ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 10/11/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

دمشق وأنقرة: علاقة تنقلب!

جوشوا دبليو. ووكر

زميل صندوق مارشال الألماني، ومتخصص في الشؤون الأطلسية

ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"

9/11/2011

الاتحاد

الموقف التركي الجريء الداعم للانتفاضة الشعبية ومطالبها بإحداث التغيير في سوريا- بعد أن كانت أنقرة وإلى وقت قريب صديقاً مقرباً لدمشق وداعماً نظام الحكم فيها- يمثل تحولاً فاجأ الكثيرين في المنطقة وخارجها. فمن خلال استضافتها لمتمردين ومنشقين عسكريين سوريين وكثير من شخصيات من المعارضة السياسية السورية، وفرض عقوبات قاسية أحادية الجانب ضد دمشق، يؤشر تغير الموقف التركي من سوريا إلى تحول مهم ربما نحو دعم أقوى وأكبر للصحوة العربية الديمقراطية أو ما أصبح يطلق عليه "الربيع العربي".

وهذا يمكن أن يدعم ويقوي الاتفاق المبرم قبل بضعة أيام بين الجامعة العربية والحكومة السورية؛ حيث تعهدت سوريا بإنهاء القمع الدموي بحق المحتجين في العديد من مدن البلاد، وبالإفراج عن النشطاء السياسيين، وبأنها ستبدأ مفاوضات مباشرة مع المعارضة، وإن كان المسؤولون الأتراك يقولون إنهم سمعوا مثل هذه الوعود سابقاً من قبل دمشق. كما أن المقاطعة الصارمة لسوريا من جانب تركيا الصارمة، من شأنها أيضاً أن تُطمئن شركاء أنقرة في "حلف شمال الأطلسي" (الناتو)، والذين كانوا قد بدؤوا يتساءلون حول إمكانية وجود التزام تركي راسخ بالديمقراطية المسلمة في المنطقة، إلى جانب علاقاتها وقيمها الغربية.

لقد أخذ الربيع العربي يُرغم أنقرة على مواجهة حقائق جديدة في الشرق الأوسط. فخلال العقد الأخير، سعت تركيا إلى فتح أسواق جديدة وتوسيع نفوذها الإقليمي عبر سياسة "لا مشاكل مع الجيران"، فلم تضع شروطاً مسبقة على شركاء اقتصاديين مثل إيران وسوريا، وتسببت لها هذه المقاربة أحياناً في خلافات مع حلفائها في "الناتو".

صحيح أن تركيا حظيت بإعجاب وتقدير في الغرب، وفي العالم العربي، وذلك لاحتضانها المبكر للثورتين الديمقراطيتين في تونس ومصر، لكنها أساءت الحكم والتقدير في ليبيا -حيث كانت لديها علاقات تجارية قوية - عبر رفضها في البداية العقوبات، بل وحتى معارضة تدخل "الناتو"، قبل أن تغيِّر موقفها لاحقاً. كما أن موقف تركيا العدائي حالياً إزاء صديقتها السابقة إسرائيل، شكل تبايناً كبيراً مع صمتها تجاه إيران وسوريا أثناء تجاهلهما لمطالبة مواطنيهما بالديمقراطية. غير أن التغير الكبير في الموقف التركي من دمشق يمثل قطيعة حاسمة مع سياستها القائمة على مبدأ "لا مشاكل مع الجيران".

وفي عام 2002، كانت تركيا قد استثمرت في سوريا دبلوماسياً واقتصادياً أكثر مما استثمرته في أي بلد من البلدان المجاورة لها، وهو ما غيَّر علاقتهما من علاقة مواجهة عسكرية تعود إلى الأوضاع الجيوسياسية التي كانت سائدة زمن الحرب الباردة ودعم سوريا للانفصاليين الأكراد في تركيا، إلى علاقة تعاون اقتصادي وتقارب سياسي. وهكذا، أصبحت علاقات تركيا بسوريا نموذجاً للتقارب، طبقته أنقرة حينها مع جيران آخرين لديها معهم مشاكل، مثل اليونان والعراق.

ومن المعروف عن رئيس الوزراء التركي أردوجان تثمينه للإخلاص. ووفاءً منه بقيمه، وقف أردوجان إلى جانب الرئيس الأسد لفترة أطول من أي صديق غربي آخر، لدرجة أنه كان يجازف بعلاقاته ومصالحه مع دول حلف الأطلسي. وعقب نسق مماثل في ليبيا، حاول أردوجان لعب دور الوسيط والصديق الأمين الناصح، إلى أن أصبح من الواضح على نحو مؤلم أن دمشق لم تعد تستمع إلى حليفها السابق أردوجان.

ونتيجة لذلك، تقدمت تركيا على نحو حاسم متجاوزةً مرحلة الانتقاد على انفراد، وذلك من خلال تزعم الجهود الساعية إلى فرض إجراءات عقابية دولية ضد دمشق. وكما نعلم فإن أنقرة تستضيف زعماء من المعارضة السورية إلى جانب متمردين اتخذوا لأنفسهم مقراً داخل الحدود التركية، ويقال إنها ربما تعمل سراً على تسليح بعض القوات المنشقة. كما أنها تعد لعقوبات أحادية الجانب تتجاوز بكثير ما حاولت أي قوة غربية فعله أو الدعوة لتطبيقه حتى الآن.

غير أن الانهيار في العلاقات السورية التركية بدأ يفرز تأثيرات سلبية على علاقات تركيا مع إيران المجاورة، منافسها الرئيسي وشريكها الاقتصادي الهمم أيضاً على النفوذ الإقليمي في المنطقة. يضاف إلى ذلك قرار تركيا استضافة أجهزة رادار موجهة إلى إيران، مما يظهر مرة أخرى كيف أصبحت مصالح تركيا تتقاطع أكثر من أي وقت سابق مع مصالح الغرب.

لكن السؤال الأساسي الآن هو ما إن كان انقلاب أنقرة على دمشق استثناء مرتبط بالمصالح الوطنية التركية، أو بداية توجه جديد للسياسة الخارجية التركية يسعى إلى دمقرطة المنطقة ودعم مزيد من الصحوات العربية.

والواقع أن العلاقات التركية السورية تأرجحت كثيراً على مدى السنين. وبالنظر إلى الحدود المشتركة الطويلة التي تجمع البلدين، فإن المصلحة الذاتية الأمنية قد تكون الدافع الرئيسي لهذا التحول نحو سياسة الانفراج. كما يشتبه الأتراك في أن الهجوم محكم التخطيط الذي شنه إرهابيو "حزب العمال" الكردستاني الشهر الماضي في تركيا، كان مدعوماً من قبل سوريا، فيما يمثل عودة إلى أساليب التسعينيات، عندما كانت دمشق تستضيف زعيم "حزب العمال" الكردستاني كوسيلة ضغط ضد تركيا.

ومن جهة أخرى، باتت مصداقية تركيا، الدولة المسلمة، باعتبارها نموذجاً ديمقراطياً بالنسبة للمنطقة، تحت المحك مع كل محتج أو لاجئ سوري مقموع يفر إلى تركيا. ومن هنا يعترف أردوجان بوجود فرصة تاريخية أمام بلاده، حيث يقول: "إن تركيا تلعب دوراً يمكن أن يقلب الأحجار في المنطقة ويغيِّر مسار التاريخ".

ولئن ظلت السياسية الخارجية التركية محافظة ومركزة على الداخل في معظم الأحيان، فإن تركيا "الجديدة" (الأردوجانية)، والتي تفخر بامتلاكها أكبر وأسرع الاقتصادات نمواً في المنطقة، تمتلك عدداً أكبر بكثير من الأدوات للدفع بأجندة التحول الديمقراطي في المنطقة. ونتيجة لعمليتها الإصلاحية الخاصة بها، فإنها توجد في موقع فريد يسمح لها بلعب دور حاسم في مساعدة الديمقراطيات الصاعدة وتشجيعها بواسطة مجتمعها المدني النشط وقطاعها الخاص.

لكن ربما لا زالت لدى تركيا مشاكل حقيقية مع حلفائها في الغرب، ومن ذلك على سبيل المثال مسألة عضويتها المتعثرة في الاتحاد الأوروبي، لكنها، وبالنظر إلى قطيعتها مع سوريا، بدأت تشتغل الآن انطلاقاً من ذات النص الذي لدى الولايات المتحدة وأوروبا.

ومن وجهة نظر حلفاء تركيا الغربيين، فإن هناك الآن أسباباً وجيهة أكثر من أي وقت مضى لإعادة التركيز على قيمة أنقرة كجسر استراتيجي واقتصادي ودبلوماسي بين أوروبا والعالم الإسلامي، يشير إلى طريق الانتقال من الأوتوقراطية إلى الديمقراطية.

=====================

سياسات تركيا الحائرة!

ميشيل كيلو

الشرق الاوسط

9-11-2011

عند بداية الأحداث، قال رئيس الوزراء التركي السيد رجب طيب أردوغان إنه يعتبر الوضع السوري جزءا من الوضع الداخلي التركي وسيتعامل معه بصفته هذه. بعد حين، شرح أردوغان معنى كلامه، فأعلن أنه قدم منذ وقت طويل نصائح متكررة إلى صديقه وأخيه الرئيس بشار الأسد حول ضرورة القيام بإصلاح داخلي في سوريا، وزعم أنه تلقى منه وعودا بتنفيذ إصلاحات تقيم نوعا من التوافق بين الوضعين الداخليين في البلدين الجارين والشقيقين.. تقرب علاقات السلطة السورية مع شعبها من النموذج التركي القائم على الحريات والتعددية السياسية والتوجه الديمقراطي الغربي النمط، فتتعزز من خلال الإصلاح أواصرهما التي بلغت شوطا متقدما من التنسيق، ووصلت على صعيد القيادتين والشعبين إلى مستوى حميم وعائلي، الأمر الذي أعطى أردوغان حق تقديم النصح، والتدخل بقوة الشراكة الوطيدة في تفاصيل ومتطلبات الشأن السوري، خاصة أنه يشبه من نواح عديدة الشأن التركي، ويمكن لمجرياته وأزماته أن تترك أثرا جد سلبي على مشكلات إسطنبول القلقة إذن بحق من وصول الحال السوري إلى الدرجة التي بلغتها، وتجعل تدخل أردوغان ضربا من تدبير وقائي داخلي يراد منه حماية النموذج الذي يتم بناؤه على ضفاف البوسفور، وتعلق تركيا آمالها عليه في كل ما له علاقة بتخطي مشكلات حاضرها ومستقبلها.

