ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 10/09/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

الأسد.. خيار الموت لا الإصلاح

يوسف الكويليت

الرياض السعودية

التاريخ: 08 سبتمبر 2011

 سوريا تسير في درب العواصف المدمرة، فحكومة الأسد خسرت الداخل الذي يتجه لحشد قوته لإسقاط النظام، ويستحيل العودة للماضي، لأن خيار الشعب الذي يدفع بالضحايا كل يوم، عندما تحاصر المدن بالدبابات، وتضرب القرى بالطائرات، وتزداد المظاهرات، وحالات التضجر كل يوم، تعتبر نقطة اللا عودة..

فالنظام لم يعد يخيف بآلته العسكرية، واعتماده سياسة القمع التي صاحبها في البداية صمت دولي، وعربي، تغير إلى اتجاه المقاطعة، والمقاضاة لعناصر الدولة مدنيين وعسكريين، والتنبؤات تجزم باستحالة خلق اتفاق بين المعارضة والحكومة، وهي رؤية اتفق عليها معظم من يرصد الحدث السوري ويفهم دقائقه..

فدعوة لجنة الصليب الدولي لتفقد السجون وسط إخفاء المعتقلين بسجون سرية، لن يعطي شهادة تبرئة للحكم، ودعوة مندوبين دوليين، واستقبال وفود أخرى، لم يبرّد المياه الساخنة المتدفقة على وجوه السوريين..

إلغاء أو تأجيل زيارة أمين الجامعة العربية، جاء على خلفية نشر بنود الاتفاقية المعروضة، ومع أن الجامعة تفتقد إلى أي دور مؤثر، فتجاهلها يعني الاستخفاف بأي جهد عربي، ولم يكن الموقف مفاجأة، إذ إن سوريا تعطي أهمية لإيران أكثر من كل الدول العربية، وتراهن على دور توافقي مع روسيا والصين أكثر من أمريكا وأوروبا.

وفي هذه المناورات واستقبال ورفض آخر، يؤكد أن الحكم يتخبط، بل إن الدول العربية أكثر قرباً للمعارضة السورية من الدولة، مما يعزز وقوفها مع الشعب السوري كطرف أهم من عدة مئات في النظام يشكلون السلطة المرفوضة..

والسنوات الماضية ساد حال اضطراب للسياسة السورية، مرة تندفع باتجاه القاهرة والرياض لتشكيل محور عربي في مواجهة إسرائيل وغيرها، ولأسباب مجهولة ينفرط العقد، فيحدث التضاد وشبه القطيعة..

مع العراق تآمرت مع إيران لتعزيز قوة القاعدة لمحاربة أمريكا وأعطت أعضاء حزب البعث العراقي دوراً مميزاً، ولكن مع بداية الثورة في تونس، ثم مصر، ظهرت المخاوف، فكان لابد من العودة لمحور العراق، إيران، حزب الله، وقفزت على الحاجز الأبعد، عندما دعمت حكم القذافي، وقيل باشتراك طيارين سوريين لقمع الثورة..

في الوقت الراهن، بدأت تشعر أن التضييق للحكم بدأ يأخذ مساراً ضاغطاً، وعامل أن ينشق الجيش ويدعم الثورة، وتتدفق الأسلحة من دول الجوار بدعم من المعارضة السورية الغنية، أو من تجد في مصلحتها إسقاط النظام، عمليات محتملة جداً، والبوادر بدأت تظهر، لأن إطالة عمر قمع الشعب سيولد قناعات مختلفة عن رؤية الحكم، وسيخلق قيادات جديدة بوجوه مغايرة لسياسة الأسد، وكل هذه كوابيس مستمرة على النظام وأهله..

فالدول الأعضاء في الجامعة العربية، أثبتت الأيام أنهم بلا فاعلية، وخاصة في أي مشروع يتجه لسوريا، بل تنظر لنفسها أنها أكبر من الجميع وهذا الغرور غير المبرر، أدى إلى خسائرها وشبه عزلتها عربياً ودولياً..

=================

في مسألة التدخل الخارجي

معن البياري

التاريخ: 08 سبتمبر 2011

البيان

أَياً كانت أَمزجتُنا وأَهواؤنا السياسية، يبقى جارحاً لنرجسيَّتِنا العربية (أَو العروبية؟)، أَنْ يهتفَ متظاهرون سوريون في حمص مطالبين بعون حلف «الناتو»، لحمايتهم من الرصاص اليوميِّ الذي يتعرضون إليه. ولم يكن طيِّباً على نفوسِنا أَنْ يحتاجَ الليبيون في ثورتِهم على جور القذافي، إِلى مساعدة هذا الحلف العسكري في إِنقاذِهم من توحش العقيد الذي خيَّرَهم بين أَنْ يقتلهم أَو يحكمهم. ويذهبُ بعضُنا في عدم استساغةِ حركةِ الاحتجاجِ السوريةِ الشعبيّة الواسعة، واعتبارهم لها مؤامَرة، إِلى أَنَّ غرض من يقفون خلفها استدعاءُ تدخلٍ عسكريٍّ خارجيٍّ يضعُ يديه على سوريا.

وفي غضون كلامٍ مثل هذا، وفي أَثناءِ حميّةٍ وغيرةٍ، يجهر بهما غيرُ قليلين منا، على ليبيا التي يحتلها «الناتو» الآن، بتعبيرِهم، يُؤتى على الحالتين التونسية والمصرية، واللتين جرى فيهما خلعُ زين العابدين بن علي وحسني مبارك، من دون أَي صنفٍ من التدخل الخارجي، ما يعني، بحسبِ هؤلاءِ، أَن ما قام به التونسيون والمصريون هو الأَجدى أَن يتمثلَّه السوريون، وكان الأَولى بالليبيين أَنْ يختاروه.

ولأَنَّ وقائع التاريخ ومتغيّراتِ الأُمم والدول والشعوب، لا تتحقَّقُ بالضرورة بحسب الرغبات والأَهواءِ والميول والتمنيات، وبحسبِ ما نُحبِّذه هنا ولا نودُّه هناك، ولأَن تنويعاتِ السلطة في البلاد العربية، وكذا تكويناتِ مجتمعاتِنا، على مقادير من المغايرة والاختلافِ في ما بينها، لذلك كله وغيرِه، يصير الأَجدى بإِمعان النظر فيه ،أَنَّ انتصار ثورة الليبيين لم يكن ممكناً من دون مُساهمةِ «الناتو»، والدورِ المحمود الذي قامت به الإِمارات وقطر، وكذا الضغط السياسي الكبير الذي بادر إِليه المجتمعُ الدولي. يتمُّ التأكيدُ هنا على البديهيّةِّ هذه، مع التشديدِ الواجبِ على أَنَّ الثوار هم من تمكَّنوا وحدَهم خلال شهرٍ من تحريرِ الشريط الليبي من بنغازي إِلى طبرق، وقد قاتلوا، ومعظمهم متطوعون، أَسابيعَ من دون أَيِّ إِسنادٍ عسكريٍّ خارجي.

ويُؤتى على هذا الأَمر، هنا، للتنبيهِ إِلى خطورةِ زعمٍ صار يشيعُ وينسبُ انتصارَ ليبيا إِلى «الناتو»، غيرِ المنسيِّ فضُله في منعِ مجزرةٍ هدَّدَ القذافي باقترافِها. والاختلافُ الأَهمُّ بين مسأَلتي ليبيا وسوريا معاً، ومصر وتونس معاً، أَنَّ صلة السلطةِ السياسيةِ مع المؤسسةِ العسكريّةِ في البلدين الأَخيريْن، مختلفةٌ تماماً عما هي عليه في الأَوليْن. كما أَن خصائصَ اجتماعيةً وتاريخيةَ وتكوينيةً في سوريا وليبيا، لا تُمكِّن شعبي هذين البلدين من تحقيقِ ما يتطلعان إِليه بالكيفيّةِ التونسية والمصرية.

جاءَ «الناتو» إلى لييبا، بطلب تدخلٍ خارجيٍ أَشهرَه الليبيون واحتاجوه، وأَوصى به مجلسِ جامعةِ الدول العربية، وصدر بشأْنِه قراران آخران من مجلس الأمن الدولي، ما يعني اختلافاً شديدَ الوضوح عن الحالةِ العراقيةِ التي يُسارع بعضُنا إِلى التذكير بها، لترويجِ شؤم مستنكرٍ بشأْن ليبيا ومستقبلِها الذي سيكون زاهراً بإذن الله، سيّما إِذا اندفع كل العرب لإِعانة هذا البلد الذي سيخوض معركةَ تحديثٍ وتمدينٍ وبناءٍ صعبةٍ وطويلة.

وربما يحسنُ أَنْ يُؤتى على مثالِ مسلمي يوغسلافيا السابقةِ في كوسوفو، بدلاً من استدعاءِ المثال العراقي المقيت، إِذ لم يكن ممكناً إِنقاذ أُولئك من توحش الصربِ، ومن حربِ الإبادة العرقيةِ التي تعرَّضوا لها، من دون المساهمةِ العسكريةِ الحيويةِ التي بادر إِليها الغرب.

وإِذا عنّ لبعضنا أَنْ يُشهر قدّامنا، نحن المنحازين إِلى أَولوية وقفِ إِزهاق الأَرواح على كل كلامٍ آخر، بديهيّةَ المصالح التي تحتكمُ إِليها الدول حين تُغامرُ بمثل هكذا تدخّل، فالبديهيّةُ المستجدّة في عالمٍ متسارعِ التجدّد والتداخل، هي أَنَّ سيولةَ مصالح الأُمم والشعوب تتيحُ تلاقيها وتقاطعَها عند نقاطٍ معينة، واصطدامَها عند أُخرى. ومن هذا البابِ وليس غيره، تصيرُ التثنيةُ على إِسهام «الناتو» في ليبيا في محلها، وهو إِسهامٌ لا نشتهيه في سوريا، وإِن اضطرَّ إِلى الجهرِ بطلبِه سوريون مظلومون في حمص.

=================

سوريا: التدخل الدولي الواجب

علي حماده

النهار

8-9-2011

ليست المجزرة التي يقوم بها النظام في سوريا في حاجة الى ادلة اكثر مما تقدم حتى الآن. المعلومات متوافرة في عواصم العالم قاطبة، ولدى كل المنظمات الدولية التابعة للامم المتحدة. حتى ان وزير خارجية فرنسا آلان جوبيه لا يتوانى عن اتهام النظام بارتكاب جرائم ضد الانسانية توجب تحرك العدالة الدولية الفوري لحماية السوريين. فما من محاولة سياسية او انسانية جرت مع النظام السوري ادت الى تراجعه عن قتل مواطنيه او حتى التخفيف من جرائمه. انه ماكينة قتل منظمة وممنهجة بامتياز تستوجب من المجتمع الدولي اكثر من مجرد التحرك والضغط. هذا واقع يتطلب تصديا دوليا واسع النطاق بغطاء عربي واضح يفسح في المجال امام تدخل قوي من نوع آخر. لم يعد مسموحا ان يقتل الشعب السوري بهذه الطريقة الهمجية والوحشية والعالم يتفرج. واذا ما استمر الوضع على ما هو فمن يدري، ربما نصل الى يوم يكون سقط فيه اكثر من عشرة آلاف شهيد على مذبح الحرية...

لقد بلغ القتل حدودا لا تطاق، وبات من العار على العالم الحر الا يعمل بسرعة وقوة لمنع استمرار المجزرة بازاحة القتلة عن السلطة. وكما قال المعارض الكبير هيثم المالح قبل يومين، فان الكلام مع نظام بشار الاسد قد انتهى، لا بل يجب ان ينتهي لتحل محله الجهود الدولية لاسقاط النظام ايا تكن الظروف. وهنا لا بد من الاشارة الى التحرك الفرنسي الذي توج اول من أمس بمحاولة جديدة قام بها وزير الخارجية آلان جوبيه في موسكو (حامية النظام في سوريا) لحضها على الافساح في المجال امام قرارات دولية جدية ضد النظام. والحال ان الموقف الروسي السيئ يزيد من وحشية الاسد الابن ضد شعبه ويشعره بالحماية والمنعة لمواصلة المجزرة. وبناء عليه لا بد من البحث في تجاوز الحماية الروسية والذهاب الى ما هو ابعد عبر تشكيل جبهة دولية – عربية واسعة ضد النظام في سوريا. ولا بد من ان يضطلع كبار العرب وتركيا بدور اساسي لانقاذ الشعب السوري وتمكين الثورة من اسقاط النظام. ولا بد ايضا من دفع تركيا الى توسيع دائرة تدخلها ومروحة الاجراءات التي يمكن ان تتخذها بالتزامن مع الاردن كي يفهم الرئيس بشار الاسد عواقب ما يقوم به. ولعل بدء عدد من الحكومات في الاعلان عن سقوط شرعية الاسد ونظامه هو مدخل مهم جدا ليتبين للسوريين انهم ليسوا وحدهم في هذا العالم.

لقد بدأت العقوبات الاقتصادية في التأثير، ولكن وقف التعاملات بالدولار في سوريا لا يكفي بل يجب وقفها بالاورو أيضاً، وتوجيه تحذيرات قوية الى المصارف التي تتورط في التبييض. ولعله وجب التفكير جديا بعمل عسكري عربي ودولي لحماية المدنيين في سوريا.

ان شرعية النظام سقطت في الداخل، ويجب اعلان سقوطها في الخارج، ودفع روسيا الى التخلي عن حماية المجزرة القائمة بمزيد من الضغط على موسكو التي لا نشك انها بموقفها العار ستكون كما حصل في تونس ومصر وليبيا خارج سوريا مستقبلا.

=================

نبيل العربي... يا حصرماً؟!

راجح الخوري

النهار

8-9-2011

في النهاية سيقول نبيل العربي: "يا حصرماً رأيته في حلب". ذلك انه بعدما انتظر مدة اسبوع موافقة سوريا على استقباله، تم ابلاغه في اللحظة الاخيرة إرجاء الموعد الى يوم السبت المقبل تعبيراً عن استياء دمشق من مهمته.

