ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 27/11/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

استفتاء جنوب السودان.. الفرصة التي لن يفوتها الغرب

احمد فوده

2010-11-24

القدس العربي

في العشرين من ايار/مايو 1999 تم الإعلان رسميا عن استقلال تيمور الشرقية وانضمامها تاليا إلى الأمم المتحدة، بعد صراع طويل بين حركات التمرد في هذا الإقليم وبين الجيش الاندونيسي والحكومة التي لم تستطع تحمل الضغوط الغربية والأمريكية كثيرا، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية التي كانت تعانيها بعد زلزال العام 1998، الذي أنتج الأزمة المالية الآسيوية الكبرى، وقبلت بفرض مبدأ الاستفتاء الذي كان جزءا من خطة متعددة المراحل أخذت زمنا طويلا حتى اكتملت فصولها ووصلت إلى غايتها التي رسمت بدقة من قبل عواصم القرار الغربية.

لم تكن قصة انفصال تيمور الشرقية فريدة من نوعها، بل كانت قصة مكررة تسعى الدول الغربية إلى تنفيذها في كل دول العالم الثالث، خاصة الإسلامية منها، من أجل تفتيت أكبر عدد من هذه الدول للسيطرة عليها ونهب ثرواتها وتوجيه سياستها وفقا لمصالحها.

ربما من هنا يمكن القول إن ما يجري في جنوب السودان ليس إلا نسخة جديدة من تلك القصة التي ترعاها الدول الغربية، مستخدمة وسائل وأدوات متعددة للوصول إلى هدفها النهائي، ومنها التبشير وخلق مشكلات داخلية تأخذ الصبغة الطائفية ودعم حركات الانفصال بالمال والسلاح وتوفير الحماية الدولية لها وإضعاف الدولة الأم وتوجيه الضربات لاقتصادها وإفلاسها وإثارة الاضطرابات داخلها وحصارها خارجيا وتهديدها عسكريا لترضخ في النهاية.

وهذا ما حدث للسودان الذي سقط في الفخ ورضخ للضغوط الغربية والأمريكية، كما رضخت اندونيسيا من قبل، ووقع اتفاق نيفاشا الذي ضمن إجراء الاستفتاء الذي لن يكون سوى إعلان لانفصال الجنوب السوداني وإقامة دولة مسيحية سوف يستخدمها الغرب كمخلب قط ضد دولة السودان الأم، التي سيكون انفصال جنوبها مجرد بداية لتفتيتها، حيث سيتلوه ارتفاع الأصوات الداعية إلى إعطاء حق الاستفتاء لإقليم دارفور في الغرب وإقليم كردفان في الشرق. كما سيتم استخدامها ضد الدول العربية الأخرى، خاصة مصر التي دخل مخطط تفتيتها دائرة التنفيذ.

وفيما يسير المخطط كما يريد القائمون عليه، نجد أن الدول الواجب عليها مواجهة هذا المخطط، وخاصة السودان ومصر، لم تتخذ أية خطوة من شأنها إفشاله أو حتى عرقلته، فالسودان أضاع السنوات التي تلت اتفاق تقرير المصير عبر الدخول في خلافات حزبية ضيقة ولم يتخذ أية خطوة من شأنها إقناع الجنوبيين بأن الوحدة هي السبيل الأفضل لهم. أما مصر فبدلا من أن تعمل جاهدة على إفشال هذا المخطط الذي يهدد أمنها القومي مباشرة، فقد قامت بخطوات ساعدت على إنجاحه، حيث اتخذت موقفا محايدا بين الحكومة السودانية وحركات التمرد في الجنوب، بل إنها سعت إلى إقامة علاقات سياسية واقتصادية وثيقة مع تلك الحركات توطئة للانفصال، كما أعلن أكثر من مسؤول مصري.

ولم تكن التحركات المصرية الأخيرة وطرحها مقترحات بشأن إقامة دولة كونفيدرالية بين الشمال والجنوب في السودان سوى ذر للرماد في العيون، حيث ان مجرد طرح هذا المقترح معناه أن القاهرة تتعامل مع انفصال الجنوب كأمر واقع وأنها تسعى لتثبيته عبر هذا المقترح.

إذن أصبح من المسلم به الآن أن جنوب السودان سيصبح دولة جديدة تضاف إلى دول الإقليم .. دولة ستكون مرتبطة بشكل كامل بالغرب وتحديدا بالولايات المتحدة وإسرائيل. ولعل ممثل حركة تمرد جنوب السودان في واشنطن كان واضحا في هذا الشأن حينما أكد على هذا بتصريحات لا لبس فيها شدد خلالها على أن الدولة الجديدة في جنوب السودان سوف تعترف بإسرائيل وستقيم معها علاقات وثيقة ومميزة.

لقد أصبحت إسرائيل تحيط بمصر شمالا وجنوبا، كما أصبحت احدى دول حوض النيل، ولها الحق في التحكم بمنابع نهر الحياة للسودان ومصر. وهو ما يعني أن المشاكل التي تواجهها مصر الآن مع دول حوض النيل ستكون أمرا هينا مقارنة بما ستواجهه بعد انفصال جنوب السودان.ل يس هذا وحده سيتحقق بوجود الدولة الوليدة بل هناك أهداف أخرى ستحقق بانطلاقها منها:

- السيطرة على منابع النفط المتدفق في الدولة الجديدة بشروط أفضل من تلك التي كانت ستحصل بها على ذات النفط لو أن الجنوب لم ينفصل.

- السيطرة على منابع النفط في باقي الدولة السودانية بشروط أفضل أيضا تحت سيف التهديد باندلاع الحروب مع دولة الجنوب، في حال إصرار الحكومة السودانية على فرض شروط تحقق مصالح الشعب والدولة السودانية.

- ستكون دولة جنوب السودان بمثابة الفزاعة التي ستستخدمها تلك الدول ضد دول الجوار، خاصة العربية منها لتحقيق أهداف السيطرة والهيمنة وتمرير المشروعات الامبريالية في المنطقة.

- حصار مصر من الجنوب كما تم حصارها من الشمال بإسرائيل، والضغط عليها عبر مياه نهر النيل بإثارة المزيد من المشاكل من قبل الدولة الجديدة التي ستصبح إحدى دول حوض النيل، لإجبار القاهرة على تنفيذ مخططات الغرب ليس فقط في ما يتعلق بدول المنطقة، فهذا حاصل فعلا في ظل مساومة النظام الحاكم في مصر على كل شيء مقابل تمرير ملف التوريث، ولكن المخططات هذه المرة ستتعلق بالداخل المصري عبر الإطاحة بكل ثوابت المجتمع المصري الذي سيتم إخضاعه لعمليات تبشير كبرى بعد تمهيد الطريق أمامها سياسيا وقانونيا.

- ستكون الدولة الوليدة مركزا لقيادة القوات الأمريكية في افريقيا (أفريكوم) التي رفضت كثير من دول الجوار استضافتها. وقد زار نائب قائد أفريكوم الجنوب خلال الشهرين الماضيين، وتم الاتفاق وفقاً لما تسرب من لقاءاته مع قيادة حركات التمرد في الجنوب (الحركة الشعبية والجيش الشعبي)، على نقاط تضمن موطئ قدم للقوات الأمريكية في الجنوب لتحقيق أهداف جيوستراتيجية في مقدمتها مواصلة الحرب على الإرهاب.

- مواجهة النفوذ الصيني المتعاظم في المنطقة والذي يتجلى في الاستثمارات الضخمة التي تقوم بها بكين في كثير من دولها، مثل السودان وإثيوبيا وأوغندا وغيرها.

لكل هذا، لن تفوت دول الغرب، خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل، هذه الفرصة لفصل جنوب السودان مهما كانت التحديات التي تقف في طريق الانفصال.. هذا لو كانت هناك تحديات أصلا.. خاصة في ظل ارتماء الأنظمة الحاكمة لدول المنطقة في أحضان واشنطن.

=======================

استراتيجية اميركا وعملية السلام

حسان خريسات

الدستور

25-11-2010

مع اقرار الكنيست الاسرائيلي مشروع القانون المثير للجدل والذي يفرض تنظيم استفتاء قبل اي انسحاب من هضبة الجولان السورية والقدس الشرقية تَسقُط آخر ورقة من الاوراق التي تدل على أن الحكومة الاسرائيلية لا تريد السلام ولا تعمل من أجله وهي رسالة واضحة موجهة للفلسطينيين والعرب.

 

سياسة الولايات المتحدة الاميركية في الشرق الاوسط في عهد الرئيس اوباما "ثابتة" كما هو مرسوم لها لا تتغير وهي كسياسة جميع من سبقوه ومن سيتلوه من الرؤساء ، فمنهج التعامل مع قضية السلام في الشرق الأوسط تقوم على دفع الأطراف إلى التوصل إلى تسويات سياسية عن طريق المفاوضات المباشرة مع الاحتفاظ بخلل توازن القوى لصالح إسرائيل ، وقد أخذ دور الوسيط الاميركي شكل الابتزاز والضغط على الطرف الفلسطيني وبقي حتى الآن دون نتيجة ، فالطرف الأمريكي في المفاوضات كان دائماً ولا زال الضمانة الوحيدة لتفوق الطرف الإسرائيلي فيها وفرض الامر الواقع ، حيث يفاوض الإسرائيليون باعتبارهم جزءاً من تحالف استراتيجي مع أمريكا وليس أقل من ذلك ، وفي الوقت نفسه لا تتحمل أمريكا في هذه المفاوضات أي مسؤولية عن تجاوزات إسرائيل ولا تكلف نفسها الإيحاء بذلك او الاعتراف بها مطلقاً ، بل تبحث عن المبررات دائماً دفاعاً عن تلك التجاوزات ، ولذلك من السذاجة بمكان الحديث عن تغيير ما في موقف الولايات المتحدة ، لان ذلك لا يرتبط بموقف إسرائيل القبول لدى واشنطن ، ولكن بردود فعل الطرف الفلسطيني "الضعيف" ، فإذا كانت واشنطن تعتقد انه ليست هناك ضرورة ملحة لتغيير منهج تعاملها في عملية السلام ، فذلك لأنها لا تعتقد أن رد الفعل الفلسطيني قد وصل أو يمكن أن يصل إلى درجة العودة عن المفاوضات أو التهديد الحقيقي بعدم التفاوض كلياً مع حكومة نتنياهو بما قد يعرض المنطقة والعملية السلمية للخطر.

 

التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل وبلطجتها وسياسات التوسع الاستيطاني على اراضي ال67 بما فيها مدينة القدس والاحتلال والاغتيالات المستمرة والحصار الظالم وقتل الابرياء والاعتداء على المنازل وهدمها وقطع الاشجار قائم حتى اليوم ، وتزويد اسرائيل بأحدث الطائرات الحربية ، والتعهد بتقديم المزيد من الاسلحة والمعدات والصواريخ كلها أمور لم تقنع حتى المقربين لاميركا بأن ذلك قد يخدم السلام والاستقرار في المنطقة وأمن اسرائيل ، فواشنطن المهتمه بمصالحها ليست بوارد إغضاب حليفتها إسرائيل واحترام الفلسطينيين أو إنصافهم ، فأي رؤية لاوباما غير مطروحة للتنفيذ قبل موافقة "نتنياهو" شخصياً عليها ، والإستراتيجية التي تطبقها إسرائيل والولايات المتحدة تجاه الفلسطينيين هي الضغط المستمر حتى لا يكاد المفاوض الفلسطيني يخوض في ملف حتى يعترضه ملف آخر فيترك الأول ويهتم بالثاني دون أن يكون في استطاعته معالجة أي من الملفات المفتوحة ، بل حتى من دون أن تتاح له فرصة العرض والمناقشة، والى أن تدرك الجامعة العربية جيداً استعادة زمام المبادرة "التائهة" وخطورة مشروع الكنيست الجديد ، لا ينبغي أن ينتظر الشعب الفلسطيني سوى المزيد من التراجع والتمزق والمعاناة.

=======================

الطريق الى الفرات

محمود الزيودي

الدستور

25-11-2010

الخبر الذي بثته وكالات الانباء عن تقرير الصحفي الأمريكي وين ماديسون ليس بالون اختبار. بل هو استخلاص صحيح لنشاط الدولة الصهيونيّة في بلد مجزأ بالحروب والطوائف وعدم الاستقرار الأمني والسياسي في العراق. فقد ورد في التقرير أن الكيان الإسرائيلي يطمح الى السيطرة على أجزاء من العراق تحقيقا لحلم إسرائيل الكبرى ومنه محاولة نقل اليهود الأكراد من فلسطين المحتلة إلى محافظات الموصل ونينوى تحت ستار زيارة بعثات دينيّة للمزارات اليهودية القديمة.

 

وليس بعيدا عن البال أن بعض يهود العراق ومن يساندهم داخل قوات التحالف قد قاموا بشراء أراضْ كثيرة في العراق يعتبرونها ملكيّة يهوديّة عبر التاريخ.. في زمن كانت العائلة العراقيّة تبحث فيه عن خبزها لكفاف يومها ولا تجده. وتزامنت هذه الحركة مع صدور كتاب جرى توزيعه في العالم العربي دونما عوائق ، يروي تاريخ اليهود في العالم ومساهمتهم بالنهوض في اقتصاده زمن الاستعمار البريطاني بمن في ذلك حصولهم على وكالة سيارات شركة فورد التي استولى عليها يهود أمريكا من صاحبها الذي اخترع عملية خط الإنتاج لأول مرة في تاريخ صناعة السيارات. فحينما نجح الرجل في خضم الثورة الصناعيّة قرر اليهود سرقة إنتاجه بالكامل من خلال شراء أسهم شركته في سوق الأسهم بنيويورك. اما شركة فورد في بغداد فقد كانت في تلك الفترة المزوّد الرئيسي للعراق بسيارات فورد التي كانت تدار في أمريكا من قبل اليهود.

