ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 27/10/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

شعوب الفيسبوك

تاريخ النشر: الأربعاء 26 أكتوبر 2011

محمد خلفان الصوافي

الاتحاد

جذبت الأنباء التي تتناقلها وسائل الإعلام لما يحدث حالياً في مختلف مدن العالم، من اعتصامات واحتجاجات شعبية، الانتباه إلى واقع التواصل الإنساني بين شعوب العالم.

فقد تحدثت الغالبية العظمى من هؤلاء المعتصمين، عن أن فكرة الاعتصام ربما لا تكون جديدة في مجتمعاتهم؛ بوصفها أحد أساليب التعبير عن عدم رضاهم لسياسات الحكومات هناك. لكن التنسيق بين المعتصمين والمحتجين في مدن العالم، بشأن الخروج في توقيت واحد، والاتفاق على موقف جمعي، والإصرار عليه من دون أن توجد قيادة لهذه الاعتصامات، هي أفكار ربما تكون وليدة لمواقع الإعلام الاجتماعي؛ مثل: تويتر وفيسبوك!

تبادل الاهتمامات والخبرات، وتناقل الأفكار بين الشعوب، تكلّم فيهما الكثيرون منذ عقدين من الزمن تقريباً؛ فقد وضع بعض الناس نظريات حول تقارب الدول فيما بينها؛ حيث رأوا أن العالم بات قرية عالمية صغيرة؛ في دلالة على تأثير الشعوب في بعضها. وبعضهم اختصر هذا العالم الجديد، في سرعة نقل الخبر أو المعلومة، من واقع استخدام الإنترنت أو وسائل الإعلام الأخرى، وعدّ ذلك ما يقصده منظرو "العالم قرية صغيرة"، من دون أن يتعدى هذا المفهوم، إلى إمكانية اتفاق الشعوب على "هم" معين أو قضية اجتماعية أو مسألة سياسية؛ ومن ثم تأييدهم لها.

وما تفعله مواقع التواصل الاجتماعية أقرب إلى أن يكون أشبه بمجتمع حقيقي وليس افتراضياً، من دون أن نرى أفراده؛ الكل يعيشون فيه من دون أن يعرف أحدهم من يخاطب، أو يتفاعل معه؛ المهم أن الهموم واحدة، وهي الآن عالمية. ليس مهماً أن تنتمي إلى هوية من تدعمه أو تؤمن بما يعتقد به، وإنما يكفي أن تتشارك معه في القضية. وما يلفت النظر أن تأثير أناس هذا المجتمع، يزداد فاعلية وانتشاراً، وهذا ما أثبتته كل مواقف هذا المجتمع "الهلامي"؛ فالكل يمكنه أن ينسق تحركات شعوب كثيرة في العالم؛ من أجل قضية ما، ويمكن من خلال هذا المجتمع، أن تمارس كل النشاطات السياسية والاجتماعية، كما هو الشأن في الواقع الملموس؛ فهي تصنع جماعات الضغط (اللوبيات)، وتحشد مؤيدين تمارس بهم ضغطاً على الحكومات من خلالهم.

شعوب الفيسبوك تتشارك -حالياً- في قضايا وهموم مشتركة؛ مثل: الغلاء وارتفاع الأسعار ونفوذ الشركات العابرة للقارات، وقد أصبحت المعاناة من هذه المشكلات، الموحد الأول لشعوب العالم. وباتت أعداد من يعيشون خارجها وبعيداً عن مظلتها، تتراجع، إنهم الآن يمثلون الأغلبية في العالم، بل إن فكرة 99 في المئة التي يفاخرون بها، قد تكون نسبة الفقراء أو المعوزين في العالم، وتصلح أيضاً لأن تكون نسبة منضمين في مواقع التواصل الاجتماعي ومن هم خارجه. وتبقى كيفية اجتذاب الناس إلى موقفك، تحت مظلة الفيسبوك، تعتمد على مقدرتك في إقناع الآخرين، وهذا هو التحدي الأكبر، كما أن التخوف من أن يتم استغلال شعوب الفيسبوك هذه، من أصحاب الأحزاب المتشددة خاصة أن أفراد هذه الشعوب، يتأثرون سريعاً ببعضهم بعضاً، ويتناقلون الخبرات والتجارب؛ كما لاحظنا في الاحتجاجات الشعبية في بعض الدول العربية، والآن في حركة "وول ستريت". وهذا يعني ضرورة أن تعطي الدول والحكومات، للتفاعل مع هذه الموجة الاتصالية الجديدة أهمية؛ للتعرف إلى الشرائح المجتمعية الجديدة.

ما أريد قوله، هو أن مواقع التواصل الاجتماعي، أكدت تحول العالم إلى قرية صغيرة، بعدما كان ذلك نظريات تدرس في الجامعات، وتتردد أصداؤها في الفعاليات السياسية.

=================

لجنة الجامعة العربية في.. دمشق!

محمد خرّوب

kharroub@jpf.com.jo

الرأي الاردنية

26-10-2011

اليوم, وإذا لم تحدث مفاجأة في اللحظة الاخيرة, فإن اللجنة التي شكّلها المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية, ستهبط في العاصمة السورية, في مسعى لايجاد «حل» للأزمة السورية, ينهض في الاساس على حوار بين النظام و«كل» اطياف المعارضة.

وإذ من المبكر التكهن بما سيؤول اليه لقاء الوفد «العربي» مع المسؤولين السوريين, سواء كان رئيسه قَطَريّاً أم لا, فإن مجرد قبول دمشق استقبال الوفد صاحب المقترح المحدد (...) في ان الحوار, اذا ما تم, سيكون في مقر الجامعة العربية, يعني استعداد دمشق للتعاطي مع هذا المقترح وقطعاً للطريق على تشكيك المعارضة, وبخاصة الخارجية منها, في مقترح كهذا, والتي راهنت في الاساس (بعد تحفّظ المندوب السوري على بيان الاجتماع والذي ثبت أنه تحفّظ شخصي لم تلتزم به الدوائر الرسمية في دمشق) على أن القيادة السورية سترفض هذا المقترح وترى فيه مسّاً بسيادتها, فضلاً عن كونه تدخلاً في شؤونها الداخلية, حيث تم تسريب اراء ومواقف تتحدث عن غضب سوري ورفض لأي حوار خارج الاراضي السورية, وإن كان اصحاب تلك التسريبات لم يمانعوا, في أن يكون هناك دور ما للجامعة العربية يتم التوافق عليه..

