ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 03/01/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

هل تفجر إيران حرباً جديدة في الخليج؟!

يوسف الكويليت

الرياض

2-1-2012

 الممرات المائية الدولية ليست مجالاً للتلاعب حتى لو كانت في أرض ذات سيادة عليها، لأن تعطيل مصالح دولية أساسية أمر مرفوض قانوناً، وقد شهدنا كيف تسببت قناة السويس في عدة حروب، سواء أثناء الاعتداء الثلاثي، بعد تأميمها، أو حرب ١٩٦٧م التي تسببت في إغلاقها عدة سنوات بعد استيلاء إسرائيل عليها إلى أن تحررت عام ١٩٧٣م..

الجدل الدائر الذي ينذر بصدامٍ عسكري بين أمريكا وحلفائها بما فيهم إسرائيل، وبين إيران حول تسلحها النووي، دفع إيران، بعد المقاطعات الاقتصادية بما فيها احتمالات النفط، لأن تنذر العالم بأنها ستغلق مضيق هرمز الذي يمر من خلاله معظم نفط العالم الصادر من دول الخليج، وإيران..

الموضوع، إذا ما خرج عن السيطرة، فسوف يشعل حرباً يكون أول المتضررين منها إيران، ولا نظن أنها ستدخل في مجابهة مع قوى تفوقها في كل شيء، ولديها رصيد من فرض إرادتها، وتذليل القوانين لصالحها، كذلك هناك دول مثل الصين وروسيا اللتين لايمكنهما قبول ضرر اقتصادي يلحق دولاً، هي في الأساس، تعيش أزمة مالية، ولها مع البلدين اتفاقات ترقى على مبادلاتهما مع إيران، وسيكون الخطأ هذه المرة مجازفة غير واعية، لأن ظهر إيران سيبقى مكشوفاً، ولن تجد المساندة في مثل هذه القضية من أي دولة، لأن أي مساند لإيران لا تريد أي دولة الدخول في مأزق عالمي يرتهن إلى مجازفات دولة لا تدرك معنى مسؤولياتها الأدبية والأمنية..

لقد وقعت، إيران، بتصرفاتها وتصريحات مسؤوليها في محاولة خلق اضطرابات بدول الخليج تحت مبدأ تصدير الثورة، واعتبار الأقليات الشيعية جزءاً من نطاقها الطائفي، ومسؤولة عن حمايتهم، رغم مواطنتهم وعروبتهم التاريخية، في مأزق، إذ نسيت أو تناست أنها تضطهد السنة ولاتسمح لهم في داخلها حتى ببناء المساجد، بل تشكك في الشيعة العرب من الأحواز معتبرة جذرهم القومي لا يعطيهم سلامة النوايا، إضافة إلى عقدة تاريخية عند الفرس من كل ما هو عربي، هذه الاعتبارات فرضت على الدول العربية الخليجية الدخول في سباق للتسلح للدفاع عن كيانها وأمنها..

شعور إيران بأنها تفقد أحد أهم مرتكزات تحالفها مع سورية والنتائج السيئة لها في حال سقوط نظام الأسد الابن، وتطويق حزب الله، وكذلك ما سببته عمليات الحصار من ضغط ليس فقط على الصرف الهائل على التسلح، بل على الشعب الذي لا يمكنه الانسياق وراء جنون سلطة لا تقدر مفهوم العلاقات الدولية، دفعها لأن تحاول إنذار دول الغرب بأنها ستقوم بمناورات في الخليج العربي، وإطلاق صواريخ بعيدة المدى، وكل هذا لا يخيف دولاً ذات مرتكزات عسكرية وسياسية تؤثر في العالم كله، وكنا نتمنى من إيران أن تأخذ العبرة من عراق صدام، وليبيا القذافي، وكيف كانت روسيا هي من يدّعي الحليف مع الدولتين، وقد قامت دول الغرب باحتلال العراق وإسقاط القذافي، وكان رد الفعل الروسي مجرد تصريحات وهو ما سيسير بنفس الاتجاه في حال أي تطور سلبي مع إيران..

=================

سوبرمان لن ينقذ الشعب السوري!!

جمال بن حويرب المهيري

التاريخ: 02 يناير 2012

البيان

مرّ عام 2011 كأنه حلمٌ مزعجٌ ثقيلٌ على كثير من الناس في العالم بسبب الأزمات الاقتصادية العالمية والقلاقل السياسية والثورات الشبابية وحالة الترقب الشديد لما سيحدث غداً في كل يوم منذ الثورة البوعزيزية في تونس حتى الثورة السورية التي يسقط من جرائها كثير من الأرواح البريئة بلا ذنبٍ ولا جريمةٍ سوى انهم يطالبون بحرياتهم وأقل ّحقوقهم المدنية المسلوبة بغير حقٍّ لأكثر من 40 سنة بدعوى العروبة والقومية والاشتراكية التي لم تكن إلا وبالاً على أهلها وعذاباً على أصحابها الذين نادوا بها أول الأمر ثم أصيبوا بنيرانها بعد ذلك، وأكلَ بأفكارهم ودعواتهم غيرهم من المتسلقة الأذكياء أهل البطش والقلب الحجري الأجوف.

