ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 28/08/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

سورية.. إرهاب السلطة.. وصمود الشعب

المصدر: الرياض السعودية

التاريخ: 27 أغسطس 2011

لن يغير الحكم في سورية قناعاته في إيقاف المجازر لأن طبيعة تكوينه عاشت على سلوك العنف، فبعد تصفية العديد من الوجوه الفاعلة في لبنان ثم قتل عشرات الآلاف في حماة، وتلك المذبحة حدت من ثورة نشأت بفعل بسالة أبناء المدينة لقهر الظلم..

في الوقت الحالي توفر عند السلطة مفهوم أن الغرب لن يدخل في معركة مجهولة طالما الجيش بقي ولاؤه لهم، وأن الرهان على تشققه نظرة قاصرة، ويستحيل أن يقوم انقلاب من داخل العائلة، لأن المصير واحد، وأي خلل في هذا الرباط سوف يجعل الجميع في مواجهة المجهول..

فدمشق وحلب - وهما القاعدة الاقتصادية والثقل الاجتماعي والسياسي - تتفرجان على ما يجري بدون مناصرة للأكثرية الشعبية التي انتفضت وواجهت القمع بالتضحيات وكسر الخوف حتى لو سقط آلاف، ويعزى صمت المدينتين الرئيسيتين أن طبقة من التجار وأصحاب السلطة ممن انتقلوا من الريف إليهما أصبحت الروابط مع الحكم قائمة على المصالح المشتركة، لكن تردّي الوضع الاقتصادي، وتقلب ولاءات مثل هذه الطبقات قد لا يصمد، فقد تمارس تهريب أموالها للخارج وقد تضطر لخطة تغيير موازين القوة لصالح الثورة أن تدخل اللعبة لإنقاذ نفسها من تلاحمها مع النظام..

الحكومة لا تزال قوية بوجود الروابط مع قوى الأمن والاستخبارات والجيش، لكن نقص الموارد وتبعات تشغيل آليات الحرب بكل تشكيلاتها ستؤدي إلى خسائر لا تقوى عليها خزانة بدأت تنفد موجوداتها وأرصدتها، إذ كانت الحكومة السورية في تردي ظروفها الاقتصادية تلجأ إلى الدعم الخليجي مع الإيراني، والأخيرة حتى لو سعت إلى إنقاذ الحكم بدفع بعض الفواتير، فهي تنظر للاحتمالات القادمة، أي أن سقوط الحكم المتحالف معها سيقطع العلاقة نهائياً، وبالتالي ستكون الخاسر في كل الأحوال..

روسيا قد تعطي السلاح بأمل استعادة أثمانها في المستقبل، والدافع هنا أن حكومة دمشق هي أكبر الحلفاء لها، لكن ذلك قد لا يكون ثابتاً في السياسة الروسية عندما تتصرف وفق مصالحها، مما قد ينقلها من حالة المراوحة بقبول حل داخلي إلى الانحياز للثوار، وهو تصرف أي دولة تبقي سياستها مفتوحة على أسوأ التوقعات وأحسنها..

هناك رؤية أخرى ترى أن نجاح تسليح ثوار ليبيا ربما ينجح مع سورية، وقد لا تنتظر القبائل التي تجمعها أرومة واحدة على حدود العراق مع سورية ألا تبدأ هذا النشاط ليأتي الدعم من سنة العراق ولبنان الذين اكتووا بنيران حكومة دمشق، وإسرائيل التي تكره زوال السلطة لكنها ترحب بضعف الهلال الشيعي، وقد يدفعها الوضع الراهن توجيه ضربة لمواقع الأسلحة النووية الإيرانية مستغلة انشغال سورية بوضعها الداخلي وتراجع نوايا حزب الله أن يفتح معركة معها يجهل نتائجها..

تركيا لها مساعيها المعلنة والخفية، لكنها حتى الآن تتصرف بدون مغامرة حتى لو فتح الأكراد على حدودها معركة أراد فاعلوها التخفيف من ضغطها على سورية، غير أن كسبها الشارع السوري مهم للغاية، وتأتي مخاوف إيران والغرب من تحالف سني كبير يطوق الهلال الشيعي، بمعنى أن الوضع السوري خلط كل الأوراق، لكن زوال هذه السلطة مطلب اتفقت عليه معظم آراء كل الدول العربية وخارجها..

================

سوريا.. وفشل الحل الأمني

المصدر: الراية القطرية

التاريخ: 27 أغسطس 2011

مما لا شك فيه أن الأوضاع في سوريا تتجه يوما بعد يوم إلى الأسوأ في ظل إصرار النظام على تمسكه بالحل الأمني الذي أظهرت التجارب السابقة أنه لن يجدي نفعا أمام الثورة الشعبية السلمية التي بدأت مطالبة بالإصلاح، ويبدو واضحا مع مرور الأيام فشل حملة القمع في إسكات صوت الشعب، وذلك ما أكده سمو أمير البلاد المفدى حين أكد أن "الجميع يعرف أن الحل الأمني أثبت فشله ولا يبدو أن الشعب السوري سوف يتراجع عن مطالبه بعد ما دفعه من ثمن".

لقد كانت دعوة سموه في غاية الصدق والنصح للإخوة في سوريا حين دعا القيادة السورية الى "استنتاج ضرورة التغيير" بما يتلاءم مع "تطلعات الشعب السوري".

لقد أوضح سموه بما لايدع مجالا للشك حقيقة ما يجري في سوريا، والذي يفند ادعاءات النظام بمحاربة مسلحين متطرفين، فالحقيقة كما هي كما قال سموه إن "الشعب السوري خرج في انتفاضة شعبية مدنية حقيقية مطالبا بالتغيير والعدالة والحرية".

إن سوريا اليوم مطالبة بالاستماع للنصح الصادق الذي وجهه سمو الأمير بضرورة اتخاذ خطوات حقيقية نحو الإصلاح إذ لا طريق آخر غير ذلك يمكن أن يقود لنهاية آمنة للمحنة التي يعيشها الشعب السوري الشقيق، ولا يخفى على أحد ما أكده سموه من وقوف دولة قطر مع سوريا في أصعب الظروف".

لقد آن الأوان للقيادة السورية أن تدرك حقيقة مفادها أن مواجهة مواطنيها بالدبابات والمدرعات يتنافى مع الإصلاحات التي لم تجد طريقها إلى التنفيذ حتى اليوم، فرفع حالة الطوارئ لم يكن فعلياً على الأرض، حيث لا يزال الآلاف معتقلين دون الإفراج عنهم أو تحويلهم الى القضاء.

إن الإصرار والعزيمة القوية التي يتحلى بها الشعب السوري وخروجه اليومي في تظاهرات تواجه الموت بصدور عارية، كل ذلك يدل على أن العنف والحل الأمني لا يجديان نفعاً وأنه لابد من الحل السياسي، إذ أن البلاد ذاهبة الى المجهول.

ولا شك أن مخاطر عديدة قد تواجهها سوريا في المستقبل القريب عندما لا تكف آلة البطش الأمنية عن الاستهداف العنيف للمدنيين، فقد أعلنت بعثة الأمم المتحدة الانسانية التي زارت سوريا أن هناك "حاجة ملحة لحماية المدنيين من الاستخدام المفرط للقوة"، كما قال مساعد المتحدث باسم الامم المتحدة فرحان حق الجمعة.

ولا أحد يمكن أن يتوقع ما قد يلجأ إليه المجتمع الدولي حين يتعين عليه التدخل لحماية المدنيين السوريين بعد مقتل أكثر من 2200 شخص منذ اندلاع حركة احتجاجات منتصف مارس بحسب حصيلة للأمم المتحدة.

================

عندما يغيب مفهوم المواطنة

حسين العودات

التاريخ: 27 أغسطس 2011

البيان

ظهر مفهوم المواطنة واتسع تداوله بعد قيام الثورة الفرنسية عام (1789)، وسمع الناس بدهشة لأول مرة نداءات (أيها المواطنون) التي كان يطلقها الثوار، ثم ترافق هذا المفهوم (وذاك الشعار) بأن أخذ مضموناً جديداً لم يكن من قبل.

وهو أن جميع الناس، من فقراء وأغنياء، مدنيين أو ريفيين، ومن مختلف الأديان والطوائف والأثنيات والثقافات متساوون مساواة مطلقة، في الحقوق والواجبات، ولكل منهم الحق بالمشاركة في إدارة شؤون البلاد كما للآخر، وكانت هذه الشعارات ومضامينها أمراً استثنائياً في ذلك الوقت، إذ كان الناس يشكلون أصنافاً وطبقات وفئات وشرائح اجتماعية واقتصادية، لا صلة لكل منها بالأخرى.

ولكل وحدة مجموعة من المفاهيم والقيم ونمط العيش والطقوس، كما لها حدود اجتماعية وأخلاقية واقتصادية وثقافية لا ينبغي لأي منها تجاوزها، ولا يحق لبعضها مثلاً أن تشارك في السلطة أو في الثروة، ولا في تقرير مصير البلاد، بل ولا حتى في تقرير مصير أفرادها الشخصي، فقد كان نظام الأقنان سائداً، ويحظر على القن أن يترك سيده، أو ينتقل من بلد إلى آخر، أو يغير صنفه أو انتماءه الطبقي.

