ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 11/10/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

تناقض حزب الله بين البحرين وسوريا

ياسر الزعاترة

الدستور

10-10-2011

أدان حزب الله ما وصفه ب»الإجراءات القمعية» التي تنفذها السلطات البحرينية بحق مواطنيها ولاسيما النساء. واتهم الحزب في بيان له السلطات البحرينية بتصعيد «الإجراءات القمعية التي تنفذها ضد المواطنين، والتي وصلت حد اعتقال عشرات النساء واستخدام أساليب ترهيبية بحقهنّ». وقال الحزب إن ما قامت به السلطات البحرينية باعتقال «النساء وإهانتهنّ وتقييدهنّ بالأصفاد ورميهنّ فوق بعضهنّ وتوجيه كلمات طائفية لهنّ» يعتبر انتهاكا «غير مسبوق لحرمة المرأة العربية والمسلمة».

إذا صحّ ما يقوله بيان الحزب فهو يستحق الإدانة من دون تردد، ونحن مع الحرية والتعددية في البحرين وسوريا واليمن وليبيا وسائر الدول العربية، لكن من يتابع إعلام حزب الله يعتقد أن الانتفاضة الشعبية ليست متوفرة إلا في البحرين، حيث لا نسمع منه غير رواية واحدة لما يجري، هي رواية القوى الشيعية، مع أن للطرف الآخر روايته للأحداث أيضا.

سيقال إن القوى السنية تقع في تناقض مشابه حيث تتجاهل ما يجري في البحرين، وهذا صحيح بقدر ما بسبب الحشد المذهبي في المنطقة بعد احتلال العراق، والذي ساهمت فيه من دون شك أخطاء إيرانية كثيرة، وخطاب مذهبي من قبل بعض القوى الشيعية، لكن الأهم أن ما يجري في البحرين لم يصل بحال من زاوية مستوى وطبيعة الحراك الشعبي وقمع السلطة حدود ما جرى في مصر وتونس واليمن وليبيا وسوريا.

في البحرين نظام ملكي لا يحتمل الوضع المحيط شعار إسقاطه، لكن ذلك لا يبرر بحال ما يجري من انتهاكات بحق المواطنين الشيعة، ونحن نتناقض مع أنفسنا إذا بررنا ما يجري بدعاوى مذهبية، ليس فقط لأننا نعتبر الشيعة من أهل الملة رغم كل الخلافات، بل أيضا لأن الحقوق المدنية لا ينبغي أن ترتبط بالأديان والمذاهب التي تدخل تحت قاعدة «لا إكراه في الدين»، وبالضرورة في المذهب، والنتيجة هي رفض اعتبار الأفكار مبررا للقمع ما لم تتحول إلى تهديد حقيقي للوطن ومقدراته ووحدته واستقلاله.

للشيعة في البحرين مطالبهم العادلة. ليس لدينا اعتراض على ذلك، ونحن مع تصحيح الخلل القائم من دون أدنى شك، ومن يعتقد أن أمرا كهذا سيعرّض أهل السنة ومذهبهم إلى خطر داهم من خلال إيران، فهو لا يستحق المناقشة، لأن أمة السنة ليست بتلك الهشاشة التي يصورها البعض، والذين ينبغي أن يخافوا على مذهبهم من الانقراض بسبب ثورة التواصل والانفتاح الجديدة هم الشيعة تبعا للأبعاد الأسطورية التي تحكم مذهبهم، فضلا عن البعد الوراثي في الحكم والسلطة والدين، والذي لا يتناقض مع روح العصر وحسب، بل يتناقض أيضا مع روح الإسلام التي تقدم الكفاءة على النسب وتعتبر الحكم شورى بين المسلمين (نكرر مرة أخرى بأنهم أحرار فيما يعتقدون، لاسيما أن أكثر الناس يأخذون أديانهم ومذاهبهم بالوراثة).

والحق أن القضية في مجملها سياسية لا علاقة لها بالأديان و المذاهب، والسياسة ولاء في نهاية المطاف، وصاحب السلطة يبحث عن موالين، ولو كانوا من الملحدين أنفسهم، وكثيرا ما رأينا أنظمة سياسية تستعين بالنخب العلمانية، وأحيانا اليسارية والقومية في مواجهة الشارع الشعبي، كما رأينا أنظمة تستعين بالإسلاميين في مواجهة اليساريين والقوميين، ثم تنقلب عليهم بعد حين.

ما يعنينا هنا هو أن حزب الله يقع في التناقض الذي اتهم به سواه، كما فعل السيد نصر الله عندما هاجم الشيخ القرضاوي بسبب تأييده للثورات العربية باستثناء البحرين، مع أن رواية الشيخ كانت تعبر عن تحفظ على الثورة تبعا لمذهبيتها وعدم تعبيرها عن جماهير الشعب برمته، وهو ما قد ينطبق بقدر ما على الانتفاضة السورية، مع فارق أن السنة في البحرين أكبر بكثير من حيث النسبة من العلويين في سوريا.

تقتضي الأمانة هنا القول إن حركة الوفاق في البحرين وإن عرفت بتعبيرها عن الغالبية الشيعية، فهي لا ترفع شعارات مذهبية مباشرة، بقدر حديثها عن الحرية والعدالة والمساواة، لكن الطرف السني لا يقتنع بما تقول، إذ يرى أن ذلك محض تدليس لإخفاء الأهداف المذهبية، ومعها نوايا التبعية لإيران.

أيا يكن الأمر، فإن خطاب حزب الله، ومهما بلغ من الذكاء لن يخفي البعد المذهبي في الموقف من البحرين وسوريا، حتى لو استخدمت شعارات الممانعة والمقاومة في الحالة السورية، ولو كان نظام البحرين سيد الممانعة لما اختلف موقف الحزب، بدليل علاقاته الوثيقة مع القوى الشيعية العراقية التي جاءت على ظهر الدبابة الأمريكية.

القوى السياسية والحزبية تقع في التناقض في أكثر الأحيان، وها هو حزب الله يقع فيها بشكل مفضوح، لكن المثقفين شيء آخر، ومن المعيب أن يكون أيا من هؤلاء مع ثورة الناس في تونس ومصر واليمن، بينما يكونون ضدها في سوريا، تماما كما يرى حزب الله اعتقال بعض النساء في البحرين جريمة، بينما لا يرى قتلهن واعتقالهن في سوريا جريمة مماثلة، فيما يعلم الجميع أن القمع في سوريا لا يقارن بحال بمثيله في البحرين.

في هذه المعمعة خسر حزب الله الكثير من شعبيته بين جماهير الأمة، تلك التي حصل عليها عبر بطولات أبنائه في مقارعة الصهاينة، كما خسرت إيران أيضا، ولم يربح سوى أولئك الذين يلعبون على التناقض المذهبي الذي تتصاعد خطورته يوما إثر آخر بعد زمن وقفت فيه الأمة خلف ثورة إيران ومقاومة حزب الله من دون تردد، ولو اتفقت جميع القوى الحية في الأمة على دعم خيارات الشعوب في الحرية والكرامة لصار الوضع أفضل بكثير.

=================

السفينة السورية

آخر تحديث:الاثنين ,10/10/2011

أمجد عرار

الخليج

بتشكيلها مكتباً تنفيذياً لهيئة التنسيق الوطنية للتغيير الوطني الديمقراطي، وعبر تصريحات رموزها الواضحة والقاطعة بعد هذه الخطوة، تقيم المعارضة الوطنية في سوريا حاجزاً مرتفعاً يفصلها عن إطار الخارج الذي يسعى بعض أركانه لاستدراج تدخّل عسكري خارجي في هذا البلد، رغم معرفتهم المسبقة بالتداعيات المدمّرة لمثل هذا التدخّل في منطقة ملتهبة أصلاً .

لم يخف هؤلاء المعارضون انتقادهم لأطر تشكّلت في الخارج، وبإيحاء منه وتحت رعايته بسبب طلبها تدخّلاً خارجياً تحت يافطة “الحماية الدولية”، لأن أول من سيتأثر بمثل هذا التدخّل هو الحراك السلمي في المشهد السوري الذي يبدو أنه لا يروق لرموز ستخرج بسببه “من المولد بلا حمّص”، وتسعى بدل ذلك لإذكاء العنف الداخلي الذي يتيح لها ظروفاً تعيدها على ظهر دبابة أجنبية .

منذ بداية الأحداث يحذّر المعارضون في الداخل، وكثيرون ممن يريدون الوصول بالسفينة السورية إلى بر الأمان عبر تغيير جذري وحقيقي ونوعي، من أن إصرار السلطة الحاكمة على انتهاج الحل الأمني للأزمة من شأنه فقط أن يزيدها تعقيداً، ويمنح بعض الأدوات ذريعة لاستدراج التدخل الخارجي بطبعته العسكرية، مثلما يشكّل بيئة مناسبة لعناصر تصب الزيت على نار العنف لدفع البلاد إلى الفوضى غير الخلاقة . هذه السلطة منذ البداية رغم حديثها عن مدسوسين وعن مؤامرة خارجية، تقر بوجود متظاهرين وطنيين يريدون الإصلاح والتغيير الديمقراطي، إذن من الطبيعي أن نستنتج من هذا التشخيص وهذا الإقرار أن الأسلوب الأمني الذي انتهجته منذ سبعة أشهر حتى الآن لم يوفّر حلولاً للأزمة .

حتى لو كان هذا الأسلوب يهدف لمواجهة مجموعات مسلّحة، فمن حق المطالبين بالإصلاح، وهم بالتأكيد يشكّلون الأغلبية الساحقة من الشعب السوري، أن يروا خطوات جذرية وحقيقية تؤشّر على معالم المستقبل الذي يريده السوريون والعرب وأصدقاؤهم لهذا البلد العربي من خلال إقامة نظام ديمقراطي أساسه تداول السلطة، وبناء وطن يكفل الحرية ويحقق المساواة بين كل أبنائه على اختلاف طوائفهم ومعتقداتهم وأيديولوجياتهم الفكرية والسياسية، وعبر صياغة دستور عصري يفصل بين السلطات الثلاث، ويجعل مبدأ المواطنة أساساً لمعادلة الحقوق والواجبات، ويلغي حصرية قيادة الدولة والمجتمع في يد حزب واحد، ويستبدلها بقانون أحزاب يعبّر عن الإرادة الحقيقية للشعب .

آن الأوان أن تعترف السلطة بالجذور الحقيقية للأزمة، وعدم حصرها بالمؤامرة، ذلك أن المؤامرة على سوريا والأمة العربية كلّها، ليست حالة طارئة ولا هي وليدة اليوم . فهل تعني حقيقة كون المؤامرة الخارجية حالة دائمة، أن تستمر الأزمة ويستمر نزيف الدم على هذه الحال؟ .

السلطة في دمشق بيدها الآن مفاتيح الحل من خلال المبادرات الجادة والإجراءات على الأرض والاستماع للأصوات الصادقة من بين أبناء شعبها وفعالياته السياسية الوطنية، ولنصائح أصدقائها الذين يزاوجون بين رفض التدخل الخارجي لفرض التغيير، والدعوة لخطوات فعلية في إجراء الإصلاح الشامل .

من حق المعارضة في الداخل ومن حق الحريصين على وحدة سوريا واستقلالها، أن يقلقوا من ارتفاع الأصوات وتكثيف محاولات التدخل العسكري الخارجي الذي من شأنه أن يجهض وحدة الحراك الشعبي النقي، ويفضي إلى انقسام الشارع، ما يعني استطالة الأزمة، بل وخدمة الحل الأمني الذي بدوره لا يفعل سوى استمرار نزيف الدماء وإغراق السفينة السورية، وتكرار النموذج العراقي لا سمح الله .

