ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 23/04/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

هاملت في دمشق

أمير طاهري

الشرق الاوسط

22-4-2011

في آخر ظهور له على شاشة التلفزيون، حاول بشار الأسد القيام بكل الأشياء التي لم يوصي مكيافيللي، أستاذ السياسات الاستبدادية، بالقيام بها.

جمع الأسد كامل وزارته الجديدة وخطب فيهم محاضرة مرتجلة.

بدا الوزراء في اللقاء مرتبكين، غير متأكدين مما كان يتوقع منهم القيام به أمام الكاميرات. كان المفترض أن يبهجوا الرئيس، وبدأوا في تدوين ملاحظاته المشتتة بحماسة شديدة.

هذا ما جعل الحدث أشبه بفصل دراسي يملي فيه المعلم على التلاميذ ما ينبغي عليهم القيام به.

ولم يكن مدهشا، لبعض مشاهدي التلفزيون، أن يكون ذلك عرضا لكيفية عمل الديكتاتوريات، رجل يملي والآخرون يدونون ما يمليه.

بعد ذلك، أخطأ الأسد خطأه الثاني.

عندما تحدث عن حالة الطوارئ، ذكر أن البعض، والمفترض أنهم من داخل النظام، اعتقدوا أن تلك فكرة سيئة قد تضر بالأمن القومي السوري.

ينبغي على الديكتاتور ألا يستحضر أفكارا غير أفكاره إلا للسخرية، لأن الديكتاتور الذي يعترف بأن هناك أفكارا مناقضة لأفكاره داخل المؤسسة حكم يكشف عن تصدعات في سلطاته.

هذا الاعتراف يشير إلى أنه ربما يكون هناك متشددون داخل النظام السوري يفضلون «خيار حماة»، والذي يعني سحق المعارضة بكل قوة بغض النظر عن تكلفة الخسائر البشرية.

بيد أن العالم تغير منذ عام 1982 وأسلوب مذبحة حماة لن ينمحي بسهولة. فبموجب المعاهدات الدولية الجديدة، يمكن لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تحريك دعاوى قضائية ضد رؤساء الدول بناءً على اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. (والتي حدثت بالفعل مع الرئيس الراحل سلوبودان ميلوسيفيتش والرئيس السوداني عمر البشير).

من المحتمل أن الأسد رغب في إبعاد نفسه عن «خيار حماة» بشكل معلن، بحيث، إذا سارت الأمور بسلاسة دون أي عقبات، يمكنه ادعاء أنه لم يكن طرفا فيها.

محاولة الأسد أن يفتدي نفسه مفهومة. ومع أنه لا يزال في ريعان شبابه، إلا أنه لن تكون أمامه أي احتمالات للنجاح لسنوات، إن لم يكن لعقود، بسبب مواجهته اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية على نحو مروع.

وعلى الرغم من ذلك، فإن ما يبدو كخطوة حكيمة بالنسبة للأسد من ناحية شخصية، يعتبر غير حكيم في سياق السياسات الاستبدادية. فالحاكم المستبد الذي يلمح إلى أنه مستعد لترك أتباعه لقمة سائغة للأسود من أجل تأمين مخبئه لا يمكنه أن يتوقع مزيدا من الولاء من جانبهم.

وفي الوقت الراهن، ربما يتساءل البعض من داخل مؤسسة الحكم السورية عن ضرورة بقائهم على متن سفينة يستعد ربانها للقفز منها. كان خطأ الأسد الآخر هو الإشارة إلى معارضيه باعتبارهم «عملاء» لقوى أجنبية.

هذا تقليد قديم في السياسات الاستبدادية والغوغائية في العالم العربي. فهؤلاء الذين ليس لديهم ما يقولونه دفاعا عن أنفسهم دائما ما يزعمون أن نقادهم متورطون في مؤامرات تحاك من جانب أعداء في دول أجنبية.

وفي حالة الأسد، كانت المشكلة أنه قبل ثلاث دقائق، كان قد أطلق على هؤلاء الذين قتلوا على يد رجال الأمن خاصته اسم «شهداء» وعبر عن خالص أسفه لموتهم.

حسنا، إذا كان المئات الذين قتلوا في الانتفاضة السورية عملاء أجانب، فلماذا ذرف الرئيس الدموع حزنا عليهم؟

وكيف يتسنى لمتآمرين أجانب حشد الملايين في كل مدينة سورية؟

ينبغي أن يكون الديكتاتور ثابتا على موقفه حتى في ظل الظروف المتقلبة المتعذر اجتنابها. عالم الحاكم المستبد صريح وواضح؛ ففيه يكون الخيار بين الصديق والعدو. من المؤكد أن محاولة الأسد التحوط ضد المخاطر ستأتي بعكس النتائج المرجوة. ومن المثير للدهشة أن الدول التي ما زالت تعتقد أنه يجب إنقاذ النظام السوري هي الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران. ولهذا تصر وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، على الإشارة إلى بشار الأسد بمسمى «إصلاحي». ويظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تفضيله الأسد على من يسميهم «الإسلاميين المتطرفين في سوريا». كذلك ترغب إيران في بقاء الأسد في الحكم نظرا لأنه منذ السبعينات من القرن الماضي، ساعد نظامه طهران في تقسيم الكتلة العربية واكتساب سيطرة في لبنان.

بالإضافة إلى ذلك، كان إعلان الأسد أنه طلب دراسة إمكانية إجراء إصلاحات لم يتم تحديدها وتقديم مقترحات، خطأ آخر وقع فيه.

لم يكن حافظ الأسد ليفعل ذلك مطلقا. بل لم يكن حتى ليعلن أي القرارات اتخذها ووضعها موضع التنفيذ. فالشعب سيعلم بتلك القرارات من الخطب التي يدلي بها التابعون، وأيضا من المقالات الافتتاحية التي يكتبها المتملقون مادحين فيها الديكتاتور على آخر مجموعة من الأفكار السياسية التي توصل إليها.

لم يكن من الممكن مطلقا أن يجسد هاملت نموذجا لديكتاتور مثالي لأنه استحوذ عليه سؤال: أكون أو لا أكون؟

ما لم يدركه هاملت كان هو أن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يطرحه على نفسه هو: كيف أكون؟ ربما كان أكبر أخطاء الأسد ظهوره بمظهر من يقدم تنازلات وهو في موضع ضعف. والديكتاتور الذي يفعل ذلك يقدر له الإخفاق. لا يمكن إصلاح الأنظمة الاستبدادية تدريجيا. فهي كتل موحدة والتي ستنحل، حتى وإن تم تغيير جوانب من هيكلها.

لقد كشف ظهور الأسد على شاشة التلفزيون أمورا مختلفة.

فهو أوضح أن الأسد رجل منقسم على نفسه، متردد وغير قادر على اتخاذ قرار بشأن أي وسيلة يمكنه اتباعها. كما كشف أيضا عن أن نخبة الحكم السورية في حالة من الانقسام.

نحن نعلم أنه منذ عقد مضى، كان قد تم تشكيل «حزب الإصلاح» داخل النظام السوري. واستطاع الحزب أن يكسب العديد من الامتيازات في السياسات الثقافية والاقتصادية، لكنه عجز عن اتخاذ أي خطوة للأمام في الأمور السياسية.

ومنذ بضعة أيام، كان من الممكن أن نرى بعضا من أعضاء هذا الحزب على سطح الطاولة، يقومون بتدوين ملاحظات حسبما يمليها عليهم الأسد. وقد بدوا أكثر تقدما في العمر وفي حالة من الإرهاق الشديد.

ولن يستطيع أحد أن يخمن ما كانوا يفكرون فيه في حقيقة الأمر، باستثناء سؤال أنفسهم: أكون أو لا أكون؟

=====================

سورية بين أنقرة وطهران

الجمعة, 22 أبريل 2011

وليد شقير

الحياة

إذا كان للتحولات والثورات والاحتجاجات التي تشهدها بعض الدول العربية انعكاساتها الهائلة على الخريطة الجيوسياسية في الإقليم، فإن ما يجري في سورية من احتجاجات، وطريقة تفاعل الحكم السوري معها يفرضان حسابات كبيرة، قصيرة وبعيدة المدى في المعادلة الإقليمية، في نظر القوى الإقليمية الكبرى المعنية بالتطورات فيها.

وإذا كانت الدول الخليجية تعاطت مع الاحتجاجات في البحرين والتدخلات الإيرانية فيها، على أنها لعب بساحة خليجية، وأن هذه الدول الخليجية وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، تتعاطف مع الوضع الشديد التأزم في اليمن على أنه أيضاً حديقة خلفية لها، فتقوم بالوساطة في إطار المبادرات المتلاحقة التي تطرحها، فإن الوضع السوري يشكل ساحة فائقة الأهمية لدولتين فاعلتين في الإقليم هما إيران وتركيا. فعلى ما ستؤول إليه الأمور في دمشق تتوقف سياسات وحسابات لا تحصى لدى أنقرة وطهران.

ولم يعد خفياً أن القيادة التركية، من باب حرصها على الاستقرار في سورية، وعلى حفظ النظام الحالي القائم فيها بقيادة الرئيس بشار الأسد، دفعت وشجعت، بل ضغطت من أجل استجابته للمطالب بالإصلاحات، على رغم ما يسببه ذلك من جفاء وامتعاض في دمشق. ولم يعد سراً أيضاً، أن أنقرة قلقة من أن ينتج أي اضطراب أمني أو تصعيد الموقف في سورية، امتدادات لديها، عبر حدود تفوق 700 كيلومتر، في صفوف الأقليات التي يحتضنها المجتمع التركي. إنه قلق يتعلق بالأمن البعيد المدى لحكام أنقرة، وليس من التحول الديموقراطي الذي بات النموذج التركي يشكل مثلاً يحتذى على الصعيد العالمي، يرى قادة حزب «العدالة والتنمية» أن يستخلص القادة السوريون دروساً منه.

وغني عن القول إن الاضطراب في سورية يمس المصالح السياسية والاقتصادية التركية، باعتبار أن دمشق بوابة أنقرة في هذين المجالين الى الشرق الأوسط، حيث زادت الصادرات التركية بلايين الدولارات، وتعاظم دورها في الصراع العربي – الإسرائيلي وفي المعالجات للأزمة اللبنانية، فضلاً عن دورها في العراق. كل ذلك جعل الدعوة الى استجابة القيادة السورية للإصلاحات، وبسرعة، مسألة ملحة يقول القادمون من أنقرة إنها ستبقى «تضغط» لأجلها بلا هوادة.

أما إيران، فإن قلقها، إذا قادت التطورات الى معادلة جديدة في دمشق، هو من تأثير ذلك في دورها ونفوذها في المشرق العربي، نظراً الى تأثيره المحتمل في دور «حزب الله» في لبنان، وهو قلق مفهوم ومشروع. وبموازاة النصائح التركية للقيادة السورية بتعجيل خطوات الإصلاح، فإن طهران واكبت عن كثب كل التطورات الحاصلة في المناطق السورية كافة، وأتاحت لها عرى العلاقة الوثيقة التي نسجت بين البلدين في السنوات القليلة الماضية، على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية، أن تسدي هي أيضاً، ومعها قيادة «حزب الله»، النصائح الى الجانب السوري في التعاطي مع الاحتجاجات الشعبية. ولا يفسِّر القلق الإيراني من مآل هذه الاحتجاجات، إلا اتهام طهران أميركا والصهيونية بالتآمر على سورية، وترداد حلفائها في بيروت هذه التهمة.

ما عزز القلق الإيراني من التحولات في سورية، هو أن تؤدي بالنظام الحالي الى تغيير سلوكه، بدل تغييره، في ظل ما يحكى عن أن الدول المعنية التي تفضل بقاء النظام ترغب في أن يترافق إقدامه على الإصلاحات ليلقى الدعم منها، مع أن يعتمد سياسة أخذ المسافة عن طهران. وما رفع القلق الى درجة أعلى تقارب التوتر، أن أنقرة صادرت طائرتين إيرانيتين محملتين بالأسلحة الى سورية أعلن عنهما، وأن ما لم يعلن هو مصادرة السلطات التركية كمية أخرى من الأسلحة كانت مهربة براً الى سورية.

ومع أن المرء يفترض أن النصائح الإيرانية الى دمشق هي بالتعاطي مع الاحتجاجات مثلما تعاطت هي مع احتجاجات المعارضة الإيرانية، فإن الحرص الإيراني على استمرار سورية ساحة لمصلحة سياستها الإقليمية لم يكن بعيداً من تأييد اعتماد القيادة السورية سياسة الإصلاحات ولو متأخرة، مع التشدد بعد كل خطوة إصلاحية. وهو ما سمي بسياسة الجزرة والعصا.

قرار القيادة السورية بين نصائح أنقرة ونصائح طهران هو الفصل. فهل إن دمشق ستسعى مرة أخرى الى إمساك العصا من الوسط، أم انها ستأخذ بنصائح هذه من دون تلك؟

=====================

 لماذا نهتم بأحداث سورية؟

الجمعة, 22 أبريل 2011

حسام عيتاني

الحياة

نحن على عتبة تغيير تاريخي في سورية، لا أقلَّ من ذلك. أحداثُ الشهر الماضي توفِّر ما يكفي من أدلة ومعطيات للخروج بقناعتين صلبتين: الأولى، أن النظام لم يُثبت أمام الداخل والخارج قدرتَه على إجراء إصلاحات ذات مغزى. والثانية، أن الحركة الجماهيرية مستمرة ومتصاعدة بعد سقوط حاجز الخوف.

ولا يترك تعدد التظاهرات وتزايد أعداد المشاركين فيها وتمددها إلى مدن ومحافظات جديدة، مجالاً للشك في أن النظام لم يعد يسيطر على الشارع، وأن المبادرة خرجت من يده. لكن الحقيقة هذه لا تنفي أن انتقال السلطة قد يكون بالغ الصعوبة، والتجربة تُفيد أن التغيير لا يأتي دائماً وفق تصورات المشاركين فيه، بل يَحِلُّ على الأغلب، على صورة خيار بين السيئ والأسوأ.

تعقيد المشهد السوري، وارتباط عناصره الكثيرة بأوضاع المنطقة وصراعاتها يبطِّئ، إلى جانب القمع العنيف الذي تمارسه السلطات، وتيرةَ الحركة المعارضة، ذلك أن الاستثمار الكثيف للحكم في السياسة الخارجية، من العلاقات الوطيدة مع إيران إلى التعاون السياسي والاقتصادي مع تركيا فالانخراط في السياسات اللبنانية والفلسطينية وما يتفرع منها، من تسليح ودعم لحركات المقاومة، إضافة إلى العلاقات الطائفية الداخلية غير الصحية، المتفاقمة حالتُها منذ الثمانينات، كلها أمور تشي بأن التغيير لن يكون سهلاً، وأن العنف الداخلي أو الحرب الاقليمية غير مستبعدَيْن. ويملك النظام السوري أوراقاً داخلية وخارجية عدة، لم يُخرجها بعدُ من أكمامه، وهي قد تساعده على قلب الطاولة في حال شعر بدنو أجله.

وعليه، يبدو مطلوباً من الفرقاء اللبنانيين المعارضين للحكم في سورية - خصوصاً - الابتعاد عن تناول التطورات، التي تزيد من حساسية النظام وقد تدفعه الى تصدير أزمته إلى الخارج، على غرار اتهامه بعض نواب تيار «المستقبل» بتهريب اسلحة الى سورية، او دفعه بعض حلفائه إلى توتير الأجواء لغايات تخدم النظام وتحوِّل الأنظار عن مآزقه.

المثير للانتباه أن اللبنانيين مهتمون بالثورة السورية بالقدر ذاته الذي يبديه السوريون، فالتاريخ المشترك الطويل بين الشعبين، وآلاف حالات المصاهرة والقرابة، والشعور العام بين اللبنانيين أن سورية هي الحاضن الطبيعي والاجتماعي والسياسي لبلادهم، تتجاور كلها مع معاناة شارك اللبنانيون فيها السوريين من ممارسات النظام الحالي، وتعود إلى الأشهر الأولى للحرب الأهلية اللبنانية، التي قررت السلطة السورية استخدامها كإحدى روافع سياستها الخارجية، وكمتنفَّس لتهريب الاحتقان الداخلي.