وكان شعار الثورة الفرنسية الرئيس على النطاق السياسي والاجتماعي والاقتصادي (دعه يعمل، دعه يمر) فتحاً في بنية المجتمع والدولة في ذلك الوقت، وسبباً من جملة أسباب أخرى أدت إلى انهيار (الدوقيات) والاقطاعات التي كانت سائدة، وأعادت اللحمة للنسيج الاجتماعي الفرنسي، وكان هذا الشعار يثير حماس الفرنسيين (والأوروبيين فيما بعد) عندما يسمعونه، ويشكل في نفوسهم نزعة ثورية.

لقد أدى هذا الشعار، والحرص على تطبيقه تطبيقاُ كلياً (ومطلقاً) إلى خلق مجتمع جديد ومواطن جديد، مجتمع المواطنين المتساوين، الرافض لأية مرجعية غير مرجعية المواطنة، المتجاوز مفاهيم الطائفية والإثنية والإقليمية والفوارق الدينية والثقافية التي كان معمولاً بها بشدة وقوة وإحكام، ورغم ما لاقاه تطبيق هذا الشعار من رفض من قبل بعض الفئات والطبقات.

ومن استنكار وعنت قادا إلى فتن وحروب أهلية، وتناقضات ومذابح بين صفوف الثوار أنفسهم، فإنه انتصر في نهاية المطاف، وفرض المواطنة كمرجعية واحدة وحيدة لكل المواطنين، ونحى جانباً المرجعيات الأخرى، واعتبرها مرجعيات ثانوية من جهة وشخصية من جهة ثانية، لأن كلاً منها تخص فئة من المجتمع، ولا تطاول أبناء المجتمع جميعهم، باعتبارها وسيلة غير شاملة ولا جامعة.

تحول شعار المواطنة ومرجعية المواطنة إلى مفهوم أساس من مفاهيم الدولة الحديثة منذ ذلك الوقت، وأهم هذه المفاهيم مرجعية المواطنة، الحرية، المساواة، العدالة، تكافؤ الفرص، التعددية، تداول السلطة، فصل السلطات (وكانت هذه المفاهيم من المبادئ الأساسية للثورة الفرنسية).

ومن الملاحظ أن جميع هذه المفاهيم تبقى غير صالحة إذا لم يتم العمل أولاً بمفهوم المواطنة وإذا لم يُفعّل هذا المفهوم ويُعتمد، إذ بدونه يتعذر تطبيق أي من المفاهيم الأخرى، أو تطبيقها جميعها، ولذلك ومع تطور الدولة الحديثة، انتشر هذا المفهوم واتسع وطبق في جميع أنحاء العالم، وشكل مناخاً مناسباً لقيام الدولة، دولة الحق والعدل والقانون

والمساواة والشراكة بين جميع الناس، بغض النظر عن أديانهم وطوائفهم وثقافاتهم وأقاليمهم وإثنياتهم، وكان أساساً أيضاً، وعاملاً حيوياً، في قيام الدولة القومية (الدولة الأمة) التي اعتمدت مرجعية المواطنة واستغنت عن جميع المرجعيات الأخرى، واستطاعت بذلك أن تؤسس الدولة الديمقراطية، الراسخة والمستقرة، التي يؤمن كل مواطن أنها دولته، وأنه شريك كامل الشراكة فيها، والأهم أنها الأساس الذي لا يمكن الاستغناء عنه في بناء الدولة الحديثة.

لم يكن الأمر كذلك في البلدان النامية، وخاصة في بلدان آسيا (بلدان الاستبداد الآسيوي الشرقي)، حيث لم تعتمد الدولة في هذه البلدان مفهوم المواطنة كأولوية أولى من مفاهيم الدولة وأسسها، مع أنها أخذت تستخدمه في أدبياتها وأدبيات حكامها ونخبها الثقافية والسياسية.

وفي تنظيماتها الحزبية والمجتمعية استخداماً لفظياً واسعاً، دون أن تعطيه مضمونه الحقيقي، بل دون أن تعطيه أي مضمون، واستمرت مجتمعات هذه البلدان (ودولها) تحافظ على مرجعياتها القديمة، وتتشبث بها، مستجيبة لخداع وتضليل أصحاب المصالح (الطبقية والطائفية والإثنية وغيرها) الداعية إلى استمرار هذه المرجعيات واعتمادها وأحياناً (تقديسها).

ورغم صراخها (الكاذب) حول أهمية المواطنة، ومزاعمها بأنها ترفض المرجعيات الثانوية، وتنادي بالعزوف عنها، بقيت المواطنة المرجعية الوحيدة المعطلة فيها، ولذلك استمرت مجتمعاتها قابلة للتمزق والشرذمة والتقسيم والصراعات الداخلية والحروب الأهلية، مجتمعات ضعيفة هشة مريضة لم تمسها الحداثة ولا المعاصرة، ولم تعرف بعد أهمية النهضة والتحديث.

لم تكن معظم البلدان العربية بعيدة عن هذا الخيار، فنادراً ما نجت مجتمعاتها من تغلغل المرجعيات الثانوية، أو من الشرذمة الناجمة عن اعتماد هذه المرجعيات، كما كان نادراً أن يتم الاعتماد على مفهوم المواطنة كمرجعية أساسية ووحيدة، ولذلك، نلاحظ الآن أن كثيراً من المجتمعات العربية، عليلة بسبب تعدد مرجعياتها، معرضة للتناحر والتنابذ وربما للاقتتال.

وما تزال بعض فئاتها وقواها حريصة على الظروف والشروط التي أتاحت للمنتمين لبعض المرجعيات الاستئثار بتحديد مسار المجتمعات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو حتى الثقافية ومصائر هذه المجتمعات. وبطبيعة الحال فإنها في رسم ملامح الواقع والمستقبل، إنما تراعي مصالح مرجعياتها المتخلفة، مهما كانت على خطأ وخارجة عن مصالح المجتمع التعددي، وتحاول أن تجعل من الدولة وأهدافها وبرامجها مطايا لمصالحها، وتهمل عن عمد مرجعية المواطنة، وهي المرجعية الشاملة والجامعة والكلية.

================

بين النظامين السوري والليبي...

خيرالله خيرالله

الرأي العام

27-8-2011

من يعرف قليلا عن ليبيا وكيفية تصرّف العقيد معمر القذّافي في السنوات الاربعين الاخيرة يعرف ايضا انه كان هناك دائما حلف سوري - ليبي غير معلن لديه امتداداته الايرانية، بعد العام 1979 طبعا. كلّ ما في الامر ان هذا الحلف كان يشهد مدا وجزرا احيانا بسبب مزاج العقيد القذّافي من جهة وادراكه انه يُستغل احيانا، بل يخضع لابتزاز مالي وغير مالي، من جهة اخرى.

كان هناك دائما تشابه كبير ما بين تركيبة النظام السوري وتركيبة النظام الليبي.

كان هناك دائما تشابه في الاساليب المعتمدة في التعاطي مع المعارضة. في معظم الاحيان، كان الالغاء هو الحلّ. كان هناك باستمرار وهم الدور الاقليمي الذي اخذ معمّر القذافي الى تشاد وحتى الى لبنان وفلسطين واليمن واثيوبيا، فيما كان النظام السوري يعتقد دائما انه دخل بقواته العسكرية الى لبنان كي يضمه الى الابد ويحوله الى محافظة سورية اخرى!

لعلّ اكثر ما يدلّ على عمق العلاقة السورية - الليبية انه لم يصدر في يوم من الايام موقف ادانة عن دمشق في شأن قضية الامام موسى الصدر رئيس المجلس الاسلامي الشيعي في لبنان خلال زيارة لليبيا في العام 1978، اي قبل ثلاثة وثلاثين عاما بالتمام والكمال. امتنع النظام السوري عن اتخاذ موقف، ولو شكلي، من القضية على الرغم من ان اثر الامام الصدر ورفيقيه فقد في ليبيا مباشرة بعد لقاء مع القذافي في اواخر شهر آب- اغسطس من تلك السنة!

اختلف النظامان في العام 2003، ودخلت ايران على خطّ الخلاف،عندما بدأت ليبيا تتخلص عمليا من العقوبات الدولية المفروضة عليها وتستعيد موقعها في المجتمع الدولي. توصلت، ما كان يسمّى ب«الجماهيرية»، الى تسوية في شأن كارثة لوكربي وتفجير طائرة «يو.تي اي» الفرنسية واستتبعت ذلك بالتخلص من اسلحة الدمار الشامل ابتداء من السنة 2004. اثار هذا الامر حفيظة دمشق وطهران فاثارتا للمرة الاولى عن طريق ادواتهما المشتركة في لبنان قضية الامام الصدر وقضايا اخرى مرتبطة بالدور الليبي، ودور القذّافي شخصيا، في عمليات ارهابية معينة، مثل عملية خطف وزراء «اوبيك» ( منظمة البلدان المصدرة للنفط) في فيينا في السبعينات من القرن الماضي.

كان هناك خوف من ذهاب ليبيا بعيدا في عملية اعادة تأهيل نفسها ومن احتمال انضمامها الى العالم الحضاري الذي يتعاطى مع مشاكله الحقيقية، اي تلك التي تهمّ المواطن العادي من جهة والابتعاد عن القمع وممارسة الارهاب والابتزاز من جهة اخرى.

