ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 09/02/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

ليست الحرية فقط انما الكرامة بتغيير السياسة الخارجية

طاهر العدوان

العرب اليوم

2011-02-08

لم يكن هناك اي رد فعل عربي, فيه ملامح الفعل, على موت عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين على يدي نتنياهو - ليبرمان. وهو ما يتعارض مع قوانين الطبيعة, ومع قوانين التاريخ حسب نظرية المؤرخ البريطاني توينبي عن "التحدي والاستجابة" فالتحدي الصهيوني للدول العربية لم يتلق أية استجابة تقاومه وتتصدى له.

هذا الواقع الذي وصلت اليه السياسة الخارجية العربية, سواء كان بشكلها الجماعي من خلال الجامعة العربية, او سياسات الدول منفردة يُلخَّص المآل الذي وصلت اليه في مسألتين (1) فشل الدفاع عن الحقوق الفلسطينية والعربية (2) فشل الدفاع عن المصالح الوطنية والقومية, مما دفع بأكثر من مراقب محايد الى الاعلان عن نعي السياسة الخارجية العربية التي تحولت تحت ظل مصر مبارك الى مجرد سطر في السياسة الامريكية تجاه الشرق الاوسط, هذه السياسة التي تتبنى مصالح اسرائيل ووجهة نظرها.

هناك فشل مروع, لا يخطئه عقل في السياسة الخارجية, فشل يُسْأَل عنه وزراء الخارجية, منفردين, ومجلس وزراء الخارجية في مقر الجامعة بالقاهرة.

ومن المأمول, ان يتغير هذا الواقع نحو مرحلة ايجابية جديدة عندما تُحقق الثورة المصرية اهدافها ويأتي الى قيادة مصر قادة منتخبون يستعيدون القرارات السيادية ومنها السياسة الخارجية من "السلة الامريكية" ويعيدون اليها وجهها الوطني والقومي.

يخطئ من يعتقد ان رياح التغيير التي فجرتها "ثورتا مصر وتونس" يمكن وضع مصدات لها عندما يتعلق الامر بالسياسة الخارجية. ذلك ان من اهم الحقائق المستخلصة مبكرا من شعارات الثورتين هي المطالبة بالحرية والكرامة وانهاء الهيمنة الاجنبية .. وعند كل تفسير لمعنى شعار الكرامة نجد ان من اسباب ودوافع الانتفاضات الشعبية انتشار مشاعر الذل والمهانة بين العرب في ظل حكومات سلمت رقاب شعوبها الى امريكا واسرائيل.

بعد ثورتي تونس ومصر, انقشعت غيوم وجرت مياه كثيرة فوق السطح وتحته في النظام العربي من المحيط الى الخليج, واذا لم تتغير خطوط السياسة الخارجية للدول العربية, مجتمعة ومنفردة, للانسجام مع صيحات الشعوب باستعادة الحرية في علاقة الدولة بالشعب, والكرامة في علاقة الدولة بأمريكا واسرائيل, وعلى قاعدة المصالح الوطنية, فان الاوضاع لن تستقر.

ليست السياسات وحدها, تحتاج الى مثل هذا التحول الاستراتيجي الذي تسبقه مراجعة نقدية شاملة, فتغيير الادوات وشخوص ممثلي هذه السياسة من الوزراء امر اكثر اهمية, ذلك ان لكل مرحلة رجالها. ولكل زمان سلوكياته وطبائعه. فإحدى الترجمات للاصلاح السياسي وجود وزراء خارجية قادرين على تحمل مسؤولية مواجهة التعنت الاسرائيلي ومناصريه في اللوبي الصهيوني.

يُفترض ان توظف الحكومات, ذات الصلة الوثيقة بالقضية الفلسطينية, وفي مقدمتها الحكومة الاردنية, مسألة الثورة المصرية, وتغير المناخات في الرأي العام العربي من اجل اعادة تقييم علاقاتها مع اسرائيل. وليس مطلوبا الغاء المعاهدة, لكن المطلوب بناء سياسة وطنية وعربية تنتج مسارا جديدا في السياسة الخارجية باتجاه حشد ضغوط فعلية على اسرائيل واحتلالاتها والتصدي لتهويد القدس الشريف. فالشعب الاردني والشعب المصري قبلا بمعاهدتي السلام بشرط كونهما جزءا من صفقة السلام الشامل الذي يحل القضية الفلسطينية, بقيام الدولة وانهاء الاحتلال وحق عودة اللاجئين.

وغيري كثيرون, واثقون انه لو كانت عند الحكومات العربية مثل هذه السياسات الخارجية القوية الصلبة, القادرة على مواجهة التحدي الاسرائيلي, منذ عام 2007 وحتى اليوم لكانت اللجنة الرباعية الدولية اكثر قوة وفاعلية, ولكانت ادارة أوباما قادرة على ردع الاستيطان, ولكانت اوروبا اكثر حزما بمواجهة اسرائيل.

ما بعد تونس ومصر, هناك حتمية باعادة تقييم السياسات تجاه اسرائيل وتغيير الافكار والادوات لإحداث التحول المطلوب الذي يؤدي الى احترام مطالب الشعوب العربية بحكومات وطنية قوية تتصدى بحزم للغطرسة الصهيونية.

=========================

"إسرائيل" وحركات التغيير العربي

آخر تحديث:الثلاثاء ,08/02/2011

الحسين الزاوي

الخليج

تعيش “إسرائيل” حالة غير مسبوقة من القلق الشديد نتيجة التحولات السياسية والاجتماعية التي تعرفها بعض البلدان العربية، حيث يخشى قادة تل أبيب أن يؤدي هذا التحول السياسي الكبير إلى ولادة خريطة سياسية جديدة في المنطقة تعيد النظر في الكثير من التوازنات الاستراتيجية، فرغم محاولات المسؤولين “الإسرائيليين” التزام جانب الحيطة والتحفظ في تصريحاتهم تجاه تطورات الأحداث المتسارعة بالمنطقة، إلا أنهم لم يتمكنوا من إخفاء قلقهم البالغ من الثورة السياسية الشبابية التي تحدث على بعد مسافة قريبة جدا من حدودهم . ذلك أن ما يخيف النظام “الإسرائيلي” هو أن الثورات العربية الجديدة لم تعد ثورات مسلحة أو ثورات سياسية تقودها نخب عسكرية، بل هي ثورات وانتفاضات شعبية تريد أن تُفرز نظاماً سياسياً قائماً على المشاركة السياسية الواسعة التي تحترم رأي الأغلبية، التي تريد أن تعيد التوازن والهيبة إلى النظام الرسمي العربي الذي تورط خلال العقود القليلة الماضية في مسلسل من التنازلات المجانية لصالح الطرف “الإسرائيلي”، على حساب المصالح العربية والفلسطينية المشروعة . ومن ثم فإن المشهد السياسي الذي سوف تفرزه هذه الثورات، سيجعل الأنظمة العربية تخضع لمطالب الشعب العربي الذي يرفض التفريط في حقوقه التاريخية المقدسة .

ذلك أن الرضا والود “الإسرائيلي” والدعم الغربي الذي تحظى به بعض حكومات المنطقة، نابع من القناعة الراسخة لهذه الأطراف بصعوبة الحصول على تنازلات جوهرية من حكومات عربية تستند إلى مشروعية ديمقراطية تفرزها صناديق الاقتراع . فالرأي العام العربي على اختلاف أطيافه السياسية يرفض السياسة الغربية والأمريكية الحالية، القائمة على الهيمنة والابتزاز السياسي خدمة للمصالح الصهيونية في المنطقة، وبالتالي فإن الحكومات الغربية تحاول أن تركب موجات التغيير في العالم العربي، حتى تصل إلى تشكيل تحالفات جديدة مع القوى الصاعدة من أجل حماية مصالحها في المنطقة . وذلك في اللحظة التي تسعى فيها “إسرائيل” إلى إجراء تقييم جديد للأحداث، من أجل إعادة بناء استراتيجيتها بما يتناسب مع التحولات المفاجئة التي تشهدها الجغرافيا السياسية المحيطة بها . صحيح أن التطورات الحالية لن تؤدي إلى قلب الأوضاع رأساً على عقب، فهناك توازنات إقليمية دقيقة تسعى أطراف كثيرة من أجل المحافظة عليها . لكن الشيء الذي لا يحتاج إلى تأكيد هو أن المساحة السياسية الهائلة التي انتزعها الرأي العام العربي من خلال نضاله السلمي، ستمنع حكوماته من الانخراط في تسويات تضر بالمصالح العليا للأمة . كما أن “إسرائيل” التي تعزف على وتر انصياعها لرأيها العام المتطرف، ستواجه حقيقة جديدة مؤداها أن الطرف العربي أضحى يملك هو الآخر رأياً عاماً مؤثراً ومجتمعاً مدنياً قوياً وقادراً على محاسبة نخبه السياسية في حال إقدامها على تخطي الخطوط الحمر التي يضعها الشارع العربي .

وعليه فإنه من الأهمية بمكان أن نعيد قراءة الوضع العربي الحالي، وفقا لآليات جديدة تسمح للنخب الحاكمة من استخلاص الدروس والعبر من الانتفاضات العربية، التي تريد أن تُحترم آراؤها ومواقفها المبدئية، خاصة وأنها أوصلت رسالة جديدة لا لبس فيها، تؤكد من خلالها أنها لن تُقدم مستقبلاً صكاً على بياض لحكامها من أجل التصرف في حقوقها القومية . كما أن “إسرائيل” التي تعلم جيداً رفض الرأي العام العربي القاطع لمشاريعها الاستعمارية والاستيطانية، ستحاول بكافة السبل أن تركب موجات التغيير العربي، من أجل النيل من استقرار البلدان العربية المحورية في منطقة الشرق الأوسط، حتى تحول دون قيام أنظمة عربية ديمقراطية تنعم بالاستقرار السياسي والانسجام الاجتماعي بين مكوناتها . ومن غير المستبعد أن تلجأ “إسرائيل”، ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية، خلال المرحلة المقبلة إلى استثمار بعض التناقضات الداخلية في الدول العربية، من أجل النيل من الوحدة الوطنية لهذه الدول، من خلال المزايدة على حقوق ما تصفه بالأقليات الدينية والعرقية والمذهبية .

ويمكن التأكيد عطفاً على ما سبق، أن رياح الانتفاضة والتغيير التي تشهدها المنطقة العربية برمتها يُفترض فيها أن تدفع مختلف الأطراف إلى إعادة بناء تصوراتها على أسس أكثر عمقاً وصلابة، بعيداً عن الشعارات الظرفية التي يمكن أن تفرزها لحظات الفرح والنشوة العابرة . فقد أثبتت تطورات الأحداث أن كل جزء من مكونات المجتمع العربي يحتاج إلى الإصغاء بشكل جيد لآراء وتطلعات باقي المكونات والأجزاء، فالحكومات في حاجة ماسة لأن تُترجم قراراتها ومواقفها السياسية والاقتصادية نبض رأيها العام، والنخب الثقافية والفكرية المشكلة للمجتمع المدني يجب عليها أن تعيد بناء طموحات الجماهير بشكل متوازن وعقلاني بعيداً عن النخبوية التي تحلق بعيداً عن طموحات وتطلعات المواطنين، كما أن الجماهير مطالبة هي الأخرى بأن تعمل على صياغة أحلامها وطموحاتها من خلال استثمار رصيد نخبها الثقافية والفكرية ومجموع قيمها الحضارية حتى لا تسقط في المزايدات الشعبوية، التي توفر بيئة متشنجة تسمح ل”إسرائيل” وعملائها باللعب على العواطف الصادقة والبريئة للجماهير العربية، فنحن في حاجة في هذه المرحلة الحساسة أن نقُود التغيير ونستثمر نتائجه الإيجابية لمصلحة تطلعات الأمة العربية، حتى لا نترك لهذا التغيير زمام قيادتنا نحو المجهول الذي تصفه الامبريالية الأمريكية بالفوضى الخلاقة .

===========================

إرادة الشعوب    

آخر تحديث:الثلاثاء ,08/02/2011

علي الغفلي

الخليج

لا يمكن أن تخطئ الشعوب العربية في إصدار أحكامها تجاه نظم الحكم المستبدة، وحين تجمع هذه الشعوب على عدم صلاح الحياة السياسية التي تسود في دولها فإنها تكون محقة دائماً، ولا يمكن للمطالب التي تناشد بها هذه الشعوب من أجل التغيير إلا أن تكون أصيلة . تدرك الشعوب حين تقرر الخروج إلى الشوارع من أجل التعبير عن مظالمها ومطالبها أنها بصدد الاصطدام مع عنت أنظمة الحكم الجائر، وهي تعرّض نفسها لمواجهة أدوات القهر المتوفرة لدى الحكومات، ولا تتردد هذه الأخيرة في استخدام مخزونها من آليات القمع والقتل والمراوغة من أجل تشويه أو وأد تحرك الشعوب ضدها، ولكن على الرغم من ذلك فإن الشعوب تملك المخزون الهائل من إرادة وضع جوانب واقعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي في نصابها الصحيح .

إن الاستبداد السياسي شر كله، ولا يمكن المبالغة في سرد جوانب التلوث التي يسببها في حياة المجتمع السياسي . إن الدولة هي دائماً من بين أكبر ضحايا نظام الحكم المستبد، إذ تنسف مؤسسات الجور وممارسات الجشع التي يقترفها النظام المستبد المضامين الإنسانية النبيلة للدولة بالنسبة لشعبها، حتى إن حظي كيان الدولة بالاعتراف من قبل المجتمع الدولي . ويشمل التلوث الاستبدادي جوانب جوهرية أخرى، حين تتعرض مفاهيم كبرى مثل الشرعية السياسية، والحياة الدستورية، والمصالح الوطنية للعطب جراء التشويه والتلاعب الذي يصيبها من قبل النظام الحاكم . ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يلوث الاستبداد السياسي اعتبارات سامية أخرى، مثل تعريف كل من حقوق الإنسان، والديمقراطية، والحرية والمساواة والعدالة، فيقوم بتجريد هذه المفاهيم من مقاصدها الحقيقية، وتكون النتيجية في نهاية المطاف أن يجد أبناء وبنات الشعب أنفسهم يعيشون واقعاً مجتمعياً محبطاً، قاحلاً في بعض جوانبه، وزائفاً في الجوانب الأخرى .

لا يحتاج الشعب العربي إلى أية مساعدة خارجية من أجل أن يكتشف مظالمه أو يصوغ مطالبه، وليس من المتصور بأي حال أن يكون تحرك الشعب الغاضب نتاج تدخل خارجي متآمر، وحقيقة الأمر أن إرجاع ثورة الشعب ضد نظام الحكم الذي تجلت أمام المواطنين مثالب منطلقاته وطفحت مساوئ مؤسساته وظهرت مخاطر إخفاقات أدائه، إلى عبث المخططات الدولية أو تلاعب المحطات الإعلامية ينطوي على إهانة شديدة تجاه كل من ذكاء الشعب وإرادته . إن متوالية تداعي نظم الاستبداد تحت ضغط الغضب الشعبي التي تجتاح المنطقة العربية، والتي استهلت في تونس وتنذر بأن تتسع، هي في حقيقة الأمر تطور شديد الضخامة في الساحة العربية، لا يمكن لأي مخطط دولي أو تآمر أجنبي أو تطبيق تكنولوجي أن يقف خلف أسبابه بأي حال من الأحوال .

ليس الدافع إلى تحرك الجماهير العربية الغاضبة بالأمر الذي يمكن تجاهله، وذلك سواء بالنسبة للشعب أو الحكومة . إن خروج قطاعات الشعب إلى الشوارع والميادين العامة في مظاهرات الاحتجاج ضد تركيبة النظام الحاكم أو أدائه ليس إلا تعبيراً عن القناعة التي تصل إليها الجماهير بأن الأشخاص الذين يحتلون سدة السلطة إنما هم في حقيقة الأمر يسدون طريق قطاعات الشعب نحو التقدم إلى تحقيق الغايات الكبرى التي يتطلع إليها المواطنون، والمتمثلة في تحقيق الاطمئنان الوطني، وإنجاز الترسيخ السليم للدولة، وصيانة الحياة الدستورية، وضمان سيادة القانون، والتمتع بالحدود المعقولة من الحرية الإنسانية، ومراعاة العدالة الاجتماعية، وتفعيل المشاركة السياسية، وتيسير الحياة الاقتصادية الكريمة، وهي غايات ينبغي أن تتحقق جيمعها وبشكل متزامن في مجتمع الدولة، ولا تحتمل الشعوب التضحية ببعضها بعضاً حتى وإن كان التبرير هو تحقيق بعضها الآخر . حين يشعر المواطنون بأن نظام الحكم لا يوفر القدر المناسب من كافة هذه العناصر مجتمعة فإن طاقتهم على مقاومة الدافع نحو التعبير عن الاحتجاج الغاضب تتلاشى، لتدخل الدولة بعد ذلك في متاهات الاضطراب التي تصعب الإحاطة بعواقبها .