 

تاريخيّا ، قام الملك الكلداني نبوخذ نصر بهدم هيكل اليهود المزعوم في أورشليم بعد أن عاثوا فسادا في الأرض وساقهم سبيا إلى العراق.. ولم تزل بعض المنحوتات العراقيّة التي سلمت من تخريب حرب الخليج الثالثة تجسد ربط كل اثنين من اليهود إلى خشبة خلال السبي.. ولا حاجة لإعادة قصة الغانية اليهوديّة استير التي تسللت إلى قصر الملك البابلي كمحظيّة له ولحق بها عدد من اليهود الذين استطاعوا التحكم في إدارة الإمبراطوريّة حتى سقوط الدولة الكلدانية علي يد كورش الأكبر حاكم فارس.

 

في الحرب العربيّة الإسرائيليّة التي أنتجت دولة إسرائيل ، جرى تهجير الآلاف من يهود العراق إلى اراضي الدولة العبرية وأسقطت عنهم الجنسية العراقية. وكانوا يشكلون 2,6% من مجموع سكان العراق عام م1947 في حين أن نسبتهم انخفضت إلى 0,1% من سكان العراق عام 1951م.

 

يؤكد تقرير وين ماديسون أن الموساد جندت مجموعات من المرتزقة لمهاجمة المسيحيين الكلدانيين في الموصل وأربيل والحمدانية وتل اسقف وقرة قوش وعقره ونسبتها الى القاعدة تمهيدا لتهجير المسيحيين بالقوة وإحلال اليهود مكانهم.

 

إذا أخذنا بعين الاعتبار ثروة العراق البتروليّة في الشمال وحاجة العالم إلى البترول حتى آخر برميل نفط منه ، نجزم بصحة تقرير وين ماديسون بحركة الدولة العبرية بإنشاب مخالبها في العراق مستعينة بذلك الارث التاريخي البغيض الذي تستند عليه في احتلالها لفلسطين.

=======================

الاستيطان.. معركة إسرائيل الاستراتيجية

يوسف الحوراني

الرأي الاردنية

25-11-2010

لعل أكثر الأسئلة الإستراتيجية أهمية بالنسبة لإسرائيل، ذلك المتعلق بمفهوم العمق الإستراتيجي الذي حدد الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ عام 1967، موقعا حيويا، يهدد « وجود « إسرائيل، بل ويمكن القول أن النتائج التي يمكن إستخلاصها إسرائيليا، سياسيا وأمنيا، في الإجابة عن السؤال وما قد تنطوي عليه من تغيير جوهري في نظرة إسرائيل لأمنها سوف تحمل معها أثار بالغة الأهمية على مسار العملية السياسية الراهنة. ذلك أن أية مراجعة للبعد الجيوسياسي في نظرية الأمن الإسرائيلية ستطال بالضرورة الموقف الإسرائيلي من مستقبل الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة.

 

لذا ستبقى معركة الإستيطان واحدة من عناوين الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والعربي الإسرائيلي، طالما بقيت إسرائيل متمسكة باستمرار نهجها الكولونيالي الاستعماري بالإستيلاء على كل الأرض الفلسطينية والعربية المحتلة رافضة بكل الصلف الإعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني أو حتى الوصول الى الحد الأدنى الذي تراجعت إليه السلطة الفلسطينية، أو الانسحاب من الجولان والأراضي اللبنانية المحتلة.

 

الإستيطان الإسرائيلي من حيث هو احد الأهداف الرئيسية والاستراتيجية في المشروع الصهيوني ويحكم كل السياسات التي مارستها الحكومات العبرية منذ إحتلاليها للأرض الفلسطينية والعربية عامي 1948 و 1967، ويشكل أحد المفاصل المهمة التي بدون فهمها لا يمكن رؤية الصراع وحقيقته فقد مثلت الهجرة اليهودية أحد الزوايا الأساسية في المشروع الصهيوني، وفي كتابه « سنوات التحدي « يقول ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء إسرائيل بعد إغتصاب الأرض أن « لا حياة لإسرائيل دون الهجرة «، والهجرة اليهودية معادلها الموضوعي طرد الفلسطينيين، أي أن الصهيونية في سعيها لتجسيد الهجرة اليهودية الى فلسطين كانت ولازالت تسعى لإقصاء الشعب الفلسطيني عن أرضه.

 

الإستيطان، من حيث هو تغيير على الأرض يتناقض مع حق العودة، ولذا تجهد (إسرائيل) على جعله أمرا واقعا ومستمرا، وما عدا ذلك تفاصيل وهوامش، ففي المفاوضات متعددة الأطراف التي انطلقت بعد مؤتمر مدريد 1992 قدمت إسرائيل الى لجنة اللاجئين ورقة عمل ساوت فيها بين الفلسطينيين الذين هجّروا عام 1948 وبين من قدم من اليهود الى الأراضي المحتلة بإعتبارها أرض الميعاد، وتذكر، الورقة، أن « حرب « 1948 أدت الى هروب 690 ألف مهاجر يهودي فروا وأرغموا على ترك بيوتهم في الدول العربية.

 

لقد دأبت الحكومات الصهيونية على تكرارالحديث عن حاجتها لتأمين حدودها والدفاع عن أمنها من خلال ضم «بعض» الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية، ومما يضعف هذه الحجة أن إسرائيل مع كل هذه الترسانة العسكرية والتسليحية الهائلة والتعهد الإستراتيجي الأمريكي لحماية أمنها لا تحتاج الى مثل هذه الحجج، فالعمق الإسرائيلي الجيوسياسي معدوم وهي تعيش في محيط معادي لها، وهو ما يؤكد أن الهدف الإستراتجي للإستيطان هو في السيطرة الكاملة على القدس ومساحات واسعة من أراضي الضفة الغربية، بل وكل فلسطين مما يؤكد أن إسرائيل ماضية في مشروعها الإستعماري الذي يستهدف أراضي عربية أخرى لتستكمل مشروعها في بناء دولة إسرائيل الكبرى، فالحديث عن طرد العرب داخل الخط الأخضر (ليبرمان) وعن يهودية دولة إسرائيل وتهويد القدس بإعتبارها عاصمة أبدية للدولة اليهودية، ورفض تجميد الإستيطان، والحصول على تعهد من واشنطن بأن تحول دون أي دعوى ضد إسرائيل في الأمم المتحدة والتصدي لأي محاولة لبحث الإعتراف بالدولة الفلسطينية، كلها دلائل على الأهداف الصهيونية بعيدة المدى.

 

الإستيطان سيجمد شكليا لفترة ثلاثة شهور وسيعود الفلسطينيون لمفاوضات عقيمة ستنتهي بالفشل سوف يحملونهم مسؤوليته وسيفقدون ومعهم العرب كل الخيارات المحدودة أصلا.

=======================

بحاجة إلى تحديث.. سياسات أوباما الخارجية

جاكسون ديل

(محلل سياسي أميركي)

«واشنطن بوست

وبلومبيرج نيوز سيرفس»

الرأي الاردنية

25-11-2010

للمساعدة على فهم عناوين أخبار السياسة الخارجية التي نشرت وبثت عبر الوسائط الإعلامية في الأسبوع الماضي، دعنا نعود قليلاً إلى ربيع عام 1983 لبعض الوقت. فما هي القضايا الدولية الأكثر سخونة عندما كان أوباما طالباً بجامعة كولومبيا حينها؟

أولاها كانت حركة تجميد سباق التسلح النووي، التي نجحت في استقطاب المظاهرات ومواكب الاحتجاجات الشعبية في مختلف أنحاء العالم، جراء تنامي القلق العام من حدة التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفييتي. في ذلك الوقت كان أوباما قد كتب مقالاً عن هذا الموضوع في المجلة الجامعية، عبر فيه عن رؤيته لعالم خالٍ من الأسلحة النووية.

في الوقت نفسه كان الشرق الأوسط لا يزال متأثراً بمضاعفات الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، مع العلم أن ذلك الاجتياح العسكري كان مدفوعاً بحلم اليمين الصهيوني بإنشاء دولة «إسرائيل الكبرى»، التي تضم كافة أراضي الضفة الغربية الفلسطينية.

ومن هناك نعود إلى شهر نوفمبر الجاري، الذي تكرس فيه الإدارة نصيباً كبيراً من جهدها ورأسمالها الدبلوماسي للحد من النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.

وضمن ذلك الجهد عرضت الإدارة على الحكومة الإسرائيلية اليمينية مؤخراً مدها بطائرات حربية بقيمة 3 مليارات دولار، مقابل وقف النشاط الاستيطاني لمدة 90 يوماً.

وفي ذات الوقت كرست الإدارة جزءاً كبيراً من رأسمال سياساتها الداخلية المتناقص للدفع باتجاه المصادقة على معاهدة جديدة للتحكم بالأسلحة النووية مع روسيا، لا يزال يمتنع مجلس الشيوخ عن إجازتها.

وعليه، هل يمكن القول بألا شيء قد تغير مطلقاً في سياسات واشنطن الخارجية طوال ربع القرن الماضي؟ والإجابة هي العكس تماماً. فقد تغير كل شيء في هذه السياسات، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالتحكم في الأسلحة النووية، وأهداف الأمن الوطني الإسرائيلي. بيد أن الذي لم يتغير البتة فيما يبدو هو أوباما الذي قاد إدارته نحو سياسات خارجية تضعف قدرات أميركا داخلياً وخارجياً في ذات الوقت.

ولرصد هذا الضعف فلنبدأ بمعاهدة «ستارت «الجديدة التي جعل منها أوباما أولوية في جدول أعمال جلسة «البطة العرجاء» لمجلس الشيوخ المنتهية ولايته، في وقت لا يدري فيه بعد معظم الأميركيين معدلات ضريبة الدخل الشخصي التي سيدفعونها في الأول من شهر يناير المقبل.

وتمثل هذه المعاهدة الجديدة معلماً من معالم معاهدات التحكم بالأسلحة النووية، التي تم التفاوض عليها بين الطرفين الأميركي والسوفييتي خلال السنوات التي أعقبت نشر أوباما لمقاله المذكور في مجلة جامعة كولومبيا.

كما تكتسب المعاهدة الجديدة أهميتها من ناحية استدامتها لإجراءات التحقق النووي بين واشنطن وموسكو.

ولكن الاختلاف اليوم، تراجع القلق على العلاقات الأميركية-الروسية، بما فيها استراتيجية الأسلحة الروسية، قياساً إلى ما كان عليه الحال في سنوات الحرب الباردة الطويلة بين المعسكرين السوفييتي والغربي.

فقد تراجعت معدلات خطر المواجهة العسكرية كثيراً اليوم. وسواء أبرمت معاهدة للتحكم بالأسلحة أم لم تبرم، فإن المرجح تدني مستوى الترسانة النووية الروسية خلال السنوات القليلة المقبلة.

ذلك أن مصدر الخطر النووي الآن هو الدول المارقة مثل كوريا الشمالية وغيرها، وربما الجماعات الإرهابية الساعية للحصول على أسلحة الدمار الشامل لتنفيذ هجمات أشد فتكاً ودموية. ومع أن أوباما يعتقد أن من شأن المعاهدات الأميركية-الروسية أن تتمخض عن مستوى أفضل للتحكم بالأسلحة النووية، فمن الواجب القول إن ذلك لن يكون سوى مكسب غير مباشر لهذه المعاهدات الثنائية.

غير أنه ليس مقصوداً من هذا القول بعدم جدوى معاهدة «ستارت» التي تحرص الإدارة على إجازتها. فعلى الكونجرس الأميركي إجازتها حتى وإن كان ذلك لمجرد تأكيد استمرارية الرقابة على الصواريخ النووية الروسية. ولكن هل يتطلب الأمر أو يصل إلى مستوى إرسال نائب الرئيس ووزيري الدفاع والخارجية إلى قبة الكونجرس في مهمة عاجلة تهدف إلى ممارسة الضغط على المشرعين من أجل إقناعهم بضرورة التصويت لصالح المعاهدة؟ وربما ينطبق السؤال نفسه على انشغال أوباما أكثر مما يجب بوقف التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في أراضي القدس والضفة الغربية، خاصةً وأن القادة العرب والفلسطينيين أنفسهم نظروا إلى الحملة الرئاسية التي قادها أوباما في هذا الاتجاه بكثير من الدهشة والاستغراب مما يرون.

فباستثناء أقلية تكاد لا تذكر في إسرائيل، ينظر كل مراقب من خارج إسرائيل إلى سياسة التوسع الاستيطاني الإسرائيلي هذه باعتبارها هادمة لآمال إسرائيل وأحلامها التوسعية. وبهذا نصل إلى حقيقة موت الحلم بدولة «إسرائيل الكبرى» منذ 15 عاماً.

فحتى «اليمين» الإسرائيلي المتعصب بات يؤمن اليوم بضرورة الإعلان عن دولة فلسطينية مستقلة في أراضي الضفة الغربية.

وعلى رغم حملة السياسات الخارجية الواسعة التي قادها أوباما مؤخراً بزيارته للهند واليابان وإندونيسيا وكوريا الجنوبية، فإن إدارته لا تزال تفتقر إلى «استراتيجية عامة» للسياسات الخارجية، كما أنها تفتقر إلى مخطط استراتيجي بقدرات هنري كيسنجر وزبجينو بيرجنسكي وكوندوليزا رايس وغيرهم.

وبدلاً من هؤلاء لا يوجد في هذه الإدارة سوى أوباما الذي يعتقد أنه يعلم بأمر السياسات الخارجية أفضل مما يعلمه أي من مستشاريه ومعاونيه في هذا المجال. ولذلك فهو يدفع باستراتيجياته نحو نزع السلاح النووي ووقف النشاط الاستيطاني الإسرائيلي وحدهما.

ومن الواضح أن أوباما يطبق حرفياً ما قاله في كتابه «جرأة الأمل» من أنه ترعرع شخصياً وقوي عوده في عهد إدارة ريجان!

