ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 23/12/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

السودان والخيارات المطروحة.. التخلي عن السلطة من أجل الوحدة

رامي أبو جبارة

2010-12-21

القدس العربي

 كم هو صادم وقاس عالم السياسة الذي اثبت عدم اتساعه للحالمين الرومانسيين ولا للرحماء ولا حتى لأصحاب المواقف والمبادئ الثابتة.

ابدأ بهذه العبارة لأنني ترددت كثيرا قبل أن اشرع في كتابة هذا المقال لأنه يعبر عن واقع مرير يصطدم بقناعات على ما يبدو أنها باتت منتهية الصلاحية في عصر العولمة هذا.

وقبل أن أخوض في الحديث أرى أن هناك توطئة لا بد منها حتى لا يساء فهم المقال، ومفادها أنه رغم تحفظ الكثيرين على طريقة وصول الرئيس البشير إلى السلطة، والتحفظ على العديد من سياساته المتعلقة بالحرب الأهلية سابقا والحريات والسياسات الاقتصادية، إلا أن الرئيس البشير وبسياسته المناوئة للمشروع الامبريالي في المنطقة استطاع أن يكسب الكثير من التأييد والتعاطف على المستوى الشعبي، لأن قرار المواجهة أو حتى الممانعة صعب وجدير بالتقدير في ظل بلوغ الامبراطورية ذروة توحشها واستبدادها، ولكن مرة أخرى أقول ان هذه العواطف لا مكان لها في المعادلات السياسية.

تبدأ القصة خلال لقاء عابر مع احد ارفع الدبلوماسيين السودانيين في لندن سابقا حين اسرّ للجالسين وقتها - قبل خمسة شهور- أن انفصال الجنوب سيقع عاجلا أم آجلا، وأقول اسرّ لأن مثل هذه التصريح كان محرما آنذاك، حيث يذكر الجميع رفض السودان بشكل مطلق في العاشر من أيلول/سبتمبر العام الجاري تصريحات هيلاري كلينتون التي أشارت فيها إلى حتمية انفصال السودان. ولكن في لقاء عقد مؤخرا بين مجموعة من الناشطين السياسيين والسفير السوداني في الأردن تحدث السفير مطولا عن الانفصال ومؤشرات حدوثه بشكل علني، وها هو التصريح الأخير لنافع علي نافع مستشار الرئيس السوداني يأتي في نفس السياق الذي رجح فيه احتمالية انفصال السودان. وما أردت توضيحه أن مجموعة المواقف هذه من الدبلوماسيين وكبار المسؤولين السودانيين لا تأتي في اطار الصدفة، وجميعها تصب في نفس الاتجاه وكأنها سيمفونيات باتت تعبر عن الموقف الرسمي وتعزف بشكل ممنهج للتمهيد للانفصال القادم.

ورغم أن جميع المعطيات منذ توقيع اتفاقية السلام الثانية وحتى الآن تشير إلى أن انفصال السودان اصبح مسألة وقت، الا أن التصريح الأخير لنافع علي نافع أثار غصة في القلب ما بعدها غصة، وأقول أن هذا التصريح بالذات أثار الغصة دون غيره من التصريحات والمعطيات الأخرى، لأن مسلسل اطلاق مثل هذه التصريحات بات يتكرر كثيرا في الآونة الأخيرة واصبح يشارك فيه حزب المؤتمر الوطني وبشكل رسمي على نحو يثير القلق ويرجح احتمالية ابرام صفقة توافقت فيها جميع اطراف الصراع المحلية والخارجية على الانفصال والتقسيم.

سأبدأ بسرد تسلسلي لاحتمالية ابرام صفقة من هذا النوع، حيث أن أولى هذه البوادر تعود إلى نيسان/ ابريل عام 2003 التي تمثلث بالاطاحة بنظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين رحمه الله، وكانت بمثابة فاتحة رسائل التهديد إلى حكومة البشير ومفادها، أن الادارة الأمريكية لن تتوانى عن اسقاط أي نظام يعارض مصالحها في المنطقة ورؤيتها لمستقبل الشرق الأوسط حتى لو كان ذلك عبر التدخل العسكري المباشر، مما أدى إلى مسارعة حكومة البشير إلى بدء التفاوض مع الحركة الشعبية لتحرير السودان ومحاولة انهاء الحرب الأهلية في نفس العام لتتوج تلك الجهود باتفاق السلام عام 2005.

رغم توقيع اتفاقية السلام التي أعطت الحق للجنوب بتقرير المصير الا ان الحكومة السودانية كانت جادة في المحافظة على وحدة السودان وسيادته، لتتوالى التهديدات الامريكية للرئيس عمر البشير والتصعيد ضده حتى وصلت الحملة ذروتها عقب اصدار مذكرة الاعتقال الدولية، مما شكل ضغطا كبيرا على شخص الرئيس البشير.

يرى المراقب للشؤون السودانية أنه حتى ذلك الحين كان الخط العام للحكومة السودانية هو المحافظة على وحدة السودان أولا حتى بعد اصدار مذكرة التوقيف المجحفة، وكان ذلك سواء عبر تصريحات المسؤولين السودانيين الشماليين وحتى مواقفهم من مسائل حساسة، مثل تحديد الشكل النهائي لمفوضية الاستفتاء وشروطه وترسيم الحدود بين الجنوب والشمال، أو عبر الممارسات على الأرض في أبيي وجنوب كردفان وغيرها. وعلى ما يبدو أن الحكومة السودانية كانت مستعدة لمنع الانفصال حتى لو كان ذلك عبر التراجع عن اتفاق السلام والعودة الى الحرب الأهلية، ومما يعزز مثل هذه الفرضية تصريحات وممارسات عديدة منها على سبيل المثال، دعوة الرئيس البشير عام 2008 بإعادة فتح معسكرات الدفاع الشعبي الذي اعتبرته الحركة الشعبية حينها بمثابة دعوة إلى الحرب. ولكن ما أن لمست الادارة الأمريكية نوايا الرئيس البشير هذه، خصوصا مع اقتراب موعد الاستفتاء، حتى صعدت وبشكل غير مسبوق ضده وضد حكومته حتى هددت بشكل مباشر في 15 أيلول من العام الجاري بالتدخل عسكريا حال منعه استفتاء الجنوب.

بعد هذا التهديد الصريح وتحديدا خلال شهر تشرين الأول/اكتوبر نرى الخلاف بين الرئيس البشير والحركة الشعبية يتأجج ويتهم الرئيس البشير قادة الجنوب بالتراجع عن بنود اتفاقية السلام تمهيدا منه لمحاولة إلغاء الاستفتاء، ولكن يعود ليعم هدوء نسبي غريب على الساحة السودانية بشكل عام وتصريحات الادارة الأمريكية ضد السودان بشكل خاص، حتى نتفاجأ بعرض أمريكي في التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2010 بشطب السودان من قائمة الارهاب، مقابل اقامة استفتاء الجنوب في موعده، وبطبيعة الحال أعتقد أن هذا العرض يشمل الكف عن الملاحقة القضائية للرئيس البشير.

أقول وبكل أسف ومرارة، يبدو أن سياسة العصا والجزرة الأمريكية أتت ثمارها في السودان بعد أن أيقنت الحكومة السودانية أن مساعي عرقلة الاستفتاء لن تفلح، والتي كانت آخر خياراتها لمواجهة الانفصال، ولذلك اختارت عقد صفقة مقابل البقاء في السلطة في شمال السودان على الأقل، وهذه الافتراضية تعززها التصريحات والمواقف المذكورة أعلاه وتلميحات من البشير نفسه في الاسابيع الاخيرة، وتحديدا في 2 كانون الأول/ ديسمبر 2010 عندما أعلن في كلمة القاها امام اجتماع مجلس شورى حزب المؤتمر الوطني الحاكم، أن انفصال الجنوب متوقع وأنه لن يعود للحرب في حال حدث ذلك.

أنا لا ابرر للرئيس البشير القبول بالانفصال ولكنني أرفض كذلك تحميله مسؤولية كل ما يجري في السودان. ولكن بعد أن فقد الرئيس عمر البشير فرصة اجهاض المساعي الانفصالية بتوفير مناخ أكثر ديمقراطية على الصعيد السياسي والحريات والتطوير الاقتصادي منذ توقيع اتفاقية السلام عام 2005 وحتى الآن، وها هو يفقد خيار عرقلة الاستفتاء لأنه سيؤدي إلى تدخل عسكري أمريكي والاطاحة بنظامه تماما وتفتيت السودان إلى دولتين وربما دويلات، كما أن الوحدة مع مصر - وهو خيار طرح مؤخرا - غير ممكن لعدة أسباب، أبرزها عدم رغبة الحكومة المصرية في ذلك، لم يعد أمام البشير الكثير من الخيارات لمواجهة الانفصال، وباعتقادي أن الخيار الوحيد والأنسب هو استقالة البشير من منصبه واتاحة الفرصة لانتخابات شفافة وديمقراطية ليختار الشعب السوداني العظيم بجميع أطيافه، حكومته على أساس برنامج عمل وطني ديمقراطي وحدوي يلبي طموحات وتطلعات كل فئات الشعب السوداني.

ختاما وبعد اعطاء الفرصة لمبادرة الرئيس البشير الأخيرة بالتنازل عن آبيي مقابلة الوحدة، وأنا اعتقد أن التوافق عليها أمر مستبعد كون المسألة أكبر من آبيي، وإذا كان الرئيس عمر البشير جادا في مساعي الوحدة، يجب عليه التضحية من أجل الوحدة ولن يكون ذلك إلا بالتخلي عن السلطة والسماح بتداولها بشكل ديمقراطي وسلمي، على غرار ما فعله طيب الذكر المشير عبد الرحمن سوار الذهب. وأختم وأقول فليكن شعار المرحلة التخلي عن السلطة وليهتف جميع السودانيين بصوت واحد نعم للوحدة، نعم للعدالة والديمقراطية، لا للانفصال وألف لا للتدخل الأمريكي- الصهيوني بجميع أشكاله.

' كاتب من الأردن

=====================

قُطبية الإقليم العربي الضائعة و «محور الإستقرار الإقليمي» الجديد..!؟

راكان المجالي

الدستور

22-12-2010

مع كلّ "عمل إرهابي أو إستيطاني أو قهري" ، يُمارسه العدوّ الإسرائيلي ، ضدّ الفلسطينيين ، أصبح الردُّ المطلوب أو "القرار" يتسارع في الإبتعاد "عن قلب النظام العربي" ، باحثاً له عن مركزْ جديد "خارج الإقليم" ، بشرطْ وحيد هو ألا "تكون إسرائيل ، بعنصريتها المتوحشة" ، جزءاً أو "شريكة فى صنع القرار" ، كما يقول المفكّر العربي جميل مطر. ومع كلّ "عملْ إرهابي" محليّ ، تتبنّاه قوى دينية متطرّفة ، أو أخرى غامضة ، فإنّ الردّ السريع ، أو "القرار" ، أصبح يعرف طريقه مباشرة ، باتجاه الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية. فماذا يعني هذا..؟،

في النظامين ، الدولي والإقليمي ، حدثت متغيرات كثيرة وعنيفة ، ولا تزال مستمرّة في الحدوث. دولياً ، إستقرّ النظام العالمي الجديد ، نسبياً ، على عالمْ بقطبْ واحدْ ، تحتلّ فيه أمريكا مركز القيادة ، بعد أن إحتوت أو دجّنت الدول الأوروبية ، كقوى إقتصادية عملاقة ، خارجة لتوّها من الحرب الباردة ، التي لم تكلفها شيئاً ، بفضل تكفّل الولايات المتحدة بحمايتها ، ومغترّة ب "درجة إندماجها الإجتماعي والسياسي" ، التي مكّنتها أخيراً من صناعة الإتحاد الأوروبي الموسّع. حيث عاندت أوروبا ومانعت ، في البداية ، الولايات المتحدة ، في رؤيتها وإستراتيجيتها في "الحرب على الإرهاب" ، لتعود تلك الدول الأوروبية إلى الإندماج مجدداً في تلك الرؤية وتبنيها ، ولكن بشيءْ من الإستقلالية النسبية ، التي تُمكّنها من المناورة ، وتحقيق بعض المصالح والمكاسب في ترتيبات وجغرافيا "نظام العالم الجديد". ما قد يُفسّر المزاحمة الأوروبية للولايات المتحدة في "الشرق الأوسط" ، بطرح مشروع "الشراكة الأوروبية المتوسطية" ، اعتقاداً من الأوروبيين بفشل المشروع الأمريكي المعروف ب"الشرق الأوسط الكبير" ، في محاولة لصناعة "نظامْ إقليمي جديد" ، في المنطقة العربية.

أما إقليمياً ، فلا بدّ من الإعتراف بتفكّك و"إنفراط" مركز صناعة القرار العربي ، سواء كان ذلك على مستوى الجامعة العربية ، أو على مستوى دولة "المركز أو المحور" العربية ، القادرة على صناعة القرار العربي ، تجاه قضايا المنطقة. وربما كان ذلك أمراً طبيعياً ، بانهيار نظام عالمي وولادة آخر ، قاربت ملامحه كاملة على الإكتمال.

 

في تلك الأثناء ، حدثت التغيّرات الأبرز في "النظام الإقليمي العربي" ، إذ: إنحلّ النظام ، وبدأ في الإنصهار في نظام آخر ، غير محدد الملامح تماماً. وتردّدت دولّ عربية في الإندماج في "نظام إقليمي شرق أوسطي" ، ومانعت أخرى ، وآثرت أخرى الإنفكاك أولاً ، وعلى طريقتها ، مؤثًرَةً الإنخراط في علاقات ثنائية مع "تكتلّات إقليمية ودولية أخرى" ، لتوافق في النهاية على "بناء نظام إقليمي غير عربي". ذلك أنّ حُمّى التسارع الغربي في ممارسة الضغوط ، وفرض "نظام شرق أوسطي" ، أغفلت الراسب الثقافي والديني العميق ، بإصرارها على حضور بارز وقيادي ل"الدولة العبرية" ، في النظام المأمول.

ولم يُسعف الإدارتين الأمريكيتين ، السابقة والحالية ، تسريع وتيرة محاولاتها لحلّ "القضية الفلسطينية ، كيفما أتفق ، والتي جاءت نتيجة لنصيحة عربية. ذلك أنّ العقدة "السياسية اليهودية" ، ومضامين إستغلال المشروع الصهيوني لها ، تركت في وجدان المنطقة رواسب وتراكمات ، يصعب التخلّص منها ، حتى بحلّ القضية الفلسطينية ، وعلى نحوْ شبه عادل ، كما يأمل البعض..،؟

في حقبة الضغوط الغربية ، لتمرير المشروعات الإقليمية ، كانت "مواقع النفوذ والقوة" ، في داخل النظام العربي ، تتغيّر بسرعة مذهلة ، وربما بشكلْ مُخًلْ. فانقلبت جذرياً وتغيرت "قواعد القيادة والتوجيه" ، وفقدت القيادة إستقرارها النسبى ، على نحوْ استعصى على "إقامة حلف أو محور قيادة" ، كما هي عادة النظام العربي تاريخياً. وفي الوقت نفسه ، تزايدت قوة ونفوذ عناصر بعينها ، في توجيه سياسات دول المنطقة ، وهي التي تُعرف بأنّها "عابرة للقومية والدولة والإقليم". وفي الجانب الآخر من المشهد العربي ، وفي اللحظة نفسها ، تزايدت ، في المجتمعات العربية ، قوة ونفوذ العناصر التي تنتمي إلى ما قبل الدولة ، كالقبيلة والطائفة والعائلات المتنفذة. وكلّها عناصر ساعدت مجتمعة على "إنفكاك" الدولة العربية عن نظامها الإقليمي القديم. فإنفتحت ، في الإقليم ، أبواب جهنّم ، لعواصف عاتية ، ومن أربع جهات الأرض: فما بدا ثابتاً لم يعد كذلك. وما كان مستقرّاً بدأ يترنّح بعنف. وإنحسرت القيم "القومية والتنويرية والنهضوية والثقافية" ، لتتهيّج الأقليات(إثنية ودينية ومذهبية وثقافية..) بعدها ، وتفرّ في كلّ الإتجاهات ، بحثاً عن ملاذات آمنة..،؟.

 

وفي الزحف الغربي الجارف على المنطقة العربية ، بمشاريع تنظيمه الإقليمية ، لم يكن مسموحاً لتركيا أنّ تُدير وجهها ، ولو قليلاً ، إلى الشرق ، نحو محيطها وإمتداها الطبيعي ، ولا أن تُقدّم صورتها في الإقليم بملامح أفضل. وبإلإضافة إلى ذلك ، فإنّ الغرب لم يكن مستعدّاً لتقبّل الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، كعضوْ في الإقليم ، كما هي ، وبعناصر قوتها الجديدة. وبإنهيار المحاولات الغربية لفرض نظام إقليمي جديد ، تألّقت تركيا في سماء المنطقة ، عبر "ممارسة خصومات طارئة" ، وبشكلْ جادّْ وإحترافي ، مع "الدولة العبرية" ، بمجازفةْ غير معهودة ، منذ العدوان الإسرائيلي على غزة. وواصلت إيران "تطاولها وتجاسرها" ، على جوهر الفكرة الغربية ، الأكثر تكراراً في العالم ، المسماة "أمن إسرائيل وحقّها فى الوجود". لتصل الدولتان أخيراً إلى الإعلان من طهران: أنهما تُمثّلان "محور الإستقرار الإقليمى فى المنطقة". والنتيجة: محور إقليمي غير عربي ، وبشعارات إسلامية ، يُقدّم نفسه للعالم ، والغرب خصوصاً ، على أنّه "محور إستقرار إقليمي" جديد ، في مقابل حالة عربية تتشظّى في فوضى الفشل الغربي المتكرّر ، في فرض نظام إقليمي موسّع ، تكون فيه "إسرائيل" مهيمنة ، كقاعدة غربية ثابتة في المنطقة. عجزّ تتجلّى تعبيراته في محاولات عربية فردية ، لعقد تحالفات إقليمية ودولية منفردة ، مع قصور عربي شامل عن القدرة على إنتاج أيّة صيغة قُطبية ذاتية عربية ، تكون فيها قادرة على المشاركة بالحدّ الأدنى في شؤون أمن الإقليم..،؟

التصريحات والممارسات السياسية والإستراتيجية التركية ، تقول أنّ المنطقة تعيش فترة تكوّن "نظام يتطوّر فى إتجاه نظام إقليمى متعدد القوميات" ، بقيادة أنظمة قومية بشعارات إسلامية ، ومركزها بعيد عن "منطقة القلب العربى". أما الإيرانيون ، فتصريحاتهم وممارساتهم تقول باليأس والإحباط من "قدرة الدول الفاعلة فى النظام العربى على حماية الإستقرار الإقليمى" ، و كذلك تُعبّر بوضوح "عن حاجة شعوب الإقليم ، من العرب وغير العرب ، إلى قيادة جديدة ، وأن تكون غير عربية"...،؟.

