ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 08/06/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

التغيير في سوريا

الراية القطرية

التاريخ: 07 يونيو 2011

 فشل الحل الأمني الذي اتبعته السلطات السورية في مواجهة مطالب التغيير والإصلاح والديمقراطية التي رفعها أبناء الشعب السوري ومازالوا يرفعونها في الاحتجاجات المستمرة والتي لم تتوقف.

لقد تسببت المعالجة الأمنية في زيادة رقعة الاحتجاجات وارتفاع قائمة المطالب الشعبية بعد تزايد سقوط الضحايا ودخول سوريا إلى دائرة العنف والعنف المضاد.

ما يجب أن تعرفه الحكومة السورية أن التغيير أصبح لا مفر منه في العالم العربي والمنطقة بأسرها حيث يتطلع الناس إلى الحرية والديمقراطية والكرامة بعد عقود طويلة من القمع والاستبداد فالثورة التي تشهدها سوريا كما الثورات التي تشهدها العديد من الدول العربية لن تهدأ إلا بحصول تغيير حقيقي يلمسه المواطن العربي ويعيشه واقعا.

إن تسارع الأحداث التي تشهدها سوريا تؤكد أن الشعب السوري كأشقائه الشعوب العربية تواق للحرية والإصلاح والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وانه ينتظر من حكومته أن تبادر الى تبني قائمة مطالبه والاستجابة لها من خلال البدء بورشة إصلاحات حقيقية يشارك فيها جميع أطياف الشعب السوري ومختلف انتماءاتهم ,ورشة لا تستثني أحدا, سقفها مصلحة سوريا واستقرارها وأمنها.

لقد كان من المؤمل أن يكون إلغاء قانون الطوارئ الذي منح المواطنين حق التظاهر السلمي بداية لانفراج حقيقي للأزمة في سوريا إلا أن استمرار التعامل الأمني مع الاحتجاجات وحجم الضحايا الذي يتزايد في العديد من المدن السورية ضيع هذه المبادرة والمطلب التاريخي فاقم من حجم الأزمة بحيث ظهرت الإصلاحات التي بادر بها النظام السوري وكأنها حبر على ورق.

على الرغم من تفاقم الأوضاع الأمنية في سوريا فمازالت المبادرات التي تقدمها الحكومة السورية دون مستوى طموح ومطالب السوريين فلجنة الحوار الوطني التي أعلنت الحكومة عن تشكيلها لم تمثل فيها المعارضة السورية وجاءت لجنة من لون واحد لا يمكن أن تلبي طموحات الشعب السوري.

مازال بالإمكان حتى هذه اللحظة على الأقل أن يحل الموضوع السوري في الإطار والبيت السوري بأسرع وقت بما يمنع التدخل الخارجي في الشؤون السورية و المخرج الحقيقي الذي سيمنع التدخل الخارجي يتمثل في الاستجابة لمطالب الناس والبدء الفوري في تطبيق الإصلاحات والتأكيد على تشكيل لجنة تحقيق تقوم بكل شفافية بالتحقيق في الأحداث التي شهدتها البلاد ومحاسبة جميع من تورط في قتل أبناء الشعب السوري والدعوة إلى حوار وطني شامل يضم جميع أطياف الشعب السوري تبحث فيه جميع مطالب الناس بما يحقق مطلب الحرية والتعددية والتغيير السلمي في سوريا.

================

الإصلاح والسلاح

تاريخ النشر: الثلاثاء 07 يونيو 2011

طيب تنزني

الاتحاد

تأتي ضرورة الإصلاح في كل بلدان العالم، كلما تراكمت المشكلات والمعضلات والأزمات في بلد ما، دون أن تقوم السلطة العليا في هذا الأخير بما يلزم من الجهود للإجابة عن تلك المشكلات...إلخ. ونلاحظ أن مبادرة التصدي لهذه الأخيرة تتم عبر رؤيتين اثنتين رئيسيتين. أما الأولى منهما فتفصح عن نفسها، حين يلاحظ المعنيون ملامح أولية لتلك الضرورة ويعملون على التصدي لها بمنهج علمي مناسب وبالأدوات الصحيحة المتحدرة منه. ويكون الأمر، بذلك، قد نال قسطه من الأهمية النظرية، وما يطابقها من خطوات عملية تطبيقية. أما الرؤية الثانية فقد نلاحظها في البلدان المتَّسم نظامها السياسي بالديكتاتورية والاستفراد بالسلطة وبالثروة وغيرهما، من مثل الاستفراد بالإعلام. إذ ها هنا، يكون حق التعبير عن آراء الكتاب والباحثين والسياسيين وخصوصاً فيما يتصل بالمعارضين، أمراً غير مُتاح، بل محظوراً تحت طائلة الاعتقال أو التجريد من العمل، مع فتح أبواب الفساد والإفساد أمام مجموعات وشرائح معينة من المجتمع من طرف، وتكميم أفواه المستقيمين والشرفاء من طرف آخر.

وثمة ملاحظة مهمة تتمثل في ما يقترب من القانون الاجتماعي، الذي يتحدد في أنه كلما زاد طغيان السلطة حفاظاً على ما يعتبره الحكام حقوقاً شرعية لهم في الاستمرار بالحكم إلى ما شاء الله من ولايات حكم متلاحقة، تزداد وتتعاظم عملية تحدي أولئك للشعب، مِمّا يدفع هؤلاء إلى توسيع رقعة المناصرين لهم من المنتفعين من "فضائل" النظام القائم. ومع الانتباه إلى هذه الملاحظة، يلاحظ كذلك نشوء احتكاكات تأخذ بالاتساع بين السلطة والشعب، فتسوء "ثقافة الوعي" والمعارضات السرية، التي تحاول التصدي لتلك السلطة، سواء بمطالب أولية كالخبز والكرامة والعمل، أو بما هو أكثر. وفي حالات كثيرة، تأخذ السلطة موقف العنف، وتنفتح أبواب السجون. وضمن هذه الآلية القائمة بين الفريقين، تزداد مطالب الناس بحيث تصل إلى "أفق مسدود"، خصوصاً حين يضع هؤلاء شعار "إسقاط النظام" في مقدمة الأولويات المطلوبة.

لقد قامت منذ ثلاثة عقود حركات اجتماعية شعبية في عدد من البلدان العربية مثل مصر وتونس، فكان رد الحكام، في حينه، التشهير بمطالب الناس "الغلابا" -وهو تعبير يطلق على الطبقات الدنيا، ومن يدخل في حقلهم من المضطهدين والمظلومين والمذلين في مصر- فخرجوا إلى الشارع، فما كان من السادات إلا أن وجَّه إليهم التهمة الشنيعة: انتفاضة الحرامية!

وإذا كانت تلك الانتفاضة قد مرت وسقطت تحت وطأة العنف الساداتي، فإن ما أخذ يحدث في العالم العربي تحت عنوان "ثورة الشباب"، أتى وربما شرعياً لـ"انتفاضة الحرامية"، ولكن بحامل اجتماعي جديد هو الشباب، وبأدوات وصلت إلى العنف المتمثل بالمواجهة المسلحة، لـ"الغلابا"، وكذلك بأهداف أعظم من أهداف هؤلاء: لقد رفع النظام السياسي الأمني عنفه إلى استخدام أسلحة حربية، منها الطيران الحربي. وكان هذا تعبيراً إجرامياً فظاً عن مطامع الحكام، التي قاربت القول بأنهم لن يغادروا ما عشوا في أحضانه من حكم شمولي استفرادي إقصائي، على مدى عقود.