فبعدما تعمدت دمشق الاستمهال للموافقة على الزيارة، اعلنت انها ستستقبله كأمين عام للجامعة العربية، وليس لأنه يحمل اليها "المبادرة العربية" التي وضعها وزراء الخارجية في اجتماعهم الاخير لحل الأزمة الدموية المتفاقمة في سوريا. وهذا يوحي بأنه اذا كان يريد القيام مثلا بزيارة سياحية الى درعا وحماه ودير الزور فأهلا وسهلاً ولو تأجل الموعد ثلاثة ايام، اما اذا كان يحمل المبادرات والوساطات، فان دمشق ترفض استقباله وتعتبر أي مبادرة بمثابة تدخل في شؤونها الداخلية!

كان في وسع سوريا ان تستقبله من قبيل المناورة وان تعتبر المبادرة "وكأنها لم تكن" تماما كما سبق ان اعتبرت القارة الاوروبية وكل دولة حاولت دفع النظام في اتجاه استجابة مطالب الشعب الاصلاحية. لكن يبدو ان العربي ارتكب "الخطأ المميت" عندما استقبل عشية زيارته وفدا من المعارضة السورية ضم المحامي هيثم المالح بصحبة وفد مصري.

ولم يصدر أي بيان او تصريح بعد اللقاء، لا بل ان العربي حرص على القول ان اللقاء "لم يكن رسميا"، وانه يأمل في ان تتم الزيارة بعد ان يوضح لدمشق ظروف لقائه مع المعارضين ويبدو ان التوضيح قد قبل. امام هذا الكلام كان من الطبيعي طرح السؤال: اذا كان سعادة الامين العام يرى فعلا انه في حاجة الى تبرير "جريمة" لقائه مع وفد المعارضة السورية، فما هي اصلا الفائدة من زيارته؟ ثم ان تاريخ الجامعة السعيدة ليس فيه الكثير من النجاحات، ونحن في لبنان ادرى بحال الجامعة وبؤسها!

في الاساس تعاملت سوريا بازدراء واضح مع اجتماع الجامعة فلم يحضر الوزير وليد المعلم، ثم قالت ان المبادرة تشكل تدخلا مرفوضا في شؤونها الداخلية. وعندما تسربت بنود المبادرة المؤلفة من 13 مطلباً، كان واضحا ان النظام السوري الذي يغلق الابواب امام كل الوساطات والمبادرات لحل الازمة ووقف العنف ويصر على ان ما يجري هو "مؤامرة" وليس حركة احتجاجية تنادي بالاصلاح، لن يتوانى في رفضها وصفق الابواب في وجه من يحملها اليه.

صحيح ان بنود المبادرة وضعت من خلال مضمون خطابات بشار الاسد، التي كررت دائما الوعود الاصلاحية، لكنها تنطوي على التزامات تغييرية واضحة وعلى جدول زمني للتنفيذ، ولهذا سرعان ما وجدت ابواباً مغلقة في دمشق. واذا كانت سوريا تتعامل مع اوروبا وكأنها غير موجودة على الخريطة، ومع تركيا وغيرها من الدول وكأنها مجرد صوت صارخ في البرية، فهل من المستغرب ان تتعامل مع نبيل العربي والجامعة العربية المسخرة بأقل من الازدراء؟!

=================

سياسة القتل بالتقسيط!!

ياسر الزعاترة

الدستور

8-9-2011

ليس من العسير القول: إن سياسة بشار الأسد منذ بدء الثورة الشعبية في سوريا قد استقرت على ما يمكن وصفه بسياسة القتل بالتقسيط، ولا نعرف ما إذا كان ذلك نتاجَ نصائح إيرانية، أم نتاج نصائح وجهتها نخب قومية ويسارية تهيم عشقا بنظام المقاومة والممانعة وتخشى عليه من السقوط بيد الإمبريالية والصهيونية!!

واللافت أن النظام لم يترك تلك السياسة (القتل بالتقسيط) من دون مبرر، فقد منحها مبررا مهما يتمثل في وجود مسلحين وسلفيين وإرهابيين يجوبون المدن والأرياف ويقتلون الناس ورجال الأمن، ولا بد تبعا لذلك من الرد عليهم بالرصاص.

من الضروري الاعتراف بأننا إزاء سياسة بالغة الذكاء، إذ يدرك النظام أن سياسة القتل بالجملة على شاكلة مذبحة حماة عام 82، بل ما دونها بكثير لا يمكن أن تمر بحال، وقد تفضي إلى تدخلات دولية، كما أن تداعياتها الداخلية ستكون خطيرة على نسيج المجتمع السوري الذي بات منقسما رغم محاولات رموز الثورة التأكيد على رفض البعد الطائفي.

في المقابل يدرك النظام أن التوقف عن سياسة القتل بالتقسيط سيعني أن ملايين السوريين سينزلون إلى الشوارع خلال الأيام التالية، ولنتخيل مثلا لو تأكد الناس أن بوسعهم الخروج إلى الشوارع كما في اليمن ثم العودة إلى بيوتهم بأمن وسلام ما الذي يمكن أن يحدث؟!

وتخيلوا المشهد لو كان بوسع السوريين التجمع في ساحة الأمويين أو العباسيين في دمشق ونصب الخيام كما في ميدان التحرير في القاهرة، ما الذي يمكن أن يحدث، وكم هو عدد المحتجين الذي سيتجمعون هناك؟!

يدرك النظام إذن أن وقفه لآلة القتل سيعني أن ملايين السوريين سينزلون إلى الشوارع وأن سقوطه لن يستغرق أكثر من أيام أو أسابيع في أبعد تقدير، وبالتالي فهو يبث الرعب في صفوف الناس ويقنعهم بأن احتمال الموت والاعتقال إذا نزل أحدهم إلى الشارع يبدو عاليا قياسا بأية حالة مشابهة.

اضافة إلى ذلك يقوم النظام بعسكرة الوضع برمته، لا أعني اقتحام المدن وترويع الناس فقط، بل أيضا تسجيل حضور أمني رهيب في الأماكن المهمة والحساسة كما هو الحال في دمشق وحلب، وبالتالي لا يسمح بأي تجمعات كبيرة يمكن أن تستمر وتدفعه إلى فضّها من خلال عمليات قتل واسعة النطاق تكون لها تداعياتها الكبيرة.

هي سياسة بالغة الذكاء من دون شك، لكن ما يفشلها إلى الآن هو إصرار الشعب السوري على الحرية، ووجود قطاع جيد من الشبان المقبلين على التضحية والشهادة، وهؤلاء في الغالب هم أبناء المساجد وروادها الذين يخرجون منها مدججين بروحية المقاومة والشهادة في سبيل الله، أي أنهم يخرجون وهم يضعون أرواحهم على أكفهم غير عابئين بما يمكن أن يفعله النظام، ومنهم القطاع الرائع من أولئك الذي يحملون الكاميرات ويخوضون حرب الصورة مع النظام الدموي.

لعل ذلك هو ما جعل الثورة في سوريا أقرب إلى ثورة المساجد منها إلى أي شيء آخر، والسبب أنها (أي المساجد) هي مكان التجمع الوحيد المتاح (في الصلوات العادية وصلاة الجمعة)، بينما يتدخل الأمن لتفريق أي مجموعة تحاول التظاهر في أي مكان عام آخر، كما هو حال الساحات العامة ذات الأهمية، ومن حاول منهم سيكون برسم الاعتقال، ونعلم أن الاعتقال بالنسبة للسوريين العاديين (دعك من الرموز المعروفين الذين يعتقلون بطريقة جيدة ولا يتعرضون للتعذيب)، نعلم أنه شيء مرعب يتفوق على الموت في بعض الأحيان، حيث يعلم الناس ما يجري في أقبية التعذيب في سجون المخابرات والأجهزة الأخرى، والخلاصة هي حاجة الشاب إلى قدر هائل من الشجاعة حتى يعرض نفسه للاعتقال عبر محاولة تنظيم تجمع هنا أو هناك.

القضية بالغة الصعوبة بالنسبة للسوريين في مواجهة نظام دموي قتل منهم منذ انطلاق الثورة الحالية ما يزيد عن ثلاثة آلاف، بينما لا يُعرف عدد المعتقلين على وجه الدقة، فيما يرى كثيرون أنهم يزيدون عن عشرين ألفا.

المهم في هذه القضية هو أن الجماهير قد كسرت حاجز الخوف، ولن يتمكن النظام من إعادة الوضع إلى ما كان عليه بأي حال، بل إن عدد الشهداء الكبير ومعهم المعتقلون سيمدون الثورة بالمزيد من الإرادة والتصميم على الانتصار.

النظام السوري ساقط لا محالة مهما استغرقت المعركة من وقت أو تضحيات، وحتى لو تحولت من سلمية إلى مسلحة، وهذا ما لا نتمناه ولا نشجع عليه، فلن يتمكن من القضاء عليها، بل ربما سرّع ذلك في سقوطه، مع فارق أن التضحيات ستكون أكبر بكثير.

=================

لماذا لا تجتاح اليابان ثورات شعبية؟

بسام الكساسبة

الرأي الاردنية

8-9-2011

في الإسبوع الماضي أطاحت نتائج إستطلاعات الرأي في اليابان بحكومة رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان، الذي وصل قبل عام إلى رئاسة الحزب الديموقراطي الياباني ورئاسة الوزراء اليابانية بعد إستحواذ حزبه على الأغلبية البرلمانية، وبالرغم أن أهلية ناوتو الحزبية والبرلمانية قد وفرت له مظلة واسعة للإستمرار في منصبيه الحزبي والحكومي، فقد قدم إستقالته على الفور من هذين المنصبين قبل أن يُطلب منه ذلك حزبياً ورسمياً وشعبياً.

في اليابان لا داعي لإندلاع الثورات الشعبية المضادة للحكومات، مع أن الشعب الياباني كباقي شعوب المعمورة تتشكل لديه تيارات وأحزاب معارضة لها مواقفها ورؤيتها إزاء السياسات الحكومية، ولها منهجيتها في الحكم على سلامة هذا الأداء وتلك السياسات، كمنهجية إجراء إستطلاعات الرأي الخاصة بتقييم أداء الحكومات، فنتائج هذه الإستطلاعات تقرر مصير الحكومة، فوفقاً لنتائجها فإما أن تستمر الحكومة بأداء أعمالها أو أن تستقيل من تلقاء نفسها قبل أن يُطلب منها ذلك، لا تنتظر الحكومات اليابانية إندلاع مظاهرات شعبية وإحتجاجات صاخبة كي تقدم استقالتها، ولا تنتظر زج أجهزتها في مواجهة الشعب وقمعه وإسكات صوته، ولا تتمترس خلف مقولة أنها حكومات منتخبة وصلت للسلطة عبر صناديق الإقتراع كي تخرس الشعب بها وتفرض هيمنتها على السلطة، ففي اليابان يتم تداول السلطة بسلاسة، فللشعب كامل الحق في التعبير عن رأيه وسحب الثقة من الحكومة ومن الأحزاب والبرلمان، كما لا تتوقف حدود العملية الديموقراطية لديهم عند نتائج الإنتخابات، بل تتعداها إلى قدسية حق الشعب في إبداء رأيه بسياسات الحكومة بعد تشكيلها حتى وإن حازت على أغلبية برلمانية.

في اليابان لا تتجاوز العينة المشاركة بأي إستطلاع الألفي مشارك، وهي نسبة ضئيلة جداً قياساً بعدد سكان اليابان الكلي البالغ 127 مليون نسمة، مع ذلك لا تتذرع السلطات هناك بأن نسبة المشاركين في الإستطلاع ضئيلة جداً ولا تمثل الشعب، فنتائج الإستطلاع لديهم تعكس رأي الإغلبية الصامتة، كما تعبر أدق تعبير عن إرادة الشعب بأكمله، تلك الإرادة الواجبة الإحترام.

في دول العالم الثالث قد تكتظ شوارع بعض دولها بعشرات ألآلاف بل بمئات ألآلاف من المتظاهرين الرافضين لسياسات الحكومات، أي آلاف أضعاف عدد المشاركين في الإستطلاعات اليابانية، مع ذلك يخرج المسؤول في دول العالم الثالث عموماً مخاطباً شعبه بأن المشاركين في هذه الإنتفاضات لا يعادلون إلا نسبة ضئيلة جداً من مجموع الشعب، وقد يُسقِط عليهم أقذع الأوصاف كالمندسين والإرهابيين والخونة والعملاء والمأجورين وذوي الاجندات المشبوهة والممولين من الخارج، وهناك من يصفهم بالجرذان والمقملين والمخموريين والحشاشين، ولا تتوقف الأمور عند هذا الحد بل يتم قصفهم وقصف مدنهم وقراهم وتجمعاتهم السكانية براجمات الصواريخ والمدافع والدبابات ومختلف وسائل القتل والإرهاب وزجهم في السجون وتشريدهم من مساكنهم ومن أوطانهم، إلى جانب إطلاق فرق الموت والشبيحة والبلطجية عليهم لتعيث فيهم قتلاً وبطشاً وتعنيفاً.

==================

'الدومري' والشبيحة

رياض معسعس

2011-09-07

القدس العربي

 في بدايات عهد بشار، وكان الشعب السوري موعودا بالمن والسلوى، وعسل المستقبل، تحت حكم شاب متعلم، ومنفتح على العالم، كيف لا وهو المتخرج، طبيب عيون، من أرقى الجامعات اللندنية. فهو مبصر، وبصير.

الشعب السوري ورغم معاناته المريرة مع الأسد الأب، ونظامه الدموي استبشر خيرا ببشار، وأعطاه كل الفرص كي يجعل من سورية بلدا ديمقراطيا يتمتع بالحرية، والعدل، والمساواة، وتكافؤ الفرص، وإعادة الكرامة لسورية باستعادة الجولان المحتل الذي فرط فيه الأب. وكان أول من صدق هذه الوعود الفنان السوري العالمي علي فرزات. إذ حصد تأكيدا أن أحدا لن يتعرض له في حال إصدار صحيفته الساخرة: 'الدومري'.

وقد صدرت 'الدومري' ولاقت رواجا منقطع النظير منذ طرحت أعدادها الأولى في الأسواق. وقد طلب مني علي فرزات حينها أن أساهم في عمود أسبوعي فيها. وقد سعدت بذلك، رغم قناعتي بأنها لن تعمر طويلا في ظل نظام يصعب جدا أن يصلح من شأنه، فالإناء لا ينضح إلا بما فيه. وصدق ظني، إذ تم إغلاق الصحيفة بعد صدورها بأسابيع معدودة. وأذكر أن علي طلب مني قبل أسبوع من بداية شهر نيسان/ابريل أن أكتب مقالا في 'كذبة نيسان'، الذي لم ينشر بعد أن باتت الصحيفة من المغضوب عليها.