ومن المضحك المبكي أنّ فرنسا قامت باحتلال سوريا قديماً ففزع العرب لوقائع القتل المتعمدة آنذاك وطالبوا بالجهاد المقدس ضد فرنسا، وأثارت هذه الحوادث قلوب الشعراء حتى قال أميرهم أحمد شوقي «رحمه الله تعالى» يبكي دمشق ويحث العرب على التحرك لوقف المجازر:

سلامٌ من صبا بردى أرقُّ ودمعٌ لا يكفكفُ يا دمشقُ

ومعذرة اليراعةِ والقوافي جلالُ الرزء عن وصفٍ يدقُّ

نعم كان في ذلك الوقت جلال المصيبة يلجم الألسنة عن النطق والوصف، فما ظنكم والقاتل اليوم هو من لحم ودم المقتول ماذا سيقول أحمد شوقي لو خرج علينا ورأى هذا الحال الذي نحنُ فيه؟، والله إنه أمرٌ لا يصدق: شعبٌ يقتلُ كل يومٍ بيد أهله وحكومته ولا يُفعل شيء سوى انتظار قرارات الجامعة العربية!!

*هناك من يقول: «ليست سوريا من مواضيعنا المهمة»، وبعضهم يقول: «دعِ الخلق للخالق»، وآخرون يقولون: «دعهم يسوّوا قضيتهم بينهم»، ومنهم من ينادي: «اللهم عافنا مما ابتليت به كثيراً من خلقك»، كأن هذا الأمر لا يعنيهم أو هم ينتظرون أن تقوم الدول الغربية الكبرى بالتدخل وتفعل كما فعلت في ليبيا بطلب من الجامعة العربية أو أنهم يظنون أن هناك مجموعات خارقة كسوبرمان ستأتي وتحل هذه المصيبة التي يصلى بنارها الشعب السوري كل يوم والأمر ليس كذلك فالثورة السورية لن تتوقف لأنها إن توقفت قضي على أهلها عن بكرة أبيهم وليس ثمة من حلٍّ إلا التضامن العربي الشعبي الكامل مع أهلنا في الشام بكل ما نستطيع فعله حتى تزول عنهم هذه الغمة اللعينة التي قهرتهم وكبتت على أنفاسهم من غير رحمة ولا خوف من الله.

أيتها الحكومة السورية العربية ويا فخامة رئيسها بشار يا طبيب العيون الذي قرأت لك مقابلة وأنت يومها تدرس طب العيون وقد سألك المحاور: هل تنوي الدخول في العمل السياسي؟ فقلت له: لا طبعاً أنا أحب مهنتي وسأبقى طبيب عيون!! ها قد شاء الله أن يكون مصير سوريا في يديك وقد تركت عملك السامي في مجال الطب لإصلاح سوريا من تراكم المظالم لعقود وقد تفاءلنا بك خيراً، فنرجوك أن تفعل شيئاً من أجل شعبك المظلوم وأن توقف آلتك الحربية التي اشتريتها من أموال الشعب لحماية الشعب لا لقتله، فلا تستمع إلى من يكذب عليك ويصف شعبك بأنهم يستحقون الهلاك، فهؤلاء هم لحمك ودمك وهم المظلومون الفقراء، انظر إليهم بعين الرحمة فقد تدور الدوائر وأنت لا تدري وقد تتعرض سوريا للتقسيم والتمزق إذا لم تتدارك الأمر وتذكر قول الشاعر:

من يفعلِ الخير لا يعدمْ جوازيهُ     لا يذهب البرُّ بين اللهِ والناسِ

=================

سوريا: وجود «المراقبين»... يشجع المحتجين

أليس فولدهام

بيروت

الاتحاد

2-1-2012

تدفق عشرات الآلاف من المحتجين إلى الشوارع في مختلف أنحاء سوريا يوم الجمعة الماضي متحدين الهجمات التي شنتها القوات الحكومية عليهم باستخدام الغاز المسيل للدموع، والقنابل المسمارية ونيران المدافع التي يقول الناشطون إنها قتلت 16 شخصاً على الأقل. وكانت هذه الاحتجاجات في جوهرها، وكما يرى المحللون السياسيون، عرضاً للنشاط المتجدد لمعارضي نظام الأسد الذين يريدون إثبات عدالة قضيتهم أمام وفد المراقبين التابع لجامعة الدول العربية الموجود في سوريا في الوقت الراهن.

وقد تجمع المتظاهرون وهم يرقصون ويغنون في أجزاء من ضواحي العاصمة دمشق وفي مدن حمص وحماة التي كان يزورها المراقبون في محاولة واضحة لجذب الاهتمام العالمي إلى وحشية الحملة الأمنية التي يشنها نظام الأسد عليهم.

ويقول الناشطون إن وجود المراقبين قد أعاد تنشيط حركة الاحتجاج التي كان زخمها قد بدأ في التراخي بعض الشيء في الآونة الأخيرة. وأحد هؤلاء الناشطين هو "رامي عبدالرحمن" من المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن، الذي يقول مشيراً إلى المشاركين في الاحتجاجات: "عندما رأوا مراقبي جامعة الدول العربية شعروا بالثقة"، مضيفاً: "وقد حدث هذا على رغم أن المراقبين الذين يبلغ عددهم 60 مراقباً لم يتمكنوا من إنجاز مهمتهم المحددة، وهي الإشراف على التوصل إلى اتفاق يتم بموجبه انسحاب قوات الجيش السوري من الشوارع وإنهاء استخدام القوة ضد المحتجين المسالمين والإفراج عن السجناء السياسيين".

يشار إلى أن العديد من السوريين قد أعربوا عن خيبة أملهم من الدور الذي لعبه المراقبون التابعون لجامعة الدول العربية، ولكنهم استمروا مع ذلك في التظاهر في مناطق يمكن لهؤلاء المراقبين رؤيتهم فيها.