بهذا التصريح والشرح، اعتقد كثير من المعلقين أن تركيا مرشحة لأن تكون رأس حربة التدخل الخارجي الآتي حتما في سوريا. وقد تبنى سوريون كثيرون هذه الفكرة، وزاد من رسوخ اعتقادهم هذا كثافة التصريحات التركية حول الحدث السوري وكثرة زيارات مسؤولي الترك إلى دمشق، وتعدد اتصالاتهم الهاتفية مع الرئيس الأسد ومعاونيه، وتنوع الاقتراحات التي قالوا إنهم قدموها إليه، وإعلانات نفاد الصبر التي صدرت عنهم وانتهت جميعها إلى تأكيد استحالة وقوفهم مكتوفي الأيدي حيال ما يجري في البلد المجاور. كالعادة، قرأ المحللون في الموقف التركي أبعادا استراتيجية قالوا إنها تكشف بوضوح غير مسبوق: أولا: مكانة تركيا من الغرب عامة وأميركا خاصة، وما أوكلته الأخيرة إليها من دور في نشر إسلامها المعتدل ضد مدارس الإسلام المتطرف، في إطار صفقة شاملة عقدتها أو هي في سبيلها إلى عقدها مع جماعة الإخوان المسلمين تعطيها دورا رئيسيا في مستقبل «الربيع العربي»، يعفي الغرب من تحمل العبء الرئيسي في مواجهة التطرف الديني والمذهبي، خاصة منه «البن لادني» والشيعي. وثانيا: تنافسها مع إيران على المشرق العربي عامة وسوريا خاصة. والنتيجة: حتمية قيام تركيا بشيء ما حيال الوضع السوري يضمن دور حليفها الإسلامي المعتدل، جماعة «الإخوان»، ويضعهم في موقف قريب من موقفهم في مصر وليبيا واليمن، ويخرج إيران من سوريا، التي كانت أول بلد نجحت في اختراقه والتموضع فيه، فيتم بذلك ضرب ألف عصفور بحجر واحد.

هذه السياسة، التي نسبت إلى استراتيجي تركي كبير اسمه رجب طيب أردوغان، ما لبثت أن انهارت على يديه هو بالذات، عندما أعلن خروج تركيا من الشأن السوري وعزمها على عدم التدخل فيه بعد آخر زيارة قام بها وزير خارجيته إلى دمشق.. أعلن خلالها أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي بعد مرور أسبوع واحد، إذا لم يتوقف العنف ضد المتظاهرين ويتم إصلاح يلبي مطالب الشعب. حدث الانسحاب العلني من الشأن السوري بعد تخبط لا يليق بسياسة كبيرة، صدر خلاله التصريح ونقيضه في يوم واحد، وأحيانا في ساعة واحدة، على لسان الشخص الواحد عينه. في هذه الأثناء، رمى المتظاهرون السوريون أعلام تركيا التي كانوا يحملونها باعتزاز من أيديهم، ورفعوا بدلا عنها لافتات تدين التواطؤ التركي، ثم انفجر غضبهم تماما بعد تسليم الضابط المنشق محمود الهرموش إلى السلطات السورية، الذي بدا أنه يقلب الموقف التركي رأسا على عقب، أو بالأصح يظهره على حقيقته، بعد أن شجع المتظاهرين وقدم وعودا قاطعة بدعمهم، وقال كلمات لا تحتمل اللبس بأنه يقف معهم بعد أن قطع علاقاته مع النظام، وتبين الآن أنها تحتمل الكثير من اللبس، وتمثل هي ذاتها التباسا كبيرا يعتقدون أنه قد يكون جزءا من فخ نصبه الغرب والعرب لهم، بدأ بتشجيعهم على تصعيد تمردهم وبإطلاق تهديدات يومية صارمة ضد النظام، قبل أن يتخلى الجميع عنهم ويعلنوا بصراحة وفي فترات متزامنة أو متقاربة رفضهم القيام بأي تدخل لنصرتهم، الأمر الذي انعكس على هتافاتهم، التي كررت كثيرا خلال الشهرين الماضيين القول: يا الله ما لنا غيرك يا الله!.

أين غاب حليف الشعب السوري، الذي أعلن نفسه ضامنا لأمنه ومدافعا عنه في وجه العنف الذي يتعرض له؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه سوريون كثيرون يعتقدون أن تركيا خانتهم، وأن رئيس وزرائها، الذي ألزم نفسه بخيار استراتيجي هو دعم الربيع العربي عامة والسوري خاصة، لم يكن في الحقيقة غير «مختار» قروي غرق في مستنقع الأزمة، بما أنه تخبط بين سياستين متناقضتين تماما، انتهتا إلى خروجه بصورة تكاد تكون تامة من الحدث السوري، وها هو يتراجع في الأيام الأخيرة حتى عن علاقاته مع المجلس الوطني السوري، التنظيم المعارض الذي بدا أن تركيا عملت، أو ساعدت، على نشوئه، وأصدرت بالأمس إعلانا يقول إن وفدا منه قابل نائب وزير الخارجية التركي، وهو إعلان يثير الدهشة، بالنظر إلى أن عددا كبيرا من أعضاء المجلس يعيشون في إسطنبول.. فهل أخذت السياسة التركية تتبنى موقفا يشبه موقف روسيا، الذي ينأى بنفسه عن المعارضة السورية، لكنه يسمح لأشخاص شبه رسميين أو من مستويات دنيا في الحكومة باستقبال ممثلين لها بين فينة وأخرى، دون أن يلزم نفسه بأي شيء حيالها!.

بين رغبة في الالتحاق بأوروبا لم تتحقق إلى الآن، ووقوف مع القذافي ضد الشعب في ليبيا ثم مع الشعب ضد القذافي، بحماسة مفرطة ومتأخرة، ومع الشعب السوري في بداية الأحداث ثم على الهامش بعد أشهر على وقوعها، وبين الرغبة في أن تكون دولة بلا مشكلات مع جيرانها، ودولة يلعب هؤلاء بمشكلاتها خاصة منها المشكلة الكردية، تبدو السياسة التركية ضائعة أو دون خيارات استراتيجية، على عكس ما كان يقال ويظن غالبا في بلداننا العربية. وتعاني الدولة التي تريد أن تصير قوة كبرى من نقيصة أهلكت من فشلوا قبلها في بلوغ وضع قوى عظمى، خاصة منها الاتحاد السوفياتي، هي افتقارهم إلى سياسة عليا متماسكة وعظمى حقا، وغرقهم في سياسات إجرائية، تكتيكية الطابع، لا تصنع دولا ولا تخدم مصالح كبرى، إلا إذا كان ما نراه مجرد خداع، وكان الظاهر من دور تركيا ليس دورها الحقيقي، كما يظن المعجبون بها. في هذه الحال، سنكون أمام دور سيأتي في توقيت غير

=================

سوريا.. إراقة الدماء مستمرة

الراية القطرية

التاريخ: 09 نوفمبر 2011

الأرقام المفزعة – والمعروفة - التي كشفتها المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن أعداد الضحايا في سوريا بعد ثمانية أشهر من الاضطرابات المناهضة للحكومة هناك والتي وصلت إلى أكثر من 3500 شخص يجب أن تدق الأجراس ليس في دمشق فقط حيث النظام السوري المصر على الاستمرار في استخدام الرصاص الحي في وجه المتظاهرين السلميين بل في جميع العواصم العربية التي تنتظر منها شعوبها موقفا أكثر صرامة وشدة مع النظام السوري الذي أعلن قبوله بالمبادرة العربية التي اشترط بندها الأول وقف العنف واستهداف المدنيين ونكث وعده بتطبيقها فاستمر القتل ولم تنسحب الدبابات ولم ينسحب الجيش من المدن والبلدات السورية كما وعد النظام.

إن استمرار عمليات القتل ومواجهة التظاهرات المطالبة بالحرية والتغيير يؤكد عدم اكتراث الحكومة السورية بالمبادرة العربية والدعوات الدولية والإقليمية لوضع نهاية لإراقة الدماء.

حسب أرقام المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فقد قتل أكثر من 60 شخصا على يد قوات الجيش والأمن "بينهم 19 شخصا" على الأقل في أول أيام عيد الأضحى منذ أن وقعت الحكومة السورية الأسبوع الماضي على خطة السلام التي ترعاها جامعة الدول العربية وفي الوقت الذي أفرجت فيه الحكومة السورية عن 550 شخصا بمناسبة العيد فإن عشرات الآلاف ما زالوا معتقلين وعشرات الأشخاص يتم توقيفهم كل يوم.

لقد قدمت الجامعة العربية طوق النجاة للنظام في سوريا من خلال المبادرة العربية التي أعلنت دمشق موافقتها عليها إلا أنها لم تطبق منها حتى الآن شيئا على الأرض يثبت جديتها واقتناعها واحترامها للجهد العربي الذي وضع هدفا أولا يتمثل بوقف العنف وإراقة الدماء وسحب الجيش من المدن السورية كمدخل لا بد منه للبدء في حوار جدي بين النظام والمعارضة السورية يخرج سوريا من الأزمة التي تعصف بها.

الشعب السوري الذي عاش شهوره الثمانية الماضية على وقع الرصاص والاجتياحات ومحاصرة المدن وقصفها بواسطة الدبابات وجنازات الضحايا التي لا تنتهي ينتظر من اجتماع وزراء الخارجية العرب المقرر عقده في القاهرة يوم السبت المقبل أكثر من بيانات الإدانة والاستنكار ودعوة النظام السوري للالتزام وتطبيق المبادرة العربية فالنظام السوري سبق وأن وقع المبادرة لكنه لم يطبقها بل استمرت عمليات القتل وقصف المدن وآخرها مدينة حلب كأن شيئا لم يكن.

الجامعة العربية تتجه - كما يبدو - من خلال استقبالها الرسمي لوفد من المعارضة السورية إلى الاعتراف بها وهو ما يمهد للاعتراف بها دوليا بما يحمله ذلك من مغزى كبير يجب أن يدفع النظام السوري لإعادة حساباته سريعا حرصا على سوريا ووجودها.

الجامعة العربية قد لا تستجيب لجميع مطالب المجلس الوطني السوري المعارض الذي يطالب بتجميد عضوية النظام السوري وفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية عليه ونقل ملف انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الإبادة إلى محكمة الجنايات الدولية ودعم الجهد الأممي الرامي إلى تأمين الحماية الدولية للمدنيين السوريين وإرسال مراقبين دوليين والسماح لممثلي وسائل الإعلام والمنظمات الدولية بالدخول إلى سوريا بكل حرية والاعتراف بالمجلس الوطني السوري ممثلا شرعيا للثورة والشعب في سوريا لأن ذلك يعني عمليا دفن المبادرة العربية وإعلان موتها إلا أن الاستجابة لبعض هذه المطالب أصبحت ضرورة تحتمها تفاقم الأوضاع هناك ويحتمها نكث النظام السوري لوعوده بوقف قتل المدنيين.

