ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 28/11/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

حقيقة الموقف الإسرائيلي من (الربيع العربي)

جواد البشيتي

2011-11-27

العرب اليوم

هل إسرائيل مع "الربيع العربي" أم ضده?

إنَّ إجابة هذا السؤال, ومن الوجهة المنطقية الصرف, إمَّا أن تكون ب¯ "نعم" وإمَّا أن تكون ب¯ "لا", وإنْ كان "المجيب" مُلْزَما, منطقيا أيضا, أنْ يعلِّل ويبرِّر ويشرح حيثيات إجابته, أكانت ب¯ "الإيجاب" أم ب¯ "السلب".

إسرائيل, وعلى ما أحسب, تفهم "الربيع العربي" على أنه "حراك سياسي ¯ استراتيجي" لم يتبلور بعد بما يجعله, ماهية وخواص ونتائج, قابلا لموقف نهائي وقاطع وحاسم تقفه منه, بالسر أو بالعلن; ف¯ "الربيع العربي" هو ظاهرة (أو حدث) قيد الصنع, وليس ممكنا, من ثم, أن يجاب عن سؤال الموقف منه ب¯ "نعم" أو "لا".

إنها, أي إسرائيل, تنظر إلى "الربيع العربي" ليس من عيون مؤيديه أو معارضيه من العرب, وإنما من عيون مصالحها هي, ومن خلال وقائعه, وفي حركته, وبصفة كونه حالة يمكن ويجب أن تختلف باختلاف مكانها; ف¯ "الربيع العربي" في تونس, ومن وجهة نظر المصالح الاستراتيجية لإسرائيل, ليس ك¯ "الربيع العربي" في سورية مثلا.

وهذا الذي قلت إنما يعني أن إسرائيل معنية الآن, وفي المقام الأول, بالحركة والتحرك بما يمكِّنها من أن تدرأ عنها مخاطر "الربيع العربي", اليوم وغدا, ومن الإفادة من الفرص, أي من بعض نتائجه وعواقبه, وبما يمكِّنها أيضا من التأثير بمجريات الأمور والأحداث والتطورات بما يعود عليها بالنفع والفائدة في الأمرين معا (درء المخاطر, والإفادة من الفرص).

إسرائيل ليس من مصلحتها الاستراتيجية أن يتمخض "الحراك السياسي ¯ الاستراتيجي" في سورية عما يتسبب, أو قد يتسبب, بتعريض ما تنعم به من أمن وهدوء واستقرار في الجولان, وانطلاقا من الجولان, إلى الخطر; لكنها, في المقابل, تجد نفسها معنية, ومعنية كثيرا, بأن تتطور الأمور والأحداث في سورية بما يجعل "حزب الله" في لبنان يكف عن كونه مصدر تهديد دائما وكبيرا لأمنها (الاستراتيجي).

وهذا قد يتحقق, على ما تأمل هي وتتوقع, إمَّا من خلال إغلاق حدود سورية مع لبنان في وجه "حزب الله", مع ما يترتب على ذلك من نتائج وعواقب (منها على وجه الخصوص إغلاق الممرات البرية لتسلح هذا الحزب) وإمَّا من خلال تفجير صراع مسلح في داخل لبنان, فيتجه سلاح "حزب الله", في هذه الحال, نحو الداخل (اللبناني).

وتنظر إسرائيل, في الوقت نفسه, بعين القلق إلى الحدود بين سورية والعراق; فإن أسوأ احتمال, من وجهة نظرها, هو جعل العراق همزة وصل برية وجوية عسكرية بين إيران وسورية (وبين إيران ومناطق نفوذ "حزب الله" في لبنان, من ثم).

وهذا الاحتمال مع ما يثيره من قلق إسرائيلي إنما يعني أن لإسرائيل مصلحة حيوية الآن في أن يتغير الوضع العراقي بما يجعل حدود العراق مع سورية مغلقة في وجه إيران; وهذا "الغلق", إذا ما تحقق, هو ضربة في الصميم لإيران ولنظام حكم بشار الأسد معا.

وإسرائيل ستكون سعيدة أيضا, وعلى ما أحسب, إنْ تطورت الأمور والأحداث في سورية بما يورِّط "تركيا أردوغان" في أزمة نزاع عسكري مع سورية (وفي أزمة سياسية كبرى, قد تتحول إلى نزاع عسكري, بين تركيا وإيران). ونظام حكم بشار (وبالتعاون مع إيران, على ما أحسب) قد يساعد في ذلك من خلال لعبه ورقة حزب العمال الكردستاني ضد تركيا, فتضطر أنقرة, عندئذ, والتي ما زالت "أطلسية", إلى الدخول في نزاع مسلح مع نظام حكم بشار.

لكن على أنقرة في هذه الحال أنْ تعرف كيف تحيد أكراد العراق (في هذا النزاع) وكيف تجتذب إليها أكراد سورية ضد نظام حكم بشار, وأكراد إيران ضد طهران.

أمَّا جنوبا فإنَّ الأمر الذي يستأثر باهتمام إسرائيل هو ألا يتمخض "الربيع العربي" في مصر عن ضرر كبير يلحق بمعاهدة السلام بين الدولتين, أو عما يمكن أن يعيد مصر, أو يمهد إلى عودتها, إلى حالة الحرب مع إسرائيل; فالتغيير السياسي والديمقراطي في مصر يجب, من وجهة نظر إسرائيل, ألا يسير في مسار قد يلتقي أخيرا مع مسار إنهاء السلام بين الطرفين.

إنَّ إسرائيل التي احتاجت زمنا طويلا إلى أنْ تبقي العالم مقتنعا بأنها هي وحدها الدولة الديمقراطية في المنطقة, وبأنَّ العرب لا يعرفون العيش إلا مناخ الدكتاتورية والاستبداد, تحتاج الآن إلى أن يعطي "الربيع العربي" من النتائج النهائية ما يجعلها قادرة على إقناع العالم بأنَّ العرب إنْ غادروا مربَّع أنظمة الحكم الدكتاتورية فلن يغادروه إلى مربَّع الديمقراطية, وإنما إلى مربَّع الفوضى الشاملة مع الاحتراب الأهلي.0

=================

الثورة السورية والثورات الأربع

د. رضوان السيد

تاريخ النشر: الأحد 27 نوفمبر 2011

الاتحاد

لا يقبل أيُّ نظامٍ عربي الاستفادة من التجربة المرة للأنظمة العربية الأُخرى؛ مع أنّ وجوه الشبه كثيرةٌ وفاقعة. فصحيحٌ أنّ المجتمعات تختلف بهذا القدْر أو ذاك، لكنّ كلَّ الدول العربية التي نشبت فيها ثوراتٌ هائلةٌ هي من الجمهوريات التي قادها عسكريون ثوريون أو شبه ثوريين. وقد أنشؤوا جميعاً أحزاباً حاكمةً أو ورثوها وعدَّلوا فيها. كما دأَبوا على التمديد والتجديد لأنفُسِهِم، وخلال هذا وذاك تطور أسلوبهم السلطوي فاعتمدوا على أجهزة الأمن والاستخبارات في ضبط الداخل وإخضاعه، ونشروا أقاربهم وطوائفهم أو أتباعهم في كتائب الجيش، واعتبروا الحزب الحاكم ديكوراً لإبقاء صِلةٍ مع الناس من نوعٍ ما. ويستطيع الباحثون المدقِّقون بالطبع أن يلاحظوا في هذه النقطة أو تلك، فروقاً بين سوريا واليمن أو مصر وليبيا. بل يستطيعون أن يشكّكوا في الشبه، وبالتالي في المصائر عندما يوردون جماهيرية القذافي مَثَلاً على ما يقصدونه. بيد أنّ استثناءات القذّافي تؤكّد القاعدة. إنما لو تأمَّلْناها عن كثبٍ لوجدْنا أنّ الفروق ليست كبيرة. بدليل أنَّ الجيش الذي يذكرونه باعتباره فارقاً بين حكم القذافي وغيره، غَصَّ أيضاً بأَولاد القذافي، مثلما صنع صالح وبشّار. إنما الملحوظ أنّ انتهاكات المصري والتونسي انصبّت في نطاق أجهزة الأمن، بينما تركا بنية الجيش سليمةً وفاعلةً بشكلٍ عام.