وفي المقابل، على أنظمة الحكم المستبد أن تدرك أن التحرك الجماهيري الغاضب يشكل واحداً من أسوأ الكوابيس التي يمكن لهذه الأنظمة أن تواجهها، وهو كابوس قد تتجاوز فداحة آثار الثورة الشعبية التي يجلبها ما يمكن للتهديدات الخارجية أن تشكله من خطر بالنسبة لأية دولة . ولكن ثورة الجماهير الغاضبة هي كابوس لا يمكن التنبؤ بشكل دقيق بشأن توقيت حدوثه، أو تقدير عمق السخط الذي يمكن أن يصبه الشعب الغاضب على أشخاص وسياسات وممارسات نظام الحكم الذي يشل تقادم أمد الاستبداد قدرته على تحقيق الغايات الكبرى التي ينشدها شعب الدولة . يتعين على أنظمة الحكم التي عقدت العزم على المضي في نهج الاستبداد السياسي، أو اختارت الاستمرار في تجاهل الأسئلة الوطنية التي تطرحها المجتمعات بخصوص المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تتعلق بكل من الدولة والوطن والشعب أن تدرك أنها تقرر في حقيقة الأمر المجازفة في المضي إلى المجهول .

إن المخاطر التي تشي بها احتمالات الثورات الشعبية ضد أنظمة الاستبداد في العالم العربي جوهرية، وحقيقة الأمر هي أن مصدر التهديد الذي تواجهه مثل هذه الأنظمة في أغلب الحالات ينطلق من احتمالات انطلاق التحرك الشعبي الغاضب ضدها، وليس من التدخلات الخارجية أو المؤامرات الأجنبية . إن كان الاستعداد لمواجهة التهديدات الخارجية يتطلب الاستعانة بالقدرات العسكرية والتحالفات الدولية، فإن نأي أنظمة الحكم المستبد بنفسها عن نذر الثورات الشعبية الغاضبة ليس له إلا طريق واحد، يتمثل تحديدا في الشروع بالإصلاح السياسي، والذي يبدأ من الإقرار بوجود المخاوف الوطنية والمطالب السياسية والحاجات الإنسانية والمظالم الحياتية لدى الشعب، ويمر بالاعتناء بصياغة الاستجابات الأصيلة لها، ويتوج ببناء المؤسسات وتطبيق السياسات التي تجسد الطموحات الشعبية المشروعة .

رئيس قسم العلوم السياسية

جامعة الإمارات

============================

دولة إسرائيل شبه الكبرى

د. نسرين مراد

التاريخ: 08 فبراير 2011

البيان

معروف أن إقامة وطن قومي لليهود بدأ باقتراح قلب إفريقيا كوطن ملائم، وبالذات في أوغندا قرب منابع نهر النيل العظيم. ولعظم نهر النيل اعتُبرت مصر، على عظمتها وحضاراتها وأهلها، هديةً متواضعة تجثم له عند مصبه على شاطئ البحر المتوسط. اليوم يكتمل الوعد الغربي لليهود بتكوين وطن قومي، أو على الأقل فرع له، قريب من قلب إفريقيا. يحدث ذلك ليس بعيداً عن أوغندا في منطقة ما بات يُعرف بجنوبي السودان، كأمر واقع. هنالك «دويلة» تُقتطع من أرض السودان الأصل، لكن بحجم يساوي مساحة بريطانيا أو فرنسا.

الهدف بات واضحاً بل ساطعاً سطوع شمس يونيو حزيران، ويوليو تموز، على ربوع كل من مصر والسودان وشمال أفريقيا، والعالم العربي عموماً. يتلخص ذلك الهدف بالضرب المباشر للمصالح الحيوية لأكثر من مئة مليون عربي يقطنون بجوار النيل، وعلى مسافة بضع عشرات الكيلومترات على الأكثر من جانبيه. ثمة هنالك أكثر من 200 مليون عربياً تتأثر مصالحهم الحيوية الأساس جراء «احتلال» منابع النيل من قبل دولة معادية للعرب، هي إسرائيل، وأخرى جديدة «تبشّر وتنذر» بالولاء لها.

إذن فاحتلال منابع النيل، أو أعالي مجرى النهر على الأقل، يضع جسماً بشرياً يقارب ال400 مليون نسمةً تحت رحمة إسرائيل «شبه الكبرى»، وأعوانها وأنصارها والمخدوعين بها. فيما مضى وحتى الآن يُنظر لنهر النيل كبحر متحرك هادر من المياه العذبة الصالحة للاستعمالات الزراعية والصناعية، والمنزلية مع بعض التغييرات الطفيفة. مياه بحر النيل التي تكفي لري أراضي قارة بأكملها تصبح الآن مهددة منذ مغادرتها آخر نقطة حدودية شمالية لدولة «نيو-سودان»، وحتى مصب النهر على شاطئ البحر المتوسط. هذه مهددة بعملية التقنين الصارم وحتى بالنضوب بسبب المشاريع المائية المستقبلية؛ هذا إلى جانب خطر التلويث الصناعي بسبب إمكانية امتداد الأيادي الخبيثة الشريرة إليه.

لم تُتخذ الإجراءات الكافية ولو بالحد الأدنى لوقف هذا الخطر الساحق الماحق. يركن العرب إلى صداقات وهمية مع القوى الغربية للتوسط في استجداء رحمة «إسرائيل شبه الكبرى» وعملائها الآن؛ الأخيرون باتوا يتهافتون على إرضائها من هنا وهناك. طاقات أكثر من 100 مليون تضيع هباء منثوراً، تقف عاجزةً لا تستطيع التحرك للدفاع عن مصالحها الجد حيوية.

على الجماهير العربية في وادي النيل، والأخرى المجاورة والبعيدة عنها، أن تنهض من سباتها. ذلك لأنه يتم العصف بها عن طريق العبث بمقدراتها الحيوية المائية؛ الآن في النيل ومن قبل في أنهار الأردن والفرات ودجلة. لم تزل هنالك فرصة كبيرة ومتسع من الوقت لكبح جماح الهجمة الشرسة على المقدّرات المائية للتجمعات العربية. جل المياه العربية باتت قاب قوسين أو أدنى من السيطرة شبه المطلقة من قبل كيان، إسرائيل، لا يتعدى وزنه الديمغرافي حياً بشرياً واحداً في إحدى العواصم العربية المكتظة بالسكان.

منذ البداية والمؤامرة على اقتطاع جنوب السودان تسير على قدم وساق. الاتفاقيات المعقودة بين الجنوبيين والمركز، برعاية دولية منحازة!، كانت دائماً تسير بمضمونها وفحواها في ذلك الاتجاه الانفصالي. الإعلان عن أن أكثر من 99٪ من الجنوبيين يميلون نحو الاستقلال والانفصال هو تتويج لجهد تآمري بدأ منذ عشرات السنين. ثمة هو استخفاف بشكل جماعي حاشد بكيانات الجماهير العربية وضحك على لحى وذقون من يظنون أنهم واعون بما يجري. بقي العرب نائمين أو مشلولين أو حتى في عداد الأموات حين كان يأتي ذكر جنوب السودان.

الدرس المستفاد هو أن جنوب السودان ما كان ينأى بنفسه اتجاه إسرائيل لو كان هنالك جسم كامل متكامل قوي متماسك يقف في وجه التآمر. العالم العربي بأكمله سوف يقف ليس فقط دقائق، بل ساعات وأيام

وسنين، حداداً على فقدان جزء «عزيز مهم حساس وحيوي» من روافد كينونته، في الحاضر والمستقبل القريب والاستراتيجي البعيد.

==========================

آمال جنوب السودان

المصدر: صحيفة «جابان تايمز» اليابانية

التاريخ: 08 فبراير 2011

البيان

ألقت الاضطرابات في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، خلال الأسابيع الأخيرة، بظلالها على حدث غير عادي في السودان، الذي أجري فيه استفتاء سلمي، والذي يعتبر بجميع المقاييس تقريباً قد تم بشكل نزيه، وأيّد استقلال «جنوب» السودان. ويبدو أن دولة جديدة توشك على أن تولد.

تعتبر جمهورية السودان أكبر دولة في إفريقيا والعالم العربي، وأكبر عاشر دولة في العالم، بعدد سكان يبلغ مالا يقل عن 44 مليون نسمة. فمنذ تولي النظام الحالي مقاليد الأمور في انقلاب عام 1989، تتمتع السودان بنمو اقتصادي قوي بلغ 10٪ قبل الأزمة المالية العالمية، على خلفية توفر موارد نفطية في المقام الأول مع وجود دعم في شكل إصلاحات للاقتصاد الكلي. ولا يزال الجزء الأكبر من مواطنيها يكسبون عيشهم من الزراعة، ولا عجب أن 40٪ من السكان يعيشون تحت خط الفقر، و هي الهوية المزدوجة في البلاد. فالسودان أمة متشعبة، مع وجود العرب ومعظمهم من المسلمين في الشمال ،والأفارق ويقترب معدل البطالة من 20٪.

وتعد العقبة الأكبر أمام التنمية والنمو والازدهاة المسيحيين والوثنيين في الجنوب، وهي انقسامات عمّقها الحكم الاستعماري البريطاني. واندلعت حرب أهلية حتى قبل الاستقلال واستمرت حتى عام 1972، مع احتجاج الجنوبيين على هيمنة الشمال. وساد اتفاق وقف إطلاق النار حتى عام 1983، عندما تم استئناف القتال بسبب المظالم القديمة نفسها. وتواصل القتال منذ ذلك الحين بشكل مستمر تقريبا.

أتت محادثات السلام في نهاية المطاف ثمارها. فقد وعد اتفاق السلام لعام 2005 الجنوب بحق أكبر في إبداء الرأي إزاء الشؤون الوطنية، والحكم الذاتي للجنوب لمدة ست سنوات وإجراء استفتاء على الاستقلال في نهاية تلك الفترة. ولم تكن مفاجأة لأحد، أن جميع الناخبين تقريبا قد اختاروا الاستقلال، بنسبة تتجاوز 99 من حوالي أربعة ملايين شخص ممن لهم حق الانتخاب، خلال الانتخابات التي جرت في منتصف يناير الماضي واستمرت على مدار أسبوع.

لقد سمحت الحكومة السودانية للانتخابات بالمضي قدماً دون تدخل، ويبدو أنها تقبل النتائج برباطة جأش. وعلى الرغم من المخالفات التي شهدتها عملية التصويت، في عدة دوائر، حيث تجاوزت نسبة المشاركة 100٪ ،فقد قوبلت العملية والنتائج بإشادة على نطاق واسع من مراقبين دوليين وإقليميين من الاتحاد الإفريقي إلى الاتحاد الأوروبي.

لقد حظي ضغط الصين لدعم الاستفتاء بالقدر نفسه من الأهمية. وتعتبر بكين من المؤيدين الرئيسين لحكومة الخرطوم، وأبدت قدراً من الحساسية إزاء أي خطوات من شأنها تعزيز شرعية تطلعات المناطق الداعية للاستقلال. لكن الصين حريصة بالقدر نفسه على حاجتها الحصول على صادرات النفط السوداني، حيث تستحوذ الصين على نحو 65٪ من إجمالي صادرات النفط السوداني، الذي يشكل حوالي 6٪ من إجمالي واردات النفط الصينية. ومع وجود ثلاثة أرباع احتياطيات السودان من النفط في الجنوب، فقد كان للصين مبرراتها في الإبقاء على علاقة جيدة مع الجنوبييحو عملية الانقسام. ن. فمن المتوقع أن يشكل موقع هذه الاحتياطيات تحدياً كبيراً، في الوقت الذي تتجه السودان والجنوب، ن

السؤال الأبسط والأكثر أهمية هو أين سيتم ترسيم الحدود؟ والأمر الحاسم في هذا الصدد هو مستقبل أبيي، وهي المنطقة الغنية بالنفط التي كان يفترض أن تجري استفتاء خاصاً بها لتقرر ما إذا كانت ستنضم إلى جنوب أو البقاء مع الشمال. وبسبب خلافات بين القادة السودانيين، فقد تم تأجيل استفتاء أبيي. حيث أعلن الرئيس السوداني أنه لن يقبل التخلي عن أبيي، بينما يطالب الجنوب بها من أجل الاستقرار، وتعد المنطقة من المناطق المرشحة للاشتعال.

==========================

انطواء الشراع الأميركي

الافتتاحية

الثلاثاء 8-2-2011م

بقلم رئيس التحرير علي قاسم

الثورة

يواصل المشروع الأميركي سلسلة انكساراته، وتنحني مساراته المرسومة لتبتعد عن أسواره القديمة التي تداعت جدرانها.

انكسار يترك ندباته المباشرة على صورة الدبلوماسية الأميركية التي تطفو على سطحها أقصى درجات الارتباك، وتمارس في الوقت ذاته أقصى حدود الضغط السياسي لتبقى ممسكة بالشظايا المتناثرة.‏

وإذا كان انطواء الشراع الأميركي في غير مكان حقيقة لالبس فيها، فإن بدائله تأخذ أشكالاً ونماذج متعددة، تمارس من خلالها سطوتها السياسية على غير صعيد، كتعويض عن جملة هزائمها المتتالية.‏

لكن مهما كانت محاولات التجميل متقنة، ومهما بدت العروض والاغراءات مجزية، فإن أحداً لايساوره الشك باهتزاز جملة من ركائز تقليدية اتكأت عليها السياسة الأميركية على مدى العقود الماضية، واعتبرت في كثير من الأحيان غير قابلة للاهتزاز، بل شكلت في بعضها على الأقل قواعد تنطلق منها لإعادة برمجة الأحداث والتطورات.‏

والواضح أن تلك الانكسارات قد أوجدت واقعاً جديداً يبرز في غير مكان وفي أكثر من موقع، وليس الحدث التونسي، ومن ثم الإعصار المصري إلا محطات ستعقبها جملة من الاهتزازات الارتدادية التي ستدفع بالمشروع الأميركي نحو نكوص جديد في مفرداته ومساحات حضوره السياسية.‏

والسؤال- ربما - يدور حول الاستنفار السياسي والدبلوماسي الأميركي نحو مايجري في مصر ومن ثم لماذا كل هذه المواقف المتواترة باتجاهات عدة، بكل ماتحمله من رسائل؟!‏

لايخفى على أحد موقع مصر.. ولادورها.. ولا حجم الثقل الذي تمثله، وحسمها إلى حد بعيد لأي كفة تتجه نحوها.‏

من هذا المنظور بدت الكثير من الانكسارات التي أصابت المشروع الأميركي جزئية، وحتى بعضها على الأقل اعتُبر غير مؤثر في اتجاهاته ومحطاته، لكن مع مصر الأمر يختلف والمعيار يتبدل، وغياب مصر عن نسق هذا المشروع سيفضي بالضرورة الى انكفاء غير معهود للحضور الأميركي سياسياً ودبلوماسياً.‏

ومن هذا المنظور أيضاً بدا الغليان الأميركي جراء مايحدث واضحاً وعلنياً ومباشراً، وبالقدر ذاته كان التدخل والإملاء والفرض، وعلى المستوى ذاته بدت محاولات التطويق المحمومة تتحرك في غير موقع، وبأكثر من اتجاه.‏

مصر اليوم تحرك ركوداً سياسياً استمر لثلاثة عقود ونيف.. والشارع المصري الذي أعاد إلى الذاكرة العربية حضوراً وتألقاً، يرسم بحناجر أبنائه وسواعدهم صورة مغايرة، تعيد إلى الوجدان العربي الكثير من نضارته الآفلة.‏

ومع تزايد مؤشرات عودة الدور المصري، تنتفض أركان الدبلوماسيات وتنشغل أدوات الاعلام ووسائله في توصيف الحدث، وتحليله، وماتكتبه العديد من وسائل الإعلام الغربية يؤشر إلى حجم الانكسار القائم في المشروع الأميركي بصورته التقليدية، ليقترن بواقع عربي يرسم خطواته بعيداً عن الهيمنة الأميركية بصورها وأشكالها المختلفة.‏

وإذا كان تضامننا مع شعب مصر حقيقة لاجدال حولها، فإنه أيضاً تعبير عن التصاق حقيقي بالقضايا العربية التي تشكل على الدوام هاجساً سورياً لم يتوقف، ولن يتوقف.‏

=========================

مشكلة أنهم لا يريدون أن يفهموا

فهمي هويدي

السفير

8-2-2011

حين يستمر توجيه رسائل الغضب من ميدان التحرير صباح كل يوم على مدى الأسبوعين الماضيين، ويتلقاها أهل السياسة في أرجاء الكرة الأرضية، باستثناء أولي الأمر في مصر، فلا يعني ذلك أنهم لم يفهموا، لكنه يعني أنهم لا يريدون أن يفهموا.

