ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 23/11/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

هل يتعايش السوريون مع بعضهم؟

عبد الرحمن الراشد

الشرق الأوسط

22-11-2011

منذ بداية الثورة السورية يتكرر السؤال: في حال انفرط عقد النظام الحالي، هل يمكن للعلويين والمسيحيين والدروز والكرد والتركمان والشركس والأرمن والسنة الإمساك بكيان البلاد والتعايش مع بعضهم؟

وراجت منذ البداية أحاديث عن قيام دولة علوية في اللاذقية وطرطوس، ودرزية في شمال الجولان، وكردية في الحسكة، وشاعت التفاصيل الإثنية للمدن والأقاليم المختلطة، واحتمالات انفجار الوضع بين ساكنيها.

باختصار، نحن أمام أعظم امتحان يواجه هذا الجزء المهم من العالم العربي، فهل يمكن أن تنهار سوريا وتتفكك البلاد؟

كل ما نقلته أعلاه محتمل، ولا يستطيع أحد أن يتجاهله عندما يرد الحديث عن مرحلة ما بعد نظام الأسد، لكن أيضا علينا أن نتعاطى مع القضية من جانبين: الأول هو قدر سوريا، والثاني قدرات السوريين.

طبيعة نظام الأسد في أصله غير قابل للبقاء؛ جمهورية تحولت إلى فردية عائلية، وحتى طائفية على الأقل في نظر الأطراف الأخرى، على الرغم من أنني أعرف أن العلويين أنفسهم مظلومون كبقية الشعب السوري، ويحملون آثام النظام أيضا! وبالتالي، هذا النظام ليس مؤهلا للبقاء حتى لو تقع الثورة اليوم. وهذا كان ينطبق على نظام صدام حسين المماثل، قمعي وفردي وطائفي. قدر هذه الأنظمة المشوهة هو الفشل والانهيار.

من جانب آخر، بمقدور الإنسان السوري أن يحافظ على سوريا التي كانت، واستمرت، ومؤهلة أن تستمر بخريطتها اليوم. فنظام الأسد لم يصنع سوريا الحديثة، ولم يرسم خريطتها، ولم يخلق التعايش بين فئاتها. والتباين الإثني والعرقي لا يحول دون استمرار سوريا، فهذه خصائص معظم دول العالم اليوم أن مكوناتها أعراق أو طوائف شتى، تتعايش وفق نظام يساوي بينها. سوريا ليست أكثر تعقيدا من العراق، ولا أشد تباينا من المغرب أو الجزائر أو العراق. يكاد لا توجد بلدان كبيرة في العالم بلا فروقات، القاسم المشترك بينها رابط الدولة الحديثة، حيث لكل فرد وجماعة موقعها. وقد أثبتت تجارب الدول الحديثة أن أعظمها نجاحا أكثرها اختلاطا، وانسجاما أيضا.

وبالتالي، نعم تحت الرماد السوري توجد مشكلة طائفية يحاول النظام اللعب عليها حتى يحصل على المدد من الرجال الذين يدافعون بصدق عن النظام معتقدين أنه دفاع عن وجودهم، وحتى يستطيع أن يلجأ إليها الرئيس عند سقوطه الحتمي. مع هذا القلق المشروع، أستبعد كثيرا أن تقع حرب أهلية، أو أن تتفكك الجمهورية إلى دويلات إلا إذا كان الجميع راغب في ذلك، وهو أمر لم نلمسه قط في أدبيات الناقدين والحانقين. إن وحدة الشعب مسألة ثقافية، لا جغرافية أو تاريخية، فالأمم التي نراها اليوم تكاد لا تحمل كثيرا من أمم الماضي القديم إلا قلة منها بقيت كياناتها متجانسة، أما الغالبية فهي أمم مختلطة ناجحة متعايشة تحت سقف نظام يحترم التعددية والجماعة والأفراد.

alrashed@asharqalawsat.com

===============

الأزمة السورية وحتمية التدويل

منذر عيد الزملكاني

الشرق الأوسط

22-11-2011

لقد كان للضغط العربي أثره المبين على النظام في سوريا، وأحدث فيه هزة سياسية كبيرة أفقدته توازنه، ودفع به نحو مزيد من التخبط السياسي والدبلوماسي والقمع الأمني والانتقام حتى من الانتماء العربي، لا.. بل التنكر للقومية العربية التي صبغت هويته وأسبغت عليه الشرعية منذ نشأته الأولى.

لم نكن نعهد سياسة رد الفعل في الدبلوماسية السورية من قبل، ولطالما اشتهر عنها سياسة التروي والنفس الطويل والتربص لا المواجهة، وذلك لعقود مضت. لكن الخروج عن المألوف المصطنع قد أبان وهن النظام وأظهر ضعفه الشديد وكشف الستار عن أجهزته غير المؤهلة، بل المفككة أيضا، وأعطى تصورا حقيقيا لدى الجميع عن تحوله إلى عصابات تخريبية تعيث في الأرض فسادا.

إن فشل النظام السوري في التعامل مع المبادرة العربية بإيجابية أثبت أن البوصلة السياسية للنظام السوري التي طالما أنقذته من محنه وتورطاته طيلة أربعة عقود قد تم عطبها وتخريبها بفعل ثورة الحرية والكرامة للشعب السوري، وأدخلت النظام السوري في غياهب تيه سياسي لن يخرج منه هذه المرة إلا بسقوطه.

عربيا، سوف تتسارع الجامعة العربية لعقد اجتماعات في الأيام المقبلة لدراسة ما يمكن اتخاذه من إجراءات لمواجهة الحملة القمعية التي سوف تزداد وحشية في الأيام المقبلة، لكن الجامعة العربية تفتقر للآليات المتأصلة قانونيا لتنفيذ القرارات، إضافة إلى عدم إلزاميتها من قبل جميع الدول الأعضاء، فمثلا قررت الجزائر عدم الاستجابة لقرار الجامعة العربية الداعي إلى سحب سفراء الدول الأعضاء من سوريا وأبقت على سفيرها في دمشق، إضافة إلى دور سوريا المحوري في الشرق الأوسط وارتباط النظام السوري بقوى دولية وإقليمية، حكومية وغير حكومية ذات تأثير سياسي كبير في هذه المنطقة. كل ذلك سيضع الجامعة العربية في مأزق حقيقي ويجعل الملف السوري يتسلل إلى ما وراء حدود الدول العربية، أي التدويل.

لقد أعرب الشعب السوري لشهور خلت عن معارضته الشديدة للتدخل الأجنبي من خلال إيمانه العميق بأن سلمية الثورة هي الطريق الأوحد لإسقاط النظام، لكن هذا الإيمان العميق تحول إلى كفر بواح بالتظاهر السلمي كطريق وحيد لإسقاط النظام، فأصبح الشعب ينادي بالحماية الدولية والحظر الجوي، وما هي في الحقيقة إلا ضرب من آليات التدخل الدولي الذي أضحى بالنسبة لهم أبغض الحلال للوصول إلى إسقاط النظام، لكن النظام في سوريا سيجند موضوع التدويل لصالحه وسيكون أقوى سياسيا وإعلاميا على مواجهته، فنظريات المؤامرة على سوريا واستهدافها كدولة ممانعة ودولة مواجهة وحيدة لإسرائيل زاخرة به أدبيات النظام ومن سار في ركبه في الشرق والغرب.

لكن ما هي آليات التدخل الأجنبي؟ وتحت أي مظلة دولية سيكون التدخل؟ هل سيتكرر السيناريو الليبي أم يتم إحياء المشهد الصربي؟ وبمعنى آخر هل التدخل سيكون بإشراف الأمم المتحدة أم أنه سيكون بتحرك منفرد من قبل الناتو، أم سيكون بتحالف عدة دول عربية وإقليمية ودولية ذات صلة مباشرة بالوضع في سوريا؟ الولايات المتحدة الأميركية عندما تتخذ قرار التدخل في سوريا فإن آخر ما تفكر به هو المظلة السياسية والشرعية، حتى إنها في بعض الأحيان لا تأبه بها أبدا، وهذا ما حدث عند احتلال العراق عام 2003. الولايات المتحدة احتلت العراق بمعية دول كبرى وصغرى من دون مرجعية سياسية أو مظلة قانونية وتحت ذرائع زائفة تم نسجها في أوكار المحافظين الجدد. إذن مفاتيح الحل هناك في البيت الأبيض تحت وسادة الرئيس الأميركي أوباما، وسيستخدمها في وقتها حتى وإن عارضت روسيا أو الصين أو أي دولة أخرى، فما دامت هناك مصالح متبادلة وبيع وشراء فكل شيء ممكن.. هذه هي شبكة العلاقات الدولية بكل بساطة.

كلنا نذكر كم عارضت روسيا تدخل الناتو في يوغوسلافيا سابقا ذلك الحليف الأقوى دائما بامتدادها الديني، فالناتو لم يتدخل للإطاحة بميلوفيتش وحسب، بل قام بتجزئة يوغوسلافيا إلى دويلات متناحرة، وماذا فعلت روسيا؟؟ لا شيء. لا أعتقد أن الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تعد العدة الآن للتدخل في سوريا، لأننا نعلم أن أي تدخل غربي مهما كان شأنه لا بد أن يسبقه دائما تجييش إعلامي رهيب يمهد له الطريق، وهذا ما لم نره حتى الآن. بل على العكس التغطية الإعلامية الغربية للأحداث في سوريا فقيرة جدا على الرغم مما ارتكبته أجهزة القمع الأسدية من وحشية وطعن للقيم الإنسانية، فأحيانا تمر أيام بل أسابيع ولا نجد مادة إعلامية واحدة تتطرق للأحداث في سوريا لا تصريحا ولا تلميحا.

لكن لماذا يعرض الغرب عن معالجة الأزمة في سوريا بشكل جذري وينشغل بحلول لن تؤتي أكلها إلا بعد فناء الشعب السوري على أيدي أجهزة النظام وزبانيته؟ والجواب هو أن العالم بأجمعه يراهن حتى الآن على تجاوز النظام السوري لهذه الأزمة، فمصلحة الجميع عربيا وإقليميا ودوليا مع بقاء هذا النظام ما دام فيه نفس يتنفس، وهذا ما يفسر لنا إعطاءه المهلة تلو الأخرى من قبل بعض وكلاء القوى الكبرى في منطقتنا، وتزداد وحشية النظام مع كل مهلة جديدة أملا منه في قمع الثورة والثوار، لكن فشل النظام في تحقيق ذلك يحرج الشرق والغرب والعرب والعجم ويضعهم أمام مسؤولية أخلاقية تلزمهم التدخل المباشر أو غير المباشر وخصوصا مما بات يعرف بالعالم الحر حامي حمى حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية، أو كما يزعمون.

وأخيرا فإن الخروج الحقيقي من الأزمة السورية لن يكون إلا بإسقاط النظام بكل أركانه، وذلك من خلال سيناريوهات عدة مطروحة، منها هروب بشار الأسد فجأة، أو الانشقاقات الكبيرة المتوقعة في قواعد وهرم المؤسسة العسكرية، ويبقى الأرجح هو التدخل الخارجي، وبالنسبة لبشار الأسد فإن أحلى هذه السبل سيكون مرا.

