة. وتزامنت هذه المقترحات مع تصريحات قوية للزعيم الروسي فلاديمير بوتين وجّه من خلالها 'تهديدا مبطنا' للرئيس الاسد بقوله 'اما ان تبدأ بإصلاحات حقيقية او ترحل'.

النظام السوري رفض مبادرة الجامعة العربية الاخيرة باعتبارها تشكل انتقاصا من السيادة وتدخلا في الشأن الداخلي السوري، وهو رفض يذكرنا برفض مماثل للرئيس اليمني علي عبد الله صالح، ثم قبول مشروط بإجراء بعض التعديلات، وعندما جرت تلبية طلبه ماطل في التوقيع، وكل ذلك من اجل كسب الوقت، ولا نستبعد ان يتكرر السيناريو نفسه من قبل القيادة السورية.

من الواضح ان هذه الهجمة العربية على سورية ،التي تزامنت مع رحيل الرئيس صالح، تريد ان تقول اننا تخلصنا من الديكتاتور اليمني، والآن نريد ان نركز جهودنا، ونكثفها، لتغيير الرئيس السوري بالطريقة نفسها، للانتقال الى انظمة اخرى، قد يكون من بينها النظام الجزائري.

' ' '

وربما ليس من قبيل الصدفة ان تتزامن ضغوط الجامعة العربية على رأس النظام السوري مع اقرار وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي حظرا نفطيا شاملا على ايران، ودخول حاملة طائرات امريكية جديدة الى الخليج العربي عبر مضيق هرمز، في استفزاز واضح للأخيرة، واحراج لقيادتها التي قالت إنها لن تسمح بعودة هذه الحاملة او غيرها الى المنطقة. فرأس النظام الايراني مطلوب ايضا، حتى لو تخلص من طموحاته النووية، وما حدث للعقيد الليبي معمر القذافي عبرة لا بد من اخذها بعين الاعتبار.

انه الزمن الخليجي بامتياز، فالمراكز العربية الثلاثة التي صاغت تاريخ المنطقة على مدى عشرات القرون معطوبة تماما، فسورية تواجه ثورة شعبية، والعراق ممزق ويمكن تصنيفه بأنه دولة شبه فاشلة، محكومة بديكتاتورية طائفية هي واحدة من اكثر خمس دول فسادا على وجه المعمورة، اما مصر الضلع الثالث في هذا المثلث فتعيش مرحلة انتقالية صعبة ابعدتها عن كل دوائر التأثير في المنطقة.

دخول المملكة العربية السعودية على الملف السوري بقوة، او انتقال دورها وتدخلها من السرية الى العلنية، سيشكل صداعا كبيرا للرئيس الاسد ونظامه حتما، ولا نعرف ما اذا كان هذا الدخول المفاجئ هو ازاحة للدور القطري ام بالتنسيق معه، فقد فاجأ الامير سعود الفيصل الجميع عندما سرق الاضواء، وبعد صمت طويل، بإعلانه عن سحب مراقبي بلاده من فريق المراقبين العرب لان النظام السوري لم يتوقف عن قتل مواطنيه، وهؤلاء، اي المراقبون السعوديون، 'لا يمكن ان يكونوا شهود زور'. والاخطر من ذلك اندفاع الامير السعودي لعقد لقاء مع الدكتور برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري، في اعتراف نادر وسريع بالمجلس على غير عادة الحكومة السعودية التي لم تعترف مطلقا بالمجلس الانتقالي الليبي حتى بعد سقوط نظام القذافي، الذي تكن له كراهية مطلقة لأسباب يعرفها الجميع.

الدور السعودي لاسقاط الرئيس بشار الاسد قد يكون حاسما، فالسعودية تملك نفوذا قويا في لبنان وداخل سورية، واكثر من 500 مليار عوائد نفطية سنوية، وتقدم المملكة نفسها على انها زعيمة للطائفة السنية، علاوة على مكانتها كحليف واشنطن الاكبر في المنطقة.