=================

التدخل الخارجي.. الحل الوحيد لإيقاف ظلم الطغاة

خضير بوقايلة

2011-11-08

القدس العربي

 هل يمكن للشعب السوري أن يتخلص من جحيم النظام الحاكم بالطرق السلمية؟ وهل هناك احتمال بنسبة واحد في المئة أن يتوقف زبانية نظام الأسد من تلقاء أنفسهم عن العبث بأرواح المدنيين الأبرياء وبمستقبل البلد؟ بل هل يعتقد أي عاقل مدرك لطبائع الأنظمة العربية المستبدة أن بإمكان الانتفاضة الشعبية في سورية أن تنتصر دون دعم أو تدخل خارجي حاسم؟

لست هنا بصدد التحريض ولا الدعوة إلى أي تدخل من أية جهة كانت لحسم مسار الانتفاضة الشعبية السورية، لكن الأكيد هو أن كل التدخلات والنصائح والتحذيرات والعقوبات الموجهة لحكام دمشق من أجل دفعه إلى احترام خيار الشعب وترقية البلد إلى مصاف الأنظمة الحرة الديمقراطية لن تؤدي إلا إلى مزيد من الدمار والأذى المسلطين على البلد والشعب، كما أن استمرار المظاهرات السلمية في المدن والقرى السورية في ظل الوضع السائد الآن لن يجعل النظام أبدا يتفطن للحماقات الإجرامية التي يستمر في ارتكابها من أجل استمراره في حكم البلاد. لو كان الطغاة يعتبرون لما عرف العالم طاغية واحدا منذ غرق فرعون، ولو كانت في قلب الحكام البغاة نقطة ضوء واحدة في قلوبهم لما بقي واحد منهم على عرشه بعد النهاية الطبيعية لسفاح ليبيا الذي نقله الله من وضع كان يعتقد فيه نفسه أكبر شأنا من أي زعيم عربي وفي مكانة لا تسمح له أن يتنازل عنها إلى مطارد يعبث به شباب لم يؤمنوا يوما بأي فضل له عليهم ثم يغادر إلى دار الحق بطريقة لا يتمناها أي شخص لألد أعدائه.

هل يعتقد جلادا اليمن وسورية أن بإمكانهما أن يستمرا في الحكم في أوضاع طبيعية بعد الآن؟ إن كان في قلبيهما أدنى شك أن ذلك ممكن فهما مخطئان وعلى درجة متقدمة من السذاجة السياسية والغباء الاستراتيجي. اليمن وسورية ليستا تونس ولا مصر ولا ليبيا ما في ذلك شك، لكن نهاية حكم الطواغيت لم تعد سرابا ولن تكون مختلفة كثيرا عن النهايات التي عرفها زين العابدين بن علي وحسني مبارك ومعمر القذافي وإن تنوعت أشكالها. لم يعد في العالم الراهن مكان لحاكم يتجبر على شعبه ويستبيح دمه تحت أية ذريعة، الظروف تغيرت وآلة الضغط والقهر قلبت الموازين وحركت عقارب الآلة نحو الاتجاه المعاكس. شعوب المنطقة صارت متيقنة أن لا مجال بعد الآن للخنوع والرضا بعيش الذل والهوان، فقد بلغ القهر بالناس درجة لم يعودوا يفرقون فيها بين الحياة والموت، بل لعل الموت صار عندهم أهون وأضمن سبيل للانتقام لكرامتهم المهدورة.

ما زلت أستغرب من الذين لا يزالون يروجون لمغالطات الحكام العرب المستبدين وأزلامهم الانتهازيين بشأن تدخل الأجانب في البلاد العربية وأطماعهم الاستعمارية والتوسعية حتى صار يخيل إلينا ونحن نسمع مثل هذه الأباطيل أن البلاد العربية كانت فتاة وأي إطاحة بالحاكم الديكتاتوري من شأنه أن يرمي المنطقة فريسة سائغة بين مخالب قوى الشر والطغيان. لقد منّ الله علينا بوثائق ويكيليكس، وهي نقطة صغيرة من بحر لجي من ظلمات فضائح الحكام العرب والأنظمة الفاسدة وعمالتهم مع الأنظمة الغربية ضد مصالح شعوبهم. ولعل أكبر دليل على هذه العمالة أن تلك الأنظمة لا تعير أدنى اهتمام بشعوبها في حين تبذل كل مساعيها من أجل إرضاء الخارج والغرب منه بصفة خاصة، ودليل ذلك الآن أن هذه الأنظمة تتفاوض مع هذا الغرب وتأخذ منه الضمانات مقابل كف أذاها عن شعوبها. هذا لا يعني بالضرورة أن قلب الغرب ينفطر أسى على المذابح الشنيعة التي يتعرض لها هذا الشعب أو ذاك من المنطقة العربية، ذلك أن هذا الغرب هو الذي سكت طويلا على شنائع أفعال الحكام العرب وهو الذي كان يسخر تكنولوجيته وما توصل إليه من وسائل استخبارية متطورة لتدريب قوات الأمن العربية على أفضل الطرق لقمع الشعوب وهل الأسلحة الخفيفة والثقيلة الموجهة إلى صدور المدنيين الأبرياء إلا من صنع هذا الغرب! فلا أنظمة التسلط العربية أحرص على كرامة أوطان المنطقة ولا القوى الغربية على درجة من الشفقة على أرواح الشعوب العربية، مثلما أن أي تدخل أجنبي في المنطقة لا يمكن أبدا النظر إليه على أنه سابقة خطرة تستحق الاستنكار في مثل هذا الظرف.

ليس في الإسلام المحمدي ولا في أية شريعة سماوية أخرى ظالم مقبول ولا وسيلة مرفوضة لإيقاف الظلم، فالقاتل قاتل ولو كان التلفزيون ينقل لنا صلواته كلها في المساجد ويبث أدعية جميع الأئمة له بالنصر والثواب، وتلكم هي قاعدة ربانية أنزلها منذ أول اعتداء دموي في تاريخ البشرية، وهو ما نقرأه واضحا وصريحا في الآية 32 من سورة المائدة (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا، وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ). الحصيلة الأخيرة التي أعلنت عنها منظمة الأمم المتحدة والمتعلقة بضحايا الاعتداءات الدموية للنظام السوري تحدثت عن 3500 قتيل منذ بدء الانتفاضة السلمية في المدن والبلدات السورية قبل ثمانية أشهر، ولو كان بين هؤلاء كلهم نفس مؤمنة واحدة لجاز أن نقرأ على رؤوس القتلة هذه الآية الكريمة من القرآن الكريم (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا). هل بقي لنا بعد ذلك أن نتحدث عن تدخل الكفار ضد الحكام المؤمنين المتقين؟

فإذا وضعنا الاعتبارات العقائدية جانبا لأنها لا تستند إلى أي أساس فإن الحديث عن التدخل الأجنبي لحماية أرواح الأبرياء من طغيان الحكام سيكون من وجهة نظر إنسانية بحتة ومصلحية إن شئنا بعد ذلك، وفي كلتي الحالتين لن نجد أمامنا ما يبرر دعم نظام قاتل لم يتوقف يوما عن الارتباط بالغرب على حساب شعبه، ولا ما يجعلنا نفقد صوابنا عند الاستماع إلى دعوات موجهة للخارج لنصرة المظلومين، فإذا كان تدخل هذا الطرف الخارجي شفقة على الأرواح التي تزهق كل يوم وسعيا صادقا لحقن وديان الدماء البريئة التي تسيل هنا وهناك فهذا أمر يستحق الترحيب وإن كان الهدف من ورائه مصلحة مادية فهي بالتأكيد لن تكون المرة الأولى التي يحصل فيها هذا الخارج بغربه وشرقه على عطايا نفعية من بلاد العرب.

الأبرياء يموتون في كل ساعة والمدن السورية تقصف بدرجات تزداد تكالبا يوما بعد يوم، فإذا أرادت بعض الدول الصادقة في الجامعة العربية الإسراع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فعليها أن تدرك أن المهل التي تتصدق بها على حكام دمشق لن تخفف الأزمة شيئا، كما أن على الدول التي تماطل وتجتهد من أجل منح النظام مزيدا من الوقت لقمع الانتفاضة أن تتيقن أن إرادة الشعب منتصرة لا محالة ومصير الطغاة لن يكون خيرا لا في سورية ولا في اليمن ولا في أي بلد آخر. الانتفاضة لا يمكن أن تستمر سلمية إذا كان النظام مصرا على استباحة دماء الشعب والسبيل الوحيد لإيقاف شرور الحكام الطغاة لن يكون بغير تدخل خارجي حاسم رادع يتفوق على آلة الدمار التي تخوض بها الأنظمة حربها ضد شعوبها.

' كاتب وصحافي جزائري

=================

ثورة الإعلام وعولمة الثورة

د. طارق غرماوي

2011-11-08

القدس العربي

 شهدت العديد من دول العالم المتقدم موجات من الغضب والاستياء الشعبي العارم تجسدت في خروج مئات الآلاف من المحتجين على تردي الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية للطبقات المتوسطة التى ما فتئت تتفاقم يوما عن يوم.

منددين بتواطؤ المسؤولين السياسيين مع ذوي الأموال المتنفذين في الأوساط المالية الذين استغلوا هذا التحالف للمزيد من الهيمنة الاقتصادية و تجميع الثروة ، على حساب قواعد المنافسة والشفافية والمصالح القومية لتلك الدول.