كل ما قيل سابقاً بات خلفنا، دمشق تستعد اليوم لاستقبال الوفد, فهل ثمة ما يمكن قراءته في هذا المشهد غير المألوف, حتى لا نصفه بغير المسبوق، عربياً، حيث تقع الجامعة في فخ الانتقائية وتخضع لاختلال موازين القوى داخلها بفعل تأثيرات وتداعيات الربيع العربي, حيث بمقدروها (الجامعة دائما) وفي ظل أمينها العام الجديد, الذي لا اجندة شخصية له كما كانت الحال مع سلفه، ان تلتزم ميثاقها وان تُطبّقه وعلى «كل» الساحات العربية وليس في ليبيا سابقاً, كما حدث في زمن عمرو موسى وحالياً في سوريا فيما يجري «غَلُّ» يدها في دول وساحات ساخنة اخرى كاليمن وغيره..

ما علينا..

سجلت دمشق نقطة لصالحها عندما قبلت استقبال وفد الجامعة, رغم انها أسقطت في شكل آخر, مهلة الخمسة عشر يوما التي حددها بيان الجامعة, بدا فيه (البيان) وكأن اصحابه يريدون غسل أيديهم من الازمة السورية وتحميل دمشق مسؤولية اجهاض «المبادرة» العربية وهي اليوم (دمشق) ترمي الكرة في ملعب المعارضة, التي فوجئت بقبول النظام استقبال الوفد العربي فراحت تبدي تشددا اقرب الى المكابرة في رفض الحوار مع النظام, على نحو بدا فيه برهان غليون القيادي الابرز في المجلس الوطني وكأنه خسر رهاناً, فصب انتقاداته على الجامعة العربية, مستغرباً قبول وفدها الذهاب الى دمشق والدم السوري لا يزال يسقط مع عشرات الشهداء كل يوم, على ما قال مطالباً الجامعة العربية بأن تكون «جدّية» في ما تطلبه من النظام..

حسين العودات الناطق الاعلامي باسم هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي (معارضة داخلية), وبعد رواج انباء عن قبولها الحوار مع النظام, نفى تلك الاخبار وقال: انه لا صحة لها, مشيراً في ايحاء لافت, الى أن الهيئة بدأت «التواصل» مع المجلس الوطني المعارض لتنسيق جهود المعارضة السورية, وإذا ابتعدنا قليلاً عن تفصيلات المشهد السوري وفصول الوقائع الميدانية على الارض, فإن الامور الان وفي ما خص مهمة وفد اللجنة أو قل دور الجامعة العربية في الأزمة السورية (تتواصل الضغوط على الجامعة من قبل عواصم اقليمية ودولية نافذة للسير في السيناريو الليبي, وبخاصة بعد أن انتهت الحرب الاطلسية على ليبيا كي يتم التمهيد لحملة عسكرية على سوريا, وفق ما قاله السيناتور الاميركي جون ماكين قبل أيام), تضعنا أمام قراءتين احداهما للنظام الذي ابدى مرونة أو خطا خطوة تكتيكية لدفع اركان المعارضة الداخلية والخارجية الى زاوية رفض الحوار, وبالتالي تَحمُّل المسؤولية, اضافة الى ما أُعلن عن ترؤس الرئيس السوري لحوار وطني موسع, مقابل قراءات متباينة للمعارضة السورية تُبدي بعض اطرافها حماسة لتدخل عسكري تحت يافطة حماية المدنيين.

أين من هنا؟

هل تتواصل مرونة النظام فيقبل الحوار مع المعارضة حتى في مقر الجامعة العربية, لنزع ما تبقى من ذرائع أمام حماسة بعض دول الجامعة ذاتها (فضلاً عن تشكيلات المعارضة السورية؟).

الساعات الوشيكة... ستقول!!

=================

الثورات تطيح بثلاثة زعماء والبقية تأتي!

الأربعاء، 26 تشرين الأول 2011 02:49

ماجد أبو دياك

السبيل

أطاحت ثورات الربيع العربي حتى الآن بثلاثة رؤساء عرب مع اختلاف في الطريقة التي حدث بها التغيير، فقد هرب الرئيس التونسي للسعودية، فيما قرر حسني مبارك التنحي وهو يواجه الآن المحاكمة، أما العقيد القذافي فقد قتل على يد الثوار بعد أن وجدوه مختبئا في أحد مجاري الصرف الصحي! والواضح أنّ مصائر الزعماء العرب تتجه نحو الأسوأ وأنّ الشعوب ما عادت تقبل بهروبهم أو حتى استقالتهم وتتعطش للقصاص منهم كلما زادت أفعال القتل والدمار الذي يلحقونه ببلادهم وشعوبهم.

من الدروس المستفادة من مصائر ومصارع الزعماء البائدين أنّ الشعوب المنتفضة عليهم لم تعد تنظر للوراء وتدرك أنّ ثمن التوقّف عن الثورة هو أعلى بكثير من ثمن استمرارها حتى لو كان باهظا. وفي غمرة سعي الشعوب للتحرر من قيود الاستبعاد والبطش والظلم، فإنّ مبادئ الحرية تتكرس في المنطقة يوما بعد يوم، وهذه المبادئ لا يمكن بالتالي التحكّم بنتائجها أو الوصاية عليها من أيّ قوة خارجية أو داخلية.

وها هي حركة النهضة في تونس تتقدّم لتهيمن على المشهد السياسي رغم كل ما قيل ويقال عن الثورة والجيش وبقية أزلام السلطة. وفي هذه الحالة فإنّ الغرب هو الذي سيضطر إلى التأقلم مع الوضع الجديد في هذا البلد.