إن ما كان محتملاً أن يجد حلاً له، وهو الإصلاح، ظهر بمثابته حُلماً دونه السماء أو الموت. وهذا ما يعني دخول البلدان العربية المعنية وربما في غيرها كذلك، فوضى هائلة تفتح الأبواب كلها أمام "الخارج" عبر تدخل استعماري جديد. نعم، إن ممارسة الاستبداد الشمولي إنما هو استجلاب للأغراب. وبئس ذلك من أحوال مدمرة، تفتقد الشرعية والوطنية، وتضعنا أمام العار وجهاً لوجه!

================

لا بدّ من تفكيك نظام الاستبداد

الثلاثاء, 07 حزيران 2011

جلال عقاب يحيى

السبيل

سؤال مركزي وحيد يدور في الأذهان، ويشغل جميع السوريين والمهتمين بأحداث الثورة: وماذا بعد الانتفاض والتضحيات؟.

حتى الأمس القريب راهن كثير -وما زال قليل يراهن- على قابلية نظام الاستبداد للتجاوب مع حركة الشارع السوري عبر عدد من الإجراءات الإصلاحية وفق حزمة معروفة كحل وسط يفتح الطريق أمام إمكانية، أو احتمال الانتقال إلى وضع ديمقراطي تعددي.. كنوع من آمال نامت عليها السنوات، بل كتعبير عن اختلال ميزان القوى لصالح النظام، وعدم وجود أي أوراق للضغط من قبل المعارضة وهيئات المجتمع المدني والمثقفين وغيرهم تجبر، أو تدفع النظام إلى القيام بمثل تلك الخطوات التي يعتقد أصحابها أنها كانت توفّر على سورية، والنظام أساساً الكثير من التضحيات، والاحتمالات والنتائج.

كثير غطى قناعاته وعلمه بطبيعة نظام الاستبداد وركائزه، وأكثرَ من التوقعات والأمنيات، خاصة أن ثورات الشباب/ الشعب العربي تدفع جميع الأنظمة للتفكير الجدي بالتغيير، ولو كان عن طريق التلميع والترقيع.. لكن حقيقة الحقائق التي فقأت كل المراهنات والآمال تؤكد كل يوم: أن نظام الأحادية الشمولي، نظام الاستبداد القمعي والكل الأمني، نظام الطغمة والعائلة والمافيا، نظام القتل والترويع والتأليف السخيف والدجل المهلهل.. لا يمكنه أن يقوم بأي إصلاحات جدّية لسبب بسيط: تناقضها مع ألف باء تركيبته ونهجه ووجوده، ولأنه يعتبرها بداية الانقلاب الشامل عليه، وحينها ينبت البعبع المزروع في قاع الوعي فينطلق: قتلاً بالجملة، واتهامات معلبة للآخر، وجرجرة للفتنة.. ولم لا: الحرب الأهلية، ولم لا: استقدام الأجنبي على الطريقة القذافية.. وليكن بعدها الطوفان، وحينها يركب صهوة الشعارات الوطنية ويغرقها بالدماء التي يتعطش للسباحة فيها.. كتواصل لنهج مارس القتل المعمم في المدن السورية، و»انتصر» عبره على الشعب عقوداً، وأمّن الاستقرار الذي يتفاخر ويتاجر ويخوّف به.

 ولأن المعادلة السورية ظلت عقودا قائمة على طرف واحد: النظام، فإن المطالب الإصلاحية كانت تبدو سقفاً عالياً دونه التضحيات والمحاولات والبيات على لائحة الانتظار اليائس، بينما النظام يركل الحدود الدنيا ويزداد استفشاراً واستعلاءً، وفلسفات كلامية عن الظروف، ووعي الشعب غير المهيّأ للديمقراطية، والإصلاح الإداري والاقتصادي: الرهان.. ثم الغوص في التبجّح عن الشعبية، والوضع السوري المختلف عن غيره في تونس ومصر وليبيا واليمن، والجميع.. حتى كان الخامس عشر من آذار: تاريخ الشرارة الأولى لانطلاق الثورة الشبّابية- الشعبية السورية ومسارها المتصاعد: حجماً، وانتشاراً، وإصراراً، وتضحيات، ومطالب.

لقد تبدّلت المعادلة ودخل الشعب طرفاً رئيساً فيها، ولم يعد تاريخ ما بعد الخامس عشر كقبله.. ومع ذلك ما زال نظام الاستبداد يرفض الاعتراف بدفع فاتورة المرحلة: حقوق الشعب، وما زال رهانه الرئيس على القمع الراكب على رشّ الوعود والرشى من جهة، واختلاق الروايات الساقطة تباعاً عن جوهر ما يجري، وتكريس نهج الأحادية، والكل الأمني، وإطلاق التهديد والوعيد، من جهة أخرى.. الأمر الذي يكشف بجلاء جوهره، وعجزه البنيوي عن الاستجابة لمستحقات الثورة الشعبية.

ـ إن وعود، وحتى إنهاء العمل بقانون الطوارئ والأحكام العرفية، وإلغاء محكمة أمن الدولة، وما يقال عن قوانين حق التظاهر، والأحزاب والإعلام.. وما يوجد في جعبة النظام.. هي خارج السياق الطبيعي لحل الأزمة القائمة، لأن الأزمة نابعة من أسّ الأحادية والاستبداد، والاستفراد بالحكم والقرار، ومن موقع وتعدد ودور الأجهزة الأمنية الأخطبوطية، ومجمل النهج الشمولي ـ القمعي، وعدا عن أنها متأخرة كثيراً، ومجوّفة.. فإنها ما لم تتجه إلى تفكيك نظام الاستبداد جملة وتفصيلاً، بدءاً من إلغاء الأحادية دستوراً وقانوناً، ووزارة وحزباً ومجلس تهريج وتصفيق، وأجهزة أمنية عديدة، ومنظمات مليشياوية وتبويقية، وشبيحة ومرفقاتها، ووقوفاً عند القبول بعقد مؤتمر تأسيسي جامع، سيّد يضمّ كافة أطياف الشعب السوري على قدم المساواة، وبهدف وضع دستور جديد يكرس التعددية بكل مفاصلها ومفرداتها، والتداول السلمي على السلطة، وتشكيل حكومة وطنية من الكفاءات المستقلة لفترة انتقالية محددة.. وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، ومحاكمة القتلة والمجرمين، وعودة المنفيين وتعويضهم، ومنع الاعتقال السياسي.. وغيره من مستلزمات المرحلة الانتقالية.

ـ ما لم يتمّ ذلك فإن الطبيعي أن يصعّد الشعب ثورته ومطالبه، ومحورتها حول إسقاط النظام كخطوة لا بدّ منها لتخطي عقبات الانتقال إلى الحياة الديمقراطية.

ولمنع الوصول إلى هذا المطلب الجماعي.. يعمل النظام على تنفيذ (خريطة طريق) مدروسة من قبل مهندسيه في أجهزته المختصة (قبل عدة أشهر) تظهر ملامحها عبر محاور حركته وفعله، والتي يمكن إجمالها: بالقتل المنظّم والمغطى بتركيبات خارجة عنه (مندسون ـ عصابات مسلحة ـ اختراقات ـ أصولية وسلفية....) ويمكن لهذا القتل أن يتخذ شكل مجازر متنقلة تستهدف استفراد ومحاصرة المدن والمناطق على حدة والتعتيم الإعلامي الشامل، واستخدام الظلام الدامس كي تمارس فرق الموت عملها المعهود فيسود الخوف المميت، تماماً كما فعل الأب في الثمانينيات -وبالوقت نفسه القيام ببعض الخطوات الجزئية فيما يعتبره استجابة منه ومنّة وتنازلاً لمطالب الشعب، ومحاولة إرضاء الخواطر بلقاء مع عيّنات شعبية ورشّ الأعطيات والوعود- التركيز على بعبع الفتنة والحرب الأهلية، وعلى المؤامرة الخارجية وتقديم الكثير من (الوثائق) والاعترافات المرتبة لإحداث البلبلة والخلط، ومخاطبة الغرائز الوطنية، دون إغفال محاولات ما يقوم به من تجييش حزبي وفئوي، وعربي وإقليمي.

