ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 19/05/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

ثقة بسورية تهزم الخوف

الاربعاء, 18 مايو 2011

هالا محمد *

الحياة

عند بدء الأحداث في سورية، كنت جازمة كمواطنة سورية أن: في سورية لن يُقتل أيُّ سوري. لم أشعر في عمري كم أحبّ مصر وتونس كما شعرت: قطعة في فؤادي. اعتقدتُ أن مواطنتي تمنحني كلّ هذه القوة على الثقة والحبّ.

كنتُ أنجزتُ أفلام «أدب السجون» منذ ست سنوات، وفيها دخلنا نفق تابو ملفّ سجناء الرأي، شعراء ومبدعين وكتاب ومفكرين، دفعوا سنوات طويلة من حيواتهم ثمن آرائهم. تعرضت وشخصيات الأفلام من السجناء السابقين لتحقيقات ومساءلات، وكنتُ أثناء البثّ الأول لكلّ فيلم في «قناة الجزيرة»، أدخل بوابة الخوف عبر صمتٍ عضويٍّ مؤلم يشبه في آليته نوعاً من إغماءة في الحواسّ تحمي من أية ارتكاسة مباشرة، وفراغ في الرأس كأنني صدى! إلا أنني كنت دائماً أشعر بأن استمراري في عملي في بلدي، مؤشر له دلالات لمصلحة قبول الآخر المختلف ما يزيد متعة العمل وضرورة الاستمرار. استطعت أن أعاقب خوفي بالتحرر منه، وكنت ُكلما تحررت اكتشفت كم أنا خائفة من الخوف الذي يخافه الجميع والمتراكم فينا منذ ما يقارب الأربعين سنةً.

بعد عرض الفيلم الثاني من سلسلة أفلام أدب السجون «رحلة إلى الذاكرة» كتبتُ: لا أحتملُ هذه النافذة/ المفتوحة على الغُربة/ إنها كالجدارْ/ لا أرى منها شيئاً. كانت عيناي تصطدمان بجدار غامضٍ يُدمي أفكاري الإنسانية المسالمة.

دعيت كشاعرة سورية إلى الكثير من مهرجانات الشعر في العالم، لكنني لم أدعَ عبر حياتي إلى مهرجان شعري رسميّ في سورية، كانت لقاءات أهلية قليلة مستقلة أفخر بها، مواطنتي لم تستطع الدفاع عن حريتي لكنها صانتها. في حياتي صداقات متنوعة، إنسانياً، ذات اليمين وذات اليسار وفي كلّ الاتجاهات... وهذه هي سورية المختلفة والغنيّة والكبيرة والصغيرة والمجاز والحقيقة والموحدة.

نختلف كثيراً في الرأي ونبقى، وهذه هي سورية الحضارية المتنوعة المدنية.

حين بدأت الأحداث ضاق صدري أكثر فأكثر وخفت على بلدي، ولأول مرة أفكر؟ كيف يفكر من في السلطة حين يثور الشعب؟ هل يشعرون بأنهم من الشعب أم... ؟!

كأنني أحبو في السياسة، أطرح على نفسي أسئلة بريئة تحتاج إجابات بسيطة. نسيت الماضي وقمعه وتاريخه ومظالمه على الناس، تناسيته تماماً، فالذاكرة تغسل نفسها كالماء! أردتُ ذلك من أجل سورية المستقبل، سورية ال «نحن» معاً كلنا في وجه رياح الزمن، وقبضت من التاريخ على ما أحبّ فقط. لعلّ سلمية اللحظة تُحدّد ملامح المستقبل.

لحظة الخوف الأولى أتت من الإعلام الرسمي السوري فأعادت إلى ذاكرتي ذاكرتها كمسٍّ كهربائيّ. هذا الإعلام قلت لنفسي لن يحقق أحلامي بالتأكيد. إنه يوجِّه المتفرّج السوري كما لو كان هذا المتفرّج من أغبى أصناف المخلوقات، ويحرّك إبرة وعيه بأوامر قدرية تارة وأمنية تارة أخرى، وليس باعتماد لغة التحليل والعقل والشفافية والمصير المشترك. فهمتُ أن المطلوب اصطفاف فوري وحادّ مع أو ضدّ. من دون الانتباه إلى جموع الناس الخائفة على مصير البلد والشريكة في هذا المصير.

تمنيتُ لو استطاع هذا التلفزيون استضافة معارضٍ سوريّ أو ناشط أو مستقلّ أو محلل أو مثقف، من دون أن تكون استضافته من أجل زيادة عدد المصطفين مع ال: (مع). أُمنية من أجل احترام العقل وتلمّس موضع للثقة بأن حواراً ما سيلوح في الأفق.

لحظة الخوف الثانية كانت مع شهداء درعا، يا لتعاستي! لقد قتل السوريّ السوري: «كانت لي نافذة/ امّحتْ في الجدار». شعرت بكرامتي المهانة مع كرامات أهل درعا. طالبت في تعليق على فايسبوك بمحاسبة الفاعلين وبالحداد على الشهداء، فجاءني ردّ عنيف من أحدهم بأن مفهوم الحداد يجب تصويبه، والشهيد حيّ إذا كان: مع! بدأتُ أتنبَّه ُإلى حجم الشرخ الداخلي الذي سينخر مستقبلنا جميعاً إذا كان عنف اللحظة سيحدد ملامح المنتصر.

لحظة الخوف الثالثة كانت مع أحداث اللاذقية وما رشح عنها من احتمالات تقاتل طائفي ثم أحداث حمص فبانياس. لكن نار الطائفية لم تشتعل رغم أنف النافخين. إن سقوط جنود الوطن مصيبة وطنية... وقتل الأعزل أو اعتقاله عار ومصيبة.

لحظة الخوف الرابعة تجلّت في ظاهرة حملة البيانات والتخوين. حتى إن معظم الفنانين السوريين في بيانهم الأول، الذي طالبوا فيه بمعاقبة المسؤولين عن القتل في بداية الأحداث في درعا، وبضرورة الحداد على الشهداء، ومحاربة الفساد وإجراء الإصلاحات المستحقة منذ أزمان، تمّ تخوينهم واضطروا إلى التراجع عن مواقفهم الحرّة تلك، أو شرحها مراراً وتكراراً، مؤكدين أن قصدهم خير الوطن!

وجاء نداء «الحليب» الإنساني، وتمّ اعتباره انتهاكاً لسمعة الجيش، وتراجع الكثير من الموقعين عليه تحت ضغوط، وبعضهم تمّ تخوينه وتهديده من فريق المخونين في الظلّ والعلن، وجاء بيان الكتاب والأدباء وتمّ شتمهم. ثمّ جاء دور «نداء سينمائيين سوريين». ندد النداء بلجم الأمن حرية السوري، واعتبر الإصلاح الذي لا يُنهي تسلط الأمن على أحلام العباد وأجسادهم هو إصلاح موؤود. وقد استجاب كبار سينمائيي العالم الأحرار للنداء وبلغوا الألف ونيّف. فانبرت أقلامُ التخوين تخوّن سينمائيين سوريين رفعوا اسم سورية عالياً في المحافل الدولية وكرسوا إبداعهم لقضايا شعبهم، خصوصاً القضية الفلسطينية، وتمّ اعتبارهم، وفي بادرة هي الأولى أنهم انتموا إلى الخارج. وهذا الخارج ما هو إلا سلطة السينما والإبداع لنصرة قضية الحرية والتوقف عن قتل المتظاهرين المدنيين العُزّل.

وخرج بيان باسم «سينمائيي الداخل» يدين ويندّدُ بالنداء الأول، وفيه أسماء لسينمائيين وفنانين، أنا شخصياً أحترمها وأحبها، ولولا التنديد لكانت القضية تندرج ضمن الاختلاف في الرأي. وانتهى بيانهم بالإيمان بالإصلاح الرسمي. وهكذا تحوّلَ السينمائيون أيضاً إلى داخل وخارج. واتضح أن الخارج هو ليس فقط المُبْعَد إلى الخارج، بل حتى الموجود في الداخل الذي يرى الأشياء «خارج» الخط المرسوم. فيلم «كم لنا» الوثائقي الذي أنجزتهُ عام 2008 كان ولا يزال أنشودة حبّ وامتنان لفلسفة طريق منحها لنا من منحنا استقلال سورية. لرموزنا الوطنية العالية: سلطان باشا الأطرش والزعيم ابراهيم هنانو والشيخ صالح العلي والشيخ عز الدين القسّام والمناضل سعدالله الجابري والمحامي فتح الله الصقال والشهيد سعيد العاص والشهيد أحمد مريود... والجدّ الروحي لكل السوريين الشهيد يوسف العظمة.

كيف، ومن أين لكم الحقّ بنفيي في الخارج، وأنا أنتمي إليهم! ماذا تفعلون بأنفسنا؟

طيّب... الجميع يعتبر الإصلاح هو المُحرّك والجامع، الشيفرة السحرية التي ستوّحد السوريين وتنهي عذابهم. لكن، أين هو هذا الإصلاح؟ لمَ عليه أن ينتظر حتى نسمع رنّة الإبرة ليتحرّك؟ في بلد تتهدده جهات كثيرة، أضيفَ إليها اليوم بدعة الإمارات الإسلامية في الداخل، لماذا يتمّ تأجيل الإصلاح كأنه لرفاه الشعب وليس ضرورة ملحّة أصبحت بعد الحراك الشعبي مصيرية؟

أعتقد أن الشعب السوري سدّد عبر التاريخ دَينه وحدّد مزاجه. كان من أرقى الشعوب في ممارسة السلم الأهلي والعيش المشترك والصبر وتحويل ضنك العيش ومظالمه إلى أفراح، يتقاسمها أهل الشام في نزهاتهم الشعبية، يتمددون على فروع استطالات أحضان قاسيون في سورية كلها ويسلمون أرواحهم للمحبة.