ومن هذه الدروس أيضا أنّ النهاية التي يصل لها الحكام المستبدّون تتناسب مع مدى عنفهم ووحشيتهم في التعامل مع من يطالبون بالتغيير، فكان مصير القذافي الذي ولغ في دماء وأعراض شعبه هو الأسوأ حتى الآن وقد يكون مصير الكثيرين غيره مثل مصيره.

وقد عاش القذافي بالسيف فمات به، وعاش مبارك بالظلم فواجه المحاكمة، وعاش بن على بالاستبعاد والإقصاء لخصومه فإذ به يهرب ويترك البلاد كما اضطر خصومه في السابق إلى ترك البلاد والهجرة لأوروبا خوفا من ملاحقته لهم.

ومن هنا فإنّ الشعوب قد تتضرر من حكامها ولكنها تظلّ أبقى وأثبت منهم، وكلما بعد الحاكم عنها كلما عجّل بنهاية حكمه طال الزمن أو قصر.

ولا نستطيع أن ننصح من تبقّى من زعماء يواجهون ثورات شعوبهم، بدعوتهم للاتعاظ بغيرهم، فلو كان ذلك مجديا لتعاملوا بشكل مختلف مع المطالب العادلة لشعوبهم، حتى أنّ أحدهم استبعد أن تواجه بلاده مظاهرات تطالب بالإصلاح مدّعيا بأنّ سياسة بلاده الخارجية تضمن لها الحصانة دون حتى أن يفكّر بتحصين جبهته الداخلية!

إنّ مقتل القذافي وانتهاء حكمه سيشكّل دافعا كبيرا للثورتين في سوريا واليمن، وسيزيد من عزلة نظاميهما، وسيفتح الباب نحو التدخل الخارجي، وهو أمر لا يتمناه كثيرون، وسيزيد من الضغوط عليهما. وقد نرى تطورات كبيرة في الساحتين في الأيام والأسابيع المقبلة تؤسس لمراحل جديدة في ثورتيهما.

ومن الدروس المستفادة أيضا أنّ الشعوب وقواها الحيّة تشقّ طريقها لترتيب العملية السياسية التي تلي سقوط الحاكم، فهذا ما حصل في البلدان الثلاثة وإن بأشكال وأساليب مختلفة، وبالتالي فإنّ الحديث عن الفوضى أو الحرب الأهلية أو التدخل الخارجي ما هي إلاّ فزاعات لإخافة المنتفضين ومحاولات لإيجاد حالة من البأس في المنطقة تحول دون تحرك الشعوب لتغيير وضعها والانتقال نحو الديمقراطية الحقيقية.

إنّ الثورات العربية، ومهما قيل في انتقادها، تظلّ الحال الأمثل للتغيير والتحلل من الأنظمة العربية الاستعبادية، وهي وإن أثمرت نتائج قد تكون دون مستوى الطموحات، تكون قد أوصلت الوضع العربي إلى وضع أفضل مما كان عليه، وتؤسس لمراحل تغيير قد تكون متدرّجة وإن لم تخل من السلبيات.

=================

زيارة وفد 'اهل الكهف' إلى دمشق

خضير بوقايلة

2011-10-25

القدس العربي

لماذا تصر الجامعة العربية على إتمام هذه الزيارة إلى دمشق؟ وهل من بين السوريين نظاما ومعارضة من يؤمن أن وساطة الجامعة العربية أو أية وساطة في الدنيا من شأنها أن تعيد الأمن والطمأنينة إلى مراتع سورية؟ بل هل لا يزال هناك أمل في أن تهدأ النفوس ويعود الوئام بين السلطة الحاكمة وشعب سورية؟

الجامعة العربية بات حالها كحال أهل الكهف الذين أرسلوا مبعوثا عنهم يشتري لهم طعاما من المدينة بنقود مضت على إصدارها ثلاثة قرون، ولنا أن نتصور بقية القصة وحال المرسول وهو ينزل مدينة لا يعرف عنها شيئا وأهل المدينة الذين يشاهدون آدميا يبعث إليهم من قرون خلت. وفد الجامعة العربية يحمل معه مبادرة للم شمل السوريين نظاما ومعارضة وكأنه نسي أن عصر المعجزات لم يعد له ذكر، بل حتى لو كانت هناك معجزة مرتقبة فإنها لن تأتي على يد جهة اسمها الجامعة العربية، والمعجزة هي أن يلتقي الأسد والغزال تحت سقف واحد ويعيشان متاحبين على قلب رجل واحد، أم لعل أهل الجامعة يريدون أن يحولوا الأسد إلى حمل وديع رغما عنه لكي يتمكن من إراقة دم الغزال؟

الشعب السوري يصرخ ويهز الأرض على وقع مطلب واحد ووحيد هو إسقاط النظام إلى غير رجعة ولن يوقفوا مسعاهم حتى تحقيق مطلبهم كاملا أو يفنون دون ذلك، ورجال الحكم في دمشق يؤكدون من جهتهم أنهم في مواجهة حازمة مع جماعات إرهابية ولن يضعوا السلاح حتى تصفية آخر رضيع يحمل رشاشا في وجه الدولة ويعبث بأمن بلد الصمود والتصدي. ولنا أن نتصور حال وفد الجامعة وهو يحاول أن يقنع الرئيس الأسد أو من ينوب عنه بضرورة التفاوض مع الإرهابيين والاستماع إلى انشغالاتهم وإشراكهم في الحكم، وبعد ذلك يتحول إلى المعارضة ليقول لها إن الأسد تاب وهو جدير بالاستمرار في حكم البلد وعلى الجميع أن يهبوا لنصرته والاستمرار في الخضوع له، لأن ذلك كله يصب في خانة المصلحة العليا لسورية ومستقبلها المشرق.