*باحث في مركز الدراسات السورية، جامعة سانت أندروز، المملكة المتحدة

============================

من يتآمر على سورية؟

الياس خوري

القدس العربي

2011-11-21

بعد تفكك خطاب الامارات السلفية والعصابات المسلحة، وظهور تهافته، لجأ النظام السوري الى خطاب المؤامرة الاستعمارية، وخصوصا بعد قرار الجامعة العربية. وهو خطاب يلاقي الكثير من الهوى عند بعض القوى السياسية لأنه يغطي خطابها الفئوي بمسألة مبدئية تتعلق بالتصدي للقوى الكولونيالية الطامعة في ثروات المنطقة العربية، ويجد بعض الرواج في اوساط مثقفين ينتمون الى التيار القومي او اليساري، لأنه يشكّل مهربا من ضرورة مواجهة كسلهم الفكري، امام متغيرات كبرى ليست مألوفة في قواميسهم العتيقة.

شرط تشكّل خطاب المؤامرة هو فقدان الذاكرة. وهذا يقتضي محو الوقائع التي صنعت بدايات الثورة الشعبية السورية:

الحقيقة الأولى هي محاولات اولية قامت بها مجموعات صغيرة تنتمي الى اليسار العلماني للتحرك في دمشق. وقد ووجهت التحركات الصغيرة التي قام بها هؤلاء بعنف شديد، منعها من التحول الى ظاهرة تتعدى اوساط المثقفين.

الحقيقة الثانية، هي مأساة اطفال درعا، الذين كتبوا على الحيطان شعار 'الشعب يريد اسقاط النظام'، نتيجة تأثرهم بالمناخ العام الذي صنعته الثورتان التونسية والمصرية. تحوّل هذا الحدث الصغير الذي صنعه الأطفال، الى تعبير صارخ عن واقع مزدوج الدلالات. فقد عبّر من جهة عن جرأة الأطفال على التعبير حين يصمت الكبار خوفا او تحسباً، كما كشف من جهة ثانية طبيعة النظام المخابراتي الوحشي الذي يحكم سورية منذ اربعة عقود. بدلا من ان يعتذر النظام عن تعذيب الأطفال ويعاقب مرتكبي هذا الفعل الشنيع، استمر في اعتقالهم، واهان اهلهم الذين ذهبوا للتوسط اليه عبر مسهم في شرفهم واعراضهم، ما اشعل شرارة الثورة في حوران، التي امتدت الى سورية كلها. الى ان وصلت الأمور الى تحول الطفل الشهيد حمزة الخطيب بجسده الممزق الى رمز وايقونة.

الحقيقة الثالثة هي الاستخفاف بمطالب الشعب، وقيام رأس النظام باستبدال تعبير 'الجرذان' الذي استخدمه القذافي، بتعبير 'الجراثيم'، من اجل وصف المتظاهرين، مظهراً التعنت والصلف والكبرياء، وهي سمات جعلت من القمع الذي لا يرحم الوسيلة الوحيدة لمواجهة الحركة الشعبية، بحيث صارت المظاهرات حقولا للقتل والجريمة.

هذه الحقائق الأولية يجب ان تكون اساس اي كلام عن الوضع السوري الراهن. قبل ان يتحدث النظام عن مؤامرة امريكية- قطرية- سعودية لاسقاطه، وقبل ان يتحدث معارضوه عن ظاهرة التمسك الاسرائيلي ببقائه، على التحليل ان ينطلق من هذه الحقائق الثلاث كي يتلمس وسيلة لفهم الثورة السورية، باعتبارها ثورة عفوية قام بها الشعب يأساً من النظام، ودفاعاً عن كرامته الانسانية التي ديست بالبوطات العسكرية، ومن دون ان ينتظر معارضة هشّمها القمع وهمّشها.

من الصعب ان نقتنع بفرضية المؤامرة العفوية! فهذا النوع من الكلام البائس ينتمي الى الماضي، ولم يعد قادرا على مخاطبة احد، فكيف يُقنع السوريين الذين شاهدوا آلة القمع التي تطحنهم وهي تمتزج بآلة الكذب التي تعمل على تحطيم صورة بطولة نضالهم ونبله.

الانتفاضة الشعبية العفوية لم تفاجىء النظام الاستبدادي وحده بل فاجأت المعارضة الديمقراطية ايضاً، كما فاجأت العالم بأسره. والارتباك الدولي الذي شهدنا فصوله مع الايام الاولى للثورتين التونسية والمصرية، تكرر في سورية على مدى ثمانية اشهر كاملة. هذا لا يعني بالطبع ان لا وجود لاحتمالات تآمرية على المنطقة. المؤامرة وجدت حين بدأ النظام المصري في التهاوي، فجرى تركيب ديكتاتورية مقنعة من اجل اجهاض الثورة. كما ان المؤامرة في الحالة الليبية لم تكن ممكنة لولا عناد الديكتاتور الأحمق، الذي استجلب التدخل الخارجي، وقاده الهوس بنفسه الى قرار تدمير الوطن كثمن لسقوطه عن عرشه الوهمي.

المفاجأة بالثورة لا تعفي الثوريين وقوى المعارضة من المسؤولية. وحدها الثورة من يستطيع حماية سورية من التفكك الذي يهدد الوطن، بسبب السياسة الرعناء للنظام، التي تستند الى الدعم الخارجي، ولا تتورع عن تحطيم كل شيء.

الثورة السورية في شهرها التاسع تواجه اربعة اخطار:

الخطر الأول هو الانجرار الى الممارسات الطائفية. هذا هو الفخ الاكبر الكفيل بتحطيم كل القيم التي سقط الألوف دفاعا عنها. لا للانتقام الطائفي مهما كانت الاسباب، ومسؤولية المجلس الوطني وجميع قوى المعارضة ادانة هذا السلوك، والا تكون الثورة قد سقطت في العنصرية، وبدأت تحفر قبرها بيدها.

الخطر الثاني هو استخدام السلاح. هناك انشقاقات في الجيش، وتشكيلات عسكرية متعددة تقول انها تنتمي الى الجيش الحر. يجب ان يخضع هذا الجيش لاستراتيجية تضعها القيادة السياسية، كي لا يتحول اداة يستخدمها الخارج. ويجب على العسكريين ان يفهموا ان الثورة السورية هي ثورة شعبية سلمية وليست انقلابا.

الخطر الثالث، هو الترويج للتدخل العسكري الخارجي. هذا التدخل هو مقتل الثورة لأنه يشجع على سيادة الوهم بأن الدول الغربية الاستعمارية ستأتي لأنقاذ الشعب من سطوة نظام احترف الانحناء وتقديم الخدمات للخارج، في مقابل تأبيد سلطته. التدخل العسكري الخارجي لن يأتي، هذا اذا اتى اصلا، الا لحظة ترنح النظام عشية سقوطه، وهو بهذا المعنى سيكون بلا معنى، وسيعرض سورية للوقوع في فخ المؤامرة.

الخطر الرابع، هو عدم ايلاء العمل السياسي كامل الاهتمام. النظام يناور ويخادع، لكن هذا لا يعني ان لا يستمر الضغط السياسي عليه. لكن الضغط العربي والدولي على اهميته، لن يحلّ المشكلة. المشكلة يحلها الشعب السوري الذي حين يخوض معركته من اجل الديموقراطية، فهو لا يخوضها من ضمن عقلية المحاور العربية، وليس من اجل تغطية الاستبداد النفطي، بل من اجل حرية سورية والعرب.

مسؤولية انقاذ سورية من المؤامرة التي يقودها اليها جنون النظام ومشروعه الانتحاري، تقع على عاتق المعارضة ومناضلي التنسيقيات. الطريق قد يكون صعبا وطويلا، لكنه طريق الحرية الذي رسمته كرامة الناس وهي تتصدى للاذلال والقمع.

' ' '

ميدان التحرير

عاد الميدان الى اصحابه، وعاد ثوار مصر الى ميدانهم. لم تعد الديكتاتورية المقنّعة حينا والسافرة حينا آخر ممكنة. المجلس العسكري ينقلب على الثورة قبل تحقيق اي من انجازاتها، ويعود الى اساليب القمع.

عاد الشباب الى الميدان من اجل كتابة صفحة جديدة في ثورتهم.

لا تستطيع الثورة ان تتوقف في منتصف الطريق.

منتصف الطريق يفتح الباب واسعا امام الثورة المضادة، ويسمح لمؤامرة افراغ الثورة من مضمونها بأن تنتصر.

وهذا ما يعيه شباب مصر وهم يواجهون الرصاص نفسه وفي الميدان نفسه.

انهم يحملون وطنهم في حناجرهم المجروحة بصيحات الحرية، وفي قبضاتهم المرفوعة الى الأعلى.

لهم الحب والتحية والتضامن.

===============================

دمشق وصنعاء انقذوا اوطانكم من التدمير

د. محمد صالح المسفر

القدس العربي

2011-11-21

(1) في الشام واليمن حرب ضروس يقودها الرئيس بشار الاسد في سورية وعلي عبد الله صالح في اليمن تحت ذريعة المحافظة على الامن والسيادة والاستقرار والوحدة الوطنية ومحاربة الارهاب. الاول يقول ان بلاده سورية تتعرض لمؤامرة صهيونية امبريالية بتواطؤ عربي تقودة الجامعة العربية وان هناك عصابات مسلحة ومرتزقة تمولهم جهات اجنبية للعبث بامن سورية واستقرارها وان المبادرات العربية لم تعط فرصة للنظام للتعامل مع الاحداث. يقول قادة النظام في دمشق وانصارهم من اهل القلم في سورية وبعض الدول العربية ان الهجمة على سورية ظالمة لانها الدولة العربية التي تقف في صف المقاومة والممانعة لكل مخططات الامبريالية الصهيو  اوربية وتواطؤ ودول الموالاة العربية مع تلك المخططات.

يقيني بان معظم حكامنا العرب لم يتعلموا من دروس الازمات التاريخية، انهم لم يتعلموا من التاريخ لانهم لم يسمحوا بتدريس التاريخ بطريقة علمية واكتفوا بتاريخ اسرهم ومدد حكمهم وتاريخ قمعهم لمطالب الشعب في اوطانهم. كلنا نعرف مكانة سورية التاريخية واهمية موقعها الجغرافي، ونعرف اطماع الغير في الهيمنة على دمشق وبغداد والقاهرة. لكن هل يعرف النظام السياسي الحاكم في دمشق  حق المعرفة بان الهجمة على سورية الدور والتاريخ والمكانة  ان المواجهه مع كل هذه القوى ستكون غير متكافئة وان الخاسر الاكبر الشعب السوري العظيم وكل ما بناه. هل تعلم النظام السياسي في دمشق مما حل بالعراق الشقيق وما حل بليبيا والصومال ويوغسلافيا من دمار ودماء وتفكيك، اسباب ذلك تعود الى الثقة غير الواقعية بالنفس وبقوة قبضة النظام على مقاليد الامور وانه يستطيع اخراج الملايين الى الشوارع للهتاف لبقاء النظام وسقوط كل دعاة التغيير، ومن الاسباب ايضا حب التمسك بالسلطة من البداية حتى القبر، ولن يقبلوا بتداول السلطة ولو اصبح الوطن مدمرا عن بكرة ابيه يبد النظام وغيره من المتربصين بامتنا العربية.

