ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 28/02/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

النظام الليبي... وتصعيد الضغط الأميركي

كارين دي يونج وكولم لينتش

واشنطن

تاريخ النشر: الأحد 27 فبراير 2011

الاتحاد

بعد لحظات على مغادرة طائرة لليبيا وعلى متنها كل الدبلوماسيين الأميركيين المتبقين هناك يوم الجمعة، بادرت إدارة أوباما بإغلاق السفارة الأميركية في طرابلس، وعمدت إلى تجميد ودائع القذافي وعائلته وحكومته.

وفي أمر تنفيذي صدر مساء الجمعة، اتهم أوباما القذافي وحكومته باتخاذ "إجراءات مبالغ فيها ضد الشعب الليبي، من قبيل استعمال أسلحة الحرب والمرتزقة والعنف ضد المدنيين غير المسلحين". ويسري هذا الأمر التنفيذي، الذي يمنع تحويل أو سحب أية أموال، على كل الهيئات الحكومية الليبية والقذافي وكل أبنائه الثمانية، وخاصة أربعة أبناء وبنت أشار إليهم بالاسم. كما أعلن البيت الأبيض عن إلغاء أوباما لكل الاتصالات العسكرية مع ليبيا، وأمر بتخصيص وسائل الاستخبارات الأميركية للتركيز على الوفيات المدنية هناك، ورصد وتتبع تحركات القوات والدبابات الليبية.

وقبل ذلك كانت الإدارة الأميركية تشير إلى الخطر الذي قد يحدق بحياة الأميركيين في ليبيا كتبرير لما بدا رد فعل محتشماً من جانبها على الدلائل المتزايدة على حدوث فظاعات في هذا البلد الشمال إفريقي خلال الأسبوع الماضي. ولكن، بعد رحيل كل الأميركيين والأجانب من هناك تقريباً، عمدت الإدارة الآن إلى زيادة الضغط على طرابلس. ففي بيان صدر مع الأمر التنفيذي، قال أوباما إن الحكومة الليبية "يجب أن تحاسَب" على خلفية "انتهاكها المستمر لحقوق الإنسان ومعاملتها الوحشية لشعبها وتهديداتها الشائنة"، مضيفاً أن التدابير التي اتخذتها الولايات المتحدة تستهدف النظام "وتحمي الودائع التي تعود إلى الشعب الليبي".

وقد تعززت مساعي الإدارة الأميركية أيضاً بجهود المجتمع الدولي. ففي يوم شهد تحركات دبلوماسية مكثفة، ندد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف بالقمع الدموي للمتظاهرين وأمر بتحقيق في جرائم حرب. وفي مقر الأمم المتحدة في نيويورك، تداولت القوى الأوروبية بينها مسودة قرار سيفرض، في حال تبنيه، عقوبات اقتصادية دولية على ليبيا تستهدف بشكل خاص القذافي وأبناءه ومساعديه المقربين وتشمل حظراً على السفر وتجميداً للودائع. كما تدعو مسودة القرار أيضاً إلى فرض حظر شامل على الأسلحة وتدعو المحكمة الجنائية الدولية إلى القيام بتحقيق في "جرائم ضد الإنسانية" في ليبيا.

ولكن حتى الآن لم يبدِ القذافي أي مؤشر على جنوح نحو الإذعان للضغط الدولي، حيث تعهد بالبقاء في السلطة وقال إنه مستعد ل"الموت شهيداً". هذا وأعلن دبلوماسيون أمميون رفيعون أنه لا توجد حتى الآن أية مقترحات للترخيص بعمل عسكري دولي أو فرض منطقة لحظر الطيران فوق ليبيا.كما قال أمين عام حزب "الناتو" أندريس راسموسن، الذي اجتمع يوم الجمعة مع وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في بوخارست برومانيا، إن فرض منطقة حظر للطيران فوق ليبيا يتطلب ترخيصاً من الأمم المتحدة.

وفي إيجاز مرعب تلاه على مجلس الأمن الدولي، أشار أمين عام الأمم المتحدة "بان كي مون" إلى تقارير تفيد بأن القوات الموالية للقذافي كانت تطلق النار على المدنيين أثناء مغادرتهم بيوتهم وداخل المستشفيات في طرابلس، وقال إن أزيد من 1000 شخص قد قُتلوا في ليبيا. وخلال هذه الجلسة، انهار السفير الليبي في الأمم المتحدة، عبدالرحمن شلقم، باكيّاً بعد أن دعا إلى التدخل من أجل وقف إراقة الدماء. وقال إن القذافي -صديقه السابق- وضع الشعب الليبي أمام اختيار سيئ: "إما أن أحكمكم أو أقتلكم". وفي وقت سابق من اليوم نفسه، توقف نظيره في جنيف عن دعم النظام الليبي أيضاً، ودعا إلى دقيقة صمت حداداً على أرواح من قُتلوا في بلاده، وهو ما استجاب له أعضاء مجلس حقوق الإنسان.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني للصحافيين: "إن العقيد القذافي فقد ثقة شعبه... وإن شرعيته باتت منعدمة في أعين شعبه". ولكن كارني قال إن العقوبات لا تهدف إلى المساعدة على تنحية القذافي عن السلطة، مؤكداً على أن الشعب الليبي هو الذي يجب أن يقرر ما إن كان على القذافي أن يرحل. وما زال هذا هو الموقف العام الأميركي من ثورات "قوة الشعب" التي اندلعت في عدد من بلدان العالم العربي، مبعدة عن السلطة في تونس ومصر زعيمين حكما بلديهما لفترة طويلة زيادة على كونهما حليفين لأميركا، ودافعة الآلاف للخروج إلى الشوارع في اليمن والبحرين وغيرهما. غير أن أيّاً من تلك المظاهرات لم تقابل بالرد العنيف الذي رد به النظام الليبي على المظاهرات في بلاده، بعد أن سيطر المتظاهرون على الجزء الشرقي من البلاد واتجهوا نحو طرابلس.

ولئن كانت حكومات أخرى قد شرعت في إجلاء دبلوماسييها ومواطنيها على متن السفن والطائرات الأسبوع الماضي، فإن الجهود الأميركية تأخرت كثيراً. ففي يوم الأربعاء مثلاً وصلت سفينة لنقل المواطنين والدبلوماسيين الأميركيين إلى مالطا، ولكنها اضطرت للانتظار إلى حين هدوء ما قال مسؤولون إنها أمواج بارتفاع 18 قدماً في البحر الأبيض المتوسط قبل أن تغادر صباح الجمعة وعلى متنها المئات.

وقد خرج كارني على الصحافيين بعد وقت قصير على مغادرة مجموعة أخيرة من الدبلوماسيين والمدنيين الأميركيين في اتجاه إسطنبول على متن طائرة من مطار معيتيقة العسكري خارج طرابلس بعد ظهر يوم الجمعة. ورد كارني على أسئلة تشير ضمنيّاً إلى أن الولايات المتحدة تأخرت في الرد على الأزمة الليبية قائلا: "لم يسبق أن قمنا بكل هذه الأمور بمثل هذه السرعة"، مضيفاً أن تركيز أوباما كان على "واجبنا تجاه أمن المواطنين الأميركيين وكذلك على تبني السياسة الصائبة. وأستطيع أن أؤكد لكم أن ذلك كان هو الموجه بالنسبة لنا -المبادئ الموجهة لنا عندما انكببنا على هذا الموضوع خلال الأسبوع الماضي".

=================

التناقضات الثقافية والتعددية  

آخر تحديث:الأحد ,27/02/2011

بولينا نيودنغ

الخليج

لقد فشلت التعددية الثقافية التي ترعاها الدولة . إن هذا الإعلان الذي جاء على لسان رئيس الوزراء البريطاني في أعقاب تحول مماثل في النظرة إلى التعددية الثقافية من جانب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، يشير إلى أن المجتمع الأوروبي يطوي صفحة ما من تاريخه، ولكن هل هذه هي حقيقة الحال حقاً؟

إن هجوم كاميرون على التعددية الثقافية لم ينطو على تصنع أو مجاملة، فقد قال “بصراحة، إننا في حاجة إلى الإقلال كثيراً من التسامح السلبي الذي اتسم به سلوكنا في الأعوام الأخيرة، والإكثار من الليبرالية العضلية النشطة” . وهو لم يكن بذلك ينتقد التعددية العرقية والثقافية، بل كان ينتقد فكرة “التعددية الثقافية الرسمية” التي توظف معايير أخلاقية مختلفة في التعامل مع الفئات الاجتماعية المختلفة . ولقد أعلن كاميرون أن التجمعات المسلمة التي لا تؤيد حقوق المرأة ولا تدافع عن حرية التعبير ولا تشجع التكامل، على سبيل المثال، سوف تفقد كافة أشكال التمويل الحكومي .

ولكن التعددية الثقافية الرسمية ليست هي فقط التي فشلت في أوروبا، فكذلك فشلت التعددية الثقافية التي تبنتها أجزاء واسعة من المجتمع المدني الأوروبي . ولا أدل على ذلك من السويد التي تُعَد واحدة من أكثر دول العالم ليبرالية، ولكنها على الرغم من ذلك شهدت في الآونة الأخيرة تصاعداً في التطرف .

كان من المعروف عن السويد لفترة طويلة تبنيها لليبرالية أسلوب الحياة، فالأغلبية الساحقة من السويديين علمانيون ولا يبالون كثيراً بالكنيسة السويدية . وفي السويد كان بوسع المثليين جنسياً تسجيل الشراكات المدنية منذ عام ،1995 ثم أصبح بوسعهم أن يتزوجوا منذ عام ،2009 والسويد تُعَد واحدة من أكثر بلدان العالم راديكالية في فهمها لحقوق المرأة، كما يستطيع أن يشهد مؤسس “ويكيليكس” جوليان أسانج . فضلاً عن ذلك فإن حرية التعبير المطلقة في السويد كانت من الأسباب التي دفعت أسانج إلى اتخاذها مقراً لخدمات “ويكيليكس” .

ولكن حرية التعبير في السويد كانت أيضاً من بين الأسباب التي أدت إلى الهجوم الانتحاري المروع الذي شهدته ستوكهولم في شهر ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي . ووفقاً للوصية الأخيرة التي تركها منفذ الهجوم الانتحاري، وهو مواطن سويدي يدعى تيمور عبد الوهاب، فإن المتسوقين في فترة أعياد الميلاد في وسط المدينة كان لابد أن يموتوا “انتقاماً للدعم الذي قدمه السويديون للمدعو لارس فيلكس”، وهو الفنان الذي أثار حالة من الغضب الشديد في البلاد بسبب رسومه المسيئة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم . ولقد زعم “فيلكس” أن عمله كان بمثابة استفزاز يهدف إلى فضح الليبرالية الانتقائية داخل المؤسسة الثقافية السويدية، أو تعدديتها الثقافية بعبارة أخرى .

والواقع أن التفجير الانتحاري في ستوكهولم لم يكن أول أعمال العنف المرتبطة برسوم فيلكس، فقد صدر الحكم ضد شابين أخيراً، بالسجن بعد أن حاولا إشعال النار في بيت ذلك الفنان .

في السويد، كما هي الحال في دول ليبرالية مماثلة مثل هولندا والدنمارك، استفادت شعبوية جناح اليمين من فشل الليبراليين في التمسك بقيمهم . فقد نجح حزب الديمقراطيين السويديين، وهو الحزب الذي يضرب بجذوره في حركة تؤمن بتفوق الجنس الأبيض، نجح في دخول البرلمان للمرة الأولى في تاريخه في شهر سبتمبر/أيلول من عام ،2010 بتأييد 7 .5% من الناخبين السويديين . ولقد سعى حزب الديمقراطيين السويديين إلى تصوير نفسه باعتباره المدافع الوحيد عن المثليين واليهود في مواجهة موجة عدم التسامح التي أذكت نارها هجرة المسلمين على نطاق واسع إلى البلاد في العقدين الماضيين . ومن الواضح أن السويديين الذين يقفون بعيداً عن البرنامج الانتخابي الأصلي لحزب الديمقراطيين السويديين أصبحوا الآن على استعداد للسماح لهذا الحزب الذي كان حتى وقت قريب يعج بالنازيين الجدد، بتمثيلهم .

وعلى هذا فإن الافتقار إلى “الليبرالية العضلية” في واحدة من أكثر دول العالم ليبرالية، كان سبباً في تمهيد الطريق أمام كل من المتطرفين والشعبويين من جناح اليمين . لقد تحدث بعض من أبرز الساسة الأوروبيين بصراحة، والآن حان الوقت كي يعلن المجتمع المدني الأوروبي الصحف، والنقاد، والأمناء، والأكاديميون، والناشرون عن فشل التعددية الثقافية، وأن يظهر بعض الشجاعة في الدفاع عن القيم التي يزعم أنه يجسدها .