من هنا رفع المثقف السوري المستقل أو المعارض أو... شعار اللاطائفية والدولة المدنية طيلة حياته، وآمن بالعدالة والحرية، ووقف بثبات ضدّ شخصيات معروفة كانت في السلطة، لا يثق بها الشعب ولا بأجنداتها المشبوهة.

لغة الحوار التي رفعت من أجلها لافتات الرأي والرأي الآخر، ترنّحت مع أول بيان تخوين ومقابلة متلفزة تتهم كلّ من قال رأياً مستقلاً بخيانة الوطن، وتطالب بإطلاق النار على الذين خرجوا إلى الشارع، لتصيب فكرة السلفية المزعومة فيهم ولتجعلهم قتلى أو أعداء... سلفاً.

ربما سيكون الإصلاح بعد هذه الأثمان أكثر ثباتاً وجذرية.

إنها دعوة إلى العقل وصون الكرامات. لن يقبل السوريون بعد الآن أن يتمّ تجاوز القانون الذي يجب تعديله لمصلحة الحقّ والعدالة وصون المواطنة المتساوية. الشعب يحقّ له أن يراقب ويحاسب ويعود إلى مرجعيات وطنية قضائية مستقلة تنصفه ضد كلّ تجاوزات يجب أن تكون صارت من الماضي البائد وإلا... فالجميع خاسر. في حين يمكننا أن نبدأ من حيث ثبَّتت الحرية أقدامها من جديد كما «الشعب يريد»: لا سقف لسورية سوى سماء العدل الصافية تظلل الكون كله.

سورية... أثقُ بكِ!

* سينمائية وشاعرة سورية

==============

سيناريوهات التغيير في سورية

الاربعاء, 18 مايو 2011

عبدالرحمن الخطيب

الحياة

بعد مرور شهرين على بداية الانتفاضة السورية، وبعد أن ناهز عدد القتلى ال900، وعدد المعتقلين عشرة آلاف معتقل، لا يلوح في الأفق القريب حسم جذري لتغيير النظام بتلك الطريقة السلمية التي اتبعها المتظاهرون؛ وذلك لأسباب عديدة، منها: قمع المعارضين والمتظاهرين، ومحاصرة كل مدينة وقرية على حدة، بحصارها وقطع أسباب الحياة عنها، واعتقال شبابها وشيبها؛ وتردد الغالبية الصامتة في التضامن مع المتظاهرين، إما بسبب تصديقها الوعود التي يدعيها النظام بأنه ينوي الإصلاح، أو الخوف منه؛ إلى جانب الصمت المريب من الحكومات العربية؛ ومن الاعتراض الخجول من الدول الغربية، بسبب الضغط الإسرائيلي، خشية تغيير هذا النظام؛ وبسبب تعذر انشقاق قوة عسكرية كبيرة يعتمد عليها في الوقوف إلى جانب المتظاهرين، بسبب قمع بعض الانشقاقات الصغيرة، ومعاقبة العسكريين الذين رفضوا قمع المتظاهرين، والدفع المعنوي والجرعة الكبيرة التي حصل عليها النظام السوري، بسبب انشغال المجتمع الدولي بصراعات وثورات عربية أخرى، ومن فشل القوى الغربية في إسقاط النظامين الليبي واليمني. هذا كله يطرح سيناريوهات عديدة للتغيير:

الأول: استمرار واتساع رقعة التظاهرات والاحتجاجات السلمية والعصيان المدني، لتشمل أغلب أحياء العاصمة دمشق، وجميع المدن والقرى السورية، وذلك على رغم التكلفة الباهظة من الأرواح البريئة، لأن النظام لن يتنازل بسهولة عن السلطة، خاصة وأن ذلك يعني تغيير المعادلة السياسية بالكامل، والتي منها رجوح كفة الغالبية السنية.

الثاني: يتمثل في تكرار الأسلوب الذي اتبعه القذافي، بعد أن قامت الفرقة الرابعة بتطويق أغلب المدن السورية من أجل القضاء على الاحتجاجات في مهدها، والحيلولة بين رجال الجيش وبين الانضمام لصفوف الشعب. هذا السيناريو يرجحه بعض المحللين السياسيين، إذ يعتقد بعض الضباط العلويين أن اللجوء إلى استخدام القوة المفرطة سيخمد الثورة المناوئة للنظام. فانتصار الثورة يعني لهم مسألة حياة أو موت؛ لأن سقوط نظام سورية يعني لهؤلاء أنهم لن تستقبلهم أي دولة عربية أو غربية؛ وبالتالي بقاؤهم في سورية سيعرضهم للمحاكمة، وهو ما يجعلهم يدافعون عن النظام حتى الرمق الأخير. ولكن هذا السيناريو لن تكون نتيجته مؤكدة على المدى البعيد لسببين: الأول لن يكون بمقدور الجيش مواصلة الحملة القمعية التي بدأها في بعض المدن، خاصة إذا ما وجد الشعب صامدا ومصراً على التغيير، ووجد حركة الاحتجاج تزداد وتيرتها. والآخر التعب والإرهاق الواضح الذي دب في صفوف الجيش وعناصر المخابرات.

الثالث: يتمثل في تمكن مجموعة من بعض الضباط الكبار من قادة الفرق والألوية في الجيش ممن لم تصلهم المنافع والميزات التي حصل عليها أقرانهم، من الانقلاب وإسقاط النظام، بعد أن يدركوا أنه أصبح عبئاً عليهم، وذلك لضمان بقاء سيطرتهم على الحكم. هذا السيناريو أصبح هدفاً يرمي إليه بعض زعماء الدول العربية والغربية، تجنبا لإراقة المزيد من الدماء البريئة. ولكن الحقيقة أن القيادات العليا في التشكيلات الميدانية، أي قادة الفرق، والألوية، والكتائب، ينتمي معظمهم إلى الطائفة العلوية. فقد اعتمد النظام السوري في تركيبة قيادات التشكيلات العسكرية والأمنية، منذ عام 1974م، استراتيجية طائفية لتثبيت حكمه، تقوم على مبدأ إذا كان قائد التشكيل علوياً، فإن رئيس أركانه غالباً ما يكون سنياً، فيما يكون ضابط الأمن درزياً أو إسماعيلياً، والعكس بالعكس. كما يشكل صف الضباط والجنود المتطوعين العلويون 70 في المئة من تعداد المتطوعين في الجيش، وتوزعت النسبة الباقية بالتساوي تقريباً على السنة والدروز والإسماعيليين.

الرابع: يتمثل في قيام بشار الأسد فيما بعد بمزيد من التنازلات، وسيحاول عرض العديد من خطوات التغيير السياسي على السوريين، والتعهد بإجراء إصلاحات حقيقية ملموسة. ولكن هذا السيناريو غير مضمون النتائج على المدى البعيد أيضاً؛ لأن الرئيس الأسد أدرك أن هناك فئة كبيرة من الشعب نالها من الأذى الكثير، بحيث لا يمكنها الصفح. كما أنه لن يتمكن من التخلي عن سياسته الخارجية مباشرة، باعتباره زعيم المقاومة والصمود والممانعة الأول.

الخامس: ازدياد الضغوط الدولية على النظام، بعد إصدار عدة قرارات حازمة من الأمم المتحدة، مثل القبول بدخول لجنة تقصي حقائق تابعة للأمم المتحدة إلى سورية، التي لم يستجب إليها النظام حتى الآن؛ مما يضطر الأمم المتحدة إلى اللجوء إلى الفصل السابع من قرارات الأمم المتحدة، بعد نفاد صبر المجتمع الدولي. هذا السيناريو يعترض عليه بعض المعارضين السوريين، ولكنهم في الحقيقة يدركون في قرارة أنفسهم أن تغيير النظام فيه شبه استحالة من دون تدخل قوى عسكرية أجنبية قوية. بخاصة أن لديهم تجارب سابقة مع نظام صدام حسين، حين عجزت الدول العربية مجتمعة على تغييره؛ وعدم تمكن المعارضة الليبية حتى الآن من الوصول إلى غايتها بتغيير نظام القذافي، بسبب رفضهم وجود قوات برية أجنبية على الأراضي الليبية. وهذا السيناريو أضحى حديث الكثير من العائلات السورية التي فقدت أو اعتقل أبناؤها، أو أزواجها، أو آباؤها.

نخلص من ذلك إلى أن الأمر يبقى في نهاية المطاف بيد الشعب السوري، الذي سيحدد مصيره بيده، فإما أن يستسلم للقمع والأسر المرجح استخدامه من قبل النظام، أو أن يواصل احتجاجاته السلمية غير عابئ بما قد يواجهه، حتى يتم له مراده. وفي كل الأحوال لن تعود سورية إلى الوراء أبداً.

* باحث في الشؤون الإسلامية.