كيف يمكن انقاذ سورية الحبيبة من دمار قادم لا شك فيه؟ الرأي عندي ان يسلم الرئيس بشار الاسد رئاسة الدولة الى نائبه السيد فاروق الشرع، ويسلم مهام الحزب الى نائبه السيد محمد بخيتان ويتوارى عن الانظار، على ان يتولى نائبا الرئيس حل الاجهزة الامنية الطائفية، وسحب كل المظاهر المسلحة من الشوارع والارياف، وتشكيل وحدة امنية مستقلة من شرفاء الحزب والجيش والمعارضة لتتولى المحافظة على الامن الداخلي، اجراء اصلاح فوري لجهاز الاعلام بما يتناسب وظروف المرحلة الانتقالية. الدعوة لتشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية مكونة من المعارضة بكل فصائلها الداخلية والخارجية ومن شرفاء حزب البعث العربي الاشتراكي. تشكيل محكمة وطنية مستقلة من قضاة مشهود لهم بالنزاهة والامانة ليتولوا محاكمة كل من اتهم بارتكاب جرائم ضد الشعب السوري في ثورته / انتفاضته المباركة ضد النظام المتهم بالفساد والاستبداد والعابث بالمال العام.

بهذه الاجراءات نستطيع افشال المؤامرة الخارجية على سورية، وقطع دابر 'العصابات المسلحة' التي يقول بها النظام السوري، فهل يفعل بشار الاسد ويترك السلطة حماية لسورية وسيادتها ووحدة اراضيها؟

( 2 ) اما اليمن الشقيق فانه لم يعش حالة في تاريخه الطويل اسوأ من حاله اليوم تحت حكم علي عبد الله صالح، انه يقود البلاد الى كارثة سياسية واجتماعية انه يقودها نحو الانهيار، الكل يعلم انه لم يعمل طوال حكمه على بناء الدولة اليمنية كما يجب. ويقيني بان المعارضة بكل مكوناتها من الشيوخ والشباب ونساء اليمن الباسلات يعملون جميعا على المحافظة على الدولة من الانهيار لان الرئيس مصر على ان يحكم اليمن ويورثها لنسله والا يدمرها ويفكك وحدتها. هذا الرجل استطاع ان يمرر اكاذيبه على كل القيادات العربية والغربية واستطاع ابتزازهم ماليا تحت ذريعة محاربة الارهاب. يوحي للغرب وللجيران بان اليمن مأوى الارهاب الدولي وانه القادر على التصدي لتنظيم القاعدة وفصائل الارهاب الاخرى وان بقاءه في الحكم هو الضامن لامن واستقرارالجزيرة العربية ودحر الارهاب.

يجمع اهل اليمن العامة والخاصة ان تنظيم القاعدة هناك هو تنظيم وهمي يديره ويموله عبد الله صالح ليبتز به دول الجوار وامريكا للحصول على المساعدات المالية بذريعة محاربة الارهاب. والغريب ان دول مجلس التعاون ما برحت تصدقه وتطالبه بالتوقيع على مبادرتها التي انتهت صلاحيتها ورفضها الشعب اليمني بالاغلبية المطلقة. غريب ان يقف مجلس التعاون متشددا تجاه النظام السوري ومتراخيا بل استطيع القول حاميا لنظام علي عبد الله صالح من السقوط رغم الجرائم التي ارتكبها طاغية اليمن الحدث. وقد يسلم البلاد للحرس الجمهوري الذي يقوده ابنه.

اخر القول: على مجلس التعاون ان يرفع يده عن حماية نظام االاستبداد والفجور في اليمن والا فانهم شركاء في ابادة الشعب اليمني.

===============================

كل عام وأنتم بخير: في ذكرى حركة التصحيح في سورية...

د. يحيى مصطفى كامل

القدس العربي

2011-11-21

بينما كنت أقلب القنوات الفضائية في شرود، استقريت، بالصدفة البحتة والله، على الفضائية السورية... فوجدت مذيعيها يهنئون أطرافاً عديدة في حبورٍ طافح بالذكرى السنوية لحركة التصحيح مسلطين الأضواء على الفعاليات الشعبية النشطة المخصصة للاحتفال بها... مغالباً شعوري العميق بالتقصير في أداء واجبي حيث لم أرتد ثياب العيد ولم أرسل برقيات التهاني والمعايدة في هذه المناسبة المقدسة وللتكفيرعن ذنبي إذ نسيت قرب حلول الذكرى فقد عكفت على استحضار الحدث التاريخي العظيم بكل جلاله الذي دشن هذه المسيرة الطويلة الملتوية من عمر الكابوس الممتد الذي أوصل الشعب السوري إلى هذا القاع من الجحيم....

لعل أول ما أدهشني هو هذا الانفصام عن الواقع... كأن البلد لا تجتاحه ثورة ولا يعاني من أية مشاكل وكأن 'حركة التصحيح' تلك خارج التاريخ كونها إحدى الحقائق المقدسة المنزلة من السماء..

وبعد طول تفكر تأكد لدي أن للحدث دلالته العميقة والكاشفة فهو يشكل ظاهرةً مهمة في التاريخ العربي الحديث.. فذلك الانقلاب العسكري الذي يشبه للوهلة الأولى غيره من الانقلابات الكثيرة في سورية كان ناطقاً بكل المكونات الرئيسية والمميزة التي صبغت النظام الناتج عنه: الإقصاء والفرز الطائفي وسيطرة الأمن المتغلغل في شتى مناحي الحياة وأدقها والمعتمد في كوادره على وحدة الطائفة فالعشيرة فالأسرة، والعنف ثم العنف ثم العنف... بطريقةٍ ما شكلت الممارسات الإقصائية للأسد استمراراً للخط الذي بدأ بوصول البعث إلى السلطة وربما بالانفصال، إلا أنه تميز بمقدرةٍ فائقة لا مثيل لها على التآمر الصموت والقسوة الدموية مع التركيز على المنحى الطائفي/العشائري... لقد استهل عهده المبارك بالتخلص من رفاق الأمس إعداماً وسجناً ونفياً بصورةٍ منهجية، وبذا فقد ولد نظام آل الأسد من الدم والعنف وعُمد بالدم والتصفيات... ثم استعاض عن تصلب ودوجماتيكية سابقيه وعن سلطة حزب البعث المفترضة وهيكله ببراجماتية سياسية ومرونة تهدف وتتمكن من البقاء مع النجاح المدهش في التظاهر بالحرص على المبادئ، وقد تزامن ذلك مع إفراغ الحزب من أية فعالية حقيقية إثر عملية إحلال وإبدال ضخمة جندت أهل الثقة وملأت بهم الصفوف، وهو نفس ما حدث في منظومة الأمن البشعة التي بات قوامها من المنتمين إلى طائفةٍ أو عشيرة أو منطقةٍ جغرافيةٍ بعينها يذلون الناس ويشيعون الرعب حتى لم يعد في سورية نظامٌ يعتمد على الأمن وإنما أمنٌ ينتج نظاماً ويصيغ سياساته وأولوياته ويرتبط ارتباطاً عضوياً أسرياً مع أسرة الرئيس...

بيد أن أهم سمات ومنجزات النظام، في رأيي هو الملف الخارجي، ذلك الذي تعامل معه الأسد الأب مولف النظام ببراعة؛ لم يكن لدى الرجل ونظامه سوى ثابتٍ أساسي ألا وهو البقاء لنظامه بما يسبغه من سلطةٍ ونفوذ عليه وعلى أسرته والدائرة الضيقة من الملتفين حوله (الذين لا يأتي انتماؤهم إلى نفس العشيرة والطائفة من قبيل الصدفة...) وعلى استمرار التركيبة الاجتماعية الغير طبيعية التي كرسها بالعنف والأمن/الاستخبار... وفي سبيل ذلك كان على أتم استعداد للعب بأقصى درجات المرونة والتحالف مع أي طرف، مع الشيطان نفسه إذا اقتضى الامر... وإبان خروج مصر من معادلة الصراع وفي زمن الجزر الثوري وانتكاس مشروع النهضة والتنمية والتحرر العربي مما يقتضي الإنصاف عدم تحميل نظام الأسد المسؤولية عنه وحده، في هذه الملابسات تقدم الأسد لملأ فراغ القوة الأقليمي مزايداً على القضايا الوطنية المصيرية ومتدثراً برطانة البعث التي ورثها... في حقيقة الأمر وجوهره لم يختلف كثيراً عن بقية الطوائف اللبنانية بتحالفاتها الهادفة للبقاء في محيطٍ ضيقٍ مشتعل يغص بالفرقاء؛ الاختلاف أنه جيش وراء بقائه بلداً وشعباً بأكمله لم يكن يرى نفسه من خلال الطائفة على عكس الحال في لبنان وأن الطرف الأقوى الذي كان يصارعه على مناطق النفوذ كان إسرائيل وفق لعبة معقدة خلت تماما من شبهة وهم القضاء عليها...وزاد على ذلك بأن اصطنع شبكةً إقليميةً وعلاقات عالمية تدعم موقفه وتردفه في الأزمات...لقد نجح ذلك النظام بتفوق في البقاء وفي أن يكون مزعجاً بما فيه الكفاية...ولكنه كان يعرف حدوده التي لا يتخطاها....

أما داخلياً فإن النظام الذي استن توريث السلطة الرئاسية يواجه فشلاً اقتصادياً وتفتتاً وركوداً اجتماعياً في وجه فساد الجهاز الحكومي البشع وترهله واستئثار العشيرة بدايةً ومن ثم الاسرة الرئاسية الذهبية وأقرب الاقرباء بمصادر الثروة كلها تقريباً ضانين بالفتات الذي كان يُلقى به إلى الطبقات الوسطى الأنشط اقتصادياً في المدينتين الأكبر دمشق وحلب... لذا، فحين غشي الموج الثوري سورية وفاض الكيل بالشعب لم يبق سوى التطويق الأمني الكثيف للمدينتين (وربما رواسب من أطياف وآمال المصالح المتبادلة مع النظام؟..) يحول بينهما والانضمام إلى الغالبية الساحقة من الجمهور في الأطراف المطالب بسقوط النظام ومحاكمة رأسه ومنظومته الأمنية المتغولة، وإن كان ذلك النمط آخذٌ في الانكسار الآن...إن النظام/ الأسرة الذي استولى بجشعٍ غبيٍ جهول على الاقتصاد لم يدرك أنه يقلص تحت قدميه تلك القاعدة من التحالفات الدقيقة مع فئات وطبقات من بورجوازية المدن التي ضُمنت مصالحها مما وفر توافقاً ما كفل للنظام الاستمرار عبر سنوات ٍ طويلة وغطاءً إلى منظومة الأمن الأساسية يدعمها إعلامٌ موجه في الداخل وتابع ٌ في بعض العواصم العربية تنشر المزايدات على القضايا المصيرية أمام جمهورٍ انطلت على بعض قطاعاته هذه الأكاذيب...