لكن هل أثَّر هذا التشابُهُ في الأصول والمسار، في المصائر التي صارت إليها تلك الأنظمة؟ هذا الأمر واضحٌ تماماً، فقد خرج من السلطة بالقوة في عام 2011 أربعة رؤساء عرب من أهل الجمهوريات الخالدة. فبن علي لجأ للسعودية عندما تخلَّى عنه الجيش، ومبارك تخلَّى عن السلطة بقوة الجيش، لكنه رفض مُغادرة البلاد وهو الآن قيد المحاكمة. والزعيم الليبي قُتل كما قُتل عددٌ من أَولاده وتشردت أُسرتُه. وتميز الرئيس اليمني القابع في السلطة منذ عام 1979 بالصمود عشرة أشهُرٍ حتّى وقّع أخيراً وثيقةً مع المعارضة لنقل السلطة بإشراف نائبه. وليس من المعروف بعد أن كان هو أو نائبه قادرَين على ضمان تنفيذ الاتفاق المذكور، وبخاصةٍ أنّ المتظاهرين بصنعاء وتعز ما قبلوا الاتفاق على عِلاّته. كما أنّ الحوثيين المنشقّين بأقاصي الشمال كانت لهم اعتراضاتٌ عِدَّة.

الذي قصدْتُهُ من وراء هذا الاستعراض الوصول إلى إمكان التنبؤ بالمسار الذي تتخذه الأزمة السورية. فقد قيل عشرات المرات إنّ الحالة السورية متميزةٌ من عدة وجوه. وأولُ تلك الوجوه الوضع الجغرافي والجيوسياسي على المتوسط وعلى الحدود مع إسرائيل وعلى الحدود مع العراق ولبنان، بحيث تتلقى حصانةً سلبيةً من"ضرورات" الاستقرار على حدود فلسطين المحتلة، كما تتلقّى حصانةً إيجابيةً من الدعم الذي تلقاه من أتباع إيران في العراق ولبنان. ثم إنّ النظام في سوريا مُركَّبٌ وليس بسيطاً. ولا يأتي التركيب من أنّ "البنية العميقة" للنظام طائفية وحسْب؛ بل ومن أنّ "شرعية" النظام واستمراره لا يقومان على الطائفة والأمن أو عناصر داخلية أُخرى، بل وعلى الموقع والوظائف والتكليفات. فقد تلقّى النظام تكليفاتٍ منذ السبعينيات تُجاه العراق والفلسطينيين وتُجاه لبنان، كما تلقّى التزاماتٍ تُجاه إسرائيل. لذلك ما وجد صعوبةً في التحول من التحالف مع الاتحاد السوفييتي إلى الصيرورة ضرروةً لسياسات الولايات المتحدة، وللتوازُنات داخل المعسكر العربي.

والذين يؤكدون على التميز والتمايُز في موقع النظام السوري وتركيبته وأسباب شرعيته؛ يعودون فيذكرون أنّ السنوات العشر الأخيرة -بعد وفاة حافظ الأسد- شهدت تخلْخُلاً في هذه الترتيبات والتركيبات. ومن ذلك أنّ النظام شهد تمردات صريحة عليه في فلسطين ولبنان. كما أنّ خاصرتيه التركية والأردنية تحولتا عبئاً عليه في الشهور الأخيرة. وقد حسب النظامُ أنّ علاقاته الخاصة بإيران منذ ثلاثين عاماً تشكّل عاملاً إضافياً في قوته واستمراره، وكذلك الشأن مع مسألة الأقليات التي كان هناك تواطؤٌ بينه وبين الغربيين على اعتباره حامياً لها. والذي حصل أنّ علاقته الوثيقة بإيران أورثته -إلى جانب الميزات- مشكلاتٍ هي في الأصل مشكلاتٌ لإيران مع الولايات المتحدة والسعودية والخليج، وفي العراق. ومع فقد التكليفات من جانب الولايات المتحدة بالتدريج، والاتجاه لمواجهة سياساتها بالعراق ولبنان؛ فإنّ النظام السوري اتجه للاعتماد أكثر على إيران، أو أُرغم على القيام بخدماتٍ لها بلبنان وفلسطين، ما كان مضطراً إليها لو كان أكثر استقلالية، أو لو كانت علاقاته بالولايات المتحدة والسعودية لا تزال على ما يُرام.

وهكذا فهناك معالم معينة للحالة الحاضرة للنظام السوري: أنّ الأعراض التي حصلت في البلاد العربية الأُخرى (حركات الشباب الزاخرة)، هي ذاتُها تحصل عنده، وهو يواجهها بعنفٍ هائلٍ ما مارسته الأنظمة الأُخرى التي واجهت وضعاً مشابهاً، وأنّ الغربيين ما عادوا يرون فائدةً في بقائه. إنما من ناحيةٍ أُخرى لا يبدو أنّ الروس والإيرانيين سوف يتخلَّون عنه قريباً، للفوائد الاستراتيجية التي يحصلون عليها. كما أنّ الغربيين يخشَون إذا زال أخطاراً على الاستقرار على حدود إسرائيل، وأخطاراً على الأقليات. ولذا فقد كانت الفكرة من وراء استحسان المبادرة العربية، الوصول مع النظام السوري إلى حالةٍ تُشبه ما حصل مع الرئيس اليمني: السقوط بالتدريج، وخلال ذلك تجري تقويةُ المعارضة، ودفْع أهل الصفين الثاني والثالث بالنظام إلى التفاوُض معها، من أجل تحولٍ سلميٍّ بضماناتٍ متبادلة ومشتركة. وبذلك يكتمل حصول التحول خلال عامٍ ونصف أو عامين. وشرطُ ذلك كلّه وقْف العنف الآن ضد المتظاهرين. فهل هناك حظوظٌ لنجاح هذه الخطة أو هذه الأفكار؟ ما قبل النظام حتى الآن فكرة المراقبين التي كان المراد منها إيقاف العنف، بحيث يدور دولابُ العملية السالفة الذكر. لذلك فالمرجَّح أن يصل الأمر خلال أيامٍ قليلةٍ إلى العقوبات الاقتصادية والسياسية من جانب العرب، بعد عقوبات الأوروبيين والأميركيين. وسيظلُّ النظامُ مستطيعاً التنفُّس من ناحيتي العراق ولبنان. لكنّ العقوبات القاسية هذه قد تدفعُهُ إلى وقف العنف وقبول التفاوُض على التحول، كما فعل صالح مؤخَّراً.

هل يشبه النظام السوري الأنظمة العربية الأُخرى؟ إنه يشْبهُها بالطبع، كما يشبهُها في وقوف الثورة الديموغرافية ضدَّه. إنما الاختلاف في الوضع الاستراتيجي، والذي أفاده حتى الآن، لكنه يصبح ضدَّه بالتدريج. فالمنطق الآن لدى الخصوم والأصدقاء: ما عاد بقاءُ النظام السوري ممكناً، لكن أين البديلُ المقُنِع الذي يَخْلُفُه، وكم تستغرق عمليةُ شرعنة ذلك البديل الذي بدأ يبرز (المجلس الوطني)، وإقداره؟ هذه هي المسألة.