قلت: طلب مني أن أكتب في كذبة نيسان، فقلبت الأمر العويص ظهرا لبطن، فماذا يمكن أن أكتب فخرجت أنتهز محالة. فحللت ضاحية من غوطتنا التي كانت غناء. فسرت أهيم ملتمسا مكانا قصيا، عل خلوتي تلهمني. فإذا بي بمكان قفر. نبتت فيه وردة حزينة. دمعتان تتدحرجان على خديها الذابلين. وأوراق رفعت راية الجفاف. فاقتربت منها أحدثها.

قلت: لا تخافي ولا تحزني فقد وعدونا بخطط لإنعاش الزهور والورود لأنها وجه البلد المنير. فالوردة عنوان للمحبة. فسيبلون عروقك كل صباح لتورد خدودك. وسيجعلون من حولك سندسا واستبرقا. وأكدوا لنا أن توصيات اللجان المختصة تشمل إعادة إحياء الغوطة، وحمايتك من الأيادي التي تريد أن تضرب عنقك وتضعك في مزهريات أو على شواهد القبور.

ولم أتم كلامي حتى هاجمتني جحافل الشوك، والقريص والعليق، والحنظل. فهربت لا ألوي على شيء،أصيح: أغيثوني أغيثوني. إنها كذبة نيسان يا ناس، وهم يشبعوني وخزا ولسعا ورفعوا بي التقارير يتهمونني بالعمالة للورود الخائنة، وأني استحق الموت وكزا.

ومررت بعصفور كئيب منتوف الريش بارز العظام. عاش دهره فارا من حجارة الاولاد، ورصاص الصيادين، ومخالب الطيور الجارحة. فقلت له: لا تخف ولا تحزن فعهدنا الجديد قطع عهدا بأن يبنوا لآل العصافير أعشاشا في أجمل الاشجار ويشبعوها حبا وفاكهة، ويأمنوا لها الحماية من كل ذي مخلب وناب، فتوصوصون وتزقزقون وتتحابون وتفقسون كما تريدون.

وما أن اتممت كلامي حتى هاجمتني أسراب النسور، والصقور، والعقبان، والبواشق، وسمعت خلفي رصاص الصيادين يلعلع، و تلاحقني الحجارة. فوليت الأدبار وانا أصيح يا ناس اسعفوني اسعفوني أقسم انها كذبة نيسان. فأصابني حجران، ونجوت من رصاصة، وتمكنت مني ثلاثة مناقير، وكتبوا في تقريرا وصموني فيه بالتحريض على ثورة العصافير وأني استحق الموت رميا بالرصاص.

ومررت بشجرة لم تلد أغصانها أي ثمرة، منفردة تنتظر حكم الإعدام بحز عنقها بمنشار فقلت لها: لقد قسى عليك الزمن. وأهملتك الأيادي، وهاجمك العطش، أقسم قسما غليظا بأني سمعتهم يقولون يأنهم يناقشون خطة خمسية، أولها سنون عجاف وآخرها سنون سمان. ليرفعوا الظلم عن آل الشجر. فهناك مشروع المليون شجرة كل عام، تشملها مشاريع ري كبرى. فاغمضي عينا وافتحي أخرى فإذا الغابات حولك ممتده. فتعودي إلى نضارتك الاولى، وتحبلين بأجمل الازهار، ثم تلدين أطيب الثمار، وتلهو أغصانك بأجمل العصافير، وسيبطلون حكم الإعدام فيك وذويك.

وما أن أتممت كلامي حتى هاجمني الحطابون واحد بمنشار، وآخر بفأس، وثالث ببلطة. وتبعهم متعهدو البناء الباحثون عن أراض جرداء بجراراتهم، وحفاراتهم، فانهزمت أمامهم أصيح: ارحموني ارحموني، اقسم انها كذبة نيسان. فاصابني منشار، وفجمت رأسي بلطة وألقي القبض علي من قبل الامن بتهمة الاحتيال على آل شجر. فساقوني إلى أول مركز للتحقيق. فقلت: يا اخوان انها كذبة نيسان. فقالوا: نقسم لك اننا في التحقيق لن نعذبك عذابا أليما، ولن نقبع أظافرك، ولن نجعل الكهرباء تسري في مؤخرتك إذا أفشيت لنا اسماء كل افراد العصابة المتآمرين مع الورود والعصافير والاشجار وكل الذين يستخدمون كذبة نيسان ككلمة سر للاحتجاج والتحريض على الثورة ضد النظام الديمقراطي القائم. فلما لم افش بسر، مر علي نيسان الاول، ونيسان الثاني، ونيسان الثالث، وانا رهن التحقيق والتعذيب حتى نسيت أن نيسان يلد الربيع، وأنه يبدأ بكذبة ظريفة .لكن في بلادنا كل شهر يبدأ بكذبة كبيرة بحيث ان كذبة نيسان لم تعد تنطلي على احد.

اليوم وبعد سنوات عشر عجاف خلبية الوعود والعهود، وتوقيف إصدار مجلة 'الدومري'، التي صدحت بكلمة حق، تعرض رئيس تحريرها علي فرزات لهجمة بربرية على أيدي الشبيحة المجرمين، قاصدين التخلص منه، فهشموا يد الفنان التي فضح بأناملها كل حاكم ديكتاتوري جائر برسومه الرائعة المعبرة بسخرية ما بعدها سخرية منه ومن نظامه. لقد كان علي ككل الفنانين السوريين الشرفاء من الذين عبروا بشجاعة عن رأيهم، كل حسب اختصاصه، بهذه الثورة العظيمة، عرضة لهمجية شبيحته، وأجهزته القمعية المخابراتية ليأكدوا أن نظام بشار، المبصر البصير، المنفتح، المتعلم، ليس بأفضل من مورثه، الذي نكل بالشعب السوري، وارتكب بحقه أبشع المجازر، وأن الكلمة الحرة في سورية يعاقب عليها قائلها باستئصال حنجرته إن كان مغنيا، ويعذب في المعتقلات إن كان ممثلا، وتهشم يده إن كان رساما، وتكسر أنامله إن كان كاتبا. وهذا منذ أكثر من أربعين نيسان، فهذا الشهر لم يعد شهر الورود النضرة التي تفوح بعطرها شوارع دمشق، والعصافير المغردة على أغصان أشجار الغوطة الوارفة، بعد أن باتت كذبة نيسان بحجم نظام طعن ربيع دمشق في المهد.

شاعر من سورية

=================

هل المجلس الانتقالي هو الحل .. وماهي المهام الآنية للثورةالسورية كي تنتصر؟

خولة دنيا

2011-09-07

القدس العربي

 سؤال لابد من طرحه مع زيادة عدد المبادرات لتشكيل مجلس انتقالي، أو مجلس وطني، أو مجلس تشاوري،أو أي شكل من أشكال المجالس الأخرى التي بادرت وتبادر المعارضةالسورية على تشكيلها، وباء الكثير منها بالفشل مما يجعل من مناقشتها ضرورة وطنية، وثورية كذلك لمعرفة ما تركته من أثر على الثورة، وماقد تنتج عنها من آثار لاحقة خاصة إن لم تستطع الوصول إلى الغاية المرجوة منها، ألا وهي تشكيل معارضة ممثلة للثورة السورية قادرة على تمثيلها وتمثلها في الداخل والخارج.

ولكن حقيقةً هل نحن بحاجة لمجلس وطني انتقالي ولا يمكن أن تسير الثورة بدونه؟

أم الأهم بالنسبة لنا حالياً تشكيل مجلس للثورة يقودها في المرحلة الحالية وقد يكون ممثلاً لها في الفترة اللاحقة حتى نستطيع انتخاب من يمثل الشعب السوري فعلاً؟

وهل تشكيل مجلس انتقالي هو ملح لدرجة أن الثورة لن تنجح بدون تشكيله؟

والأهم من كل هذا، هل ما تم تشكيله لحد الآن هو ممثل حقيقي للثورة وبدون الالتفات لموضوع الداخل والخارج فيما يجري؟

في بداية الثورة السورية، كان الهم الأكبر للجميع الحصول على ساحة للاعتصام ، وكأن الثورة السورية لن تنجح بدون ساحة اعتصام، كما كان الحال في مصر، فبدا لنا الأمر، عاجزاً عن التطور، وغير قادر على الاستمرار لأننا لم نحصل على ساحة اعتصامنا الموعودة، وكنا في ذلك نتمثل الثورة المصرية والنجاح الذي حققته من خلال حصولها على ساحة اعتصام في قلب العاصمة.

ولكن مع زيادة القمع في سورية، وصعوبة الحصول على ساحتنا الموعودة أقرينا في النهاية أننا لسنا بمصر، وأن ما ينطبق على الثورة هناك ليس من الضروري أن ينطبق علينا في سورية.

ولكن من جديد التفتنا إلى' ثورة أخرى كانت تحقق النجاحات من خلال تشكيلها لمجلس انتقالي للثورة، وهي الثورة الليبية، وزادت رغبتنا بتشكيل هذا المجلس مع الانتصار الذي حققته الثورة الليبية ودحر الدكتاتور هناك، ولكن قد نحتاج لمزيد من الوقت لنكتشف أننا لسنا ليبيا وأن ما نجح فيها ليس من الضروري أن ينجح لدينا في سورية.

'اعود للسؤال هل نحن بالفعل بحاجة لمجلس انتقالي؟، واذا لم نكن بحاجة له، فما هو الشكل الانسب لنا في سورية؟

في سورية لدينا معارضة تقليدية، في الداخل والخارج، هذه المعارضة على الرغم من الاثمان الباهظة التي دفعتها على مدار عقود، إلا أنها اليوم ضعيفة وعاجزة، وقد اجبرتها الثورة على لملمة شتاتها، وإن كانت الخلافات الكثيرة بينها صعبة الحل،خاصة وأن سنوات القمع افقدتها الكثير من عناصر قوتها وركائزها اللوجستية، فتبدو اليوم اضعف من أن تقود الحراك، على الرغم من عدم القدرة على تحييدها كذلك.

- كما لدينا شخصيات معارضة، بأطر مختلفة، اقتصادية وسياسية، كانت وليدة الاستبداد والقمع على مر العقود، الكثير من هذه الشخصيات يجدون في الثورة اليوم مايمكن الاستفادة منه للرجوع أقوياء إلى البلد، وإثبات أن مواقفهم المعارضة يمكن التعويل عليها، وهؤلاء يدفعون لدعم الكثير من الأشكال الناتجة عن الثورة وأحياناً تبوئها تمهيداً لتبوء مراكز أكثر قوة في سورية المستقبل والحرة.

- لدينا معارضة مقسومة بين الداخل والخارج، مما يثير الكثير من اللغط حول أحقية كل منهما في تمثيل الحراك والثورة، وأيهما الأجدر والأقوى على هذا التمثيل.

- وأخيراً لدينا المعارضة' وليدة الثورة والتي ظهرت في الثورة وبهدف الثورة وقيادتها، وهؤلاء يبدون اكثر احقية في تمثيل الثورة من الناحية العملية، وإن كانت تنقصهم الخبرة السياسية، مما يدفع بهم للاستفادة من المعارضة التقليدية وخبرتها، وبالتالي الغوص في الخلافات الجانبية التي تعيشها تلك المعارضات، والأخطر على هذه المعارضة الجديدة اليوم، هو محاولة استغلالها من قبل جميع الأطراف للتكلم باسمها، فمن المعلوم للجميع أن هذه المعارضة الوليدة هي الأكثر تمثيلاً للثورة وبالتالي الحصول على رضاها يعطي الشرعية والمصداقية لأي معارضة أو أي شكل قد ينتج من مجالس انتقالية أو وطنية أو غيرها... ونرى كذلك محاولة الجميع كسب رضا التنسيقيات وكأن وجود التنسيقيات هو صك الرضا المقدم من الشارع.

- يجب أن لا يفوتنا كذلك أن هذه المعارضة الوليدة، وبنت الثورة، كذلك فيها من التشتت والتشرذم مايكفي لصنع معارضات، وذلك بسبب قلة الخبرة السياسية من جهة، وبسبب القمع الشديد والنزيف الدائم في أعضائها، وبالتالي فهي تحتاج أول ما تحتاج لرص صفوفها قبل أن تعطي موافقتها أو عدم موافقتها على الأشكال الناجمة عن المعارضات.

إن هذه الصورة المتشعبة للمعارضة السورية لا يمكن التعويل على أن تنتج معارضة موحدة، وخاصة أن الجميع وضع هدفاً له وضع شكلا موحدا، وبسبب هذا لا يمكن الحصول في النهاية على مجلس ممثل للجميع، وسنرى من سيعارض أي شكل جديد، مهما كانت المحاولات لأن يكون هذا الشكل ممثلاً لأوسع شريحة، ويضاف لذلك المواقف الغير واضحة والغير معلنة، وما يتم طبخه في الخفاء، وقلة العلنية في عمل الجميع فنرى من يتخذ خطوات في السر، ولكنه يتبرأ منها في العلن، وهذا له أثره السلبي على الثورة، وعلى طريقة تمثيلها، ولقد أدى إلى نتيجة هامة جداً وهي فقدان الثقة بالمعارضة وبأشكال التمثيل الناتجة عنها... هذا إذا أخذنا في الاعتبار الشارع ورغبته في إيجاد ممثلين حقيقيين يتمتعون بالمصداقية لديه.

لقد رأينا جميعاً رد الفعل على المجلس الانتقالي المؤقت الذي أعلن عنه منذ ايام، وأهم ردات الفعل المثيرة للتعجب هي :

1- تنصل الجميع من المجلس وأنه تم اختياره بدون علمه.

2- الخلافات على من هم أصحاب الفكرة الأصليين، وكأن الفكرة كانت من التميز ومثلت حلاً لا يمكن تفويته.

وبغض النظر عن ردود الفعل من الشباب الواقفين وراء الفكرة وأنهم أخذوا موافقة الجميع قبل إعلان الأسماء، إلا أنه موضوع أثار حفيظة الشارع السوري بشكل كبير، وأفقد المعارضة الكثير من الثقة بها بين الثوار والفاعلين على الأرض، وجعل الكثر يعودون إلى الأشكال ماقبل المجلس الانتقالي لتوليد أشكال أكثر فاعلية لحراكهم، لا يفقدهم الأمل بالمستقبل، ويعتبر ركيزة لعملهم، وهو الثقة بمن نعرفهم على الأرض، ومن نعمل معهم، بعيداً عن الشخصيات البارزة والمعروفة تقليدية كانت أم جديدة، في الداخل أم في الخارج.