لقد عرت الثورة النظام من ادعاءات المبادئ ولم تعد تجدي المزايدات و'الكليشيهات' المعتادة عن المقاومة والممانعة إلخ...عرته تماماً حتى بان على حقيقته: عصبةٌ أمنيةٌ شرسة ونظامٌ منحطٌ وفاسد حتى النخاع نجح في إلصاق مسميات وسُتر الدولة الحديثة على تصوراتٍ وبنى حاكمة هي مزيج من العشائرية والطائفية الإقصائية الفاشستية المنحدرة من مخلفات العصور الوسطى... عرته الثورة أمام شعبه وأمام أولئك المخدوعين فيه ولم تبق سوى تلك الشبكة التي ذكرنا من التحالفات تدعمه وتؤخر سقوطه حفظاً لمصالحها على حساب الشعب السوري، وليس مما يدهش أن النظام الذي كرس الطائفية واعتمدها أسلوباً وزاداً يحاول الآن في يأسٍ متسرع أن يصطنع له قاعدةً داخليةً تدعمه من الأقليات لاعباً على وتر التخويف من مستقبلٍ تُضطهد فيه ليعوض تلك القاعدة الأخرى من التحالفات الطبقية القائمة على المصالح التي ذكرنا والتي استغرق بناؤها سنواتٍ عديدة... هذا بالإضافة طبعاً إلى منظومة الأمن وفرقٍ عسكرية بعينها تم انتقاؤها وفقاً للولاءات الطائفية والعشائرية فهي ترى بقاءها من بقاء النظام...

إن النظام الذي بدأ بالترحيب بالربيع العربي قبل أن يصل إلى سورية ثم حين داهمته الثورة انهمك في قتل شعبه بينما يحتفل بذكرى حركة التصحيح نظامٌ فاسدٌ منفصمٌ عن الواقع من الأساس...فهو لا يرى سبباً وجيهاً في خضم كل ما يحدث يدعوه إلى نقد الذات أو مراجعة الماضي من عمر النظام/ الظاهرة أو حتى قليلاً من التواضع وتخفيف الرطن...هو يزعم أو يرى أنه يستطيع التعامل مع الأزمة وأنه ليست لديه إشكاليات عميقة، وعليه ما كل ذلك الحديث عن الإصلاح والحوار سوى محض هراء وشراء للوقت بما يتيح للمنظومة الأمنية بالسيطرة على الموقف، أي قتل من تستطيع وإرهاب الباقين..

ولكن هيهات... لقد وصل الصراع في سورية إلى مرحلةٍ لم يعد للتوافق فيها من مجال ولن تجدي المسكنات... والمعادلة بسيطة، إما أن يرحل الشعب أو يرحل النظام...

عقلي البسيط يخبرني بأن المنطق والتاريخ يؤكدان رحيل النظام إن عاجلاً أو آجلاً.

' كاتب مصري يقيم في بريطانيا

==================================

لا لأي تدخل أجنبي في سورية..

22-11-2011

سلامة العكور

الرأي الأردنية

عندما تتم دعوة تركيا للتدخل في الشأن السوري بدعوى حماية المدنيين السوريين من بطش النظام السوري وجيشه فإن ذلك يعني دعوة تركيا لاستخدام القوة العسكرية.. ويعني أيضا الدعوة إلى نشوب حرب بين تركيا وسورية لا يعرف مداها وعواقبها إلا الله تعالى..وقد تتسع دائرة هذه الحرب لتشمل حلف «النيتو» أيضا باعتبار تركيا عضواً فيه..

والذي نستغربه ونستهجنه أن هذه الدعوة جاءت من جماعة الإخوان المسلمين في سورية !!.. وإذا عرفنا أن إيران قد أعلنت غير مرة أن أي اعتداء على سورية يعتبر اعتداء عليها وكذلك فعل حزب الله في لبنان, ألايعني هذا أن حربا إقليمية واسعة ومدمرة قد تنشب بالمنطقة؟.

أما جماعة الإخوان المسلمين في الأردن فقد اعترضت على تدخل الأجنبي ودعت إلى تدخل عربي لحماية الشعب السوري من بطش حكومته وجيشه !

وهنا نتساءل: كيف تستطيع الجامعة العربية حماية الشعب السوري؟!.. هل يمكن حمايته عن طريق فرض مزيد من العقوبات التي لا تلحق ضررا إلا بأبناء الشعب السوري؟.. أم عن طريق طرد سورية من الجامعة العربية ومقاطعتها وطرد سفرائها من العواصم العربية وتجميد العلاقات التجارية وغيرها معها؟!.. أم عن طريق تشكيل جيش من بعض الدول العربية ومن متطوعين نخوة منهم لشن حرب على نظام الحكم في سورية؟!

وهذا ما تعجز عنه الدول العربية إلا إذا استعانت بجهات أجنبية كحلف النيتو مثلا؟!..وإلا كانت شنت حربا على إسرائيل وانتصرت عليها..

وهكذا حلول لن تكون في صالح المعارضة السورية أبدا.. ولن تلبي مطالب الشعب السوري بالديمقراطية والحريات العامة والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان.. إلخ.. وأي حرب عربية عربية قد تنشب في المنطقة ستكون في صالح العدو الإسرائيلي واعداء الامة..

مما سبق لا يظنن احد اننا مع استمرار نظام الحكم السوري الحالي ابدا.. فنحن مع سقوطه او تغييره اليوم قبل الغد.. فنظام حكم يقتل ابناءه لن يكون صالحا لشعبه او لوطنه..

ربما يتساءل احد كيف يمكن اسقاط هذا النظام او تغييره اذا؟!!..

وللاجابة على هذا التساؤل نقول: يمكن ذلك عن طريق الديمقراطية التي يجب ان يتفق عليها بالحوار فاذا ما نجحت جامعة الدول العربية في فتح باب الحوار المباشر بين نظام الحكم وبين المعارضة بجميع اطيافها السياسية وليس مع جماعة الاخوان المسلمين بمفردهم، وتم الاتفاق على تحقيق مطالب المعارضة او معظمها في تحقيق الاصلاح الشامل وتم التوافق على دستور جديد للبلاد..

وبسقف زمني محدد ومتفق عليه فان ذلك يعتبر انجازا تاريخيا يحقن دماء ابناء الشعب السوري.. وبعد ذلك فان صناديق الاقتراع كفيلة بسقوط او بتغيير كل ما يريد الشعب السوري تغييره..

اما الاصرار على اسقاط النظام السوري عن طريق التدخل العسكري الاجنبي او العربي والذي سيؤدي حتما الى حرب مدمرة في سورية وفي المنطقة وعلى غرار ما تعرض له العراق الشقيق فان ذلك امر مرفوض مرفوض..

فلسنا مفتونين او حتى مؤيدين لسيطرة جماعة الاخوان المسلمين على نظام الحكم في سورية بديلا لنظام الحكم الحالي ابدا.. صحيح ان لهم دورا مشرفا في النضال ضد انظمة الحكم الفاسدة، ولكن لا نقبل بتفردهم باي نظام حكم عربي..

وذلك لانهم لا يؤمنون حقا بالديمقراطية وبالتعددية السياسية والحزبية..

==================================

دمشق... قطعت شعرة معاوية؟!

راجح الخوري

rajeh.khoury@annahar.com.lb

النهار

22-11-2011

سياسة "الاستمهال" التي طبقتها الجامعة العربية في سعيها لمعالجة الازمة السورية انتهت تقريباً الى ما انتهت اليه سياسة "الاستعجال" التي طبقتها مع نظام القذافي، مع فارق ملحوظ هو ان الجامعة التي فتحت باب التدويل في ليبيا قد تكتفي الآن بنفض "قميص عثمان السوري" والاعلان عن قطع شعرة معاوية مع دمشق، وهو ما يشكل نصف فتحة لباب التدويل!

ليس خافياً ان التدويل في ليبيا شيء وفي سوريا شيء آخر. في ليبيا تغييرالنظام كلف حرباً وانتهت (هل انتهت؟) اما في سوريا فإن تغييرالنظام قد يكلف حرباً اكبر واشرس لأنه يعني تغيير الواقع الاستراتيجي في المنطقة والاقليم، ويمكن معاينة ذلك بالتأمل في فداحة الخسارة الايرانية وفي انحسار نفوذ الروس والصينيين ومصالحهم.

نعم انقطعت شعرة معاوية بين دمشق والجامعة العربية، فقد بدأ الاسبوع بالتراشق بالاتهامات. الرئيس الاسد اتهمها بالسعي لايجاد ذريعة لتدخل عسكري غربي مكرراً ان هذا سيحدث زلزالاً، في حين تواصل الجامعة تكرار رفضها التدخل الدولي والقول ان مبادرتها هي للحل وقطع الطريق على هذا التدخل. ولكن من الواضح بعد شهرين من الاجتماعات والاتصالات حول المبادرة التي اقترحتها الجامعة ان الامور وصلت الى حائط مسدود:

وليد المعلم اعلن ان بروتوكول الجامعة حول مهمة البعثة العربية ينطوي على بنود "تخرق السيادة السورية وفيه الكثير من التعجيز"، والجامعة ردت برفض التعديلات السورية، معلنة انها "تمس جوهر الوثيقة... وتغيّر جذرياً طبيعة مهمة البعثة المحددة بالتحقق من تنفيذ الخطة العربية لحل الازمة وتوفير الحماية للمدنيين".

الضربة التي قضت على "المبادرة العربية" جاءت من كلام الرئيس السوري لصحيفة "الصنداي تايمس"، عندما اتهم الجامعة بأنها تحاول تدويل الملف السوري وتوفير ذريعة لتدخل عسكري ضد سوريا، ولكنه بهذا يكون قد خسر وقتاً ثميناً، لأنه بمجرد ان تنفض الجامعة يدها من الازمة السورية على ما قد يحدث يوم الخميس المقبل، فإن ذلك قد يشكل مسوغاً لتدخل دولي انطلاقاً من بنود واضحة في مبادئ الامم المتحدة حيال موضوع "حماية المدنيين".

وعندما يتهم وليد المعلم اميركا وتركيا "بالدفع في اتجاه حرب اهلية في سورية"، فإن ذلك لا يضيف شيئاً جديداً الى عناصرالصورة المأسوية الدامية، وخصوصاً عندما يقول الاسد ان الحل الوحيد ليس سحب الجيش بل البحث عن المسلحين وملاحقة العصابات المسلحة وانه مستعد للقتال والموت ضد اي تدخل اجنبي!

فشل مؤسسة الجامعة يجعل منها جثة كبيرة في الساحة السورية، التي تبدو وكأنها تستنسخ الساحة الليبية لتغيير"زلزالي" فعلاً، يرسم استراتيجيا جديدة للمنطقة!

===================================

حين تأكل الثورات أبناءها!

الياس الديري

elias.dairy@annahar.com.lb

النهار

لا يزال "الربيع العربي" يستأثر بمعظم الاهتمام الدولي بعد الإقليمي. ولا تزال الأنظار مركّزة على المخاض الدموي الذي تعيشه سوريا منذ ما يقارب تسعة أشهر.

وفي الوقت ذاته ثمة الكثير من المتابعة باهتمام وعناية لما بدأت تعانيه بعض الثورات التي رقصت لها المنطقة والعالم، سواء في مصر أم في تونس أم في ليبيا أم في اليمن، وصولاً إلى المواجهة المجهولة النتائج والأبعاد في سوريا.

