ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 30/06/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

تدويل الثورة الشعبية السورية

الاربعاء, 29 يونيو 2011

عبدالرحمن الخطيب

الحياة

دخلت الثورة الشعبية السورية شهرها الرابع، ولا يزال تعنت النظام السوري لا يقدم أدنى تنازل في اتجاه الاستجابة لمطالب الشعب، ولم يبدأ بأي خطوة حقيقية باتجاه الإصلاح؛ بل على العكس، فقد ازدادت عنجهيته وشراسته أمام شعبه، وأمام دول العالم بأكمله. وليس أدل على ذلك إلا خطاب بشار الأسد الأخير، حين قال: «إنه لن يتلقى دروساً من أحد، ولكنه سيعطي دروساً للآخرين»، في إشارة منه إلى تركيا. وتصريحات وزير الخارجية وليد المعلم بأنه سينسى أن قارة أوروبا على الخريطة.

لقد نفد صبر دول العالم الحر من هذا النظام الدموي، وبدأت معظم الدول الغربية بالبحث جدياً عن مخرج يساعد الشعب السوري في الخلاص من هذا النظام الديكتاتوري. كانت أولى خطواتها في تدويل القضية السورية حين أصدرت قرارات عدة تشمل عقوبات بحق الكثير من المسؤولين السوريين، منهم الرئيس بشار الأسد نفسه. كما اتجهت الكثير من المنظمات الحقوقية العالمية والسورية إلى المحاكم الدولية، تطالب بملاحقة دولية لرموز النظام، وبمحاكمة دولية على مسؤوليتهم عن ممارسة الإجرام السادي، بل إن بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة صرح بعد أن فاض به الكيل نتيجة «تنطيش» بشار الأسد على اتصالاته الهاتفية: بأن الأسد لم يعد له أي صدقية.

إن النظام السوري هو المسؤول الحقيقي عن جر شعبه إلى التدخل الدولي، وتدويل الأزمة في أروقة الأمم المتحدة؛ نتيجة قمع وقتل المتظاهرين المطالبين بالحرية، وتعذيب الأطفال الوحشي والسادي، والاعتقالات، وتهجير السكان إلى الدول المجاورة. يبقى السؤال المطروح، علام الاعتراض على التدويل، إذا كان هو الوسيلة الوحيدة للتخلص من نظام الأسد الدموي؟

ليس السؤال المهم المطروح في هذه المرحلة عن مصير هذا النظام الديكتاتوري طوال 40 عاماً؛ بل السؤال الأهم قطعاً، هو عما يمكن أن يترتب نتيجة هذا التدويل على مستقبل سورية وطناً، وشعباً، ودوراً عربياً، وإسلامياً، وعالمياً، من عواقب، لا يحمل الوطن والشعب المسؤولية عنها، بل يحملها من يرتكبون الجرائم من مواقع المسؤولية السياسية أو التنفيذية؟

ويجب الإقرار بأن النظام، وهو يترنح أمام الثورة الشعبية البطولية، لا يزال قادراً على تصعيد أسلوبه الإجرامي، وهو يعلم أن ما يصنعه هو من قبيل ممارسات الإبادة الجماعية لشعب أعزل، أو ما يقال بصدده: عليّ وعلى أعدائي، والأعداء هنا هم الشعب المطالب بالحرية، وكأنه لم يعد يبالي، وهو ساقط لا محالة، أن يسقط في محكمة جنائية دولية أو تدخل أجنبي دولي، ولا يعبأ بأن هذا يعني عواقب خطرة لا تصيبه هو فقط - ولا أهمية لإصابته أو عدم إصابته بها - بقدر ما تصيب سورية الوطن والشعب والمستقبل. وقد اعترف بشار الأسد بأن الاقتصاد السوري في طريقه إلى الانهيار، على رغم محاولاته المستميتة لإنقاذ الليرة السورية؛ فهو تارة يرسل وزراءه للاستجداء من إيران، ومن بعض دول الخليج، وتارة أخرى بإلزام ابن خاله رامي مخلوف بإعادة أمواله التي سرقها من قوت الشعب على مر عقدين من الزمن إلى سورية.

وثمة سؤال آخر يُطرح كل يوم بين شباب الثورة السورية على «الفيسبوك»، وهو ما إذا كانت القوى الدولية تريد إضعاف النظام فقط، أم تريد سقوطه؟ والحقيقة أن تدويل الانتفاضة الشعبية السورية يأخذ منحنين: أحدهما إيجابي والآخر سلبي، ولكن مهما يكن من أمر فسقوط النظام الحاكم في سورية محتم، ربما قد تؤخره ألاعيب التدخل الدولي، والتصريحات الغربية الجوفاء، على غرار التعامل بإخراج آخر مع ثورة شعبي ليبيا واليمن، ولكن لا تلغي السقوط، ولا يلغيه أيضاً تصعيد البطش الإجرامي الفاحش، فنشر الرعب ينشر الثورة، ولا يؤدي إلى الرجوع عنها، كما يتوهم النظام.