=======================

العرب على مشارف نهاية 2010!

المستقبل - الخميس 25 تشرين الثاني 2010

العدد 3839 - رأي و فكر - صفحة 20

خيرالله خيرالله

ليس هناك ما يدعو إلى التفاؤل عربيا. لم يعد هناك عملية سلام. بات السؤال الوحيد المطروح ما الذي يستطيع الفلسطينيون عمله في غياب عملية السلام؟ وما الذي يستطيع العرب عمله غير توفير الغطاء للفلسطينيين في حال شاؤوا التفاوض حتى لو كان الهدف الإسرائيلي المعلن هو التفاوض من اجل التفاوض. بلغ الوضع العربي مرحلة من الضعف لم يعد فيها مسموحا بتقديم أي عذر لإسرائيل من اجل الهرب من المفاوضات مع المعرفة المسبقة بان المفاوضات لن تؤدي إلى نتيجة!

انه بالفعل وضع عجيب غريب لم يسبق للمنطقة ان شهدت مثيلا له. الأسوأ من ممارسة لعبة الانتظار ان أي دعوة إلى المقاومة تصب في خدمة المشروع الإسرائيلي ما دامت هذه المقاومة ستكون بأجساد اللبنانيين والفلسطينيين وحدهم وما دام العرب لا يريدون فتح الجبهات وتبني إستراتيجية موحدة تقوم على فكرة الصمود من جهة ورفض الشعارات الطنانة من جهة أخرى.

على مشارف نهاية السنة 2010، يبدو واضحا ان الشرق الأوسط مقبل على تطورات في غاية الأهمية في السنة المقبلة. لا يزال الزلزال الذي ضرب العراق في بدايته. كل ما يمكن قوله ان العراق خرج من المعادلة الإقليمية موقتا تاركا فراغا كبيرا في الشرق الأوسط وحالة من انعدام التوازن. وفي انتظار تحديد الهوية الجديدة للعراق والشكل الذي سيأخذه هذا البلد المحوري، لا بد من التأمل بما يحدث في أماكن أخرى وليس فقط على ارض فلسطين المهددة يوميا بالاستيطان الإسرائيلي الذي لا هدف له سوى تكريس الاحتلال لجزء من الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية...

عاجلا أم آجلا، سنرى السودان مقسما. هل التقسيم يمثل حلاً بالنسبة إلى السودان؟ لو كان يمثل حلاً، لتوجب على العرب جميعا دعم الفكرة. المشكلة ان التقسيم يمكن ان يؤدي إلى خلق مزيد من المشاكل وإلى سلسلة من الحروب الداخلية معروف كيف تبدأ وليس معروفا كيف يمكن أن تنتهي. هل يصبح السودان دولتين أم مجموعة من الدول المتخاصمة والمتناحرة؟ الأهم من ذلك، إن تقسيم السودان سيكون له تأثير مباشر على مصر وعلى قسم من منابع النيل. لا شك ان الوضع السوداني سيطرح مزيدا من التحديات أمام مصر في وقت ليس معروفا هل سيرشح الرئيس حسني مبارك نفسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، أم ان انه ستكون هناك خطوات تمهد لانتخاب السيد جمال مبارك رئيسا.

في كل الأحوال، ليست مصر وحدها التي تواجه تحديات كبيرة هذه الأيام، بعضها بسبب السودان. هناك أيضا منطقة الخليج كلها التي تعاني من تفاعلات الوضع العراقي والتجاذبات ذات الطابع المذهبي التي غذّتها سياسة أميركية لم تأخذ في الاعتبار النتائج التي ستترتب على احتلال البلد وإسقاط النظام القائم، بغض النظر عن طبيعة هذا النظام وما ارتكبه. ليس الوضع العراقي وحده الذي يقلق الخليجيين. هناك المواجهة القائمة بين إيران والمجتمع الدولي التي لا يمكن للدول القريبة من إيران أن تكون في منأى عنها. وهناك الوضع في اليمن، وهو وضع اقلّ ما يمكن أن يوصف به بأنه معقّد. من يعتقد أن الوضع اليمني لا يهدد شبه الجزيرة العربية كلها، إنما يتعامى عن حقيقة تتمثل في أن امن اليمن من امن الدول الخليجية وامن الدول الخليجية من امن اليمن. لا يمكن في أي شكل التغاضي عربيا عما يدور في اليمن حيث الظاهرة الحوثية بكل ما تمثله من خطورة وحيث إرهاب "القاعدة" القابل للتمدد في مختلف الاتجاهات. انه إرهاب لا يعرف معنى الحدود بين الدول ولا يعير الحدود أي قيمة.

لا يمكن الحديث عن مشاكل العالم العربي من دون التوقف عند ما يدور في لبنان حيث الوضع في غاية الدقة. هناك قرار ظني سيصد عاجلا أم آجلا عن المدعي العام في المحكمة الدولية التي ستنظر في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه والجرائم الأخرى التي تلتها. وهناك "حزب الله" الموالي لإيران الذي يعتقد لأسباب خاصة به، ربما يعرفها تماما، أن القرار الظني موجه ضده. هل هناك مجموعة من الحكماء العرب على استعداد للعمل منذ الآن على احتواء تداعيات القرار الظني، خصوصا ان "حزب الله" الذي أقام دويلته المسلحة على الأرض اللبنانية مصرّ على أن القرار الظني متحيز وانه سيقلب الطاولة على كل من هو موجود على الأراضي اللبنانية في حال صدوره؟

الأكيد ان هناك مشاكل أخرى على خريطة الشرق الأوسط. هناك حتى مشكلة مفتعلة اسمها الصحراء الغربية لا هدف من وراء تغذيتها سوى استنزاف بلد عربي كبير هو المغرب. من يستعرض مشاكل المنطقة، يدرك لماذا لا تبدو إسرائيل مهتمة بعملية السلام أو بالتوصل إلى أي تسوية من أي نوع كان.

عامل الوقت لا يعمل للأسف الشديد لمصلحة العرب. كل القوى الصاعدة في المنطقة غير عربية. ليس هناك من يستطيع تفادي الاعتراف بالنفوذ الإيراني في المنطقة. ولا يمكن لعاقل تجاهل النفوذ التركي وأهمية هذا البلد الذي استعاد بعض أمجاد الإمبراطورية العثمانية. ولا يمكن بالطبع غض النظر عن القوة التدميرية الهائلة التي تمتلكها إسرائيل والاستعداد الأميركي لتزويدها بكل التقنيات المتقدمة رغم إصرارها على ممارسة إرهاب الدولة والتشبث بالأرض العربية. في ظل هذا العجز العربي عن التأثير في مجريات الأحداث لم يعد مستغربا أن يصبح حدث خطير في مستوى تهجير مسيحيي العراق حدثا عاديا...

=======================

أردوغان العربي

نصري الصايغ

السفير

25-11-2010

هذا التركي، رجب طيب أردوغان، عربيٌّ أيضاً، وعلى طريقته.

هذا التركي، العربي كذلك، أكد انتماءه السياسي هذا، في تصريح سابق له لصحيفة فرنسية: «العرب والترك أصابع في يد واحدة. من دون العرب، العالم لا معنى له».

لا يسعنا إلا أن نشكر أردوغان، لأنه أعطانا أكثر مما نستحق، فنحن العرب، كأنظمة فقط، أصابع مبعثرة ومتعثرة لا تجمعها عروبة، وتفرقها فلسطين، ومفتونة بالعزف على أوتار الفتنة المذهبية، وقد أدت حتى الآن، فصولاً دامية في لبنان، وفي العراق، وهي مرشحة، لأداء عزف مأساوي على امتداد القارة العربية، المنثلمة بين من هم على سنةٍ ومن هم على تشيُّع.

هذا التركي، والعربي كذلك، يملأ بعض الفراغ الذي اصطفاه العرب كوسيلة للغياب. فهو، كتركي حديث، أو، كتركي عريق، أو كتركي أصيل، أعاد صلة القرابة السياسية والاقتصادية بالعرب، وأخذ على عاتقه ان يكون عراقياً مع كل العراقيين، وفلسطينياً، أكثر من بعض الفلسطينيين، ولبنانياً، أكثر من كثير من اللبنانيين، وسورياً مع سوريا، بمنطق الخطوات الكبيرة، وليس بمنطق الخطوة خطوة، لاعادة العلاقة إلى طبيعتها، وليصير العرب والترك أصابع في يد واحدة، فيعرف العالم معنى حضورهما السياسي والحضاري والاقتصادي... وما زال الطريق طويلاً، تيسّره حداثة في الرؤية، وحسابات تهدف إلى تسجيل مكاسب إقليمية، للعرب فيها حصة كبرى.

وإذ يزور أردوغان لبنان اليوم، فليس لنا أن نقول له من نحن، وكيف نحن، وإلى أين نحن. لقد شرحت له «السفير» في عدد أمس، على لسان الزميل ساطع نور الدين، الخوف الذي يركض أمام اللبناني، مظهراً مفاتن الفتنة المتوقعة، قبل وبعد إصدار القرار الظني.

يعرف أردوغان أن يصبّ طيب الكلام على لبنان المأمول. لكنه يتحاشى التدقيق والتوصيف والتهويل. يحض اللبنانيين على الوحدة، يؤملهم بالانتظار، ولا يفصح عن خطط، تحفظ لبنان وتحافظ على استقراره. لعل السبب في الغموض والأمنيات، أن لبنان وطن بصيغة مستحيلة.

فلبنان، أصعب بلد عربي. فيه تلتقي القضية الفلسطينية، بالقضية القومية، بالقضايا الوطنية، وتشتبك بطريقة تثير الهلع، بمسائل دينية وطائفية ومذهبية.

لبنان، أغرب بلد عربي. فيه المقاومة وقد أنجزت مستحيلاً عربياً، وفيه ارتدادات أنظمة التخلي العربية، اللاهثة خلف حوافر سلم يدوسهم بنعاله، استيطاناً واستكباراً وهيمنة. ويكاد لبنان يغرق مقاومته العبث.

ولبنان، أدق بلد عربي، ولقد كان كذلك مراراً، فهو اليوم على مفترق صاعق، فإما يدخل نفق المحكمة الدولية، فيهلك سلمه الأهلي، وإما يحيّد القرار الظني، بطريقة تحتاج إلى تدخلات إلهية عظمى، فينجو مؤقتاً، بانتظار ما ستسفر عنه محاولات رسم خريطة جديدة للسياسات في المنطقة.

لبنان، أخطر بلد عربي، يستطيع أن يحارب اسرائيل، ويتحدى جبروتها العسكري، ويقدر على ان يرفع صوته «بلا» مدوية، في وجه أميركا وعدوانها، وينجح في جعل مجلس الأمن الدولي وشرعيته «الفاضلة» خرقة بالية، لا تصلح إلا لتوظيف تيري رود لارسن.

لبنان، ملتقى الأخطار، لأن فريقاً من شعبه، اتخذ قراراً، شبيهاً بقرار تركيا، عندما طلّقت سياسة الانصياع للولايات المتحدة الأميركية، وعندما اختطّت لنفسها سياسة حكيمة وشجاعة، قبيل حرب العراق، وإبان التعاطي التعجيزي معها من قبل دول الاتحاد الأوروبي، التي تمارس التمييز الديني.

لبنان وطن الحروب الصغيرة والحروب الكبيرة، وهو يستعدّ لمواجهة كبرى، تحضر لها اسرائيل، إذ ليس في قدرتها على احتمال وجود مقاومة، من نمط جديد، وبقوة مؤيدة بإيمان قدسي، وبتنظيم كتوم لا طاقة لأحد أن يتوقع انسحابه من المواجهة وإلقاء سلاحه، مهما بلغ الثمن.

لبنان، بحاجة إلى أن يتولى فيه أردوغان، عبء فهمه على حقيقته، كفضيلة ومعصية معاً، كهمّ وأمل معاً، كفتنة وانتصار معاً، كشعب وشعوب معاً. أردوغان بحاجة إلى قاموس سياسي جديد، يحتضن مرادفات حديثة العهد، انتجها لبنان، في خلال مسيرته الدامية والعظيمة في آن.

لبنان، الذي يبدو أنه في خطر، ليس وحيداً.

اسرائيل، تشعر أيضاً انها في خطر. ولذلك، فإن خطورة لبنان، متأتية من كونه، يمثل خطراً على اسرائيل. لا بد لاردوغان أن يصوغ موقفا يتناسب وهذه الخصوصية، لان لبنان، ضرورة استراتيجية للعرب، ولتركيا كذلك.

فلبنان ممر الحروب والحلول... الجميلة.

=======================

مياه أردوغان الباردة سبقته إلى بيروت الساخنة!

راجح الخوري

النهار

25-11-2010

دخل رجب طيب اردوغان أمس مسرحاً مزدحماً بالمخرجين والممثلين والادوار، ويغصّ بحشد من "الشعوب" اللبنانية التي يغلب فيها التناقض على التآلف، وخصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة، التي جعلت من المحكمة الدولية والقرار الاتهامي كابوساً يعطل الدولة ويشل دورة الحياة الطبيعية.

قبل نزوله في بيروت كان رئيس الوزراء التركي يعرف بالتأكيد انه سيهبط في وطن "الكلمات المتقاطعة". لهذا لم يكن مستغرباً ان تستقبله الحفاوة الرسمية من جهة، والاعتراض الأرمني من جهة، والترحيب السني من جهة، والابتهاج اللبناني التركماني في عكار من جهة

أخرى.

وابتسم أنت في لبنان، فاذا كان أهل الكواشرة يجيدون التركية، قائلين "MERHABA" بالتركية، فبعض أهل الضاحية والجنوب يجيدون الفارسية، وسبق ان صاحوا أمام محمود أحمدي نجاد "خوش آمديد". وبعض ما يبقى من "تراث" حي السراسقة مثلاً يجيد الفرنسية أكثر من العربية، فأهلاً وسهلاً ب"الطيب"!

