ـ

ـ

ـ

الثلاثاء 20/06/2006

رسائل من دمشق

بين معارضتين داخلية وخارجية

غسان المفلح

من دمشق إلي معارضة الخارج.. لا تزايدوا علينا. فنحن معارضة الداخل أدري بشؤون مدينتنا.. أنعم الله عليكم بالأمن والأمان في بلاد الغرب وتقومون بكتابة ما تريدون بلا رقيب أو حسيب.. بلا خوف من سجن أو خوف علي أبنائكم من شظف العيش لأن أباهم معارض ديمقراطي.. من يكتب عن دمشق يجب أن يكون في دمشق حتي يعرف درجة المصداقية في كتاباته.

دمشق هي الامتحان في هذه المرحلة لصلابة الناس.. وأنتم منعــــمون مكرمون في بلاد الغرب، إما لأنكم لاجئون سياسيون أو لأنكم درستم في الغرب وبقيتم هناك، ولم تعودوا إلي سورية.

ونحن لا نصادر حقكم في ما تكتبون، ولكننا نرفض نفحة المزيداة في خطابكم تجاه معارضة الداخل السوري.. حيث الاعتقالات وقطع أرزاق المعارضين هي السمة التي تتصف بها دمشق الآن.. والسجن هو الشبح الذي يلاحقنا في كل مكان.. كنتم تقولون عن ميشيل كيلو انه معتدل في خطابه تجاه السلطة أو أنه يهادن بلغة أخري.. ومع ذلك هاهو ميشيل يعتقل وأنتم لازلتم أو بعضكم علي الأقل في حالة من المزايدة اليومية علينا، وعلي مبدأ أنه يجب أن تقوم المعارضة بهذه الخطوة أو تلك أو هذا الإجراء أو ذاك..الخ

نحن كذلك لدينا من يخونكم ويتهمكم بالعمالة للغرب عموما ولأمريكا بوجه خاص.. ومع ذلك تبقي هذه الاتهامات مرضا داخل أطر المعارضة كلها.. والأنكي من ذلك أنكم رغم بحبوحتكم المعيشية وحالة الأمن والأمان كما قلنا نجدكم في خلافاتكم واختلافاتكم: أكثر شراسة ضد بعضكم بعضا.. خذوا مثالا ما يسمي المعارضة السورية المتواجدة علي الأرض الأمريكــــية.. فخلافاتهم وصلت إلينا عبر إيميلات كثيرة: فيها شيء مخز تماما.. ونســــأل أنفســــنا علي ماذا يختلفـــون الشباب في أمــــريكا أو فــــي أوروبا.. كما نسمع من قبيل النكات: منهم من يعـــين وزراء ومنهم من يتصرف كونه رئيسا حتميا أو مقبلا للبلاد.. بالطبع هـــنا لاتقـــصدون رئيسا لسورية.. وإلا تصبح النـــكتة هــــذه فيها شيء من سخـــريات التــاريخ، وما يميزنا أصدقائي أننا نحن معارضة الداخل من يحمي هذا الحد القيمي للشعب السوري في مواجهة هذا العسف.. ولن يقول التاريخ كما قال في المعارضة العراقية ان كلها جاءت مع أمريكا من الخارج.. بل أن المعارضة السورية سجلت في تاريخ شعوب المنطقة نقطة بيضاء منيرة ربما لن يمحوها التاريخ أبدا عندما يصار لكتابة تاريخ سورية بعيدا عن تاريخ السلطة في سورية.. آلاف قضوا في السجون السورية عقودا من أزمنة لم تحسب من حياتهم ومازلوا موجودين داخل سورية يقولون كلمتهم علي طريقتهم.. ليس الأمر تبرئة لهم من خيارات سياسية خاطئة أبدا بل علي العكس نحن أيضا نختلف ونتهم بعضنا شتي التهم بدءا بالطائفية وانتهاء بالعمالة للسلطة أو للأمريكان حتي.. ولكن كلها ضمن خيارات يسميها بعضهم خيارت وطنية مادامت تمارس نشاطها من داخل سورية ـ كما يقول المعتقل حديثا فاتح جاموس ـ في توصيفه لكل وجهات النظر داخل المعارضة السورية.

القدس العربي 2006/06/17

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