1

لست أشك في أنهم في مصر سمعوا بالموضوع، بدليل أنهم تحركوا وأجروا بعض التغييرات التي تدل على أنهم استلموا الرسالة. ووقفوا على موضوعها، لكن التجربة أثبتت أنهم أداروا ظهورهم لها وقرروا ألا يفهموها. على الأقل فإنهم لم يقتنعوا بعد بأن مصر بعد 25 يناير أصبحت مختلفة عن مصر قبل ذلك التاريخ، وأن المجتمع المصري ولد من جديد، حقا وصدقا. الدليل على ذلك أن الخطاب الإعلامي الرسمي، ممثلا في قنوات التلفزيون والإذاعة والصحف القومية، ما زال يتحدث بلغة مصر ما قبل 25 يناير، إذ تعامل مع ثورة الشباب وكأنها تظاهرة قام بها طلاب إحدى المدارس الثانوية. وظل همه وشاغله طوال الوقت هو كيف يمكن أن يقدم شبابها بأنهم أقرب إلى تلاميذ في «مدرسة المشاغبين» في المسرحية الشهيرة. لم يأخذهم التلفزيون الرسمي المصري على محمل الجد، وليته وقف عند حدِّ الاستخفاف بهم، ولكنه ذهب إلى تعمد تشويهم والتحريض عليهم وتضليل المشاهدين بمختلف الحيل والأساليب لقطع الطريق على أي محاولة لفهم قضية المتظاهرين أو التعاطف معهم. وفى المرات التي قدر لي أن أتابع خلالها بعض البرامج التي بثها التلفزيون خلال الأسبوعين الماضيين وجدتها تتحدث عنهم بحقد ومرارة وازدراء، حتى بدا أشد عليهم بأكثر من شدته على الإسرائيليين. وإذا كان بعض رجال الأمن الذين تخفوا في ثياب مدنية وأقرانهم من البلطجية قد عمدوا إلى إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين فجر يوم الأربعاء الأسود، فإن التلفزيون المصري ما برح يطلق عليهم الرصاصات ذاتها طول الوقت. ولم يكن ينقص موقف التلفزيون لكي يتطابق مع ما حدث في ميدان التحرير سوى أن يستجلب مجموعة من الخيول والجمال والبغال، لكي يطلقها بدوره على المتظاهرين. رغم أني لاحظت أن بعض مقدمي البرامج قاموا بالمهمة بجدارة عالية.

إن النظام المصري في إصراره على عدم فهم الرسالة قرأ سطورها مستخدما منظار ما قبل 25 يناير. أو هكذا بدا في خطابه السياسي والإعلامي على الأقل. من ثم فإنه اعتبر أن الشباب الذين خرجوا إلى ميدان التحرير في ذلك اليوم في تظاهرة سلمية أطهار ومخلصون وأبرياء، وأن خروجهم يومذاك كان مشروعا ومرحبا به من جانب النظام. وادعى بعد ذلك أن جماعات لها أجنداتها الخاصة اختطفت الثورة منهم واستولت على الميدان، وراحت توجه التظاهرة وجهة أخرى مشبوهة وغير وطنية (مسؤول كبير في الدولة قال هذا الكلام) وأريد بهذه الخلاصة الإيحاء بأن السلطة التي رحبت بالمتظاهرين في البداية، كان عليها أن تتصدى لعملية الاختطاف لإجهاض المخططات المشبوهة وغير الوطنية التي حملها الخاطفون الوافدون.

2

بهذا التصور الساذج والمبتذل تعامل النظام مع المتظاهرين، وحاول أن يبرر أمام الرأي العام حملة تشويههم . وكانت رسالته أن الحملة لا تستهدف الأبرياء والمخلصين الذين خرجوا في البداية، ولكنها موجهة ضد أولئك الأشرار الذين اختطفوا التظاهرة واستغلوا البراءة لتحقيق أهدافهم المشبوهة.

إن منظار ما قبل 25 يناير لا يرى في مصر وطنيين محبين لبلدهم وغيورين على كرامته ومتشبثين بحلمه، ولكنه يقسم الناس قسمين، أخيار موالين للنظام وأشرار يعارضونه.

وهؤلاء الأخيرون ليسوا مواطنين شرفاء أصحاب قضية، ولكنهم قلة مندسة وعملاء لجهات أجنبية وكائنات غريبة يخفي كل منهم في طيات ثيابه أجندة سرية.

المنظار نفسه لم يمكن أهل السلطة من رؤية الحشود المليونية التي اجتمعت تحت راية الدعوة إلى الرحيل، كما أنهم صمُّوا آذانهم عن سماع شيء من هتافات الجماهير الهادرة. ولكنهم لم يروا غير عمليات النهب والسلب والحرائق التي اشتعلت والخراب الذي حل على أيدي المليشيات المحسوبة على النظام. بالتالي فإن شاشات التلفزيون وصفحات الصحف الحكومية حفلت إما بالحديث عن الذين «اختطفوا ثورة الشباب البريء» وعن «العملاء» الذين تسللوا إلى البلد لإشعال الحرائق فيه. وصرنا نقرأ كل يوم أخبارا مسرَّبة عن إلقاء القبض على فلسطينيين تابعين لحماس وإيرانيين وعناصر من حزب الله ووجوه لها سمات أفغانية، وأجانب آخرين من أصول مختلفة. وظل هدف البث هو إقناع المصريين بأن ما حدث في ميدان التحرير ليس ثورة شعب ولكنه مؤامرة دبرها أجانب، استهدفت أمن مصر واستقرارها.

هذا السيناريو الهابط الذي ينكر على المصريين وطنيتهم ويستكثر عليهم استعادتهم لكرامتهم لجأ أيضا إلى استخدام فزاعة الإخوان، التي ما برحت تلوح بها أبواق النظام في حديثها عن واقعة «الاختطاف». وهي الفزاعة ذاتها التي أصبح يتكئ عليها في تبرير استمراره رغم سوءاته، بحجة أن البديل عنه (المتمثل في الإخوان) أسوأ وأخطر. وقد سبق له استخدام الفزاعة ذاتها في تبرير عمليات القمع التي تعرض لها المعارضون عامة والإخوان خاصة، أثناء ما سمي بالحرب على الإرهاب.

ورغم أن أعدادا غير قليلة من المراقبين والصحافيين الغربيين أدركوا أن الإخوان موجودون حقا، ولكن الوجود الأكبر ظل للجماهير العريضة الموزعة على مختلف الاتجاهات، فضلا عن أن بينهم أعدادا كبيرة من الوطنيين العاديين الذين لا يصنفون ضمن أي فصيل سياسي. أقول رغم ذلك فإن بعض كبار المسؤولين في السلطة وإلى جوارهم عدد من كتاب النظام وما لا حصر له من البرامج والحوارات التلفزيونية. لا يملون من ترديد الموال، ويتصورون أن الجمهور بدوره لا يزال مغيب الإدراك. كما كان في ما قبل 25 يناير، استخفافا بإدراكه وتهوينا من شأنه.

إن الذين وضعوا على أعينهم منظار ما قبل 25 يناير لم يروا وعيا مصريا ناضجا في مسيرات ميدان التحرير المليونية بالقاهرة. كما لم يروا الحماس الجارف في عيون مئات الألوف الذين رفعوا لافتات الرحيل في الإسكندرية والسويس وبورسعيد والزقازيق والمحلة والمنيا وغيرها من محافظات مصر، ولا رأوا الشوق إلى الخلاص في هتافات جموع المصريين الذين تجمعوا أمام السفارات المصرية في العواصم الغربية. ذلك كله لم يكن مرصودا من جانب رجال السلطة لسبب جوهري هو أنهم لم يعتادوا قراءة الواقع المصري إلا من خلال التقارير الأمنية والوشايات المخابراتية، التي باتت تستسهل اعتبار الإخوان المسلمين مصدرا لكل الشرور في داخل مصر وخارجها.

 3

لا تزال عقلية ما قبل 25 يناير ترفض الاعتراف بسقوط شرعية النظام الذي هيمن قبل ذلك التاريخ. ومن المفارقات أن أهل تلك المرحلة الذين دأبوا على العبث بالدستور والتلاعب بنصوصه حتى جعلوه محل سخرية القاصي والداني، ولم يكفوا عن الازدراء بالقانون والدوس بأحذيتهم على أحكام القضاء، هؤلاء هم أنفسهم الذين يتحدثون الآن بجرأة مدهشة عن ضرورة احترام الشرعية الدستورية ويتعلقون بأهداب نصوص أعدها «الترزية» المشهورون لكي تكون مضبوطة على القد والقياس.

لقد لجأوا أكثر من مرة إلى تعديل الدستور استجابة لهوى السلطان، ونجحوا في تمرير التعديل من خلال مجلس مزور، ورئاسة متواطئة، ثم قالوا لنا إن هذه الشرعية، هو ما كان من قبيل الاستغفال الذي جسد ازدراء الرأي العام والاستخفاف به.

على مدار عدة سنوات كان الدستور يتحدث عن النظام الاشتراكي وقوى الشعب العاملة. وفي ظل ذلك الدستور تم الانفتاح وجرى الانتقال إلى النظام الرأسمالي الذي توحشت فيه الرأسمالية الجديدة. وفي ظل الدستور الذي يمنع المسؤولين من البيع والشراء والاستئجار من الدولة، تم البيع والشراء وتم نهب الدولة. وفي ظله أيضا صدرت قائمة طويلة من الأحكام الواجبة النفاذ، ولكن السلطة تجاهلتها وأهدرتها طول الوقت. إذا كان ذلك قد حدث في الماضي، فلماذا الوقوف الآن أمام المطالب الشعبية تعللا بنصوص الدستور، إلا إذا كان ذلك لغرض مشكوك في براءته.

إن نية التفاعل مع المطلب الشعبي إذا توفرت، فإن لها سندا في المادة الثالثة من الدستور ذاته الذي يجرى التلويح به الآن، وهي التي تنص على أن «السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها...» وفي المادة ما يكفي للاستجابة لتلك الإرادة الشعبية الجامعة التي عبرت عنها الجماهير في وقفاتها المليونية.

من ناحية ثانية، فإن المشكلة الحقيقية تكمن في تكييف ما جرى في 25 يناير، ذلك أننا إذا اعتبرنا ذلك ثورة فإنها بذلك تكون قد اكتسبت شرعيتها منذ أعلنت سقوط النظام الذي سعت إلى تغييره. ولها في هذه الحالة أن تصوغ شرعيتها المؤقتة في مرحلتها الجديدة، إلى أن ترتب أوضاع الشرعية الدائمة بناء على الدستور الذي تتوافق على إصداره أما إذا لم تعترف بأنها ثورة فإن ذلك له ترتيب آخر يخضع للأوضاع الراهنة، ويقودنا إلى المناقشات العقيمة الجارية. ومن الواضح أن المحتشدين في ميدان التحرير، والملايين الذين أيدوهم وتضامنوا معهم يعتبرون أن ما حققوه ثورة تسعى إلى تنحية النظام القائم وإحلال نظام جديد مكانه، يستجيب لتطلعات الشعب المصري ويعيد إليه كرامته وكبرياءه. بالمقابل فإن النظام القائم وبعض القوى السياسية المتحالفة أو المتواطئة معه لا ترى في ما جرى سوى أن غضبة شعبية أو انتفاضة مؤقتة أحدثت بعض الضجيج وقدرا من التنفيس، وبعدما أدت غرضها فإن كل شيء ينبغي أن يعود إلى سابق عهده، بعد إطلاق بعض الوعود الجذابة واتخاذ بعض الخطوات التجميلية. ويبدو أن الجهود التي تبدل خارج ميدان التحرير الآن منصبة على تثبيت الفكرة الأخيرة.

 4

لأن ما جرى يوم 25 يناير مبهر للغاية، فإن ميدان التحرير خطف أبصارنا بقدر ما أن قلوبنا تعلقت به. وهو حدث مستحق لا ريب. لكن أحدا لم يلاحظ الروح الجديدة التي سرت نتيجة له في أنحاء مصر، ولا أقول في العالم العربي بأسره. ولست أبالغ إذا قلت إن المواطن المصري يومذاك لم يسترد وعيه فقط، ولكنه استرد كرامته أيضا. وقد تلقيت رسالة بهذا المعنى من أحد الباحثين المصريين المقيمين في الولايات المتحدة عبر فيها عن ملاحظته أن زملاءه الأميركيين أصبحوا ينظرون إليه باحترام أثار انتباهه. وإذا كان قد حدث في أقصى الأرض. فلك أن تتصور وضع المصري في العالم العربي، الذي ظل ينظر إليه طوال السنوات الماضية نظرة إشفاق ورثاء، بعد أن صغر حجمه وتراجعت مكانته بالقدر ذاته الذي صغرت به مصر وتراجعت مكانتها.

حين عادت الروح إلى الشارع المصري، أصبح الناس أكثر تماسكا وسرت في أوساطهم ريح عطرة اجتاحت المرارات والمحن، وارست أسس المودة والمحبة بينهم. وحين خرج الشباب في مختلف الأحياء، فإنهم اكتشفوا أنفسهم وأقاموا في ما بينهم أواصر مودة لم يعرفوها من قبل.

إذ أدركوا أنهم لا يحرسون بيوتهم وأهاليهم فقط، ولكنهم يحرسون أيضا وطنا عزيزا يستحق أن يذودوا عنه.

أدرك الجميع أنهم استعادوا وطنهم ممن خطفوه ونهبوه فنسوا كل ما فرقهم واحتضنوه. فقد ذابت الخلافات السياسية والعصبيات الدينية وصار الحفاظ على ذلك الانجاز الرائع هو شاغلهم الأوحد. لم نر اشتباكا بين مسلمين وأقباط ولا بين إسلاميين وعلمانيين، ولا بين الشرطة والأهالي. حتى التحرش الذي تحول إلى ظاهرة في شوارع القاهرة وغيرها من المدن الكبرى اختفى ولم يعد له أثر. واكتشفنا أن كل هؤلاء اجتمعوا في ميدان التحرير في تلاحم مدهش. لم يرتبه أحد ولا فضل فيه لأحد، بل كان احتضان الحلم هو الذي جمعهم، وظل أملهم في الانتقال إلى عصر ما بعد 25 يناير شاغلهم الأوحد وهدفهم الأسمى. وتلك هي الرسالة التي رفض القائمون على الأمر أن يفهموا مغزاها وعجزوا عن إدراك معناها. لذلك كان من الضروري أن يرحل ذلك العصر بكل رموزه، لكي يتحول الحلم المستعاد إلى حقيقة.

========================

إسرائيل .. واستغلال التغييرات المصرية!!

عبدالله محمد القاق

 الدستور

8-2-2011

أن تُعلن اسرائيل في الثالث من الشهر الجاري أن مصر هي الدولة الأكثر دعماً لاسرائيل من الناحية الاقتصادية بعد الولايات المتحدة من حيث دعمها في الغاز وتُحدد كمية هذا الدعم عن طريق تخفيض اسعار الغاز بحوالي 1,7 مليار دولار في حين أن المساعدات الاميركية الاقتصادية لها تبلغ فقط هي 2,5 مليار دولار سنوياً ، فإنه يعني الاستغلال الحقيقي لتطورات الاوضاع في مصر ، ولتأليب بعض القوى العربية على مصر ، وكذلك اظهار ان مصر هي التي تدعم اسرائيل أمام هذه العواصف التي تجتاح العالم العربي ضد اسرائيل بسبب غطرستها وصلفها نحو العملية السلمية ، والجهود الرامية لاعادة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي.