عشرة اشهر مرت منذ بدء الانتفاضة السورية والنظام في دمشق لم يقدم اي مبادرة حقيقية للاصلاح تكون بديلا عن الحلول الامنية، فماذا كان يضيره لو اوقف آلة القتل الدموية مبكرا، وقدم كل رموزها الى المحاكم، ودعا المعارضة الوطنية الشريفة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، ودعا لانتخابات برلمانية ورئاسية مثل دول عربية اخرى، بل شكل حكومة جديدة من غير المعروفين الذين لا يجيد وزراؤها غير تأليه الحاكم وامتداح عيوبه على انها محاسن جمة.

' ' '

صحيح ان تقرير رئيس فريق المراقبين العرب امتدح تعاون النظام السوري، وتحدث عن عنف وقتل من الجانبين، واكد ان اعمال القتل خفت منذ وصول هؤلاء، وان النظام سحب آلياته من المدن، وان هناك عصابات مسلحة وقوات جيش منشقة تمارس القتل ايضا، ولكن الصحيح ايضا ان كل هذه الخطوات والتجاوبات جاءت متأخرة للأسف الشديد.

الذهاب الى مجلس الامن لتدويل الملف السوري لن يكون خطوة ناجحة، فمثلما هناك 'الفيتو' الامريكي في انتظار اي مشروع قرار عربي يدين اسرائيل، هناك الفيتو الروسي والفيتو الصيني لمنع اي تدخل دولي في سورية، والروس والصينيون لن يلدغوا مرة اخرى بعد اللدغة القاتلة التي اصابتهم في مقتل في ليبيا.

لا نعرف ما هي خطوة النظام السوري المقبلة، ولكن ما نعرفه ان الخناق يضيق عليه وعلى حلفائه الايرانيين، وقد يحتاج الى معجزة للنجاة، في زمن انعدمت فيه المعجزات. فالاستمرار في الحلول الامنية انتحار، والرضوخ للضغوط العربية اهانة، حسب مفردات قاموسه.

وهذا يعني اننا امام طريق مسدود لأمد قصير على الاقل. وربما يفيد التذكير بان السيد عبد ربه منصور هادي نائب الرئيس اليمني لا يشرف على المرحلة الانتقالية في اليمن، بل هو مرشح التوافق لانتخابات الرئاسة، فهل نرى السيد فاروق الشرع نائب الرئيس السوري يقوم بالدور نفسه، وهو ابن درعا حيث انطلقت شرارة الانتفاضة الاولى؟

هناك من يتحدث عن هروب الى الامام، اي حرب مع اسرائيل، تقلب كل المعادلات في المنطقة، او حرب ايرانية امريكية، او ايرانية اسرائيلية في الخليج تفعل الشيء نفسه، ولكن الاكثر ترجيحا في حال عدم تحقق اي من الاحتمالين المذكورين، ان تنزلق سورية الى حرب اهلية دامية، خاصة ان الانشقاقات تتزايد في صفوف الجيش، والثورة المدنية تتحول بسرعة الى انقلاب عسكري.

=================

في المستوى الطائفي للنظام السوري

الثلاثاء, 24 يناير 2012

عمر قدور *

الحياة

بين أن يكون النظام السوري طائفياً، أو أنه يستغل المسألة الطائفية، نقاشٌ قديم متجدد يجد فيه أنصار كل رأي منهما ما قد يدعم فرضيته. ومن المؤكد أن اندلاع الانتفاضة السورية قدّم فرصة كبيرة للحديث في الشأن الطائفي؛ هذه المرة بمعزل عن «الحياء» والتوريات التي كانت تتخلل الحديث عادة، وإن كان التسليم بتفاقم الأزمة الطائفية محفوفاً بالمخاطر الفكرية والواقعية، من حيث أنه يبني على مظاهر الأزمة، وعلى وعي مأزوم أو أقلّه حائر إزاء التحول الجذري الذي تعد به الانتفاضة.