كان القذّافي عند حسن ظن النظامين السوري والايراني. لم تمض اشهر حتى تبيّن انه لم يستطع التخلص من عاداته القديمة. بقي وفيا لهذه العادات على الرغم من كل الجهود التي بذلت من اجل اعادة تأهيله. كان القذّافي عاجزا حتى عن فهم اهمية الاصلاحات التي كان نجله سيف الاسلام، بحسناته وسيئاته، يسعى الى تحقيقها بدءا بانشاء اعلام شبه حر وانتهاء بالاستعانة بليبيين يمتلكون مؤهلات حقيقية يقيمون في الخارج هربا من النظام.

انتهى سيف في حضن ابيه. وعلى الرغم من ظهوره الاخير، الذي ارتدى شكلا مسرحيا، فهو راح ضحية معمّر وطريقته في ممارسة السلطة القائمة على افقار الليبيين والقضاء على مؤسسات الدولة. لم يكن في استطاعة القذّافي الاب القيام بإصلاحات من اي نوع كان بما في ذلك الاستعانة بأي ليبي قادر على التعاطي مع العالم الخارجي او ان يكون موضع احترام مواطنيه. هنا ايضا لا يمكن الاّ المقارنة بين النظامين الليبي والسوري. لم يستوعب النظام السوري يوما اهمية المواطن السوري ولم يتمكن في اي لحظة من الاستفادة من الطاقات السورية، اي من رجال الاعمال والمال والعلماء والاطباء والمهندسين الموجودين في الخارج. فوجئ هؤلاء بان كل المطلوب منهم دفع خوّات لاشخاص معينين يوفرون لهم حماية في بلدهم الاصلي.

لا شيء يختلف بين ليبيا القذّافي وسورية آل الاسد بالنسبة الى طريقة معاملة المواطن العادي. النظامان في واد والشعب في واد آخر. كان مطلوبا في كل لحظة ان يشعر هذا المواطن السوري والليبي بانه يعيش في جمهورية الخوف او جماهيريته لا فارق. كان البؤس ولا يزال هو الطريقة الافضل للسيطرة على المواطن.

ولكن يبقى ان اهم من ذلك كله، ان الحاكم في سورية مثل الحاكم في ليبيا لم يفهم اهمية ما يجري على الارض. هناك ثورة حقيقية في ليبيا. وهناك ثورة اكثر من حقيقية في سورية تغطي كل انحاء البلد. انها امّ الثورات العربية. مع ذلك، ليس لدى الرئيس السوري ما يدفعه الى التعاطي مع الواقع المتمثل في ان الشعب السوري شعب حيّ لم تعد تنطلي عليه شعارات المقاومة والممانعة وما شابه ذلك وانه ليس ساذجا الى الدرجة التي يظنها. لم تعد تنطلي عليه، مثلا، لعبة دعم حزب مذهبي في لبنان تابع لايران يستخدم سلاحه في عملية ارهاب مكشوفة للبنانيين، بينما يعلن هو انه ضد الطائفية والمذهبية في سورية!

ليس صدفة ان الثورة في ليبيا قضت على «قائد الثورة» وليس صدفة في سورية ان الثورة ستتخلص عاجلا ام آجلا من «ثورة البعث» التي تبين، كما في العراق، انها ليست سوى وسيلة لنهب ثروة البلد وافقار مواطنيه وتيئيسهم واقامة نظام حكم عائلي، تماما كما كانت الحال في جماهيرية القذّافي.

يبدو السيناريو الليبي مرشحا لان يتكرّر في سورية. من لديه ادنى شك في ذلك، يستطيع ان يقارن بين رد فعل القذّافي على الدعوات الى التنحي التي صدرت عن زعماء العالم وبين رد فعل الرئيس السوري على موقف الرئيس باراك اوباما الاخير منه. كان رد الفعل الليبي والسوري واحدا. هناك رفض للاعتراف بأنّ العالم تغيّر وبأن الشعوب لا يمكن ان تصبر الى الابد. يكفي كسر حاجز الخوف مرة كي لا يعود مفرّ من التغيير الجذري حتى لو استغرق الامر اسبوعا او شهرا او سنة.

================

عودة الميدان العام إلى أصحابه في العالم العربي

سمير الزبن

المستقبل

27-8-2011

يجتاح حراك سياسي مدهش العالم العربي، ويأتي إدهاشه من قدومه بعد عقود من العمل على استئصال وتجفيف السياسة في المجتمعات العربية. فقد عملت السلطات المستبدة على مدار العقود الخمسة المنصرمة من تاريخ المنطقة على إلغاء السياسة وتوحيد الحاكم بالدولة، من خلال "الشخصنة" وقد عمت الظاهرة دول المنطقة بشكل أو بآخر.

لقد ظهرت الدول العربية في العقدين الماضيين وكأنها محصنة ضد موجات الديموقراطية التي اجتاحت العالم منذ بداية عقد التسعينات من القرن الماضي والتي بدأت في أوروبا الشرقية، وانتقلت إلى أميركا اللاتينية، ووصلت إلى بلدن عديدة من شرق أسيا. فقد ظهر الاستبداد العربي وكأنه انتصر على دروس التاريخ والسياسة، واستطاع تكريس صيغة مؤبدة من حكم الطغيان دون اعتراضات مجتمعية جدية عليه. صحيح أن عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين اعترضوا على الاستبداد، وعرفوا أكثر المعتقلات قسوة في العالم، لكن في السنوات الأخيرة ظهر وكأن الكلمة الأخيرة في الدول العربية كانت للاستبداد، الذي تكرس خطابه، من خلال المديح الزائف لسياسات أوصلت الدول العربية، إلى ذيل قائمة دول العالم، ليس في الحقوق السياسية والحريات فحسب، بل وفي التعليم والتنمية والاقتصاد و... و... وفي ظل هذه الأوضاع المتردية، كان على الشعوب أن تحتفل بانجازات الاستبداد الباهرة، التي ما بعدها انجازات، ففي ظل الاستبداد يتحول الفشل إلى نجاح مدو.

اجتاح الاستبداد في العالم العربي كل شيء، الاقتصاد والسياسة والتعليم والأرض والبشر، أممَّ السياسة واحتكرها، وباتت حكراً على أدوات الاستبداد وعلى كل من يدور في فلكه. فلا يوجد في العالم العربي إلا خطاب سياسي واحد، خطاب رث وفقير يجيب على كل الأسئلة، مضمونه الوحيد هو مديح المستبد، وتجميل صورته وتعميمها بشكل زائف على كل شيء.

كدنا نصدق أن لا خيار أمام مجتمعاتنا، سوى الاستبداد الذي أخذ يتغنى بأنه عنوان الاستقرار الذي يتبدد دون وجوده، بحيث يصبح الاستبداد ضرورة تاريخية، لأنه لا بديل عنه، وأي بديل هو الخراب بعينه. على هذا الأساس تم اختراع علم آخر للسياسة في العالم العربي، علم خاص بالاستبداد المنتصر على الشعب الذي عليه أن يحمد ويشكر المستبد على المنح والعطايا، الذين كانوا سيعانون أشدّ المعاناة، دون وجود القائد الملّهم العبقري الذي يجد الحلول السحرية للقضايا المستعصية، ولا أحد يستطيع الوصول إلى عبقريته وحكمته وقدرته على حل المشاكل والوصول إلى استقرار تنعم به البلدان التي يحكمها، دونه تغرق البلدان الأخرى في فوضى لا حل لها.

منذ عقود، غادرت السياسة مضامينها في العالم العربي، والميدان العام الذي هو مكان ممارسة الشأن العام والسياسة على رأسه، تم احتكاره من قبل السلطات المستبدة، وحرم الآخرون الدخول إليه، بوصفهم غير مؤهلين، فهم غير قادرين على حكم أنفسهم بأنفسهم، وعليهم تقديم الشكر للمستبد الذي قبل أن يحكمهم ويأخذ بيدهم إلى قمم المجد التي لا يمكن أن يصلوها دونه. باحتكار الميدان العام وإحكام إغلاقه، ومعاقبة كل من يحاول الدخول إليه عن طريق آخر غير طريق المستبد.

فجأة، يتبين أن التاريخ يصنع في مكان آخر، في تجاويف المجتمع الذي سلبه المستبد كل قدراته على الحركة، بمحاصرته بأدوات القمع والنهب الوحشيين. وأن من أُخرجوا من الميدان العام، عادوا لاحتلاله، لأنه ميدانهم، عادوا ليعلنوا عن وجودهم بأقوى الطرق، يخرجون من الخوف والعتمة ويعلنون أن الميدان، ميدانهم، وأن لهم الحق في الحصول على حقوقهم والتي أقلها أن يقرروا مصير بلدانهم بأنفسهم، لا يقررها لهم الاستبداد. وحتى يحتلوا الميدان العام من جديد استعادوا أسئلة السياسة وطرحوا سؤال المشروعية والأحقية بالحكم التي يدعيها الاستبداد.