=================

الخوف من المستقبل  

آخر تحديث:الأحد ,27/02/2011

هاشم عبدالعزيز

الخليج

على غير العادة، مر استخدام الولايات المتحدة حق “الفيتو” في مجلس الأمن لإسقاط قرار إدانة الاستيطان ال “إسرائيلي” في الأراضي الفلسطينية، الذي تقدمت به المجموعة العربية وصوت لمصلحته الأعضاء الأربعة عشر الآخرون بالإجماع دونما ردود ال “شجب” وال “إدانة” وال “تنديد” العربي، كما هو “معتاد” تجاه موقف أمريكي متواصل كهذا في سياق الحماية الأمريكية للاحتلال الصهيوني . فهل هذا يؤشر لبداية تحرك عربي تجاه القضية الفلسطينية؟ أم أن الانسياق العربي لتصفية القضية الفلسطينية قد وصل بداية النهاية أو مسك الختام؟ أم أن الأحداث والتطورات المفاجئة والمذهلة والمتسارعة التي نقلت الوضع العربي من مقر الجمود والرواسب إلى حركة زلزالية قذفت براكينها الشعبية الجماهيرية وبإرادة التغيير التي أطلقها الشباب لا تزال شبه خالدة في تونس ومصر والحبل على الجرار واستحوذت على هم الداخل والعربي والاهتمام الدولي وهي تستحق بمجرياتها المتابعة وبخطف الأنظار .

لا شك أن هذه القضايا المثارة على تفاوتها واختلافها واردة إذا ما توقفنا أمام رد الفعل العربي تجاه القرار الأمريكي، أما إذا أردنا الذهاب إلى أين ستمضي الأمور فلسنا بحاجة إلى رحلة استكشافية لأن الكافي يأتي من “الأصدقاء” الأمريكان .

في استخدامها حق النقض ضد قرار إدانة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية لم تلجأ الولايات المتحدة إلى هذا الموقف لأول مرة لحماية الكيان الصهيوني، فقد سبق أن استخدمت حق النقض تجاه مشروعات قرارات دولية مختلفة تجاه حروب ضد الإنسانية وحروب إبادة عنصرية وجرائم التنكيل الصهيونية على الفلسطينيين وارتكاب المذابح الوحشية وسياسة التهويد التي تقوم على اقتلاع البشر وابتلاع الأراضي، والولايات المتحدة هي الدولة التي عملت وتعمل على مساعدة ودعم وتشجيع “إسرائيل” على عدم الالتزام بالقرارات الدولية، وعمدت في سياستها القائمة على تطويع الموقف العربي لواقع الاحتلال على إدارة لعبة ال “تسوية” خارج أسس وقواعد الحل العادل والشامل والسلام الدائم المتمثلة بقرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام، وحتى خطة خارطة الطريق التي ولدت خارج طريق السلام القائمة على الحق والعدل .

كانت الولايات المتحدة، نزولاً عند الرغبة الصهيونية، قد أعادت تعديلها، وجرى التعديل بما يفوق الخطة ذاتها وفوق هذا كانت “إسرائيل” في غير التزام بخطتها، كما هو شأن عدم التزامها باتفاقاتها مع الفلسطينيين .

إذاً ما الجديد في الموقف الأمريكي؟ الجديد أن قاطرة الاستيطان تسارعت بوتائر عالية في الضفة الغربية والقدس المحتلة تحت مظلة التسوية الأمريكية التي بدأت منذ أعقاب مؤتمر مدريد للسلام، وهذه العملية تفاقمت بشراهة صهيونية وبتقليل الأمر وتبسيطه بوعود أمريكية للفلسطينيين .

الجديد أن الإدارة الأمريكية تعلن أن الحل لا يمكن أن يقوم إلا على دولتين، لكنها في الأعمال تعهدت ل “إسرائيل” بمنع وتعطيل أي تحرك فلسطيني عربي لمجلس الأمن للاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود ،1967 وهي في المقابل لا تدين، بل وتعمل على منع الإدانة الدولية للاستيطان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية ليصير التساؤل : على أي أرض “يجب”، كما تؤكد الولايات المتحدة أن تقوم الدولة الفلسطينية؟

الجديد أيضاً أن الإدارة الأمريكية الحالية كانت “اشترطت” إعادة إطلاق المفاوضات الفلسطينية ال “إسرائيلية” بالوقف الشامل والكامل للاستيطان قبل أن تدخل في عد تنازلي من التراجع لتصل إلى إعلان أن هذا شأن “إسرائيلي”، وعلى الفلسطينيين والعرب أن يتخلوا عن شروط الانخراط في العملية التفاوضية التي دارت في حلقات وفصول مسرحية التسوية الأمريكية التي أريد لها إرادياً تغيير الحقوق والحقائق لازمة المنطقة بتداعياتها الكارثية .

وإذا ما أضفنا إلى هذا، أن الرئيس الأمريكي فشل في إقناع الرئيس الفلسطيني بإدخال تعديلات على مشروع القرار لا لتصلب الأخير ولكن لأن الموضوع لم يعد بيده لوحده، والولايات المتحدة عجزت عن أن يكون معها في الموقف من الحلفاء الأوروبيين الذين لم يذهب أي منهم ولو إلى أقل من النقض مثل فرنسا وبريطانيا، أي الامتناع أو التحفظ على القرار فإن المستجد هو توقيت هذه الاستماتة العمياء الأمريكية حماية الكيان الصهيوني وتجاهل الحقوق والمصالح العربية .

في هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن الاستخدام الأمريكي لحق النقض على قرار إدانة الاستيطان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية توافق مع ما بات مثاراً أو مربكاً، ويوصف في كل من واشنطن وتل أبيب بمخاوف المستقبل في شأن ما تعتبره “إسرائيل” قضايا حيوية ومصيرية وما يرتبط في واشنطن بمستقبل المصالح الأمريكية في المنطقة العربية إثر التغييرات التي جرت في تونس ومصر . إلى ماذا تعود هذه المخاوف؟ هل تعود إلى قراءة هذه التحولات وتأثيراتها في المنطقة العربية؟ أم إلى حجم خسائر الحلفاء؟

الإشكالية الأمريكية ال”إسرائيلية” هنا تكمن في طبيعة السياسة المتبعة تجاه العرب، وهي “إسرائيلياً” صارخة العداء مع الجميع في حقهم ووجودهم بمن فيهم حتى أولئك الذين تمكنت من الوصول إلى اتفاق سلام معهم، إذ بقيت مصر منذ اتفاقات كامب ديفيد في مرمى الاستهداف “الإسرائيلي” لا في مكانتها ودورها الريادي والاستراتيجي، بل وفي كيانها وإمكاناتها . وفي السياق العدائي تجري السياسة الأمريكية ضد العرب لا من القناة الصهيونية فقط، بل وبالتجاهل للحقوق والمصالح والإرادة، ومن هذه الأخيرة كانت الإدارة الأمريكية في قرارها الأخير تؤكد ما هو مؤكد، لكن الاختلاف أنه جاء في زمن نهوض هذه الإرادة للشعوب العربية ليصير الخوف من المستقبل لسياسة الخائفين بالنتيجة .

=================

المسؤولية الدولية لحماية الشعب الليبي

المصدر: صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأميركية

التاريخ: 27 فبراير 2011

البيان

تعتبر الفظائع الجسيمة التي ارتكبها نظام الرئيس الليبي معمر القذافي ضد المتظاهرين في ليبيا أمراً يتطلب التدخل الخارجي. كما تحتاج الثورة العربية من أجل الديمقراطية الآن إلى الحماية من جرائم الحرب.

لقد حوّلت عمليات القتل الوحشية لمئات المتظاهرين في ليبيا النقاش بشأن الحركة الديمقراطية في الشرق الأوسط.

بدلاً من مجرد الوقوف بجانب الشعوب العربية أو الإيرانيين في مسعاهم نحو الحرية، يجب على العالم أيضاً محاولة ردع الديكتاتوريين من ارتكاب الفظائع الجماعية.

في ليبيا، جاء رد فعل معمر القذافي أكثر قسوة من نظرائه في تونس ومصر على المطالب الشعبية العربية من أجل الحرية. وأطلق الطائرات المقاتلة والمدافع الرشاشة ضد المعارضين.

أدى الاستخدام المفرط للعنف إلى نوع من المذابح الجماعية في عام مثل تلك التي شهدتها كمبوديا في عام 1975 والصين في عام 1989 ورواندا في عام 1994 والبوسنة في 1995 وكوسوفو في 1999 ودارفور في عام 2003.

استقال عدد من سفراء القذافي تعبيراً عن اشمئزازهم حيال ما يجري في ليبيا، محذرين من عمليات الإبادة الجماعية ويحثون مجلس الأمن الدولي على اتخاذ إجراء في هذا الصدد. وفي الواقع، إذا امتدت الثورات العربية في كثير من بلدان الشرق الأوسط، يجب أن يكون العالم على استعداد لمنع العنف المتطرف. ويتعين على العالم أن يتخذ موقفاً حاسماً الآن بشأن حالة القسوة الشديدة التي ترتكب في ليبيا.

هناك أمر أكثر من الديمقراطية على المحك. يجب أن يتخذ العالم إجراءً أيضاً حيال الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية. ولا تكفي كلمات الإدانة.

في الواقع، التدخل العسكري من الخارج أمر ضروري، كما جرى في كوسوفو والبوسنة من قبل قوات حلف شمال الأطلسي. ففي عام 2005، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة فكرة «المسؤولية الدولية لحماية» الأبرياء من ضرر كبير داخل دولة ذات سيادة. وهذا المبدأ حظي بتأييد من قبل الأمم المتحدة في جزء كبير منه بسبب فشلها في التدخل لوضع حد للإبادة الجماعية في رواندا.

إن الفشل في حماية المتظاهرين الليبيين، أو أي انتفاضة سلمية في الشرق الأوسط، من شأنه أن يثبت فقط أن المجتمع الدولي لم يتعظ بعد من أخطاء الماضي في احترام القوانين الدولية لحقوق الإنسان، مثل اتفاقية منع جرائم الإبادة الجماعية.

إنها مهمة صعبة أمام الأمم المتحدة أو النيتو فيما يتعلق بالبت في مسألة انتهاك سيادة الدولة في حال استمرار المذابح. والأمر الأكثر صعوبة يتمثل في الحصول على موافقة الدول لتقديم التضحيات بإرسال قواتها في مهمات من هذا النوع.

ولكن اتسمت عمليات القتل في ليبيا بالبشاعة بما يكفي لإظهار الوضوح الأخلاقي. فقد تعهد القذافي أخيراً بمطاردة المحتجين «من منزل إلى منزل»، وذلك بعد يوم من تحذير ابنه من أن الشوارع سوف «تهرق بها الدماء» إذا استمرت الاحتجاجات.

هذا النظام، الذي ظل في السلطة لأكثر من أربعة عقود، كان وصف بأنه الأكثر استبداداً بين الأنظمة العربية، ليحتل المركز نفسه مع كوريا الشمالية في انتهاكاتها لحقوق الإنسان. أما الآن فقد انكشف وجهه الحقيقي، وخرج الليبيون بالآلاف يطلبون مساعدة خارجية.

فلو أن هناك «مسؤولية للحماية» أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، فهي الآن في ليبيا، حيث تم إطلاق العنان للإرهاب على شعبها.

=================

هل سيحاكم الثوار زعماء الغرب؟

د. محمد سلمان العبودي

التاريخ: 27 فبراير 2011

البيان

انشغلنا بالصراع الذي تدور رحاه هذه الأيام في طرقات تونس ومصر وليبيا واليمن، وغفلنا عن أمر في غاية الخطورة. ويتمثل هذا الأمر في إغفال أمرين مهمين، وهما: من المتسبب في وصول هذه المجتمعات بشكل مفاجئ إلى هذه الدرجة العالية من الانفجار؟ ثم من كان يدعم في السر تلك الأنظمة التي سرعان ما انهارت؟

صحيح أننا اليوم مشغولون بالحدث، لأنه أمر جديد على العالم العربي، ويمثل انعطافاً هاماً في تاريخ الشرق الأوسط، وسوف تتغير بعدها أنظمة أخرى لا يمكن لها أن تصمد طويلاً بعد أن اكتشف العرب قديما رقم الصفر واليوم توصلوا إلى طريقة جديدة لتعديل أوضاعهم وتحقيق مطالبهم حتى سجلت ضمن براءات الاختراع التي توصل إليها العالم العربي وبدأ تطبيقها في عدة دول عالمية أخرى، وكما اخترع منتظر الزيدي العربي الهوية عام 2008 ظاهرة قذف الحذاء في وجه رئيس أقوى دولة في العالم، إلا أن الأهم في نظري هو تتبع خيط أريان للوصول إلى السبب وليس إلى النتيجة.