الأهم في هذا الصراع المستمر حول المجالس الانتقالية هو موضوع المجلس الانتقالي بحد ذاته كفكرة، هل هي مناسبة للظرف السوري؟ وإن كانت مناسبة فلماذا؟ يبدو للجميع أنه من الضروري الآن التفكير في المرحلة الانتقالية، فتكثر المجالس وتكثر كذلك الرؤى المطروحة والمقدمة إن بشكل فردي أو جماعي، ولكن لماذا نفكر في المرحلة الانتقالية ونحن لم ننجز بعد هدفنا الأساس وهو إسقاط النظام، ولم نقترب حتى من إنجاز هذا الهدف.

يبدو لي من اليسير أكثر علينا التفكير في المرحلة الحالية بدل التفكير في المرحلة الانتقالية، وأن نتفق على الأهداف المرحلية والتي تبدو قواسم مشتركة بين الجميع،' وهي:

- تفعيل عمل الثورة، وتقديم كل الطروحات التي تطورها وترتقي بها إن كان على مستوى العمل المباشر على الأرض، أم على مستوى الشعارات والأهداف.

- الهدف الأهم وهو إسقاط النظام، من خلال التفكير بكل ما من شأنه حقن الدماء، وعدم اتخاذ الثورة لمسارات غير مأمولة الجانب، وتفعيل طرق وأشكال التواصل بين الجميع بحيث نوفر على السوريين دماء شبابهم، ونقصر بعمر النظام قدر الإمكان.

- العمل بشكل فاعل لمواجهة الدعوات الانتهازية التي ماتزال تعتبر أن النظام له ركائز قوية للبقاء وإمكانية التفاوض معه، وهذا موضوع هام جداً في المرحلة الحالية، ويجب مواجهة مثل هذه الدعوات الانتهازية، بكل حزم وصرامة، واعتبار أن لا مكان للنظام ولا لممثليه ولا لأدواته، في سورية الغد التي نريد بناءها.

هذه خطوات مهمة جداً للعمل الآني وهي أهم بكثير، عندما نفكر بها من الدعوات لمجلس انتقالي، فلا معنى لمجلس انتقالي بدون مرحلة انتقالية يجب أن نسقط النظام للوصول إليها.

ولا خوف على سورية في المرحلة الانتقالية فستجد ممثليها ، ومن ينتقل بها إلى سورية المدنية والديمقراطية.

وقد يكون هذا باشكال متنوعة لم نجدها بعد، بدءاً من مجلس قيادة ثورة، أو ائتلاف يقود المرحلة، أو لجنة مؤقتة بدون صلاحيات... الخ.. يمكن التفكير بها على جنب.

'من أهم ما نواجهه اليوم هو تشكيل قيادة للثورة، قيادة عملية قادرة على تحقيق الأهداف المذكورة آنفاً، ولن تتمسك بالسلطة حين الوصول إليها..

ومثل هذه القيادة هي قيادة من الفاعلين على الأرض، وممن أصبحوا يملكون الخبرة الكافية لقيادة العمل وتفعيله.... وهؤلاء قد لا يكونوا معروفين للجميع، ولكنهم يملكون من الثقة بهم ما يكفي لقيادة الحراك، وتفعيله، والارتقاء به حتى النصر..

علينا لتحقيق هذا تجاوز أنانيتنا وفرديتنا... والعمل الجماعي مع الجميع...

كما علينا أن لا نجد غضاضة في العمل السياسي الذي تقدمه الأحزاب التقليدية' ولا ضرورة لتجميع القوى بالشكل الذي يعمل الجميع عليه الآن..

فما أهمية أن تلتقي كل الأحزاب على خطة عمل انتقالية؟ أصلاً من الصعب تحقيق مثل هذا الالتقاء لا الآن ولا في المستقبل.

فرؤية كل فريق مختلفة عن الآخر، وتفعيل عمل الأحزاب يحتاج لبيئة طبيعية للعمل، لا تتوفر الآن، ولكن قد تتوفر في المستقبل بعد انتصار الثورة

'ما أجده ضرورة ملحة كذلك، تشكيل ائتلافات واسعة من الشباب مترابطة ومتشابكة على أهداف مرحلية كالتي ذكرتها منذ قليل، هذه الائتلافات قد تكون نواة لعمل حزبي سياسي في المستقبل، أما' الجامع بينها اليوم فهو ضرورة العمل المشترك لإسقاط النظام..

وهذه الائتلافات، قد تكون يسارية، علمانية، ديمقراطية، مدنية، يمينية.... الخ ولكنها تتفق فيما بينها على الهدف المرحلي...، فنحن بحاجة لتفعيل العمل، لا لاستنقاعه في متاهة مالا يمكن جمعه من أحزاب وتيارات ومعارضات وشخصيات.... وسط مظاهر انتهازية، واساليب بيروقراطية... هي ابنة نظام الاستبداد.. ولا نريد ان تكون وليدة ثورتنا كذلك

=================

المعادلة السورية: هذا الموت يبقى «أقلّ كلفة»!

الخميس, 08 سبتمبر 2011

عبدالوهاب بدرخان *

الحياة

الحقيقة القاسية والمحزنة هي ان الحصيلة الدموية اليومية في سورية باتت عنوان الوجود، للشعب طالما أنه يقدم القرابين وصولاً الى «جمعة الخلاص» كتلك التي أقامها الليبيون احتفاء بانتصار ثورتهم، وللنظام الذي بات يخشى زواله اذا توقف عن القتل والتنكيل. في ليبيا قدّرت الكلفة البشرية لاسقاط النظام بخمسين ألف انسان. في سورية كان ولا يزال ممضّاً أن تسمع من يقول أن هذا الموت يبقى «أقلّ كلفة» من المذلّة، فالشعب الذي خبر جيداً هذا النظام أدرك من تلقائه أن التضحيات التي يقدمها اليوم أقلّ بكثير مما يتوقعه لو أوقف التظاهر وأخلى الشوارع.

حين انطلق الاحتجاج السلمي الأعزل في ليبيا لم يكن في ظنّ أحد أن المسألة تتعلق مسبقاً وتلقائياً بتدخل عسكري خارجي. ولو قدّر له أن يكون روسياً، مثلاً، وليس أطلسياً، لوجد الشكر والعرفان نفسيهما لأن الهدف كان اسقاط الطاغية ولو بهذا الثمن، بل حتى بهذا الثمن. اذاً لو تُرك الأمر لعناية القذافي وأفلت له العنان لكان كفيلاً بمحق وابادة مدن الشرق بكاملها. هذا لا يعني أن «الناتو» لا يكيل بمكيالين (فهو يرفض التدخل لحماية الشعب الفلسطيني ضد ارهاب حليفه الاسرائيلي) أو أنه رسول محبة يستحق التمجيد والاعجاب بإنسانيته الطافحة، فلا أحد يجهل أن المسألة مسألة نفوذ وصراع على المصالح، لكن هناك شعباً يريد أن يعرف أخيراً كيف تكون الحياة الطبيعية ويريد أن يستعيد كرامته من نزوات القذافي وأنجاله.

لا يزال الشعب السوري يرفض التدخل الخارجي، مبدئياً وعملياً، على رغم ظهور لافتات مستغيثة، للمرة الأولى بعد انتصار الثورة الليبية، تطلب حماية خارجية. ف «الرسالة الواضحة» التي قالت موسكو إن مبعوثها نقلها الى القيادة السورية كان بإمكانها أن تكون أقل «وضوحاً» في دعمها «اللاحل» الأمني الدموي الذي ينهجه النظام. فكما أن أحداً لم يعد يصدّق الرواية الرسمية عن «العصابات المسلحة»، ولا الثرثرة عن الاصلاح والحوار أو الاعلان عن قوانين مستصلحة، كذلك لم يصدّق أحد «المصادر الروسية المطلعة» التي قالت إن الجانب السوري تبلّغ ضرورة «التهدئة» ب «أسرع وقت»، وحُذّر من «احتمال تطور الموقف في مجلس الأمن نحو اتخاذ قرارات حازمة». لم يتوقف القتل بغية «التهدئة»، أما التحذير الكاذب فظهر في «فيتو» روسي – صيني مسبق ضد أي عقوبات دولية تفرض على سورية، فضلاً عن اعتراضهما المشترك على حظر الاتحاد الاوروبي استيراد النفط السوري. لم يجد المجتمع الدولي سبيلاً آخر لإظهار الدعم للانتفاضة الشعبية في سورية، ولعل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف محقّ بقوله: «ان العقوبات نادراً ما تؤدي الى حلول»، لكنه لم يوضح اذا كان دعم روسيا للنظام في ممارساته الدموية سيؤدي الى أي حل.

في مؤتمر باريس كان بين «أصدقاء ليبيا» من لم يتمكنوا بعد من التعرف الى ما كسبوه فعلاً لكن انتصارهم بإزاحة النظام السابق كان بادياً على الوجوه وفي لغة الأجساد. وكان هناك أيضاً من لم يحصوا خسائرهم بعد لكن ظهورهم الخجول وصيغ بياناتهم نمّا عن شعور مبطن بالهزيمة. لم يكن الرهان على القذافي صائباً، ولم يكن الروس والصينيون في حاجة الى من يشرح لهم أن الأمر حُسم يوم انتفض الشعب الليبي، ومن العجب ألا تكون لديهم ديبلوماسية عملية قادرة على التعامل مع أزمات مركبة كهذه، أقله لحماية مصالحهم على الأرض. اذ أن الجمود في مربع «هذا النظام ولا أحد سواه» ليس خياراً.

لم يكفِ الدرس العراقي لروسيا، ويبدو أنها لم تستوعب دلالات الحدث الليبي، لأن مقاربتها للأزمة السورية تشي بأنها مجرد معاندة، والمعاندة لا تشكل سياسة، لكنها قد تعني مساومة تريد موسكو استدراجها. بديهي أن رفضها، مع بكين، التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة، مقبول مبدئياً، إلا أنه يرمي عملياً الى استباق أي أزمات مماثلة في دولتيهما أو حيثما تحصل انتفاضات شعبية في الدول الواقعة تحت نفوذيهما. كان الأحرى بهما، ولا يزال، قبول التغيير لا تسفيهه، وابداء أقصى الاهتمام بالشعوب وحقوقها وسلامة ابنائها، خصوصاً أن ممانعتهما لم ولن تقلب مسار الأحداث حتى لو عرقلته بعض الشيء. بل لعل التأخير يفاقم المواجهة ويقودها الى مآلات ليس من شأنها أن تحقق أي مصلحة لروسيا أو للصين، اذا كانتا تعتقدان ان موقفيهما الحاليين ضد الشعب السوري يضمن تلك المصالح.

عندما قال الرئيس الفرنسي أن الرئيس السوري «تسبب بأضرار لا يمكن اصلاحها» لم يقصد الارتكابات الأمنية فحسب، بل بالأخص تجاهله مطامح مشروعة لمعارضيه وحتى هواجس مؤيديه الذين باتوا يخشون تهوّرات النظام ويشعرون بأنهم أيضاً ضحيتها المقبلة بسبب تصاعد الاستقطاب الطائفي. ومن بين الأضرار ذاك المسار الاصلاحي الذي تواصل دمشق الحديث عنه كأنه لا يزال قائماً، وقد مضى عليه زمن وهو خارج التداول، والواقع أنه ولد ميتاً وراح يتلاشى حتى فقد قوة الدفع التي تمكنه من تغيير مجرى الأحداث. في البداية أوحى النظام بأنه يحاول استباق المطالب، وحينئذ دعته القوى الخارجية الى «قيادة الاصلاح» لكنه تمترس وراء مفهومه الضيّق للاصلاح بأنه مجرد اعادة صياغة تجميلية هنا أو ترقيعية هناك للسلطة ذاتها. وبعدما وجد أنه لا يقوى على التنازلات الحقيقية الواجبة فضل المراهنة على العنف وعلى الوقت. الأرجح أنه فقد البوصلة الآن، اذ مضى وقت طويل لم يطرح فيه أي جديد.

كانت لهجة المبعوث الروسي مريحة في جوهرها، هبطت على النظام ك «عيدية» رمضانية كان في أمسّ الحاجة اليها، لكنه يعرف أن الروس أو الصينيين ليست لديهم سياسة للمنطقة، وبالتالي يمكن أن يبيعوه متى لاحت لهم المصلحة المناسبة فهم لا يتمسكون به من أجل ممانعته أو ما تمثله سورية في الشرق الاوسط. ولا شك في أن الحظر الاوروبي لاستيراد النفط السوري بدد المفاعيل الايجابية للموقف الروسي، وأعاد النظام الى مربع الارتباك. لذا وافق على استقبال الامين العام للجامعة العربية مع علمه أن نبيل العربي يريد أن يبلغه موقف العرب الذي سبق أن اعتبره «كأنه لم يصدر». وهكذا أصبح التخبّط في ادارة الأزمة بيّناً مع الخارج كما مع الداخل كما في الدائرة القيادية الضيّقة. وهذا لا يعدّ صموداً أو صدّاً لل «المؤامرة» وانما له اسم واحد: الفشل. ومن يفشل يتحمّل المسؤولية والتبعات.

=================

... عن الشّبيحة والتّشبيح

الخميس, 08 سبتمبر 2011

براء الموسى *

الحياة

لا أعرف ما الذي يمكن أن يعتري مشاعر السيدة ميركل رئيسة وزراء ألمانيا، والتي تترأس الاتحاد الأوروبي حالياً فيما لو أدركت أن مصطلح «الشّبّيحة» ألماني الأصل.