في صناعة التاريخ، هناك أيام وأسابيع تعادل عقوداً وحتى قروناً. على حين غرة، يكتشف البشر قوتهم وقدرتهم على صناعة حياتهم، يطالبون بحقوقهم الطبيعة، حقوقهم التي سلبت منهم لعقود طويلة، حقوقهم في أن يكونوا شركاء في تقرير مستقبل بلدانهم. لذلك يذهبون إلى أسئلة السياسة مباشرة ودون تلعثم، يسألون الأسئلة الصحيحة ويدافعون عن حقوقهم الصحيحة. لذلك، السياسة التي اختفت في تجاويف المجتمع تعود إلى الظهور مرة واحدة وبقوة، وتطرق أبواب الجميع، لنجد قطاعات متزايدة تدخل السياسة والميدان العام لتصنع تاريخها، قطاعات ما كنا نتصور أن لها علاقة بالسياسة، تسأل الأسئلة الأكثر بلاغة ومشروعية، في أن يكون الحاكم موظفاً عند الشعب، لا الشعب رعايا عند الحاكم. في عودة الشعب إلى الميدان العام، تطرق أسئلة السياسة كل باب عربي، ويدخل النقاش السياسي كل عائلة، سواء تلك التي تعيش الثورات أو تلك التي تنتظر. تدل عودة السياسة إلى الميدان العام في البلدان العربية، أن هذه الدول ما عاد يمكن حكمها بالطريقة السابقة. يضع العالم العربي اليوم حداً فاصلاً ونهائياً بين زمنين. فالمواطن الذي نزل إلى الميدان العام وواجهة بصدره العاري الاستبداد وقمعه الوحشي، ليس هو ذلك المواطن الذي كان قبل نزوله ليعلن عن وجوده بقوة.

هناك عالم عربي جديد يولد أمام أعيننا، كل يوم، وحتى كل لحظة، عالم جديد يضع حداً للعالم العربي القديم المخزي.

================

تحية إلى علي فرزات

سامي كليب

السفير

27-8-2011

لا يمكن لرسام كاريكاتور أن يكون خطراً على الأمن القومي. الخطير هو من يضرب رساماً برقة علي فرزات وذكائه وطرافته. والخطير هو من يقدّم للعالم ذريعة لمهاجمة بلاده في محنتها الراهنة. هي اليد الخشنة الظلامية تواجه أنامل الفن لتزيد في تشويه صورة بلاد الحضارة العريقة في وقتها العصيب.

يعرف العرب كثيراً من رسوم علي فرزات، ولكن قلة منهم يعلمون ان للرجل قصة لافتة مع الرئيس بشار الاسد. جرى اللقاء الاول بينهما قبل وصول الاسد الى الرئاسة. كان يزور مركزاً ثقافياً فرنسياً، وكان فرزات يعرض فيه رسوماً كاريكاتورية ناقدة بما فيها لأهل السلطة. هي رسوم كانت ممنوعة من النشر وجدت طريقها الى المعارض، حيث عين الرقابة نادرة والأيادي الخشنة لا تعرف اليها سبيلاً. توقف الاسد عند إحداها، تمعن في اللوحة، أدرك أنها تعنيه. خاف فرزات، لكن سرعان ما فوجئ بالرئيس يضحك.

راح الأسد يجول في المعرض، يتوقف عند الرسوم الناقدة لرجال الاستخبارات. يستدير الى أحد هؤلاء من بين مرافقيه، يضحك ويقول: «هذه عنكم». يبتسم الرجل الاستخباراتي ابتسامته الصفراء المعهودة. يكمل الرئيس جولته، يتوقف أمام علي فرزات، يسأله ما اذا كانت رسومه هذه تنشر، يجيب الرسام بالنفي، فالرقابة تمنع كل ما ينتقد هيبة الدولة. يصافحه الرئيس ويطلب منه أن ينشرها، لا بل يتصل الأسد نفسه بوزير الإعلام، وسرعان ما يكتشف السوريون ان رسوم علي فرزات الناقدة لكل شيء باتت تنشر في صحيفة «تشرين». زادت مبيعات الصحيفة. تنفَّس الناس.

كان ذلك اللقاء بين الأسد وفرزات مقدمة لشيء من صداقة كادت تتعمّق. يؤكد رسام الكاريكاتور أن الاسد كان يزوره في بيته أو معارضه ويشجعه.

علي فرزات رجل طريف ودمث. رافقته الطرافة منذ نعومة اظافره. كان والداه يخرجانه من البيت خجلاً من الضيوف فهو لم يكن يتوانى عن تقليد اي زائر او ضيف. يضحك أهله ويخجلون، لكن أحداً لم يضربه وهو صغير السن لهواية التقليد او الرسم. وحين التقى فرزات بالأسد اكتشف هو الآخر أن الرئيس يتمتع بروح النكتة حتى في أكثر الأوقات حراجة.

صدَّق علي فرزات أحلام الطفولة. صار رساماً شهيراً. انتشرت رسومه في معظم الصحف العربية. رأت مجلة «الدومري» النور على يديه. انتعش النقاش بين المثقفين. أرخت الحرية شيئاً من اشعتها على المناخ الدمشقي. شعر المثقفون بأن سنونوات كثيرة صارت ترفرف فوق ربيع دمشق.

لو استمر الربيع لتفادت سوريا الكثير مما يصيبها اليوم. مهما رسم علي فرزات ومهما انتقد فهو يبقى أقل خطراً من الذين تسببوا في كسر يده وتشويه وجهه وتشويه صورة سوريا. من مصلحة النظام السوري الكشف عن الفاعلين. هذا سكين في صدر الإصلاحات قبل ان تولد.

================

سوريا: إلى مزيد من العزلة العربية

علي حماده

النهار

27-8-2011

الموقف العربي من سوريا الذي لاحت ملامحه بداية عبر منسوب التغطية الاعلامية التي حصلت عليها الثورة، تطور في شكل كبير مع توجيه الملك عبد الله بن عبد العزيز خطابا تاريخيا الى الشعب السوري متجاوزا فيه النظام ومعتبرا ان ما يحصل من قتل ترفضه المملكة ومخيرا النظام بين الحكمة والفوضى، ثم كان استدعاء السفيرين السعودي والبحريني بعدما سبقهم السفير القطري اثر تعرض سفارة قطر لمضايقات جماعات النظام في دمشق. وكان موقف للاردن، ومصر (بدرجة اقل)، ثم عدل الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي من "تفاؤله" بإصلاحات بشار الاسد.

اما الموقف الاكثر وضوحا منذ خطاب العاهل السعودي فصدر عن امير قطر حمد بن خليفة في ختام زيارته لطهران حيث قال ان الحل الامني اثبت فشله في سوريا، موضحا انحيازه الى مطالب الشعب السوري بالحرية والكرامة. وبدا واضحا ان المحادثات القطرية – الايرانية تركزت على سوريا، وكان خلاف واضح بالاشارات الديبلوماسية المعروفة، حيث اصدر امير قطر بيانا ضمنه مواقفه، بينما اصدر الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بيانا آخر ضمنه موقف بلاده الرافض لتدخل الغرب في شؤون المنطقة ولم يشر الى سوريا اطلاقا، في اشارة الى تباين النظرة بين الطرفين. واهمية موقف امير قطر نابعة من كون زيارته سبقتها تسريبات عن صفقة يسوق لها الشيخ حمد لدى الايرانيين تقوم بمقايضة سوريا بتعزيز النفوذ الايراني في العراق! والحال ان هذه التسريبات ظلت مجرد تسريبات.

في هذا الاطار من المتوقع ان ترتفع وتيرة تغطية قناة "الجزيرة" للثورة السورية بالتوازي مع قناة "العربية" للتعويض بقوة عن عاملي التعتيم والتضليل اللذين يمارسهما النظام في الداخل. اما على الصعيد الديبلوماسي، ورغم استمرار روسيا والصين في الدفاع عن النظام في المحافل الدولية، فإنهما في لحظة معينة ستضطران الى تعديل موقفهما ولا سيما موسكو التي سينتهي بها الامر الى خسارة موقعها في سوريا بفعل عجزها المتجدد عن تلقف لحظة تاريخية تمثلها الثورات العربية.

في مطلق الاحوال، إن تصاعد الموقف العربي السلبي ازاء النظام في سوريا سيشكل عاملا ضاغطا على روسيا والصين، فضلا عن انه سيحكم الحصار الاقتصادي الذي بدأ المسؤولون الماليون في سوريا يشكون من آثاره. فبعد وقف دمشق التعاملات بالدولار استباقا لاعلان اميركي، سيأتي دور التعاملات بالاورو، وحزمة عقوبات مشددة ليس على اركان النظام بل على اكثر من مئة رجل اعمال سوري وعربي بينهم لبنانيون كبار معروفون بتورطهم المالي لحساب النظام. ومن خلال التصعيد في الموقف العربي ستتلاشى بالمعنى الديبلوماسي شرعية بشار الاسد التي اسقطها الشارع السوري. ولسوف يأتي يوم ليس ببعيد يصبح فيه النظام في سوريا طريدا تماما كنظام معمر القذافي: هذا هو الثمن الذي يدفعه من يقتلون شعبهم...