لذا، لا يبدو الاهتمام اللبناني غريباً، ولا يُعتبر تطفلاً على الشؤون السورية، وليس انقسامُ اللبنانيين الحاد حيال التطورات في البلد الشقيق سوى انعكاس لانقسامهم الداخلي، فالمطالب المشروعة، بل البديهية في الحرية والكرامة والعدالة التي يرفعها السوريون اليوم، لا تعني شيئاً بالنسبة إلى من حزم أمره في تأييد النظام وصمّ أذنيه عن الدعوات إلى سيادة القانون وإنهاء الاستبداد المهيمِن، بذريعة وقوف الرئيس بشار الأسد وحكومته ضد الهجمة الاسرائيلية - الاميركية. وقد يكون تجاهل قوى 14 آذار للتحذيرات من خطر انهيار النظام السوري على أمن المنطقة في حال لم يتبلور بديل مقنع، نابعاً من المصدر ذاته، أي العداء الأهلي والداخلي بين اللبنانيين.

غني عن البيان ان مستقبل سورية لا يُرسم في لبنان، ولا في غيره من البلدان، بل يخطه السوريون بدمهم وصبرهم. وبالوضوح ذاته، يتعين القول إن تأييد من يَعتبر نفسه من قوى المقاومة اللبنانية والفلسطينية للحكم في سورية، لأسباب بعضها معروف ومعلن وبعضها الآخر ما زال طيَّ الكتمان، سينعكس سلباً على العلاقات المقبلة بين سورية الجديدة والقوى هذه.

====================

سيرحلون

خليل النعيمي

2011-04-21

القدس العربي

سيرحلون واحداً إثر آخر يَلُفُّهم المقت والاحتقار.

سيرحلون مثل كائنات منقرضة إلى مزابل التاريخ: طُغاتنا الصغار التعساء (فليس ثمة أتعس من طاغية).

ولكن، لا تستَعْجلوهم الرحيل. دعوهم يستوعبون الكارثة. وتمتَّعوا بمرأى غطرستهم الكاذبة، وتماسكهم المهزوز. دعوهم يتجرَّعون كأس الاندحار المرير. وهو أشدّ مرارة لأنه أتى ممن لم يكونوا يتصورون أنهم جديرون بدحرهم، وبهذه الطريقة: بالصوت والصورة، وعلى مرأى من العالم أجمع.

دعوهم يعرضون أمامكم مشاريع إصلاحهم الكاذب، عدا عن كونه لم يعد 'مقبولاً'. وأنظروا إليهم بشماتة وهم يتفنَّنون في استعراض الخطوات الإصلاحية التي كانت جديرة بأن تُمارس منذ أكثر من خمسين عاماً. وارفضوا كل ما يقدِّمونه لكم باصرار، لأنه لم يعد يليق بكم. فليس بإمكانكم أن تقبلوا، بعد اليوم، بأقل من 'قلب الوضع' برمته، وانتزاع حريتكم من مخالبهم.

لا تستعجلوا. خذوهم بحزم. فالزمن لم يعد في صالحهم مهما ابتدعوا من مكائد وأساليب. وفي النهاية، لا بد أن تتحلَّل كياناتهم القمعية، وتتفَتَّتَ أنظمتهم الفاسدة. وسيدركون على الرغم من تَغابيهم أن العالَم لم يعد هو العالَم الذي جاء بهم إلى الحكم. وأن الشعوب العربية لم تعد مصفِّقَة، ولا مُلَفِّقة، وإنما صارت، اليوم، قوة تاريخية لا تُقْهَر.

لا 'أوباما'، ولا 'ساركوزي'. لا أحد غيركم يمكن أن يقوم بما يجب عليكم القيام به. ف 'الثورة المباشرة'، كما هي حال ثورتكم، فعل حسّيّ يمارسه الكائن الواعي. الكائن الحر الذي وعى دوره التاريخيّ، وعانى من ضَراوة القمع و' الحُقْرَة'، ولم يعد قادراً على تَحَمُّل المزيد، فصار كل همّه أن يفعل ما يريد. أنتم، وحدكم، القادرون على حسم الأمور. لا أحزاب، ولا هيئات، ولا أوصياء إيديولوجيين، ولا مثقفين قُدامى، ولا موقّعي عرائض واستنكارات، ولا مُنَظِّري ثورات على الورق (وأنا منهم)، ولا الآخرين الذي يلتزمون الحيادية الكاذبة، فهم ، كلهم، قد أصبحوا اليوم صدى لأصواتكم العاصفة التي تَهُزُّ أركان الطغيان العربي الغاشم.

الرحيل متعة عندما يمارسه الكائن الحر. لأنه سفر واكتشاف. وهو تغيير مبدع للأمكنة والكائنات. لكن الطغاة ليسوا أحراراً. إنهم عبيد 'استعبادهم للآخرين'. وهم إذا رحلوا سيختنقون. لأنهم يتنفسون برئات غيرهم، ويرون بأعين أزلامهم (أو العبيد الجُدُد، الذين أوجدتهم حاجة السلطة القامعة إلى مَنْ يلبّون نزواتها دون اعتراض). وليس للطغاة فضاء خاص بذواتهم، لأنهم سرَقُوا الفضاء العام، واستَرَقّوه. ولا يعني رحيلهم، بالنسبة إليهم، إلا انتكاسة لا عزاء لها، مع أنه باب قد يُفضي إلى 'تحريرهم من استعبادهم لشعوبهم'، لو كانوا يفقهون.

لا تتعَجَّلوا الرحيل عليهم. دعوهم يحترقون بنيران حقدهم اللئيم عليكم، وقد صار الأمر خارج قبضاتهم الحديدية التي لم تعد تخيفكم. يا الله! كيف تفتَّحَتْ في نفوسكم ينابيع الشهوة والتمرد: شهوة الحرية، والتمرد على القمع العربي المعمم. وكيف مَرّت نَسَمات الربيع العاطرة من تحت أنوفهم لتتنَشَّقوها أنتم بعمق، وأنت تصرخون: 'الشعب يريد إسقاط النظام'. ومع ذلك لا يسقطون. لكنهم سيسقطون.

عزيمتكم الواعية، وإصراركم الثوري، كفيلان بنقل العالم العربي من عهد العبودية المقنَّعَة إلى عهد التحرر الأكيد. ولكن، لا تتراجعوا عَمّا تطلبون. اكسروا الجدران الثخينة، وحرروا الضوء المحبوس خلفها: ضوء الحياة البديع. فقد قتَلنا الظمأُ للضوء، بعد خمسين عاماً من الظلام. لا تخافوا! فقد خفنا نحن بما فيه الكفاية. عشنا خوفاً يكفي أجيالاً قادمة أخرى. لاحاجة بكم إلى الخوف فلدينا ما يكفي منه. ما يكفينا ويكفيكم، ويكفي حتى 'طُغاتنا التعساء'.

لا تهابوا قسوتهم. ولا يُغرَنَّكم تمسُّكهم العنيد بالسلطة. الطغاة، كلهم، يتصرَّفون هكذا، وهكذا يفكِّرون. يعتقدون أن دوران الأرض مرتبط بوجودهم، وهم لا شيء تقريباً. قوتهم الهشَّة تنبع من 'ضعف' العالَم الذي يتسيّدون عليه، بلا سبب. ويكفي أن يَعْفُص 'حمار الشعب الذي يركبونه' ليطيروا من فوق ظهره، ساقطين على الأرض كالريشة التافهة.

مستقبل الطغاة، ومستقبلكم أنتم، أيضاً، صار اليوم بين أيديكم. لا تتراجعوا قبل أن تحققوا ما صرتم تريدونه بوضوح، ومن أجله خرجتم: الحرية. الحياة. إلغاء العبودية المفروضة عليكم بقوة القمع. لا مبرر، ولا ذرائع، ولا وُعود.

لا تتردَّدوا. إفعلوا ما تريدون. وكل ما تفعلون عظيم. أسمعكم تصرخون، في أنحاء البلاد، غاضبين: إرحَلْ. إرحَلْ، يا بَليدْ.

وفي البعيد، في غياهب المدى،

يُردِّد الصدى: سيرحلون.

كاتب من سورية

======================

الحراك الشعبي في سوريا.. دماء غزيرة وحلول غائبة

تقرير: محمد أمزيان

إذاعة هولندا العالمية- 18 أبريل 2011

http://www.rnw.nl/arabic/article/357916

فوجئ النظام الحاكم في سوريا بتوسع نطاق المظاهرات الشعبية، بعدما اعتقد أن القبضة الأمنية المشددة و "الدعم" الشعبي الظاهر له بسبب مواقفه من إسرائيل ومساندته للمقاومة الفلسطينية كفيلان بجعل سوريا بلدا ’لا يشبه‘ مصر أو تونس. إلا أن المظاهرات الشعبية التي انطلقت من مدينة درعا قبل أكثر من شهر، انتقلت عدواها لتشمل معظم المدن والقرى السورية مخلفة عشرات القتلى والجرحى والمعتقلين.

محاولة تشويه

في خطابه الأول (30 آذار- مارس) قلل بشار الأسد من الحمولة السياسية للمظاهرات الشعبية، واعتبر أن ما جرى في درعا وغيرها من المدن السورية سببه مطالب اجتماعية متعلقة بالخبز والعمل، وأن الإصلاحات السياسية المطلوبة كانت، على العكس، مسطرة من قبل القيادة القطرية لحزب البعث منذ مدة، وتأخر تنفيذها لأسباب متعددة. ولم يفته توجيه أصابع الاتهام لقوى خارجية تحاول زعزعة أمن واستقرار سوريا.

ومع توالي الاحتجاجات والمظاهرات، عمدت السلطات السورية إلى نهج خطط منهجية "لتشويه" الواقفين خلفها متهمة إسرائيل وبلدانا أخرى بتزويد المحتجين بالأسلحة. وقد عممت وسائل الإعلام السورية مؤخرا صورا تثبت ’تورط‘ جهات خارجية في محاولة زعزعة الاستقرار الداخلي. بيد أن المعارضة السورية التي تدعم الحراك الشعبي تشكك في الرواية الرسمية جملة وتفصيلا. يقول الكاتب والمحلل السياسي السوري بدرخان علي في اتصال بإذاعة هولندا العالمية:

"ما يقال عن أسلحة مهربة إلى سوريا لا يقنع أحدا. سوريا مازالت تتحكم في لبنان، ربما ليس كالسابق، فكيف ستهرب أسلحة من لبنان؟ ومن يقدر ويجرؤ أصلا على فعل ذلك؟ إن السلطة في سوريا تحاول بكل الوسائل تشويه الحراك السلمي بإلصاق التهم وإثارة الشكوك حولها. قيل أولا إنهم مندسون ثم مخربون ثم عصابات مسلحة، ثم عرضت مسرحية على التلفزيون السوري أيضا، وقبل يومين تم عرض أسلحة على التلفزيون السوري وقيل إنها مهربة من العراق. هذا أيضا غير مقنع ".

تسميم الحياة

مثل خطابه الأول، فشل الرئيس السوري بشار الأسد في طمأنة الشارع السوري المنتفض عليه في خطابه الثاني (16 أبريل)، ولعل أهم ’جديد‘ في هذا الخطاب هو تحديد موعد إلغاء حالة الطوارئ في غضون أسبوع. إلا أن المعارضة السورية ترى أن قانون الطوارئ المعمول به منذ وصول حزب البعث للحكم في سوريا منذ أكثر من أربعة عقود ليس هو المشكل، المشكل في الأساس هو حزب البعث الذي "سمم الحياة السياسية في سوريا"، بحسب الكاتب السوري بدرخان علي. المحلل السوري أكد أن الخطاب لم يكن موجها أصلا للشعب، وإنما هو عبارة عن "توجيهات" للحكومة الجديدة، متجاهلا الشعب والدماء التي سالت في الأسابيع الماضية:

"حسب كلمة الرئيس يجب أن يرفع قانون الطوارئ خلال أسبوع، ولكن سوريا الآن ليست في حاجة لرفع قانون الطوارئ فحسب، فهو ليس سوى أحد عناصر الحالة السورية؛ حالة أعمق من قانون الطوارئ. فالقانون الذي سُن مع بداية تسلم حزب البعث للسلطة قبل أكثر من أربعة عقود، سمم الحياة السياسية في سوريا وعلق العمل بالدستور بما في هذا الأخير من أخطاء".

هذا فضلا عن المآخذ المرتبطة باللجنة المكلفة بدراسة مشروع قانون رفع حالة الطوارئ والخالية من أي حقوقي مستقل، يشدد علي بدرخان:

"اللجنة الحالية المكلفة بدراسة قانون بديل لقانون الطوارئ ليس فيها حقوقي واحد مستقل أو معروف بنزاهته. لدينا العشرات بل المئات من الكفاءات في سوريا في هذا المجال، وكان يجب على الأقل إشراك حقوقي واحد من خارج السلطة في هذه اللجنة؟"

مبادرة إنقاذية

من يخرج سوريا من المأزق؟ خطاب بشار الأسد الأول لم يكن فيه ما يوحي بوجود مشكلة سياسية أصلا، بل أشار بلهجة واضحة أن من يريد المعركة فسوريا مهيأة ومستعدة لها. وفي الخطاب الثاني أيضا لم يشر إلى ما يحرك الشارع، وهذا ما يقود سوريا إلى مفترق الطرق. "الوضع في سوريا خطير"، يؤكد سوريون، في الداخل والخارج، ممن اتصلت بهم إذاعة هولندا العالمية.

ومع أن الشعارات المنتشرة حتى الآن لا تؤكد إلا على الطابع السلمي للمظاهرات "سلمية، سلمية"، وضد الطائفية "واحد واحد، الشعب السوري واحد"، إلا أنه ليس من المستبعد أن يرتفع سقف المطالب بخصوص التعامل مع رأس النظام. وقد ظهرت، بحسب الكاتب السوري علي بدرخان، فعلا شعارات تطالب بتغيير النظام، مثلما جرى في تونس ومصر. ومما يعزز هذا المنحى التصاعدي للمطالب هو أن الشباب هم من يقفون وراء الاحتجاجات وليست قيادات المعارضة المعروفة. وعلى سبيل تقديم تصور لحل الأزمة السياسية في سوريا، يقترح الكاتب بدرخان علي تنظيم مؤتمر وطني عام يمثل كل الأطياف السورية دون استثناء :

" الأحزاب الكردية في سوريا اقترحت تنظيم مؤتمر وطني عام تشارك فيه الأحزاب الأخرى غير الكردية، ويقوم بالدعوة إليه من حيث المبدأ رئيس البلاد لصلاحياته الواسعة. على أن يكون المؤتمر للتداول وإيجاد مخرج للأزمة، وليس للتصفيق".

ومن بين ما سيركز عليه المؤتمر البحث في كيفية بناء سوريا المستقبل، من حيث القضاء المستقل والانتخابات الحرة والاعتراف بالمعارضة الحقيقية وليس المعارضة الصورية، لأن "ليس كل السوريين رعايا".

======================

هل أصبحت حماية النظام السوري أهم من استقرار لبنان...؟

حسان القطب

22/4/2011

المصدر: موقع بيروت أوبزرفر

عندما اندلعت الثورات العربية في دول شمال أفريقيا، اعتبرت بعض القوى اللبنانية أن ما يجري من انتفاضات في تلك الدول هو انتصار لمسارها وخطها ونهجها، وان الشعوب العربية التحقت بمسيرتها، وتم التعاطي الإعلامي من قبل هذه القوى مع تلك الأحداث بتبني كامل إضافةً إلى محاولة إضفاء جو من الرعاية على هذه الانتفاضات ولو كان هذا الأمر غير صحيح على الإطلاق..الحالة الوحيدة التي يمكن أن تتبناها هذه القوى وبالتحديد حزب الله وملحقاته هي ما يجري في البحرين من اعتصام ومخيمات وحفلات إنشاد وتسويق لبعض الأفكار التي تتبناها إيران وحزب الله، وأعطى حزب الله نفسه الحق في تبني ما يجري في البحرين من مظاهرات ومطالبات إعلامياً وسياسياً وحتى تعاطف معنوي ومادي..