نحن لا نلوم زعماء الدول الذين سقطوا أو من ينتظر، ولكن يجب المطالبة أولاً بمساءلة من كان يدعم هذه الأنظمة من خلال تأييدها للأخطاء التي كانت ترتكب في حق شعوبها وجرجرتها للتعامل معها بالطريقة التي أوصلتهم إلى ما وصلوا إليه.

لما يؤسف له، فإن تلك الدول التي أغرت هؤلاء بالتمسك بالسلطة في دول معظم دساتيرها جمهورية، وتنص صراحة على اختيار الرئيس بالانتخاب، هذه الدول المتحضرة أصبحت في موقف لا يحسدها عليه أحد بعد أن عجزت عن إنقاذ تلك الأنظمة التي رعتها. بينما كانت في السابق تدعمها بكل ما أوتيت من قوة لتأمين سلامة طرقها التجارية. ولم تكن تتصور أن شعوب العالم العربي لا تختلف عن شعوب العالم الغربي من حيث الشعور بالظلم وبالقهر وبالجوع والخوف، وأنها هي أيضا قادرة على فرض تغيير واقعها كما غيرت الثورات الغربية على مدى التاريخ حال شعوبها.

الغريب في الأمر أن دولاً في غنى عن التعريف تتباهى بأنها أول من قامت لديها الثورات لقلب النظام الملكي وتقيم مكانه نظاما جمهوريا ديمقراطيا، هي نفسها من تغري بعض الأنظمة في بعض الدول العربية بالاستمرار في ارتكاب الأخطاء ومنها قمع شعوبها وتجويعه للبقاء على ما هي عليه من الضعف لتأمين مصالحها الاقتصادية، غاضة البصر عما يرتكب في حق شعوب تلك الدول.

قد يقول قائل، بأن تلك الدول، التي تطلق على نفسها دول العالم المتحضر، ليس من شأنها التدخل أو الاعتراض أو انتقاد أو تغيير النظام في أي دولة من دول العالم. غير أن هذا الاعتراض مردود عليه. فقد أثبتت الأحداث بأن هذه الدول لا تعترف بمثل هذه المبادئ، بل بوسائلها الخاصة في حماية مصالحها الاقتصادية والتجارية متخذة من فكر نيكولا مكيافيللي (الغاية تبرر الوسيلة) مبدأ عاما لتحقيق أهدافها. والدليل على ذلك، أنها فرضت نفسها بالقوة في شؤون العديد من الدول بغرض دعم حركات التحرر فيها ليس لخاطر تلك الشعوب بل لتعزيز مصالحها الخاصة. فهناك إيران وكوريا والعراق وأفغانستان والسودان وفنزويلا وحتى الاتحاد السوفييتي سابقا...

وغيرها كأمثلة على ما نقول. ثم ها هي الآن تبدي دون أدنى خجل تضامنها مع شعوب مصر وتونس وليبيا واليمن التي ساهمت بشكل غير مباشر في ظلمه وقهره، وبعد أن صمتت أثناء الأحداث لتعرف إلى أين تجري الرياح في كل منها لتعلن موقفها بشكل يتسم بالحياء. ثم ألم يكن لها دور في إلغاء نتائج انتخابات الجزائر عندما فاز بها الإسلاميون وكذلك في فلسطين عندما فازت حماس وأسقطت الحكومات التي انتخبها شعب البلدين وفرضت نظاما وجدت فيه حماية لمصالحها وأمن إسرائيل؟ ألا تتدخل الدول الغربية في شؤون لبنان الداخلية وفي فرض كلمتها؟

هناك أمثلة عديدة لا يسعنا المجال لذكرها. وكلها تصب في خانة واحدة: أن الدول الغربية تعتبر نفسها وصية على دول العالم الثالث، وأن لها الحق في تنصيب من تشاء وإزالة من تشاء متى حانت ساعته. وتدير شؤونها بمجموعة من آلات التحكم عن بعد. وأصبح الكثيرون الآن يشيرون بأصابع الاتهام إلى فظاعة السياسات الخفية للدول الغربية في تسيير أمور العديد من دول العالم الثالث، وذكر الأخطاء التي ارتكبت في حق شعوبها من خلال مد هذه الأنظمة بالسلاح ثم بالاستراتيجيات التي تصيغها بغرض حمايتها. بينما كانت هي نفسها تحارب نفس هذه السياسات التي كان يتعامل بها الاتحاد السوفييتي سابقا مع دول شرق أوروبا وأفغانستان وكوريا الشمالية.

أصابع الاتهام هذه تحولت اليوم لدى العديد من المفكرين والمثقفين إلى أفواه وأقلام تطالب بتقديم إلى العدالة ليس فقط الزعماء الذين أضروا بحقوق مواطنيهم، بل أيضا زعماء بعض الدول الغربية المتحضرة التي كانت على علم بما كان يجري وكانت تدعمها بكل أنواع الأسلحة المحرمة دوليا والتي استخدمت في قمع المتظاهرين.

اليوم أسقط في يد الغرب. ولكي يداري خيبته بعد نجاح الثورتين التونسية والمصرية أصبح يقدم لهما يد العون بحفنة من المبالغ المالية تدعو للتهكم لا تتعدى الكم مائة مليون دولار أخضر!! بينما هي تمنح إسرائيل سنويا ومنذ عقود طويلة المليارات من الدولارات والأسلحة المحرمة لاستخدامها في تجويع وقتل وسرقة الشعب الفلسطيني الأعزل! وبمجرد ما أن لمح بارق انقلاب الأمور في ليبيا أصبح ينادي بصوت خجول بحق الشعوب في تقرير مصيرها!

إن القوانين في جميع أنحاء العالم تنص على معاقبة مرتكب الجرم ومن خطط له ومن ساعده في تنفيذه ومن تستر عليه. فهل ستطلب محكمة العدل الدولية من زعماء الغرب المثول أمامها اليوم أو غدا للنظر في دورها في مقتل مئات الآلاف من شعوب الدول العربية والأفريقية على مدى عقود من الزمن، تماما كما يحاسب اليهود الشعوب الأوروبية في دورها فيما أطلقوا عليه الهولوكوست؟

=================

طوق العزلة يشتد حول نتنياهو

بقلم: ألوف بن‏

هآرتس

ترجمة

الأحد 27-2-2011م

ترجمة: ريما الرفاعي

الثورة

قبل حوالي عام ونصف العام اجتازت غواصة «دولفين» تابعة لسلاح البحرية الاسرائيلي قناة السويس، في طريقها الى مناورة في البحر الاحمر، ثم عادت من هناك عبر القناة. وهذه الرحلة غير العادية

كانت تعكس تعزيز التعاون الاستراتيجي بين اسرائيل ومصر، وبدت كرسالة تهديد لايران. كما أعطت اشارة الى ان اسرائيل يمكنها أن تنشر بسرعة ذراعها الرادعة على مقربة من الشاطىء الايراني بمساعدة هادئة من مصر. اليوم، تبدو قناة السويس مرة اخرى وسيلة لنقل رسالة رادعة، ولكن في الاتجاه المعاكس، بعد أن سمحت مصر لسفينتين حربيتين ايرانيتين بالمرور في القناة في طريقها الى موانىء سورية. وقد انتقدت اسرائيل علنا عبور السفينتين، بدعوى ان هذا استفزاز، ولكن المصريين تجاهلوا الضغط وسمحوا لهما بالمرور. عبور هذه السفن يمثل الانعطافة التي طرأت في ميزان القوى الاقليمي بعد سقوط حسني مبارك. مصر لا توحي بأنها لا تزال ملتزمة بالحلف الاستراتيجي مع اسرائيل ضد ايران، كما كان عليه الحال ايام الرئيس المنحى، بل العكس تبدو مستعدة لعقد صفقات مع الايرانيين، كما فعلت تركيا مع ايران في السنوات الاخيرة. ومنذ اندلاع الانتفاضة ضد مبارك، برد السلام البارد أصلا بين مصر واسرائيل. وقد جرى تجميد امداد إسرائيل بالغاز الطبيعي بسبب عملية تفجير الانبوب الذي ينقل الغاز ولم تستأنف عملية الامداد بعد. كما ان مشاهد عودة الشيخ يوسف القرضاوي الى القاهرة بعد ربع قرن من المنفى وتحدثه أمام جمهور من مليون شخص في ميدان التحرير عن «تحرير الاقصى» و «النصر القريب» على إسرائيل ، أعادت أجواء العداء لاسرائيل الى قلب النقاش الجماهيري عن مصر المستقبلية، التي ستقوم على أنقاض نظام مبارك. وحتى الان ندعي باأن الثورة تتصل فقط بالشؤون المصرية الداخلية ، ولا علاقة لها بالعلاقات مع أميركا او مع اسرائيل. الاسلاميون حاولوا أن يبثوا في الاونة الاخيرة رسائل مختلطة الى الغرب، ووعد أحد قادتهم مراسل «واشنطن بوست» دافيد اغناتيوس بأن يحافظوا على اتفاق السلام مع اسرائيل. وفي وسائل الاعلام الغربية ثبتت الصيغة القائلة بأن الاسلاميين سيفوزون بثلث الاصوات فقط في الانتخابات المرتقبة في مصر، وبالتالي لا داعي للقلق. ولكن هذا لا يهدىء المخاوف من سيطرتهم على الدولة. كل شيء مرتبط بطريقة الانتخابات. وفي إسرائيل فاز الليكود بربع اصوات الناخبين فقط ، ومع ذلك فانه يمسك بزمام السلطة. في اسرائيل يتعاظم الخوف من التحول الذي يجري في مصر من جديد الى دولة مواجهة، وهو ما يزيد احساس إسرائيل بالعزلة والحصار الدولي، وهو الشعور الذي تعمق في عهد بنيامين نتنياهو. وجاء التصويت في مجلس الامن على مشروع القرار الفلسطيني الذي دعا الى شجب المستوطنات، ليشدد عزلة اسرائيل أكثر . وقد أيدت 14 دولة القرار، ولم يكن أمام اسرائيل سوء اللجوء الى الفيتو الأميركي لإسقاط القرار. لقد خسرالفلسطينيون في التصويت، ولكنهم أظهروا أي جانب في النزاع يتمتع بدعم دولي واسع ومن هو الذي لا يملك الا دعم الرئيس باراك اوباما.‏

نجح نتنياهو مدعوما من الكونغرس الاميركي في انتزاع الفيتو من اوباما . وعلل الاميركيون تصويتهم بحجة تستخدمها اسرائيل ايضا وهي أن التدويل لا يمكن ان يحل محل المفاوضات المباشرة، وفرض القرارات سيؤدي فقط الى تطرف المواقف. لكن الادارة الاميركية لم توضح ما اذا كان اوباما سيحاول ان ينتزع ثمنا من نتنياهو مقابل هذا التصويت على شكل خطة اسرائيلية لاقامة دولة فلسطينية في المناطق الفلسطينية او موافقة اسرائيلية على خطة سلام اميركية. وسيقول اوباما بان أميركا ملزمة بتعزيز مصداقيتها في العالم العربي وان على اسرائيل أن تساهم بدورها في تثبيت الانظمة الجديدة وضمان ودها. ولكن نتنياهو وحكومته يتمسكان بمواقف «ولا شبر» و « مع من وعلى ماذا يمكن الحديث»، وهي المواقف التي تلقت تعزيزا من خلال الانعطافة التي جرت في العلاقات مع مصر. وبعد أن خرج حزب العمل من الائتلاف، تتجه الحكومة الى اليمين أكثر فأكثر ،حيث يتخذ وزير الخارجية افيغدور ليبرمان صورة الرجل القوي في اسرائيل، بينما تلتقط للوزير جدعون ساعر الصور مع قادة المستوطنين في الخليل ووزراء الليكود يضغطون على نتنياهو وايهود باراك لاقرار مخططات بناء واسعة في المستوطنات. في الاسابيع القريبة المقبلة سيتعين على نتنياهو ان يشق طريقه بين تهديدات ليبرمان في الداخل والضغوط الدولية المتزايدة من الخارج. وبعد أن فقد صديقه الاقليمي مبارك، سيكون في وضع اصعب من أي وقت مضى .‏

=================

الإسلام التركي نموذج للإسلاميين العرب؟

المستقبل - الاحد 27 شباط 2011

العدد 3924 - نوافذ - صفحة 16

بعد ثورتي تونس ومصر، كثيراً ما طُرح على الإسلاميين العرب النموذج التركي "المعتدل"، المتمثل بحزب "العدالة والتنمية" الإسلامي الحاكم. مديرة دائرة العلاقات الدولية في جامعة غالاتازاري في اسطنبول، التركية بريل ديدوغلو، تجيب على سؤال حول نموذجية هذا الحزب في حوار مع "لوموند" (17 شباط 2011). هنا نص الحوار:

[ هل نظام تركيا الآن هو النموذج الصالح للعالم العربي؟

 تعتمد الإجابة على أي من النماذج نتكلم. بعض المحلّلين يقدمون تركيا كنموذج، مع دور للجيش يكون أساسياً في عملية التحديث. إن هذه المقاربة مرفوضة اليوم؛ فالمعطيات الاقليمية تغيرت ولم يعد ممكناً فرض نموذج فوقي، على من هم "تحت".