لماذا رفضت دمشق المبادرة العربية عند الإعلان عنها ولم تعد إلى القبول بها إلا بعد الإعلان عن فناء القذافي؟ هل لأنها تفطنت إلى أنها قد تحمل فعلا حلا للأزمة، أم لأنها انتبهت إلى أن الجموع التي تخرج إلى الشوارع صباحا ومساء منددة بالنظام ومناضلة من أجل الإطاحة به هي جموع مخلصة وينفع أن تشرك في الحكم؟ وفرضا أن النظام جاد في التوجه نحو الاستماع إلى المعارضة والتعامل إيجابيا مع المبادرة العربية فلماذا لم يلجم زبانيته ويحقن دماء المدنيين الأبرياء في انتظار نزول الطائرة العربية؟

لا أحد يجهل أن رحلة وفد الجامعة العربية عديمة الفائدة ولعل جميع أعضائه مقتنعون هم أيضا أنها مهمة فاشلة لإصلاح حال ميؤوس منه، لكن مع ذلك تغلبت الدبلوماسية على ما هو واقع، والعرب لا يزالون لحد الآن يرفضون الاعتراف أن الواقع العربي تغير أو هو ماض في ذلك الطريق، وقد تحدثت في مقال سابق إلى أنه إذا لم يكن هناك بد من هدم صرح هذا الهيكل نهائيا وإقامة بناء جديد وفق متطلبات المرحلة الراهنة فإن هناك حلا بديلا وهو أن يصطف العرب وراء فسطاطين، الأول يضم الأنظمة أو الدول التي جرت عليها سنة التغيير وتلك التي تؤمن بضرورة ذلك وتعمل من أجله، والثاني يلم الأنظمة التي لا تزال مصرة على أن الدكتاتورية هي الوصفة الرئيسية للحكم في المنطقة، على أن يصير الأمر حتميا إلى تلاقي الجمعين تحت سقف واحد بعد أن تنقرض الديكتاتوريات وتتولى الشعوب مصيرها بنفسها. قد يستغرق الأمر بعض الوقت، لكن في انتظار ذلك يبقى مهما أن لا يستمر اللبن مخلوطا بالمازوت وأن تنتهي حالة النفاق التي تطبع مسيرة الجامعة العربية منذ نشأتها.

لا شك أن ضمن قيادات أعضاء الجامعة الآن من هم متحمسون لتبني قرار ضد نظام الأسد لا يختلف عن ذلك الصادر قبل أشهر في حق نظام القذافي، كما أن هناك من بين القادة العرب متحمسون لاستعادة مجد التعاون الأمني العربي من أجل كتم كل نفس يبغي الحرية وتغيير الوضع الراهن، إلا أن حالة النفاق جعلت هؤلاء وهؤلاء يلتقون في طريق وسط لكنه للأسف من دون مخرج وليس بإمكانه تحقيق أي هدف من أهداف المجموعتين، أي أن الحالة الزئبقية التي تطبع تعامل الجامعة العربية مع الوضع الراهن في المنطقة لن يفيد لا في إكمال مسيرة التغيير والتحرر ولا في إطالة عمر الأنظمة الطاغية. والواضح من خلال منح مزيد من السعة لنظام دمشق للمناورة والتلاعب بالرأي العام دون التوقف عن ارتكاب جرائمه ضد أبناء الشعب أن الغلبة في حظيرة الجامعة العربية لا تزال في صالح قوى الاستبداد والطغيان التي لا تزال تسعى بكل ما أوتيت من حيل إلى إعادة الحياة إلى أجساد تحتضر رغم أن الواقع أمامها يبين لها أن الغلبة لن تكون هذه المرة إلا للشعب بمشيئة الله.

النظام الحاكم في سورية قد يعلن صاغرا أنه مستعد للتعامل إيجابا مع خطة الجامعة العربية وأنه سيقبل مبدئيا بفتح باب الحوار مع المعارضة، لكن الأكيد هو أنه لن يتخذ أي قرار من شأنه أن يحقق للشعب رغبته في الانعتاق، وكل ما يمكنه أن يقدم من تنازلات هو مزيد من المماطلة والخداع لعل الوقت يتكفل بإخفات شعلة الثورة الشعبية ثم إطفاء وهجها نهائيا بعد ذلك. النظام سيطلب مزيدا من الوقت، وكمبادرة حسن نية سيعلن عن تأسيس لجان من أجل التكفل بمختلف الإصلاحات، ولأن الرئيس بشار الأسد لا يكره التسرع ولا يقبل العمل تحت الضغط فإنه سيحدد وفق مزاجه المواعيد المناسبة لبداية عمل كل لجنة ونهايته على أن يكون للحديث عن تطبيق النصوص الإصلاحية شأن آخر، وسيجد شعب سورية نفسه مجبرا على انتظار شهور أخرى مترقبا إصلاحات لن تأتي وقائمة مفتوحة من الضحايا وأنهرا أخرى من الدماء. هذه هي النهاية المحتومة لأي حل يخالف ما يطالب به الشعب الآن، فهل هذا هو أيضا ما تريده الجامعة العربية؟

' كاتب وصحافي جزائري

=================

موظفون لا ساسة!

ميشيل كيلو

الشرق الاوسط

26-10-2011

في واحد من أدق جمل نصوصه، يأخذ «ماكس فيبر» على البيروقراطية الألمانية عامة والبروسية خاصة أنها تتصرف كطبقة موظفين وتحجم عن ممارسة دورها السياسي، رغم أنها هي التي تقود الدولة عمليا ويوميا. ماذا يمكن أن نقول نحن العرب، إذا كانت بيروقراطيتنا عندنا لا تتصرف أصلا كبيروقراطية: كمؤسسة تعمل بصيغ وآليات عقلانية وترتبط بمصالح الدولة العليا من خلالها التزامها بالقانون نصا وروحا؟ وما المسافة التي تفصلنا اليوم عن بناء بيروقراطية حديثة كهذه، قبل أن تصير طبقة سياسية بحكم الضرورة التي تجعل منها جهة تتولى عمليا إدارة الدولة بصورة شرعية وقانونية ويومية، في جميع الظروف والأحوال؟