ويقول أحد الناشطين من حي "دوما" وهو من ضواحي العاصمة دمشق إن المراقبين قد وقفوا على درجات المسجد خلال التظاهرة التي جرت هناك وتحدثوا مع المتظاهرين حول الوفيات والانتهاك أثناء الحجز وتفتيش المنازل وقطع التيار الكهربائي عمداً وغير ذلك من أمور، ولكنه يقول إنه ما زال متشككاً في طبيعة الدور الذي يقومون به واحتمالات نجاحه على كل حال. ويستطرد هذا الناشط قائلاً: "كانت المهمة من أجل شيء واحد هو جعل النظام يتوقف عن قتلنا... وحتى الآن لم يتمكنوا من ذلك وهو ما يجعلني غير متفائل بشكل عام من احتمالات نجاح مهمتهم".

أما "وسام طارف" وهو ناشط حقوق إنسان يعمل مع منظمة "آفاز"، فيقول: "إن التظاهرات قد ازدادت حدة منذ أن وصل المراقبون، ليس لأن المتظاهرين يشعرون بأنهم قد باتوا أكثر أماناً في الطريق، وإنما لأنهم يريدون أن يكونوا مرئيين من قبل هؤلاء المراقبين".

ويوضح "طارف" ما يعنيه بقوله: "إن الناس يتجشمون المخاطرة لأنهم يريدون أن ُيشعروا الجامعة العربية بما يحدث في سوريا".

وأضاف أن العديد من الناشطين قد أعلموا باحثي "آفاز" بأنه قد تم القبض على ثلاثة أشخاص في حمص بعد أن شوهدوا من قبل الأمن وهم يتحدثون مع المراقبين في وقت سابق من هذا الأسبوع، وكانت من ضمنهم امرأة تم الزج بها في السجن هي الأخرى.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الحملة الأمنية التي تشنها القوات السورية على حركة الاحتجاج المتفرقة قد أدت إلى مصرع ما يزيد عن 5000 شخص حتى الآن، وهو ما دفع حركة الاحتجاج للتحول تدريجياً إلى الطابع العسكري.

وقد استمرت حصيلة الضحايا في الزيادة حتى بعد وصول وفد المراقبين العرب منذ أكثر من أسبوع حيث لقى 150 شخصاً مصرعهم منهم 34 ماتوا أو عثر عليهم ميتين يوم الجمعة بحسب عبدالرحمن، الناشط من لندن. وكانت حصيلة الضحايا يوم الجمعة عموماً في مختلف أنحاء البلاد قد وصلت إلى 27 مدنيّاً واثنين من الجنود المنشقين وخمسة من أعضاء قوات الأمن - بحسب قوله.

وتفيد الأنباء أن الدبابات والمدفعية الثقيلة قد انسحبت جزئيّاً من المدن على رغم أن بعض المحتجين يؤكدون أنها كانت مختبئة في بعض الأماكن في مختلف أنحاء البلاد بما في ذلك المناطق الجبلية الواقعة في شمال غرب محافظة إدلب بدلاً من العودة لقواعدها العسكرية. وقال ناشط في دمشق إنه منذ حادث تفجير السيارات المزدوج الذي نتج عنه مصرع 40 شخصاً الأسبوع الماضي، باتت العاصمة ممتلئة بنقاط التفتيش والقناصة المتمركزين فوق أسطح البنايات.

وفي الوقت نفسه يبدو أن عمليات المعارضة العسكرية ما زالت مستمرة. ففي شريط فيديو تم تحميله على الإنترنت يوم الأربعاء الماضي يظهر منشقون مسلحون وهم يهاجمون مركبة عسكرية تحمل رجال الأمن في درعا، المدينة الواقعة في جنوب سوريا التي انطلقت منها الانتفاضة الحالية. ويقول عبدالرحمن إن رجال الأمن الخمسة الذين لقوا مصرعهم يوم الجمعة قد قد قضوا في كمين نصبه رجال المعارضة المسلحة. ومن المعروف أن السلطات السورية تفرض قيوداً مشددة على دخول الصحفيين الأجانب للبلاد مما يجعل من الصعوبة بمكان التحقق من صحة هذه المعلومات.

ويقول العقيد مالك كردي من "الجيش السوري الحر" المنشق إن الجيش قد قرر إيقاف عملياته كي يتيح الفرصة للمراقبين التابعين لجامعة الدول العربية للعمل من أجل إنجاز مهتمهم، مضيفاً أنه يأمل أن يقوم الوفد بتسجيل حقائق الوضع في سوريا، داعيّاً إلى التدخل من قبل مجلس الأمن الدولي لإنهاء الأزمة المزمنة.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة

«واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»

=================

مراقبون تحت الرقابة

ياسر الزعاترة

 الدستور

2-1-2012

من الواضح أن المتغيرات التي طالت المواقف العربية من الثورة السورية هي التي سمحت بمرور مهزلة المراقبين العرب على النحو الذي نتابعه منذ أيام، أعني المتغيرات التي أصابت المواقف العربية، وربما الأمريكية والغربية تبعا لحسم الموقف الإسرائيلي في تجاه الحفاظ على نظام الأسد الذي يشكل بقاؤه معادلة أفضل من رحيله بالنسبة لأمن الدولة العبرية التي باتت تتفق (إضافة إلى ذلك) مع عدد من الأنظمة العربية التقليدية التي تسعى بكل ما أوتيت من قوة لوقف مد الثورات العربية، لاسيما بعد أن أضافت تلك الثورات إلى مخاطر عدوى التغيير وصول الإسلاميين إلى السلطة

كل ذلك يصفع بقوة نظرية أبواق الأسد وشبيحته المنبثين؛ ليس في شوارع المدن السورية فحسب، وإنما في طول الإعلام العربي وعرضه، فضلا عن قوى وتيارات سياسية تحاول تبرير انحيازها إليه بالحرص على المقاومة والممانعة، فيما الحقيقة أنها تفعل ذلك لأسباب حزبية وطائفية ومذهبية وأيديولوجية، ربما باستثناءات محدودة لا تغير القاعدة العامة.