من جهة أخرى، فإن حزب "العدالة والتنمية" هو المقصود بالنموذج المقترح اتباعه. بل هناك العديد من مجموعات ذات الحساسيات المختلفة التي تحيل نفسها اليه. على أي قاعدة تتم هذه الإحالة؟ لا أعرف.

برأيي، إذا أردنا ان نتكلم عن نموذج تركي، فهذا النموذج تجده في انتظارات الشعب التركي. فالشعب التركي هو الذي انخرط في عملية تغيير النظام السياسي، لا الحزب الحاكم. شعوب العالم كلها تريد المزيد من الديموقراطية، لكن من دون خسارة هويتها. في كلامنا عن نموذج تركي، يطرح السؤال عما إذا كانت الدول العربية تستطيع بناء نظامها الديموقراطي الخاص. وإذا كان هناك من حركات تريد محاكاة "حزب العدالة والتنمية" الحاكم، فهذا يعود قبل كل شيء إلى رغبتها بالانخراط في السياسة والذوَبان في الديموقراطية.

[ ما هو التأثير الذي سوف يمارسه حزب العدالة والتنمية على الاخوان المسلمين المصريين؟

 من الصعب المقارنة بين البلدين. مصر عرفت ثورة مفاجئة، أشبه بالصدفة. أما في تركيا، فقد تطورت الديموقراطية ببطء، منذ العام 2002. ومفاوضات دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي لعبت دوراً كبيراً في هذه العملية؛ حتى لو انتهت هذه المفاوضات إلى طلاق بين تركيا وأوروبا.

التغيير الديموقراطي حصل عندما وضعت الحدود لسلطات العسكر. ولكن، في الوقت نفسه، "حزب العدالة والتنمية" ليس مستعجلاً لسلوك هذه الدرب. إنه يروح ويجيء من غير كلل في الطريق الديموقراطي؛ فهو حزب ائتلافي، ولذا يتوجب عليه دائماً الأخذ بالحساسيات المختلفة. لكن الشعب التركي أكد أنه يساند هذا التغيير.

إذا نسي رئيس الوزراء طيب أرودغان هذه الأولوية وقصر اهتمامه على تعزيز سلطته، فإن حزبه سوف يتعرّض لانشقاق، داخلي بالتأكيد. على عاتقه تقع مسؤولية تطوير هذا الحزب المحافظ.

=================

ليس محتماً ان تتبّع الثورات العربية تجربتي تونس ومصر

المستقبل - الاحد 27 شباط 2011

العدد 3924 - نوافذ - صفحة 9

يوسف بزي

على غرار ما حدث في أوروبا الشرقية ودول الإتحاد السوفياتي، فإن الثورات الديموقراطية في العالم العربي تواجه أنماطاً متباينة من التسلط أو الديكتاتوريات أو الاستبداد. فمن الديكتاتورية "الدستورية" أو المقيدة إلى الديكتاتورية المطلقة، ومن الاستبداد المغلف بقفازات حريرية إلى الاستبداد السافر والوحشي، ومن التسلط المقونن والمنظم إلى التسلط الإجرامي والإرهابي.

وهذا التباين ظهر جلياً في الفوارق ما بين ثورات تونس ومصر وليبيا. فما حدث أن الرئيسين المصري والتونسي وجدا نفسيهما مكبلّين في اللجوء إلى العنف، واكتشفا أن وسائل القمع التي يُسمح لهما باستخدامها، علناً، محدودة جداً. وإن أي تجاوز في مدى العنف أو في وسائل القمع يحولهما، توصيفاً، من رئيسين غير ديموقراطيين إلى "مجرمين ضد الإنسانية"، حسب سياسة معلومة، باتت مكرسة إلى حد بعيد منذ تسعينات القرن المنصرم.

ويمكن القول إن ضعف الرئيسين حسني مبارك وزين العابدين بن علي في مواجهة الثورة، ليس متأتياً فقط من انفصالهما عن الواقع وعجزهما السياسي ولا من شمولية الانتفاضة الشعبية وتمرد أجهزة الدولة على أوامرهما فحسب، بل من التزامهما بعضوية "المجتمع الدولي" ومعاييره، بنسبة أو بأخرى. فصلتهما بدول الغرب وسطوة أميركا تحديداً عليهما، معنوياً وسياسياً واقتصادياً، فرضا عليهما، إلى حد بعيد، ان لا يذهبا بعيداً في العنف والقمع. بل أن الجيشين المصري والتونسي، عدا عن اتسامهما بصفات المؤسسة الدولتية وعنفوانهما المناقبي والأخلاقي، فهما كانا ضنيين اولاً بالشرعية الشعبية، وثانياً بعلاقات التعاون والدعم مع الإدارة الأميركية، التي أوحت لهما، على ما يبدو، بالابتعاد عن النظام لحظة سقوطه.

ثم إن الرئيسين المصري والتونسي، كانا حريصين في "رسم" أو تدبير شرعية سلطتهما، وفق قواعد دستورية وانتخابية، ولو شكلية أو مزورة، يضاف إليها وراثة لشرعية تاريخية لها أسطورتها التأسيسية: فمبارك سليل مؤسسة الضباط الأحرار وثورة 1952، وبطل حرب 1973 وشريك السادات باستعادة سيناء وطابا. وبن علي هو وريث البورقيبية صانعة الاستقلال وصاحبة مشروع "التحديث".

وعلى هذا، فان خيار الثورة السلمية المدنية، الاحتجاجية والتظاهرية الطابع، هو خيار ممكن وناجح إزاء سلطتي مبارك وبن علي، طالما أن عنفهما القمعي هو على هذا القدر من المحدودية.

أما (الرئيس؟) معمر القذافي، فحاله مختلف تماماً. فهو يحكم من غير دستور او انتخابات أو صفة واضحة. يحكم من دون قانون حكم، بلا حدود لسلطاته وبلا تحديد لصلاحياته، جاء بانقلاب واستولى بالقوة على السلطة وعطل كل مظهر من مظاهر الحياة السياسية في بلاده، التي سرعان ما حولها إلى حقل تجارب ل"هندساته اليوتوبية" تخريباً وتشويهاً وتهديماً من غير انقطاع، فاستحالت ليبيا إلى عجيبة سياسية اجتماعية محيّرة ومحزنة. وأما نظام حكمه (ويتردد القول عن حق "اللانظام حكمه") فهو قائم على "شرعية ثورية"، أيديولوجية، كحال كوريا الشمالية وكوبا، حيث هناك كتاب لعين ما يسوق التاريخ إلى مهازله ومآسيه.

لذا، فان ليبيا، كما قال سيف الإسلام وأبوه، ليست تونس أو مصر. والثورة فيها لن تكون على مثال جارتيها. هذا ما اثبته القذافي وأبناؤه في الأسبوعين الماضيين. إذ أن خيار الثورة المدنية السلمية لإسقاط السلطة القذافية يبدو صعباً أو مستحيلاً، إن لم نقل انه خيار خاطئ.

فهذا النوع من الثورات البيضاء أو المخملية يستلزم سلطة مقتصدة في عنفها ومقيّدة في قمعها أو تتسم بعقلانية سياسية أخلاقية، لا تتوفر مطلقاً في النظام الليبي الذي شرع بمواجهة التظاهرات بشن حرب عسكرية حقيقية. فالدبابات التي تتزل إلى الشوارع لا لتخويف المتطاهرين بل لقصفهم. والقناصة الذين يواجهون المحتجين لا ينتقون الأكثر صخباًَ في الصفوف الأمامية لقنصه ترويعاً وترهيباً للآخرين، بل يطلقون النار على الجميع عشوائياً كما في الإعدام الجماعي.

إن النظام هنا لا يبحث عن السيطرة بل عن مجزرة انتقامية. وإذا كانت السلطات المصرية والتونسية طامعتين بالاحتيال على الرأي العام، وباستعادة ولاء الناس ولو قهراً، لدرجة أن النظام المصري مثلاً كان يتعامل مع ثورة 25 يونيو بوصفها "ثورة شباب لهم مطالب مشروعة" وانها ليست موجهة ضد نظام الحكم بل ضد الحكومة.. إلا ان القذافي، على العكس من ذلك، لم يتردد في إعلان العداوة التامة مع الشعب الليبي بأسره، ومن غير مواربة، وجعل سلطته مناوئة للمواطنين وكارهة لهم، وهو شنّ حرباً مفتوحة على كل الليبيين الذين جردهم من صفاتهم البشرية وأنزلهم إلى مرتبة الحيوانات والحشرات والجراثيم، على نحو يسهل عليه تقتيلهم وتشريدهم بلا وازع.

ورغم القول بجنونية هذا السلوك وغرائيبة أطوار صاحبه، إلا أن النظام الليبي بشرعيته الأيديولوية الثورية لا يشذ، في عداوته لشعبه وعنفه غير المحدود، عن سلوك السلطات الثورية المشابهة، سليلة الستالينية بالأخص، والتي رأينا أمثلة كثيرة عليها في كوريا الشمالية وفي كمبوديا الخمير الحمر، كما في أوغندا عيدي أمين أو عراق صدام حسين، حيث أحلام "الهندسة اليوتوبية" تبيح لمهندسها الملهم أن يتصرف بالبشر والعمران ما يحلو له، وحيث مشيئة الديكتاتور لا راد لها.

ما فعله القذافي حتى الآن هو انه لم يُفشل الثورة، لكنه بلا شك أفشل سلميتها ومدنيتها، إذ أن طرابلس مثلاً "سقطت" مدنياً وسلمياً بيد الثوار في يوم واحد، ولكن سرعان ما خسرها هؤلاء عندما قرر النظام استعادتها بالقوة الميليشيوية، فتيبن أن أسلوب التظاهر والاحتجاج في الشوارع غير كاف لإقصاء السلطة، ما فرض على الثورة أن تتحول تدريجياً إلى تمرّد مسلح لم تكتمل جهوزيته التسليحية والتنظيمية ولم تتبلور بعد خياراته السياسية، إن على مستوى تسليح المواطنين أو على مستوى الإتفاق مع وحدات الجيش المتمردة على إعلان حرب العصابات المسلحة ضد النظام.

مآل الثورة الليبية الصعب والدموي، ينبهنا إلى أن التحول الديموقراطي المفاجئ والمدهش في العالم العربي، ليس هو نفسه في كل مكان، ولن يكون دائماً بالسهولة المصرية والتونسية. فهو قد يكون تحولاً متعرجاً وبطيئاً وتسووياً على طريقة البحرين مثلاً، أو مؤجلاً وموقوفاً على طريقة الجزائر، أو جزئياً ونسبياً على طريقة المغرب والأردن، أو هو مشروع حرب أهلية وتقسيم كما في اليمن والسودان ولبنان، أو هو عنيف ودموي وتدخل عسكري أجنبي كما حدث في العراق وقد يحدث في ليبيا.

جميع هذه الثورات تكشف لنا الآن سمة أساسية واحدة، مشتركة، تجمع ما بين تلك السلطات، على اختلاف شرعياتها ونظمها السياسية، هي جميعها من دون استثناء "ديكتاتورية أسرية" حيث العائلة (الأب، الزوجة، الأبناء) تشكل وحدها الحكومة الحقيقية الدائمة، التي تقرر كل شيء وتستولي على مقدرات البلاد، وتستغل نفوذها اللامحدود لتجميع الثروات بأرقام فلكية، وتنهب بشجع منقطع النظير موارد الدولة، وتهيمن على الحياة العامة وتصادرها، وتعبث فساداً مافيوياً، وتشيع أخلاقاً مافيوية، وتقيم مجتمعاً منقسماً بين أغلبية مسحوقة وأقلية منتفعة، فتنقشع أمامنا بلاد مدقعة ومواطنون مهانون على امتداد عقود.