كما بات معروفاً خلع النظام برقع الرياء، وأسفر منذ بدء الانتفاضة عن رؤيته للمسألة الطائفية فقدّم نفسه بصفته حامياً ل «الأقليات»، وعلى الأخص حامياً للطائفة العلوية، مع ما يقود إليه هذا الوصف من اعتراف صريح بأنه نظام «أقلوي» مضاد لإرادة «الأكثرية»!. في الواقع إن تموضع النظام هكذا يغري أنصاره، وبعضاً من خصومه، بتصديق ما يدّعيه لنفسه من دون التساؤل عن أحقيته بذلك، فكما هو معلوم لم تفوّض أيّ من الطوائف المعنيّة، بما فيها الطائفة العلوية، هذا النظام بتمثيلها أو باحتكار تمثيلها إلى الأبد. لكن ليس بوسعنا أن ننكر على النظام نجاحه، وإن يكن موقتاً، باستقطاب فئات واسعة من «الأقليات» لاقت رواية النظام صدى لديها بسببٍ من مخاوفها من التغيير، أو بسببٍ من مصالح حقيقية مع النظام لا يتمّ التصريح بها علانية، فيُترك للتعبير الطائفي أن يغطّي على الفساد الذي يشوب هذه المصالح.

إن غادرنا لغة التورية التي يعتمدها النظام رسمياً، وتتجلى مراميها واضحة في منطوق أنصاره «اللبنانيين بخاصة»، سعى النظام منذ بدء الانتفاضة إلى تكريس روايته عن «ثورة سنية أصولية» ضد حكم «علماني»، ما دفع بعضاً من معارضيه إلى وصمه بما يرونه أقرب إلى الواقع ك «حكم علوي». والواقع أن اتهام النظام على هذا النحو لا يثير حفيظة ممثّليه إلا علناً، لأن هذا الاتهام يكرّس من جانب آخر ما يريده النظام من تصوير للانتفاضة على أنها مشروع حرب أهلية طائفية يقوم بها السنة ضد العلويين، وبذلك يكسب ولاء الطائفة العلوية ويحتمي بها، ويضمن حياد «الأقليات» الطائفية الأخرى التي لن ترى لها في مثل هكذا حرب ناقةً أو جمل!.

المفاجئ، ربما، هو النجاح الساحق الذي حققته رواية النظام في أوساط الطائفة العلوية باستثناء جزء من الشباب انضوى في الانتفاضة، حيث يصعب ردّ ذلك إلى المشاعر الطائفية فقط، بخاصة إن استذكرنا ما لاقاه النظام من معارضة في أوساط الطائفة نفسها في عقد السبعينات وحتى منتصف الثمانينات. وحتى إن أخذنا المخاوف الطائفية بالحسبان فإنها لا تكفي وحدها لتبرير الاصطفاف الحالي خلف النظام لمَنْ كانوا حتى عهد قريب يجهرون بمعارضتهم له، فالمخاوف المصاحبة للأزمة قد تأخذ طابعاً شعبوياً معمّماً، لكنها ليست بذلك الأثر الكبير ما لم تكن مستندة إلى شبكة من المصالح الحقيقية التي تبدو مهددة بخطر شامل. إن أسهل ما يمكن استنتاجه هنا هو أن معارضةَ هؤلاء لم تكن جذرية أو جادة أصلاً، وبذلك تُغفل حقيقة أن المئات منهم قضوا سنين طويلة في معتقلات النظام، وأنهم رفعوا شعار إسقاطه في زمن سابق.

منذ مواجهة النظام مع الإخوان المسلمين في مطلع الثمانينات طرأ تحول على سلوك النظام، ويرى البعض أنه منذ ذاك الحين بدأ يعد العدة من أجل هذا اليوم، بما في ذلك توريط الطائفة العلوية أكثر فأكثر في حمايته وفي دمج مصيرها بمصيره. ففي الوقت الذي اتجه النظام إعلامياً إلى محاباة الإسلام السني، والتساهل مع الجمعيات الدينية الأهلية، أو رعايتها حتى، فإن قطاعين اثنين كانا محور الاهتمام الحقيقي هما الجيش والاستخبارات، حيث بات الولاء التام مطلوباً فيهما، ولم يعد مسموحاً بأية شبهة للتمايز أو الطموح الشخصي، ولأن السبيل الأقصر والأسهل لتأمين الولاء كان الاعتماد على علاقات القرابة فقد اتخذت سياسة النظام منحيين متضافرين؛ أولهما التخلص من الضباط الكبار من أبناء الطائفة العلوية؛ أولئك الذين قد يشكّل بقاؤهم تهديداً أو انتقاصاً من السيطرة الكلية للنظام، وثانيهما الاعتماد على ضباط مغمورين من أبناء الطائفة، يعتمد انتقاؤهم على عدم وجود حيثية شعبية تمنحهم ثقلاً خاصاً بمعزل عن ولائهم للسلطة.