=================

نظرة على الموقفين الروسي والصيني      

آخر تحديث:الاثنين ,10/10/2011

محمود الريماوي

الخليج

يمتاز الموقف الروسي عن الموقف الصيني بخصوص الوضع في سوريا بميزة مهمة هي أن موسكو أبدت على طريقتها اهتماماً ملحوظاً بالأزمة الطاحنة في بلاد الأمويين، بينما اعتصمت بكين بصمت السور العظيم إزاء ما يجري، باستثناء ما ينطق به المندوب الصيني في مداولات مجلس الأمن .

لقد استقبلت موسكو ممثلين عن المعارضة السورية مرتين، وتستعد لاستقبال هؤلاء لمرة ثالثة إن لم تكن قد فعلت مع نشر هذا المقال . واستقبلت الناطقة الإعلامية السورية بثينة شعبان، كما أوفدت وفداً برلمانياً إلى دمشق، وصدرت تصريحات لمسؤولين روس ينحون فيها باللائمة على الحكم والمعارضة على السواء . وخلال ذلك تتشبث موسكو بأهمية إجراء حوار جدي بين الطرفين ووقف آلة العنف، وقد تردّد أن السلطات السورية وافقت على الحوار، على أن يبدأ الحوار في العاصمة الروسية ثم ينتقل بعدئذٍ إلى دمشق . لم يعرف مدى صحة ذلك، خاصة أن دمشق تتمسك بالكتمان إزاء الاتصالات السياسية بشأن الأزمة، وتؤثِر على ذلك تحقيق “انتصارات” على الأرض . أما المعارضة التي بالكاد توحّدت بتشكيل “المجلس الوطني الانتقالي”، فمازالت مقارباتها النهائية للأزمة غير واضحة . . وهو ما يفسره المحامي المعارض هيثم المالح بحالة “التصحّر السياسي”، التي سادت البلد لأربعين عاماً، وعطلت الحياة السياسية فيها .

يخشى الروس تكرار النموذج الليبي في سوريا، وقد اعتبروا في المداولات التي جرت الأسبوع الماضي في نيويورك، وانتهت باستخدم “الفيتو” أن مشروع القرار الأوروبي يبطن المواجهة ، ويفتح الباب على التدخل العسكري وهو ما ترفضه موسكو من حيث المبدأ . ويجد هذا الموقف تفسيراً له في كون موسكو هي مصدر التسليح شبه الوحيد للجيش السوري، وعليه فإن موسكو تود أن تتفادى بأي ثمن مواجهةً يجري فيها امتحان أسلحتها مع أسلحة قوات حلف الناتو . مثلما كان عليه الحال في ليبيا .

وحدث ذلك مع بكين التي زار وزير الدفاع فيها وقائد الجيش الأحمر تل أبيب قبل أسابيع . ومن المعلوم أن هناك تعاوناً عسكرياً بين الجانبين، وأن بكين معنية بالذات بشراء المزيد من نماذج الطائرات من دون طيار التي تنتجها تل أبيب . غير أن هذا الاقتراب الروسي والصيني من الكيان، لم يمنع بقاء العلاقات التقليدية على ما هي عليه مع دمشق، وهي علاقات وصفها مؤخراً السفير الصيني في دمشق تشانغ شيون بأنها “تعود لآلاف السنين” وليس لأقل من ذلك . ويذكر في هذا المجال أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين نشأت قبل خمسة وخمسين عاماً . وإذ تتوثق هذه العلاقات مع رغبة الصين في فتح أسواق جديدة لها في كل مكان في العالم (تمتاز سوريا بكونها أحد أكبر المستوردين في الشرق الأوسط للسيارات الصينية بمعدل يقارب 35 ألف سيارة في العام)، فإن التنافس الصيني- الروسي التاريخي، وكذلك الصراع الذي تحول إلى تنافس صيني مع واشنطن على النفوذ، يؤدي دوراً حيوياً في تطلع بكين إلى دوام “الاستقرار” في سوريا غير المرضي عن نظامها في الغرب .

لا تبدي موسكو وبكين كبير اهتمام بالتسونامي السياسي الداخلي الذي يعصف ببلدان عربية، لأن التفكير لديهما “براغماتي” ويتجه إلى تلمس أين ستنتهي التغييرات المرتقبة وما هي مآلاتها، بما يتعلق بالنفوذ الغربي . وخلافاً لما كان عليه الحال قبل نحو عقدين من الزمن، فإن المصالح الاستراتيجية المبنية أساساً على مصالح وطنية هي ما يحرك العاصمتين . الصراع مع الغرب تخفّف إلى حد بعيد من طابعه ومضمونه العقائدي، لكن التنافس لم يتوقف احتدامه على كسب مواطئ نفوذ . بالنسبة إلى روسيا فإن العلاقات مع جارتها إيران ذات أهمية كبيرة على كل مستوى (قد تكفي الإشارة هنا إلى الموقف الروسي بخصوص الملف النووي الإيراني وتمايزه عن مجمل المواقف الغربية)، وإيران هي الحليف الأول والوحيد لسوريا .

ما تقدم يتضمن تفسيراً للمواقف الروسية والصينية في مجلس الأمن حيال الأزمة السورية . ويضاف إليه ضعف الحساسية تجاه حقوق الانسان التي يُنظر إليها على أنها صناعة غربية، مع أنها باتت مسألة كونية أو عالمية تخترق الثقافات والأيديولوجيات، رغم ما يلحق بها من تسييس في كثير من الأحيان، والفيصل ألا يقع في التسييس من يأخذ على غيره هذا المأخذ، بحيث يتم الوقوف مع الحقوق الأساسية للأفراد والجماعات والشعوب، جنباً إلى جنب مع السعي إلى تحقيق المصالح .

إنه لمما يسترعي الانتباه أن روسيا بعدما هجرت الاشتراكية، لم تبلور خطاباً سياسياً تتوجه به إلى العالم . وكذلك بكين التي فتحت الباب واسعاً أمام اقتصاد السوق، ما مكّنها من تحقيق ما يشيه المعجزة الاقتصادية والصناعية، لكن من دون تجديد في اللغة السياسية المستخدمة بما يتناسب مع الخيارات الاقتصادية الداخلية ومع التغيير الفعلي في جوانب من السياسة الخارجية .

=================

التسوية السياسية التي لا مهرب منها في سوريا

آخر تحديث:الاثنين ,10/10/2011

عبد الاله بلقزيز

الخليج

موقفان سياسيان يُؤْذيان سوريا، اليوم، أبلغ الأذى: موقف الانحياز الكامل للسلطة ضدّ مطالب الشعب، وموقف الانحياز الكامل للشارع والمعارضة ضد النظام . يصادق كلٌّ من الموقفين على روايةٍ لا يدقّق فيها بما يكفي ليتبيَّن وجه الصواب فيها من التزييف . يأخذها كما وُلِدَتْ ودُبِّجَتْ في أجواء صراعٍ طاحن لا يرى كلُّ فريق نفسَه فيه إلا صاحب حقّ . من المفهوم أن يكون الأمر على هذه الحال بين السوريين: سلطةً وشارعاً، حيث لا مصلحة لأحدٍ في أن يعترف بأنه على خطأ، وحيث الاعتراف يرتّب عليه نتائج ليس أقلّها أن يتراجع عن موقفه ويسلّم بشرعية موقف خصمه . لكن ذلك من غير المفهوم لدى مَنْ يعنيهم مستقبل سوريا الديمقراطي ودورها الوطني والقومي من العرب، أي ممَّنْ يُفْتَرَض فيهم أنهم ليسوا طرفاً في الصراع الداخلي على السلطة، وليسوا مُجْبَرين على أن يركبوا الكذب كي يصلوا إلى السلطة أو يحتفظوا بها .

بين الموقفيْن المتقابليْن، مع احترامهما، مساحةٌ للتأمُّل بما يجري في سوريا على نحوٍ أكثر موضوعيةً وتأنِّياً، وأقلّ اندفاعيةً وقطْعية . والتأمُّل هذا مبناهُ على الفهم الصحيح لما يجري ابتداءً، والغايةُ منه سعْيٌ صادق إلى تجنيب البلد تَبِعات الخطأ في معالجة أزمته من خلال المساهمة في توليد رؤية متوازنة إلى مستقبله السياسي تَلْحَظ مصالح الجميع فيه . وعلينا، هنا، أن نقول بمنتهى الصراحة والصدق إن مَنْ يتناول الأوضاع في سوريا، اليوم، بالتحليل أو الاستشراف، لا بدَّ واجدٌ نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما: إمّا التفكير في تسوية ما ممكنة للأزمة تُفْرِج عن خيار الإصلاح الديمقراطي المتدرّج، على نحوٍ يجيب مطالب الشعب وقواه الديمقراطية ويَحْفَظ لسوريا وحدتها الوطنية ودورها الوطني والقومي، وإما التفكير في حلٍ جذريّ للأزمة المديدة لن يكون بغير المزيد من الدماء ولن يكسبه أحدٌ في المطاف الأخير حتى لا نقول إن سوريا ستخسر فيه من استقرارها، وربما من وحدتها وسيادتها، لا قدّر الله .

الذين يدافعون عن الحلّ الراديكالي - من السوريين والعرب - كثيرون، ومِنْ أسفٍ هُمُ الأكثر . وهؤلاء فريقان: فريقٌ صغير يريده حلاً أمنيّاً لتصفية المظاهرات في البلد، وفريقٌ أكبر يريده إسقاطاً للنظام وإنهاءً لعهده . يعتقد الأول أن الحلّ الأمني يردُّ على مؤامرةٍ خارجية تستهدف البلاد وتَرْكب موجة المطالب الشعبية لتأخذها إلى إنجاز ما تبتغيه من أهداف . التنازل أمام الشارع والمعارضة، في حسبانه، تنازلٌ أمام مَنْ يحرِّك الأحداث من خارج وتسهيلٌ للمؤامرة . ويعتقد الثاني أن إسقاط النظام هو السبيل الوحيد إلى الخلاص لأن التراجع لم يعد ممكناً، ولأن الضغط الدولي والإقليمي عليه يشتد . النظام لا يريد إصلاحاً، يقول، والبقاء تحت سقف الإصلاح انتحار بعد كل تلك التضحيات التي قُدِّمت .

الناطقان بمفردات الحلّ الجذريّ، من الطرفين، لا يقترحان على سوريا سوى المصير الغامض والراهن الثخين بالجراحات، إذْ ليس في وُسْع القبضة الأمنية أن تعيد جحافل الشباب السوريين إلى بيت الطاعة، وستكلفها المحاولة المستحيلة لذلك أنهاراً من الدماء، ونزفاً سياسيّاً وأخلاقيّاً في صورة سوريا النظام عند شعبها والعرب والبشر أجمعين . والخشية أن المزيد من القمع سيولِّد المزيد من العنف والتطرف، ويترك الأزمة الداخلية مفتوحة في الشارع إلى ما شاء الله . كيف يمكن للدولة والمجتمع أن يعيشا في مناخ هذا المشهد الدمويّ اليوميّ الطويل؟ في المقابل، لن تكون “استراتيجية” إسقاط النظام نزهةً سياسية في شوارع سوريا! جَرَّبَ حَمَلَةُ الشعار هذا تنفيذ خيارهم منذ نصف عام، ماذا حَصَل؟ سَقَط النظام؟ انشقَّ نصفين؟ تبخّرت قاعدته الاجتماعية؟ فَقَد السيطرة على المدن ومراكز الدولة؟ فَرَّ أركانُهُ من البلد؟ لم يحصل من ذلك شيء . ينبغي قراءة معنى ذلك عند مَنْ حملوا الشعار وفرضوا على الحَرَاك في البلد أن يأخذ وجهة وحيدة! أمّا التعويل على إسقاطه من خارج، ففي ذلك منتهى البؤس السياسي، وهو خيارٌ غير ديمقراطي ولا يشرِّف مَنْ يُعَوِّل عليه أو يسير في دهاليزه الكااحة!

