ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 07/08/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

الموقف التركي من الحدث السوري

حسين العودات

البيان

التاريخ: 06 أغسطس 2011

انفجرت الأحداث في سورية في منتصف مارس الماضي، وتنامت الاحتجاجات والمظاهرات وتحولت إلى انتفاضة شاملة، وعلى خلاف توقع السياسة والسياسيين السوريين، أيدتها السياسة التركية منذ يومها الأول.

وأعلن رئيس الوزراء التركي أنه نصح الأسد بإجراء إصلاحات ديمقراطية، وقال إنه ينتظر حصول مثل هذه الإصلاحات، وأرسل مدير جهاز مخابراته إلى سورية للتباحث مع المسؤولين السوريين و(نقل التجربة التركية إليهم) وعرضت القيادة التركية أفكاراً للخروج من الأزمة، لكنها لم تستطع إقناع أصدقائها السوريين بالاستجابة لطلبات المحتجين ونبذ العنف، ثم صعَّدت السياسة التركية موقفها، فأعلن أردوغان شخصياً أن لديه مخاوف من أن (اشتباكات طائفية قد تنفجر في سورية ويمكن أن تقسم البلاد).

وذكّر (أن طول الحدود بين البلدين يصل إلى (850 كم) ولذلك فإن ما يحدث في سورية سيكون له تأثير على تركيا) واعتبر أحداث سورية وكأنها (شأن داخلي تركي). وأرفق تصريحاته هذه ومخاوفه بدعم المعارضة السورية. وقد ضاعفت التصريحات والمواقف التركية آمال المحتجين والمنتفضين السوريين وأشعرتهم أن لديهم عوناً خارجياً أسعدهم أنه ليس أمريكياً ولا أوروبياً. وليس لديه مطامع استعمارية أو مطامح هيمنة، ولا تحركه مصالحه المباشرة لاتخاذ هذا الموقف، وهو جار وصديق ومسلم وللشعب السوري معه علاقات تاريخية.

تبنت السياسة التركية فئات المعارضة السورية، ودعمتها سياسياً، وأتاحت الفرصة لها كي تعقد مؤتمرات في مدن تركية، وتطلق تصريحات صحفية من هناك، وقد عقد أول الاجتماعات (المؤتمرات) العلنية في مدينة اسطمبول في 26 نيسان/ إبريل بدعوة من (منظمات مجتمع مدني تركية) لبحث (مجريات الأحداث في سورية) .

وكان هذا المؤتمر في الواقع مقتصراً على الإخوان المسلمين والإسلاميين وحلفائهم، وشجب المؤتمرون ممارسات السلطة السورية بدون تحفظ. وقد فوجئ السوريون بعقد هذا المؤتمر (الاجتماع) دون الجزم بأنه جزء من خطة تركية مناوئة، أو أنه مجرد اجتماع عارض. ثم تتابعت استضافة تركيا للمعارضين السوريين، والسماح لهم بعقد مؤتمرات ولقاءات في مدنها.

بعدها عقدت جهات معارضة سورية (من تيارات سياسية عديدة) مؤتمراً في مدينة أنطاليا المجاورة لسورية، حضره (300) شخصية معارضة تحت اسم (المؤتمر السوري للتغيير) وكان من قراراته إعلان دعم الانتفاضة السورية، والدعوة إلى إسقاط النظام.

وقد سهلت تركيا للمؤتمر انعقاده وإجراءاته ودعمته، ولم تمنعه من اتخاذ قرار بالدعوة لإسقاط النظام، وحمته من أنصار السلطة السورية الذين قدموا لمنعه من مواصلة أعماله، وكان المؤتمر محط دهشة السياسة السورية التي أدركت عندها أن تركيا تدعم الانتفاضة صراحة، وتتصرف على أنها راعية لها.

ثم عقد مؤتمر آخر في اسطمبول في منتصف شهر تموز/ يوليو الماضي تحت اسم (مؤتمر إنقاذ الشعب السوري)، شارك فيه حوالي (400) مشارك، صار معظمهم من الإسلاميين، وكاد المؤتمر أن يشكل حكومة انتقالية، لكنه شكل بدلاً من ذلك هيئة قيادية بمثابة حكومة، ودائماً برعاية السياسة التركية واستنكار السلطة السورية.

في الوقت نغسه استقبلت تركيا (اللاجئين) السوريين الذين تعرضت مدنهم وبلداتهم الحدودية لاجتياح الجيش السوري وقوات الأمن، وأقامت مخيمات لهم (وأحياناً بنتها مسبقاً)، ورعتهم وربما شجعت المواطنين السوريين في هذه البلدات على اللجوء، واستقدمت الوفود الرسمية ووسائل الإعلام لزيارة المخيمات، وأعلنت بشكل غير رسمي بأنها ستعمد إلى إقامة مناطق حدودية آمنة داخل الأراضي السورية، تطبيقاً لاتفاقية (أضنة)، وقد شجعت هذه الإجراءات والتصريحات والتسريبات كثيرين للجوء إلى تركيا، ولولا تغير الموقف التركي هذا فيما بعد، لبلغ عدد اللاجئين السوريين عشرات الألوف.

على النطاق السياسي، بذلت السياسة التركية جهوداً لإقناع الاتحاد الأوروبي والإدارة الأمريكية بتصليب مواقفهما من الحدث السوري، وتحريض هذه البلدان للضغط على سورية بمختلف الوسائل والأساليب، لإلزامها على إصلاح نظامها، وتحويله إلى نظام ديمقراطي تعددي، وطلبت من بعض العرب فعل ذلك، ومن إيران تخفيف دعمها لسورية، وأكدت لها أن لا علاقة للموقف التركي بالنزعة السنية.

فتر الحماس التركي الداعم للانتفاضة السورية في الفترة الأخيرة، وتراجعت التصريحات التي كانت تطالب السلطة السورية بالإصلاح والتحول الديمقراطي، وعبرت عن هذا الموقف سلسلة من تصريحات مسؤولين أتراكاً كباراً، فقد صرح إرشاد هرمز، مستشار الرئيس التركي (أن العلاقات التركية السورية قوية وراسخة ولا تتأثر بالأحداث الطارئة، وتركيا لا تصمم بيوت الآخرين.

ولا تملي عليهم ماذا يفعلون) كما صرح أحمد داوود أوغلو وزير الخارجية أن (العلاقات التركية السورية أقوى من علاقات الجيرة، ولدينا علاقات قرابة على طول الحدود بأكملها) وأخيراً قال أردوغان (في حال وصول الانفتاح الديموقراطي في سورية إلى النجاح، فإننا سنكون سعداء جداً) ومن الواضح أن هذه التصريحات تعبد طريقاً لعلاقات جديدة، وهي تراجع في الموقف التركي، وقد ترافقت بالتضييق على اللاجئين السوريين ومحاصرتهم، إلا أنها لم تحد من نشاط المعارضة السورية الإسلامية التي تتخذ من تركيا قاعدة لنشاطها وانطلاقها، بل يبدو أنها ما زالت تشجعها وترعاها.

في الأيام الأخيرة، ازداد الدور التركي المتراجع حرجاً بعد تنامي العنف في سورية، ويبدو أنه لم يجد بداً من أن تعود السياسة التركية لموقفها الصلب، لذلك أشارت أوساطها إلى أنها ستتخذ إجراءات شديدة تجاه السلطة السورية لا تقل شدة عن الإجراءات الأوروبية، هذا ما نوهت به، في الأيام الماضية، بعض الصحف التركية، وبعض المحللين السياسيين الأتراك الأكثر اطلاعاً.

==============

هل ستنتصر الثورة السورية؟

زين الشامي

الرأي العام

6-8-2011

روى لي أحد الأصدقاء ممن كان حاضراً يوم الخامس عشر من مارس الماضي أمام وزارة الداخلية في دمشق حيث تجمع العشرات من أهالي المعتقلين للمطالبة بحرية معتقلي الرأي في سورية، كيف أن قوات الأمن اعتقلت العديد منهم، وكيف تم ضربهم بقسوة وعنف، وخاصة النساء منهم مثل الكاتبة سمر يزبك، إلى أن أجبرت تلك العناصر الأمنية الغالبية من المعتصمين على الفرار. لكن اليوم وبعد مضي نحو خمسة أشهر على تلك الحادثة، نرى كيف أن ذلك التجمع الصغير المحدود من أهالي السجناء السوريين وبعض المتعاطفين معهم قد تحول إلى ملايين، وكيف انتقلت الاحتجاجات من مكان ما وبقعة صغيرة في دمشق، إلى عموم المدن والقرى والبلدات السورية حيث سجلت الأسابيع الأخيرة وصول الاحتجاجات إلى نحو 208 بقع مشتعلة في كل المحافظات السورية دون استثناء. هذا مؤشر واضح وصريح على المسار التصاعدي لحركة الاحتجاجات الشعبية ضد النظام السوري.