«الشّبّيحة»... هذا المصطلح الذي نال حظه من الانتشار الإعلامي والتداول على كامل الأراضي السورية مع بزوغ فجر الانتفاضة في 15 آذار (مارس) 2011 ليطبع بالنكهة السورية مفردةً، هي من حيث المعنى، المكافئ الموضوعي لمصطلح «البلطجية» المصري. وهو ذاك الذي استخدمه التوانسة قبل أن يتوطَّد مصرياً ويمتد إلى اليمن بتحويرٍ بسيطٍ في صيغة الجمع «بلاطجة»، لتسمية أزلام السلطات في تلك الأنظمة من المأجورين المدنيين. وربما تعتري بعض الغيرة أشقاءنا المصريين وهم يراقبون مارد الشعب السوري بقدراته السوبرمانية، والتي فاقت كل تصوّرٍ في الشجاعة والإقدام والعطاء، يخطف الأضواء الإعلامية عن التفرِّد بمنجزات ميدان التحرير التي كسبوا فيها الجولة الكبرى الأولى. وبالتأكيد هم لم يسمعوا سابقاً بمصطلح «الشّبّيحة» التي هي خصيصة سورية متفردة، ولربما لا تشبه البلطجية من حيث الجذور.

فمصطلح الشّبّيحة يعود إلى بداية التسعينات عندما أطلقت شركة سيارات المرسيدس الألمانية موديل الشبح. وقد اعتادت السلطات السورية على مكافأة أزلامها بأنواع من الرّشى المعنوية والعينية، وبخاصة أعيانها من الضباط العسكريين والأمنيين. وهكذا انتشرت سيارات المرسيدس الشّبحية كتعبير عن مدى نفوذ اصحابها، كما اقتناها بعض الأرستقراطيين من التجار السوريين في الوقت ذاته، كإشارة إلى تقاطع المصالح التي غدت متداخلة في ما بعد. لكن التمايز احتفظ لهؤلاء المتنفذين باللون الأسود لسياراتهم، مما يضفي بعداً شبحياً إضافياً. في تلك الحقبة من أوائل التسعينات كان لبنان الدجاجة التي تبيض ذهباً لمتنفذي السلطات وأزلامهم. فهو مصدرٌ لكل ما يُمنَع على السوريين استيراده عملاً بمقاطعة الشركات الرأسمالية الامبريالية وبخاصةٍ الأميركية، تبعاً لحجج المقاومة والصمود والممانعة عبر مقاطعة بضائع الغرب الرأسمالي، وذلك في عهد كان شعاره التحويل الاشتراكي.

قانونياً لم تُمنَح الحصانة لذوي السيارات السوداء من موديل الشبح التي استخدمت من قريبٍ أو بعيدٍ في حماية تهريب الممنوعات من وإلى سورية، ولكنها تمتعت بتلك الحصانة لقوة نفوذ أصحابها. غير أن تطورات المصطلح لم تعد مقتصرة على ذلك الموديل من العملاقة الألمانية «مرسيدس»، بل تعدته إلى موديلات أخرى سوداء، واستمر التعدي ليطاول ألواناً أخرى في ما بعد، إذ اكتسب مستخدمو هذه السيارات صفة الأشباح كونهم لا يُرون داخلها بسبب «تفييم» (تعتيم) النوافذ الزجاجية للسيارة رغم أنف قانون منع «التفييم».

ومع مرور الوقت انتقل المصطلح تدريجاً، وبعيداً من السيارات بأنواعها وألوانها إلى الأشخاص الذين يمتهنون عمليات التّشبيح (التهريب في الأصل من وإلى لبنان أولاً، ثم بين المحافظات السورية لاحقاً). فبعد أن التصقت صفة التّشبيح بهم، راحوا يتمايزون بصفاتٍ أخرى وبأشكال متنوعةٍ ومتواليةٍ وفق «الموضة» السائدة لمن يتماهون معهم من الأشباح الكبار. فتارةً إطلاق اللحى تسود على سحناتهم، ومرةً حلاقة الشعر كلياً أو جزئياً، والشيئان معاً مراتٍ أخرى مع ما يترافق مع هذا «المود» من إكسسواراتٍ لاحقة. وبانتصارٍ مذهلٍ على الطائفية، لم يعد أمر التّشبيح حكراً على من سنّوا المنهج من الشّبّيحة الأصول، بل صار ذلك النهج نقطة استقطاب لمن يكتشف ذاته ويشعر بوجوده بممارسة مهنة التشبيح، بصرف النظر عن انتمائه الطائفي. لكن وفي كثير من الحالات، وعلى رغم تنوع اللهجات السورية، فإن اللكنة الأصلية للشّبّيحة الأوائل استمرت حتى على ألسنة أولئك الذين يبدلون القاف غيناً أو جيماً.

بعد انقطاع الأرزاق من لبنان سنة 2005 بانسحاب الجيش السوري، ازداد المصطلح اتساعاً وتنوعاً بعدما لم تعد الظاهرة حكراً على لونٍ معينٍ من الأشكال والسلوك. فكلُّ مخالفةٍ فظة للقانون استحوذت شرف لقب التّشبيح بامتياز. الأحداث الأخيرة في سورية مازجت بين الأصل الألماني للكلمة والمصدر الثلاثي الأصلي في اللغة العربية «شبح»، وذلك بدليل أن العصابات المسلحة التي تستغل جموع المتظاهرين المناوئين، وتعيث فيهم تقتيلاً وتنكيلاً، وفق زعم الإعلام السوري، من طبيعةٍ شبّيحيّةٍ في الاختباء والتخفي، والسلطات السورية حائرة أمام هذه الظاهرة العجيبة.

في الواقع السوريون كلهم حائرون، حيث تخطى عدد الشهداء الألفين ولم تقبض بعد السلطات السورية ولو على شبحٍ واحدٍ، وحدهم الشهداء من يدفنون السّر معهم حتى اليوم، هذا لو استطاعوا إلى الدفن سبيلاً.

في قاموس الانتفاضة السورية الجديد يُعرّف الشّبيحة بأولئك الذين يهبّون لنجدة الوطن ويسومون سوء الضرب والتنكيل للمتظاهرين بعصيّهم وهراواتهم وسكاكينهم وسواطيرهم و «شنتياناتهم»، وبحمايةٍ مباشرةٍ من رجال الأمن، ومن ثم رجال الشرطة المراقبين، وفي الخطِّ الأخير يقف رجال الجيش متفرجين، ولا بأس في تبادل الأدوار باختلاف الظروف والمدن.

وقد اتسع المصطلح حديثاً ليضم التشبيح الإعلامي، من خلال التهديد والوعيد للمتظاهرين ومن وراءهم، وكذلك طاول المصطلح «الجنس اللطيف» ليشير إلى التشبيح الأنثوي. فما أن يدعو النظام للكرنفالات المؤيدة له، حتى يجد بعض الصبايا متنفساً للاستعراض، وإغواء المتفرجين بالمشاركة مما يضفي على المشهد تلوناً «وطنياً» يستغله شبّيحة الإعلام في أرقام المسيرات والمهرجانات المليونية الموالية. ولعله يجدر بي تنبيه أبواق النظام إلى تحري الدّقة لحجم الأعداد المشاركة في هذه الظواهر حفاظاً على سمعة الإعلام الحيادي. ليتهم يقولون مثلاً إن العدد الإجمالي لمليونيتنا الموالية هو مليون إلا واحداً أي 999.999 شخصاً، ذلك أن في الكرنفالات الاحتفالية الموالية التي تكثر فيها ظاهرة التّشبيح الأنثوي الاستعراضي الجميل، هناك واحد مكمِّل لتمام المليون من دون أن يكون موالياً، وهو - اللهم عفوك - أنا.

=================

حماية الأنظمة من شعوبها

الخميس, 08 سبتمبر 2011

محمد الأشهب

الحياة

مثل التأثير الذي أحدثه موقع «ويكيليكس»، عبر مسلسل التسريبات التي ركزت أكثر على العالم العربي، يبدو أن انفتاح العلبة السوداء لجهاز الاستخبارات الليبية سيشد العالم ودول الجوار الليبي إلى حقائق، غابت جوانب منها، كان وراء استمرار نظام العقيد القذافي فترة أطول من اللازم.

ظاهرياً كان يتقمص دوراً معادياً للدول الغربية، يحاربها بالخطب النارية. لكنه خلف الستار يبسط السجاد الأحمر تحت أقدام مسؤوليها ويتودد لخطب رضاهم ولا يرد لهم طلباً. ولعل الرئيس المصري الراحل أنور السادات كان أول من تنبه لازدواجية الموقف الليبي يوم وصفه بأنه يخدم المصالح الغربية أكثر ما يفعل الذين يجاهرون بالولاء للمعسكر الغربي. فقد كان يقيس أفعال العقيد القذافي بالنتائج التي تترتب عنها، وليس بمعزل عن خطط ترسيم الأدوار وحبكة السيناريوات.

القضية لا تهم فقط إن كان القذافي فعل ذلك لعرض وتقديم خدمات مطلوبة، من أجل حماية نظامه من السقوط، ولكن هل أسعفته تلك الخدمات في تجنب حتمية الانهيار؟

بعد أن اهتزت الأرض الليبية تحت أقدامه، فقد تصور المخاطر قادمة من الشمال، لكنها فاجأته من كل الاتجاهات، وتحديداً من شارع غضب دأب على أن ينظر إليه بدونية ما بعدها أوصاف التحقير واستفزاز المشاعر.

لن يكون القذافي آخر من أسدى للغرب خدمات على مقدار الطلب. فقبله لم يستشعر صدام حسين «غدر» الأميركيين الذين لم يكافئوه على الحرب على إيران، إلا حين اضطر إلى الاحتماء في ملاجئ من لهيب سماء بغداد، تحت قصف التحالف الدولي. ولم يشفع للقذافي أنه تنبأ بمصير مشابه لقادة عرب آخرين، وهم يجاهدون النفس في تصوير حبل المشنقة يطوق عنق صدام كمجرد حلم مزعج.

كذلك كان حال شاه إيران، وهو يغادر مطار طهران باكياً يبحث عن ملاذ آمن. فقد ظل يمني النفس إلى آخر لحظة بأن الولايات المتحدة لن تشجع على الخلاص من نظامه. وآلت أقصى درجات ذلك التعاون بالرئيس المصري السابق حسني مبارك ليتمدد على سرير الاعتقال في محاكمة لا يكاد يصدقها عقله. غير أن تجارب الغرب في حماية الأنظمة الموالية له من غضب شعوبها تحولت إلى حماية الشعوب من بطش الأنظمة. ولم يعد مقبولاً مقايضة الولاء بالصمت. وإن كان الراجح أن مفهوم حماية المدنيين لا ينفصل في جزء منه عن صون المصالح التي تحرك الدول.

لم يبق من سمات الطغيان والجبروت التي اطمأنت إليها أنظمة شمولية سوى الهروب إلى مخابئ تحت الأرض في مثل المشاهد التي كان يلوذ بها معارضو هذه الأنظمة، وهم يحتمون من تعقب أجهزتها القمعية التي كانت لها عيون مبثوثة في كل مكان. لكن الفارق أن عملية الهروب تتم هذه المرة خوفاً من عيون الشعوب التي تسلحت بحدس زرقاء اليمامة.

كم من جيل ضحى به العقيد القذافي كي يصنع شعباً يدين له بالولاء المطلق. شجع على إطلاق الشعر على الأكتاف تشبهاً بثوار بوليفيا، وحول المليشيات إلى ناخبين ومنتخبين تحت شعار سلطة اللجان الثورية. فكك الدولة وعاود إنتاج شيء في مثل المعسكرات التي لا يعلو فيها سوى صوت الأسلحة وترانيم الكتاب الأخضر. لكنه اكتشف أخيراً أن الثورة لها اسم واحد، إنها تطيح الأنظمة الدكتاتورية ولا تحميها.

لا يستطيع أي نظام مهما توافرت له من أجهزة الأمن والاستخبارات أن يصون نفسه وأركانه من غضب الشارع. فالشعوب هي من يحمي أنظمتها، إذ تستمد شرعيتها من الإصغاء إلى حراكها وما يتفاعل في داخلها من مشاعر وتطلعات. وخارج هذه القاعدة يصبح الاعتماد على الولاء للخارج مجرد مغامرات يائسة.

أمر مدهش أن تكون الأحداث التي ترتفع بمبررات ما تعتبره توازنات إقليمية وإستراتيجية تحتم دعماً خارجياً هي نفسها التي كثيراً ما كانت تعيب على الخارج تدخله قي الشؤون الداخلية للغير. لكنها في الوقت ذاته لم تكن تمانع في الإفساح في المجال أمام أشكال من هذا التدخل، إذ يتعلق الأمر بإجراءات أمنية تتجاوز كل الحدود. فمعيار التدخل من عدمه يكمن في مصلحة الأنظمة وليس مستقبل الشعوب.

لا يطلب المواطن البسيط بأكثر من حماية القانون. فالأمن الذي في إمكانه أن يصمد لا تصنعه الأجهزة، بل ترسيخ الشعور بالمواطنة الكاملة غير المنقوصة، أي الحرية والكرامة وسيادة دولة القانون. المشكلة أن الأجهزة الأمنية حين تفطم على القمع المفرط وتتصور أنها أخمدت الوعي الشعبي تكون أول من يضع الحفرة الأولى لأنظمة لا ترى بغير عيون الأجهزة. مع أنه لو كان في إمكانها أن تحمي الأنظمة لما انهارت أنظمة سيطرت فيها الأجهزة على كل شيء كما حدث في تونس ومصر وليبيا. لكن مشكلة بعض الأنظمة التي لم تتعود على سماع الصوت المعارض أنها تصور طلب الحق خروجاً عن القانون. ولم يكن غريباً أن يكرر الحكام المغادرون إكراهاً الأوصاف نفسها التي تتهم فئات الشعب بالإرهاب والتطرف والعصيان. فالعبرة مثل الدواء، وهناك دائماً من يعاند في تكرار الأخطاء التي لا تعدو أن تكون فرضيات تنتهي إلى النتائج نفسها.

=================

الشعب السوري جوهر المعادلة

الخميس, 08 سبتمبر 2011

شفيق ناظم الغبرا *

الحياة

لا تسير الثورة في سورية وفق جدول زمني محدد أو طريق أحادي الأبعاد، فهي تخضع لمعادلات أصبحت واضحة المعالم. فالنظام السوري يعيش حالة إرهاق متنامية يعوض عنها برفع حدة القمع، و الشعب السوري، الذي كان حتى الأمس القريب خارج المعادلة السياسية، نجده وقد أصبح اللاعب الأول والأهم في الواقع السوري.