=================

الطبقة الوسطى تنتظر منها توضيحات .. المعارضة السورية... ومأزق الضبابية

فاروق حجّي مصطفى

كاتب سوري

تاريخ النشر: الأحد 27 نوفمبر 2011

الاتحاد

ينشر بترتيب مع مشروع "منبر الحرية"

ترى، أيّ نوعٍ من التغيير مطلوب لسوريا؟ هل تريد المعارضة تغيير النظام الأمني أم إسقاطه ككل؟! وبشأن المرحلة الانتقاليّة، وكيفية حسمها، هل ستشارك السلطة في هذه المرحلة؟ وبشكل أوضح هل سيقود الرئيس المرحلة الانتقالية؟ ثم، ألا يمكن للمعارضة الوصول إلى حلول وسط، وهل مشكلة سوريا مشكلة أشخاص أم مشكلة سياسيّة؟ وفيما يتعلق بمسألة التدخُّل الخارجي، ترى أي نوع من التدخل الخارجي مطلوب؟ ألا تحتاجُ المعارضة إلى توضيحٍ أكثر! ولماذا هذه الضبابيّة تجاه مسألة التدخل الخارجي؟ وخصوصاً أنَّ القاعدة الشعبية لا تحبِّذ تدخُّل "الناتو".

وفيما يتحدّثُ الرّأي العامّ عن فشل المبادرة العربيّة، إلى أيّ مدى سيؤثر قرار تجميد عضويّة سوريا في الجامعة؟ ما زالت النقاط التي ذكرناها أعلاه محل اختلاف في سجال المعارضة السوريّة.

والحق أنّ المعارضة يتعقد وضعُها بشكل أكثرَ عمقاً، وقد يتعرّضُ لانزلاق خطيرِ، وينذرُ بتدهورِ المسألة السوريّة نحو مخاطر لا تحمَدُ عُقباها في ضوءِ غيابِ آفاقِ للحلّ لدى السلطة، ولعلّ المعارضة هي أيضاً تتحمّلُ جُزءاً كبيراً من المسؤوليّة في هذا المجال، إذ تعجزُ على الاتفاق على رؤية معقولة وواضحة!

ولا يخفى على أحدٍ أنّ مردّ اختلاف المعارضة يعود إلى التباين في قراءات الحالة السوريّة بين المعارضتين الداخليّة والخارجيّة. وللأسف لم يقفْ هذا الاختلاف عند حدود تباين في الرؤى بل وصلَ الأمرُ إلى حدودِ كيلِ التهَم المتبادلة. فالمعارضة الخارجيّة تتهمُ الداخليّة بأنّها في جيب النظام، فيما تتهم الداخليّة المعارضة الخارجيّة بأنها تعملُ دون أخذ وضع البلاد الداخلي في عين الاعتبار، وتقولُ إنها لا تعيرُ اهتماماً كثيراً لسقوط القتلى والجرحى، وكذلك الاستنفار الأمنيُّ الذي صار خياراً لابدّ منه لدى السلطات، هذا فضلاً عن الفشل في إقناع الشريحة الصامتة والميّالة إلى النظام أكثر من المعارضة.

ولا نستغربُ أن من الاستحالة بمكان إقناع الفئة الصامتة، مع أنّ هذه الشريحة لها دورها وأهميتها شئنا أم أبينا، فهي بمثابة بيض قبّان في المعادلة السوريّة. ولعلّ كلَّ ما ذكِرَ ينعكسُ سلباً على المدن الكبرى ومستوى انخراطِها في الحالة الثوريّة التي يعيشها السوريون منذ أكثر من ثمانية أشهر. ويبدو أنّ عدم فاعليّة هذه المدن وتباطؤ تفاعلها مع الثورة لا يتمّ تجاوزهما عبر تصريح ثوري من هنا ورسالة من هناك، وإنما عبر إعطاء ضمانات لمالكي مفاتيح المدن، وشاغليها!

والحال أنّ فشلَ المبادرة ربما يأتي في المرتبة الثانية مقارنة مع ما يجري في داخل المعارضة السوريّة نفسها من المهاترات. وهي قبل كلِّ شيءٍ أمام استحقاق تاريخي، ولعلّ وحدتها ووحدة خطابها ووضوح برنامجها وأفقها أصبحت من ضروريات المسألة السورية، حيث إن توحيد خطاب المعارضة سيضطرُّ الشريحة الصامتة إلى أن تَحسمَ موقفها، إمّا أن تكونُ مع النظام أو معها!

بالعودة إلى مسألة انخراط المدن الكبرى في الثورة، ومع ما للمدن الكبرى من أهمية معنويّة كبيرة لدى الثورة بشكل عام إلا أنّ التاريخ يذكرُنا أيضاً: كم من ثورات نجحتْ من هوامش المدن وليس من متنها (مركزها)، ثمّ ألا يقولُ ياسين حاج صالح إنّ الثورة السوريّة هي "صراع بين مجتمع العمل ومجتمع الامتيازات والسلطة"، فإذا كانَ كلامُه صحيحاً فمعنى ذلك أنّ مشاركةَ مراكز المدن الكبرى ليس لها معنى كبير لأنّ الرهانَ على سكان مراكز المدن في القيام بالثورات هو رهان خاسر من الأساس، ولعلّ السببَ بالدرجة الأولى يعودُ إلى أنّ غالبيّة السكان تكونُ من مجتمع الأثرياء والامتيازات، وتاليّاً هو جزءٌ من النظام العام أو السلطة؟ هذا من الناحيّة التحليليّة، أما من الناحيّة التاريخيّة، فكانتْ ثمّة دائماً حساسيّة بين المدن السوريّة والغيرة بينها كانت تصلُ إلى حدّ العصبيّة، فمن يدري، ربما، تأخرت دمشق عن مركب الثورة لسببٍ يتعلقُ بطبيعة مجتمعها؟

ولو تصفحَ أحدُنا بعض صفحات التاريخ فقد يلاحظ أن المدن الكبرى تأخرت عن مواكبة الثورات، وقد كانت دمشق عصيّة على التغيير في أكثر من مرة، وربما لهذا السبب التجأ أكرم الحوراني إلى القيام بعصيان في حماه في القرن المنصرم وليس في دمشق. وهذا الأمر قد ينطبق على حلب أيضاً ولو بنسب متفاوتة. وقد يصحُّ القول إن من الخطأ الظن بأن مدينتي حلب ودمشق ستجلبان للثورة السوريّة "رأس الزير سالم"، فدمشق "تُأكل ولا تؤكل"، أو "تَضُم لا أن تضم" حسب تعبير صقر أبو فخر، فهي بهذا المعنى لا تساق وراء أيَّة مدينة من المدن السوريّة الأخرى، ومن يدري فربما تكون عصيّة على التغيير من الخارج والداخل، لكن لا خوفَ عليها.

والسؤال الذي يطرحُ نفسه، ترى، ماذا قدّمَتِ المعارضة لهاتين المدينتين (دمشق وحلب) غير مطالبتهما بالانضمام إلى الثورة؟ في الحقيقة أنّ حلب ودمشق وتبعاً لطبائع مجتمعاتهما تحتاجان إلى اهتمام خاص من خلال توجيهِ رسائل خاصة لأبنائهما. وقصارى القول إنّ المعارضة لم تقمْ بتوضيحِ هدف الثورة السوريّة لفئات معينة من الطبقة الوسطى المدينية السورية، وما إذا كانت الثورة تسعى لتحقيق إسلامية الدولة أم علمانيتها، لأنّ توضيح هذا الهدف يكتسي أهميّة كبيرة.

=================

لا تهاجموا سوريا

أرون ديفيد ميلر – «النيويورك تايمز»

الدستور

27-11-2011

الجامعة العربية توقف عضوية سوريا، والملك عبدالله الثاني، ملك الأردن، يدعو لمغادرة بشار الأسد، وتظهر تركيا مستعدة لإجراءات أكثر عدوانية ضد بشار، والمنشقون عن الجيش السوري يهاجمون أهداف النظام. ومع كل هذا يستمر النظام في قتل شعبه مع تمتعه بحصانة.    