والمحيّر حقاً هو من أين أتت هذه الثورات؟ ما الذي تغير في دواخل الشعوب العربية وعقولها؟

قبل عشرين عاماً بالضبط، قام الشعب العراقي بانتفاضة ضد نظام الديكتاتور صدام حسين، الذي واجهها بالدبابات والهيليكوبترات والحرس الجمهوري، فقتل عشرات الآلاف وشرد أكثر من مليوني مواطن عراقي. يومها لم يجد العراقيون المذبوحون من الشعوب العربية سوى التأييد والتعاطف والتبرير ل"بطل العروبة" صدام حسين. أما اليوم، وهذا ما قد يعيننا على فهم ما تغير في وجدان الشعوب العربية، فان أمثال صدام حسين والقذافي، أو من هو "ألطف" منهما، لن يجدوا أحداً يساندهم أو يصدق رواياتهم عن المؤامرات الأجنبية وعن التصدي للصهيونية وعن خططهم للتنمية وعن دفاعهم عن العروبة والهوية.. الخ من أساطير.

الذي تغيّر حقاً أن الديموقراطية، الغريبة والمشبوهة، إرتقت إلى سوية الإيمان في وجدان ليس من يسكن بيروت والقاهرة وتونس، بل أولئك القاطنين في آخر واحة ليبية على حدود تشاد. وهذه هي المعجزة.

=================

ما يهمّ أوباما هو البقاء ضمن الوجهة الصحيحة للتاريخ

المستقبل - الاحد 27 شباط 2011

العدد 3924 - نوافذ - صفحة 16

الأميركي بروس ريدل، المتخصص السابق بمصر في السي آي أي، والباحث في معهد بروكنز، يدلي برأيه حول موقف أوباما من الثورة المصرية، في مقابلة مع صحيفة "ليبراسيون" (13 شباط 2011). هنا نص المقابلة:

[ ماذا تعني نهاية عهد حسني مبارك بالنسبة للولايات المتحدة؟

 إنها خطوة نحو الوجهة الصحيحة، لكن الوضع المصري يبقى هشاً ومتغيراً. الآن علينا أن ننظر إلى ما ينوي الجيش المصري القيام به. بالنسبة لإدارة أوباما، ما زالت مصر في وضع أزمة تحتاج إلى الكثير من الحذر؛ فنحن لم نخرج بعد من الفوضى. إن رحيل مبارك يطرح أسئلة أكثر مما يأتي بإجابات.

[ إدارة أوباما اعطت الانطباع بأنها تبحر معتمدة على العين المجردة. ألم يكن بوسعها أن تقوم بما هو أفضل؟

 إدارة أوباما تواجه أولى أزماتها الخارجية وهي تتعلم كيف تدير وضعاً يتطور بسرعة. وإذا أردت أن تفهم الموقف الأميركي، فعليك أن تتذكر ما نحن بصدده: نظام مبارك حليف، يقوده ديكتاتور منذ زمن طويل، ها هو يواجه فجأة ثورة شعبية. هناك سابقتان شبيهتان بهذه الوضعية: إيران عام 1979، وباكستان عام 2007. في إيران، لم تستطع إدارة الرئيس كارتر أن تمنع حدوث الكارثة. أما في باكستان، فقد دعمت الولايات المتحدة برويز مشرف حتى النهاية، وهي ما زلت حتى الآن تدفع ثمن ذلك.

[ إدارة أوباما، ألم تزد الموقف سوءاً عندما تأخرت عن مساندة الشارع، ثم عندما راهنت على عمر سليمان لإنقاذ النظام؟

 المسؤولون في هذه الإدارة تكلّموا أكثر مما يجب؛ مما أعطى انطباعاً بالتشوش. كان من الأفضل أن يتكلموا أقل ويفعلوا أكثر، خصوصاً في الكواليس. ولكنني لا أعتقد بأنهم راهنوا على أحد، ولا أنهم حاولوا إنقاذ نظام مبارك. كان التمني بأن يعترف عمر سليمان بحكمه الانخراط في المرحلة الانتقالية. ذلك أن مصر تحتاج إلى وجه يرمز إلى هذا الانتقال. لكن هذا الشخص كان يمكن أن يكون عمرو موسى، الرئيس الحالي لجامعة الدول العربية. إنه يحظى بشعبية في مصر، ويعرفه جيداً حرس النظام القديم. على كل حال لن يكون هذا القرار أميركياً، بل مصرياً.

[ ألم تكن الولايات المتحدة سجينة علاقاتها الوثيقة مع الجيش والمخابرات المصرييَن؟

 الإدارة الأميركية لا تستطيع التفكير بمصر وحدها. عليها أيضاً التوجه إلى أنظمة أخرى في المنطقة، خصوصاً العربية السعودية والاردن والمغرب... وهي دول تتابع بدقة التحركات الأميركية. وهي مصدومة من فكرة أن الولايات المتحدة تستطيع أن تتخلى عن حلفاء عمرهم ثلاثين سنة. يجب أيضاً الالتفات إلى إسرائيل.

[ إسرائيل أليست الهمّ رقم واحد للولايات المتحدة؟

 طبعاً، هي همّ نظراً لاتفاقية السلام المعقودة بينها وبين مصر. من غير المحتمل أن تقدم حكومة جديدة في مصر على إلغاء هذه الاتفاقية. ولكن أي حكومة جديدة سوف تطالب بإنهاء حصار غزة. وإذا شارك الاخوان المسلمون في الحكومة، فسوف يطالبون بإقامة علاقات مع "حماس". مما سيتسبّب بإثارة الخلافات مع إسرائيل.

[ المخابرات الأميركية كانت شبه غائبة أثناء ثورة مصر. بل بوسعنا الاعتقاد بأنها زادت من إحباط الشعب المصري عندما أعلنت بأن مبارك سوف يتنحى بالتأكيد....

 من الواضح أن معلوماتنا كانت ناقصة. الثورة التونسية فاجأتنا، وكذلك فاجأنا أثرها على مصر. لا أعرف بالضبط السياق الذي أعلن فيه رئيس السي آي اي عن مغادرة مبارك للحكم؛ لكنني مدرك بأن هذا السلوك لم يسهم في تعزيز مصداقية الإدارة الأميركية.

[ هل بوسع إدارة أوباما الخروج برأس مرفوع من هذه الثورة؟

 أوباما يعي بأن التاريخ يحدث الآن بسرعة، وهو حريص على البقاء ضمن الوجهة الصحيحة لهذا التاريخ. عليه ايجاد توازن دقيق بين المطالب المشروعة للشعب المصري وبين الحفاظ على استقرار المنطقة. ولكننا لا نستطيع ايقاف الساعة المصرية وتأخير توالي الساعات. المصريون يريدون تغيير النظام. الآن يوجد بديل: مرحلة انتقالية سلمية، في هذه اللحظة، أم صدمة أقوى لاحقاً؟ مصلحتنا في مرحلة انتقالية وبسرعة.

[ ألم تزعج الولايات المتحدة حلفاءها والشارع المصري في آن معاً؟

 صحيح، ولكن كان لا بد من ذلك، إذا أردنا أن ننظر إلى استمرار التوازن. ويجب الاعتراف أيضاً بأن نصائحنا للجيش المصري بعدم استخدام العنف قد أثمرت حتى الآن. الثورة دامت ثلاثة أسابيع، وكابوس إطلاق النار على الجماهير، كما حصل في يتانانمن في الصين، هذا الكابوس لم يحصل. بالتأكيد، الرسالة الأميركية ساعدت في هذه النقطة، وغني عن القول إن الفضل بذلك يعود بالدرجة الأولى إلى المصريين.

=================

الإخوان المسلمون الوطنيون الديمقراطيون

راكان المجالي

الدستور

27-2-2011

في السنوات الاخيرة من عقد العشرينات سطع قائد ومفكر اسلامي مميز في سماء مصر وهو الشهيد حسن البنا ، كانت مصر ملهمة في تلك الفترة وكانت كما يقول اخواننا المصريون عنها انها ولاّدة وانجبت زعماء عظماء في مقدمتهم سعد زغلول.

لم تكن دعوة حسن البنا في بداياتها سياسية ولا حتى تنظيمية فقد سعى الى الاصلاح وابتداءً اصلاح النفوس واعادة نشر منظومة القيم الاسلامية من خلال بناء شخصية الانسان المسلم ليكون لبنة صالحة في بناءْ كل لبناته الصالحة.

وبشّر البنا بالعودة الى جوهر الاسلام واعادة تأسيس الشخصية الاسلامية على نهج الرسول وكان ذلك شغلَ البنا الشاغل ، فالرسول صلى الله عليه وسلم امضى طوار سنوات بعثته بالعمل على تغيير منظومة القيم وحتى العبادات جاءت متأخرة على حواف الهجرة وبعدها وكذلك التشريع في المسائل العامة جاء متأخرا.

لا اقصد في هذا المقال الحديث عن واحد من الشخصيات العربية البارزة ولا عن دعوته فهو سائر على الطريق الاصلاحي الذي دعا له الافغاني ومحمد عبده ومرحلته تواكبت مع طه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم وغيرهم من مفكرين تنويريين وان كانوا جميعا بمن فيهم البنا يختلف الناس في تقييمهم على اختلاف اجتهاداتهم.

انني استذكر اليوم البنا وولادة ونشأة جماعة الاخوان المسلمين وتطورها وما تفرع منها من حركات ومنظمات لاؤكد ان الجماعة كانت مستهدفة شأنها شأن كل القوى الحية في الوطن العربي واول استهداف لها كان اغتيال الشهيد البنا والذي ترك غيابه فراغا واختلالا بيّنا لكن بعد فترة وجيزة كان اصطدامها مع المرحوم عبدالناصر الذي اراد تحطيمها وشطبها عاملا من عوامل ارباكها واضعافها.

واذا كان البعض يعتقد ان كل الحركات الاسلامية قد ولدت من رحم جماعة الاخوان المسلمين الا ان الصحيح هو ان الجماعة عملت في السنوات الاخيرة على تمييز نفسها في اطر وطنية قائمة على الاعتدال والاهتمام بالشأن الاجتماعي الى حد كأن تنظيم الاخوان المسلمين هو تنظيم اجتماعي اكثر منه سياسي وهم بذلك اقرب الى اهتمام الناس وهمومهم.

اما لماذا الخوف من الاخوان المسلمين اليوم فلأننا في الوطن العربي نتفيأ ظلال مرحلة جديد بدأت فيها الشعوب العربية تتحرك لتكون جزءا من النظام الاقتصادي والسياسي العالمي ولوصولها لاهدافها فهي تسعى للوصول الى الحرية والكرامة التي يمكن للشعوب تحقيقها وهي ممنوعة من المشاركة ومقيدة بسلاسل العبودية والاستبداد والارهاب.

ولا يخفى ان الاخوان المسلمين هم جزء من الانتفاضة الشعبية التي بدأت بمصر وتونس وتتفاعل في ليبيا واليمن وفي اقطار اخرى ، ولم يعد احد يصدق التهديد بأنهم البعبع الذي يريد الاستئثار بالسلطة واعادة انتاج نظام طالبان في افغانستان والملالي في طهران وقد يقول البعض ان عقيدة واستراتيجية الاخوان هي الوصول الى اقامة الدولة الاسلامية واعادة الخلافة الاسلامية والصحيح ان ذلك هو مجرد امنية ولا اشك ان هنالك عربيا او مسلما لا يتمنى عودة الخلافة الراشدة وان نعيش زمانها المجيد المثالي .

وكما هو معروف فان الحركة الام والتنظيم الاكبر للاخوان هو في مصر وهم اليوم جزء من الثورة الجديدة دون ادعاء انهم كانوا وراء تفجيرها او توجيهها ولكنهم شأنهم شأن الوطنيين المصريين يؤيدونها بقوة وقبل هذه الثورة كان موقف الاخوان في مصر واضح فقد اصدروا قبل عامين مشروعهم السياسي الذي اعلنوا بموجبه التزامهم بالديمقراطية والحريات السياسية والدولة المدنية اما بعد قيام الثورة والدعوة لانتخابات رئاسية فقد اعلنوا انهم لن ينافسوا على منصب رئاسة الجمهورية وانهم يقبلون ان يكونوا جزءا من المرحلة القادمة بلك تواضع.