لا بدَّ من حلٍّ سياسيّ ممكن يقع بين مستحيلين أو قُل بين إمكانيْن انتحاريَّين . والحلّ هذا مبناهُ على التنازل المتبادَل بين الفريقين السياسيّيْن عن التمسك بالخيارات القصوى . والتنازل المتبادل يفرضه ميزان القوى في المجتمع السوري اليوم بعد هذه الجولة المديدة من المواجهات التي زادت على المئتي يوم من دون حسم، ورسمت معطياتها الحقيقة المزدوجة الآتية: ليس في وسع النظام إنهاء الانتفاضة وإخماد مطالب التغيير الديمقراطي، وليس في وسع الانتفاضة - بإمكاناتها الذاتية - إسقاط النظام . وفي مثل هذه الحال من توازن القوة، ليس من حلٍّ إلا من طريق تسوية سياسية تقود إلى تحقيق تغيير ديمقراطي متدرّج بشراكةٍ متوازنة بين النظام والمعارضة . أدوات مثل هذه الشراكة معروفة: الحوار الوطني، الشراكة في وضع أسس النظام الديمقراطي البديل، الشراكة في حكم البلاد وفي إعادة توزيع السلطة، وصولاً إلى انتخابات ديمقراطية حرّة وتعددية، وإلى تداوُلٍ سلميّ على السلطة . الفرصة مازالت متاحة، والتباطؤ في الإقدام على هذا الخيار سيكون عالي الكلفة على الجميع .

تُخطئ السلطة إن هي أساءت قراءة قرار الفيتو الروسي الصيني المزدوج في مجلس الأمن، وركنت إلى الظنّ بأنه يوفّر لها حزام أمان، لأن حزام أمانها الوحيد هو ترميم شروخ شرعيتها الداخلية المتصدّعة بالتجاوب مع مطالب التغيير . وتخطئ المعارضة إنْ هي انتشت بالاحتفاء الغربي ب”المجلس الوطني السوري”، أو راهنت على دعم دول الغرب لمطالب التغيير الديمقراطي، لأن الشعب السوري وحده مَنْ يملك أن يصنع مستقبله بيده، بحريته وإرادته، بعيداً من التدخل الأجنبي . إن أقصر طريق كي يجد النظام نفسَه بين مطرقة العنف الداخلي وسندان “الحماية الدولية” هو أن يمعن في خياره الأمني، وأن يتجاهل مطالب الشعب السياسية المشروعة، ويتجاهل صوت المعارضة الوطنية الديمقراطية في الداخل، وخاصة بعد أن وفّرت لنفسها عنواناً سياسيّاً جبهويّاً هو “جبهة التنسيق الوطنية” . لعلها الفرصة الأخيرة قبل فوات الأوان . . . على الجميع .

=================

سوريا ليست للسوريين وحدهم

عصام نعمان

السفير

10-10-2011

يفاخر السوريون، ويشاطرهم الرأي عرب كثيرون، بأن سوريا هي قلب العروبة النابض. مؤدى هذا الكلام الانتماءُ الى الأمة وجوداً وهوية، والمشاركة في الدفاع عن كرامتها وحقوقها ومصالحها عندما تتعرض، في زمان ومكان، لعدوان أو انتقاص.

قلب العروبة يعاني اليوم أزمةً مستعصية. من الطبيعي والضروري ان تتداعى سائر أعضاء الجسم العربي الى رعايته ومعالجته. فسوريا ليست للسوريين وحدهم. إنها لشعبها ولكل العرب، وخصوصاً للعرب الاقربين في بلاد الشام وبلاد الرافدين بين المتوسط والخليج. خيرها يفيض عليهم خيراً، والشر الذي يستهدفها ينعكس عليهم شراً. من هنا ينبع حق العرب أجمعين، ولا سيما الأقربين من مستفيدين ومتضررين، بأن يشاركوا السوريين سعيهم الحثيث للخروج من الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ شهور سبعة.

ثمة طرفان يتصارعان اليوم في سوريا: المعارضة والنظام. المعارضة، بجناحها الداخلي، تنادي بالحرية والكرامة والديموقراطية، وتسعى الى تغيير النظام لا الى إصلاحه. غير ان ثمة فوارق بارزة بين جناحي المعارضة الداخلي والخارجي في نهج العمل والوسائل. فريق من المعارضة الداخلية متمثلٌ في «هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي» (منسّقها حسن عبد العظيم) يرفع شعارات اربعة: لا للعنف، لا للطائفية، لا للتدخل الخارجي، ولا للنظام الاستبدادي الامني. فريقٌ آخر متمثلٌ في «الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير» (منسّقها قدري جميل) يشاطر الفريق الاول شعاراته، إنما يتشدد أكثر منه في رفض التدخل الخارجي.

المعارضة الخارجية المتمثلة ب«المجلس الوطني السوري» الذي أُسّس في اسطنبول أخيراً لا يمانع في التدخل الخارجي لإسقاط النظام «شريطة أن يتمّ ذلك بالتفاهم والتعاون معنا». المراقب العام للاخوان المسلمين السوريين محمد رياض الشقفة كشف في حفل الاعلان عن المجلس المذكور انه «اذا استمر النظام في قتل شعبه، فهناك وسائل كثيرة لردعه، مثل حظر الطيران». أضاف انه اذا ما استمر النظام في القصف بالمدفعية والدبابات، فإنه سيسمح «بأن يتدخل الطيران لإسكات مصادر القصف». ألا يذكّرنا هذا السيناريو بمهزلة دعوة «الناتو» الى «حماية» المدنيين الليبيين؟

النظام يقرّ، من جهته، بالمطالب الديموقراطية والاصلاحية التي ترفعها التظاهرات الاحتجاجية، ويؤكد انه شرّع قوانين جديدة للاحزاب والانتخابات والإعلام والمجالس المحلية، وانه وضع روزنامة لتنفيذها .

لماذا تستمر الازمة، اذاً؟

لأن ثمة طرفاً ثالثاً لجأ الى العنف ودخل في صراع مسلح مع قوى النظام، ما أدى ويؤدي الى سقوط عشرات الضحايا من المدنيين والعسكريين في مناطق عدة من البلاد. المجموعات المسلحة وسّعت أخيراً دائرة هجماتها على قوى الامن والجيش، وقد اتضح انها تتلقى أسلحةً خفيفة وثقيلة وذخائر عبر حدود سوريا مع الدول المجاورة.

لا علاقة للمجموعات المسلحة بالمعارضة الداخلية التي لا تتوانى عن إدانة اللجوء الى العنف. غير ان فريقاً من المعارضة يتهم السلطة بلسان حسن عبد العظيم بأنها «غير جادة في الحوار لأنها لا تعترف بالآخر، خاصةً في ظل إصرارها على الخيار الأمني».

يردُّ أهل النظام التهمة على المعارضة بالقول إنها هي غير الجادة في الحوار لأنها تضع لمباشرته شروطاً شبه تعجيزية. فهي تطالب بأن يصار اولاً الى إطلاق سراح جميع المعتقلين، ومحاكمة المسؤولين عن إراقة الدماء أمام محكمة خاصة، وسحب الجيش وقوى الامن من الشوارع والساحات العامة لتمكين المتظاهرين من الحركة بحرية. ويقول أهل النظام إنه يمكن التفاهم مع المعارضة على الشرطين الاول والثاني، لكن لا يمكن سحب الجيش.

لا غلو في القول إن المعارضة مخطئة في مسألة، والنظام مخطئ في اخرى. المعارضة مخطئة في إصرارها على عدم الإقرار بوجود مخطط تدخل خارجي قيد التنفيذ.

أهل النظام مخطئون في عدم الاعتراف مبكراً بالمعارضة ومطالبها المحقة، ولا سيما تعليق المادة الثامنة من الدستور .

ما المخرج من الأزمة المستعصية؟

ثمة حقائق خمس يقتضي، بادئ الامر، استيعابها:

أولاها، إقرار أهل المعارضة كما أهل النظام بأن استمرار الأزمة وصفة خبيثة لاستمرار النزف، بشرياً واجتماعياً واقتصادياً، وان دفع سوريا الى الحرب الاهلية والفوضى والتفكك هو خيار مجزٍ للغرب الاطلسي واسرائيل وبديل من خيار إسقاط النظام الذي يبدو متعذراً، وان إخراج سوريا من تحالفها مع ايران وقوى المقاومة في لبنان وفلسطين خطوةٌ تمهيدية لإخراجها من حومة الصراع العربي  الصهيوني .

ثانيتها، ان المعارضة عاجزة بالتظاهرات أو بالعمل المسلح، وحتى بالتدخل الخارجي، عن إسقاط النظام. كما ان النظام عاجز بالخيار الامني وحده عن تعطيل المعارضة وإنهاء الحركة الاحتجاجية والاضطرابات.

ثالثتها، ان الحوار الوطني أضحى مطلباً شعبياً وقومياً شاملاً، وانه ضمانة خلاص سوريا، بقواها الذاتية، من أزمتها المستعصية دونما تنازلات لقوى خارجية طامعة، والاتجاه تالياً نحو إقامة دولة مدنية ديموقراطية على أساس التعددية وحكم القانون والعدالة والتنمية .

رابعتها، ان جوهر الحوار الوطني ليس إصلاح النظام بل التوافق على تغييره بالوسائل الديموقراطية بما يؤدي، لا محالة، الى إسقاط كل القواعد والممارسات غير الدستورية وغير الديموقراطية وغير الإنسانية، وإعادة ربط سوريا واضطلاعها، شعباً ودولةً، بالمشروع النهضوي الحضاري العربي.

خامستها، ان السبيل الاقصر والافعل الى الاعتراف بالحقائق السالفة الذكر وتحقيق متطلباتها ومضامينها انما يكون بالتوافق، من خلال الحوار الوطني، على الشروط والمستلزمات والضمانات اللازمة لإجراء انتخابات ديموقراطية حرة تحت رقابة مؤسسات المجتمع المدني العربي والعالمي. ذلك ان مهام التغيير الديموقراطي المنشود لن تحققها حالياً قوى المعارضة والنظام بل القوى الحية التي ستملأ مقاعد مجلس الشعب المقبل وتعيد الثقة بالعمل السياسي الوطني الديموقراطي.

في ضوء هذه الحقائق الخمس، ولأن سوريا ليست للسوريين وحدهم، وان ما يصيب سوريا خيراً أو شراً ينعكس بالضرورة على ما حولها، ويؤثر في مجريات الصراع مع العدو الاميركي الصهيوني، فإن القوى الوطنية والقومية والديموقراطية العربية مدعوة الى التدخل في الأزمة المستعصية وذلك بالتواصل والحوار مع أطراف الصراع، ولا سيما أهل النظام وأهل المعارضة، من أجل إقناعهم بجدوى الانتقال، بلا إبطاء، الى طاولة الحوار الوطني والتوافق على مخرج آمن من الأزمة يؤدي الى إجراء انتخابات ديموقراطية مطلعَ العام المقبل.

ولعل قيادات المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي الإسلامي، ومؤتمر الاحزاب العربية قادرة على المبادرة بالسرعة الممكنة للتواصل وإطلاق الحوار المنشود وذلك بتأليف وفد من شخصيات وطنية وديموقراطية وازنة لمباشرة المهمة القومية والحضارية المطلوبة.