في الأمم المتحدة لا يقف بجانب النظام السوري سوى دولتين، هما: الصين وروسيا، ولعل أحد أسباب وقوفهما المتشدد إلى جانب النظام هو تبعية هذا النظام شبه الشيوعي لهما منذ نصف قرن؛ لهذا السبب كان اعتراضهما على إدانة النظام السوري في مجلس الأمن مبرراً، خصوصاً أن القضية أخذت تنحو منحى التدويل، وقد اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الدول الغربية بمحاولة تدويل النزاع في سورية، على رغم أنه يعلم حقيقة وحشية النظام في قمع شعبه، خصوصاً أن قناة بردى الفضائية المعارضة عرضت لقطات لسيدة روسية مسلمة، استشهد ابنها في إحدى المظاهرات، وهي تبكي بحرقة على ابنها، وتناشد الحكومة الروسية بألا تقف مع النظام.

إن إقناع هاتين الدولتين بعدم استخدام حق «الفيتو»، كما حصل في الشأن الليبي، هي مسألة وقت. وقد أجرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مع نظيرها الروسي سيرجي لافروف، ومع وزير الخارجية الصيني محادثات عدة في محاولة للتغلب على المأزق بشأن قرار لمجلس الأمن الدولي يدين الحملة السورية ضد الاحتجاجات المطالبة بالديموقراطية. وقد بدأت ملامح التنازلات الروسية في القضية السورية، حين صرح لافروف الأسبوع الماضي بأن روسيا مع دول الغرب في الضغط على النظام السوري ليشرع في الإصلاحات الحقيقية. وهذا الأمر يجب أن يكون درساً للنظام السوري في أن روسيا اليوم هي غير الاتحاد السوفياتي قبل ربع قرن، وهي قد خذلت أعز أصدقائها القدامى في الوقوف إلى جانبهم، مثل: العراق، وصربيا.

وفي ظل هذا الدوي السياسي العالمي، ودوي الأسلحة المستخدمة ضد الشعب كان هناك الموقف التركي، فبعد التصريحات الشديدة اللهجة لأردوغان عن الفظائع التي يرتكبها النظام السوري، صرح الرئيس التركي عبدالله غول بدوره أن الوضع في سورية يؤثر على الاستقرار في المنطقة ودول الجوار. وأوضح أن موقف تركيا هو أن تحل المسائل داخل سورية عن طريق الحوار، ولكن إذا استمر الوضع كما هو الآن فإن التدخل الخارجي أمر وارد. ومن المعلوم أن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي، الذي لن يقف مكتوف الأيدي في أي نزاع عسكري بين تركيا وسورية. بهذا أصبحت سورية تواجه احتمال تدخل خارجي قد يأخذ شكلاً جديداً. وهذا الأمر أضحى مطروحاً بقناعة بين أفراد الشعب السوري في الداخل، الذي أصبح مضطراً إلى البحث عن منقذ لوقف إراقة دمه.

================

ماذا بعد الخطاب الثالث؟

د. برهان غليون

تاريخ النشر: الأربعاء 29 يونيو 2011

الاتحاد

بعد صمت دام شهرين كاملين، تحدث الأسد للمرة الثالثة، وكعادته لم يتوجه إلى الشعب حتى لا يشك أحد بأنه قرر الاعتراف بوجوده السياسي وحقه في المراقبة والمحاسبة، بل إلى الخاصة من المؤيدين، بعد توسيعها لتتجاوز هذه المرة أعضاء البرلمان أو أعضاء الحكومة وتضم عناصر جديدة من الحزب والدولة. ولم يكن الهدف من الخطاب تخفيف الضغوط الأجنبية المتزايدة بسبب استمرار عمليات القتل والتنكيل بالأبرياء والمتظاهرين السلميين العزل فحسب، وإنما -قبل ذلك- إعطاء أمل لقاعدة النظام الاجتماعية، وللفئة التي لا تزال صامتة وتنتظر جلاء الوضع حتى تتخذ موقفها. وكان النظام يراهن من أجل ذلك على قدرة الخطاب المليء بالوعود على أن يثير رضى قطاعات من الرأي العام، وأن يؤدي إلى الانقسام والبلبلة (ولو لدرجة قليلة) في أوساط الشعب وحركته الاحتجاجية.

ولا يخفى على أحد أن الجزء السياسي الأهم في الصراع القائم اليوم يدور على كسب هذه الشريحة المهمة من المجتمع، والتي سيكون موقفها حاسماً في الشهر القادم. ويتوقف هذا الموقف على تقديرها للوضع. فإذا شعرت أن النظام لا يزال لديه القدرة على السيطرة على الأوضاع، ستميل إلى مسايرته ثم الالتحاق به، سواء أثبت قدرته هذه عن طريق الانتصار العسكري أو القيام بالإصلاحات التي ترضي قسماً كبيراً من الرأي العام. وبالعكس، سوف تلقي بثقلها لصالح التغيير إذا أدركت أن النظام زائل لا محالة، ولا فائدة من التمسك به أو المراهنة عليه.