هل حان الوقت الآن لأميركا لكي تتقدم وتقود تدخلا عسكريا للناتو للإطاحة بالنظام السوري؟

لا. لم يحن بعد. فالتدخل العسكري الآن لن يجدي نفعا. لا تنظروا إلى ليبيا لتستفيدوا من دروس لكيفية الإطاحة بهذا الديكتاتور. النموذج الليبي هو بالفعل قصة تحذيرية، ومن المحتمل أن تشكل جزءا كبيرا من المشكلة إذا تم تجاهل الدرس المستفاد.  

بقدر ما هو مؤلم رؤية المدنيين غير المسلحين يُقتلون، يكون التعقل في بعض الأحيان – بالنسبة لأميركا على الأقل وحتى الآن على الأقل– هو حقا الجزء الأفضل من الشجاعة.

ليبيا ليست سوريا. لكنها كانت سهلة المنال- على الأقل من منظور التدخل الخارجي. لأنها مساحة فارغة كبيرة تقدر تقريبا بحجم ألاسكا مع وجود ساحل طويل، وتفتقر إلى منشآت جوية أو دفاعات جوية متطورة، وكان يحكمها نظام من السفاحين والمهرجين، فقد قدمت ليبيا إبان حكم معمر القذافي إمكانية معقولة للنجاح العسكري لحلف الناتو.      

صحيح أن الأمر تطلب ثمانية أشهر دامية وقد عمتها الفوضى للإطاحة بالقذافي. في الواقع، كانت هناك لحظات تساءل فيها مؤيدو التدخل في إدارة أوباما ما إذا كان هذا الأمر سيجدي نفعا أم لا.

التدخل عن طريقة لجنة، يدعمها ثوار غير منظمين، لم يكن أبدا أمرا سهلا. لكنا نحن الأميركيون قد تمتعنا بالحكمة حين قاومنا الضغوط من أجل إنهاء العمل بشكل أسرع من خلال تولي القيادة بشكل مباشر. وقد كان من المهم إشراك الأوروبيين والعرب– حيث أن ليبيا مجاورة لهم في النهاية– والسماح لليبيين بالحصول على شرعية التحرير الذي حققوه (وإن يكن بمساعدة كبيرة من الناتو).

نظام الأسد نظام فاسد، لكن ليس من الواضح على الإطلاق ما اذا كان جاهزا للسقوط. على خلاف ليبيا، التي كانت المعارضة فيها منقسمة، لكنها سيطرت على أجزاء من البلاد على الأقل، المعارضة السورية غير مكتملة، وتفتقر أيضا إلى عنصر التسلح البدائي. وهي عرضة للهجوم بشكل مذهل، ولا تسيطر على أجزاء من البلاد التي يمكنها العمل أو إمدادها بالمساعدات من خلالها.

ترغب المعارضة بخلق مثل هذه المعاقل، لكن ليس هناك مؤشر على أنها تستطيع القيام بذلك الآن، كما أن النظام عازم على إيقافها. في الرستن، وهي بلدة رئيسية على طول طريق مركزي نحو الحدود السورية التركية، أرسل النظام المئات من الدبابات للقيام بذلك على وجه التحديد.

وهناك أيضا مشكلة حشد التحالف الدولي. نعم، العالم غاضب وسوريا تخضع للعقوبات والعزلة. لكن احتمالية تحريك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للمصادقة على تدخل للناتو معدومة. الروس والصينيون يعارضون ذلك على نحو قاطع، وفرنسا وبريطانيا وأميركا مترددون، وذلك لسبب وجيه.

بالإضافة إلى ذلك لا تزال سوريا تملك أصدقاء في المنطقة. لا يمكن لأي منهم أن يحميها، ولكن من المؤكد أن بعضهم قد يقوم بكل ما يستطيع لتعقيد تدخل الحلفاء، بمن فيهم إيران والعراق وحزب الله في لبنان.

سوف تدعم تركيا كلام أقسى وفرض عقوبات أقسى ضد الأسد، لكن أنقرة لن تكون في مقدمة أي تدخل عسكري. وقد يكون الإسرائيليون قادرين على تقديم المساعدة باستخباراتهم، لكن إبعادهم سيكون أمرا ضروريا لأي تدخل ناجح في سوريا.

من المحتمل أن تكون المعركة من أجل سوريا معركة طويلة. وسوف يحتاج المتدخلون الى تحالف مكون من أطراف تتمتع برغبة حقيقية واستعداد لإتمام المهمة، وربما إحضار الجنود الى أرض المعركة.

التحالف المكون من أطراف ذات التزام جزئي قد لا يجدي نفعا. ففي حال بدأت العمليات العسكرية، لن يكون هناك تراجع. والتصعيد سيكون أمرا لا يمكن تجنبه ضد نظام سوف يستخدم كل وسيلة بحوزته للبقاء. لا يجوز تشجيع المعارضة اذا لم يكن هناك استعداد لدعمها.

قبل فترة وجيزة، قدم السفير الأميركي في العراق اعتذارا للمجتمع الشيعي عن فشل الولايات المتحدة في القيام بالمزيد في عام 1991 بعد أن شجعت الشيعة على معارضة صدام حسين. نحن لا نريد أن يتم تكرار هذا الأمر.

الخيارات في سوريا ليست خيارات جيدة. لا يمكننا أن نغرس رؤوسنا في الرمال، ولا يمكننا أن نخسرها.

الى الآن، الإجراءات التي تبدو منطقية تتضمن عقوبات مشددة، الدفع بالأمم المتحدة لإرسال مراقبين لحقوق الإنسان، ومراقبة الحدود السورية اللبنانية والحدود التركية السورية، والدفع بالعرب والأتراك للبدء في دعم المعارضة السورية بالمال والمساعدات العسكرية السرية التي يحتاجونها.

إذا كان الوقت قد حان للتفكير بالعمل العسكري، على السياسيين والمخططين العسكريين التفكير به بحذر. سوريا ليست ليبيا، احتمالية وقوع عنف طائفي وحرب أهلية، واقترانها باحتمالية وجود تدخل خارجي، يجعل التعقيد والمنافسة لليبيا ما بعد القذافي يبدوان بسيطين بالمقارنة.

تكاسل المجتمع الدولي في الوقت الذي يقوم فيه النظام الوحشي بقتل شعبه له ثمنه، لكن كذلك الأمر مع الخطوات الكبيرة التي قد يقدم عليها القوى العظمى. أمر واحد فقط نعرفه عن العمل العسكري التقديري وهو أن الخوض في مثل هذه النزاعات أسهل بكثير دائما من الخروج منه.

=================

«اعطوا النظام فرصة»

سالم الفلاحات

الدستور

27-11-2011

هذا هو العلاج الناجع عند حكام العرب ومنظري استمرار الفساد والاستبداد وحتى القتلة لشعوبهم في التعامل مع الشعوب التائرة لنيل حرياتها هو اعطوا الرجل فرصة حتى لو كانت للقتل

هذا لسان حالهم بل ولسان مقالهم وهكذا يقولون في المسألة السورية ان في الوقت متسع فالخسائر كلها داخلية ومن دماء الشعب السوري ومن استقراره وأمنه وحريته وكرامته

وماذا علينا نحن (عقلاء) العرب لو سكتنا عن مقتل مئات الأطفال وآلاف الرجال والنساء واغتيال الاف افراد الجيش العربي السوري فرئيسهم اعلم بهم وأحرص عليهم وهو بهم رؤوف رحيم !!!