==============

يستحيل انقاذ النظام... هل يمكن انقاذ سوريا؟

خيرالله خيرالله

إيلاف 17/5/2011

خلت الثورة في سوريا شهرها الثالث. يشير ذلك الى ان ما يحصل في هذا البلد العربي المهمّ ليس حدثا عابرا. من راهن على ان السوريين سيستكينون بمجرد التلويح بالعنف كان مخطئا. هناك شعب يريد التغيير ونقل البلد الى مرحلة افضل، على الرغم من ادراكه لعمق الازمة التي تمرّ بها سوريا نتيجة ثمانية واربعين عاما من حكم الحزب الواحد. انه حزب لا يؤمن سوى بالشعارات والقمع ويعتقد ان السوريين من الغباء الى درجة سيصدقون ان هناك شيئا اسمه ممانعة او مقاومة اضاعتا عمليا الجولان وكل فرصة اتيحت من اجل التطور. لم يبق من الجولان سوى المتاجرة به. انها تجارة تستخدم لتغطية الفشل السياسي والاقتصادي والتنموي والاجتماعي على كل الصعد.

 هناك، بكلام اوضح، بقعة زيت تتسع مساحتها يوميا لتشمل كل المحافظات والاراضي السورية. في المقابل هناك نظام غير قادر على معالجة اي مشكلة من اي نوع كان، بدءا بالعشوائيات التي تطوق المدن وانتهاء بالبرامج التربوية مرورا بالصعود المستمر للنفوذ الايراني الذي بلغ ذروته مع قبول دمشق بالتحول الى تابع لطهران في لبنان اثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري واضطرارها الى سحب قواتها من الاراضي اللبنانية.

لم يكن الحقّ على الرئيس بشّار الاسد الذي ورث نظاما غير قابل للتطوير يعتقد ان الانتصار على لبنان بديل من الانتصار على اسرائيل. الحقّ كل الحقّ على التركة الثقيلة التي لا يستطيع اي رئيس لسوريا ان يفعل بها شيئا اذا لم يتخذ قرارا واضحا بالطلاق مع الماضي. بدل ان يتخذ الرئيس السوري مثل هذا القرار ويفكّر مليا في المشاكل الحقيقية لسوريا بصفة كونها تحولت الى رجل المنطقة المريض، راح يقرأ من كتاب قديم عفا عنه الزمن لا علاقة له بالقرن الواحد والعشرين وما بعد انتهاء الحرب الباردة. لم يفكر يوما على سبيل المثال لماذا هناك مليون ونصف مليون عامل سوري في لبنان، البلد ذي الموارد المتواضعة، بدل ان يكون هناك عشرات آلاف اللبنانيين يعملون في سوريا ذات الموارد الكبيرة والقدرات الهائلة في مجالات الزراعة او السياحة على سبيل المثال وليس الحصر. لماذا لا خدمات من اي نوع كان في سوريا في حين ان بعض افضل رجال المصارف في لبنان هم من السوريين الذين هربوا من نظام البعث ليجدوا في لبنان وطنا يوفر لهم جوا من الحرية يسمح لهم باستخدام ما يمتلكونه من طاقات.

يمكن وضع كتاب من مئات الصفحات لتعداد "انجازات" النظام السوري الذي لم يلتفت يوما الى خطورة تدني مستوى البرامج التربوية ولا الى اسباب هجرة العقول من سوريا او حتى سبب عدم وجود مستشفى لائق في بلد لديه بعض افضل الاطباء في العالم يعملون في ارقى مستشفيات الولايات المتحدة او كندا، او في بلدان اوروبية...

في حال كان مطلوبا اخذ عبرة من تطورات الاسابيع القليلة الماضية، فان اقل ما يمكن قوله هو ان النظام السوري غير قابل للاصلاح. ولذلك، من مصلحة السوريين العمل على انقاذ بلدهم من النظام وهو ما يفعلونه يوميا. فالسوري العادي يدرك، بعيدا عن المشاكل الخاصة ببلده، ان التخلص من كمال جنبلاط في العام 1977 في عزّ الحرب الباردة سيسمح للنظام في دمشق باخضاع لبنان. لكنه يدرك ايضا ان التخلص من رفيق الحريري في السنة 2005، لن يؤدي الى النتائج نفسها. على العكس من ذلك، كانت النتائج مختلفة تماما لاسباب مرتبطة بتغيّر العالم والمنطقة وليس فقط لان الحريري كان زعيما وطنيا يمتلك رصيدا عربيا ودوليا... ولأنّ اهل السنة لن يقبلوا بالاهانة والذل والتبعية الى ما لا نهاية، لا في لبنان ولا في سوريا!

مرة اخرى، النظام السوري غير قابل للاصلاح. السؤال هل يمكن انقاذ سوريا؟ الاكيد ان الكلام عن مقاومة او ممانعة لا يقدم ولا يؤخّر وان الاعجاب بتجربة "حزب الله" في لبنان هو الطريق الاقصر الى الوصول الى حائط مسدود، نظرا الى ان ليس لدى "حزب الله" ما يقدمه للبنان سوى نشر البؤس والتخلف وتدمير مؤسسات الدولة واثارة الغرائز المذهبية وتكريس الوطن الصغير "ساحة" للنظام الايراني لا اكثر.

من الآن، يفترض في القيمين على النظام السوري التفكير بطريقة مختلفة يكون التركيز فيها على انقاذ سوريا. من حسنات سيف الاسلام القذّافي، بغض النظر عن الرأي السلبي لكثيرين في شخصه، انه سعى في مرحلة معينة الى اصلاحات في ليبيا وفشل في ذلك فشلا ذريعا تدفع ثمنه اليوم ليبيا كلها. اصطدم سيف بوالده "القائد" وصار ضحية من ضحايا هذا الاصطدام، خصوصا في مرحلة ما بعد اندلاع الانتفاضة الاخيرة عندما راح يقرأ في الكتاب الذي حكم من خلاله العقيد معمّر القذافي "الجماهيرية". المؤسف انه لم تحصل في سوريا اي محاولة للقيام باصلاحات. بقي النظام يعيش في ظلّ الاوهام التي يؤمن بها بما في ذلك قدرته على استخدام الفلسطينيين وقودا، كما حصل الاحد الماضي في جنوب لبنان والجولان. كان النظام دائما عصيا على الاصلاح. المخيف ان الثمن الذي قد تدفعه سوريا سيكون غاليا، بل غاليا جدا.

في هذا الجوّ المكفهر، تبقى البارقة الوحيدة اصرار الشعب السوري على مقاومة النظام. بعد نصف قرن تقريبا من حكم البعث الذي اسست له مرحلة الوحدة مع مصر، اي دولة المخابرات، بين العامين 1958 و1961، لا تزال هناك نواة سورية مصرّة على الخروج من الظلم والظلام والظلامية. لا يزال هناك سوريون يؤمنون بان بلدهم يستحق الحياة وان الشعب السوري يستأهل العيش في دولة ديموقراطية تبيع بضاعة اخرى غير تامين الامن للآخر بعيدا عن كل نوع من انواع الابتزاز، خصوصا ان الابتزاز شيء والسياسة شيء آخر... في القرن الواحد والعشرين!

==============

اسرائيل انحازت للاسد.. الثورة تدق الابواب

صحف عبرية

2011-05-17

القدس العربي

 الثورة العربية دقت أمس باب اسرائيل، في المظاهرات التي عقدها فلسطينيون من سورية ولبنان في مجدل شمس ومارون الراس احياء ليوم النكبة.

تسلل المتظاهرين الى البلدة الدرزية التي على سفوح جبل الشيخ حطم الوهم في أن اسرائيل تعيش بنعيم في 'الفيلا في الغابة' ومنقطعة تماما عن الاحداث الدراماتيكية من حولها.

الانتفاضة ضد نظام الاسد في سورية هددت بالانتقال الى اسرائيل  اكثر من الثورات في الدول العربية الاخرى. فالرئيس بشار الاسد أمل في ان وقوفه على رأس 'المقاومة' لاسرائيل سينجيه من مصير نظيريه في تونس وفي مصر. وعندما اهتز كرسيه، ثار التخوف من أن الاسد، او من سيحل محله، سيحاول إذكاء النزاع مع اسرائيل كي يحصل على الشرعية بين الجمهور السوري وفي العالم العربي بشكل عام.

ولكن رغم الخطر في أن يضعضع الاسد الهدوء والاستقرار في الحدود الشمالية، يبدو سقوطه في اسرائيل كخطر أكبر. وعليه، فقد امتنعت اسرائيل عن التدخل الى جانب المنتفضين ضده.

الجيش الاسرائيلي يمكنه أن ينشر قوة كبيرة في هضبة الجولان 'خوفا من التصعيد' وهكذا يشل الجيش السوري فيبقيه في الطرف الاخر من الحدود، بدلا من أن يذبح المتظاهرين في درعا وفي حمص. ولكن السياسة كانت معاكسة  الجلوس بهدوء، وترك الاسد يقمع التمرد والامل في أن الردع والاستقرار سيبقيان.

أمس تضعضع الهدوء وتجسد سيناريو الرعب الذي تخافه اسرائيل منذ قيامها: ان يبدأ اللاجئون الفلسطينيون ببساطة السير من مخيماتهم خلف الحدود، في محاولة لان يحققوا باقدامهم 'حق العودة'.

اسرائيل استعدت لمظاهرات يوم النكبة في الضفة الغربية، في شرقي القدس، في الجليل وفي المثلث  وحصلت بدلا منها على أبناء الشتات الفلسطيني على الاسيجة. اكثر مما كان هنا خطأ استخباري، كان هنا تجسيد لقيود القوة. فلا يمكن السيطرة في كل الساحة وتوزيع القوات على كل مكان. دوما ستبقى ثغرة أقل تحصينا، والخصم سيكتشفها.