لكن لبنان العالق في عنق زجاجة المحكمة الدولية، التي بات واضحاً ومفهوماً لدى الجميع الآن أن لا مفر منها ومن القرار الاتهامي مهما كثرت الفبركات والسيناريوات والاخبار الخارجة من مطابخ الاستخبارات وحلقات التعمية والتمويه!

واذا كان اردوغان قد قال لجريدة "السفير" صراحة ان تركيا هي أيضاً بصدد وساطة لتلافي انفجار الوضع المحتقن في لبنان، ولكنها تحرص على ان لا يأخذ الأمر شكل التدخل، فإنه يعلم تماماً انه يدخل كما قلنا مسرحاً مزدحماً بالممثلين والادوار والمخرجين، ويغصّ بحشد من "الشعوب" اللبنانية الضائعة وسط التناقضات والخائفة وسط التهديدات.

كما يعلم أيضاً ان السوريين هنا، والسعوديين هنا، ولهم معادلة ال"س. س."، وان الايرانيين هنا، والأميركيين هنا، والفرنسيين والمصريين والقطريين ومجلس الأمن والأسرة الدولية كلها هنا تقريباً، ولا ندري يا طويل العمر اذا كان لبنان على تخوم العالم أو اذا كان العالم على تخوم لبنان!

ولأنه يعرف ما يعني كل هذا، فقد تعمّد في حواره مع زميلنا ساطع نور الدين ان يلقي مقداراً كبيراً من المياه الباردة على أجواء المسرح اللبناني الملتهب. ليس لأن تركيا بلد المياه كما هو معروف، بل لأنها البلد الباحث عن إحياء التاريخ العثماني ولكن بصيغة عصرية، وفي زمن يجعل منها النموذج المطلوب دولياً واقليمياً ودولياً، وخصوصاً دولياً، لأن الغرب يتعرف الى اسلام على الطريقة التركية، حليق الذقن، يضع رباط العنق، ويلعب السياسة على طريقة شطرنج مفتوح بلا ضغائن بين الشرق والغرب!

وهكذا، عندما أمطرته "السفير" بخمسة عشر سؤالاً حول المحكمة الدولية و"خطرها" على الوضع في لبنان، سارع الى إلقاء المياه الباردة تصاعدياً، فبدأ بالقول إنه يؤمن بأن الوقت الآن هو للوحدة والتضامن بين اللبنانيين. وان من غير المقبول ان يقود التنوع الطائفي والعرقي والمذهبي الى التصادم، بدلاً من أن يكون من الخصائص والمزايا التي تغني وحدة تقوم على التعدد.

كان اردوغان واضحاً في انتقاده الأطراف الذين يساهمون في "انشاء مجتمع الخوف... نحن سنكون من المساهمين في نقض دعائم مجتمع الخوف". لم يشر الى الذين يضخّون التخويف في لبنان، سواء كانوا من"حزب الله" او من حلفائه او حتى من قوى خارجية انخرطت وتنخرط في التخويف، لكنه ذهب في بساطة الى المثل التركي الذي يقول: "انك لا تستطيع ان تفصّل ثوباً لمولود لم يولد بعد"، بمعنى ان المدعي العام دانيال بلمار لم يعلن قراره الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، فكيف نختلف على محكمة لم تحكم بعد؟ وهل نتصوّر ان هناك عدالة على وجه الأرض تستطيع ان تحكم من دون الاعتماد على الأدلة والمعلومات؟ فلماذا الحكم المسبق على مثل هذه الأمور؟

كان لافتاً تحذير أردوغان من انزلاق لبنان الى صراع أهلي جديد، منبهاً الى ان الذين يمهدون الطريق لمثل هذا الصراع لن يستطيعوا التخلص من المسؤولية التاريخية، وان تركيا وكل دول الجوار ستقوم بكل شيء لمنع مثل هذه الحرب.

طبعاً ليس واضحاً حتى الآن ما هي الوساطة التي حملها أردوغان، لكنه يعرف بالتأكيد "ان هناك جهوداً حثيثة تبذلها السعودية وسوريا. وان ايران ليست مغيّبة عنها، ولهذا فإنه لن يدخل من خارج هذا السياق، لأنه يدرك ان عمق العلاقات التركية مع دمشق يحتم عليه الأخذ بالأرجحية السورية في الوساطة التي تستند الى أرجحية سعودية مماثلة. لكن الثقل التركي قد يكون كفيلاً بدفع هذه الوساطة قدماً، ولهذا شدّد على إطفاء محركات الاحتقان والتصعيد!

=======================

أميركا على مفترق الطريق

 بقلم :أريانا هافنغتون

البيان

25-11-2010

تجد أميركا نفسها عند منعطف حقيقي على طريق الكفاح من أجل المساواة. وكما هي الحال، خلال جميع نقاط التحول، فإننا نبدو كما لو كنا نراقب هذا الكفاح وهو يتكشف على شاشة منقسمة، يشغل التقدم جانباً منها، وتعرض النكسات على الجانب الآخر.

على أحد جانبي الشاشة، هناك حقيقة مفادها أنه في الانتخابات التي جرت أخيراً في أميركا، تم انتخاب المزيد من المرشحين الذين كانت عليهم اعتراضات اجتماعية ليشغلوا مناصب بشكل غير مسبوق في أي انتخابات أخرى في تاريخ الولايات المتحدة.

على الجانب الآخر، هناك الحقيقة القائلة إن ثلاثة قضاة في المحكمة العليا في «أيوا»، وهم «مارشا تيرناس» و«ديفيد بيكر» و«مايكل ستريت»، قد تم التصويت من أجل إقصائهم عن مناصبهم جزاءً لهم على حكمهم الصادر في عام 2009 بتأييد من تثور ضدهم هذه الاعتراضات الاجتماعية.

على أحد جانبي الشاشة، هناك حقيقة مفادها أن وزير الدفاع الأميركي «روبرت غيتس» يحث الكونغرس الضعيف على إلغاء مبدأ «لا تسأل، لا تخبر»، قبل تولي الكونغرس الجديد مهامه في يناير المقبل.

وعلى جانب آخر من الشاشة، الجنرال «جيمس آموس» القائد الجديد لسلاح البحرية الأميركية، يجادل ضد الإلغاء، باستخدام الإشاعة القديمة، التي تم تفنيدها في صفوف القوات المسلحة لدى العديد من حلفائنا، على أساس أن إلغاء مبدأ «لا تطلب، لا تخبر» سوف يضر على نحو ما ب «الفعالية القتالية».

في الوقت الذي نشعر بالبهجة من مشاهدة أميركا تحرز التقدم، ثم نشعر باليأس من مشاهدتها تتخبط مرة أخرى، يجدر بنا تذكر أن أميركا لم تحقق معلماً واحداً مهماً على صعيد الحقوق المدنية من دون كفاح، والعديد من النكسات.

منذ بعض الوقت ظلت مسيرة التقدم في الديمقراطية الأميركية مطردة، وقد كانت بطيئة غالباً. واتحادنا لن يكون مثالياً، ولكن كما كتب المشرّعون في ديباجة الدستور الأميركي، فإن الاتحاد قد قصد به أن يصبح أكثر مثالية بصورة مستمرة. فعندما كتبوا هذه الكلمات، فإن حقوق وأشكال حماية المرأة والأميركيين من أصل أفريقي والأميركيين الأصليين لم تكن قد تم الاعتراف بها.

 

ولكن بالتأكيد كانت تلك الحقوق موجودة. كانت دائماً موجودة. والذي تغيّر هو قدرتنا على التواصل مع القيم التي تعتبر جزءاً أصيلاً بشكل صريح من وثائقنا التأسيسية. أو، لنكون أكثر دقة، ما تغيّر هو عدم قدرتنا على تحمل الانفصال بين هذه القيم، والطريقة التي تمت بها هيكلة مجتمعنا.

 

إعلان التحرير. والتعديل التاسع عشر من الدستور، الذي يسمح للمرأة بالتصويت. وقضية «براون» ضد مجلس التعليم. وقانون الحقوق المدنية لعام 1964. وقانون حقوق التصويت لعام 1965.

 

إننا ننظر إلى تلك الإنجازات الآن، وهي تبدو طبيعية جداً، وواضحة جداً. والواقع أنه من الصعب تصور الولايات المتحدة بدونها.

 

ولكنها في عصرها لم تكن تعتبر كذلك. وبالنسبة للرجال والنساء الشجعان الذين ناضلوا من أجلها فلابد أنها قد بدت مشابهة إلى حد كبير لشاشة النضال من أجل المساواة اليوم.

 

بالنسبة لقانون حقوق التصويت. ففي مارس من عام 1965، وفي محاولة لدفع الجهود من أجل القانون التقى المناضل الراحل «مارتن لوثر كينغ» الرئيس الأميركي الأسبق «ليندون جونسون» في البيت الأبيض. ولكن الرئيس قال له إن الأصوات فقط لم تكن موجودة. غادر الدكتور «كينغ» الاجتماع في ذلك اليوم وهو مصمم على القيام بشيء ما لتغيير ذلك.

 

بعد ذلك بيومين جاءت مسيرة «سِلما» التي هزت ضمير أميركا. وبعد مرور خمسة أشهر على المسيرة، وقّع الرئيس «جونسون» على قانون حقوق التصويت الوطني، وقد وقف إلى جانبه الدكتور «كينغ» و«روزا باركس».

 

واليوم، فإن قوى الارتداد تعرف أن مسيرة المزيد من الحقوق المدنية على أعتاب النصر، وأنه عندما يتم تحقيق النصر، فسوف نجد في اليوم التالي أنه من الصعب تصور أنه كان محل نقاش في أي وقت مضى.

 

وهذا النصر حتمي لأن هذه ليست مسألة يمكن استبعادها باعتبارها أمر يتعلق فقط باليسار أو اليمين، كما أظهر فريق الأحلام القانوني بقيادة «ديفيد بويس» و«تيد أولسون»، اللذين كانا على طرفي نقيض في التنافس بين بوش و«آل غور» في عام 2000، ولكنهما اتحدا للتغلب على «البند رقم 8» من قانون الحماية الزوجية في ولاية كاليفورنيا، لإثبات أن المسألة ليست مسألة ليبرالي مقابل المحافظ، بل هي مسألة الحقوق المدنية.

ولكن لمجرد أن تحقيق المزيد من الحقوق المدنية أمر حتمي لا يعني أننا لسنا بحاجة للكفاح من أجل تحقيق ذلك. إننا بحاجة لهذا. إنها معركة للتأكد من أن أميركا تبقى على الطريق المؤدي إلى الاتحاد الأكثر مثالية.

رئيسة تحرير صحيفة «هافنغتون بوست» الأميركية:

=======================

الصين والهند على المكشوف

آخر تحديث:الخميس ,25/11/2010

براناب باردهان

الخليج

إن زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني ون جيا باو المرتقبة إلى الهند، والتي تأتي في أعقاب زيارة الرئيس باراك أوباما مؤخراً، من شأنها أن تمنح وسائل الإعلام فرصة أخرى للإطناب في الحديث عن النفوذ الاقتصادي المتنامي الذي اكتسبته الصين والهند . وبوسعنا أن نتأكد من أن نقاط الضعف التي تعيب اقتصاد كل من البلدين سوف تظل محجوبة عن الأنظار .

 

بعد ما يقرب من قرنين من الركود النسبي، شهد هذان البلدان اللذان يؤويان خمسي سكان العالم تقريباً، نمواً سريعاً بشكل ملحوظ في الدخل على مدى العقود الثلاثة الماضية . ففي مجالي التصنيع والخدمات (خصوصاً البرمجيات ومعالجة العمليات التجارية، إلى آخر ذلك)، قطعت الصين والهند على التوالي أشواطاً طويلة على المستوى الدولي، ولقد اجتذب استحواذ البلدين على شركات عالمية قدراً كبيراً من الاهتمام .

 

بيد أن بعض التأكيدات المثيرة للريبة، من خلال التكرار المستمر لروايات عن الاقتصاد في كل من البلدين، أصبحت تشكل جزءاً من التفسير التقليدي الشائع . وكثيراً ما تُترَك حقيقة ما يحدث داخل هذين البلدين الضخمين خارج نطاق أي مناقشة .

 

على سبيل المثال، حين نستعرض مسألة القيمة المضافة (قيمة الناتج بعد خصم تكاليف المواد والمكونات) فسوف يتبين لنا خلافاً للانطباع الشائع أن الصين لم تبلغ بعد مرتبة مركز تصنيع العالم . فالصين تنتج نحو 15% من القيمة المضافة في التصنيع العالمي، في حين تسهم الولايات المتحدة بنحو 24% والاتحاد الأوروبي بنحو 20% .

 

وعلى نحو مماثل، فعلى الرغم من السمعة العالمية التي اكتسبتها الخدمات القائمة على تكنولوجيا المعلومات والتي تقدمها الهند، فإن العدد الإجمالي للعاملين في هذا القطاع هناك أقل من 5 .0% من مجموع القوة العاملة في الهند . وهذا يعني أن هذا القطاع غير قادر بمفرده على تحويل الاقتصاد الهندي .

 

ومن المعتقد على نطاق واسع أن النمو الصيني قائم إلى حد كبير على التصدير، ولكن الاستثمار الداخلي كان في حقيقة الأمر العنصر الرئيس . وحتى في ذروة التوسع التجاري العالمي أثناء الفترة 2002-،2007 فإن الصادرات الصينية (من حيث القيمة المضافة) كانت تشكل ما يزيد قليلاً على ربع النمو الذي حققه الناتج المحلي الإجمالي الصيني، في حين ساهم الاستثمار المحلي بحصة أكبر كثيراً .