نعيشُ ، وتعيشُ المنطقة آخر لحظات إنكشاف النظام الإقليمي العربي ، والوحش الغربي يربض فيها وحولها ، مُنهَكاً ومُحطّمَ الأطرافً والأنياب ، ويُجرجرُ ببطء شديد ذيل آلته العسكرية المنهكة. في حين يُجازف اللاعبون الإقليميون ، وبعضُ الدوليين ، ويتجرّأون على كلًّ شيء ، في لحظة تاريخية وإستراتيجية كاشفة ، ناهيك عن محاولات تصعب تسميتها ، لقوى كانت ذات يومْ عظمى..،؟ أما العرب ، فمشدوهين بسيولة اللحظة التاريخية ، ومأخوذين بتأمّل مشهد الوحش الجريح..،،

=====================

الأمن الإسرائيلي بين السلم والحرب

أيوب سالم عالية

الرأي الاردنية

22-12-2010

يتفق المحللون العسكريون والسياسيون، على أن الأمن الإسرائيلي هو مفتاح الحرب والسلام، لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وتعرض هذا الأمن للخطر، هو الذي يدفعها لتعد العدة لشن أيّ حرب قادمة. فهل أوضاع المنطقة الراهنة، تجعل إسرائيل تفكر جدّياً بشن حرب؟ هناك وجهتا نظر في الرد على هذا السؤال المطروح، فالوجهة الأولى، ترى أن الأوضاع الراهنة، إذا استمرت على وضعها الحالي، بلا أيّ تغييرات، فإنها تشكل الوضع الأفضل لدولة الاحتلال، خصوصاً وأن هذا العامل لا يكبدها أيّ خسائر بشرية أو خسائر في المنشآت العسكرية أو المدنية، وعلى ذلك فإن أصحاب هذا الإتجاه يستبعدون حرباً جديدة وينطلقون في ذلك من معطيات الواقع العربي، ومن الانقسام الخطير في الساحة الفلسطينية كسلطتين كل منها تدعي الشرعية، واحدة في غزة والثانية في الضفة الغربية، كما أن هذا الانقسام صاحبه تشرذم الثوابت الفلسطينية السياسية، وأصبحت محصورة في فتح المعابر ورفع الحصار عن قطاع غزة، والمصالحة بين حركتي حماس وفتح وتوقيع الورقة المصرية. وليس هذا فحسب فإنهم يبررون وجهة نظرهم أيضاً بالهدنة غير المعلنة بين إسرائيل وحماس، حيث لم تعد تطلق صواريخ من قطاع غزة إلى داخل إسرائيل، بعد العدوان على القطاع العام 2008، وإضافة إلى ذلك استمرار الاستيطان في القدس، وأنحاء الضفة الغربية، وان إسرائيل أيضاً استطاعت أن تسحب نقاط القوة من المفاوض الفلسطيني. كل هذه العوامل لا تتطلب اتخاذ قرار بشن حرب جديدة، لكن هذه الوجهة لا تستقيم إطلاقاً، بل وتتناقض تماماً مع ما يشعر به الناس وما يقوله المحللون بأن الوضع الحالي قد ينفجر في أيّ لحظة وأن السيل بلغ الزبى، كما أن الشعب الفلسطيني، قد وصل الآن إلى أقصى درجات الغليان، بسبب ممارسات إسرائيل على الأرض، وضد هذا الشعب المقهور، ولأنه يرى أنه حلمه في الاستقلال بدأ يتلاشى تدريجياً، لذا فإن هذا الفهم لم يدخل إلى جوهر المعادلة السياسية، لأن التجارب أثبتت عكس ذلك فإن إسرائيل كما نعلم من تاريخها العسكري تضع في حسبانها بجميع الاحتمالات والخيارات، وتعد في الوقت نفسه السيناريوهات المتعددة، لتنفيذ كل خيار، بما يحقق أمنها وحساباتها الخاصة بها، لذا فإن هذه الوجهة خاطئة، فإسرائيل لا تعول إطلاقاً على عامل الوضع الراهن الأفضل بالنسبة لها، لأن القادة الإسرائيليين يضعون في حسبانهم دخول أي متغيّر طارئ على الوضع الراهن الأفضل، مما يؤثر على معادلة الأمن الإسرائيلي، الأمر الذي يضطر إسرائيل إلى تنازلات، مما يجعل الحرب مهرباً لها من أيّ ضغوط، لإلهاء المجتمع الدولي بالحرب ونتائجها حتى تعود المنطقة إلى المربع الأول. والخيارات الإسرائيلية بشن حرب قادمة «متعددة الأماكن»، فقد تكون بشن حرب على حماس في قطاع غزة، أو على حزب الله في الجنوب اللبناني أو سورية. وأقرب الخيارات وأسهلها بالنسبة لإسرائيل من الهجوم على قطاع غزة، وهو الأقرب للتفكير الإسرائيلي، ويظهر ذلك من التهديدات العلنية المتصاعدة من العسكريين والسياسيين الإسرائيليين بشن حرب على القطاع ستكون أكثر عنفاً ودموية من عدوان العام 2008، ثم ما أشارت إليه الصحف الإسرائيلية في الفترة الأخيرة، بأن الجيش الإسرائيلي أقام في النقب مدينة تشبه مدينة غزة، لتدريب الجنود الإسرائيليين على حرب الشوارع داخل المدن، وليكونوا جاهزين لتنفيذ أي أوامر بالحرب، وكذلك لمقاومة الضغوط لفك الحصار عن القطاع، وكذلك الأمر الإدعاء الإسرائيلي بأن حماس مستمرة في التسليح والإعلام الإسرائيلي الذي يقول ظهور خلايا للقاعدة في القطاع لايجاد مبررات للعدوان، وهذا ما نفته سلطة حماس، فهل يستطيع الفلسطينيون في قطاع غزة الصمود، ورد العدوان الإسرائيلي، خصوصاً وأن سيناريو الحرب الجديدة على القطاع، ستتخذ وجهة جديدة، حيث سيعمل الجيش الإسرائيلي على احتلال القطاع كاملاً.

=====================

عفوا.. أنتم لستم تركيا!

حسين الشبكشي

الشرق الأوسط 20/12/2010

الحركات الحركية السياسية الملتحفة بالدين الإسلامي في المنطقة لا تكل ولا تمل عن الاستمرار بالإشادة بنجاح التجربة الإسلامية في تركيا والمتمثلة في رجب أردوغان وعبد الله غل، ومحالة إفهام الناس أن التجربة التركية هي تماما ما سيقدمونه هم. وحقيقة هذه الفرضية لا يملك العاقل أمامها سوى الابتسام والضحك؛ لأن النجاح الحاصل (وهو نجاح مهم وباهر) لرجب أردوغان وعبد الله غل في تركيا لم يكن ليتحقق إلا لوجود مناخ علماني وقانوني صريح يمنع الاستبداد والقهر والإقصاء وسلب الحقوق عبر قرارات «شخصية» متعصبة، سواء أكانت باسم الانتماء العرقي أو الطائفي أو المذهبي. هذه هي الحقيقة التي يجب أن تكون واضحة. المنظومة الحاكمة الناجحة جدا في تركيا اليوم نجحت لأنها راعت وبحس تنموي متطور مفهوم الاقتصاد الليبرالي المعتمد على تسهيل قواعد وقوانين الاستثمار وكسر الاحتكار ومحاربة الفساد وتحسين معدلات الشفافية والمساءلة والمحاسبة ورفع المعايير والمواصفات للحكم الرشيد في كافة المجالات، سواء أكانت السياسية منها أو الاقتصادية أو القانونية، وهو الذي استشعرته شرائح كبيرة من الناس في تركيا، وبالتالي رفع الإحساس بالاعتزاز والمفاخرة بالهوية المرتبطة بالإنجاز (فالإحساس الحقيقي بالانتماء يتعزز بالأرقام وتحسن مستويات المعيشة، وليس بالشعارات والأغاني الوطنية). وهذا طبعا انعكس على الدول المجاورة لتركيا، وولّد الإعجاب بالتجربة التركية والغبطة بما حصل فيها. بل إن التجربة التركية الحالية (وهي الأنضج والأعقل منذ الحركة الأتاتوركية التي أطلقها كما أتاتورك) حسنت من الحال الحقوقي لشرائح كبيرة من المجتمع التركي، مثل الأرمن والأكراد والعلويين مثلا، وكذلك الاحترام للحجاب بعد أن كانت تعامل مرتديته بالتفرقة والظلم الواضحين. حتما التجربة التركية، حتى بنكهتها الإسلامية، هي نتاج «انفتاح» فكري كبير، لا يمكن إغفاله، هذا الانفتاح الذي كان خلاصة الانصهار التركي الفريد كدولة، وهي نتيجة وجود وتوالد حضاراتي وأممي، سواء بموقعها الخاص بين أوروبا وآسيا، أو بعلاقاتها المترابطة بين الشرق والغرب والعرب والعجم، مما ولّد فقها وفكرا سمحا ووسطيا بحق، بحيث لم يعد هناك وجود للبغض والكره ونبذ الآخر من منظور ديني (وإن كانت هناك مواقف تركية ضد الأرمن والعرب في بدايات القرن الماضي نتاج ظروف سياسية معينة وليس نتاج مفهوم فقهي وديني مبني على تكريس وتأصيل إقصاء الآخر المخالف). وهذا هو صميم الاختلاف بين التجربة التركية والحركات الحركية الإسلاموية بكافة أشكالها وأسمائها، فهي مغرقة في التشدد والانغلاق وحصر الآراء من منبع واحد والاستبداد ورفض التوسع على الآخرين والبعد عن مفهوم التسامح بمعناه الإنساني الكبير. نجاح التجربة التركية الباهر، وبشكل استثنائي، هو القشة التي يتعلق بها كل منتم للحراك السياسي الإسلاموي، ولكن المسألتين لا علاقة لهما ببعض، لأن الفكرة الأولى ناجحة لقيامها على أسس واضحة وصريحة لم يدخل فيها الدين لا كشعار ولا كأسلوب ولا كأداة، وبالتالي لم يكن هناك مزايدة ولا ادعاء بأفضلية فريق على آخر وترويجه لفكرة أنه الأقرب إلى الله وبالتالي جدارته للوصول للحكم ليكون نائبا عنه في الأرض. التجربة التركية هي تجربة مدنية بامتياز وهي نجاح فريد لشخصيتين ملتزمتين بأخلاق ونهج إداري مميز وفعال، وعلاقتهما برب العالمين لا يطلع عليها إلا رب العالمين.

====================

أسلمة أوروبا وعلمنة الدول الإسلامية

فؤاد حسين

الرأي الاردنية

22-12-2010

يحق للدول الأوروبية أن تخشى من أسلمة مجتمعاتها، ليس لأن الإسلام يشكل خطرا على تلك المجتمعات، بل لأن تلك الدول جهدت منذ القرون الوسطى في «تحرير» بلدانها من الدين، مطلق دين، مما يبطل إدعاءهم أن اوروبا ناد مسيحي، فهي لا تمت بصلة للمسيحية ولا لأي دين، من هنا باتت المجتمعات الأوروبية خاوية روحيا وفكريا، ومهيأة لإنتشار الإسلام، .

 

تقول الدراسات الأوروبية أن الذين يذهبون الى المساجد في لندن يوم الجمعة أكثر من الذين يذهبون الى الكنائس يوم الأحد رغم أن عدد المسيحيين في لندن يبلغ سبعة أضعاف عدد المسلمين. وفي دراسة للدكتور محمد عمارة فإن الأوروبيين الذين يؤمنون بوجود اله أقل من 14 في المائة والذين يذهبون الى القداس مرة في الأسبوع في فرنسا «بنت الكاثوليكية وأكبر بلادها»، أقل من خمسة في المائة من السكان أي أقل من 3 ملايين أي أقل من نصف عدد المسلمين الفرنسيين». وأن 10 في المائة من كنائس إنجلترا معروضة للبيع، وفي ألمانيا توقف القداس في 100 كنيسة أي 30 في المائة من كنائس إبراشية آيسين وحدها، وفي إيطاليا بلد الفاتيكان غنت مادونا في إحدي الكنائس التاريخية بعد أن تحولت إلى مطعم، مضيفا عمارة: «إن تلك المؤشرات تدل على إفلاس الكنائس الغربية في عقر دارها. مما يعني أن اوروبا باتت قارة لا دينية، تعمل على تصدير علمانيتها وبالقوة الى الدول الاسلامية بدعوى الديمقراطية والحرية.

 

المؤتمر الذي عقد في باريس تحت شعار مناهضة أسلمة اوروبا مؤخرا، يعبر تعبيرا حقيقيا عن إنجراف المجتمع الأوروبي في العقود الأخيرة نحو اليمين المتطرف الفاشي الرافض للتعايش مع الأفكار الأخرى، والرافض للتعدد العرقي والثقافي في مجتمعاتهم، رغم إدعاء الأوروبين وتشدقهم في الديمقراطية وحرية الرأي. ففرنسا التي ملأت الدنيا إدعاء بأنها عاصمة النور وعاصمة ثورة الاخاء والمساواة لم تعد تحتمل أن ترى في شوارعها امرأة محجبة، بل باتت مركز استقطاب لليمين الأوروبي المتطرف لتنظيم المؤتمرات المنادية بوقف أسلمة اوروبا، تلك فرنسا هي نفسها التي تضع كل ثقلها ونفوذها لتجبر السلطة الفلسطينية على إطلاق سراح معتوه إدعى أنه الله، في سابقة هي الأولى بعد فرعون!!، في سياق الضغط الغربي على الدول الإسلامية لدفع التبني تشريعات غربية علمانية، لتصبح مثلها دولا لا دينية.

 

قبل قرابة ستة أشهر، عقد في الكيان الصهيوني ، مؤتمر دولي برعاية نائب الكنيست الصهيوني «آرية إلداد»، رئيس حركة «هتكفا» اليمينية المتطرفة ، والهدف هو إبراز مخاطر انتشار الإسلام في القارة الأوروبية، ودراسة السبل الكفيلة لوقفه، وقد ركّز المؤتمر على تطمين الصهاينة على أنّهم لا يقفون وحدهم في مواجهة الإسلام . وأنّ العالم الغربي شريك لهم ، وقد وجّه النائب الصهيوني «إلداد» الدعوة لعدد كبير من الخبراء ، والباحثين في مجال مكافحة ما يطلق عليه «الإرهاب الإسلامي»، وعلى رأس الذين دعاهم ، الكاتب الأميركي المعروف دانيال بايبس ، والنائب الهولندي المشهور بمواقفه العدائية للإسلام «أخيرت فلدر» ، وقد قدَّم هذا النائب الهولندي ورقة أبرزتها وسائل الإعلام الصهيونية ووصفته بأنه شديد الإعجاب ب» إسرائيل « دعا فيها لتشكيل ائتلاف دولي من الأحزاب القوميّة لمحاربة تنامي الإسلام.

إذا المسألة ليست حماية أوروبا من إنتشار الإسلام، بل إبقاء أوروبا داعما للأطماع الصهيونية، ليبقى الإحتلال ويبقى الظلم، بحجة الخوف من أسلمة أوروبا.

=====================

فائض التطرف في إسرائيل

كريستوفر هيتشنز

(كاتب عمود في مجلّة

 State magazine)

الاتحاد الإماراتية

الرأي الاردنية

22-12-2010

في نظر اليمين الإسرائيلي يُعتبر من يهتّم بالأحزاب المتزمتة دينيّاً «تلميذاً» مجتهداً وخاصة إذا كان مثابراً على حضور العِظات الأسبوعيّة التي تُقام يوم السبت ويترأسها الحاخام عوفاديا يوسف، وهو رجل دين يهودي شديد التطرف وُلد في العراق.

ويغدق هذا المتشدد السفارديمي (اليهودي الشرقي) من على المنابر على مستمعيه المتشددين دفقاً خطابيّاً من ثقافة التطرف، وغالباً ما يذيع معلومات ويطلق تصريحات نافرة نادراً ما تخيّب آمال المتطرفين.

ومنذ أشهر عدّة، أرضى غرور حضوره اليميني الديني بحديثه الصاخب الذي ألقى فيه اللعنات على الفلسطينيين العرب وقادتهم، متمنيّاً أن يصيبهم وباء يكسحهم كسحاً تاماً من على وجه الأرض.

وفي شهر سابق، أعلن أنّ غير اليهود وُجدوا لتقديم الخدمات الوضيعة لليهود فحسب! وبعدئذٍ، نوّه إلى أنّ دورهم العجيب هذا قد وصل أيضاً إلى نهايته. وبعد أسابيع معدودة من العِظة، قيل إنه اضطر إلى سحب الكلمات العنصرية الكريهة التي تلفّظ بها وذلك بعد موجة هائلة من الاحتجاجات. أمّا بالنسبة للعظة الثانية فما زالت، على حدّ علمي، قائمة ولم يصدر أي اعتذار عنها.

ولكن لماذا علينا، بحقّ السماء، إعطاء أهميّة لتُرّهات ذلك الشخص الغارق في ظلام القرون الوسطى الذي يطعّم كلامه عن غير اليهود في فلسطين مطلقاً عليهم أوصاف كراهية مثل «الأفاعي» و»المخلوقات الأقلّ شأناً» وما شابه ذلك من إسفاف رخيص؟ في نظري أن من بين الأسباب التي تدفعنا إلى ذلك أنّه عمليّاً يعتبر القائد الروحيّ لحزب «شاس»، وعضواً مؤثراً في تحالف حكومة نتنياهو.

كما يحمل عضوا الحزب: وزير الداخلية إيلي يشاي، ووزير البناء والإسكان أريل أتيّاس، محفظتين أساسيّتين في التشكيل الحاكم.

وقد دغدغ الوزير «يشاي» بخطاب شعبوي فج مشاعر يهود الشتات بقوله إنّ اليهود المهتدين من خلال التوجّه الأرثوذكسي هم وحدهم من يحملون فعلًا «الجينات اليهوديّة». كما دعم زعيم آخر من حزبه يدعى عطية تطبيق سياسة العزل ضد المواطنين العرب في إسرائيل. وأيد علناً عزل اليهود الأرثوذكس عن جيرانهم المدنيين، منوّهاً إلى أنّه لا يرغب أبداً في أن يخالط أولاده نظراءهم غير الدينيّين. ومن المعروف أنّ وزارة «يشاي» أصدرت قرارات جديدة بشأن الإسكان ما وراء الخط الأخضر وفي الأراضي المتنازع عليها. وفي بعض الأحيان، ادعى نتنياهو نفسه أنّه تفاجأ بتلك القرارات.