من ناحية ثانية، ومنذ تلك اللحظة في منتصف شهر مارس وحتى اليوم، نرى أن فئات جديدة تنضم إلى صفوف المحتجين وتنزل إلى الشوارع بعد طول تردد وخشية، حتى وصلت أعداد المتظاهرين في مدينة حماة قبل اجتياحها من قبل الجيش، إلى أكثر من نصف مليون نسمة رغم أن تعداد سكان المدينة كله يبلغ نحو سبعمئة وخمسين الف نسمة، الشيء نفسه يمكن قوله عن مدينة دير الزور، ففي جمعة «حرية الأسرى» خرج نحو 600 ألف متظاهر.

بهذه المناسبة، وإذا ما رجعنا إلى الصور الأولى التي بثت على مواقع التواصل الاجتماعي مثل «اليوتيوب» للمتظاهرين في شهر مارس، في كل من مدينتي حماة ودير الزور، فسيكون مفاجئاً كيف أن بضع عشرات فقط من الشبان قرروا الخروج، وقد تظاهروا لبضع دقائق، وكيف أن بعضهم غطى وجهه خوفاً من أن تتعرف عليه عناصر الأمن لاحقاً، يوم شاهدت تلك الصور الأولى المقبلة من حماة ودير الزور قلت في نفسي أن النظام استطاع تدمير الحياة السياسية في سورية كلها واستطاع ضرب المجتمع المدني السوري، ولن ينضم إلى التظاهرات سوى قلة من الشبان، لكن ما حصل هو العكس تماماً، إن أجمل الصور وأجمل تعبيرات حركة الاحتجاج الشعبية خرجت من تلك المدينتين السوريتين لاحقاً، كذلك شكلت تلك الصور عن الحشود الشعبية رغم ضعفها الفني، مصدراً ملهماً للآلاف من السوريين، وتركت أكبر الأثر عالمياً لناحية التضامن الشعبي والرسمي مع الشعب السوري.

من ناحية أخرى، ورغم تزايد أعمال القتل ضد المتظاهرين العزل، والذي تجاوز الألفي قتيل، ورغم اعتقال ما يقارب العشرين ألف شخص، ورغم التعذيب والبطش واحتلال بعض المدن والقرى والتنكيل بالأهالي، وانتهاك الأعراض، وسرقة الممتلكات الشخصية، ورغم تجويع وتعطيش أبناء المناطق التي تشهد التظاهرات، وقطع الكهرباء والاتصالات عنها، رغم كل ذلك نرى أن عدد المنخرطين في التظاهرات يزداد يوماً بعد يوم. ذات مرة اتصلت هاتفياً بأحد أباء الشهداء معزياً بعد أن سقط ابنه في احدى التظاهرات على أيدي قوات الأمن، لفت نظري كيف كانت معنويات ذلك الأب عالية ومرتفعة، لدرجة اعتقدت أني اتكلم مع شخص آخر لا أعرفه، قال لي حرفياً في اليوم الثاني بعد دفن ولده: «هل تعتقد أنني حزين أو منزعج... لا على العكس تماماً، أنا افتخر تماما بولدي، انه شهيد، انه شهيد من أجل الحرية، لقد كان هناك الآلاف من كل القرى ممن اتوا لتعزيتي، لقد شعرت اني في عرس، لأن الناس زفت ابني الشهيد كما لو أنه عريس حقاً».

كذلك تحصد حركة الاحتجاجات الشعبية في سورية المزيد من التعاطف الدولي، ولا نبالغ القول إذا قلنا ان جميع شعوب ودول العالم تقف في صف الشعب السوري المنتفضي، رغم المواقف المصلحية والانتهازية لحكومات روسيا والصين وايران، ورغم التردد العربي الرسمي في الإعلان عن موقف حاسم ازاء ما يجري، ومن دون الخوض في تفاصيل وأسباب وخلفيات مواقف هذه الدول والحكومات، لا بد من القول أن مواقف هذه الدول لا تعكس حقيقة مواقف شعوبها، وعليه فإن النظام في سورية يقف اليوم وحيداً معزولاً إلا من تأييد ودعم ايران الرسمية الخائفة على انهيار مصالحها في الدول العربية والشرق الأوسط في حال سقوط النظام، أما الموقفان الروسي والصيني فمرتبطان بالحسابات السياسية الدولية والصراع بين القوى الكبرى ولا يعكسان مواقف شعبية روسية او صينية ضد انتفاضة الشعب الثوري.

لكن رغم كل ذلك فإن التساؤل فيما لو ان المتظاهرين في سورية يستطيعون اسقاط النظام أم لا، خاصة وأن ذلك النظام يستند لقوة عسكرية وأمنية ولا يتورع عن ارتكاب أي شيء بهدف الحفاظ على السلطة، فيما الشعب السوري والمتظاهرون السلميون، لا يستطيعون من خلال «سلميتهم» هذه اسقاط مثل هذا النظام بكل بطشه؟

وللإجابة عن ذلك فلابد من التنبيه أولاً إلى أن منطق الثورات الشعبية السلمية أو حتى غير السلمية لا يمكن حسابه بمنطق ميزان القوة والسلاح وعدد أفراد الجيش، ان منطق الثورات مختلف تماماً عن منطق الحروب، فلو كنا نتحدث عن حرب ومعركة عسكرية بين النظام السوري والشعب السوري، لقلنا بكل بساطة أن النظام سينتصر حتماً لأنه يملك كل صنوف الأسلحة من بنادق ورصاص ودبابات وطائرات ومدافع وسلاح كيماوي، فيما الشعب لا يملك سوى الهتاف والتظاهر والغضب. غير ان منطق الثورة كما قلنا يختلف عن منطق الحروب، وفي الثورات الشعبية غالباً ما تخسر الانظمة المستبدة والظالمة، لأنها ورغم بطشها فهي لا تستطيع ان تقاوم حركة شعبية عارمة، لأن منطق الاستبداد والظلم والقهر الاجتماعي هو منطق يعاكس حركة التاريخ والتطور. ثم من ناحية ثانية كلنا يعلم أن ثورة المهاتما غاندي اللاعنفية ضد المستعمر الانكليزي، انتصرت رغم كل ما تملكه «الدولة العظمى» في ذلك الوقت من أسلحة ورغم كل البطش الذي مارسته بحق الشعب الهندي الذي اختار الطريق السلمي لمواجهة الاحتلال.

الشعب السوري ومنذ سيطرة «حزب البعث» على السلطة في 1963 لم يتنفس أو يعش لحظات من الحرية كما يعيشها اليوم، انها المرة الأولى في حياته التي يستطيع ان يقول فيها «لا» من دون خوف، والمرة الاولى التي يخرج فيها للتظاهر من دون أن تقرر عنه السلطات والحزب الحاكم والمخابرات ذلك، انها المرة الأولى التي يشعر فيها الشعب أنه أقوى من الديكتاتورية والبطش والخوف. الشعب السوري انتصر، ولم يكن هو نفسه يصدق ذلك، وسوف لن يرجع مطلقاً إلى الوراء.

ان الموجة التحررية ضد الظلم والفساد والقمع والتي بدأت من تونس مروراً بمصر، ووصلت إلى بلدان عربية عدة ومنها سورية، تشبه موجات المد «تسونامي»، لا أحد يستطيع ايقافها او الوقوف في وجهها، صحيح أن النظام السوري سيحاول جاهدا قمع هذه الموجة التحررية، لكنه سيفشل في النهاية، لأن الشباب في سورية الذين قرروا الخروج للتظاهر ومستعدين للموت من أجل الوصول إلى أهدافهم والانتصار على الظلم والقمع والقهر، سوف لن تستطع أي قوة أن تقف في وجه إرادتهم. هذا منطق التاريخ وهذا منطق الثورات في التاريخ.