 

ولكن المفارقة هي فيما سمعناه على لسان عبد الهادي محفوظ رئيس "المجلس الوطني للإعلام" في بيان له اثر اجتماع المجلس في مقره أمس حيث قال: ("درس المجلس الوطني للإعلام هذا اليوم، بعض الملفات الإدارية، وشدد على "ضرورة أن يعي الإعلام اللبناني المرئي والمسموع، ضرورة مراعاة العلاقات اللبنانية  السورية وضرورة تحصين لبنان من الضرر الذي يمكن أن ينشأ عن إثارة الغرائز في سوريا، وخصوصا أن لبنان شئنا أم أبينا هو بلد الأقليات، وبالتالي هناك قابلية كبيرة للانفجار وهذا ما يفسر الآن محاولات التحصين داخل كل طائفة لبنانية")... بدايةً لا يمكن القول إلا أن المجلس الوطني للإعلام ورئيسه لم يلحظا تدخل فريق لبناني في الشأن البحريني وسائر الدول العربي ومنها مصر واليمن وغيرهما.. ولم يتنبها إلى خطورة أن لبنان وشعبه سيتعرضان لأضرار شديدة نتيجة تدخل هذا الفريق في شؤون دول أخرى، ومن يتابع شاشات هذه المحطات يدرك حجم هذا التدخل وتداعياته على مصالح المغتربين اللبنانيين في الدول العربية وغيرها من دول العالم.. ثم إن إثارة موضوع أن لبنان هو بلد الأقليات من قبل المجلس الوطني للإعلام في هذا الظرف بالذات إشارة غير بريئة للدلالة على ترابط العلاقة وتلاحم المصالح بين النظام السوري وبعض القوى اللبنانية المسلحة، ويأخذنا إلى حيث أشار العديد من حلفاء سوريا وما جرى ويجري من عمليات بناء غير شرعي في مختلف مناطق تواجد وسيطرة قوى الأمر الواقع هذه المدعومة بالسلاح والميليشيات المحلية ومن خلال العلاقة العضوية مع النظام السوري، والمشاكل الأمنية التي حصلت حين تصدت ميليشيات الأهالي للقوى الأمنية لمنعها ن تنفيذ واجباتها في حفظ الملاك العامة والأملاك الخاصة تؤكد استناد هؤلاء إلى دعم سياسي ومادي يعطي الغطاء والرعاية للمتجاوزين، وما قاله الرئيس بري لجريدة السفير: (هناك من يحملني مسؤولية ملف مخالفات البناء علما بأنني اضطررت إلى استعادة بعض سلوكيات الماضي وطلبت من عناصر حركة أمل النزول بسلاحهم في بعض المناطق لمنع المخالفات وتسهيل مهمة القوى الأمنية).

هذا الكلام الخطير للرئيس بري يؤكد استعمال السلاح في الداخل ويؤكد أيضاً عدم قدرة قوى الأمن على تنفيذ واجباتها دون دعمٍ من ميليشيات مسلحة تابعة للرئيس بري أو غيره من أصحاب الميليشيات.. وهذا التصريح يرفع منسوب القلق والتوتر لدى باقي مكونات المجتمع اللبناني ويفقدها الثقة بحماية ورعاية القوى الأمنية ويشجعها على اللجوء أو الرغبة في الحصول على أمنها الذاتي.. إذ لا يعقل أن ينفذ القانون في مناطق معينة ويتم تجاهله بل ومواجهته تحت باسم الأهالي.. الذين يمثلون جمهوراً معيناً ومكوناً محدداً من مكونات الكيان والوطن اللبناني..

 

وهذه الممارسات والتصرفات المتناقضة والتجاوزات المتكررة للقانون التي يقوم بها هذا الفريق لم تعد شأناً داخلياً فقط أو حكراً على سلوك محدد بعينه، بل أصبحت تشمل كل المواقع التي يضع هذا الفريق نفسه في قيادتها أو على رأسها..!! فوزير الخارجية اللبناني علي الشامي الذي استدعى السفيرة الأميركية وبصفته وزير في حكومة تصريف الأعمال، لم يرجع لحكومته ليسألها رأيها أو لمراجعتها بهذا الشأن، وذلك لتوجيه ملاحظاته هو والفريق الذي يمثله دون سواه من اللبنانيين للسفيرة، وذلك يوم الثلاثاء في , 18 يناير/كانون الثاني، 2011، بسبب زيارتها النائب نقولا فتوش.. هذا الوزير نفسه الذي تجاهل بل لم يلحظ حركة السفير السوري وقبله الإيراني، والاتهامات التي وجهها هذا السفير خلافاً للأعراف الدبلوماسية وللياقات المتبعة في العلاقات بين الدول..حيث أكد الوزير الشامي: أكد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال علي الشامي في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي ردا على "بعض التصريحات التي دعت وزير الخارجية لاستدعاء السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي واستيضاحه بالنسبة لتصريحاته في موضوع تدخل بعض الأطراف اللبنانية بما يجري في الأحداث السورية"، أن "موضوع استدعاء السفير السوري لهذا الغرض يستلزم عقد جلسة لمجلس الوزراء، وبالتالي فإن الوزير الشامي يدعو رئيس الحكومة للدعوة إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء لمناقشة هذا الأمر واتخاذ الموقف المناسب بشأنه".

الوزير نفسه يمارس سياستين مختلفتين مع سفيرين، أحدهما، يتغاضى عن اتهاماته لفريق لبناني ومطالبته القضاء اللبناني بالتحرك دون مستندات.. والآخر يذكره بضرورة الالتزام بتعليمات وزارة الخارجية وتوجيهاتها.. كيف يمكن أن نأتمن لبنان وأبناءه ومستقبله بين يدي فريق يمارس السلطة والمسؤولية بهذا الشكل المزاجي والمتقلب وغير المبرر في كل شيء، ونحن نشاهد ونرى ونعايش هذا النوع من السياسات الخارجية، سواء مع السفراء أو الدول، خاصةً وان هذا الفريق يعتبر أن دوره في دعم ورعاية وحماية ومؤازرة قوى وأنظمة خارج لبنان أهم وأجدى وأفضل من الوقوف إلى جانب أشقائه في الداخل وإلى جانب شركائه في الوطن، فيتهم إخوانه في الوطنية ويطالب بمحاكمتهم استجابةً لطلب سفير ونظام يواجه شعبه بالحديد والنار..وكيف يمكن أن نطمئن على أمننا ونحن نسمع رئيس السلطة التشريعي يتحدث عن دور مسلحيه في مؤازرة قوى الأمن، ونحن طبعاً لم ننس دورها في السابع من أيار/مايو من عام 2008، في مخالفة القوانين وتهديد السلم الأهلي والعيش المشترك..

وكيف نصدق أن حركة أمل وحزب الله قد رفعا الغطاء عن المخالفين ومرتكبي البناء غير الشرعي على الأملاك العامة والخاصة، وهو يهاجمون القوى الأمنية ودورها ويشككون في أجهزتها وقياداتها وممارساتها ثم يطالبونها بتنفيذ القانون ومنع المخالفين بعد أن أثخنوا فيها جراح التشكيك وسواها..

 

يبدو أن بعض القوى اللبنانية ترى أن من واجبها حماية استمرار وبقاء النظام السوري، بتبني اتهاماته في الداخل اللبناني، وبتصعيد الوضع الأمني بين المواطنين والقوى الأمنية وباعتقال وتوقيف بعض العناصر الإسلامية التابعة لحزب التحرير الإسلامي الذي دعا إلى الاعتصام تأييداً للشعب السوري في مطالبته بالحرية والكرامة وهو ما أشار إليه أيضاً المفتي السوري أحمد حسون في كلمته أمام المعتصمين في درعا، وما يتداوله إعلام حزب الله وحركة أمل بشأن الوضع في البحرين وليبيا واليمن، إلا إذا كانت المطالبة بالحرية في سوريا تهدد وجود الأقليات ومصير لبنان وسوريا، وبالتالي يكون مصير النظام السوري أهم من استقرار لبنان ونظامه، ولذلك يجب أن يبقى الشعب السوري واللبناني يعانيان من ممارسات التسلط وسطوة السلاح غير الشرعي وعصابات البلطجية والشبيحة والأهالي وغيرهم من التسميات المشتركة في لبنان وسوريا..

======================

التوأم العربي المسيحيّ.. ما نعرفه ونخاف أن نجهر به.. بقلم سعيد نفّاع

سعيد نفاع

موقع فلسطين 48

مداد القلم نقلا عن موقع مركز الحوار العربي في واشنطن

3/11/2010

العرب المسيحيّون والعرب المسلمون في الشرق كانوا على مدى القرون توأمين سياسيّين حياة وفكرا، فرحا وهمّا، رغم كل التداعيات والتحديّات التي واجهت هذا الشرق بصراعه المستمر مع الغرب، ورغم العوامل المحليّة الطوائفيّة. ما نعرفه كلنا في كل أرجاء وطننا العربيّ أنّ التواجد العربي المسيحي في شرقنا هو في تناقص عدديّ وليس لأسباب بيولوجيّة، ونحن نعرف هذه الحقيقة ونعرف أسبابها ولكننا نخاف قول بعض الأسباب جهرا.

هذا التناقص ليس خاصّا بمنطقة أو ببلد وإنما يشمل كل أماكن التواجد من العراق شرقا وحتّى مصر غربا مرورا بفلسطين مولد السيّد المسيح (ع) والمسيحيّة ونقطة انطلاقها. وقد طفا الموضوع مؤخرا وكثرت الاجتهادات فيه لدى الكثير من القيادات العربيّة المسيحيّة في المنطقة والقيادات الدينيّة المسيحيّة حتّى أعلاها، سيّد الفاتيكان.

الحفاظ على التواجد العربي المسيحيّ في المنطقة هو ليس فقط عاطفيّا ومن منطلق كونهم توأما لنا وإنما كذلك من كون هذا التواجد من مصلحة التوأم الآخر المسلم على مختلف مذاهبه، خصوصاً أن الإسلام يتعرّض لحملة تشويه منهجيّة تلعب الحركة الصهيونيّة دورا فاعلا فيها.

موضوع هذه المقالة هو التواجد المسيحي في بلادنا فلسطين، ففيها لم ينج الكثير من المسيحيّين من التهجير النكبويّ في ال-1948 والكثير من قراهم هُجّرت أسوة بالقرى الأخرى وحملوا همّ ونتائج النكبة تماما كما حملتها بقيّة شرائح أبناء شعبنا. لكن التناقص في عدد من تبقى منهم في البلاد ممّن تبقى بعد النكبة من أبناء شعبنا، يثير الكثير من التساؤلات التي نعرف إجاباتها وفي الكثير من الأحيان نخاف الجهر بها. الخوف من الإفصاح عمّا نعرفه في هذا السياق حتى لو كانت معرفتنا منقوصة، عامل مقوٍّ لهذا التناقص، وربما أن الانتقال من المعرفة الذاتيّة إلى القول العلن يعزز هذا التواجد ويوقف الهجرة المتزايدة ويقي البيت.

المعطيات التي نشرتها مؤخرا دائرة الإحصاء المركزيّة والمعطيات التي جاءت في استطلاع الدكتور جريس خوري ونشرتها صحيفة "كل الناس" يجب أن تقلقنا جميعا وتدفعنا للجهر بأسباب أساسيّة ودون مواربة، وانطلاقا ليس فقط من ألم فقدان التوأم حياة وفكرا وإنما مصلحة كما قلت أعلاه. فحسب هذه المعطيات:

في العام 1950 كانت النسبة من عرب ال-48: للسنّة %70 وللمسيحيين %21 وللدروز %9.

في العام 1970 صارت النسبة للسنّة %75 وللمسيحيين %17% وللدروز %8.

في العام 1990 كانت النسب على التوالي %78 ، %13 ، %9. (عدم التناسق بين هذه النسب وما قبلها نابع من شمل سكان القدس وسكان هضبة الجولان في الإحصاء).

في العام 2008 كانت النسب على التوالي %83 ، %8 ، %8.

ومن المتوقع أن تكون العام 2030 : %86 ، %7، %7.

تزايد الأقليّة العربيّة في ال-2008 جاء بالأساس نتيجة طبيعيّة للتوالد والوفيّات 39,000 ولادة و-4,000 وفاة، ونسبته 2.6% في هذه السنة في حين كان 3.4% بين السنوات 1996-2000 وللمقارنة فعند اليهود كانت النسب على التوالي 1.8% ، 1.7%. أما النسب فيما بين توائم الشعب الفلسطيني فهي كالآتي:

المسلمون: 3.6% في الأعوام 1996-2000 تراجعت إلى 2.8% في العام 2008.

المسيحيّون: 1.9% في الأعوام 1996-2000 تراجعت إلى 1.3% في العام 2008.

الدروز : 2.4% في الأعوام 1996- 2000 تراجعت إلى 1.8% في العام 2008.

نرى أنه منذ سنوات الخمسينات تزايدت نسبة المسلمين السنّة من بين فلسطينيي البقاء ونقصت نسبة المسيحيين وحافظ الدروز على نسبتهم أخذا بالحسبان شمل 20,000 درزي في هضبة الجولان المحتلّة وقرابة ال250,000 مسلم ومسيحي في القدس الشرقيّة المحتلّة.

في مقالة لي نشرتها قبل مدّة تحت عنوان: "كيف تفكك إسرائيل القنبلة الديموغرافيّة؟" عالجت موضوع هذا التراجع لدى العرب مجتمعين بعمق. وما حداني على معالجتي هذه هو هذا التراجع الكبير في نسبة توأمنا المسيحي، من 21% بعد النكبة إلى 8% عام 2008 والمتوقع ل7% عام 2030. الأرقام أعلاه تفيدنا أن نسبة الزيادة الطبيعيّة المنخفضة عند هذا التوأم لا تودي ولا بأيّ شكل من الأشكال إلى هذا التدني بمقدار الثلث.

ما نعرفه هو أن السبب الرئيس لهذا التراجع هو الهجرة الواسعة بين المسيحيين والقليلة نسبيّا عند السنّة وشبه المعدومة عند الدروز. والسؤال هو: هل هذا نابع ممّا نقوله ونفصح عنه مثلا عن إمكانيّة أوسع لديهم للاندماج في المجتمعات الغربيّة لأسباب دينيّة؟ أو أنّ التفتيش عن مستوى حياة اقتصاديّ أفضل هو السبب؟

ما من شكّ أن نسبة المتعلمين بين المسيحيين كانت وما زالت الأعلى بين كل توائم أبناء شعبنا ويكفي للدلالة أن نسبة الحاصلين على شهادات ثانوي مؤهلة للجامعات للسنة الدراسيّة 20072008 وصلت بين المسيحيين إلى 53%، بينما وللمقارنة وصلت عند المسلمين إلى 31% وعند الدروز إلى 37%. أما عند اليهود فإلى 48% وهذا يعود لشمل الوسط الديني المتشدد وبلدات التطوير ففي البلدات المتمكنة تصل النسب إلى فوق ال80%. فمبدئيا هذا التحصيل يؤهل الشباب العرب المسيحيين في كل المجالات فلماذا يفضلون مع ذلك الهجرة؟

على ضوء ذلك فالأسباب المعروفة والمتداولة والمُفصح عنها هي جزء من السبب ولكن السبب الأساسي والحقيقي لهذه النتيجة متعلق بالشعور بالاغتراب والأكثريّة هي المسئولة. لقد فقد شعبنا لفترة توأما آخر هم العرب الدروز لأسباب كثيرة سلطويّة وذاتيّة، ولكن لا يمكن أن نبقى طامري الرؤوس في الرمال معفيين أنفسنا كأكثريّة سنيّة من المسئوليّة إذ تساوقنا مع فصل التوأم هذا، وحتى عندما يحاول وبجد الرجوع إلى مكانه الطبيعيّ لا نجد الاستعداد المطلوب لعودته إن لم يكن أكثر من ذلك. فهل نحن في طريق فقدان التوأم الآخر العربي المسيحي؟!

في استطلاع للرأي نشر مؤخرا كما ذكرت للدكتور جريس خوري جاءت النتائج:

72% من الشباب المسيحيين يشعرون بالضياع من حيث الهويّة والانتماء.

46% يرون في المركب المسيحي أولا في هويتهم.

29% يرون في المركب العروبي أولا في هويتهم.

10% يرون في المركب الفلسطيني أولا في هويتهم.

و83% يرون أن العلاقات مع المسلمين والدروز قد ساءت في السنوات الأخيرة، و61 يرون أن التعصّب الديني لدى الطوائف ينبع من الجهل الذي يعاني منه كل طرف في نظرته للآخر.

اعتادت قرانا المتجاورة قبل ال48 ونتيجة لظروف الحياة وضعف الحكم المركزي أن تعقد تحالفات بينها للدفاع عن أنفسها، ولم تكن لهذه التحالفات صبغة دينيّة والتاريخ القريب يعرف "حلف الدم" الذي كان بين بيت جن الدرزيّة وسحماتة المسيحيّة وعرابة السنيّة. فكيف يصير 83% من الشباب المسيحيين يرون أن العلاقات ساءت؟ وأكيد أنّ نسبا متقاربة كنت ستجدها عند الشباب السُنة والدروز لو استطلعت آراءهم!.

الدكتور جريس يعزو هذه النتائج فيما يعزو إلى أسباب تقليديّة نعرفها مثل مناهج التدريس وغيرها، ولكنه يشير وب"حياء" إلى دور القيادات العربيّة المقصّر في تعزيز الشعور بالانتماء وإلى تنامي الحركات الإسلاميّة التي تتوجه فقط للمسلمين. يمكن أن نتفهّم هذا "الحياء" عند الدكتور جريس لكنه زاد عن الحدّ في حيائه.