ماذا على حكام العرب لو سكتوا فترة اضافية لمدة مائة يوم بعد مائتين واربعين يوماً مضت لكنها لم تشف غليل النظام الدموي ... وتجدد برغبة الطرفين الفريق الاول نظام بشار الاسد والفريق الثاني الحكام العرب وجامعتهم الخاصَّة اما الشعب السوري فلا شأن له وليس طرفاً في المسألة

لا شيء آلاف الشهداء وآلاف البيوت المدمرة وتفتيت الشعب السوري وحرمانه من نيل حريته وكرامته كبقية الشعوب فقط

هكذا اعطوا الرئيس فرصة فهو رئيس ممانع ابن ممانع ومقاوم بن مقاوم لشعبه منذ ثمانينيات القرن الماضي فإن كانت حماة وجسر الشغور وتدمر هي نصيب بطش الاسد الأول فإن درعا وحمص وحماة بل المدن السورية كلها هي حصة الأسد الثاني وزبانيته

ترى الا يكفي نصاب القتل اليومي من الشعب السوري (30-40) شخصاً بين طفل وامرأة وشيخ وعسكري لو كان هؤلاء ضحايا انفلونزا الخنازير او ضحايا حوادث سير لقامت الدنيا ولم تقعد

إن هذا التردد والتلكؤ والتجاهل يزيد الجرح عمقاً والمشكلة تعقيداً يا ايها    العرب إنه سكوت المجاملة أو الخوف الذي سيفضي الى ما نرفضه جميعاً وهو استقدام قوى الاستعمار الخارجية مع أن الجهة التي تتحمل المسؤولية الكبرى لهذه النتيجة/ لا قدر الله/ هي النظام الأسدي نفسه ثم الصمت العربي الرسمي واسلوبه في التعامل مع وليس للانسان في نظره قيمة من اجل ان يحقق السالة الخالدة للامة !!نظام يقتل شعبه ولم يعد هذا خافياً على احد .

لا تفسير لدى الشعوب المكلومة لسكوت الانظمة على المذابح التي لا تستطيع أن تفعل شيئاً للشعب السوري إلا أن الانظمة العربية أو معظمها إن لم تكن جميعها تخشى على نفسها من أن تحاسب بالمنهجية نفسها في قادم الايام وهي ليست بعيدة

وفي الحديث الشريف “ من اعان على دم امرىء مسلم ولو بشطر كلمة كتب بين عينيه يوم القيامة آيسٌ من رحمة الله “ هذا في الآخرة وأما في الدنيا فالشعوب قد استيقظت ولن تغفر لمن يخذلها أو يقتلها والتاريخ شاهد

=================

مقتدى الصدر إذ ينتصر لبشار الأسد!!

ياسر الزعاترة

الدستور

27-11-2011

للسيد مقتدى الصدر مواقفه التي يعرف المرء منها وينكر، فهو لم يكن ضمن الجوقة التي رحبت بالاحتلال من رموز القوى الشيعية، ورفض في البداية العملية السياسية التي أدارها الاحتلال، لكنه ما لبث أن انخرط فيها، ثم شارك في الحكومات التالية. وكان في مجمل سلوكه السياسي كمن يريد الطهر ونقيضه في آن، وفيما يذكر له إصراره الدائم على رفض أي وجود عسكري أمريكي في البلاد، فقد مارست مليشياته المعروفة بجيش المهدي عمليات تطهير طائفي من اللون الأسوأ في الساحة العراقية، لا توازيها سوى تلك الهجمات الإجرامية ضد المدنيين التي كانت تنسب للقاعدة ويتجادل العراقيون حول منفذيها. ولا ننسى الاستهداف الذي تعرض له الصدر من طرف القوى الأخرى، وفي مقدمتها حزب الدعوة الذي يقوده المالكي، لكن حساباته الطائفية ومرجعيته الإيرانية كانت تسحبه في نهاية المطاف نحو المربع الذي يخدم إستراتيجية إيران في العراق.

يعيش السيد مقتدى منذ مجيء الاحتلال على تراث والده الشهيد محمد صادق الصدر وعمه الشهيد محمد مقتدى الصدر، وكلاهما قتله صدام حسين، فيما يعرف الجميع أنه من دون ذلك الإرث العائلي لم يكن ليشكل لاعبا فاعلا في المعادلة العراقية الداخلية، إذ تتسم شخصيته بالبساطة، وإن وُجد من حوله مجموعة من لاعبي السياسة المهرة.

منذ مدة لم يعد مقتدى الصدر ذلك اللاعب المهم في الساحة التي تسيَّدها نوري المالكي، وما أعادنا إليه هو تدخله في الثورة السورية في تصريحين لم تفصل بينهما سوى أيام، حاول في الأولى إمساك العصا من المنتصف، حيث اعترف بمطالب مشروعة للشعب السوري، في ذات الوقت الذي دعا فيه إلى الإصلاح من الداخل والإبقاء على بشار الأسد.

لكن الضغط الإيراني، وربما بعض الشيعي أيضا قد فعل فعله كما يبدو، فعاد ليصحح الخطأ السابق، وإن لم يكن على نحو سافر، حيث لم يسحب اعترافه ببعض مطالب الشعب السوري، لكنه ذهب في اتجاه هجاء واضح وصريح للثورة السورية.

ففي تصريح وزعه الأربعاء حول دور الجامعة العربية في الشأن السوري وصف الصدر تدخل الجامعة بأنه كان ينتصر “بدون ذرة خجل أو حياء لما تسمى (لاحظ لما تسمى) الثورة السورية، وهي ثورة مسلحة تستهدف المواطنين والعسكريين وتعمل بمنهج طائفي مقيت”.

هنا يتبدى النفس الطائفي للسيد مقتدى مفضوحا على رؤوس الأشهاد، لاسيما أنه يفضح التناقض بين موقفه المؤيد دون تحفظ للثورة في البحرين رغم أنها تنحصر في وسط الشيعة الذين تقول التقديرات إنهم لا يتجاوزن 55 في المئة من السكان في دولة ملكية، وبين موقفه من الثورة السورية التي اتهمها زورا بالطائفية، مع علمه بأن أهل السنة يشكلون حوالي 80 في المئة من السكان.

لا ندري إن كانت الدوائر الإيرانية قد أقنعته بأن الثورة السورية هي ثورة طائفية، مع أننا لم نسمع أية شعارات طائفية في شوارع المدن السورية، أو على لسان رموزها، ورأيناها تخصص جمعة للشهيد صالح العلي (الرمز الوطني العلوي) في محاولة للجم تلك الدعاية التي تتهمها بالطائفية. بل إن أحدا لا يتجاوز الحقيقة حين يؤكد بأن النظام هو الذي يستدعي الطائفية لتوريط العلويين في الدفاع عنه حتى الرمق الأخير.

ينسى السيد مقتدى ومن يتبنون رأيه ما كانوا يقولونه عن صدام حسين، مع العلم أن الأخير لم يكن طائفيا، ولم يتورط في الفرز الطائفي إلا بعد صدامه مع إيران مطلع الثمانينات، كما ينسى أن أصحابه في القوى الشيعية هم الذين استدعوا القوات الأجنبية لغزو العراق.

هل ينبغي على أهل السنة في سوريا أن يقبلوا بعائلة الأسد ورامي مخلوف لكي يثبتوا أنهم غير طائفيين في عرف السيد مقتدى الصدر، وفقط لأنه يعارض أمريكا والكيان الصهيوني، وهل يعني ذلك أن الثوار في سوريا عملاء لأمريكا والكيان الصهيوني؟!

السيد مقتدى الصدر وجَّه إهانة بالغة للشعب السوري، وإذا كانت حكاية الثورة المسلحة هي المشكلة، فهل ينسى أن ثورات مسلحة شيعية قد قامت ضد حكم صدام حسين، وهو يتجاهل أن الثورة كانت (ولا تزال) سلمية الطابع باستثناء بعض الانشقاقات على الجيش من رجال رفضوا توجيه السلاح إلى صدور أبناء شعبهم.