================

لا تعجبوا من 'عناد' الثائرين... فإن ليل القهر طال

د.جمال حضري

القدس العربي

27-8-2011

في بلدتنا يتداول الناس مثلا يضرب للبلادة حين تستحكم فيقال 'ماذا تنتظر من أمة يحشدها مزمار مطرب وتفرّقها عصا شرطي'. ولطالما احتشدت جموع غفيرة في الملاعب لأجل الكرة أو سماع مطرب، ولطالما تفرقت تلك الحشود تحت عصي الشرطة، ذاهلة اللب مشتتة الغاية، تنتظر فرصة جديدة للاحتشاد ثم التعرض للضرب اللذيذ! فما الذي جرى حتى تنقلب الحال ويأخذ هذا الجيل مصيره بيديه ويخوض به الأهوال؟ ما الذي تغير في واقع هذا الجيل حتى يتخطى حواجز الرهبة ويكسر قيود القعود المريح والسلامة البليدة؟ ألم نكن منذ عام نعيش حرب داحس والغبراء من أجل كرة القدم؟ ألم يكن مسلسل مهند قد دوخ الجماهير وألزمها الديار والأوكار؟ ألم تبلغ موجة الطرب الهابط بقنواته الذائعة حدا صنعت به رموزا للمجتمع بكل فئاته؟ ألم تعد بطولات الشرطة والجمارك هو ما تحجزه من أطنان المخدرات وحاويات الخمر في بر العرب وبحرهم؟ ما الذي جرى بين البارحة واليوم؟

ليل القهر طال: إن أزهد حكام العرب في الحكم لا تقل سنين حكمه عن العقد من الزمن، وأي شر أدهى من بقاء مسؤول في كرسيه لمدة طويلة؟ والقياس صالح لأدنى مسؤولية إلى أرفعها. وكلما طالت المدة تنبه الحكام إلى حيل مبتكرة في تزيين الواقع وتأبيد بقائهم. فإذا بدا تململ من هنا أو هناك كان الضرب بقسوة تخمد الأنفاس وتحبس الآمال. ثم طال القهر أخص حاجات الناس في المسكن والتعليم والأجور فإذا كلها تصبح مننا من الحاكم بعدما كانت حقوقا. وليس لهذا الركود من نتيجة إلا ذلك الشعور العام بتفاهة الحياة وعبثية الوجود وقدرية الظروف.

أليس من المضحك أن تقام الأفراح بمناسبة توزيع المساكن أو إنارة الشوارع أو شق الطرق، ويُسبَّحُ فيها باسم الحاكم وأفضاله، أليس من المفزع أن يشعر الموظف بأن زيادة في راتبه على حقارتها هي هبة من الحاكم وفضل وليست حقا أو مقابل جهد أو نتيجة نضال نقابي مشروع؟!

جيل مفرغ من المشاريع: لقد تقزمت الحياة بالنسبة لهذا الجيل فلم تعد تتخطى الحصول على لقمة عيش أو منصب عمل أو مسكن لائق، وهي مطالب قد تستغرق عمر مواطن من شبيبته إلى هرمه، فانظر أي بطولة يخوضها هذا الجيل وراء هذه الضروريات، أما مشاريع الحياة الرفيعة فالرؤوس خلو منها والقلوب أبعد ما تكون. بل إن قلاع المعرفة التقليدية كالجامعات لم يعد يفصلها عن أجواء المقاهي الشعبية فارق كبير من حيث الخصومات التافهة على الأهداف الصغيرة، لم يعد للكادر الأكاديمي من مهام المعرفة شيء ذي قيمة، غير تتبع الرواتب والمنح أما قيادة المجتمع كنخبة فغائبة تماما بفعل تكريس العبثية والسلبية.

التسلط الباذخ والرعاية الحصرية: لم تكتف النخب الحاكمة كما كانت سابقا بالعيش المغلق ضمن مجتمع شبه مفصول عن بقية الناس. بل إن التسلط قد أفحش في بذخه فلم يعد يتورع في مقاسمة الناس في الصغير والحقير، فلا تعجب أن تسمع عن كون فلان من دوائر السلطة شريك في المشروع الفلاني. بل إن نكت الناس وصلت إلى اعتبار تجار الشنطة ليسوا إلا واجهة للمتنفذين. ثم إن هذا الاغتناء والاكتناز أصبح سافرا وكأنه استفزاز مقصود للشعوب المقهورة، كيف لا و المتنفذون وأبناؤهم لا يرعوون من الظهور في الملأ بما جادت به حيل الاختلاس، وكأن لذة السطوة لا تكتمل إلا في الأعين الحسيرة للضحايا. بل إن دوائر التسلط لم تعد تسمح بنمو أي ثروة أو شهرة بعيدا عنها فلا نوادي الكرة ولا المؤتمرات والأحداث التاريخية سلمت من تسلطها تحت عناوين الرعاية المختلفة، حتى التبس تسجيل أهداف كروية بخطوط السيادة الوطنية وحتى غدا تناول فكرة أو بند من وثيقة تاريخية للنقاش والتفكير أو ذكر خصومة تاريخية على سبيل التناول الموضوعي لأخطائنا تجاوزا للصلاحية وتعديا على ذاكرة الأوطان.

الأنظمة من رعاية الناس إلى تحصين الذات: ولأن كل ما في أيدي هذه الأنظمة هو غنائم حيزت بألف حيلة ووسيلة، ولأن البقاء في السلطة هو ضمانها فقد أصبح الحفاظ على الذات مهمة وطنية، والوفاء 'للمنجزات' شعيرة قومية، والجهد المبذول في سبيل ترسيخ الحكم شرف لا يدانيه شرف. فهل تعجب من مليارات الدولارات تنفق على العدة والسلاح إذا علمت أن الغاية هي تأمين الذات الحاكمة. كيف لا وكل ما تحوزه سلب وغنيمة. وإن تعجب فمن روح السلام والوفاق بين هذه الدول النمطية، فهي لا تختصم إلا في أبواق الإعلام كي توفر للمغلوبين في مقاهيهم مادة للجدل والخصام الفارغ، أما ذات بينها فأحلى من العسل، ألا تسمع بالحاكم الفلاني يقضي إجازة الصيد عند أخيه الحاكم العلاني، والآخر يشتري إقامات ويشغل أموالا لدى جاره الحاكم الآخر، بل إن الأعراس والحفلات العائلية تدعى لها العائلات الحاكمة من شتى البلدان تستوي في ذلك التقدمية والرجعية، المتزمتتة والمتفلتة. فنحن بصدد تحالف مصلحي نادر تجاوز كل الاختلافات السطحية المعلنة ويعيش حياته الخاصة بكل براغماتية. فلم يبق إلا المواطن يعلك وهم الخلاف بين هذه الجمهورية وتلك المملكة ويجتر أنباء الخصومة بين هذا القائد وذاك الأمير.

العالم المحرج بسلوك حكامنا: مهما قيل عن نفعية الآخر وموازينه المادية فلا تغرب عن أنظارنا مجموعة من القيم التي لم يعد الزمن يسمح بخرقها، لم يعد مقبولا تكديس االمليارات في الخارج والناس يحطم بعضها بعضا في طوابير الخبز، ولم يعد مستساغا رؤية أبناء الزعيم الفلاني يجوبون ردهات أفخم الفنادق وأفحش المنتزهات ومحتشدات من السكان تطفو بيوتها فوق المستنقعات. لم يعد جائزا توزيع الهبات يمينا وشمالا تارة للمنظمات الثورية وطورا للجمعيات الاجتماعية وأهل البلاد 'يتضورون' بطالة وإفلاسا، لم يعد كل ذلك قابلا لغض الطرف لأن المعمورة أصبحت من التفاعل بحيث إن مشكلة هناك ترتج بنتائجها هنا. عند هذا الحد لم تعد الدول المتحكمة بقيادة العالم تسمح بولادة مشاكل الآخرين لديها، فمن رغب في الحبل فعليه تحمل الولادة والمخاض جميعا. وحتى هذا لم يعد على إطلاقه فالكل مشروط بألا تتجاوز الحدود.

فكانت الثورة.. وكان 'عناد' الثائرين: ما الذي كان يتوقعه الحاكمون بعد كل ذلك؟ أليس الثمر من جنس البذور؟ ما المنتظر من جيوش من العاطلين أو المهمشين أو المفرغين من كل حلم والمسلوبة آمالهم ومقدراتهم؟ ما المتوقع من أجيال من الحيارى الذين يتفرجون على قوم من بني جلدتهم قد سبقوهم إلى كل منفعة لا يؤهلهم لها عقل ولا فهم بل النَّسَبُ والنَّصْب. إن الأفئدة الخالية صادفت شعار الحياة والحرية فامتلأت به وانتفضت فلا ننتظر منها سماع كلام آخر. كيف وقد عمدت الأنظمة إلى تحطيم كل قيم الكلمة ومصداقيتها. فلم يعد إلا الفعل والحركة معيارا للتغيير. فهل نعجب من هذا العناد الذي تصوره أيام وليال يقضيها الشباب في الميادين يفترشون أملا جديدا وحلما ناهضا ومشاريع ولدت للتو من رحم العذاب. لا نعجب من إصرار الثائرين وهم يُدفَعون إلى حراسة حلمهم الوليد باليد والسلاح بعد أن ظنوا أن صرخة مدوية في أذن الحاكم البليد تكفي ليفهم أن الساعة ساعة رحيل! هل نعجب من صمودهم وهم يخرجون الليل والنهار ليقدموا الشاهد تلو الشاهد على انعتاق القلوب والعقول من أوهام الحكام وأكاذيبهم، ليسمح لنا المتنبي بهذا التغيير الطفيف على بيته الشعري الذائع.