لقد مر حين من الدهر كانت معالم بيروقراطية أولى قد بدأت تتبلور خلاله في بلدان عربية عديدة. حدث هذا في المشرق خلال حقبة النضال من أجل الاستقلال، وبعد الحصول عليه بفترة قصيرة، عندما كانت الدولة فوق السلطة ومنفصلة عنها، وكان الموظف يرتبط بمصالحها العليا، دون أن تقتله الرغبة في خطب ود الممسكين بالحكم، وكان البرلمان يستطيع رفض طلب رسمي وخطي من رئيس الجمهورية يدور حول زيادة رواتب مساعديه، مثلما حدث ذات مرة مع الرئيس الراحل شكري القوتلي، دون أن تقوم الدنيا أو تقعد، أو يعتقل أزلام الرئيس النواب ورئيسهم، صديقه اللدود المناضل الراحل أكرم الحوراني بكلام آخر: جاء الاستقلال بمبدأ الدولة كحاضنة عليا مجردة يخضع لها وينضوي فيها كل ما ومن عليها، تديرها أجهزة ثابتة القوام يسمونها البيروقراطية، تعمل في إطار قانوني يتسم بحيدة ونزاهة نسبيتين، تضع مصالح الدولة فوق أي مصلحة جزئية أو حزبية أو شخصية. بعد حين، جاءت حقبة الانقلابات والثورات بمبدأ السلطة التي تعلو على الدولة والمجتمع وتعيد إنتاجهما انطلاقا من مصالح ومنظورات الممسكين بأعنتها، التي كثيرا ما كانت شخصية، مع ما ترتب على هذا النهج من انهيار في التراتب الوظيفي والمسؤوليات الشخصية والعامة ودور القانون، وتاليا من اختفاء يكاد يكون تاما للبيروقراطية كجهة بانية وحافظة للدولة.

في هذه الحقبة، تحول البيروقراطي إلى موظف سلطوي، وغاب دوره المحايد والقانوني وتاليا السياسي بقوة الأمر الواقع، الذي ارتبط في الماضي بالدولة، وصار الآن رهن إرادة خاصة تمسك بسلطة تديرها على هواها، تضرب عرض الحائط بالقانون والتخصص المهني/ الوظيفي، وتفرض إرادتها قانونا يرضخ له الجميع، تنفذه أجهزة سرية غالبا تقع خارج أي نظام مراتبي ولا تخضع لأية مساءلة أو قانون، تستطيع التدخل متى شاءت في سير عمل رسمي فقد جزءا كبيرا من طابعه العام، وظيفيا كان أم غير وظيفي، يقع بكامله تقريبا خارج القانون ومساراته الشرعية.

لا داعي للقول: إن اختفاء السياسي المستقل، سياسي الدولة، من الوزارات الكيفية والبرلمانات الصورية والأحزاب الزبنية والشللية، وتحوله إلى موظف لدى «الشخص» – حسب تعبير الأخوين رحباني الموفق في واحدة من مسرحياتهما – لازم اختفاء البيروقراطية ومهد له، فكان هذا الاختفاء المزدوج علامة على اختفاء الدولة وتلاشي المجال العام، واختفاء أية جهة رسمية يمكن أن تعيد إنتاجه كمجال سياسي/ قانوني مفتوح وفاعل. يفسر هذا ما تعرضت له البيروقراطية من تهميش على يد النظم السلطوية، وعانته من إفساد منظم وضعها خارج أي مؤسسية، بينما تم تحميلها المسؤولية عن القصور والتقهقر الحاصل في كل موقع ومكان، حتى إن المواطن العادي لم يعد يرى الدولة في البيروقراطية بل نقيضها، في حين انقلب الساسة الذين خدموا الشخص إلى موظفين يؤمرون فيطيعون، ينفذون ما يتعارض مع قناعاتهم ويفعلون ما لا يؤمنون بصحته أو شرعيته، بل ويقبلون الرضوخ لمن هم دونهم مرتبة داخل وزاراتهم ومواقع عملهم، لأنهم أعلى مرتبة منهم في الأجهزة السرية التي تدير البلاد والعباد، وأكثر نفوذا وسطوة حتى في إطار الوظائف الرسمية العلنية، كما بينت أحداث كثيرة ربما كان بين أهمها رد تلقاه وزير من موظف تابع له طالبه بالقدوم إلى العاصمة، فأجابه: أنا أتناول الآن الطعام مع أصدقاء، فإن كنت بحاجة إلي أو تريد احتساء كأس ويسكي وتناول بعض اللحم المشوي معي، تعال أنت إلى هنا! حين أبلغه الوزير بقرب وقوع كارثة في سد تابع لوزارته هو مديره، كرر له قول امرؤ القيس: اليوم خمر وغدا أمر. في النهاية انهار السد فطرد الوزير من منصبه وبقي الموظف «المدعوم» على رأس عمله!

لم يبق السياسي سياسيا بل غدا موظفا، ولم يتحول الموظف إلى بيروقراطي بل صار خادم سيده الشخص، الذي حدد له أوقات نومه ويقظته، طعامه وشرابه، زواجه وطلاقه، كلامه وصمته، حياته وموته. لا عجب أن سنوات النظم السلطوية كانت سنوات هلاك عام أصاب جميع مؤسسات الدولة، وأن الربيع العربي سيجد نفسه في مواجهة ضرورة لا مهرب منها هي: إعادة بناء البيروقراطية كجهاز يدير الدولة بالقانون ويرتبط بمصالحها العليا وليس بأي شخص مهما كان موقعه، وإعادة بناء المجال السياسي كي يتحول الوزراء والنواب إلى سياسيين يعملون في الشأن العام، ويقلعوا عن أن يكونوا مجرد موظفين، تمهيدا لاسترداد دولة ترى السلطة نفسها بدلالتها وليس العكس، كما هو الحال اليوم.

لا ينهض شعب يرى ساسته في أنفسهم مجرد موظفين انعدمت علاقتهم بمصالح الدولة والشعب العليا إلى الدرجة التي تجعلهم يضعون ضميرهم في سلة المهملات، يعطون الأولوية في وجودهم لجيوبهم، يؤذن وجودهم بسقوط الدول والمجتمعات في مآزق لا تخرجها منها غير جهود خارقة تخرجها من السلطوية، البنية التي شوهت تطورنا وتاريخنا الحديث، وألقت بنا إلى قلب الانفجار الكبير الذي نعيشه منذ نيف وعام، مع الآلام الهائلة التي تسببها لنا، والتضحيات الكبيرة التي تفرضها علينا!