 

فضلاً عن ذلك، وخلافاً للاعتقاد الشائع، فإن القدر الأعظم من النجاح الهائل الذي حققته الصين في الحد من الفقر على مدى العقود الثلاثة الماضية لم يكن راجعاً إلى الاندماج في الاقتصاد العالمي، بل إلى عوامل محلية مثل نمو القطاع الزراعي (حيث يتركز الفقر الجماعي) . ويُعزى هذا إلى حد كبير إلى الاستثمارات العامة في البنية الأساسية الزراعية، وفي الفترة الأولى يعزى إلى التغيرات المؤسسية التي أدخلت على تنظيم الإنتاج الزراعي والتوزيع العادل لحقوق زراعة الأرض .

 

كان الحد من الفقر في الهند ملموساً بوضوح، ولكنه لم يكن كبيراً . فمن حيث مؤشرات الفقر غير المرتبطة بالدخل، على سبيل المثال معدلات الوفاة بين الأطفال، والتسرب من المدرسة، كان أداء الهند سيئاً (وفي بعض النواحي أسوأ حتى من أداء بلدان جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا) .

 

ورغم أن السياسات الاقتصادية الاشتراكية في البلدين كانت تحول دون انتشار روح المبادرة والمغامرة التجارية، فإن التراث الإيجابي المتخلف عن تلك الفترة لا يمكن إنكاره . فبوسعنا أن نقول على سبيل المثال إن الاشتراكية الصينية كانت بمثابة منصة قوية لإطلاق النمو، خصوصاً من حيث القاعدة الصلبة من التعليم والصحة وكهربة الريف ومشاركة المرأة في قوة العمل . فضلاً عن ذلك فإن جزءاً رئيساً من تركة الاشتراكية في كل من البلدين يتمثل في التأثير المتراكم للدور النشط الذي لعبته الدولة في التطور التكنولوجي .

 

وخلافاً للحال في الهند، حيث قطاع الشركات الخاصة هو القطاع الأكثر نشاطاً، فإن الشركات التي تسيطر عليها الدولة في الصين تُعَد من بين الشركات الأكثر نجاحاً على مستوى العالم . وحتى في الشركات الصينية الخاصة الشهيرة، مثل لينوفو وهواوي تكنولوجيز، فإن هيكل الملكية معقد إلى حد كبير، ولم تعد الحدود بين حقوق سيطرة الدولة والقطاع الخاص واضحة . والواقع أن شراء شركة جيلي الصينية الخاصة للسيارات لشركة فولفو مؤخراً كان سبباً في توليد قدر كبير من الدعاية، ولكن أغلب الأموال التي استخدمت للشراء كانت مقدمة من حكومات محلية في الصين .

 

إن الأسر التي تتمتع بنفوذ سياسي في الصين تدير العديد من المؤسسات والشركات الصينية المملوكة للدولة . وهناك في واقع الأمر من الأدلة ما يشير إلى أن الأغلبية الساحقة من أصحاب الملايين في الصين يمتون بصلة القرابة لبعض كبار المسؤولين في الحزب الشيوعي الصيني . وبفضل القدر الهائل من المدخرات المتولدة عن الأسر الصينية والشركات المملوكة للدولة، فإن الاقتصاد الصيني قادر في الوقت الحالي على تحمل الإهدار وسوء التوزيع الناتجين عن رأسمالية المحسوبية .

 

 وفي غياب الإصلاح الاقتصادي فإن قدرة مثل هذا النظام على البقاء في الأمد البعيد تصبح موضع شكل . ولقد أشار رئيس مجل الدولة ون جيا باو شخصياً إلى هذا الأمر في الخطاب الذي ألقاه في شهر أغسطس/آب، والذي حظي باهتمام كبير في الخارج ولكنه كان موضع تعتيم إلى حد كبير في وسائل الإعلام الصينية . ويتعين على وسائل الإعلام العالمية الآن أن تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، وأن تبدأ بدراسة العديد من مظاهر صعود الصين والهند بعيداً عن السرد التبسيطي الساذج لانتصار إصلاح السوق .

** أستاذ علوم الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، والمقال ينشر بترتيب مع “بروجيكت سنديكيت”

=======================

إيران النووية و«نفوذها» في سنة أميركية مفصلية

الخميس, 25 نوفمبر 2010

عبدالوهاب بدرخان *

الحياة

تتزامن المفاوضات المقبلة بين الدول الكبرى وإيران مع تغييرات طفيفة طرأت على الوضع الإقليمي، أبرزها بداية حلحلة الأزمة الحكومية في العراق، ومساعٍ أميركية لإعادة إطلاق المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، لكن في ظل أزمة صعبة ومعقدة في لبنان. وعلى رغم إقرار حلف شمال الأطلسي «استراتيجية الخروج» من أفغانستان، إلا ان المخاوف مستمرة من مفاجآت الأرض الأفغانية التي يمكن أن تفرض إعادة النظر في موعد الانسحابات المزمعة.

في كل هذه القضايا والملفات تعرض إيران «المساهمة في حل المشاكل الدولية»، إذا ما اعتُرف لها بدور ونفوذ مرفقين بشيء من القدرة النووية. كما ان طهران تستعد للمفاوضات مع الدول الخمس زائد واحدة بعزم مؤكد على عدم القبول بأي نقاش لبرنامجها النووي «السلمي». هذا ما تقوله دائماً، لكن الأطراف الأخرى تأتي لتسائلها عما فعلته تنفيذاً للقرارات الدولية التي تطالبها بوقف تخصيب اليورانيوم، وبالتالي فإن أي بحث آخر غير وارد.

يمكن القول انه نوع غير معترف به من «حوار الطرشان». لذلك بدأت مفاوضات تشرين الأول (أكتوبر) 2009 وتوقفت في غضون أسابيع ثلاثة. لكن طرح في نهايتها ذلك العرض الملتبس لتبادل الوقود النووي، وخاضت طهران شهوراً من الأفكار والأفكار المضادة حاولت خلالها أن تنفذ شبه انقلاب في اللعبة بإدخال تركيا والبرازيل على الخط، وظنت انها نجحت في ربع الساعة الأخير لتحول دول إقرار عقوبات جديدة ضدها، إلا أن الاتصالات الأميركية كانت قد سبقتها.

كانت تلك العقوبات الأكثر قسوة وإرباكاً حتى الآن. لذلك يريد الأميركيون بل يتوقعون أن يسمعوا في مفاوضات جنيف لهجة إيرانية اكثر مرونة. لا شك في ان للعقوبات انعكاسات سيئة لكن ربما تتطلب وقتاً أطول لتظهر آثارها. وطالما ان الدول الكبرى تنتظر لتتبين تأثير العقوبات في خيارات إيران الاستراتيجية، فإن هذه تجد انها في لحظة تصلح فيها المكابرة، وليس هناك من هو أفضل من محمود أحمدي نجاد في الاستهزاء من العقوبات، حتى لو كانت أخبار المعاملات المصرفية مع مختلف الدول الصديقة والأسعار المتأرجحة للقومان تشير الى وجود مفصلات جدية. وقد ذهب وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس الى حد افتراض ان نجاد يخفي حقائق الوضع الاقتصادي بعد العقوبات عن المرشد علي خامنئي، وكأنه يريد أن ينأى بالأخير عن عدم التبصر في الكارثة المحدقة بالاقتصاد الإيراني.

من المعلومات القليلة التي ترددت عن فحوى المفاوضات المقبلة ان الدول 5+1 ربما تعيد طرح استبدال اليورانيوم منخفض التخصيب مقابل وقود نووي لتشغيل مفاعل أبحاث طبية، مع تعديل للعرض السابق يأخذ في الاعتبار ان المخزون الإيراني زاد وأنه بات يحتوي على يورانيوم مخصّب بدرجة أعلى. حالياً ترفض طهران العودة الى هذا العرض، وإذا أرادت الاستجابة فهي ستعيد إحياء الصيغة التي نص عليها الاتفاق مع تركيا والبرازيل. عندئذ سيكون الإحراج عند الطرف الآخر، إذ ان الدول الكبرى أعفت نفسها في أيار (مايو) الماضي من تقييم التعامل مع الوساطة التركية - البرازيلية، لأنها نجحت بعد نفاد الوقت، أما في الحال المتوقعة فلا بد من مواجهة هذا الإشكال. واقعياً لا تريد الدول الكبرى دفع تركيا الى مزيد من التقارب مع إيران، ولذلك أخذت دول «الناتو» باعتراضها على عرض مشروع الدرع الصاروخية الأوروبية بصفته موجهاً ضد إيران. ثم ان أنقرة انخرطت في الوساطة لتبادل الوقود انطلاقاً من اقتناعها بأن ثمة تضخيماً غربياً (وإسرائيلياً) للبرنامج النووي الإيراني، بل انطلاقاً أيضاً من مصلحتها الإقليمية في ان لا يؤدي التجاذب الدولي الى تصعيد حربي في المنطقة.

أكثر من أي وقت مضى تبدو فرضية ضرب إيران مستبعدة، وإيران تعرف. قد يكون الوزير غيتس طمأنها بقوله ان الخيار العسكري يوحد ايران أما العقوبات فتقسمها. بل ان تصريحات هيلاري كلينتون الهادئة تعليقاً على تشغيل مفاعل بوشهر، وكذلك اللهجة التي استخدمها باراك أوباما في آب (أغسطس) الماضي في تقديم مقاربته لحل سلمي تفاوضي، زاد طهران ادراكاً بأن الأطراف الغربية لا ترغب في اشعال المنطقة بحرب جديدة. وبذلك تكون ايران استطاعت تجاوز سنة لاحت فيها مؤشرات كثيرة للحرب ثم انطوت، وهذا ما أدخل الى الخطاب الإيراني الموجه الى الداخل كما الى الخارج تلك العبارة المكررة على لسان خامنئي ونجاد وآخرين ومفادها ان «إسرائيل لم تعد عملاقاً لا يقهر كما كانت قبل ثلاثين عاماً، ولم تعد أميركا والغرب أصحاب القرار في الشرق الأوسط من دون منازع».

لا يتعلق الأمر بموازين القوى فإيران تعرف انها في غير مصلحتها، وإنما في مبارزة عند حافة الهاوية لا ترغب الدول الكبرى في أن تستدرج اليها. ولا شك في ان هذه الدول مدركة الأدوار التي تلعبها إيران لتأكيد اتساع نفوذها، أما الجلوس معها للتفاهم على فعاليات هذا النفوذ فتلك مسألة أخرى ليست مفاوضات جنيف المكان المناسب لها. وفي أي حال لا تتطلع طهران الى تلك المفاوضات لتحقق طموحاتها وإنما الى «صفقة كبرى» مع أميركا من خلال تفاوض مباشر. ولعلها كانت تتوقع من إدارة أوباما ان تقدم على هذا الخيار، الذي لم يحن وقته بعد، وقد لا يحين أبداً، إذ ان التوافق مع نظام كالنظام الإيراني خطوة غير متاحة لأي رئيس أميركي حتى لو كانت المصالح واضحة فيها. والأمر هنا يتجاوز اعتبارات «أمن إسرائيل» واعتراضات الكونغرس، وعلى افتراض ان تفاوضاً مباشراً سيحصل فإن الشروط المتضادة كفيلة بإحباط أي اتفاق.

هناك تجربة خيضت في العراق، حيث حتمت الضرورات الأمنية تفاهماً على سلوكات التعايش بين النفوذين، ولا يبدو انها نهائية ولا مستقرة حتى لو لم تكن مأزومة أو متفجرة. ولعل هذه التجربة هي التي فرضت بقاء نوري المالكي في رئاسة الحكومة، كونه لعب دوراً في اتصالات الجانبين ويراد منه أن يواصل كضابط ارتباط، خصوصاً ان السنة المقبلة هي سنة الانسحاب الأميركي من العراق. ومن الواضح ان الجانبين لم يتعمقا في هذه التجربة، ولم يتجاوز، الشأن الأمني الى السياسي إلا في السياق الذي يلبي متطلبات الأمن، لذا بقيت تجربة غير قابلة للتعميم. هناك ملامح تجربة مختلفة لم يجر اختبارها جيداً في أفغانستان، ولا تزال إيران تلوّح بها عبر اختراقات محددة (وثائق ويكيليكس عن الأموال الإيرانية للرئيس الأفغاني) من دون ان تستطيع الإقناع بأن لديها ما تقدمه لزعزعة «طالبان» و«القاعدة؟

على رغم كل شيء، يسود اعتقاد بأن 2011 ستكون سنة مفصلية وذات مغزى، تحديداً بسبب الانسحاب الأميركي من العراق وما يسبقه ويتبعه من إعادة تشكّل للحسابات والرهانات. وإذا ذهبت مفاوضات إيران والدول الكبرى الى إخفاق آخر، كما هو متوقع، فليس مؤكداً ان الولايات المتحدة ستتمكن للسنة الثانية على التوالي إقناع دول مجلس الأمن بتشديد آخر للعقوبات، وإذا حاولت لن تنفع الضغوط بل سيكون عليها ان تقدم حوافز مكلفة للحصول على موافقة الصين وروسيا. لكن إيران تراهن على أن أميركا قد تفضل بدل ذلك الاتجاه التفاهم معها، غير انه رهان على أوباما في مواجهة كونغرس جمهوري، أي لا طائل منه. طبعاً يطرح السؤال: هل تتحمل إيران عقوبات أخرى، وما مصلحتها في ذلك؟ لكن عقل النظام الإيراني يتعامل مع الصعوبات بمنطق مختلف تماماً.

* كاتب وصحافي لبناني

=======================

الحاجة الى التعاون في المثلث العربي التركي الإيراني

الخميس, 25 نوفمبر 2010

بول سالم *

الحياة

التفتت تركيا وإيران، طوال معظم القرن العشرين، نحو الغرب، بينما شكّل العراق الحدّ الشمالي للمنطقة العربية. لكن الثورة الإسلامية في عام 1979 في إيران، وصعود حزب «العدالة والتنمية» في تركيا، جاءا ليعيدا اهتمام إيران وتركيا بالعالم العربي، بينما جعل الاجتياح الأميركي للعراق في عام 2003 هذا الأخير ساحةً للنفوذ الإقليمي، بدلاً من أن يكون حاجزاً في وجهه. واليوم، إذ تجد دول المشرق العربي وتركيا وإيران نفسها في منطقة حيوية مشتركة، عليها العمل للتوصّل إلى سبل ناجعة للتخفيف من المواجهات وزيادة التعاون في ما بينها، من أجل بناء مستقبل مشترك أفضل.