==============

مشروع قانون الأحزاب السياسية في سوريا وتسيّس القضاء والجيش والشرطة والأجهزة الأمنية

المستقبل - السبت 6 آب 2011

العدد 4078 - رأي و فكر - صفحة 19

ميشال شماس ()

تمحورت أكثر الملاحظات التي وردت على مشروع قانون الأحزاب الذي نشرته الحكومة على موقع سورية التشاركية، حول عدم وضع فقرة في المشروع (تحظر على الأحزاب السياسية قبول القضاة وعناصر الجيش والقوات المسلحة، وكذلك عناصر الشرطة وأجهزة الأمن في صفوفها تحت طائلة الملاحقة القانونية). إلا أن الحكومة أقرت مشروع القانون متجاهلة مطالب الكثير من المواطنين والمهتمين والقوى والأحزاب السياسية بضرورة منع القضاة وكافة العاملين في الجيش والشرطة وأجهزة الأمن من الاشتغال بالسياسة وإبقاؤها على الحياد بعيداً عن الولاءات والصراعات الحزبية التي قد تنحرف بتلك المؤسسات عن طبيعتها التي يجب أن تبقى محايدة في تعاملها مع المواطنين..

فاستقلال القضاء يتجلى بصورة واضحة بضمان حياده، لأن مبدأ حياد القضاء يعتبر أحد أهم الأركان التي يقوم عليها استقلال القضاء، فالحياد شرط لازم لإحقاق الحق وإقامة العدل بين الناس، فلا عدل بدون حياد، ولا حياد بدون استقلال، ولا قيمة لأحدهما من دون الآخر، فبدون هذا الحياد أي إذا انحاز القاضي لأحد طرفي الدعوى لكأن هذا الطرف هو الذي يحكم لنفسه بنفسه باسم القاضي وعن طريقه، وبذلك نصبح أمام ظاهرة تحكيم القوة، بدلاً من تحكيم مبدأ الشرف والضمير والتجرد. ولا يمكن لأحد أن يتصور أن يتجه ولاء القاضي لغير القضاء، أو أن يقع تحت تأثير الولاء لسياسة معينة تجعله ينحرف عن حياده. وهذا المبدأ معمول به في كافة الدول المتقدمة...

وكذلك يجب أن يبقى عناصر الجيش والقوات المسلحة والشرطة وأجهزة الأمن حياديين في تعاملهم مع المواطنين، وأن لا يقعوا تحت تأثير أي سياسة، فهذه المؤسسات وجدت ليس لخدمة جهة حزبية أو سياسية معينة، بل وجدت لخدمة الوطن ولخدمة الناس بصرف النظر عن الجهة أو الحزب الذي يحكم أو يقود البلاد. وجدت لتحمي النظام العام في البلد وللدفاع عنه وحمايته من أي تهديد خارجي أو داخلي، وجدت لتأمين وحماية حياة المواطنين وأموالهم وممتلكاتهم.. لذلك من الضروري إبعاد تلك المؤسسات نهائياً عن العمل السياسي والاشتغال بالسياسة.

فالقاضي الذي يشتغل في السياسية لن يستطيع الوقوف على الحياد تجاه الشخص الذي يحاكمه على سبيل المثال، إذا كان هذا الشخص متهماً بإبداء أراء سياسية معارضة للسلطة أو للحزب الذي ينتمي إليه القاضي..؟ فهل يستطيع القاضي هنا التوفيق بين قسم اليمين لانتمائه الحزبي، وقسم اليمين عند توليه مهمته كقاضي..؟ وهل يضع القاضي ولائه الحزبي جانباً، ويحكم في القضية وفقاً لشرفه وضميره وتجرده ووفقاً لقسم يمين الولاء للقضاء، أم يصدر حكمه انسجاماً مع قسم اليمين لولائه الحزبي..؟ وفي هذه الحالة الأخيرة لا بد أن يقع القاضي في تعارض مع قسم اليمين الذي أداه لدى توليه مهامه القضائية على ما نصت عليه المادة /77/ من قانون السلطة القضائية: (أقسم بالله العظيم أن أحكم بين الناس بالعدل وأن أحترم القوانين).

والأمر نفسه يمكن قوله بالنسبة لعناصر الجيش والقوات المسلحة والشرطة وأجهزة الأمن، فهل سيستطيع رجل الأمن المنتمي لحزب سياسي معين التعامل بحيادية مع شخص ينتمي لحزب آخر ارتكب مخالفة؟ أو هل سيستطيع عنصر الشرطة إخفاء تعاطفه مع شخص ارتكب مخالفة ينتمي إلى نفس الحزب الذي ينتمي إليه عنصر الشرطة؟ أو هل سيستطيع عنصر الشرطة المنتمي إلى حزب معين الوقوف على الحياد خلال الانتخابات من دون أن يتحيز في موقفه مع مرشح حزبه ضد مرشح الحزب المنافس..؟

أسئلة كثيرة وتساؤلات أكثر يطرحها إغفال الحكومة وتجاهلها ملاحظات الكثير من السوريين والسوريات لعدم حظر قبول القضاة والعسكريين وعناصر الشرطة والأمن في الأحزاب السياسية.. ربما يقول قائل إن قانون السلطة القضائية في المادة 81 منه ( يحظر على القضاة إبداء الآراء والميول السياسية. ويحظر كذلك على القضاة الاشتغال بالسياسية)، إلا أن نص تلك المادة لم يمنع من اشتراط التعيين في القضاء أن يكون منتمياً لحزب البعث العربي الاشتراكي.. مما جعل معظم القضاة إن لم يكن جميعهم بعثيين.

وكذلك الأمر بالنسبة للعسكريين فالبرغم من أن المشرع السوري فرض عقوبات مشددة بين ستة أشهر والاعتقال المؤقت كل عسكري أنشأ أو نظم جمعية أو منظمةً سياسيةً، أو انتسب إليها، أو شارك في اجتماع أو مظاهرة ذات هدف سياسي، أو نشر مقالاً سياسياً أو ألقى خطبة سياسية بقصد الدعاية أو الترويج لحزب معين.. إلخ، يرجى مراجعة قانون العقوبات العسكرية من المادة 147 وحتى المادة 150، إلا أن ذلك لم يمنع من اشتراط قبول المتطوعين في الجيش والأمن والشرطة أن يكونوا منتمين إلى حزب البعث الحاكم.

وأخيراً، أرجو أن لا يفهم كلامي هذا على أنه موجه ضد الأحزاب السياسية والعمل السياسي في البلاد عموماً، بل على العكس من ذلك، كنت وما زلت من الداعين إلى إطلاق حرية العمل السياسي في البلاد. إنما الغاية من ذلك هو عدم السماح للقضاة والعسكريين وعناصر الأمن والشرطة القائمين على رأس عملهم بامتهان العمل السياسي وذلك من أجل إضفاء المزيد من الحيادية والاستقلال في عملهم وتعاملهم مع الناس، وتحصينهم من الانحراف في مزالق الانحياز انسياقاً مع الميول والارتباطات الحزبية أو السياسية، التي سبق أن خبرتها قبل انتسابي لمهنة المحاماة.

==============

ثورة في سوريا... وفي لبنان أيضاً!

علي حماده

النهار

6-8-2011

أفضل ما قيل في حال لبنان أخيراً ما كتبه الزميل حازم صاغية في "الحياة" قبل ثلاثة ايام، ان السوريين يشترون وطنا واللبنانيين يبيعونه! فالمفارقة الكبرى التي يعيشها اللبنانيون في هذه المرحلة تتمثل في ان زلزالا يضرب ستالينية حافظ الاسد في سوريا، في حين ان الستالينيين الصغار في لبنان يهمون بمحاولة اعادة عقارب الساعة الى الوراء، واخضاع البلاد لمنطق اسوأ حيث الشمولية الدينية المذهبية تتقاطع مع عصبوية مافيوية يخضعها لاجندة "امبراطورية" تهدف في ما تهدف الى اختراق المشرق العربي في قلب مجتمعاته. في لبنان يمثل هذه الحالة المخيفة "حزب الله". في سوريا شعب ثائر في سبيل استعادة حريته وكرامته المهدورتين في "جمهورية حافظ الاسد"، وفي لبنان قسم من اللبنانيين يستطيب السجن، لا السجن الكبير بل الصغير، ينسى ان الكرامة لا تشرى بالتبعية العمياء. في سوريا يقتل مئات الثوار الابطال ليصنعوا لبلدهم مستقبلا افضل من العقود الاربعة الاخيرة، وفي لبنان يموت لبنانيون من اجل اعادة البلاد الى قروسطية مظلمة !