وحيث كان الجيش والاستخبارات أقصر طريقين للشعور بامتلاك السلطة، حتى إن كان شعوراً كاذباً، فقد استُغلّت حاجة أبناء الطائفة إلى مصدر للرزق لدفعهم أكثر إلى التطوع في الجيش والاستخبارات، ولأن التطوع لا يحتاج إلى مستوى مرموق من التحصيل العلمي فقد أدى ذلك عملياً إلى تشجيع آلاف الشباب على الإحجام عن التحصيل العلمي، من دون أن ننفي عن بعضهم نوازع السلطة والكسب السريع المتحقق من خلال فساد هاتين المؤسستين.

إن توريط فئات واسعة من أبناء الطائفة في مؤسستي الجيش والأمن لم يكن بمعزل عن السلوك العام للنظام، ففي الواقع لم تتميز المناطق التي تحتوي على غالبية علوية بمستوى عالٍ من التنمية الاقتصادية، بل على العكس تبدو فلسفة النظام وكأنها انبنت طويلاً على عدم تأمين مستوى لائق من التنمية ما دفع أبناء الطائفة إلى ما يشبه التهجير القسري إلى حيث تتواجد مراكز السلطة. المحصلة المخادعة لما سبق هي إحساس فئات واسعة من أبناء الطائفة بأنها مدينة للنظام بتأمين مصادر رزقها، وإحساس فئات أخرى بالأمان بسبب قربها، أو قرابتها، من مراكز الثقل العسكري والأمني. لقد استفاد النظام جيداً من تقديم فتات السلطة وفتات المكاسب الاقتصادية إلى أبناء الطائفة العلوية، مع التركيز طوال الوقت على حرمان أبنائها في ما سبق، وبحيث يبدو ما يقدّمه متصلاً بمحسوبيات طائفية لا بحقوق واجبة لهم كمواطنين، وليس من المصادفة أبداً أن تركز قناة تلفزيونية موالية على المقارنة بين ما كان عليه أبناء الطائفة قبل هذا النظام وما آلت إليه الأحوال في ما بعد دون أدنى اعتبار للتطور الزمني الطبيعي الحاصل في العالم كله، وبالطبع مع إغفال الحقوق المهدورة لهم أيضاً بحكم الفساد والاستبداد.

لقد تعاطى النظام مع الجميع بآلية الرشوة، وهذا ما يجب تفكيكه إذ باستثناء أمراء الفساد لم يحصل أحد من أية طائفة سوى على الحد الأدنى مما ترتبه حقوقه كمواطن، ووجود نوع من التمييز في بعض القطاعات لا يلغي هذا الواقع، وإذا كانت الانتفاضة تعد بإلغاء التمييز فإن ذلك ينبغي أن يكون في إطار تحصيل مستوى أعلى من الحقوق للجميع من دون استثناء.

* كاتب سوري

=================

الحرب الأهلية في سورية

الثلاثاء, 24 يناير 2012

سيريل تاونسند*

الحياة

في 10 الشهر الجاري، توجّه الرئيس السوري بشّار الأسد إلى جمهور تمّ اختياره بعناية في جامعة دمشق بالقول إنّ «أولويتنا هي استعادة الأمن... ولا يمكن بلوغ ذلك إلا من خلال ضرب الإرهابيين بيد من حديد. فلن نتساهل مع من يتواطأ مع الأجنبي ضد وطنه».

ووصفت صحيفة «التايمز» خطابه الذي دام نحو ساعتين على أنه «مضلل واستفزازي». فقد كان أداؤه سيئاً. ويدل ظهوره هذا على أنه وزملاءه بعيدون عن الواقع في بلد انجرّ إلى حرب أهلية معقّدة.

يلقي الرئيس الأسد اللوم على القوى الخارجية وليس على إخفاقه في فرض الإصلاحات التي كان الشعب في حاجة ماسّة إليها. ولن تكون سياسة القمع والقتل والتعذيب والسجن كافية من أجل قمع الانتفاضة. لقد خسر دعم شعبه ولم يعد بوسعه استعادته. أما بالنسبة إلى الأشخاص الموجودين خارج سورية، فالأمر أشبه بمشاهدة تراجيديا يونانية بطيئة ومروّعة علماً أن عدداً كبيراً من الأشخاص سيختار تحويل نظره عن هذا المشهد.