وكانت أولى شرارات الاحتجاجات قد اندلعت في منتصف مايو المنصرم باسبانيا حيث احتشد المئات من الشباب الاسباني بساحة 'لابويرتا ديل صول' بمدريد عشية موعد الانتخابات المحلية و الجهوية للتعبير عن رفضهم لإجراءات التقشف التي انتهجتها حكومة بلدهم، وارتفاع نسبة البطالة التي عمت صفوف الشباب، ولأجل إسماع صوتهم إلى الأحزاب السياسية مهددين بمقاطعة الانتخابات.وقد لاقت هذه الاحتجاجات ترحيبا واسعا في أوساط الشباب الأوروبي الذين خرجوا بدورهم في مظاهرات مؤيدة لمطالبهم داعين في الوقت ذاته حكومات بلدانهم إلى اتخاذ التدابر الفورية للحد من غلاء المعيشة ، و ارتفاع نسب البطالة التي استفحلت على نحو غير مسبوق. وقد شهدت اليونان أكبر حركة للتظاهر في القارة العجوز نظرا للأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد، وعجز الحكومة اليونانية عن التخفيف من الاثار الاجتماعية للأزمة .ولم يكن أحد يتوقع انتقال شرارة الاحتجاج إلى إسرائيل في يوليوز المنصرم لأنها، من ناحية، تعرف أعلى معدلات النمو الاقتصادي في العالم بنسبة 4.8/ خلال السنة الجارية، و بنسبة بطالة جد متدنية لا تتجاوز 5، 7% وهي نسب ما تزال الدول الغربية المتقدمة تحلم بها، ولأنها من ، ناحية أخرى، تنظر لتحركات من هذا النوع على أنها إضعاف لكيانها الذي يطارده هاجس الاستقرار الأمني و الاجتماعي .كما أن الولايات المتحدة الأمريكية أخذت تشهد بدورها حركة احتجاج لا مثيل لها في تاريخ البلاد تعد بحسب' نيكولاس دينكان' أحد الخبراء الاستراتيجيين في الشأن الأمريكي تعبيراعن الاستياء العميق الذي ما فتئ يأخذ في اكتساح المجتمع الأمريكي بسب عجز مؤسسات الدولة الأمريكية عن تدبير القضايا الحساسة التي تهم الأحوال المعيشية ل 99/ من المواطنين الأمريكيين مقابل 1% من ذوي الثراء الفاحش الذين تحملهم الشعارات المرفوعة في هذه الاحتجاجات، التي تنادى إليها الشباب الأمريكي عبر شبكة الانترنت، المسؤولية عما آلت إليه أوضاع البلاد اجتماعيا و اقتصاديا ; حيث ارتفع عدد الباحثين عن مناصب الشغل من 7 إلى 9، 1% مع تقلص فرص العمل وندرتها. ومن المتوقع أن تصل نسبة البطالة في البلاد إلى 11% مع نهاية السنة الحالية.

إن ما يلفت الانتباه حقا في الحراك الشبابي الذي طفق يعرفه الشارع الغربي خلال الأشهر القليلة الماضية هو كونه انطلق أشهرا قليلة على بداية الربيع العربي الذي نجح، بحسب عالمة الاجتماع' سيسيل فان دو فيليد'، في إقناع شباب العالم بأن التغيير السلمي للأنظمة الفاسدة ممكن و ميسور، وأن التظاهر يمكن أن يسفر عن التغيير الإيجابي الذي يشرئب إليه شباب الفئات المتوسطة التي تضررت كثيرا من سياسات مالية تبين أنها لا تخدم سوى الأوساط المالية الجشعة و تزيد من ثرائها الفاحش.ولم يفت المتتبعين أن يسجلوا نقاط التقاطع بين حركة انتفاضة الغاضبين في دول الشمال، وثورات التغيير في العالم العربي و ذالك على مستوى التسيير السلمي للتظاهرات ، وغياب زعامات تقود الحراك الشعبي، و التوجه نحو نفس الهدف و المتمثل في البحث عن بدائل لأنظمة سياسية و اقتصادية أضاعت ثقة الناس فيها مع فارق أنه في العالم العربي كانت الثورة على أنظمة مستبدة، وفي العالم الغربي كانت المطالبة بالمزيد من الديمقراطية و المشاركة السياسية و العدالة الاجتماعية . واللافت في هذا الحراك العالمي ، كذالك، الفعل السحري الذي قامت به وسائل الإعلام (القنوات الفضائية)، ووسائل الاتصال الحديثة( خاصة الأنترنت بمختلف تطبيقاته التواصلية: البريد الالكتروني، و غرف الدردشة، ومواقع التواصل الاجتماعي، ومواقع تسجيلات الفيديو...( في سيرورة الفعل الديمقراطي العالمي ، و ذلك من خلال إتاحة التواصل بين المنظمين للاحتجاجات، و تمكينهم من تعبئة المزيد من المواطنين، وتنمية وعيهم بضرورة التغيير، وحشدهم للتظاهر، و توحيد الشعارات، وجدولة الخروج إلى الشارع، وتحديد مسارات المظاهرات، وفضح ما قد يحدث من تجاوزات للسلطات الأمنية أثناء مواجهتها للمتظاهرين.ونظرا لهذا التأثير الواسع و العميق الذي أدته هذه الوسيلة الاتصالية ، فإن الكثير من الباحثين صار يميل إلى تسميتها ب 'السلطة الخامسة'، وهي سلطة ما فتئ دورها يتعاظم عربيا و دوليا في مختلف الميادين السياسية و الاقتصادية والاجتماعية خاصة في ظل الإقبال المتزايد على شبكة الانترنت ومختلف الخدمات التواصلية التي يوفرها، إذ بلغ عدد مستعملي الانترنت، حسب الاتحاد الدولي للاتصالات التابع لهيئة الأمم المتحدة، ملياري مستخدم خلال السنة الجارية، بعدما لم يتجاوز مع بداية سنة 2000 مئتي وخمسين مستخدم فقط. ويعزى هذا الإقبال المتزايد إلى سهولة استخدام هذه الوسيلة الاتصالية وانتشارها على نطاق كوني واسع، وإتاحتها لفرص التعبير الحر المنفلت من الرقابة الصارمة الممارسة على وسائل الإعلام الأخرى.فإذا كان 'ميشيل سينيكال' الباحث الكندي في مجال الاتصال التلفزي قد قلل من أهمية القنوات الإذاعية والتلفزية في تطوير الفعل الديمقراطي باعتبار هذه الوسائل مملوكة لرجال أعمال أو نظم سياسية منغلقة، فإن الأمر يختلف كثيرا بالنسبة للانترنت الذي يعد، في تقديرنا، أهم وسيلة من وسائل الثورة المعلوماتية القادرة على المساهمة بفاعلية في فرض الإرادة الشعبية في الحرية و الكرامة والديمقراطية، وصناعة التغيير المطلوب كما قدمت الأمثلة الصارخة على ذلك الثورات العربية الأخيرة.ففي الحالة المصرية تبث أن قطع شبكة الإنترنت لا ينجح دائما في منع مستخدمي هذه الوسيلة الاتصالية من الاستمرار في استعمالها. فبعد أن أقدمت السلطات المصرية على وقف هذه الخدمة للحؤول دون تواصل المتظاهرين ، بادر بعض مستعملي الإنترنت إلى تزويد الشباب المصري بأرقام تمكنهم من استعادة الاتصال بالشبكة من جديد.وفي الحالة التونسية لم تقف عملية القرصنة التي تعرضت إليها مواقع النشطاء السياسيين من طرف بوليس الرئيس المخلوع بنعلي، مانعا دون التحصل على برامج تحمي حواسيبهم من أي اختراق .إن حديثنا السابق عن دور وسائل الاتصال الحديثة، وخاصة الانترنت، في الحراك الذي عرفه و يعرفه الشارع العربي والشارع الغربي لا يعني أننا نعتبر ثورة الإعلام و الاتصال محددا لما يشهده العالم من تحولات، وإنما المقصود منه إبراز دورها في وضع العالم أمام حركة اتصال غير مسبوقة ساهمت و تساهم في تناقل المعلومات و الأفكار التي من شأنها أن تفضي، كما تنبأ 'بيل غيتس'، إلى تغيير جذري في تشكيل العالم من حيث أوجهه المختلفة'. تغييرلا يخدم دائما المتروبولات الاقتصادية كما يريد أن يردد البعض، وإنما ينحازأيضا إلى الشعوب المستضعفة و يصب في مصالحها.

=================

إقتصاد كسيح يبحث عن هوية في دمشق

الاربعاء, 09 نوفمبر 2011

نسيم ضاهر *

الحياة

على مدى أيام ثلاثة، عقد في دمشق الملتقى الوطني للحوار الإقتصادي، بمشاركة نحو ثلاثمئة خبير وشخصية ومسؤول على ما جاء في البيان الرسمي عملاً بترفيع المشاركين إستجابة لدواعي الإصلاح الشكلية، ودلالة على نهج المشاركة في صناعة القرار، المرَّوج له بتكرار ممل مصطنع في الإعلام. كان المبتدى إقتصاد السوق الإجتماعي، المحيَّر في جمع النقائض على سبيل الوصفة السحرية بياناً لتمايز النموذج المتبَّع بحلَّة شعبية، والمنتهى نتائج كارثية بائنة في مختلف القطاعات، ليس أقلها إنهيار الطبقة المتوسطة (إن وجدت أصلاً) والاعتراف بحشر ثلث مجموع سكان سورية تحت خط الفقر بمعايير عالمثالثية تتناول الحد الأدنى من الكفاية والدخل المتواضع.

لقد أرادت سورية البعث أولاً، ومن ثم سريعاً سورية الأسد، إضفاء هالة تنموية على النظام، لم يلبث أن إنقشع غشاؤها فآثرت التغني بالإنجازات المجرَّدة من عناصر التكامل والتقدَّم التقني ، لسهولة إيرادها وربطها بتعزيز موقع سورية الاقليمي. على هذا النحو، قلَّما إعتمد إحصاء دقيق أو استخدمت لغة أرقام صحيحة في حقل الإقتصاد بل أن مداخيل وازنة ومصروفات عالية نسبياً، غابت كلياً عن أبواب الموازنة السنوية، وتوارت معطيات مؤثرة عن لوائح المالية العامة، فغلبت الحسابات البسيطة على تلك المركبَّة في ميزان المدفوعات ومعدَّلات الاستثمار، كما حيال سوق القطع وإحتياطي النقد وطبيعة المبادلات. من ناحيته، استوعب القطاع العام الفضفاض بعضاً من فائض القوة العاملة، مضيفاً الى العطالة المصدرة بمئات الألوف الى لبنان، بطالة مقنعة برواتب ضعيفة، أسهمت في تردِّي الاداء العام، وتفشي الرشوة والفساد على خلفية المحسوبية والتمثَّل بالمنتفعين والمحظوظين من أهل السلطة وحواشي النظام.

وعليه، فشلت محاولة الاصلاح الاقتصادي الخجولة غداة تبؤ الرئيس بشار الاسد سدة الرئاسة خلفاً لأبيه، إذ اجتمعت عليها عوامل البنى الثقافية الناشئة على تحاشي المسؤولية والهروب من النفع العام الى المنفعة الشخصية، وضعف إرادة التغيير ومحاسبة الماضي، وتلك النزعة الأمنية الجارفة التي ما برحت مسند النظام وضمان بقائه، تعلو ما عداها من مهام، وتشكل الدرع الأساسي المولج تهذيب الإرادة الشعبية، تلافياً للإحتجاج والثورات.