فهذا الادعاء الاسرائيلي الذي نشرته صحيفة هآرتس على لسان مسؤول اسرائيلي من ان المساعدات المصرية لاسرائيل تتدفق بصورة مباشرة منذ عام 2008 حيث بدأت الحكومة الاسرائيلية جراء هذه المساعدات الاقتصادية بانتاج الطاقة بواسطة الغاز المصري ، يمكن ان يزيد من تفاقم الاوضاع في مصر ، ويؤكد بصورة لا تقبل الشك ان مواقف الدول الاوروبية والولايات المتحدة من ايجاد التغيير الحقيقي والمباشر الذي يدعو اليه شباب مصري وبعض الدول الاخرى هو من أجل الحفاظ على اسرائيل واقتصادها واستمرار دعم مصر لهذا الاقتصاد والذي تصفه الاوساط الاسرائيلية بانه اجراء مصري جيد ويحقق لاسرائيل دخلاً كبيراً جراء هذا التعاون نتيجة انخفاض السعر والذي يعتبر الأقل في العالم من حيث تزويد اسرائيل بهذه الكميات الكبيرة ، نظراً لصعوبة وصول الغاز الاوروبي لاسرائيل.

ومن هذا المنطلق نجد ان رئيس وزراء اسرائيل يدعو الى الاستقرار في مصر ، وتجنب احداث أي تغيير لأنه كما يدعي بأن عدم الاستقرار والتظاهرات ضد الحكومة المصرية "ستؤدي الى زعزعة الأمن والطمأنينة في المنطقة لسنوات عديدة مقبلة".

واتهم ايران بأنها وراء هذه التظاهرات لأنها لا تريد الاستقرار لمصر وانها ترغب في خلق المشكلات بالمنطقة ، وهذا الرأي يجيء ايضاً في اطار التصورات الاميركية والاوروبية لتفاقم الاوضاع المصرية ، وزيادة التظاهرات المليونية التي جابت شوارع مصري ، وأسهمت "البلطجية" في قتل حوالي (400) مواطن مصري وجرح اكثر من (5000) وتراجع في الاقتصاد بما يزيد عن مئات المليارات من الدولارات.

واذا كانت دول العالم ، تؤكد أن ما يجري في مصر هو شأن داخلي مصري بين اطراف مصرية بحتة ، متمنية ان تستعيد مصر هدوءها ودورها العربي والاقليمي ، فان انزعاج اسرائيل ، وتحذيراتها من امكانية تشكل قوة اسلامية ضاغطة للسيطرة على الحكم في مصر ، مرده الى ان اسرائيل تُريد ابقاء الوضع على حاله دون أي تغيير بالرغم من ان نائب الرئيس المصري عمر سليمان قال في اكثر من مناسبة "ان العودة الى ما قبل الخامس والعشرين من يناير لا يمكن ان يتم ، لان الزمن لا يرجع الى الوراء ، بل ان الحكومة ستواصل الاصلاحات والانجازات الكبيرة التي تم تحقيقها على مختلف الصعد".

والملاحظ ان الموقف الميركي من مصر هو نتاج الضغوط الاسرائيلية على اميركا لان اليمين في اسرائيل بدأ يميل الى الشارع المصري ، ولو بالتظاهر بعد ان سبب الموقف الاميركي من تونس احراجاً كبيراً للادارة الاميركية ، لذا فان سياسة اميركا واسرائيل تحاولان الامساك بالعصا من النصف ، وهو ما يجري حالياً ، فالمطلوب من اسرائيل والولايات المتحدة واوروبا ان تبتعد عن الشأن الداخلي المصري لأن هذا الموقف المتفجر لا يحتمل اي تدخل او ضغوطات جديدة قد يُحدث مزيداً من الانفجارات في المنطقة.

والاستغلال الاسرائيلي للاحداث في مصر هو الرغبة في استمرار التعاون المشترك مع الجانب المصري لان اسرائيل ومنذ طرد المستشارين الروس وعقد اتفاقية السلام مع اسرائيليين تعتبر الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة مصر "مدماكاً" مركزياً في منظومة النفوذ الاميركي في المنطقة ، وبذلك بدأ الرئيس الراحل السادات والرئيس مبارك كما تقول "هآرتس" في تطوير العلاقات الاميركية - المصرية الى الذروة" رغم الانتقادات المحلية والعربية اللذين تعرضا لهما ، فهذه المواقف الاميركية والاسرائيلية تؤكد ان الولايات المتحدة تبني سياستها على المراوغة في المواقف ، دعماً لاسرائيل لانها لا تريد التغيير المطلوب بحجة ان مصر ستقع في قبضة الفراغ والفوضى او ان تشهد انهياراً في اقتصادها ، لذا فان هذه المواقف تامل في ان تكون الاصلاحات الجديدة التي تمت بعد الخامس والعشرين من يناير ستكون فرصة لاعادة النظر في سياسة مصر العربية والدولية ، بالرغم من الخسائر الكبيرة التي واجهتها مصر والتي منيت بها البورصة المصرية وكذلك الشلل في النشاط التجاري والاقتصادي والسياحي مع توقف الاعمال تقريبا والاغلاق الطويل لشبكة الانترنت التي اصبحت ضرورية بل محورية في عصرنا الحاضر لممارسة أي نشاطات اقتصادية او تجارية فضلا عن عمليات السلب والنهب وحرق بعض الممتلكات في صعيد مصر وغيرها ، هذه الاعمال كلها ، والخشية الاسرائيلية او الاميركية تتطلب من النظام المصري الانصياع لمطالب الشباب لان الجميع يتمنى الخير لمصر ، لأن مصر هي تاريخ عريق ، وحضارة كبيرة ودور يصعب تهميشه او الغاؤه او التقليل من شانه ، لذلك فان العالم يُتابع مجريات الاحداث في مصر ، وبكل اهتمام لأن الذين خرجوا في التظاهرات والاعتصامات هم ابناء مصر لا اعداؤها ، وهم من صلب مصر وليسوا مستوردين من الخارج ويجب عدم التقليل من حجم مطالبهم او الادعاء بأنهم "مرتزقة" او مندسون ، وينبغي النظر الى مطالبهم بكل جدية بحيث تكون لفرصة التغيير اهمية كبيرة ، في هذه الظروف الحرجة والحساسة والتي من شانها ان تُفضي للشعب المصري مستقبلا أفضل وحريات حقيقية واصلاحات تحقق تطلعاتهم التي خرجوا وضحوا من أجلها ، فالتغيير المنشود بالرغم من الاستقلال الاسرائيلي الملحوظ يجب ان يكون حقيقياً وجاداً وشاملاً وليس مؤقتاً او تكتيكياً او مجزءاً ، لان هذا سيعني استمرار الاحتجاجات والتظاهرات والمسيرات داخل مصر وخارجها ، ووقوع المزيد من القتلى والجرحى مما سيعقد الاوضاع والحلول ويعرض أمن مصر للخطر.

الامل كبير في ان تكون حوارات نائب الرئيس المصري عمر سليمان مع القوى السياسية المصرية جادة وتنطلق من رغبة حقيقية في تجسيد التغيير حتى يتلمس المتظاهرون طريق الخروج من الازمة والاتفاق على برنامج سلمي للسلطة بحيث يُنهي حالة الطوارئ منذ ثلاثين عاماً واجراء انتخابات جديدة تشارك فيها كل القوى السياسية ويقول الشعب كلمته عبر صناديق الاقتراع بحيث تحترم هذه الكلمة ولا تصادر او تزور كما حدث في الانتخابات الاخيرة.

فالمطلوب اليقظة والاهتمام والانتباه من الاستغلال الاسرائيلي - الامريكي لاحداث مصر والعمل على حل أسباب التأزيم في مصر بالتغيير وحل أزمات السكن والتموين ومشاكل الغلاء والبطالة والعلاج والتلعيم وقضايا الفساد المستشري في الاجهزة الحكومية والتي سببت هذا الانفجار الكبير الذي جاء بعد ثورة الياسمين في تونس بعد سلسلة الاخفاقات والتراجعات والانهيارات التي شهدتها الساحة المصرية خلال العقود الثلاثة الماضية،،.

=====================

وليس آخراً.. صهاينة التنويم المغناطيسي!

مروان سوداح

marwansudah@hotmail.com

الرأي الاردنية

8-2-2011

للمرة الأولى منذ 43سنة قضيتها الاحق بشغف أخبار موسكو وخفايا سياساتها وتعقيداتها، أقرأ واستمع الى ما لم أتصوّر حدوثه من قَبل: اتهامات صريحة توجهها بكل عنف، وسائل الإعلام الرسمية الروسية المحسوبة على الكرملين لرؤساء سابقين، منهم على سبيل المِثال، ميخائيل غورباتشوف وبوريس يلتسين. وتتركز الحملة على علاقات الرئيسين المباشرة مع أجهزة أجنبية، وشخصيات دولية، «تآمرت» للإطاحة بالإتحاد السوفييتي السابق.

وجه الدهشة التي تتملكني تجاه هذه الحملة المتصاعدة في الإعلام الرسمي الروسي، أنها بدأت بعد عقدين تقريباً من الإنهيار المدوّي، إذ أنها أحجمت في لحظة الإنهيار وما بعده، عن تناول أسبابه الحقيقية ومسبباته، وصمتت على أدوار شخصيات روسية وسوفييتية، نجحت في تدمير بناء ضخم في غفلة من المؤسسات الحاكمة، في حين لم تهرم الدولة لا في عمر الأنظمة والشعوب، ولا في الفلسفة (الخلدونية)، بل كان الإتحاد أنذاك في أوج ازدهاره ومكانته الدولية، بالرغم من ملايين التحليلات السياسية، التي جَهدت لتبرير السقوط بالإزمة الاقتصادية، الإفلاس المالي، الرفض الشعبي وتحوّل النظرية الى صنم يُعبد، الى غيرها من التبريرات والنظريات.

الخطاب الروسي القاسي، الذي تتبنّاه شخصيات رفيعة المستوى وعليمة، بات يَحرق هذه الأيام رموزاً سوفييتية وروسية، توصف في الإعلام الرسمي بالولاء للصهيونية، والعمل لصالح أجندات خارجية، الى حد أنها تُعلن وتكرر أن أحد هؤلاء القادة كان «سكيراً يرقص على أنغام الغرب». وبكشفها عن أسرار سيطرة رموز صهيونية على القرار الرئاسي، يَبرز على المسرح السياسي الروسي مشهد جديد، يؤشر، بلا شك، الى تغييرات، بطيئة، مع العد التنازلي لولاية ميدفيديف، وإن كانت بتقديري غير حاسمة وتبدو وكأنها مرحلية، إلا أنها تشهد على توجهات لتعزيز مكانة روسيا العالمية وموقعها في الشرق الأوسط، وتَعرض، بإعتقادي، الى امتعاض القيادة السياسية الروسية من الموقف الإسرائيلي تجاهها، الذي يعمل على إجهاض مؤتمر موسكو للسلام في المنطقة، خاصة بعد رفض تل أبيب مؤخراً استقبال الرئيس ديميتري ميدفيديف، ضمن جولته في المنطقة، وإظهار التحدي له باستقبال الخارجية الإسرائيلية، وفي الوقت نفسه، وفوداً دبلوماسية أميركية.

إلى ذلك، أثار إصدار كتاب موسوم «يلتسين - من الشروق الى الغروب»، وهو من تأليف رئيس جهاز الأمن الرئاسي الروسي السابق، الكسندر كورجاكوف، ضجّة كبرى في الفيديرالية فور ظهوره في الأسواق. إذ أميط اللثام فيه، وكما يُشير الإعلام الرسمي الروسي بالحرف: «عن بعض تفاصيل الدسائس والمكائد وراء أسوار الكرملين، في منتصف تسعينات القرن المنصرم». و»يتحدث كورجاكوف في كتابه عن سنواته التي قضاها مع يلتسين، وكيف أصبح أكثر المقربين إليه و»أخاه في الدم». كما يكشف هذا الإعلام، وبأوصافه: «كيف حصلت زمرة من أساطين المال المرتبطة بالغرب، من خلال يلتسين على امتيازات سياسية وإقتصادية كبيرة، مما أدى إلى كارثة اجتماعية – إقتصادية حقيقية ألمّت بروسيا»، الى حد أن برلسكوني ولندن كانا «يموّلان حملات يلتسين الإنتخابية تحت قناع تسويق كتابه، الذي ألّفه نيابة عنه كورجاكوف نفسه»، الى ذلك تصعيد أساطين المال الصهاينة الروس والأجانب، بنصائح من إبنة يلتسين تاتيانا، التي ساندت الصهيوني الهارب بيريزوفسكي المقيم في بريطانيا، والذي يُصرح علانية، أنه بصدد إعداد إنقلاب في روسيا ليسيطر على السلطة فيها؛ والروسي غوسينسكي نائب رئيس المؤتمر اليهودي العالمي في شرقي أوروبا ويقيم في إسرائيل، التي ترفض تسليمه الى موسكو. وكانت تاتيانا قد مررّت لوالدها أسماءً عملت للسيطرة على الإعلام الروسي، وبهدف توجيه الرأي العام، ولتنشيط التهجير اليهودي الى الكيان الصهيوني، وهي حملة بدأها غورباتشوف تحت شعارات حقوق الإنسان!. والمدهش أكثر، أن تاتيانا وبطانة يلتسين وكورجاكوف ذاته وظّفوا تقنيات التنويم المغناطيسي للتأثير السياسي والشخصي على يلتسين!

=====================

اسرائيل ورقة مبارك الأخيرة فهل يحسم الجيش أمره؟

لينا أبو بكر

2011-02-07

القدس العربي

 يحق لك أن تطلق على مصر في حقبة مبارك 'بلد الخواجات'، مستندا في ذلك المنطق إلى ما كان سائدا في حقبة الملك فاروق، من حيث توافد الطليان واليونانيين من أجل العمل أو الاستثمار أو التبشير في مصر، هذا إذا ما غيرت بعض أحجار النرد التاريخي على الطاولة المصرية آخذا بعين الاعتبار تحول عمليات التبشير الدينية إلى سياسية تروج 'تبشر' للسلام مع اسرائيل، وما يمكن أن يتمخض عنه من رفاه اجتماعي ورخاء اقتصادي، وهو ما تم فعلا، ولكن بمردود عكسي ترك آثاره الذهبية على الجانب الاسرائيلي دون غيره، وربما تكون قرية أم الرشراش - الميناء الاسرائيلي 'إيلات'- هي أدل الأدلة، التي لطالما أكد أبو الغيط أنها لم تعد لمصر، هكذا وبكل بساطة شطبها من الخارطة واقتلعها من عمقها الجغرافي وجينها التاريخي ليهبها إلى العدو، وشد على يديه في هذا السيد مصطفى الفقي، ليؤكد أن لا أرض مصرية محتلة والا لكانوا حرروها - علما بأن استراحة الملك فاروق- كما ذكر البعض - شاهد العيان على الملكية المصرية الممتدة عبر الزمن لتلك القرية.. أضف الى ذلك أن اسرائيل ضمن نهجها التوسعي تحاول القضاء على قناة السويس كمركز حيوي، لفك الارتباط الجغرافي بين مصر والامتداد العربي، مما يحكم قبضتها على البحر الأحمر بمد قناة من إيلات إلى البحر الميت ملغية الدور التاريخي الذي لعبته قناة السويس في المنطقة على مدار الزمن، عداك عن نهب بترول سيناء من دون أية محاولة من حاشية مبارك لاسترداد أموال الشعب المصري المنهوبة، ثم معاهدة تصدير الغاز الطبيعي لاسرائيل التي وقعتها الحاشية معها في 2005 بإعفاء ضريبي تام لثلاث سنوات بقيمة 1.7 مليار متر مكعب سنويا ولعشرين عاما، وخذ أيضا معبر رفح الذي بقيت تديره هيئة المطارات الاسرائيلية حتى بعد انسحابها من سيناء في 82 ولغاية 2005، ليشكل بؤرة لحفظ الأمن الاسرائيلي منذ أنشئ في 1979، وبعد توقيع معاهدة كامب ديفيد، كل هذا وتقوم اسرائيل الآن بالمسارعة لحفظ أمنها بيديها، طالما أن الشرطي الأمني 'الطيار الخارق في حرب أكتوبر - الصفقة الحربية بين السادات واسرائيل لتوقيع معاهدة السلام - تحول من دور القبضة الحديدية إلى قنبلة تخريبية تعيث في الأرض المصرية فسادا، مما يعطي الضوء الأخضر لحلفاء أكتوبر- مع الاحترام لكل الدم المصري والشهداء الأبرار - للتدخل لضبط الشعب الفوضوي الذي لابد له من رادع، وهو تماما الدور الذي يلعبه المستشرقون على مدار المراحل المختلفة أولا بالتمهيد للاستعمار، ثم بالتبرير له على أنه المخلص، الذي يقدم العربي (الشرقي) كما يقول ادوارد سعيد في كتابه 'الاستشراق'، في إطار يجمع بين الحتمية البيولوجية والتوبيخ السياسي والأخلاقي 'لتعامل الشرقيين على أنهم جماعات من المنحرفين والمجانين والفقراء والنساء، وهو عمل تخريبي بالنسبة للثورة، ولكنه تحريض على احتلال مصر، فهل هذا الحل هو الذي يطرحه الحاكم المستشرق 'مبارك' الذي يتعامل مع الرعية بمنطق استشراقي يبرر عملية القمع الذي يجد الغربي لها معادلا في المناهج الاستشراقية؟ وهو تحديدا ما يدفع اسرائيل للتلويح بورقة رفح كخطوة احترازية مبررة لدى المجتمع الدولي، ما يمد هذا الاحتلال بشرعية عسكرية تتولى المهمة في ظل قيادة الرعاع وتكريس ثقافة القطيع، كيف سيقبل الشعب المصري إذن عمر سليمان، وهو اليد التي يمدها الشرطي الحاكم لهذا الغرب كي يقطع بها دابر الفراغ الأمني، خاصة أن سليمان قاد البلاد باستراتيجية مخابراتية لعبت على وتر الهاجس الأمني من الشارع، وهو الشارع الذي ينتفض الآن لتغيير النظام وليس الرئيس وحده؟ وما كَشف اختراق الجاسوسية الاسرائيلية لمصر سوى دليل آخر على فظاعة تمكن الخواجة الاسرائيلي ليس فقط من قطاع الاستثمار، بل الأمن كذلك.