تلتقي دول المشرق العربي (وأعني السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي والعراق وسورية وغيرها) مع تركيا وإيران على مجموعة واسعة من المصالح المشتركة: أمن أنظمتها، قيام وضع إقليمي غير مهدد لها، دور في الترتيبات الإقليمية، تأمين إيصال النفط والغاز في شكل ثابت بحراً وبراً إلى الأسواق الشرقية والغربية، مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات وأشكال التهريب الأخرى، الحدّ من القرصنة، تشجيع الاستثمار الإقليمي والدولي، والاستفادة من أسواق إقليمية نامية.

إلا أن العديد من علاقات هذه الدول اتّسم في المرحلة الأخيرة بالتوتّر والعدائية. فهذه الدول تختلف في ما بينها حول نطاق تواجد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في المنطقة، والبرنامج النووي الإيراني، والصراع العربي- الإسرائيلي أو عملية السلام، إضافةً إلى طرق ونطاق انخراط مختلف الفاعلين أو تدخّلهم (مثل السعودية وتركيا وإيران وسورية) في الأزمات المختلفة (مثل أزمات العراق ولبنان واليمن وغزة، إلخ).

وحتى الآن، طغى منطق الخلافات على منطق التعاون في تحديد المسار العام للعلاقات الإقليمية.

فمن مصلحة هذه الدول، على المدى الطويل، أن تعمل لإيجاد منظومة إقليمية تعاونية لتجنب المواجهات وتخفيف التوتر وتعزيز المصالح المشتركة. وفي غضون ذلك، يجب أن تحرص على ألا تؤدّي التوترات الحالية، التي تثيرها قضية العراق والبرنامج الإيراني النووي وغيرها من القضايا الخلافية، إلى حالة عداء دائم تصبح العامل الأساسي المُزعزِع لاستقرار وازدهار المنطقة في القرن الحادي والعشرين.

على الجانب العربي، تعكّرت السياسة الإقليمية منذ السلم الذي عقدته مصر منفردةً مع إسرائيل، واجتياح العراق الكويت، والتوتر السعودي - السوري حيال الاجتياح الأميركي للعراق، إضافةً إلى الوضع في لبنان، وغيرها من القضايا. هذه الخلافات أضعفت الجانب العربي وزادت من مخاوفه وعقّدت علاقاته مع دول الجوار.

أما صعود تركيا فكان ثابتاً ومُطَمئِناً في شكل عام لمعظم الأطراف، إذ تعطي أنقرة الأولوية للتعاون الاقتصادي، وتنخرط في الوساطات والمبادرات الديبلوماسية، وتتمتّع بعلاقات جيدة مع جيرانها العرب والإيرانيين.

أما إيران فكانت لاعباً صعباً. صحيح أنها قدّمت صورةً تعاونيةً وتوفيقيةً في عهدَي الرئيسين علي أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، إلا أن صعود الرئيس محمود أحمدي نجاد وعودة قضية البرنامج النووي الإيراني إلى التداول أثارا التوتّرات الإقليمية مجدداً. تصاعدت هذه التوترات بعد أن اجتاحت الولايات المتحدة جارتَي إيران الأقرب، العراق وأفغانستان، وبعد أن صنّفت إدارة الرئيس جورج بوش إيران من بين دول محور الشرّ.

فما كان من هذه السياسات الأميركية إلا أن عزّزت مخاوف إيران الوجودية التي ترتبط ببرنامجها النووي، وما كان من الإطاحة بنظام صدام إلا أن أطلق جماح التوتّرات السنّية - الشيعية وأفسح المجال أمام توسّع النفوذ الإيراني في العراق. وأصبحت هذه القضايا المحرّك الأساسي للتوتر العربي - الإيراني.

يبدي المجتمع الدولي والإقليمي مخاوف منطقية حيال عدم التعاون الكامل لإيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي مخاوف أدّت إلى العقوبات الأخيرة التي فرضتها الأمم المتحدة على إيران، والتي تتعاون تركيا والدول العربية على تطبيقها. هذا علماً أن لإيران مصلحة كبرى في الخروج من هذه العزلة التي تشكّل عبئاً ثقيلاً عليها وعلى مجتمعها واقتصادها، كما أن لدول المنطقة مصلحة في عدم بناء منظومة من العدائية الدائمة، تزعزع استقرار الخليج ومنطقة الشرق الأوسط في شكل عام لعقود طويلة.

تنطوي السياسة الإيرانية على بعض المعالم الواقعية، حتى مع القيادة الحالية، وهي معالم يجب تشجيعها. وتعي إيران أن مصلحتها في استقرار أفغانستان كما العراق، وتدرك حاجتها إلى تصدير الطاقة، وإلى التعاون الإقليمي، والاستثمار، وأشكال التعاون الأخرى. إن إيران ليست كوريا الشمالية، ويجب ألا نصل الى حالة كتلك، وعلى إيران ودول المنطقة أن تتعاون لتجنّب التسبّب بحالة من العزلة والمواجهة الشديدتين قد تدوم عقوداً من الزمن.

سبق لمعظم مناطق العالم أن أحرزت تقدّماً سريعاً في مجال بناء منظومات التعاون الإقليمي في الأمن والاقتصاد والسياسة، حتى بين دول متنافسة أو متخاصمة. فاستطاع المعسكران الغربي والسوفياتي أن يتواصلا ويستكشفا آفاق التفاهم والتعاون، حتى في أوج الحرب الباردة، وذلك عبر آلية مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا، الذي أنشئ بعد قمة هلسنكي في عام 1975. ساهم هذا المؤتمر المتكرّر في بناء الثقة، وتخفيف حدّة التوترات، وإنهاء الحرب الباردة في شكل سلمي.

فإذا استطاع المعسكران هذان أن يتفاهما في أوج الحرب الباردة، فلا شك في أن الدول العربية وتركيا وإيران تستطيع بذل جهود مماثلة للتواصل والتفاهم والتعاون في ما بينها في المرحلة الراهنة. هذا التواصل قد يؤدّي، في أحسن الحالات، إلى إزالة التوتر، خصوصاً بين إيران والدول العربية، والتقدّم باتجاه بناء منظومة تعاون أمني واقتصادي وسياسي، لما فيه مصلحة أهل المنطقة. وفي أسوأ الحالات، يوفّر هذا التواصل مزيداً من الحراك الديبلوماسي لإدارة الأزمات الحالية وتذليل عقباتها.

ويمكن البدء من خلال عقد مؤتمر إقليمي سنوي تستكشف فيه دول المنطقة العربية مع تركيا وإيران مصالحها المشتركة وتحاول أن تتعاون على تعزيزها. ويمكن أن ينظر مؤتمر كهذا في سبل بناء تعاون أفضل حول مسألة العراق وأزمات أخرى، والوصول الى اتفاقات حول ضمان الانتقال الحرّ للطاقة بحراً وبراً، ومكافحة القرصنة والإرهاب والتهريب، والعمل باتجاه منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.

إن السياسة الدولية لم تكن يوماً أمراً بسيطاً، وعلى رغم أن دول المنطقة والعالم تختلف مع إيران في ما يتعلّق ببعض سياساتها، خصوصاً النووية منها، إلا أن الهدف الطويل الأمد يجب أن يكون تشجيع إيران على اتّباع سياسات أكثر انفتاحاً وتعاوناً، وإنشاء نظام إقليمي مستقرّ ومزدهر، وليس الوصول إلى حالة دائمة ومفتوحة من المواجهة.

إن قرار المواجهة قرار بسيط، أما بناء الثقة والتعاون فعملية معقّدة. لقد وجدت القيادة الإيرانية في المرحلة الأخيرة أن خيار المواجهة أسهل من خيار التعاون، لكن يجب ألا يكون قادة المنطقة والعالم على القدر نفسه من ضيق النظر. فمن الممكن التزام موقف حازم من القضية النووية، وفي الوقت نفسه، تشجيع الانفتاح والتفاهم والتعاون في مجالات أخرى. إنها مقاربة سبقت أن نجحت في ساحات أخرى من العالم، وهي أيضاً قابلة للنجاح في المثلّث العربي- التركي- الإيراني.

* مدير مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت.

=======================

جولة أوباما تباعِد بين الصين والهند وروسيا

الاربعاء, 24 نوفمبر 2010

أم كاي بادراكومار *

الحياة

سلّطت زيارة الرئيس باراك أوباما آسيا الضوء على حدود النفوذ الاميركي. ولكنها أبرزت محورية دور الولايات المتحدة في تلك المنطقة من العالم. فإثر تعزيز الولايات المتحدة علاقاتها بروسيا والهند، وتعاظم توتر العلاقات الصينية – الاميركية، بدأت الشروخ تظهر في جسم مثلث الدول المعروف ب «ريك»، وهي روسيا والهند والصين.

وبلغ اجتماع وزراء هذه الدول التاسع الذي عُقد أخيراً طريقاً مسدوداً. ومنظمة الدول الثلاث هذه نشأت إثر ادراك موسكو أن ادارة الرئيس الاميركي، بيل كلينتون، في التسعينات من القرن الماضي لن تمد يد الشراكة الى روسيا. فزار، يومها، الرئيس الروسي، بوريس يلتسين، بكين، في نيسان (أبريل) 1996، وأبرم شراكة استراتيجية معها. وتصدرت الصحف أخبار اللقاء بين أوباما والرئيس الروسي، ديمتري ميدفيديف، في يوكوهاما، على هامش قمة التعاون الاقتصاي لدول آسيا والمحيط الهادئ، «آبيك». ودار كلام أوباما على ترجيحه مصادقة الكونغرس الاميركي على معاهدة تقليص الاسلحة الاستراتيجية.

وحملت هذه المعاهدة حلف شمال الاطلسي على دعوة روسيا الى المشاركة في مشروع الدرع الدفاعية الاوروبية. وتشارف موسكو على التحالف مع ال «ناتو» في أفغانستان. وفي نهاية الاسبوع الماضي، أعلن وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، «أن موسكو وال «ناتو» قد يطويان مرحلة الحرب الباردة» في قمة لشبونة.

ويبدو أن الصين تُفرد إفراد البعير المعبّد. فهي لم تُدعَ الى قمة منظمة الامن والتعاون الاوروبي التاريخية المرتقب عقدها في كازاخستان الشهر المقبل. وتعاون روسيا مع ال «ناتو» في أفغانستان يجرد منظمة شانغهاي من مركز ثقل.

والحق أن ما يلحق الضرر بالصين هو تأجيج الولايات المتحدة سباق التنافس على الطاقة في الدول المطلة على بحر قزوين. فمشروعا خطوط أنابيب الغاز الجنوبي «ساوث ستريم»، والخط الشمالي «نورث ستريم» واعدان. والتزمت روسيا تزويد السوق الاوروبية بالطاقة التزاماً طويل الامد. وصار في وسع موسكو الاستغناء عن السوق الصينية. والاتفاق الروسي – البلغاري الاسبوع الماضي على مشروع الخط الجنوبي يُعبّد الطريق أمام انطلاق المشروع انطلاقاً مبكراً قبل الموعد المحدد. فواشنطن أحجمت عن عرقلة الاتفاق من طريق الضغط على صوفيا، العاصمة البلغارية. وبعث الدفء في العلاقات الروسية – الاميركية فاجأ بكين. وشن المعلّقون الصحافيون الصينيون حملة على التقارب الروسي – الاميركي، وقالوا إن لا فائدة ترتجى منه.

وأفلح أوباما في بعث العلاقات الهندية – الاميركية وتغيير وجهها. فهو نزل على طموحات الهند قوة صاعدة، وأيّد عضويتها الدائمة في مجلس الامن، ورفع القيود عن نقل التكنولوجيا المزدوجة الاستخدام إليها، ودعم عضوية الهند في نظام الرقابة على التكنولوجيا، وقبِل إبرام صفقة سلاح كبيرة مع الهند.

ولطالما حسِبت الصين أن الولايات المتحدة تحتاجها أكثر مما تحتاج الى الهند. فالجيش الباكستاني يمسك بشرايين حياة قوات ال «ناتو» في أفغانستان. وظنت بكين أن أوباما لن يعادي اسلام أباد من طريق التودد الى دلهي. والحسابات هذه واقعية وفي محلها. لكن الوقائع ليست وحدها مدار عالم السياسة فحسب.

وخلصت افتتاحية نشرت في صحيفة «بيبولز دايلي» الصينية الى أن دلهي صارت تتصدر أولويات الاستراتيجية الاميركية. ووحدها الصين من الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن تعوق انضمام الهند إلى نادي الدول هذه. وتوقع المسؤولون الهنود أن تعدل بكين عن موقفها المعارض، إثر تأييد أوباما عضويتها الدائمة في مجلس الامن. وهذا ما لم يحصل. فتلبدت الأجواء في قمة الدول الثلاث (الصين والهند وروسيا) الاخيرة، وتراجع بيان القمة عن موقفها السابق الذي يؤيد أداء الهند دوراً أكبر في الامم المتحدة.

والحق ان المسؤولين الهنود حاولوا مفاوضة بكين، ولكنها تشبثت بقرارها المتصلب. ولعل وراء التصلب الصيني اعلان وزير الخارجية الهندية، أس أم كريشنا، أن بلاده تأمل من الصين أن تتفهم موقف الهند من كاشمير على ما تتفهم الهند وضع الصين في تايوان والتيبيت. والمقارنة هذه معقدة وملتبسة. وليست التيبيت وتايوان أراضي متنازعة مع دولة أخرى. وفي القمة الاخيرة، بدا أن ثمة توترات بين الهند وروسيا، من جهة، وبين الهند والصين، من جهة أخرى. وزعمت دلهي أنها وراء عرقلة اشارة بيان القمة الى الولايات المتحدة إشارات سلبية.