ومن الواضح أن خطاب الأسد لم يقنع هذه الفئة الاجتماعية المهمة والصامتة حتى الآن بالانضمام لمعسكره. وربما خلق عندها شعوراً متزايداً بعجز النظام عن استعادة المبادرة السياسية، وعدم قدرته على تجاوز أسلوب الوعود المعروف لكسب الوقت، وتجاهله كلياً مسألة الاستخدام المستمر للعنف ضد السكان العزل، ووقف الحرب المعلنة على الشعب، وعدم التطرق إلى وضعه هو كرئيس أبدي، والتلميح على الأقل بأنه لن يستمر في المنصب الذي يحتله إلى الأبد!

كل ذلك عزز الشعور بأن الرئيس لا يملك حلا للأزمة، وبأن ما ستشهده البلاد في الأشهر القادمة لن يختلف كثيراً عما شهدته في الأشهر الماضية، حتى لو تخللت ذلك قرارات وإصلاحات شكلية، والتصويت على قوانين جديدة لا قيمة لها طالما بقيت السلطة الحقيقية مركزة في يد أجهزة الأمن التي تعطل عمل الدستور والقانون منذ عقود، ومادامت سلطة الأمن وسلطة الرئيس المطلقة لا تخضع لرقابة أو محاسبة؛ لا شعبية ولا برلمانية ولا حتى حزبية.

ولامتصاص المفعول السلبي لخطاب الرئيس في الداخل والخارج، كلف وزير الخارجية، بوصفه شخصية تكنوقراطية، بعقد المؤتمر الصحفي الذي أريد له أن يشرح بطريقة أكثر إقناعاً، خطط النظام الإصلاحية، وأن يطمئن السوريين المترددين في أن المخرج من الأزمة لا يزال في يد النظام، وأن السلطة لا تزال تملك المبادرة. وقد حاول "المعلم" أن يؤكد من جهة على أن النظام لديه القدرة على البقاء، وهو ما دفعه إلى استعراض أسماء الدول والمنظمات التي تدعمه واحدة واحدة، من روسيا إلى الصين إلى الهند إلى البرازيل، بعد أن اعلن عن دعم إيران و"حزب الله" له! ومن جهة ثانية حاول أيضاً إقناع الرأي العام السوري بأن الإصلاح قادم بالتأكيد، وكاد يقول حرفياً: جربونا وستجدون أن لدينا ما يسركم، من دون أن يقدم ولو حجة واحدة على جدية التغيير الذي يتحدث عنه النظام والذي يريد له أن يكون تحت سيطرته الكاملة.

لكن لسوء حظ النظام، لم تكن آثار المؤتمر الصحفي ل"المعلم" أفضل بكثير من آثار الخطاب الرئاسي، وربما فاقم الآثار السلبية بدل أن يحجِّمها. فليس من المطمئن لطبقة رجال الأعمال والأوساط الاقتصادية أن النظام يفكر بمنطق محو الغرب من الخريطة، وهو مثال على التطرف واللاعقلانية وعدم الواقعية. ولا من المتصور أن يردد وزير خارجية دولة تعيش أزمة كبيرة أن "القافلة تسير والكلاب تعوي"! والمعلم نفسه لم يعود الرأي العام على مثل هذه المبالغات المثيرة التي هي من مصطلحات منطق الحرب. كان من الواضح إذن أن هناك مشكلة، وأن أصحاب النظام بدؤوا يفقدون أعصابهم، وأنهم غير مقتنعين بما يريدون أن يقنعوا به الرأي العام السوري والعالم.

إن فشل النظام في إقناع الرأي العام بمشروع الانفتاح السياسي الجديد الذي لوح به، بعد وصول حملته القمعية المنظمة إلى طريق مسدود، جاء ليفاقم من أزمة السلطة وضياعها. وعلى صعيد العمل الميداني، سوف ينعكس هذا الإخفاق في إقناع الرأي العام السوري، خاصة الفئة المترددة، بأن لديه مخرجاً للأزمة، في تطور متزايد لحركة الاحتجاج. وهو يفتح الطريق لانضواء فئات جديدة تحت لواء التغيير، بعد فقدانها الثقة بمقدرة النظام على معالجة الأزمة، أو ربما برغبته في تقديم التنازلات اللازمة للخروج منها.

وهذا ما يرتب على قادة الحركة الاحتجاجية وقادة المعارضة الديمقراطية مهام جديدة، تتلخص في ربط الخيوط مع هذه الشرائح السورية التي ستتطلع أكثر فأكثر نحوها بوصفها الوحيدة التي تملك المفتاح لحل الأزمة وحسم الصراع القائم. وتعني هذه المهام أولاً بلورة خطاب يتجاوب مع حاجات هذه الشريحة ومصالحها. كما تعني ضرورة ارتفاع قادة المعارضة والاحتجاج إلى مستوى المسؤولية فيما يتعلق برسم تصور واضح للمستقبل وتقديم خطة طريق للانتقال نحو الديمقراطية من دون زعزعة أسس الاستقرار الكلي وتدمير النظام العام أو المساس بسلامة الدولة ووحدة الشعب.