لم يكن اعلان مبارك للحكومة الجديدة بعد اختفاء دام أربعة أيام سوى صحوة الموت، وها نحن نشاهد كيف تتطور وتتصاعد مطالب الشارع المصري كلما تقادم الوقت، فالشعب لا يطالب برحيل السفاح فقط إنما أيضا باعدامه، الآن وعلى اختلاف التوقعات للنهايات المحتملة لهذا الحدث التاريخي الذي يهز الدنيا لن يموت مبارك 'ميتة ربنا' الآن على الأقل، ولن تنقله المدافع العسكرية محمولا على ظهرها ملفوفا بالعلم المصري، فهذه نهاية لا تليق الا بمن يستحقها، انما سيكون هو رصاصة الرحمة التي تطلقها الثورة المصرية في وجه الاستبداد.

تأمل الفارق بين لحظتين تاريخيتين في عمر مصر، الأولى كانت عام النكسة 1967 في حرب الأيام الستة، لما خرج جمال عبد الناصر على الجماهير المصرية والعربية ليعلن استقالته كاعتراف بالخطأ ثم كحل لفشل تحمل كامل مسؤوليته، وقد كان يتوقع أن يقوم الشعب بشنقه في ميدان التحرير، وربما كان هذا وحده لن أقول صكا للغفران انما طوق النجاة من المأساة التي لم يمر على تاريخنا العربي ما يفوقها مرارة، بحيث احتشدت الملايين في الشوارع والأزقة والجوامع ونزل الشعب كله الى الشارع يطالبه بالعدول عن قراره هذا في يومي 9 و10 من حزيران(يونيو) نفس العام ، ليحترم صوت الجموع متمسكا بها وقد تمسكت به ولم تنبذه، وعد إلى راهن الواقع الحكومي المزري في مصر العظيمة لترى الحاكم الذي عزل شعبه عن محيطه العربي لثلاثين عاما، وهو المعزول عنه، فاستبد بثقافة وسياسة العزل وغسيل الدماغ الذي ظننا أنه يؤتي أكله حتى أثبت لنا الشارع المصري الاعظم أن الاثم بعض الظن، مئات الألوف من المصريين من كافة طبقات الشعب وأجناسه وفئاته العمرية والطائفية تنزل الى الشوارع تحمل الشعارات التي تصر على تنحي مبارك ولم يزل هو يصر على البحث عن استراتيجيات قمعية وتخريبية لا مجال للشك في مصدرها من أجل اجراء عملية ختان قسري للثورة الشعبية بحيث يفقدها انتشاءها بالتلاحم مع أهدافها السلمية.

ما يطرحه الشارع

الآن تحديدا تعود الذاكرة الى الوراء إلى نفس الشهر 'كانون الثاني(يناير) من عام 1952 إلى حريق القاهرة الذي آذن بثورة الضباط الأحرار في 23 تموز(يوليو) من نفس العام، انظر كيف تحمل هذه الأحداث التاريخية التي تعيد ذاتها طابعا رمزيا يسند الشارع في طريقه الى الحرية، ليس أمام الخديوي مبارك سوى ثورة عرابية على طريقة تلك التي قام بها أحمد عرابي عام 1881 في وجه حكومة الخديوي توفيق الذي استعان بانكلترا وفرنسا على جيشه، فهل يقوم مبارك في ظل ما نسمعه من شهادات شهود العيان على الاعلام بالاستعانة باسرائيل كورقة أخيرة بعد احتراق ورقة البلطجية التي كُشفت منذ اللحظة الأولى والتي استخدمها مبارك كي يقمع الثورة لا ينتقم منها على طريقة بن علي، لذا سحب الأمن من مراكزه لينثره كالجراد بين الأحياء السكنية يرهب به عدوه 'الشعب'؟ فإن كان يحاول الاستفادة من الثورة التونسية فانه قد أخفق، لأن الثورة لا يمكن أن تبدل استراتيجيتها فتنقلب على ذاتها، وإن كان يحاول النجاة من الفخ الذي وقع به بن علي وهو الهروب فانه أوقع نفسه في فخ صدام وهو الهلاك الجماعي، مع الاختلاف التام بين الشارع المصري والوضع العراقي، فمصر تهز عرش فرعون بيديها لا بايد مستعارة!

كان ينقصنا ثورة بحجم ثورة تونس كي تخض اراداتنا المتقاعسة لأن خالد سعيد تم قتله في السابع من حزيران(يونيو) العام الفائت ولم يثر حراكا شعبيا يسفر عن ثورة كثورة كانون الثاني (يناير) الجارية حتى كتابة هذه السطور، اليوم كل شارع عربي يبحث عن بوعزيزي يسند على ظهره حيل الثورة، لذا ترى صور خالد سعيد تعود كرمز تستهدي به هذه الهبة الشعبية العارمة التي أرادت أن تحمل ملامح مشتركة مع هبة أهل تونس- التي أذكتها ظروف قائمة على القمع والفساد الحكومي- مستعينة بضحية شابة هزت الرأي العام ..

الزعيم القومي جمال عبد الناصر كان على ثقة أن القوى العظمى لن تسمح له بأن يوجه مصر الى أهداف عروبية وقومية لا تقوم على مراعاة المصالح الاسرائيلية او تسخير نفسها لها لذا كان يقول لابنه خالد حسب ماروي عنه، أنهم لن يتركوه، وقد رحل ... مسموما أو مقتولا .. كيف؟ دعها للزمن! ولكن هذا لن يكون شأن فرعون هنا، فهو اليد الطولى لاسرائيل على مصرايم ' حسب التسمية العبرية لمصر - والدليل تصريح الرئيس الاسرائيلي الذي يعترف بأخطاء مبارك ولكنه يرجح السلام مع اسرائيل على كفة العدالة والحرية وأمن الشعب المصري فكل هذا يضربه بعرض الحائط لأنه لا قيمة له عنده وعند ربيبه!

لكنك لابد أن تعود لمشهد لن تحتار أمامه كثيرا وأنت تقرأ معطياته، فمقتل السادات في السادس من تشرين الاول(أكتوبر) عام 1981 على يد الملازم أول خالد الاسلامبولي، جاء نتيجة لتقصير المثلث الأمني الذي يشرف على تفتيش أسلحة الفرق العسكرية في الاستعراض العسكري ذلك اليوم: أمن الرئيس، أمن الجيش، أمن المخابرات، لا بل ان أمن الدولة تلقى معلومات مؤكدة في صباح ذلك اليوم عن خطة لقتل الرئيس!

ما النتيجة؟ ترقيات ضباط حضروا حادث الاغتيال وعدم إجراء التحقيق أو المحاكمة عن هذا التقصير، وكله يدلك على عين الكاميرا حيث يجلس السادات الى يسار نائبه الذي بدا مرتبكا ومشوشا رغم أن لهذا الرجل وجها حديديا يصعب أن تقرأ عليه عادة ما يجول بخاطره.... باستثناء تلك اللحظة.

كيف سيرحل مبارك؟

ان كان هذا هو الطوفان الذي يغرق فرعون وحاشيته فلن نستغرب أن التاريخ يعيد نفسه وان بنهايات أو تفاصيل أو ملابسات مختلفة يحكمها ظرفها السياسي والتاريخي لا بل والثقافي أيضا، لن تتنبأ بعدها أن الثورة ستشهق أنفاسها، وان تأخر الوقت لابد أن تترك الأمل بيد الشارع والزمن لأنها الأيدي الوحيدة الأمينة التي تعهد اليها بالثورة وأنت مطمئن.

وإن كانت هذه هي مرحلة العد التنازلي إلى أن تتقاطع خيوط الثورة مع ثورة الضباط الأحرار- فان لمبارك وجه شبه آخر بقاروق ألا وهو مرض 'الكليبتومانيا ' فعداك عن نهب البلاد وثرواتها وتاريخها ونضالها وحريتها، فإن ثقافة البلطجة الأمنية التي كرستها أنظمة الحكم المؤبد فحولت بلادنا إلى معتقلات - لسرقة الثورة ليست إلا عجزا أشبه بمرض وجب استئصاله باستئصال مسبباته وأدواته، فهل يتأخر الجيش أم يترك الثورة يتيمة برفض مجابهة أنصار العدو والخونة لإسقاطهم وذلك واجب مقدس ومهمة عسكرية بامتياز وليست انقلابية طالما أن اسرائيل هي ورقة مبارك الأخيرة التي يراهن عليها؟

' كاتبة تقيم في لندن

========================

إسرائيل والمشروع العربي!

ميشيل كيلو

2011-02-07

القدس العربي

كلما شعرت إسرائيل بانتهاء حقبة ما من صراعها مع البيئة العربية المجاورة، انفتح عليها باب حقبة جديدة أكثر هولا وخطورة.

في المخطط العام، كان الصهاينة يعتقدون أن تخلصهم من مصر سيطلق يدهم في الوضع العربي عامة وأوضاع جيرانهم خاصة. لهذا ركزوا، بمعونة حاسمة جدا من امريكا، شريكهم في الإستراتيجية العامة المعادية للعرب، على مصر، التي قالوا إنها تشكل سبعين بالمائة من القوة العربية، وأن غيابها سيبدل معطيات الصراع التاريخي الدائر في المنطقة من أساسها. ونجحوا بالفعل في فصلها طيلة عقود ثلاثة ونصف عن بقية العرب.

كما وضعوها في مسائل مهمة ضدهم، حتى نشأ اقتناع عربي ومصري/ شعبي قوي بأن التقاطعات التاريخية بين مصالح مصر والمصالح العربية تشهد تحولات جذرية في طبيعتها ذاتها، وآمن قطاع واسع من الرأي العام العربي والمصري، الذي راقب عن كثب تصرفات حكومة مبارك في مسألتي مياه النيل/ العلاقة مع السودان والحرب ضد غزة، أن نخبة الحكم المصري تخلت حتى عن مصالح مصر ذاتها، بما في ذلك الحيوية منها كمياه النيل، التي لا حياة لمصر بدونها، بمعنى الكلمة الحرفي. هذا كله كان له معنى واحد هو تحول صارخ عن دور أي دور وطني للنظام، وأنه اسقط أدواره جميعها، وفي مقدمها دوره الاجتماعي والفرص الديمقراطية: الأول عبر تجاهل مشكلات الشعب الحقيقية كالبطالة والجوع، والثاني من خلال تجديد رئاسة مبارك لمرة سادسة، مع أنه أعلن عام 1981 أن كل من يرشح نفسه أكثر من دورتين رئاسيتين يكون خائنا لمصر، ثم عبر لعبة التوريث التي بدت خطيرة إلى درجة داهمة، تحول الدولة إلى ملكية وراثية، أو ما صار يسمي بتعبير ساخر ' جملكية '( جمهورية / ملكية )، يريد حكمها حتى بعد موته!.

هذا الرهان الإسرائيلي على إخراج مصر من العالم العربي، ثم على تطويقها ومحاصرتها وإرباكها وإضعافها، بدأ يفشل، أو صار مهددا بالفشل على أقل تقدير، بسبب الانتفاضة الشعبية الهائلة ضد النظام، واحتمال انتقال مصر إلى وضع جديد مغاير تماما لوضعها الراهن، يرجح أن يعيدها إلى دورها التاريخي، الذي بدأ مع حكام مصر الفراعنة، الذين كانوا يرسلون جيوشهم أو يخرجون على رأسها حتى إلى شمال سورية وفي أعماق منطقة الأناضول، بمجرد أن يدخل غاز إلى المنطقة، لاعتقادهم أن أمن مصر يبدأ من هنا، وصولا إلى نظام جمال عبد الناصر، الذي رفع دور مصر القومي والإقليمي إلى ذروته، ليس فقط بتحقيق وحدة سياسية أقامت دولة موحدة بين مصر وسورية عام 1958، بل كذلك بالاندفاع إلى صد الخطر الإسرائيلي عن سورية عام 1967، وما سبق ذلك وتلاه من معارك هائلة في المجال العربي، طواها السادات مقابل انضوائه في إطار سياسي علائقي مختلف: أمريكي/ إسرائيلي، من المؤكد أنه لن يبقى على ما كان عليه بعد أيامنا، نتيجة الغليان الشعبي الذي يعصف بمصر ويرجح أن ينتقل إلى بلدان عربية أخرى، بينها بلد عقد 'سلاما' مع إسرائيل سيكون من الصعب جدا عليه مواصلة سياسته الراهنة تجاه إسرائيل، هو الأردن.

لن تستطيع مصر، حتى إن أمكن إنقاذ نظامها الحالي، الاستمرار في قبول تهميشها قوميا ووطنيا. ولن يكون بوسع أي طرف يحكمها متابعة السياسات العربية نفسها والمواقف ذاتها، التي اعتمدها نظامها في مسألة حياة وموت كمسألة مياه النيل وجنوب السودان، فضلا عن مواقفه تجاه الشؤون العربية المختلفة : من العراق، إلى الخليج فاليمن وشمال أفريقيا العربي إلى أفريقيا جنوب الصحراء، فضلا عن الشؤون الدولية، ومواقفه من أوضاع مصر الداخلية، التي اتسمت في زمن مبارك بصفات جعلتها تبدو غريبة عن وطنها وشعبها والعرب، كثيرا ما قارنها المصريون مع سياسات الاحتلال البريطاني في مطالع القرن الماضي، التي اتصفت بقدر كبير من الشدة، وقامت على الإيقاع بين المصريين وإثارة الفتن في صفوفهم، و'على حكم من يحكمون مصر'، حسب قول مندوب بريطانيا السامي اللورد كرومويل، في رد على سؤال حول أسلوبه في السيطرة على بلاد النيل.

بعودة مصر إلى العالم العربي، ستجد إسرائيل نفسها في مواجهة المعضلة التي أرقتها وأقلقتها دوما: عنيت تطويقها من جميع الجهات بدول عربية معادية، ودخول القوة المصرية، التي تعتبر العاشرة في العالم، كما يقول خبراء كثيرون، على خط توازن القوى بين العرب والعدو، وسط مخاطر تأتي من الشرق والشمال، وظهور عاملين جديدين في الصراع ضدها، هما: مقاومة قاتلتها بنجاح في لبنان، ودولة تنادي بالقضاء عليها، تعمل على امتلاك سلاح نووي هي إيران، فمن المرجح أن يفضي تغيير دور الجيش المصري من إسرائيل إلى طرح تحديات أمنية شديدة الخطورة عليها، ستأتي من خاصرتها الجنوبية، وتضاف إلى تغيير مهم سيشهده موقف مصر من علاقاتها الحالية مع امريكا، التي جعلتها جزءا عضويا من إستراتيجيتها المعادية لبقية العرب والعاملة للسيطرة عليهم. ولا شك في أنها ستنعكس على سياسات واشنطن، وستعزز ما تتعرض له من تحديات وصعوبات هنا وهناك، وما ستشهده من إرباكات قبل أن تستعيد توازنها أو يتبين لها إلى أين ستذهب أمور المنطقة، وماذا يجب عليها أن تفعل لاحتوائها أو التصدي لها.