لا يسلم 'الأمل' الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم

ألا ما أقسى أن يحتاج الأمل إلى الدم كي يتحقق. ألا ما أتعس الحاكم البليد إذا أحوج شبابا يانعا يتطلع للحياة إلى الموت، ألا ما أجمل هذا العناد ... عناد الثائرين وهم يصنعون تاريخهم ويوقعون ميلاد أمة من جديد بالدماء الغزيرة ...اللهم تقبلهم شهداء سعداء..

================

من مي سكاف الى علي فرزات: الفنانون في سورية وثمن الخروج عن الصمت

أحمد اليوسف

2011-08-26

القدس العربي

 وأخيرا كسرت شبيحة النظام أصابع الفنان علي فرزات. وكانت قد اقتلعت من قبل حنجرة مغني الثورة: القاشوش. وأهانت وهددت أهل الفنان مالك جندلي. وقد اعتقلت في وقت سابق الفنانة التي يعشقها الجمهور السوري والعربي مي سكاف لتفرج عنها فيما بعد. لا رجعة عن الإصلاح إذا، وقد قالها رئيس النظام بصراحة، في حواره الأخير، بأنه مستعد للذهاب إلى ابعد حد ممكن. و'الإصلاح' في سورية حقيقة لا يشك احد في صدقها، فله أزيز في كل أنحاء سورية، وله دوي وانجازات ملموسة، وكسر أصابع علي فرزات شهادة واضحة عليها. وهكذا تضيف لنا 'إصلاحات' النظام في كل يوم أسبابا إضافية للثورة عليه.

أخرجت فداحة 'الإصلاح' الفنانين عن صمتهم متمثلين قول الصحفي الجزائري طاهر جاووت الذي قال: الصمت موت، فان صمت مت، وان تكلمت مت، فقلها ومت. فقالها علي فرزات رسما فكسروا أصابعه. وقالتها مي سكاف صرخة وقالها سميح شقير غناء لتصبح أغنية 'يا حيف' أنشودة ثورية تصدح في كل ساحات التمرد حتى المآذن منها.

إن الفن في زمن الطغيان إما رفضا كموقف مي سكاف و فرزات وشقير وإما خنوعا وطقسا للعبادة والتبرير كموقف دريد لحام الذي كسب قلوب الشعب بجملته الشهيرة 'لا ينقصنا إلا شوية كرامة'، وخسرها فيما بعد حين شرعن لجيش النظام 'الممانع' إصلاحاته في كل المدن السورية. وكذا الحال لممثلين آخرين كعابد فهد وعباس النوري.

ولم يتوقف الأمر على الفنانين وحسب بل شمل المثقفين أيضا. فتمثل مثقفو 'إعلان دمشق'، على سبيل المثال، مفهوم المثقف العضوي، ونزلوا إلى الشارع ليشاركوا الشعب المصير بعدما شاركوه التطلعات. فكان الاعتقال جزاء بعضهم كجورج صبرا ونجاتي طيارة وكان التخوين جزاء البعض الآخر كريم فليحان و سهير الاتاسي. وكشفت الثورة عن مرض ثقافي عضال تمثل بتخبط المثقفين في موقفهم من التغيير. فراح بعضهم ينتقد خروج المتظاهرين من المساجد وكأنما دور الأوبرا في سورية مفتوحة للجماهير. أو وكأنما على الجماهير، إن أرادت التظاهر، الخروج من مقرات حزب البعث. وأخذ بعض المثقفين يتنافسون على قبول الاستدعاءات الأمنية الداعية إلى طاولات الحوار التي اشرف عليها النظام. فراح حسن.م. يوسف يتحدث عن جماليات الحوار وأبعاده الرومانسية ناسيا أو متناسيا الدم الذي يراق في كل يوم. وانسلخ أحد اشهر المفكرين السوريين عن جدليته المادية وعن فهمه الجدلي للصيرورة التاريخية، ليستبدلها بتبني ميتافيزيقي للحوار وبطرح ماورائي غيبي لحل الأزمة في سورية قائما على الفكرة القائلة بأنه هناك قطبين في النظام وأنه يجب الرهان على قطب الحكماء منه، دونما أن يحدد لنا من هم هؤلاء الحكماء، تاركا الإيحاء بان بشار في السلطة قادر على حمل سورية إلى بر الأمان وأن كل الرهان على الشبيحة الحكماء حملة المشروع النهضوي العربي الجديد.

أدرك الفنانون والمثقفون إذا أن الصمت موت، بل شريك بالقتل وتواطؤ مع شبيحة تحاول في 'إصلاحاتها' كسر إرادة الشعب الراغب بالحرية لتفرض عليه، كما شاهدنا في بعض الفيديوهات، أن يعلن أن لا إله إلا بشار الأسد. ومع تعرض النظام للفنانين والمثقفين وصلت الأزمة في سورية إلى المفترق التالي: فإما قبول لحكم الأسد كإله سادي يفعل بالناس إصلاحا، وإما المطالبة بإسقاطه انتصارا لإرادة الشعب. هناك من يتردد بعد، وهناك من أصبح، منذ زمن، رمزا من رموز الثورة وجزء من شعاراتها، ومنها على سبيل المثال: 'عاشت مي سكاف ويسقط بشار الأسد'.

================

في مسألة التدخّل

السبت, 27 أغسطس 2011

حازم صاغيّة

الحياة

ليس التدخل الأجنبي بالحل الأمثل للمشكلات، أو الحل المفضَّل، ولا هو أصلاً مطروح على السوريين، أكان بالمعنى العراقي أم بالمعنى الليبي.

لكن الأصوات العربية الكثيرة التي تردّد رفضها للتدخل كيفما كان، وفي أي وقت، وبكثير من التشنج، تتغافل عن حقيقة بالغة الأهمية، هي أن بعض المجتمعات عاجزة عن حسم الصراع على السلطة مع أنظمتها.

وهذا ما لا علاقة له بالشجاعة والتضحية والإقدام، مما ضرب المثلَ فيه ملايين من السوريين والليبيين. إنه، في المقابل، نتاج التعادل الذي أنتجه التفتت الاجتماعي المعزز بسلوك رسمي منهجي ومديد. والذين يتحدثون عن القبائل في ليبيا، وعن ثلاثية طرابلس وبنغازي وفزان، أو عن الموقف العلوي–المسيحي في سورية، وعن خصوصيات دمشق وحلب، لا يقولون إلا ذلك بكلمات أخرى،

وهذا ليس من الشيم الحصرية للعرب: فتونس ومصر، العربيتان أيضاً، تمكنتا من إنجاز انتفاضتيهما من دون تدخل خارجي، لأن أوضاعهما لا تصح فيها المواصفات الليبية والسورية (والعراقية واللبنانية...). في المقابل، فإن يوغوسلافيا السابقة، غير العربية، لم تستطع جماعاتها أن تحسم صراعاتها من دون تدخل خارجي، وذلك بالضبط ناجم عن مواصفات فيها تشبه تلك الليبية والسورية.

في هذه الحال، ماذا يعني التمسك بمبدأ عدم التدخل والتشدق فيه؟ إنه يعني استمرار القتل والعنف بلا حدود، واحتمالاً أرفع لتمكين النظام الاستبدادي من استعادة أنفاسه وفرض سلطته مجدداً. في مقابل ذلك، نكون قد أرضينا نرجسية قومية ودينية جريحاً، و «مُتنا واقفين ولم نركع».

نصرف النظر عن تناقضات كثيرة تتخلل هذا المنطق، في رأسها مناشدة الغرب «أن يفعل شيئاً»، والتهديد ب «فضح دعاواه الإنسانية» حين «لا يفعل شيئاً»، ثم الجهر بالعداء له، بمجرد أن «يفعل شيئاً». والمثال العراقي لا يمكن هنا إلا أن يحضر بقوة: نفس القوى التي ناشدت الولايات المتحدة أن تطيح صدام، الذي يحكم هو وحزبه منذ 1968، سارعت إلى التنصل من الأميركيين ومن عملهم الإنقاذي بُعيد إتمام المهمة. وكان مقتدى الصدر الذي رفع الاميركيون السكين عن رقاب عائلته، التجسيدَ الألمع لهذه «الشنفخة» المحلية.

أما الحجة البليدة التي تتحدث عن المصالح، فلا تردِّد إلا محفوظات غبية ومضجرة، ذاك أن «الغرب» ليس بالطبع جمعية بر وإحسان، وهو بالتأكيد يبحث عن مصالحه. إلا أن تلك المصالح قد تتقاطع مع مصالح الشعوب مثلما تقاطعت مع مصالح الحكام السابقين. وغني عن القول إن هذه المسألة يشوب طرحَها تبسيط هائل: ذاك أن القذافي كان، أقله منذ 2004، يقدم للغرب كل ما يريده الغرب وأكثر، وهو ما كان صدام من قبله، مستعداً لتقديم أضعافِه مقابل البقاء في السلطة.

وإذا كان العراق يُطرح حجة على مخاطر التدخل، فإن أخطاء التدخل فيه، وهي كبيرة، لا تلغي «الخطأ» الأكبر الناجم عن الحقائق العراقية كما تجلت بعد إزاحة صدام، فليس الأميركيون هم الذين اخترعوا طوائف العراق ثم كبتوها وعززوها في العتم لتنفجر على النحو الذي نعرفه. ولنا في الصومال ولبنان تجربتان غنيتان، ولو متفاوتتان، عن مأساة الشعوب التي يفشل فيها التدخل: لقد طردت المكونات الأهلية الهائجة للبلدين «القوات المتعددة الجنسية» من لبنان والقوات الأميركية من الصومال، وتُرك البلدان لمصائر لا يشتهيها المرء لأعدائه.