ومن جانب آخر لن يستطيع العالم الأوسع التخلي عن الشعب السوري طالما أنه مستمر في ثورته. هذه العناصر ستساهم في التداخل الدولي والعربي والتركي في الوضع السوري. إن اكتشاف السوريين المفاجئ للسياسة واكتشافهم لذاتهم وشخصيتهم قد غيّرهم وأكسبهم مع كل جولة مناعة ومكانة. مع كل يوم تزداد قوة السوريين بينما يتآكل النظام السياسي. الولادات السياسية والثورية على الأخص تأتي بمقاييس مختلفة، بعضها عسير كالولادة الليبية، وبعضها متشابك ومتعرج وكثير الأبعاد كالولادة السورية.

ولينجح الشعب السوري في نيل استقلاله الذاتي وترجمة صحوته إلى حقيقة سياسية جديدة لا بد من استمراره في مواجهة الأجهزة الأمنية العسكرية التي حرست الفئة الحاكمة على مدى عقود. في سورية حرب استنزاف مرهقة للنظام، فاستنزاف الجيش مقلق للجيش ومسيء لمعنوياته وكرامته، فعوضاً عن أن يكون في الجولان يحرر أرضاً محتلة، يقتل شعبه من المدنيين السلميين المطالبين بالحد الأدنى من الحقوق السياسية والحريات. ليس سهلاً على جيش وطني أن يجد نفسه في حالة ملاحقة لمتظاهرين من بلدة الى أخرى.

من جهة أخرى فشلت الإصلاحات التي وعد بها النظام لأنه لن يقوى على تنفيذها، فلا القوى الأمنية التي يعتمد عليها تقبل بها، ولا الرئيس بشار قادر على تحقيقها. وهذا ينطبق على مبادرة جامعة الدول العربية المطروحة الآن. فالنظام، حتى اللحظة، يأمل بالعودة إلى ما كانت عليه الحال وكأن شيئاً لم يكن، وهذا غير ممكن، لأن اللحظة الراهنة لحظة تغير تاريخية من عهد إلى آخر ومن ديكتاتورية إلى ديموقراطية. وأفضل فرصة للنظام في سورية أن يحقق اتفاقاً جاداً مع المعارضة يتضمن طريقة خروجه من السلطة في ظل وقف عمليات القمع ضد المتظاهرين وإطلاق سراح كل السجناء وإيقاف جميع أعمال الأجهزة الأمنية ضد الشعب.

لهذا بالتحديد وفي ظل تمسك السلطة بالبقاء في الحكم، على رغم فقدانها الشرعية السياسية الشعبية، سيزداد الوضع في سورية اشتعالاً بينما سيسعى الجيش لتصفية من ينشق عنه، ما سيساهم في قتال بين الجيش وبين المنشقين الذين سينتشرون في الجبال والأرياف والمناطق المختلفة. سورية الآن مهيأة لحرب عصابات يخوضها قطاع من الجيش ضد آلة القمع العسكرية.

في الأسابيع المقبلة سيتطور في سورية مساران متوازيان: الأول سلمي شعبي يمثّل إرادة الغالبية المستمرة في التعبير عن نفسها والتي تمثل أساس قوة الثورة وزخمها، أما الثاني فيمثل المنشقين من أبناء الجيش ممن يرفضون إطلاق النار على الناس.

وهناك فئة من الشعب السوري، ومن كل فئاته، ليست صغيرة، تتعاطف مع حركة الاحتجاج، لكنها لن تنضم إليها إلا عندما تكتشف أن النظام الراهن لن ينجح على الإطلاق في إعادة ترتيب الوضع في سورية. عندما تكتشف هذه الفئات أن النظام يتفكك من الداخل وساقط في المنظومة الدولية والإقليمية، وعندما تكتشف أن مصالحها التجارية لن تعود إليها إلا من خلال نظام جديد، سنجدها تحسم الموقف. ستنزل فئات شعبية كبيرة في لحظات تاريخية حاسمة لتحقيق التغير التاريخي الأكبر في تاريخ سورية.

استمرار الثورة سيفرض نفسه على الأجندة الدولية والإقليمية. سيكون هناك مزيد من المواقف الدولية التي تتناغم لمصلحة تدخل دولي. سيجد الأتراك أنهم مضطرون لتدخل أكبر، وسيجد مجلس الأمن كما الدول العربية أنه مضطر لقرارات أكثر قوة وحزماً. فقد رأينا أنماط التدخل الإنساني لحماية المدنيين في البوسنة ثم في كوسوفو وفي ليبيا وفي دول أخرى، في هذا لن تكون سورية استثناء، وسيكون هذا رهناً بالخسائر المدنية ومدى تعاون أو عدم تعاون النظام السوري مع المنظومة الدولية. سنجد وضعاً دولياً وعربياً وإقليمياً أكثر تداخلاً في سورية، بحيث تصبح موضوعة «الحماية الدولية للشعب السوري» شعاراً تقبل به دول كثيرة.

وتشكيل المجلس الوطني السوري برئاسة برهان غليون المفكر العربي السوري يمثل خطوة بالاتجاه الصحيح، كما أن تشكيل مجلس أعلى للثورة السورية في الداخل هو الآخر يساهم في تجميع قوى الثورة السورية ونقلها للمرحلة الثانية. الثورة السورية الآن في مرحلة صمود، وهي في مرحلة إعادة استجماع قواها للدخول في دورة جديدة من الاستنزاف للنظام السوري والأجهزة الأمنية والقوات العسكرية التي ترفض التغير السياسي السلمي. الثورة في سورية تسبب للنظام السوري كماً كبيراً من الخسائر السياسية والمعنوية والإقليمية والدولية.

ومن الطبيعي، بعد سيل الشهداء والقتلى، أن تستمر الثورة السلمية لتحقيق هدفها المركزي في تغيير النظام وتحويل سورية إلى دولة حريات ونظام يقوم على التداول السلمي على السلطة.

في سورية يحتدم التصادم الأكبر بين القوة العسكرية المجردة من الأخلاق والتي تغتصب السلطة السياسية وبين قوة الناس المحصنة بالحقوق والعدالة وسلمية الانتفاضة. في المواجهة بين العسكرية المجردة والإنسانية الحقوقية تتفوق القيم وينتصر الناس للحقوق. لهذا السبب عمت المعمورة في معظم الحالات في العقود الأخيرة القيم الديموقراطية ولم تعم فيها قيم العبودية والديكتاتورية. في التاريخ الإنساني لم ينجح نظام يرفضه شعبه في البقاء على سدة الحكم.

=================

واشنطن ضد انفصام دمشق - طهران؟

الخميس, 08 سبتمبر 2011

زهير قصيباتي

الحياة

ليس من شأن تفاؤل الأميركيين بثورة آتية في إيران لا ريب فيها، إلا أن يدفع طهران الى الاستماتة مجدداً في دعم النظام السوري. فواشنطن تعتبر أن «ثوار» الجمهورية الإسلامية يتعلمون الآن من ربيع تونس ومصر وبعدهما سورية، لذا وجب على قيادة خامنئي – نجاد سد رياح «الربيع»، بتراجع عن تفهمهما «المطالب المشروعة» للشعب السوري، بعدما تبنيا مقولة «المؤامرة» المدبرة في ظلام أجنبي، لمحاصرة كل «ممانع»، بل إزاحته.

اما النقيض لتفاؤل الأميركي في إيران فهو تشاؤم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي استبق الزيارة المؤجلة للأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي الى دمشق، ليتخبط بين تحذير الى القيادة السورية من فوات الأوان، وبين «أوان فات». هو أراد استعجال حركة إصلاحية حاسمة و «جريئة»، لم تعد واردة – كما قال – داعياً الى إجراءات دولية «منسقة». والتعبير الذي يلمّح إلى تحالف كبارٍ لاتخاذ هذه الإجراءات الغامضة – حتى الآن – يصب في النهج الفرنسي ذاته، المستنكر انقسام مجلس الأمن على معادلتين: جزرة بلا عصا تريدها موسكو، وإن باتت تدعو الى وقف العنف ضد المدنيين في سورية... وعصا يريدها الغرب بلا جزرة، قد تتدرج الى حد فرض حظر جوي يحرم الجيش السوري من أي غطاء لتحريك وحداته أو مراقبة الحشود، أو حتى استخدام المروحيات داخل المدن. وقد تتدرج ايضاً الى مرحلة إنذار دولي، لسحب دمشق كل عناصر الجيش وعتاده الى الثكن.

وإن كان «الرد» البريطاني على بان كي مون، أن لا تدخل عسكرياً وارد في سورية، على خطى السيناريو الليبي، فمن شأن دمشق ان تعتبر تلك الرسالة «تضليلاً» كي تنام على حرير الصراخ الغربي، والمبادرة العربية «الصامتة». ألم تعتبر ان العقوبات الأوروبية لا تزعجها، كأنها تطلب المزيد؟!

تذكّر تلك المكابرة بنهج الاستئساد الإيراني مع مجموعة الدول الست المعنية بالملف النووي. وفي كل الأحوال، لا بان كي مون قادر على توحيد صفوف مجلس الأمن لإطلاق مسار التدخل الدولي – غير العسكري بالضرورة – ولا الغرب يستطيع بسهولة تلمس المدى الذي يمكن موسكو الذهاب إليه، لوقف شهور «الحِداد» في سورية، ودورة القتل.

وإن كان من التفصيل «التكتيكي» ذاك التباين بين لساني الكرملين والخارجية الروسية، بين التحذير من «مصير حزين» للرئيس بشار الأسد، وتشدد الوزير سيرغي لافروف مع أي مسار لتدويل أزمة سورية وثورتها، فالحال هي ما يُقلِق من احتمال سقوط دمشق في «فخ» كبير تتمناه!... هو ببساطة تخيّل القدرة على اللعب على التناقضات في روسيا، أو اعتبار مواقف لافروف كافية لصد اندفاعة الغرب الى التدويل.

مَن يُضلِّل مَن؟ من يضغط لتسريع بدء مرحلة جديدة في الربيع السوري الدموي... مَن يصدّق امتلاك بان كي مون كلمة السر أو معرفته بساعة الصفر، فيما أقرب الجيران الى سورية، أردوغان الفاقد الثقة بنظامها، لا يبدو مؤمناً بصدق نية أميركا ورغبتها في تنحي الرئيس الأسد. ولا يبدو كذلك مطمئناً الى بدائل وخيارات، لمواجهة المجهول، ولا إلى لعب دور رأس الحربة لأي تدخل دولي من أجل قلب معادلة العنف والجنازات اليومية في سورية.

أما العربي، الأمين العام للجامعة الذي قبلت دمشق باستقباله بعد تردد، ثم أجّلت زيارته 3 أيام لأسباب «موضوعية»، فالموضوعية تقتضي الاعتراف بأن مهمته العربية لن تتعدى إبراء الذمة، ما دامت الخيارات واضحة: إصلاح سريع ضمن مبادرة البنود ال13، أو مزيد من العنف الذي قد يتدرج الى فتنة طائفية فتدخل دولي.

دمشق لم تكلّف العرب عناء انتظار مهمة العربي، فمحاولة اللحظة الأخيرة طويت سريعاً. النظام يتخيّل انه ما زال ناجحاً في ممانعة مستجدة حيال الضغوط، وأمام «مؤامرة» مقايضة بين ضياع «الاستقرار» وسلام مع إسرائيل يدفن تحالفات «مريرة».

مأساة سورية، مرة أخرى: لا النظام قادر على احتواء الثورة أو سحقها، ولا دماء الشهداء بدّلت أولوية «الاستقرار على الإصلاح». وأما «الاستقرار» ذاته باللغة الرسمية، فلن يؤدي سوى الى تمديد الانتحار الجماعي. بلغة باريس هو بالتحديد «جرائم ضد الإنسانية».

تبخّر الدرس الليبي سريعاً، «المؤامرة» استمرأها النظام. وهنُ الذاكرة إدمان في المنطقة... ليل سورية طويل.

=================

أبو غريب.. سوريا

ديانا مقلد

الشرق الاوسط

8-9-2011

منذ بدء الثورة السورية كانت تتسرب أو تسرَّب صور رجال أمن ينكلون بموقوفين ومعتقلين..

كانت دلالة تلك الصور تختلف كثيرا عن صور الجثث المنكل بأصحابها التي التقطت بعد موتهم وبعد أن انسحب من المشهد القتلة والمعذبون..

لكننا في صور التنكيل المباشر والحي أمام أعيننا حيال نموذج مختلف..

خلال الأيام القليلة الماضية شهدت تلك النوعية من الصور تصاعدا من حيث تكرارها ومن حيث مضمونها.. تنوعت الصور من ضرب مبرح وتعذيب وإهانة في «باص» أو في زنزانة أو في زاوية على الطريق أو حتى في صف مدرسة تحول فيه المعتقلون إلى طلاب على مقاعد يتلقون الضربات بالتتابع.. بات ظاهرا أن من يُنزل الألم بهؤلاء يريد أن يبدو ذلك جليا لا لبس فيه أمام الكاميرا.. في مشهد «الباص» المُسرَّب يظهر جمع من رجال يرتدون ملابس عسكرية بينما كان أحدهم يمعن ركلا في شاب مقيد، وإلى جانبه نجد عسكريا آخر حاملا هاتفه ويصور المشهد..

حين كُدس جمع من المعتقلين على الأرض، وبعد الدوس عليهم، وقفت مجموعة من الجنود على أجسادهم وكأنهم على وشك الرقص على ظهور أولئك المقيدين والمكومين أرضا، وابتسموا للصورة أو لملتقطها تماما كما فعل جنود أميركيون في سجون أبو غريب وغوانتانامو..

احتفلوا بمشهد العنف الذي أنتجوه.

المخاطَب في مشهد أبو غريب ثقافة عنف غربية، لكن المخاطَب في صورة «شبيحة سوريا» يبعث على الحيرة فعلا. فإلى من يتوجه هؤلاء في مشهدهم؟..

الأرجح أن أقرب الناس إليهم ستلحقهم إهانة كما لحقتنا جميعا عندما شاهدنا صورهم..

إنه وعي عار وصريح بأن هذا التعذيب والتنكيل سيصل للسوريين وللعالم. والسؤال هنا حول هذا الشغف الذي أبداه هؤلاء المعذِبون في التقاط صورهم وهم يرتكبون ذلك.

لكن مرة ثانية، إنهم ليسوا أفرادا مرضى..