=================

سوريالية طائفية وواقعية أزهرية

هاني فحص

السفير

10-10-2011

يبدو أن أكثرية أهل السنة من المسلمين العرب وغيرهم، مع الشعب السوري وانتفاضته، في مقابل أقلية منهم مع النظام، ولا تبخل (الأقلية) بما يدل على تضامنها مع شعب البحرين مثلاً. وهذه مفارقة، كما هي مفارقة أن هناك أكثرية شيعية مع النظام السوري، وضد الانتفاضة (الإرهابية) ومع شعب البحرين، أما لماذا؟ فلأن النظام السوري ممانع وداعم للمقاومة. وهنا يرى البعض أنه إذا كانت المقاومة (كما هي فعلاً) مشروع مواجهة (غير حصرية طبعاً) مع الصهيونية وجرائمها ومخاطرها ومطامعها، التي تشتغل في فلسطين، وتعبر حدودها في كل الاتجاهات، فإن ذلك يلزمها (أي المقاومة) بالانحياز إلى حرية الشعوب، أينما كانت، وخاصة إذا ما كانت هذه الشعوب قد ضحت بلقمتها من أجل تحرير فلسطين وحريتها هي وخابت! لأن حرية الشعوب هي شرط لاستدامة المقاومة، حتى التحرير الكامل.. ومن دون ضرورة للوقوع في التناقض.

وهناك أقلية شيعية، تتعاطف مع الشعب السوري، ولا تتوقع أن يؤثر تعاطفها كثيراً على المشهد الشيعي الغالب، والحاني والخائف على النظام، وتعلم أن قلة التأثير تأتي من كونها مخالفة للسائد الشيعي القوي (بالمقاومة)... هذه الأقلية الشيعية تنطلق من حرصها على مستقبل الشيعة وسلامتهم، التي لا ضمانة لها إلا في الاندماج والانسجام مع المجتمع الأهلي قبل الأنظمة أو من دونها إذا اقتضى الأمر، ويتذكرون ويذكّرون الجميع، بأن الشيعة في البلاد العربية، أو الشيعة العرب، لا يختزل حضورهم وحجمهم بأعدادهم، بل يتعداها إلى معناهم في المجموع، وإلى شراكتهم الحميدة في المتحولات الخصبة من تاريخ المنطقة، وصبرهم وتحملهم وعنائهم في المتحولات الصعبة.

ليس هناك أقلية مخالفة شيعية للتعاطف مع شعب البحرين، وإن كان هناك من يلح على التسوية. من دون افتئات على مطالب الشعب البحريني وحقوقه الإنسانية. هذا مع ملاحظة ما يبدو من ركوب أو إركاب شخصيات عربية شيعية ملتبسة و(مدعومة) لموجة مناصرة شعب البحرين في شقه الشيعي (فقط)..

ومن المفارقات ما يلاحظ من أن قوى سنية فاعلة، تجمع بشكل مثير للدهشة، بين تأييدها للشعب السوري، وصمتها عن البحرين بسنتها وشيعتها معاً! وإذا تورطت الأنظمة بدم شعوبها فهل بإمكان العقلاء ان يميزوا بين نظام ونظام، وهل هناك أسباب وجيهة تسوّغ هذا التمييز... أو تسوّغه كلياً أو دائماً.. وهل وحدة الدين أو المذهب ظاهراً كافية للتمييز، أو أنها الزبائنية السياسية ليس إلا!!!

أمام هذه المفارقات، كان أهل الاعتدال والإنصاف، ينتظرون صوتاً بعيد المدى عميق الصدى، يمنح الاعتدال والمعتدلين والمنصفين، فرصة لإثبات ان اعتدالهم الحكيم، قوي ومستقبلي وضروري، خاصة في جو الفتن الجارية أو الآتية.. وأتى الصوت من الأزهر، مسبوقاً بمواقف دالة وحاسمة، حول كثير مما يجري في البلاد العربية، ولصالح شعوبها دائماً. وكان الموقف الصريح والشجاع المحذر لحكومات دول الخليج من تغاضيها عما يدور في أوساط شعوبها من اعتراض وما يرفع من مطالب، ويفتح شهية المغرضين على الاستغلال المذهبي أو العنصري، لتكتمل الفاجعة، عندما تستحكم المذهبية بردود فعل الحكومات على حراك الشعوب... محذراً وناصحاً بالعلاج والوقاية وتفادي المخاطر.. مصرحاً بتألمه لما يجري في البحرين، داعياً حكومتها إلى الخروج من هذا النفق، بالكف عن استخدام العنف وبالإصغاء لمطالب الناس، وسد الذرائع. من دون تضخيم ولا تهوين للعوامل الخارجية التي لا يحسن إنكارها، ولكن فاعليتها تبقى مرهونة دائماً بالعوامل الداخلية.

إن أهل الاعتدال يستبشرون بهذا المسلك المتوقع من مؤسسة بحجم الأزهر وتاريخه، ومن إمام استطاع بعلمه وشعوره بالمسؤولية أن يعيد المشيخة إلى ما كانت عليه، عندما كان الأزهر يقود المنعطفات في مصر، ويمد آثاره إلى محيطها وأعماقها. مستفيداً من الحيوية التي بعثها الربيع العربي في الشعوب العربية، مطلاً على ميدان التحرير، مقترباً من أحلام الشباب المتقاطرين عليه منذ أشهر، يرسمون صورة مصر العتيدة والسعيدة بحرياتها ومؤسساتها. ويرون  أهل الاعتدال  ان هذا المسلك هو الأقرب إلى طبيعة مصر ودورها وموقعها، واحتضانها للأزهر الشريف، جامعاً لأهل العلم والحوار والتقريب، ويعتبرون ذلك خطوة متقدمة، على طريق تجسيد ما يعد به الأزهر من ورشة علمية وعملية، تستشرف الغد المصري والعربي والإسلامي، في هذا المنعطف الواعد، وبرعاية إمامها الرائد، المهموم بتوسيع وتحرير الجوامع وإلغاء وتضييق الموانع، بين شركاء الإيمان والأوطان، وتحويل الاختلاف، كما كان، إلى مصدر حيوية وفضاء للتكامل، كما يرسم القرآن الكريم، رافعاً الاختلاف إلى مصاف الدال على عظمة المدبر وحسن التدبير.

لقد لمسنا عن كثب لدى شيخها الطيب وكبار معاونيه تصميماً واعياً ومدروساً، على حماية حقوق الشعوب العربية والإسلامية، في المعرفة والحوار والاستقرار والعدالة والاندماج والاستقلال والتضامن والحرية.. ومن هنا قرأنا موقف الأزهر الوازن، من أوضاع الخليج... ومن هنا ندعو إلى الإصغاء لهذا النبض القوي، على حنان ورأفة ومسؤولية، يدعونا... أو يجدد دعوة القرآن لنا، بدخول مصر إن شاء الله آمنين.

شكراً للأزهر وإمامه، فقد شرع في وضع حدٍ لتطييف أو مذهبة حركات الشعوب العربية، عدواناً عليها لا يخدم إلى أهدافاً لا تصب في طاحونة الشعب ولا تضر بالسلطات التي استقالت من دورها الجامع، ولا تنفعها أيضاً... بل الذي ينفع هو ان تطمح إلى القوة بالعدالة والمساواة، ومن دون تلكؤ، لأن غضب الشعوب أسرع من كسل ومكابرة الحكام.

===================

هل تدخل تركيا الحرب على سوريا؟

عريب الرنتاوي

الدستور

10-10-2011

هل تدخل تركيا الحرب على سوريا؟...هل ستدخلها بالاشتراك مع إسرائيل كما تشير بعض "التسريبات" الصادرة عن مصادر استخبارية إسرائيلية؟...هل ستدخلها تحت مظلة الأطلسي، أم أنها ستفضل السير تحت رايات ائتلاف آخر: عربي – إسلامي هذه المرة، وإن كان مدعوما ب"الأطلسي"؟...أي تداعيات لكل من هذه السيناريوهات على راهن العلاقات العربية – التركية ومستقبلها؟...على صورة تركيا وموقعها؟...على مستقبل النظام والمعارضة والإصلاح في سوريا، بل وعلى سوريا برمتها؟

هذه الأسئلة والتساؤلات، لم تعد ضرباً من "الفانتازيا" أو "تمريناً ذهنياً" لنخبة من السياسيين المحترفين...فحيثما تذهب وأنّى حللت وارتحلت، يواجهك محدّثوك، من مواطنين ونخب سياسية وفكرية بسيل لا ينقطع من هذه الأسئلة والتساؤلات...لعل آخرها، ما تعرضت له على هامش ندوة في جامعة الشرق الأدنى بشمال قبرص (الشطر التركي)، نظّمها حزب الشعب الجمهوري، حيث انتقل الحديث من ربيع العرب إلى "قرع طبول الحرب" على أكثر من جبهة ومسار.

أمس، نشر مواقع استخباري إسرائيلي تقريراً موجزاً مفاده، أن تركيا وإسرائيل تنسقان لضربة عسكرية مشتركة ضد نظام الأسد، عبر قناة الأطلسي، وبتشجيع مباشر من الولايات المتحدة، وقد زجّ التقرير بالأردن، بوصفه واحداً من الشركاء المحتملين في الحرب المحتملة...التقرير – في ظني – عبّر عن رغبة إسرائيلية، ولم يقدم معلومة ذات صدقية..لكن المؤسف أن موقعاً فلسطينياً لفصيل تربطه بإيران علاقات "خاصة ومميزة"، أعاد نشر التقرير من دون تحفظ أو تعليق، فيما يشبه التبني للرواية، وبما يندرج في سياق التحريض اليومي المنظم الذي يشنه ما كان يسمى ب"معسكر المقاومة والممانعة"، ضد تركيا "العثمانية المتأمركة" ودفاعاً عن نظام الأسد.

وأمس أيضاً، وجدتني منخرطاً في نقاش مع إعلاميين أتراك كبار، ونواب قبارصة (من شتى المنابت والأصول)، حول سيناريو كهذا...الأتراك استبعدوا تماما احتمالاً من هذا النوع...قللوا من شأن المناورات التي جرت على الحدود في لواء الاسكندرون...واعتبروا النتائج المحتملة لخيار كهذا، وبالاً على تركيا، قبل أن تكون كارثيّة على سوريا.

لكن الجديد في حديث زملائنا الأتراك، ما قيل عن "دفع أمريكي متواصل" لتركيا للاضطلاع بدور كهذا...إذ يعتقد هؤلاء الزملاء أن الأطلسي يريد أن "يلزّم" تركيا الملف السوري بمجمله، مقابل شرط ونظير جائزة...الشرط أن تعود علاقات أنقرة مع تل أبيب إلى سابق عهود التنسيق والتعاون الاستراتيجي، لكي تطمئن إسرائيل إلى أن سوريا ما بعد الأسد، لن تكون في الخندق المعادي لها...أما الجائزة، فترتبط بالشرط وتترتب عليه، وتتمثل في إعطاء تركيا دور الوسيط في حل الصراع السوري – الإسرائيلي، الذي ستتوفر له فرصاً جديدة، وفقاً للتقديرات والتوقعات.

لا أحسب أن تركيا (العدالة والتنمية) فقدت عقلها تماماً لتدخل في مستنقع كهذا...

لا لأن ذلك يتعاكس مع مجمل الركائز الأساسية لفلسفة السياسة الخارجية التركية، القائمة على "تصفير المشاكل" و"القوة الناعمة" و"قوة الأنموذج" وتقاسم المنافع ومراعاة المصالح...إلى غير ما نعرف من عناوين عراض لهذه الفلسفة...بل لأن تركيا تدرك تمام الإدارك، أن وضعاً كهذا، سيعيد العلاقة بين الأمتين العربية والتركية مائة عام للوراء...وسيدخل تركيا في حرب استنزاف لكل ما حققته من نجاحات سياسية واقتصادية ومعنوية...وسيعرض أمنها ووحدتها هي بالذات للخطر الشديد.