تصريحات الصدر تعزز من دون شك حالة الفرز الطائفي في المنطقة، وتؤكد أن تأييد بشار الأسد لا يعدو أن يكون موقفا طائفيا، اللهم إلا إذا صدقنا أن أحمد الجلبي الذي يرفع رايات الثورة في البحرين (رأيناه خطيبا في مؤتمر لنصرة الثورة يرعاه حزب الله) هو أيضا مقاوم وممانع أمضى عمره في مواجهة العدو الصهيوني والأمريكي!!

ما لا يدركه الصدر ومن يوحون له (أعني الإيرانيين)، أن هذه الروح الطائفية التي ينشرونها سترتد دمارا عليهم أكثر منها على أهل السنة، مع أننا جميعا خاسرون، فيما يربح أعداء الأمة. وليس لهم إذا أرادوا تجنيب المنطقة هذه الحرب المدمرة سوى الاعتراف بمطالب الشعب السوري المشروعة، والذي أعلن بكل صراحة أنه لا يريد بشار الأسد، ولا أعتقد أن مقتدى الصدر قد صدق بأن تلك الحشود التي ينظمها النظام السوري تكفي لإثبات وجود انقسام شعبي حقيقي حوله.

=================

الحالة السورية .. متى يجوز الاختلاف ؟

سميح المعايطة

الرأي الاردنية

27-11-2011

ما يجري في سوريا صنع في عمان وعواصم أخرى قضية مفصلية سياسياً وفكرياً وأخلاقياً وتحديداً بين القوى السياسية التي وقفت ضد النظام والتي تناصره وما زالت تراه نظاماً يقاوم مؤامرات أمريكا والصهيونية, وكلما ازدادت أزمة النظام هناك ازداد الافتراق والخلاف بين القوى السياسية الأردنية وتحديداً قوى المعارضة سواءً المنضوية تحت لواء اللجنة التنسيقية أو جهات تقف دائماً موقف المعارضة في الأردن لكنها لم تتردد لحظة في الوقوف في خندق النظام السوري بحجة أنها مؤامرة على سوريا.

سياسياً نفهم أن يكون هناك مؤيدون للنظام السوري ومعارضون له في المراحل العادية, لكن كيف يمكن تبرير الانشقاق في مواقف القوى المعارضة بحيث يقف بعضها إلى جانب نظام لم يعد استهدافه للناس أمراً سرياً أو محل لبس وغموض.

والغريب أن هذه القوى والشخصيات لا تقف موقفاً تفصيلية بحيث ترفض استهداف سوريا أو التدخل الأجنبي وتدين قتل المواطنين, بل تعلن موقفاً عاماً بالانحياز الكامل لكل ما يفعله النظام السوري جملة وتفصيلا.

وبغض النظر عن الأبعاد السياسية فإن هناك جانباً أخلاقياً هاماً يتعلق بقتل المدنيين وعامة المواطنين, فكيف يتم تبرير مثل هذا الموقف, وتحت أي عنوان يمكن لأي شخص أو جهة تقبل بقتل المدنيين والأطفال أن تقدم موقفها !

ذات الجهات لا تضيع ساعة بعد قرار محافظ بعدم ترخيص مسيرة « قبل الربيع « إلا وتعلن مواقف تدين الحكومة وتتهمها بالقمع, والبعض قاطع الانتخابات النيابية وغادر الحياة السياسية البرلمانية لأنه توقع التزوير وأصدرعشرات التصريحات ضد الحكومة آنذاك لكنه اليوم صامت بل ومادح لنظام يقتل شعبه, بل ويصفه بأنه نظام يواجه مؤامرة صهيونية !

لو كان الأمر قتالاً بين ثوار وجيش لقلنا أننا ننقسم بين مؤيد ومعارض, لكن لم يعد هناك شك أن هناك مجازر بحق عامة الناس, فأي معسكر معارضة هذا الذي يحول الدولة الأردنية إلى شيطان رجيم إذا ضرب شرطي مواطنا بقرار فردي بينما تكون مهرجانات التأييد والمواقف السياسية المنحازة لنظام يقتل الناس من أبناء شعبه ؟

ما كنا نتمناه أن يحصل النظام السوري من هذه القوى والشخصيات على إدانة مثل ما حصلت عليه المادة 23 من قانون هيئة مكافحة الفساد التي لم تقر, فقط نريد من هذه القوى ذات القوة في الإدانة والأحكام القاسية وليس أكثر من ذلك.

والغريب أن البعض من هذه الجهات وقفوا صامتين أو مؤيدين لتدخل الناتو في الملف الليبي, وأيضاً وقفوا إلى جانب النظام السوري حين كان تابعاً للتحالف الدولي بقيادة أمريكا الإمبريالية عام 1991 يوم كانت الحرب على العراق, يومها كان النظام السوري جزءاً من مخالب أمريكا ضد العراق وأعطى شرعية للتدخل الدولي لكن مناصريه اليوم يرفضون حتى إدانة القتل للناس فضلاً عن أي تدخل !

حين يكون الأمر متعلقاً بالقتل لعامة الناس فإنه لا يجوز الاختلاف, وما نسمعه من قادة المعارضة المؤيدين لنظام بشار على فضائيات سورية من مديح للنظام وتبرير لما يفعل إدانة سياسية كبيرة ليس لما يجري اليوم بل لما سيكون, فمن يقدم الذرائع للمجازر لا يجوز له غداُ أن يقدم نفسه نصيراُ لحقوق الإنسان والحريات, فلا يعقل أن تحظى فكرة الصوت الواحد «بنضال» وإدانة خلال حوالي عشرين عاماُ بينما نظام يقتل عامة الناس نمارس بحقه التأييد والمناصرة.

الاختلاف على تقييم الحالة السورية سياسياً أمر ممكن, والانقسام بين رافض ومؤيد لتدخل خارجي متوقع, لكن هل من المعقول أن نختلف على دماء الناس العاديين !!!

=================

سوريّة والعروبة

السبت, 26 نوفمبر 2011

حازم صاغيّة

الحياة

أن يقال إنّ الإيديولوجيا آخر هموم النظام السوريّ ليس اكتشافاً. وهذا التعرّي من الايديولوجيا إنّما نما مع الزمن، لا سيّما مع الانتقال من جيل الآباء، والآباءُ كانوا عقائديّين في شبابهم، إلى جيل الأبناء الورثة. وقد توازى الانتقال هذا مع تراجع أصاب الحزب لمصلحة أجهزة الأمن، ثمّ أصاب «الاشتراكيّة»، أخت «الوحدة» في اللغط البعثيّ، لمصلحة اقتصاد السوق غير المصحوب بالقوانين.

لكنّ العروبة، مع هذا، يصعب التخلّي عنها في سوريّة كما لو كانت عظْمة كلب ميّت. فالوريث لا يقطع، من حيث المبدأ، قطعاً كلّيّاً مع لغة الموروث، وإلاّ اختلّت عمليّة التوريث نفسها. ثمّ إنّ سوريّة «قلب العروبة النابض»، وهي، منذ 1961، جمهوريّة «عربيّة سوريّة»، بغضّ النظر عن حقيقة أنّ الأكراد عُشر سكّانها، وهي نسبة تزيد حين يضاف إليها الأشوريّون وأقليّات صغيرة أخرى غير عربيّة. وأهمّ من هذا وذاك أنّ العروبة يتطلّبها الدور الإقليميّ الذي يتيح لدمشق أن تتدخّل في لبنان وفي سياسات الفلسطينيّين، كما في الأردن والعراق، ناهيك عن تمثيل «العرب» في ظروف التوسّط السابق مع إيران (ولو توازى ذلك مع تمثيل إيران في التوسّط مع «العرب»).