وفي هذه الأجواء جاء الانزعاج الذي شعر به نائب الرئيس الأميركي عندما تمّ في وقت سابق من هذه السنة الإعلان عن بناء مستوطنات جديدة وذلك خلال زيارته المهمة لإسرائيل. وبشكل مماثل أستثيرت، مؤخراً حفيظة أوباما ووزيرة خارجيته حين تمّ تنظيم حملة استيطان جديدة خلال زيارة أوباما لآسيا ونتنياهو للولايات المتحدة.

على أن قائمة المتشددين تشمل أيضاً أفيجدور ليبرمان المنوط به العمل الدبلوماسي حيث لا يسكن في البلد الذي يترأس فيه وزارة الخارجيّة؛ وإنّما يفضل السكن في الضفة الغربيّة في مستوطنة «نوكديم»، التي يعيش فيها أقلّ من ألف نسمة. ويترأس حزب، «إسرائيل بيتنا»، الذي يزعم أنه حزب قومي غير دينيّ. وفي ماراثون المنافسة بينه وبين الحاخام عوفاديا يوسف، المذكور أعلاه، حول الخطابة العنصرية والإسفاف الفارغ المناهض للعرب، لا نعلم من سيكون الرابح، في النهاية.

وفي المقابل، قرأنا كثيراً عن حوافز تجميد الاستيطان بهدف إغراء نتنياهو ب»مجموعة من الحوافز الأمنيّة والمقاتلات بالغة التطور» وبوعد من حكومة الولايات المتحدة باستعمال حق النقض «الفيتو» لمواجهة الفلسطينيين عند إعطاء أي اقتراح معاكس في الأمم المتحدة.

وفي وقت كان فيه نتنياهو يُعيد النظر في ذلك العرض، يبدو أنه لم يكن واثقاً من قرار حكومته: «هل ستوافق على صفقة الولايات المتحدة أم لا». وبكلمات أخرى فقد كان في انتظار رأي الحاخام يوسف والوزراء يشاي وعطيّة وليبرمان الذين يمتلكون كثيراً من أوراق الضغط عليه ضمن ائتلافه اليميني المحافظ.

ولكن يا لإهانة أميركا بالفعل. فبغضّ النظر عن رأي هذه المجموعة من المهرّجين والسفّاحين والعنصريين في ما يخصّ عرض أوباما-كلينتون هذا، فقد كان من المفترض أصلاً الإسراع بسحب العرض من على الطاولة دون تأخير.

أما صلابة منطق وجوب وقف الاستيطان فلا تحتاج أبداً إلى أدلة. فلتأمين جوّ ملائم للمحادثات وفق مقتضيات حل الدولتين، ولكي تكون نتائج هذه المحادثات واقعيّة إلى حدّ ما، يُعتبر وجود أرض تُبنى عليها الدولة الثانية ضروريّاً، بحيث يمكن للشعب الآخر في فلسطين أن يحكم نفسه بنفسه. ولذا تهدف الأحزاب الإسرائيليّة المتطرّفة الثيوقراطيّة والشوفينيّة المتعصّبة إلى ضمّ مساحات كافية من الأراضي لإجهاض هذا الحل وجعله غير ممكن عمليّاً، أو طرد الشعب غير المرغوب فيه أو قمعه.

وفي الواقع ما أسهل فهم سياسة نتنياهو: تضييع الوقت بطلب إجراء تنازلات على أمر تمّ الاتفاق عليه من الأساس، وتهدئة المتطرّفين المعيّنين في حكومته، وانتظار الفرصة للوم الفلسطينيين على ردّ فعلهم لتحميلهم مسؤولية إخفاق العملية السلمية المحتوم.

لكنّ اللغز الوحيد هو: لماذا ترضخ الولايات المتحدة ببؤس لتلقي تلك الإهانات على يد دولة «واقعيّة» كهذه؟ الحال أن رأي الحاخام المتعصب يوسف المزدري لغير اليهود عموماً إنما يعكس المبدأ التقليدي المعروف ب»الشبث غوي» shabbas goy: غير اليهود الذين يُدفع لهم رسم ضئيل مقابل إطفاء الأنوار أو إيقاد الموقد أو القيام بأي عمل آخر لازم يدور حول الأنظمة المزعجة المرتبطة بحفظ السبت. فكيف يمكن للصقر أن يضحك على نحو متقطّع عند رؤية غير اليهود تتم رشوتهم ليقوموا بعمل وضيع؟!

ولَكمْ هي حقارة أن نتورّط نحن في خرق القوانين الدوليّة وانتهاك قرارات الأمم المتحدة والنكوث بالوعود المرتبطة بالانتخابات، فضلًا عن سلب حقوق شعب وإبعاده؛ علماً بأننا أعطيناه كلمتنا سلفاً. ولكن لابدّ أن تتم ملاحظة هذا الضعف المرتبط بالجبن في مكان آخر، ومن قبل أشخاص غير مرغوب فيهم، وعلى الأرجح سنُجبر على الندم على فعلتنا هذه. وحتّى في يومنا هذا، نقولها صريحة: يا له من عار!

=====================

دولة الأوهام الفلسطينية في عصر انهيار الدول العربية التي أقيمت بالأمر!

طلال سلمان

السفير

22-12-2010

مفرحة هي الأخبار المبشرة بأن العديد من دول أميركا اللاتينية، تتصدرها أكبرها: البرازيل والأرجنتين وفنزويلا، قررت - ولو متأخرة - الاعتراف ب«الدولة الفلسطينية»، التي لا تزال في منزلة بين منزلتي الحلم والاحتمال، وعلى حدود الرابع من حزيران - يونيه - 1967، فور إعلان قيامها.

على أن هذه الأخبار المفرحة ينبغي ألا تنسينا ما سبقها وواكبها وسيأتي بعدها من تطورات مقلقة، بل محزنة، تتصل بواقع الدول العربية القائمة تحت أثقال خطايا أهل النظام العربي وأخطائهم، ما يجعلنا أمام مسلسل من المفارقات:

÷ المفارقة الأولى أن هذا التعهد بالاعتراف بدولة فلسطينية يصطدم بواقع ان الأرض (وربما الإرادة، عربيا) لا تزال رهينة لدى الاحتلال الإسرائيلي الذي يحاول شطب شعبها والتهام أرضه الوطنية بالمستوطنات، والمزيد من المستوطنات، التي يستورد لها المستوطنين، الذين سيصيرون «سكانها»، وبالتالي «المواطنين» في دولة يهود العالم «الديموقراطية»، على حساب بُنَاتها من أهلها، على امتداد ألفي سنة او يزيد.

÷ المفارقة الثانية ان هذه المبادرة التي تقدم عليها دول اميركا اللاتينية لأسباب مبدئية، تجيء بينما العديد من «الدول» العربية القائمة ككيانات سياسية منذ عشرات السنين، لها من يمثلها في جامعة الدول العربية وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي قد يرفعها نظام القرعة الى عضوية مجلس الأمن الدولي أحيانا، تزلزلها النزعات الانفصالية المتعددة الأسباب والمصادر.

فها هو السودان ينشطر الى «دولتين»، شمالية وجنوبية، مع توقعات جديدة عن تفاقم الحالة الانفصالية وإغراءات «الاستقلال» والتي تنذر بولادة «دول» أخرى في الشرق (دارفور) وفي الغرب، بل حتى في بلاد النوبة شمالاً.

وها هو العراق تأخذه النتائج المباشرة للاحتلال الاميركي الذي ورث عن الطغيان دولة مصدعة البنيان، وشعباً مقهوراً مطارداً في حياته وفي رزقه، الى أنواع من الانفصال السياسي (والاقتصادي بإغراءات النفط) بين جهاته الجغرافية وتركيبته الديموغرافية والطائفية والمذهبية: الشمال الكردي، والوسط السني، والجنوب الشيعي، بينما تظل العاصمة بغداد ومحيطها قيد التفاوض، في انتظار ان يمنح أهلها، بدورهم، حق تقرير المصير!

وها هو اليمن الذي لما يهنأ بدولته الموحدة التي لم يبلغ عمرها العقدين من السنين، يبدو مهدداً في وحدته... وها هي أصوات المطالبة بالانفصال ترتفع ليس فقط في «الجنوب» التي أخرجت الثورة الشعبية فيه الاحتلال البريطاني، ثم أخذته حقائق التاريخ والجغرافيا والمصالح الى الوحدة مع الشمال، بل حتى في الشمال ذاته، نتيجة حكم الفرد المصفح بالعشائرية والعسكر... وبين آخر ما ظهر الى السطح فيه صراعات قبلية داخل المذهب ذاته بإغراءات السلطة ولو على جزء يسير من «التراب الوطني».

وبالعودة الى فلسطين وما يدبر لها، لا بد من التوقف أمام حدث لافت جرت وقائعه قبل أيام قليلة تاركة خلفها العديد من الأسئلة والتساؤلات حول مدى «استقلال» القرار الأوروبي وقدرته على مواجهة الضغوط الاميركية والإسرائيلية.

فقبل فترة وجيزة، جرت محادثات أوروبية مكثفة، وهدد الاتحاد الأوروبي بالاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 1967، في محاولة لمعاقبة إسرائيل على رفضها تجميد الاستيطان في الضفة الغربية لاستئناف المفاوضات.

لكن بيان الاعتراف هذا لم يصدر، نتيجة ضغوط اميركية إسرائيلية شديدة، واكتفى الأوروبيون بإصدار «بيان قوي» سيضم الى أرشيف المواقف الأخلاقية التي لا تبني دولة فلسطينية الى جوار «دولة اليهود الديموقراطية» والتي يجد معها الفلسطيني نفسه أمام خيار بائس: بين ان يبقى فلسطيني الهوية مهدداً بالطرد في أية لحظة وتؤخذ منه أرضه، او يتنازل عن فلسطينيته لكي يبقى لاجئاً في أرضه!

وقبل شهور قليلة ظهر رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، في شريط فيديو بثته قناة إسرائيل العاشرة، وهو يتفاخر كيف خرب خلال الانتفاضة الثانية، اتفاق اوسلو. قال: «سوف أقوم بتفسير الاتفاقات بطريقة تسمح لي بأن أضع حداً بهذا القفز في اتجاه حدود 1967... إنني أعرف ما هي اميركا. ان اميركا هي شيء يمكن ان تحركه بكل سهولة، وان تحركه في الاتجاه الصحيح. انهم لن يعترضوا الطريق..».

لعل ما يعزز حالياً ثقة نتنياهو في قدرته على تحريك اميركا في الاتجاه الصحيح، «الهدية» التي جاءته من حيث لم يحتسب... فزعيم الأغلبية في الكونغرس الجديد هو ايرك كانتور، وهذه هي المرة الأولى التي سيحتل فيها يهودي إسرائيلي الولاء الرتبة الأعلى في الكونغرس.

في العام الماضي قاد كانتور وفداً مكوناًُ من 25 عضواً من أعضاء الكونغرس الجمهوريين في زيارة لإسرائيل، انتقد خلالها إدارة اوباما علناً على «تدخلها في الأمور الداخلية الإسرائيلية» مثل طرد عائلات فلسطينية من منازلها في القدس الشرقية، واستمرار الاستعمار والاستيطان اليهودي في الضفة الغربية طوال 43 عاماً.

وما بات معروفاً الآن، ان أركاناً في اللوبي الإسرائيلي كانوا يتولون سياسية اوباما الشرق أوسطية، ومنذ العام 2002 كان الرجل الذي صار رئيساً، يتلقى المشورة من لي روزنبرغ، وهو عضو في «الشبكة الوثيقة ليهود شيكاغو»، والذي «رعى ومكن» مهنة اوباما السياسية على حد تعبير «شيكاغو تريبيون»... وهو من رافق السناتور اوباما في زيارته الأولى لإسرائيل حيث انتبه الى تقديرها لاحتياجاتها الأمنية... ثم ان روزنبرغ قدم اوباما، المرشح للرئاسة، الى مؤتمر اللوبي المؤيد لإسرائيل في العام 2002 حيث تعهد اوباما في تناقض فج مع القانون الدولي والتعهدات الاميركية بأن «القدس ستبقى عاصمة لإسرائيل ويجب ان تظل موحدة». وعلى هذا فإن الخطاب «العاطفي» الذي أورد فيه اوباما الإشارة الى دولة فلسطينية الى جانب الدولة اليهودية لا قيمة له سياسياً، وهو قد سقط من ذاكرة الجميع في أي حال.

يبقى ان نشير الى ان إقرار تمديد تافه مدته 90 يوماً لتجميد توسيع المستوطنات غير الشرعية في الضفة الغربية المحتلة (باستثناء القدس الشرقية) ولمرة واحدة، كانت كلفته 20 طائرة مقاتلة من طراز الشبح اف - 35، بقيمة 3 مليارات دولار.

[[[[[

ان دول العالم أجمع تعرف ان «عملية السلام في الشرق الأوسط» قد ماتت، وان امتنع الكل عن دفنها. وبالطبع فإن المبادرة العربية لم تعمر طويلاً.

وبرغم ان «الدول» ومعها أهل النظام العربي، لا يريدون إعلان وفاة تلك المبادرة التي صاغ فكرتها الملكية قلم صحافي اميركي لم يشتهر عنه إيمانه بالحق الفلسطيني، فإن المستقبل الفلسطيني يبدو مظلماً أكثر مما كان في أي يوم مضى:

÷ لا أهل السلطة مستعدون للاستقالة برغم التهديدات المتكررة التي يطلقها رئيسها الطائر دائماً، حتى لا يخضع في كل سفرة الى إذن إسرائيلي بالخروج من «أرضه»، ثم بالدخول إليها.

÷ ولا أهل المعارضة الذين اتخذوا من غزة قاعدة لسلطتهم مستعدون للمجازفة بإعلان الرفض القاطع للمشاريع المطروحة، بل قد صدر عنهم ما يناقض التزامهم المبدئي بتحرير فلسطين من النهر الى البحر، حين أعلنوا انهم يقبلون بدولة في حدود 1967... ثم حاولوا التنصل من هذا الإعلان بطريقة غير موفقة. فالمهم، لهم أيضاً، الاحتفاظ بالسلطة.

أما أهل النظام العربي فلا يعرفون اليأس. وهكذا فإنهم، بعد كل إهانة، يتوجهون الى واشنطن طالبين منها التدخل والتوسط، مع مزيد من التنازلات.

من كان حسن النية او مغرقاً في الوهم منهم او متخابثاً او متواطئاً، كل هؤلاء يتصرفون وكأن الجنرال ايزنهاور هو الذي يحكم الآن الولايات المتحدة، وانه لا بد سوف يتدخل لإجبار إسرائيل على الانسحاب (ومعها بريطانيا وفرنسا) في أعقاب العدوان الثلاثي على مصر في مثل هذه الأيام من العام 1956.

وينسى أهل النظام العربي ان ايزنهاور أولا قد مات منذ عقود، وثانياً انه لم يكن يقوم آنذاك بعمل خيري، ولكنه استفاد من الخطأ التاريخي الذي ارتكبته بريطانيا وفرنسا عبر شن الحرب على مصر بالتواطؤ مع إسرائيل، وكل منها لسبب، لإعلان طرد الإمبراطوريتين العجوزين من الشرق الأوسط، لتحل الولايات المتحدة الاميركية محلهما... آخذة في اعتبارها ان تتولى بنفسها رعاية إسرائيل رعاية مطلقة، بوصفها الشريك الاستراتيجي الدائم.

لكن أميركا ايزنهاور، بغض النظر عن الأغراض الاستراتيجية المختلفة يومها عنها الآن، قد اختفت تماماً، لتظهر أميركا الإمبريالية التي تريد وتسعى وتعمل للهيمنة على العالم كله...

لتوضيح الفارق، يمكن الاستشهاد بما قاله وزير الحرب الاميركي دونالد رامسفيلد: «اننا لا نحصي جثث الآخرين».

وحتى اليوم لا يبدو «الشعب الاميركي» معنياً بأن يعرف كم من العراقيين قتلوا او جرحوا او شردوا من ديارهم في «حرب التحرير» الاميركية لبلادهم، علماً بأن أعداد الضحايا بالملايين..

تماماً كما ان الإسرائيليين غير معنيين بأن يعرفوا كم من الفلسطينيين قتلوا أو شردوا خلال دهر الاحتلال الممتد منذ العام 1967 وحتى اليوم، هذا اذا ما قفزنا عن بداية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين بكل المذابح وعمليات القتل الجماعي التي شهدتها أنحاء فلسطين المختلفة، بالمدن والقرى، خلال العام 1948.

[[[[[

دولة الأوهام في فلسطين العربية التي تخلى عنها أهلها لن تبصر النور في عصر سقوط الدول الكرتونية التي أقامها الاستعمار في الأرض العربية، والتي عاشت في قلق مصيري، لا هي تستطيع ان تكتسب قوة من واقعها ولا محيطها يحضنها فيحصنها. والكل بحاجة الى من يحميه ليبقى...وها هي تلك الكيانات تتهاوى بالضربات الانفصالية القاضية فلماذا ستتنازل إسرائيل؟

ينشر بالتزامن مع جريدة «الشروق» المصرية

=====================

نحو شراكة سياسية عالمية أبعد من تحالف روسيا والناتو

 بقلم: ميخائيل غورباتشوف‏

رئيس الاتحاد السوفييتي السابق‏

موقع: gulf.news

ترجمة

الأربعاء 22-12-2010م

ترجمة: حكمت فاكه

الثورة

يتم حالياً في كل من روسيا وأميركا تقويم عملية «إعادة تحديد» العلاقات الأميركية-الروسية، ويتساءل البعض فيما إذا بدأنا بالفعل نشهد مرحلة جديدة في هذه العلاقة أم أن هذه العلاقة تبدو متأرجحة فتذهب باتجاه إيجابي لتعود حتماً وتتراجع.