سارعت اسرائيل الى اتهام الاسد وكالمعتاد ايران ايضا بارسال 'خارقي النظام السوريين واللبنانيين'، على حد تعبير الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي، وذلك 'لصرف الانتباه عن قمع المظاهرات في سورية'. ولكن من الصعب الافتراض بان تتغير السياسة في الشمال فتحاول اسرائيل تسخين الحدود ردا على ذلك، كي تساعد على اسقاط الاسد وتغييره بنظام اكثر راحة. الجهد الاسرائيلي سيكون نحو عزل الحادثة وتهدئة المنطقة من جديد.

رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، حاول استغلال الاحداث في الشمال كي يعزز حملته الاعلامية لواشنطن.

وحسب نهجه، فها هو برهان آخر على أن اسرائيل تتعاطى مع قوات تسعى الى ابادتها. 'هذا ليس كفاحا في سبيل خطوط 1967'، عقب نتنياهو على اقتحام الحدود في الجولان، 'بل هو تشكيك بمجرد وجود دولة اسرائيل، الذي يسمونه مصيبة يجب اصلاحها'. اذا كان نتنياهو بحث عن تعزيز حديث العهد لخطاباته عن الكارثة الثانية، فان متظاهري الحدود من سورية ولبنان وفروه له أمس.

سجل نتنياهو أمس انجازا صغيرا آخر، مع قرار الرئيس الامريكي باراك اوباما القاء الخطاب امام مؤتمر ايباك. فاوباما لن يقف في معقل التأييد لاسرائيل في امريكا كي يشتم المستوطنات والاحتلال ويطلب من نتنياهو الخروج من المناطق. كلمته في المؤتمر، بدلا من ارسال نائبه أو موظف كبير آخر، تدل على أن اوباما لا يعتزم الصدام مع نتنياهو في اللقاء القريب بينهما. الرئيس سيتحدث عن أهمية دولة فلسطينية، ولكنه سيحذر من طرح مطالب ملموسة، وسيغلف دعوته لتقسيم البلاد بالكثير من الهذر ضد النظام الايراني والالتزام بتعزيز أمن اسرائيل. تأييد جمهور مؤتمر ايباك لانتخابه لولاية ثانية أهم له بكثير من مستقبل الفلسطينيين.

وبالتالي فان لنتنياهو احتمالا طيبا لان يجتاز بنجاح رحلته الحالية الى واشنطن دون ان يتنازل عن ملمتر واحد من المناطق. ولكن لتمترسه في موقع الضحية المهددة يوجد ثمن. فهو يحرم نفسه من حرية العمل، ويترك كل المبادرة الى الطرف العربي. هذا ما حصل في يوم النكبة للعام 2011. ويوجد خطر آخر: الا يرى الرأي العام في الغرب بالمظاهرات على الجدار 'اعمال شغب' ل 'متسللين'، بل احتجاجاً مشروعاً لشعب مقموع بطرده واهانته. اذا كان هذا ما سيحصل، فان معركة نتنياهو الاعلامية ستكون أصعب واكثر تعقيدا بكثير منها اليوم.

==============

مؤامرة أم احتجاج؟

تاريخ النشر: الأربعاء 18 مايو 2011

برهان غليون

الاتحاد

بعد شهرين على اندلاعها، لا تزال الأزمة السورية تراوح مكانها، ولا يزال القتلى من أبناء الشعب يسقطون كل يوم، ولا تزال محاصرة المدن وعمليات الدهم والاعتقال مستمرة في أكثر من مدينة وبؤرة احتجاجية. وبينما يلوذ المسؤولون السوريون بالصمت ويتركون لقوات الأمن والجيش والميليشيات التابعة للسلطة أن تقوم بدورها في مواجهة الاحتجاجات السلمية، لا تكاد تبرز على الساحة العربية والدولية أي بارقة أمل تسعف الشعب السوري، أو تخفف عنه مصائب الانزلاق نحو حرب داخلية لم يخترها، ولا فكر فيها من قبل. هكذا قررت المنظومة الدولية ترك الشعب السوري يواجه وحده آلة أمنية عمل على تطويرها وتحديثها نظام قائم منذ 48 عاماً دون انقطاع. وغياب أي رد من قبل الأمم المتحدة وأمينها العام على رفض الحكومة السورية السماح للجنة تقصي الحقائق عما يجري في المدن السورية المحاصرة منذ الأسبوع الماضي، هو غياب لا يدفع للقلق فحسب وإنما يطرح تساؤلات حول مصداقية المنظمة الدولية وأمينها العام ذاته.

ويثير هذا التدهور في الأوضاع، والتفاقم في الأزمة، تساؤلات كثيرة لدى الرأي العام السوري عموماً، حول حقيقة نوايا النظام السوري تجاه مسألة الإصلاح، وموقف الدول العربية والمنظومة الدولية منها، وحول ما حققته الحركة الاحتجاجية السورية حتى الآن، وما يمكن أن تحققه مستقبلاً، وحول الاستراتيجيات الأمثل التي ينبغي تطويرها للرد على التحديات المباشرة؛ سواء ما تعلق منها بتصميم السلطات السورية على استخدام القوة ضد المسيرات السلمية، مهما كلف ذلك من ضحايا، أو ما تعلق بمخاطر الانزلاق نحو العنف والفتن الطائفية التي تقود إليها المواجهة العسكرية التي تفرضها السلطة على المحتجين، أو بالموقف السلبي الذي يقفه المجتمع الدولي إزاء طموحات الشعب السوري في الوصول إلى الديمقراطية.

لا يكف مؤيدو النظام في الداخل والخارج، وأجهزة الإعلام التابعة له قبل أي طرف آخر، عن التأكيد على أن لدى النظام برنامجاً إصلاحياً كاملاً وجاهزاً، وأنه مصمم على تطبيقه. لكن هذا التطبيق لا يزال ينتظر منذ شهرين قاسيين مرا على البلاد، ولا يزال أصحاب القرار يأملون بأن ينجحوا في وقف المسيرات الشعبية حتى يتسنى لهم فرض "الحوار الوطني" الذي يتلاءم والحفاظ على جوهر النظام، بحيث يكون لهم حق تحديد هدف الحوار وأجندته والأطراف المشاركة فيه وشروطه. وربما يأمل بعضهم أن يستطيع تجاوز الحركة الاحتجاجية الشعبية بأكملها، ليقتصر الحوار مع عناصر من المعارضة الحزبية، وينجح بذلك في الالتفاف على المطالب السياسية الوطنية الحقيقية، وفي تحويل الحوار إلى الأمور المطلبية التي تخص الفئات المختلفة أو المحافظات أو الأمور الجزئية.

ومما يزيد انعدام ثقة الحركة الاحتجاجية الشعبية بنوايا الحكم، التضخيم المفرط لحجم المؤامرة الأجنبية، والاستخدام المتزايد للعنف الذي تواجه به المسيرات، والذي جعل عدد الضحايا يتزايد باستمرار كل جمعة احتجاج عن الجمعة السابقة لها. وما يلفت النظر بالفعل هو أن المؤامرة التي بدأت بالحديث عن جماعات قليلة غير خاضعة للسيطرة، تطلق النار عشوائياً على المحتجين وعلى قوات الأمن من دون تمييز، تبين أنها هي نفسها من شبيحة رجال الأمن... قد تحولت منذ ثلاثة أسابيع إلى ما يشبه المواجهة العسكرية بين جيشين، جيش السلفيين الذين يريدون أن يقيموا في كل مدينة سورية إمارة إسلامية، على طريقة "طالبان"، والجيش السوري الذي نزل إلى المعركة بفرق كاملة العدة! واليوم باتت السلطة تنزع إلى اعتبار كل متظاهر عضواً فاعلاً في مؤامرة تشارك فيها دول عدة، عربية وأجنبية، لتمزيق سوريا والنيل من سياستها الوطنية! فالمسيرات السلمية والمؤامرة الأجنبية شيء واحد، وهو ما يبرر محاصرة المدن وإغلاقها والقيام بعمليات تمشيط دورية للقضاء على الناشطين أو اعتقالهم وإيداعهم في السجون.

والملفت للنظر أن هذه المظاهر الضخمة للمواجهة التي وضعتها السلطة السورية في إطار الحرب على الإرهاب والتخريب، والتي تشمل تحريك قطعات عسكرية كاملة، ومحاصرة مدن، وقتل مئات الأفراد، واعتقال الآلاف... لم تستدع من المسؤولين أي بيان رسمي يبرر هذا الاستخدام الواسع للقوة، ويقدم أدلة ولو نسبية لوجود مثل هذه المؤامرة، ويسمي منظمات أو بلداناً متورطة فيها. كل ما نعرفه عن هذه المؤامرة يأتي عبر أجهزة الإعلام السورية وبعض اللبنانية فحسب. والملفت للنظر أيضا أن هذه الاتهامات الخطيرة التي تطلقها الأجهزة الإعلامية التي لا يمكن أن تلزم الحكومة السورية رسمياً، تتهم دولاً عربية أعلنت دعمها للنظام في وجه الاحتجاجات، وتبنت فكرته عن المؤامرة، وساندته في مواجهتها. والاتهامات تشمل كذلك دولاً أجنبية على رأسها الولايات المتحدة، بينما يتعرض أوباما لانتقادات في واشنطن بسبب تقاعسه عن اتخاذ موقف مما يجري في سوريا، ورغم تأكيد هيلاري في آخر تصريح لها منذ أسبوع بأن الأسد لا يزال رجل الإصلاح، تأكيداً لعدم تبنيها أي مشروع لإسقاط النظام السوري أو حتى زعزعته!