وعلى عمومها كانت هذه الوظائف تستجيب تطلّباً في اللاوعي السياسيّ والجمعيّ للسوريّين العرب، مفاده أنّ «العروبة» تكبّر سوريّة، فتوحّد بها، ولو رمزيّاً، بلداناً تقول الأسطورة القوميّة إنّها فُصلت عنها.

غنيّ عن القول إنّ النفعيّ والوظيفيّ في تلك الأسباب هو ما احتفظ به النظام من العروبة البعثيّة، متلهّياً بالإيديولوجيّ منها على نحو سينيكيّ. بيد أنّ اللغة التي بدأت تظهر في الأيّام الأخيرة، وتحديداً منذ تعليق عضويّة سوريّة في الجامعة العربيّة، تشبه إعلان المكبوت الذي كانت المصالح تستدعي كبته.

فالعرب صاروا، بين ليلة وضحاها، «عرباناً» و «بدواً» وأهل «رمل» وجِمال»... وهذه العنصريّة الصريحة كثيراً ما تجهر بطلب «قوميّة سوريّة» ضاربة، على ما يمضي الزعم، في آلاف السنين.

وكان التاريخ السوريّ الحديث قد شهد عيّنتين على ردّ الفعل هذا، واحدتهما انفجرت مع «انفصال» 1961 الذي أنهى «الاستعمار المصريّ والفرعونيّ»، والثانية حصلت بعد انسحاب الجيش السوريّ من لبنان إثر اغتيال رفيق الحريري. بيد أنّ العيّنتين هاتين، اللتين دلّتا على خصوبة الاستعداد لتشكيل الوطنيّة السوريّة سلبيّاً وضدّيّاً، بقيتا أصغر بلا قياس ممّا يجري اليوم.

فالحاصل الآن أنّ أصوات النظام في دمشق وبعض حلفائه في بيروت يرفعون «القوميّة السوريّة» إلى مصاف الإيديولوجيا الرسميّة، وفي الآن نفسه يجعلونها إحدى صرخاتهم في الحرب التعبويّة.

ولن يكون من الصعب التدليل على جذور دينيّة ومذهبيّة يصدر عنها هذا النزوع المستجدّ. إلاّ أنّ أكثر ما يستوقف، والحال هذه، أنّه لم تعد هناك مصالح عربيّة للنظام تستدعي منه العروبة، ولو بحدّها الأدنى.

ولئن ألقى التحوّل هذا مزيداً من الضوء على مدرسة عريقة، تتعدّى سوريّة، في استخدام العروبة وتوظيفها، فإنّه دلّ أيضاً على مأساة النظام القاتلة. ذاك أنّ الأخير حين يخسر مصالحه العربيّة، أي «أوراقه» الإقليميّة، وحين يتخلّى تالياً عن بقايا غطائها الإيديولوجيّ، يكون قد خسر كلّ شيء.

================

أحياناً... كل الأوراق على الأرض

السبت, 26 نوفمبر 2011

عبدالعزيز السويد

الحياة

الذين يحشرون الطائفية في كل حادثة يُخطئون في حق بلادهم وأنفسهم قبل أي كان، بل يقدمون -من حيث لا يشعرون- هدية لمن يسعى لاستهداف الوطن.

الوطنية والإخلاص لا علاقة لهما بطائفة ولا منطقة، وإذا ما قام أفراد -كما حصل في القطيف- باقتراف جرائم فهم من أجرم ومن يجب أن يؤخذ على يده، ولا ينسحب هذا على طائفتهم ولا أسرهم. وقطع الطرق عن الآمنين بإشعال الإطارات جريمة قذرة، وإطلاق النار واستهداف رجال الأمن ونقاط التفتيش جريمة أكبر وأقبح لأنها تستهدف الجميع، النظام والاستقرار والدولة. وما حدث في القطيف متوقع، ألم يعلن بشار الأسد تهديدات بزلازل وحرائق في المنطقة، وتناغمت معه إيران في أكثر من تصريح قبله وبعده؟ الأمر مرتبط بالتهديدات فالتصعيد يطاول المنطقة كلها، انه جزء من الرد على المواقف السياسية التي اتخذتها الغالبية في الجامعة العربية، والتصعيد بالشغب وتحريك الخلايا النائمة يعني انتهاء مرحلة الديبلوماسية. وخلال الأسابيع الماضية وبعد قرار الجامعة الذي أحدث صدمة للنظام في سورية وفي طهران، أطلقت أصوات سياسية لبنانية معروفة بمواقفها العدائية تجاه الرياض نداءات للسعودية للتدخل والوساطة في الأزمة السورية! صرح ميشال عون بقوله إن هناك شخصاً واحداً يمكنه التدخل لحل الأزمة في سورية، مشيراً إلى الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ونبيه بري أيضاً نادى بالتدخل السعودي، ونشرت صحف لبنانية عن خطاب وجهه الرئيس السوري بشار الأسد للأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد وصفته بالحميمي، لكن الإشارات التي صدرت عن الرياض لاحقاً أكدت ضرورة تطبيق نظام بشار الاسد قرارات الجامعة التي وافق عليها، ونص على ذلك بوضوح في بيان مجلس الوزراء السعودي الأخير، وهذا يعني الإصرار على مبادرة عربية نالت أصوات غالبية أعضاء الجامعة.

وليس من المصادفة أن يعلن قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني والمشرف على نشاط الحرس الثوري في كل من العراق وسورية ولبنان عن «ايرانات» جديدة في دول عربية ذكر منها مصر واليمن والبحرين. والأولى شهدت تطورات سلبية في ميدان التحرير أعادتها إلى المربع الأول، في حين شهدت اليمن توقيع علي عبدالله صالح على المبادرة الخليجية لنقل السلطة، اما البحرين فهي تعلن عن إصلاحات وقبول بتقرير يدين الإفراط في التعامل الأمني، وسليماني هو الذي تتهمه واشنطن بمؤامرة اغتيال السفير السعودي عادل الجبير وتصريحاته من قبيل الأمنيات، فالعيون على سورية والعمل لفك الخناق يتم في أرجاء الوطن العربي، كما انه ليس من المصادفة استهداف جنسيات بعينها بالقتل على الهوية في سورية، خلال أسبوع قتل حجاج أتراك وسعودي وأردنيـــان. وأعلن التلفزيون السوري أن الشاب السعودي المغدور، «سوري الأصل وإرهابي مشهور باسم بندر»، في حين كشف والده انه طالب يدرس في لندن ويقضي إجازة العيد لدى أقاربه، ومن الغريب ألا تحذر السفارة السعودية في دمشق من السفر إلى سورية والاستهداف أوضح من شعاع الشمس، وتكتفي بأنها «تستفسر» من دمشق من دون إجابة.

=================

موت السياسة وموات الدبلوماسية السورية

عيسى الشعيبي

الغد الاردنية

27-11-2011

 إذا كان مستشارو الرئيس السوري، على شاكلة النخب الفكرية وقادة الكتائب الإعلامية، ممن يتصدرون شاشات التلفزيون في الآونة الأخيرة، فإن لنا أن نتوقع سلفاً مآلات هذه الأزمة الذاهبة حثيثاً نحو مسارات الصدام الواسع، وأن ندرك سبب عماء البصيرة المطبق، وفهم تلك الخاصيات الهجينة لدى نظام قمعي يفرط في استخدام القوة بلا سقوف، ويمضى بها نحو الدروب المسدودة بعناد وإصرار عجيبين.

إذ برغم كل تلك المراوغات الدبلوماسية المستهلكة، فقد كانت التوقعات مجمعة منذ بداية الأزمة على أن النظام السوري القائم كلياً على هياكل أمنية أحادية الرؤية، نظام غير قابل للإصلاح من تلقاء نفسه، حتى وإن راود ذلك رأس النظام، ورغبت به أوساط محدودة تعي مخاطر الجمود والتحجر، الأمر الذي كان يفسر أسباب ضياع كل تلك الفرص وفترات السماح والاقتراحات التي ظلت تعرضها على دمشق دول صديقة وحلفاء، فضلاً عن الجامعة العربية، طوال الأشهر الطويلة الماضية.