=================

سوريا.. خيبة إن صدقت

طارق الحميد

الشرق الاوسط

26-10-2011

وجه ممثلو الادعاء الأميركيون، بمذكرة أصدروها مؤخرا، تهمة التجسس لرجل سوري مقيم بأميركا يتجسس لمصلحة النظام الأسدي بدمشق، ولو تم إثبات تلك التهمة على المدعى عليه، وصدر حكم قضائي بحقه، فإن تلك تعد خيبة ما بعدها خيبة للنظام بدمشق.

قد يقول قائل: لماذا؟ السبب بسيط جدا، فتهمة التجسس المنسوبة للرجل السوري ليست بسبب محاولته اختراق أسرار وزارة الدفاع، البنتاغون، أو محاولة التعرف على أسرار منظومة الدفاع الصاروخية، أو الحصول على أسرار التكنولوجيا، أو حتى قل خطة عمل شركة «ستار بكس» الخاصة بالقهوة، بل إن السوري الذي يحاكم اليوم بأميركا هو متهم بالتجسس لصالح النظام الأسدي على المعارضين للنظام بأميركا، في إطار مؤامرة لترهيبهم، واحتمال إلحاق الضرر بهم، أو بأسرهم في سوريا! فهل من خيبة أكثر من هذه الخيبة، خصوصا إذا تم إنزال حكم بالمتهم، فمعركة الجاسوسية بأميركا لم تتوقف قط، خصوصا من قبل الصين وروسيا، وحتى إسرائيل، لكن أن يقوم النظام بدمشق بإرسال، أو استخدام، جاسوس فقط ليراقب معارضي النظام، وتحركاتهم، فهذه خيبة حقيقية.

ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن المتابع لا يملك أيضا إلا الاستغراب وهو يستمع للمسؤولين الأميركيين وهم يطالبون النظام الأسدي بالكف عن الإساءة لسمعة السفير الأميركي بدمشق روبرت فورد، والذي قامت واشنطن بسحبه مؤخرا بسبب ظروف أمنية، حيث قامت حملة إعلامية، وخلافه، منظمة بدمشق، للنيل من سمعة السفير الذي أعلن وقوفه مع الثوار السوريين، بل والمنافحة عنهم إعلاميا. ومصدر الاستغراب هنا، بالطبع، أن واشنطن تطالب نظاما يقوم إعلامه، وكثر ممن يتحدثون باسمه، بالإساءة لمكونات الشعب السوري نفسه، بعدم تشويه سمعة سفير واشنطن بدمشق!

فإذا كان النظام الأسدي لا يتوانى عن وصف معارضيه من أبناء الشعب السوري بأوصاف مختلفة، ومختلقة، فتارة يصفهم بالسلفيين، ومرة بالمندسين، وتارة أخرى على أنهم جماعات إرهابية، وأصوليون، حتى لو كان بعضهم مسيحيين، فكيف يكون المرء سلفيا ومسيحيا بالوقت نفسه؟ هذا عدا عن الحديث عن أنهم، أي الثوار السوريين، جراثيم، وعملاء لإسرائيل، والغرب، وغيره من التهم المعلبة الجاهزة، فكيف بعد كل هذا يمكن أن يكف النظام الأسدي عن تشويه سمعة السفير الأميركي، وهو لم يتوانَ أساسا عن الإساءة لسمعة شريحة عريضة من مواطنيه، ويتجسس عليهم ويرهبهم حتى بالمهجر، مثل الحالة المنظورة الآن أمام القضاء الأميركي، وكما يحدث بحق المعارضين السوريين الفارين إلى لبنان، والذين يتم تتبعهم، وقد نشرت قصص عدة عن عمليات اختراق تمت من على الحدود السورية اللبنانية على يد القوات السورية، ناهيك عن حالات الاختفاء، وغيرها من القصص.

ولذا فإن نظاما يقوم بتعريض نفسه لكل المخاطر، مثل التجسس في داخل الولايات المتحدة الأميركية، فقط لترهيب معارضين، وليس للحصول على ما يستحق التجسس، مثل المعرفة النووية، أو التكنولوجية، على غرار ما تفعله كل من الصين وروسيا، وحتى إسرائيل، من وقت لوقت، فهو نظام يجب أن يقال له: يا لها من خيبة.

======================

لماذا لا يقتل الديكتاتور العربي على طريقة تشاوشيسكو؟ .. قناة آل مخلوف بالنعناع ومناهضوها غرف صهيونية

بسام البدارين

'القدس العربي' 2011-10-25

لاحظوا كيف فرضت الفضائيات نفسها على الواقع الموضوعي.. القومي العريق والصديق حسين مجلي عندما تحدث إليّ عن مقابلته الأخيرة مع الرئيس بشار الأسد بين كل سطر وآخر من كلامه عبارة تبدو ساحرة هذه الأيام وهي (الفضائيات اليوم هي غرف عمليات لصالح المشروع الصهيوني).

.. هذه عبارة تحتاج فعلا لنقاش وتدقيق وصاحبنا المحامي الكبير يقصد بوضوح 'الجزيرة' و'العربية' و'بي بي سي' بإعتبارها غرف عمليات مغلقة تستهدف نظام الرئيس السوري بشار الأسد على اعتبار أن الأستاذ الكبير دوما يفرق - لسبب لا أفهمه - بين ما حصل في مصر وتونس وما يحصل اليوم في سوريا.

طبعا نحترم وجهة نظره لكنها تدلنا على تلك المنطقة التي نكون فيها إنتقائيين عندما نتحدث عن تأثير الفضائيات على مواقفنا فما أذكره أن الجزيرة مثلا فرغت جيشا من الفنيين والمراسلين لمتابعة الثورة في تونس ومصر وكذلك في ليبيا.