ـ وإذا كانت آفاق واحتمالات الوضع السوري تحتاج إلى مقال مستقل، فمن الأكيد والواضح أن النظام لن يستسلم للإرادة الشعبية، وسيستخدم جميع أوراقه (وهي متعددة حتى الآن) لكسر وتقويض الثورة الشعبية والالتفاف عليها وفق تلك المحاولات، وما سيتفتق عن ذهن استبدادي مريض بنهج القوة، والفوقية والاستعلاء.. الأمر الذي يدفع الوضع السوري إلى عدة احتمالات.. نتمنى أن يكون أفضلها، وأقصرها، وأقلها تضحيات سقوط نظام الاستبداد على الطريقتين التونسية والمصرية، وهذا ممكن لأن جيشنا بكتلته الرئيسة هو جيش الوطن، وابن الشعب المطالب بحماية ثورة الشباب، ومنع القتل المنظم، وفتح الطريق لتطور بلادنا سلمياً في بناء دولة الجميع، دولة المواطنة المتساوية، والحريات الديمقراطية التي لا مكان فيها لاثرة الرجل والحزب والصوت الواحد.

===============

رامي مخلوف قال وفعل

' خبير في الشؤون السورية

معاريف 6/6/2011

صحف عبرية

2011-06-06

القدس العربي

 الرحلة نحو الحدود، تلك التي 'الغيت' حسب التقارير من أول أمس ـ ولعلها ايضا جزء من خطة المعركة ـ استؤنفت امس بقوة عندما حاول بضع مئات من النشطاء السوريين والفلسطينيين اجتياز السياج الفاصل على مقربة من تلة الصياح في هضبة الجولان. هذه المرة كان الجيش الاسرائيلي مستعدا أكثر بقليل ونجح في احباط التسلل، ولكن في ظل استخدام القوة التي أوقعت غير قليل من الخسائر.

محطة التلفزيون المؤيدة لسورية 'الدنيا'، كرست بثها ليوم النكسة الذي قتل فيه، حسب التقرير السوري، نحو 22 سورياً بنار جنود الجيش الاسرائيلي واصيب اكثر من 350. 'هم يطلقون النار نحو البطن، نحو الرأس وبدم بارد'، هتف السوريون المخلصون نحو كاميرات التلفزيون، وسارع الناطقون الرسميون الى توجيه اصبع الاتهام الى جهة القمع الحقيقية في المنطقة، ولكن، الحقيقة، لم يؤثر هذا في أحد.

محطتا 'الجزيرة' و 'العربية' وإن تحدثتا عن الشهداء السوريين الذين قتلهم الاسرائيليون، الا انهما بثا أيضا صورا عن ضباط اسرائيليين لم يترددوا في المقارنة بين موقف الجيش الاسرائيلي من هذه المهمة ـ التسلل عبر الحدود من دولة معادية ـ وموقف الجيش السوري من المظاهرات داخل بلاده، المظاهرات التي جبت امس فقط حياة 35 شخصا، لم تكلف محطة التلفزيون السورية عناء التبليغ عنهم.

رامي عبدالرحمن، ممثل منظمة حقوق الانسان السورية 'المرصد'، تحدث عن عدد القتلى هذا فقط في مدينتي جسر الشغـور وخان شيخون شمالي حماة، وهذا دون صلة بـ 65 قتيلا في مدينة حماة شخصوا يوم الجمعة. لماذا، يسأل، لا تحصل بالذات هذه المظاهرات على تغطية وسائل الاعلام السورية؟

آخرون في المعارضة السورية كانوا أكثر فظاظة بقليل وبعض من ناطقيها تحدثوا صراحة عن المؤامرة السورية التي تحاول صرف الانتباه عن مظاهرات الشعب الى مظاهرات مرتزقة محليين تم شراؤهم لتنفيذ الحدث.

دفعوا لهم، قال لي أحد رجال المعارضة. ناشط آخر ذكر أنه في جولة المظاهرات الاخيرة في يوم النكبة التقط في افلام الفيديو مسلحين بالبزات مع بنادق كلاشينكوف الامر الذي كشف النقاب منذ حينه وبوضوح عن دور النظام ـ لديه مصلحة واضحة لصرف الانتباه عن المجريات الداخلية.

'صحيح أنه ليس واضحا ما هو مدى دور النظام السوري وهل نظم هو المظاهرات أم شجعها فقط، ولكن الواضح أن اصبع الحكم كان هناك على مدى الزمن'. ناشطة سورية اخرى كتبت في الفيسبوك بانه في الطرف الاسرائيلي كان ممكنا على الاقل رؤية سيارات الاسعاف بينما جرحانا نحن نضطر الى تهريبهم الى تركيا.

تحقيقات وتحليلات ستستمر اليوم وفي الايام القريبة القادمة، وستستخلص استنتاجات وتفحص سيناريوهات، ولكن عند تحليل أحداث اليوم على الحدود من المجدي أن نتذكر مقابلة رامي مخلوف، رجل الرئيس السوري، في 'نيويورك تايمز' قبل ثلاثة أسابيع.

فقد حذر من أن 'عدم الاستقرار في سورية، معناه عدم الاستقرار في اسرائيل'. بين ايام النكبة والنكسة وبين ايلول (سبتمبر) المقترب ـ يجدر بنا أن نتذكر أيضا هذه الكلمات. فمن يطلب بلطف يف ِ بلطف.

===============

شهداء الجولان

رأي القدس

2011-06-06

القدس العربي

 ان يتوجه مواطنون، سوريون وفلسطينيون، الى حدود هضبة الجولان المحتلة، رافعين الاعلام، في مظاهرة سلمية للتذكير بالاحتلال، والتأكيد على حق العودة، فهذا امر منطقي كان يجب ان يتكرر كل عام طوال السنوات الاربع والاربعين الماضية، ولكن ان تطلق القوات الاسرائيلية الرصاص الحي على المتظاهرين العزل وتقتل حوالي العشرين منهم بدم بارد، فهذه مجزرة يجب ان تدان من جميع دول العالم.

ربما يجادل البعض، بان السلطات السورية التي سمحت بهذه المظاهرة، وفي مثل هذا التوقيت، ارادت تحويل الانظار عن عمليات القمع التي تمارسها لاخماد الاحتجاجات الداخلية المطالبة بالاصلاح والتغيير، وهي عمليات اودت حتى الآن بأرواح ما يقرب من الالف انسان، وهذا الجدل ينطوي على الكثير من الصحة، ولكن يجب الا ننسى، او نتناسى، الاجرام الاسرائيلي الذي لا يتورع عن سفك دماء العرب في كل فرصة متاحة، معتمداً على تواطؤ المجتمع الدولي، والدول الغربية الداعمة له على وجه التحديد.

فمن المؤسف ان الادارة الامريكية التي تدعي حرصاً على حقوق الانسان، باستثناء حقوق الانسان العربي عندما تنتهك من قبل اسرائيل واجهزتها الدموية القمعية، لم تنظر الى مجزرة الجولان الا من العين الاسرائيلية عندما عبرت عن 'انزعاجها العميق' تجاه 'احداث' الجولان واتهمت دمشق بتشجيع الصدامات مع اسرائيل.

مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية قال بالحرف الواحد 'اننا ندين ما يبدو انه محاولة من الحكومة السورية للتحريض على الاحداث ولتحويل الانتباه عن مشاكلها الداخلية'، مضيفا 'انه من حق اسرائيل كدولة ذات سيادة ان تدافع عن نفسها'.

المتحدث الامريكي لم يبد اي تعاطف مع العشرين شهيدا الذين سقطوا برصاص الجنود الاسرائيليين، بل عمل على تبرير هذه المجزرة عندما اكد على حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها، وهو انحياز فاضح للقتل، وتشجيع على المزيد منه، من دولة تدعي دعم الحريات ونشر قيم العدالة والديمقراطية.

ان مثل هذا الموقف المخجل للادارة الامريكية يجعلنا نشك في كل ادعاءاتها الكاذبة حول حقوق الانسان، والانتقائية الاستفزازية التي تتعاطى من خلالها مع هذا الملف الانساني، فهؤلاء الشهداء الذين سقطوا برصاص الجيش الاسرائيلي هم بشر ايضا، ولهم احبة، وادانة من سفك دماءهم هو اقل ما يجب ان تقدم عليه اي دولة، ديمقراطية كانت ام ديكتاتورية.

السلطات السورية التي دفعت بهؤلاء الى الحدود، بعد صمت استمر لاكثر من اربعين عاما، كان يجب ان توفر الحماية لهؤلاء على الاقل، ولا نقول بارسال الدبابات، وهو مطلب مشروع، حتى لو ادى ذلك الى صدامات مع الاسرائيليين، فهؤلاء مواطنون سوريون وفلسطينيون وحماية ارواحهم مسؤولية الدولة التي شجعتهم على التدفق الى حدود بلادهم المحتلة.

ننحني اجلالا لكل هؤلاء الشهداء الذين لبوا نداء الزحف نحو الحدود، ليواجهوا النيران الاسرائيلية، ويذكروا الكثيرين اين يوجد العدو الحقيقي لهذه الامة، ونحن على ثقة بان عشرات الملايين من العرب والمسلمين سيفعلون مثلهم، لو جرى فتح الجبهات فعلا، وانطلاقا من نوايا وطنية حقيقية، ويقيننا ان هذه الجبهات ستفتح حتما، في يوم قريب، عندما يستعيد المواطن العربي كرامته وحريته ويتحرر من انظمة القمع والطغيان.

================

من يقفون مع النظام السوري: المعاقون والأذكياء

ياسر أبو هلالة

تاريخ النشر 06/06/2011

الغد الاردنية

بعد ظهور صور شهيد الطفولة حمزة الخطيب وما تعرض له من تعذيب وحشي، كان المتوقع أن يخجل المدافعون عن النظام السوري وينسحبوا بهدوء، لكن تبين أن جلهم من فصيلة الشبيحة الفاقدين لأي قيم أو خلق، وما استهداف الطفولة إلا تعبير عن قبحهم وساديتهم.

ومقابل تلك الرجولة المفتعلة على الأطفال العزل، شاهدنا سواء في مظاهرات دمشق المؤيدة لبشار أو تلك التي هاجمت اجتماع المعارضة في أنطاليا، طقسا وثنيا لا يعرفه العالم الحديث، وهو السجود على الأرض وتقبيل صورة الرئيس الذي يؤله من دون الله.

هؤلاء من يقفون مع النظام يسجدون لبشر، وينتهكون حرمة البشر حتى لو كانوا أطفالا. وما يمكن استنتاجه ببساطة، أن السلطة جردتهم من بشريتهم.

ومن يرصد سيرة النظام السوري في حماة وتدمر وتل الزعتر من قبل، لا يستغرب هذه الوحشية؛ المستغرب هو الشجاعة الأسطورية التي يتحلى بها ثوار سورية. فكلفة الخروج إلى الشارع في سورية لا تعادلها كلفة في العالم كله، فالرد يبدأ بالرصاص من دون رش مياه، ولا هراوى ولا قنابل غاز.

تلك العبودية للنظام مفهومة من فئة الشبيحة في سورية، غير المفهوم هو وجود تلك الفئة في خارج سورية. صحيح أنها معزولة ولا حضور لها، لكنها تعكس قدرة النظام السوري على تحقيق اختراقات، بفضل اللعب بالورقة الطائفية، واستخدام الذراع المالية للنظام من خلال شراء صحافيين معروضين للبيع.

الطريف أن هؤلاء كانوا مباعين لأعداء سورية، وهم ضد سورية في دعمها للمقاومة ومع النظام في قمع الشعب.

ذلك لا يمنع وجود أصحاب إعاقات فكرية لا يرون بأسا في قتل الأطفال وتشويههم، وانتهاك الحريات على نطاق واسع، طالما أن النظام يرفع شعارات العروبة، ويدعم المقاومة.

وفرق بين صاحب إعاقة عقلية غير مباع، وبين الأذكياء الذين يعرفون ويحرّفون. يمكن لمعاق أن يقتنع بأن هوليوود أوقفت إنتاجها السينمائي هذا العام وتفرغت لإنتاج أفلام تعتمد الخدع البصرية لتصوير رجال الجيش يرقصون على الجثث، ورجال الأمن يصطادون البشر بالرصاص.

الأذكياء يعرفون تماما أن الشعب السوري دُفع بفعل إجرام النظام إلى الثورة دفعا. وهم متأكدون أن إسرائيل هي خط الدفاع الأول عن النظام في أميركا والمجتمع الدولي، وهم مدركون أن سورية اليوم غير سورية الأمس، فرق بين الإجرام اليوم بعد مجزرة درعا وما تلاها، ونظام غير ديمقراطي أمس امتد من تولي بشار الحكم، بطريقة سلمية وغير ديمقراطية.

من يتواطأ مع الجريمة أو يسكت هو شريك، ولن يغفر له أبناء سورية الغد. قد يغفرون لمن يثبتون إصابتهم بإعاقات عقلية فقط.

================

التوريث: ضعف الأب أمام تسلط الابن!

غسان الامام

الشرق الاوسط

7-6-2011

في مطلع تسعينات القرن الماضي، بدت أعصاب حافظ الأسد مستريحة. وقبضته مسترخية. وهامته عالية. فقد وطد الأمن. والاستقرار. والاستمرار، في الداخل. وسجل انتصارات كبيرة في الخارج. عادت قواته من الخليج (14 ألفا بقيادة اللواء علي حبيب وزير الدفاع الحالي)، بعدما شاركت، تحت القيادة الأميركية، في إخراج قوات صدام من الكويت.

بعد هزيمة صدام المهينة (1990)، بدا حافظ الأسد اللاعب الأكبر. والأهم. والأذكى، في المنطقة. فقد وثق علاقته الخليجية. وحكم محور علاقته بالسعودية ومصر توجهات السياسة العربية. وتجلت حنكته السياسية بعلاقة سوريا متكافئة مع إيران، بحيث لم تُثِر في ذلك الحين، اعتراض محوره الثلاثي العربي.

كان لبنان النصر السوري الأكبر. بعد نفي العماد ميشال عون إلى فرنسا، أحكم الأسد قبضته على هذا البلد الصغير المجاور. فقد أنهت القوات السورية الحرب الأهلية فيه. وتهربت من الانسحاب منه، وفق اتفاق الطائف (1989) الذي أعاد ترتيب العلاقة الرسمية والسياسية، على قدم المساواة، بين الطوائف الثلاث الكبرى فيه.