وفي هذا الإطار من المفيد العودة إلى تاريخ علاقاتنا ويفضل النظر في هذه العلاقات في إطار أوسع ألا وهو التغيرات التي تطرأ على عالمنا المعولم.‏

ففي بداية التسعينيات بدت الآمال الروسية في إرساء تعاون مع أميركا كبيرة ولاسيما أن تلك الفترة كلها ملأى بالحيوية والنشاط وكان قسم من هذا النشاط قائم على أوهام وعلى نظرة مثالية تجاه أميركا. لكن سرعان مانتج عن هذا النشاط خيبة أمل، ففي تلك الفترة أشادت أميركا بالزعماء الروس في حين تم تقويض الإصلاحات غير المناسبة للاقتصاد الروسي وغرق ملايين الروس في الفقر ولم يتوقف الروس عن التساؤل ما إذا كانت أميركا تسعى إلى أن تكون روسيا ضعيفة وفي موقع حرج. لقد تم توسيع حلف الناتو في التسعينيات بينما أعلنت أميركا انتصارها في الحرب الباردة وعبرت عن نيتها الحفاظ على هيمنتها العسكرية.‏

لذلك ماذا كانت قيمة التعهد الذي أطلقه ريغان خلال مؤتمر قمة في مدينة جنيف عام 1985، عندما قال لي ريغان إن بلدينا لن يسعيا إلى الهيمنة العسكرية ؟ إذن كيف يمكن بناء علاقة ثقة على أساس أرسي في التسعينيات؟ وظهرت الفترة التي سمحت لأميركا بأن تعتبر القوة العظمى الوحيدة المتبقية لابل «القوة الخارقة» القادرة على إنشاء امبراطورية جديدة قصيرة نوعا ما، كما دل اقتراح «إعادة تحديد»العلاقات مع روسيا على إقرار بأن السياسة السابقة باءت بالفشل كما أنها فتحت الباب أمام إمكان عقد شراكة بين البلدين، لكن الاعتراضات على هذا الموضوع ظهرت جلية منذ البداية، فقد شدد المعترضون أن بلدينا يختلفان اختلافاً شديداً ولايمكن بناء علاقة مستدامة و«عضوية» على المدى الطويل وأصبح واضحاً في كل من روسيا وأميركا أن بعض الأشخاص يعتبرون بلدينا بأنهما خصمان محتملان.‏

ولاتستطيع لاروسيا ولا أميركا تحمل مواجهة أخرى وبالرغم من الاختلاف الكبير بينهما، يشهد البلدان مرحلة انتقالية لكن مع هذا يجب أن تسجل« إعادة تحديد» العلاقات الأميركية الروسية و«الشراكة من أجل التحديث» بين الاتحاد الأوروبي وروسيا بداية الطريق نحو نشوء مجتمع جديد بين القارات، فباستطاعة روسيا وأميركا وأوروبا أن يضمنوا من خلال العمل مع بعضهم البعض موقع قيادة ونفوذ في عالم يتغير بسرعة كبيرة.‏

هل أدعو أنا إلى اتحاد «الشمال» لموازنة «الجنوب» أو العالم الاسلامي أو ربما الصين؟ بالطبع لا.‏

قد يكون مخطط من هذا القبيل وصفة لبروز نزاع حقيقي وليس افتراضي بين الحضارات.‏

وهو أمر غير مقبول إطلاقاً في عالمنا اليوم. ويجب أن نبحث دوماً في إطار العلاقات ومع البلدان الأخرى عن التعاون وعن حل مشترك والتي من المحتمل أن تبرز.‏

ويواجه العالم الإسلامي الذي يتم الشعور بوجوده ليس خارج أوروبا وأميركا فقط بل داخلها أيضاً تحدي التأقلم مع الزمن العصري إلى جانب محاولة حماية هويته الثقافية وحضارته الفريدة. ويجب أن يشارك المجتمع الذي يملك حضارات وجذوراً ثقافية مشتركة وخبرات متعددة ويتفاعل مع العالم الإسلامي في هذا الحوار.‏

وقد يؤدي مجتمع مماثل دوراً مهماً في الحوار مع الصين وبلا شك فإن أهمية الصين، السياسية ستزداد بفضل شعبها وقوتها الاقتصادية وسيكون هذا بمثابة اختبار جدي للمجتمع الدولي وللصين أيضاً طالما أن التقدم التاريخي لأي بلد لايسير بخط مستقيم. وسيكون الارتباط والتعاون مع بلد كبير أصبح «مصنعاً للعالم» و«مختبراً سياسياً واقتصادياً ضخما»ً ، مهمة أساسية بالنسبة إلى المجتمع بين القارات الذي أتحدث عنه. ومن غير الواضح حتى الآن كيف سنشاهد هذا المجتمع وكيف سيكون شكلة. فما يبدو واضحاً هو أنه يجب البدء ببناء بنية أمنية مستدامة في أوروبا أولاً على أن تكون كل من أميركا وروسيا شريكتين فيها، وتلفت تقارير السياسة الأميركية الأخيرة إلى أن زعماء أميركا أقروا أخيراً أنه لايمكن التوصل إلى فرض الأمن من جانب واحد فيتطلب ذلك أرساء شراكة.‏

وأنا متأكد من أنه سيتم في المستقبل ارساء اتحاد بين القارات يملك مصيراً مشتركاً، قد تبدو الأهداف الكبيرة طموحة أو تجريدية بشكل عام ولاسيما في زمن لايسمح فيه لروسيا وأميركا الموافقة على قضية الدجاج المستورد بالرغم من التزامهم العلني بإرساء علاقة جديدة، وعلى رغم أن الاتحاد الأوروبي لايسمح للروس بالدخول إلى أوروبا من دون تأشيرة دخول.‏

 

إني على ثقة بأن اقتراحي ليس قصة من نسج الخيال. فيبدو مجال التغيير كبيراً للغاية ومساهمة البلدان المحتملة في فضاء القارات بين روسيا وأوروبا وأميركا الشمالية هائلة إلى درجة أن اتحادهم الوثيق يجب أن يكون أمراً حتمياً، يترتب علينا الانتقال من مرحلة «إعادة التحديد» والشراكة إلى إعادة ترتيب العلاقات السياسية العالمية.‏

=====================

ماذا وراء صمت دحلان..؟

سميح خلف

صحيفة فلسطيننا

الإثنين 20-12-2010

في تطور مثير تقوم القاهرة بتسليم رشيد أبوشباك إلى البوليس الدولي " الإنتربول" بناء على ملاحقة من سلطة الحكم الذاتي والبلديات في رام الله ، أبو شباك هو أحد أكبر مساعدي محمد دحلان وهو من قيادات الأمن الوقائي البارزة .

 

 

 

يبدو أن محمود عباس لديه برنامج أكبر من ما أدعي على لسان محمد دحلان وأصبحت ترجمته في متناول التحليل الموضوعي .

تقوم الأجهزة التابعة لأجهزة أمن الرئاسة بملاحقة أنصار دحلان وأتباعه في الضفة الغربية ، تعلق هآرتس على لسان عاموس يدلين بأن ليس بالإمكان وجود عباس في السلطة عام 2011 .

هل تيقظ عباس لمخطط قادم نحو إنقلاب جديد على الحرس القديم ومن قبل العناصر الشابة التي أخرجها ومخرجها محمود عباس نفسه ، وهل المحاول التي استند إليها محمود عباس في مؤتمر بيت لحم هي نفسها التي يمكن أن تنقلب عليه وعلى رأسها محمد راتب غنيم ، لا بد في الأمر قضية أعمق مما تناولته وكالات الأنباء حول أموال دحلان ومساعدي دحلان وإذا كان هذا هو المقياس والترجمة السطحية للقضية فلماذا لم يطلب محمود عباس من الإنتربول ملاحقة محمد رشيد وأجاويد الغصين ، ولماذا بالضبط تم استدعاء والقبض على محمد رشيد تحت ذريعة معلنة وهي تحويل بضع ملايين من الدولارات في رصيد محمد دحلان ، وعندما أقول بضع ملايين ولأن الآخرين يمتلكون أضعاف أضعاف أضعافها ولا يتم استدعائهم من قبل السلطة عن طريق الإنتربول.

ظاهرة جديدة وممارسة جديدة تقوم بها سلطة الحكم الذاتي في رام الله لتصفية خصومها الذين يحملون نفس البرنامج ولكن بأحلام جديدة وبمواقف جديدة.

ولكن هل من الناحية القانونية قرار الإستدعاء قانوني لسلطة تخضع تحت الإحتلال ورئيسها منتهية صلاحيته الرئاسية أم له قانونية القيادة التاريخية كما يدعي أنه صاحب مشروع وطني وصاحب المشروع الوطني لا يستقيل وهنا الخلط في مسار المصطلحات ، أي مشروع وطني الذي يمكن أن نعدد هفواته وتنازلاته وآخرها الإعتراف وبدون مقابل بأحقية ما يسمى بالشعب اليهودي بالوجود على غالبية أرض فلسطين ، ولماذا القاهرة لم تمانع من تسليم محمد رشيد بل قام رئيس المخابرات عمرو سليمان بتوبيخ محمد دحلان قائلا له " كف عن محاولات إضعاف محمود عباس وسلطة رام الله " .

يبدو أن الرئيس الفلسطيني وضع في حسبانه قوة محمد دحلان الداخلية علما بأن أمريكا وإسرائيل لم تبديان رأيهما في الصراع بينهما ولكن من الواضح أن دولا عربية قد تعاطفت وإنحازت لمحمود عباس من خلال بعض الإجراءات التي يلاقيها محمد دحلان في مطاراتها وفي مدنها .

بعد أن قام محمود عباس بالاتصال بدول اقليمية للتضييق على محمد دحلان ها هو:

1- يطلب عقد لقاء عاجل لإتمام المصالحة مع حماس ، ومنهم من طرح ورقة بوصاية أمنية عربية على الورقة الأمنية الفلسطينية .

2- يقوم محمود عباس بفك الحصار المالي على أبواللطف والآخر يقوم بالتنازل عن الدائرة السياسية لمنظمة التحرير لصالح محمود عباس ، هذا المنطق الي رفضه أبواللطف على مدار ثلاث سنوات أو أكثر، وتصرح بعض القيادات الموالية لعباس أن الخلاف بين أبو اللطف ومحمود عباس في حكم المنتهي ، لا ندري كيف انتهى الخلاف وجوهره كما أدعي من الطرفين هو دم ياسر عرفات والتآمر وقتل ياسر عرفات ، وهل أصبح دم ياسر عرفات في محل ابتزاز آخر فوق الابتزازات المتعددة لتاريخه ودوره ونهايته ، وكيف يمكن أن نترجم ذلك هل تنازل أبو اللطف عن دم ياسر عرفات مقابل عدو آخر يتفق مع عباس عليه ، الإجابة على هذا السؤال تقول ما صرح به أبواللطف في دمشق مع فصائل المقاومة أنه يجب محاكمة محمد دحلان ، ولكن من المهم أن يسأل الإنسان نفسه ويسأل نفس السؤال على العامة في الشعب الفلسطيني وعلى الخاصة ، لماذا لم يطلب أبو اللطف محاكمته شخصيا وأنه في دائرة الاتهام ، ولماذا لم يطلب محاكمة المتجنحين أمنيا وسلوكيا في قيادة هذه الحركة ، وإذا كان محمد دحلان يقود حركة فتح وهو الذي تنازل عن المبادئ والأهداف والمنطلقات فليعلن السيد أبو اللطف أن محمد دحلان هو رئيس حركة فتح ويجب الاطاحة به لأنحداره وتنازله عن الأهداف والمبادئ التاريخية لهذه الحركة ، وإذا كان محمد دحلان وقبل أن يولد من بطن أمه هو الذي أسس حركة فتح وهو الذي حولها إلى قطعان من الاستهلاك المؤقت لمناضليها وكوادرها فليعلن السيد أبواللطف أن المؤسس قد خدع الكوادر والبنية التحتية والشعب الفلسطيني وتخلى عن مبادئ وأهداف ومنطلقات الحركة ، وغير ذلك فإن الأمور تأخذ منحنى آخر ، هو تآمر أبو اللطف مع من تآمروا على هذه الحركة وانحيازه انحياز شخصي خالي من الخلاف السياسي والبرنامج السياسي ، كما يدعي السيد أبو اللطف.

3- يهرول جناح محمود عباس إلى القاهرة ليعقد اجتماع مع المكتب السياسي للجبهة الشعبية في سفارة فلسطين في القاهرة أثناء كتابة هذه المقالة ، الجبهة الشعبية التي علقت عضويتها في منظمة التحرير احتجاجا على استمرار المفاوضات مع العدو الصهيوني وتصرح خالدة جرار لسبت 11-12-2010 بأن محمود عباس يحاول ابتزاز الجبهة الشعبية سياسيا بقطع رواتب وموازنات الجبهة الشعبية من الصندوق القومي ، وفي 4-9-2010 تصرح المناضلة ليلى خالد في مؤتمر القدس قائلة : هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم، والجواسيس في الضفة، وخارج فلسطين.. يمثلون المنهزمين". وقالت "إن الحفاظ على القدس يكون بالعمل" ، إذا لماذا هذا التقارب المفاجئ الآن مع الجبهة الشعبية والذي تسعى فيه الجبهة لأخذ صلاحيات ودور أكبر في منظمة التحرير وتقليص هيمنة محمود عباس على المنظمة .

ثلاث أو أربع محاور تحرك عليها محمود عباس ليستجمع قواه ويجمع الطاقات من حوله لمواجهة صراع عنيد وقوي يمكن أن يقوده محمد دحلان مستغلا في ذلك البرنامج السياسي العربي الحالي الذي يمكن أن ينقلب عليه في حال أتت تعليمات من أمريكا للإنقلاب على محمود عباس ومستغلا عداوة حماس الشرهة لمحمد دحلان في حين أن حماس تعلم علم اليقين أن بؤرة التوتر هو برنامج مستورد طبخ بأيدي أجنبية ونفذه محمود عباس شخصيا هو والطيب عبد الرحيم وعزام الأحمد وقيادات أخرى موالية لعباس .

ولكن لماذا يصمت الآن محمد دحلان ولم تظهر له أي ردود فعل أمام كل الاجراءات التي قام بها محمود عباس ضده ، في حين أن السيد محمد دحلان صرح مرارا أنه يمكن أن يعتذر لمحمود عباس وصرح في مكان آخر لا خلاف بينه وبين محمود عباس ، هل تصرفات محمد دحلان هي مهادنة مؤقتة وصمت مؤقت أم مازالت اللعبة في المطبخ لم تنضج بعد ليرد محمد دحلان وتياره في اللجنة المركزية لمؤتمر بيت لحم في حين قد اتهمت بعض أوساط تيار محمود عباس اتهمت محمد راتب غنيم بتهميش قرار الرئيس بالتحقيق مع دحلان .

محمد دحلان وما اكتسبه من تجربة من الغباء أن نقول أن صمته ناتج عن ضعف أو غباء أو جبن ، بل ربما ينتظر محمد دحلان القرار الأمريكي والإسرائيلي لفصل الخاف بينه وبين عباس الذي يناهز في العمر 75 عاما والذي فشل في تحقيق برنامج التفاوضي بكل تنازلاته ، فالقضية ليست قضية أبناء عباس الذي هاجمهم دحلان ولا الانتقادات التي وجهها دحلان لسير المفاوضات ، بل هناك برنامج أعمق ودلائل أكبر على تغيير مقبل وربما إذا لم يدرك السيد محمود عباس موقفه الضعيف ويرحل فربما تكون النتيجة مأساوية بالنسبة له وسيسجل التاريخ أنه لم يرحل بطلا بل متنازلا.

وتبقى قضية أبو شباك وفي حكم اللاشرعية لقرار استدعاءه وإذا كانت هي محاربة الفساد بشكلها السطحي إذا فلتشكل محكمة عربية تقودها الجامعة العربية أو دول عربية مثل قطر لتقوم بوصاية من الجامعة العربية بالتحقيق مع كل العابثين بالمال الفلسطيني ولأنه مال عربي ومال للشعب العربي الفلسطيني يجب أن تقوم الجامعة العربية والدول العربية بمحاسبة المستهترين والسارقين في ظل عدم وجود دولة فلسطينية حقيقية ذات سيادة ولأن الفلسطينييين هم تحت الوصاية خارج الوطن وتحت أنظمة وقوانينها وجزء منهم تحت الاحتلال فلتقم الجامعة العربية بدورها في تجميع المال الفلسطيني المنهوب لصالح المخيمات الفلسطينية في اضفة الغربية وفي الشتات وفي غزة لتنمية قدرات الشعب الفلسطينية وطاقاته وحماية الانسان الفلسطيني من العوز والحاجة.

=====================

فلسطين.. أميركا تعلن إفلاسها

 بقلم :د.منار الشوربجي

البيان

22-12-2010

 الموقف الأميركي الراهن من الصراع العربي الإسرائيلي، يضع مسمارا جديدا في نعش الدور الأميركي في المنطقة كما عرفناه طوال العقود الأخيرة. فإعلان أمريكا فشلها في وقف الاستيطان الإسرائيلي، هو أحدث دليل على فساد مقولة أن 99% من أوراق اللعبة في يد الولايات المتحدة.

ورغم أن تلك المقولة لم تكن صحيحة حين أطلقها الرئيس السادات في السبعينات من القرن الماضي، إلا بقدر اقتناع العرب بها، فإنها لم تعد ذات معنى مطلقا اليوم. فأوراق اللعبة لا تكون في يد أي فاعل دولي، إلا إذا سمح بذلك أصحاب القضية أنفسهم.

والعرب حين قبلوا منذ عقود أن تكون الولايات المتحدة الحليف الاستراتيجي لإسرائيل، هي نفسها الوسيط «الوحيد» في عملية التسوية السياسية، فإنهم سلموا فعلا لأميركا كل أوراق اللعبة، لأنهم قبلوا أن يلعبوا وفق قواعد اللعبة الإسرائيلية. فإسرائيل وحدها هي التي من مصلحتها غياب كل الأطراف الدولية الأخرى، ووجود أميركا فقط صاحبة العلاقة الاستثنائية معها.

وبانتهاء الحرب الباردة، أطلقت الولايات المتحدة دعايتها التي تروج لأنها صارت القطب الأوحد بلا منافس، وهو الأمر الذي لاقى مقاومة نجحت بدرجات مختلفة في أقاليم العالم المختلفة، بينما تم قبوله في عالمنا العربي باعتباره حقيقة لا فكاك منها.

لكن إسرائيل التي كان من مصلحتها قبول العرب تلك المقولة، نجحت في الوقت ذاته في إقناع أمريكا بأن مصالحها وأهدافها بعد الحرب الباردة تظل كما هي قبلها، متطابقة تماما مع المصلحة الأميركية.

وهكذا صار الوضع بعد الحرب الباردة مثله قبلها، أي انحياز أمريكي لإسرائيل، يصاحبه إيمان عربي بأن أوراق اللعبة في يد أمريكا! وظل العرب ينتظرون «الدور الأمريكي» لتحقيق السلام في المنطقة.