أن يعقد حوار اقتصادي في ظروف طبيعية، لهو حدث ذو معنى حين تطرح فيه مسائل قابلة للحل، مبنية على وقائع ومعطيات رقمية صادقة تندرج في إطار اجتماعي ديموقراطي حدَّد وجهته وتكفلت السياسة ترجمة خلاصاته.

الحال أن الجاري دمشقياً حفَّت به الضبابية لافتقاره مقدمات الواقعية وغلبة الطقوسية عليه، بحيث جاءت توصيات الملتقى بمثابة مضبطة إتهام للوزارات المتعاقبة، وتنزيهاً للرئيس الحاكم من كل سوء لحق بالاقتصاد.

مع ذلك المنحى المرسوم سلفاً، أسفرت المناقشات عن تعرية البناء الاقتصادي القائم، واتسمت بسوداوية ملحوظة إزاء المراكم من صعوبات وسقطات في مختلف القطاعات، فلم يسجل ما يمكن وصفه بالايجابي على الصعد كافة، ولم تقرأ مسحة تفاؤلية في أي من المداخلات. النظرة الى المقترحات المرفوعة تشي بحجم المعوقات، والعبور الى النقاهة الاقتصادية يتطلب مدى زمنياً يوازي عقوداً طويلة. هكذا قيل أن المزارع يخسر إن زاد المحصول، وهو حتماً خاسر إذا قلَّ. كذلك تبّرم الصناعيون من إجحاف الاتفاقات التجارية المعقودة، وللمفارقة فهم عنوا الصين وتركيا وسواهما من الدول الناشئة، التي تكاد صادراتها تقضي على صناعة الملبوسات والقطنيات والخشبيات، وعلى تصنيع المنتجات الزراعية السورية. كما اختلف المشاركون حول هوية الاقتصاد السوري الفضلى، إذ أدَّى إقتصاد السوق الاجتماعي الى تفاوت المداخيل وإزدياد ثراء الفاسدين ( طبعاً من دون التطرق الى حلقة السلطة وشركائها) وانفلات الأسعار جراء سياسة الانفتاح. فكيف لاقتصاد صغير تائه على هامش العولمة أن ينافس ويعافى وينمو إنطلاقاً من القاعدة الزراعية وجيش أبناء الريف. وألا يلفت أن جدول المطالب المرجو تحقيقها، يبدو أقرب الى مفكرة القرن التاسع عشر منها الى الحاضر، فيما قطاع الخدمات، ومنها المالية والمصرفية وسائر المؤثرات الحديثة، غارقٌ في متاهات التوجيه والضبط، يخشى من دوره، ويعرف هامشياً كملحق باقتصاد الانتاج. وماذا عن تفعيل دورة الاقتصاد داخلياً، وبؤس الكفاية الملموس لدى غالبية المواطنين، محمولهُ دعوة صريحة الى الحمائية والتقوقع وراء الحدود، واقتراح العزلة كمخرج من أزمة بنيوية بات حلفاء النظام القلائل، سابقاً وحاضراً، مسبِّبيها في المقام الأول. في المحصلة، لا شفاء من تدهور حال المريض الا بالتمني والرجاء، وتخبط خارج الزمان في البحث عن هوية للإقتصاد، بينما الموشرات تحكي عن تراجع مخيف ونقص في الأساسيات، من سلع ودخول وتمويل وتقنيات، لا يعوِّضه الظن بالخارج والدخيل، وإلقاء المسؤولية على مناخات قاهرة صنعتها القيادة بأيديها وأمعنت في مخاصمة مجرى التحولات.

وفقاً لمداخلات معظم المشاركين في الملتقى، تحوّل اقتصاد السوق الاجتماعي الى اقتصاد ريعي حرم الغالبية الساحقة من نعمه وأوقعها ضحية ندرة الاستهلاك والغلاء ; الظاهرة الاكثر خطورة، انما تتمثل في ترييف الحواضر ودفع مئات الآلاف الى ضواحي الشقاء طلباً لعمل عزيز، ما بلغ عتبة اللائق بالمواطن العادي.

أما الأشد إيلاماً في هذا السياق، فهو الكساد المنتظر، الذي لن يفيد في الانقاذ منه تعداد المرافق المحتم إيجادها من جانب الدولة، نظراً لقدرتها المحدودة على ضخ الرساميل والاستثمار، بخاصة وأن المنشآت القائمة غالبها متقادم، والمبادرات الفردية محكومة بسياسات مقيدة أودت بما يقارب الألف مصنع وورشة صناعية الى الاغلاق والافلاس. فقد أظهرت المداولات مدى تعثر التعليم، وضرورة الإصلاح الجذري للتعليم العالي. لذا أقرت المقترحات بهذا الصدد انها تستوجب برامج يناهز وضعها قيد التنفيذ قرابة عقدين، إن صدقت النوايا واقتبست سورية من الدول التي تناصبها العداء، وتمنع على الطلاب ثقافتها ولغاتها ومعارفها بأعذار قومية فارغة وأسانيد خائفة من تسلل المفاهيم والافكار.

ان المارد الممانع الذي لا تنفك الماكينة الدعائية تعدد صولاته وجولاته، اذ يلهث وراء حماية حق النقض الروسي في مجلس الامن (لأن الموقف الصيني مساير تتجاذبه اعتبارات مصلحية عند الامتحان)، انما يشكو من ضعف مناعة عضوية، اقتصادية في المقام الاول، ستقوِّض محاولة افلاته من العقاب. في هذا المضمار، تجاوزت أعطابه كاحل أخيل منذ زمن بعيد، ولا مفر له من مواجهة يوم الحساب العسير أمام شعبه المثقل بالحرمان والأعباء. وسيتبين عاجلاً ان العلاج يستلزم ما يفوق الاصلاح، ويبدأ حكماً بالتصدي لعلّة النظام.

=================

الأزمة السورية والحلول المنشودة

الاربعاء, 09 نوفمبر 2011

خالد بن نايف الهباس *

الحياة

تتصدر محاولات إيجاد حل سياسي للأزمة السياسية السورية الناجمة عن حراك شعبي ضد استبداد السلطة الأجندة الإقليمية هذه الأيام. والهدف الرئيس من ذلك يكمن في الرغبة العربية في الحفاظ على وحدة سورية وسيادتها واستقرارها والحيلولة دون تدويل الأزمة. ويرجع القلق والحذر العربيان في الشأن السوري إلى اعتبارات جيوستراتيجية نابعة من المكانة السياسية والوضع الاستراتيجي لسورية في المنظومة العربية. ولهذا ما يبرره في الواقع إذا ما أخذنا في الاعتبار الخسائر الفادحة التي لحقت بالنظام الإقليمي العربي جراء غزو العراق واحتلاله وتدمير قوته عام 2003، ما ساهم في انكشاف الجناح الشرقي للعالم العربي أمام التدخل الايراني.

من هذا المنطلق، يمكن القول إن الطرح العربي القائم على وقف دوامة العنف وإطلاق عجلة الحوار والإصلاح السياسي تشكل عناصر رئيسة في علاج الحالة السورية، وتتماشى مع المصلحة القومية العربية. وتجب الإشارة هنا إلى أن تردد بعض الدول العربية حول تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية أو اللجوء إلى مجلس الأمن لإسقاط النظام السوري وخلق نظام سياسي مغاير لما هو قائم حالياً لا يرجع إلى محاولة احتواء توسع دائرة الثورات العربية كما يعتقد البعض، أو السيطرة على مخرجاتها. فبعض من عارض معاقبة سورية بتعليق عضويتها هي من دول الربيع العربي ذاته. كما أثبتت الوقائع السياسية أن التحول من الديكتاتورية إلى الديموقراطية غير سلس في غالب الأحوال ما لم تقف القوات المسلحة على الحياد أو تناصر الشعب. وإذا كان القلق العربي لا يبرر الحفاظ على أنظمة استبدادية، فإنه في الوقت ذاته يجعل التعامل مع الشأن السوري في غاية الحساسية، ويجعل التعويل على الحل السياسي وفقاً للنموذج اليمني هو الأكثر مواءمةً لتحقيق مطالب غالبية الثوار في شكل تدريجي من دون إدخال سورية في دوامة الفوضى وإضعافها وفقاً للنموذج الليبي.

وفي هذا الإطار يمكن فهم التحرك العربي خلال الاجتماع الوزاري الطارئ الذي عقد في أروقة الجامعة العربية أخيراً، والذي تمت خلاله موافقة سورية على ورقة العمل العربية التي قدمت الى اجتماع اللجنة الوزارية المعنية بالشأن السوري في اجتماعها الذي عقد في الدوحة مطلع الأسبوع الماضي أيضاً. وكان أهم بنود الخطة يتعلق بوقف العنف وسحب كل المظاهر المسلحة من المدن والأحياء السكنية وإتاحة الفرصة لمنظمات الجامعة العربية ووسائل الإعلام العربية والدولية للاطلاع على ما يدور على أرض الواقع. ثم تأتي بعد ذلك مسألة إطلاق حوار شامل بين المعارضة والحكومة.

لكن مهما كان الحرص العربي على سيادة سورية وسلامة ترابها الوطني واضحاً، فإن السؤال الجوهري يبقى حول مدى جدوى وإمكانية تطبيق ورقة العمل العربية التي تم الاتفاق عليها. والحقيقة أن تنفيذ الاتفاق هو الذي يمنحه قيمة. ومن وجهة نظر عملية وموضوعية تبدو آفاق نجاحه محدودة. فالمعارضة أعلنت صراحةً أن هدفها هو تبديل النظام وأنها سوف لن تترك الشارع ما لم تتحقق مطالبها، وإذا ما تم سحب القوات العسكرية من المدن والأحياء السكنية، فإن مزيدا من التظاهرات من المتوقع أن تخرج، كيف لا وقد خرجت في ظل مطاردة أمنية. بينما من غير المتوقع أن تقف الحكومة مكتوفة أمام أي حراك شعبي يقوض وجودها في السلطة.

من ناحية أخرى، فإن وقف العنف أصبح شرطاً ضرورياً وفقاً لقرارات الجامعة العربية التي صدرت أخيراً، وإذا لم يتحقق ذلك الشرط، فإن أية جهود أخرى ستكون في حكم العدم. يقودنا هذا الى القول إن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في ما يتعلق بتحديد المسار الذي ستسلكه الأزمة السورية، بل إنها أسابيع معدودة وستتضح الصورة. ومن المتوقع أن يكون التصعيد هو الخيار الوحيد الذي يمكن من خلاله تحقيق المطالب الشعبية القائمة على إحداث تغيير سياسي جذري في طبيعة النظام السياسي القائم في دمشق.