ثم، من قال: إن سيناريو كهذا، لن يفتح على تركيا أبواب جهنم...خصوصاً عبر بوابة "المسألة الكردية" التي ما زالت جرحاً غائراً في الكف والخاصرة؟...من قال: إن النظام السوري أسقط هذه الورقة تماماً، برغم كل ما طرأ على العلاقة السورية – "الكردية" منذ طرد عبد الله أوجلان من سوريا؟...من قال: إن الأسد المعزول والمحاصر بدماء السوريين اليوم، لن يعود بطلاً قومياً؟...تركيا تعرف أن النظام السوري سيلجأ إلى خيار شقيقه "النظام العراقي" السابق في محاولة "جر" إسرائيل إلى ساحة (ساحات) الحرب والمواجهة، وعلى نطاق أوسع، صبيحة اليوم التالي، أو ربما عشية اليوم نفسه، لبدء الضربة العسكرية لسوريا...وفي المعلومات التي يتحصّل عليها المُتابع عن كثب للموقف التركي، ثمة ما يؤكد أن الأسد لوّح بهذا الخيار، أمام زوّاره الأتراك، موضحاً أن الحرب إن بدأت، لن تُبقي إسرائيل خارجها، وأن ساحة هذه الحرب وجبهاتها، لن تظل محصورة بالحدود السورية.

ثم، ماذا عن إيران وردات فعلها، ومستقبل علاقاتها "المشدودة على وتر التنافس الإقليمي والانقسام المذهبي" مع تركيا...هل ستقف إيران مكتوفة الأيدي، وهي ترى نفوذها في المنطقة، ومستقبل دورها الإقليمي، يذهب جفاءً...هل يخفى على أنقرة أن لإيران أيضاً جملة من الأوراق التي بمقدورها ان تلعب بها، من العراق ولبنان، وانتهاء ب"المسألة الأرمينية"...هل ستقامر تركيا أيضاً بمواجهة كل هذه التحديات، دفعة واحدة؟

الحرب، ليست خياراً لحل الأزمة السورية...سواء خاضتها تركيا منفردة، أو بائتلاف عربي – إسلامي...وهي (الحرب) محفوفة بالمخاطر على الأمن الوطني السوري والقومي العربي، إن تمت تحت لواء الأطلسي...والمؤكد أنها ستكون كارثية، بكل المقاييس والمعايير، إن تمت بمشاركة إسرائيلية من أي نوع...ولكل هذه الأسباب مجتمعة، لا نرى بديلاً عن "الحلول السياسية"، المحلية والإقليمية للأزمة...لكل هذه الأسباب نرى أن ذكاء السياسة التركية وحنكتها، سيُبقيانها خارج هذه الدوائر الشيطانية.

=================

دلالات اغتيال المعارضين!

صالح القلاب

الرأي الاردنية

10-10-2011

عندما يبدأ النظام ,وأيُّ نظام, باللجوء إلى التصفية الجسدية والى الاعتداءات والعنف والى سياسة «الزعران» و«الشبيحة» للتخلص من معارضيه فإن هذا يعني أن أيامه باتت قليلة وأنه لم يعد يثق بنفسه ولا بالنظام الذي يتربع فوق قمته.. وهذا هو التاريخ أمامنا وفيه في هذا المجال عبر ودروس كثيرة.

كانت الضربة القاضية التي تلقاها رئيس الفلبين الأسبق فرديناند ماركوس فخرج من الحكم والبلاد وبقي طريداً مشرداً لم تقبل أي دولة في العالم بإيوائه ,حتى بما في ذلك الولايات المتحدة التي كان ضابط شرطتها في تلك المنطقة الإستراتيجية من العالم, هي اغتيال معارضه العنيد بنينو أكينو في الحادي والعشرين من آب 1983 في مطار مانيلا لدى عودته ليقود المعارضة بعد أن بقي في المنافي والغربة سنوات طويلة.

وحقيقة أن هذا ما كان فعله شاه إيران السابق رضا بهلوي عندما أطلق جهاز «السافاك» الرهيب ليطارد المعارضين حتى خارج البلاد وليغتال من استطاع الوصول إليهم في منافيهم وأن هذا ما فعله معمر القذافي عندما اشترى قادة بعض الفصائل الفلسطينية وكواتم أصوات مسدساتهم وأرسلهم ليلاحقوا رموز المعارضة الليبية من الذين فروا بأرواحهم وبأبنائهم واختاروا أن يعملوا ضد النظام «الجماهيري» من الخارج.

والمعروف أن القذافي كدلالة على الرعب الذي كان ينتابه وعلى أن أيامه أصبحت قليلة قد رتب اختطاف منصور الكيخيا ,الذي كان يعتبر أبرز قادة المعارضة الليبية, من القاهرة خلال تواجده لحضور مؤتمر دولي حيث تمت تصفيته بعد نقله إلى ليبيا في عملية بوليسية شاركت فيها تنظيمات وأجهزة استخبارية عربية يجب أن يفتح النظام الجديد ملفها لينال كل من لعب دوراً فيها العقاب الذي يستحقه.

الآن ها هو الرئيس بشار الأسد يفعل ما كان فعله فرديناند ماركوس عشية إطاحته وهروبه إلى خارج بلاده طريداً وشريداً لم يقبل به حتى أصدقاؤه الأميركيون فاغتيال المعارض المعتدل فعلاً مشعل تمو يدل على ضيق الأفق وعلى الرعب وعدم الثقة لا بالنفس لا بالنظام ولا بالمستقبل وهذا ما سيتأكد عندما يفر أعوان الرئيس السوري من حوله وعندما يصبح هو لاجئاً لا يجد من يأويه حتى بما في ذلك أصدقاؤه الروس الذين حاولوا بيع حقهم بالنقض «الفيتو» لكنهم عندما لم يجدوا من يدفع الثمن الذي يريدونه اتخذوا ذلك الموقف الذي اتخذوه والذي سيكون وصمة عار ستلاحقهم على مدى حُقَب التاريخ.

عندما يلجأ هذا النظام لإرسال «شبيحتة» لإغتيال مشعل تمو وهو في منزله وبين أبنائه وعندما يرسل هذا النظام «جلاوزته» لتكسير أصابع الرسام العالمي المبدع علي فرزات وعندما لا يجد ما يرد به على المعارض المعتدل رياض سيف إلا بإرسال زعرانه ليعترضوا طريقه وهو خارج من صلاة الجمعة الماضية ويملأوا وجهه وجسمه بالرضوض والكدمات فإن هذا يدل على أن مصير الأسد حتى وإن طال سيكون مثل مصير فرديناند ماركوس ومثل مصير القذافي وشاه إيران فأحداث التاريخ عبارة عن دروس وعبر والحديث النبوي الشريف يقول :«الشقي مَن اتعظ بنفسه والسعيد مَن اتعظ بغيره».

=================

في المأزق السوري: نظام لن يتغيّر.. ثورة لن تتوقف!

مطاع صفدي

2011-10-09

القدس العربي

 طبيعة الاستبداد أنه قائم أصلاً على إنكار الآخر، ليس مستعداً للاعتراف بالشعب، بالمجتمع، بالفرد، إلا من خلال انمحاء أي وجود مستقل لهذه الكيانات خارجاً عن إرادته. يريد الاستبداد أن يرى في الآخر مرآةً لذاته، بدون ذاته. لا وجه للناس، لا صوت لهم، لا حركة لفئة أو كتلة أو مؤسسة إلا بالإذن من مؤسسته. فالحاكم الذي يأمر بقتل شعبه يريد أن يثبت لذاته أن الشعب لا وجود له أصلاً، ومن يُقتل من أولئك الناس، ليسوا سوى حفنة من الطارئين على شعب غير موجود.

المستبدون في دمشق ينكرون (الثورة)، لأنه لا وجود لشعب كيما يثور. هكذا اعتبر القذافي أن شعبه جرذان وجراثيم. وهو كان صادقاً مع نفسه، مع نموذجه المتلبّس به منذ إمساكه بالسلطة. أما حكّام الشام فقد صنعوا دولتهم الخاصة، ما فوق دولة الشام ومجتمعها. لكن حدث أن كادت شوارع المدن والأرياف كلها تمتلئ بالمظاهرات الآمرة بإسقاط النظام. ثم حدث أنه جرى أرهَبُ قمعٍ وقتلٍ واعتقال وتعذيب، وتهجير الآلاف المؤلفة. لم تختفِ المظاهرات، وإن فرغت الكثير من الشوارع إلا من الصمت المريب. رهان الشباب أن يضطر الوحش إلى سحب مخالبه من الشوارع، عندئذ لن يبقى أحدٌ محاصراً في منزله. ولعلّ هذا سيحدث عاجلاً أو آجلاً، لكنه سيحدث.

ما يُقال اليوم هو أن سورية اختلفت كلياً؛ السلطة استنفدت وسائلها، والانتفاضة لم تستنفد إلا بعض عنفها المباشر. لكنها تخطّت كل الخطوط الحمر. أعادت لشعب سورية حضوره الجمهوري، أثبتت أنه هو الموجود الحقيقي، وأن الاستبداد أصبح فاقداً لوجوده الموهوم، مع فقدانه لدولة القمع المصابة بالتفكك والإنهاك. ذلك أن الأشهر الستة أظهرت الطاقة العظمى لآلة القمع، وحدودها الفعلية في آنٍ معاً، هذه الحدود لم تفرضها ضغوطات خارجية، من قِبَل الرأي العام الدولي ومؤسساته، التي لم تبرح التهديدات والتقريعات اللفظية. لكن كل قمع يظل فاشلاً ما دام لم يحقق أهدافه جذرياً، ولا حتى نسبياً، إذ أن الأحداث اليومية الدموية برهنت للرأي العام المراقب أن النظام قابل للإنكسار، ليس ممتنعاً كلياً على أية معركة أخرى قادمة، قد تُطيح به بين عشية وضحاها. النظام يخرج اليوم ضعيفاً، فاقداً لثقته بالمناعة الكاملة. فإذا كان، عبْر التحولات السابقة، صلباً عتياً وحشياً، لكن الجماهير كانت تفاجئه بالمقاومة المتجددة من واقعةٍ إلى أخرى، بالإصرار على إبداع لغات الغضب والاستنكار والاحتقار، لم تنتصر المقاومة حتى اليوم. هذا لا يعني أنها منكسرة اليوم أو غداً؛ هناك، بين فئة من أشباه المعارضة، من يعتبر أن المرحلة الآتية هي للحلول الوسط. فلا يسقط من النظام إلا (شكله) الاستبدادي الفاسد. كأنما يتمتع ب (جوهر) آخر مختلف، نقيّ وعادل. كأنما غسلت الثورة ثوبه الوسخ، ليظهر جسده الأبيض المنير! لكن السؤال هو إن كانت أخطار الزوال المحدق لم تغير شيئاً من طبيعة السلطة القادمة، هل يمكن لأي طور سلمي مفترض أن يحدّد أية حدود دنيا أو وسطى من المتغيرات المطلوبة في عقلية الحكم وفي ممارسته؟ إن نظرة سريعة نلقيها على قوانين الإصلاحات التي أصدرها 'بشار'، بين تمرين عنفي في الشوارع وآخر، تنبئ بكل صراحة ووضوح أنه ليس لأي إصلاح ثمة ضمانة قانونية إلا الإرادة العليا للدولة، وبالتالي تعيد الديكتاتورية إنتاج ذاتها، مشفوعة هذه المرة بموافقة أتباعها.

لكن هل هذا يعني أن تمارين الصراع لها جولات عديدة، وما انتهى منها ليس سوى الجولة الأولى، ذلك أنه ليس هناك من له الحقّ أن يفكر جدياً في ابتداع صيغة دستورية ممكنة لالتقاء أعداء الأمس واليوم في تركيبة سلطوية ما. فقد فعلَ النظامُ خلال هذه المرحلة الدموية، كلَّ ما يُثبت أنه غير قابل للتغيير، وأنه لم يذهب إلى أقصى السلوك الفاشي إلا لأنه مصمم على البقاء كما هو، وأنه مستعد للمجازفة بالبقاء كله على أن يخسر منه أية أجزاء مهما كانت متواضعة المطالب. فالسلطة التي يمارسها النظام منذ أكثر من أربعين عاماً، دونما أية مشاركة نسبية من قِبَل أية شخصية فردية أو جماعية، جعلته على ثقة عمياء بقدرته اللامحدودة على التملك الكامل من قمة الهرم بالرغم من التمرد المكبوت لمعظم قاعدته، وهو اليوم لا يمكنه إلا أن يعتبر أن أية تنازلات للمعارضة ستكون بمثابة الخروج عن وحدانيته التي حفظت له وجوده، كما يعتقد.