ثمة تحول تاريخي فائق الأهمية بانتظار منطقتنا العربية، ستكون إسرائيل هدفه الرئيس وضحيته. وقد عبر رئيس وزرائها الحالي، نتنياهو، عن قلقها في اتصالات مكثفة أجراها مع قادة امريكا وبريطانيا وربما غيرهما من دول غربية، كما في زيارته إلى منطقة الحدود المحاذية لمصر بصحبة جنرالاته الكبار، وأخيرا في تصريح أطلقه البارحة وجدده اليوم (الثلاثاء والأربعاء الماضيين) يطالب حكام من يعتقد أنهم سيكونون حكام مصر الجدد باحترام معاهدات السلام التي عقدتها مع بلاده، بينما تصاعدت التحذيرات المهددة من صحافة العدو وأحزابه وقادته، وفيها من الخوف والقلق الكثير، وغير المسبوق، والثقة بأن أيام مبارك غدت معدودة.

ومع أن أحدا من قادة التمرد الشعبي المصري لم يقل شيئا حول سياسات النظام الجديد تجاه إسرائيل والسلام، فإن من المؤكد أن مصر القادمة لن تتمكن من مواصلة سياسات النظام الحالية، سواء تجاه فلسطين أو البلدان العربية الأخرى، أو في أفريقيا، وأنها ستجد نفسها مجبرة على العمل لاستعادة دورها القيادي في العالم العربي، بعد أن فقدته مقابل قيد إستراتيجي أسموه معاهدة سلام، ونعلم جميعا أنه سيضعها مجددا في مواجهة الولايات المتحدة والعدو، خاصة وأنه يرجح أن تسترد بصورة مؤكدة مكانها من وطنها العربي، ودفاعها عن مصالحه ودفع الظلم عنه، قبل كل شيء في فلسطين: النقطة المركزية في الصراع مع إسرائيل.

كلما شعر العدو بالراحة، نتيجة تردي الوضع العربي، وضعف النظم العربية، وانقسام العالم العربي على نفسه، وتناقض سياساته وحكامه، ظهر تطور عربي في موقع ما من عالم العرب، يعيد تذكير الصهاينة بكونهم كيانا غريبا عن منطقة لن تقبل بهم أو تستكين لوجودهم فيها، فكيف إذا كانوا يتصرفون وكأنهم صاروا سادتها، الذين يجب عليها الخضوع لهم دون قيد أو شرط!.

واليوم، لا شك في أن إسرائيل تجد نفسها أمام معضلة جد صعبة هي تبدل دور مصر من نفسها وعالمها العربي والعالم، لا شك في أنه سيفرض على العدو فصلا جديدا في صراعه مع العرب، لن تكون مصر بعيدة عنه، بل في قلبه، مع ما سينجم عن ذلك من مشكلات عويصة ستجد نفسها في مواجهتها، علما بأنها لن تشبه ما سبق لها أن واجهته، لأن نظام مصر الجديد لن يشبه على الأرجح النظم التي سبق لها أن واجهتها، وهزمتها... عبثا، كما تؤكد انتفاضة شعب مصر الحالية، التي ستعيد إسرائيل إلى نقطة صفرية في علاقاتها مع مصر، مع ما تضمره من احتمالات وممكنات لا سيطرة لها عليها، في مصر استعادت قرارها!.

يعلن الصهاينة عن قلقهم من تطورات مصر بصورة لا لبس فيها. لو كنت مكانهم لا سمح الله لقلقت كثيرا، فما يجري قد يكون بداية النهاية للمشروع الإجرامي، الذي يقبع اليوم في فلسطين، وقد يقتلعه التحرر العربي من جذوره في زمن غير بعيد، إن سارت الأمور إلى نهايتها المأمولة!.

' كاتب وسياسي من سورية

============================

الشراكات الخاصة العامة أساسية للنجاح في المنطقة العربية

ندى عقل

مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية

4 شباط/فبراير 2011

www.commongroundnews.org

لندن – كررت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية أثناء جولتها الأخيرة في دول الخليج العربي، والتي زارت فيها دولة الإمارات العربية المتحدة واليمن وعُمان، وانتهت في قطر لحضور منتدى المستقبل، كررت إصرارها على أهمية تعاون الحكومات مع المجتمع المدني من خلال فتح مساحات اقتصادية وسياسية للمشاركة.

 

وفي الوقت الذي أكّدت فيه على أهمية الإحباط المتنامي في أوساط الشباب العرب، حذرت كلينتون كذلك من فتح الأبواب أمام الإرهاب والجماعات المتطرفة التي تستهدف اليأس والفقر، والتي ستملأ الفراغ الذي يتركه فشل الحكومات في تحقيق احتياجات الشعب. وقد حملت هذه الكلمات أهمية خاصة في ضوء الأحداث الأخيرة في تونس ومصر واليمن والجزائر، حيث نادى المحتجّون بإسقاط رئيس الدولة، وفي الأردن حيث ضغط الناشطون على رئيس الوزراء ليستقيل. وهذا أمر لا يستطيع القادة العرب تجاهله بعد اليوم.

 

ويشكّل منتدى المستقبل، وهو تجمّع سنوي لكبار المسؤولين العرب وقادة المجتمع المدني، مبادرة مشتركة لدول منطقة الشرق الأوسط على اتساعه وشمال إفريقيا، والدول الصناعية من مجموعة الثمانية. وبالإضافة إلى هؤلاء والمشاركين من القطاع الخاص، شارك ما يزيد على ثلاثين وزير خارجية من كافة أنحاء العالم.

 

ويشكّل المنبر موقعاً فريداً لبناء أطر التعاون من أجل نشاطات مستقبلية، إذ يبحث المشاركون في كل سنة التقدم الذي تم تحقيقه في مجال الإصلاح السياسي وحقوق الإنسان. وتضم أولويات الإصلاح الأخرى تعزيز المشاركة الاقتصادية والسياسية للمرأة والشباب، إضافة إلى تضييق فجوة الإفلات من العقاب وتشجيع حكم القانون في دول المنطقة العربية.

 

من الواضح أن الحاكمية الجيدة لا يمكن تحقيقها دون جُسر الهوة بين الشعب وقيادته، ودون اشتمال كافة قطاعات الشعب في عملية صنع القرار.

 

وفي هذا المضمون، صرّحت كلينتون أن هؤلاء الذين "يتمسكون بالوضع الراهن" لن يتمكنوا من القيام بذلك إلى الأبد. إضافة إلى ذلك فقد حذرت من أن الأنظمة السياسية الباهتة في الشرق الأوسط ليست مجهّزة لمواجهة التحديات الاقتصادية القادمة، مثل الحاجة لتنويع مصادر الدخل قبل الانحطاط الذي لا يمكن تجنبه في الموارد الطبيعية في الدول الغنية بالنفط.

 

أما التوقيت فهو جيد. ففي تونس كما هو الحال في مصر، أطلقت البطالة والفقر موجة من الاحتجاجات التي لم يسبق لها مثيل. ويشكّل ذلك سابقة في التاريخ العربي المعاصر. وبغضّ النظر عما يأتي به المستقبل للتونسيين والمصريين فإنه يشكل بالتأكيد نقطة تحول لجميع العرب.

 

حصلت ثورات الشعبين التونسي والمصري على دعم قوي حول العالم، وألهمت الكثير من الشباب العرب على التعبير عن تضامنه. أثبتت لنا كتلة الشباب المثقّف الذي ما زال يوجه بطالة عالية على منتديات ومنابر اجتماعية متعددة، وعلى الشارع كذلك إنه لم يعد بالإمكان إسكاتهم.

 

يمكن القول أن إشراك الشعب في العملية السياسية وتقديم أساليب ذات معنى لهم للمساهمة والمشاركة، ليس أحد مصادر قوة للعديد من الأمم العربية. وليس هذا هو الحال بالتأكيد في المؤسسات الفاسدة للجمهوريات المتوارثة. وهو ليس كذلك أسلوب العمل في ممالك ومشيخات دول الخليج العربي حيث تتحدى الريعية بمرونة وقوة تطوير مجتمع مدني قوي وتعيق عملية إدخال الديمقراطية.

 

ولكن إذا لم يصغِ القادة اليوم، فقد تكون الاستدامة الاقتصادية والاستقرار السياسي لبلادهم في خطر. ويساعد الالتزام بفرص تعاونية مثل منتدى المستقبل على تمهيد الطريق للتغيير الذي يجب أن يحصل.

 

ويشير تقرير صدر عن اجتماع للجنة شبه الوزارية للدول الثمانية الكبرى ومنطقة الشرق الأوسط الأوسع وشمال إفريقيا إلى "منظور مشترك واسع بأن "نبرة" الحوار بين الحكومة والمجتمع المدني تطورت إيجابياً منذ أول اجتماع للمنتدى عام 2004".

 

ما زالت هناك مساحة واسعة للتحسين حيث نادت تقارير وورشات العمل لهذه السنة والتي شارك فيها أعضاء من المجتمع المدني، بالمزيد من الشفافية والثقة بين القطاعين الخاص والعام. وحسب أحد هذه التقارير هناك "حاجة لمشاركة المجتمع المدني كشريك أساسي في حل النزاعات وليس كهيئة هامشية". هذا ما لدى الناس ليقولونه، ضمن إطار المنتدى، وفي الشارع.

###

* ندى عقل صحفية مستقلّة من لبنان، تدرس للحصول على شهادة الماجستير في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن.

كُتب هذا المقال لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

=======================

المجتمع المدني في السودان يساعد على تطبيق القانون

عثمان حسان

مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية

4 شباط/فبراير 2011

www.commongroundnews.org

الخرطوم – تعاني ولاية الخرطوم، وهو اسم ولاية في السودان وأيضاً اسم المدينة العاصمة للدولة، من تدفق كميات كبيرة من السلاح غير المشروع فى مختلف اطراف الولاية. وتشير دراسة أجرتها منظمة مبادرة الأمن الإنساني (مأمن)، وهي منظمة غير حكومية تعمل في مجال الأمن الإنساني، أن 70% من سكان منطقة الحاج يوسف، وهي محلية كرتون كسلا الواقعة شمال الخرطوم، لديهم سلاح فى المنازل او يخالطون أناس يمتلكون السلاح.

 

نتيجة لهذا الواقع وتهديد الامن والسلم الاجتماعي والتعايش، أقامت منظمة مأمن مشروع "الخرطوم خالية من السلاح والعنف" للحد من استفحال المشكلة ونشوب نزاعات مسلحة داخل ولاية الخرطوم وانتقال الخطر من المناطق المتاثرة به الى العاصمة.

 

تم في الأسبوع الماضي الإعلان عن أول النتائج الرسمية للاستفتاء حول الاستقلال في جنوب السودان من قبل أعضاء المنظمة التي نظمت الاستفتاء في أوائل هذا الشهر. وقد شهدت الأسابيع التي تلت التصويت الساحق لصالح انفصال جنوب السودان توتراً عالياً بين السكان الشماليين والجنوبيين. قامت منظمة مأمن خلال هذا الوقت بعقد ورش عمل ومحاضرات في المناطق المختلفة من الولاية، وخاصة في المناطق الأكثر توقعاً لحدوث توترات وعنف.

 

وقد أدارت منظمة مأمن حوارات ونقاشات مهمة مع القيادات الاهلية ومع السكان بهدف بحث المخاوف من العنف الناتج عن الانفصال المرتقب. فكان لهذه النشاطات لها أثر مباشر على قبول نتائج الاستفتاء من قبل السودانيين في بيئة خالية من العنف.

 

وقد عُرِفت العاصمة الخرطوم عبر السنين بالتعايش السلمي بين مختلف الأعراق والأديان المتعددة في السودان، حتى بينما كانت أجزاء أخرى من الدولة تعاني من آثار الحرب.

 

شكّل النازحون من شتى مناطق النزاعات في السودان والدول المجاورة والمسرّحين من المليشيات المسلحة من مختلف الاعراق، من اهم العناصر التي تمتلك السلاح فى الولاية. وكثيراً ما تقع احتكاكات بين هذه المجموعات، تؤدي إلى العنف المسلح وارتكاب جرائم القتل. وتشير تقارير شرطة ولاية الخرطوم أن كل جرائم القتل فى العام 2010 كانت تُرتكب بأيدي أشخاص يحملون سلاحاً نارياً غير مرخص.

 

كما أن هناك 22 حادث قتل أو إصابة يتعلق باستخدام السلاح الناري عند الاحتفال بالزواج او انتصارات كرة القدم. وتؤكد الشرطة أن جميع المؤشرات تشير الى تزايد كبير في امتلاك السلاح فى ولاية الخرطوم، وتحوّله الى ظاهرة اجتماعية فى الولاية.

 

بدأت منظمة مأمن العام الماضي، انطلاقاً من هذه التقارير، بالعمل على نشر الوعي المجتمعي حول مخاطر انتشار السلاح غير المشروع وعلى تشجيع القيادات الأهلية على لعب دور إيجابي في مجتمعاتهم للحد من أعدادها. كما تعمل المنظمة على زيادة روح التسامح بين الأعراق المختلفة ونبذ العنف والجريمة في المجتمع.

 

ويتم رفع مستوى الوعي الاجتماعي من خلال وسائل وأنشطة مختلفة من ضمنها إنتاج مواد تشجع على ثقافة السلام والتسامح، وورش عمل ومطبوعات ومحاضرات وعروض دراما ومسرح وبرامج إذاعية وتلفزيونية، وجميعها تنقل رسالة إلى سكان الخرطوم مفادها أن المحافظة على السلام في العاصمة أمر غاية في الأهمية.

 

وفي إحدى ورش العمل التي أدارتها منظمة مأمن، طُلب من الأطفال رسم ملائكة وحمامات السلام بينما كان يتم تعليم الراشدين عن مخاطر حيازة الأسلحة في منازلهم. لقد دُهش الناس في المنطقة من رؤية مثل هذه المبادرة وسعدوا برؤية أن هذا الموضوع أصبح أخيراً قيد النقاش العام.

 

ومن النتائج المُرْضية بشكل خاص لإحدى ورش العمل في شمال الخرطوم، كانت الوعد الذي قطعه زعيم قبلي محلي بأن تقوم قبيلته بالتخلص من كافة الأسلحة غير المشروعة. وقام بعد ذلك بدعوة منظمة مأمن للإعلان عن هذا. ويشكل إقبال عدد كبير من المواطنين على طلب ترخيص السلاح مؤشراً هاماً على النجاح.

 

لقد وجد هذا المشروع تجاوباً كبيراً من جانب الأجهزة الرسمية والقيادات الاهلية وناشطي المجتمع المدني، تمثّل في أن هذا المشروع تم تمويله من حكومة ولاية الخرطوم ب 125 ألف دولار، بالاضافة الى التسهيلات الإدارية التي توفرها قوات الشرطة.

 

تبرهن منظمة مأمن من خلال عملها ونجاحاتها المتتالية كل يوم أن منظمات المجتمع المدني تلعب دوراً هاماً في دعم وتنفيذ القوانين ونشر السلام. فالمنظمات مثل منظمة مأمن مؤمنة بأنه بدلاً من فرض إجراءات قاسية ومقيدة ومن خلال الحوار والتعليم، فإن السلام يكون في متناول اليد.

###

* عثمان حسن هو مدير منظمة مبادرة الأمن الإنساني (مأمن) في السودان.

كُتب هذا المقال لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

=======================

«الثورة» تتفاوض مع النظام

الثلاثاء, 08 فبراير 2011

الياس حرفوش

الحياة

سقف التنازلات التي يستعد النظام في مصر لتقديمها الى المتظاهرين في ميدان التحرير بات معروفاً: لا لسقوط حسني مبارك. لا لتحوّل في اتجاه النظام. لا لانهاء الاعتصام بالقوة.