بقي أن نشير إلى أن الدور الأكبر يجب ألا يقع على عاتق مجلس الجامعة العربية فحسب، بل إن القيادات والزعامات والمثقفين في سورية مطالبون بتبني موقف واضح حول ما إذا كان مستقبل النظام أهم من مستقبل الوطن. فصهر الدولة والمجتمع وتذويبهما في شخصية النظام الحاكم لم يعودا أمراً مقبولاً في زمن الربيع العربي. والتدخل الأجنبي للقضاء على هذا المنظور الإقصائي غير خال من المخاطر التي نأمل ألا تكون الخيار الوحيد.

=================

أوقفوا القمع السوري

الاربعاء, 09 نوفمبر 2011

رندة تقي الدين

الحياة

سائق تاكسي فرنسي سوري الأصل غادر بلده منذ ثلاثين سنة وعائلته كلها في سورية قال: «غادرت سورية لأعيش حراً وبعيداً عن الاستخبارات وصعوبة المعيشة. وعندما تسلم الرئيس بشار الأسد الحكم قلت لنفسي هذا رئيس شاب درس في الخارج ولا يمكن إلا أن يكون حديث التوجه وسأحضر نفسي للعودة إذا غير الأمور. والآن أرى ما يحصل في سورية وأقول إنه أسوأ من هتلر بحق شعبنا وأنا أفضل أن أبقى في فرنسا سائق تاكسي ولا أعيش في ظل هذا النظام».

أخبار سورية فعلاً مريعة: نظام يستخدم يومياً الأسلحة الروسية والإيرانية لقصف مدنه وقتل أبنائه بالعشرات ووزراء سوريون ينوهون «بالجهود الوطنية التي يبذلها الجيش لإعادة الأمن والاستقرار للوطن» ويكذبون على جامعة عربية تعطيهم فرصة للمزيد من القتل وتصفية أبناء شعبهم. فالمطلوب تحرك سريع للجامعة العربية وتعليق عضوية هذا النظام إضافة إلى العمل لحماية أبناء المدن السورية واللاجئين. فنهج الفريق الحاكم في سورية هو فعلاً الطريقة الهتلرية مع وزراء يقومون بدور غوبلز لتصفية أبناء الشعب المسالمين المطالبين بالحرية والعيش الكريم. وعلى رغم هذه الأخبار المؤلمة الآتية من سورية هناك أمر مشجع وباعث للأمل وهو صمود وشجاعة واستمرار مقاومة الشعب السوري في المدن على رغم القتل والتعذيب وترهيب الناس وسقوط الشهداء. في حين أن الأمر المعيب هو في لبنان حيث يجري اختطاف المعارضين السوريين والتضييق على حركة اللاجئين السوريين إلى لبنان. فهذا مخذل لما تبقى من قيم إنسانية لدى المسؤولين في لبنان. والرئيس ميقاتي قال لرئيس الوزراء البريطاني «إن لبنان لا يريد أن يكون رأس حربة لسورية كما إنه لن يكون رأس حربة للأسرة الدولية إذا أرادت التصويت على عقوبات في مجلس الأمن». ولكن اختطاف معارضين سوريين وإعادة جنود سوريين منشقين إلى النظام السوري يجعل من لبنان رأس حربة إزاء الشعب السوري الباسل. وموقف وزير الخارجية اللبناني في الجامعة العربية مخيب للأمل في دفاعه المستمر عن ممارسات النظام السوري. والمشكلة في لبنان أن الحكومة ومن تمثلهم من الشعب قاعدة أساسية لتحرك ولنهج النظام السوري. وهؤلاء لا يحسبون حساب المستقبل في سورية حيث الشعب الشجاع ينتصر في النهاية والعملاء لنظام قمعي وفاسد يدفعون الثمن في النهاية. فصحيح أن سورية ليست ليبيا وتونس ولا مصر. ولكن شعبها يظهر أنه كسائر الشعوب التي تحررت.

كان أحد أقطاب العماد عون يتغنى في حديث تلفزيوني بقدرة النظام السوري على الحفاظ على علاقاته الدولية الكبرى مع روسيا والصين وإيران وأن ذلك سيمكنه من الاستمرار على عكس ما حصل في ليبيا وتونس ومصر. إن تحالفات العماد عون هي دائماً مع الأنظمة المحكومة بالسقوط لوحشيتها. لقد تحالف مع صدام حسين في السنوات الذي كان يقاوم خلالها النظام السوري. والآن هو حليف قوي للنظام السوري الذي لا يمكن أن يستمر كما هو وإن أخذ ذلك وقتاً. والحكومة اللبنانية لن تسقط كما يتوقع البعض لأن رئيسها ممنوع من الاستقالة والسفارات الأجنبية مدركة لذلك. فالرئيس السوري بحاجة إليه وسيجبر وكلاء سورية في الحكومة على التصويت على تمويل المحكمة لأن المحكمة الخاصة بلبنان لم تصل إليه. فهو مشغول بتدمير محكمة شعبه. فالوضع في سورية ولبنان مؤلم حيث ضمير بعض اللبنانيين في العناية الفائقة. والسؤال اليوم كيف تتم حماية أبناء حمص وحماه وغيرهما من المدن التي تقصف يومياً؟ إن لدى تركيا الجار القوي القدرة على ذلك. لقد جرى هذا الحديث بين أردوغان والرئيس الأميركي باراك أوباما خلال قمة العشرين في كان. ومن المنتظر المزيد من الضغوط التركية على سورية. ولكن إفلاس مجلس الأمن الذي وصفه وزير الخارجية الفرنسي بحق سورية قد يتغير إذا أدركت روسيا أن مستقبل علاقاتها مع الشعب السوري يشوبه قتل أبنائه بالأسلحة الروسية.

=================

الموقف التركي من المبادرة العربية

سمير صالحة

الشرق الاوسط

9-11-2011

اقترب أحدهم من نصر الدين خوجا (جحا تركيا) وقال له: لقد شاهدت رجلا يحمل صينية من الحلوى ويسير في زقاقكم. فقال الخوجا: وما دخلي أنا. ولما قال له: هذا الشخص كان يسأل عن عنوان منزلك.. رد بسرعة البرق: وما دخلك أنت!

أنقرة حذرة في التعامل مع الاتفاقية الموقعة بين دمشق والجامعة العربية وتتجنب الترحيب العلني بها وإعلانها عن تأييدها لأنها غير مقتنعة بأن القيادة السورية ستلتزم بتعهداتها المقدمة. حكومة أردوغان سبق أن عاشت المرحلة ذاتها قبل أشهر عندما قبلت قيادة الرئيس الأسد الإعلان عن خطة إصلاح وتغيير سياسي واجتماعي ودستوري، لكنها نسيت أن تسحب الجنود والأسلحة الثقيلة من المدن والشوارع.

أنقرة، التي حذرت النظام السوري من أن محاولة رفع معادلة تهديد استقرار سوريا يعني تفجير المنطقة برمتها، غاضبة لأن دمشق تسير باتجاه تحويل أزمتها إلى فرصة لتفجير العلاقات بين تركيا والعالم العربي أولا، والإطاحة بكل ما بنته حكومة «العدالة» من علاقات محسوبة بدقة مع النظام الإيراني.

أنقرة غاضبة أيضا لأن الكثير من مواد الاتفاقية التي تعهدت دمشق بتوقيعها في القاهرة هي ذاتها التي حملها وزير خارجيتها إلى دمشق وحاول إقناع القيادة السورية بقبولها فرفضتها، وها هي تلتزم الآن بتنفيذ ما ردته قبل أشهر، لتوفر على سوريا والسوريين كل هذه الخسائر في الأرواح والممتلكات.

أنقرة لا تريد أن تكون نذير شؤم حيال المبادرة العربية، لكنها - رغم الكثير من الانتقادات والاتهامات الموجهة إليها بسبب سياستها السورية - لا تريد أن تكون كذلك في موقف الرجل الذي دخل اللص منزله ليلا فلامه الجميع، مرة لأنه ترك النافذة مفتوحة وأخرى لأنه غط في سبات عميق أو لأنه لم يحصن حائط الحديقة، ولم يحمل أي منهم اللص مسؤولية فعلته هذه.

هي تعرف أن البعض، ليس داخل سوريا فقط بل داخل بعض الدول العربية والإسلامية وحتى في تركيا نفسها، يريد لها أن تفشل في سياستها السورية، متجاهلا أسباب الأزمة ومن يتحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى.. لذلك، هي لا تتردد في الاحتفاظ بحق التذكير بالسيناريو الأسوأ؛ وهو فشل المبادرة العربية نتيجة التذبذب في الموقف السوري، لتعود المناقصة وترسو عليها في طرح البدائل وتحمل المسؤولية الأولى كونها الجار المعرض لدفع الثمن الأكبر أمام توسع رقعة الانفجار في سوريا. المواقف التصعيدية الأخيرة لأردوغان من بون وتمسك داود أوغلو على هامش القمة الآسيوية في إسطنبول بانتقاد النظام السوري، لا تعكس فقط حقيقة صعوبة عودة المياه إلى مجاريها في مسار العلاقات التركية – السورية؛ بل إن تركيا جاهزة لدفع الثمن بسبب وقوفها العلني إلى جانب المعارضة وفتح الأبواب على وسعها أمامها ودون تردد.

أنقرة بعد هذه الساعة متمسكة بالتمييز بين إنقاذ النظام وبين إنقاذ الشعب السوري، وهي ورقة تحاول القيادة السورية دمجها ولعبها باحتراف والتمسك بها حتى النهاية. من هنا، فحكومة «العدالة والتنمية» تتمسك بحق الرد والتصعيد في كل لحظة تشعر معها أن قبول القيادة السورية مساء بالمبادرة العربية التي رفضتها في الصباح مجرد محاولة لإطالة عمر الأزمة ومنح النظام المزيد من الفرص لسحق المعارضة. أردوغان الذي يتهمه البعض بالتلويح والاستقواء بالسيف الأميركي في الموضوع السوري، قالها مرة أخرى ولكن من ألمانيا هذه المرة: لا يمكننا أن نقبل إطلاقا ما يجري داخل سوريا وتحويل الأزمة إلى اقتتال مذهبي حتى ولو كانت العقوبات التي سنلتزم بها هي الخيار

========================

هُزمَ... فَقَبل

محمد سلام

لبنان الآن 4/11/2011

نظام الأسد هُزمَ، لكنه لم يسقط. لذلك أصدر بياناً يعلن فيه قبولَه المزعوم بالمبادرة العربية، مع أن جوهرَ المبادرة هو واحدٌ لا غير: تنظيم انتقال سلطة النظام إلى غيره قبل سقوطه النهائي ... حقناً للدماء.