النتائج أعلاه هي تماما التي أرادتها الحركة الصهيونيّة وقبل قيام الدولة بكثير، ففي عام 1920 وإثر انتفاضة أبناء شعبنا التي سُميت "ثورة القدس"، زار وايزمن رئيس المنظمة الصهيونيّة البلاد متفقدا باحثا عن السبل الكفيلة بتسهيل قدوم اليهود، وقد وجّه لجنة المندوبين في المنظمة الصهيونيّة لتحضير برنامج عمل بين عرب فلسطين جاء في هذا البرنامج:

"يجب تنظيم أواصر صداقة مع العرب وبث روح العداء بين المسيحيين والمسلمين وتعميق الفارق في المجتمع الفلسطيني عن طريق إبعاد البدو عن باقي العرب وزرع الفتن بين المسيحيين والمسلمين والدروز".

عدوّنا لم ينوِ لنا الخير ولا ينويه وهذا أمر مفروغ منه تاريخيّا وحاضريّا ومستقبليّا كذلك، ولكن هل نحن ننوي الخير لأنفسنا؟

في مذكراته يروي المغفور له الحاج أمين الحسيني كيف كان الإنجليز يطلقون سراح مجرمين من السجون ويسلّحونهم ويوجهونهم للقيام بالاعتداء على المسيحيين ويروي حادثة عينيّة وكيف أوكل المجاهد عبد القادر الحسيني القضاء عليهم، وليس الحال بمختلف اليوم وإن اختلفت طرقه وأدواته.

المعطيات أعلاه لا تشير إلى أننا ننوي الخير لأنفسنا ويجب أن نقولها وبدون حياء ولا مواربة ولا تورية ولا ديماغوغيّة: إنّ فقداننا هذا التوأم نابع كذلك وبالأساس من تعاملنا نحن أبناء المذاهب الأخرى مع توأمنا هذا. فما حدث في الناصرة في قضيّة شهاب الدين وما حدث في المغار وعيلبون ومؤخرا في شفاعمرو من اعتداءات وما حدث ويحدث في طرعان واعبلين من صراعات، وهكذا في نجع حمادي في مصر ونينوى في العراق، عوامل أساسيّة إن لم تكن الأساس في فقداننا هذا التوأم الهام جسديّا ومبدئيّا ومصلحيّا كذلك، وفقط لأنه "شريك" مع الغرب في الانتماء الدينيّ وكأننا بذلك نقتص من الغرب، لكن هذا ليس معناه أن يتقوقع كذلك هذا التوأم اجتماعيّا وحتى اقتصاديّا ومهما كانت الظروف، ففي الكثير من الأحيان تُسمع هذه الادعاءات تجاهه ودون علاقة للاعتداءات أو الصراعات وفيها الكثير من الصحّة.

لا يقلّ عن هذه الأسباب الخطاب الدينيّ الإسلامي المحض كذلك في المناسبات الوطنيّة لدى الكثير من القيادات الإسلاميّة الوطنيّة وهذا ما أشار إليه الدكتور جريس ولكن كما قلت ب"حياء"، ولدى الوطنيّة العِلمانيّة وحتى القوميّة منها. ممّا يولد تساؤلا شرعيّا لدى أبناء هذا التوأم الوطنيين منهم قبل الآخرين: إذا كان لا بدّ فلمَ الاقتصار على جانب؟!

الحل هو تعزيز التواصل الوطنيّ فوجودنا في بلادنا إن لم يكن الجسديّ فعلى الأقل شكل هذا الوجود هو المهدّد من أعدائنا، فلا يعقل أن يكون مهددا كذلك من داخلنا بخلق الاغتراب فيما بيننا بأيدينا، اعتداءات وتغييب من ناحية وتقوقع من الأخرى.

مواطن وأركان قوتنا في الحفاظ على تعزيز شكل وجودنا المُهدّد تكون بتواصلنا اجتماعيّا واقتصاديّا وسياسيّا خطابيّا، وفوق كلّ ذلك وطنيّا بتغليب المشترك بيننا فغير المشترك هو بيننا وبين الله و"الدين لله أمّا الوطن فللجميع"، فلا يعقل أن نهدم كل ذلك بأيادينا. والمسئوليّة تقع على كل التوائم ولكنها أولا على عاتق التوأم الأكبر.

======================

رسالة إلى وزير سوري

المهندس هشام نجار

المنسق العام لمنظمات حقوق الإنسان العربي - نيويورك

مدونة الكاتب 21/4/2011

السيد وليد المعلم وزير الخارجية في الجمهورية العربية السورية المحترم دمشق -

تحيه طيبه وبعد

سيدي الوزير

إن معلومات الشعب السوري عنكم هي انكم تشغلون منصب وزير الخارجيه في الجمهورية العربية السورية وأن مهمتكم تنحصر في تمثيل سياسة النظام السوري وعلاقة النظام مع الدول الأخرى. هذا نعرفه تماماً عنكم ولكن ما لا نعرفه عنكم هو أنكم تشغلون منصب وزير الداخليه أيضاً من خلال تصريحاتكم الأخيره والتي نعتقد انها لا تدخل ضمن إختصاصكم كوزير للخارجيه الا إذا كانت التشكيله الجديده للوزاره الجديده قد أضافت لإختصاصكم إختصاصاً آخر, فإن كان هذا قد حصل فأرجو المعذره, فالشعب السوري لايعير إهتماماً كثيراً لهذه التغييرات حيث انه لا يجوز له أن يعلم لماذا أقيلت هذه الوزاره أو تلك! ولماذا جاءت هذه الوزاره أو تلك! كل ما عليه ان يعلم هو ان الوزاره المقاله لم تنفذ تعاليم السيد الرئيس,اما الوزاره الجديده فكل ماعلينا ان نعرفه عنها أنها ستنفذ تعاليم السيد الرئيس.

إعذرني سيدي الوزيرعلى هذا الإسهاب ولكنه أراه ضرورياً للوصول الى تصريحين لكم يدخلان بإختصاص وزير الداخليه حتى لا أقول انها من إختصاص مدير مخابرات أمن الدوله.

التصريح الأول كان بلغة تهديد للشعب المتظاهر والمطالب بحقوقه بإستعمال الشده إن هو لم يتوقف عن تظاهراته.

والتصريح الثاني قولكم ان الإصلاح لن ينفذ تحت ضغط الشعب.

هنا كان علي أن أسألكم كفرد من أبناء هذا الشعب إذا لم ترضخون لمطالب الشعب وهي مطالب مشروعه وقُدمت لكم بطريقة سلميه وصلتكم بطريقة الضغط من شعب غاضب إستهترتم به اربعين عاماً او تزيد ...فمتى ترضخون؟ ولماذا لاترضخون؟ وما هي رتبتكم السماويه حتى لاترضخون؟ هل الشعب موكل بكم أم أنكم موكلون بالشعب ...بالرغم ان الشعب لم يستشر بإختياركم.

السيد الوزير

ضغوط الشعب لاتعجبكم؟ ولكن ضغوط الدول الكبرى عليكم تُعجبكم ولا تستطيعون لها رفضاً ولاتجبرني على أن أعددها لكم ,فقد يأتي موضوعها في مقالة أخرى .

السيد الوزير

أريد أن اقول لكم بصراحة شديده هي أن سوريا بعد الخامس عشر من آذار هي غيرها قبل الخامس عشر من آذار.وعليكم أن تتعاملوا مع الشعب السوري كمواطن حر وليس عاملاً في مزرعتكم. وإعلموا ان الشعب السوري قد حزم أمره ولن يرضى بغير الإصلاح الكامل بديلاً ولن يلبس بعد اليوم ثوباً بألف رقعة ورقعة ليبدو منظره كمهرج في سيرك وأنتم عليه تضحكون.

السيد الوزير

الشعب حزم أمره وعرف طريقه.. فهل أنتم مدركون؟

مع تحياتي

======================

86 عاما على اغتصاب الأحواز.. شعب لن يموت

بقلم : داود البصري

السياسة الكويتية

في ليلة الخامس و العشرين من نيسان العام 1925 رسم الغدر و التآمر الدولي و الخبث الشاهاني الإيراني شراكه الدموية الأولى ليوقع بعروبة إقليم الأحواز العربي قلبا وروحا و قالبا منذ فجر التاريخ , ففي ذلك اليوم صحا العالم على نبأ إجتياح قوات الجنرال فضل الله زاهدي لعاصمة إمارة عربستان العربية (المحمرة ) في مؤامرة غدر و دسيسة تم خلالها إعتقال الشيخ خزعل الكعبي و أبنائه و إحتلال إقليم الأحواز إحتلالا عسكريا مباشرا ألحق بعده الإقليم العربي بالدولة الإيرانية التي أعدت العدة و هيأت السبل لحملة هائلة من التطهير العرقي و المعرفي و الإلغاء الثقافي و محاولة تبديل الهوية الديموغرافية وحتى الفكرية و اللسانية للإقليم مع ما إستتبع ذلك من تفريس لجميع معالم الحياة هناك و بما شمل تغيير حتى أسماء المدن و العوائل و كل شيء , ورغم ضخامة و شراسة الحملات الحكومية الإيرانية إلا أنها لم تنجح بالكامل في إنهاء عروبة الإقليم أو في جعل سكانه من فاقدي الهوية و الإنتماء و الجذور , بل كان العكس هو الصحيح تماما فالتحدي المفرط قد خلق إستجابة هائلة لذلك التحدي و جعل الأجيال الناشئة و الشابة و التي لا علاقة لها بالماضي و نشأت تحت رعاية وفكر الدولة الإيرانية نفسها تتمرد على قيودها و تعود لجذورها الأصلية و تؤسس بشكل فاعل لحركة نهضوية أحوازية عربية تنادي بالتحرير و بالتخلص من حكم الفئة المتغلبة الباغية في طهران و التي تعتمد في تسلطها على الرعب و التقتيل و الدجل و الخرافة , لقد سقط نظام الشاه الإيراني نتيجة لمقاومة الشعوب غير الفارسية أيضا وفي طليعتها الشعب العربي الأحوازي الذي بذل الغالي و النفيس من أجل الحرية و العدالة , إلا أن تطورات الأوضاع في إيران بعد الثورة الشعبية الكبرى العام 1979 وهيمنة تيار صفوي شعوبي عنصري متخلف و عدواني على السلطة قد أدت لمآس و مجازر عانت منها الشعوب الخاضعة لتلك السلطة الغشوم وفي طليعتها أيضا الشعب العربي الأحوازي الذي خاض نضالا صعبا و حاسما في زمن إختلطت فيه الأوراق و كانت كلفة النضال و الجهاد عالية جدا و مكلفة للغاية و صعبة وشاقة لكن رغم كل الظروف إستطاعت طلائع الشعب العربي الأحوازي فك قيودها و المباشرة بتبصير شعبها و تعريفهم بالهمجية الصفوية الحاكمة و برفع حجاب التخلف و التجهيل وحيث لمس الشعب الأحوازي بشكل واضح الجهود الحكومية الخبيثة في تغيير ديموغرافيا و حتى جغرافية الإقليم من خلال عمليات الإحلال السكاني و الطرد الممنهج و توفير الإمكانيات للمستوطنين الفرس و مضايقة أهل الأحواز في أرزاقهم و حياتهم لدفعهم للهجرة من أجل إنجاح حالة التغيير الديموغرافي المنشودة و التي عملت من أجلها للأسف حكومة الرئيس الإيراني ( الإصلاحي ) السابقة محمد خاتمي من خلال نائبه الأسبق ( محمد علي أبطحي ) و التي أشعلت نار إنتفاضة شعبية أحوازية كبرى لم يهدأ أوارها حتى اليوم بل على العكس فقد تضافرت الجهود الوطنية الأحوازية الحثيثة من أجل الإستمرار في إشعال الثورة الأحوازية العربية الكبرى التي إنطلقت و لا يمكن لأعتى الطغاة الوقوف بوجهها او التحلل من مطالباتها , تسعة عقود طويلة وقاسية قد مرت من عمر الإحتلال الإيراني الذي نهب الوطن و دمر الشعب و فرض سياسة الإفقار و التجهيل و التهجير و الكراهية ثم زادت عطايا ذلك الإحتلال لتشمل سياسة تعميم المشانق و القتل بالجملة على أحرار الشباب الأحوازي الذين رفعوا راية النضال و الصراع من أجل إعادة تحرير الوطن وربطه بأمته العربية عبر التخلص من كل موبقات الإحتلال الإستيطاني المتخلف , لا عاصم اليوم من أمر الله , فقد قال الشعب العربي الأحوازي كلمته ولم يعد ممكنا التراجع للوراء فدماء الشهداء تظل أبد الدهر عن الحرية و الثأر تستفهم , و إرادة أحرار الأحواز هي أكبر من كل عمائم الدجل و تقديس الخرافة , و قبضات الأحوازيين المرفوعة في وجوه شياطين الحرس الإرهابي الثوري ستستمر في التحدي و بالتضامن مع الشعوب غير الفارسية الأخرى في إيران كالأكراد و البلوش و الآذريين وجميع المظلومين من أجل تقريب يوم النصر و الخلاص, لقد عمل الإحتلال الإيراني طويلا ودفع كثيرا من أجل أن تموت الروح و اللغة العربية في الأحواز و لكن ساء ماكانوا يعملون وقبح ما كانوا يفكرون , لقد إنتصرت الروح العربية الأحوازية و نفضت عن نفسها غبار الذل و الضيم و القبول بالإحتلال الإستيطاني و أبت إرادة الأحرار في الأحواز إلا أن تصحح التاريخ و تطلق شرارة الإنتفاضة و الثورة الجماهيرية الكبرى التي ستغسل في النهاية عار و موبقات و إفرازات الإحتلال و ستؤكد عروبة وخليجية هذا الإقليم العربي الستراتيجي المهم و بما سيكون ضربة قاتلة لكل مخططات الشر و العدوان و الفوضى الإيرانية , لن يفلح الدجالون مهما بذلوا من جهد و أظهروا من قمع فإرادة أحرار الأحواز الصلبة لن تعلوها إرادة و سينتزع الإستقلال إنتزاعا من عيون الدجالين و ستسقط عمائم الدجل و الخرافة تحت الأقدام الأحوازية الحرة , لقد إنتهى ليل الإحتلال و سيعانق الأحوازيون تاريخ الحرية المقدس بعد أن كتبوا بدماء شبابهم الزكية أنشودة المجد و الحرية و الإستقلال.. إنتظروا عرس الحرية العربية الأحوازية المقبل الذي سيعمي عيون الشياطين و الدجالين.

فيديو عن ثورة الأحواز العربية

http://www.youtube.com/watch?v=QfUYK

oj0mEY&feature=channel_video_title

http://www.alahwaz.org

www.arabistan.org

كاتب عراقي

====================

سورية تعيش لحظتها التاريخية المنتظرة

خولة دنيا

21-4-2011

القدس العربي

لحظة انتظرناها جميعاً منذ عشرات السنين، وحتى نكون منصفين، فالجميع انتظروها، شعباً ونظاماً، الشعب انتظر'انزياح'كابوس القمع والأمن والفساد' من'فوق رأسه.. والنظام لا بد أدرك أن هذه اللحظة آتية إن'عاجلاً أم آجلاً.

فكيف سنتجاوزها بأقل الخسائر الممكنة؟

سأتحدث عن الشعب السوري، ليس لأن النظام لا يعنيني، بالعكس يعنيني كثيراً، فهو'على ما يبدو يعيش اللحظة وقد أعد العدة لها وتهيأ لها أكثر بكثير مما كنا نعتقد أو مما هيأنا أنفسنا نحن..

من الواضح أن النظام السوري وعلى مدار العقود الأربعة الماضية كان من القوة بحيث أوصل سورية وشعبها إلى حالة من العزوف عن السياسة، تجلت خلال العقدين الماضيين بالصمت المطبق من ناحية الناس، وبأصوات تم اعتقالها بعدما اتفق على تسميته بربيع دمشق، من استلام بشار الأسد للسلطة بعد أبيه.. وعلى الرغم من محاولات كهول السياسة إعادة الروح إلى جسد الشعب للاهتمام بالشأن العام، إلا أن هذه المحاولات بقيت مقتصرة على عدد محدود من السياسيين السابقين والمثقفين. كانت الثورات العربية هي عودة للروح في جسد السياسة السورية، غير انها اقتصرت على الاهتمام بشؤون البلدان التي طالتها من دون التفكير بأنها ستنتقل إلينا.

وبصراحة أقولها لم أتوقع أن تنتقل إلى بلادنا، على الرغم من التوقعات بحدوث ذلك، وذلك لمعرفتي بحالة اللامبالاة والابتعاد التي يعاني منها الشعب السوري وخصوصاً الشباب منه. ولكن يبدو أن النظام كانت لديه حسابات من نوع مختلف.