لقد تحدّث الرئيس الأسد عن دستور جديد يضع حدّاً لاحتكار حزب البعث السلطة. ولو أعلن هذا الاقتراح قبل عشرة أشهر على تبني حملة إطلاق النار على الشعب السوري لكان تفادى سقوط هذا العدد من الضحايا. في بداية هذه السنة، يعتبر ما يحصل مثيراً للشفقة وعبثياً. فقد دخلت سورية في فوضى مذهبية.

وحمل الرئيس على جامعة الدول العربية التي أرسلت فريقاً من المراقبين إلى سورية بالقول «لقد أخفقت جامعة الدول العربية على مدى ستة عقود في حماية المصالح العربية ... ويجب ألا نفاجأ بأنها أخفقت اليوم».

لكن وعلى رغم المشاكل الكبيرة التي تواجه فريق المراقبين الذي يضم أكثر من مئة شخص، فهي مبادرة جدية تهدف إلى المساعدة. وفيما زار المراقبون نقاطاً ساخنة والتقوا مئات المتظاهرين، لا يمكنهم بالطبع حماية الأشخاص الموجودين في الشوارع في مدينة تلو الأخرى.

فضلاً عن ذلك، جاء اختيار الضابط السوداني محمد الدابي لقيادة فريق المراقبين غريباً. ويفترض أنه نظّم ميليشيات «الجنجاويد» في السودان التي ارتكبت أعمالاً وحشية أذهلت العالم في دارفور. ولذلك كان غريباً إيلاء هذه المهمّة لهذا الضابط.

تنص خطة الجامعة العربية على وجوب سحب الدبابات السورية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وبدء محادثات جدية مع المعارضة. واعتبرت المنظمة الأميركية «هيومان رايتس ووتش» أنّه تمّ إخفاء السجناء في قواعد عسكرية. وتشير تقارير من سورية إلى أنّ الدبابات تنتظر الحصول على أوامر إضافية لتتحرّك في ضواحي المدن والقرى.

ويبدو أنّ الضغوط تتزايد على الرئيس السوري. إذ يقال إنّ ثلث السوريين عاطلون من العمل والعملة تدهورت. كما تواجه مجموعة المعارضة الأساسية، «المجلس الوطني» مشاكل في داخلها إلا أن هذا الوضع قد يتغيّر.

ومن الناحية العسكرية، فإن «الجيش السوري الحرّ» الذي يضم منشقين عن الجيش النظامي نظّم صفوفه وعدد أعضائه يتزايد في شكل مستمر. كما يبدو أن ألفي عضو في قوات الأمن قتلوا في النزاع. ويجب الإقرار بأنّه يتمّ تهريب عدد كبير من الأسلحة والذخائر إلى «الجيش الحرّ».

كما برزت دعوات في أميركا وأوروبا ليتدخّل الغرب عسكرياً. لكن، في الواقع تبدو أوروبا قلقة من أزمة الديون الحادّة فيما أميركا منهمكة بالتحضير للانتخابات الرئاسية.

وما من سبيل كي يتدخّل الغرب عسكرياً لا سيّما أنّ حلف شمال الأطلسي متعب ومتأثّر بالتقليص المستمر في موازنة الدفاع. حتى أنّ عدداً كبيراً من دول الحلف بما فيها ألمانيا لم يشارك في الحملة العسكرية في ليبيا.

* سياسي بريطاني ونائب سابق

=================

انقلاب عربي على الأسد

الثلاثاء, 24 يناير 2012

الياس حرفوش

الحياة

باختيار نائب الرئيس السوري فاروق الشرع لقيادة المرحلة الانتقالية في بلاده، تحاول الدول العربية إحداث انقلاب من داخل النظام السوري على نفسه. بمعنى ان يذهب الرئيس ويحافظ النظام على قواعده الامنية والعسكرية والسياسية، وتتاح له فرصة المشاركة في التخطيط للمرحلة الجديدة المفترضة.