 

نظام الأسد هُزمَ. هذه حقيقة. لذلك قبل الوساطة العربية. المنطق يقول إن الوساطة لا يقبلها المنتصر، بل المهزوم.

 

نظام الأسد هُزمَ. لذلك سعى إلى الإعلان عن قبوله الوساطة العربية بينه وبين شعبهكي يشتري وقتاً علّه يؤخّر أجلَ سقوطه، أو عَلّه يُعيد حقنَ الحياة في شرايينه.

 

لذلك على جامعة الدول العربية أن تدركَ وتعي أنها مسؤولة، بالتواطؤ الضمني أو بعدم الإدراك، عن كلّ قطرة دم يسفكها نظام الأسد في سوريا بعد إعلانها، أي الجامعة، عن قبول نظام الأسد مبادرتها.

 

نظام الأسد هُزمَ، وليس صحيحاً إطلاقا، قول النائب اللبناني عباس هاشم بأن المعارضة السورية سقطت. رأيه ليس تلفيقاً، وليس تشويهاً، وليس استنتاجاً خاطئاً. هو، ببساطة، محاولةً من قبل أدوات الأسد في لبنان لشدّ عصب جماعتها، ولو مؤقتاً، عبر الزّعم غير المباشر بأن الأسد انتصر بمجرد سقوط "المعارضة".

 

تصريحُ النائب هاشم لتلفزيون "المنار" يعكسُ الخلطَ في المفاهيم لدى جماعة "حزب السّلاح" وتيار العماد عون حيالَ ما هو معارضة وما هو ثورة.

 

سقط أكثر من ثلاثة آلاف قتيل في سوريا وسعادة النائب هاشم يرى أن المعارضةَ السورية سقطت.

 

هل يوجدُ في العالم من سمعَ بمعارضة سقط لها ثلاثة آلاف قتيل ... فقط لأنها تُعارض؟

 

لذلك نستنتجُ أن رأي سعادة النائب هاشم يثبت بما لا يقبل الخطأ بأن الشهداء الذين سقطوا، بما أنهم وفقَ وصفه مجرد معارضة، َقتَلَهم الجلاد. وبهذه الحالة يكون الجلادُ هو نظام الأسد.

 

كيف يقبل المنتصر المزعوم بوساطة خارجية بينه وبين شعبه؟ لو انتصر فعلاً ... لأكمل سيطرته وحكم من دون منازع، ومن دون القبول حتى بسماع مفردة مبادرة أو وساطة.

 

كيف يقبل المنتصر المزعوم يا سعادةَ النائب هاشم بالبند الأول من المبادرة العربية الذي دعا إلى ما حرفيته "وقف كل أنواع العنف من أي مصدر كان حماية للمواطنين السوريين".

 

كيف يقبل المنتصر المزعوم بهذا البند الأول الذي يشدّد على حماية المواطنين السوريين؟ حمايتهم ممن؟ من العصابة الخارجية التي يزعمُ نظام الأسد وجودَها؟ ما هذا الاستنتاج السخيف؟ العصابة الإرهابية المزعومة ليست طرفاً تشمله المبادرة العربية لا من قريب ولا من بعيد لأنه ... لا وجود لعصابة مزعومة بالمعنى الذي قصدَه النظام. العصابة، في الوجدان العربي، هي نظامُ الأسد.

 

وكيف يقبل نظامُ الأسد، لو كان منتصراً، بالبند الثاني من المبادرة العربية الذي ينص على "الإفراج عن المعتقلين بسبب الأحداث الرّاهنة".

 

والله غريب. لو سقطت المعارضة وانتصر نظام الأسد كما يبشّر النائب عباس هاشم،فلماذا يقبلُ المنتصر بالإفراج عن المعتقلين؟ لماذا لا يحاكمُهم؟

 

ربما يقصدُ النائب هاشم أن نظامَ الأسد قبل الإفراج عن المعتقلين لأن أخلاقَه "حميدة"!!!

 

وإذا كانت أخلاقُه حميدةً، فلماذا اعتقل عناصرَ "معارضة" ولم يَسمح لها أساسا بالتعبير عن رأيها؟

 

نظام الأسد هُزمَ. هذه حقيقة. ويريد شراءَ وقت لتأجيل سقوطه. لذلك يكذّب على جامعة الدول العربية ويزعم أنه وافقَ على مبادرتها، والجامعة العربية تستر كذبه.

 

أما أطرفُ تفسيرات العالم في الحديث الأسدي - وهذا اختصاصٌ حديثٌ في علم الحديث- فيسجلُ للنائب عباس هاشم قوله: ""زرع الألغام من قبل الجيش السوري على الحدود ليس فقط من أجل المهربين، بل يعني أنَّ سوريا ليس لديها نية لإجتياح الاراضي اللبنانية كما يدعي البعض بل من أجل ضبط الحدود".

 

المطلوب يا سعادة النائب اللبناني أن تحترم عقول اللبنانيين والسوريين. لا نطالبك باحترام عقل جماعتك فهؤلاء سيصدقون كل ما تقوله من دون المرور بلحظة تفكير.

 

ولكن، إذا كان زرع الألغام على الحدود غير المرسمة بين لبنان وسوريا يعني، وفق رأي النائب عباس هاشم، "أن سوريا ليس لديها نية لاجتياح الأراضي اللبنانية"، فذلك يعني،وبنفس القياس أن حقول الألغام التي أقامها الجيش الصهيوني جنوبي خطنا الأزرق تعني أن الصهاينة ليس لديهم نية لاجتياح أراضينا، بل هم يضبطون فقط ما يسيطرون عليه من فلسطين المحتلة.

 

وبذلك يكون النائب عباس هاشم قد ضرب نظرية التمسك بالسلاح غير الشرعي تحت عنوان حماية البلد من اعتداء إسرائيلي، لأن الإسرائيلي، حسب النظرية غير السديدة يحمي نفسه منا، كما يحمى الأسد أيضا نفسه منا!!!!!

 

نظام الأسد هُزم. لذلك قتل 54 شخصا بإطلاق الرصاص في حمص ومناطقها منذ إعلانه عن قبوله مبادرة الجامعة العربية من دون تحفظ، مع أنه كذب لأنه لم يوافق على مكان الاجتماع بممثلي الثورة السورية في القاهرة.

 

يقول نظام الأسد "من دون تحفظ"، ويتحفظ في الاجتماع المغلق، ويستر العرب عورة كذبه، بعدم الإشارة في بيانهم إلى الخلاف المستمر على مكان انعقاد الاجتماع: القاهرة، كما تنص المبادرة، أم دمشق كما يريد الأسد...

 

نظام الأسد يأمل في أن يرفض المجلس الوطني السوري مبادرة جامعة الدول العربية كي يقول هو للعرب "أنا قبلت. هم رفضوا. هم مؤامرة خارجية".

 

نظام الأسد هُزم. ولم تفاجئ هزيمته سوى أنصاره. ولم يفاجئ قبوله المزعوم بالمبادرة العربية سوى أدواته، الذين راحوا يهللون للكذبة.

 

نظامُ الأسد هُزم. وما قبولهُ بالمبادرة العربية بعد رفضها الصريح، ثم رفضها المُضمَر، ثم الاستهزاء بها، سوى إقرارهُ بهزيمَته.

 

إسألوا الشعب اللبناني. لقد جرّب وعود الأسدين قرابة 40 عاماً. والشعب اللبناني هو أكثر العارفين "بصدقية" نظام الأسد في وعوده.

 

نظامُ الأسد هُزم. وعلى أعضاء جامعة الدول العربية عدم إعطائه حُقنَةَ مُنشّط لأنها بذلك ستكون شريكتُهُ في استباحة دماء الشعب السوري ... والشعب اللبناني أيضا.

 

الشعب السوري، عشية عيد الأضحى المبارك، يناشدُ قادةَ العرب ألا يقتلوه مرتين.

 

الشعب السوري، عشيةَ عيد الأضحى، يقول للقادة العرب إنه يريد أن يكتبَ تاريخه بنفسه، ولا يريد أن يكون بين صفحات هذا التاريخ ما يشير إلى تواطؤ القادة العرب مع الجلاّد، وإن بشكل غير مباشر.

 

الشعب السوري، عشيّة عيد الأضحى، يقول للقادة العرب إنه يريد أن يختار مستقبله بنفسه، ولا يريد أن يكونَ مستقبلُهُ ملوثاً بغصّات عربية.

 

الشعب السوري، عشيّة عيد الأضحي، يقول للقادة العرب: "نناديكم. نشدّ على أياديكم. نبوس الأرضَ تحت نعالكم. نحن جميعنا نفدي وطننا، فلا تجعلونا نكفر بعروبتنا".

 

نظام الأسد هُزمَ، ولنرَ إذا كان سيوافق على الاجتماع مع ممثلي الثورة السورية خارج دمشق، وتحديداً في القاهرة حيث تنص المبادرة.

 

نظام الأسد هُزمَ. أدواتُهُ في لبنان تَكذبُ، وتَكذبُ، وتَكذبُ بانتظار من يَقتنع بالحوار معها لدى سقوط النظام.

 

لذلك، فإن كل من يعتقد بإمكانية الجلوس إلى طاولة واحدة في لبنان مع أدوات الأسد وحُلفائه، سواءٌ الآن، أو بعدَ سقوط نظامه، سيُحمّله التاريخ مسؤولية كل المظلومية الناشئة عن ممارسات هذا النظام وأدواته وحلفائه منذ العام 1970 وحتى ...

 

لبنان سقط منذ العام 1958 عندما أطلق الرئيس صائب سلام رحمه الله شعار "لا غالب ولا مغلوب".

 

التسويةُ، أي تسوية، هي مفتاح نزاع آت لا محالة. لذلك لم يستقر البلد لأن أحدا لم ينتصر فيه على أحد.

 

أميركا دولة عظيمة فقط لأن شمالها انتصر على جنوبها في الحرب الأهلية وقاد الأمة.

 

الاتحاد السوفياتي الراحل كان عظيماً فقط لأن ثورة العام 1917 انتصرت وقادت الأمةَ، ولم تنجز تسوية مع القيصر.

 

من ينتصر يقودُ الأمة. فليقُد لبنان من ينتصر فيه، من دون تحديد مُسبق للمنتصر. فليحكم أيّ منتصر إذا استطاع أن يؤمّن العدلَ والمساواةَ والاستقرارَ والحريةَ.

 

وإذا لم يَستَطع، فحسابُهُ مع شعبه كما كان حساب الاتحاد السوفياتي مع شعوبه، وكما كان حساب الرئيس الروماني نيقولاس تشاوتشيسكو مع شعبه، وكما كان حساب ميلوسوفيتش الصربي مع ... العالم، وكما كان حساب القذافي السيء الصّيت مع شعبه، وكما يجري حساب نظام الأسد مع شعبه.