ويلخص المفكر الاسامي راشد الغنوشي موقف الحركات الاسلامية مما يجري بالقول: "ان الاسلاميين هم جزء من تلك التغيرات فهذه التغييرات ذات طابع شعبي وليست ذات طابع حزبي ضيق وفي كل الانتفاضات في الشارع العربي لم ترفع لا شعارات حزبية ولا زعامات سياسية وانما شعارات ذات طابع انساني ووطني ، الاسلاميون جزء من هذا الحراك الشعبي واثبتوا انهم ليسوا حزبيين ولا منغلقين وانما هم شانهم شأن غيرهم وطنيون مندفعون في القيم الانسانية في الكرامة والحرية والوطنية بما يسفّه اتهامهم بالاصولية والانغلاق ففي تونس كانوا ضمن مجلس حماية الثورة وفي مصر هم في "امانة الثورة" وفي اليمن هم ضمن هيئة اللقاء المشترك... الخ".

لا يتسع هذا المقال للاستشهاد بالمزيد من اقوال الزعيم المفكر التونسي راشد الغنوشي ولا آراء المفكر والقيادي في جماعة الاخوان المسلمين بمصر عصام العريان او غيرهما اما عندنا في الاردن فان جماعة الاخوان المسلمين اثبتت دوما انها حركة وطنية مسؤولة وواقعية جدا وكانت ولا زالت قوة اعتدال وتوازن وركيزة من ركائز النظام السياسي وفي ظروف صعبة سابقة وضعت كل ثقلها الى جانب النظام وهي لذلك شريكة في المصير الوطني ومن حقها ان تحذر من تغول الفساد وفقدان البوصلة والعمى السياسي الذي يفضي الى الانفجار في منطقة متفجرة .

=================

انتفاضة الأقصى الفلسطينية ( 2000 - 2003)

د. علي محافظة

الدستور

27-2-2011

لم تفض إتفاقية أوسلو إلى إنسحاب القوات الاسرائيلية المسلحة من الضفة الغربية وقطاع غزة ، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة كما كانت تأمل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية. واكتشف الشعب الفلسطيني أن قيام السلطة الوطنية الفلسطينية لم يسفر عن زوال الاحتلال ، وإنما زاد من الاستعمار الاسرائيلي ومن كثافة المستعمرات اليهودية على الأرض الفلسطينية. وسعت إسرائيل بمختلف السبل والأساليب إلى إفشال المفاوضات مع السلطة الفلسطينية. وفي ظل تكريس واقع النزعة القطرية العربية وعقليتها ، حمّلت القيادة الفلسطينية بفك إرتباط قضيتهم بابعادها القومية ، ولا سيما من خلال رفع شعار "إستقلالية القرار الوطني الفلسطيني ، وبعد تغيير إسم "الميثاق القومي الفلسطيني" إلى "الميثاق الوطني الفلسطيني".

وبلغ التوتر الداخلي في فلسطين المحتلة ذروته بفشل مؤتمر كامب ديفيد الذي عقد ما بين 25و10 7 2000 ، وقد حمّل فشله إلى القيادة الفلسطينية وإلى الرئيس ياسر عرفات بخاصة. وروجت وسائل الاعلام الصهيونية والغربية لهذه المزاعم التي انطلت على كثيرين من العرب وغيرهم. والواقع أن ماطرح في كامب ديفيد كان مجرد أفكار لم تقدم بشكل مكتوب ، بل نقلت شفوياً على أنها أفكار أمريكية وليست إسرائيلية ، ورفض رئيس وزراء إسرائيل آنذاك إيهود باراك التفاوض مع عرفات في كامب ديفيد ، ورفض الطلب الفلسطيني بالانسحاب من الأراضي التي احتلت سنة 1967 بما فيها القدس الشرقية ، مع أن الفريق الفلسطيني قبل فكرة ضم إسرائيل لمناطق واسعة من الضفة الغربية لاستيعاب كتلة المستعمرات ، وقبل أيضاً بمبدأ سيادة إسرائيل على الأحياء اليهودية في القدس الشرقية ، ووافق على تطبيق حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم بطريقة تحمي مصالح إسرائيل الديموغرافية والأمنية. كانت الشرارة التي ألهبت إنتفاضة الأقصى الزيارة الاستفزازية التي قام بها رئيس حزب الليكود ، آرييل شارون ، لساحة المسجد الأقصى في 28 9 2000 يحيط به ست مئة جندي مسلح وثلاثة آلاف جندي يسيطرون على القدس وضواحيها. كانت الزيارة عرضاً للقوة وتحدياً للشعب الفلسطيني. اندلعت المواجهات بين أهالي القدس والقوات المحيطة بشارون ، وأسفرت عن استشهاد خمسة من الفلسطينيين ونحو ألف جريح. وتلا ذلك موجة من الثورة والغضب والحماسة للدفاع عن مقدسات المسلمين في بيت المقدس. كشفت إنتفاضة الأقصى عن روح الجهاد والاستعداد للتضحية لدى الشعب الفلسطيني ، على الرغم من المآسي والمصائب التي لحقت به وأساليب القمع والاضطهاد التي مارستها سلطات الاحتلال. ولذا انطلقت المظاهرات في جميع مدن فلسطين المحتلة. واستجابت لها الجماهير العربية والاسلامية خارج فلسطين من الرباط إلى جاكرتا ، تدعو الى الجهاد من أجل تخليص الأقصى من الأسر. ومرة أخرى جمعت القضية الفلسطينية والقدس والمسجد الأقصى العرب والمسلمين في مواجهة العدو المشترك الكيان الصهيوني. ووجهت الانتفاضة الجديدة ضربة قوية للحل السلمي والتطبيع مع الصهاينة. واشتد العداء للمشروع الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية حليفة إسرائيل ، وارتفعت الدعوة لمقاطعة البضائع والمنتجات الاسرائيلية والأمريكية. وبلغت المقاطعة الشعبية لمطاعم ماكدونالد وكنتاكي الأمريكية في المملكة العربية السعودية %80 ، وانخفضت مبيعات البيبسي كولا في مصر الى 46%. واضطرت مطاعم ماكدونالد في العربية السعودية الى التبرع بريال واحد عن كل وجبة لجرحى الانتفاضة الفلسطينية.

شارك في إنتفاضة الأقصى الفلسطينيون من مختلف المناطق والاتجاهات السياسية. بلغ عدد شهداء الانتفاضة في العام الأول ، أي حتى 3 8 2001 (634) شهيداً و (28007) جرحى ، كان من الشهداء (13) شهيداً من فلسطين التي احتلت سنة ,1948 وأدى الحصار الذي فرضته السلطات الاسرائيلية إلى تكبيد الاقتصاد الفلسطيني خسائر فادحة بلغت ثمانية ملايين دولار يومياً ، وفقد (19) ألف فلسطيني وظائفهم ، أضيفوا إلى العاطلين عن العمل الذين بلغ عددهم (260) ألف شخص. وبلغت نسبة الشهداء من الأطفال 40%.

قام الفلسطينيون بعمليات شجاعة ونوعية مثل عملية إغراق قارب إسرائيلي في البحر المتوسط مقابل رفح في 7 11 2000 ، وعملية الخضيرة في 22 11 2000 التي أسفرت عن قتل (21) إسرائيلياً وجرح (65) منهم. وتمت تصفية بنيامين كاهانا ، زعيم حركة "كاخ" المتطرفة ، في 31 12 2000 ، وتدمير دبابتين إسرائيليتين في كانون الثاني 2001 ، وعملية نتانيا في 4 3 2001 التي قتل فيها ثمانية إسرائيليين و (23) جريحاً. واعترفت السلطات الاسرائيلية بأن عدد قتلى الاسرائيليين في الأشهر الخمسة الأولى من إنتفاضة الأقصى بلغ (70) إسرائيلياً و (750) جريحاً. وبعد مرور عام تقريباً على الانتفاضة ، أي في 15 8 2001 إرتفع عدد القتلى إلى (155) وعدد الجرحى الى (1500). وأدت الانتفاضة الى سقوط حكومة حزب العمل برئاسة إيهود باراك ، وحلول حكومة أكثر تطرفاً منها برئاسة الصهيوني المتطرف آرييل شارون. وألحقت الانتفاضة خسائر بالاقتصاد الاسرائيلي ، إذ بلغت خسارة قطاع السياحة مليار دولار وقدرت خسارة إسرائيل المالية اليومية حتى آب 2001 بين 16و14 مليون دولار.

والواقع أن أحداث الحادي عشر من إيلول 2001 في نيويورك وواشنطن أدت إلى تحول عميق في السياسة الأمريكية والأوروبية نحو العرب والمسلمين ، وفي موقف الرأي العام الغربي من القضية الفلسطينية. وساهم نجاح اليمين المسيحي المتطرف (المحافظون الجدد) في الولايات المتحدة الأمريكية في الوصول إلى السلطة ، في دعم السياسية الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وللقضاء على الانتفاضة التي اتخذت أسلوباً جديداً وهو العمليات الاستشهادية ، طالب الرئيس الأمريكي جورج بوش (الابن) في خطابه في 24 6 2002 ، بانهاء العنف في الضفة الغربية وقطاع غزة ، وبتغيير القيادة الفلسطينية. وقال إن الهدف من ذلك التوصل إلى اتفاق الوضع النهائي وإنشاء دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل ، واستئناف العملية التفاوضية العربية - الاسرائيلية.

ووضعت خارطة طريق لهذه الغاية من قبل لجنة رباعية مؤلفة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة في 15 10 ,2002 ونصت المرحلة الأولى منها على إنهاء العنف والارهاب ، وعودة الحياة الفلسطينية إلى طبيعتها ، وبناء المؤسسات ، والقيام بعملية إصلاح سياسي شامل ، بما في ذلك صياغة دستور وإجراء انتخابات حرة ونزيهة ، وتعيين رئيس وزراء يتمتع بسلطة تنفيذية وصلاحيات اتخاذ القرار ، وتعهد السلطة الفلسطينية باعتقال الاشخاص والجماعات التي تشن الهجمات ضد الاسرائيليين في أي مكان. ودمج الأجهزة الأمنية الفلسطينية في ثلاثة أجهزة تكون مسؤولة أمام وزير الداخلية الفلسطيني ، وامتناع الدول العربية عن تمويل الجماعات التي تدعم العنف والارهاب. ومقابل ذلك تتوقف السلطات الاسرائيلية عن القيام بعمليات إبعاد الفلسطينيين عن ديارهم ، ووقف هجماتها على المدنيين ، ومصادرة أو هدم المنازل والممتلكات الفلسطينية ، وإيقاف الأنشطة الاستيطانية الاسرائيلية.

وقبل أن يلقي بوش خطابه الآنف الذكر الذي أفضى الى خارطة الطريق باسبوع ، أي في 16 6 2002 بدأت الجرافات والآليات الاسرائيلية ببناء "جدار الفصل العنصري" في الضفة الغربية المحتلة ، وفي خطوة إستباقية من شارون لاحباط أي حل سياسي للقضية الفلسطينية ، وضم أكثر من نصف مساحة الضفة الغربية إلى الأراضي الاسرائيلية ، وفصل القدس وسكانها العرب عن بقية الضفة الغربية ، وتقسيم الأجزاء المتبقية من الضفة الغربية إلى ثلاث كتل جغرافية منفصل بعضها عن البعض الآخر. وبذلك يصبح من المستحيل قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة ، تملك مقومات البقاء والاستمرار.

وكان قبول السلطة الوطنية الفلسطينية بخارطة الطريق في سنة 2003 بداية النهاية لانتفاضة الأقصى. وبداية الانشقاق الداخلي الفلسطيني بين حركة فتح من جهة و" حركة المقاومة الاسلامية" (حماس) و "الجهاد الاسلامي" من جهة أخرى.