منذ البداية تأكد أن قصة المراقبين العرب هي محض مهزلة تسعى إلى التقليل من بشاعة الجريمة التي يرتكبها بحق الشعب السوري، وإلا فأي منطق يبرر موافقة الجامعة العربية على الشروط التي وضعها النظام لتمرير دخول البعثة والشروع في تنفيذ برنامجها؟!

بالله عليكم كيف لبعثة مراقبين تتحرك بحماية جحافل من ضباط الأمن السوري الأكثر حنكة وولاءً للنظام (تحت رقابتهم بتعبير أدق)، كيف لها أن تصل إلى حقيقة الوضع على الأرض بكل حيثياته التي تكشف بشاعة النظام ومستوى إجرامه؟!

يعلم الجميع أن الرعب وحده ولا شيء غيره هو الذي يحول بين الملايين وبين النزول إلى الشوارع في سائر المدن السورية، بما فيها دمشق وحلب، ومن يعتقد أن هناك من أهل السنّة في سوريا من يؤيد النظام باستثناء حفنة لا قيمة لها في السياق العددي إنما يتجاوز الحقيقة ويفتئت عليها، مع أن تأييد الفئات الباقية للنظام ليس شاملا ولا محسوما بالكامل، أعني لجهة استعدادها للدفاع عنه حتى الرمق الأخير.

ما يحول بين الناس وبين النزول إلى الشوارع هو انتشار الجيش في الشوارع وسياسة القتل بالتقسيط ومعها الاعتقال والتعذيب التي يتبعها النظام، إذا لا يستوي الناس في سائر الأمم والشعوب من حيث قابليتهم للتضحية بأبنائهم في صراع مع الأنظمة الدموية.

المراقبون العرب يتحركون وفق برنامج يرتبه النظام من ألفه إلى يائه، ومن غير المستغرب تبعا لذلك أن تأتي الشهادات من النوع العادي الذي لا يدين النظام، بل إن نظاما من هذا النوع سيقوم (على الأرجح) بترتيب معارضين من نوع خاص يقدمون شهادات عادية، حتى لو كانت تنطوي على بعض الإدانة المتواضعة للنظام.

من يجرؤ من الناس على التضحية بنفسه ومن تبقى من عائلته من أجل تقديم شهادة تدين النظام؟! إن أمرا كهذا يُعد أصعب بكثير من تنفيذ عملية استشهادية، لأن الأخيرة يضحي الإنسان من خلالها بنفسه، بينما يمكن للأولى أن تلقي بعائلة كاملة في فم (الأسد) ودمويته وبشاعة شبيحته.

خلاصة القول هي أن مهمة المراقبين العرب بالطريقة التي نتابعها يمكن أن تغدو نجدة للنظام أكثر مما تنتصر للمسحوقين بنيران قمعه وجبروته، أو محاولة للكشف عن الحقيقة في سوريا. ولعل من قرأ تحقيقات بعض الصحف الغربية المحترمة سيدرك أي فارق بين أن يتحدث إنسان لصحفي أو مراقب وهو في كامل حريته، وبين أن يتحدث والمسدس مصوب لرأسه وروؤس ذويه.

الجزء الثاني من مبادرة الجامعة العتيدة هو الأهم بصرف النظر عن تقرير المراقبين، اللهم إلا إذا خرج هؤلاء بتقرير كارثي يقول إن ما يجري هو حرب بين الجيش وإرهابيين ومندسين، ويبرر تبعا لذلك وجود الجيش في الشوارع، أما إذا تطلب الأمر إخراج الجيش من الشوارع والسماح بالتظاهر السلمي، فسيرى الجميع أية شعبية سيحظى بها النظام بين أبناء الشعب السوري.

لقد بات واضحا أن على الشعب السوري أن يتجاوز حكاية الجامعة العربية ويعتمد على نفسه في إسقاط النظام، ورفض أية دعوة للتصالح معه، تماما كما فعل الشعب التونسي والشعب المصري، ولن يتم ذلك إلا بالاستعداد للمزيد من التضحيات التي تصل بالوضع حد العصيان المدني الشامل الذي يسقط النظام، وفي اعتقادي أن ما جرى حتى الآن قد أثبت حيوية الشعب السوري وجرأته وشجاعته، الأمر الذي يبشر بالانتصار خلال وقت لن يطول بإذن الله، وليتحمل المتواطئون مع النظام وزر الجريمة التي يرتكبونها برفع عدد الضحايا إلى رقم لا يعلمه إلا الله.