 

الجلوس إلى الطاولة مع أدوات المهزوم، أي مهزوم، ومع حلفاء المهزوم سيكون خيانة عظمى لمستقبل لبنان ... وسيسجلُها الشعبُ الذي لا يَرحم.

===========================

السيناريوهات المتوقعة للنظام “سوريا 2011-2012″

كلنا شركاء 2011/11/07

وصل لبريد ( كلنا شركاء ) دراسة أعدتها مجموعة بحثية تتضمن وفق ما يرونه ستة سيناريوهات محتملة لسوريا عام 2012 وننشرها هنا على حلقتين دون تعليق , مع فتح الباب لمن يرغب بالتعليق عليها .

1. سيناريو عودة الأمور كما كانت قبل15/3/2011 :

(سيناريو حافظ الأسد مع الأخوان وإيران مع الاصلاحيين)

توصيف الحالة:

 تنتهي الحملة الأمنية بعد وصول المظاهرات إلى الحالات الدنيا وتصبح متابعتها من مهام الشرطة والأمن المحلي.

  يُصبح الخبر السوري في الأخبار الأخيرة على القنوات الإعلامية..مقابل الاهتمام بأخبار أخرى

  الضغوط السياسية العالمية والعربية.. لاتهم الحكومة السورية.. بل تعتمد على قلّة من المتحالفين.

احتمال السيناريو:

ضعيف جداً.. إلا في حالة نجاح النظام في قلب الموازين الداخلية والدولية.

المطلوب لهذا السيناريو:

1- حملة عسكرية وأمنية حاسمة وضخمة تقوم بتمشيط كافة المناطق المشتعلة بعد إغلاقها إغلاقاً كاملاً وعزلها إلى كانتونات مغلقة.. مع حملات اعتقال لا تستثني أحد.

1. حملة إعلامية محترفة مع شركات العلاقات العامة الأجنبية .. تظهر مناطق التمشيط مناطق عسكرية تخوض حرباً حقيقية وتظهر الكثير من المجرمين المقنعين للمشاهد.. وتطلق هذه الحملة هجمة تشويه كاملة عن رموز المعارضة ورموز المظاهرات تستهدف انهيارهم إعلامياً.

2. استهداف الشباب وشبكات التواصل الاجتماعي وأماكن العبادة..

3. تحويل اقتصاد سوريا إلى اقتصاد ذاتي .. غير متواصل مع الخارج والاعتماد على منافذ التهريب (سوق الثمانينات)

4. تشديد الرقابة الأمنية على كل شبكات البريد والهاتف وعلى النقابات والاتحادات والأحزاب (الطريقة الستالينية)

5. عمل انتخابات هزلية ومعارضة شكلية واقتصاد شكلي يعيش على الحدود الدنيا من الرساميل والاحتياطات (مثل النظام السياسي والأمني من 1976-1989)

 

مخاطر هذا السيناريو على النظام :

1. الاعتماد الكلي على الجيش سيجعله عرضة للانقسام وانشقاقات كبيرة وخطيرة وستؤدي إلى انهيار النظام..

2. الحملة الإعلامية مع شركات العلاقات العامة أثبتت فشلها في ليبيا والعراق بسبب كونها سلعة تباع وتشترى من كافة الأطراف السياسية..

3. استهداف الشباب وشبكات التواصل أصبح شبه مستحيل بسبب التطور التقني الكبير الذي يخترق كل الحواجز.. أما الاعتقالات.. فهي ستكون عبئاً على النظام تساهم في ضرب الاقتصاد.. وفي خيبة أمل العائلات وفي توتر المناطق أكثر بالتالي المزيد من المظاهرات وربما نشوء جماعات مسلحة أخطر من الموجودين.

4. في ظل العولمة لم يعد ممكناً بقاء الاقتصاد الهزيل والمغلق.. بل ينهار خلال أيام وبالتالي يسقط النظام.

 

أوراق بيد المعارضة في هذا السيناريو:

1. الاستفادة من انشقاقات الجيش على صعيد الانشقاق المنظم وليس الفرار.

2. الاقتصاد المغلق سيساهم في توتير الداخل والخارج أكثر ويساهم في دخول شرائح جديدة إلى صف المعارضة من الاقتصاديين والمتضررين.

3. الانتخابات الشكلية ستساهم في توحيد المعارضة ضد النظام وبالتالي سقوطه. "مثال: انتخابات مصر الأخيرة- المجمع الحزبي"

4. عزل النظام نفسه سيساهم في انهياره .

……………………………..

2- سيناريو التدخل الدولي الحاسم

- هو سيناريو معقد داخلياً وخارجياً.. لكنه يعجل بسقوط النظام

- التوصيف:

 حظر جوي على غرار الذي فرض على العراق أو ليبيا أو حصار بحري أو تنفيذ غارات جوية مثل الغارات التي نفذت على صربيا في عملية كوسوفو التي استهدفت القدرات السياسية والاقتصادية والبنى التحتية.

- المطلوب لهذا السيناريو:

- تفويض دولي واضح.

- موافقة الجامعة العربية.

احتمالات هذا السيناريو:

 - ضعيف: في حال دخول الجامعة وروسيا وإيران وتركيا على خط الضغط الحقيقي على النظام وتجاوب النظام .

 - وارد: في حال انفراد النظام بسياسة الحل العسكري وعدم فتح باب الحلول السياسية .

  قوي جدا ّفي حال:

  تأكيد إيران والصين وروسيا من أن النظام ذاهب باتجاه التصعيد وظهور بوادر الحرب الأهلية.

  حصول إيران والصين وروسيا على صفقات جيدة من المعارضة في سوريا.. وحصولهما على حلول مرضية من أمريكا والاتحاد الأوروبي وتركيا في ملفات خفض الأسلحة الإستراتيجية والدرع الصاروخي وتقاسم المصالح في العراق وليبيا.. وتقاسم مناطق النفوذ في الخليج والقوقاز.

  وجود مجلس عسكري بديل للنظام مقنع لكل هذه الدول. هذا المجلس المكون من عدد من العسكريين الاستراتيجيين الكبار.. يتولى الفترة الانتقالية لمدة 6 أشهر ليؤمن للبلاد استقرار أمني مع انتخابات ديمقراطية وانتقال سلمي يمنع البلاد من الحرب الأهلية .

  هذا المجلس العسكري يجب أن يكون قريباً لإيران كما تركيا وقريباً لروسيا كما هو لأمريكا.. ومقبولاً من الشارع السوري..

ويكون من القادة المؤثرين في الجيش والذين هم من خارج منظومة الأسد ومخلوف وغير متورط بالدم السوري.

  وجود طرف مستعد لتمويل هذا التدخل العسكري.. من الخليج والاقتصاديين السوريين المتخوفين من حرب أهلية.

 

  عراقيل هذا التدخل:

1. تجربة العراق أخافت الجميع.. فالتخوف من حرب أهلية أو طائفية كما في العراق على حساب الأقليات.. حتى في وجود تشجيع من أطراف تريد أن تظهر أن هذه المخاوف لم تحصل في ليبيا.. لكن رغم ذلك يبقى التنوع الإثني في سوريا.. مانعاً من تشبيه الوضع السوري بالوضع الليبي.. يبرز هنا حل كوسوفو.. كحل منطقي.. بالنسبة للمتخومين من الحرب الطائفية.

2. وجود طرف إقصائي في المعارضة السورية.. لا يقبل إلا بإقصاء جميع المستفيدين من النظام سواء من الاقتصاد بين أو العسكريين.. وسيعرقل وجود مجلس عسكري كهذا .

3. عدم وجود خطة جيدة لما بعد النظام تطمئن الدول التي يمكن أن تستخدم الفيتو من المعارضة السياسية السورية حتى الآن..

4. ظهور بوادر تطرف بين أطراف في المعارضة وأطراف في النظام تروج للطائفية المقيتة وتظهرها في أسوأ مظاهرها في النت والإعلام.

5. خوف إسرائيل وأمريكا وغيرها من الدول من عواقب هذا التدخل في:

 

  إدخال المنطقة في صراع إقليمي بين حزب الله وحماس وإيران وأساطيل أمريكا والغرب في الخليج وحدود إسرائيل.

  قلق تركيا من حركة دعم للأكراد من سوريا وإيران والعراق من أجل قلقلة حدودها.

  قلق الغرب وأمريكا من تحركات مضادة في العراق تتولاها سوريا وإيران.

…………..

3- سيناريو التغيير طويل الأمد (خطة خمس سنوات):

توصيف:

هذا سيناريو يفترض نوايا جدية من النظام والمعارضة في أن يكون الوطن أكبر من الطرفين ويقوم هذا السيناريو على مبادرات من السلطة تقابلها مبادرات من المعارضة.. مع بقاء الشارع يطالب بالديمقراطية وسحب الجيش والأمن من الشارع..

المطلوب لهذا السيناريو:

  تنازلات حقيقية من النظام كبادرة أولى.. هذه التنازلات تكون :

1. سحب الجيش من الشارع وعودة الأمن إلى مراكزه.

2. حكومة ذات صلاحيات تتكون من المعارضة والاقتصاديين والسياسيين غير المحسوبين على النظام تكون من صلاحياتها انتخابات تحت إشراف دولي.. لمجلس نيابي يغير الدستور ويحجم صلاحيات رئيس الجمهورية.

3. محاسبة المتورطين بحوادث القتل والتعذيب وكشف رؤوس كبيرة في الدولة كانت ناشطة في آخر فترة في القتل والتعذيب.

4. إعطاء ضمانات حقيقية للدول بجدية النظام في الإصلاح العاجل..

5. تنازلات النظام ستكون بغض النظر عن اتجاه الشارع لأن الشارع يحتاج إلى وقت لإقناعه بجدية النظام.

6. إخراج المعتقلين وكشف مصير الباقين.

  إقناع الجهات الفاعلة في المعارضة بجدية النظام في إصلاحاته عن طريق

  1- تكون هذه الفترة بإصلاحاتها وانتخاباتها وقوانينها تحت إشراف دولي تشارك فيه أمريكا وروسيا وتركيا وإيران

1. توحيد المعارضة تحت مجلس واحد.

2. ضمان الاقتصاديين الكبار في سوريا وموقف حازم تجاه السلطة في حال إخلالها بأي من الإصلاحات.

احتمالات هذا السيناريو:

  ضعيف: في ظل وجود فئة في النظام تخاف على مكتسباتها.

  قوي: في حال اتجاه الدول الغربية والعربية نحو تدويل المشكلة السورية.. وضغوط حقيقية من روسيا وإيران على النظام.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