* سفير وديبلوماسي هندي سابق، عن «إيجيا تايمز» الهونغ كونغية، 18/11/2010، إعداد منال نحاس

=======================

كيف انضوت تركيا تحت مظلة الدفاع الصاروخية؟

هدى الحسيني

الشرق الاوسط

25-11-2010

في قمة الحلف الأطلسي في لشبونة، وافقت تركيا على أن تكون جزءا أساسيا من شبكة الدفاع الصاروخية الباليستية.

هذا المشروع الأميركي يضع نصب عينيه مواجهة الخطر الإيراني (الصواريخ) وتوفير منصة أميركية لتضمن تجمعا أوراسيا لاحتواء النفوذ الروسي المتنامي في دول الاتحاد السوفياتي السابقة. وكانت الولايات المتحدة قد ضمنت التزامات ثنائية من بولونيا وتشيكيا وبلغاريا ورومانيا للمشاركة في المشروع، وظلت تركيا، بسبب موقعها الجغرافي، العنصر الأساسي لهذا المشروع.

من ناحيتها، وصلت تركيا إلى مستوى يسمح لها بتأكيد استقلاليتها في المنطقة، وقد أظهرت ذلك في المواقف العلنية ضد الولايات المتحدة فيما يتعلق بإسرائيل وإيران، وقد استثمرت كثيرا لتكسب ثقة طهران كي تكون الوسيط في صراعات إيران مع الكثير من الدول. كذلك تعتمد تركيا كثيرا على روسيا في إمدادات الطاقة، ولا رغبة لديها في إثارة منافستها التاريخية، خصوصا أنها تحاول جاهدة أن تعزز وجودها في دول القوقاز وآسيا الوسطى، حيث النفوذ الروسي ساطع.

لكن، كما يبدو، لجأت واشنطن إلى سياسة العصا والجزرة مع أنقرة، مما أعاد العلاقات الأميركية - التركية مرة أخرى إلى المسار الاستراتيجي، وشعرت أنقرة بأن الاعتبارات الاستراتيجية تفوق الأسباب التي تدفعها إلى مقاومة مشروع الدفاع الصاروخي.

السياسة التركية التي رسمها وزير الخارجية أحمد داود أوغلو دفعت إلى تغيير في الاستراتيجية الوطنية التركية، وحسنت العلاقة مع الدول الإسلامية المجاورة، ودفعت إلى تدريبات عسكرية مع الصين، وإلى برودة في العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

كرد فعل على هذه الاستراتيجية، أقدمت واشنطن على سحب أغلبية دعمها الاستراتيجي لتركيا مع انسحابها من العراق، ولم تعد إدارة الرئيس باراك أوباما، وبالذات الكونغرس، تنظر إلى أنقرة كحليف يمكن الاعتماد عليه، خصوصا ضد سورية وإيران. واعترفت مصادر تركية بأن الرئيس أوباما حذر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من أن الإدارة الأميركية غير قادرة على أن تضمن تصدير الأسلحة الرئيسية الأميركية بسبب معارضة الكونغرس، بعد تصويت تركيا ضد العقوبات على إيران في مجلس الأمن، وبسبب سياستها العدائية تجاه إسرائيل.

وفي بداية هذا العام، أشارت الإدارة الأميركية إلى تحسن الوضع الاقتصادي في تركيا، فقررت وقف المساعدات العسكرية الأميركية لأنقرة، وفي شهر يوليو (تموز) الماضي، أقدم كبار أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب على تعليق طلب عسكري لتركيا يتضمن الحصول على طائرات الهليكوبتر «الآباتشي»، و«السوبر كوبرا» ومنصات أسلحة أخرى. وفي شهر أغسطس (آب) أبلغت واشنطن أنقرة بأنها لن تشارك في المناورات الجوية «نسر الأناضول».

في هذه الأثناء كانت الاستعدادات قائمة لعقد قمة دول الأطلسي، في وقت ترغب أميركا، بشدة، في تخليص نفسها من الحربين في العراق وأفغانستان. وكما أن المصيبة تجمع، كذلك المصالح. رأت تركيا أن أمامها فرصة تاريخية لملء الفراغ الذي سيحدثه الانسحاب الأميركي في العراق، فتستعيد نفوذها في الشرق الأوسط الأوسع. من جهتها، وبعد الخطوات التي اتخذتها، عادت لترى تركيا أنها تبقى الحليف القوي الذي تلتقي مصالحه مع مصالح واشنطن، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالحاجة لاحتواء إيران، وإدارة المشكلات الداخلية العراقية الشائكة، وانتزاع تعاون أكثر من سورية، والتوازن مع روسيا في القوقاز.

ورأت تركيا أنها إذا أرادت أن تحصد مكاسب جيوسياسية في المنطقة، فإنها لا تستطيع أن تتحمل تصدعا أكثر لعلاقاتها مع واشنطن برفض المشاركة في شبكة الدفاع الصاروخية الباليستية.

وبدأت الصحافة التركية تمهد للأمر، بالقول إن تركيا ستقبل بنظام الدفاع الصاروخي إذا كان أطلسيا وليس أميركيا، وإذا نشر هذا النظام في دول الأطلسي ال27. وقال داود أوغلو: «لن نقبل بحرب باردة أو نفسية حولنا». وطالبت تركيا بأن تكون مسؤولة عن التحكم والسيطرة على الجزء الذي ينشر فوق أراضيها، وألا يأتي ذكر أي دولة (إيران، سورية أو روسيا) كمصدر للخطر. رفضت أميركا كل الشروط التركية باستثناء الشرط الأخير؛ لأنه واضح جدا ولا يحتاج إلى أي إشارة. وأبلغ مسؤولون أميركيون أنقرة بأن موافقتها على الاشتراك في هذا النظام ضرورية لتضمن تعاونا أميركيا في قضايا أخرى تهمها. كما أبلغت واشنطن أنقرة بأن رغبتها في تجنب أي مواجهة عسكرية في الخليج العربي بسبب طموحات إيران النووية، تتحقق إذا شاركت في الدرع الصاروخية التي ستضاعف من دفاعات المنطقة، وبالتالي تخفض الحاجة إلى عمليات عسكرية.

من الآن وحتى يونيو (حزيران) 2011، عند الانتهاء من بحث تفاصيل النظام الدفاعي الصاروخي وكيف سيتم توزيع السيطرة عليه، على أنقرة مهمة إقناع طهران بأن محافظة تركيا على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة، هي أفضل عازل لإيران وحماية لها من أي هجوم. طبعا هناك الكثير من القيود لهذه الحجة، لكن إيران لن تغامر بالتضحية بحليف أساسي لها بينما التوتر يتصاعد بينها وبين الولايات المتحدة.

قد تواجه تركيا صعوبة أكبر في إقناع روسيا بأن موافقتها على المشاركة في شبكة الدفاع الصاروخية الباليستية تعتمد على النيات الحسنة. تركيا كانت بين الدول التي دعمت إشراك روسيا في هذه الخطة الأطلسية. روسيا وافقت على أن تبحث مشاركتها في الخطة. لكن من المستبعد أن تقبل واشنطن دمج روسيا في هذا النظام من حيث الرقابة التشغيلية أو الاعتراض على استخدامه.

ستحتاج تركيا إلى أكثر من مهارة داود أوغلو، وحذاقة أردوغان لحماية علاقاتها التجارية والاقتصادية مع روسيا؛ إذ مهما كثرت البيانات السياسية المنمقة، فإنها لن تخفي التعهد التركي بالمشاركة في مظلة دفاعية تضع الخطر الروسي نصب أعينها، إضافة طبعا إلى الخطر الإيراني.

ثم إن هناك أمرا آخر داخليا تركيا. فحزب التنمية والعدالة الحاكم في تركيا مقبل على انتخابات نيابية العام المقبل، إنه كان يحتاج إلى إبقاء التوتر في العلاقة بين أنقرة وواشنطن على الأقل لمدة سنة أخرى، كي يحافظ على كسب دوائره الإسلامية التي توافق على سياسته الموالية لإيران والمعادية لأميركا وإسرائيل. ثم إن حكومة أردوغان غاصت في تفعيل هذه السياسة إلى درجة أن أي محاولة للتخفيف منها، سترتد سلبا على التأييد الذي سيناله حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة.

عندما جرى التوقيع على الاتفاق في لشبونة، قال الرئيس التركي عبد الله غل: «إن دول الأطلسي وافقت على الشروط التركية كلها»! وقال وزير خارجيته داود أوغلو: «إن تركيا لم تجبر على هذا المشروع عكس إرادتها». لكن، في النهاية وافقت ووقعت، وهذه المظلة الدفاعية تحمي تركيا ودول الشرق الأوسط، بما فيها إسرائيل، من خطر أساسي قد تشكله الصواريخ الإيرانية.

=======================

رسالة كوريا الشمالية المتسقة للولايات المتحدة

جيمي كارتر

الشرق الاوسط

25-11-2010

ليس بمقدور أحد تفهم دوافع الكوريين الشماليين تماما، لكن من المحتمل للغاية أن يكون الهدف من وراء كشفهم مؤخرا عن أجهزة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم وإقدامهم على قصف جزيرة كورية جنوبية، الثلاثاء، هو تذكير العالم بأنهم جديرون بأن يحترمهم الآخرون فيما يتعلق بالمفاوضات التي ستصوغ مستقبلهم. في النهاية، ربما ينحصر الاختيار أمام الولايات المتحدة بين التفاصيل الدبلوماسية وتجنب وقوع مواجهة كارثية.

شكلت مسألة التعامل بفعالية من كوريا الشمالية منذ أمد بعيد تحديا أمام واشنطن. ونحن نعلم أن الديانة الرسمية لكوريا الشمالية هي الزوتشية التي تدور حول فكرة الاعتماد على الذات وتجنب الخضوع لهيمنة الآخرين. ولا شك أن القدرات التقنية التي تتمتع بها كوريا الشمالية رغم ما عليها من عقوبات شديدة وما تعانيه من فقر، تثير الدهشة. والمؤكد أن جهودها لاستعراض قدراتها العسكرية عبر قصف يونغبيونغ والاختبارات التي تجريها للأسلحة تثير الغضب والرغبة في الانتقام. في الوقت ذاته، فإن الروابط الدبلوماسية والعسكرية الوثيقة بيننا وبين كوريا الجنوبية تفرض التوافق مع سياسات قادتها.

سبق وأن هددت كوريا الشمالية بإشعال صراع مسلح، فمنذ قرابة ثمانية أعوام، كتبت في هذه الصفحة حول كيف طرد الرئيس كيم إيل سونغ في يونيو (حزيران) 1994، مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وادعى أن قضبان الوقود المستهلك يمكن إعادة معالجتها وتحويلها إلى بلوتونيوم. وهدد كيم بتدمير سيول حال فرض مزيد من العقوبات القاسية ضد بلاده. وانطلاقا من رغبته في تسوية الأزمة عبر محادثات مباشرة مع واشنطن، دعاني كيم لزيارة بيونغ يانغ لمناقشة القضايا العالقة. وبموافقة الرئيس بيل كلينتون، ذهبت لكوريا الشمالية وقدمت تقريرا للبيت الأبيض حول النتائج الإيجابية التي تمخضت عنها هذه المناقشات المباشرة. وجرت مفاوضات مباشرة في جنيف بين مبعوث أميركي خاص ووفد كوري شمالي، مما أثمر «إطار عمل متفقا عليه» أوقف إعادة كوريا الشمالية معالجة خلايا الوقود وأعاد عمليات التفتيش من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمدة ثماني سنوات. مع ظهور أدلة حول حصول بيونغ يانغ على يورانيوم مخصب على نحو يشكل انتهاكا لإطار العمل المتفق عليه، جعل الرئيس جورج دبليو بوش - الذي أعلن بالفعل كوريا الشمالية جزءا من «محور الشر» وهدفا محتملا - مشروطة برفضها الكامل لفكرة إقامة برنامج لبناء متفجرات نووية وأوقف الشحنات الشهرية من النفط. وعليه، طردت كوريا الشمالية المفتشين النوويين واستأنفت أعمال إعادة معالجة قضبان الوقود. وحصلت على بلوتونيوم ربما يكفي لصنع سبعة أسلحة نووية.

وتمخضت المفاوضات المتقطعة على مدار السنوات القليلة التالية بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان والصين وروسيا (وهي الأطراف الستة) في سبتمبر (أيلول) 2005 عن اتفاق أعاد التأكيد على الأسس الرئيسية لاتفاق عام 1994. وتضمن نص الاتفاق جعل شبه الجزيرة الكورية منطقة خالية من الأسلحة النووية، وتعهد من قبل واشنطن بعدم الاعتداء، واتخاذ خطوات نحو إقرار اتفاق سلام دائم كي يحل محل اتفاق وقف إطلاق النار الأميركي - الكوري الشمالي - الصيني القائم منذ يوليو (تموز) 1953. إلا أنه للأسف، لم يحدث تقدم ملموس منذ عام 2005، وخيم على الموقف برمته مسألة تطوير كوريا الشمالية واختبارها لأسلحة نووية وصواريخ متوسطة وطويلة المدى، ومواجهات عسكرية بينها وبين كوريا الجنوبية. من جهتها، تصر كوريا الشمالية على عقد محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة. ويعتقد قادة بيونغ يانغ أن القوات المسلحة الكورية الجنوبية خاضعة لسيطرة واشنطن. ويصرون على أن كوريا الجنوبية لم تكن طرفا في اتفاق وقف إطلاق النار المبرم عام 1953. «منذ عهد إدارة كلينتون، خاضت بلادنا المفاوضات عبر مسار سداسي الأطراف، وعمدت إلى تجنب المحادثات الثنائية قدر الإمكان، التي من شأنها استثناء كوريا الجنوبية». وقد دعيت في يوليو (تموز) الماضي للعودة إلى بيونغ يانغ لتأمين إطلاق سراح الأميركي أيالون غوميز، شريطة أن تمتد الزيارة فترة كافية لإجراء محادثات جوهرية مع كبار المسؤولين الكوريين الشماليين، الذين عبروا لي بوضوح عن رغبتهم في تطوير جزيرة شبة كورية غير نووية، والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار يقوم على اتفاقات 1994 والبنود الأخرى التي تبنتها القوى الست الكبرى في سبتمبر (أيلول) 2005. ودون أي تفويض للتوسط في النزاعات، نقلت هذه الرسالة إلى وزارة الخارجية والبيت الأبيض، وأشار القادة الصينيون إلى دعمهم لهذه المحادثات الثنائية. وقد نقل لي المسؤولون الكوريون نفس الرسالة للزائرين الأميركيين الآخرين وسمحوا بدخول بعض الخبراء النوويين إلى منشأة متقدمة لتخصيب اليورانيوم. وأوضح ذات المسؤولين لي أن هذه المجموعة من المفاعلات النووية ستكون مطروحة على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة على الرغم من أن تنقية اليورانيوم لم تكن ضمن اتفاقات عام 1994.