حلّ يمكن ان يعتبر مثالياً من وجهة نظر أي نظام يشعر انه مقبل على التداعي، ومن مصلحته انقاذ ما امكن، والتمسك بأي طوق للنجاة. ولكن، هل يشعر نظام الرئيس بشار الأسد أنه على هذه الحال؟ بل... هل يشعر ان هناك امكانية لاستمرار نظامه بعيداً عن حكم العائلة التي بات اسمها مرتبطاً ارتباطاً عضوياً بالدولة (سورية الأسد) منذ اكثر من اربعة عقود؟

لا تسمح نظرية «المؤامرة» للنظام السوري بالنظر الى وضعه من زاوية انه مقبل على ايامه او شهوره الاخيرة. هو على العكس يشعر ان «المؤامرة» هي التي تمر بمراحلها الاخيرة، كما كان واضحاً من كلام الرئيس السوري في ساحة الامويين قبل اسبوعين. يصعب امام موقف كهذا اقناع النظام بأن الاحتفاظ بالجزء خير من ضياع الكل. فهو يشعر انه لا يزال قادراً على استعادة المبادرة بعد هزيمة «المتآمرين».

هذا من جهة. اما من ناحية تنظيم المرحلة الانتقالية كما اقترحتها الجامعة، اي بأن يبقى الأسد رئيساً صورياً ويتولى فاروق الشرع «الصلاحيات الكاملة» كما جاء في البيان، فهذه محاولة خداع للنظام السوري تقوم بها الجامعة ولا يمكن هذا النظام ابتلاعها بسهولة. اولاً لأنه لا يوجد اي بديل، سواء كان الشرع او سواه، يستطيع تحمّل اكلاف السير في خطة انقلابية كهذه والموافقة عليها، وثانياً لأن الرمزية المذهبية الواضحة في عرض انتقال السلطة بهذه الطريقة تهدد سورية بحرب اهلية حقيقية، اين منها ما يجري الآن في المدن السورية. اذ في هذه الحالة، لن يأخذ الانقلاب على بشار الأسد طابع المحاولة الاصلاحية فقط، بل سيكون العنوان الذي سترفعه القيادة السورية في وجهه هو العنوان المذهبي، الذي يقسّم سورية عندها عند خطوط عمودية واضحة تحت هذا العنوان.

ومن الصعب افتراض ان الوزراء العرب الذين اقترحوا حلاً من هذا الطراز لم يكونوا يدركون رد الفعل الفوري الذي سيواجَه به اقتراحهم من جانب النظام في دمشق. ولمّا لم تكن دمشق قادرة على الافصاح عن الاسباب الحقيقية للرفض، كما عرضناها، لم يكن امامها سوى حجة «التدخل في الشؤون الداخلية» لترفعها في وجه القرار العربي. مع انها تدرك، او انها كان يجب ان تدرك، ان هذه الحجة سقطت، اولاً عندما وافقت دمشق نفسها على وجود مراقبين عرب على اراضيها ليراقبوا سلوكها حيال مواطنيها، ثم لأن دمشق كانت طرفاً «متدخلاً» بكل ما تعنيه الكلمة في شأن جارها اللبناني لسنوات طويلة، تعيّن الرؤساء وتجدد لهم وتخلعهم عندما تشاء، وتحت الغطاء العربي والدولي نفسه الذي تشكو منه اليوم. هذا فضلاً عن تدخلها المستمر في الشأن الفلسطيني، منذ ايام ياسر عرفات الى اليوم، وتحت شعار المسؤولية القومية التي تتحملها سورية عن هذه القضية، والتي كانت تصل الى حدود تخوين القادة الفلسطينيين والشك في اهليتهم لقيادة قضيتهم.

غير ان كل هذا لا يمنع ان الانقلاب العربي على الاسد لن يكون له حظ افضل من العروض الاخرى التي حاولت تسوية الازمة السورية. فدمشق تراهن على ان القرار العربي يفتقر الى الانياب لتنفيذه. اما بديل التدخل الدولي فما زال في علم الغيب، طالما ان الاثمان اللازمة لم تُدفع ل «الممانعين» على طاولة مجلس الامن.