لا يمكن أن نستبعد أن بعض الأفراد الذين فقدوا أبناءهم، أو بعض المتعصبين من كل الطوائف، قد استخدموا هنا وهناك العنف بأشكاله المختلفة، بما في ذلك إطلاق النار على قوى الأمن. لكن هذه تبقى أحداثاً فردية عابرة وثانوية، أغلبها رد فعل على مبالغة الأمن في استخدام العنف، ولا يمكن أن تمس بالطبيعة السلمية للمسيرات الشعبية، والتي لم تكف عن ترداد شعارات السلمية والوحدة الوطنية ونبذ الفرقة الطائفية أو الإثنية.

لن تستطيع مسرحية المؤامرة أن تغطي إلى الأبد على احتجاجات السوريين من أجل الحرية والكرامة، والتي لا تزال مستمرة منذ شهرين متواصلين، وهي في توقّد، ولن تتوقف قبل أن يحقق الشعب السوري ما أصبح يعتبر مطلباً أساسياً له، أعني حياة ديمقراطية كاملة، يسودها نظام حكم القانون الذي يحقق الأمان والاستقرار بدل حكم الأجهزة الأمنية الهادف إلى ترويع السكان وابتزازهم، ويتمتع في ظلها كل فرد بحقوق متساوية، ويشارك على قدم المساواة في اتخاذ القرارات التي تهم حياته وحياة الجماعة الوطنية بأكملها. وربما كانت المهمة الرئيسية للشباب وجميع فئات الشعب السوري في الأيام والأسابيع القادمة، التضامن والتكاتف والعمل المشترك من أجل إحباط المؤامرة الفعلية القائمة، تلك التي تسعى -من خلال الترويج لفكرة المؤامرة- إلى تشويه سمعة المسيرات الشعبية وعزلها في أوساط الرأي العام السوري والعالمي.

الكلمة كانت ولا تزال للشعب السوري، ولأولئك الذين لم يتحدثوا بعد وهم لا يقلون شوقاً إلى حياة الحرية والكرامة ذاتها التي بذل أبناؤهم ولا يزالون يبذلون أرواحهم الغالية في سبيلها.

==============

المجتمع الدولي يبني قضية عبر الوقائع الأمنية

سوريا تقترب من استنفاد فترة السماح؟

روزانا بومنصف

النهار

يحرص قريبون او متصلون بالقيادة السورية على اشاعة اجواء ان "الازمة" التي تعيشها سوريا انتهت وان ما يحصل حالياً في بعض المدن هو معالجة ذيول الازمة وليس جوهرها. وهذا حصل منذ ما يقارب اسبوعين تقريبا ويستمر على نحو تعتقد مصادر ديبلوماسية معنية انه يهدف الى ردع المجتمع الدولي عن اتخاذ اجراءات تدين النظام السوري بناء على ان الحملة الامنية التي قادها ضد من صنفهم مجموعات ارهابية هي قاب قوسين او ادنى من الانتهاء.

 يضاف الى ذلك ان هذا الانطباع يساهم ايضا في بقاء الارتباك او البلبلة في مواقف الدول الكبرى او حتى دون مواقف الاتحاد الاوروبي الذي اظهر عجزا عن اتخاذ موقف موحد من التطورات السورية وخصوصا في ظل عدم وجود خطة لدى الدول الكبرى لكيفية مواجهة ما يجري. فاذا كانت الامور القمعية قيد الانتهاء فان المنطق يقضي بانتظار بضعة أيام لرؤية النتائج باعتبار ان النظام قد يخرج قويا بعد أن يكون قضى على خصومه، في حين ان مصالح الدول تقضي بعدم قطع شعرة معاوية مع رأس النظام على الاقل. ووفق الرأي نفسه فان سوريا اثبتت في الاسابيع والايام القليلة الماضية انها لا تزال تملك اوراقا يمكنها تحريكها وفق ما فهمت الرسالة تماما مع التحرك في الجولان المحتل او انطلاقا من لبنان ايضا. اذ ان الموقف الاميركي الذي اعتبر ان دمشق حرضت على التظاهر لم تنفه سوريا بعد ساعات على صدوره كأن لا مشكلة لديها في ان تفهم رسالتها كما فهمت فعلا. وكذلك لا مشكلة لديها في ان تفهم الاتهامات التي تسوقها ضد طرف لبناني باستمرار على انه ينطوي على احتمال انتقال الازمة السورية الى داخل لبنان ايضا. وبحسب هؤلاء فان النظام لا يزال يتمتع بفترة سماح لا بأس بها، اذ انه لا يزال يتلقى مناشدات مطالبة باجراء الاصلاح والاسراع فيه ولم يصدر اي موقف او تصريح يشتمّ منه حتى الآن احتمال التخلي عن النظام. وهو الامر الذي يعني بالنسبة الى سوريا عدم وجود أي خطة لدى الغرب حتى الآن مما يترك امامها هامش انهاء ما بدأته الى جانب بعض الاشارات الايجابية التي يطلقها النظام بين وقت وآخر كالافراج عن معتقلين سياسيين وخصوصا من له رمزية معينة كرياض سيف فتحظى سوريا بتشجيع على هذه الخطوة والحض على استكمالها.

بعض المصادر الديبلوماسية المتابعة ترى ان هناك تبسيطا شديدا للامور باعتبار ان ما يحصل من تطورات يدفع المجتمع الدولي الى بناء قضية ضد النظام السوري ستتبلور تباعا مع الدعوة الى انتظار الخطاب الذي سيلقيه الرئيس الاميركي حول الشرق الاوسط وبأي عبارات سيتطرق الى الموضوع السوري. وهناك عوامل، تقول هذه المصادر، كانت سلبية جدا في الايام الاخيرة تساهم في بلورة خيارات في غير مصلحة النظام منها: نزوح عدد كبير من العائلات السورية الى القرى الحدودية في منطقة عكار في شمال لبنان المحاذية للبلدات السورية التي تتعرض لحملات عسكرية بحيث ان شهادات النازحين لا يمكن اغفالها ما دامت تعبر عن مأساة انسانية. وهذا النزوح ينفي واقع ان الازمة انتهت حتى لو رافقها الاعلان عن لقاء الرئيس السوري بعض الفاعليات السورية في بعض المحافظات. فالواضح ان العصا التي استخدمها الرئيس السوري اكبر بكثير من الجزرة التي عرضها على المعارضين لكن الازمة لم تنته. يضاف الى ذلك ان هروب جنود من الجيش السوري ايضا يعطي التقارير التي تحدثت عن حالات مماثلة سابقة صدقية، علما ان العواصم الكبرى على وعي بورود حالات مماثلة وان لم تكن كبيرة.

ثم ان التقارير التي تحدثت عن مقابر جماعية في درعا ونفتها السلطات السورية، تحرج الدول الكبرى التي لا يمكنها السكوت عن تقارير مماثلة، وخصوصا ان الكرة هي في ملعب السلطات السورية التي رفضت حتى الان التعاون في شأن وصول لجنة دولية للكشف على الوضع في درعا. وفي حال ثبت وجود مقابر جماعية فان المسألة قد تعجل في اتخاذ قرارات ادانة ضد سوريا لان ذلك ينزع من ايدي حلفائها اوراق الدفاع عنها بمن فيهم روسيا التي لفتت معارضتها اتخاذ قرار دولي ضد الزعيم القذافي في حين انها طلبت منه قبل يومين واثناء زيارة وفد من السلطات الليبية لموسكو التزام القرارات الدولية والتخلي عن السلطة.

==============

تعالوا نشارك في قتل المتظاهرين!

حسام الدين محمد

2011-05-17

القدس العربي

 تجيشت وسائل الاعلام الرسمية السورية واستنفرت استنفارا هائلا استخدمت فيه كل ما يتفتق عن اذهان مسؤوليها للدفاع عن النظام، وتبخيس قدر مظاهرات الاحتجاج، بطريقة شديدة الرمزية وشديدة الفجاجة والبلاهة بالآن نفسه.

فمن عرضها لقوافل المؤيدين المتحمسين وحاملي صور الرئيس والمرددين لشعارات الولاء له وللنظام، الى سماحها لكل من عنّ على باله المشاركة في 'المسلسل' ان يتحدث على هواه، بحيث وجدنا مسلسلا طويلا من الاتهامات لمندسين وعملاء، ابتدأ بمصريين (نتيجة اعتياد هذا الاعلام على الردح ضد مصر، ناسيا ربما ان ثورة حصلت هناك) ثم اردنيين وسعوديين (على شاكلة من اتصل بقناة 'الدنيا' وادلى بتصريح جلل يقول ان السيارات التي تتجول في شوارع المدن وتطلق الرصاص هي سيارات سعودية واردنية مموّهة!)، وفلسطينيين، واسرائيليين وامريكيين واخوان مسلمين واتباع خدام وسعد الحريري وانصار القاعدة وقناصة غامضين مهمتهم اصطياد رجال الأمن، وصولا اخيرا الى الامارات السلفية المزعومة.

سردية اعلان الإمارة السلفية هذه التي تستخدم في كل مكان تحصل فيه احتجاجات مدنية واسعة في مدينة او قرية سورية، تفترض المنطق السوريالي التالي: نحن قادمون لنذبحكم لكننا نريد عذرا فيجيب الاهالي: نعلن اذن امارة سلفية لنبرر ذبحكم لنا.