المهم أن شرائح الرأي العام السوري التي كانت لا تزال تتردد حتى الآن في الانخراط في فعاليات التغيير، رغم إيمانها بشرعية التحول الديمقراطي وحتميته، أصبحت الآن مستعدة للتفاعل مع الثورة، وعلى المعارضة أن تحول هذا التفاعل إلى مراهنة فعلية على التغيير، وانخراط جدي وعملي في المسيرات السلمية الاحتجاجية. ومن أجل النجاح في ذلك ينبغي العمل على محورين: أولا تأكيد الاتساق والانسجام داخل الصفوف، وثانياً إبراز شخصيات سياسية من الشباب ومن المعارضة الحزبية، متناغمة ومستقرة ومطمئنة، مرتبطة بالتغيير وبقواه الفاعلة وعلى معرفة بخطط عملها وبرامجها واستراتيجياتها وتكتيكاتها.

================

رسالتي / الثورة السورية والتخاذل العربي

عبدالعزيز صباح الفضلي

الرأي العام

29-6-2011

تشتت ذهني واحتار عقلي في ايجاد عذر للصمت العربي الرهيب تجاه تلك المجازر التي تجري على أرض الشام، وحاولت إيجاد تفسير أو مبرر يدفع كثيراً من الدول العربية وجامعتهم ليكونوا شياطين خرس، وهم يشاهدون أشلاء الشيوخ والأطفال ويسمعون ما يندو له الجبين من شهادات حول الاعتداء على الأعراض وانتهاك الحرمات، هذه التساؤلات التي أشغلتني ومعي الملايين من أبناء الأمة العربية والإسلامية.

يا ترى هل هذا الصمت عن تلك الجرائم بسبب الشبه بين سياسة الاستبداد التي تمارسها هذه الحكومات على شعوبها وسياسة القمع الذي يمارسه النظام «البعثي» السوري، هل هو بسبب المصالح المشتركة بين بعض هذه الأنظمة والنظام السوري، والتي قد يكون بعضها مصالح شخصية بحتة، هل هو الخوف من أن نجاح الثورة السورية وإزالة النظام سيؤدي ولو بصورة غير مباشرة إلى تهديد حكم تلك الأنظمة، والخوف من انتقال العدوى لشعوبهم، هل هو الانبطاح للأوامر الأميركية والغربية، والتي ترى أن بقاء النظام السوري أفضل لضمان الأمن الإسرائيلي؟ فعلى مدى أكثر من أربعين عاماً لم تتعرض الحدود الإسرائيلية لخروقات من قبل الجانب السوري، والغرب كما إسرائيل ليس على استعداد لاستبدال نظام ربما يكون بديله ذا ميول اسلامية، ونزعات تحررية، قد تعرض أمن إسرائيل للخطر.

هذا الصمت يجعل المواطن العربي يشعر بأن هناك وصمة عار يسجلها التاريخ تجاه الدول التي ينتمي لها، تجعل المواطن العربي، يتمنى لو كان له رئيس مثل الرئيس التركي، أو رئيس مجلس وزراء كأردوغان، وبرغم أنهم أعاجم إلا أنهم أخجلونا نحن العرب، والذين امتلأت دواوين أشعارنا بالنخوة والشهامة، وإغاثة الملهوف، فتبين للمشاهد والقاريء العربي أنها حبر على ورق، وكلام في الهواء، فالشعراء كما الحكام يتبعهم الغاوون، وهم في كل واد يهيمون، وحقيقتهم أنهم يقولون ما لا يفعلون.

أخجل وأنا أرى الموقف الرسمي الكويتي يتخاذل عن نصرة المستضعفين والمظلومين في سورية، أتألم عندما تمنع اللجان الخيرية من جمع التبرعات للاجئين السوريين في تركيا، وأحزن عندما تمنع السلطات المهرجان الخطابي والذي كان يفترض إقامته في إحدى قاعات الهيئة الخيرية، ويكون المنع قبل ساعات قليلة من إقامته، مما شتت الجموع وأثر على الحضور.

لكنني في المقابل باسمي وباسم المئات بل والآلاف من أبناء الكويت لنرفع أسمى آيات الشكر والتقدير للنواب الأفاضل جمعان الحربش ووليد الطبطبائي ومبارك الوعلان الذين بيضوا وجوهنا من خلال مشاركتهم الفاعلة في التظاهرة التي أقيمت في تركيا لنصرة الشعب السوري، والتي عبرت عن وقوف الشعب الكويتي مع اخوانه في العروبة والإسلام في سورية والذين ذاقوا الأمريين من نظام لا يرقب فيهم دينا ولا ذمة، والشكر موصول للنائب محمد هايف والذي لم يتأخر لحظة في الدعم والمناصرة.