النظام لن يتغير والثورة لن تتوقف، هذه المعادلة تفرض مفهومها على كل أطياف المعارضة، ومعهم مختلف الدول والقوى الإقليمية والعالمية التي تُراقب الربيع العربي، ومعه إحدى طلائعه البارزة في سورية، أمسى النظامُ سجيَن ماضيه ولا يمكنه أن يرى صورة أخرى لمستقبله تختلف عنه، أي تتخطى ذاكرة العنف المطلق الموظّف لمصلحة الشخص الأوحد المطلق في عين ذاته. وأما الثورة فهي وليدة ذاتها فقط، ولا قدرة لأحد أن يدّعي وصاية عليها. لن تأتمر بإرادة أية شريحة معارضة داخلياً أو خارجياً، تطالبها بالتوقف أو التهاون أو الانطلاق هنا أو هناك. هذه الحقيقة هي صمّامُ أمانٍ طبيعي، ولِدَ بولادة صيغة الجمهور الثائر التي شكَّلت معجزة الربيع العربي وخصوصيته الجديدة في علم الثورة. الشاب السوري الثائر في منزله أو في الشارع يسمع الأقاويل عن هذه المجالس و(الهيئات) والتشكيلات الحاملة ليافطات المعارضة، والمتنطعة لرأس المهمات القيادية التي تمنحها لنفسها. يعرف هذا الشاب أنه لا بدَّ من خطٍّ سياسي يوازي خطوط الثورة الواقعية، لا يتقاطع معها إلا ليكون خادماً طيعاً لأوامرها التاريخية، لكنه يعرف كذلك أن كل تشكيلة سياسية ينبغي لها أن تتكلم معاني الثورة عينها وإن بألفاظ أخرى. إذ ليس من سياسة في زمن النضال، إلا أن تكون واحداً من أسلحته، ممسوكاً بيده وحدها، وموجَّهاً إلى صدر العدو، مع غيره من أدوات الفعل الثوري المباشر.. ما يمكن أن يفعله بعض الشيوخ من هؤلاء المعارضين في المنافي ليس تشكيلَ قياداتٍ لا لزومَ لها، ولا تأليفَ مجالسَ لا كيانَ لها، ولا النطق باسم أو أسماء شرائح ثورية مجهولة الوجه والعنوان. ليس للثوار وكلاء إلا الثوار أنفسهم. فهل سيعود هؤلاء الشيوخ ثواراً فاتحين على حسابهم، أم أنهم سيكتبون مستقبلاً آخر لن يكون إلا تكراراً لماضيهم المنسي.

'النظام لن يتغير، والثورة لن تتوقف'، ليست هذه معادلة للجمود أو للفشل، تكون مُحصِّلةً متعارضة لأرهب فترة متميّزة بأقصى الشجاعة والتضحية لشعب الثورة، وأقصى الإجرام والوحشية من سلطة حاكمة أمست مجرّد سلطة قاتلة فحسب. نقول ان هذه المعادلة لا تتطلب مواقف التشاؤم المبرِّرة للحلول الوسطية أو المجتزأة، فليست هذه التشكيلات السياسوية لمعارضين خارجَ الشارع الثوري في القطر أو خارجه، قادرةً أن تملأ فراغاً متصوراً، لن تأتي تعويضاً حركياً عن تأخر الحل الحاسم، أو عن حال اليأس من إمكانه، فالقوى المتربصة للربيع العربي إجمالاً هي الحالمة دائماً بانتهاز فرص التباطؤ أو التعثر كيما تُحْرِف الظاهرة الثورية إلى مجاري السياسويات الغامضة الملتبسة، فتنبت تشكيلاتها كالفطريات، تطمر الأتربةُ والحصى فوهةَ البركان.

معارضو المنافي الثابتون على مواقفهم طيلة رحلة النظام الأسروي الفردي الحاكم في دمشق، إن كان لهم أن يصدقوا إيمانهم الأول أن الشعب السوري عائد يوماً إلى صف الكرامة والحرية، هؤلاء ليس عملهم إنتاج أنفسهم كقادة أو زعماء للنصر القادم؛ واجبهم الراهن أن يكونوا خدماً طائعين لإرادة ثورة لم تكتمل بعد. نعم! حققت إنجازات كبرى، أهمُّها أنها أعادت الفرْز القاطع بين السيّد والعبد، عَرَّت الأول جلاداً سفاحاً، والآخر ضحيةً متمردة حتى النهاية. هذا الفرْز هو وحده صانع التغيير، وقد أصبح الواقع العربي، هو واقع التغيير الفعلي والموضوعي. كل من يدّعي علاقة به عليه أن يبرهن أنه أداة من أدواته، أو أنه يتحول إلى عقبة زائلة أمام تياره. شيوخ المنافي، وأنا منهم، ليس بينهم من يجرؤ على ادعاء وكالة عن مجهول. مع ذلك فالمدَّعون كُثْرٌ، ما يحتاجه المخلصون القِلّة من هؤلاء هو إعادة انتسابهم إلى أبنائهم وأحفادهم. ليس لهم أن يفكوا وحدهم عقدة المراوحة إزاء الصيغة الصعبة: نظام لن يتغير وثورة لن تتوقف. ذلك أن الجهد الحقيقي المشروع لكسر الاستعصاء هو الانتماء كلياً إلى القطب الثاني من المعادلة، إلى هذه الثورة التي لن تتوقف من تلقاء ذاتها كما انطلقت بقوتها وحدها. لكنها قد تكون محتاجة فقط إلى المزيد من تجذير الفرْز القاطع ما بين قطبيها، بتأكيد عزلة النظام في برجه الفاشي، سليلاً أميناً لتاريخه الاستبدادي، بحيث لن يعرف له بديلاً مستقبلياً سوى زواله المحتوم.

ما تحتاجه 'ثورة لن تتوقف' هو أن يظلّ لها كيانها الشعبي بريئاً من أية عباءة أو ثوب يُلقى عليه، بيَدٍ وطنيةٍ أو غريبةٍ. فثورةٌ باسم الحرية لن تقبل أي تخصيص، سيظلّ جمهورها أوسعَ من أي طائفة أو عنصر أو حزب، والجمهور هو الأقوى من أية ميليشيا، قوته التعبوية هي رصيد أسلحته السلمية الرافضة لكل عَسْكَرَة دموية، فلا بأس أن يَعُدّ الجمهورُ الثائر قتلاه بعد كل منازلةٍ تؤكد أن الشخصية المفهومية للسلطة لم تعد أكثر من يافطة ممزقة، مرفوعة على هامة معسكر للقَتَلة وحدهم.

يعترف القاصي والداني أن ثورة الربيع العربي في الشام عادت إلى موطنها الأصلي حيثما وُلدت العروبة الثقافية قبل قرنين، وإلى حضن النهضة الاستقلالية لما بعد الحرب العالمية الثانية، وأنها السليلة الشرعية لانتفاضة العروبة السياسية (الوحدوية) [1958 1961]، وأكثر من ذلك، فقد يصبح الربيع العربي ربيعاً إنسانياً دولياً يفجر طاقة الغضب من أجل الحرية في عواصم القوى الدولية، والغاشمة منها خصوصاً.

في الوقت الذي يعترف الوجدان الإنساني باستحقاق هذه الثورة صفةَ السلام العالمي، يكافئ رمزها الأنثوي الشجاع بجائزة نوبل، غير العادلة تقليدياً، لكنها تغدو متفوقة على ذاتها مع تفوق شابّتنا (توكلّ كرمان )على الاستبداديْن معاً: في السلطة الفاسدة، وفي المجتمع الظالم لنصف أهله وكيانه.

الربيع العربي صار حقاً واحداً من فصول 'الطبيعة' الأربعة.. لعالمٍ جديد!

' مفكر عربي مقيم في باريس

=================

مشعل الكرد وصورة الجزيرة

صبحي حديدي

2011-10-09

القدس العربي

لم تكن مفاجأة، في يقيني الشخصي، أن تلجأ أجهزة النظام السوري إلى اغتيال الصديق المهندس مشعل التمو، المناضل والناشط الكردي البارز، مؤسس 'تيار المستقبل' الكردي والناطق باسمه، وعضو الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري. كان من المنطقي أن تدرج تلك الأجهزة اسم التمو على لوائح التصفية الجسدية لعدد من قادة المعارضة الناشطين على الأرض، بالنظر إلى أنّ خيار الاغتيال المباشر لا يكتفي بإبعاد الناشط عن ساحة العمل الميداني المباشر؛ بل يسعى أيضاً إلى استفزاز مواطنيه ومناصريه وأحبّته وأهله، وشحن ما يمتزج في نفوسهم من مشاعر الحزن والغضب إلى مستويات عارمة، قد تتيح استدراجهم إلى ردود قصوى، بينها العنف المضادّ.

ليست مصادفة، كما يشير المنطق البسيط، أن يكون أوّل عضو/ شهيد، في الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري، حاملاً للمواصفات التالية: كردي، مثقف، معارض مخضرم جرّب التظاهر والاعتصام والاعتقال والحياة السرّية، مدافع عريق عن حقوق الشعب الكردي القومية والديمقراطية في إطار نظام ديمقراطي تعددي، وناقد يقظ لشتى أنماط القصور في العمل السياسي الكردي... ولم يكن مدهشاً، أيضاً، أن تُنفّذ جريمة اغتياله على هذا النحو الصارخ والهمجي، ولكن المتعمَّد تماماً في أدقّ تفاصيله، على مرأى من نجله مارسيل، ورفيقته زهيدة رشكيلو عضو مكتب العلاقات العامة في 'تيار المستقبل'. أخيراً، لم يكن غريباً أن تفتح الأجهزة الأمنية النار على مشيّعي الجنازة في مدينة القامشلي، حيث وقعت جريمة الاغتيال، وأن تتعمّد الواقعة بدماء المزيد من شهداء الانتفاضة.

بيد أنّ المدينة في ذاتها كانت مستهدفة أيضاً، بالأصالة عن تمثيلاتها ورموزها ومكوّناتها، وبالنيابة عن منطقة فريدة وذات مقام خاصّ، اسمها 'الجزيرة السورية'. وبالمعنيين السوسيولوجي والاقتصادي، كانت علاقة البشر مع المواسم الزراعية قد جعلت هذه المنطقة تنفرد عن بقية المناطق السورية في أنّ معظم سكانها خليط ثنائي التركيب: إمّا من الوافدين الذين قَدِموا من مناطق الداخل السوري بحثاً عن العمل الزراعي الموسمي ثم استقرّوا، أو من المهاجرين الذين توافدوا من تركيا والعراق وأرمينيا هرباً من الاضطهاد العرقي أو السياسي.

وذات يوم، في شهر أيلول/سبتمبر من العام 1973، أعلنت إذاعة دمشق أنّ حافظ الأسد سوف يزور المحافظات الشرقية، وكان الخبر مفاجئاً لأنّ الأسد دشّن عهده بزيارات استعراضية صاخبة إلى جميع المحافظات السورية، باستثناء الشرقية منها، الرقة ودير الزور والحسكة. ويُقال إنه كان يعتبر هذه المحافظات معادية له شخصياً، مثلما هي مناهضة لنظامه؛ أمّا أبناء المحافظات فلم تكن لديهم أوهام حول مدى ما يتعرّضون له من إهمال، فبدا الإعلان عن زيارة الأسد غريباً وباعثاً على الآمال في آن معاً. إلى حين فقط، لأنّ الوقائع اللاحقة كشفت أنّ إشاعة أنباء الزيارة كانت تستهدف خداع إسرائيل، بعد اتفاق الأسد وأنور السادات والملك حسين على موعد بدء الأعمال الحربية في سياق ما سيُعرف باسم 'حرب تشرين'. ومضت 27 سنة، ورحل الأسد من دون أن تطأ قدماه شبراً في تلك 'الأصقاع المعادية'!