=================

سر الثورات الثلاث

فؤاد حسين

الرأي الاردنية

27-2-2011

مجرد نظرة عابرة لثورات تونس ومصر ومن ثم ليبيا نجد عوامل مشتركة تقف وراء تفجيرها؛ فما كان لثورة تونس أن تندلع لولا أن أشعل محمد البوعزيزي النار بنفسه ليشعل تونس والوطن العربي معه، ولولا قتل رجال الشرطة المصرية للشاب خالد سعيد لما أسست صفحات التضامن على مواقع التواصل الإجتماعي التي ضمت عشرات الاف الشباب الذين فجروا في ما بعد ثورتهم، وليبيا ليست إستثناء في ذلك، فلولا قتل النظام الليبي الفا ومئتي سجين في سجن بوسليم عام 1996 واعتقالها محامي ذوي القتلى هذا الشهر، لما تفجرت الإحتجاجات في بني غازي التي ما لبثت وأن أصبحت ثورة ضد النظام. اذا فالعامل المشترك بين تلك الثورات الثلاثة هو الظلم والقتل خارج القانون. هو دموية تلك الأنظمة ضد شعوبها، وعدم إيلاء أي قيمة لشعوبهم، التي بلغت ذروتها بسيل الشتائم التي وصف القذافي بها شعبه، فإذا كانوا «مقملين» أليس هو رئيسهم الذي لم يول الجانب الصحي لشعبه أهمية ليكون نظيفا، طبعا إذا سلمنا أن تطاوله على شعبه له نصيب من الحقيقة، وحين يصف شعبه بأنهم مخدرين، اليس هو الرئيس الذي كان يملك زمام الأمور ليمنع تسرب المخدرات الى أبناء شعبه، وإذا كانوا حشرات، اليس هو من كان يتحمل مسؤولية الإرتقاء بشعبه الى أعلى المصاف خاصة وأن ليبيا مترامية الأطراف تعوم فوق بحر من النفط، ولا يزيد عدد أفراد شعبها عن خمسة ملايين، أي أن عائدات النفط أكثر من كافية لتحويل ليبيا الى جنة وجعل شعبه أشبه بالملائكة. فهل سويسرا والدول الإسكندنافية وغيرها الكثير من دول العالم تملك إمكانيات مادية أكثر مما تملكه ليبيا قياسا بعدد سكانها.

إنها أزمة أخلاقية هي التي أوصلت تلك الأنظمة الى ما وصلت اليه، لكن الأكثر بشاعة أن يصل الحاكم الى مرحلة يخشى فيها شعبه، ويجند مرتزقة ليحموه، ومن ثم يقتلون شعبه حين يثورون ضده، وهو يعلم أن هؤلاء المرتزقة لن يقاتلوا الى ما لا نهاية دفاعا عمن سيكون عاجرا بعد حين عن دفع مكافآتهم.

الظلم ظلمات، قد يستطيع أي نظام أن يتجبر ويتعسف كيفما شاء ضد شعبه، وقد يستطيع تكميم الأفواه الى حين، لكن ليس بإمكان أي نظام حكم أن يضمن سكوت الشعب الى ما لا نهاية على ظلمه وتجاوزه وإيغاله في دماء شعبه، فجدار الصمت، وجدار الخوف لا بد أن يسقط في لحظة، حين تصل الشعوب الى قناعة أنه لم يعد ثمة ما يخسره أكثر مما خسره، وأن حريته تستحق دفع أي ثمن مهما عظم.

لقد اثبتت الثورات الثلاث أن أنظمة الحكم كانت فاسدة أيضا، فقضايا ملاحقة الفاسدين في النظام المصري المخلوع بينت دون أدنى شك أن تلك الأنظمة قاطبة، لم تكتف بممارساتها الإرهابية ضد شعوبها، بل سرقت أقوات شعوبها التي تعاني من فقر مدقع، فماذا يعني أن يكون المسؤولون في النظام يملكون ملايين مملينة وشركات لا حصر لها، في الوقت الذي يعاني فيه أكثر من أربعين مليون مصري من الجوع، ويعيش الفرد منهم بأقل من دولارين يوميا. وماذا يعني تكديس الملايين في أرصدة الرئيس التونسي المخلوع وكل أفراد اسرته، بل وأسرة زوجته، في الوقت الذي تنوء فيه تونس تحت دين وصل الى واحد وعشرين مليار دولار، وماذا يعني أن تصل ثروة القذافي وأبنائه الى أكثر من مائة مليار دولار في الوقت الذي لا يجد فيه الشعب الليبي مشفى لتلقي العلاج فيه، فنراهم يهيمون في كل أصقاع الأرض بحثا عن مشفى يداوي أسقامهم.

لقد فاقت الشعوب من سبات الخوف، وقررت أن تأخذ بيدها كتابة تاريخها.

=================

الفيتو الأميركي .. لمَ لا نعتبر؟!

خالد وليد محمود

السبيل

27-2-2011

غير مستغرب الموقف الاميركي المنحاز دائماً لجانب الإحتلال الإسرائيلي، ها هي اشنطن كما عهدناها تقف بكل صلافة وعنجهية ضد الارادة الدولية، والقانون الدولي ، وتشهر «الفيتو» في وجه العالم كله ، رافضة ادانة الاستيطان الإسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.

كالعادة وكما عهدناه دائما يذهب الصوت الاميركي في مجلس الأمن لدعم الإستيطان الإسرائيلي ومصالح تل أبيب، و يخالف الرأي العام العالمي، بل يخالف آليات وأخلاقيات ما تسميه الولايات المتحدة “عملية السلام في الشرق الأوسط”، ولا ندري أي سلام هذا الذي تبشر به واشنطن وترعاه، ولا ندري على أي عقول يضحكون و «راعي السلام» يقف وينحاز لجانب الجزار والجلاد والمعتدي بهذا الشكل المستفز والصارخ الذي يناقض فكره السلام والاستقرار في المنطقة ؟

بعد هذا الموقف الاميركي المخجل ألم يعد واضحاً وجلياً للكل بأن تل ابيب لم توقف الاستيطان وتقف بوجه الارادة الدولية ، بدون دعم واشنطن ، فهذا الدعم هو الذي شجع هذه العصابات على الاستمرار في الاستيطان ، وارتكاب جرائم بحق الفلسطينيين وتهويد الارض والقدس وبناء جدار فصل عنصري يأكل الشجر والحجر والبشر!

لا شك أن «الفيتو» الاميركي في مجلس الأمن ضد المشروع العربي ، الذي يدين الاستيطان ، يؤكد للمرة المليون أن الدور الاميركي في حل الصراع ، هو دور مكرس لخدمة تل أبيب ومشروعها ، وتحقيق أهدافه ومخططاته العدوانية. أميركا ستواصل دعمها الأمني لإسرائيل في كل حال، كما ستواصل تقديم مظلة حمائية لها في المحافل الدولية.. وهذا هو ما حصل بالفعل.

إدارة الرئيس الاميركي باراك أوباما وفي هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها المنطقة وعملية السلام أرادت وعن سبق الإصرار والترصد أن تسخر صوتها بمجلس الأمن لدعم الإستيطان والتعتيم على ممارسات إسرائيل وأن تشهر الفيتو ضد سلام وأمن المنطقة وتتحدى المواثيق الدولية بينما الفلسطينيون منقسمون والعرب مشغولون بما يجري في اوطانهم من ثورات، أما الجامعة العربية فتعيش في صمت مطبق ولا تحرك ساكناً!

إذاً، فنحن أمام حقيقة سافرة كالشمس وهي أن الفيتو الاميركي جاهز دائما لخدمة إسرائيل، فعلينا ان نعي الدرس تماماً في هذه المرحلة الحساسة والتي تستدعي من السلطة الفلسطينية والعرب ، رفض الدور الاميركي واعادة النظر جذريا في عملية السلام ..ألم يحن الوقت بعد لاستخلاص الدروس والعبر؟! نردد دائماً «لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين»، ونحن قد لدغنا من الجحر الأميركي مرات ومرات ومرات!

=================

من سمات المواجهات الحالية

الأحد, 27 فبراير 2011

عبدالله اسكندر

الحياة

حركة الاحتجاجات العربية تتخذ منحى تصاعدياً. وإن كان بعضها تمكن من إدخال تغيير على مستوى السلطة، في تونس ومصر، وبعضها ما زال يطالب بالتغيير، في اليمن والبحرين والأردن، وبعض آخر يواجه قمعاً دموياً رهيباً، في ليبيا، فإن ملامح المرحلة المقبلة في كل من هذه البلدان لا يزال ضبابياً، ومفتوحاً على كل الاحتمالات، بما فيها الأسوأ.

من الواضح أن السلطة في كل من هذه البلدان تحاول مقاومة التغيير، رغم الخصوصية في كل منها. كما انه من الواضح أن الحركة الاحتجاجية لا تزال تملك طاقة كبيرة من الاعتراض والتظاهر وإشهار مطالبها التي تتخذ طابعاً اكثر راديكالية مع الوقت. لكن، لا السلطات ولا الحركات الاحتجاجية تملك خريطة طريق واضحة للخروج من الأزمة وحلحلة العقد. ولذلك يتعطل الحوار بين الجانبين، رغم مطالبة الجميع به وإعلان الاستعداد للمشاركة فيه. إذ لا توجد هناك قواسم وأسس مشتركة لهذا الحوار تجعله ينطلق من نقطة محددة. كما تنعدم الثقة المتبادلة، نظراً إلى السنوات الطويلة من القمع والحذر، بما يفرغ أي وعود من مضمونها.

وبذلك، تراوح الأوضاع في كل من مصر وتونس في مكانها. وتستمر التظاهرات والاعتصامات في اليمن والبحرين والأردن التي انضم إليها العراق أخيراً. في حين أن الوضع الليبي يستبعد كل حوار في ظل النزعة الدموية الصافية للعقيد القذافي الذي تزداد هلوساته العُظامية مع اقتراب انهياره.

هكذا يكون انعدام الحوار سمة أولى للمواجهة الحالية بين السلطات والحركات الاحتجاجية العربية. وفي حين يبقى الوضع الأمني تحت السيطرة، باستثناء ليبيا، فإن أي انزلاق ينطوي على مخاطر اندلاع عنف واسع، بما يقضي على وظيفة أي حوار لاحق، كما هو الوضع عليه في ليبيا.

سمة أخرى للوضع هو تأثر احد أطرافه فحسب، وهو السلطات هنا، بالمواقف والضغوط الخارجية، خصوصاً الأميركية. إذ أن الولايات المتحدة، ومنذ انفجار الوضع في تونس، تدافع عن ضرورة تلبية مطالب المحتجين خصوصاً لجهة التغيير السياسي. وبات واضحاً دورها في كيفية إطاحة الرئيس السابق زين العابدين بن علي وتنحي الرئيس السابق حسني مبارك. أي إنها تضغط على السلطات فقط. وهذا الضغط الأحادي يتصل باستراتيجية أميركية قوامها التخلي عن النظم المتحجرة لحساب ما تعتبره نظماً قادرة على استيعاب الثقافة الشعبية لمواطنيها، استناداً إلى الرغبة التي عبر عنها الرئيس باراك اوباما مراراً في الانفتاح على الثقافة الإسلامية. وهذا ما عبرت عنه وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون عندما تحدثت عن جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر واحتمال مشاركتهم في السلطة.

بكلام آخر، تهتم الولايات المتحدة بفرض تنازلات من السلطات لمصلحة الحركة الاحتجاجية، طبقاً لمفهوم يفترض أن ضمان المصالح الاستراتيجية الأميركية يكون بالالتصاق بوضع أهلي ثقافي، وديني وربما طائفي (كما في العراق)، وليس تسهيل حوار بين السلطات وبين حركة الاحتجاج، وصولاً إلى قواسم تدعم الديموقراطية والتبادل السلمي للسلطة والتوجه نحو تنمية مستدامة تضمن دورات اقتصادية طبيعية. وتستلهم واشنطن في ذلك تجارب غير عربية، مثل تركيا وإندونيسيا وباكستان، من دون التوقف عند التجارب العربية وخلاصاتها.

ومع تقدم حركات الإسلام السياسي المعتدل إلى واجهة التحرك، بفعل قدرته التنظيمية والضغط الأميركي أيضاً على السلطات، ينحسر ولو موقتاً الاتجاه التكفيري المتشدد الذي يبدو منفصلاً عن الحركة الشعبية وهمومها المباشرة، خصوصاً أن الطابع السلمي الغالب اظهر فعالية فشل الإرهاب في تحقيقها، رغم كل ضجيجه وعملياته الانتحارية. إلى حد أن تنظيم «القاعدة»، صاحب نظرية «التمترس» و»الانغماس»، بات حريصاً على أرواح المدنيين، كما أوصى أخيراً أيمن الظواهري.

=================

ليبيا والمغرب العربي

الأحد, 27 فبراير 2011

محمد الأشهب

الحياة

كان العقيد معمر القذافي الشاهد الأخير على أن 17 شباط (فبراير) يشكل علامة مشجعة في محور العلاقات بين دول الشمال الأفريقي، كونه تزامن والإعلان عن تأسيس الاتحاد المغاربي. غير أن الموعد تحول الى نذير شؤم عند تلاقيه مع انتفاضة الشارع الليبي.