لقد فضحت الثورة السورية حزب اللات والمسمى زوراً «حزب الله»، هذا الحزب الذي كم تحدث عن نصرة المظلوم، والوقوف في وجه الظالمين، لكنه سقط سقوطاً ذريعاً حينما لم يكتفي بالتزام الصمت كبقية الأنظمة العربية، وإنما تعداها، حين وصف نظام البطش والطغيان بأنه من أشرف دول الممانعة، والواقف كسد منيع ضد التهديدات الإسرائيلية، بينما الواقع يكذب ذلك، إن الموقف المتخاذل من حسن نصرالله وحزبه ليجعل الكثيرون يتشككون بحقيقة المقاومة التي يرفع شعارها، وبالحق الذي يزعم مناصرته.

إنها دعوى مستعجلة للحكومات العربية بأن تستجيب لصرخات المظلومين، وأن يصحو ضميرها المستتر، فتساهم في وقف نزيف الدم قبل فوات الأوان.

كم يستغيث بنا المستضعفون وهم

قتلى وجرحى فما يهتز إنسان

ألا نفوس أبيات لها همم

أما على الخير أنصار وأعوان

لمثل هذا يذوب القلب من كمد

إن كان في القلب إسلام وإيمان

===============

سورية بعد خطاب الرئيس

أحمد شاهين

القدس العربي

 29-6-2011

ظهر الرئيس السوري بشار الأسد، للمرة الثالثة، بعد اندلاع الانتفاضة السورية، ليتحدث الى المواطنين السوريين، عبر أكاديميين جمعوهم له على مدرج جامعة دمشق. ووصف ما يحصل في سورية بأنها 'حوادث شغب وترويع للمواطنين'. وأكد الأسد وجود مؤامرة تستهدف مواقف سورية، وقال ان 'الضغوطات تستهدف دور سورية المقاوم لمخططات التقسيم الطائفي في المنطقة'. وقسم الأسد 'عناصر الشغب' الى ثلاثة مكونات: المكون الأول، مواطنون وطنيون طيبون لهم مطالب محقة ويتظاهرون سلميا من أجل إشهار مطالبهم، والمكون الثاني مخربون مجرمون مدانون بأحكام قضائية، من دون أن يحدد نوع الادانات والتهم المحكومين بموجبها، وذكر أن عددهم يبلغ أكثر من 64 ألف شخص، وهم مسلحون، وهذا العدد يوازي خمس فرق عسكرية، أي جيش كامل، والكلام للرئيس الأسد، وقال 'أنه فوجئ بهذا العدد'. وهؤلاء، والقول للأسد، يستغلون تظاهرات الناس الطيبين ليعتدوا على عناصر الأمن والجيش، أما المكون الثالث فهم فئة قليلة العدد لكنها فعالة، وهي فئة من السلفيين الذين ينشرون بين الناس عقائد عصور غابرة غرضها إثارة الفتنة (نص خطاب الأسد على موقع الوكالة العربية السورية للأنباء، 20 6 2011). وأوضح الأسد أن الجيش يستهدف في عملياته التي يقوم بها هؤلاء المخربين، ودعا المواطنين الى الاطمئنان بأن الجيش لا يستهدفهم، وطلب ممن هجروا قراهم وبلداتهم في منطقة جسر الشغور الى الجانب التركي بالعودة الى ديارهم وطمأنهم بأنهم لن يتعرضوا لأي محاسبة.

لكن على من تلقي مواعظك في نظام يشكل التخويف أحد ركائز السلطة والسيطرة فيه. فقد ذكر الأسد نفسه، في خطابه الثالث، أنه منذ نحو سنتين أعطى توجيهات لكل السفراء بالخارج 'أن يبدأوا بإعطاء جوازات السفر للمطلوبين.. عدد كبير من هؤلاء كان يشعر بالخوف ولم يذهب للسفارات لاستلام جواز السفر'، وأضاف الأسد 'مازال هناك نوع من الخوف يمنع الناس من المبادرة تجاه مؤسسات الدولة، وهذا الخوف يشعرهم بوجود الظلم أحيانا'. ولم يعلق الرئيس الأسد على مستوى الخوف الذي زرعه نظامه ونظام والده في قلب المواطن السوري.