كم كان حزينا مشهد لبنان بموقفه في مجلس الامن. وكم كان في غربة عن معنى وجوده في الاصل. وكم كان معيبا ذلك الموقف الذي املاه تحالف "حزب الله" مع النظام في سوريا من جهة، والتصاق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الوثيق بالرئيس بشار الاسد لكونه اتى الى رئاسة الحكومة ترجمة لانقلاب "قانوني" نفذه النظام في سوريا مع "حزب الله". وكم كان مشينا ان يقف لبنان، أول ديموقراطية في العالم العربي، وملجأ الاحرار في هذا الشرق المظلم بجانب نظام يقتل شعبه ليبقى. ولولا وقوع لبنان الرسمي في قبضة "حزب الله" لما حصل هذا، وخصوصا ان الاعضاء الاربعة عشر وافقوا على صيغة البيان الذي يدين قتل المدنيين في سوريا. ولعل هذا ما يستدعي مستقبلا البحث في الاسس التي تقوم عليها الشركة الوطنية. فمن الواضح تماما ان لبنان هو لبنانان. وان ثمة فريقا لا يستهان به لا يؤمن بمعنى لبنان الحرية، والكرامة، وحقوق الانسان، والديموقراطية والتعددية. ولذلك ليس جائزا الاستمرار في التعامي عن حقيقة مؤلمة مفادها ان فريقا في لبنان يعيش في وعيه وضميره وتحسسه في مكان آخر على اكثر من مستوى. والسؤال: اذا لم يجمعنا مبدأ الحرية والكرامة الانسانية فماذا يجمعنا في لبنان؟

من المسلّم به انه يستحيل الاستمرار بهذه الحالة، التكاذب في ما بيننا. وغدا سيتحرر السوريون من كابوس "جمهورية حافظ الاسد"، وبالتأكيد لن يعود من المقبول ان يبقى لبنان محكوما من ميليشيا فئوية مافيوية الطابع مستتبعة لاجندة خارجية وتحتمي بالدين وبالعصبيات المذهبية المحلية لتغذي مشروعا مدمرا للبنان وكل اللبنانيين. في سوريا ثورة حقيقة، لن تتوقف قبل ان تدفن "جمهورية حافظ الاسد" ليحل مكانها سوريا الحرة. وفي لبنان ثورة على الذات يجب ان تقوم لاستعادة معنى لبنان التأسيسي وانتزاع بلاد الارز من عصر الظلمات والمافيوية المسلحة. والاهم ان ننتهي من مرحلة المنافقين، الوصوليين وناهشي الجيف لأنهم عار على البلد!

==============

هل سيوضع الاسد في القفص؟

هيفاء زنكنة

2011-08-05

القدس العربي

 صور فريدة بجمالها الوحشي الفج المتحضر، في آن واحد، صنعتها شعوب البلدان العربية الثائرة، أخيرا، لتختزنها في ذاكرة قلما يزورها الفرح. صور لم يرغب ناس هذه البلدان الذين يصفهم الشاعر صلاح عبد الصبور بانهم 'بشر، طيبون، ومؤمنون بالقدر' برؤيتها لولا حالة القهر التي اوصلهم اليها حكامها ولولا ان الثورات، بعد انكسار، لايمكن الا ان تكون بهذا الشكل.

واحدة من الصور لرئيس محروق الوجه والجسد، مثل شجرة شطرها برق حارق، بيدين من بلاستيك موضوعتين بعناية، لغرض التصوير، في حضنه. علي صالح، المصِّر على انه رئيس ثابت أزلي على كرسي الحكم، وهنا المفارقة، تم بالكاد تثبيته لبضع دقائق على مقعد، بمواجهة كاميرا، للقول بانه لايزال حيا. الصورة الثانية لرئيس مخلوع، هذه المرة، ممدد على سرير في قفص، لا يرى منه غير وجهه، الذي تحجب معظمه قضبان القفص المصنوع خصيصا لايوائه وولديه. الولدان اللذان هيأهما ( بمساعدة حاشيته)، على مدى عقود، لوراثة البلاد التي خيل له، كما كل الملوك والرؤساء العرب، ملكيتها. رئيس ثالث كان قد نفد بجلده، هاربا، في ليلة كادت ايادي ابناء الشعب ان تطبق على وجوده.

من الذي سيكون صاحب الصورة الرابعة في مسابقة السقوط امام غضب الشعب، فالعام عام غضب؟ هل هو القذافي؟ هاذيا عن شعب أتعبه فاستحق الملاحقة كالجرذان من زنقة الى زنقة؟ أم انه الأسد الأبن، أبن الأسرة الحاكمة المتلفعة بحزب حاكم متلفع، بدوره، بملابس الامبراطور عن ' المقاومة والممانعة'، التي باتت تثير من الاسئلة أكثر من الأجوبة فيما يتعلق بالتحالفات السياسية غير المعلنة، ومن بينها ما اشار اليه الادميرال أريك أولسون، آمر قيادة العمليات الامريكية الخاصة، في شهادته امام لجنة الشؤون العسكرية بمجلس النواب عن 'دور قوات العمليات الخاصة في الحرب ضد الارهاب'، بداية العام الحالي، من ان 85 بالمئة من القوات الخاصة العاملة خارج امريكا موجودة في 20 دولة تقع في محيط القيادة المركزية في ' الشرق الاوسط الكبير'، من بينها سورية، فضلا عن البحرين، العراق، مصر، ايران، الاردن، الكويت، لبنان، عمان، قطر، السعودية، الامارات واليمن. واذا ما تركنا ذلك جانبا، على اهميته، يبقى السؤال الأهم هو: لماذا يجب ان يكون نظام او حزب الممانعة والمقاومة، بالضرورة، قمعيا، فاشيا، ضد ابناء الشعب، وكأن الشعب ليس هو جوهر المقاومة والممانعة وهو من يدفع بدمه ثمن الدفاع عن الوطن؟

هل سيكون الأسد، وريث الحكم بشكل ملكي في بلد نظامه غير ملكي، هو الصورة الرابعة؟ وباي شكل ستكون الصورة؟ هنا، نتساءل. ما الذي فكر فيه الرئيس بشار الأسد وهو يصدر اوامره باطلاق النار على المتظاهرين، يوم الاربعاء الماضي، مثلا، ليسقط العشرات منهم ضحايا اوامره (او اوامر احد قادته، هذا تفصيل غير مهم) في ذات الوقت الذي يضطجع فيه الرئيس المخلوع حسني مبارك في قفص حديدي مواجها ذات التهمة: تهمة اطلاق النار على ابناء الشعب من المتظاهرين؟ هل خطر في ذهنه، ولو للحظات، ان مسار إحكام قبضته وردود افعال نظامه الوحشية، يشير بوضوح الى مصيره؟ الى صورته المقبلة، ايا كانت، سواء كانت صورة بن علي الهارب في غفلة الليل، أو علي صالح المحروق الموضوع على كرسي، او مبارك المتمدد على سرير في قفص؟ وأي تكلفة سيدفع الناس الذين يدعي تمثيلهم لالتقاط هذه الصورة؟ ما الذي يجعله يعتقد بانه سيكون مختلفا عمن سبقه من الحكام المستبدين أمام غضب الشعب الجائع لاسترداد حريته وكرامته؟

ماذا عن العراق الذي يتميز عن بقية البلدان العربية المغضوب عليها برئيس واحد بأنه، منذ غزو التتار في عام 2003، يتناوب على تخريبه 'حفنة رؤساء' وليس رئيسا واحدا مثل بقية الدول العربية؟ فمن الذي سيهرب في خلسة من غضب الشعب، ومن الذي سيتمدد أو يقف في القفص؟ ما الذي ستكون عليه صورة نوري المالكي وهو رئيس الوزراء ووزير الدفاع والداخلية والأمن القومي ورئيس حزب الدعوة، وقائد القوات المسلحة الذي أمر، باطلاق النار على المتظاهرين يوم 25 شباط / فبراير 2011 فقتل منهم 29 متظاهرا في يوم واحد؟ ولن اسرد هنا ارقام ضحاياه وضحايا نظامه الذين تجاوزوا الآلاف قتلا وتهجيرا، بل اكتفي بالتهمة الموجهة الى الرئيس المصري المخلوع فقط؟