هذا النظام الذي دأب منذ بداية الألفية الجديدة وضمن ما يسمى بإصلاح الاقتصاد، على تكريس سيطرة مجموعة قليلة من رموزه على مقدرات البلد وثرواته، فرأينا تغول مجموعة من الأسماء أبرزها رامي مخلوف، ذلك الفلتة الاقتصادية الذي امتلك البلد إلا قليلاً ترك لإرضاء ما تبقى من الموالين الصادقين.

مع هذا التغول الكبير.. كان لا بد من أجهزة أمنية قوية بقيت تقوم بدورها على أكمل وجه على مختلف مسمياتها.. فكانت تقمع أي فكر مخالف وفي أي مجال كان.. سواء كان اقتصاديا أم سياسيا، أم حقوقيا.. وكانت النتيجة مزيداً من الاعتقالات النخبوية على عكس ما رأيناه في الثمانينات من قمع شامل ومعمم لكافة شرائح المجتمع.

هذا النظام ومع بدء حركة التغيير في العالم العربي يبدو أنه كان يعد العدة لأي تحرك مماثل في سورية.. وعلى الرغم من الاطمئنانات التي حاول الرئيس تصديرها للخارج حول أن سورية آمنة من التغيير، وأن الشعب السوري غير مهيأ بعد للديمقراطية (حسب اللقاءات معه مع الجرائد الأجنبية)، إلا أن ما حدث على الأرض يكشف مدى خوف النظام من هذا التغيير.. فقام بالضرب فوراً في درعا، على الرغم من اتفاق جهات كثيرة على أنه كان بالإمكان احتواء الوضع بأقل الخسائر الممكنة.. حتى في مراحل متقدمة مما حدث في درعا.

وكأن النظام كان قد أعد خطة متكاملة للتعامل مع الأحداث، وكأن القمع العنيف والمباشر سوف يسكت أي محاولات للتغيير، أو لخروج الناس إلى الشارع.. إلا أن الرقي الذي لاحظناه في تعامل الناس في درعا والشعارات التي رفعت في درعا ودوما، زادت من تخوف النظام والجهات الأمنية، حيث أعطت نتائج معاكسة لما كان مطلوبا منها، فبدلاً من السكوت تزايدت الأصوات المنددة بالقمع والقتل.

ويبدو أن خط الرجعة الذي وضعه الجهاز الأمني للخروج سالماً من قمعه وقتله للناس، لم يجد نفعاً. خط الرجعة هذا متمثلاً في رمي التهم جزافاً على ما يسمى بالمندسين أو العصابات المسلحة القاتلة.

وبقيت الأيدي تشير إلى أجهزة النظام، لمعرفتها التامة بما يحدث على الأرض.. هذه الاشارات التي انتشرت في مناطق الاحتجاج الأخرى.. فمن الواضح للجميع من يقوم بالقتل.. وإن تغير الشكل الذي يأخذه أو اللبوس الذي يلبسه..

فرأينا دوما تشييع جثامين شهداء جدد.. وانتقلت الاحتجاجات فجأة إلى الساحل السوري بمكوناته المتعددة والمختلطة والممزوجة في النسيج الاجتماعي للمنطقة.. وهذه المرة كانت مترافقة مع ما يسمى بالفتنة وخطة بندر بن سلطان.. والحريري وخدام..

ولا أنكر أن الكثير من الناس انطلت عليهم كذبة المؤامرة، خصوصاً مع تزايد الاحتجاجات والقتل المرافق لها.

الساحل له خصوصية في ميزان النظام السوري.. فهو يعتبره منطقته الخاصة التي يجب أن لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها أو الخوض في مشاكلها المتزايدة مع الفلتان الذي عاشته هذه المنطقة بسبب ما يسمى الشبيحة، والشبيحة هذه الظاهرة القديمة في الساحل، التي عانت منها جميع الأطراف، بسبب تسلطهم وتجمعهم في عصابات تكسب المال من ترهيب الناس والعمل في تجارة المخدرات والسلاح والتهريب عبر الحدود، هذه العصابات التي يترأسها رموز من عائلة الأسد وأتباعهم المستفيدين من قربهم منها، والذين لا يجرؤ أحد على الخوض معهم في أي خلاف يمكن أن تكون نتيجته الموت أو الاعاقة أو النفي، فلا مجال أمام الجميع سوى الصمت.

هؤلاء الشبيحة الذين يتعاملون على أن المنطقة منطقتهم وألا أحد يجب أن يجسر على مخالفتهم أو مخالفة النظام القائم، لأن أي مس بالنظام وأي تغيير في طبيعته أو القائم عليه، سيكون ثمنه عليهم كبيراً..

لذلك كانت استماتتهم لإيقاف أي محاولة احتجاج من أي جهة كانت، فقاوموا الاحتجاجات بالاستعراضات المسلحة وإطلاق الرصاص وترهيب من يقوم به.. والقتل كذلك.. ومن المشاهد الغريبة أن الجيش أو الشرطة يبتعدون ليفسحوا مجالاً لهؤلاء عند حضورهم.. فالساحة ساحتهم والقضية تعنيهم بشكل مباشر فهي قضية حياة أو موت بالنسبة لهم.. فدفعت أموال كثيرة لكسب ضعيفي النفوس من مختلف الفئات إلى جانبهم.. وأكثر من ذلك دفعت أموال لإيجاد أصوات بين المتظاهرين تتيح المجال لفتح النار عليهم..

إذن قامت السلطة بالعمل على محاور عديدة:

القمع المباشر والعنيف لأي حركة احتجاج مهما كان الثمن الذي يتم دفعه.

استخدام الأساليب غير المباشرة في القمع.. مثل عناصر الأمن بملابس مدنية، وموالين ينزلون الى المظاهرات ويضربون الناس ويخونوهم.

الشبيحة والامتيازات التي يتمتعون بها ونشرهم بعد معرفة جدواهم في المدن كافة، وباستعراضات للقوة لا يخفى المغزى من ورائها.. فترك المتظاهرين لقمع هؤلاء الذين يضربون بسيف النظام نفسه.

التركيز الاعلامي المتعمد والمكثف لغسل ادمغة الناس لأكثر من هدف: 1 للابتعاد عن القنوات الفضائية الأخرى (خاصة مع منع أي قنوات من تغطية الأحداث الجارية في سورية واحتكارها من قبل إعلام السلطة ومن يجاريها من مثل قناة الدنيا). 2 تكريس موضوع الفتنة في الوجدان الشعبي السوري والتخوف من أي مستقبل للتغيير في سورية، فأصبح السوري أمام خيارين (السلطة القائمة مع الأمن الذي تحققه أو الفتنة الطائفية). 3 الابتعاد عن الواقع والحقائق على الأرض.. فدأب الإعلام على تسويق صورته الوحيدة للأحداث، كما دأب على تفنيد وتكذيب كل ما يصدر عن غيره.. كما دأب على تكريس فكرة المندسين والعصابات المسلحة. 4  نقل كل ما يؤجج الروح الطائفية ويغذيها ويساهم في الفتة فعلاً لا قولاً (ولقد لاحظنا هذا البارحة بالذات حيث غطى التلفزيون ولساعات طويلة استشهاد ضابط من حمص مع ولديه وابن أخيه بطريقة فظيعة وهم من طائفة معينة، بينما مات المئات في درعا ودوما وبانياس وحمص واللاذقية، من دون أي نقل لموتهم أو طريقة سقوطهم أو الجهات التي قامت بذلك)..

وفي حمص المدينة المختلطة بأحيائها وناسها تم اللعب على هذا المحور منذ البداية، حمص المدينة الوسطى في سورية والمعروفة بمدينة المحبة والظرافة والناس الدمثين، حمص الواقعة في الوسط بين دمشق وحلب وكأنها طريق العبور الاجباري بين الجنوب والشمال وبين الغرب والشرق. في حمص ومنذ البداية انتشر ما يسمى بالعصابات المسلحة تروع السكان وتجوب الحارات وتطلق الرصاص ليلاً ونهاراً في الأحياء كافة.. هذه العصابات التي لم يقم الأمن المعروف بقوته بإلقاء القبض عليها، ما يرسل الكثير من إشارات الاستفهام والتعجب..

ومازالت حمص تعيش على وقع هذه العصابات وهذه الفتنة حتى البارحة كذلك، حيث تم استبدال العصابات المسلحة والمندسين بما يسمى بالسلفية الجهادية، فجاء هذا التصنيف الجديد بعد مظاهرات حمص الدامية والاعتصام الذي قام في ساحة المدينة الرئيسية. جاء ليرهب أي مشارك في المظاهرات وليصم المظاهرات بوصمة جديدة تبرر تفرقتها بأقسى السبل.

فالنظام حاول من جهة عزل فئة كبيرة من الشعب السوري بسبب الخوف أو قيام الفتنة، أو بسبب الولاء العفوي أو الولاء الذي تم شراؤه.. ومن جهة أخرى قام بضرب الرافضين للانعزال بكل الوسائل أيضاً (الأمن.. الشرطة، الجيش، الشبيحة.. وحتى الأهالي أنفسهم الموالين والرافضين لما يسمى الفتنة أو المقتنعين برواية السلطة إن بقناعة كاملة أو كمن يريد التصديق لأنه لا يريد تصديق البديل المرعب الذي روجت له السلطة على مدار الأسابيع الماضي).

ما تلوح بوادره الآن هو الانشقاق في المجتمع السوري، انشقاق يجب تلافيه درءاً للأسوأ، وهو ما يجب أن تعمل عليه المعارضة والمثقفون معا.. وكذلك فئات الشعب المطالبة بالتغيير.

فهل الأمل مازال موجوداً لمثل إمكانية كهذه؟

عانت الأحزاب في سورية من قمع شديد على مدار العقود الماضية.. غير ان هذا لن يعفيها الآن من القيام بدورها، كما عانى المثقفون السوريون من دفع ضريبة كبيرة بسبب مواقفهم.. وهذا كذلك لا يمكن أن يعفيهم من القيام بدورهم في هذه اللحظة التاريخية.

يتمثل هذا الدور في إعادة اللحمة والثقة بين فئات الشعب كل من موقعه ومكانه.

لقد كان الشعب السوري في كثير من الأماكن على قدر الثقة، فلم نر أي شعارات طائفية أو سلوكات مسيئة، ولكن هل هذا سيستمر في المدن الأخرى؟

هذا ما بات الخوف منه الآن هاجساً لنا جميعاً.. هذا ما بات العمل عليه ضرورة وطنية بامتياز..

ولكن ما اعتبره الأكثر أهمية في كل الحديث السابق هو الحديث عن لحظة سورية بامتياز..

نعم لحظة انتظرناها طويلاً ومجيئها الآن قد يكون ضمانة للأطراف كافة من مجيئها في أي وقت آخر..

فالروح الوطنية التي شاهدناها في تونس ومصر ألقت بظلالها على الساحة السورية..

ولأول مرة منذ زمن بعيد نرى وحدة الشعارات، ووطنيتها في الشمال والجنوب وفي الشرق والغرب..

روح شملت الكثير من أبناء سورية الراغبين بالتغيير، وبأن المستهدف ليس طائفة معينة أو جهة معينة كما كان يتم تداوله سابقها، لا المستهدف هو نظام مستفيد بكل مكوناته، مقابل شعب مغيب ومنهوب بكل فئاته..

ولأول مرة نرى نوعاً من التمييز بين الحاكم والطائفة التي جاء منها.. وهذا إنجاز كبير للساحة السورية يجب أن لا يتم تفويته.. فقد لا يكون كذلك في أي لحظة للتغيير قادمة ولابد.

'

' كاتبة سورية

======================

سورية دون حال الطوارئ: مَن الذي سيتنحى؟

صبحي حديدي

2011-04-21

القدس العربي

إذا تكرّم بشار الأسد، فوجد وقتاً لتوقيع مشاريع القرارات التي أحالها إليه مجلس الوزراء، حول رفع حال الطوارىء وإلغاء محكمة أمن الدولة وتنظيم حقّ التظاهر، فإنّ بين الأسئلة الطريفة الفورية ذاك الذي يقول: وماذا سيفعل، بعد انقلاب المشاريع إلى قرارات نافذة، كبار الضبّاط في مختلف الأجهزة الأمنية، من أمثال اللواء علي مملوك، واللواء زهير الحمد، والعميد ثائر العمر، والعميد أنيس سلامة، والعميد حافظ مخلوف (من جهاز المخابرات العامة/ أمن الدولة)؛ أو اللواء عبد الفتاح قدسية (المخابرات العسكرية)، واللواء جميل حسن (مخابرات القوى الجوية)، واللواء محمد ديب زيتون (شعبة الأمن السياسي)؟

كانت مهامّ هؤلاء تنصبّ على اعتقال المعارضين، نساء ورجالاً، شيباً وشباباً، والتنكيل بهم، وإحالتهم إلى محكمة أمن الدولة، أو إلى محاكم مدنية ليست أقلّ ارتهاناً للجهاز الأمني، بتهم شتى صارت مضحكة أكثر ممّا هي مخزية ('وهن عزيمة الأمّة'، في المثال الأشهر). وكان بين مسؤولياتهم، 'الجسام'، منع المواطنين من السفر، سواء رفعوا صوتاً معارضاً، أو عبّروا عن رأي مختلف، أو اشتُبه بهم جراء تقرير ملفق كتبه مخبر حاقد؛ ثمّ ابتزاز الممنوع من السفر حول أسباب سفره، التي قد تكون قاهرة، صحية أو عائلية مثلاً، بغية امتهان كرامته والضغط عليه.

وأمّا خلال الأسابيع التي أعقبت اندلاع الإنتفاضة السورية، فإنّ هؤلاء الضباط انخرطوا في مهامّ أخرى، أكثر تعقيداً والحقّ يُقال، لم تكن جديدة عليهم تماماً، وإنْ كانت قد اكتسبت صبغة مختلفة، واستدعت تقنيات مستجدة لم يكن هؤلاء الألوية والعمداء والعقداء على دراية كافية بها قبلئذ. كان عليهم استخدام كلّ أساليب الماضي في تفريق أو قمع مظاهرة ما، في درعا أو دوما أو اللاذقية او بانياس أو حمص، بما في ذلك إراقة الدماء وإطلاق القناصة و'الشبيحة'؛ كان عليهم ارتكاب هذا كلّه، ولكن... بعيداً عن العدسات الصغيرة التي يحملها المواطنون في هواتفهم الجوالة، أو آلات التصوير البسيطة التي صارت في متناول اليد!

وبالطبع، كان وأد الصورة، مثل استعادة أساليب مجازر حماة وجسر الشغور وحيّ المشارقة، خلال أواخر السبعينيات ومطالع الثمانينيات، خياراً مستحيلاً ينتمي إلى ماضٍ ولّى وانقضى؛ ومعه انهارت جدران الخوف، الرمزية المجازية أو الواقعية الفعلية، إزاء شبح عنصر المخابرات، القاهر القاتل المروّع الذي لا يحاسبه قانون، بل تعطيه القوانين ترخيصاً بالقتل العشوائي، وتمنحه حصانة من أيّ وكلّ حساب. ولقد اتضح أنّ ثقافة الصورة هذه، واندراجها ضمن ثقافة أخرى في التدوين والتوثيق والتواصل الاجتماعي، أوسع نطاقاً وأبعد اثراً، باغتت تقنيات الماضي التي اقتاتت عليها الأجهزة طيلة عقود، وجبّت ما قبلها من معادلات في التطويع والترويض والقمع.

وما خلا تلفيق الأكاذيب لكي ترددها أبواق الأجهزة (مثل الزعم بأنّ مشاهد الفيديو الهمجي البشع، الذي يلتقط عناصر الأمن و'الشبيحة' وهم يدوسون على أجساد المواطنين في قرية 'البيضة'، لم تقع في سورية)؛ أو التنويع على وصم المتظاهرين بصفات 'المندسين' و'العملاء' و'السلفيين' و'الجهاديين'، واتهامهم بأعمال القنص وترويع الأهالي وتهريب السلاح؛ لم يعد أمام الأجهزة الأمنية سوى الرجوع إلى بعض أساليب الماضي التي لا غنى عنها، مثل الإعتقال، وتفريق التظاهرات بالغاز المحرّم دولياً، والقتل العشوائي باستخدام الرصاص الحيّ.

