ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 16/08/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


سياسة أميركا لنشر الديمقراطية..

معضلة الإسلاميين

عرض/علاء بيومي

تنبع أهمية هذا التقرير من رافدين: أولهما كونه صادرا عن "خدمة أبحاث الكونغرس" وهي هيئة أبحاث غير حزبية تابعة للكونغرس الأميركي أسست عام 1914 للعمل على إمداده بالأبحاث العملية التي يحتاج أعضاؤه لاتخاذ قراراتهم.

أبحاث الهيئة موجهة بالأساس لأعضاء الكونغرس بناء على طلباتهم، لذا يتم تجديدها باستمرار، كما تتميز بقدراتها العلمية الكبيرة وبموضوعيتها وعدم ترددها في نقد سياسات الحكومة الأميركية، وبسعيها للوصول إلى الحقائق وتوعية أعضاء الكونغرس بما يجري حولهم وبما يمكنهم القيام به.

الرافد الثاني هو موضوع التقرير نفسه الذي يشغل الرأي العام العربي والأميركي، إذ يحاول التقرير أن يشرح لأعضاء الكونغرس حقيقة الالتزام الأميركي بنشر الديمقراطية في العالم العربي.

كما يحاول أن يبين تأثر هذا الالتزام بأحد أهم الظواهر السياسية العربية وهي ظاهرة صعود الحركات الإسلامية واستفادتها سياسيا من التحولات الديمقراطية التي جرت ببعض الدول العربية مؤخرا.

ويوضح التقرير ما إذا كان صعود الحركات الإسلامية في العالم العربي بصفة عامة -وفي فلسطين بصفة خاصة- سيثني أميركا عن الالتزام الذي قطعته على نفسها بخصوص نشر الديمقراطية في العالم العربي، وحقيقة موقف الجماعات الإسلامية تجاه السياسة الأميركية كما يراه المسؤولون والخبراء في واشنطن، وما يمكن لأعضاء الكونغرس فعله في ضوء ما سبق.

كما يحاول تحديد طبيعة ومستقبل موقف أميركا الحالي من الجماعات الإسلامية غير العنيفة في العالم العربي في ضوء الظروف السياسية المستجدة في المنطقة، دون أن يتعرض لسياسة أميركا تجاه الجماعات الإسلامية المسلحة.

تعريف الجماعات الإسلامية

يحاول التقرير في بدايته أن يشرح لأعضاء الكونغرس طبيعة الجماعات الإسلامية العربية، حيث يذكر أنها صعدت في المرحلة التالية لهزيمة النظم القومية عام 1967 رافعة شعار تطبيق الشريعة الإسلامية في مختلف جوانب حياة المجتمعات العربية بدرجات مختلفة، مستفيدة من الخلفية الإسلامية المتدينة والاجتماعية المحافظة للمجتمعات العربية.

وبمرور الوقت باتت تلك الجماعات تمثل قوى المعارضة الجماهيرية الرئيسية في عدد كبير من الدول العربية.

ويصف التقرير علاقة الجماعات الإسلامية غير العنيفة بالنظم العربية بأنها علاقة "غامضة" لأن الدول العربية عادة ما "تضخم تهديد الإسلاميين لاستقرار الدولة"، ولكنها في نفس الوقت تسمح للجماعات الإسلامية بممارسة ما يسميه التقرير "بالمعارضة المحدودة" لتخفيف الضغوط التي تتعرض لها النظم العربية في أوقات الأزمات الاقتصادية والسياسية الداخلية والضغوط الدولية الكبيرة.

ويرى أن بعض الحكومات العربية تستخدم صعود المعارضة الإسلامية "المحدودة" بهدف "منع جماعات المعارضة العلمانية من تحدي الحزب الحاكم".

علاقة أميركا بالإسلاميين

يقول التقرير إن علاقة أميركا بالإسلاميين في الشرق الأوسط قامت منذ عام 1979 على أساس معارضة صعودهم، لما سيترتب عليه من تحد لمصالح أميركا وعلى رأسها حماية إسرائيل والنفط والتعاون العسكري مع دول المنطقة.

وانطلاقا من هذا الموقف ركزت أميركا في ضغوطها الإصلاحية على الحكومات العربية على قضايا تحرير الاقتصاد وتحرير التجارة بدلا من قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وفي المقابل اكتفت النظم العربية -كما يرى التقرير- بإجراء إصلاحات ديمقراطية رمزية بهدف "تشتيت الانتباه الدولي الموسمي لنقص الحريات السياسية".

ويقول التقرير إن الرؤية السابقة استمرت مسيطرة على السياسة الأميركية تجاه الديمقراطية العربية حتى أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 حيث بدأ الرئيس الأميركي جورج بوش استخدام مبدأ يرى أن قيام "شرق أوسط ديمقراطي سيكون أقل هشاشة أمام قوى التطرف".