لكن لعل أحداث العام الحالي التي وضعت نهاية لكل مقولات الوسيط النزيه، تضع نهاية لهذا النهج العربي. فإدارة أوباما التي بدأت عهدها بخلق مسافة بينها وبين حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، ودخلت في مواجهة علنية مع نتنياهو وصلت للذروة عشية زيارة جوزيف بايدن لإسرائيل، دارت حول نفسها دورة كاملة وعادت لاتخاذ أكثر المواقف الأميركية تقليدية في الانحياز لإسرائيل.

وها هو أوباما، الذي بدأ حكمه بوصف المستوطنات بأنها «غير شرعية»، يعلن على لسان مسؤولي إدارته أن بلاده لن تتمكن من وقفها! وبعد أن كان قد اختار جورج ميتشل ليكون مبعوثه للشرق الأوسط واستبعد الوجوه المعروفة بانحيازها لإسرائيل إذا بأوباما يسلم المفتاح لأحد عتاة مناصرة إسرائيل، دنيس روس.

بل أكثر من ذلك، فإن الدور الذي يلعبه روس، هو دور القناة الخلفية للعلاقة بين الحكومة الإسرائيلية والبيت الأبيض مباشرة، دون المرور لا بوزارة الخارجية ولا حتى بجورج ميتشل.

والحقيقة أن المهم في كل ذلك ليس فقط أسبابه، وإنما دلالاته بالنسبة لنا. أما عن الأسباب، فلا يمكن في الواقع فهم تراجع أوباما بشأن القضية الفلسطينية بمعزل عن السياق السياسي داخل أمريكا، الذي شهد تراجعه بشأن الكثير من القضايا.

فأوباما أعلن الكثير من المواقف الجريئة بشأن قضايا داخلية وخارجية حين كان في أوج شعبيته، لكن بمجرد أن انخفضت شعبيته وازدادت الضغوط من جانب جماعات المصالح المختلفة، لم يصمد أوباما وإنما تراجع عن الكثير من المواقف المكلفة سياسيا، خصوصا التي تحدته بشأنها جماعات مصالح قوية.

وكما هو الحال بالنسبة لقضايا داخلية كثيرة، كان بإمكان أوباما بشأن إسرائيل أن يبقى على موقفه ويحصل مع ذلك على الدعم السياسي والمادي. فاستطلاعات الرأي تشير إلى أنه، وعلى عكس الموقف اليميني المتشدد الذي تتخذه المنظمات اليهودية الأمريكية ضده، فإن أغلبية اليهود الأميركيين لا يمانعون في ممارسة أميركا الضغط على إسرائيل للتوصل لتسوية مع الفلسطينيين، ويؤيدون تقسيم القدس ووقف الاستيطان.

معنى ذلك أن إصرار أوباما على موضوع الاستيطان لم يكن سيكلفه أصوات اليهود. أما تمويل المنظمات اليهودية المتشددة، فكان يستطيع تعويضه عبر الإصرار على مواقف داخلية قوية تحظى بتأييد منظمات يهودية أخرى. لكن يبدو أن أوباما اختار الطريق الأسهل.

ولعل الأهم من كل ذلك هو دلالة ما جرى. فحين تعلن أميركا أنها فشلت في دفع إسرائيل لوقف الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر فقط، مقابل هدايا عسكرية ومادية مذهلة كانت قد عرضتها، فإنها تكون بذلك قد أعلنت إفلاسها بشأن الصراع العربي الإسرائيلي بالكامل.

فالمنطق وراء الدور الأميركي وحكاية أوراق اللعبة التي هي في يد أمريكا، كانا في جوهرهما يقومان على أن أمريكا وحدها هي القادرة على إقناع إسرائيل أو الضغط عليها. وحين تفشل أميركا في ذلك، يكون دورها قد فقد مبرر وجوده أصلا.

الأسوأ من ذلك، هو أن إعلان الإفلاس الأميركي تلاه مزيد من الانحناء لإسرائيل. فقد ردت الولايات المتحدة على التطرف الإسرائيلي باحتضانه وحمايته، وبمجرد أن صدرت تصريحات فلسطينية تتحدث عن اللجوء للمجتمع الدولي، هبت أمريكا عن بكرة أبيها للاصطفاف وراء إسرائيل.

فبعد أن عارضت وزيرة الخارجية الأمريكية بشدة أي إعلان للدولة الفلسطينية من جانب واحد أو اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية، أصدر مجلس النواب الأمريكي قرارا في أقل من 48 ساعة، يدين التصريحات الفلسطينية ويدعو الإدارة لمواجهتها بكل قوة، باعتبار أن الحل هو المفاوضات المباشرة التي فشلت أميركا أصلا في إيجاد الحد الأدنى من الظروف المواتية لعقدها!

أما ميتشل الذي سحب منه دنيس روس البساط، فقد عاد للمنطقة لاستكمال الديكور بمشروع له اسم مبتكر، هو «المفاوضات الموازية» التي تتفاوض فيها إسرائيل مع أصدقائها الأميركان، الذين يتفاوضون بدورهم مع الفلسطينيين!

ما يحدث اليوم يدل على أن 99% من أوراق اللعبة في يد أميركا.. هذا إذا كنا نقصد لعبة التسويف وإدارة الصراع، وليس حله!

=====================

لعبة «الدومينو» الإقليمية والمساعي السورية السعودية

 بقلم :جورج ناصيف

البيان

22-12-2010

تراوح الأزمة في لبنان مكانها، وتمر الأيام من غير الوصول بعد إلى الخواتم السعيدة في ما يتصل بالمساعي السورية السعودية التي عاد الرئيس السوري بشار الأسد، ومعه سفيرا سوريا والسعودية في لبنان، يعلنون أنها لا تشكل «مبادرة» بالمعنى المتكامل، بل هي مجرد مساع «لمساعدة اللبنانيين على الوصول إلى حل توافقي داخلي، لن يكون إلا ثمرة اتفاق لبناني».

اما الموقف الفرنسي فقد اتضح مجدداً بعد زيارة الرئيس الأسد إلى باريس، أنه لا يتجاوز مستوى «دعم» المشاورات السورية السعودية واحتضانها دوليا، دون أن ترقى إلى مستوى «المبادرة المستقلة».

كل شيء مجمد، فالسلطة التنفيذية ممثلة بمجلس الوزراء عقدت آخر اجتماع مثمر في 10 نوفمبر الماضي، ومن ذلك التاريخ تؤجل جلسات مجلس الوزراء بسبب اصطدامها بعقدة «شهود الزور» بين إصرار قوى 8 آذار على إحالة الملف إلى المجلس العدلي، وإصرار قوى 14 آذار على إحالته إلى القضاء العدلي.

ومجلس الوزراء لا يعمد إلى التصويت بين القوتين الأساسيتين، خشية انفراط عقد المجلس واضطرار الرئيس ميشال سليمان «الوسطي» بامتياز، ووزراء النائب وليد جنبلاط إلى التصويت، بما يعنيه ذلك من انحياز إلى إحدى الكتلتين وترجيح موقف إحداهما.

مجلس النواب بدوره لا يجتمع، كيلا يحدث الصدام نفسه بين النواب، فتنهار السلطة التشريعية.

هيئة الحوار التي أريد لها أن تكون اجتماعا ل «الحكماء» الذين يمثلون القوى الرئيسية والطائفية، مجمدة هي الأخرى بسبب إصرار قوى 8 آذار على طرح موضوع شهود الزور.

ومجلس الوزراء المشلول يتراكم على طاولته 350 بنداً مرجأ، تتصل بالأزمات المعيشية والاجتماعية، كما تتصل بالتعيينات الإدارية في جهاز قوى الأمن الداخلي، بعد إحالة رئيس الجهاز إلى التقاعد، وفي جهاز حاكمية مصرف لبنان للسبب عينه.

الأمر الوحيد المتفق عليه، بقرار خارجي أساساً، هو التأكيد على رفض الفتنة المذهبية، وعدم الاحتكام إلى السلاح لحل النزاعات السياسية الداخلية.

وإلى ذلك يضاف أن المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تدخل في إجازة عيدي الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية، فتقفل أبوابها إلى 10 ديسمبر، مما يجعل صدور القرار الظني حول الاغتيال مرجأ هو الآخر، وسيطول هذا الإرجاء لأن رئيس المحكمة يملك صلاحية النظر المطول (بين 6 و10 أسابيع) في مضمون القرار الاتهامي، قبل إجازة نشره وتحديد موعد لبدء المحاكمة، الأمر الذي يعني أن المحكمة لن تباشر أعمالها قبل مارس من السنة الجديدة.

فما هو سبب المراوحة القاتلة التي تزيد اللبنانيين قلقاً واستشعاراً للخطر؟

مصادر وزارية مطلعة ترسم الصورة الآتية لتشابك العناصر والملفات، التي تنعكس على الحل اللبناني، فتقول إن هذه الملفات متشابكة ومترابطة كأنها لعبة «الدومينو»، إن تعطلت على مسار انعكس الأمر على سائر الملفات، واللاعبون (السعودية، إيران، سوريا، تركيا)، فضلاً عن اللاعب الأميركي الرئيس، هم أنفسهم في كل ملف من الملفات.

فالتسوية الأولية لتقاسم السلطة في العراق التي لا تزال هشة، ما كانت لتحصل أساساً من دون اتفاق أميركي إيراني، ودعم تركي وموافقة على مضض من السعودية، كان مقابلها أن وافق «حزب الله» في مرحلة ماضية، على التهدئة وانتظار التسوية، وذلك بدفع من إيران.

لكن الاتفاق الإيراني الأميركي في العراق لم يكن نهائياً ولا شاملاً، إنما هو تبادل «مصالح أمنية» لدى الطرفين، بفعل الحاجة الأميركية لانسحاب هادئ من العراق، وبفعل الضغوط الأميركية والدولية على إيران، وآخرها العقوبات الاقتصادية شديدة الفعالية على إيران، وحاجتها إلى الحوار مع الغرب من جهة أخرى.

وتضيف هذه المصادر أن التفاهم الأميركي الإيراني على تقاسم السلطة في العراق، سبقته مبادلات ثقة على الخط الإيراني الأميركي والإيراني الفرنسي، دل عليها إطلاق رهائن ودبلوماسيين وصحافيين من الدول التي دخلت في حوار مع إيران.

كما أن هذا التفاهم الأميركي الإيراني ما كان ليحصل لو استمرت روسيا في دعم إيران، حيث إن موسكو ألغت صفقة الصواريخ الاستراتيجية «اس 300» وانكفأت عن بدء تشغيل مفاعل بوشهر الإيراني، مقابل تعديل شبكة الدرع الصاروخية الأميركية التي كانت موجهة نحو روسيا.

وتخلي أميركا عن دعم استقلال جورجيا، كما تمت حماية المصالح الروسية في أفغانستان. كل ذلك أدى إلى تراجع الدعم الروسي لإيران، الأمر الذي عبر عنه الرئيس الإيراني محمد أحمدي نجاد في قوله «إن روسيا باعت إيران إلى أميركا».

إلى ذلك يضاف تعثر المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وتراجع الثقة في الضغط الأميركي على إسرائيل، مما أدى إلى تقارب إيراني سعودي جرى التعبير عنه لبنانيا في تقارب بين سفيري إيران والسعودية، مما عزز الاستقرار في لبنان بدعم تركي.

كل ذلك يؤدي إلى القول إن الصفقة لم تكتمل بعد، وان نضوجها ينتظر نتيجة المفاوضات بين الدول الست (5 + ألمانيا) وإيران حول الملف النووي، وهي التي ما زالت تتعثر حتى اليوم.

في إطار هذه الصورة المتشابكة، يمكن القول إن إيران التي كسبت في العراق، خسرت في اليمن مع إعلان وفاة عبدالله الحوثي في إحدى المعارك، وما زالت تنتظر نتائج الحوار مع الغرب انتظاراً قلقاً.

هل معنى ذلك أن «المبادرة» السعودية السورية تعثرت عند النقطة التي بلغتها سابقا قبل وعكة الملك عبدالله بن عبدالعزيز؟

هل إعلان الرئيس السوري ومثله السفير السعودي في لبنان علي العسيري، للبنانيين «ابحثوا بأنفسكم عن الحل»، هو تنصل عربي تحت ضغط عدم نضوج التسوية العامة في المنطقة والضغط الأميركي الذي يعيق التسوية إلى أن تكتمل عناصرها مع دمشق؟

الجواب خلال أيام..

=====================

تركيا أمة جديدة لا غنى عنها

آخر تحديث:الأربعاء ,22/12/2010

رجب طيب أردوغان

الخليج

لقد خلفت تركيا بصمتها باعتبارها واحدة من أكثر الدول تأثيراً، ليس فقط على أحداث عام ،2010 بل وعلى أحداث العقد الأول من الألفية الثالثة . وفي بداية العقد الجديد المقبل أيضاً تصبح تركيا بفضل موقعها الجغرافي السياسي، وإرثها التاريخي الغني، وعمقها الثقافي، وشبابها المتعلم، وديمقراطيتها المتزايدة القوة، واقتصادها المتنامي، وسياستها الخارجية البنّاءة، دولة لا غنى عنها في عالم تحول وجهه إلى الأبد بفعل العولمة السريعة .

ومن خلال الاستفادة من جميع أصولها، فإن تركيا تسهم في دعم الاستقرار الإقليمي والسلام وتعمل من أجل إنشاء نظام عالمي قائم على العدالة والمساواة والشفافية . وباعتبارها قوة ناشئة فإن تركيا سوف تستمر في تحقيق إمكاناتها بينما تسهم في جلب السلام العالمي .

كانت الظروف الفوضوية التي سادت في مرحلة ما بعد الحرب الباردة سبباً في خلق العديد من المشكلات المزمنة مثل الحروب الأهلية، والاحتلال، والتسلح النووي، والاتجار بالبشر . وفي حين تتيح العولمة فرصاً جديدة فإنها تتسبب أيضاً في خلق مشكلات عالمية جديدة وتعميق أسباب التفاوت المتأصلة في النظام العالمي . ولم يعد من الممكن أن نستمر في دعم النظام العالمي الحالي، الذي لا ينتج سوى الظلم وعدم المساواة بسبب استناده إلى فكرة منحرفة في تفسير العلاقات بين مركز العالم ومحيطه الخارجي .

وتسعى تركيا إلى الإسهام في تحقيق السلام الإقليمي والعالمي من خلال تسهيل الإصلاحات الديمقراطية في الداخل وتبني سياسة خارجية قائمة على المبادئ . وباعتبارها عضواً في منظمة حلف شمال الأطلسي فإن تركيا تسعى أيضاً إلى اكتساب العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي وإقامة علاقات ودية مع كل جيرانها في الجنوب والشرق . والواقع أن موقف تركيا التي تتطلع إلى كل من الشرق والغرب لا يتسم بالتناقض أو عدم التساوق . بل إن الأمر على العكس من ذلك، حيث يشكل الوضع الجغرافي السياسي المتعدد الأبعاد الذي تتمتع به تركيا أحد الأصول المهمة بالنسبة للمنطقة بالكامل . وهناك عدد قليل من البلدان التي قد تتمكن من الاضطلاع بمثل هذا الدور الحاسم . ذلك أن تركيا تشكل توليفة جديدة بسبب قدرتها على الربط بين مثل هذه الصفات والخلفيات المتنوعة . وهذا يعني أن تركيا قادرة على التغلب على الانقسامات بين الشرق والغرب، وبين أوروبا والشرق الأوسط، وبين الشمال والجنوب .

والواقع أن هذه القدرة تشكل ضرورة أساسية لأننا في احتياج إلى تجاوز هذه الخلافات والصراعات ومخاوف عصر الحرب الباردة . وهؤلاء الذين ينظرون إلى العالم عبر هذه العدسات العتيقة المروعة يجدون صعوبة كبيرة في فهم صعود تركيا وديناميكيتها النشطة . ولكن حقائق القرن الحادي والعشرين ووقائعه تلزمنا بتبني منظور سياسي شامل ومتعدد الأبعاد .

واستناداً إلى هذه المبادئ تتبنى تركيا سياسة خارجية تستبق الأحداث وتمتد من منطقة البلقان إلى الشرق الأوسط ومنطقة القوقاز . وتشكل هذه الميزة الجغرافية الخلفية التاريخية والثقافية الطبيعية لتركيا . والواقع أن الصلات الثقافية والتاريخية التي تربط تركيا بشعوب هذه المناطق عميقة ومفضية إلى السلام الإقليمي .

ولا تستطيع تركيا أن تظل غير مبالية بهذا العامل الجغرافي لأنها تقف في مركزه تماماً . ويبين لنا التاريخ بوضوح أنه من المستحيل أن نعمل على ترسيخ ودعم السلام العالمي من دون ضمان السلام والاستقرار في منطقة البلقان ومنطقة الشرق الأوسط . وتنتهج تركيا سياسة بنّاءة وشاملة في التعامل مع هاتين المنطقتين، وهي السياسة التي تتميز بنماذج رائعة من التعايش والعلوم والفنون والثقافة والحضارة . وبفضل جهودنا الأخيرة أصبحت جراح حرب البوسنة الآن في طريقها إلى الالتئام، الأمر الذي لابد وأن يسهم في تعميق السلام والاستقرار بين شعوب منطقة البلقان . وتساعد الجهود التي تبذلها تركيا أيضاً في منع اندلاع الحروب في منطقة الشرق الأوسط، كما ساعدت جهودنا المكثفة في إبقاء المسار الدبلوماسي مفتوحاً أمام القضية النووية الإيرانية .

ونحن نساعد فضلاً عن ذلك في تيسير الاستقرار السياسي في العراق ونعين حلف شمال الأطلسي على أداء مهمته في أفغانستان . وإنه لأمر بالغ الأهمية أن نوضح أن تركيا تبذل جهوداً هائلة للمساعدة في إنشاء دولة فلسطينية مستقلة وقادرة على البقاء وهي الجهود التي كانت محل تقدير من قِبَل أصدقاء تركيا في الغرب والشرق على حد سواء .

واليوم تنتهج تركيا سياسة تمثل حس العدالة في الشرق الأوسط، وتعمل من أجل إزالة الحدود المصطنعة والجدران بين شعوب المنطقة . ونحن نرغب في الحياة في منطقة حيث تحترم كرامة كل إنسان . ولهذا السبب اعترضنا على العدوان “الإسرائيلي” والحصار المفروض على غزة، وسوف نواصل القيام بذلك .