وهكذا، فقد كان الثوار وسائر أطراف المعارضة السورية هم أكثر الأطراف المخاطبة بهذه الأزمة، يقيناً أن كل عروض الإصلاحات التي كان يقدمها النظام ما هي إلا تهرب من إجراء عملية إصلاح حقيقية في ختام عشر سنوات من الوعود الزائفة، وأن كل المهل الزمنية الممنوحة له كانت تستخدم فقط لشراء مزيد من الوقت، اعتماداً على النظرية القائلة أن ما لم تنجح القوة في تحقيقه، سوف يؤدي مزيد من القوة في بلوغه، تماماً على نحو ما تعاقبت عليه فصول هذه الأزمة الدامية على مدى نحو تسعة أشهر ماضية.

وعليه، فقد كان من غير المفاجئ أبداً أن يرفض النظام السوري الحل العربي المقترح لكسر حلقة العنف المنهجي، وأن يضع نفسه في مواجهة جبهة عريضة من الخصوم والأعداء وجهاً لوجه، متكلاً على فائض القوة المجردة لديه، بعد أن أمات بنفسه الوسائل السياسية والدبلوماسية المتاحة، وراح يغذ الخطى نحو الحائط الأخير، جالباً لنفسه ولشعبه سلسلة من العقوبات الاقتصادية والقطيعة السياسية، التي لم يتعرض لها أبداً أي نظام عربي آخر، من جانب الجامعة العربية.

وتدلنا التجارب العديدة السابقة على أنه عندما تنعدم البدائل السياسية لأي أزمة داخلية أو معضلة بينية متفجرة، ينفتح الباب واسعاً أمام كل تدخل خارجي، وتتهيأ الفرص لتسوية الحسابات المؤجلة مع صاحب الأزمة، إن لم نقل إنه يجري استدراجه إلى الزاوية الضيقة، ومن ثم تهيئة الذرائع المواتية لتفعيل الخطط الجاهزة لشتى أشكال التدخل الممكنة، بما في ذلك التدخل العسكري المباشر وغير المباشر، وذلك على نحو ما حدث في ليبيا بالأمس القريب، وما وقع للعراق قبل ذلك بعدة أعوام.

ملخص القول أن النظام السوري المفتقر في تكوينه البنيوي لإمكانية إجراء إصلاحات طوعية ملبية لآمال المنتفضين، ومتساوقة مع إلحاحات الربيع العربي في الحرية والديمقراطية، وجد نفسه في مسار تصادمي مع شعبه، ولاحقاً مع محيطه، فيما لم يجد لديه الوسائل الدبلوماسية المناسبة لتفكيك عرى الأزمة المتفاقمة، وتضييق مساحة الجبهة التي أخذت تستقطب المزيد من الخصوم والمتربصين من حوله، حيث بدت جهوده الدبلوماسية الضائعة طوال الوقت مجرد مراوغات مكشوفة، كما بدا خطابه السياسي أشبه ببضاعة بائرة فقدت مدة صلاحيتها، ولم يعد هناك مشترون لها.

وأحسب أن هذه الأزمة التي يبدو أنها قد خرجت عن السيطرة، قد بدأت تدخل الآن في طور جديد من المواجهات القاسية، وتندفع نحو آفاق مغلقة، بعد أن حسم النظام القمعي المتوحش خياره المميت وذهب نحو مزيد من العزلة، وحسم النظام الرسمي العربي، بالمقابل، تردده الطويل في مواجهة متعددة الأشكال ومفتوحة على كل الاحتمالات، حيث من المرجح أن تكون عقابيلها ذات مضاعفات سلبية أوسع مدى من حدود الرقعة الجغرافية السورية المشتبكة مع الجوار، وتداعياتها أشد وطأة على الداخل والخارج معاً، وذلك بعد أن ماتت السياسة السورية القائمة تاريخياً على التهديدات والإنذارات المبطنة، وتم تمويت تلك الدبلوماسية المبنية كلياً على المراوغة والمكابرة والتهويل على الغير.

Issa.alshuibi@alghad.jo

=================

من المستفيد من عسكرة المشهد السوري؟

جهاد المحيسن

الغد الاردنية

27-11-2011

بعيدا عن الإسهاب في الحديث عن ضرورة أن يغير النظام السوري من سلوكه تجاه الشعب السوري، ولو تطلب الأمر أن يتنحى الرئيس بشار الأسد، لكن يبقى السؤال الأهم في كل السيناريوهات والأمنيات حول الذهاب بسورية إلى التمزق والتقسيم، التي نعتقد أن ثمة انحرافا واضحا في الآونة الأخيرة قد طرأ على مسارالثورة الشعبية، بحيث يصعب التصديق أنه ليس هنالك أطراف أخرى تسعى لجر السوريين المنتفضين إلى منطقة الفوضى. لا شك أن النظام السوري يتحمل ما وصل إليه حال البلاد عندما راهن النظام على عامل الوقت وكذلك على قوة القبضة الأمنية في حل الموضوع، بدون أن يستوعب النظام أن الموضوع اكبر كثيرا من هذه الخيارات التي أصبحت قديمة وتكبد النظام ذاته خسائر لم تكن في الحسبان، ولعل شبح التدويل والعودة إلى النموذج الليبي هو السيناريو المرغوب غربيا وربما عربيا وهو مطلوب أيضا لأطراف من المعارضة.

وهذه الهرولة نحو التدخل الدولي بحد ذاتها تشكل الخطر الحقيقي الذي يواجه سورية بمعزل عن نظامها ففي المحصلة النهائية ما يعنينا سورية موحدة، وليس دويلات سورية متناثرة هنا أو هناك. ويعد هذا السيناريو الأخطر على سورية وعلى العالم العربي، وسيشكل انتكاسة للربيع العربي الذي حصدت أول ثماره في تونس بعد انتخابات المجلس التأسيسي. وسينطوي على بعد تقسيم طائفي أو اثني خطير في المجتمع السوري، وبالتالي، ستشكل سورية قاطرة سلبية لتمزيق المشرق العربي المتنوع بدل أن تكون دولة ديمقراطية تشكل عاملا في التصدي للطائفية. كما سيتسبب هذا السيناريو في تحجيم أهمية سورية وعزلها عن التأثير إيجابيا في ملفات أساسية، خاصة منها الصراع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. وستصبح ميدانا تتصارع فيه الإرادات الدولية والإقليمية وفقا لمصالحها، وستنعكس تداعيات ذلك على لبنان ودول عربية مجاورة، ليصار إلى وضع عربي معقد يشكل عائقا لعملية التحول الديمقراطي في الأقطار الأخرى.

لذلك فإن مثل هذا السيناريو المخيف، والذي بات يشكل لدى الكثيرين المخرج الوحيد لدائرة العنف الحالية في سورية، يستدعي التفكير مليا في طبيعة الأدوار المقبلة لمن يعتقد أن الحل سيكون بعسكرة الحالة السورية، وإعادة إنتاج النموذج الليبي مرة ثانية في المشرق العربي؛ فالحالة الليبية تختلف تماما عن الحالة السورية وكذلك طبيعة التكوين الاجتماعي والديني والعرقي في المشرق العربي بالإضافة إلى الخطر الصهيوني الجاثم على أرض فلسطين المحتلة والذي يتربص الفرص للتوسع أمنيا واقتصاديا. كل ذلك يستدعي من المهرولين نحو التدويل والعسكرة العودة إلى العقل، ويستدعي من النظام السوري التراجع عن سلوكه العنيف، والاحتكام لإرادة جماهير السوريين حتى لا يحدث ما لا تحمد عقباه.

jihad.almheisen@alghad.jo

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