إننا أمام جهاز كامل ونظام كامل وعقل آيديولوجي تربى على هذه الشراسة المجانية.. لقد كرس العقل الأمني السوري في تعامله مع الثورة الشعبية الحاصلة منطق العنف الأعمى. هل ننسى أن الثورة انطلقت من درعا بعد أن جرى تعذيب مجموعة أطفال من المدينة؟..

والحال أن الإهانة التي لحقتنا جراء ما شهدناه هو ما يمكن أن يكون الدافع لبثها. ضحايا التعذيب المباشرون هم في موقعهم أصلا كضحايا، أما ما «أبدعه» العقل الجهنمي هو محاولة تحويل المُشاهد إلى ضحية أيضا. ليس المشاهد السوري لكي يرتعب، إنما المشاهد العربي والعالمي المتضامن مع الثورة في سوريا.. المطلوب منا بعد مشاهدتنا الصور أن نخاف على السوريين، تماما كما المطلوب منهم أن يخافوا على أنفسهم..

وإذا كان السوريون أنفسهم قد أبطلوا هذه التقنية عبر إصرارهم وصمودهم، فالأجدى بنا نحن الذين خارج حدود المأساة أن نحذو حذوهم في عدم الارتعاد من ابتذالهم العنف وتحويله سلعة وجعل آلام الناس رسائل قذرة لم تعد تفعل فعلها.

=================

النظام السوري أمام خيارين كلاهما مر.. جدا

باسم الجسر

الشرق الاوسط

8-9-2011

عندما يهل الربيع على الطبيعة تتفتح الأزهار. أما الثمار فإنها لا تنضج إلا في أواخر الصيف. وتلك هي حال الربيع السياسي العربي الذي تتوالى فصوله ولم تنضج ثماره بعد. إلا أنه ما من أحد يستطيع إنكار عمق أو مدى هذا الزلزال الذي هز العالم العربي، شعوبا وأنظمة، ولا الادعاء بأن الأمور فيه، بعد اليوم، سوف تبقى على حالها كما كانت في الثلاثين أو الأربعين عاما السابقة.

لقد تميز ربيع ليبيا عن ربيع تونس ومصر، بثلاث:

1 - تشبث رئيس النظام الحاكم في الحكم واعتماده القوة العسكرية لضرب المعارضين.

2 - لجوء المعارضين إلى حمل السلاح ومقاتلة القوات الحكومية دفاعا عن نفسها.

3 - تدخل المجتمع الدولي والعربي مباشرة في القتال إلى جانب المعارضين الثائرين المقاتلين، الأمر الذي وفر لهم الانتصار.

والأنظار تتجه، اليوم، إلى سوريا متسائلة: كيف سيكون المخرج من الانتفاضة الشعبية ضد نظام الحكم المستمرة منذ أشهر؟

من المسلم به أن وضع سوريا الجيوبوليتيكي الإقليمي والدولي، يختلف عنه في ليبيا ومصر وتونس. وأن الحكم البعثي العلوي الأسدي القائم منذ أربعين عاما، متجذر بعمق في الإدارات العامة والقوات المسلحة والمؤسسات العامة، وبالتالي له أنصاره في الشارع، ويستطيع تجنيد عشرات الآلاف للتظاهر تأييدا له، ودفاعا عن مراكزهم وامتيازاتهم.. بالإضافة إلى أنه تمكن، بعد أن اندلعت الانتفاضة الشعبية، من إرهاب الكثيرين ممن يرغبون في التظاهر إعلانا لمعارضتهم ولكنهم يخشون من الرصاص والاعتقال والتنكيل. أضف إلى ذلك أن الشعب السوري, والمعارضون في مقدمته، يرفض تدخل الدول الأجنبية عسكريا في بلاده، وأن الدول الكبرى منقسمة في مجلس الأمن حول الحالة السورية. وأن روسيا والصين تعارضان صدور قرارات حاسمة ضد النظام السوري.

هل يعني ذلك أن المجابهة بين الشعب والنظام سوف تستمر أشهرا أو سنوات دون حسم؟ وهل يمكن للنظام السوري أن ينتصر على أكثرية الشعب السوري المنتفضة عليه؟ وكيف؟

لقد أخذ طوق الضغوط على الحكم السوري يضيق دوليا وإقليميا وعربيا، سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا. ولا نقصد عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فحسب، بل أيضا «توصيات» و«نصائح» مجلس جامعة الدول العربية، وتركيا، وحتى إيران، الداعية إلى «الإصلاح قبل فوات الأوان».

فهل يستجيب النظام إلى هذه النصائح ويرضخ للضغوط الدولية؟ أم أنه سوف يستمر في استعمال العصي الغليظة، لقمع المظاهرات وتكميم الأفواه وسجن المعارضين؟

كثيرون هم الذين باتوا يعتقدون أن النظام خاسر في كلا الخيارين: فلئن هو أقدم على الإصلاحات التي يطالب بها الشعب، أي دستور جديد وانتخابات حرة وإطلاق الحريات السياسية والإعلامية، فإن أكثرية الشعب سوف تحمل إلى السلطة قوى وشخصيات جديدة، تنهي النظام القائم منذ أربعين عاما، دفعة واحدة أو على دفعات. أما إذا استمر النظام في القمع والتنكيل بالمعارضين المتظاهرين، فإن الضغط الدولي والعربي عليه سوف يزداد، وتزداد معه الأزمة الاقتصادية الداخلية. وبالتالي نقمة الشعب. وهناك حدود لقدرة النظام - أي نظام - على تحمل نتائجها السلبية.

هل هناك مخرج للنظام السوري من «كماشة» الضغط الشعبي الداخلي والضغط الدولي والعربي والإقليمي عليه؟ وماذا تستطيع إيران وتوابعها في المنطقة فعله لإنقاذه من فكي هذه الكماشة الضاغطة؟ ماذا تستطيع روسيا والصين وجنوب أفريقيا فعله لمساعدته على الصمود، غير الدعم المبدئي؟

إن لتغيير النظام الحاكم في سوريا له، بحد ذاته، تداعيات على موازين القوى في المنطقة، وأيا كان لون أو اتجاه النظام الذي سيحل محله، وتأثيره على عملية السلام في المنطقة وعلى المشروع الإيراني الإقليمي، الذي تعتبر سوريا قاعدة أساسية فيه، قد لا يتبع النظام الجديد سياسة عربية أو إقليمية أو دولية مناقضة لسياسة النظام القائم حتى الآن، ولكنه حتما، سيكون أقل اندماجا في المشروع الإيراني، وأقل تدخلا في لبنان، وأكثر انفتاحا وتعاونا مع مصر والمملكة العربية السعودية وتركيا.

وعلى الرغم من أن تسيير نظام ديمقراطي ليبيرالي في سوريا، بعد نصف قرن ونيف من الانقلابات العسكرية وحكم الحزب الواحد والعائلة الواحدة، ليس بالأمر السهل ولا المضمون النتائج، فإن استسلام الشعب السوري المتعطش للحرية والعدالة والمساواة، لأي نظام حكم يحرمه منها، بات غير مقبول وطنيا وعربيا ودوليا.

لا شك أن من بين السياسيين والقادة العسكريين السوريين المرتبطين بالنظام الأسدي - البعثي، من يؤثرون تحقيق الإصلاحات بدلا من القمع وإسالة الدماء وتنامي العزلة الدولية. ومن حقهم وواجبهم أن يقنعوا الرئيس الأسد والمتشددين من حوله بأن الحوار الجدي مع المعارضين للتوصل إلى قيام مرحلة انتقالية تمهد لتحقيق الإصلاحات، أفضل ألف مرة من التشبث بالموقف العنيف والسلبي الذي اتخذه. فهل تراهم يفعلون؟ وهل تراه يقتنع؟

أم أنهم سيتركون النظام ينحدر تدريجيا، وهم والبلاد معه، نحو هاوية مجهولة القرار؟

=====================

سوريا..التغيير ومسيرة التاريخ

بلال داود- كاتب سوري

الشرق القطرية

Arcan48@yahoo.com

و نسائم الحرية تنساب في زمن الربيع العربي ناعمة رقيقة أحيانا، و تهب عاصفة هوجاء في أحيان أخرى، علينا نحن البشر أن ننتبه إلى محطات شبيهة ومهمة مررنا بها في تاريخنا الماضي، فنتمعن بها مليا و نستخلص الحقائق و العبر لحاضرنا ومستقبل أجيالنا القادمة ...

حقيقتان مهمتان يصعب التغاضي عنهما في يومنا هذا، من مجموعة حقائق تبلور سنة الحياة الاجتماعية و السياسية، لم تحد مسيرة التاريخ عنها يوما فيما مضى، إكراما لشخص أو أمة أو شعب ...

 الأولى : لا يوجد في التاريخ المعروف أو المدون نموذج واحد لديكتاتور طاغية ، تحول تلقائيا أو استجابة لرجاء ناعم من شعبه ، إلى ديمقراطي عادل، ينعم شعبه بالحرية و الكرامة الإنسانية، و مهما نحاول عبثا أن نبحث عنه فإن محاولاتنا ستبوء بفشل ذريع، بينما نستطيع أن نتذكر دون عناء بحث عشرات الأمثلة العكسية، لحكام عاشوا وماتوا وهم مترفون مسرفون في ديكتاتوريتهم وظلمهم وقمعهم واستبدادهم ، بغض النظر عن حالة الموت طبيعية كانت أو قتلا أو انتحارا .

 الثانية : لا يمكن لشخص أو مجموعة قادت مرحلة من المراحل، في بلد أو منظومة أو مجموعة أو حزب أو مايشبه ذلك ، ضمن رؤية و مشروع وبرنامج ثم فشلت ، لا يمكنها أن تقود مرحلة إصلاحية أبدا من خلال الأشخاص أنفسهم الذين قادوا المرحلة السابقة.

من هاتين النقطتين نتأكد ونؤكد أن نظام الأسد الحالي القمعي الديكتاتوري المستبد لا يمكنه أبدا التحول ذاتيا نحو الديمقراطية والحرية والعدالة ، كما أنه من المستحيل عليه أن يتمكن من قيادة مرحلة الإصلاح أيضا ، حتى لو اقتنع بضرورة التغيير .

التحول الذاتي نحو الديمقراطية والعدالة والحرية ، يعني الانتحار الذاتي ضمن منظومة الأسد ، فمنظومة الأسد قامت على أسس داخلية لا تختلف عن أسس وقواعد عصابات المافيا ، بكل معانيها بل أبشع منها من اغتيال و قتل وتهديد و تهريب و سرقة و نهب و استغلال نفوذ وبسط سيطرة على الجوار ،و ممارسة جميع أنواع الترويج للمنوعات العالمية والإنسانية و البشرية من مخدرات و خمور و أسلحة و أعضاء بشرية وتجارة رقيق أبيض و أسود وباقي الألوان , ... و... و... بل يمكن القول أن منظومة الأسد تزيد عن عصابات المافيا بتمتعها باعتراف في المحافل الدولية والمحلية والعالمية على أنها نظام دولة وليس نظام عصابة ، مما يعطيها حماية دولية و قانونية أمام المحاكم الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان وجرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية ، فعصابات المافيا في نهاية الأمر تخاف أن تقع في يد القضاء كلها أو بعضها ، وإن وقع أحدهم في قبضة العدالة فسوف يحاكم ... و لكن من يحاكم عصابة متنكرة في هيئة نظام دولة؟؟؟

 و داخليا تمكنت منظومة الأسد خلال السنوات الطويلة من حكم عسكري مخابراتي حديدي القبضة من القضاء على أي محاولة بشرية عند الشعب لتكوين معارضة سياسية من داخل الوطن ، و لا أجد ضرورة لسرد الجرائم الداخلية للتذكير بها، فقد أصبحت معروفة لجميع سكان الكرة الأرضية .

إن أي تفكير أو أمل عند البعض بإمكانية التغيير الداخلي الذاتي لهذا النظام نحو الديمقراطية والحرية والعدالة أو قيادة مرحلة انتقالية إصلاحية محض سراب ووهم ، ومن المؤكد أن جميع الساسة في العالم الذين يطالبون الأسد بالإصلاح يعرفون هذه الحقيقة أكثر من غيرهم من الناس ، و خصوصا عندما يكون بعضهم قادما من تدريس علم السياسة والتاريخ السياسي و علم الاجتماع ولا داعي للخوض في الأسماء فكلها معروفة للعالم .

السؤال الذي يلح هو لماذا يستمر هؤلاء الساسة في هذا الخطاب ؟ و يعيدون إعطاء المنظومة الأسدية الفرصة تلو الفرصة لقتل الشعب الأعزل بهذا الشكل الهمجي الذي نراه يوميا على شاشات التلفزيون و نسمع تفاصيله من خلال الانترنت أو مما ينقله شهود العيان، وآخر بطولات المنظومة الأسدية بعد درعا وحمص وحماة ودير الزور وجبل الزاوية و ... و .. هاهو يقصف مدينة اللاذقية عروس الساحل السوري برا وبحرا ... و هذا لم يفعله الإسكندر المقدوني عند استيلائه على هذه المدينة الوادعة في حضن البحر .

السؤال ملح و مهم و يحتاج إلى أجوبة من هؤلاء الساسة ، ولكن أهم من ذلك أن الشعب السوري بكل فئاته و أعراقه و طوائفه لا يعول على إجاباتهم ، فقد وصل إلى قناعة مطلقة أنه يريد إسقاط النظام ، واستبداله بدولة مدنية تحترم جميع الأديان والمذاهب والأعراق والثقافات ، يقام فيها العدل و تطلق الحريات و يتمتع المواطن بكرامته الإنسانية ، هذه القناعة بالتغيير مطلقة و لن يتراجع عنها وهو يواجه دبابات القمع بصور عارية و حناجر تهتف ليل نهار : سورية بدها ... حرية.