ونحن ندرك أن تحقيق السلام العالمي أمر مستحيل ما لم نعمل على إقامة السلام الدائم في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يتطلب حل القضية الفلسطينية . لذا فنحن نحث “إسرائيل” وكافة البلدان المعنية على انتهاج سياسات بنّاءة وسلمية .

وبدافع من هذه المبادئ، أظهرت أنا ورئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس رودريغيس ثاباتيرو، من خلال “مبادرة تحالف الحضارات” في عام ،2004 أن الاختلافات الثقافية والتاريخية الدينية لا تشكل سبباً للصراع . ويستند توجهنا هذا في التعامل مع الإنسانية إلى المبدأ الذي عبر عنه الشاعر التركي الشهير “يونس إمري”: “نحن نحب ونحترم المخلوقات لأننا نحب ونحترم الخالق” .

ونتيجة لهذا فإننا نعارض بكل حزم أي تمييز ضد أي مجتمع أو دين أو مذهب أو ثقافة أو دولة . والواقع أنني أعتبر معادة السامية، وكراهية الإسلام المرضية، والتحيز ضد المسيحية جرائم في حق الإنسانية، التي تلزمنا قيمها المشتركة وقواعدها الأخلاقية بمواجهة ورفض كافة أشكال التمييز .

وفضلاً عن قيمها الثقافية والتاريخية والدبلوماسية فقد أصبح الاقتصاد التركي النشط بمثابة مصدر للاستقرار والرخاء . فحين تولى حزبي زمام السلطة في عام ،2002 كان حجم الاقتصاد التركي لا يتجاوز في مجموعه 250 مليار دولار أمريكي، أما اليوم فقد بلغ الناتج المحلي الإجمالي السنوي لتركيا 800 مليار دولار، الأمر الذي يجعل من تركيا الدولة صاحبة سادس أضخم اقتصاد في أوروبا وصاحبة المرتبة السابعة عشرة على مستوى العالم . كما كانت تركيا أيضاً واحدة من أقل بلدان العالم تأثراً بالأزمة الاقتصادية العالمية، في ظل التجارة الخارجية المتنامية، والنظام المصرفي القوي، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تتسم بالتنوع وتتمتع بالازدهار . لذا فقد تمكن الاقتصاد التركي في عام 2010 من العودة إلى مستويات ما قبل الأزمة .

لقد ساعدت كل هذه السمات في تحويل تركيا إلى مكان جاذب للمشاريع التجارية والإعلامية، والفنانين، والدبلوماسيين، والطلاب، والمنظمات غير الحكومية من مختلف أنحاء العالم . ولا شك أن القوة الناعمة المتزايدة أصبحت من أهم السمات التي تميز تركيا، والتي سنستمر في استغلالها لتعزيز السلام الإقليمي والعالمي .

 

لقد أدى تأثير العولمة إلى إعادة توازن القوى، ولكن يظل العالم في حاجة إلى المزيد من العدالة والشفافية والشرعية . ومن المؤكد أن المشكلات العالمية في عصرنا تتطلب التعاون، والإرادة السياسية، والتضحية . ولهذا السبب كنا حريصين على تبني سياسة تتسم باستباق الأحداث في إطار المؤسسات المتعددة الأطراف بهدف تيسير التقاسم العادل لموارد العالم الذي يؤوينا جميعاً .

 

ولسوف تواصل تركيا العمل من أجل إقامة نظام عالمي عادل ومنصف في عام 2011 وما بعده . وإنها لمسؤولية نابعة من تاريخنا وجغرافيتنا، والقيم العالمية التي نعتنقها .

=====================

إعلام جديد مستقلّ يمكّن المرأة

جوزيف مايتون

مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية

17 كانون الأول/ديسمبر 2010

www.commongroundnews.org

القاهرة – يبدو العالم أحياناً كثيرة، وخاصة في الشرق الأوسط وكأنه عالم للرجال فقط.

وحتى في عالم الإعلام، يستمر الرجال بدفع الأجندة في الإتجاه الذي يرونه مناسباً. ولكن لا يجب أن يكون الأمر كذلك بالضرورة، فقد أثبت اكتشاف الإعلام الجديد المستقلّ أن بإمكان عمليات أصغر حجماً أن يكون لها وقع فوري على العالم.

 

لنأخذ على سبيل المثال "بكيا مصر"، التي أنشأت في تشرين الأول/أكتوبر عام 2009 كمصدر مستقل تقدَّم فيه الأخبار المحلية لجمهور واسع. وتعني كلمة "بكيا" بالعامية المصرية أمتعة قديمة قابلة للبيع. ويتعمّق الموقع في هذه الأمتعة ليقيس أسلوب العمل الداخلي في مصر. وخلال سنة واحدة صعدنا إلى حواف إعلام التيار الرئيس: منشورات تتمتع بالاحترام مثل النيويورك تايمز ولوس أنجليس تايمز والغارديان، مع ما يزيد على 100,000 زائر لموقعنا شهرياً.

 

كانت غالبية مساندينا والغالبية الساحقة من كتّابنا من النساء. تريد النساء اللواتي يتصلن بنا الكتابة عما يعتقدن أنه قصص إخبارية "حقيقية"، تتعامل مع الأخبار المحلية أو حياتهن الشخصية، التي ضاعت إلى درجة كبيرة في وسائل التيار الرئيس الأخرى.

 

ما زالت واحدة من المقالات وعنوانها "لماذا ألبس الحجاب" والتي كتبتها المعلّقة المصرية دينا خليل واحدة من المقالات الأكثر قراءة في الموقع. كما كتبت داليا زيادة، وهي مدونة رئيسية في مصر عدداً من المقالات ل"بكيا مصر" عارضة منظوراً ذو فروق دقيقة حول حقوق المرأة في العالم المسلم. وقد فازت بجائزة مؤسسة آنا ليند للصحافة الإلكترونية في تشرين الأول/أكتوبر عام 2010، مما يثبت أن باستطاعة حتى المنظمات التي لا تحقق دخلاً كبيراً أن تساعد الصحفيين لأن يكون لهم أثر كبير.

 

وتعتبر إمكانية توفير منبر لأصوات المرأة مثل دينا خليل وداليا زيادة واحدة من أكثر الإنجازات فخراً في زماننا على الإنترنت. وقد أوجدت منتديات جديدة على الإنترنت سوقاً لمن لا يملكون أحياناً المؤهلات التي توصل مقالاتهم إلى الوسائل الجديدة الأخرى، ولكنهم يملكون، فهماً مماثلاً، إن لم يكن أفضل حول المنطقة التي يكتبون عنها عند مقارنتهم مع صحفيين خارج المنطقة.

 

وللمرة الأولى، تقوم وسيلة إعلامية بتشجيع النساء على ملء ذلك الفراغ. تملك النساء اليوم منبراً لعرض وجهات نظرهن وإخبار العالم عن الواقع الذي يواجه المرأة في الشرق الأوسط.

 

أخبرتني شريفة غانم، وهي امرأة إماراتية بدأت تكتب للتو لِ "بكيا مصر" مؤخراً أنها أرادت الكتابة لوسائل الإعلام غير المرتبطة بمستثمرين كبار والمحلية بطبيعتها لأنها تفهم أن الأخبار التي يكتبها محليون، وخاصة من النساء، تستطيع أن تذهب بعيداً.

 

يستطيع هذا النوع من وسائل الإعلام الأصغر حجماً، والتي بدأت تبرز أن تعطي الجمهور العالمي منظوراً أفضل لقضايا المنطقة. ورغم أنها مفهومة للقارئ الأجنبي، إلا أن هذه القصص والتقارير التي تكتبها نساء ذكيات من الشرق الأوسط ما زالت محلية في مضمونها.

 

وبينما يستمر العالم في التحول نحو الإعلام الإلكتروني لتغطية قضايا محددة والتعليق عليها، يتوجب على النساء في الشرق الأوسط أن يأخذن هذا الوسط بعين الاعتبار حتى يتسنى سماع أصواتهن. تستطيع النساء من خلال الإعلام الإلكتروني أن يوجدن مكاناً لهن يأخذ الحوار بعيداً عن الصور النمطية ويلقي الضوء والفهم الحقيقيين على القضايا الدقيقة، مثل تمكين المرأة والتحرش والمعايير المجتمعية، والتي تفتقر أحياناً عديدة لتغطية هامة.

 

يشكّل الإعلام الإلكتروني الجديد هذا قوة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، ويمكن أن تكون مكاناً قد يحصل فيه الفهم الحقيقي والحوار حول القضايا قيد الاعتبار. يجب عدم الحط من قدر مشاركة النساء في الشرق الأوسط في التدوين ونقل الخبر إلكترونياً، فقد أثبتن استعداداً لأن يُسمَعن وأن يقرأ العالم كتاباتهن. لا يمكن تجاهل تمكينهن من خلال الكتابة. يتوجب علينا دعم هؤلاء الكاتبات المستقلات ومواقع الإعلام المستقل غير التابع حيث وجدن منبراً لهن.

ـــــــــــــــ

* جوزيف مايتون هو رئيس تحرير منظمة "بكيا مصر" الإخبارية (www.bikyamasr.com).

كُتب هذا المقال لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

=====================

الأبعاد الإستراتجية لمشاريع السكك الحديدية العربية

الدكتور لؤي بحري*

(محاضرة الدكتور لؤي بحري في ندوة "مركز الحوار العربي" بمنطقة واشنطن)

تجتاح العالم العربي الآن موجة حمى شديدة لتطوير قطاع السكك الحديدية. فقد ظل هذا القطاع العام لبناء البنية التحتية مهملاً والخطوط الحديدية التي هي موجودة الآن هي خطوط قديمة. وقد أدركت الدول العربية تدريجياً أهمية السكك الحديدية للربط بين أجزاء الدولة الواحدة وحتى عبر الدول العربية نفسها. والسكك الحديدية هي وسيلة نقل قليلة التكاليف نسبياً ويمكن ان تخدم كوسيلة لنقل البضائع والسواح والحجاج الذين يريدون زيارة الأماكن المقدسة علاوة عن التخفيف عن ازدحام الطرق الخارجية، كما وانها تخدم الأستراتيجيات العسكرية للدول المختلفة. وقد أمتدت الرغبة في انشاء السكك الحديدية العربية الى الرغبة بمد قطارات الأنفاق (المترو) داخل المدن نفسها، علاوة عن ربط شبه الجزيرة العربية بأوربا عن طريق تركيا للسكك الحديدية القادمة من سوريا الى تركيا او ايران. وهناك سكك حديدية الآن تربط بين دمشق وطهران عن طريق حلب وتركيا. وهناك مشاريع لربط القاهرة والخرطوم على ان تمتد تلك الخطوط عبر افريقيا الى مدينة الكاب في جنوب افريقيا.

 فقد عمدت ليبيا الواسعة المساحة والتي لا توجد فيها حتى الآن اي خطوط سكك حديدية الى التوقيع على اتفاقات مع الشركة الصينية للسكك الحديدية وشركة سكك الحديد الروسية وشركات مصرية وفرنسية لمد سكة حديدية تربط بين شرق ليبيا بغربها وشمالها بجنوبها . وقد قٌدر طول القسم الرابط بين مدينة قابس التونسية ومدينة السلوم المصرية بألفين ومائة وثمانين كيلومتر. ولعل مشاريع انشاء السكك العربية الحديدية الأولى تعود الى مصر. فقد تم انشاء اول سكة حديدية مصرية عام 1856 حيث ربطت تلك السكة بين مدينتي القاهرة والأسكندرية. وتشاء الصدف ان تسقط أحدى عربات السكة (عام 1858) في النهرحيث غرق في الحادث الأمير أحمد ولي العهد المصري، وكانت النتيجة حصول أخاه اسماعيل على عرش مصر وتوج كخديوي على مصر، وكانت لدى الخديوي أسماعيل امالاً لمد سكة حديدية من القاهرة الى الخرطوم وتقوم الحكومة المصرية الآن بجهود كبيرة لتحديث قطاع السكك الحديدية التي شهدت حوادث ذهب ضحيتها الآف الأشخاص بين قتلى وجرحى في العشرة سنين الماضية. وتشهد المغرب الآن حركة كبيرة لتحديث خطوط السكك الحديدية، حيث يقوم الملك محمد السادس بنفسه بالإشراف على مد خطوط سكة حديدية من طنجة الى الرباط على غرار السكك الحديدية الفرنسية الفائقة السرعة، بالإضافة الى تحديث الخط القديم الذي يربط وجدة بالدار البيضاء عبر فاس والذي يعود الى عام 1919. والمغرب يعتبر من اكثر الدول العربية التي يزورها السواح الأجانب حيث يصلها حوالي ثمانية مليون سائح سنوياً.

وتقوم سوريا ولبنان بالتفكير بإعادة تسيير خط السكة الحديدية الذي يعود تاريخه الى عام 1895 لربط كل من بيروت بدمشق، علاوة على التفكير بربط دمشق بعمان بسكة حديدية يمكن ان تسهل نقل السواح الى سوريا التي تعمل بجهد على زيادة عدد السائحين اليها. كما وان هناك محادثات جارية بين سوريا والسعودية لإعادة احياء خط سكة حديد الحجاز الذي دُمر عام 1915 والذي كان يربط بين دمشق والمدينة المنورة مروراً بالعقبة في الأردن. ومن الناحية الأخرى، نجد ان السعودية بمساحتها الواسعة تعمل على مد خطوط سكك حديدية بين غربها وشرقها وجنوبها بشمالها. فهناك مشروع سكة حديد الحرمين للربط بين مكة المكرمة والمدينة المنورة وقد تقدمت شركات عالمية متخصصة بتقديم عروض لتنفيذ هذا المشروع على ان تمتد السكة الى مدينة الملك عبد العزيز الأقتصادية بمحافظة رابغ يكون مجموع طوله 530 كيلومتر. وفي عام 2009 ذكرت المؤسسة العامة للخطوط الحديدية في السعودية انها لا تزال جادة في انجاز ما تسميه (الجسر البري) الذي يرمي الى ربط الخليج العربي بالبحر الأحمر حيث تؤكد السعودية ان هذا المشروع هو مشروع استراتيجي وتقدر تكاليفه بسبعة مليارات من الدولارات. وتنطلق هذه السكك الحديدية السعودية من ميناء جدة الأسلامي ويتصل بخط السكة الموجود حالياً بين الرياض والدمام بطول 950 كيلومتر تقريباً ويشمل ايضاً وصلة طولها 115 كيلومتر لربط مدينة جبيل الصناعية بالسكة. ويتوقع ان يحقق هذا المشروع الضخم الكثير من الفوائد التنموية للمناطق الرئيسية السعودية الكبرى وهي منطقة الرياض ومكة المكرمة والمنطقة الشرقية، إذ يتركز في هذه المناطق ما يزيد على 70 بالمائة من سكان السعودية والأنشطة الأقتصادية بالمملكة.

وتعمل كل من الأمارات العربية وقطر على مد خطوط سكك حديدية حديثة وفائقة السرعة. فعقب انجاز مشروع (المترو) في مدينة دبي عام 2009 تخطط حكومة الأمارات لربط الأمارات السبع بسكك حديدية حديثة، في الحين الذي وقعّت فيه قطر مؤخراً على عقود مع شركات المانية بمد سكك حديدية في انحاء الأمارة وكذلك مد قطار المترو في مدينة الدوحة على ان يتم انجاز هذه المشاريع عام 2016. وهذه المشاريع اهميتها بالنسبة الى قطر التي تواجه توسعاً كبيراً في الأنشطة الأقتصادية وحركة بناء واسعة يصاحبها انفجاراً سكانياً كبيراً، بالإضافة الى ان قطر سوف تستضيف كأس العالم لكرة القدم لعام 2022.

وترمي دول مجلس التعاون الخليجي ان يجري التنسيق فيما بينها لربط مشاريع السكك الحديدية المزمع انشاءها بحيث يمكن السفر بواسطة السكك الحديدية بسهولة بين تلك الدول. حيث تشكل دول مجلس التعاون خامس كتلة اقتصادية في العالم. وفي مطلع عام 2010 قالت وزارة النقل العراقية بأنها ستدعو شركات اجنبية لبناء شبكة سكك حديدية حول بغداد بتكلفة ثلاثة مليارات من الدولارات كما وان الحكومة العراقية عازمة على ترميم وتحسين خطوط السكك الحديدية المتداعية فيها وكان موضوع مساهمة شركات المانية في تطوير السكك الحديدية من المواضيع التي تباحث فيها رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، مع السلطات الألمانية اثناء زيارته لألمانيا عام 2008. وينوي العراق اعادة ربطه مع تركيا وعبر سوريا بواسطة سكة حديدية من بغداد فالموصل فحلب السورية ومنها الى تركيا وبقية انحاء اوروبا وذلك احياء للمشروع القديم لسكة حديد برلين - بغداد عبر اسطنبول الذي تبنّى مشروعه السلطان عبد الحميد قبل الحرب العالمية الأولى. وقد كان هناك سكة حديدية قائمة بين بغداد واسطنبول الى الماضي القريب ولكن العمل بهذا الخط توقف اثر الحروب التي مر بها العراق. وفي صيف عام 2010 قام العراق بتسيير خط تجريبي بين الموصل وحلب وتركيا برحلة واحدة في الأسبوع فقط.

وتنظر الكويت الى مشاريع السكك الحديدية بكل اهتمام حيث انها تأمل في ان تكون حلقة الترابط بين السكك الحديدية المزمع انشائها على الشواطئ الغربية للخليج العربي على ان تمتد خطوط السكك الحديدية منها الى العراق وايران. ويعتبر الوزير الكويتي الشيخ ناصر صباح الصباح من اشد المتحمسين لفكرة ربط الكويت بالعالم الخارجي عن طريق السكك الحديدية وكان اول من طرح عام 2000 فكرة ربط الكويت بالعراق وايران ومنها الى شمال ايران على ان ترتبط تلك السكة بسكة حديدية تمتد من الصين عبر دول آسيا الصغرى الى شمال ايران على ان يمتد هذا الخط الى جنوب ايران فالعراق فالكويت. واظهرت الصين مؤخراً اهتماماً كبيراً بإحياء مشروع سكة حديدية تمتد من الصين الى ايران.

ان من المؤسف ان نلاحظ اليوم ان السكك الحديدية القائمة داخل البلاد العربية تتوقف عند حدود تلك البلاد ولا تربط الدول العربية بعضها بالبعض الآخر. وان ارتباط الدول العربية بشبكة خطوط حديدية من المؤمل انجازها خلال العشرة سنوات القادمة، اذا ما قُدر لها التنفيذ، سيزيد من حجم النشاط الأقتصادي ونقل البشر والتكامل بين البلاد العربية حيث يعتبر الأمريكان مثلاً ان الوحدة الحقيقية الأقتصادية والبشرية في الولايات المتحدة الأمريكية لم تتم الا في عام 1869 حيث تم الربط بين شرق امريكا وغربها بواسطة السكك الحديدية.