المثير في الأمر أنّ هذه المحافظات الشمالية هي 'أهراء سورية' على نحو أو آخر، وفيها تتمركز ثروات البلاد ومواردها الأساسية: في الحسكة النفط وزراعة الحبوب التي تعدّ محاصيل استراتيجية، وفي دير الزور النفط، وفي الرقّة الكهرباء وسدّ الفرات. وإذا كان التمييز البيّن يقع على مواطني هذه المحافظات الشمالية بالمقارنة مع سواهم، فإنّ التمييز الذي يعاني منه المواطنون الأكراد أشدّ وأبعد أثراً، وهو بلغ ويبلغ مستوى التجريد من الجنسية والحرمان تالياً من حقوق التعليم وتسجيل الولادات الجديدة والسفر، فضلاً عن التهجير، والتحريم شبه التامّ المفروض على الحقوق الثقافية والسياسية الأساسية.

أمّا 'عروس الجزيرة' بامتياز فهي مدينة القامشلي، التي صارت موطناً لأقوام من الأكراد واليزيديين والأرمن والسريان والآشوريين و'المردلية' و'المحلمية' والبدو الرحّل والعشائر المستوطنة... الأمر الذي استدعي تعدّدية أخرى على صعيد اللغات والأديان والمذاهب والتراث والأساطير والفنون، فضلاً عن طقوس الأفراح والأتراح. حكومات حزب البعث المتعاقبة، ومنذ استلام السلطة سنة 1963، تكفّلت بالإجهاز على الكثير من أخلاقيات التعدّد الراقية هذه، أو رسّخت نقائضها على نحو منهجي مقصود، اعتمد سياسة اللعب على حساسيات طائفية ومذهبية بين المسلم والمسيحي، أو بين المسلم العربي والمسلم الكردي أو اليزيدي، وإيقاظ ما كان منها خاملاً نائماً، وإحياء ما اندثر وانطوى.

لكنّ صورة القامشلي هي أنموذج عن سورية المستقبل، التي من أجل بنائها ينتفض السوريون كلّ يوم، ويضحّون كلّ ساعة؛ وهي، على نحو ما، أمثولة تجعل تعددية البلد، الثقافية والدينية والإثنية، منابع اغتناء متبادل، وموارد خصب وإخصاب. إنها، في المقابل، صورة لا تنسجم مع أغراض النظام، لا سيما في الطور الراهن من خطوط دفاعه الأخيرة: إثارة النعرات، وزرع الفتن، والاشتغال على التفتيت المنهجي في مختلف أشكاله، المناطقية والطائفية والدينية والأقوامية. وهكذا فإنّ اغتيال مشعل التمو ليس سوى خطوة تالية، سبقتها خطوات لم تكن أقلّ خبثاً، في مسعى النظام إلى تدمير الأمثولة، وإلى إشعال الحريق في ثوب العروس، المطرّز بأزاهير النوروز وقمح الفقراء وحداء السهوب...

=================

الانتفاضة السورية ومخاطر الانزلاق إلى العسكرة!

الإثنين, 10 أكتوبر 2011

أكرم البني *

الحياة

يخطئ من يبرر الصيحات الجديدة لعسكرة الانتفاضة الشعبية في سورية، على أهمية ما يساق عن نفاد صبر المحتجين وقدرتهم على تحمل القمع المروع، أو فقدان أملهم بدور عربي أو عالمي يمكنه أن يوقف أو يعترض هذا الاستخدام المفرط للقوة، مع عجز المجتمع الدولي عن إصدار قرار أممي يدين ما يحصل، ومبادرة عربية يتيمة بدت أشبه برفع العتب، وضاعت في زحمة الحدث.

وأيضاً يخطئ من لا يعترف بحدوث اندفاعات عنيفة، أغلبها من قبل أفراد أو جماعات صغيرة كرد فعل على ممارسات سلطوية مغالية في القهر والتنكيل، وبعضها لمتعصبين وجدوا فرصة لوضع أجندتهم الخاصة موضع التنفيذ، ومنها اضطرار بعض المنشقين من الجيش لاستخدام سلاحهم دفاعاً عن أنفسهم وهرباً من تعذيب وموت شبه محقق في حال اعتقالهم، لكن يخطئ أكثر من تقوده العوامل السابقة إلى تشجيع اللجوء إلى السلاح وإغفال المخاطر العديدة التي يخلفها هذا الخيار على راهن الانتفاضة السورية ومستقبلها.

إذا كانت أهم نتائج الاحتجاجات الشعبية هي إعادة المجتمع إلى السياسة وبعث دور الناس في الحياة العامة بعد غياب دام أكثر من أربعة عقود، فإن الصورة التي يكرسها العنف حين يغطي المشهد تهدد هذا التحول النوعي وتعجل في إعادة الأمور إلى المربع الأول. فاللجوء إلى السلاح طلباً لحسم سريع، إذ يكشف عن ضيق أفق سياسي وجنوح واهم للتعويض عن عجز في التعبئة والتحشيد، فهو يدل على ضعف إيمان بالناس وقلة ثقة بدورهم وقدرتهم على فرض التغيير بوسائل سلمية، والمعنى إنه مقابل حضور طرائق القوة تنحط السياسة ومقابل المسلكيات العنيفة والموتورة يزداد الاحتقان الأهلي وتتشجع العصبيات، ما يهدد بتدمير التراكمات الايجابية التي حققتها المظاهرات السلمية طيلة شهور ويضعف شرعية المطالب التي نهضت من أجلها، والأهم أنه يفقد الحراك الشعبي فئات متعاطفة معه لكنها لا تزال سلبية ومترددة، تخيفها لغة السلاح ويصعب كسبها من دون إظهار صورة إيجابية لانتفاضة تنبذ العنف وتستمد على النقيض من الماضي شرعيتها ليس من منطق القوة والإرهاب بل من ممارسات سلمية وحضارية تنسجم مع شعارات الحرية والكرامة والديموقراطية التي تتبناها.

من جهة أخرى ينهض السؤال عن جدوى التحولات التي يحدثها هذا الأسلوب النضالي في تعديل توازنات القوى؟! أليس من السذاجة تصور نجاح انتفاضة مسلحة في إسقاط نظام من نوع النظام السوري القائم تاريخياً على منطق القهر والغلبة؟!. ثم ألا يفترض بدعاة العسكرة أن يعرفوا قبل غيرهم أنهم بدعوتهم هذه إنما يذهبون بأقدامهم إلى فخ نصبه أهل الحكم للإيقاع بالاحتجاجات الشعبية ودفعها إلى دوامة العنف، ما يسهل عزلها وتسويغ كل أنواع القهر والتنكيل ضدها، وتالياً أن يدركوا أن اللجوء إلى العنف قد يشفي غليل البعض لكنه الطريق الأقصر للهزيمة، ويرجح أن يفضي إلى صراع أهلي سيكون ثمنه إرادة التعايش والاستقرار وشروط الاجتماع الوطني، تأثراً بخصوصية المجتمع السوري وتركيبته التعددية وإصرار السلطة القائمة على مواقعها حتى لو كان الطوفان؟!.

الحقيقة ثمة مصلحة عند أصحاب الحل الأمني في تحويل الاحتجاجات من مسارها السلمي والسياسي الى مسار عنفي وأهلي، والرهان على دور القمع المفرط في شحن الغرائز والانفعالات وتأجيج ردود الأفعال الثأرية لدفع الناس نحو تبني أساليب المقاومة العنيفة، وهم لا يضيعون فرصة لتغذية ما يمكن من صراعات متخلفة، واستيلاد القوى المتطرفة وسربلتها بسربال السلفية أو ربطها بتنظيم «القاعدة»، والغرض سوق حجج وذرائع إضافية عن مواجهة الإرهاب والحفاظ على الأمن والمنشآت العامة وحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم، لشرعنه الممارسات القمعية وتخفيف ردود الأفعال المحتملة، والنتيجة إخضاع المجتمع ككل لقواعد لعبة يتقنونها جيداً وتمكنهم من إطلاق أياديهم كي تتوغل أكثر في القهر والتنكيل مدعومة بما يملكونه من خبرات أمنية ومن توازن قوى يميل على نحو كاسح لمصلحتهم.

لا يختلف اثنان على أن آفة الاحتكام إلى السلاح إذا أصابت الكيانات البشرية، مزقت أواصرها، وعمقت شروخها، وأفضت في حال استحوذت على الفضاء السياسي والمجتمعي إلى تحويل فئات المجتمع إلى ما يشبه الجيوش المعبأة والمتصارعة، خالقة حواجز نفسية حادة بين أبناء الوطن الواحد، ومسهلة انتهاك أبسط حقوقهم، والإجهاز على مشروع التغيير الديموقراطي من أساسه.

وأيضاً لا يختلف اثنان أن اللجوء إلى العنف والعسكرة يعني خسارة التفوق الأخلاقي للشعب على حكامه، وإطاحة القيمة الكبيرة للعلاقة الواجب بناؤها بين الأهداف النبيلة الذي ينادي المحتجون بها وبين الوسائل السلمية المفترض أن تفضي إليها، والتي تستدعي بداهة إظهار احترام حياة الناس وأمنهم وحقوقهم، فلا يصح وتحت أية ذريعة كانت، تحرير وسائل الكفاح من معاييرها الأخلاقية، فالمسألة تتعلق بالحفاظ على سلامة بنيتنا الإنسانية وعافية الأهداف التي نتطلع إليها، وحين يختار دعاة الحرية والكرامة طريق النضال السلمي فهم يختارون أيضاً حماية شعاراتهم من كافة الموبقات والتشويهات التي لا بد من أن تطاولها في مناخات العنف.

صحيح أن الخيار السلمي لا يزال الوجه الرئيس للانتفاضة السورية على رغم مما شهدته من اندفاعات عنيفة، وصحيح أن التظاهرات لا تزال تتمسك بشعارات السلمية والوحدة الوطنية ونبذ الفرقة الطائفية أو الأثنية، لكن الصحيح أنه يصعب تطويق وضبط ردود أفعال الناس ضد شدة ما يتعرضون له من قهر وتنكيل، والصحيح أيضاً أن التمسك بالنضال السلمي واللاعنفي هو خيار قاسٍ يتطلب تحصيناً أخلاقياً رفيعاً وتدريب الذات على مزيد من الصبر وضبط النفس ولنقل قدرة عالية على الإيثار والتضحية وعلى تحمل الأذى والضرر، كما حال الشبان الأبطال دعاة الحرية الذين وقفوا عراة الصدور يطلبون الموت في مواجهة الرصاص الحي وتقدم الدبابات والمدرعات.

من الخطورة بمكان أن يقودنا ضيق النفس وقلة الصبر إلى تشجيع العنف ومنطق السلاح للرد على إفراط السلطة في ممارساتها العنيفة، ونغفل تالياً ما يخلفه من مخاطر وأثار مدمرة على مجتمعنا وفرص تطور انتفاضته التي تمر اليوم بمرحلة مفصلية وحساسة تتطلب ملاقاتها مسؤولية عالية وإعلان موقف واضح وحاسم ينبذ محاولات الاستفزاز وإثارة الحقد والبغضاء ويرفض منطق العسكرة وأساليب العنف في إدارة الصراع السياسي، ويؤكد في المقابل، مع تثمين كل قطرة دم تراق وكل صرخة ألم وأنة معذب أو معتقل، على أهمية استمرار النضال السلمي كضرورة حيوية لنجاح الانتفاضة السورية، وكشرط لازم ليس فقط لهزم العنف المفرط ذاته ومحاسبة مرتكبيه، وإنما لربح المعركة أخلاقياً أيضاً.