=================

الموت في سورية موثق وليس بحاجة إلى «الدابي»؟

رجا طلب

الرأي الاردنية

2-1-2012

قلة قليلة جدا من المراقبين والمتابعين للشان السوري كانوا متفائلين بمهمة الجامعة العربية في القضية السورية وتحديدا تجاه شخص امين عام الجامعة العربية نبيل العربي الذي اطلق عددا من التصريحات بعد بدء مساعيه بعد اشهر من اندلاع الثورة السورية والتى كانت منحازة تماما للنظام ، وحتى عندما جرت الانعطافة السياسية المتمثلة بقرار الجامعة اقرار العقوبات على النظام بعد تعنته في الاستجابة والقبول بالمبادرة العربية ، كان قد سارع امين عام الجامعة الى رمى طوق النجاة للنظام مبكرا وبعد ايام فقط من اقرار تلك العقوبات عندما بادر للقول انه بمجرد توقيع دمشق لبروتوكول المراقبين فان العقوبات سترفع مباشرة ، وهو ما اثار حفيظة المجلس الوطني السوري والمتعاطفين مع الدم السوري من سياسيين واعلاميين وشخصيات على مستوى الراي العام العالمي ، وكان تساؤل هؤلاء» هل من المعقول والمنطقي ان ترفع عقوبات لم تنفذ بعد دون التأكد من ان النظام اوقف ادوات القتل الممنهج التى تمارس ضد المعارضين ؟؟

ومع بداية رحلة المراقبين وتزامن ذلك مع تفجيري دمشق وما لاحق ذلك من علامات استفهام حولهما ، جاءت تصريحات احمد الدابي بعد زيارة الوفد الى حمص والتى قال فيها « ان الوضع مطمئن ومستقر « لتكشف اكثر واكثر العيوب في مجمل قصة المراقبين ، سواء طبيعة المفاوضات التى جرت بين الجامعة والنظام حول البروتوكول وسر الموافقة المفاجئة للنظام على البروتوكول بعد رفض وتعنت ، وطبيعة الاتفاق والية تنفيذه ، والتشكيلة القيادية لوفد المراقبين وبخاصة رئيس البعثة وشخصيته المثيرة للجدل واقصد اللواء الدابي الذي تبوأ منصب رئيس اركان الجيش السوداني وتدور شبهات حول دوره في قيادة الجنجويد وارتكاب مجازر في جنوبي السودان ودارفور .

فالدابي ووفق المعلومات التى تتداولها جهات معارضة سورية كان اختيارا سوريا بحتا لم يعارضه نبيل العربي من بين ثلاثة اسماء قدمت لدمشق ، وكان الاختراق الرئيسي الاول في مهمة المراقبين ، اما الاختراق الثاني فكان الية عمل اللجنة ورفع التقارير التى اتفق ان ترفع من الدابي نفسه الى نبيل العربي والى وزير الخارجية السوري وليد المعلم ، وهي الية تنزع ادني مصداقية يمكن ان تتوفر في مثل هذه التقارير ، اما ثالث هذه الاختراقات فهي المرافقة العسكرية والامنية السورية للبعثة في الاماكن التى من المفترض ان تذهب اليها للتحقق والتحقيق ، فكيف يمكن للمواطن ان يتحدث بحرية وان يكشف معاناته بوجود ضابط مخابرات تابع للنظام ؟؟ .

لقد ادركت الجامعة حراجة الموقف الذي وضعت فيه ومدى تدهور مصداقية عملها في الملف السورى ، وعندما حاولت التدخل لاعادة انتاج مصداقيتها عبر تصريح رئيس غرفة العمليات الخاصة ببعثة مراقبي الجامعة العربية السفير عدنان الخضير الذي اوضح ان ما قصده الدابي ليس الوضع الميداني في حمص بل هو التزام الحكومة السورية تجاه البعثة ، كان اشبه بالمثل الشعبي القائل « جاء ليكحلها قام عورها « ، فكيف تصمت الجامعة اسبوعا كاملا على تصريح خطير بشان وضع حمص واذا كان خضير صادقا هو والدابي فما هو وضع حمص وبقية المدن التى زاروها ؟ كما ان تصريح الدابي صريح وواضح وضوح الشمس فقد كان يتحدث عن الوضع في حمص انه « مطمئن « ، فلا المكان ولا الاجواء كانت مناسبة ليتحدث الدابي عن علاقة البعثة بالنظام السوري ، ولو افترضنا جدلا صحة ذلك ، فما هو تفسير السيد خضير اصرار الدابي ومساعديه السودانيين في البعثة برفض تقبل شكاوى المواطنيين في حمص الا بحضور مندوبي النظام الامنيين ؟ فهل هذا تصرف موضوعي وهل هذا هو دور البعثة في ان تكشف الثوار للنظام ؟؟

في كل الاحوال فان الجامعة مطالبة ولاعادة الاعتبار لمصداقيتها القيام وعلى الفور باختيار شخصية اخرى خلاف الدابي لتولى مهمة المراقبة في سوريا يكون مشهودا لها بالخبرة العسكرية والنزاهة واحترام حقوق الانسان وهناك عشرات الشخصيات في العديد من الدول العربية من تنطبق عليها تلك المواصفات ، وفوق هذا وذاك الحاجة ماسة الى اعادة التركيز على المبادرة العربية ككل وعدم الاكتفاء ببروتوكول المراقبة ، فالقتل اليومي وفي كل لحظة وفي عموم سوريا ليس بحاجة لمراقبين للتاكد منه ، فهو موت موثق بالصورة والصوت والاسم والتاريخ .