أما التناقض، فيبلغ ذروته حين تلتقي في صوت واحد دعوة للغرب أن يلبي دفتر شروط نضعه نحن، ودعوة له أن يعمل لرفع الذبح عن المذبوح الذي يضع دفتر شروط!

وهذا، على العموم، من نتائج تمجيد للذات لا تملك الذات ما يسوِّغه إطلاقاً، هذا إذا ما قرأناها على حقيقتها بعيداً من «الشنفخة» والانتفاخ، فكيف وأن هذا توأم الفكر العتيق الذي هو فكر الأنظمة المتساقطة نفسه.

================

تسخين النزاع العربي الإسرائيلي لإنقاذ النظام السوري؟

باسم الجسر

الشرق الاوسط

27-8-2011

سقوط طرابلس بأيدي الثوار وسقوط معمر القذافي معه، صادف اليوم الذي أعلن فيه الرئيس السوري، عبر شاشة التلفزيون، أنه «لا يكترث لموقف الدول الكبرى ومجلس الأمن من نظامه، ولا لنصائح تركيا، وأن موجة المظاهرات الشعبية تتراجع، وأنه ماض في تحقيق الإصلاح..؟!».

الخناق يضيق على النظام السوري من كل الجهات: دوليا وعربيا وداخليا. ولسنا نرى كيف سيتمكن هذا النظام من التغلب على كل الأطراف التي تطالبه بالاستجابة إلى مطالب الشعب أو بالرحيل؟

انتفاضة الشعب السوري حلقة أخرى من سلسلة «الربيع العربي». صحيح أن لموقع سوريا وأوضاعها السياسية، قوميا واستراتيجيا، أهمية خاصة، لا سيما في هذه الحقبة من تاريخ المنطقة. وأن أنظار العالم مركزة على ما يجري فيها ربما أكثر منه على انتفاضات عربية أخرى. وأن تعاطي المجتمع الدولي والدول العربية مع ما يجري في سوريا، ارتدى أكثر من طابع ونوع ودرجة، إدانة أو تحفظا. ولكن كل ذلك لا ينفي حقيقة ساطعة كالشمس وهي: أنه من الصعب على النظام السوري الحاكم أن يتغلب على شعب لم يكف عن التظاهر وعن المطالبة بتغييره، ومنذ أشهر، ولا يسأل عن إغلاق معظم الدول الكبرى الأبواب في وجهه. حتى ولو كان يملك القوة العسكرية والأمنية القادرة على ضرب المتظاهرين أو قمعهم أو تشتيتهم. وأما الإصلاح الموعود، أي إلغاء حالة الطوارئ وإطلاق المساجين والحريات الإعلامية وتعديل الدستور وإجراء انتخابات حرة، فقد تأخر كثيرا. وحتى لو تحقق إجراؤه فإن النتيجة الحتمية هي طي صفحة النظام البعثي - العائلي - الفئوي، دستوريا وسلميا، وقيام نظام ديمقراطي جديد مكانه. والشعب، في الحالين، هو الرابح الأخير.

وبديهي أن يسعى حلفاء النظام الحاكم في سوريا منذ أربعين عاما، إلى مساعدته على الصمود بوجه الانتفاضة الشعبية التي تهدده، والضغط الدولي الذي يتعرض له. وعلى الأخص إيران وروسيا، وإن اختلفت أسبابهما. فالحلف بين طهران ودمشق، منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران، يشكل قاعدة رئيسية في المشروع الإيراني المذهبي للهيمنة على الشرق الأوسط، الذي نجحت في إنشاء قاعدتين أخريين له في كل من العراق ولبنان. أما روسيا فإن ما يهمها من الدفاع عن النظام ليس طبيعة النظام بحد ذاته بل لأن لها مصالح استراتيجية ومالية في سوريا، منذ نصف قرن وأكثر، تجعل من سوريا ورقة تغيظ بها الولايات المتحدة أو تساومها عليها.

لكن النظام السوري ليس بحاجة إلى مساعدة هؤلاء، لضرب الانتفاضة الشعبية، فالقوات العسكرية والأمنية السورية، وقياداتها الحزبية والمذهبية قادرة على ذلك، لوحدها. والأمل ضعيف في أن تتخذ هذه القيادات الموقف الحيادي أو المتجاوب مع الشعب، الذي اتخذته القيادات العسكرية التونسية والمصرية. ولكن إلى متى وإلى أي حد يستطيع النظام والقوات العسكرية والأمنية أن يستمر في استخدام القوة والعنف ضد الشعب؟ وإلى أي حد سيصل الضغط الدولي والعربي على النظام السوري، إذا استمر القمع وهدر الدماء؟!

من هنا، يعتقد المراقبون بأن المخرج الوحيد أمام النظام السوري وإيران هو نقل المعركة - وبالتالي الأنظار والاهتمام الدولي والعربي - إلى فلسطين، بتسخين المواجهة العربية - الإسرائيلية وخلق بؤر للتوتر في أماكن أخرى من المنطقة. ولقد تجلت هذه المحاولة في الجولان، منذ شهرين، ثم في بعض العمليات في جنوب لبنان، لتصل اليوم إلى ما حدث في سيناء وغزة وما يحدث، ربما، على الحدود التركية - العراقية.

لا ندري ما إذا كانت إسرائيل راغبة أو مضطرة إلى فتح جبهة قتال في الجولان أو جنوبي لبنان أو سيناء. ولا ما إذا كانت مصر «ستقع في الفخ الإيراني» وتعود إلى نزاعها المفتوح مع إسرائيل، وهي، بعد، تبحث عن نظامها الجديد وهويته العربية وموقعه الدولي. ولكن الأكيد هو أن النظام السوري سوف يرتاح كثيرا من الضغط الشعبي والعربي والخارجي إذا تجدد توتر النزاع العربي - الإسرائيلي، واندلعت في المنطقة معارك أو حروب أخرى. وأن إيران مستعدة لأي مغامرة لإنقاذ حليفها السوري، ذراعها الأولى والطولى في تنفيذ مشروعها الإقليمي. وهنا تبرز أهمية دور حزب الله وحماس الرديفين للدور السوري في لبنان وفلسطين، في إشعال النيران.

إن مصر، على الأرجح، لن تنجر إلى مغامرة عسكرية ضد إسرائيل ولن تلغي اتفاقية السلام معها. ولكن النظام المؤقت الذي يحكمها لا يستطيع تجاهل رد الفعل الشعبي العفوي المعادي لإسرائيل.

لا سيما أن التحريض السياسي والشعبي على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، قائم ومتصاعد في مصر - وفي الأردن. وتعلق إيران وحلفاؤها في المنطقة، أي سوريا وحزب الله وحماس، آمالا كبيرة على ارتفاع درجة هذا التحريض والوصول إلى أبعد من ذلك، أي انضمام مصر والأردن ولبنان إلى جبهة الممانعة والمقاومة. وما تعيشه المنطقة اليوم ليس صراعا بين بعض الأنظمة السلطوية والشعب المطالب بالحرية والعدالة والديمقراطية، فحسب، بل هو أيضا صراع بين الجبهة التي تقودها أو تحرك خيوطها إيران، والمصير القومي العربي لشعوب المنطقة.

إسرائيل تلوح بالخطر النووي الإيراني عليها، ولكنها في الواقع مرتاحة إلى هذا التنازع العربي - الإيراني، والسني - الشيعي، في المنطقة، وعاملة على النفخ فيه. وصحيح أن الولايات المتحدة والدول الغربية باتت مقتنعة بعدم التدخل السياسي أو العسكري المباشر في الدول العربية والإسلامية، بعد تجربتي العراق وأفغانستان، ولكنه صحيح أيضا أنها ما زالت تقدم مصلحة إسرائيل على مبادئ العدالة والديمقراطية وحقوق الشعب الفلسطيني. أما تركيا، وأيا كانت تطلعاتها إلى دورها في الشرق الأوسط وعلاقاتها بالعالم العربي، فإنها ستجد نفسها، غدا أو بعد غد، منافسة لإيران، إن لم نقل في مجابهة معها، وقد يكون ميدان المجابهة سوريا.

================

نظام دمشق: من اللوزي إلى فرزات

عبدالرحمن الراشد

الشرق الاوسط

27-8-2011

«لماذا يكذب النظام؟» المقصود بالسؤال الاستنكاري هنا نظام دمشق. كان هذا عنوان مقال كتبه سليم اللوزي، صاحب مجلة «الحوادث»، قبل واحد وثلاثين عاما. وعندما عاد إلى لبنان ليدفن والدته اختطف وعذب وقتل، وقبل اغتياله كانوا قد خطفوا شقيقه مصطفى وقتلوه عقابا وتخويفا. استعار العنوان رئيس تحرير «النهار» جبران تويني، وكتب مقالا بنفس الروح والمعنى يتحدى به النظام السوري، في عام 2005، ليقتل هو الآخر بعبوة وضعت تحت مقعد سيارته. وقبل ثمانية أسابيع وجدت في ريف حماه السورية جثة المطرب إبراهيم قاشوش مشوهة وحنجرته مقطوعة عقابا له لأنه غنى للانتفاضة، ولأن أغنيته انتشرت على موقع «يوتيوب» ورددها ملايين السوريين. ويوم الخميس الماضي أعلنت الحكومة السورية أنها شكلت لجنة للتحقيق في الاعتداء على الرسام المعروف علي فرزات الذي خطف وعذب ورمي جثة حية مشوهة وطعنت يداه. وإمعانا في الكذب قال النظام لاحقا إنه كلف أجهزته الأمنية نفسها بالتحقيق في الجريمة!