وما الذي ستكون عليه صورة ' الرئيسين' الآخرين: جلال الطالباني (رئيس العراق) ومسعود البارزاني (رئيس اقليم كردستان) المماثلين، الى حد الاستنساخ، للحكام العرب في نواحي الفساد وقمع الحريات وتوريث المناصب واعتبار الاقليم والشعب ملكا صرفا لهما توارثاه أبا عن جد وسيورثوه الى ابنائهم من بعدهم، او هكذا يتوهمون. ما الذي ستجلبه الايام المقبلة وابناء المنطقة يتظاهرون احتجاجا على قمع الحريات والفساد وتوريث المناصب واحتكار الخيرات ؟ ان الطالباني والبارزاني يتحملان، بالإضافة لمشاركتهم في جريمة الإحتلال، مسؤولية الأمر باطلاق النار على المتظاهرين وقتل عدد منهم وتسرب الفساد الى بنية المجتمع وعقلية ابنائه وقضائهم على كل امل بالتخلص منه (خاصة وان المنطقة مستقلة تقريبا منذ بداية التسعينات في القرن الماضي)، لانهما يدركان جيدا بأن تنظيف الاقليم من الفساد الاداري والرشوة والواسطة والمحسوبية والمنسوبية سيقضي عليهما شخصيا. فمن هو الاقدر على مداراة القمع والفساد من ابناء العائلة الواحدة في حكم العائلة بعيدا عن الشعب وهمومه وحقوقه؟

من المثير للسخرية، اذن، ونحن (في معظم البلدان العربية) نعيش مأساة بهذا الحجم، ان يقف البعض، خاصة من المثقفين، موقفا سلبيا من انتفاضة الشعوب، مرددا، بنبرة مراوغة، تبريرات الانظمة ذاتها حول التدخلات الاجنبية ووجود المندسين والمخربين والحرص على سلامة الوطن. وقد تكون هناك، فعلا، بعض التدخلات الاجنبية واحتمالات الاندساس واردة، ولكن، اليس من المفروض ان تكتسب الحكومة قوتها من قوة شعبها واحترامها له، وهو واجبها بحكم مسؤولية المناصب التي يتسنمها افرادها وليس منة على الشعوب؟ أليس الأمن القومي مستحيلا، مهما كانت قوة الحكومة العسكرية والأمنية، اذا ما كانت الحكومة قمعية مستبدة ضد ابناء الشعب انفسهم؟ أليست سلامة المواطنين هي كنه سلامة الوطن؟

مخطىء من يظن ان انتفاضات الشعوب في البلدان العربية، في الشهور الأخيرة، هي وليدة اللحظة، لحظة انتحار بو عزيزي، او التواصل على الفيسبوك أو نتيجة تدريب مجموعة من الشباب على المقاومة السلمية في واشنطن. مخطىء، ايضا، من يظن ان روح الانتفاضة ستخمد . انها قد تتعثر، فلكل بلد خصوصيته والطغاة نادرا ما يستقيلون بل انهم لا يرون في الشعوب غير حشود متخلفة، تضر أكثر مما تنفع، ومن الأجدى التخلص منهم ترويعا وتجويعا وتهجيرا.

==============

ضربتان موجعتان للنظام السوري

رأي القدس

2011-08-05

القدس العربي

 ضربتان موجعتان جرى توجيههما بالامس الى الرئيس السوري بشار الاسد الاولى من رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين والثانية من الشاعر السوري المعروف ادونيس، وكل منهما له اهمية خاصة ليس من حيث التأثير وانما ايضا من حيث النظرة الى تطورات الاوضاع في سورية.

الرئيس بوتين الذي تقيم بلاده علاقات وثيقة مع النظام السوري، وتحتفظ بقاعدة عسكرية ضخمة في ميناء طرطوس هي الاضخم في المنطقة، قال ان الرئيس بشار باستخدامه المفرط للقوة لقمع المظاهرات الاحتجاجية يسير في طريق محفوف بالمخاطر. اما الشاعر ادونيس الذي اتخذ موقفاً متحفظاً في الاشهر الاولى من انفجار الاحتجاجات المطالبة بالتغيير فقد خرج عن تحفظه هذا وطالب الرئيس بشار الاسد بالاستقالة، وذلك في حديث ادلى به الى صحيفة 'الرأي' الكويتية.

واللافت ان موقف رئيس الوزراء الروسي الانتقادي للرئيس السوري يأتي بعد موافقة بلاده على بيان اصدره مجلس الامن الدولي يدين بشدة القمع الدموي للمتظاهرين السوريين، مما يعني ان اقرب حلفائه باتوا يشعرون بالحرج الكبير من جراء هذا القمع، والاصرار على الحلول الامنية.

لا نعتقد ان النظام يعير اي اهتمام لمثل هذه الانتقادات او غيرها مهما كان مصدرها، ويتضح ذلك من خلال ازدياد وتيرة القتل يوماً بعد يوم، فقد سقط بالامس عشرة اشخاص على الاقل برصاص قوات الامن التي اطلقت النار على المتظاهرين في ريف دمشق ومدينةي حماة وحمص، بينما نزح الآلاف من مدينة دير الزور تحسباً لوقوع هجوم للجيش السوري على غرار ما حدث في مدينة حماة من مجازر نتيجة هجوم مماثل اوقع اكثر من مئة شهيد في يوم واحد الاسبوع الماضي.

من الواضح ان هناك اصراراً على التمسك بخيار القوة الامنية كمخرج من هذه الازمة مهما بلغ عدد الضحايا في اوساط المحتجين. فالنظام في سورية لا يريد ان يتخيل ان هناك معارضة لسياساته وطريقة ادارته للبلاد، لانه لم يتعود على وجود مثل هذه المعارضة، وان وجدت فعلا فان مكانها اما القبور او اقبية زنازين التعذيب في المعتقلات.

النظام السوري لا يريد تقديم تنازلات لشعبه، ربما لانه لا يعترف بحقه في الديمقراطية والعدالة والعيش الكريم، ويريد ان تستمر الامور كما سارت عليه طوال الاعوام الاربعين الماضية، اي تغول من قبل النظام واجهزته الامنية وخنوع كامل للمواطنين.

معادلة الخنوع هذه انهارت في اليوم الاول الذي كسر فيه ابناء مدينة درعا حاجز الخوف، واطلقوا شرارة الانتفاضة قبل ستة اشهر تقريباً، لتنتشر في مختلف محافظات البلاد طولاً وعرضاً. ولكن النظام، وبعض رجالاته البارزين، خاصة في الحلقة الامنية الضيقة، لا يريد ان يسلم بهذا الانهيار، ويتصرف كما لو انه غير موجود على الاطلاق.

صرخة الشاعر ادونيس لها مدلولات كبيرة لما يتمتع به الرجل من مكانة ادبية رفيعة ومصداقية كبيرة داخل سورية وفي اوساط النخبة المثقفة في الوطن العربي، ولذلك ما كان ليطلقها، وبمثل هذا الوضوح، لولا انه لم يعد يتحمل ممارسات النظام الدموية في حق شعبه.

فالرئيس بشار الاسد الذي يقف على رأس النظام هو الذي يتحمل المسؤولية الاكبر عما يجري في البلاد من سفك للدماء وبصورة يومية، ولهذا طالبه الشاعر الكبير بالاستقالة طالما انه لا يستطيع ان يقدم الاصلاحات التي يطالب بها الشعب السوري.

النظام السوري لا يستطيع تأكيد هيبته بالقتل والمزيد منه وانما من خلال نيل احترام شعبه او الغالبية العظمى منه، والامر المؤكد ان التغول في سفك الدماء سيفقده الكثير من هذا الاحترام، الى جانب الكثير من الحلفاء داخل سورية وخارجها.

==============

في الكوميديا الفكرية السياسية: "المشروع الأردوغاني البائد"!