فرض الأسد النائب (الزحلاوي) المخضرم إلياس هراوي رئيسا على لبنان، ضامنا عدم اعتراضه على تورم قوة حزب الله بالأسلحة الإيرانية/السورية، فيما تم تجريد سائر الميليشيات الأخرى من السلاح. وأدخل سمير جعجع قائد ميليشيا «القوات اللبنانية» المارونية السجن. وتم تنصيب رفيق الحريري المقرب من السعودية رئيسا لحكومة وفاق وطني.

في هذه الأجواء المريحة، كان أمل السوريين كبيرا في تحقيق انفتاح سياسي تاقوا إليه، بعد عشرين سنة من التدجين في قفص الأسد المغلق. غير أنهم أصيبوا بخيبة كبيرة بلغة ناعمة، وصوت خفيض أقرب إلى الحشرجة، أبلغهم الأسد (1992) في الاحتفال بالتجديد لنفسه للمرة الرابعة (كل مرة سبع سنوات) أن الديمقراطية الغربية لا تصلح لهم! وأن عليهم ألا يتوقعوا «تغييرات» جذرية.

وبالفعل، أعيد تكليف الحزبي (الحوراني) محمود الزعبي تشكيل الحكومة، محتفظا بباقة الوجوه القديمة. وفي مقدمتها الوزيران السنيان العماد مصطفى طلاس وزير الدفاع. والحوراني الآخر فاروق الشرع وزير الخارجية.

الواقع أن الأسد، في إعراضه عن إشراك الأغلبية السنية (80 في المائة من السكان) في صنع قراره، اعتمد مبدأ الاستعانة بوجوه سنية حزبية، هي دون المستوى العادي للذكاء والكفاءة، وجوه مطيعة أتقنت فن البقاء على الهامش، في نظام تحكمه، بقوة الأمر الواقع، أقلية طائفية علوية.

لكن زواج المتعة بالسلطة، ما لبث أن تخللته الأحزان العائلية القاسية على الأسد الذي بقي له من الحياة عشر سنوات فقط (مات في عام 2000). في عام 1999، قتل نجله باسل الذي كان يعده لوراثته، خلال ممارسته هواية قيادة سيارة (سبور). وكانت سيارات السبور الغالية الثمن قد أصبحت منهل المتعة اللذيذة، لأبناء النخبة، وفخا لموتهم، اعتبر المقدم باسل «شهيدا»! وخطب الأب داعيا السوريين إلى الحفاظ على خيوله (في إصطبلات مكلفة)، في وقت كان المعدمون منهم ينبشون لقمة العيش من فضلات صناديق النفايات.

تتابعت الأحزان. في عام 1992، ماتت السيدة ناعسة والدة الرئيس الأسد، بعدما أنجبت للطائفة 11 ولدا. لم يبق منهم حيا سوى أصغرهم رفعت (74 سنة). الأحزان والأحداث تركت بصمات واضحة على صحة الرئيس وجسده. في التسعينات، راحت صحته تتدهور، بفعل جملة أمراض مزمنة: أزمات قلبية متلاحقة منذ عام 1982. مرض السكر. سرطان البروستات (عملية استئصال 1996). وربما أيضا سرطان في الدم. متاعب في القدمين بعد محاولة اغتيال (إخوانية) في أوائل الثمانينات.

حياة الأسد المتقشفة. عمله المتواصل 16 ساعة يوميا، في ضوء مائة سيجارة كل 24 ساعة. كل ذلك سرع التدهور، بحيث بات 11 طبيبا يلازمونه، في غدوه ورواحه، مع منع صارم له من التدخين، واتباع نظام غذائي مناسب. وفي سنواته الأخيرة، بات يجد صعوبة في تركيز وتجميع أفكاره، ويتلعثم في التعبير عنها بدقة.

على أية حال، صمم الأسد على متابعة عملية التوريث، مع نفيها تماما أمام الصحافيين. بعد حرمان رفعت الشقيق، ومقتل باسل الابن، استدعى الأب، على عجل من لندن، النجل (الاحتياط) بشار الذي كان يتابع دراسته التخصصية. كطبيب عيون. في انصراف الأب لتدريب وتأهيل باسل للوراثة، لم ينطو بشار على أي طموح سياسي، غير أنه في الانتقال من العلم إلى السلطة، بدأ أكثر تعقيدا من بساطة باسل الفروسية، وأقل منه قدرة على كسب الأقوياء. أو الاختلاط بالناس العاديين.

أظهر «الدكتور» انضباطا وانهماكا في عمله الجديد، كمستشار ومساعد لأبيه. وكان ذلك مصدر راحة للأب الذي أتعبته مزاجية باسل. لكن في المقابل، راح بشار يلح إلحاحا متزايدا على أبيه للتخلص من فريق «الحرس القديم» الذي يتحكم في مفاصل الدولة العسكرية المدنية! وكلما ازداد الابن إلحاحا، ضعف الأب عاطفيا أمام الابن، إلى درجة مسايرته في إزاحة رجاله القدامى، مستخدما حرفته التي لا تبارى، في سحب البساط من تحت إقدامهم، باستمالة أو تحييد مساعديهم.

وهكذا، نجح بشار نجاحا مذهلا في إزاحة الكبار الذين كانوا، في ظنه، يشكلون خطرا وعقبة على توريثه. ثم على ترئيسه. خلال ستة أعوام، تم تسريح اللواء علي الشيخ حيدر قائد القوات الخاصة. وإكراه اللواء علي دوبا مدير المخابرات العسكرية، واللواء محمد الخولي قائد سلاح الطيران على التقاعد. وإزاحة رئيس الأركان العماد حكمت الشهابي الراعي والعراب لرئيس الحكومة محمود الزعبي الذي صرف من الخدمة، قبيل شهور قليلة من وفاة الأب (انتحر الزعبي أو نحر عندما اعترض على توريث بشار).

بل استقال رفعت عم بشار (الذي يعيش في المنفى) من منصبه (1998) كنائب لرئيس الجمهورية. وتمت تصفية المصالح الاقتصادية والتجارية للعمين رفعت وجميل. و«ضبط سلوك» أولادهما.

في إزاحته «للخصوم»، استخدم بشار لدى أبيه المتعب والمرهق، كل الذرائع والاتهامات الصحيحة وغير الصحيحة: التقدم في السن. الترهل في العمل. سوء استخدام السلطة. تجاوز القانون. تحقيق مكاسب مادية. في المقابل، تهافت على بشار أهل الثقة والطاعة في النظام (طلاس. فاروق الشرع. علي حبيب. آصف شوكت. وقادة الأجهزة الأمنية العشرة..) فشكلوا جميعا بساط الريح الذي حمل «الدكتور» إلى رئاسة الدولة والحزب فور وفاة أبيه.

لعلي مسست بالأذى هالة الشعبية «الافتراضية» التي تشكلت، في تصور عام سوري. وعربي. ودولي لبشار، كرئيس إصلاحي. عصري. منفتح. ومالك لبراءة عذرية متطهرة. أمامي 11 سنة رئاسية (2000/2011) لأثبت، بالأدلة والوقائع، على أن هذا الشاب لم يكن على مستوى أبيه في الذكاء. والحنكة. والممارسة.

هذا الحكم (الشخصي) السلبي يسبب ألما وحزنا لديّ. فقد دعاني بشار يوما إلى العودة إلى سوريا. لم أعد. لاعتقادي بأن الأسلوب الذي اختاره، في مواصلة اغتيال السياسة في بلده، وريثا ورئيسا، سيؤدي به يوما إلى أزمة الحاضر: الانتفاضة الشعبية عليه. وعلى طريقته الرهيبة في التعامل معها.