----------

*د. لؤي بحري / كاتب وأستاذ جامعي من العراق، مقيم في واشنطن، ومؤلف كتاب "سكة حديد برلين- بغداد، 1890-1914".

=====================

حرب من نمط جديد؟     

آخر تحديث:الأربعاء ,22/12/2010

ميشيل كيلو

الخليج

تتشكل منذ قرابة عقد ونيف ظروف حرب من نمط جديد، وسيلتها العلم كأداة عسكرية مباشرة، تستخدم ما في نظمه المتفوقة من قدرة على تعطيل نظم العمل والعيش والحرب لدى البلدان الأخرى: بتعطيل إدارتها والسيطرة عليها من دون تدميرها مادياً بالضرورة، أي مع بقائها قائمة وسليمة كنظم خام .

خلال حرب البلقان في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، استخدم الأمريكيون وسائل الحرب الجديدة لتعطيل قدرة القيادة اليوغسلافية السابقة على إدامة حياة السكان الطبيعية، وعمل الدولة ووظائفها، وإدارة عمليات الدفاع العسكرية عن النفس . وقد أطلق المهاجمون موجات ضباب أحدثتها قنابل صوتية أدت إلى تعطيل مولدات الكهرباء، وانقطاع التيار الكهربائي عن مناطق معينة وحتى عن الدولة بأسرها، من دون تدمير محطات توليد الطاقة أو مسها بأذى . ثم مع تطور نظم المعلوماتية وتحولها إلى “بنية فوقية” كاملة للمرافق والمنشآت الصناعية والزراعية والتجارية، وللنظام المصرفي ونظم المواصلات، وللتواصل الحكومي والإداري، تركز نمط الحرب الجديد والمختلف على هذه القطاعات، وخاصة منها نظام المعلوماتية، وانتقلت الحرب من ساحة القتال إلى شاشات الكمبيوتر الشخصي والرسمي، وبدأت حرب سرية لا يعلنها أحد، تدور حتى في جيب أي شخص أو داخل سيارته، تنخرط فيها أو يمكن أن تنخرط فيها الدول والشركات والأفراد، بهدف شل الجهاز العصبي لدى الخصم أو العدو وتعطيل جسدية بلده المادية، التي يقودها هذا الجهاز العصبي . والنتيجة، يستسلم العدو أو الخصم لعجزه عن إدامة السير العادي للحياة العامة، وتأمين الخدمات الأولية لمدنه وقراه وصناعته وتجارته، وصيانة وحفظ التواصل داخل الحكومة والشعب وبينهما، وتالياً صيانة التسلسل الهرمي: الإداري والطبيعي، الذي يشكل قوام الدولة ويضمن عملها ونظامها الخاص وأمن مواطنيها، فتجد نفسها مجبرة على الاستسلام، كما حدث في يوغسلافيا، التي أجبرها انقطاع الكهرباء والماء عن المدن، وتوقف التواصل بين أجهزة الدولة العليا والدنيا، وتوقف قطاراتها وسفنها النهرية وناقلاتها الضخمة، وتاليا قدرتها على إمداد سكانها بالماء والغذاء، رغم أن جيشها بقي سليماً ومن دون خسائر تستحق الذكر (دمرت الغارات الجوية الأطلسية الأمريكية 13 دبابة صربية فقط لا غير، كما أعلن الأمريكيون بعد الحرب) .

يبدو أن هذا النمط من الحرب بدأ منذ بعض الوقت ضد إيران، مع إطلاق موجات الكترونية تستطيع، عند تفعيلها، تعطيل الدولة، أي إلغاء وجودها لبعض الوقت في حياة الشعب وتقويض قدرتها على إدارة العمليات العسكرية، وتالياً للسيطرة على حركة ومعارك جيشها، فهي حرب علم وليست حرب جنود، بلغت مرحلة متقدمة قبل أسابيع، عندما تم توجيه فيروس متطور إلى محطة بو شهر النووية، قالت إيران أول الأمر إنه أصاب بالشلل ثلاثين ألف كمبيوتر شخصي للعاملين في المحطة وإدارة واقتصاد الدولة، لكنه لم يعطل المحطة نفسها، ثم أصدرت إعلاناً رسمياً يؤجل تغذيتها بالوقود المخصب إلى أجل غير محدد، بعد أن كانت قد حددت موعداً له في أجواء احتفالية تتسم بالتحدي . ومع أن مسؤولاً رفيعاً قال يوم الرابع عشر من شهر اكتوبر/ تشرين الأول الماضي إن إيران نجحت في التغلب على الفيروس، وأعادت الأمور إلى مجراها الطبيعي، فإن أحداً في الجبهة الأخرى من الحرب وهو طرف مجهول إلى اليوم لم يعلق على الأمر، فضلاً عن أن أحداً لم يعلن تبني أو امتلاك السلاح الجديد، الذي قيل إنه على درجة من التطور تفتقر إليها معظم دول العالم، بما في ذلك المتطورة جداً منها، وأن مصدره يجب أن يكون الولايات المتحدة الأمريكية بالذات .

هل تعطلت محطة بوشهر؟ يكاد يكون من المسلّم به أن شيئاً ما وقع فيها لا يعرفه غير طرفي الحرب: إيران والجهة صاحبة الفيروس . وبغض النظر عن هذه المسألة التفصيلية، التي تتصل بفاعلية الحرب الجديدة وأدواتها وليس بواقعة حدوثها، فإن ما يثير الاهتمام هو هذا النمط المختلف وغير المسبوق من الحرب، الذي سيتزايد نشوبه وتتعاظم فاعليته في الصراعات والعلاقات الدولية، وسيزداد تأثيره باطراد في واقع الدول، بالنظر إلى إمكانية شنه وخوض غماره من دون إعلان، ومن دون قطع أو توقف علاقات البلدان المتحاربة على أي صعيد، بل ومن دون سقوط قتلى وجرحى أو تدمير مدن وقرى وطرق مواصلات وجسور ومصانع وموانئ ومطارات . . . الخ، ومن دون أن تطاله المنظومة القانونية التي تضبط علاقات الدول، أو تتمكن منظمات الشرعية الدولية التدخل فيه أو معرفة مجرياته . وللعلم، فإن هذه الحرب دائرة على أشدها بين أكبر دولتين في العالم: أمريكا والصين من دون أن يأتي أحد من قادتهما على ذكرها أو يبدي الرغبة في وقفها أو يتذمر منها . وقد قيل مؤخراً إن أمريكا تجري تدريبات، وتتخذ إجراءات لحظية وتطور برامج يومية لوقف هجوم إلكتروني صيني يخشى أن يعطل نصفها الغربي أو يصيبه بالشلل . وتفيد المعلومات القليلة، التي تتسرب بين حين وآخر حول هذه الحرب أن نتائجها لا تقل فتكاً بالخصم من النتائج التي تترتب على استخدام القنابل والصواريخ والطائرات، بل إنها تفوق الحرب التقليدية تأثيراً وقدرة على التدمير، لأنه لا يمكن صدها بأية عمليات تحصين أو تمويه مادية، على الأرض أو في البحر والجو، فهي حرب أثيرية قادرة على اختراق سائر العقبات والموانع والعوائق المادية وغير المادية .

 

هذا النمط من الحرب سيؤسس لحاضنة مختلفة للعلاقات الدولية، وسيفتح حدود جميع الدول أمام غزو إلكتروني/ معلوماتي شامل لا يعرف التوقف، وسينزل الهزائم بعدد غير محدود من الدول في وقت واحد، وربما في سويعات قليلة، وسيوفر أجواء تسمح للقوى الدولية المتقدمة أن تسيطر على بقية العالم عن بعد، من دون أن تريق نقطة دم واحدة من أي جندي من جنودها، مع أن كسبها سيكون مضموناً، على عكس ما هو حاصل اليوم . أخيراً، فإن هذا النمط من الحرب لن يبطل فقط الحروب النظامية، حروب الجيوش، بل سيقيد كثيراً الحاجة إلى الجيوش النظامية وسيقلص أعدادها، وسيحل التقني والعالم محل الضابط، والخبير في الإلكترونيات والمعلوماتية محل الخبير في الأرض والخرائط الميدانية والأسلحة التقليدية، وسيفضي إلى ابتكار أجيال من السلاح ذاتية العمل، لا تحتاج إلى من يشغلها، فهي تستطيع تشغيل نفسها بنفسها، وأخيراً، فإنه سيحد كثيراً من فاعلية حروب العصابات وربما إبطالها في زمن منظور، علماً بأن من سينتصر في هذه الحرب لن يكون الأقوى عسكرياً بالمعنى التقليدي بل الأكثر علماً وحرية واستثماراً في الذكاء والحرية: أي في أعظم وسيلة قتالية خلقها الله، ألا وهي العقل: عقل الإنسان، الذي سيتمكن من خوض الحرب الجديدة وكسبها بقدر ما يكون عقلانياً، حراً وقادراً على التفتح في شروط تقدم غير مقيد أو محدود، هو تقدم المجتمع الذي يوظف إمكاناته لتحقيق تنمية رأسمالها الإنسان الحر وعقله الطليق .

 

يقال: من يحسب يسلم . يجب أن نأخذ نحن العرب هذا النمط من الحرب بكل جدية، وأن نعمل لحماية بلداننا وشعوبنا ودولنا منه، لأننا أحد أهدافه المفضلة، ليس فقط لأنه يمحو الفوارق المادية الهائلة بيننا وبين العدو “الإسرائيلي”، بل ولأنه يمكنه من خوض حرب ضدنا نحن فيها مجرد ضحايا، لا يفيدهم عدد أو مال أو انتشار جغرافي واسع أو مخابرات أو عسكر . ويزيد من حاجتنا إلى ملاقاة هذه الحرب عبر تأمين مستلزماتها السياسية والاجتماعية، وعلى رأسها المواطن الحر والعقل الذي لا قيد عليه . إن العدو “الإسرائيلي” متقدم جداً في المجالات العلمية، ويحتل مراتب أولى على صعيد العالم في تقنيات هذه الحرب ووسائلها، وفي المعلوماتية والصناعات الإلكترونية، وأن بلدانا متقدمة كثيرة تشتري أسلحة تنتجها صناعاته، منها أمريكا وروسيا . والسؤال هو: إلى متى ستظل بلداننا في ذيل قائمة الدول في البحث العلمي والتقدم الفكري والحرية .

 

خسرنا في الماضي حروب المدافع والصواريخ والطائرات، فهل نكون مصممين اليوم على خسارة الحرب الجديدة أيضاً: حرب الفيروسات والكمبيوترات، التي نحذر منها، لأنها ستمكن “إسرائيل” من إركاعنا، فلا تفيدنا المساحات الواسعة الشاسعة، ولا الطائرات والدبابات، ولا ينجينا من الهزيمة النهائية فيها غير النعم الكبرى التي منحها الله لعباده: العقل والحرية وصدق الإرادة .

=====================

باكستان: تقويم الاستراتيجية الأميركية

الاربعاء, 22 ديسيمبر 2010

خالد إقبال *

الحياة

يزعم التقرير الأميركي عن مراجعة الاوضاع في افغانستان، أن زيادة القوات الاميركية هناك حققت نتائج لا يستهان بها. لكن الحق يقال، ليست هذه النتائج حاسمة أو دائمة. وصدر تقويم الاستراتيجية الاميركية في وقت بلغت الإصابات المدنية ذروتها، منذ 2001 الى اليوم. والعام الجاري هو الأكثر دموية في صفوف قوات الاحتلال. ومنيت الولايات المتحدة بحصة الاسد من الإصابات. وتزامن نشر تقويم الاستراتيجية مع زيادة عدد الغارات الاميركية على المناطق الباكستانية.

 

ولا شك في أن تقويم أوباما ليس أكثر من تقرير يوازن بين ضغوط الجيش الاميركي الذي يطالب بمنحه الوقت الكافي لبلوغ أهدافه في أفغانستان، وبين ضغوط الإدارة الحريصة على الظهور كما لو أنها تود إنهاء الحرب. وعلى رغم تمسك الإدارة الاميركية بموقفها القائل إن بداية الانسحاب الاميركي من أفغانستان تموز (يوليو) القادم، لم يُحدد بعد عدد الجنود العائدين إلى ديارهم.

 

وتجنب التقويم الاميركي أو المراجعة توجيه الانتقاد المباشر الى الحكومتين الباكستانية والأفغانية، وزعم انحسار نفوذ طالبان في قندهار وهلمند. وعلى رغم الاشارة إلى أن الولايات المتحدة واصلت قتل قيادات «القاعدة» وأنها قيدت قدرتها على شن هجمات إرهابية من المنطقة، أغفل التقرير ذكر اسماء قادة القاعدة الذين قتلوا أو اعتقلوا. ولم يشر التقرير إلى الخسائر المدنية، ولم يقترح تعويض السكان عن الخسائر التي لحقت بهم جراء الغارات. ويشكو الأفغان من أن التركيز على الحرب على الإرهاب وعلى دعم القوات الأفغانية في الميدان جاء على حساب مكافحة الفساد المستشري في أجهزة الدولة.

 

وانتقد كبار المسؤولين في البنتاغون التقرير هذا، وقالوا إن (معلوماته) قديمة وصاغها محللون أمضوا وقتاً قصيراً في المنطقة. ويتحدث القادة العسكريون الأميركيون عن احراز نجاحات بارزة في الجنوب الأفغاني في الشهور الأخيرة. ولكنهم يقولون أيضاً أن تقويم الوضع تقويماً حاسماً غير ممكن قبل أن تبدأ معارك الربيع والصيف.

 

ونهج قوات الاحتلال المزدوج الذي يجمع بين السعي في الحاق الهزيمة بقوات طالبان والرغبة في التفاوض معها لا يسهم في ارساء الاستقرار.

 

وأميركا تخسر الحرب في أفغانستان، ولكنها توجه اللوم الى باكستان. ولذا، حريّ بباكستان أن تراجع سياستها ازاء أفغانستان وأن تنأى بنفسها عن السياسة الاميركية إذا تباينت مصالح البلدين.

ـــــــ

* ضابط سابق في سلاح الجو الباكستاني، عن «ذ نايشن» الباكستانية، 20/12/2010، اعداد جمال اسماعيل

===============

الوظيفة الأمنية على حساب الإصلاح في الدول العربية

الاربعاء, 22 ديسيمبر 2010

محمد شومان *

الحياة

على رغم كثرة وتنوع الاختلافات بين الأنظمة السياسية العربية، ووجود مظاهر كثيرة للتنافس وربما الصراع في ما بينها، إلا أن هناك قواسم مشتركة تؤكد مقولة وجود نظام إقليمي عربي يعكس مشتركات ثقافية ومجتمعية وتاريخاً وتقاليد سياسية مشتركة. ولعل أهم هذه المشتركات الاتفاق على مقاومة رياح الإصلاح والتغيير الديموقراطي وعدم احترام القانون ورفض تداول السلطة وإعلاء دور الأجهزة الأمنية في بناء الدولة العربية وتصريف أمورها اليومية وحل مشاكلها على حساب المجتمع المدني ومشاركة المواطنين.

ويتستر إعلاء الوظائف الأمنية للدولة وليس السياسية في أغلب الدول العربية بما يمكن وصفه بالإيديولوجية الأمنية أو «الأمنولوجيا»، وهي أيديولوجية تتوهم أن الوطن مستهدف ومحاصر بأعداء وتحديات في الداخل والخارج – كل دول العالم تواجه تحديات مماثلة – وبالتالي فإن الحفاظ على الأمن والاستقرار وتجفيف منابع الإرهاب والعنف والتصدي لها ضرورة وشرط وجود للمجتمع والدولة، ومن ثم يجب أن يتقدم الأمن على مشاركة المواطنين في الحكم بل وعلى الحريات العامة، كما يجب أن يتقدم على السعي للتنمية. ويصبح الأمن وهواجسه معيار النظر إلى السياسة والثقافة والاقتصاد. من هنا ظهرت مفاهيم عربية غريبة عن الأمن الثقافي والأمن الفكري والأمن الإعلامي والأمن الغذائي!.

هكذا تؤجل عملية الإصلاح السياسي أو تتحرك خطوة إلى الأمام وخطوتين إلى الخلف تحت دعاوى الحفاظ على الأمن، وتتحول الوظائف الأمنية للدولة إلى هدف في حد ذاته منفصل عن بقية وظائف وأدوار الدولة الحديثة، فتتقلص مخصصات التعليم والصحة في كثير من الدول العربية لمصلحة الإنفاق على الأمن الداخلي، وتتضخم الأجهزة الأمنية - بما في ذلك الأجهزة الأمنية داخل الجيش - وتتنوع مسمياتها وتتسع صلاحياتها على حساب السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويصبح التعاون مع الأجهزة الأمنية شرطاً لازماً للترقي والترشح لمناصب قيادية في الدولة. ويجرى في بعض الدول العربية اختراق أمني صريح وفج للسلطة القضائية بل وللفضاءين السياسي والإعلامي، الأمر الذي أدى إلى حصار المجال العام وإضعاف المشاركة السياسية للمواطنين وقمع المعارضة وحركات الاحتجاج الاجتماعي والسياسي، حتى أن بعض الدول العربية يقدم نماذج غريبة لأحزاب معارضة وشخصيات عامة تتحرك بأوامر أمنية، وأنشطة إعلامية وتعليمية ورياضية واقتصادية لا تُنجز إلا عبر موافقات أمنية أو مشاركات معلنة أو غير معلنة لأجهزة الأمن!

أولوية الأمن والحفاظ على الاستقرار الداخلي بخاصة في ظل تهديدات «القاعدة» والتطرف باسم الدين وتأجيل الاستحقاق الديموقراطي والتنموي تذكر بأولوية تحرير فلسطين في الخطاب العربي في الستينات من القرن الماضي، حيث عمدت مؤسسة الدولة في كثير من الدول العربية إلى قمع الحريات واعتقال المعارضين تحت دعوى أن لا صوت يعلو فوق صوت معركة تحرير فلسطين، ثم تحرير سيناء والجولان، ما يعني أن العقل السياسي العربي الذي يحرك الدولة الشمولية المطلقة منذ الستينات استبدل تحرير الأرض بحفظ الأمن والاستقرار منذ التسعينات، وأدخل تعديلات على صيغة الدولة الشمولية بحيث أصبحت شمولية تعددية على مستوى الشكل وليس المضمون، مع تبني الأيديولوجية الأمنية عوضاً عن الأيديولوجيات التي سادت الساحة العربية في الستينات. وقد حدث هذا التطور في ضوء:

1- إخفاق الاختيارات الأيديولوجية التي ادعت النخب العربية الحاكمة تبنيها منذ الخمسينات وحتى نهاية الثمانينات من القرن الماضي، مثل القومومية أو الوطنية (القطرية) أو الاشتراكوية أو الإسلاموية أو مزيج بينهما.