وثمة دلائل عديدة على أنّ الأجهزة الأمنية، التي شاركت وتشارك في قمع الإنتفاضة، مباشرة أو من خلف كواليس متعددة الإختصاص، أخذت تعيش حال 'اغتراب' بين ماضيها غير البعيد (حين كانت تبطش وتستبدّ وتقمع، دون حسيب ولا رقيب)؛ وحاضرها الراهن الذي يشهد تمسكها بأساليب الماضي ذاتها، ولكن مع فارق حاسم هو أنها صارت مضطرة إلى ارتكاب الجرائم ذاتها بحقّ شارع باتت الجريمة تزيده إصراراً على المقاومة والصمود والإرتقاء باساليب الإحتجاج، من جهة أولى؛ وباتت الجريمة تُرتكب تحت سمع وبصر العالم بأسره، من جهة ثانية.

فإذا استغرق رأس النظام أسبوعاً لكي يُجبَر على نسف أكذوبة الأجهزة حول فيديو قرية 'البيضة'، وتمّ الإعلان عن إقالة الرائد أمجد عباس مسؤول الأمن السياسي في بانياس وبطل تلك الجرائم الهمجية؛ فكم من الأسابيع يحتاج وزير العدل الحالي تيسير القلا عواد، بصفته رئيس ما يُسمّى 'لجنة التحقيق في أحداث درعا واللاذقية'، لكي يقترح أي شكل من أشكال محاسبة عاطف نجيب، ابن خالة الرئاسة وبطل مجازر درعا؛ أو زعماء 'الشبيحة' من أبناء عمومة وخؤولة الرئاسة، أبطال مجازر اللاذقية؟ وما الذي تنتظره الأجهزة الأمنية  وهي 17 طرازاً واختصاصاً، في عين الحاسد!  لكي تكشف هوية قتلة العميد عبدو خضر التلاوي، وولديه، وابن شقيقه؟ أو قتلة العقيد إياد حرفوش، والعقيد معين محلا، أو المجند محمد عوض القنبر، أو المجند محمد علي رضوان القومان، أو المجند محمد موسى الجراد، وسواهم من العسكريين الشهداء أبناء مناطق شتى من سورية؟ هل نامت نواطير النظام، إلى هذا الحدّ، عن ذئاب 'المندسين' و'السلفيين' و'العصابات'؟ أم أنّ الذئب مدسوس من الأجهزة ذاتها التي يتوجّب أن تلقي القبض عليه، ولهذا فإنه حرّ طليق، يتربص بضحية جديدة؟

وهكذا، إذا تكرّم الأسد وأنعم على الشعب السوري بتوقيع مشاريع قرارات رفع حال الطوارىء، فما الذي سيكون عليه سبب بقاء اللواء علي مملوك في إدارة المخابرات العامة، إذا كان القانون سيمنعه من منع الناس من السفر، وعدم اعتقال أي مواطن إلا بأمر قضائي، أو بالأحرى حرمان سيادة اللواء من هواية الإعتقال ذاتها لعدم الإختصاص؟ وكيف سيعيش دون أن يمارس أفانين القمع جمعاء، بالكفّ والذراع واللسان والحذاء، كما يُشاع عنه؟ ومَنْ، إذا تراجعت صلاحياته واحدة تلو الأخرى، سوف يُقطعه هذه أو تلك من هبات النفوذ ومغانم السلطان؟ وهل، في سبيل إثبات الوجود وممارسة المهنة، سوف يعكف على كشف هوية قاتل الحاج عماد مغنية، في قلب العاصمة السورية، مثلاً؟

وزميله اللواء عبد الفتاح قدسية، رئيس دارة المخابرات العسكرية، هل سيتوقف عن اعتقال المعارضين المدنيين، ليتفرّغ لملفّ اغتيال العميد محمد سليمان، على شواطىء طرطوس، وإماطة اللثام عن الأسئلة الكثيرة التي اكتنفت العملية: مَن، وكيف، ولماذا؟ وزميلهما اللواء جميل حسن، رئيس مخابرات القوى الجوية، هل سيتصدى لكشف أسرار قصف موقع 'الكبر' العسكري السوري، في ظاهر مدينة دير الزور، وهل سيكاشف السوريين بحقائق ما جرى، فيجيب على أسئلة مماثلة: مَن، وكيف، ولماذا؟ والزميل الثالث، اللواء محمد ديب زيتون، كيف سيفهم وظائف شعبة الأمن السياسي، إذا كان القانون سيسمح بحرّية الرأي والمعتقد والتنظيم والتظاهر، وما الذي سيتبقى من علّة وجود هذه 'الشعبة' أصلاً؟

وكيف، بافتراض انحسار وظائف هؤلاء، وهي أسباب وجود وبقاء وليست مظاهر عمل وأداء فحسب، سوف تنعكس هذه التبدلات في توازنات جسم السلطة الأمني بصفة خاصة؛ ثمّ، استطراداً، احتمالات نشوب سلسلة من الصراعات الداخلية بين مختلف مراكز السلطة، حول ما سيتبقى من نفوذ أمني وأنساق نهب، وطرائق تسلّط على المجتمع، من جانب آخر؟ صحيح أنّ اقارب النظام استأثروا بمنابع النهب العليا، والأدسم، على نحو عائلي أو يكاد؛ إلا أنّ إدامة الإستبداد في مختلف أنماطه، من الإعتقال التعسفي إلى منع السفر وتسهيل أو عرقلة معاملات المواطنين المختلفة، كانت صانعة اقتصاد سياسي لضبّاط الأمن، الذين أخذت سُبُل التكسّب تضيق بهم يوماً بعد يوم.

تلك 'صناعة' قائمة بذاتها، تتعيّش عليها المؤسسة الأمنية بمختلف تراتباتها ومراتبها، وتنطوي على سداد أثمان ترقى عملياً إلى صيغة 'الجزية'، لقاء خدمات ملموسة لا تُؤدى إلا نادراً، وخدمات أخرى افتراضية لا تُؤدى أبداً، أو مقابل اتقاء الشرّ فقط، أو حتى اللطف فيه! فهل ستنتهي هذه 'الصناعة'، بانتهاء القوانين التي شرعنت إطلاقها وترسيخها، سواء أكانت ضمن حزمة حال الطوارىء، أم تراكمت عبر تشريعات وقرارات وتعاميم، أو حتى بسبب 'أعراف' محضة جرى الإتفاق عليها بين الأجهزة، بإذن من رأس السلطة نفسه؟ ولماذا ينتظر المرء من الذين خُسفت امتيازاتهم، أو هبطت مواقعهم من علٍ، أن يمارسوا الولاء ذاته لنظام لن يكون في مقدوره، بحكم طيّ صفحة الطوارىء والأحكام العرفية، أن يمنحهم التغطية والحصانة ضدّ القانون؟

وإذا ذهب المرء أبعد، إلى حيث يقود المنطق البسيط في واقع الأمر، فإنّ السؤال التالي هو هذا: كيف سيتعايش فساد الحيتان الكبيرة، من بيت السلطة العائلي أوّلاً، مع فساد القطط السمان الصغيرة، من بيوتات السلطة المختلفة، وعلى حساب مَن؟ وإذا توجّب أن تكون للقضاء كلمة حقّ، لكي لا يقول المرء: الكلمة العليا، فكيف سيفلت هؤلاء من المقاضاة، حتى في الحدود الدنيا التي شهدتها مجتمعات عربية أخرى؟ وإذا صحّ أنّ التناقض، وليس التعايش، هو الذي سيكون سيّد اللعبة؛ فأيّ صراع سينشب؟ وكم ستكون شدّة ضراوته؟ وما طبيعة، وطبائع، الإنحيازات التي ستتحكم بقواه وأطرافه؟

تلك، غنيّ عن القول، أسئلة إفتراضية تُساق على سبيل سجال، افتراضي بدوره؛ إذْ من غير الممكن لهذا النظام أن يتخرط في أيّ مشروع إصلاحي جدّي، وملموس. بنية النظام  كما ساجلتُ شخصياً منذ أن جرى توريث السلطة إلى الأسد الابن، وأساجل اليوم أيضاً  أشدّ استعصاء من أن تحتمل الإصلاح، وأيّ تبدّل طارىء في تكوينها المورفولوجي سوف يسفر عن كسور وصدوع وانهيارات يمكن أن تذهب بسائر البنية، وتنتهي إلى انهيارها. ذلك ما أدركه الأسد الأب منذ مطلع الثمانينيات، حين اهتزت بعض معادلات النظام وتوازناته الداخلية في غمرة الصراع المسلّح مع جماعة 'الإخوان المسلحين'، ومع شرائح واسعة من ممثلي المجتمع المدني في المعارضة والنقابات والشارع الشعبي، ثمّ الصراع داخل بيت السلطة بين الأسد وشقيقه رفعت، وبين هذا الأخير وضبّاط كبار من أمثال علي حيدر وشفيق فياض وعلي دوبا.

وذلك ما يدركه الأسد الابن اليوم، في مواجهة الإنتفاضة الشعبية، من خلال المراهنة على الزمن (الذي قد يتكفل باهتراء الزخم الشعبي، أو انحسار نطاقها الاجتماعي والجغرافي، وهبوط أهدافها إلى المستوى المطلبي الصرف، بما يكفل الإنقضاض عليها)؛ والتنويع بين تقديم فتات القوانين 'الإصلاحية'، وتشديد إجراءات القمع. إنه، بالتالي، غير راغب في، وعاجز تماماً عن، توفير إصلاحات نوعية تكفل الحريات العامة، وتُصلح وتُعلي سلطة القانون، وتسنّ قانون انتخابات حرّة نزيهة خاضعة للرقابة القضائية، تأتي بمجالس تمثيلية كفيلة بتعديل الدستور جذرياً، وبإنهاء حكم الحزب الواحد، وإطلاق حياة سياسية معافاة، وسيرورات تداول سلمي للسلطة...

وفي انتظار أن تفرض الإنتفاضة الشعبية شروط انتقال سورية إلى حال ديمقراطية حقّة وحقيقية، فإنّ رفع حال الطوارىء في ذاته لن يرفع حال الإستبداد، ولن يجبر الحاكم على التنحي أمام إرادة المحكوم؛ ليس دون ثورة شعبية عارمة تكتمل وتتكامل كلّ يوم، فلا تجمّل السطح والمظهر، بل تُصلح في العمق، من جذور الجذور!

' كاتب وباحث سوري يقيم في باريس

====================

أميركا الثابتة والشرق الأوسط المتغير

السفير

سمير كرم

22-4-2011

من أصعب الامور في الظروف الراهنة العثور على نقطة ثابتة في الشرق الاوسط لاتخاذها محورا أو معيارا لقياس التطورات الخطيرة  انما الواعدة  التي تتوالى على هذه المنطقة.

صحيح ان التيار الثوري اجتاح المنطقة من مغربها الى مشرقها ومن شمالها الى جنوبها ... إلا ان التطورات  والتقلبات  لا تزال في بداياتها الاولى، حتى في أكثر بلدان المنطقة استقرارا نسبيا. فلا تزال مرحلة النتائج، فضلا عن النتائج النهائية، تلوح بعيدة، بل تلوح مستعصية على التكهن وعلى الفهم.

وحيث تدور التطورات في مصر وتونس وفي ليبيا واليمن وسوريا، وحيث تلوح هذه التطورات من بعيد قادمة وحتمية في الخليج وفي السعودية ... فإن عجلة الاحداث تستعصي على التوجيه إلا من القوى الرئيسية الفاعلة، قوى الجماهير الشعبية بصرف النظر عن كل ما عداها.

أما حيث تتم مراقبة هذه التطورات من بعيد  في الولايات المتحدة وفي أوروبا (التي أصبحت فجأة تعني حلف الاطلسي اكثر مما تعني الاتحاد الاوروبي) فإن هناك نقاط مراقبة ثابتة تتمثل في القيادات السياسية، من البيت الابيض الى وزارات الخارجية الى السفارات الاميركية والاوروبية، كما تتمثل في القوى العسكرية، ابتداء من وزارات الدفاع وقيادات القوات المسلحة وقيادات الحلف الذي يكتسب أكثر وأكثر طابعا عالميا. وينبغي عند مراقبة هذه النقاط الثابتة ان نظن ان ثمة تغييرا في المبادئ والاهداف يواكب التغيرات التي تجري في اخطر منطقة في العالم. ينبغي ان لا نعتقد ان الولايات المتحدة او اوروبا ستغير مساراتها مع تغير مسارات التيار الثوري الذي بدأ في المنطقة ولا يعرف احد الى اي خط يستقر.

ان هذه الكتلة الغربية الكبرى المؤلفة من الولايات المتحدة واوروبا لا تتغير وهي ترقب التغيرات المزلزلة التي تجري في منطقة المد الاستراتيجي بالطاقة  المنطقة العربية والشرق الاوسط كتعبير اعم  فلن تغير أي من مكوناتها مبادئ سياساتها الخارجية أو أسس أهدافها الاستراتيجية والاقتصادية ولا حتى أبعاد رؤيتها الثقافية للامور. وقد نستطيع ان نجزم بأن مصالح هذه الكتلة السياسية العسكرية في الغرب تبقى كما هي بصرف النظر عن التغيرات التي ستؤدي اليها تيارات الثورة والتغيير في عالمنا.

لقد ظلت الولايات المتحدة على مدى الفترة، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تؤكد تأييدها ودعمها للديموقراطية في بلدان الوطن العربي، حتى حينما كانت هذه البلدان تعيش في ظل النظم التي تسلمت الحكم من الاستعماريين، وكانت نظما استبدادية بكل المعاني والتبعات. وأكدت الولايات المتحدة انها تؤيد الديموقراطية وتدعمها عندما قامت ثورة 23 يوليو/ تموز 1952 التي لم تعتبر لسنوات عديدة الديموقراطية هدفا اوليا لها. ولم تغير الولايات المتحدة لهجتها نفسها بعد ثورة العراق (1958) أو ثورة اليمن (1961) وثورة الجزائر (1963) وليبيا (1969)... وفي مواجهة كل التطورات التي جدت في المنطقة.

واليوم لا نسمع من الولايات المتحدة سوى التعبيرات نفسها عن وقوفها في صف الديموقراطية ودعمها لما تتطلع اليه شعوب المنطقة من تقدم... على الرغم من الاختلاف النوعي بين ظروف العقود السابقة وظروف الوقت الراهن التي ترى جماهير الشعب العربي تؤدي بنفسها الدور الذي كان يؤديه عنها طالبو الحكم من كل نوع.

قبل ايام تحدثت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلنتون امام المنتدى العالمي الاميركي الاسلامي في واشنطن. قالت ان على الحكومات العربية ان تسرع بتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية حقيقية، وحذرت من انه بدون السير في هذا الطريق فإن الربيع العربي سيتحول في نهاية المطاف الى سراب. وقالت الوزيرة الاميركية ان الشتاء العربي الطويل بدأ يعرف طريقه الى الدفء وللمرة الاولى منذ عقود، فإن هناك فرصة حقيقية لتغيير دائم ... وهذا يثير اسئلة مهمة لنا جميعا: هل ستنهج شعوب الشرق الاوسط والشمال الافريقي وزعماؤها نهجا جيدا اكثر شمولا للتغلب على التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستمرة في المنطقة؟

وحثت وزيرة الخارجية الاميركية كلينتون شعوب منطقة الشرق الاوسط على «ترسيخ المكاسب الديموقراطية التي تحققت في الاشهر الاخيرة لضمان ان لا تصبح أهداف الحركات الاصلاحية التي اجتاحت المنطقة سرابا ...ان الاحتجاجات التي اندلعت هذا العام بددت الخرافات القائلة بأن العالم العربي لا تناسبه الديموقراطية والحقوق العالمية».

وليس أوضح في تصريحات هيلاري كلينتون هذه من تجنبها استخدام كلمة ثورة في الحديث عما يجري في المنطقة من تحولات. لكن من الواضح ايضا انها تستخدم النغمة الاميركية الثابتة عن تأييد بلادها للديموقراطية ورغبتها في ان ترى الديموقراطية تزدهر في هذه المنطقة. ولا يكاد المرء يصدق ان دعم الولايات المتحدة لرئيس اليمن علي عبد الله صالح ضد ثورة الجماهير اليمنية الى آخر وقت ممكن هو ضمن التأييد الاميركي للديموقراطية. لا يمكن أحداً ان يصدق ان الحماية العسكرية التي تكفلها الولايات المتحدة للنظام الملكي السعودي وكذلك للنظم الملكية والاماراتية الخليجية هي ايضا مواكبة لمسار الديموقراطية الذي تدعو اليه واشنطن بلسان وزير خارجيتها وايضا بألسنة الناطقين باسم البيت الابيض والبنتاغون بل بلسان الرئيس اوباما ونائبه جوزيف بايدين.