كنت اليوم مع «الدكتور» الوريث، في الثلاثاء المقبل، مع بشار «الرئيس».

===================

انكشاف حقيقة الأنظمة

الثلاثاء, 07 يونيو 2011

محمد مشموشي

الحياة

مثل الذين يعتبرون الديموقراطية قضية انتخابات وعدد أصوات فقط، كمثلِ الذين يرون أن 50,5 في المئة من نسبة الاقتراع في مقابل 49,5 في المئة تسمح لمن ينالها فرض نظام ديكتاتوري كامل على الآخرين والتصرف بالبلد على هواه.

وفي الوقت الراهن، لا يخرج الحال في العالم العربي، وبخاصة في ليبيا واليمن وسورية، عن المثلين معاً وفي آن واحد. فلا يقول الرئيس اليمني علي عبدالله صالح (أقلّه قبل إصابته) عبر التظاهرات التي ينظمها أسبوعياً في وجه معارضيه، ولا العقيد معمر القذافي في حديثه عن الملايين التي تدافع عنه، ولا الرئيس السوري بشار الأسد في تكرار قول مؤيديه إن عشرات الآلاف الذين يتظاهرون ليسوا شيئاً بالمقارنة مع عدد سكان سورية البالغ 23 مليوناً، سوى أن لعبة تزييف الحاكمية ومسخها واحدة هنا وهناك وهنالك: لعبة ديكتاتورية العدد، بغض النظر عن كيفية الحصول عليه... من دون أن ننسى أنه كان سابقاً لا يقل عن 99,99 في المئة.

وفق هذين المثلين، يصبح الاصلاح، اذا تم أو وعد به في يوم، منّة من الرئيس يتكرم بها على معارضيه تحديداً، سواء كان رئيساً منتخباً (حالة صالح والأسد، بغض النظر عن كيفية الانتخاب) أو قائداً ثورياً مختاراً (حالة القذافي، مع غض النظر مجدداً) أو اذا كانت المطالب بالاصلاح شعبية ومحقة وجامعة بحيث لا ينكرها حتى الرؤساء والقادة أنفسهم.

ووفقهما، يصبح مفترضاً أن تنزل الشعوب، بالملايين كلها من النساء والرجال والأطفال، الى شوارع المدن والقرى لكي يقتنع الحاكم بأن ما يحدث ثورة فعلية ضد نظام حكمه، أو أن تحمل هذه الملايين السلاح الثقيل – بأسلوب الانقلاب العسكري الذي جاء به الى السلطة – لمقاتلة جيوش بلدانها وقواتها الأمنية... فضلاً عن الحرس الجمهوري المنشأ أساساً لحماية الرئيس ونظامه من معارضيهما والمطالبين بالاصلاح. ليس هذا فقط، فإذا لم يتم الشرطان – القبول بمنّة الحاكم اذا قرر اصلاحاً ما ونزول الشعوب عن آخرها الى الشوارع – يكون من حق هذا الحاكم (يقال في هذه الحالة واجبه) أن يستخدم كل ما لديه من قوة لكي يمنع الأقلية الصغيرة، التي توصف دائماً بأنها عميلة للخارج وخائنة للوطن، من تخريب السلم الأهلي ودفع البلد على طريق المجهول.

هل من وصف آخر للوضع الراهن، المستمر منذ شهور والمفتوح على كل الاحتمالات، في كل من ليبيا واليمن وسورية؟ الواقع أن ما حدث في تونس ومصر، وأياً كان الدور الذي لعبه الجيش في كلا البلدين وأدى الى تنحي الرئيسين السابقين زين العابدين بن علي وحسني مبارك، يبدو عقلانياً الى أبعد حد اذا ما نظر اليه من زاوية الجرائم التي ارتكبتها، ولا تزال، الأنظمة الحاكمة في ليبيا واليمن وسورية، وما عانته نتيجة لذلك، ولا تزال، شعوب البلدان الثلاثة.

فقد انتهت ثورة تونس في 28 يوماً، وثورة مصر في 18 يوماً، وذهب ضحيتهما المئات فقط من دون تدمير مدن بكاملها مثل مصراتة والبريقة والزنتان في ليبيا أو تعز وزنجبار في اليمن أو درعا وتبليسة والرستن في سورية، كما لم ينفتح فيهما ما انفتح وسيعاً في البلدان الثلاثة من عصبيات طائفية وعرقية وقبلية كانت تقترب من أن تصبح شيئاً من التاريخ وفي كتبه الصفراء فقط.

كيف يحدث ذلك، ولماذا هذه المفارقة التي تصدم فعلاً بين ما يعيشه العرب حالياً وما يشهده العالم كله، بما فيه ما يسمى العالم الثالث، في هذه المرحلة من القرن الـ21؟

أية مفارقة؟ هي افريقية هذه المرة، عندما احتفلت نيجيريا قبل أيام بتنصيب رئيسها غودلاك جوناثان بعد أن نال 57 في المئة من أصوات الناخبين ضد منافسه محمد بخاري الذي نال 31 في المئة... وأيضاً عندما كان رئيس ساحل العاج لوران غباغبو يصر على البقاء في السلطة على رغم هزيمته في الانتخابات، وعندما لم يرضخ في النهاية الا بعد أن اعتقلته القوات الفرنسية الموجودة في البلاد في أعقاب ارتكابه مجزرة ذهب ضحيتها الآلاف من المدنيين والعسكريين.

وهي تحديداً ما جسدها، بأدق عبارة وأصدقها، ممثل ليبيا الدائم في الأمم المتحدة عبدالرحمن شلقم، عندما وصف ما يفعله القذافي بالشعب الليبي الرافض له ولحكمه بالقول ان مثله مثل من يضع الناس أمام خيار من اثنين: «أحكمكم أو أقتلكم!». هل يحلم الليبيون واليمنيون والسوريون في هذه المرحلة من حياتهم السياسية، وغيرهم من العرب في يوم ما قريب أو بعيد، بأن يكونوا أقله شبه النيجيريين وليس العاجيين؟

هذا على المستوى الوطني، أما على المستوى القومي، ففي تاريخها كم هائل من الكلام على وحدة الأرض والشعب، بل وعلى وحدة الأمة كلها من الخليج الى المحيط، فيما لا يجد المرء راهناً (في مواجهة الثورات ضدها في شكل خاص) إلا كل ما يتناقض جذرياً وعلى طول الخط مع هذا الكلام.

في البلدان الثلاثة، لا حديث للأنظمة حالياً إلا عن خطر الحرب الأهلية المديدة بين مكونات كل منها الطائفية والعرقية والقبلية، بل ولا ممارسة على الأرض في مواجهة المحتجين الا ما يغذي فعلياً وجدياً هذا الخطر. من أجل بقاء هذه الأنظمة (القومية والوحدوية، كما تدعي) تراها تهدد الوطن الصغير (وفق تعبيرها أيضاً) في وحدته، وتتلاعب بمكوناته الاجتماعية المتعددة فتضع احدها في مواجهة الآخر الى حد أنها تسلحه وتموّله وتعده بالحماية من جهة في الوقت الذي تعمل على تخويفه من شركائه في الوطن والحياة الواحدة من جهة ثانية. وعند اللزوم، فحديث الأنظمة عن خطر التقسيم قائم ومعلن، وإن يكن بصيغ مختلفة على ألسنة قادتها والناطقين باسمها.