لكن سقف المتظاهرين بات يتأرجح بحسب مصالح كل طرف منهم. لا يزال شعار «الشعب يريد اسقاط النظام» مرفوعاً في الساحات. لكن كلمة «النظام» باتت تعني بالنسبة الى الخليط المحتشد في وسط القاهرة معاني عدة، على رغم ان المقصود بالكلمة نفسها بالغ الوضوح. منهم من يرى ان اسقاط النظام يعني تنحّي الرئيس مبارك. البعض الآخر يرى ان اسقاط النظام يعني اسقاط مبارك ومعه رموز الحكم السابق كلهم، بمن فيهم نائبه المعيّن عمر سليمان ورئيس الحكومة الجديدة احمد شفيق. الفريق الثالث يتجاوز ذلك الى الدعوة الى تغيير هوية النظام ذاته، أي تحالفاته الغربية وعلاقاته الاسرائيلية، وهي للحقيقة دعوة تراهن عليها حشود «الممانعين» خارج الساحة المصرية، الذين يعتبرون معركة ميدان التحرير معركتهم، اكثر مما هي همّ ملحّ لأكثرية الشباب المصري ولأحزابه بمعظم توجهاتها. ذلك ان قليلين في مصر اليوم هم الذين يحلمون بالعودة الى زمن الاحلام الناصرية، في الوقت الذي لم تبقَ من هذه الاحلام على الساحة العربية سوى الخطب الحماسية وانتهازية بعض الحكومات والاحزاب في المنطقة، التي تسرع الى ركوب الموجات الشعبية، طالما ان الاحتجاجات تتحرك خارج شوارعها.

نجح النظام المصري في المحافظة على أسسه ثابتة بعد 14 يوماً على الانتفاضة. هذه الاسس تشمل المؤسسة العسكرية والمؤسسات السياسية والاعلامية والاجهزة الامنية. اما الاصلاحات والتغييرات المنوي اجراؤها داخل هذه المؤسسات والاجهزة فهي تجري من داخل النظام، اي انه هو الذي يشرف عليها ويقوم بها. طبعاً هو يقوم بذلك تجاوباً مع التظاهرات والحشود. لكن مجرد كون النظام هو الذي يفعل ذلك يعني ان ما نشهده في مصر ليس «ثورة» بالمعنى المتعارف عليه للثورات، بل هو عملية تجميلية سوف تؤدي بالنتيجة الى اطالة عمر النظام وليس الى سقوطه.

ما حمى النظام المصري بالدرجة الاولى هو التفاف مؤسساته من حوله، وبالاخص حول الرمز الاول لهذا النظام، اي حسني مبارك. في حالات اخرى مماثلة كان من السهل ان نشهد تفككاً وزعزعة لهذا الالتفاف. فقد كانت هناك اغراءات كثيرة تدفع الى ذلك، منها الضغط الشعبي الداخلي والاغراءات الخارجية، وفي طليعة هذه الاغراءات تلك التي قدمتها ادارة باراك اوباما في المراحل الاولى من الانتفاضة، من خلال المطالبة بالتغيير «الآن»، والتي كان من شأنها أن تدفع البعض، وخصوصاً اللواء عمر سليمان الى الانقضاض على الكرسي الاول.

في مقابل هذا الالتفاف الحكومي والعسكري حول النظام، تحولت انتفاضة ميدان التحرير الى انتفاضات، والمعارضة الى معارضات: منها من هو مستعد للتفاوض حول المخارج، ومنها من هو مصر على البقاء في الميدان حتى ذهاب الرئيس، ومنها من يدفعه ضغط الوضع الاقتصادي والمعيشي الى العودة الى بيته وعمله. هنا ايضاً يسجّل للنظام انتزاع التنازلات. استطاع عمر سليمان ان يدعو الى الحوار مع المعارضين (ومن بينهم «الاخوان») تحت صورة الرئيس حسني مبارك. ولم تكن هناك صورة معبّرة اكثر من تلك: نائب الرئيس يجلس على كرسي يرتفع فوق كراسي الآخرين، ومن فوقه صورة رئيسه الذي يطالب المعارضون بعدم مباشرة الحوار قبل اقصائه!

استطاع عمر سليمان واحمد شفيق ان ينتزعا كذلك من المعارضين ادانة للتدخل الخارجي في شؤون مصر، سواء ذلك الذي جاء من القوى الغربية التي شاءت تحديد مواعيد انتقال السلطة، او الذي جاء من القوى الانتهازية الاقليمية التي ارادت استغلال الانتفاضة المصرية وتوظيفها في خدمة اهداف خاصة بها.

في نهاية الامر اخذت انتفاضة مصر هوية جديدة باتت واضحة. انها اقل بكثير من ثورة واكثر من حركة اصلاحية. انتفاضة تتم تحت سقف النظام ولا تنقضّ على اتجاهاته والتزاماته. وهي بالنتيجة سوف تكون اقل اثارة لمخاوف الاقليم وأقل تلبية لأماني الانقلابيين.

========================

مصر: قبل أن يفرض الحل من الخارج!

مأمون فندي

الشرق الاوسط

8-2-2011

شرعية النظام الحاكم في مصر تآكلت في الداخل، ولم يبق في البلد سوى شرعية واحدة يقبلها طرفا الصراع، وهي الجيش المصري وتاريخه الذي يحظى بفخر واحترام المصريين كلهم. كما أن شرعية النظام بدأت في التآكل في الخارج، باستثناء حالة الخوف من البديل المتمثل في الإخوان المسلمين، التي تسيطر على دوائر محدودة في واشنطن، ولندن، وبرلين. وكما سمعنا من الأميركيين، «الآن» (تعني بالأمس)، عندما طالبوا بالانتقال السلمي للسلطة.

حالة تآكل الشرعية في الداخل والخارج تجعل الحالة المصرية «مأزمة»، فالخارج يحاول أن يبلور رؤيته من خلال مؤتمر الأمن المنعقد في ميونيخ والذي شاركت فيه الولايات المتحدة مع شركائها الأوروبيين. وواضح من أحاديث مؤتمر ميونيخ أن أوروبا وأميركا يقرآن من ذات النوتة الموسيقية أو ذات «المنافيستو» في التعامل مع أزمة الحكم في مصر. هذه الخطوة هي مجرد بداية لتنسيق أميركي - أوروبي من أجل فرض حل خارجي. هذا الحل - كما يعرضه الأميركيون - يتلخص في نقطتين، الأولى هي نقل السلطة إلى مجلس رئاسي يضم عمر سليمان وأحمد شفيق والمشير طنطاوي، أو من يمثل الجيش. أما السيناريو الثاني، فهو بقاء الرئيس لفترة قصيرة حتى يحل مجلس الشعب ويطلب إعادة تعديل الدستور ثم تنقل السلطات إلى نائب الرئيس. أما إذا أصر الرئيس على البقاء لكامل مدته، فإن أميركا وأوروبا ستستخدمان أدواتهما من أجل وجود حالة تصادم مصالح بين الجيش والرئيس، مما يعجل من قرار إقالة الرئيس. هذه هي السيناريوهات بصورتها التلغرافية المشفرة.

ستفرض هذه السيناريوهات والحلول على المصريين خلال الأسبوعين القادمين، إذا ما فشل المصريون في رسم ملامح تصور للحل، حل مقبول للشارع وللنظام أيضا. واضح حتى هذه اللحظة أن هناك محاولات من النظام لإيجاد لجنة تفاوض تفرغ الثورة من مضمونها. شيء أقرب إلى ممارسات النظام السابقة عندما صرح لأحزاب وهمية بالوجود في مصر من أجل رسم صورة كاريكاتورية لفكرة الديمقراطية التجميلية. عندما كنت في ميدان التحرير أتحدث إلى الشباب، والعواجيز أيضا، قالوا لي إنهم لا يقبلون بتلك الشخصيات الكثيرة التي تدعي تمثيلهم، ويتساءلون: من يكون هؤلاء؟ «معظمهم خدموا النظام السابق، إلا قليلا، نحن لا نقبل أن نسمى حركة شباب، فكما ترى نحن ثورة وبيننا شباب ومن هم في منتصف العمر، وبيننا شباب، وبيننا عواجيز، وآخر كلامنا أنه لا تفاوض قبل الرحيل».

الشباب في ميدان التحرير وحوله وفي الإسكندرية والإسماعيلية والسويس يرفضون تسميتهم بالشباب، ويرفضون فكرة الحكماء، ويرفضون الوصاية على ثورتهم. «أنتم كمثقفين، أهلا بكم كناصحين لنا، ولكن ليس كأوصياء»، قالت لي سيدة محاطة بشابات وشبان يجلسون إلى جوارها.

كان هناك جدل حاد بين الموجودين حول شخصية عمر سليمان، وكم هو مختلف عن مبارك. «مما سمعناه، فالرجل لا يختلف عن مبارك كثيرا»، قال مصطفى، وهو يعمل في إحدى الشركات العابرة للقارات. أما الشاب علي أبو السعود، المحامي، فسفه ما يقال عن الأزمة الدستورية، وطالب الأوصياء بأن يقرأوا المادة 139 من الدستور، التي تخرجهم من قصة البيضة والدجاجة، وأيهما يأتي أولا. تلك المعضلة التي تطالب ببقاء الرئيس من أجل حل مجلس الشعب، وتغيير الدستور. علي أبو السعود والمستشار مكي يريان أن المادة 139 تأخذنا بعيدا عن هذه المعضلة وتنقل سلطات الرئيس لنائبه دونما مشكلات، لأن المشكلة الوحيدة، حسب قول المستشار مكي، هي في «سوء النية التي تشير إليها تصريحات النظام حتى الآن». غياب القدرة على تصور حل داخلي، يجعل للحل الخارجي بريقا.. فهل يحسم الخارج حل الأزمة في مصر، أو أن الحل يكمن في الداخل؟ وقت قصير وسنعرف الإجابة.

========================

تذكرة من مصر: عصر النفط لن ينقضي

روبرت صامويلسون

الشرق الاوسط

8-2-2011

لا يزال عصر النفط مستمرا، ونحتاج إلى التعامل معه. وتذكرنا الثورة داخل مصر بدروس، على الرغم من أشهر من التحذيرات، تجنبها الأميركيون بصورة مستمرة: ستعتمد الولايات المتحدة مع الباقي من العالم على النفط لوقت غير محدد في المستقبل، ولا تزال أسواق النفط العالمية رهينة لأزمات سياسية لا يمكن التنبؤ بها أو السيطرة عليها، ولم نتخذ الإجراءات الحكيمة التي ستقلل - من دون أن تقضي - على احتمالية تعرضنا لمشاكل كارثية مرتبطة بالنفط.

وليس من الواضح حتى الآن ما ستلحقه الأزمة المصرية بأسواق النفط. وبسبب الطقس البارد والطلب الكبير من دول نامية، ارتفعت أسعار النفط بالفعل قبل أن ينزل المصريون إلى الشوارع. وبعد أن كان السعر يبلغ في المتوسط 2.80 دولار للغالون الواحد خلال معظم العام الماضي، تجاوزت أسعار البنزين داخل الولايات المتحدة حاجز الثلاثة دولارات في ديسمبر (كانون الأول). وارتفعت الأسعار إلى ما هو أكثر، ولكن المكاسب ربما تكون قصيرة الأجل. تنتج مصر 700.000 برميل يوميا فقط. ولا تعد هذه كمية كبيرة بالمقارنة مع الطلب العالمي الذي يبلغ قرابة 90 مليون برميل يوميا. وإذا توقف إنتاج مصر بالكامل، ربما يأتي ما يحل محله لأن العالم فيه فائض قدره 4 ملايين برميل يوميا في أماكن أخرى.

وتوجد مخاطر أكبر في شحن النفط، حيث إن خط قناة السويس، وقناة السويس - البحر المتوسط تنقل حاليا قرابة 3 ملايين برميل يوميا بين آسيا وأوروبا. وإذا منعت هذه الإمدادات، فإن الأسعار سوف ترتفع بالتأكيد. ولكن مرة أخرى، سيتم التعامل مع الأمر. وستتم إعادة النقل في طريق آخر، وستتزايد عمليات الشحن عبر خطوط أنابيب أخرى.

ولكن المأزق الحقيقي سيقع إذا ما تسببت سلسلة من التقلبات السياسية في إعاقة الإنتاج داخل دول مهمة: السعودية (الإنتاج الحالي: 8.5 مليون برميل يوميا) أو الكويت (2.3 مليون برميل يوميا) أو إيران (3.7 مليون برميل يوميا) أو العراق (2.4 مليون برميل يوميا) أو الجزائر. وسيستمر هذا الخطر بغض النظر عن الطريقة التي ستنتهي بها الأزمة الراهنة.

ما الذي نستطيع القيام به؟ حسنا، هناك أمران: تقليل استهلاك النفط، ويفضل من خلال فرض ضريبة على البنزين، وزيادة الإنتاج ويفضل من خلال لوائح تنظيمية أقل عداء. ولا تقوم إدارة أوباما بأي من ذلك. وبدلا من هذا، تعلن عن مستهدف مليون سيارة هجين كهربائية بحلول 2015. ويتعلق هذا الأمر بالعلاقات العامة أكثر من كونه مرتبطا بالسياسة. وربما يكون هذا الهدف غير واقعي، وربما تكون مبيعات العام الأول من تشيفي فولت تبلغ 25.000. وحتى لو تم الوصول إلى رقم المليون، ستظل مدخرات النفط قليلة، ربما 40.000 برميل في اليوم، أي نحو 2/10 من 1 في المائة من الاستهلاك الأميركي الذي يبلغ 19 مليون برميل في اليوم. وتوجد بالفعل 240 مليون سيارة وشاحنة خفيفة تستخدم البنزين.

وفي المقابل، فإن الإنتاج الضائع من قيود على التنقيب في خليج المكسيك ربما تبلغ إجمالي 200.000 برميل في اليوم عام 2012، وفقا لتقديرات حكومية. وقد بالغت الإدارة في رد فعلها إزاء حادثة «ديب ووتر هوريزون». لم يكن هناك تشجيع كبير على التنقيب في المناطق اليابسة، على الرغم من الاحتمالات الأفضل. وفي 2009، ارتفع إنتاج النفط المحلي للمرة الأولى منذ 1991، ويرجع ذلك بصورة جزئية إلى الأسعار الأعلى وتقنيات تنقيب أفضل جعلت من المرحب إخراج نفط لم يكن متاحا الوصول إليه من قبل. وقد ارتفع الإنتاج في حقل «باكن» داخل نورث داكوتا، ويوجد أمل بتحقيق مكاسب في حوض «برميان» داخل تكساس.

وستقلل ضريبة البنزين الأعلى - التي سيتم فرضها بصورة تدريجية من أجل تجنب تقويض الانتعاشة الاقتصادية - من التقلبات الكبيرة في أسعار الوقود وتدفع المستهلكين إلى شراء السيارات الأكثر توفيرا للوقود التي تطلب الحكومة من شركات السيارات تصنيعها. وتقليديا، يفضل الأميركيون سيارات أكبر، وربما يظلون مرتبطين بعادات قديمة، ما لم يكن هناك دافع. وتوجد نقط التقاء هنا بين الطاقة وسياسة الميزانية. وربما تساعد ضريبة الطاقة في كلا الاتجاهين، حيث إنها سوف تحسن من أمن النفط، مع خصومات في النفقات وتقليل العجز في الميزانية. ولا يحتمل أن تقبل إدارة أوباما أو الجمهوريون في الكونغرس على هذه الاحتمالات.

ولن يحقق أي من هذا «استقلال الطاقة» الذي أصبح سرابا منذ اقتراحه في السبعينات من القرن الماضي. احتياجنا للنفط المستورد - الآن نحو نصف الاستهلاك - كبير بالدرجة التي تجعل من الصعب التغلب عليه من خلال زيادات في الإنتاج. ولكن يمكننا تقليل هذا الاعتماد وتكلفة الصادرات، التي تبلغ عادة أكثر من 250 مليار دولار سنويا.