* كاتب سوري

=================

ليست ضربة معلم

 فؤاد أبو حجلة

الغد الاردنية

10-10-2011

لا ملمح للدبلوماسية في حديث رئيس الدبلوماسية السورية وليد المعلم، وتصريحاته التي تجاوزت حدود التعبير عن الموقف السياسي إلى إطلاق التهديدات في كل الاتجاهات. وقد عبرت هذه التصريحات المنفعلة التي أطلقها في دمشق عن عمق أزمة النظام الحاكم، كما عبرت عن قطيعة نهائية بين هذا النظام والخطاب الدبلوماسي الرصين الذي يعلي مصلحة الدولة على مصلحة النظام أو المجموعة الحاكمة بقوة الرعب.

في لقائه مع وفد وزراء خارجية مجموعة "البا" حرص المعلم على تجاوز المألوف في الخطاب الرسمي الموجه إلى الخارج، وبدا وكأنه يخاطب مجموعة من المعارضين المعتقلين في مركز أمني سوري، واستسلم لحالة من الانفعال بلغت حد الهيجان الذي تجلى في إطلاق التهديدات والشتائم لكل من يعترض على قمع النظام لشعبه.

اعتبر المعلم، أمام وزراء خارجية يمتلكون قدرا كبيرا من الوعي والحصافة، أن الجموع الشعبية الكبيرة التي تشارك في الاحتجاجات المتواصلة المطالبة بالحرية وبالخلاص من قمع النظام وبطش أجهزته الأمنية والعسكرية "مجموعات إرهابية مسلحة" تفجر العنف وتغتال الشخصيات الوطنية ويقوم الغرب بتمويلها وتهريب السلاح إليها. ولم يكتف بالتشكيك في "المجلس الوطني السوري" المعارض بل هدد أي دولة تعترف بهذا المجلس ب"إجراءات صارمة" نحمد الله أنه لم يفصح عن فحواها. أما الدول التي تشهد عواصمها احتجاجات أمام السفارات السورية فقد كان المعلم واضحا تماما في تهديدها بإجراءات مماثلة أمام سفاراتها في دمشق، مشيرا إلى أن حكومته لن توفر الحماية الأمنية لهذه السفارات.. خطاب دبلوماسي متميز في هدوئه وعقلانيته!

أطلق وزير الخارجية السوري صلية من التهديدات طالت أطرافا في الداخل والخارج وشملت دولا عربية وأجنبية بدون مراعاة لحساسية الوضع السوري الداخلي الذي يتطلب قدرا كبيرا من الهدوء والخطاب العقلاني البعيد عن الانفعال والاتهامية، ولغة الدم والبارود التي لا تليق إلا بخطابات الحرب. ولم يكن ما قاله المعلم استعراضا للقوة أو محاولة للإيحاء بقوة الدولة وصلابتها أمام "المؤامرة"، بل كان الرجل يتحدث باعتباره جنرالا دبلوماسيا في جيش نظام يخوض حربا حقيقية ضد شعبه.

هذا ما فهمناه من تصريحات السيد الوزير الذي ينبغي أن يعرف بدقة صعوبة ما يواجهه نظامه وخطورة الانسياق في الرهان على الحل الأمني (تحول إلى حل عسكري) في مواجهته للمعارضة التي لا تختصر نفسها في مجلس أو تشكيل يجتمع في اسطنبول بل تجسد حضورها القوي في الشارع من خلال المسيرات التي تعم المدن السورية، ويواجهها الجيش بالدبابات والطائرات.. وبالشبيحة أيضا.

إنها نقطة اللاعودة في قرار النظام بالحسم العسكري، وهي فلسفة "أنا أو الطوفان" تلك التي تدفع وزيرا للخارجية إلى تهديد عواصم في الغرب وفي الشرق في لحظة حرجة لا يستطيع فيها تأمين الداخل السوري!

بهذا الهذيان كان ينطق المسؤولون في نظام العقيد المطارد معمر القذافي، قبل أن ينهار النظام وتقع ليبيا فريسة لاحتلال أجنبي بغيض، وبهذه اللغة كان يتحدث ولاة الأمر في دول يغرق بعضها في الدم، ويستسلم بعضها لخطوط الخرائط الجديدة التي تقسم البلاد بين عرب وعجم وكرد. لكن يبدو أن السيد الوزير لا يحب المقارنات ولا يقبل التشابه لأن نظامه الحاكم هبة من الله للبلاد وللعباد!

تهديدات السيد الوزير لا تخدم أحدا غير المتربصين بسورية الذين يريدون الانقضاض على الدولة من خلال النوافذ التي تفتحها نواقص النظام والأبواب التي تفتحها أخطاؤه وخطاياه، وتهديداته الصوتية للعالم.

باختصار.. خطاب المعلم لم يكن ضربة معلم.

=================

المعلم.. 6 بيضات أم ساعات؟

طارق الحميد

الشرق الاوسط

10-10-2011

حذر النظام الأسدي على لسان وزير خارجية النظام وليد المعلم من أنه سيتخذ «إجراءات مشددة» ضد الدول التي ستعترف بالمجلس الوطني السوري المعارض، الذي تم الإعلان عنه مؤخرا من اسطنبول، والسؤال هو: ما هي هذه الإجراءات المشددة؟

فهل تقوم دمشق، مثلا، بحظر بيع أسلحتها المتطورة لأوروبا، أو تقوم بعملية تعويم للاقتصاد التركي، وتسقط أردوغان بالضربة القاضية، أم يعمد النظام الأسدي لجلب بوارجه المنتشرة بالبحار والمحيطات ليعطل الممرات المائية الحيوية؟، أمر مثير للسخرية حقا، كما أنه تصريح غريب من المعلم، ولا يقل غرابة عن تصريحه الشهير عن محو أوروبا من الخارطة!

وقد يقول البعض إن النظام الأسدي سيقوم بقطع علاقاته، مثلا، مع الدول التي تعترف بالمجلس الوطني السوري، وهذا أمر مشكوك فيه، فرغم العقوبات الأوروبية، والأميركية بالطبع، وحتى العقوبات المعلنة، أو المزمع إعلانها، من قبل تركيا، ناهيك عن كل التصريحات الشديدة ضد النظام الأسدي ورموزه، فإن النظام لم يقم بقطع علاقاته، أو حتى سحب سفرائه، من تلك الدول! وهذا ليس كل شيء، فحتى السفراء الغربيون، الأميركي والفرنسي والبريطاني، بدمشق والذين قاموا بالتعبير عن آرائهم ضد النظام الأسدي، وبشكل غير مسبوق، وأعلنوا تأييدهم للثورة السورية، وانبروا مفندين لدعائية الإعلام الأسدي، لم يتخذ بحقهم أي إجراءات جدية، حيث دافعوا، أي السفراء، عن الثورة والثوار، وتحركوا بحرية في دمشق، مع أنه سبق لخارجية النظام الأسدي أن قالت بأنه قد تم تحديد مدى محدد لا يحق للسفراء الغربيين التحرك خارجه، ورغم ذلك فهم مستمرون فيما يقومون به، ولم يطلب منهم، أي السفراء، مغادرة الأراضي السورية، بل كانت عقوبتهم المغلظة هي إلقاء البيض والطماطم عليهم، حتى إن إحدى الصحف السورية الرسمية توعدتهم بمزيد من البيض والطماطم بحال لم يتوقفوا، أي السفراء، عن دعم الثورة!

وعليه، فهل تكون الإجراءات المشددة التي توعد بها وليد المعلم الدول التي ستعترف بالمجلس الوطني السوري هي مثل عقوبة السفراء الغربيين؛ البيض والطماطم؟ أم أن المعلم يبني على ما تسرب عبر وكالة الأنباء الإيرانية من أنه بمقدور الأسد إحراق المنطقة في 6 ساعات بحال تم استهداف نظامه؟ ومجرد الاعتراف بالمجلس الوطني السوري يعني بلا شك عملا خطيرا بحق النظام الأسدي، وإن كان المجتمع الدولي قد قال مرارا وتكرارا بأن شرعية النظام قد سقطت، والأهم من ذلك أن السوريين أنفسهم قالوها، ويقولونها، على مدى سبعة أشهر من عمر الثورة.

صحيح أن النظام الأسدي قد نفى الخبر الإيراني الخاص بإحراق المنطقة ب6 ساعات، لكنها لعبة إعلامية ليست بالجديدة على منطقتنا، وعليه فإن السؤال اليوم، وبعد أن قرر المعلم محو أوروبا من الخارطة، واليوم يهدد بإجراءات مشددة بحق كل من يعترف بالمجلس الوطني السوري: ما هي نوعية العقوبة التي ستطال المعترفين، هل هي بيض وطماطم، أم أنها جزء من مخطط ال6 ساعات لإشعال المنطقة؟

سنعرف الإجابة قريبا، ومع توالي الاعترافات بالمجلس الوطني السوري.

=================

روسيا تريد نصيبا من سوريا في حقبة ما بعد الأسد

طاهر الاميري

الشرق الاوسط

10-10-2011

بعد أشهر من المحاولات »الدبلوماسية المكثفة»، أخفق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في صياغة موقف بشأن الأزمة في سوريا. وكان هذا الإخفاق نتيجة استخدام كل من روسيا والصين حق النقض على قرار يحث الرئيس السوري المستبد على التوقف عن استخدام العنف ضد المدنيين وإلا فسيتعرض لفرض المزيد من العقوبات.

على عكس المتوقع سهل ما حدث اتخاذ إجراء أكثر صرامة من قبل الدول الغربية ضد نظام الأسد. ونظرا لأن القوى الغربية وحلفاءها الإقليميين، ومن أهمهم تركيا، لم تعد ملتزمة بوضع »الاستجابات» الصينية والروسية في الاعتبار، يمكن أن تفرض سريعا مجموعة من العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية على النظام السوري أكثر من 80 في المائة من تجارة سوريا الخارجية مع الاتحاد الأوروبي وتركيا. وكذلك تعد تركيا أكبر مستثمر مباشر في سوريا. ويعد الاتحاد الأوروبي المستورد الرئيسي للنفط السوري الذي يتحكم الأسد وحاشيته في عائداته مباشرة.

في الوقت ذاته، ساعدت الاتصالات الدبلوماسية رفيعة المستوى مع القوى الأوروبية، خاصة فرنسا، الأسد في تعزيز مكانته في سوريا. ومع انعزال مجلس الأمن عن الوضع في سوريا، يمكن أن ينتج عن التحالف بين القوى الغربية فضلا عن الحلفاء العرب وتركيا استراتيجية مشتركة للتعامل مع الأزمة التي تهدد السلام والأمن في المنطقة. ليس التصرف خارج إطار مجلس الأمن بالأمر غير المسبوق، فقد تدخلت القوى الغربية في سيراليون وليبيريا والبوسنة والهرسك وساحل العاج دون تصريح أو مشاركة من مجلس الأمن. وأجبر حق الرفض الروسي في كوسوفو الدول الغربية على التصرف وحدها. هناك حاجة ملحة لعمل عدة ملاجئ آمنة للسوريين الهاربين من المذابح اليومية. وتستضيف تركيا بالفعل 8 آلاف لاجئ، وتجاوز عدد اللاجئين في الأردن الستة آلاف ووصل إلى حوالي 5 آلاف في لبنان. وأقامت الأردن مخيما في المفرق، بينما تبني تركيا مخيمين بالقرب من الحدود السورية. على الجانب الآخر، لم تقم إيران أي مخيم للاجئين على الرغم من لجوء أكثر من 10 آلاف سوري إليها.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