دهش القذافي مرة حين جاءه رد من الملك الراحل الحسن الثاني انه يقبل إبرام وحدة مع بلاده. حدث ذلك في منتصف ثمانينات القرن الماضي. وقتها قال الملك للعقيد بأنه لا يطمع في دولار واحد من عائدات النفط الليبي، لكنه يقبل أن يتحول «الاتحاد العربي الأفريقي» الى فضاء أرحب لمبادرات سياسية واقتصادية تكفل النهوض بأوضاع المنطقة. غير أن ما بين ذلك الاتحاد الذي لم يعمر طويلاً وصنوه المغاربي الذي دفن في المهد، ضاعت فرص وتبددت آمال وهيمنت نزاعات ونزعات.

نقطة الضوء أن الجزائريين والمغاربة على حد سواء بدأوا يفكرون بصوت مسموع في أن انفتاحهم على بعضهم أجدى من الانكفاء وأشواط الصراعات التي تواصلت من دون طائل. تطور إيجابي في حد ذاته. لا سيما أن البناء المغاربي ارتكز في جوهره على الوفاق المغربي - الجزائري. ولا يهم أن المنطقة منشغلة بتوصيات قلقة لا أحد يعرف أين يتوقف إعصارها الهادر. ولكن الأهم معاودة تكريس الوعي بأنها كتلة واحدة، لا يمكن أن يتأثر أي طرف منها من دون أن تتداعى أطراف أخرى باتت تحتم نفض الغبار عن الملف المغاربي الذي اعتلاه الصدأ.

أن تكون الخلافات القائمة في وجهات النظر بين المغرب والجزائر حيال التعاطي مع تطورات قضية الصحراء والخلاف الحدودي، والتباين الذي كان حاصلاً في التعاطي مع تنامي التطرف، فإنها لا تصمد أمام الموجة العارمة من الغضب الشعبي الذي يلهج بشعار الإصلاحات الملحة، الآن وليس غداً. وبالتالي قد يصح الاعتقاد أن التحديات الراهنة لن تكون أكثر رحمة بالخلافات التي يجب دفنها. فالميزة الأساسية للوفاق المغربي الجزائري انه ينعكس إيجاباً على المنطقة المغاربية برمتها. عدا أن التلويح بالبناء المغاربي كخيار استراتيجي لا بديل منه، بغرض إيلاء المشروع درجة عالية من الانشغال.

التوقف عند أسبقيات الاتحاد، هل تكون اقتصادية في صورة الرهان الأوروبي على السوق المشتركة، أو سياسية في حجم تعزيز إجراءات التنسيق والتشاور ومعاودة بناء الثقة، لا يلغي البعد الاستراتيجي لتجربة لم تكتمل. فقد تنبهت العواصم المغاربية في ستينات القرن الماضي الى ظاهرة اقتصاديات الحدود. بل إن أهم مشروعات التكامل الاقتصادي ركز على هذا المجال أكثر من غيره، فيما باتت هذه الشرائط اليوم عنواناً كبيراً لأزمات عدة.

أرقام العمالة في ليبيا فاقت الملايين بين عرب وأفارقة وأجانب، فيما البطالة تنخر أجساد كل من الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا، وإيراداتها أيضاً من المنتوجات الزراعية والمواد الاستهلاكية تفوق كل التصورات، فيما المغرب يفاوض شركاءه الأوروبيين تحت ضغوط متزايدة من أجل تأمين عبور منتوجاته الزراعية نحو الاتحاد الأوروبي. عدا الكلفة الباهظة لفاتورة جلب المواد النفطية. ليس أقرب الى الجزائر من المغرب، غير روابط الأخوة والانتساب التاريخي والروحي والجغرافي. غير ان البلدين ازدادا تباعداً على رغم ما يزخران به من مقومات التكامل الاقتصادي. وبالتالي فقد أخطآ العنوان معاً، طالما إن خلافاتهما انعكست سلباً على أوضاع الشعبين الجارين. وفي تقديرات أن كلفة عدم قيام المغرب عربي ساعدت في اهتزاز أركان المنطقة، كون الأجيال الجديدة التي كان في وسعها أن تتنفس هواء نقياً تمتزج فيه الحرية والكرامة أضحت لا تفكر في غير الهجرة الى الضفة الشمالية للبحر المتوسط.

ثمة حاجة الى هجرة مضادة، أقربها انفتاح العواصم المغاربية على بعضها، ففي القاعدة أن الامتداد الأفقي الذي يحبل بالروابط المشتركة أيسر الى النظرة الاستراتيجية، قبل أن يفكر الأوروبيون بدورهم في وضع سياسات تجنبهم مظاهر النزوح الجماعي للشباب الباحث عن نفسه.

=================

نحن المصريين بحاجة إلى ليبيا الحرة

الشرق الاوسط

27-2-2011

حتى هواة التحليل النفسي كان من السهل عليهم التعرف على الأبعاد النفسية المرضية للعقيد القذافي، التي لا تعفيه، في الوقت نفسه، من المسؤولية. غير أن أحدا لم يتطرق إلى التفكير في آليات التفكير عنده، بالتأكيد هو شخصية سيكوباتية، وهو مصاب أيضا بجنون العظمة بأشد ما يكون وضوحا، أما إحساسه بالنرجسية فلا شك أنه يفوق صاحب المرض الأصلي الذي اشتق المرض من اسمه وهو «نرسيس»، كما تقول الأسطورة اليونانية، وهو ما يدفعنا للوقوف قليلا عند هذه الشخصية.. كان نرسيس أميرا جميلا، بل ربما كان أكثر جمالا من البشر كلهم؛ لذلك كان يقضي وقته كله متأملا في إعجاب ولذة ملامح وجهه المنعكس على سطح البحيرة، غير أننا إذا استعدنا تفاصيل الأسطورة سنجد أن «الإلهة هيرا» كانت قد تنبأت له بأنه سيموت في اللحظة التي يظهر فيها أي وجه آخر بجوار صورة وجهه على صفحة الماء. الخوف من الموت إذن وليس الإعجاب بالنفس هو ما يدفعه للتحديق في ماء البحيرة، في كل لحظة الآن يظهر للقذافي وجه جديد على سطح البحيرة يعلن استقالته من تنظيماته وانضمامه إلى صفوف الشعب الليبي.

الكذب فقط هو ما يميز الشخصية السيكوباتية، والعقيد بالكذب بدأ وبالكذب عاش، والآن هو يواجه جيوش الصدق الليبية تزحف على مكمنه بهدف إزالته من مكانه. لم يحدث في التاريخ من قبل أن أقيم تمثال أو نصب تذكاري يمجد كتابا، وهاهو الكتاب الأخضر يهوي على الأرض محطما بكل ما يحتوي عليه من خداع وأكاذيب. آليات التفكير عند القذافي - كما أراها – هي: الدنيا ساحة للكذب والكذابين، فلأكن أعظم الكذابين، الناس جميعا أوغاد ولا بد أن أعاملهم على هذا الأساس. الصدق، الشرف الإنساني، الرحمة، الشفقة، الحرية، حقوق الإنسان هي جميعا بضاعة الضعفاء الأغبياء، ولست منهم، وأنا أحمد الله على أن ثروتي من البترول تتيح لي تطبيب كل ما أحدثه في العالم من جروح وإصابات. أمر غريب أن يتكلم عن ملكة إنجلترا وعن أنها قضت 57 عاما في الحكم، وكأنها عقيدة زميلة صاحبة كتاب أخضر إنجليزي، لماذا تذكر الملكية؟ هل لأن الناس في ليبيا سارعوا برفع علم الملكية الليبي وكأنهم في استفتاء عام وقفوا فيه بجوار الملكية؟ الواقع أنه اخترع نظاما جديدا في بلده لم يعرفه أحد من قبل؛ إذ إنه من الناحية الرسمية لا يحتل منصبا ما (وإلا كنت ألقيت باستقالتي في وجوهكم)، ومع ذلك فمن الناحية الفعلية الواقعية، هو المسؤول الأوحد عن كل شيء يحدث داخل الجماهيرية، وهو أيضا المسؤول عن استقدام المرتزقة من القتلة التعساء يقتلون وينهبون الشعب الليبي.

غير أنني أشهد أنه كان صادقا أشد الصدق عندما قال: «لم أستخدم القوة بعدُ»، كما كان صادقا أيضا في التعبير عن رغباته عندما قال: «من الصحراء إلى الصحراء، سنقوم بالتطهير، من بيت إلى بيت، من كل شارع وكل حارة وكل زنقة».. كلمات تقشعر لها الأبدان، خاصة عندما يقولها شخص كان مسؤولا عن حكم شعب. حديثه عن استخدامه المؤجل للقوة يشعرني بالقلق، ترى أي نوع من الأسلحة سيستخدم هذا الرجل لمنع الليبيين من دخول مقره في العزيزية؟ ليس لهذا الرجل أصدقاء يستنجد بهم؛ لأنه أصلا لا يؤمن بالصداقة كقيمة عليا، وليس له أعوان يخفون لنجدته، بل عملاء تعساء لا يعتمد عليهم، ولن يجد مكانا يلجأ إليه؛ لذلك ستكون معركته النهائية يائسة تماما هو ومن هم حوله.

من المهم للغاية في هذا الوقت توجيه رسالة إلى الغرب بوصفه ضمير العصر، فضلا عن تقدمه وقوته التي لا حد لها، علينا أن نوصل لهم جميعا، بما فيهم أميركا بالطبع، رسالة تقول: أيها السادة.. هذا الرجل وضع عمدا متفجرات في طائرة مدنية تحمل رجالا ونساء وأطفالا، ولم تحاكموه ولم تحاسبوه على ذلك، اكتفيتم، إراحة لضمائركم، بمحاكمة اثنين من التعساء من أعوانه، وأنتم على يقين أن هذه الجريمة من المستحيل أن تتم إلا بأوامر منه، ثم اكتفيتم بأن يدفع تعويضات لأسر الضحايا بعد سنوات من التحقيقات والمحاكمات، هل جاء الوقت الذي تشعرون فيه بالخجل مما فعلتموه؟ السياسة ليست فرعا من فروع الشر، والحسابات السياسية والبنكية تصبح غبية عندما تتعارض مع قيم الإنسانية العليا، فضلا عن أنها تجلب الشر والمزيد منه. وعلى مفكري الغرب أن يفكروا منذ الآن في الإجراءات التي يجب أن يتخذها العالم ليضمن عدم اختطاف أي شعب. منذ عشرين عاما تقريبا كتب المرحوم عبد الحميد البكوش، آخر رئيس وزراء في ليبيا الملكية، في جريدة «الحياة» مقالا نبه فيه إلى أن العالم يبذل مجهودا كبيرا للإفراج عن ركاب طائرة مخطوفة، فبأي وجه حق نترك شخصا يخطف شعبا بأكمله؟

حتى هذه اللحظة، ليبيا تعيش تجربة الألمانيتين، الشرقية والغربية، وهو وضع يجب ألا يدوم بحال من الأحوال، يجب ألا تأتي اللحظة التي نتكلم فيها عن ليبيا الشرقية وليبيا الغربية، كما يجب أيضا ألا ننسى أن المعركة هي معركة الشعب الليبي وحده حتى وإن طالت.. الشعب الليبي يدفع الآن مقدما ثمن حريته ومستقبله.

مستقبل الشعب الليبي يستحق، مستقبل سكان هذه المنطقة يستحق، فعلى مدى أكثر من أربعين عاما تحمل الشعب الليبي أكثر مما تحمله شعب آخر في المنطقة من الإهانات لجريمة لم يرتكبوها، هي أن رئيسهم شخص غير مسؤول. لكن من المؤكد أن الشعب كان يتطعم كل يوم ضد الديكتاتورية، هو الآن محصن ضدها للألف عام المقبلة، هو الآن قادر على التنمية وإشاعة العدل وحقوق الإنسان للألف عام المقبلة. إنني أنظر بعيني إلى الأمام لأرى ليبيا وآلاف الناس من العالم كله وهم يندفعون للاستثمار فيها. ليبيا الآن تأخذ مكانها على خريطة العالم الحر، والحرية في ليبيا ظهير مساعد للحرية في مصر. نحن المصريين في حاجة على حدودنا إلى ليبيا كدولة حرة عصرية لتقوية الحرية داخل مصر ذاتها، على الأقل سيكون بوسع العمال المصريين الانتقال من بلدهم إلى بلدهم بغير شعور بالغربة.

من تونس، ومصر وليبيا، خرجت الرسالة لشعب آخر ربما نتصوره بعيدا، وهو الشعب الإيراني، الشعب الليبي، بصموده وإصراره على الحرية، يرسل رسالة قوية للشعب الإيراني بأن يصمد ولا يفقد الأمل في الانتصار. لم يعد هناك مكان للطغاة في هذه المنطقة من العالم.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