لعبة الوقت في بلد الخوف

إذا كان الرئيس نفسه يتحدث عن خوف المواطن السوري من الذهاب إلى سفارة بلده في الخارج للحصول على جواز السفر، فكيف حال هذا المواطن داخل البلد مع وجود كل أجهزة الترهيب الأمنية، والقوانين التي تهدد حياة المواطن، وتحمي القائمين على زرع الرعب. وعلى سبيل المثال القانون 49 المتعلق بحالة الاخوان المسلمين، يقرر إعدام الانسان لمجرد انتمائه إلى حركة سياسية. مع كل ذلك، اكتشف الرئيس السوري 'أنه محبوب'، حيث عبرت له عن هذا الحب 'الوفود الشعبية' التي زارته للاطمئنان على وضعه بعد الاشاعات التي أثيرت، من غير أن يذكر حول ماذا تركزت تلك الاشاعات، ونسي الأسد الابن أننا في سورية أبناء ثقافة علمتنا إياها جداتنا تقول 'اليد التي لا تستطيع عضها، قبلها وادع عليها بالكسر'. والرئيس الأسد، بعد التواصل مع تلك الوفود التي عبرت عن حبها له، والاستماع إلى همومها وشكاواها، قرر 'تحويل هذا الحب إلى عمل'، وذلك من خلال تشكيل لجنة تنسيق تتولى 'ادارة حوار وطني' يتناول مستقبل سورية. وأعلن مسبقا أن نتائج هذا الحوار سيكون 'دروسا' للآخرين في الديمقراطية، التي قال عنها وزير خارجية الأسد السيد وليد المعلم، في مؤتمره الصحافي الذي عقده بعد يومين على خطاب الأسد ليشرح للعالم ما خفي عليهم من مضمون خطاب الأسد، أن النتائج ستعلم العالم دروسا في الديمقراطية. وطلب المعلم منح السلطة الوقت لترتيب أمور هذا الحوار الوطني، حيث 'لا يمكن سلق الدستور'، حسب قول المعلم، الذي نسي أن الدستور قد 'سلخ' يوم ترتيب وراثة 'الولد' لأبيه.

من سيحاور من؟ وعلى أي الموضوعات سيكون الحوار؟ ويتساءل الأسد حول موضوعات الحوار وأطرافه والمعايير التي تحكم هذا الحوار الذي: سوف وسوف، والتسويف لغة يعني المماطلة. هذا في الوقت الذي تزرع فيه دبابات السلطة وشبيحة آل الأسد/ مخلوف الرعب في مدن وقرى سورية، كما تتار هولاكو حيث حلوا، بينما حناجر المتظاهرين الذين لجأوا إلى عتم الليل تصرخ 'الشعب يريد إسقاط النظام'.

وكان لحضور حرف التسويف في خطاب الرئيس الأسد أهمية أساسية أكثر مما عرضه عن علومه الجرثومية، وعن الكيفية التي سيعمل بها لاكتساب المناعة، والتسويف، كما قلنا، يعني 'المماطلة'، وهو ما يبغيه فعلا الأسد الابن وأركان سلطته، فهو يلعب لعبة الوقت إلى جانب الترهيب الذي هو عنصر سلطته التي أسسها والده على هذا المبدأ، حيث كل ما يعنيه الحفاظ على سيطرة آل الأسد/ مخلوف على سورية ومقدراتها.

تتلخص في لحظات ذروة الانفعال الشعبي السياسي، بالمعنى الشامل لكلمة سياسي، مضامين التحليل السياسي في شعارات مختصرة تلخص المعنى والمطلب الذي يجب تحقيقه. وفي سورية، حيث كسر المواطن السوري حاجز الخوف، وقرر المشاركة في صياغة حياته وضمان كرامته، كان شعار 'اسقاط النظام' هدفا واضحا، والأمر في هذا المطلب ليس ضد بشار الأسد كشخص، إنما هو يهدف لتغيير طريقة إدارة السلطة في سورية، حيث النظام الحالي، على الرغم من عنوانه الجمهوري، يعمل في خدمة عائلة. ففي بلد لا يجرؤ أحد على سؤالك عما يحويه الكيس الذي تحمله، إذا كان الكيس يحمل عنوان إحدى شركات رامي مخلوف، ابن خال الرئيس، لا يمكن أن يكون المطلب إصلاح النظام، بل وجوب تغييره.

إن الانتفاضة في سورية تطرح باختصار شديد مسألة السلطة، والتداول عليها سلميا، باعتبارها المسألة المركزية، بينما خطاب الرئيس السوري، وشراح مضمون الخطاب، يبحثون في مسألة كيفية 'إقناع' المواطنين بالرضوخ مرة أخرى لسلطة آل الأسد/ مخلوف، بالدبابات، أو بالحوار الوطني. فالمواطن السوري مع الانتفاضة ومطالبها ارتقى إلى مستوى مفهوم الوطنية باعتبارها 'جغرافيا' تحت شعار 'يد واحدة' بينما لا يزال رأس السلطة وأفراد عائلته يتعاملون مع سورية والسوريين كمزرعة ورثها لهم حافظ الأسد. ومشروع الحوار الوطني الذي طرحه الأسد الابن ليس أكثر من بيضة ديك.

================

مع الشعب السوري وحقّه في الحياة

القدس العربي

29-6-2011

أصدر 'المنتدى الثقافي اللبناني' في باريس بياناً يحمل تواقيع عدد من المثقفين العرب. وهذا نص البيان.

يتعرض الشعب السوري الذي يطالب بالحرية والعدالة، في الكثير من المدن والقرى، للقتل والتعذيب والاعتقال والتهجير، وهذا ما يشكل انتهاكا لأبسط الشرائع والحقوق الإنسانية.