=================

أضعف الإيمان - فضيحة الدابي

الإثنين, 02 يناير 2012

داود الشريان

الحياة

حماسة الجامعة العربية لمبادرتها في سورية رفعت سقف توقعات السوريين والعرب. تخيلنا أن الثورة السورية ستنهي عصر «وصاية» اللجان الغربية في مراقبة غش الانتخابات، وتجاوزات الجيوش والأنظمة. لكن الجامعة تمخضت وجاءت بفريق يقوده عسكري ينتمي الى جيش مارس جرائم في درافور، أشد فظاعة من الجرائم التي يمارسها النظام في سورية اليوم، ومتهم بجرائم حرب. وقالت عنه «منظمة العفو الدولية» إن محمد أحمد الدابي كان مسؤولاً «عن اعتقالات تعسفية وعمليات احتجاز واختفاء قسري وتعذيب وأشكال أخرى من إساءة المعاملة للكثير من الناس في السودان»، فضلاً عن أن الدابي أحد رجال الانقلاب الذي قام به عمر البشير، فكيف نريد منه أن يدافع عن الحرية.

كان المتوقع أن تسند الجامعة العربية مهمة فريق المراقبين العرب في سورية إلى البرلمان العربي، فالثورة السورية كانت فرصة لتكريس موقع هذا البرلمان الذي لم نلمس له دور يذكر، منذ تأسيسه، فضلاً عن أن إسناد مهمة فريق المراقبة إلى هيئة شعبية تابعة للجامعة سيحظى بمباركة الشعب السوري، ويحسن سمعة الجامعة وصدقيتها، كما سيمنح الفريق استقلالية القرار، ويبعده عن تدخل بعض الأنظمة.

يصعب تفسير اختيار الجامعة العربية الضابط السوداني محمد الدابي لقيادة فريق المراقبة بأنه هفوة إدارية، وخطأ في التقدير. المهمة تتعلق بحقوق الإنسان، وسيرة هذا العسكري لا تسرّ في هذا الجانب. وهو لن يكون منصفاً لسبب بسيط أن إدانته النظام السوري ستكون دليلاً ضده حين تتم محاكمته مستقبلاً في جرائم دارفور. لكن السؤال هو: لماذا أقدمت الجامعة العربية على هذه الورطة؟ هل شعرت الجامعة بأن الدول الغربية مترددة في التدخل في سورية، فأرادت الإتيان برجل متهم دولياً، وتأليب المنظمات الحقوقية الدولية على مهمة فريق المراقبة، ودفعها إلى تحريض حكوماتها على التدخل في حل الأزمة السورية؟

من السابق لأوانه معرفة دوافع الجامعة من اختيار الدابي. لكن هذا الاختيار يؤشر إلى إن النظام السوري فرض شروطه في تشكيل اللجنة، وهو الذي حدد اسم محمد الدابي لهذه المهمة، والجامعة مررت بدورها هذا الاختيار، ولسان حالها يقول: أردنا حلاً عربياً للأزمة لكن سورية فرطت به، وهي المسؤولة عن التدخل الدولي.

الأكيد أن هذه المهمة إن استمرت في نهج تصريحات الدابي فإنها ستكون المسمار الأخير في نعش صدقية جامعة الدول العربية، ودورها.

=================

عبء المعارضة على الانتفاضة السورية

الإثنين, 02 يناير 2012

سلامة كيلة *

الحياة

بعد كل هذه الأشهر من عمر الانتفاضة في سورية، وبعد محاولات ربط انتصارها بفعل خارجي انطلاقاً من شعور عميق لدى أطراف معارضة بأنه من المستحيل إسقاط السلطة بفعل القوى الداخلية (وهي هنا لا ترى الشعب، بل ترى القوى السياسية)، يتوضح بأن هذا الانتصار مرتبط بما هو داخلي، وأساساً بمشاركة الطبقات الشعبية كلها. ولا شك في أن الأشهر الماضية شهدت توسعاً في المشاركة الشعبية، لكن من دون أن تصل إلى قطاعات عدة، مشاركة بعضها مهمة جداً في تحقيق الانتصار. ولقد طفت على السطح تمايزات ارتبطت بما هو طائفي حيناً، أو وطني حيناً آخر، أو علماني كذلك.

لماذا لم تشارك هذه القطاعات إلى الآن؟

لا شك في أن هناك قطاعاً تترابط مصالحه مع السلطة، وهو مشكّل من «نخب» الفئات الوسطى، والتجار، وكبار المستفيدين منها. وهناك عادة فئات تظل متخوّفة نتيجة الاستبداد الطويل، ولهذا لم تشمل الانتفاضات العربية كل الشعب. لكن، وكما ظهر في سورية، هناك فئات لها مصلحة في الانتفاض، وهي ليست مع السلطة، لكنها لم تشارك، ويبدو بعضها مدافعاً عن السلطة. وهذه الفئات هي التي لا بد من مشاركتها من أجل تحقيق تحوّل في الانتفاضة يفضي إلى انتصارها. وهي الفئات التي تلعب السلطة على وضعها لإبقائها متخوّفة ومترددة، وبعيدة من أن تشارك في الانتفاضة.

إذا كانت المعارضة تقصر «المطلب العام» للانتفاضة على الحرية، وكان الوضع الاقتصادي هو المحرك الأساس لها (على رغم أنه لا يظهر واضحاً في المطالب)، فإن الوضع السوري فرض أن تؤخذ عناصر أخرى حين تلمس وضع الانتفاضة. فقد أدت طبيعة انفجارها، والصعود السريع لطرح شعار إسقاط النظام، إلى دخول جملة حساسيات كان لا بد من معالجتها.