لكن أرجلها وأرجل غيرها من الفضائيات قطعت تماما في الشقيقة سوريا ويخيل لي أحيانا ان الصبي الشقي سيف الإسلام القذافي كان أذكى من الأشقاء في إعلام وحكم دمشق عندما رد أحيانا على إستهداف غرف العمليات إياها بإستقطاب صحفيين ومراسلين وتمريرهم بين الحين والأخر على مسارح الأحداث ليقد م روايته هو للحدث.

على الأقل إجتهد الرجل وحاول تحقيق إختراقات للإعلام المناهض حتى عبر فضائياته البائسة التي بثت مئات المرات خطبته الشهيرة في الأمة والتي تنتهي بإستخلاص مماثل لإستخلاص الصديق حسين مجلي حيث ستموت هذه الأمة وتنتهي وتتلاشى ويتناهشها الأعداء إذا سقطت عائلة القذافي وكأننا أمة لا تحيا إلا إذا حكمتها عائلات محددة بعينها مثل آل القذافي أو آل الأسد أو آل غيرهم.

وفي سورية لا يوجد ممر إعلامي إلا الفضائية السورية الحكومية التي تكتفي بتصوير مراسم تشييع شهداء الجيش السوري والجنازات المهيبة التي تقام لهم ويضاف إليها فضائية أخرى بنكهة النعناع تتبع آل مخلوف وتشتم ثم تشيطن كل من رأي متعاطف مع الشعب السوري.

المعبر الآخر للصورة السورية هو الهواتف الخلوية للنشطاء وضحايا القمع التي تصور لقطات بائسة وسرية وسريعة ومن وراء حجاب فتلتقطها غرف الصهيونية المفترضة في الجزيرة وفقا لمنطق مجلي وغيرها بإعتبارها الصورة الوحيدة المتاحة ولقطات النشطاء هذه من الطبيعي أن تركز على دم شهيد مدني سقط للتو أو على صورة دبابة كتب عليها بالخط العريض عبارة (بشار وبس) حتى بدون ثنائية الله وبشار وبس.

 

فاكس في دمشق

.. إذا كيف سنلتقط نحن الجهلاء أو العملاء العرب حيثيات (المؤامرة) على سوريا إذا كان النظام الشقيق حتى قبل المؤامرة عليه وفي لحظات الإسترخاء منعني شخصيا من إرسال فاكس من داخل دمشق إلا بعد تصوير نسخة عن ورقة الفاكس وتسليم جواز سفري وفي مكتب البريد الحكومي لأن إرسال الفاكس متعذر جدا في شوارع دمشق ومكاتب الإتصالات رغم أني كنت مرافقا لوفد نقابي أردني عريض المنكبين زار دمشق لهدف واحد ويتيم وهو: التضامن معها ضد الحصار والإستهداف.

أيهما أسهل إتهام الفضائيات العربية بانها غرف عمليات للمشروع الصهيوني بكل بساطة أم تمكين هذه الفضائيات من نقل صورة المؤامرة التي تجري في سوريا؟.. أستطيع مثلا وكمواطن عربي أن أقول وأنا مرتاح الضمير بأن كل نظام عربي يحرم مواطنيه من حرياتهم أو يمنع الإعلام ويفرض قيودا عليه يخدم في الواقع المشروع الصهيوني أكثر من جيش من العملاء والجهلاء الذين يتحدث أستاذنا جميعا حسين مجلي عن تحالفهم في الساحة الأردنية ضد سوريا.

ولو كنت مسؤولا في وزارة الإعلام السورية - لا سمح الله - لفتحت الباب لمراسلي جميع الفضائيات للدخول والتغطية الحرة حتى تكتشف الكاميرات الحرة بنفسها هؤلاء الجواسيس المسلحين الذين يقوضون نظام العدل والتسامح بسوريا وحتى يقدم زملائي الفصحاء روايتهم للأحداث بدلا من تركها لرواية كاميرات الخلويات السرية ثم الإسترخاء وإطلاق إتهامات العمالة الجزافية بحق غرف الأخبار بالفضائيات العربية التي لا أنزهها بالمطلق بكل الأحوال عن الغرض والهوى واللعب والعبث أحيانا.

بهذه الحالة سأتقدم الصفوف التي تندد بالفضائيات الجاسوسة التي تستهدف نظام العدل والحريات والممانعة في سوريا الشقيقة او سألعبها على طريقة أضعف الإيمان حيث أدير مفتاح الريمونت وأوقف بقرار تلقائي خطيئة تعرضي للبرامج الموجهة في الفضائيات الجاسوسة وإستبدلها ببرامج (سبيس تون) والتمترس ساعات مع طفلي الصغير أمام شاشة طيور الجنة.

طبعا ثمة ظلم وإستبداد وعسف في السعودية تتجاهله فضائيات الخليج لكن ذلك ينبغي أن لا يمنع الفضائيات من تغطية الأحداث خوفا من دورها في التهمة السورية المعلبة الشهيرة بعنوان (وهن مشاعر الأمة).

وبأمانة لم أقابل يوما حتى الأن مثلا مواطنا أو مثقفا إماراتيا أو قطريا يشكو من الظلم والعسف رغم أني لا أحب أنظمة الخليج فعلا واعتبرها حلقة أساسية من مشكلات الأمة.. مقابل ذلك عندما دخلت لأحد مكاتب الإتصالات وسط دمشق قبل الربيع العربي بسنوات وعلمت الموظفة أني من ربع الصحافة والإعلام وأرغب في إستخدام الفاكس قامت الشابة عن مقعدها ورمقتني بنظرة رجاء حارة مع العبارة التالية : دخيلك .. دخيل عيونك يا أخي .. إطلع بره.

وحتى لا يضعني أحد في مستوى الولايات المتحدة ويتهمني بإزدواجية المعايير أقولها عالبدري: في بلدي الأردن ثمة عسف وظلم أيضا وثمة حقوق مهضومة وأخرى منقوصة وفساد وحيتان وأجهزة أمنية شرسة مع فارق بسيط: في عمان تستطيع إرسال أي فاكس وفي أي وقت ومن أي مكان دون حتى إلتفاتة من أي جهة وبإمكانك لو كنت محظيا إرسال الفاكس الذي تشتم فيه الحكومة وتنتقد الحكم من أحد مخافر الشرطة.