وبهذا أصبح نشر الديمقراطية في العالم العربي أحد ركائز الحرب على الإرهاب، إذ رأى بوش أن نشر الديمقراطية وإشراك الشعوب المسلمة والعربية -بما في ذلك قوى المعارضة- في الحياة السياسية سيسحب البساط تدريجيا من تحت أقدام الجماعات العنيفة والراديكالية وسيزيد قوى المعارضة العربية واقعية.

وجاءت الحرب على العراق لتؤكد الالتزام الأميركي بنشر الديمقراطية في العالم العربي حيث استخدم بوش مبدأ نشر الديمقراطية لتبرير الحرب على العراق، موضحا أن الحرب تصب في النهاية في صالح الديمقراطية العربية ومن ثم في صالح الحرب على الإرهاب.

ويقول التقرير إن إدارة بوش قطعت على نفسها التزاما يصفه التقرير بأنه "التزام خطابي" بتغيير "الوضع القائم" في الشرق الأوسط، وسعت لتطبيق هذا الالتزام من خلال عدة أساليب أساسية يأتي على رأسها:

- إعطاء قضية الإصلاح العربي مزيدا من الموارد والأهمية.

- الدبلوماسية الثنائية والاستمرار في مطالبة المسؤولين العرب بالإصلاح عند اللقاء معهم.

- التصريحات الرسمية المطالبة بالديمقراطية العربية والقادمة من كبار قادة الإدارة كخطاب وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في يوليو/تموز 2005.

- إطلاق عدد من البرامج والمبادرات الأميركية والدولية لدعم برامج نشر الديمقراطية في العالم العربي، مثل مبادرة الشراكة الشرق أوسطية التي تدعم من خلالها الخارجية الأميركية بعض منظمات المجتمع المدني العربية، ومبادرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابعة لمجموعة دول الثماني والساعية لدعم الليبرالية السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط.

المعضلة وكيفية التعامل معها؟

يقول التقرير إن التزام الإدارة بنشر الديمقراطية في العالم العربي بدأ يواجه معضلة تمثلت في أن استمرار الضغط من أجل الديمقراطية قد يدعم صعود الجماعات الإسلامية سياسيا، وهي جماعات معارضة في أغلب مواقفها للسياسات الأميركية.

كما أن صعودها سيؤثر سلبيا على علاقة أميركا بالنظم العربية، وبالتالي على تعاونها في الحرب على الإرهاب.

وقد ترتب على هذه المعضلة ظهور جدل قوي حول قضية التعامل مع الجماعات الإسلامية الشرق أوسطية في واشنطن، وحول ما إذا كانت "المخرجات السياسية" لأي عملية "إصلاح سياسي حقيقي" بالشرق الأوسط ستكون مفضلة لدى صانع القرار الأميركي.

ويقسم التقرير هذا الجدل إلى ثلاثة مواقف رئيسية، وهي مواقف قادمة من مراكز الأبحاث الأميركية ومن المسؤولين بواشنطن على حد سواء.

ويلاحظ هنا أن التقرير تعامل مع الخبراء ومراكز الأبحاث بأهمية لا تقل عن أهمية مواقف مسؤولي الإدارة.

وقد يعود ذلك إلى غموض موقف الإدارة، ما دفع التقرير إلى التركيز على آراء الخبراء الساعية لشرح مواقف المسؤولين غير الواضحة. وقد يعود إلى أهمية مواقف الخبراء وأنهم يمثلون عاملا هاما في صياغة الرأي العام والسياسة الأميركية.

الموقف الأول يرى أن جميع الإسلاميين "مشكوك فيهم"، وهو موقف خبراء مثل مارتين كرايمر ودانيال بايبس كما يسميهم التقرير.

والمعروف أن الكاتبين السابقين من أكثر الكتاب المساندين لإسرائيل تشددا، إذ يرى الأول أن "كل الإسلاميين أصوليون معادون للديمقراطية وللغرب بطبيعتهم"، ويرى الثاني أن "تسهيل مشاركة الإسلاميين السياسية" نوع من "مساعدة الأعداء"، وبالتالي يرى أصحاب هذا الاتجاه أن الحل يكمن في تقوية المجتمع المدني والحركات العربية العلمانية.

الاتجاه الثاني ينادي بالعمل مع الجماعات السياسية غير العنيفة، ويقول التقرير إن هذا الاتجاه يسانده العديد من الخبراء والأكاديميين بأميركا، وهو اتجاه يرى أن مشاركة الإسلاميين في الحكم ستزيدهم واقعية وستحرم الراديكاليين تدريجيا من الأتباع.

التيار الثالث يرفع شعار البراغماتية ويطالب الإدارة الأميركية باتباع منهج "التعامل الانتقائي" مع الجماعات الإسلامية غير العنيفة، وعدم الاهتمام بالاتهامات الخاصة بازدواجية المعايير ما دامت الانتقائية ستخدم مصالح أميركا دون الإضرار بعلاقتها مع شركائها الأساسيين بالمنطقة وهم النظم.