مسألة «الأقليات الطائفية»، والمسألة العلمانية، من المسائل الحساسة في سورية، لهذا لعبت السلطة على «الطابع السلفي» للانتفاضة اعتماداً على صور شكلية، وشعارات لا تعبّر سوى عن «وعي شعبي»، من أجل تخويف قطاع مجتمعي مهم، الأقليات والعلمانيين. وكان هذا اللعب جزءاً من استراتيجيتها الإعلامية من أجل ضمان تخويف هذه القطاعات، وكذلك ضمان التفافها حولها. ولهذا جرى تصوير الصراع وكأنه صراع على السلطة من أجل تغيير له طابع «طائفي». هذه الاستراتيجية قابلتها أطراف في المعارضة بتأكيد صراع «الغالبية» التي «اضطهدت» نتاج حكم «الأقلية»، ضد هذه «الأقلية» (أي صراع سنّي ضد علوي). وبالتالي كانت تعزز رواية السلطة وتُنجح استراتيجيتها. كما كانت تُظهر أنها هي التي تحكم لأنها ممثلة «الغالبية» التي هي معها حتماً ارتباطاً بالانتماء الطائفي (الإخوان المسلمون ومشايعوهم)، وهو الأمر الذي كان لا يخيف «الأقليات» فقط بل يخيف العلمانيين والذين لا يريدون حكماً دينياً (اقرأ إخوانياً).

هنا كان الإغراق في «الطابع الديني» للانتفاضة، والعمل على تلبيسها هذا الطابع عبر الإعلام، ومن خلال التصريحات والمواقع، هو الشكل المكمل لاستراتيجية السلطة، والتي أفضت إلى استمرار تردد المترددين، وسيطرة الخوف من النظام البديل الذي تطرحه الانتفاضة. فالسلطة تركز على أن الانتفاضة هي حراك أصولي سلفي إخواني، وهذه المعارضة تنطلق من أن الانتفاضة هي كذلك، وتعمل على أساس أنها انتفاضتها. والانتفاضة هي في «واد» آخر، لأنها انتفاضة المفقرين والمهمشين ضد سلطة «رجال الأعمال الجدد» (والقدامى طبعاً).

والشباب المنتفض لا ينطلق من تحديد طائفي في صراعه مع السلطة، بل من السلطة ذاتها، وبالتالي ينطلق من أنه يخوض صراعاً «سياسياً» ضد السلطة بكل ما تعبّر عنه من نهب وفساد واستبداد، على رغم أنه لم يستطع صوغ ممارسته هذه في شعارات واضحة نتيجة التصحّر الثقافي والسياسي الذي أفضى الاستبداد إليه.

أيضاً، لا شك في أن الوضع الإقليمي هو عنصر مؤثر في الوضع السوري، ولقد انعكس الوضع العراقي بكل دمويته على سورية نتيجة هجرة أعداد كبيرة من العراقيين إلى سورية، وبالتالي تلمس السوريين نتائجَ الاحتلال الأميركي، والصراع الطائفي الذي رافقه أو نتج عنه، والذي ارتبط بفكرة نشر الصراع الطائفي في كل المنطقة لتقسيمها إلى دويلات طائفية وإثنية. وتنوع الوضع السوري من هذه الزاوية كان يؤسس لتخوفات كبيرة، وبخوف من صراع طائفي وفوضى. وترتبط بذلك «المسألة الوطنية» التي كانت في أساس معارضة قطاع كبير من الشعب السلطةَ ذاتها.

اذا الوضع جعل كل حديث عن التدخل «الخارجي»، والعسكري بالتحديد، أمراً مرعباً لدى قطاعات مجتمعية مهمة. لهذا، ترى أن يبقى الوضع الراهن أفضل من حروب طائفية وفوضى وتدمير ينهك سورية البلد. وهنا يمكن تلمس وضع قطاع مهم من «المسيحيين» الذين لمسوا مصير «مسيحيي» العراق، وكيف قتلوا أو فرضت عليهم الهجرة. وإذا كانت السلطة قد تحدثت عن مؤامرة «إمبريالية» فإن الحديث عن التدخل الخارجي لم يتوقف من قبل أطراف المعارضة في الخارج، وخصوصاً من كان في أساس تشكيل المجلس الوطني السوري (الإخوان والليبراليون وإعلان دمشق).

وفرض على الانتفاضة شعار «حماية المدنيين» و «الحظر الجوي» من خلال إعلام مسيطر عليه يخدم سياسة هؤلاء. وهنا أيضاً أكدت هذه المعارضة منطق السلطة في مواجهة الانتفاضة، وهو الأمر الذي كان يقود إلى التفاف بعض الفئات حول السلطة، وتخوّف فئات كبيرة، وشعورها بالرعب من مستقبل مدمّر، وبديل أسوأ.

الآن، إذا كانت الفئات التي انتفضت لم تفكّر في كل ذلك، انطلاقاً من أنها هي التي ستفرض التغيير، بلا حساسيات طائفية ولا تعويل على تدخل خارجي، وأن صراعها هو صراع مع سلطة نهّابة واستبدادية... إذا كانت انتفضت انطلاقاً من ذلك، فإن الفئات التي كانت مترددة ومتخوّفة، أربكها خطاب السلطة وهذه المعارضة معاً، وظلت كذلك إلى الآن.

الخوف من «مصير عراقي» من خلال صراع طائفي وسيطرة أصولية، والخوف على المسألة الوطنية إذاً، جعلا فئات ليست قليلة تظل مترددة، ومتخوّفة، وبعضها يميل إلى دعم السلطة. وهذا ما تريده السلطة، التي تلعب جيداً على الفئات المترددة، وتكسب نتيجة «غباء» مفرط لدى المعارضة. حيث إنها تتصرف من دون وعي بالواقع، وبحساسيات قطاعات من الشعب، وتخوفاتهم.