وباستثناء حدوث اختراقات في التقنية، فإن قضية النفط لا تسير في اتجاه جيد. وقد أكد على هذا توقعات حديثة عن مستقبل أسواق الطاقة في المستقبل: من هيئة الطاقة الدولية في باريس وإدارة معلومات الطاقة الأميركية و«إكسون موبيل». وجميع هذه الهيئات وضعت افتراضات سخية عن المكاسب من الطاقة، ومن بينها السيارات وإمدادات متجددة موسعة. وتستنتج جميعا أن النفط سوف يلبي ربع أو أكثر من الطلب العالمي على الطاقة لعقود. وتتوقع «إكسون موبيل» أن عدد الشاحنات الخفيفة في مختلف أنحاء العالم سوف يرتفع بنسبة 50 في المائة، إلى 1.2 مليار، بحلول 2030. ويستخدم معظمها البنزين. وسيكون خمسا الزيادة في الصين. وستشتد المنافسة على إمدادات النفط العالمية. ولا يمكن الهروب من هذا الواقع، حتى لو تجاهلناه.

========================

الحرب على الأبواب

سعد سليمان

المصدر:فريق موقع ليبانون ديبايت

18/10/2011

ربطت صحيفة دنيا نيوز الأردنية التحركات السياسية التي تشهدها المنطقة و تحريك التفاوض على المسار الفلسطيني و التحضير لحرب وشيكة تشنها إسرائيل ضد لبنان و ربما تشمل الجبهة السورية ، و قالت الصحيفة إن الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر طار إلى بيروت و قابل رئيس الحكومة وقيادة حزب الله ليدور حديث حول المنطقة والحرب والمسئول القطري يؤكد وقوع الحرب ، فهي قادمة لا محالة وينبه إلى خطورة الموقف والى ضرورة أن يتنبه اللبنانيون إلى أن الحرب ستكون شرسة ومدمرة وأن عليهم أن يكونوا يقظين وعلى أعلى درجات الح ذر والحيطة ، حمد بن جاسم ينتقل إلى العاصمة السورية ويبدو أنه يكرر ما قاله في بيروت أمام القيادة السورية ثم يعود إلى الدوحة لمتابعة نشاط قطر السياسي المتواصل والساعي إلى إيجاد رؤية عربية موحدة حول الموقف في الإقليم الذي يبدو أنه على وشك الانفجار .

 

في كل مرة تريد الولايات المتحدة الأمريكية أن تقوم بحرب أو غزو أو مصيبة في المنطقة العربية تلهي المنطقة بقطعة عظم فلسطينية للعرب ليتسلوا بها ويضيعوا الوقت بالتصريحات والتوقعات والهاء الرأي العام العربي ثم تأتي المصيبة الأمريكية وينسى الناس العظمة الفلسطينية. و أضافت الصحيفة : يقول خبراء ومختصون في شؤون الدفاع والأمن إن إسرائيل قد أجرت تنقلات مهمة في قيادات الجيش الإسرائيلي وأنها قد انتهت من وضع الخطط العسكرية والخطط البديلة لضرب لبنان ضربة موجعة ، وأن أسرابا من الطائرات الإسرائيلية ستقوم هذه المرة بدك بيروت وكل البنى التحتية اللبنانية وأنها لن تأخذ بعين الاعتبار حجم الخسائر بين المدنيين اللبنانيين ، بل إنها قد تقوم بايقاع عدد كبير من القتلى والجرحى بين المدنيين حتى تسقط بيد حزب الله وتثير الشارع اللبناني ضده و سوف تتقدم القوات البرية الإسرائيلية باندفاعة قوية لما وراء الليطاني والأولي بل إن بعض المصادر تشير إلى أن القوات الإسرائيلية قد تتابع مسيرها حتى تصل مشارف بيروت حيث تقوم ميليشيات جعجع والكتائب اللبنانية بأعمال عسكرية لإرباك حزب الله ومنعه من الالتفات إلى التقدم العسكري البري الإسرائيلي.

 

خبير أوروبي في شؤون الدفاع والأمن قال لنا أن هذا السيناريو ليس سرا ولا هو غائب عن ذهن حزب الله وإيران وسوريا ، غير أن ما يقلق إسرائيل هو حجم رد الفعل لحزب الله وهل أن تهديدات الأمين العام للحزب حسن نصر الله حقيقية وأن الحزب يخبئ مفاجئات من نوع لا يمكن لإسرائيل أن تتوقعه ، هل سيتمكن الحزب من إيقاع ضربات قاسية في الجبهة الداخلية الإسرائيلية توقع مئات أو ألاف القتلى والجرحى وهل سيتمكن بالفعل من قصف القواعد الجوية الإسرائيلية ، يقول الخبير أن إسرائيل تخشى ذلك وهي قد طلبت بالفعل من الولايات المتحدة الأمريكية أن تبقي حاملتي طائرات أمريكيتين بالقرب من الشواطئ الإسرائيلية لتحط الطائرات الإسرائيلية عليها فيما لو يتبقى مدرجات وقواعد تعود إليها الطائرات الإسرائيلية وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية فاوضت بشدة حكومة قبرص اليونانية لتستعمل مطاراتها في حال اندلاع حرب في الشرق الأوسط إلا أن قبرص رفضت الطلب الإسرائيلي رفضا قاطعا ومع هذا يقول خبراء عسكريون أن إسرائيل قد تلجأ إلى فرض الأمر الواقع وتحط بعض طائراتها في المطارات القبرصية في حال عدم تمكنها من العودة إلى قواعدها في فلسطين المحتلة .

 

وتابعت الصحيفة سألنا دبلوماسيا غربيا واسع الإطلاع ومقربا من دوائر صنع القرار في بروكسل عن تطورات النزاع فيما لو وقعت الحرب وهل يمكن أن يتطور الأمر إلى أفاق تتعدى منطقة الجنوب اللبناني والشمال الإسرائيلي فقال ، إن إيران لن تسمح بأي حال من الأحوال بهزيمة حزب الله ولا هزيمة سوريا في أي حرب مقبلة مهما كانت النتائج التي يمكن أن تترتب على إيران ، فالموضوع لا يتعلق بحرب عابرة هذه المرة أو حملة عسكرية تأديبية أو ما شابه ، إنها معركة كسر عظم ورغم أنني، يتابع الدبلوماسي الغربي لست متشائما مثلكم ولا أرى أن الحرب واقعة بالضرورة لأن الولايات المتحدة لن تدخل الحرب على قاعدة فيفتي فيفتي ، أي بدون ضمانات من إسرائيل أنها قادرة هذه المرة وفي غضون يومين أو ثلاثة على حسم الحرب ، وضمانات من الدول العربية أن تلجم الشارع لديها حتى لا تعم الفوضى كل المنطقة أو أن يحصل تمرد في بعض الجيوش العربية وضمانات من القيادات العسكرية الأمريكية نفسها بقدرتها المضمونة والكاملة على تدمير القوة العسكرية الإيراني بضربة واحدة لا تزيد مدتها عن بضع ساعات ويكون مضمونا أن القوة الصاروخية الإيرانية سيتم تحييدها تماما ، إذا لم تتمكن الولايات المتحدة من الحصول على كل هذه الضمانات فإنها لن تلعب لعبة الروليت الروسية وتخوض غمار حرب قد تحرق المنطقة بكاملها وتعرض وضع إسرائيل نفسه لخطر الزوال ربما كقوة عسكرية رادعة كما تعرض كل حلفاء أمريكا في المنطقة والعالم إلى خطر فوضى قد تجر إلى حرب عالمية مصغرة أو كاملة .

 

إن الحرب المقبلة إذا وقعت فلن يكون لدى أحد أي مبرر لتوفير قوته أو التردد وستكون المنطقة والعالم على كف عفريت كما أن منابع النفط معرضة للتعطل بالكامل مما قد يوجه ضربة قاضية للاقتصاد العالمي تطيح بباقي مكوناته التي نجت من الأزمة المالية العالمية الأمريكية العام الماضي .من المعروف أن القوة الإسرائيلية هي أضعاف قوة حزب الله وسوريا مجتمعين إلا أن ما يخيف الولايات المتحدة أن تتمكن قوات حزب الله من السيطرة على بعض المواقع شمال إسرائيل وأخذ عدد كبير من السكان الإسرائيليين رهائن وأن يتمكن الجيش السوري من النفاذ من مواقع غير متوقعة إلى مناطق قريبة من الحدود الفلسطينية المحاذية لجنوب غرب الجولان وبالتالي تطبق كماشة من قوات كوماندوس سورية وقوات المقاومة على الجليل الأعلى ، وإذا ما تمكن حزب الله وسوريا من القيام بعمل مثل هذا فإن إسرائيل لن تتمكن ولو حشدت عشر فرق عسكرية من فعل أي شيء إلا بالمغامرة بوقوع عشرات الآف القتلى من الإسرائيليين أو أن عليها أن تخلي كل مدن الجليل الأعلى والأسفل من السكان وهذا أمر شبه مستحيل .

 

ربما تكون الأسابيع القليلة القادمة مليئة بالإثارة وبالمواقف الساخنة من كل الأطراف وقد يصل الأمر بالقوات الأممية اليونيفيل إلى الانسحاب من الجنوب اللبناني لأنها ستعاني من خسائر بشرية كبيرة جدا في حال وقوع صدام مسلح بين حزب الله وإسرائيل ، والخيارات أمام أمريكا وإسرائيل باتت محدودة جدا ، فعملية السلام لن تنتج شيئا وهذا يعرفه القاصي والداني ونتنياهو والحكومة الإسرائيلية ليسوا في وارد أن يرضخوا للإدارة الأمريكية خاصة وأنهم يحظون بدعم الجمهوريين في الكونغرس الأمريكي وكثير من الديمقراطيين ، كما أن العالم العربي ممزق وغير قادر على إنتاج دور عربي فاعل ، إلا أن ما تتخوف منه إسرائيل أن يتحرك الشارع العربي بطريقة غير مألوفة مما يسقط بعض الأنظمة المهمة في المنطقة ويعيد الصراع العربي الإسرائيلي إلى المربع الذي كان فيه قبل عمليان الصلح والسلام مع الدول العربية والفلسطينيين وحينئذ سيتوجب على العالم أن يخشى من عودة سنوات الرصاص إلى أوج عظمتها بحيث تعود أو روبا ساحة للصراع والقتل والخطف.

 

حزب الله وسوريا يقومان بدراسة التحذير القطري بكل اهتمام ، كما أنهما يقومان بوضع الخطط والإستراتيجيات مع إيران لرسم السيناريوهات المحتملة ووضع كل الخطط اللازمة لإفشال المخطط الإسرائيلي الذي يبدو أنه مصر هذه المرة على خوض أهم وأخطر تجربة في حياة إسرائيل والمنطقة .

 

الرؤية القطرية للموقف وتوقع اعتداء إسرائيلي وشيك على لبنان ليس مبنيا على أوهام فللقطريين علاقات واسعة ومتشعبة وهم من بين الدول العربية القليلة المهتمة بمراقبة الأوضاع الإقليمية بصورة دقيقة ولا بد أن لديهم من المعطيات ما يؤكد على أن الحرب على الأبواب ..".

============================

سياسات قديمة بوجوه جديدة

فهمي هويدي

مدونة فهمي هويدي 2/2011

ما أفهمه أن الصيحة التى دوت فى الفضاء المصرى داعية إلى رحيل الرئيس مبارك لم تستهدفه كشخص فقط، وإنما اعتبرته أيضا رمزا لنظام استنفد أغراضه وأجمعت الجماهير الغاضبة على رفضه.

وحين أعلن مساء أمس الأول «السبت 5/2) عن استقالة القياديين فى الحزب الوطنى فإن ذلك كان خطوة مستجدة على طريق تغيير الرموز والأشخاص.

ومن الواضح أن الإجراءات التى اتخذت منذ تفجير ثورة 25 يناير وحتى الآن تصب فى ذلك الاتجاه.

تندرج تحت هذا العنوان القرارات التى صدرت بإحداث تعيينات جديدة فى قمة السلطة، وتلك التى اتخذت بحق بعض الوزراء ممن أثيرت حولهم شكوك معينة، أو بحق بعض القيادات الأمنية التى اتهمت بالتآمر لإشاعة التخريب والفوضى فى البلاد.

وتلك كلها خطوات مرحب بها إلا أنها تظل محصورة فى دائرة تغيير الوجوه، ولم تمس تغيير السياسات من قريب أو بعيد.

استطرادا من هذه النقطة، فإنه يظل مستغربا للغاية أن يشمل التغيير رئيس الحكومة وقيادات الحزب الوطنى، فى حين يبقى رئيس مجلس الشعب فى مقعده الذى يجلس عليه منذ 21 عاما، وهى السنوات العجاف التى استخدم خلالها المجلس فى إحكام قبضة الاستبداد والتلاعب بالإصلاح السياسى، والتستر على مختلف مظاهر الفساد، كما تولى رئيس المجلس قمع وإجهاض كل محاولات محاسبة الحكومة أو ممارسة أية رقابة حقيقية عليها.

من المفارقات أن المجلس الحالى الذى يتفق الجميع على أنه تشكل بالتزوير والتدليس، يراد له أن يؤتمن على المرحلة المقبلة التى يفترض أن يتم خلالها ترتيب أوضاع ما بعد رحيل الرئيس مبارك.

 بما يعنى أننا حتى فى سياق تغيير الرموز والأشخاص أريد لنا أن نعول على مجلس مطعون فى شرعيته، على رأسه رمز مطعون فى استقلاله وعدالته!

من المفارقات أيضا إنه فى الوقت الذى تطلق فيه إشارات التغيير على مستوى الرموز والواجهات تتواصل عمليات اعتقال الناشطين.

وتتردد أنباء عن اختفاء أشخاص منهم وغياب أى أثر لهم. كما يجرى التضييق على الصحفيين القادمين لتغطية الأحداث. ولا أن ينسى أنه فى تلك الأجواء تم هجوم ميليشيات الأجهزة الأمنية ومعها مجموعات البلطجية على المتظاهرين فى ميدان التحرير. وقتلت ثمانية منهم فى يوم الأربعاء الأسود.

فى هذا الصدد فإننى لا أستبعد ما قيل إن هؤلاء وغيرهم من المجموعات التى أثارت الفوضى والتخريب يمثلون جهازا خاصا لا علاقة لوزارة الداخلية به، وذلك إذا صح فإنه إذا أخلى مسئولية الداخلية فإنه لا يبرئ النظام من المسئولية، لأنه هو الذى أنشأه وهو الجهة الوحيدة المستفيدة من ممارساته.

النقطة التى أريد أن أركز عليها هى أننا مازلنا بصدد إحداث تغيير محدود فى الوجوه والإجراءات، ولكن السياسات لم تتغير.

إن شئت فقل إن النظام لايزال يتبع نفس السياسات القديمة ولكن بوجوه جديدة.

وينبغى أن نلاحظ أنه حتى تلك التغييرات التى تمت فى الوجوه لم يقدم عليها النظام إلا بضغط من الجماهير الغاضبة،

بدليل أن استقالة قيادات الحزب الوطنى (الذى لا وزن له فى حقيقة الأمر) لم تتم إلا بعد عشرة أيام من انطلاق ثورة الغضب،

وأن التغييرات التى سبقتها لم تحدث دفعة واحدة، وإنما تمت على مراحل واكبت مؤشرات صمود الغاضبين المعتصمين فى ميدان التحرير، بحيث إنه كلما استمر ذلك الصمود كلما اتخذت خطوة متقدمة لاسترضاء المتظاهرين وامتصاص غضبهم.

وهذا الضغط الجماهيرى ترجم إلى ضغوط دولية عبرت عنها التصريحات التى صدرت عن المسئولين فى عدة عواصم عالمية.

الخلاصة أن ما يحدث الآن هو محاولة لكسب الوقت لإجراء جراحات تجميلية تتم بصورة تدريجية لتحسن وجه النظام وللإيهام بأنه يلبى رغبات الجموع الغاضبة، فى حين أن تلك التغييرات لا تتناول جوهر السياسات القائمة التى لم يطرأ عليها تعديل بعد.

وإذا قيل إن الوقت لايزال قصيرا لتقييم موقف الحكومة الجديدة، فردى على ذلك أن ثمة قرارات فورية تتعلق بالسياسات لا يتطلب إصدارها وقتا يذكر، مثل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإلغاء حالة الطوارئ وتنفيذ الأحكام القضائية النهائية واجبة النفاذ التى تسوِّف السلطة فى الالتزام بها.

إن القضية الأساسية التى يعنى بها النظام المصرى هى الاستمرار، وإذا كان قد أبدى استعدادا لقتل 300 شخص وجرح خمسة آلاف لأجل ذلك، فلا غرابة فى أن يضحى ببعض أبنائه وأعوانه لأجل بلوغ الهدف ذاته.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