تحديات الديمقراطية وعلاقة أميركا بالإسلاميين

بعد ذلك يدرس التقرير ثلاث حالات وهي المغرب ومصر والأردن، كما يحاول أن ينصح الكونغرس بخصوص ما يمكنه القيام به في كل حالة بصفة خاصة وتجاه العالم العربي بصفة عامة.

ومن خلال قراءة هذه الحالات وقراءة التقرير عامة، يمكن القول إنه في مجمله يقود قارئه إلى خلاصتين:

الخلاصة الأولى أن المساعي الأميركية لنشر الديمقراطية في العالم العربي فقدت الزخم الذي اكتسبته في عهد ولاية بوش الأولى، وهو زخم قد لا يعود في المستقبل المنظور لأسباب مختلفة.

تلك الأسباب على رأسها قصر عمر الالتزام الأميركي بنشر الديمقراطية في العالم العربي، وكونه يتناقض مع سياسات أميركية راسخة تعود إلى عام 1979، ولأن الجدل الراهن حول سياسة نشر الديمقراطية العربية وتأثيرها على صعود الإسلاميين جدل ضخم لن يحل بسهولة في وقت تمر فيه الإدارة بتحديات داخلية وخارجية ضخمة.

والخلاصة الثانية تتعلق بعلاقة أميركا بالإسلاميين، وهنا يشير التقرير في مغزاه إلى أن هذه العلاقة تمر بتحديات أربعة رئيسية:

الأول هو توقعات الإدارة الأميركية التي تريد جماعات إسلامية ومعارضة عربية لا تعارض سياستها، خاصة في فلسطين والعراق.

وتنظر الإدارة إلى مظاهر معارضة هذه السياسات على أنها رسائل سلبية موجهة ضدها، مع أن هذه السياسات تلاقي معارضة قوية داخل أميركا ذاتها وعبر العالم، ما يثير التساؤل حول إمكانية عثور أميركا على المعارضة العربية التي تنشدها!؟

التحدي الثاني يتعلق بموقف الحكومات العربية ذاتها من تعامل الإدارة الأميركية مع الإسلاميين، إذ تعارض الحكومات العربية تقارب الأميركيين مع الإسلاميين معارضة تختلف درجاتها باختلاف الدول العربية.

فهي أكبر -كما يرى التقرير- في حالة مصر التي تعارض بقوة اتصال الأميركيين بالإسلاميين، وهي أقل في حالة المغرب الذي سمح -في بعض الأحيان- لبعض قادة الجماعات الإسلامية المغربية بزيارة أميركا ضمن برامج ترعاها الخارجية الأميركية.

ويرى التقرير أن قوة معارضة الحكومات العربية لاتصال الأميركيين بالحركات الإسلامية لا تمنع هذا الاتصال على المستوى غير الرسمي، ولكنها تحد منه بشكل كبير على المستوى الرسمي.

التحدي الثالث يتعلق بموقف الحركات الإسلامية ذاتها، حيث ينظر التقرير إيجابيا إلى موقف بعض قيادات الحركات الإسلامية بالمغرب التي اعترفت في تصريحات علنية بالنفوذ الأميركي وبالحاجة إلى بناء حوار تعاوني مع المسؤولين الأميركيين حول هذا النفوذ.

ويعطي التقرير انطباعا بأن بعض الجماعات الإسلامية ما زالت تقتصر في علاقتها بالمسؤولين الأميركيين على الاتصالات الفردية غير الرسمية.

التحدي الرابع الذي يوجد عبر التقرير هو القرب من الصراع العربي الإسرائيلي، فالواضح أن قرب أي دولة عربية جغرافيا من الصراع العربي الإسرائيلي ونشاط تلك الدولة في المباحثات الفلسطينية الإسرائيلية يزيد من تعقيد موقف الإدارة الأميركية من الجماعات الإسلامية فيها.

ويزداد ذلك في ظل التزام أميركا القوي بحماية أمن إسرائيل، ونظرا لنشاط اللوبي الموالي لإسرائيل في معارضة علاقة أميركا بالإسلاميين في العالم العربي كما ظهر في أسماء ومناصب الخبراء الذين عاد إليهم التقرير دون أن يربطهم بلوبي إسرائيل.

أما بالنسبة لدور الكونغرس المحتمل فهو الضغط على الإدارة لتوضيح سياستها الغامضة تجاه الديمقراطية العربية والإسلاميين، ومعارضة المعونات الاقتصادية التي تقدمها أميركا لبعض الدول العربية، ووضع شروط تربط تلك المعونات بالإصلاح السياسي، وهي مواقف لن تتبلور في المستقبل المنظور للأسباب التي شرحناها سالفا.

 الجزيرة 12/7/2006

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