=================

هل هناك من يتساءل داخل القيادة السورية؟

علي إبراهيم

الشرق الاوسط

24-1-2012

رفض النظام السوري عبر مصدر رسمي في خبر بثته وكالة الأنباء الرسمية، المبادرة العربية التي رسمت خارطة طريق مشابهة لما حدث في اليمن لتسليم شبه سلمي للسلطة، ليفتح الباب على أسئلة كثيرة، على رأسها: وماذا بعد؟ وهل تكون الخطوة التالية هي اللجوء إلى الحل الدولي؟

لكن الرفض نفسه يطرح تساؤلات، أولها: هل ذلك هو الموقف النهائي للنظام هناك؟ أم إن الباب لا يزال مواربا؟ فتجربة المبادرات العربية في الحالة السورية شهدت مواقف متضاربة من قبل النظام في دمشق، آخرها مهمة بعثة المراقبين العرب التي اعتبرت في البداية انتهاكا للسيادة السورية ثم أخذت أسابيع من الاستفسارات والرسائل والردود من جانب دمشق والجامعة، وتعديلات في البروتوكول العربي، حتى تم قبول استقبال المراقبين الذين أثاروا هم أنفسهم جدلا لم يتوقف حتى الآن.

لن يكون غريبا أن يحدث سيناريو مشابه للخطة العربية التي قدمت بعد اجتماع وزراء الخارجية العرب، وأن يحاول النظام في سوريا التفاوض حولها ويقدم استفسارات ثم طلب تعديلات.. إلى آخره، كما حدث مع بعثة المراقبين، في محاولة لشراء الوقت.

فحتى لا نخدع أنفسنا، لم يكن قرار قبول المراقبين العرب في سوريا إلا خضوعا للضغط ومحاولة لشراء الوقت، على أمل أن تتمكن القوات الأمنية من قمع الثورة هناك وإجهاض بؤر التوتر، بدليل أن وتيرة القتل واقتحام المدن لم تتوقف، وعلى العكس، تصاعدت ووصل عدد القتلى بوجود المراقبين العرب إلى بضع مئات.

إذن، الضغط هو الذي يؤدي إلى تحريك الموقف. وبالتالي، فإن الخطة العربية التي رفعت سقف التحرك العربي تجاه ما يحدث في سوريا، أضافت ضغطا جديدا على النظام هناك، مع إبقاء الباب مواربا لخروج آمن على طريقة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح. وهي نصيحة كان قدمها المنصف المرزوقي الرئيس التونسي في حواره مع «الشرق الأوسط» عندما تحدث عن سوريا، وقال: «يجب عدم إغلاق الأبواب الأربعة أمام نمر جريح، وأن يترك له منفذ». والمهم طبعا أن تفهم الرسالة ويقبل المقصود بها هذا المنفذ.

نحن أمام المشهد الأخير في الثورة السورية.. هذه حقيقة بدأت تتضح ويدركها الجميع خارج وداخل سوريا؛ الحكم والمعارضة هناك، والأطراف الإقليمية، عربية وغير عربية، والقوى الدولية. فقد حصل الأسد على الكثير من المهل والوقت، ولم يقدم حلولا حقيقية، كما لم يستطع أن يقضي على الثورة التي كسرت حاجز الخوف، وبدأت ترد بالسلاح على السلاح الموجه لها، وأصبحت الأوضاع على الأرض تتغير يوميا لغير صالح النظام الذي بدأ يفقد السيطرة على مدن ومناطق بكاملها.

وإذا كان لا أحد يستطيع معرفة ما يدور داخل كواليس الحكم والمؤسسات السورية، فلا بد أن الخطة العربية ألقت بحجر في الماء الذي لا نعرف ما إذا كان راكدا أم لا داخل كواليس الحكم والمؤسسات الرسمية. ولا بد أنها ستدفع شخصيات أو مسؤولين فيها إلى التساؤل: هل يساوي الحفاظ على بقاء الرئيس تدمير البلد ومؤسساته ونزف الدم المستمر وقتل الشعب، والانشقاقات المتواصلة في الجيش والقوات الأمنية. والمؤمل أن يهتدوا إلى الجواب المناسب إذا كان هناك حس بالمسؤولية، وإذا كانت هناك شجاعة في طرح مثل هذه التساؤلات.