لا يمكن الحلول الأمنية في سوريا، كما في اليمن أو ليبيا أو في أي بلد عربي آخر، أن تسحق تطلّعات الشعوب إلى الكرامة والحرية، فالمتظاهرون السلميون يواجهون الرصاص الحي بصدور عارية.

رغم مخاوفنا الدائمة من السقوط في فخ الانقسامات الطائفية والدينية والمناطقية، إلا إننا على قناعة أن أنظمة القهر والاستبداد هي التي تغذي الانقسامات على أنواعها وتشعل الحروب الأهلية وتهدد الاستقرار، وهي التي شرعت وتشرّع أبواب أوطاننا على التدخل الخارجي.

رياح التغيير انطلقت في العالم العربي ولن تعود إلى الوراء. إنها بداية مرحلة تاريخية جديدة طال انتظارها من اجل تحقيق الديمقراطية والعدالة والدولة المدنية، دولة المواطَنَة وسيادة الشعب.

نعلن إدانتنا لكل أعمال القمع والترويع والقتل ونعلن وقوفنا إلى جانب ثورة الشعب السوري وشعوب العالم العربي الأخرى ونجدد الدعوة لمثقفي العالم اجمع لدعم هذه الثورات والتصدي لأي تواطؤ على حق الشعوب في الحياة.

الموقعون:

صلاح ستيتيه، نبيل أبو شقرا، عيسى مخلوف، رشدي راشد، اتيل عدنان، حسن الشامي، ادونيس، فينوس خوري غاتا، مالك شبل، عائشة ارناؤوط، مصطفى صفوان، عالية ممدوح، عبد اللطيف اللعبي، جيرار خوري، عبد الرحمن الباشا، صفاء فتحي، عبد الغني العاني، حورية عبد الواحد، علي ناصر الدين، دومينيك اده، نبيل الاظن، حياة زبدي، محمود حسين، توفيق علال، بشرى اسطنبولي، طاهر البكري، صلاح الحمداني، ميرا برنس، بشير هلال، سلوى بن عابدة، هالة العبد الله، جمال بودومه، مرام المصري، وليد شميط، إنعام كجاجي، اسادور، ندى عبود، صالح دياب، رفيف فتوح، جاد تابت، ميسا المسعودي، عمر مرزوق، سهام بوهلال، أنطوان جوكي، زاد ملتقى، خلدون زريق، محمد لخضر حامينا، ندى كرامي، جبار ياسين، دارينا الجندي.

================

أزمة النظام السوري والطريق المسدود

الاربعاء, 29 يونيو 2011

كريم عبد *

الحياة

خلال ثلاثين سنة، أراد الرئيس الراحل حافظ الأسد تجميد الأزمة الداخلية عند نقطة معينة، هي أقرب إلى التأجيل منها إلى التجميد. فالتجميد الدائم للأزمات السياسية مستحيل عملياً، خصوصاً في ظل أنظمة الحزب الواحد التي تأتي بها الانقلابات، لأن الأحزاب الانقلابية ذاتها هي من ظواهر الأزمة، ولم تكن في أي بلد من أدوات الحل. والسبب هو جوهر الثقافة الانقلابية التي تنظر الى الدولة وأجهزتها بصفتها وسيلة للهيمنة على المجتمع ومصادرة حقوق المواطنين السياسية والتدخل في حقوقهم المدنية، وليست طرفاً دستورياً محايداً كما هي الحال في الأنظمة الديموقراطية.

ومن هنا بدأت تنشأ السلطة المطلقة وتتضح ملامح الديكتاتورية من ثقافة الهيمنة والتحكّم عبر تكييف القوانين لجعل البلد وما فيه تحت إشراف حزب البعث! ولم تعد للدولة شخصية حقوقية مستقلة يمكن أن يعود إليها المواطن إذا لحقه حيف، بل أصبحت تُدار بالأجهزة الحزبية والأمنية التي تمول وتُشرف حتى على منظمات المجتمع المدني، بدءاً باتحاد الكتاب العرب مروراً بالنقابات وليس انتهاءً بالمؤسسات الدينية، ناهيك عن غياب حرية التعبير أو تشكيل الأحزاب.

لقد كُرّست الأيديولوجيا الواحدة بخطابها المراوغ على حساب التنوع السياسي والتعددية الثقافية التي تميّز المجتمع السوري بحكم تكويناته المعروفة. ومن هنا نشأ الاختناق السياسي. ولكي ينهي نظام الأسد الأب ظاهرة الانقلابات المضادة التي تتميز بها الأنظمة المشابهة، قام بربط مصالح ومصير قادة المؤسسات العسكرية والأمنية والإدارية بمصير النظام نفسه، وذلك من خلال تسهيل استثمار النفوذ السياسي لخدمة المصالح الشخصية للمسؤولين، ناهيك عن الامتيازات التي تقدمها الدولة لهم.