ياسر أبو هلالة

الغد الاردنية

نشر : 05/08/2011

أعداء النظام الاستبدادي الطائفي الدموي في سورية حشدوا آلافا أمام سفارة النظام، ومقابلهم تجمعت حفنة لا تصل لعشرين مارسوا تشبيحهم على أرض الأردن برجم الناس، ولو كانوا في سورية لما ترددوا في إطلاق الرصاص. ورغم وجود لجنة شعبية مناصرة لنظام بشار، فلا نشاهد لها غير بيانات، ولا نعلم مدى صلتها بأعمال التشبيح في النقابات أولا وأمام السفارة ثانيا. لكن لم نر لها فعالية جماهيرية تظهر مدى اقتناع الشعب الأردني بطروحاتها.

وإن كان أنصار الشعب السوري المناوئين للجزار بشار يمتدون من الإسلاميين إلى القوميين والشيوعيين والمستقلين، فإن فهم بيان اللجنة الداعمة للنظام السوري يندرج في إطار الكوميديا والغرائب، فكرا وسياسة. نفهم أن يتباهى الإسلاميون بتجربة أردوغان، لكن أن يحسب عليها كل هذا الطيف فذلك من باب الطرافة. هاشم غرايبة ومحمد المصري وجميل النمري وغيرهم ليسوا ذوي صلة بالإسلام السياسي، فكيف يصنفون "أتباعا" لنظام أردوغان "البائد"؟!

على ما يعرف الناس، فإن أردوغان ليس بائدا، وتعيش تركيا ازدهارا اقتصاديا وسياسيا غير مسبوق في تاريخها الحديث. وبحسب ما شاهد الناس-باستثناء من وقعوا على البيان- فإن أردوغان فاز في الانتخابات فوزا مؤزرا، وبعدها انقاد له العسكر واستقال أركانهم. وحسب ما أوردت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن المسؤولين الإسرائيليين "يتابعون بقلق بالغ" مسألةَ استقالة قادة الجيش التركي، ونقلت عن مسؤول قوله: "هذه الخطوة تصبّ في مصلحة المتطرفين الإسلاميين وأردوغان. الأمر مقلق، إذ يعني سقوط آخر حصن ضد الإسلام".

اللجنة تنكر دماء حمزة الخطيب ونحو خمسة آلاف استشهدوا في مواجهة الجيش السوري الباسل وأجهزة الأمن والشبيحة. وكل ما يصور على مدار الساعة هو محض خدع سينمائية؛ فهوليود توقفت عن الإنتاج هذا العام وتفرغت للخدع السينمائية التي تشوه صور النظام المقاوم الحنون على شعبه. وهوليود ذاتها وما تفرع من تلك العصابة الصهيونية من "فيسبوك" و"يو تيوب" وكاميرات سوني هي من يروج أن أردوغان ليس بائدا. لقد باد وانتهى بحسب اللجنة.

في الكوميديا السوداء موقف من كل الربيع العربي، ففي أول بيان للجنة: "إن ما يجري في أمتنا اليوم ليس مشروع تغيير ديمقراطي، ولا ثورة شعبية، بل هجمة إمبريالية شرسة على الأمة والمقاومة وكل من يمتلك الإرادة لقول "لا" للإمبريالية، أي على كل الدول والحركات المستقلة عن الهيمنة الإمبريالية. وبالتالي، فإن مهمتنا الأولى في هذه اللحظة هي أن نقول لا للتدخل الإمبريالي وأدواته، وأن نقف في وجهه بكل ما نملك، وبعد ذلك فإن لكل حادث حديث". ولم نكن نعرف أن بن علي ومبارك من قادة المقاومة للإمبريالية، والمطلوب اليوم من سرايا المقاومة اختطاف مسؤولين مصريين لفك أسر المناضل حسني مبارك، أو تنفيذ عمليات استشهادية لتحريره.

وفي البيان الأخير يتحدثون عن سورية الدولة في مواجهة سورية المفككة، وكأن نظام البعث لم يفكك سورية طائفيا ومناطقيا! النظام اليوم يقدم نفسه حامي الأقليات، ويلعب بوقاحة على الورقة الطائفية ويحشد لها من إيران إلى العراق ولبنان. في المقابل، تصر المعارضة على السلمية والوحدة الوطنية.

إن التحدي هو إعادة بناء سورية موحدة بعد عقود من التفكيك. والنظام بعد أن سيطر طائفيا على الجيش والأجهزة الأمنية لم يترك مؤسسة، بما فيها جامعة دمشق، ولم ينظفها لصالح الطائفة الحاكمة. والسوريون يدركون تماما من هو الطائفي المستند إلى الطائفية سلاحا قذرا للهيمنة. يقولون: "وعليه نعلن موقفنا الواضح والحاسم في هذه المعركة المصيرية بأننا نقف مع سورية الدولة في مواجهة مشروع سورية المفككة وسورية الحرب الاهلية التي يسعى إليها الإرهابيون الجدد عملاء الإمبريالية الأميركية والمشروع الأردوغاني البائد، وعلى ثقة بأن سورية تملك القوة والحق المشروع لقطع يد هذا الارهاب واجتثاثه من أرض الحضارة والتاريخ". إن تحدي ما بعد الأسد ليس بناء سورية الوحدة على أساس المواطنة، بل بناء العروبة التي تعرضت لهزات بفعل أنظمة الاستبداد. أي عروبة يقدمها نظام البعث أو نظام القذافي؟ إن العروبة هوية حضارية جامعة كما قال أحد شعراء النهضة العربية "إن العروبة لفظ إن نطقت به فالشرق والضاد والإسلام معناه"، وفي الربيع العربي برز كم هي حاضرة ومؤثرة. فالثورة الإسلامية في إيران لم يكن لها فعل الربيع العربي، وانتصار ثورة الشعب الأندونيسي على نظام الطاغية العام 1997 لم يحدث تفاعلا يذكر.

والهوية العربية الحضارية تتكامل مع الإسلام ثقافة وحضارة، وليست نقيضا له. هنا يأتي دور تركيا، ودور إيران. وإن كان دور إيران سلبيا في ما يجري في سورية، فذلك لا يضعها في خانة الأعداء. أما تركيا فهي سند لقضايانا، ويؤمل أن تتحرك بفاعلية أكبر لإنقاذ الشعب السوري الذي يتعرض لإرهاب منهجي على مدار الساعة. وأتباع نظام دمشق لا يعرفون الجهد الذي بذلته تركيا للمصالحة في سورية. وفي عهد أردوغان تحولت تركيا من عدو لسورية إلى سند. وليرجعوا إلى تصريحات بشار عن أردوغان.

لتركيا مصالح وللغرب مصالح، لكن أمام شلال الدم لا يمكن الحديث عن مصالح. موقف أخلاقي صارم، دولا وشعوبا. ومن يقف مع نظام قتل من شعبه أكثر مما قتل الإسرائيليون في تموز (يونيو) 2006 وحرب غزة لا يمكن اللقاء معه. من أفضل منجزات الثورة السورية أنها فرزت المعارضة على أساس الموقف من الحرية، فلا لقاء بين من يناصر نظاما دمويا ومن يقف ضده. أول مفاصلة كانت في تيار 24 آذار، والمطلوب من أحزاب المعارضة أن تحدد موقفها على هذه القاعدة: من مع نظام بشار ومن ضده. ولنر مع من يقف الشارع. وقد حملت جبهة العمل الإسلامي تلك الأحزاب العاجزة عن تنظيم مظاهرة منفردة ردحا من الزمن. وهي اليوم عبء عليها لا أكثر.

==============

الحسم للاقتصاد في سورية

حسن احمد الشوبكي

الغد الاردنية

نشر : 05/08/2011

رغم الإصرار على أن شيئا لم يتغير، وأن العاصمة تمر بظروف عادية، وأن التكيف مع الحالة الراهنة ممكن، إلا أن تلك الدعاية الرسمية السورية تصطدم بحقائق اقتصادية مرة ليس أقلها هروب الأموال وانهيار كامل لقطاعات كانت حتى وقت قريب تغذي عصب الاقتصاد السوري.