هل هناك من يطرح هذه التساؤلات داخل القيادة السورية؟ هذا ما ستكشفه الأيام المقبلة.

=================

الأسد فوق الشجرة!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

24-1-2012

بعد المواقف والقرارات العربية، الصادرة يوم الأحد الماضي بالقاهرة، إثر الاجتماع الوزاري العربي هناك، فإن المؤكد اليوم هو أن طاغية دمشق قد بات فوق الشجرة، كما يقول المثل، فمن سيقوم بإنزاله؟ فأحداث يوم الأحد، سواء المواقف أو القرارات، لها مدلولات كثيرة ومهمة.

فهناك الموقف السعودي الشجاع، والمسؤول، الذي مثله وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، بلقائه المعارضة السورية، وبعدها خطابه المهم جدا، الذي ألقاه باجتماع الجامعة، ووضع فيه النقاط فوق الحروف، خصوصا عندما رد على تهجم الأسد على الدول العربية بالقول: «هل من شيم العرب أن يقتل الحاكم شعبه؟!».. والأمر الآخر أيضا هو المبادرة العربية الجديدة تجاه سوريا، التي تعني أن طاغية دمشق بات واقعا بين كماشتي المقص؛ فالمبادرة العربية تعني رحيله من السلطة، ورفضها يعني مناطحة مجلس الأمن.. والمفارقة هنا أن رئيس الوزراء القطري، الشيخ حمد بن جاسم، يقول: إن المبادرة شبيهة بالمبادرة الخليجية باليمن. وهي المبادرة التي انسحبت منها الدوحة، ونعتتها بالفشل، ونقول مفارقة لأن الشيخ حمد يفعل اليوم مبادرة مثيلة لها بسوريا، ويوم مغادرة صالح صنعاء!

لكن هذا ليس موضع النقاش؛ فالمهم بالمبادرة العربية الجديدة تجاه سوريا، التي تنص على حوار، ودستور جديد، وانتخابات برلمانية ورئاسية، تحت إشراف عربي ودولي، وبتواريخ محددة، وبعد أن يفوض الأسد نائبه الشرع.. المهم أن تلك المبادرة جاءت بإجماع عربي، مع تحفظ جزائري على إرسال المبادرة لمجلس الأمن، مما يعني أن التدويل قد وقع لا محالة، وعلى الرغم من نأي لبنان بنفسه عن تلك المبادرة، فإن لبنان أصلا نأى بنفسه عن العالم العربي منذ باتت حكومته هي حكومة حزب الله، وذلك كله يعني أن حلفاء الأسد، قد باعوه بموافقتهم على المبادرة العربية الجديدة، وأبرز البائعين: العراق، والجزائر، التي تمثل قصة أخرى غير قصة حلفاء إيران.

والإجماع العربي هنا يعني أن الأسد بات وحيدا، وعليه اليوم قبول المبادرة العربية، مما يعني رحيله، أو عليه إعلان رفضها، وبالتالي مناطحة مجلس الأمن؛ فلقاء الأمير سعود الفيصل بالمعارضة السورية، وكذلك نص خطابه، يعنيان أن السقف العربي قد ارتفع كثيرا؛ حيث لا مجال للحيل الأسدية؛ فالمعارضة السورية باتت قاب قوسين أو أدنى من الوصول للاعتراف العربي بها، بل إن المبادرة العربية الجديدة تعني اعترافا ضمنيا بالمعارضة السورية؛ حيث إن على نائب الأسد مفاوضتها رسميا، وفق المبادرة العربية. وهنا تبقى نقطة مهمة، هي: أن الأوضاع على الأرض لا تسير بشكل يساعد النظام الأسدي، بل إنه يتعرض للخسائر المستمرة، ناهيك عن كسر الهيبة الممنهج، خصوصا مع سقوط بعض المناطق السورية بأيدي «الجيش الحر»، وذلك كله يعني أن الأوضاع على الأرض قد لا تمهل الأسد حتى فرصة التفاوض، وهذا هو المتوقَّع.

وعليه فإن واقع الحال اليوم يقول إن الأسد بات معلَّقا على الشجرة، فمن يقوم بإنزاله من هناك: المبادرة العربية، أم الثوار، أم مجلس الأمن؟

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