2- تآكل مشروعية كثير من نظم الحكم وضيق قاعدتها الاجتماعية وفشلها في الوفاء بالاحتياجات الأساسية لمواطنيها وتغييب القانون والعدالة وانتشار الفساد، ما أدى إلى ظهور حركات رفض اجتماعي وسياسي بعضها اتخذ طابعاً دينياً (حركات الإسلام السياسي) أو فئوياً (احتجاجات الشباب والعمال والمهنيين) أو طائفياً أو جهوياً أو إثنياً (الأمازيغ - البدو - الأكراد – جنوب السودان – جنوب اليمن).

3- رياح التغيير التي اجتاحت العالم منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في مطلع التسعينات، وما طرحته العولمة من فرص ومخاطر ضاعفت من التحديات التي تهدد استمرار بعض الدول العربية خصوصاً في ما يتعلق بتراجع قدرة الدولة العربية على تأمين الاحتياجات الضرورية لمواطنيها واحتكار الفضاءين السياسي والإعلامي في ظل الإنترنت وانتشار تكنولوجيا الاتصال. علاوة على انتشار الديموقراطية في كثير من دول العالم الثالث بما في ذلك أفريقيا جنوب الصحراء.

4- صدمة 11 أيلول (سبتمبر) وإعلان بوش الابن الحرب على الإرهاب، وغزو أفغانستان والعراق وممارسة ضغوط على الدول العربية لإدخال إصلاحات ديموقراطية من شأنها تجفيف منابع الإرهاب باسم الإسلام والذي أصبح بفعل العولمة تهديداً عالمياً وليس مجرد تهديد محصور في النطاق الجغرافي للدول العربية أو الإسلامية. والمفارقة أن الدولة العربية نجحت في احتواء الضغوط الأميركية والأوروبية من اجل الإصلاح الديموقراطي والتحايل عليها من خلال زيادة الاهتمام بالوظيفة الأمنية للدولة وإعلاء شأن الأمنولوجيا في تبرير تأجيل استحقاق إصلاح ديموقراطي حقيقي، وإدخال تعديلات شكلية محدودة على الطابع الشمولي للدولة.

والإشكالية هنا أن استمرار الأمنولوجيا لا يهدد الحريات العامة أو يضعف من فرص الإصلاح الديموقراطي فقط، أو يقوض من فرص حياة المجتمع المدني بل يهدد بقاء الدولة العربية ذاتها ويتعارض بفجاجة مع أسس المنطق والتاريخ. فمع استمرار احتكار السلطة والتزاوج بين المال والسلطة في كثير من الدول العربية تتوالى أزمات الداخل وفي مقدمها أزمة الشرعية وعدم قدرة الدولة على تمثيل كل مواطنيها وتلبية حقوقهم واحتواء آمالهم المشروعة، وبالتالي تضيق القاعدة الاجتماعية للنظام ولا تجد النخبة الحاكمة بديلاً لدعم وجودها وضمان استمرارها سوى الاعتماد على الأجهزة الأمنية، والتي تعمل بدورها على توسيع نطاق عملها وزيادة حضورها في كل أجهزة الدولة ووظائفها، وفي ظل غياب القانون والرقابة الشعبية تعمل الأجهزة الأمنية من دون رقيب وتتضخم أدوارها، وتزداد معدلات تقويض القانون والدولة لمصلحة الأدوار الأمنية والنخب الحاكمة، ويتحول قادة الأجهزة الأمنية في بعض الدول العربية إلى جزء أصيل من النخبة الحاكمة، يشارك في اتخاذ القرار وفي لعبة الفساد، وتتخلى أجهزة الأمن تدريجياً عن وظيفتها كجهاز بيروقراطي من أجهزة الدولة يحتكر ممارسة العنف في حدود القانون وبهدف خدمة المواطنين ومكافحة الجريمة وتطبيق القانون، إلى جهاز يدين بالولاء لنخبة محدودة تحتكر الحكم، وترى أن وجودها واستمرار احتكارها للحكم هو استمرار للوطن والدولة. وفي هذا المناخ فإن النخبة الحاكمة تشكل أجهزتها الأمنية وليس أجهزة الدولة والقانون، وقد يكون معيار الالتحاق بالأجهزة الأمنية هو الانتماء القبلي أو الجهوي أو الطائفي بغض النظر عن توافر الكفاءة والإخلاص للقانون والدولة، ما يقوض من أركان الدولة الحديثة.

والمفارقة أن تحالف النخب الحاكمة مع أجهزة الأمن والترويج للأمنولوجيا جاء على حساب الجيش في كثير من الدول العربية، وذلك على العكس من بدايات تشكل الدولة العربية الحديثة بعد الاستقلال، بخاصة في الخمسينات، ولعل ذلك يرجع إلى أن الخبرة التاريخية والشخصية لبعض أفراد النخب الحاكمة تؤكد على خطر الجيش الكبير الذي لا يحارب، وأن الانقلابات العسكرية كانت أحد أهم آليات التغيير وتداول الحكم في المنطقة العربية، حتى أن بعض الأنظمة العربية تدين بوجودها الحالي لانقلابات عسكرية قامت في الستينات والسبعينات من القرن الماضي وأقامت «جمهولوكيات» عربية شمولية لا تزال قائمة، وبالتالي فليس من المقبول تكرار اللعبة التي استفادت منها بعض النخب العربية الحاكمة التي جاءت إلى سدة الحكم عبر انقلابات مسلحة. من هنا شهد بعض الدول العربية جهوداً مضنية لتحييد الجيش أو إضعافه لمصلحة الأجهزة الأمنية داخل الجيش وخارجه والتي يجرى تشكيلها وفق منطق خدمة النخبة الحاكمة وليس الوطن أو الدولة أو القانون. ووفق بعض الأرقام والتقديرات فإن أعداد قوات الأمن ومخصصاتها المالية في بعض الدول العربية تفوق مثيلاتها في القوات المسلحة. فالجيش القوي يضاعف من مخاطر حدوث انقلاب عسكري، بينما تضخم الأجهزة الأمنية وتعددها وتنافسها في القيام بالوظائف الأمنية لا يشكل الدرجة نفسها من مخاطر حدوث انقلاب عسكري، ولعل التجربة العربية خير شاهد حيث لم تمارس الأجهزة الأمنية انقلابات سياسية إلا في حالة أو حالتين على الأكثر. لكن من يدري فقد تختلف قواعد اللعبة في المستقبل.

من جانب آخر فإن وجود جيش صغير أو جيش كبير بعيد من السياسة والحكم، مع وجود أجهزة أمنية كبيرة وقوية ومنتشرة في مفاصل الدولة والمجتمع من شأنه خلق حالة من التوازن تضمن استمرار احتكار النخبة للحكم وتقلص من فرص حدوث انقلابات عسكرية، وهو ما يمكن أن يفسر ضمن أسباب أخرى نهاية ظاهرة الانقلابات العسكرية الناجحة في الدول العربية على رغم استمرار الأسباب التي كانت تغذيها. وأنا هنا لا أدعو أو أشجع على تكرار ظاهرة الانقلابات العسكرية كبديل من حالة احتكار السلطة في الدول العربية وهيمنة الأمنولوجيا القمعية، بل إنني أحاول تفسير ما حدث، فلا بديل من وجهة نظري سوى دولة القانون وصندوق الانتخابات كطريق وحيد وآمن لدعم وتجديد شرعية الدولة العربية وضمان الحكم الرشيد واحترام القانون وحقوق الإنسان.

* كاتب وجامعي مصري

========================

الصين والهند تتجنبان المسائل الحساسة

الاربعاء, 22 ديسيمبر 2010

يوكتشوار كومار *

الحياة

زيارة رئيس الوزراء الصيني ون جيباو الى الهند، جعلت منه أول رئيس وزراء صيني يزور الهند أكثر من مرة واحدة وهو في المنصب ذاته، بعد الزيارة التاريخية لرئيس الوزراء شو إن لاي عام 1954.

لقد أرسى ون علاقة متينة مع القيادة الهندية في الزيارة السابقة. وبما أن القيادة هذه ما زالت تقريباً هي ذاتها، كان أسهل عليه ترسيخ العلاقة الثنائية على الأسس الصلبة التي وضعت عام 2005. وهو التقى رئيس الوزراء الهندي مانهومان سنغ 11 مرة. واللقاء الأخير بينهما كان في تشرين الأول (أكتوبر) أتناء القمة السابعة عشرة لرابطة دول جنوب شرقي آسيا في العاصمة الفيتنامية هانوي. وأجرى حينها الزعيمان محادثات مثمرة وظهر ارتياحهما لأسلوب تعاملهما مع بعضهما. وسيبلغ حجم التجارة بين الجانبين 60 بليون دولار هذا العام. لكن ثمة إمكانات هائلة غير مستكشفة بعد.

 

ويميل الميزان التجاري ميلاً شديداً لمصلحة الصين. وتشكل المواد الخام والمنتجات الأولية أكثرية الصادرات الصينية إلى الهند، ويبحث رجال الأعمال الهنود في تنويع التجارة وزيادة حجم الصادرات.

 

أثناء الزيارة السابقة، وقع ون اتفاقاً لحل النزاع الحدودي الذي وصفه مستشار الأمن القومي الهندي حينها، أم. كا. نارايانان بأنه «واحد من أهم الوثائق الموقعة بين البلدين». وما زالت مسألة الحدود تتسم بحساسية ولن تُحل بتوقيع بعض الوثائق. ومع ذلك، فإن الجولة الرابعة عشرة بين الممثلين الخاصين لكل من البلدين عقدت الشهر الماضي، وحصل تقدم أثناء المحادثات تلك.

 

وجاءت زيارة ون بعد وقت قصير من الزيارتين اللتين قام بهما الرئيسان الأميركي والفرنسي، اللذان أعلنا دعمهما الكامل لحصول الهند على مقعد دائم في مجلس الأمم المتحدة، وهو ما أعلنه أيضاً رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون.

 

ومن المقرر أن يزور الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف الهند قريباً، وقد يؤيد كذلك طلب الهند بمقعد دائم. ويترك ذلك الصين وحيدة بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، (تعارض انضمام الهند).

 

وستبحث الصين كذلك في تعزيز صلاتها بالهند في قطاع تكنولوجيا المعلومات. . وأعلن عملاق الاتصالات الصيني «هواوي» قبل أيام انه سيستثمر بليوني دولار في الأعوام الخمسة المقبلة لبناء مراكز بحث وتطوير ومراكز صناعية في الهند.

 

وبحسب ما قال سنغ، فإن كبر العالم يكفي لتلبية طموحات البلدين. لكننا نحتاج أيضاً إلى أذهان تتقبل التغيرات. وعلينا التحلي بالحذر لعدم ذر الملح على الجرح عند بلوغ المسائل الحساسة كالنزاع الحدودي وامتناع الحكومة الصينية عن وضع تأشيرات الدخول إلى أراضيها على جوازات سفر القاطنين في كشمير.

 

ويؤمل أن تنتهي الممارسة الأخيرة قريباً بعد زيارة ون، وعلى الهند ألا ترد بإجراء مقابل، على ما يقترح البعض، في شأن منح التأشيرات للمقيمين في منطقة التيبت ذات الحكم الذاتي. ولن يؤدي ذلك سوى إلى عكس التقدم المتين الذي حققه البلدان في العامين الماضيين، في حين يسعهما العمل من أجل الفائدة المشتركة.

ـــــــــــ

* باحث في جامعة باث البريطانية، عن «غلوبال تايمز» الصينية، 17/12/2010، إعداد حسام عيتاني

=========================

أين ستكون حربنا المقبلة؟

عثمان ميرغني

الشرق الاوسط

22-12-2010

منظر الثلوج في أوروبا قد يكون مبهجا أو مسليا للبعض، لكن تحت هذه الثلوج هناك أخبارا غير سارة، ليس لأوروبا وحدها بل للعالم كله. والأمر لا يتعلق بمجرد المشكلات التي أحدثتها الثلوج، من إغلاق لعدد من المطارات، وإلغاء آلاف الرحلات، وعرقلة حركة القطارات وشاحنات النقل وسيارات الركاب. صحيح أن هذه المشكلات لها تبعاتها الاقتصادية والإنسانية، لكن حجمها يتضاءل بالمقارنة مع ما يتوقعه العلماء من كوارث ناجمة عن التغيرات البيئية التي لم تعد مجرد كلام وتوقعات لمستقبل بعيد، بل باتت أمرا ماثلا أمامنا.

هل نحن بمعزل عن الأزمات المتوقعة؟

كلا بالطبع، بل ربما يعنينا الأمر أكثر مما يتخيل البعض. فقد أشارت تقارير صادرة حديثا إلى أن العالم العربي سيكون بين المناطق الأكثر تضررا من التغيرات البيئية والمناخية، وأن الحكومات تحتاج إلى أن تبدأ منذ الآن في الاستعداد لمواجهة الآثار المتوقعة، سواء كانت موجات حر شديد سترفع من استهلاك الكهرباء، أو كوارث سيول مفاجئة، أو عواصف متزايدة. وقد شهد عدد من الدول العربية في الآونة الأخيرة موجات من الحر والجفاف، وكذلك سيولا وأمطارا غزيرة غير موسمية أحدثت أضرارا كبيرة وخسائر في الأرواح.

ويحذر العلماء من أن العالم العربي الذي يعاني أصلا من نقص المياه، سيواجه طقسا أكثر جفافا وأشد حرارة في السنوات القادمة؛ وبالتالي ستكون المياه مشكلة أكبر، إلى حد أنها قد تصبح نواة لحروب في المنطقة أو لاضطرابات داخل بعض الدول إذا بدأ يحدث شح في الغذاء. وكان المنتدى العربي للبيئة والتنمية قد أشار إلى أن موارد المياه العربية قد انخفضت بمقدار الربع مقارنة بالموارد في عام 1960، وأن التسخين الناجم عن ظاهرة الاحتباس الحراري سيفاقم مشكلة إمدادات المياه في العالم العربي.

وحتى لا يستخف أحد بهذا التقرير لمجرد أنه صادر من جهة عربية، فإن خبراء الفريق الحكومي الدولي للتغير المناخي التابع للأمم المتحدة أشاروا إلى أن درجات الحرارة في المنطقة العربية سترتفع خلال العقدين المقبلين. ويرى الخبراء أن هذا الأمر سيؤدي إلى تداعيات بيئية كبيرة من موجات من الجفاف ونقص في المياه إلى أزمات في الغذاء. ولتوضيح الصورة أكثر؛ فإن دراسات دولية أعدها مختصون تذكر أن ارتفاع درجة حرارة الأرض يزيد من نسبة تبخر المياه في اليابسة والبحر، مما يعني موجات جفاف في المناطق التي لا تهطل فيها أمطار كافية لتعويض نسبة المياه المتبخرة. وما يزيد الأمر سوءا أن الخبراء رصدوا أن موجات الجفاف التي بدأت تحدث في عدد من المناطق حول العالم، كثيرا ما تعقبها أمطار غزيرة غير موسمية تحدث سيولا مباغتة وتدمر المحاصيل الزراعية. ولعلنا لم ننس أزمة ارتفاع أسعار القمح عالميا بأكثر من خمسين في المائة في منتصف العام الحالي عندما تضررت المحاصيل بسبب موجة حر وجفاف في روسيا، وأمطار غزيرة في كندا، وفيضانات في الهند وأسراب جراد هاجمت المحاصيل في أستراليا. وهذه كانت مجرد عينة فقط من الأزمات والمشكلات التي يحذر منها العلماء نتيجة التغيرات البيئية والمناخية حول العالم.

ارتفاع معدلات الحرارة يقود أيضا إلى كوارث من نوع آخر. فالحرارة ترفع مستويات مياه البحار والمحيطات، كما أن العلماء بدأوا يرصدون ذوبان الكتل الجليدية القطبية خصوصا في القطب الشمالي حيث ثقب الأوزون أوسع بسبب التلوث البيئي. هذا الارتفاع لو تواصل فإنه سيؤدي إلى غرق مدن ساحلية كثيرة حول العالم منها مدن عربية وإسلامية، خصوصا في المناطق المنخفضة التي لا ترتفع كثيرا عن مستوى البحر.

المفارقة العجيبة أن العالم العربي الذي لم يتسبب إلا بنسبة ضئيلة من انبعاث الغازات الضارة بالبيئة سيكون ضمن المناطق الأكثر تضررا من الكوارث البيئية الناجمة عن تغيرات المناخ. لكن العدالة غائبة في هذا الموضوع مثلما هي غائبة في كثير من جوانب العلاقات بين الشمال الصناعي الغني والجنوب النامي والفقير في غالبه. وفي كل الأحوال فإن البكاء على اللبن المسكوب لا يفيد، وعلى الدول العربية أن تتيقظ سريعا لحجم الخطر القادم وتبدأ خططا وبرامج لمواجهة التبعات المتوقعة. ولعل أهم الخطوات المطلوبة في هذا المجال تتعلق بالمياه، وهي شريان الحياة، سواء بترشيد استخدامها، أو بالبحث عن البدائل المتاحة مثل التوسع في مشاريع تحلية المياه في الدول المطلة على بحار، أو بتطوير أساليب الزراعة التي تستخدم مياها أقل، مع أساليب الزراعة في الصحراء.

إن هناك حديثا كثيرا عن أهمية الأمن الغذائي، وهي مسألة تزداد أهمية مع معدلات الزيادة السكانية التي ستجعل عدد سكان العالم العربي يرتفع بنسبة 300 في المائة بحلول عام 2050. هذا الأمن لن يتحقق إلا إذا بدأت الدول العربية عملا جادا منذ اليوم لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية، ولعل التعاون الجماعي الغائب في كثير من المجالات يتبلور في هذا الموضوع المصيري، خصوصا أن مجالات التعاون كثيرة، بدءا من الربط الكهربائي وانتهاء بالاستثمار الزراعي، لكن السياسة كثيرا ما تعوق الاقتصاد في عالمنا العربي.

الخبراء يحذرون من أن التأجيل في مسألة التصدي لمشكلات البيئة والمناخ لم يعد خيارا ممكنا، فهل نستيقظ قبل فوات الأوان؟

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