==========================

للتاريخ ايضا وجهة نظر

بقلم فادي ماضي

http://www.facebook.com/messages/#!/groups/lebaneses

فمنذ بداية الثورة الليبية ونحن نتفاجأ بعدة مقالات وكتابات لمن خصصوا انفسهم بمصطلح رواد القومية العربية , لا باس طالما ان الثوابت والمبادئ شكلا , هي التي تحكم توجهات واهداف هؤلاء الكتاب, ولكن ضمنا , ومن ضمير مهني واخلاقي وقيمي , هل يحق لهؤلاء اتهام كل من كان له راي بالثورة الليبية يخالف ما عكف عليه كل اقلام هؤلاء الرواد طيلة الشهور الماضية , بالعمالة والخيانة واخر ما سمعناه كتاب الناتو او ثوار الناتو , غريب هل يعني ذلك ان حزب الله والمقاومة العراقية واغلب فصائل المقاومة الفلسطينية وغالبية احزاب العالم العربي الين باركوا علنا ثورة الشعب الليبي وان تاخروا باعلان موقفهم هل هؤلاء جميعا خونة وعملاء وثوار ناتو , لماذ الخلط بين الغزو الاميركي لارض العراق الاشم وبين قرار اممي صدر بعد ان ازكمت انوف الانسانية جمعاء بجرائم النظام الليبي

صحيح من يتعامل مع حلف الناتو عميل خائن اما من يتعاون معه ففيها هنة وانة , لان معظم فصائل المقاومة تعاونت مع الناتو بشكل او باخر

التعامل خيانة صحيح اما التعاون فله تفسيرات عدة

بتنا لا نستطيع انتقاد احد شرقا وغربا او حتى في عالمنا العربي والاسلامي لا بل داخل متحداتنا الاجتماعية الاضيق والاضيق حتى لا نتهم بالخيانة والعمالة لمجرد ان لنا رايا اخر مخالف

ومن الذي يتهم من من اعطى صك الاحكام المطلقة والبراءة والعمالة هكذا فقط لان فلان او اخر زميلا له اعضاء او كتاب في لائحة بريدية سمت نفسها بالقومي العربي وهل القومي العربي هي مادة تجارية مسجلة محتكرة كل من انضوى تحت جناحها مقاوم ووطني والاخرون عملاء وخونة وثوار ناتو

هل هناك هرطقة وفذلكة اكثر من هكذا سفسطائية وديماغوجية مزخرفة

وهل ذرات الوعي القومي والوطني ممهورة بختم مدرسة او معهد تخريج لائحة القومي العربي

وقد يكون ايضا هؤلاء منسجمون مع انفسهم ولكن هل يفرط عقد حبات الانسجام مع من كانوا قبلهم او بعدهم او معهم رواد القومية العربية ان في العراق او فلسطين او لبنان وفي ليبيا اصبحوا عملاء للناتو وخونة هل هذا هو الانسجام الظرفي او القومي

وهذا القائد المقاوم للناتو هل اطلق ذخيرة كتائبه على قوات الناتو ام على اهل بلده وشعبه وهل لانه يدافع عن بقائه في كرسي الحكم اصبح مقاوما لمجرد ان قوات الناتو تقصف كتائبه , اي تخبط فكري هذا

الخلل المركزي موجود صحيح ولكنه ليس في عقلية المثقف القومي والوطني بل في كتاب وعقلية الدينار والريال والطومان واي معنى للسيادة والاستقلال دونما حرية هي هي كسيادة الخليفة الذي ورت الخلافة عن ابيه او اخيه او ابن عمع تحت سيف شرعية الخلافة وولي الامر , السيادة والاستقلال عن الاجنبي لا تتحقق بقمع الحرية والتنكيل والترويع وتقتيل ابناء الوطن وزرع الاحقاد القبلية والجاهلية عندها يكون الليبرالي اقل وطاة واقل وحشية وربما اقل رحمة وهذه القلة قد تنقذ حياة الاف ومئات الالاف من شعب كرس حياته لقضايا الوطن والامة

واذا كان ترحيبنا بسقوط طاغية من طغاة العرب عار فليسجل التاريخ ما شاء لان كتبة التاريخ هم شعب ليبيا واحرار ليبيا ومعهم كل احرار وشعوب العالم العربي

الجزء الثاني

القومجية وثقافة ممانعة الثورة

التاريخ هو سجل سير الحياة للمجتمع المعني , لا يقاس بالاوقات وتعاقبها في ما هو منظور او متفق عليه في التقويم الزمني , فسير الحياة –مسيرة المجتمع البشري- الانسان في كل بيئة من الارض يتم وفق ناموس طبيعي , الاستمرار والنمو, فالمجتمع حين يكون مستقبلا الزمن لا خوف عليه , فهو يحقق الحياة استمرارا او نموا , وليس النمو عدديا بل تساميا نفسيا , فالحياة الانسان قيمة عليا بلا حدود والتحقيق هو التحقيق القيمي اي ان يوافق استمرار المجتمع تحقيق انسانيته , مثله , عقليته الاخلاقية , ودولة المجتمع المعني هي مظهره الحقوقي السياسي حين يتحقق المدلول الصحيح للدولة , فالدولة هي مؤسسة الشعب الكبرى , فهي المظهر الحقوقي السياسي للشعب حين تعني كلمة الشعب الامة التامة وحين تعني الامة جماعة من البشر تحيا حياة موحدة المصير موحدة العوامل النفسية المادية على بيئة طبيعية يكسبها التفاعل معها وعليها ميزات خاصة تتمايز بها عن الجماعات والامم الاخرى .

والحكومة في مدلولها الصحيح هي مؤسسة تنفيذ ارادة المجتمع الدولة , ولهذا فان الحكومة –باعضائها –تكون قادرة , ناجحة حين يكون اعضاؤها معبرين عن ارادة الشعب في حياة جيدة سيدة ترقى , وفي هذا تحصل المفارقات في التقويم , اذ ما هو القياس الذي نتعرف بواسطته على النجاح في التعبير عن الارادة الحقة والسير في التوافق الكلب مع تطلعات المجتمع وامكانات تحقيق الافضل والاسمى.

ليس هنالك مقياس لان الحق لا يقاس ولا يعرف الا بانتصاره على الباطل , والباطل غرار , لانه كثيرا ما يظهر بثوب الحق فيجر النفوس الضعيفة فيوهنها بمخدر الاماني , هذا هو حال القومجيين المدافعين عن انظمة كذبة الممانعة القذافي والاسد وصالح.

لكن المجتمع الحي المتمرس بقيم الانسان ينتصر بحقيقته وحقه على كل الاباطيل , ونشدد على هاء الضمير هنا لان الحقيقة والحق ليسا مطلقين في البشرية , فسوريا وليبيا واليمن والبحرين حقيقة وتنتصر بحقيقتها , والحق ليكون قيمة عليا للسوريين والليبيين وكل العرب هو الحق العربي السوري والليبي وغيرهم ولا يقبل هذا العقل العربي ان يشارك في حقيقة العربي اي مجنمع اخر ولا ان يرى حقا او قيمة اخرى – حرية عدالة , الخ – الا ما هو عربي بالكامل او ما يشترك العرب في رؤيته , وامكان التمرس بما يراه اي مجتمع اخر حقا .

ليس هذا من صنف الفلسفة في عمل العقل , ان هو الا تقرير يقوم عليه كل يوم الف برهان وعليه يحتدم الصراع في ما بين المجتمعات كما يحصل الاصطراع في المجتمع الواحد بين ناصري الحق المنتصرين به >الثوار العرب والثورة العربية , والذين جرهم الباطل فانتصر عليهم وغرس فيهم مركبات الامراض وابشعها الكبرياء والمكابرة في الباطل >القومجيين وخدم الانظمة والاجهزة وكتاب الدينار والليرة ,

ولهذا فان الاما عظيمة تنتظر كل ذي نفس كبيرة , والنفس الكبيرة هي المستمدة من نفسية الامة – المجتمع وبمقدار عظمة النفس في المجتمع تكون الالام .والام النفوس هي ظاهرة حرارة الحياة في صهر الباطل وانارة طريق الحياة للاجيال الصاعدة , وكثيرا ما تنتاب النفوس الكبيرة الالام حين يتبين لها , في السياق ان ما اقتنعت به لم يكن الا باطلا تدثر بلباس الحق.واذا ظهر الباطل على الحق , فترة فتوهمت النفوس – العقول الموهنة ان الباطل قاهر او ان الباطل هو حق , فان المعركة المستمرة بين الحق والباطل والتي يزهق فيها الباطل دائما , هذه المعركة المستمرة هي معركة انسانية تجري في هذا الوجود وليس خارج هذا الوجود , فاذا استغفر المرء ربه واطمأن الى غفرانه فهذا امر ايماني فردي . اما التاريخ – سجل سير الحياة الامة فلا يرحم ولا يغفر لذي زلة زلته , حين ينتصر المجتمع ويصبح كله او غالبيته على الحق .

يغفر الله للمخطئ خطأه لانه خطأ فرد ضد نفسه بمعنى انه لم يتمرس بالقيم الانسانية فيه. ويغفر التاريخ للمخطئ في حالة واحدة هي ان لا يجر خطأه ويلا على مجتمعه , وفي حالة الانجرار للباطل وفرضه – باية وسيلة على مجتمعه . ولا يكون الخطأ ويلا حين يراه المخطئ وشيكا فيتراجع عنه ويعمل بجهد مضاعف للتعويض – اما في يده او بأن يتنحى لاخرين اكثر منه قدرة على تصحيح الخطأ ومحو اثاره.

الجزء الثالث

سيادة القانون قهرا ام روح النظام

في المجتمع العريق الراقي الفاعل العقل تكون القدرة على الرؤية الواضحة في غالبية ابناء المجتمع –الامة , ان لم يكن لكافتهم , وظاهرة الرقي هي ايضا في القدرة على الاخذ الصحيح حيث يوجد من يعطي , ولهذا كان لا بد من حملات توعية قومية صحيحية يرتفع بها الشعب الى سوية استيعاب ما يعطيه القادة في مجمل الشؤون الحياتية للسلم والحرب وهو ما لا نجده لدى اغلب الزعماء العرب ان لم يكن باجمعهم .

القانون هو ما ينتظم طاقة المجتمع في تفاعلها للتحقيق الافضل , والقانون الوضعي , ليكون تعبيرا عن سلطة الشعب , يجب ان يتوافق مع القانون الطبيعي قانون الحياة في استمرارها ونموها القيمي-نموها في تحقيق الحياة – الانسان قيمة عليا.

ونظام المؤسسات يساعد في التحقيق القيمي حين تكون المؤسسات تعبيرا عمليا عن وحدة المؤسسة الكبرى- مؤسسة الشعب في حقيقته وجودا ومصيرا ومصلحة . اما سيادة القانون <قهرا>.( ونظام المؤسسات ) شكلا خلوا من نظام الفكر الذي هو فعلا روح النظام وبالتالي عامل التفاعل التعبيري- الحياتي في المؤسسات فلا يفيدان شيئا اسمى من العبودية للشكل وللحرف .بعيدا عن سنة الحياة في واقعها الطبيعي القيمي.وهذ يعني ان ليس كل نص قانوني معبرا عن السيادة , وليست (سيادة القانون)الا الاستعباد المذل حين لا تكون السيادة فيه ظاهرة العقل السيد , عقل المجتمع المعني, كل نص قانوني مهما كان حسنا اذا لم يكن نابعا عن نفسية المجتمع يكون استعبادا قسريا , وهذا يعني ان اي اقتباس من خارج هو ظاهرة عبودية فكرية , ولا يكون الشعب حرا ان لم يتحرر فكره من كل ما هو غريب عنه , عن تراثه , عن نفسيته وتطلعاتها ز

نقول هذا لكي نعرض على مقياسه الصحيح – في نظرنا – ما هو حاصل في سوريا واليمن والبحرين وما سبقهما في مصر وتونس وليبيا وما يلاقي من رد فعل من كل شعب يهمه ما هو حاصل في العالم العربي.

وايرز ما في العالم العربي اليوم الاثر النفسي لاتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور وسان ريمو وكمب دايفيد ولو باثر رجعي , لقد سمع العالم امام مجموع اعضاء المؤسسات التي انتظمها القانون في مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا والبحرين خطابات القادة العرب الطغاة الذين رحلوا والذين ترنحوا والذين سيلحقون بركب السابقون , اذا انهم جميعهم سمعوا ايضا وعلموا قول رجل الثورة العربية الاول الذي سيق الى ساحة الاعدام رميا بالرصاص . وكان اعدامه عملية اغتيال باسم القانون , اصدرته مؤسسات كان من بينها المؤسسة الرسمية العربية .. القول لسعادة : اطلقه في شباط 1925 مقالا في مجلة المجلة وننقله عن كتاب سعادة في مراحل المسألة الفلسطينية وفيه الرد الفاضح على كل اقاويل القومجيين والوطنجيين وكتاب الدينار والليرة , ومن يسمون انفسهم بالقوميون العرب المزيفون , المدافعون تزلفا عن الحكام والظغاة العرب وهذا بعض ما جاء في المقال :

(رغما عن كل ما تقدم ومن ان الحركة الصهيونية غير دائرة على محور طبيعي تقدمت هذه الحركة تقدما لا يستهان به فاجراءاتها سائرة على خطة النجاح ولا يكون ذلك غريبا بقدر ما يكون تخاذل السوريين كذلك اذا تركوا الصهيونيين ينفذون مآربهم ويملكون فلسطين. حتى الان لم تقم حركة سورية منظمة تنظر في شؤون سورية الوطنية ومصير الامة السورية لذلك نرى اننا نواجه الان اعظم الحالات خطرا على وطننا ومجموعنا فنحن امام الطامعين والمعتدين في موقف تترتب عليه احدى نتيجتين اساسيتين هما الحياة او الموت واي نتيجة حصلت كنا نحن المسؤولين عن تبعتها) سعادة.

وفي وطنه سورية , وعلى اسس نظرة الى الوجود – افاد منها بعض النابهين في العالم العربي – بدأ بتحقيق ما نادى به . وكان ان الب الاستعمار البريطاني – الفرنسي ضده كل قدرات المجرورين بالباطل . ثم جاء دور الاميركان بعد الحرب العالمية القانية فكانوا سندا لليهود ضد شعبنا وشعوب عالمنا العربي يضربون الشعوب بايدي الذين يوصلونهم الى الحكم ويسلطونهم بالقانون التعسفي وبنظام المؤسسات وابشعها البرلمانية والتيوقراطية المسيطرة في عالمنا بوصاية من خارج قانونا وفكرا ونظام مؤسسات

يتبع في اجزاء اخرى

والنصر للثورة العربية في سوريا واليمن وليبيا والبحرين

ستجدون مقالة للتاريخ ايضا وجهة نظر بكل اجزائها على الرابط التالي

http://www.facebook.com/messages/#!/groups/lebaneses

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