واقع الحال أنه اذا لم يكن حديث الأنظمة هذا، أو خطتها تلك، مهيأين للنجاح على المدى القريب أو البعيد، فقد وفرا لها قدرة على اطالة عمرها شهوراً أخرى حتى الآن، ولكن طبعاً على حساب إراقة المزيد من الدماء وإنزال ما يمكن لآلتها الحربية أن تنزله من الدمار في النسيج الاجتماعي للشعب وفي انحاء البلاد ومدنها وبناها التحتية.

فهذه الأنظمة لا تفعل في هذه المرحلة الا أنها تحاول أن تطيل عمرها ولو لأيام، غير مبالية بأنها انما تكشف بأفعالها هذه عن حقيقتها الخبيئة، بعد عقود من التزوير للوقائع والاختباء وراء الشعارات الزائفة عن السيادة والوحدة والوطنية ومعاداة الاستعمار... وحتى لا ينسى أحدنا، تحرير فلسطين من البحر الى النهر!

ولعل هذه هي الواقعة الأهم في تاريخ المنطقة الحديث، طبعاً الى جانب اسقاط هذه الأنظمة وفتح أبواب العالم العربي أمام تاريخ جديد لا تتكرر فيه عمليات التزوير.

=======================

المعارضة السورية أمام تحدي إسقاط النظام

برهان غليون

الجزيرة نت 6/6/2011

صدق من قال إن سوريا نموذج قائم بذاته لا يشبه أي نموذج عربي آخر. وما ميز هذا النموذج بالمقارنة مع النماذج العربية الأخرى، بما في ذلك ليبيا واليمن، هو طبيعة النظام القائم، ومنطق ممارسته السلطة، والعلاقة التي تحكم ردوده تجاه قوى الاحتجاج الشبابية التي تعرفها سوريا منذ الخامس عشر من مارس/آذار الماضي.

وقد لفت نظر الرأي العام العربي والعالمي السهولة التي يظهرها أصحاب النظام في استخدام القوة وإطلاق النار على المتظاهرين، كما لو كنا في فيلم رعاة بقر هوليودي، والجرأة التي تميز بها النظام في إرسال الدبابات والمدرعات والحوامات للقضاء على بؤر الثورة، وممارسة العقاب الجماعي، وتلقين السكان المدنيين العزل دروسا في الهزيمة والإذلال والقهر لم يحصل إلا تجاه شعوب محتلة وفي إطار الاحتلالات القاسية التقليدية.

 

أن تتصرف تجاه شعبك كما لو لم يكن هناك قانون أو رادع وطني أو أخلاقي غير العنف والقوة، بصرف النظر عن عدد الخسائر في الأرواح والممتلكات، وعن عواقب ذلك على مستقبل الدولة والأمة، ومن دون أن تحسب حسابا للرأي العام العربي والعالمي، وأن تكابر أكثر، وتصر على أن القاتل هو الشعب نفسه أو جزء منه، وأنك أنت الضحية والشعب هو المذنب، هذا هو التميز الأكبر للنظام السوري بالمقارنة مع الأنظمة العربية الأخرى.

في جميع النماذج التي عرفناها، باستثناء ليبيا التي دفعها ملوك أفريقيا إلى دائرة التدخلات العسكرية الأجنبية، حصل إطلاق نار بالتأكيد ولا يزال يحصل، لكن ضمن نطاق محدود، وفي إطار الاعتراف بالشعب والتلويح بإمكانية النقاش حول حقوقه أو الالتزام بتحقيقها أو تحقيق جزء منها.

لكن لم يطلب نظام آخر من شعبه الاستسلام من دون قيد أو شرط، والعودة إلى تقبيل موطئ قدم الرئيس، الذي هو شعار أنصار الأسد وجنوده المخلصين، والقبول بالعقاب الجماعي كتطبيق للقانون، كما يحصل في سوريا.

بعد شهرين ونصف الشهر من التضحيات الهائلة، قدم فيها السوريون آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين، وتعرض فيها الألوف أيضا للتعذيب المر ولممارسات حاطة بالكرامة الإنسانية والسلامة البدنية، ومثل فيها بجثث أطفال، وأهين شيوخ، وقتلت نساء، من دون أي سبب سوى إرادة الترويع والإرهاب التي جعلت منها السلطة السورية سلاحها الأمضى لثني الشعب عن مطالبه وإجباره على الركوع، لا يزال النظام متمترسا وراء خندق المؤامرة الخارجية ليبرر جميع الأعمال والانتهاكات الصارخة لحقوق الفرد والمجتمع.

ولا يزال الرأي العام العربي صامتا بصورة مريبة. فلم يصدر عن أي دولة عربية ولو نداء للنظام السوري بوقف المجازر والأعمال العسكرية تجاه شعب يعتبر رسميا شعبا مستقلا وذا سيادة. كما فشل مجلس الأمن في إصدار بيان يدين فيه أعمال العنف التي يمارسها النظام ضد شعب أعزل بسبب معارضة موسكو والصين وحمايتهما للنظام لغايات إستراتيجية ومصالح قومية.

أمام هذه التحديات الكبرى التي تواجه الثورة السورية، والصعوبة المتزايدة لتسجيل نتائج سياسية على الأرض مقابل آلاف الضحايا، تبدو المخاطر التي كنا نحذر منها في السابق أكثر احتمالا اليوم من أي وقت آخر.

ومن هذه المخاطر الاحتمال المتزايد لانزلاق قطاعات من الرأي العام المروع والملوع بعد شهور من القتل والملاحقة والعنف، نحو الطائفية. ووقوعها، في موازاة ذلك، تحت إغراء المراهنة على القوة والعنف المضاد بدل التمسك بالوسائل السلمية.

 

وإذا كانت هذه القطاعات لا تزال محدودة حتى الآن فليس من المستبعد أن يتفاقم الأمر، إذا استمر انسداد أفق الحل السياسي، وتصاعد التوتر والشعور بالاختناق داخل صفوف الشرائح الشعبية. وسيصبح من الصعب أكثر فأكثر على القوى الديمقراطية الحفاظ على موقف الحركة السلمية والمدنية الوطنية، بينما سيزداد خطر تطلع بعض الشرائح إلى التدخلات الأجنبية على سنة المستجير من الرمضاء بالنار، وكذلك إثارة شهية بعض الأطراف الخارجية الانتقامية أو ذات المصالح الخاصة والاستفادة من هذه الانزلاقات من أجل الدخول على الخط والسعي إلى تحقيق غايات ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بأهداف الثورة الديمقراطية ومطالبها.

بالتأكيد، إن الذي يتحمل المسؤولية عن هذه الانزلاقات هو النظام والسلطة التي سدت على الشعب السوري جميع أبواب الرحمة وحكمت عليه بالعبودية الأبدية أو الصراع حتى الموت، للتخلص من أصفاده وكسر قيوده وتحرير نفسه من شروط حياة لا أخلاقية ولا إنسانية.

لكن رجال السلطة الذين سعوا ولا يزالون يسعون، بكل ما أوتوا من قوة ووسائل، لإفساد الثورة ودفعها نحو منزلقات الطائفية والعنف، حتى يبرروا كما يعتقدون القضاء عليها واستعادة السيطرة على المجتمع والبلاد بشروط العبودية التقليدية، قد تخلوا تماما عن أي مسؤولية من تلقاء أنفسهم، ولا تبدو عليهم المقدرة على الالتزام بأي مبدأ أخلاقي أو إنساني أو وطني يمكن المراهنة على تفعيله أو العزف عليه لثنيهم عن خططهم الجنونية في الإبقاء بأي ثمن على نظام العسف والإذلال والقهر والفساد.