لماذا يكذب النظام السوري حيال أفعاله التي يعرف الجميع، دون الحاجة إلى محققين ومحكمة دولية، أنه ارتكبها عامدا متعمدا؟ يكذب فقط لإيهام العالم الخارجي ببراءته، ويتعمد في الداخل التأكيد على أنه من ارتكب الجريمة كسياسة الرعب التي يبثها. حربه على المثقفين هدفها إسكات خصومه، يتعمد تشويه منتقديه أحياء أو أمواتا وتذكير الجميع بأنه قادر على الوصول إليهم، وقادر على ارتكاب الجرائم والعالم يتفرج يرفض أن يفعل شيئا. أربعة عقود قتل فيها النظام السوري العديد من الصحافيين والكتاب والفنانين. عرف أنه المتهم الوحيد في سلسلة جرائم الدم. افتتح عهده بقتل اللوزي، واغتال نقيب الصحافيين رياض طه، وفي عهد الابن بشار اغتال سمير قصير، واغتيل جبران تويتي، وجرت محاولة لقتل مي شدياق التي تسير اليوم على قدم واحدة.

قافلة المثقفين الذين قتلهم النظام وهم، مثل الفنان فرزات، لم ينخرطوا في ميليشيات أو يحملوا السلاح، تمت تصفيتهم فقط لأنهم كانوا يعبرون عن ضمير قطاع كبير من الناس الذين اختلفوا مع نظام دمشق.

================

الأسد يقول إنها أزمة أخلاقية!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

27-8-2011

نقلت وكالة الأنباء السورية عن الرئيس بشار الأسد قوله إن الأزمة في سوريا سببها أخلاقي، وجاءت تصريحاته تلك بحفل إفطار أقامه في القاعة الدمشقية تكريما لرجال الدين السوريين الذين لم تنقل عنهم وكالة الأنباء رأيا حول الجرائم التي تقع بسوريا، سواء ضد المواطنين أو الدين!

فالأزمة في سوريا أخلاقية بالفعل، فكيف يمكن القول بعكس ذلك ونحن نرى نظاما بعثيا لا يتوانى عن قتل قرابة 2200 مواطن سوري، ويعتقل آلافا آخرين، مثل ما يقوم بتهجير الآلاف.. نظام يجز حنجرة من غنى، ويكسر أطراف من يرسم.. كيف لا تكون أزمة أخلاقية ونحن نرى بشهر رمضان الفضيل المآذن وهي تقصف بسوريا من قبل أمن النظام الأسدي، ووسط صمت مخزٍ من قبل دول عربية كثيرة؟ وهذا ليس كل شيء بالطبع، فعدا عن قتل البشر، وتدمير سوريا، فإن رجال النظام الأسدي يقومون بترديد عبارات على مسامع السوريين مثل إن «ربهم بشار»، كما يقومون بكل منطقة تتعرض لاجتياح الشبيحة والأمن بالكتابة على الجدران «ربكم بشار» أو «رب العرب بشار»، حتى أنه بات مألوفا رؤية أشرطة الفيديو المسربة من داخل سوريا وتظهر رجال النظام الأسدي وهم يجبرون السوريين، بالضرب والإهانة، على ترديد «لا إله إلا بشار» أو «لا إله إلا ماهر»، عدا عن عبارات أخرى لا يجرؤ المرء على ترديدها!

وعندما نقول إنها أزمة أخلاقية فلسبب بسيط جدا، فكيف يمكن الرد على من يصفون العرب والمسلمين بالنفاق والازدواجية حين يمارس العرب والمسلمون الصمت تجاه هذا الكفر البواح من قبل رجال نظام الأسد مقابل كل الصخب الذي أحدثه العرب والمسلمون تجاه الرسوم الكرتونية الخاصة بالرسول عليه الصلاة والسلام بأوروبا، مثلا، أو تجاه القس الذي أحرق القرآن الكريم بأميركا، أو تكفير سلمان رشدي على روايته الرديئة أصلا؟ فهل يعقل أن يقبل علماء سوريا بحدوث هذا دون إنكاره، وقول كلمة حق عند سلطان جائر، خصوصا أن بعض علماء سوريا كانوا من ضمن الحضور في حفل الإفطار الذي أقامه الأسد بدمشق، وتحديدا وزير الأوقاف محمد عبد الستار، والمفتي العام أحمد بدر الدين حسون، والشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، ومفتي حمص، وغيرهم؟

والأمر لا يتعلق بسوريا وحدها، بل بمن يدعمون النظام الأسدي أيضا، فأين السيد السيستاني وفتاواه مما يحدث بسوريا، وأين المرشد الأعلى الإيراني الذي يصف نفسه ب«ولي أمر المسلمين»، وأين أئمة المساجد بطهران، خصوصا من يحرمون ويحللون، ويتحدثون من على المنابر حول حماية الدين الإسلامي، ويهاجمون أعداء الدين، فأين هم اليوم من حماية الدين؟ أين هم من الاعتداء على المساجد، والتطاول على رب العزة والجلال بعبارات موغلة بالزندقة والإلحاد؟ وإمعانا بالسخرية، والتذاكي بالطبع، فها هو حسن نصر الله، رأس الفتنة بمنطقتنا، يحذر من الفتنة الطائفية بسوريا نصرة للأسد، ودون أن يكترث بالاعتداء على بيوت الله، أو إهدار دماء الأبرياء، ناهيك عن التطاول على الذات الإلهية! ولذا فهي أزمة أخلاقية بالفعل، ومن صنع النظام الأسدي وأعوانه!

=============================

هل نستمر في السلمية أم نتحول للسلاح؟

25-08-2011

http://the-syrian.com/archives/33434

بعد الانتصار العظيم لأهلنا في ليبيا على الطاغية القذافي بالسلاح، يدور حديث كبير حول جدوى تحول ثورتنا المباركة إلى مسلحة خاصة مع طول الفترة التي مرت بها سلمية دون إسقاط النظام، ونقل التجربة الليبية إلى بلدنا للتخلص من النظام وعصاباته، وجرى هنا في الموقع شيء من هذا النقاش.

وهنا أقدم عدة نقاط تساعدنا على التفكير في الموضوع:

أولاً: الأصل في الثورة أن تبقى سلمية كما بدأت سلمية، فهي السّلاح الذي أسقط الشرعية الدولية عن المجرم، وأظهر سوأته أمام من كان مخدوعاً به في الداخل والخارج.

ثانياً: هل نحن لو تحولنا للسّلاح، سنستطيع هزيمة النظام بدون مساعدة خارجية؟ سيقول البعض: الشبيحة وعصابات الأمن ستهرب مباشرة، وهذا صحيح مئة بالمئة، ولكن ماذا عن الجيش المسلح بالأسلحة الثقيلة؟

في المقابل،

ثالثاً: كما أن الثورة انطلقت من دون توجيه وكانت سلمية، فعلينا أن نضع في حسباننا أن الثورة المسلحة قد تنطلق دون توجيه أيضاً؛ فكثير من الناس لم تعد تتحمل ما يجري من قتل واعتقال وتعذيب، وهتك للأعراض، واعتداء على الدين ومقدساته، وهذا تكلم به الكثير من النشطاء؛ فربما تشكلت مجموعات مسلحة في القترة القادمة من أناس عاديين، يريدون الانتقام ممن يفعل بهم الأفاعيل. هل عندها تصبح الثورة غير مشروعة ونتخلى عنهم؟؟

لذا في رأيي أن علينا أن نترك الأمر للعاملين على الأرض، فهم القريبون من الناس وما يشعرون به، وهم من يعرف هل الناس قادرة على الاحتمال في الاستمرار في طريق السلمية أم لا. وأن تقوم ثورة مسلحة منظمة، خير من أن تقوم ثورة مسلحة مشتتة لا تعرف لها رأساً، تطيل أمد الثورة وتزيد من التضحيات. وعلينا أن نحث القائمين على التنسيقيات على التلمس الحقيقي لمشاعر الناس والقرب منهم كثيراً حتى لا يتفاجؤوا بما لم يتوقعوا، لا أن نضغط عليهم ضغطاً أعمى لا يراعي متطلبات الأرض والميدان سواء في اتجاه السلاح أو في اتجاه السلمية.

وتجدر الإشارة إلى أن السلمية السلبية – التي تعني الوقوف مكتوف الأيدي أمام ما يحصل – هو مما يزيد الاحتقان، كما يزيد التسلط من المجرمين. فلا بد من أهلنا الثوار أن يستخدموا وسائل الدفاع عن النفس ووسائل الهجوم التي لا تُخرج المقاومة عن سلميتها؛ فهذا يخفف الكثير من الاحتقان، ويرد الكثير من الأذى، ويقذف في قلوب المرتزقة الرعب.

أسأل الله أن يزيدنا وأهلنا حكمة وبصيرة، وأن ينصرنا على الطغاة المجرمين، وأن يحفظ أهلنا ويفك أسرانا.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