غير ان المسألة لا يمكن ان تكون مسألة تصريحات أو كلمات تلقى. ان الولايات المتحدة تستخدم كل ما لديها من قوة للتأثير أو التغيير للحيلولة دون ان تستمر الثورة في مصر وتنجح وتكون للشعب المصري الكلمة النهائية بشأن من يحكم والاسس التي يقوم عليها الحكم في مصر. وأول ما تحاول الولايات المتحدة استخدامه قوة المال. انها تعرض على مصر أموالا في صورة قروض وفي صورة إلغاء قروض وفي صورة منح مالية لا ترد، انما تربط مصر بالولايات المتحدة، ربما أكثر مما ربطها بها نظام حسني مبارك. لهذا تحدثت كلينتون ايضا في الخطاب نفسه عن مبادرة جديدة لمساعدة الشركات الاميركية على الاستثمار في المنطقة او تسهيل عمليات الاستيراد والتصدير من خلال إعفاءات ضريبية. ولا تكاد كلمات كلينتون تختلف كثيرا في مضامينها وتحفيزها عما كان يردده رجال الاعمال في نظام مبارك (...)

واشنطن تريد ان لا تتخطى التغييرات في مصر حدود الاصلاح، وهي تعرف جيدا وبدقة الفرق بين الاصلاح والثورة. حتى لو انتهى الامر الى حكم اسلامي يتولاه الاخوان المسلمون  الذين تفاوضهم اميركا منذ سنوات طويلة حتى وهي تحتضن تماما نظام مبارك - لا يهم ان يقفز الاخوان المسلمون أو السلفيون من أي نوع على السلطة انما هم يطمئنون الى ان الحكم الديني في مصر لا يتخطى حدود الاصلاح نحو الثورة، وهذا هو المطلوب. عندئذ لن تكون حالة المصالح الاميركية في مصر في مواجهة مع خطر الثورة، وهي تستطيع ان تلعب دورها كاملا في صيانة مصالحها وصيانة النظام بدرجة لا تقل عما فعلته طوال سنوات حكم مبارك.

ولا يكاد يختلف اسلوب واشنطن مع تونس عن اسلوبها مع مصر. في كل الاحوال المحاولة هي الابتعاد عن مفهوم الثورة ودوافعها وأهدافها. والدولة الدينية لا تشكل خطرا على المصالح الاميركية ما دامت العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية مضمونة ومصانة. وفي كل الاحوال ان الولايات المتحدة لا تستطيع الاستغناء عن سياسة احتواء المنطقة، واحتواء المنطقة كوسيلة انما يرمي الى تحقيق هدفين: حماية وجود وتفوق اسرائيل باعتبارها الضامن للسيطرة العسكرية الاميركية (والاطلسية من الآن فصاعدا) وتوظيف العلاقات الاميركية مع دول المنطقة لحماية المصالح الحيوية الاميركية بمعناها الاستراتيجي. ولهذا المعنى الاستراتيجي جانبان: الجانب العسكري الذي يضمن وجود وهيمنة الاسطولين الاميركيين الخامس (في الخليج) والسادس (في البحر الابيض المتوسط) والجانب المتعلق بضمان استمرار تدفق الطاقة التي تمثل شريان الحياة الرئيسي للاقتصاد الاميركي، بل للحياة الاميركية.

معنى هذا ان الولايات المتحدة لا تريد تغيير خياراتها انما تثبيت خيارات المنطقة قدر الامكان. ان الولايات المتحدة لا تبحث عن خيارات جديدة لاستراتيجيتها السياسية والعسكرية انما تسعى وبكل ما تملك من وسائل لوضع حدود للتغيير الذي بدأ في المنطقة لكي لا يسير في اتجاه الثورة وبقوتها، انما ليبقى في حدود الاصلاح الذي لا يؤثر على المصالح الاميركية (واسرائيل على رأسها) ويبقي لحلف الاطلسي قدرة المناورة العسكرية التي يمكن ان تكون ساخنة وبالذخيرة الحية كما هي الحال حتى هذه الساعة في ليبيا، كما يمكن ان يكون بمجرد الوجود العسكري الذي يتخذ في بعض الاوقات صورة المناورات العسكرية المشتركة.

هل تبدو الظروف الراهنة مؤاتية للولايات المتحدة وهذا التكتل الغربي؟

ام انها تبدو مؤاتية أكثر للثورات العربية؟

انه صراع اكيد وحاد بين التغيير والثبات وقد يقصر هنا ويطول هناك ولكنه صراع لن يتوقف ابدا. وسيأتي وقت تدرك فيه الولايات المتحدة ان مصالحها الاستراتيجية تستوجب التدخل المباشر ضد الثورات  حينما يحين دور السعودية والدلائل اليومية رغم القمع والتكتم تدل على ان الثورة آتية لا ريب فيها  وسيكون لهذا التدخل المباشر دوره في تأجيج الثورة في الخليج كله. وعند هذا الحد ستجد الولايات المتحدة نفسها أمام التحدي الايراني الذي كشفت الاسرار (ويكليكس) مؤخرا ان الولايات المتحدة واسرائيل اتخذتا قرارا سريا بعدم جدوى التدخل العسكري فيها. وقد برهنت التجربة - بل التجارب المتعددة - بوضوح على ان الولايات المتحدة لا تستطيع التدخل في جبهة لها هذا العرض الجغرافي الاستراتيجي تمتد من السعودية الى صغار الدول في الخليج الى ايران بينما هي مشغولة بثورات تستكمل نموها في الشمال الافريقي ابتداء من مصر وصولا الى الجزائر والمغرب وفي الغرب الآسيوي ابتداء من اليمن جنوبا الى سوريا شمالا.

ان التحدي الذي يواجه الولايات المتحدة في المنطقة، خلال الاشهر بل السنوات المقبلة، هو تحد من نوع واتساع لم تألفه الولايات المتحدة منذ تحدي الحرب العالمية الثانية ... أي لم تألفه منذ ان تكونت الامبراطورية الاميركية. وينبغي ان لا ننسى انه في ظن الولايات المتحدة انها أسهمت بدور ما في بعض  على الاقل بعض  الثورات العربية وانها تعرف قادتها وعناصرها المكونة. وهذا يجعلها مستعدة للاعتقاد أنها قادرة على التأثير في مسارها. وليس هذا أكثر من وهم لا يستند الى حقيقة. فإن تفاعلات الثورة هنا وهناك قادرة على تجاوز الدور الاميركي بقدر ما كانت قادرة على ان تمنع الولايات المتحدة من ان ترى بوادر هذه الثورات قبل ان تتفجر.

كما ذكرنا في البدايات فإن الثورات العربية لا تزال في مراحل البدايات، تخوض صراعات ضد الثورة المضادة الداخلية وليس الوقت حتى الآن وقت مواجهة الثورة المضادة الخارجية.

وحينما تبدأ مرحلة النتائج في هذه الثورات على اختلاف درجات الوعي الثوري والشرعية الثورية فيها فسيكون من الممكن معرفة الى أي حد تؤاتي الظروف للثورات العربية لإحداث التغيير، أو تؤاتي للولايات المتحدة للتحكم في مدى التغيير ان لم يكن منعه.

=====================

دعوة إلى حوار وطني في سوريا

تاريخ النشر: الجمعة 22 أبريل 2011

د. رياض نعسان أغا

الاتحاد

سيكتب المؤرخون لاحقاً أن عام 2011 كان عام ولادة أمة عربية جديدة، ورغم أن هذه الولادة جاءت قيصرية، إلى درجة تهديد الأم بالموت، فإن العناية المشددة من قبل الحكماء لابد أن تحافظ على الأم وعلى الجنين أيضاً. ولم يكن مفاجئاً أن تصل رياح التغيير إلى سوريا، فكلمة التغيير كانت على ألسنة السوريين منذ أواخر القرن الماضي، وقد بدأ السوريون ترقبها منذ التغييرات الدولية الكبرى التي عاشتها دول الاتحاد السوفييتي سابقاً.

ورغم أن ملامح التغيير الذي يريده السوريون لم تكن واضحة تماماً، فإن الحديث الهامس حيناً والمسموع حيناً آخر كان يحرك العجلة، ولكن ببطء وحذر شديدين، كانت الرغبة الجادة في التغيير أو لأقل الحلم به هي التي قادتني شخصياً إلى معترك السياسة الذي ابتعدت عنه سنوات طويلة من قبل، فلم أنتسب لحزب سياسي رغم اشتغالي بالإعلام سنوات طويلة تفرغت فيها للعمل الثقافي، لكنني رشحت نفسي لانتخابات مجلس الشعب عام 1990 حين تفاءلت بالتغيير، يومها أضاف الرئيس الراحل حافظ الأسد مقاعد للمستقلين، وكنت أحد الفائزين عنهم، وكان يتصدر بياناتنا الانتخابية عزمنا على العمل لرفع حالة الطوارئ، وعلى ترسيخ سيادة القانون، وإلغاء المحاكم الاستثنائية، وتعزيز العدالة الاجتماعية.

وسأعترف أن تجربتي كانت فاشلة جداً، فلم نستطع (نحن المستقلين) أن نحقق إنجازات برلمانية، لأن الكثرة غلبت الشجاعة، ولم أعد إلى البرلمان في دورته اللاحقة، بل كتبت يومها (إنني دخلت مجلس الشعب حاراً وخرجت منه بارداً)، وبقي الدور التشريعي الخامس في ذاكرتنا بداية حركة تغيير على مستوى النخبة الإيجابية التي أرادت الإصلاح من الداخل، والتي آثرت أن ترى نصف الكأس الملآن بدل رؤية نصفه الفارغ، وكنا نخبة من الأكاديميين والمثقفين المستقلين الذين لم يعد كثير منهم إلى المجلس، لكنهم عادوا مرة أخرى إلى الأمل والتفاعل مع الممكن مع إعلان الدكتور بشار الأسد عن مشروع إصلاحي منذ أواسط التسعينيات، وبدا الأفق مفتوحاً للتفكير بحرية عبر الحوارات الطويلة التي خاضها مع كل الفئات، لكن الطريق لم تكن سالكة، فقد كان هناك من يرفض حرية الكلمة بذريعة الخوف مما سمي يومها (الجزأرة) التي تذكر بما حل بالجزائر مطلع التسعينيات، ورغم أن مشروع الإصلاح لم ييئس، لكنه أضاف سريعاً كلمة مناقضة لشعاره فبات عنوانه (التغيير مع الاستمرار)، أي مع الثوابت الوطنية والقومية ومع موقفنا السياسي الخارجي، وتركز التغيير على الآليات والأساليب في السياسة الداخلية، وعلى علاقة الحزب بالسلطة، وعلى القوانين والأنظمة التي كان بعضها ما يزال ساري المفعول منذ عهد العثمانيين، وعلى توسيع إطار المشاركة السياسية وفتح الآفاق أمام جيل جديد لم يتح له آباؤه الذين أمسكوا بالسلطة والمواقع الحساسة دهراً أن يتقدم خطوة واحدة نحو موقع مسؤولية أو مشاركة.

ولم يكن سهلاً أن يقتنع بعض المسؤولين بضرورة التغيير، ولاسيما بفتح بنوك خاصة وشركات تأمين واستقدام استثمارات عربية أو أجنبية. لكن حركة التغيير كانت جادة، وقد انطلقت بقوة مع استلام الرئيس بشار، وكانت حرية الرأي والتعبير مبشرة لدرجة أن الشباب سموها ربيع دمشق، أما كيف تحول هذا الربيع سريعاً إلى خريف أو شتاء، فهذا حديث يطول، ولا تتسع له هذه المقالة، وهو أمر مفجع أن يكبت التغيير في مطلعه، وكنت أخاف على مشروع الإصلاح أن يضيع في زحام العمل الحكومي اليومي وأن تخطفه أيدي المستفيدين من إعاقته.

وكان من سوء حظ المشروع الإصلاحي وقوع جريمة سبتمبر وتداعياتها بعد عام من ولادته الطبيعية، حيث وجدت سوريا نفسها مشغولة على الدوام بصد الكرات التي تهاجم مرماها، وبعضها كان مريعاً، مثل غزو العراق ومثل جريمة مقتل الحريري التي استنفدت كثيراً من الجهد والصد، ثم جاءت حربان كبيرتان تشعلان النار على أبواب سوريا التي كانت طرفاً رئيساً فيهما رغم كونها خارج الملعب نظرياً (حرب تموز، والحرب على غزة ). وكانت بعض أجهزة الأمن تستعيد حضورها بقوة في تلك الظروف الصعبة بعد أن تراجعت عن التدخل فيما هو ليس من وظيفتها الأساسية، ولم نكن نرغب نحن السياسيين المدنيين بأن يعود نمو الدولة الأمنية، فقد ضاقت به الدولة سابقاً، لدرجة أنني قدمت في أواسط التسعينيات على شاشة الفضائية السورية ندوة كبيرة حول (الدولة الأمنية في سوريا) في برنامج سميته (دعوة إلى الحوار) شارك فيها عدد كبير من الشخصيات العامة، وقد أشاد الرئيس الراحل يومها بهذه الندوة، وحمتني إشادته من المساءلة، وما أظن أن رجال الأمن اليوم يريدون تحمل مسؤوليات ينبغي أن يحملها السياسيون، أو مسؤوليات حكومية هي من مهمة هيئة الرقابة والتفتيش، فمهمتهم أن يحافظوا على أمن الوطن، وليس أن يرسموا وحدهم سياساته، ولا أن يتحملوا أمام الشعب مسؤوليات تاريخية، فمن ذا يريد أن يكون مسؤولاً في ساحة دم وطني؟ ولن أناقش هنا ما حدث ويحدث اليوم فدم الشهداء يغتلي في قلوب السوريين جميعاً، وهم يعلنون تمسكهم بالوحدة الوطنية ورفضهم لأية دعاوى طائفية أو مذهبية لا أساس لها ولا حضور في الوجدان العام، وهم ينتظرون المعالجات السياسية الناجحة، ويخشون من المعالجات الأمنية في بلد اعتاد شعبه على الاستقرار والطمأنينة، مع تقديري لما قد تحدثه الفوضى من ارتباك واضطراب ربما كان ممكناً تفاديهما بفن السياسة وإبداع المبادرة. وحسبي أن أؤكد على حاجتنا الماسة لدعوة مفتوحة إلى الحوار لا يستبعد عنها أحد، دون إلغاء أو إقصاء ، فالحوار الشفاف وحده هو الطريق إلى اقتحام الواقع ورسم المستقبل، وإيقاف نزيف الدم فوراً ومحاسبة المسؤولين عن إهراقه، والتوقف عن الإثارة والاستفزاز في أي شعار يطرحه المتظاهرون الذين أقرت القيادة بمشروعية مطالبهم. ومع صدور المراسيم التي أعلنت عنها الحكومة الجديدة سيكون الحوار على أرضية الثقة، التي ينبغي أن تكون هي منطلق الحوار، وأنا متفائل بنجاحه حين يقوده الرئيس الأسد بروح انتمائه إلى جيل الشباب الثائرين المتطلعين إلى التغيير في سوريا وفي الوطن العربي.

====================

صحيفة عصر ايران

كيف تبرر إيران تدخلها في سوريا؟!

القبس

22-4-2011

لاتزال الصحف الايرانية مستمرة في هجومها على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية حول الاوضاع في البحرين، مبررة في الوقت ذاته تدخلها في سوريا. مشيره الى ان حالة الشرخ والتخبط التي تعانيها أكثر دول المنطقة لا تخدم أحداً إلا الصهاينة الذين يسعون الى تمرير مشروعهم التهويدي والسيطرة على مقدرات العرب والمسلمين..

في حين انتقدت صحف المعارضة سياسات حكومة احمدي نجاد الاقتصادية التي تحاول تطبيق خطة اشبه ماتكون بالخطة الاقتصادية البرازيلية أو التركية .

 

مع تصاعد الانتفاضات الشعبية في بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا، طرأ حدثان وخبران تعاملت معهما وسائل الاعلام والاوساط السياسية في الغرب والمنطقة بأسلوبين مختلفين.

الحدث الاول انتشار قوات «درع الجزيرة» في البحرين لقمع الاحتجاجات في اصغر الدول العربية.

وقبل يومين من ارسال القوات العسكرية السعودية الى البحرين، زار وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس السعودية، ورأى المراقبون ان ايفاد القوات السعودية الى البحرين لم يكن ليحدث من دون ضوء اخضر اميركي.

والموقف المعارض الوحيد للتواجد العسكري السعودي في البحرين صدر من جانب الجمهورية الاسلامية ومايزال هذا الموقف على حاله.

والحدث الاخر الذي تحول هذه الايام الى الخبر الاول لوسائل الاعلام العربية في المنطقة، وكذلك بعض وسائل الاعلام الغربية، هو الاضطرابات التي تشهدها سوريا والزعم بان ايران تساعد حكومة بشار الاسد على قمع هذه الاضطرابات.