المؤلم في الموضوع ان يرد اعلان هذه الامارة السلفية او تلك على قناة حزب الله 'المنار'، كأن حزب الله ليس حزبا سلفيا او ان الضاحية الجنوبية لبيروت ليست امارة سلفية، او كأن السلفية صارت الاسم الحركي للمتظاهرين في سورية فحسب (رغم ان الاحتجاجات في سورية شارك فيها مواطنون من كل الطوائف بما فيها الشيعة والاثنيات)، او كأن 'الشبيحة' لا تحركهم ايديولوجية سلفية هم ايضا.

لتزيين هذه الجرائم تستضيف القناتان السوريتان الرئيسيتان 'السورية' و'الدنيا' شيوخ دين مسلمين ومسيحيين وفنانين و'محللين استراتيجيين' من فقهاء الكلاملوجيا اللبنانيين وغيرهم للتعبير عن ولاء الشعب للسلطات واستنكار الفتنة التي يقوم بها الارهابيون المجرمون، والتي يذهب ضحاياها الابرياء من عناصر المخابرات والأمن والشرطة.

اطلاق المسؤولين السوريين و'الجمهور' المشارك التصريحات حول التورّط الاجنبي في الاحداث (الذي يدعم العصابات السلفية المسلحة في الداخل) رافقه بعض الأحداث الخارجية هي ايضا ذات مغزى منذ بدء الانتفاضة السورية: اطلاق حركة الجهاد الاسلامي صواريخ غراد باتجاه الداخل الفلسطيني (تبعه رد وحشي اسرائيلي قتل 8 اشخاص بينهم 5 اطفال)، وزرع قنبلة على موقف باصات ادى لمقتل اسرائيلية وجرح 40 آخرين، واختطاف سبعة دراجين استونيين في لبنان، ووضع قنبلة عند كنيسة في مدينة زحلة بالبقاع اللبناني، واخيرا وليس آخرا نقل مئات الفلسطينيين الى الحدود السورية مع فلسطين المحتلة لعبور هذه الحدود للمرة الأولى منذ عام 1973 (وهو أمر هلّلت له وسائل الاعلام والاقلام لكن لم يسأل احد لماذا استفاقت السلطات السورية على هذا الأمر بعد 40 عاما من النوم، وما معنى ترافق ذلك مع نكبة سورية مصغرة في بلدة تلكلخ السورية المنكوبة، التي أدت لآلاف من النازحين السوريين للبنان).

في تفاعلات الداخل والخارج يبدو المشهد سورياليا تتقابل فيه اتهامات اعلامية سورية (تكاد تكون عنصرية) مطلقة العنان ضد فلسطينيين ولبنانيين، في الوقت الذي يقوم فيه هؤلاء الفلسطينيون واللبنانيون بتخفيف الحمولة السياسية ضد النظام السوري، من خلال تصريحات عنيفة او احداث تهدر فيها دماء فلسطينيين بالدرجة الأولى، لتنضاف الى دماء السوريين الابرياء التي لم تنقطع منذ بدء الأحداث السورية الحالية.

الكوميديا السوداء في مسألة اتهام الايادي الاجنبية لا تنبع فقط من تكرار هذا اللحن الذي لا ينفك عن العودة منذ عشرات السنين، والذي أفرطت الانظمة العربية في استخدامه لسبب او لغير سبب، ولكن من تناقضها الفاضح مع الايديولوجيا الافتراضية التي يسمعها السوريون منذ نعومة اظفارهم منذ نصف قرن، وهي ايديولوجيا قومية عربية لا تفرق بين عربي وعربي الا بالتقوى (للسلطات).

اذا افترضنا علاقة بين ما يحصل داخل وخارج سورية من بطش بالمتظاهرين وما قامت المخلوقات الفضائية به من تأجيج للوضع في الساحتين الفلسطينية واللبنانية (اضافة الى الاتهامات لمصريين واردنيين وسعوديين ولبنانيين)، فهذا يوجه رسائل شمشونية لاسرائيل، بأن المعبد قد ينهدم فوق رأسها لو رفعت الغطاء عن النظام السوري، وبأن تنظيمات لبنانية وفلسطينية جاهزة للتحرك حالما يعطي النظام اوامره.

الاتصالات الداعمة التي جاءت للحكم في سورية من ايران ومن عدة دول عربية مجاورة تدلّ على شبكة العلاقات المعقدة التي نسجها النظام، كما يعرف الاعلاميون العرب اليد الطويلة للنظام اكثر من غيرهم، سواء تذكروا مصائر صحافيين معارضين لهذا الحكم، مثل جبران تويني وسمير قصير وسليم اللوزي وغيرهم، او تأملوا في ما جرى مع الذين ازيحوا عن مناصبهم (وهم كثر) في مجلات او جرائد سعودية او خليجية بعد مكالمة هاتفية من احد المسؤولين السوريين الغاضبين من مقالة او مقابلة.

هذه العلاقات القوية مع الأنظمة العربية لا تقوم على مبدأ التعاضد السلطوي فحسب، بل يقوم جزء منها على نوع من البلطجة تخصص فيها النظام في سورية بشكل استثنائي؛ بلطجة تسمح له بتجاوز اي قانون او منطق في تعامله مع افراد او جماعات او أنظمة.

تتكامل شبكة علاقات التعاضد والبلطجة بين الانظمة مع شبكة اخرى تعتمد عليها السلطات في سورية هي شبكة الرعب التي انزرعت في قلوب المواطنين السوريين والعرب (وهي تتجاوز اللبنانيين والفلسطينيين والاردنيين الى اغلب الجنسيات العربية)، والتي تقوم على ذاكرة طويلة من العسف الذي لا تحده حدود ولا يلتزم الا بقانون الانتقام، ان لم يكن من الشخص نفسه، فمن عائلته، او ارزاقه واملاكه او سمعته.

وهو ما يضع اصحاب الضمائر عربا كانوا ام سوريين في مأزق اخلاقي كبير. فهذا الوضع هو اشبه بفضيحة عظمى لا يمكن تصديقها، والسكوت عنه ليس الا مشاركة ضمنية في هذه الفضيحة تساهم في تقوية سور الارهاب والرعب الكبير الذي يحيط بسورية وشعبها، بشكل مباشر او غير مباشر.

بالمقابل فان الكلام سيحمّل المتكلم مسؤولية وتبعات كبيرة، وقد يؤدي، في وقت تستأسد فيه الأنظمة على منتقديها ايما استئساد، انتقاما شخصيا منه، بأشكال يعرفها الجميع، ولا أعلم شخصا نشر مقالا او ساهم بشكل او بآخر في فضح شبكة البلطجة هذه الا وتلقى تهديدا او ضغطا بطريقة او اخرى.

الحراك الذي تشهده سورية حاليا لا يتمثل في ما يحصل على الأرض فحسب، بل كذلك في ما يحصل داخل كل شخص سوري، حيث يعاني كل فرد من صراع داخلي اساسي بين الخوف الذي تكدّس عبر العقود الماضية، والرغبة في الكرامة والعيش بحرية، كما تعيش اغلب شعوب العالم، والمعركة على الأرض لا يمكن ان تنحسم اذا لم يحسم كل فرد هذه المعركة ويعرف انه جزء اساسي منها، وان اختباءه او تأخره ليس الا مشاركة في ذبح اخوته وشعبه.

الأمن الذي يتفاخر النظام في سورية بأنه قدّمه للمواطن كان أمنا قائما على الخوف، والغريب ان ما يقدمه النظام لاقناع الناس بالوقوف معه لا يقوم الا على نوع آخر من الخوف: انا او الفوضى، انا او السلفية، انا او التدخل الخارجي، بحيث لا يجد تعريفا لبقائه واستمراره الا الخوف والتخويف.

... ونظام لا ينتج الا الخوف لا يمكن ان يستمر.

' كاتب من أسرة 'القدس العربي'

==============

في نقد السؤال عن البديل في سورية

الاربعاء, 18 مايو 2011

ياسين الحاج صالح *

الحياة

بينما يتسع نطاق الانشغال الدولي بالوضع السوري، يتواتر أن يتساءل المهتمون عن البديل المحتمل عن النظام الحالي. وتتراوح الإجابة بين القول إن البديل غير واضح أو غير موجود أو غير آمن. تريد هذه السطور التحفظ عن النظر إلى الشؤون السورية من هذا المدخل، وأنه يؤدي إلى خلاصات تبرر الأوضاع القائمة. وندافع عن الحاجة إلى مقاربة أكثر ديناميكية وتاريخية، مبنية على إحاطة أفضل بالأوضاع السورية المعاصرة، ولا تضع نفسها فوق مستوى العمليات الجارية في البلد، وبخاصة الحركة الاحتجاجية المستمرة في البلاد منذ شهرين.