وإذا كان نظام البعث قد نجح في تهميش أحزاب عدة وتحويلها إلى توابع عبر ما يسمى «الجبهة الوطنية والقومية التقدمية»، فإن نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي شهدت تحركاً واضحاً لمعارضة يسارية ركزت في أدبياتها على فضح عملية تشويه المجتمع السياسي عبر ما سمّته «تحالف أجهزة المخابرات وبيروقراطية الدولة مع التجار والمستثمرين»، مُحذّرة من «توريط الطوائف» عبر تركيز سلطة الأجهزة بيد مسؤولين من طائفة معينة، بينما كانت غالبية الطائفة ذاتها تعيش حالة فقر مدقع في الأرياف وضواحي المدن. وعلى رغم أن كثيرين من السجناء اليساريين في تلك الفترة كانوا من أبناء الطائفة العلوية، فإن الأخوان المسلمين لم يستطيعوا فهم خطاب اليسار السوري الأقرب إلى الواقع، بل اعتمدوا على التحريض الديني الذي اتضحت أهدافه من خلال تحريك المدن ذات الأكثرية السنية بما سهّل للنظام كيل الاتهامات لهم وإباحة دمائهم بقسوة شديدة.

لقد تمكّنت أجهزة النظام من قمع الطرفين بلا هوادة، قمعاً مبرمجاً أدى إلى تشتيت المعارضة من خلال خنقها في السجون أو دفعها إلى المنافي وكانت حالة الطوارئ القائمة تسهل له ذلك وسواه. وبينما ظلّت الأزمات تتراكم وترتفع معدلات البطالة ومن يعيشون حالة الفقر وتحت خط الفقر، دأب الإعلام السوري على ابتكار مقولات غير واقعية، ومنها مقولة «سورية كانت ملعباً فأصبحت لاعباً»! وهي مقولة تنتمي إلى الأوهام السياسية، لأن دول المنطقة عموماً خاضعة لمصالح القوى الدولية النافذة، ولم يكن في وسع أحد أن يتحرك بعيداً من شروط اللعبة الدولية التي ميّزت فترة الحرب الباردة. بل إن نظامي البعث في سورية والعراق كانا من أكثر الأنظمة استفادة من تلك الحقبة حيث استثمرا في عدائهما المعروف وقمعهما المستمر لليسار في البلدين، لمصلحة تقربهما إلى الغرب، أي اللاعبين الدوليين الكبار، أي الإمبريالية التي كانا يعلنان عداءهما لها باستمرار.

وإذا وافقنا جدلاً على مقولة «سورية كانت ملعباً فأصبحت لاعباً»، فالواقع يشير إلى أن النظام السوري لم يلعب في مواجهة الأعداء بل تلاعب بالشعارات، وتلاعب بمصير الشعب السوري مورطاً طوائفه بعضها بالبعض الآخر، وكان ولا يزال يتلاعب بمصير الشعب اللبناني ومصير الشعب العراقي بعد سقوط نظام صدام، مسجلاً نجاحات لا يستهان بها في التضليل الإعلامي بزعم «الصمود والتصدي» ثم «الممانعة» ونصرة الشعب الفلسطيني! لقد أبدى النظام ممانعة حقيقية في إعطاء السوريين حريتهم، ووقف دائماً ضد أية جهود لحل الأزمة اللبنانية، بل استثمرها لمصلحته وكان أحد عوامل تأجيجها. وبدل مساعدة اللاجئين الفلسطينيين، عملَ دائماً على إلحاق المنظمات الفلسطينية بسياسته.

وإذا كانت السياسة الخارجية انعكاساً للسياسة الداخلية، فإن صدقية ذلك تتجسد في عدم وجود أية دولة تنخرها أزمات الفساد وتسلط الأجهزة وتمتلك في الوقت نفسه سياسة خارجية مقبولة.

ولذلك اعتمد النظام على مناورات سياسية فانتقل من مقولة الصمود والتصدي إلى التدخل في الشؤون اللبنانية والفلسطينية! وتبخرت وعود الإصلاح بعد عشر سنوات من حكم الأسد الإبن. ومع انبثاق الثورة السلمية بدأت علاقاته الإقليمية والدولية تتفكك، بل أصبح مصيره يُناقش علناً في الأروقة الدولية، بينما تُرجمت شعارات الممانعة إلى مشاهد مأسوية لآلاف الضحايا والهاربين من البطش في مخيمات اللجوء في تركيا.

لقد أدى استمرار حكم الحزب الواحد لخمسين سنة، إلى خلل كبير في الحياة السياسية، وكلما اقتربنا من الواقع نرى أن الأزمة السورية تبدو مسدودة من الجانبين، النظام والمعارضة الحزبية الراهنة! كيف؟ المعارضة السورية غالبيتها أحزاب أيديولوجية (دينية وعلمانية) سبق أن فشلت في الاستيلاء على الدولة، فيما نجح حزب البعث في ذلك. لقد نجح حزب البعث وفشل المجتمع السوري في استرداد حريته وحقوقه منذ 1963! ولذلك جاءت الثورة من الشارع، من جمهور غير مسيس، ثورة سلمية هدفها وشعارها الحرية والكرامة.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