لكن ما مدى صحة هذه المزاعم وما اذا كانت قد فبركت، كما في المرات السابقة؟، امر يجب مناقشته في موقع اخر، لكن المهم اننا نواجه حسب الظاهر خبرين من نوع واحد، مع اختلاف ان حادث التدخل العسكري السعودي في البحرين والوثائق غير القابلة للانكار في قمع المحتجين البحرينيين.

لكن في الخبر الثاني، فقد زعمت بعض المصادر الاستخباراتية الاميركية ان الجمهورية الاسلامية وضعت ادوات وتكنولوجيا لقمع المعارضين بتصرف حكومة دمشق.

وفي ظل مقارنة بسيطة وشكلية بين هذين الخبرين يمكن الاشارة الى النقاط التالية:

-1 حادث ارسال القوات العسكرية السعودية الى البحرين لا يمكن مقارنته اطلاقا مع المزاعم التي اطلقتها بعض وسائل الاعلام الاميركية بشأن تقديم ايران المساعدة لحكومة بشار الاسد على شكل تكنولوجيا القمع، لاننا في ما يخص السعودية نشهد حقيقة لا يمكن كتمانها والتستر عليها، لكن حتى لو افترضنا جدلا بان المزاعم الاميركية حول الدعم الإيراني لبشار الاسد صحيحة، فالبون شاسع في ما بين الحدثين.

-2 فاذا كان دعم ايران لصديقتها وحليفتها اي حكومة بشار الاسد، اجراء لا مبرر له ويتعارض مع المواثيق والقوانين الدولية، فلماذا يتم اعتبار التدخل العسكري السعودي في البحرين عملا مستساغا وجيدا؟

-3 فاذا كانت الخطوة السعودية في تدخلها العسكري في البحرين مبررة فلماذا يعد اجراء ايران في دعم حليفتها سوريا في مواجهة الاضطرابات الداخلية غير مسوغ ولا مبرر له؟

-4 واذا كان الامر كما تزعم الاوساط ووسائل الاعلام الاميركية وبعض وسائل الاعلام والمحافل السياسية العربية بالمنطقة من ان ايران تضع تكنولوجيا القمع بتصرف حكومة الاسد، وهذا الاجراء يعد عملا سيئا، فان هذه الدول الغربية نفسها تعتبر اكبر مصدر لمعدات وادوات التعذيب والقمع الى ارجاء العالم.

ولا حاجة لاثباتات ووثائق ومستندات تؤكد ان عشرات الشركات الغربية تعمل في مجال تصدير تقنيات وتكنولوجيا تستخدم لقمع المواطنين المعارضين في بلدان العالم، وهناك العشرات بل المئات من الشركات الغربية وغير الغربية تقوم بانتاج التكنولوجيا والمعدات العسكرية وغير العسكرية المستخدمة للقمع، وتضعها بتصرف الدول الاخرى وتملأ جيوبها عن هذا الطريق بمليارات الدولارات سنويا.

=====================       

خذ حصّتك من دمنا

زين الشامي

الرأي العام

22-4-2011

بعد نجاح الثورة التونسية ومن ثم المصرية، ومن ثم انطلاق تحركات احتجاجية في دول عربية أخرى، كنا في سورية متشائمين جداً من إمكانية حصولها بسبب الصمت المطبق الذي بدا عليه المشهد الشعبي قبل أكثر من شهر من الآن، وخلال ذلك حاولنا فهم الأسباب التي تمنعنا كسوريين من الخروج إلى الشوارع للاحتجاج على أوضاعنا الصعبة والقاسية التي نرزح تحتها منذ نحو نصف قرن، فتبين معنا أن تاريخ القمع الطويل والموغل في الحياة السورية قد يكون أحد الأسباب، وقلنا أيضاً ان التركيبة الطائفية والاثنية العرقية للمجتمع السوري على عكس المجتمعين المصري والتونسي، قد تكون سبباً آخر تعيق حصول تحركات شعبية مناهضة للنظام.

لكن رغم كل ذلك، رغم وطأة القمع وتاريخيته، ورغم التركيبة المجتمعية المكسرة، فقد خرج السوريون إلى الشوارع، ويوماً إثر يوم صرنا نرى أعداداً أكبر من السابق تقرر حسم خياراتها ورهاناتها والخروج للاحتجاج، مثل كرة الثلج تماماً.

لكن ما مصير ذلك كله، وهل يمكن ان تنتصر ثورة السوريين مثلما انتصر أشقاؤهم التونسيون والمصريون؟

في البداية لا نعتقد أن الشعب السوري سوف يتراجع في احتاجاجاته السلمية، طالما رأى بأم عينه كيف أن النظام صار يقدم التنازل تلو الآخر، وكيف بدأ الإعلام السوري يعترف رويداً رويداً بوجود شيء اسمه احتجاجات ومطالب محقة للشعب.

هذا سيدفع السوريين أكثر نحو التقدم خطوة إضافية كل يوم. من ناحية ثانية فإن النجاحات التي تحققت في كل من مصر وتونس تعطي دفعاً معنوياً كبيراً للشبان السوريين للاستمرار حتى تحقيق كل مطالبهم. ومن ناحية أخرى، لم يعد الشعب السوري يصدق كل ما يقوله النظام، لقد رأى بأم عينه أن وسائل الإعلام الرسمية كانت تكذب في كل شيء، أو مثلما قال الشاعر الراحل ممدوح عدوان «هذا إعلام يكذب حتى في نشرة الطقس».

الشعب السوري أيضا شبع ومل من الشعارات الجوفاء والهرطقات والأكاذيب الكبيرة واليومية عن الممانعة والتصدي والصمود. الشعب السوري اليوم يريد لغة رسمية أقل تواضعاً وأكثر صدقاً، تنزل لمستوى احتياجاته المعيشية المتزايدة، تخاطب نزوعه إلى الحرية والكرامة، وهذا شيء يفتقده منذ عقود طويلة. أيضاً فإن السوريين اختنقوا وأصابهم الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة بالاختناق والعطب، وقد عرفوا بعد أكثر من عشرة أعوام من وعود الإصلاح أن ليس هناك حل للفساد، لا بل إن الفساد صار طريقة حياة يومية لمعظمهم رغماً عن إراداتهم.

الشعب السوري يريد انتخابات حرة ونزيهة يعبر بها عن صوته ويختار برلمانه الحقيقي ورؤساءه وممثليه في كل مكان اسوة بكل الدول المتقدمة أو حتى اسوة ببعض الدول الآسيوية والافريقية التي قطعت أشواطاً مهمة على طريق الديموقراطية فيما بقيت سورية مكانها رغم كل الحديث عن الإصلاح.

ثمة من يعتقد أن النظام سيلجأ لعنف وبطش أكثر وأكبر مما سبق فيما لو شعر أنه مهدد وأن مستقبله وبقاءه أصبح صعباً ومهدداً، لكن لا بد من القول أن مسار ثورة السوريين منذ الخامس عشر من مارس الماضي يؤكد أن الشعب هو من يقود التغيير وأن النظام وحده يحدد ثمن وطريقة التغيير، ولا يختلف وضع سورية عما حصل في تونس ومصر أو ما سيحصل لاحقاً في اليمن وأمكنة أخرى رغم حالة الاستعصاء التي تواجه بعض الثورات العربية.

إن «الثمن» الذي يدفعه أي شعب من الشعوب العربية لتحقيق ثورته، ليس هو عدد الشهداء والجرحى ولا قيمة الخسائر الاقتصادية والمادية، بل إن الثمن الأكبر والمكلف هو الهزيمة نفسها في حال فشل الثورة. لذلك غالباً ما يخبرنا التاريخ أن الثورات وفيما لو كانت شعبية حقيقية، كانت تنجح بسبب عدم استعداد الشعوب للعودة إلى الوراء، إلى الخوف والقمع والفساد، بعد أن ذاقوا طعم الخروج إلى الشوارع والهتاف بحرية وقيام النظام بتقديم تنازل تلو الآخر لصالحهم.

من ناحية ثانية، فإنّ اندلاع الثورات يعني في ما يعنيه، أن الشعوب ثارت أصلاً لتتخلص من دفع الأثمان الباهظة المترتبة عن صمتها وقبولها للنظام الجائر والفاسد، من قمع وتعذيب وفساد وغياب للعدل والحريات والمساواة. فكيف ستتوقف إذا لم تنجز ثورتها أو لم تتخلص من كل ذلك؟

أول ما يمكن قوله في مجرى حركة الاحتجاجات في سورية أن نظام حزب «البعث» خسر جولاته كلها ويتبين ذلك من خلال الحل الأمني الذي اعتمده وتصعيده أعمال القمع الدموي، ثم فشله لاحقاً في جر المحتجين إلى فخ العنف الذي كان وفيما لو نجح، سيعطيه مشروعية قانونية وشعبية في ممارسة القمع الدموي والبطش بحجة الحفاظ على الأمن والوحدة الوطنية. ثم فشل نظام «البعث» في ما ذهب إليه من بث مخاوف عن «الفتنة الطائفية» والترهيب بها. السوريون من كل الطوائف والأعراق أثبتوا وعياً وطنياً مميزاً يستحق التقدير والوقوف عنده.

ومن علائم فشله وكدليل على غياب الشعبية لهذا النظام، فإنه لجأ إلى «عصابات» و«شبيحة» مجرمين لقمع المحتجين السلميين، ما شكل فضيحة دولية وعربية وداخلية جعلت الكثير من السوريين المترددين ينضمون إلى حركة الاحتجاجات مبكراً بدل الانتظار والتفرج والمراهنة على وعود النظام.

هذا النظام لجأ أيضاً إلى قطع الكهرباء والماء والانترنت وكل وسائل الاتصال وحتى الخبز عن القرى والمدن التي شهدت احتجاجات شعبية، كل ذلك مثل أخطاء قاتلة ساعدت المحتجين أكثر مما أحبطتهم أو ردعتهم.

لمعرفة من سينتصر في سورية، لا بد من القول ان الخوف الآن يسري في عروق النظام العاجز عن فهم احتياجات شعبه، وليس الشعب السوري الذي كسر حاجز الخوف وخرج إلى الشوارع ولن يعود حتى تتحقق أحلامه وتطلعاته في الحرية والكرامة. إنها قوانين التاريخ. فخذ أيها النظام «حصتك من دمنا وانصرف».

كاتب سوري

=====================

طهران تدعم ربيع العرب... باستثناء سورية!

Saeed Kamali Dehghan - The Guardian

الجريدة

22-4-2011

نظراً إلى النقاط المشتركة بين مبارك والدكتاتور السابق الذي حكم إيران، أي الشاه، عمد النظام في طهران إلى تشبيه الانتفاضات العربية بالثورة الإسلامية في عام 1979 بدل تشبيهها بالحركة الخضراء، حتى أن آية الله علي خامنئي، وصف الانتفاضة العربية بعبارة «الصحوة الإسلامية» المستوحاة من ثورة بلاده.

لقد دفعت موجة الانتفاضات التي تجتاح الشرق الأوسط بإيران إلى إعلان دعمها للحركات المناهضة للدكتاتورية في المنطقة العربية، باستثناء سورية، وهي بلد حليف وضع الجمهورية الإسلامية في موقف حرج للغاية في الآونة الأخيرة.

عندما أطاح المحتجون التونسيون والمصريون بحاكمَيهم، توقع كثيرون أن تلتزم إيران الصمت بشأن ما يحصل تفادياً لوقوع أحداث مماثلة محلياً.

لكن فاجأت إيران جميع المراقبين حين أعلنت دعمها الصريح للحركات الديمقراطية في المنطقة، مع إغفال أي تشابه بين هذه الأحداث والاضطرابات التي سادت في إيران غداة الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في عام 2009.

نظراً إلى النقاط المشتركة بين مبارك والدكتاتور السابق الذي حكم إيران، أي الشاه (فقد حظي بدوره بالدعم الأميركي لفترة طويلة وكانت عائلته فاسدة)، عمد النظام في طهران إلى تشبيه الانتفاضات العربية بالثورة الإسلامية في عام 1979 بدل تشبيهها بالحركة الخضراء. حتى أن القائد الأعلى، آية الله علي خامنئي، وصف الانتفاضة العربية بعبارة 'الصحوة الإسلامية' المستوحاة من الثورة الإيرانية في عام 1979.

فقال أمام الحشود، خلال عظة صلاة الجمعة، في شهر فبراير: 'تحمل أحداث اليوم في شمال إفريقيا ومصر وتونس ودول أخرى معنى آخر بالنسبة إلى الأمة الإيرانية، بل إنها تحمل معنى خاصاً. إنها الصحوة الإسلامية عينها التي أدت إلى انتصار الثورة الكبرى في الدولة الإيرانية'.

رداً على هذا الموقف، اتهمت المعارضة الإيرانية النظام بالنفاق كونه يشيد بالحركات المنادية بالديمقراطية في الخارج بينما يرفض السماح بتنظيم ولو تظاهرة واحدة ضد النظام محلياً. عملياً، لم تكتفِ إيران بإطلاق المواقف العلنية من الانتفاضة العربية عبر الترويج لسيناريو 'الصحوة الإسلامية'، بل استغلت الفرصة أيضاً- بما أن وسائل الإعلام كانت تركز على قضايا أخرى- لوضع قائدَي المعارضة مير حسين موسوي ومهدي كروبي تحت الإقامة الجبرية، في منتصف شهر فبراير، من دون مواجهة أي احتجاج دولي.

صحيح أن إيران عارضت فرض منطقة حظر جوي على ليبيا، ويعود ذلك جزئياً إلى رفضها للسياسات الغربية عموماً، إلا أنها ركزت اهتمامها على الاضطرابات الحاصلة في اليمن، والأهم في البحرين، إذ تخضع الأغلبية الشيعية التي تشكل 70% من الشعب لحكم الأقلية السنّية.

في الشأن البحريني، اتهمت إيران الولايات المتحدة بدعم الملك حمد الذي يرأس بلداً مهماً على المستوى الاستراتيجي ويستضيف الأسطول الخامس الأميركي، وقد هاجمتها بسبب التزامها الصمت تجاه حملة القمع الوحشية في البحرين بحق الانتفاضة الشعبية والتدخل العسكري السعودي هناك.

من خلال التركيز على النفاق المستفحل في المواقف الأميركية عند التعامل مع الاضطرابات الحاصلة في البحرين واليمن، إلى جانب امتناع الأميركيين عن إدانة العنف الذي استعملته الحكومتان لقمع شعبيهما، حصلت إيران على بعض التقدير داخل المنطقة. ومع ذلك، ها هو الوضع السوري الآن يفضح النفاق الإيراني.

لقد وصفت إيران المتظاهرين السوريين المنادين بالديمقراطية– على خلاف غيرهم في العالم العربي– بعبارات مثل 'مثيري الشغب' و'الإرهابيين' والمأجورين من إسرائيل لبث الفتنة وزعزعة الاستقرار.

بعد أن تجاهلت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية الاضطرابات الحاصلة في سورية، عادت لتنقل 'اعترافات' لجماعة من 'مثيري الشغب السوريين' الذين ظهروا أمام كاميرات التلفزيون السوري الرسمي. واقتبست وكالة أنباء 'إيرنا' الإيرانية أخبار وكالة الأنباء السورية الرسمية 'سانا' التي أعلنت النبأ الآتي: 'سافر هؤلاء الناس [الذين اعترفوا على التلفزيون] إلى إسرائيل منذ فترة وقد قبضوا الأموال لإرسال صور وفيديوهات عن الاضطرابات الحاصلة في سورية إلى الأجانب'.

لم يكن بث هذه الاعترافات للمحتجين السوريين مفاجئاً بالنسبة إلى الإيرانيين أنفسهم الذين شهدوا اعترافات تلفزيونية مماثلة، ومحاكمات استعراضية لعدد من أعضاء الحركة الخضراء منذ انتشار الاضطرابات في عام 2009.

لطالما كانت إيران مستعدة للمساومة على مبادئها إذا كان الأمر يخدم أهدافها ومصالحها. في السنوات الأخيرة، وجدت إيران نفسها في موقف محرج حين صورت النظام السوري العلماني كدولة إسلامية- يُذكَر أن سورية هي إحدى الدول الصديقة القليلة لإيران. هذا ما دفع سورية إلى اتخاذ تدابير، في يوليو 2010، لمنع ارتداء النقاب (وقد عادت عن هذا القرار أخيراً)، ولم تأتِ وسائل الإعلام الإيرانية على ذكر أي من ذلك.

إن ردة الفعل الإيرانية تجاه الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط تفضح نفاق هذا النظام الانتهازي الذي لا يحترم حقوق شعبه ولا حقوق الشعوب الأخرى في الدول المجاورة.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