ثمة تأكيدات أن حجم الأموال والاستثمارات التي رحلت خلال الأشهر الثلاثة الماضية تخطى 20 بليون دولار، وهو رقم كبير بالنسبة للاقتصاد السوري الذي بدا جاذبا للرساميل الخارجية قبل خمس سنوات فقط باعتبار أن الدولة كانت تسيطر على كل مفاعيل الاقتصاد، وهو ما تغير شكليا عقب إصلاحات طفيفة حدثت في العام 2006 وشملت السماح بفتح حسابات بالعملات الأجنبية وإنشاء بنوك خاصة، وما تبع ذلك من بدء عمل البورصة، بيد أن تلك الإصلاحات هوت وذهبت مع رياح الأموال التي هربت مجددا بفعل القتل الممنهج الذي تقوده الدولة ضد مواطنيها. وفي قراءة عاجلة لحال الاقتصاد السوري، فإن قطاع السياحة الذي ظل خزانا رئيسا للاقتصاد قد مني بضربات موجعة وفي الوقت الذي قدم فيه هذا القطاع نحو 7 بلايين دولار السنة الماضية، فإن رصيد القطاع منذ بدء العام وحتى اليوم صفر عقب غياب الموسم السياحي عن المصايف والمواقع والكنوز الأثرية والطبيعية في سورية، بعد أن علا صوت رصاص قوات الجيش وشبيحة ماهر، وارتفع أكثر من صوت الرصاص، هذا صوت الثورة السورية المطالب بالحرية والكرامة والخلاص من نظام لم يمنح السوريين فرصا حقيقية للحياة.

ومع طول أمد الثورة فإن عددا كبيرا من تجار حلب ودمشق بدأ ينفض يديه من النظام، وهو ما يشكل تحولا يمكن القياس عليه لا سيما بعد أن قام كثير من الصناعيين بإغلاق مصانعهم وطرد العمال وسط ضيق المدى وتعذر وجود البدائل، وهنا بيت القصيد، إذ إن رؤوس الأموال تلك تربط كثيرا بين ما يجري على الأرض السورية وفقا لمصلحتها الخاصة، وفي معادلة بسيطة تبدو النتائج مخيبة لآمال أصحاب رؤوس الأموال تلك، فالنظام ماض في استخدام القتل سبيلا إلى وقف الثورة، بينما تتزايد الثورة في أعدادها وتمثيلها الجغرافي والقطاعي.

صحيح أن عددا من التجار والصناعيين كان يبدي حتى وقت قريب تقاربا مع النظام السوري، لكن هذا التقارب لا يصمد أمام التحولات الاقتصادية الحادة والشلل الذي تمر به البلاد، وبما يعني أن هؤلاء لن يحافظوا على ذات الموقف، وأنهم سينحازون إلى مصالحهم وأعمالهم التي واجهت تقلبات عنيفة في الأشهر الأربعة الماضية من عمر الثورة السورية.

صندوق النقد الدولي ومعظم مراكز الدراسات العالمية التي هبط في حساباتها تقييم مستوى الاقتصاد السوري حاليا، تؤكد أن الوضع سيئ جدا، وأن ورقة الاقتصاد ربما ستكون صاحبة القول الفصل بشأن مصير النظام الذي يترنح منذ عدة أسابيع ويواجه شبح السقوط في كل ساعة، ولا تنفع محاولات النظام في الوقوف من جديد رغم تنوع أشكال الدعم الإيراني له بما فيها الدعم الاقتصادي، كما أن محاولات المصرف المركزي السوري تشديد قبضة الدولة على احتياطي العملات الأجنبية ليست ذات شأن، خصوصا وأن الليرة السورية منيت بتقلبات واسعة منذ اندلاع الثورة .

 الانهيار الاقتصادي واضح في المخزونات والمدخرات والاحتياطيات، وفي هروب الاستثمارات والأموال العربية وحتى السورية، ولا أدل على هذا الانهيار من الشلل الذي لحق بقطاعات تجارية وصناعية وسياحية، يضاف إليه تفشي الفقر أكثر من ذي قبل، وانحسار أدوات النظام في مواجهة كل ذلك، وبعد استمرار حمام الدم في سورية قد يكون الاقتصاد ورقة ضغط حقيقية لفرض واقع جديد لا يمكن للنظام بموجبه أن يصمد طويلا.

==============

اطردوا الدبلوماسي السوري!

حسين شبكشي

الشرق الاوسط

6-8-2011

بينما يراقب العالم بشفقة وغضب المجازر التي يرتكبها النظام السوري بحق شعبه، تزداد أسباب قناعة العالم الحر بأن أيام النظام السوري قد انقضت، وأن العالم يتعامل الآن فعليا مع مرحلة ما بعد بشار الأسد، يخرج عنها سوريا حرة وقيادة مسؤولة. أسباب سقوط النظام السوري كثيرة جدا ولا يغفل عنها أي مراقب موضوعي ومتابع دقيق للشأن السوري، ولعل أهمها هو استمرار النظام السوري في النهج الاستبدادي للتعامل مع أي معضلة سياسية في البلاد، تماما كما كان يحدث في عهد الرئيس السابق، حافظ الأسد، واعتقد النظام أنه ببساطة يستطيع مواصلة نفس المذابح كعلاج، ولكن الزمن تغير والوسائل تبدلت.

سوريا كلها الآن تخرج في كافة المناطق والمدن السورية بلا استثناء، وطلبها واضح وصريح «إسقاط النظام»، ولا عودة عن هذا المطلب في ظل تواصل الإبادة المتوحشة، وآخرها الإبادة التي تمت في مدينة حماه، وكانت الجثث بالعشرات ترمى في نهر العاصي وفي الشوارع وتم نسف المستشفيات والمساجد بشكل همجي ووحشي، والأعداد المتظاهرة في ازدياد كبير وبلا خوف، حتى في حلب ودمشق بدأت المظاهرات تخرج.

الكارثة الإنسانية المهولة في سوريا أجبرت على أن تصرح الخارجية الأميركية بأن النظام السوري فقد كل شرعيته، وأنه يتحمل مسؤولية قتل أكثر من ألفي شخص، وكذلك بدأت روسيا في أخذ موقف واضح من مرحلة ما بعد الأسد، وتحذيره بأنه ينتظره مستقبل بائس وحزين، والاتحاد الأوروبي يواصل عقوباته على النظام السوري.

يستغرب الناس سر الصمت العربي العجيب، ويحاولون تفسيره بشتى الوسائل، ولعل أهم ما يتم ترديده هو أن السوريين يتوعدون دول الخليج بإطلاق «خلايا نائمة» في بلادهم لنشر الذعر والرعب، فالبحرين والكويت تم اكتشاف خلايا تجسس برعاية سوريا فيهما، وكذلك كانت شواهد أخرى معروفة لاستخبارات بعض الدول العربية عن خلايا تجهز لإطلاقها بأعمال تخريبية إذا قررت الدول العربية التنديد أو شجب ما يحدث بسوريا. إنه أسلوب العصابات السياسي بامتياز، وهو تماما ما كان يقوم به صدام حسين والقذافي بأشكال مختلفة ولكن مرة أخرى الزمن تأخر، الموتى في سوريا يزداد عددهم، والبطش والقمع لا حدود له، والاقتصاد السوري ينهار، وهي المسألة التي ستعجل بالقضاء على هذا النظام الطاغي، ولكن هناك مطلب أخلاقي مطلوب من الدول العربية، وهو أن تطرد الدبلوماسيين السوريين من أراضيها، الذي يحدث بحق شعب سوريا من نظامه هو أهم وأخطر من معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، التي قطع العرب علاقتهم الدبلوماسية فورا مع النظام المصري بسببها.

النظام السوري سقط سياسيا، والعد التنازلي لدفنه للأبد قد بدأ، ولكن الصمت على المجازر والمهازل التي تتم هو خطأ كبير بكل المقاييس، لا يرضى عنه الشرع ولا الضمير، خطوة أولى مطلوبة وفورا، تطهير الأراضي العربية من الدبلوماسية السورية هذا أحد، وأقل، ما يقدم، وهذا هو أضعف الإيمان.

==============

لا سوريا تغيرت ولا العالم!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

6-8-2011

المجزرة التي يرتكبها نظام الأسد بحماه اليوم وسط صمت عربي محزن، وتقاعس عالمي، حيث لا قرارات جادة، تعني أنه لا النظام السوري تغير، ولا المجتمع الدولي.