كانوا، ولا يزالون، يقولون إنّ الثورات تأكل أبناءها. وفي التاريخ الكثير من الأمثلة والشواهد. إلا أن ذلك ليس كل شيء، ولا ينسينا كيف كانت الثورات تستولد من تكوينها الفوضوي والارتجالي ثورات وارتدادات متتالية ومتناقضة... حتى بالنسبة إلى أكل الأبناء والآباء والأوصياء معاً.

وحين أطلّ ما سمي "الربيع العربي"، وبصحبته فجر الثورات الغاضبة وبروز نجم الأجيال الجديدة، كان لا بد من إعادة التذكّر والتذكير بما يمكن تسميته دروساً وقواعد وأسساً، تصبّ جميعاً في خانة "أكل" الأبناء وقطع رؤوس الآباء والعرّابين معاً.

إلى أين يصل بنا هذا التذكير، وإلى أية أمثولات وعِبَر؟

ربّما إلى دعوة الشعوب العربيّة إلى عدم استغراب ما يحصل في "دول الربيع"، وعدم استبعاد الانتقال إلى مرحلة تالية "تهدي" إلى الربيع وثواره وأنصاره وأفراحه مسلسلاً مفتوحاً من الثورات الانقلابيّة داخل الثورة الواحدة والبلد الواحد، وعلى امتداد زمني ليس من السهل التحدّث الآن عن مواعيد تقريبيّة له.

وعودة الاعتراض والاحتجاج والدم إلى الميادين، والساحات، والمدن، والعناوين الرئيسيّة في الصحف والتلفزيونات، والأحاديث العاديّة، لم يعد وقفاً على تونس وحدها، أو على مصر وحدها، أو على ليبيا وحدها، أو على اليمن وحدها، أو على البحرين وحدها، أو على سوريا وحدها...

ليس من الضروري الرجوع دائماً وأبداً إلى الثورة الفرنسيّة أم الثورات في العصر الحديث، ثم الثورة البولشيفيّة التي استطاعت أن تتطوّر إلى نظام حكم نصف الكرة الأرضية لأكثر من نصف قرن، وما شهدته هاتان الثورتان، للاقتناع بالعبرة القائلة بأن الثورات تأكل أبناءها.

أو لا بدّ لها أن تبدأ بأكل أبنائها، لتنصرف لاحقاً إلى أكل الآخرين، وإلى إهداء الظلم والقهر والاضطهاد إلى كثيرين من الذين ناصروها وكانوا من ضحايا النظام السابق، ولم تلبث أن حوّلتهم هي بدورها هدفاً لقمعها وسجونها والمنفى أو الموت الحتمي.

لا محال، ولا مفرّ من الثورات داخل الثورات، ومن الخيبات، والانتقامات، والانقلابات، والحركات التصحيحيّة، قبل الوصول إلى تصحيح التصحيح، وحيث يكون الموعد الكبير مع التغيير والديموقراطية الحقّة والحريّة والعدالة.

====================================

التدخّل مستبعد والضغط العربي يحرجها .. روسيا تضطلع بدور مختلف مع النظام السوري؟

روزانا بومنصف

النهار

تبدو روسيا من خلال المواقف التي يعلنها مسؤولوها الكبار في الموضوع السوري في ظل تشدد في الدفاع عن النظام السوري، على رغم زيارتين لموسكو لكل من مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون الاسبوع الماضي ورئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون، كأنها استعادت زمن الحرب الباردة في الشق المتصل بعلاقاتها في الشرق الاوسط. وهذا الانطباع اثاره في البدء الفيتو الذي استخدمته روسيا في مجلس الامن الى جانب الصين، او بالاحرى والصين الى جانبها باعتبار ان الصين لا تنفرد في فيتو من هذا النوع من دون روسيا، في الرابع من تشرين الاول الماضي رفضا لقرار يصدره مجلس الامن الدولي يدين فيه ممارسات النظام السوري واعماله ضد معارضيه ويهدد باجراءات محتملة ضده. يضاف الى ذلك الانطباع بأن روسيا خدعت من خلال القرار الدولي في شأن ليبيا من اجل حماية المدنيين الذين كان يستهدفهم الرئيس معمر القذافي والذي اعتبرته روسيا ذريعة لتدخل الناتو وفق ما حصل.

لكن روسيا لا تعارض تدخلا دوليا في سوريا لم يطرحه احد بعد على رغم خروج الرئيس السوري الى العلن باطلالتين صحافيتين بفارق ثلاثة اسابيع في ما بينهما من اجل تأكيد القول انه سيقف وسيقاتل في وجه اي تدخل اجنبي فحسب، بل هي تعارض حتى الان تنحي الرئيس السوري، كما تنتقد المعارضة لرفضها محاورته باستثناء ما اتصل بتسليم السلطة في ما يبدو وقوف روسيا في وجه الدول الغربية في هذا المطلب قبل موضوع التدخل الخارجي. وقد احرجت روسيا بالموقف الذي اتخذته الدول العربية بتعليق عضوية سوريا في الجامعة واعلنت رفضها له كونه يضعها في موقف صعب اذ يكاد يجعلها في موقع واحد مع ايران في الدفاع عن النظام، علما ان ايران لم تعد تجاهر بذلك بمقدار ما يفعل المسؤولون الروس. يضاف الى ذلك واقع ان الضغوط العربية ستجعل روسيا تبدو في موقع الخاسر ازاء الرأي العام العربي كما حصل بالنسبة الى ليبيا حين كانت في المقلب الاخر من التغيير الذي حصل هناك.

وتقول مصادر ديبلوماسية ان التدخل الاجنبي في سوريا غير وارد ولا احد يطرحه وهو غير موجود حتى لدى الاتراك على رغم الكلام الذي تورده الصحف في هذا الاطار. والرئيس السوري يعرف ذلك جيدا لكن وبما ان الشعب السوري بموالاته ومعارضته ضد التدخل الخارجي فهو يسعى الى تعزيز موقفه من خلال تصوير ما يحصل في سوريا كأنه يقود الى ذلك. وتكشف هذه المصادر انه في مقابل ذلك يتم العمل على مقاربات مختلفة لروسيا فيها الدور الاكبر وفق ما اظهرت زيارة اشتون وفيون لموسكو الاسبوع الماضي. فالاعتبارات التي تستند اليها روسيا، الى جانب مصالحها وعلاقاتها الخاصة مع سوريا، خوفها من الهجمة الغربية كما حصل في الموضوع الليبي الى جانب اقتناعها بان الاسد لن يتنحى بناء على اي طلب منه باعتبار انه ليس في وضع يدفعه الى ذلك مع استمرار وجود بعض الدعم له وليس ضعيفا الى الحد الذي يجبره على ذلك حتى الان بل هو يحاول ان يستمر وتاليا فان مطالبة روسيا له بالتنحي لن تؤثر في اعتقادها. يضاف الى ذلك خوف روسيا وفق ما عبرت عنه من حصول فوضى وربما بروز متطرفين لاحقا.

الا ان هذا الوضع غير مريح بالنسبة الى روسيا التي تدرك جيدا انها في وضع سيئ مع حرق اعلامها والتنديد بها وربما ستجد نفسها في الجانب الخاطئ من التاريخ لاقتناعها الى جانب محاولات اقناعها بان لا عودة الى الوراء في سوريا وانه لا بد من التغيير الديموقراطي الذي بات لا مفر منه مما يجعل روسيا خاسرة في نهاية الامر في حال بقيت على موقفها الممانع للضغوط الغربية ليس الا. ولذلك فان المقاربة الافضل تتم وفق المصادر الديبلوماسية المعنية من خلال حض موسكو على لعب دور لا يمكن سواها ان يقوم به خصوصا الدول الغربية او الولايات المتحدة الاميركية. اذ ان سوريا في مأزق وروسيا ايضا والدول الغربية في مأزق لعدم توافر الخيارات السحرية التي تدفع الاسد الى الرحيل. يضاف الى ذلك ان الدول العربية ايضا في مأزق كون المبادرة العربية ليست هي الحل ولا تتضمن حلولا والوضع نفسه ينسحب على تركيا التي لا تستطيع المجازفة باضطربات على حدودها وإن كانت تندفع في مواقف كلامية كبيرة.

وبحسب هذه المصادر قد يكون من باب المصلحة الروسية ألا تكون في موقع الخاسر كما بدت في ليبيا، في حين ان سوريا ربما تنزلق الى الحرب التي تتخوف منها روسيا، ومن مصلحة سوريا نفسها ايضا تجنب الحرب، ومن زاوية الحؤول دون ان يحصل التغيير عن طريق الغرب ان تلعب دورا فاعلا ومغايرا لذلك الذي تقوم به راهنا. ويمكن المجتمع الدولي ان يلحق بها لان لا احد يملك حلا مختلفا او سحريا بحيث تعمل على اقناع الاسد الذي يشكل عاملا اساسيا في هذه العملية باجراء عملية انتقال تؤدي الى تغيير النظام فينقذ سوريا ويوفر عليها جملة تداعيات خطيرة على صعد عدة لا مجال لذكرها.

وعلى ذمة هذه المصادر فإن الحل الذي يتم البحث عنه يرتكز الى هذه المقاربات.

rosana.boumounsef@annahar.com.lb

========================

مختار في درعا!

علي حماده

النهار

السياحة السياسية التي يقوم بها رئيس الجمهورية، وخطبه الرتيبة وكأنها مستقاة من كتب التربية المدنية التي كانت تدرس في السبعينات، ومهرجانات راشيا الاستقلالية، كلها لا تزيد مناسبة الاستقلال وهجا هذا العام، ولا تعني ان لبنان في ظل ادارة الرئيس سليمان ومع حكومة نجيب ميقاتي يعيش حالة استقلالية كتلك التي تحدث عنها الاول من راشيا، وقد دفع من اجلها رجالات كبار اكبر الاثمان، فإذا بالانتهازيين يرثون (او يحاولون) دماء من اتوا بالاستقلال الثاني بقوة عزائمهم، وبشجاعتهم في مواجهة النظام الامني السوري – اللبناني المشترك، وبجرأتهم في الدفاع عن الكيان والنظام والصيغة في مواجهة فاشيستية "حزب الله". من علامات الانحطاط السياسي ان تكون للبنان حكومة تمثل حقا وحقيقة صفوة قتلة الاستقلاليين في لبنان، وصفوة قتلة الاطفال في سوريا. ومن علامات الانحطاط ان يكون رئيس الحكومة معينا من خارج ارادة بيئته لا بل ضد ارادتها، ورغما عنها بقوة سلاح حالة فاشيستية فرضت سيطرتها من فرط ما استسلم امامها الكثيرون. ومن علامات الانحطاط ان يكون اصغر مختار في درعا او ادلب اكثر شجاعة، وعزّة، وحرية من كثيرين يتقلدون ارفع المناصب في بلدنا.