من هنا تقع مسؤولية الإنقاذ الوطني وتجنيب البلاد الانزلاق نحو الفوضى والدمار والعنف والنزاعات الداخلية اليوم بالدرجة الأولى على قوى الثورة الديمقراطية، وفي مقدمها قوى الشباب الاحتجاجية التي تشكل المحرك الرئيسي لها، كما تقع على المعارضات السياسية وقطاعات الرأي العام السوري المستنيرة والمستعدة للعمل من أجل المحافظة على مستقبل سوريا، وعلى فرص الانتقال نحو حياة مدنية وديمقراطية سليمة، وتجنيبها أي انزلاقات خطيرة محتملة.

وهذا ما يرتب على الجميع عبئا إضافيا ويهيب بجميع القوى إلى الارتفاع إلى مستوى اللحظة التاريخية، والعمل من دون تأخير على بناء الإطار السياسي الضروري لتوحيد جهد القوى الداعمة للمشروع الديمقراطي المدني وتقديم رؤية واضحة عن سوريا المستقبل، ووضع عنوان واضح ومرجعية ذات مصداقية للثورة، يمكن من خلالها التواصل مع جميع القوى المحلية والعربية والدولية.

 

وكل ذلك من شروط تسريع وتيرة عزل النظام وانحلال عصبيته وتعميق تفككه السياسي، وكذلك من شروط إعادة الأمل إلى الشعب بالخلاص القريب وإغلاق سبل اليأس والمغامرة والاستسلام للعنف.

في اعتقادي هناك ثلاث قوى رئيسية تشكل جسم المعارضة السورية، ويتوقف على توحيدها أو التلاقي في ما بينها مستقبل المعارضة الديمقراطية وقدرتها على وضع حد لعسف النظام الراهن وطغيانه وتحكمه في الداخل، كما يتوقف نجاحنا في أن نكسر حاجز الخوف من المجهول والفوضى الذي يبقي جزءا من مواطنينا مترددين في الانخراط في ثورة الحرية، ويسمح للأطراف الدولية بالتهرب من مسؤولياتهم والاستمرار في التساهل مع النظام، بل والتواطؤ معه كما هو حال دولتي روسيا والصين.

الأولى من بين هذه القوى هي قوى الشباب الذين يشكلون الجسم الأكبر للثورة وهم أيضا النسبة الأكبر من المجتمع. وبعكس ما كان يقال حتى الآن عن عفوية الثورة وضعف أطرها التنظيمية، أظهرت الأيام الأخيرة أن شباب الانتفاضة كانوا السباقين إلى طرح مسألة إعادة هيكلة المعارضة السورية وبنائها بما ينسجم مع حاجات تقدم الثورة وتجذيرها.

وأريد بهذه المناسبة أن أحيي هؤلاء الشباب الذين بادروا إلى تشكيل اتحاد التنسيقيات، وهم في طريقهم إلى استكمال هذه العملية على طريق تشكيل قوة واحدة قادرة على العمل الميداني والسياسي المتسق والمنظم. وهم الذين يقفون الآن أيضا في طليعة القوى الداعية إلى تحرك قوى المعارضة الأخرى وتوحيدها.

وقد أظهروا بذلك أنهم قدوة لبقية الحركات والأحزاب السياسية التي لا يزال بعضها يجد صعوبة كبيرة على ما يبدو في اللحاق سياسيا وفكريا بحركة الثورة والتفاعل معها وتقديم إضافة جديدة لها تمثل خبرة الأجيال السابقة ومعارفها.

القوى الثانية التي أظهرت نشاطا متجددا في الشهرين الماضيين هي المعارضة المستقلة التي ولدت من تجمع مواطنين سوريين في المهجر، وهم كثر، من باب الانخراط في العمل الوطني العام، وتقديم الدعم للانتفاضة.

ففي كل العواصم والمدن في العالم أجمع، حيث توجد جاليات سوريا، يكتشف السوريون هويتهم السياسية والوطنية، ويستعيدون علاقتهم مع وطنهم، ويحلمون بالمساهمة الفعالة في بناء مستقبلهم الجمعي. وفي كل يوم تتشكل مجموعات عمل جديدة وتتواصل مع الداخل أو مع بعضها. وهي تشكل بمجموعها خزانا كبيرا للكفاءات والعناصر التي تحتاج إليها الثورة اليوم من أجل كسب الرأي العام العالمي، وغدا من أجل بناء سوريا الديمقراطية الجديدة.

لكن الذي يعيق حركة توحيد هذه القوى التي ينتمي معظمها إلى أفراد مستقلين لم يمارسوا السياسة في السابق، وليس لديهم انتماءات حزبية، هو غياب قوى سياسية منظمة يمكنهم الاستناد إليها والعمل معها أو من خلالها.

أما القوى الثالثة التي كان من الضروري أن تلعب دور الدينامو في تحريك جميع هذه العناصر والجمع بينها وتوحيد رؤيتها ونهجها، فهي قوى المعارضة الحزبية المنظمة التي اكتسبت خلال كفاحها الطويل والمرير ضد الاستبداد خبرة مهمة، وتحول العديد من رموزها إلى رصيد وطني في نظر الرأي العام المحلي والعالمي معا.

للأسف بدت هذه المعارضة أو معظمها، حتى الآن، وكأنها غير قادرة على مواكبة حركة الشباب في ثورتهم، ولا تزال تضيع وقتها في مناقشات ونزاعات داخلية هي من مخلفات العقد الماضي. وبدل أن تشارك في إبداع الإطار الجديد الذي يتماشى مع وتيرة تقدم الثورة ويساهم في تغذيتها بالأفكار والرؤى والتوجهات، ويقدم لها مظلة تحمي ظهرها وتصد عنها الضربات والاتهامات، بقيت غارقة في نقاشاتها السفسطائية، باستثناء بعض البيانات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

إلى هؤلاء أود التوجه اليوم وأقول لهم إن ما نعيشه الآن ليس حالة طبيعية أو عادية وإنما حالة استثنائية وعاجلة وتحتاج إلى عمل ذي وتيرة سريعة تلبي مطالب التحول المستمر داخل الثورة وتستجيب لديناميكيتها. ليس المطلوب منا اليوم التفاهم حول برنامج عمل لحكومة بديلة لسوريا المستقبل.

 

لدينا الوقت الكافي لهذا العمل، وبمشاركة الشباب الذين فجروا هذه الثورة. المطلوب أن تضعوا رصيدكم السياسي والوطني في خدمة الثورة الديمقراطية وبأسرع وقت حتى تحموها وتحفظوا رهاناتها المدنية والديمقراطية من الضياع، أو من الانحراف والانزلاق.

إن ما نحتاج إليه اليوم، لكسر أوهام النظام بشأن قدرته على الاستمرار، وطمأنة الرأي العام السوري وقطاعاته المترددة على المستقبل، وترسيخ أقدام الثورة على الأرض، وتوسيع دائرة انتشارها ونسبة المشاركين فيها، هو تكوين هيئة وطنية تضم هذه القوى المعارضة جميعا، وتنسق بين نشاطاتها، وتوحدها لصالح ثورة الحرية.

فبعد برهان النظام المدوي عن استقالته الوطنية ورفضه التفاهم مع شعبه، وتصميم رجاله على سياسة القتل والقهر والاستعباد، لم يعد أمام السوريين اليوم خيار أو احتمال خيار آخر سوى التعاون من أجل الانتقال بسوريا إلى نظام ديمقراطي مدني تعددي يساوي بين كافة مواطني سوريا، أو الانزلاق الأكيد نحو العنف والفوضى والخراب.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