فردود الفعل على مجزرة حماه الثانية توحي أنه بإمكان بشار الأسد، ونظامه، أن يفلتا من جريمة ترتكب اليوم ضد الإنسانية مثل ما أفلت الأب عام 1982، وإن كانت الأعذار عن التقاعس العربي والدولي كثيرة وقت المجزرة الأولى، مجزرة الأب، مثل غياب الإعلام المستقل، والظروف المحيطة، وخلافه من الأعذار الواهية، فإن مجزرة الابن اليوم تحدث أمام أنظار العرب، وهم سجد ركع في هذا الشهر الفضيل، لكن دون أن يقفوا وقفة حزم، وكل ما يصدر إلى اللحظة هو عبارات منمقة تصدر على استحياء، بل إن هناك من لا يبالي بوقوفه مع النظام ضد الأبرياء، فها هو لبنان يقف صفا واحدا مع نظام دمشق، حيث تحولت حكومة لبنان إلى حكومة نظام الأسد، مثلما باتت مراكز لبنان الاقتصادية أيضا مراكز للنظام السوري، والأمر نفسه بالطبع ينطبق على العراق، مما يؤكد أن العالم، ومنه منطقتنا، لم يتغير، فمن كانا يشكوان من سوريا الأسد، الأب والابن، هما من يقفان مع النظام السوري اليوم، والأسباب واضحة بالطبع وهي التخندق الطائفي، حتى وإن قتل النظام مواطنيه السوريين، ومنع صلاة الجمعة!

أما المجتمع الدولي، ورغم كل الحديث عن الديمقراطية والتغيير، فها هو أيضا يكتفي بالإدانة اللفظية، وحري القول إن نظاما قمعيا مثل نظام الأسد لا يفهم لغة الإدانات، بل يرى فيها إشارة خضراء لاستكمال جرائمه، ولذا فقد كان الأحرى بمجلس الأمن الدولي أن يصدر عقوبات رادعة بحق النظام، ومنها عقوبات على القطاع البترولي الذي يمول قتلة الشعب السوري، إضافة إلى اللجوء لمحكمة العدل الدولية، وأهمية ذلك تكمن في أنها ستكون رسالة واضحة للنظام مفادها أن طريقه بات مسدودا حتى لو نجح في قمع الانتفاضة الشعبية السورية فلن يكون بمقدوره الحصول على مكان له بالمجتمع الدولي، مثل ما تم بحق صدام حسين بعد احتلاله الكويت، كما أن ذلك يعني أنه لن يكون بمقدور النظام السوري اعتماد الابتزاز مستقبلا كأحد مصادر قوته الخارجية.

ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن على المجتمع الدولي اليوم إعادة النظر في آلية دخول بعض الدول إلى مجلس الأمن، فهل يعقل أن يمنح لبنان، مثلا، موقعا بالمجلس ليصوت على قرارات أممية وهو لا يملك قراره؟ فالجميع رأى كيف حاولت الحكومة اللبنانية بيع امتناعها عن التصويت بتذاك بليد، حيث تقول لنظام الأسد إن موقفها محرج دوليا، بينما تقول لمواطنيها، والعالم، إن امتناعها يعتبر حيادا إيجابيا! والسؤال للبنانيين هنا: ماذا لو امتنعت دول غدا عن التصويت لمصلحة لبنان أمام اعتداء إسرائيلي بسبب خشيتها من الحرج الدولي، مثل ما فعل لبنان بموضوع سوريا؟ أمر لا يستقيم، وعذر أقبح من ذنب.

ولذا نقول إن ما يحدث بحماه اليوم مفاده أمر واحد وهو أنه لا سوريا الأسد تغيرت، ولا المجتمع الدولي، والعرب، للأسف!

========================

الأسرى ورمضان .. معاناة مزدوجة

ضياء الكحلوت-غزة

المصدر:  الجزيرة نت

يعيش أكثر من ستة آلاف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية معاناة مزدوجة في شهر رمضان المبارك، فهم محرومون من التجمع مع ذويهم على مائدة واحدة، ومنهم أمهات محرومات من أبنائهن.

ولا يختلف تعامل السجان الإسرائيلي مع الأسرى في رمضان عن غيره من الشهور، فلا طعام مختلفا، ولا وقت أكثر للاستراحات، ولا سماح للصلوات الجماعية وخاصة التراويح، إلا على نطاق ضيق في بعض السجون.

ويصف الأسير المحرر عبد الناصر فروانة الذي أمضى ست سنوات في السجون الإسرائيلية شهر رمضان والمناسبات الدينية بالقاسية على الأسرى، مؤكدا أن لحظات الإفطار والسحور هي الأصعب، ففيها يستذكرون أبناءهم في الخارج وإخوانهم وأخواتهم.

ويستغل الأسرى رمضان -وفق حديث فروانة للجزيرة نت- بالمطالعة والقراءة العامة وقراءة القرآن الكريم خاصة، ولديهم جلسات تثقيف دينية عن رمضان وغيره من العبادات.

 

تضييق

وأكد فروانة أن السلطات الإسرائيلية تعمد للتضييق على الأسرى في رمضان وتمنعهم من أداء الصلوات جماعة إلا في بعض المعتقلات وعلى نطاق ضيق للغاية، ولا يتم تحسين جودة الطعام كماً ونوعاً في رمضان.

وذكر فروانة أن إدارة السجن تتعمد كذلك إطالة إجراءات العد اليومي لإرهاق الأسرى أكثر، وتعتمد أسلوب التفتيشات والاقتحامات المتكررة، وتستغل الشهر الكريم لتزيد من معاناة الأسرى ولا تسمح لهم بالراحة.

وأوضح أن الأسرى الذين يعانون من وعكات صحية في رمضان لا يجدون الرعاية المناسبة والكافية والاستجابة السريعة، إنما يعاملون ببطء من أجل جعلهم يشعرون بالعذاب أكثر وأكثر، مؤكداً كذلك أن الاحتلال يتعمد إطالة فترة انتظار الأهالي عند الزيارات خارج السجون ليزيد معاناتهم.

وأضاف فروانة أن الأسرى يشترون على نفقتهم الخاصة وبأسعار باهظة الثمن المواد الغذائية والمشروبات في رمضان وغيره، ولا تهتم إدارة السجون بتحسين جودة الطعام المقدمة للأسرى.

أما الأسيرة المحررة فاطمة الزق فقالت إن مرور أول رمضان عليها بعيداً عن زوجها وأبنائها أبكاها بحرقة، ودفعها للتساؤل: ماذا يأكل أبنائي وزوجي، من يوقظهم للسحور، ومن يجهز لهم الإفطار وكيف يعيشون بدوني؟

وأضافت أم محمود للجزيرة نت أن الأسيرات يستقبلن رمضان بغصة كبيرة، فلا فرح لهن في ظل فقد الأسرة والولد والبنت والزوج والأب والأخ والأخت، وقالت "إننا بين أربعة جدران مظلمة نعيش بأقل الإمكانيات".

 

فنون تعذيب

وأوضحت أم محمود أن رمضان في السجن على الأسرى والأسيرات صعب للغاية لأن إدارة السجون تتفنن فيه بتعذيب المعتقلين وترويعهم وإجبارهم على عدم القيام بواجباتهم الدينية، وقالت "كانوا يمنعوننا من الصلاة جماعة، حتى في العيد إذا أظهرنا فرحتنا كنا نعاقب!".

وتتذكر أم محمود أيام كانت في السجن برمضان، وتقول "كان السجانون يفتشون السجن أكثر من مرة وبدون أسباب، كانوا بالضبط لا يريدون لنا أن نكون مرتاحين ومبتهجين بشهر رمضان.. نحن كنا نقهرهم بتكاتفنا وتعاضدنا".

وأوضحت الأسيرة التي تنحدر من قطاع غزة أنها والأسيرات كن يشترين على حسابهن الخاص بأغلى الأسعار ويتقاسمن الحاجيات بينهن، مؤكدة وجود تكاثف وتقاسم الطعام والحلوى بين الأسيرات.

وختمت أم محمود كلامها بالقول: رغم الويلات والحرمان والظلم، كنا نفرح في رمضان ونسعى ونجتهد لأن نكون فيه من الطائعين لله.. لم نكن نهتم بما يفعلون وكنا نعتمد على الله وعلى قوة تحملنا لكي لا ينالوا منا".

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