اما شعار الحفاظ على الاستقرار الذي رفعوه فقام في جوهره على فكرة ان يستسلم اللبنانيون ويذعنوا لمشيئة حملة السلاح حفاظا على الاستقرار. وفي كل مناسبة يعودون الينا بأسطوانة الحفاظ على الاستقرار.قالوا: لقد استسلم رئيس الجمهورية للقمصان السود حفاظا على الاستقرار، ومشى وليد جنبلاط في الصف موقتا حقنا للدماء بين الدروز والشيعة، وخان نجيب ميقاتي اهله منعا للانفجار ودرءا للانهيار. وفي النهاية اين وصلنا؟ لم نصل الى دولة ودويلة فحسب، بل الى مرحلة انقضت فيها الدويلة على الدولة وبدأت بنهشها في احشائها. وصلنا الى مرحلة صار فيها الحديث على العدالة ولا سيما عند رئيس حكومة اتى على دماء رفيق الحريري مجرد ارقام تطرح من باب الخوف من غضب المجتمع الدولي الذي يمكن ان يصيب مصالحه في الخارج، لا من باب العدالة لشهداء كبار قضوا في سبيل لبنان. والانكى ان لبنان يصوت في المحافل الدولية والعربية بجانب قتلة الاطفال في سوريا تحت عنوان الحفاظ على الاستقرار.

أي استقرار هذا الذي يتحدثون عنه؟ انه الاستقرار نفسه الذي كان بشار الاسد وقبله والده يتغنيان به. انه استقرار الاحتلال الداخلي، والقهر، والقتل، ونشر الرعب، ومصادرة مستقبل الناس. انه استقرار التخلف والعزلة الدولية. استقرار تمجيد القتلة ورفعهم الى مصاف القديسين.انه استقرار ابتلاع الدولة وسيادة اللاقانون، وقيام عصر العصابات المسلحة في كل مكان. انه استقرار بيروت المحتلة، والجبل المخترق المهدد، والعقارات المقضومة، والتوسع الديموغرافي الممنهج.

في عيد الاستقلال، كم كنا نتمنى ان يكون لبنان الرسمي اكثر استقلالا واقل تبعية لقتلة لبنان وسوريا.

ali.hamade@annahar.com.lb

=========================

تقرير من تونس

فهمي هويدي

السفير

حين تعقد الجمعية التأسيسية التونسية أول اجتماع لها اليوم لبدء خطوات تسليم السلطة إلى قوى الثورة، فإنهم يعلنون نجاحهم في ما فشلت فيه الثورة المصرية، حتى الآن.

1

أتحدث عن الاجتماع الذي يفترض أن يتم فيه انتخاب رئيس المجلس التأسيسي، والاتفاق على ترتيب انتخاب رئيس الدولة وتعيين رئيس الحكومة، وتنظيم الإجراءات التي تنتهي بوضع دستور جديد للبلاد، خلال فترة يرجى لها ألا تتجاوز 18 شهرا.

حين قلت إنهم نجحوا في ما فشلنا فيه، فلم أكن أعنى فقط أنهم بدأوا خطوات إقامة نظامهم الجديد، المتعثر عندنا، وإنما عنيت أنهم دخلوا إلى تلك المرحلة من باب الوفاق والتفاهم الذي يفترض أن يفضي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية. بعدما تفاهموا على أن يتولى رئاسة الدولة والجمعية التأسيسية اثنان من العلمانيين، وان يرأس الحكومة الأمين العام لحزب النهضة الإسلامي، الذي حاز اكبر نسبة من المقاعد.

التوافق الحاصل في الساحة التونسية ليس من ثمار ثورة 14 يناير، لكنه سابق عليها بعدة سنوات، ذلك أن القوى الوطنية التونسية قررت أن تتحدى ذلك النظام في عام 2005، حيث شكلت في ما بينها تجمعا باسم «18 أكتوبر للحقوق والحريات». وذلك هو التاريخ الذي أعلنت فيه ثماني شخصيات وطنية الإضراب عن الطعام احتجاجات على تدهور على حالة الحريات العامة  وقصد أولئك النشطاء أن يعلنوا عن إضرابهم الذي استمر لأكثر من شهر قبل انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات الذي تقرر عقده في 17 نوفمبر من العام ذاته. وأرادوا بذلك فضح النظام وإحراجه أمام الوفود القادمة من مختلف أنحاء العالم، آنذاك تشكلت لجنة وطنية للإضراب ضمت بعض الأحزاب التي كانت حركة النهضة من بينها. وحين لقيت اللجنة تأييدا واسعا من قطاعات مختلفة من المجتمع، قررت أن تقيم منتدى 18 أكتوبر، الذي دعيت مختلف التيارات إلى مناقشة خلافاتها الفكرية، وأعلن رسميا عن تأسيس ذلك المنتدى في 25 يناير من عام 2006.

طوال أربع سنوات ظلت هيئة منتدى 18 أكتوبر تدرس خلافاتها وتسعى إلى تحديد القواسم المشتركة التي يمكن الاتفاق حولها، وانتهت إلى إصدار ثلاثة أوراق شكلت أرضية الاتفاق، واحدة حول المساواة بين الجنسين والثانية خاصة بحرية المعتقد والضمير والثالثة تناولت علاقة الدين بالدولة في مجتمع مسلم ديموقراطي. وصدرت تلك الوثائق في عام 2010  في العام السابق على الثورة  في كراسة بعنوان: طريقنا إلى الديمقراطية  وكان من نتيجة ذلك التوافق أنه حين قامت الثورة، فإن طريق العمل المشترك بين قوى الاعتدال الإسلامي والعلماني كان ممهدا.

2

لم يكن مستغربا أن تصاب شرائح الغلاه من الليبراليين والعلمانيين المتحكمة في المجال العام منذ الاستقلال في عام 1956 بصدمة شديدة حين حققت حركة النهضة تقدمها في الانتخابات. وكانت عملية التخويف ومحاولات الاصطياد والإيقاع من أهم الوسائل التي استخدمت في تلك المواجهة.

وكان رئيس اللجنة التي شكلت للحفاظ على الثورة  عياض بن عاشور  أحد الذين دعوا إلى حذف الإسلام من هوية الدولة (النص موجود في الدستور منذ الاستقلال)  وخرجت مجموعة باسم «النساء الديموقراطيات» طالبت بمساواة الرجل بالمرأة في الميراث، وطالبت إحدى السيدات في ندوة عقدها التلفزيون الفرنسي بتدخل فرنسا لإنقاذ السيدات من «براثن» النهضة. وأثارت أخرى ضجة لأن واحدة من نواب النهضة رفضت مشروعها لتقنين وضع الأمهات العازبات (اللاتي أنجبن بغير زواج) وعرضت إحدى القنوات شريطا صور الذات الإلهية وعرضت فتاة أخرى شريطا قبل الانتخابات أعلنت فيه البطلة أنها «كافرة». وكانت الضجة الكبرى حين دعا السيد حمادي الجبالي الأمين العام لحزب النهضة إلى تمثل الخلافة الراشدة السادسة (كان يقصد إشاعة العدل في البلاد كما فعل الخليفة عمر بن عبد العزيز). وقد أثار ذلك غضب غلاة العلمانيين الذين استفزهم استخدام مصطلح الخلافة الراشدة.

ومنذ عاد قادة النهضة من المنفى إلى بلادهم، خصوصا الشيخ راشد الغنوشي، وهو يواجه بأسئلة حول مصير الحانات وغير المحجبات والمايوهات البكيني والسينما والبنوك... إلخ، وفى الأسبوع الماضي اجتمع بعض الفنانين مع أحد المسؤولين عن الثقافة في النهضة (العجمي الوريمي) وكان الاجتماع مكرسا لبحث مصير الرقص الشرقي في ظل الحكومة الجديدة.

للدقة فإن هذا اللغط يثيره المثقفون والفرقاء السياسيون. في حين أنه لا يحتل حيزا يذكر في الشارع التونسي. ذلك أن المجتمع يعاني من مشكلة البطالة والكساد، نتيجة لتوقف السياحة بصورة نسبية بعد الثورة. الأمر الذي زاد من العاطلين الذين كان عددهم 500 ألف فوصل العدد بعد الثورة إلى 700 ألف، والعدد مرشح لأن يصل إلى مليون عاطل إذا استمر الحال كما هو عليه الآن (لاحظ أن سكان تونس عشرة ملايين).

في الوقت ذاته فإن الجميع لا يكفون عن الحديث عن فضائح النظام السابق التي باتت على كل لسان. وأكثر تلك الفضائح تدور حول علاقات الرئيس السابق وذمته المالية وأطماعه هو وزوجته وأهلها «الطرابلسية»، وما سمعته عن الرئيس السابق يفوق القدرة على التصديق، فعلاقاته مع الموساد الإسرائيلي ودوره في قتل بعض القادة الفلسطينيين محل تحقيق. ثم إن فساد ذمته المالية تجاوز حدود اكتنازه للأموال النقدية والمجوهرات في سراديب قصوره ووصل إلى درجة إتجاره في المخدرات الذي كان يتم بواسطة شقيقه (اتهم بقتله). وقد فوجئ الجميع بأن بعض قصوره احتوت على مخازن كدست فيها الثلاجات والبوتاغازات وأجهزة التلفزيون والغسالات. ويظل ذلك كله أمرا محدودا إلى جانب عمليات النهب العظيم التي طالت الأراضي والغابات والمشروعات الاقتصادية الكبرى التي كان ينتزع بعضها من أصحابها، وقد لجأ عدد منهم إلى الهجرة من البلاد فرارا من ذلك المصير، في حين أقدم آخرون على الانتحار حين اكتشفوا أن شقاء عمرهم اختطفت منهم.

استوقفني فيما سمعت عن فساد العهد السابق المعلومات التي اكتشفت في ملفات وكالة الإعلام الخارجي، حيث تبين مثلا أن الوكالة كانت تدفع شهريا 2 مليون دولار لشراء بعض وسائل الإعلام في لبنان، بينها قناتان تليفزيونيتان شهيرتان. كذلك كانت تدفع مبالغ أخرى لصحافيين عرب، منهم مصريون أشير إلى أحدهم بحرفي (م.ج). كما أشير إلى أن تقارير تلك الوكالة التي كان تمجد بن علي وعهده، كانت تنشر باعتبارها مقالات تحليلية في بعض الصحف المستقلة في مصر وبعض الأقطار العربية الأخرى.

3

كي استكمل الصورة ذهبت إلى الشيخ راشد الغنوشي في البيت الذي استأجره أخيرا في حي المنزه بعد غيبة استمرت 22 عاما، وكانت السلطة قد استولت على بيته الأصلي بعد اغترابه، وقد عثروا أخيرا على أوراق ملكية بيته المغتصب وردوه إليه. حين سألته عن الحملات التي تشن بصفة يومية على حركة النهضة، ضحك وقال: نحن معتادون على ذلك وأكثر منه، وما يهمنا الآن هو إنقاذ الوطن وليس الدفاع عن الحركة. سألت عن تصريحاته التي تحدث فيها عن عدم التدخل في حريات الناس والسائحين، قال إن لدينا أولوياتنا وهمنا الأول هو طمأنة الجميع وإنقاذ اقتصاد البلد من الكساد. ثم أن موضوع الحريات محسوم عندنا منذ وقت مبكر، سابق على وثائق منتدى 18 أكتوبر. قلت إن مجلة «جون أفريك» في عددها الأخير، وكذلك كتابات محللين غربيين وعرب كثيرين ذكروا أن حركة النهضة طوت أفكارها بسبب هجرة قادتها إلى فرنسا وإنكلترا. عندئذ عاد إلى ضحكته وقال، لو أنهم قرأوا أدبياتنا في الثمانينيات، لاكتشفوا أنهم كانوا يقرأوننا بنظارة سوداء. ولكنهم رأونا على حقيقتنا حين خلعوا النظارة بعد الانتخابات. والطريف أنهم تصوروا أننا تغيرنا، في حين أن المشكلة أنهم هم الذين فتحوا أعينهم على حقيقتنا.