لقد ثابر النظام البعثي، وعبر صفحتيه الأسديتين بصورة خاصة (1970-2000، ثم 2000-...)، على قطع أية رؤوس سياسية مستقلة ينتجها المجتمع السوري، وذلك بطريقتين: استتباع بعض الأحزاب والتنظيمات وإفقادها استقلالها، وقمع وتحطيم أحزاب وتنظيمات أخرى. بعد انقلاب 8 آذار (مارس) 1963 بوقت قصير انقض العسكريون البعثيون على شركائهم الناصريين وحطموهم. وبعد قليل أضعفوا القيادة المدنية لحزب البعث نفسه، قبل أن ينفرد العسكريون بالحكم في 23 شباط (فبراير) 1966. وجرى ضرب الإسلاميين عام 1964 في حماة، وضُيِّق على قياداتهم السياسية في دمشق. وفي مطلع السبعينات تم تأسيس «الجبهة الوطنية التقدمية» لتكون إطاراً لتبعية عدد من الأحزاب الناصرية والشيوعية. وفي أواخر السبعينات تم سحق الإسلاميين بعنف فائض، ثم ألحق بهم الشيوعيون المعارضون. وطوال عقدين من السنين جرى تفريغ البلاد من الحياة السياسية والثقافية، وفرض النظام ذاته مرجعاً وحيداً وممراً إلزامياً وحصرياً لتفاعلات السوريين.

وفي مناخات أقل تقييداً في مطلع هذا القرن بادر مثقفون ومعتقلون سياسيون سابقون، وبمشاركة ما بقي حياً من تنظيمات سياسية، إلى إطلاق حركة المنتديات وحاولوا الاستحواذ على قسط من المجال العام، إلا أن وقتاً قصيراً انقضى قبل أن يضرب النظام حركة «ربيع دمشق» هذه، ويعتقل بعض أبرز الناشطين في إطارها. ومِثل ذلك جرى لمبادرات سياسية أخرى مثل «إعلان دمشق- بيروت» في 2006، وانعقاد المجلس الوطني ل «إعلان دمشق» في أواخر 2007.

وعلى هذا النحو جرى منع المجتمع السوري من إنتاج قيادات سياسية وفكرية وأخلاقية مستقلة. ومن ظلوا في البلاد من المشتغلين بالشأن الوطني العام كانوا إما معزولين بشدة فلا يكاد يكون لهم أثر، أو مضطرين لأشكال متنوعة من المداراة والرقابة الذاتية، ما يضعف أثرهم أيضاً. ما نريد قوله هو أن النظام عمل بوعي على أن يكون هو البديل الوحيد عن نفسه، وذلك أمام السوريين أنفسهم وأمام العالم ككل. وأن من شأن مقاربة الأوضاع السورية الراهنة من زاوية البديل الناجز أن تخفي عن الأنظار أن ضعف وتشتت البدائل هو نتاج تصحير سياسي دؤوب للمجتمع السوري. وحين تخلص هذه المقاربة إلى أنه لا بديل جاهزاً في سورية، وهذا صحيح، فإنها تكون بمثابة مكافأة للنظام على إعدامه البدائل، وتغريم للمعارضين يضاف إلى ما تعرضوا له على الدوام من تحطيم وإضعاف. ما تخفق فيه هذه المقاربة إخفاقاً تاماً هو أن دوام الأوضاع السياسية الحالية لا يعد إلا بمزيد من الإفقار السياسي وإضعاف البدائل، ومن حصر خيارات السوريين بين النظام ذاته والفوضى العارمة. وتالياً يبقى سؤال البدائل قائماً دوماً، بينما يتفاقم التعقيم السياسي للبلاد. كان يمكن لهذه المقاربة أن تكون مشروعة لو أن فرص حياة سياسية مستقلة في البلد تتسع، وأنه خلال سنوات ربما نشهد جيلاً جديداً من المنظمات السياسية ومن القيادات والكوادر السياسية المستقلة. والحال أن هذا غير صحيح، بل ليس من المتصور أن تتوافر فرص حياة سياسية مستقلة من دون تغير البنيان السياسي الحالي، القائم على احتكار السياسة وطرد عموم السوريين من ملعبها.

وعلى هذه الصورة تتشكل دائرة مغلقة: التصحير السياسي للمجتمع السوري يضعف البدائل، وضعف البدائل يجعل النظام هو البديل الوحيد عن نفسه، ما دامت الفوضى أمراً غير مرغوب، داخلياً وخارجياً. ولا مخرج من هذه الحلقة المفرغة إلا بكسر الأوضاع التي لا تنتج غيرها، أي بتغيير هياكل السلطة القائمة ونمط ممارسة السلطة الذي تواظب عليه.

إلى ذلك فإن وضع سورية في هذا الشأن ليس فريدا في بابه. لم تكن هناك بدائل واضحة جاهزة في مصر أو في تونس. لكن يبدو أن البلدين يتدبران أمرهما، ليس من دون صعوبات، وليس من دون مشكلات جديدة وأوجه قصور أخرى.

والواقع أن نماذج التغيير السياسي التي نعرفها منذ نحو ربع قرن وأكثر تفيد أن التغيير هو ما ينتج البدائل، وليست البدائل الجاهزة هي ما يُحدث التغيير. ولقد رأينا خلال شهري الانتفاضة أن سورية، البلد الذي جرى اختزاله طوال عقود بشخص واحد، يتحلق حوله حفنة من الأعوان، هو بلد واسع، فيه طلاب حرية بمئات الألوف، وفيه معارضون كهول وشبان، ونساء ورجال، وفيه أناس يعتقلون ويتعرضون للتعذيب (فوق عشرة آلاف معتقل اليوم خلال الشهرين الماضيين)، وأن الرقعة الجغرافية والاجتماعية للاحتجاج واسعة، تخترق مدناً وبلدات بالعشرات دخلت أسماؤها تداول العالم في كل مكان... أي هو مجتمع أكثر اتساعاً وتركيباً من الأطر السياسية الجامدة الضيقة، المفروضة عليه بالقوة منذ عقود. وهذا مجتمع ليس معقماً سياسياً على رغم كل شيء بالدرجة التي تبدو للمراقب الخارجي، ولا بالدرجة التي أمل النظام بلوغها.

وفي المجمل تبقى هذه المقاربة البدائلية، إن صح التعبير، أسيرة منطق دائري سكوني، يبرر الواقع القائم (الستاتيكو) بعدم وضوح البدائل. وهي سكونية من وجه آخر: لا تتيح بلورة سياسات فعالة تتعدى إقرار الواقع لأي طرف ينطلق منها. ما يمكن أن يكون مقترباً دينامياً من الأوضاع السورية هو إيلاء الاهتمام للفاعلية الاحتجاجية، ومجمل الأنشطة العاملة على كسر الديمومة العقيمة الحالية، والمتطلعة إلى أوضاع جديدة أكثر انفتاحاً وحرية. ليس ما بعد النظام الحالي في سورية هو ديموقراطية ناضجة. هذا أكيد، ولا ينبغي أن يكون ثمة سؤال هنا. السؤال هو: هل يخدم استمرار نظام يجعل من بقائه الذاتي أولوية الأولويات أية قضية عامة؟ هل يتحقق لسورية قدر أكبر أم أقل من التفاهم الوطني، ومن التقدم الاجتماعي والاقتصادي، ومن الكرامة الإنسانية والوطنية، إذا كتب للهياكل السياسية الحالية «الاستمرار والاستقرار»؟ هل يغدو المجتمع السوري أكثر تأهيلاً للديموقراطية، أم أقل، إذا بقي النظام؟ أما إذا تغير؟ هنا أيضاً ليس ثمة سؤال.

* كاتب سوري.

=======================

قراءة نقدية في العدد 24 من دراسات كارينغي

بناء التعاون في الجزء الشرقي من منطقة الشرق الأوسط

بلال الشوبكي*

  كاتب ومحلل سياسي فلسطيني- كوالالمبور

موقع "قاوم" 13/5/2011

في هذه الدراسة يحاول بول سالم الباحث في مؤسسة كارينغي للسلام الدولي أن يوجد مدخلا مختلفاً لدراسة قضايا الشرق الأوسط. المدخل يقوم على أساس فكرة التوجه نحو منع الصراعات بدلاً من إدارتها، وإدراكاً منه بحقيقة الوضع المتسم بالخلاف والصراع في منطقة الشرق الأوسط، يطرح بول افتراضاً مؤداه، أن العوامل المؤثرة في منطقة الشرق الأوسط وطبيعة الصراعات القائمة بين اللاعبين فيه قد تدفع نحو بناء منظومة من التعاون تتجاوز الخلافات القائمة وتؤسس لعلاقة مبنية على أساس المصالح والمنفعة المتبادلة، وفي سبيل فحص مصداقية فرضيته يجري بول نوعاً من المسح لطبيعة الصراعات في المنطقة ودوافعها، مضافاً إليها إدراجاً لتاريخ العلاقات البينية بين أطرافه سواء تلك العلاقات المتسمة بالصراع أو تلك السلمية أو المحايدة.

بول سالم جعل من المنطقة الشرقية في الشرق الأوسط مجالاً لدراسته، حيث اعتبر أن بناء التعاون يجب أن يكون في هذه المنطقة أساساً للتوصل إلى منع الصراعات وتجاوز إدارتها. حقيقة الأمر فإن بول سالم قد أخلّ كثيراً بمصداقية دراسته ومن ثم نتائجها حين حدد دراسته بالجزء الشرقي من الشرق الأوسط، وربما تعمّد ذلك. أن تقتصر الدراسة على المنطقة الشرقية فهذا شيء مقبول كون المنطقة الشرقية تمتاز بخصائص تميزها عن باقي الدول خاصة في منطقة شمال أفريقيا، لكن الخلل كان في استثنائه بعض الدول من المنطقة الشرقية، دون أي مبرر أكاديمي.