هل واجبي المهني لو عملت بالجزيرة مثلا أن اخترع عسفا وظلما في قطر حتى أسلط الأضواء عليه .. طيب قطر تآمرت وخصصت خمسة ملايين دولار فقط لتأسيس محطة الجزيرة في مقرها الأول ثم تحول الأمر إلى غرفة عمليات كبيرة عبر الجزيرة المتآمرة فهل يتحفنا الأخوة في دمشق او عمان أو تونس او طرابلس بمؤامرة مماثلة سأرحب بها علنا.. أزعم وفي عمان الفقيرة فقط أن هذا المبلغ السخيف دفع كرشوة لبضعة إعلاميين في أحسن الأحوال فلماذا لم نؤسس به غرفة مثل الجزيرة على الأقل ردا على المؤامرة الفضائية القطرية المزعومة؟

على الأقل الجماعة الخلايجة في الدول الصغيرة يعيشون في رخاء إقتصادي نسبي لكن جماعتنا في سوريا ومصر وتونس وبدرجة أقل في بلادي وغيرها لا يتمتعون لا بالرخاء ولا بالحكم الرشيد .. يعني لا حرية ولا خبز بسبب الفساد.

 

تشاوشيسكو

لا يملك البني آدم الطبيعي إلا أن يتوقف عند صور مقتل القذافي ليتأملها فيما تلتهمه عشرات الأسئلة.. هل يوجد مال في الدنيا أو جاه أو نفوذ أو سلطة تستحق الموت في حفرة مخصصة لتصريف المياه فيما يقتل الأبناء أيضا وتتشرد الولايا؟...هل تستحق السلطة في أي بلد خصوصا إذا كانت مغتصبة ولم تتحصل عبر الصناديق كل هذه التضحية والسحل العائلي في الشوارع؟.. أفهم أن يستحق الوطن التضحية بالنفس والعائلة والمال والعيال لكن كرسي الرئاسة أو الزعامه البائس من أجل حفنة دولارات ومجاميع رعاع يصفقون كذبا ونفاقا بين الحين والأخر.. ولله هذا كثير.

.. صديق لي يسألني منذ سنوات: ما الذي يمكن أن يفعله الأنسان بأي مبلغ مالي بعد المليار الأول؟.. شخصيا لا زلت أذكر تلك اللقطة التي بثها التلفزيون الأردني اليتيم وأنا طفل قبل سنوات طويلة لديكتاتور رومانيا الذي قتل مع زوجته في ربيع مماثل لربيعنا العربي اليوم... يومها إنتبهت لربطة عنق الرجل وكيف هوى مع زوجته الأنيقة إلى الحائط وهو في كامل حله وحلاوته وبدلته التي أراهن أنها من الطراز الفرنسي الكلاسيكي.

تشاوشيسكو في تلك اللقطة على الأقل مات مهندما وحليقا وناعما ومعطرا على الأغلب .. لم يقتل الرجل في حفرة وزوجته قتلت معه فيما كانت تضع شال الحرير الشهير ولم ترصد عيني وقتها أي شعرات منكوشة أو حواجب متدلية أو لحية تشبه طرق مخيم البقعة في تعرجها.. فقط طلقة بالرأس وإنتقل الزعيم الروماني إلى الرفيق الأعلى .. حتى ديكتاتورات أوروبا يسحلون بطريقة أنعم من جماعتنا حيث تفننت الجزيرة والعربية وهما تعرضان على مدار 24 ساعة تلك الصور المخجلة للقذافي المسحول والمسطول وبطريقة تهين ثقافتنا ووعينا كمسلمين هم الأجدر بإحترام الموت.

مسألة أخرى ما هي قصة زعمائنا الراحلون مع الحفر؟.. قبل العربية والجزيرة وصور القذافي وبكل ألم وحسرة أستذكر لقطة الفضائية الكويتية المكررة صبيحة سقوط بغداد وذوبان الحرس الجمهوري وخيانات أركانه وإختفاء الرئيس صدام حسين عليه الرحمة.. يومها كنت عند الحلاق فإذا بعجوز عراقي يمسك صورة للرئيس صدام ويضربها بالحذاء باكيا ولاحقا ضربت نفس الأحذية على تماثيل وصور حسني ميارك وبن علي وعلي عبدلله صالح ومن قبل أناس عاديين أشك في أن المشروع الصهيوني وظفهم.

شخصيا لا أصدق إطلاقا بأن العجوز العراقي الذي احتفلت به فضائية الكويت مجند من الأمريكيين أو تحرك حذاءه ضد الصورة لأسباب طائفية، واعتقادي شخصيا ان الرجل العجوز إستيقظ من النوم فلم يجد نخبة الجنرالات الذين حرم النظام أولاده من الطعام من أجل الإنفاق على نياشينهم وإمتيازات زوجاتهم من أجل يوم كذلك اليوم فكان رده الطبيعي معاتبة صورة جنرال الجنرالات الذي قصف إسرائيل وعند (الغارة) الحقيقية تبين انه محاط بالكثير من الخونة.

 

نكتة أردنية

سؤال صغير وآخير أردني بإمتياز: كيف خطر في ذهن رئيس وزرائنا المقال معروف البخيت أنه يستطيع وفي الدقيقة الأخيرة له في الحكم فرض فريق من المسؤولين الإعلاميين على خليفته عون الخصاونة؟.. صاحبنا البخيت قرر سلسلة تعيينات وهو يمر لآخر مرة مغادرا مكتبه الرئاسي .. بين الذين أقالهم البخيت في اللحظة الأخيرة مدير مؤسسة التلفزيون الإعلامي المخضرم عدنان الزعبي.. الطريف كان تهمة الرجل فقد ترك الإدارة وأصر على تلاوة نص خطاب التكليف الملكي للرئيس الجديد شخصيا على الشاشة وتبين أن الزعبي قرأ النص بحماس زائد فبدا أنه مبتهج برحيل البخيت فأطاح الأخير برأسه مباشرة بعد أخبار السادسة وكان قراره الأخير.

مدير مكتب 'القدس العربي' في عمّان

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