سألته عن علاقة حركة النهضة بالأجهزة الأمنية التي ظلت تنكل بعناصرها طول الوقت. قال إنهم نكلوا بالشعب التونسي كله وكانت حصتنا أكبر. سجنوا وعذبوا 45 ألفاً. وقتلوا أكثر من مائة تحت التعذيب أطلقت أسماؤهم على قاعات مقرات الحركة التي افتتحت هذا العام. ونحن نعرف أسماء الذين عذبوا أخواتنا وعناوينهم. لكننا قلنا إن الحركة لن تدعى على أحد، وستترك كل واحد وشأنه. أما إذا أراد الأفراد أن يقاضوا معذبيهم من جهتهم فهذا شأنهم.

سألته عما إذا كانت الشرطة والأجهزة الأمنية ستبقى على حالها. فنفى ذلك وقال إن 45 من قيادات تلك الأجهزة انهيت خدماتهم وبعضهم تم اعتقالهم. وأنه تم تعين عشرات آلاف شرطي جديد، اخضعوا لدورات تثقيفية في احترام القانون وحقوق الإنسان. وتم استجلاب محاضرين لهذا الغرض من إنكلترا وبلجيكا والولايات المتحدة.

سألته عن الشائعات التي ترددت عن احتمال تدخل الجيش إذا ما فازت حركة النهضة في الانتخابات، فقال إن مصدر الشائعة كان أحد النافذين في عهد بن علي، وما ان وصلت إلى إسماع رئيس الأركان الجنرال رشيد بن عمار، حتى سارع إلى دعوتنا للقائه ونفى الشائعة، مؤكدا على أن الجيش ملتزم باحترام الإرادة الشعبية، علما بأن الرجل رفض طلبا بن على لإطلاق النار على المتظاهرين في الثورة.

سألته عن زيارته للولايات المتحدة الأميركية في شهر يناير القادم تلبية لدعوة من مجلة الشؤون الخارجية (فورين أفيرز) فقال إنه كان ممنوعا من دخول أميركا منذ عام 94، ولكنه قبل الدعوة التي وجهت إليه بعد الثورة. وأضاف ان هناك دعوة مماثلة وجهت إلى السيد حمادي الجبالي سيقوم بها بعد تنصيبه رسميا رئيسا للوزراء.

4

الملاحظ انه منذ بداية الثورة اتخذت واشنطن سياسة أكثر رشدا وواقعية، في حين أن فرنسا أعلنت عن وقوفها إلى جانب بن على. وذكرت وزيرة الخارجية أمام الجمعية الوطنية في البداية أن فرنسا تضع إمكانياتها تحت تصرف الرئيس السابق، الذي فتح البلد على مصارعها أمام السياسيين الفرنسيين، فتملكوا على شواطئها وقضوا عطلاتهم على نفقته. لكنهم جميعا أداروا ظهورهم له، وأصبحوا يتطلعون إلى علاقة إيجابية مع النظام الجديد. وأجرى الان جوبيه وزير الخارجية اتصالا هاتفيا مع الشيخ راشد الغنوشي ليبدد السحابات التي لاحت في أفق علاقات البلدين.

في إحدى جلسات الحوار تطرق الحديث إلى المقارنة بين ثورتي تونس ومصر، وقلت إن الائتلاف بين قوى الاعتدال الإسلامي والعلماني فارق مهم لصالح الثورة التونسية. التي اعتبرها محظوظة لسببين آخرين، أولهما أنها ليست مجاورة لإسرائيل. لذلك فالديموقراطية فيها يمكن أن تحتمل، بعكس مصر التي يخاف الجميع من إقامة الديموقراطية على أرضها. حينئذ علق أحد التونسيين المطلعين قائلا، إن وفدا أميركيا من خمسة أشخاص جاء إلى تونس قبل عشرة أيام وأراد أن يجس نبض علاقة النظام الجديد بإسرائيل، عبر إشارته إلى أن بعض الأثرياء الإسرائيليين يريدون الاستثمار في تونس، وكان ردنا أن النظام الجديد متضامن مع الفلسطينيين، وأن اهتمامنا منصب على إنجاح التجربة الديموقراطية وتجاوز الأزمة الاقتصادية، وكل ما عدا ذلك مؤجل.

قلت لسامعي إن التونسيين محظوظون أيضا، لأن بن علي غادر البلاد وهرب تاركا فلوله، أما في مصر فمبارك موجود وكذلك فلوله. عندئذ قال مواسيا: الله معكم!

================================

الدراسات الاجتماعية والشباب

د. طيب تيزيني

الاتحاد

الثلاثاء 22-111-2011

في الدراسات العلمية تبرز ثلاثة احتمالات لضبط الحدث نظرياً ومنهجياً، أي لتحويله إلى "مادة بحثية معرفية". أما الاحتمال الأول فيظهر في مرحلة استكشاف حركة الواقع العيني المشخص وإلى أين هي سائرة، في حين يُفصح الاحتمال الثاني عن نفسه في إرهاصات تكوّن الجديد. ويبقى الاحتمال الثاني في تبين إشارات تُفضي إلى المرحلة المستقبلية. تلك احتمالات لا بد أن تنكبّ على فحصها مجموعات عمل قائمة على التكامل، ومن ضمنها تبادل النتائج بين الباحثين المعنيين، وضمن قراءة تاريخية وتحليلية نقدية.

في ضوء ذلك يمكن العودة ثلاثة عقود إلى الوراء، كي نتعرف إلى بنية الفئة أو الفئات الشبابية في العالم العربي (ومن ضمنها سوريا). ولأننا لا نملك المادة البحثية السابقة المعنية حول تلك الفئة بما يكفي نظل في حدود ما هو متوافر. فهذه الفئة بدأت توضح عن وجودها وتوجهاتها في سوريا(ونأخذ هذه الأخيرة نموذجاً) بكيفية واعدة: خروج البلد من مرحلة الاستعمار الفرنسي، ليبدأ في لملمة المجتمع السوري في ضوء مشروع يَعدُ باستحقاقات جديدة وبقوى بشرية، خرجت تواً من مواجهة الخارج وحققت انتصاراً عمومياً عليه، في حقول الاقتصاد والسياسة والثقافة والقضاء والتعليم وغيره. وينبغي التنويه بأن الطبقة (أو الفئات الوسطى) كان لها - مع غيرها من الطبقة البرجوازية العليا التي شاركت في تحقيق الاستقلال الوطني، ومن القاع الطبقي السوري - دور مهم في ضبط الحراك الجديد في البلد باتجاه مشروع وطني ديموقراطي مؤسس على أيديولوجيا وطنية تنويرية وأميل ما تكون إلى حالات العيش المشترك بين كل طوائف وإثنيات وقوميات المجتمع السوري الداخل في فضاء تاريخي جديد.

لقد حملت الفئات الوسطى في سوريا، في حينه، سمتين اثنتين كبيرتين، هما كونها ميسورة اقتصادياً مادياً، ومستنيرة عقلياً، إضافة إلى أنها تكونت ضمن أفق سياسي وطني، وفي هذه البيئة هي الحاضنة للفئة الشبابية، وثمة ملاحظة ذات أهمية منهجية خاصة، هي أنه في مجتمع الاستقلال السوري، انطلقت حركات شبابية متنوعة من القاع إلى القمة مروراً بالتوسطات، وكان من عناصر التأسيس لها أنها راحت تتكون في ظل تلك الحاضنة، المتنوعة المرجعيات السوسيوثقافية، وبروح الاستقلال والدعوة إلى البناء الجديد، ونود الإضافة إلى ما أتينا عليه بأن الفئات الشبابية السورية راحت تتجه، بنهم، نحو الثقافة العقلانية السورية والعربية وكذلك الأجنبية، محفزة بذلك على نشوء حركة ترجمة واسعة ونشطة للثقافات الأوروبية من عصور الأنوار والنهضة والتنوير والتحرير. وهذا ما طبع مرحلة ما بعد الاستقلال بطابعه حتى نشوء الوحدة بين سوريا ومصر، وهذه الأخيرة انتهت بكيفية مأساوية، على أساس أن الشرط الوحيد الذي وُضع عليها، تمثل في إلغاء التعددية الحزبية والسياسية والثقافية، أي في إنهاء ما كان عليه أن يحمي الوحدة العتيدة، ويؤسس لمشروع ثقافي حضاري جديد. وبتعبير آخر، تكون الوضع الشبابي هناك منطلقاً من البنية المجتمعية، بكل عناصرها.

ومع أن الفئة الشبابية بدأت منذ عام 1963 تدخل في نفور المرجعية الواحدة الوحيدة في السياسة وفي ظل نظام أمني صارم، حيث إنها حوصرت بكل ما يحول دون التعبير التعددي والشمولي - في آن واحد - عن حركة المجتمع السوري، فقد مرت (وهذا ما رحنا الآن نتلمسه) بحالات من التفاعل التاريخي والطبقي والفئوي، هو الذي عرّفنا بأنه كان وما زال تعبيراً عن حركتين اثنتين: التراكم التاريخي المتوافر في البنية المغيبة، وشمولية التعبير عن المجتمع السوري في بحثه عن مشروع للنهضة والتنوير والديموقراطية، وهذا يعني أن الشباب هنا قد يمثلون الحامل الجديد للتغيير.

==============================

سقوط أنظمة... وتعقيدات "اليوم التالي"!

عبدالوهاب بدرخان

الاتحاد

الثلاثاء 22-11-2011

الخوف مستشرٍ من الانتفاضات الشعبية وعليها، نسمع باستمرار اتهامات وشكاوى من "سرقة الثورات" أو مصادرتها أو صرفها عن أهدافها والالتفاف عليها، فضلاً عن "خيانة دم الشهداء". كان الجميع أبدى الإعجاب الأكبر بظاهرة "الثورات بلا زعامات"، واعتبرها ظاهرة غير اعتيادية في تاريخ الحركات الشعبية، إلى حد استشكال تصنيفها وفقاً للأنماط المعروفة، ولأنها تجاوزت الأحزاب والمعارضات التقليدية، في سياق تجاوزها للأنظمة المطلوب إسقاطها، فقد بدت واعدة باستحداث أنماط غير مسبوقة للعمل السياسي.

غير أن "اليوم التالي" لسقوط أي نظام شكّل ويشكل تحدياً ل"شباب الثورة"، إذ تطلب الانتقال إلى بناء النظام الجديد، ما هو أبعد أثراً من التيار الذي نشأ عبر تواصل عشرات أو مئات الألوف على شبكتي "تويتر" و"فيسبوك". كان الرصيد الكبير من النظافة والطهارة والعفوية قد مكّن الشباب من صنع الحالات التي أفضت إلى الثورات، لكنهم افتقدوا إلى جهوزية التعامل مع الوضع الانتقالي، ولا يُلامون على ذلك، فلا العسكر الذين تولوا ضبط الانفلاتات ولا محترفو السياسة كانوا جاهزين أيضاً. ظل الشباب قادرين على التأثير في المسار أو تصحيحه أو إعادته إلى "أجندة" الثورة" كلما ابتعد عنها، إلا أنهم اضطروا هنا وهناك للرضوخ لحقائق المجتمع ومكوّناته.