يتبين من الدراسة، أن بول استثنى الأردن ولبنان والسلطة الفلسطينية وإسرائيل من حدود المنطقة الشرقية، وواقع الأمر أن هذه الدول لا يمكن أن تنفصل بأي حال عن المنطقة الشرقية، فلا يمكن دراسة العلاقة بين سوريا والسعودية وإيران، دون دراسة لبنان كعامل مؤثر ومتأثر. كما لا يمكن دراسة بناء أي تعاون في المنطقة الشرقية في ظل استثناء دور إسرائيل أو الأردن، أو أن يصل الأمر إلى استثناء القضية الفلسطينية كواحدة من اهم القضايا الشائكة في الشرق الأوسط. إضافة لذلك، فإنه لا يوجد أي مسوّغ من الناحية الجغرافية لاستثناء هذه المناطق، خاصة أن بول سالم أدخل سوريا للمنطقة، فدول مثل لبنان وفلسطين والأردن هي جزء من جغرافيا بلاد الشام، هذا من الناحية الجيوسياسية. أما من الناحية الأمنية فلا يمكن استثناء إسرائيل ولبنان على وجه الخصوص، فهي بالإضافة إلى العراق تعتبر مصدر التوتر الأمني في المنطقة.

السبب الذي قد يكون دفع الباحث لاستثناء هذه المناطق، هو عدم قدرته على استثناء إسرائيل لوحدها، فاختار استثناء مجموعة متقاربة دون مبرر واضح. المسألة برأيي لا تتجاوز عدم قدرته على نقاش الفرضية في ظل اعتبار إسرائيل جزء من المنطقة المفترض أن يقوم فيها التعاون، وهو بذلك يهرب من نقاش ودراسة أهم عامل في صياغة العلاقات في منطقة الشرق الأوسط، فهل ستقف إسرائيل مكتوفة اليدين أمام قيام منظومة متماسكة تستثنيها، وهي التي تعمل دوماً من أجل شرق أوسط جديد تكون هي الرائدة فيه. تجدر الإشارة هنا إلى أن بول سالم أخفق أيضاً بشكل جزئي في استبعاد دور مصر في المنطقة والتي ترى نفسها كمنافس لقيادة المنطقة، فصحيح أن مصر تقع خارج المنطقة الشرقية، لكن من المهم الإجابة على تساؤل: هل ستقف مصر متفرجة على قيام تعاون إقليمي بقيادة إيرانية أو سعودية أو تركية؟

 

يبدأ بول سالم من حيث انهار النظام العراقي في العام 2003، ليقول: أن العراق تحول من حاجز أمام تركيا وإيران إلى ساحة للصراعات الإقليمية، مشيراً إلى الشعور المتبادل بالتهديد من قبل إيران والدول العربية، والصراعات بالوكالة التي نشأت في العراق، والتخوف التركي من وضع الأكراد، وشعور الغرب بأن مصالحه مهددة في المنطقة. بول سالم يقول أن أميركا انتخبت أوباما الراغب في الانسحاب التدريجي من العراق، لكنه سيترك خلفه بيئة متوترة، وهذا ما قد يقنع جميع الأطراف أن التعاون هو الخيار الأمثل لتجنب الصراعات والحفاظ على المصالح، في ظل شعور الجميع بالتهديد.

 

بول سالم يحاول إسقاط التجربة الأوروبية على المنطقة الشرقية في الشرق الأوسط، فالصراعات التي شهدتها أوروبا والتنافس الحاد بين أقطابه قاد الدول الأوروبية إلى التعاون الذي تطور تدريجياً من معاهدة الفحم والصلب إلى الإتحاد الأوروبي. مؤكداً على أن التخوفات الأمنية في المنطقة قد تجد في المصلحة الإقتصادية المشتركة عامل مساعد في توفير نوع من الاستقرار والتعاون الذي قد يقضي مستقبلاً على تلك التخوفات. هنا يغفل بول سالم أن طبيعة الخلافات في منطقة الشرق الأوسط ليست مجرد خلافات أمنية أو صراعات نفوذ وإنما مرتبطة أيضا بعوامل أيدولوجية، وهو ما يجعل أي محاولة للتعاون الإقليمي تقف عند هذا الحاجز. أما أوروبياً، فقد كان الواقع مختلف فالإتحاد الأوروبي اعتبر نادياً للدول المسيحية التي تبنت العلمانية كنظام حياة، وحين أصبح الحديث متاحاً عن إمكانية انضمام تركيا للإتحاد كدولة مسلمة، وضعت الكثير من القوى عقبات مختلفة امامها.

عموماً، فإن تقسيم بول سالم لخيارات التعاون في المنطقة يدعم موقفي المشكك بصلاحية إسقاط التجربة الأوروبية على الشرق الأوسط، فقد أشار إلى ثلاث رؤى لشكل التعاون في المنطقة:

  الرؤية الإيرانية، تريدها منطقة مقاومة للهيمنة الخارجية وبقيادتها وتبرر ذلك بامتلاكها للقوة.

  الرؤية السعودية، تريدها منطقة منفتحة على الخارج بقيادتها.

  الرؤية التركية، تريدها منطقة أقل أيدولوجية قائمة على المصلحة الأمنية والاقتصادية.

ويتضح من الرؤى الثلاث أن مسألة التقسيم تعتمد بشكل مستتر على خلفية أيدولوجية، بين الشيعة في إيران والسنة في السعودية، والعلمانية التركية.

 

ينتقل بول سالم لنقاش الخلفية التاريخية للعلاقات في المنطقة الشرقية، ومن ثم تجارب الوحدة والتكامل في المنطقة، مثل مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية وغيرها، مشيراً إلى تاريخ الخلافات العربية التركية وتحسنها خاصة بعد بروز حزب العدالة والتنمية، مغفلاً أن سبباً آخر ربما أكثر أهمية في توجه تركيا نحو الشرق مجدداً وهو عدم انضمامها للإتحاد الأوروبي حتى اللحظة. على أية حال، فإن سالم يعتبر أن وجود تركيا ضمن معادلة المنطقة الشرقية قد يعزز التعاون، وهذا يعود إلى التخوف العربي من نفوذ إيران في المنطقة مقارنة بالدول العربية، فحين تنضم تركيا إلى هذه المنظمة فإنها سترجح كفة الدول السنية، وتخفف من حدة الشعور بالتهديد، خاصة في ظل قوة تركيا واحتفاظها بعلاقات مميزة مع إيران، أو كما أسماها سالم علاقات محايدة. قد يكون طرحه منطقياً في حالة واحدة، إذا كانت تركيا ترغب أن تكون لاعباً في هذه المنطقة تحت المظلة العربية، وهذا برأيي افتراض يصعب الدفاع عنه، في ظل المؤشرات التي تظهر من السياسة الخارجية التركية الحالية، فخطابها السياسي تجاوز سقف الخطاب العربي.

يرى سالم أن مخاطر استقرار المنطقة الشرقية تنبع من مصدرين، هما مصير العراق والمشروع النووي الإيراني، فهو يرى أن الاستمرار في الموقف الإيراني المتشدد قد يدفع أميركا وإسرائيل لضرب إيران، وهذا لن ينهي إيران وإنما قد يعزز التيار المتشدد فيها ويعطل إمكانية التعاون. كما يرى أن تفكك الدولة العراقية قد يدفع تركيا للتدخل خوفاً من قيام دولة كردية، والسعودية لدعم السنة وإيران لدعم الشيعة، بما قد يؤثر على التعاون أيضاً، وهنا لا بد من القول أن تدخل هذه الدول سيكون سبباً في التفكك لا نتيجة لها، على عكس ما يقول سالم. فالصراعات الداخلية في العراق هي صراعات بالوكالة وهذا ما لم ينكره سالم في بداية دراسته.

بعد هذا النقاش لواقع المنطقة الشرقية، خرج سالم بثلاث سيناريوهات لمستقبل المنطقة:

الأول: استمرار الوضع على ما هو عليه، وهو الأرجح كما يقول.

الثاني: تدهو أمني كبير، وهو احتمال ممكن.

الثالث: بناء التعاون في المنطقة وهو أقل احتمالاً.

ووفقاً لذلك فإن بول عجز عن تعزيز افتراضه بإمكانية بناء التعاون، فقد رجح بقاء الوضع على ما هو عليه، لكنه حين تحدث عن السيناريو الأقل احتمالاً وهو التعاون، لم يوضح ملامح هذا التعاون ولمن ستكون الريادة وفقاً للخيارات الثلاثة التي طرحها، التركية والسعودية والإيرانية.

من الملاحظات الهامة التي يجدر طرحها أيضاً بعد الاطلاع على دراسة بول سالم، أن هناك تجاهلاً لدور الشعوب في تحقيق التعاون، فالمسألة ليست مجرد اتفاقيات تعاون بين دول المنطقة، وإنما بحاجة إلى استقراء دور الشارع ومعرفة آليات توجيهه نحو التعاون. الخلاف في المنطقة الشرقية التي تحدث عنها سالم خصوصاً ومنطقة الشرق الأوسط عموماً، تجاوز الخلاف النخبوي بين الأنظمة ليصل إلى المستوى الشعبي، بحيث خلقت ثقافة سياسية فيها نوع من التنافر بل وصل حد الصراع المذهبي والطائفي والسياسي. ومثال ذلك أن اتفاقية سلام موقعة بين إسرائيل ومصر منذ أكثر من 30 عاماً لم تنجح في إتاحة الفرصة لسائح إسرائيلي واحد أن يتجول في أحياء القاهرة معرفا نفسه كإسرائيلي، وإن عُرفت هويته اضطر لحماية أمنية خاصة.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