بالتالي، إذا كان توسّع المشاركة في الانتفاضة عنصراً مهماً لكي تنتصر، فإن السياسات التي تتبعها هذه المعارضة تقود إلى العكس، وبالتالي زيادة تكلفة الدم، على رغم أنها تهوّل من الدم المسفوك لتبرير طلب التدخل «الخارجي»، وتبرر طلب التدخل بخفض تكلفة الدم (على رغم أن أي تدخل سيزيد الدم). لهذا يمكن القول بأنه إذا كانت الانتفاضة بحاجة إلى التعبير السياسي لكي تتقدم فإن التعبير الذي تشكل يعمل عكس ما يفضي إلى تطورها وانتصارها. فالمطلوب هو العمل على طرح مطالب الفئات المشاركة، وتلك التي لم تشارك، وهي مطالب واحدة رغم ذلك، والتي توضّح بأن إسقاط النظام هو من أجل بديل اقتصادي اجتماعي وسياسي مختلف، يتضمن ويحقق هذه المطالب. هنا العمل داخلي وعملي، ومع الشعب.

* كاتب سوري

=================

غسيل النظام السوري

حمد الماجد

الشرق الاوسط

2-1-2012

لم يعد الغسيل محصورا على الأموال، بل حتى الأنظمة الفاسدة أيضا تحتاج وتحتال لأي غسيل لعار ممارساتها حتى ولو كان سائل الغسيل في حد ذاته قذرا، ويبدو أن النظام السوري احتاج إلى هذا الغسيل لنظامه لإنقاذه من الانهيار الذي كان وشيكا، والغاسل هذه المرة هو رئيس فريق التفتيش العربي بقيادة «العميد» مصطفى الدابي.

الفرق بين غسل الأموال وغسيل النظام السوري أن «الغاسل» للنظام كان أقل ذكاء وأكثر بجاحة، فأوراقه مكشوفة، وتصريحاته مفضوحة، وإلا فالوضع في سوريا، كما قال الزميل طارق الحميد «لا يتطلب وفودا ومراقبين، بل يتطلب جهدا لوقف آلة القتل الأسدية». وأضيف أن كل مواطن سوري تحول إلى مراقب بلا مكافأة، وإلى مراسل إعلامي بلا أجرة، كاميرته في جواله يصور ويرصد ويوثق ويحقن مادته الإعلامية عبر النت لتظهر على كبريات الفضائيات العالمية في دقائق، ولولاها ما كان العالم ليطلع على فظائع النظام وجرائمه.

لقد شاهدنا العميد الدابي لأول مرة عبر الفضائيات وهو يمشي بين المحتجين السوريين متبخترا مكفهر الوجه نافخ الصدر حاد القسمات كأنه يستعرض طابورا عسكريا، مشيحا بوجهه عنهم حتى وهم يكلمونه، بالكاد يرد على صرخاتهم واستغاثاتهم وكأنهم متوسلون وقحون، فتغشاني شعور بالنفور منه ومن مراقبته، فوبخت نفسي على تقييم متسرع من خلال «شكليات» لا يبنى عليها حكم، لكن تأكد للجميع بعد تصريحاته الاستفزازية المتغاضية عن جرائم النظام أن مشاعرنا الأولية الشكلية كانت صائبة.

اختيار عسكري لهذه المهمة الإنسانية النبيلة، وبترشيح من نظام عسكري تلطخ بالدم في مناطق كثيرة في السودان جرت فيها مجازر لا نعلم عن دور الدابي فيها، ومباركة نظام الأسد لهذا الترشيح ثم الإشادة به وبتصريحاته، هما اللتان جعلتا الشعوب العربية ومعهم وسائل الإعلام العالمية تشك في نزاهة ترشيح هذا العميد، وأن سوريا فعلا دخلت في «طبخ» هذه الترتيبات بمعاونة حكومة السودان، وبغض النظر عن صدقية نظرية المؤامرة أم لا فالحقائق على الأرض والتصريحات السيئة التي تساوي بين الجلاد والضحية تكفي لإدانة هذا المراقب، وبالتالي تفرض على جامعة الدول العربية سرعة تغيير رئيس البعثة وأي مراقب راقب الدابي ولم يراقب الله وضميره في مهمته، طبعا هذا لا يشمل عددا من المراقبين الشرفاء الذين تاهت أصواتهم الصادقة في نقل معاناة الشعب السوري الأسير بين ضجيج تصريحات العميد الدابي.

الشعوب العربية لا تريد رئيسا جديدا لبعثة المراقبة لديه أحكام مسبقة ضد نظام بشار أو متعاطفة سلفا مع معاناة الشعب السوري، بل تريد رئيسا صادقا محايدا شفافا يصف المشهد السوري كما هو من غير مكياج ولا تزويقات، غير مكترث بالحسابات السياسية المعقدة، وألا يكون مسيسا ولا مسيرا من نظام زيد أو عبيد، نريد لمشروع المراقبة العربية في سوريا أن يكون ناجحا، لأن حالات عربية مرشحة لاستنساخ المشهد السوري، لا سمح الله، وقد تتطلب مثل هذه المهمة النبيلة، ونجاحها يعني مستقبلا حل مشاكل البيت العربي بأيد عربية، والعكس صحيح.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