وعلى رغم أن الأنظمة المتهاوية استبعدت دوماً إمكان سقوطها، إلا أن إدارتها للبلاد على مدى عقود طويلة جعلتها أيضاً تتحكم بأي وضع ينشأ على أنقاضها، إذ كانت لها أدوار خطيرة سواء لتغيير حقائق المجتمع أو للعبث بها أو حتى لتقوية نزعات كانت تقصّدت إنهاءها وإبادتها.

ينسى العرب أن نهاية النظام العراقي السابق كان يفترض أن تعطي صورة شاملة لما يمكن توقعه من السقوط وما بعده. قد يُقال إن هذا النظام أسقط بغزو أميركي، لكن العلاقة بينه وبين شعبه، كما بين النظام الليبي وشعبه، كانت انتهت إلى اعتباره بمثابة "احتلال داخلي" يجب التخلص منه.

ومن هنا فإن المنطق الذي يرتسم غداة كل سقوط، هو ذاك الذي ساهم النظام السابق في صنعه من خلال محاربته ومن دون أن يقدم النموذج البديل الأمثل، فالنظام العراقي الذي اعتبر أنه دفن التمايزات والنزاعات الطائفية والمذهبية، بفضل الفكر البعثي العلماني، ساهم بالقمع والقهر والقتل في إذكاء كل الأمراض الاجتماعية التي ما لبثت أن انبعثت فور انهياره. وكذلك الأمر بالنسبة إلى القبلية والجهوية التي برزت أخيراً في ليبيا، والتي ستكون محوراً للصراعات المقبلة في اليمن، وستتفاقم على نحو أخطر في سوريا حيث تجمع التركيبة الاجتماعية رزمة من إشكالات النماذج المذكورة كلها.

أما في مصر وتونس، حيث يتميز المجتمع بنسبة كبيرة من التجانس، فقد ارتسم المنطق البسيط الذي يقضي بأن زوال الضد يفسح المجال لصعود الضد الآخر، أي أن إطاحة الجلاد وسلطته لابد أن تعطي السلطة للضحية المعترف لها بأنها أكثر من تعرض لاضطهاده. وعلى رغم أن النظام السابق استند إلى حزب واحد واختصّ الإسلاميين بسطوته وسوطه إلا أنه مارس صنوفاً متدرجة لترهيب الفئات والأحزاب الأخرى. ولعل نظرة عاجلة إلى نتيجة الانتخابات التونسية، الأولى بعد نظام بن علي، تظهر أنها تعكس التصنيف الشعبي لترتيب الضحايا، بمعزل عن أطروحاتهم السياسية، فالتصنيف السياسي سيأتي لاحقاً، بعد أن يكون النقاش حول الدستور الجديد قد كشف الوجوه والأفكار والنيات وما ظهر منها وما أغفل عمداً.

كانت أحوال المجتمعات في ظل الأنظمة السابقة دفعت الناس إلى الكفر بأي "مبادئ" أو "مرجعيات فكرية" انتسبت إليها تلك الأنظمة، أو بالأحرى نُسبت إليها كذباً واعتباطاً. كانت لنظام بن علي مثلاً أجهزة مختصة بتظهير إنجازاته في مجال حقوق الإنسان. لذلك رفع الإسلاميون حيثما استطاعوا شعار "الإسلام هو الحل"، فهو بسيط وعام لكنه لا يقل تعقيداً عن شعار "وحدة حرية اشتراكية" الذي لم يطبق منه سوى الاشتراكية التي غدت صنواً للإفقار المنهجي للشعب. وليس مؤكداً أن الشعوب ثارت للمطالبة بأنظمة إسلامية، وإنما بما افتقدته مع الأنظمة السابقة وهو النهج الحداثي الذي يحترم الحرية والعدل والكرامة ويطبق القانون على الجميع. وهذه مسؤولية خطيرة لم تختبر الأحزاب الإسلامية في تحمّلها، وليس في تجاربها الداخلية أو في تطبيقاتها المعروفة، ما ينبئ بأنها تملك خيارات لمختلف التحديات. ولذلك فإن النفاذ من صناديق الاقتراع قد يكون ممكناً -بحكم الظروف- أما النفاذ من الوعي الكبير الذي أبدته المجتمعات فقد يكون صعباً بل إن مجرد التذاكي فيه قد يؤدي إلى خيبات أمل كبيرة.

عبدالوهاب بدرخان

كاتب ومحلل سياسي - لندن

=============

التدخل الدولي و زلزال بشار الأسد

فراس قصاص*

إيلاف 21/11/2011

العارف بالشأن السوري يعلم تماما أن نظام بشار الأسد الوفي لنظام أبيه من قبله لم يلتفت يوما إلى مستقبل بلاده إلا بوصفه مستقبلا لنظامه و تسلطه، و أن هذا النظام عمل على بناء مؤسسات الجيش و الأمن و غالبية مؤسسات الدولة طبقا لما يقتضيه استمراره في مواقعه متربعا على سدة السلطة متحكما بمقدرات البلاد و العباد، تماما كما أشرف على السير بالمجتمع السوري نحو تكريس الوعي الطائفي فيه و تعميق التناقضات بين مختلف مكوناته حؤولا دون تحقيق التناغم الاجتماعي و الانسجام الوطني بينها. الثورة السورية و تعاطي بشار الأسد معها منذ اندلاعها أثبت بما لا يقبل الشك أن عائلة الأسد لا تلوي على شيء إلا على بقائها في السلطة، حتى لو تطلب منها ذلك تهديد وجود سورية برمته، تهديد وجودها دولة ومجتمعا، لذلك كان تأزيمه الوضع المجتمعي في بلاده، وصولا إلى تركه عرضة للتمزق والتناحر بل وخطر الحرب الأهلية عبر استمراره في الحل الأمني وتوسله كل ما يتوفر لديه من خبرات قمعية من أجل أن يبعد الثورة السورية ما أمكن عن سلميتها، أمرا مفهوما.

 

لكن برغم كل هذا التعقيد الذي أفرزته سياسات النظام السوري في واقع سورية و مجتمعها، وعلى الرغم من تحالفات ذلك النظام الإقليمية مع إيران و حزب الله، ومن استغلاله لأحداث الربيع العربي، في ليبيا خصوصا، لجهة انشغال المجتمعين العربي والدولي بها، وما خلفته سياسة التدخل الدولي لحماية المدنيين فيها من تداعيات على الموقفين الروسي والصيني من الثورة السورية، ومن سيناريو تدخل دولي لحماية المدنيين في سورية، على الرغم من ذلك يبدو النظام السوري وكأنه ذاهب نحو فشل عام وشامل وكارثي، فالثورة السورية مستمرة رغم كل القمع والقتل الذي يتعرض له الشعب السوري وليس ثمة مؤشر يفيد بأنها تتراجع أو تنحسر، وموقف الجامعة العربية الآخذ في الحزم إلى حد القطع معه نهائيا، مرشح لكي يذهب إلى أبعد من إدخال مراقبين دوليين و عرب إلى سورية من أجل حماية المدنيين، سيما ورد الجامعة على انتهاك نظام بشار الأسد للمبادرة العربية و عدم الالتزام بها لم يقض بتعليق عضويته فيها فقط بل ترك جميع الخيارات مفتوحة بما فيها اللجوء إلى المنظمات الدولية و مجلس الأمن. رهان النظام السوري على الموقف الروسي على نحو الخصوص هو رهان اليائس الذي فقد كل أسلحته و لم يبق لديه إلا سلاح هو أصلا بيد غيره، لا يعرف إلى أي حد سيبقى يدافع عنه و متى يفقد فاعليته و نجاعته، و كم هو واهم حين يتصور أن روسيا ستظل وفية طويلا لموقفها الرافض لإدانته دوليا أو للجم التصعيد الدولي ضده، الموقف الروسي الآن لا يعدو كونه ورقة مساومة يستخدمها الروس مع الغرب والقوى النافذة في مجلس الأمن الدولي من أجل ضمان مصالح روسيا القومية و الأمنية و الاقتصادية في ظل إعادة الهيكلة الاستراتيجية التي تعيشها المنطقة العربية نتيجة للربيع الثوري الذي عاشته مجتمعاتها، و ما يخلفه ذلك على المصالح والتوازنات الدولية، وسيكون واهما أكثر لو صدق نفسه وصدق تهديداته عن الزلزال الذي سيحدثه التدخل الدولي في سورية، فتعويله على إيران و تدخلها العسكري المباشر لمصلحته أمر فيه من السذاجة السياسية ما فيه، إيران لن تربط قدرها مع الطرف الذي يتجه نحو الهاوية، و لن تدخل في نزاع تعرف مآلاته عليها جيدا، إيران لم تتدخل لمصلحة من هو أهم و أقرب بكثير من النظام السوري بالنسبة إليها، حزب الله،لقد بقيت ساكنة و لم تدافع عنه عسكريا حين تعرض لحروب إسرائيلية عديدة عليه كاد بعضها أن يودي به، ولم تنخرط في نزاع مباشر مع إسرائيل من أجله. أما رهانه على دعم حزب الله اللبناني المباشر و العسكري في حال حصول سيناريو التدخل الدولي فلا يقل سذاجة ووهما من رهانه على إيران، فتسليح حزب الله دفاعي و ردعي يصلح في مواجهة إسرائيل من زوايا عسكرية ضيقة للغاية، حرب عصابات و ترسانة سلاح صواريخ ذات أغراض محددة، لا يسمح له هذا النوع من التسليح الدخول في حرب معقدة يكون طرفا فيها المجتمع الدولي أو حلف الناتو، ناهيك أن حزب الله بات يعرف تماما أنه في استمراره الوقوف حتى النهاية ضد السوريين لمصلحة نظام متسلط بات قريبا من نهايته هو موقف لن يترك له مجالا للعودة و سيقطع كل الخيوط مع سورية المستقبل، وهو ما بدا أمرا مفهوما من قبل قادة الحزب الذين بدؤوا يعدون لفترة ما بعد الأسد بفتحهم لقنوات اتصال مع بعض المعارضين السوريين.

 

 لقد صار من شبه الحتمي أن نظام بشار الأسد العائلي الذي بناه بإحكام الديكتاتور الراحل حافظ الأسد أصبح آيل للسقوط أكثر من أي وقت مضى، و أن جميع الصادات و المتاريس المحلية، الاجتماعية منها والاقتصادية والسياسية التي يختبئ خلفها، وكذلك المحاور الإقليمية التي انخرط في تشكيلها لن تحميه من مواجهة مصيره المحتوم والنهاية التي تنتظره، و مقاومته المتزايدة لمواجهة حركة التاريخ في سورية، الحركة الحاكمة على الاستبداد السياسي بالانقراض فيها، لن تفيده إلا زيادة في مأساوية سقوطه و سوداوية مصيره. فهل يرحل بشار الأسد و يستفيق قبل أن يشاهده العالم بطلا لمشهد مثير و مأساوي مثل مشهد القبض على القذافي الذي أصاب الأسد نفسه بالذعر و الاكتئاب كما تسرب عن مصادر دبلوماسية غربية.

*ناشط سياسي و كاتب

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