لقد بعثت بيونغ يانغ برسالة متسقة وهي مستعدة للتوصل إلى اتفاق لإنهاء برنامجها النووي، ووضعها بالكامل تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتوقيع اتفاقية دائمة لتحل محل اتفاقية وقف إطلاق النار «المؤقتة» الموقعة عام 1953 في حال عقد مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة. وينبغي علينا التفكير في الاستجابة لهذا العرض. البديل السيئ لكوريا الشمالية يتمثل في ارتكاب أي عمل يرونه ضروريا للدفاع عن أنفسهم مما يزعمون أنه أقصى ما يخشونه والمتمثل في هجوم عسكري تدعمه الولايات المتحدة، ناهيك بالجهود لتغيير النظام السياسي في بيونغ يانغ.

* الرئيس التاسع والثلاثين للولايات المتحدة

* خدمة «واشنطن بوست»

=====================

مراوحة سوريّة - سعوديّة..وأزمة القرار الاتهاميّ مفتوحة على كل الاحتمالات

بسام غنوم

الأمان 26/11/2010

هل يشكل صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري مدخلاً للحل، أم يفتح باباً للفتنة بين اللبنانيين؟

يتردد هذا السؤال على ألسنة اللبنانيين عموماً وقوى الموالاة والمعارضة خصوصاً في ظل موجة تسريبات سياسية مختلفة حول طبيعة القرار الاتهامي المرتقب صدوره قريباً جداً، حسب أوساط ديبلوماسية عربية ودولية، ووفق معلومات مفصلة عن طبيعة ما يمكن ان يحتويه القرار الاتهامي من دلائل واتهامات تشير الى تورط عناصر من حزب الله حسب التقرير المفصل الذي اذاعته محطة CBC الكندية التي استندت فيه الى وثائق ومستندات من داخل الأمم المتحدة ولم تعتمد على تحاليل أو أخبار صحفية كما في تقرير صحيفة دير شبيغل الألمانية، الأمر الذي أربك مسؤولي الأمم المتحدة ولجنة التحقيق الدولية، ما يدل على أن تحقيق محطة CBC الكندية فيه الكثير مما يمكن ان يحتويه القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

 

في ظل هذه الأجواء تنشط حركة اتصالات كثيفة على المحور السوري - السعودي من أجل الوصول الى تسوية ما للقرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، الأمر الذي أشاع أجواءً من الهدوء الحذر على الساحة اللبنانية رغم بعض الأصوات المهددة والمتوعدة من هنا وهناك، ما يدل على ان باب التسوية السياسية مفتوح من أجل تجنيب لبنان واللبنانيين أية فتنة أو صدام يمكن ان يؤدي اليه صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

 

لكن هل هذا يعني ان لبنان تجاوز أزمة صدور القرار الاتهامي او هو على وشك تجاوزها بفعل التفاهم السوري - السعودي على ضرورة تجنيب لبنان أية ردات فعل يمكن ان يسببها هذا القرار؟

 

الاجابة عن هذا السؤال تحتاج الى تفصيل دقيق، لأن طبيعة المعلومات المتوافرة عن التسوية السياسية التي يجري الحديث عنها شحيحة وغير واضحة المعالم، إلا ان التسريبات الإعلامية التي يحرص عليها البعض في الموالاة والمعارضة تكشف الكثير مما يجري خلف الكواليس من تحركات ومواقف.

 

ففي جانب المعارضة شهدت الساحة السياسية موجة تسريبات كبيرة عن طبيعة التسوية المقترحة لأزمة صدور القرار الاتهامي، حتى انه قامت بعض الصحف المحسوبة على فريق المعارضة بنشر معلومات مفصلة عن هذه التسوية المقترحة والتي تعتمد بصورة رئيسية على إعلان الرئيس سعد الحريري رفضه لتوجيه أي اتهام لحزب الله، في مقابل تفعيل العمل الحكومي والسماح للرئيس سعد الحريري بالقيام بمهامه الحكومية بعيداً عن عمليات العرقلة والتعطيل.

 

وقد ترافقت هذه التسريبات الإعلامية الكثيفة مع حركة اتصالات سياسية ايجابية بين فريقي الموالاة والمعارضة ومع إعلام عن زيارة لرئيس الحكومة سعد الحريري الى العاصمة الإيرانية طهران في نهاية الاسبوع الجاري، ما أشاع الكثير من أجواء الهدوء على الساحة السياسية.

 

اما من ناحية الموالاة، فقد تميزت ردات الفعل على موجة التسريبات الجارية حول التسوية السعودية - السورية بالحذر الشديد وبالتأكيد ان اية تسوية سياسية لن تكون على حساب العدالة والحقيقة، ولن تكون على حساب الأمن والاستقرار في لبنان، وقد أعلن هذا الموقف النائب احمد فتفت الذي قال اننا دخلنا في مرحلة ما بعد صدور القرار الاتهامي، أي انه لا تسوية سياسية على حساب صدور القرار الاتهامي لأن هذا الموضوع اصبح أمراً مفروغاً منه، وان أية تسوية سياسية هي من أجل التفاهم على كيفية التعامل مع صدور القرار الاتهامي وما يمكن ان يحمله من معلومات واتهامات للأشخاص أو الجهات المسؤولة عن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وعلى هذا المنوال تحدث ايضاً النائب نهاد المشنوق الذي أكد ان لا تسوية على حساب الحقيقة وانه يجب معرفة المسؤولين عن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري حتى تتوقف سياسة الاغتيالات في لبنان.

 

هذه الأجواء المتناقضة بين فريقي الموالاة والمعارضة حول التسوية السورية - السعودية بدأت تعكس نفسها في المواقف السياسية لهذه الأطراف، ففيما يلتزم الرئيس سعد الحريري شخصياً سياسة الصمت تجاه كل ما يجري من تحركات سورية - سعودية ويكتفي بالمواقف العامة الداعية الى الحوار والهدوء، ويؤكد الرئيس نبيه بري انه لا يملك أية معطيات رسمية عما تقوم به سوريا والسعودية، ويؤكد انه مثل كل اللبنانيين يعلم ما يجري من الصحف، ولا يملك معلومات دقيقة عن طبيعة المسعى السوري - السعودي لحل أزمة القرار الاتهامي.

 

وقد اعطى المراقبون هذا البرود السياسي في التعاطي مع الجهد السوري - السعودي تفسيرات شتى، ففيما رأى البعض ان ذلك يدل على جدية المفاوضات الجارية بين سوريا والسعودية وان الأمور وصلت الى نقاط حساسة تحتاج الى الكثير من الجدية والسرية للوصول الى تفاهم حولها، رأى البعض الآخر ان المسعى السوري السعودي يمر في مأزق كبير بسبب مطالبة سوريا وحزب الله بتنازلات سياسية كبيرة من السعودية وسعد الحريري وفريق 14 آذار، مثل إعلان عدم القبول بالقرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في مقابل تقديم مكاسب سياسية هزيلة للرئيس سعد الحريري من مثل مساعدته في العمل الحكومي والاستمرار برئاسة الحكومة اللبنانية في الفترة المقبلة.

 

وفي مؤشر ذي دلالة، أعلن رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط «ان مبدأ صدور القرار الاتهامي لم يعد تحت السيطرة»، وأكد ضرورة عقد لقاء بين الرئيس سعد الحريري والسيد حسن نصر الله من أجل تجنيب لبنان فتنة كبيرة بين السنّة والشيعة، ما يدل على استمرار الخلاف بين الموالاة والمعارضة حول القرار الاتهامي، وعلى عدم الوصول الى تسويات سياسية فعلية بين سورية والسعودية. وقد عزز هذا الاستنتاج التسريبات الاعلامية المتناقضة حول زيارة الأمير عبد العزيز بن عبد الله للعاصمة السورية دمشق، ففيما أعلن البعض إجراء هذه الزيارة، أكدت أوساط أخرى عدم حصولها وارجعت ذلك الى ان مشروع التسوية ما زال في مرحلة عرض الأفكار ولم يصل بعد الى مرحلة التفاهمات المكتوبة.

في ظل هذه الأجواء برز الموقف الأميركي الداعم بقوة للمحكمة الدولية، الذي اعلن بصراحة انه لا نقاش قبل صدور القرار الاتهامي. وقد تزامن هذا الموقف مع تأكيد الرئيس الأميركي باراك أوباما ضرورة احترام سيادة واستقرار لبنان ودعم عمل المحكمة الدولية، وهو ما اعتبرته المعارضة دخولاً اميركياً مباشراً على خط التعطيل للمسعى السوري - السعودي الهادف الى ايجاد تسوية للأزمة اللبنانية الحالية.

في المحصلة، يمكن القول إن هناك سابق بين التسوية والتفجير، والأمور ليست واضحة لأن كل طرف يريد الحفاظ على مكاسبه السياسية ولا يقبل التنازل للطرف الآخر، وهو ما يفتح الباب للتدخلات الخارجية، ما يعني ان الأمور ما زالت مفتوحة على كل الاحتمالات.

=======================

تحرير الفلسطيني قبل فلسطين!

عامر العظم

23 نوفمبر، 2010

حزب فلسطين الحر

عندما تسمع الفلسطيني تعجب به لكن عندما تقترب إليه أكثر، تحتار! تراه إما متناقضا مع نفسه، أو خائفا أو صامتا أو وحيدا، أو تابعا كصنم لهذا لحزب أو ذاك، أو رهينة لهذا النظام أو ذاك، أو لا يريد إلا أن يكون رأسا، أو مستعدا لأن يلغيك أو يخونك إن عارضته.

ترى الفلسطينيين أكثر الناس حضورا على الإنترنت، لكن كل واحد فيهم يعزف وحده، لا يعرف كيف يعمل ويتعاون مع الآخرين، لا يتقن اللعب مع الفريق، لا يملك القدرة على العمل الجماعي أو المنظم أو المؤسسي، خاصة عندما يتعلق الامر بالعمل السياسي، كلهم رؤوس وكلهم زعماء وكلهم متحدثون رسميون!

 

ترى كثيرا من الفلسطينيين مليونيرات ومليارديرات لكن من النادر أن تراهم يتبرعون لوطنهم أو يخدمونه بحق..يحمل الفلسطينيون الشعار تلو الشعار لكنهم دائما يتراجعون، لا يعرفون كيف يقاتلون عند القتال ولا يتفاوضون عند التفاوض.

وهنا، لا بد أن نذكر أن الأنظمة العربية مسئولة عما نعتنا به الشخصية الفلسطينية عاليه، فهم نتاج قمعهم، وتمييزهم، وعنصريتهم وربما ازدرائهم في كثير من الاحيان تحت مسمى "لاجئ" أو "نازح" أو "بدون" أو "مع" أو "ضد"!

أضاعت الأنظمة العربية فلسطين في حربي 1948 و 1967 ونفضت يديها من القضية برغبتها أو برغبة منظمة التحرير، واكتفت بحشر ما لديها من فلسطينيين في كنتونات، تارة تحرمهم من العمل أو الإقامة أو المرور أو السفر، وتارة من الجنسية ومن الحياة الطبيعية في أغلب الاحيان.

لا الأنظمة العربية أعادت فلسطين لأهلها ولا عاملت الفلسطيني باحترام على أراضيها..موظف صغير يستطيع أن يعقد حياة كل الفلسطينيين على أرضه وحدوده متناسيا كل ما قدمه هؤلاء لبناء وطنه قبل الاحتلال وبعده وعلى مدى أكثر من ستين عاما.. وإن اعترضت، فلا أسهل من أن يخاطبك موظف تافه درسه فلسطيني "لحم اكتافك من خير بلادي!"

الفلسطينيون يتعرضون للتمييز العرقي أو الديني أو المذهبي أو الاقتصادي في بعض البلدان العربية، فماذا فعل الفلسطينيون لإعادة الاعتبار لأنفسهم وقضيتهم!

الفلسطينيون هم نسيج الوطن العربي وهم المرآة والمزيج الحضاري للعرب، فأصول أكثرهم تمتد أو تعود تاريخيا لمعظم عائلات وقبائل الدول العربية والإسلامية والكل ينسى أو يتعمد أن ينسى أن فلسطين بما يمثله المسجد الاقصى للأمة هي ملك لهم جميعا وبالتالي مسؤوليتهم جميعا "وهم في رباط إلى يوم الدين"، فلماذا المن والتكرم والاستجداء على ظهر الفلسطيني الذي لا ينوبه في النهاية من "الحب" جانب! عدا عن كونهم مصدرا هاما للأخبار العاجلة والمباشرة ليتوج الحصاد الإخباري الدسم أفضل تتويج.. ومن ثم.. لا يصبحون على وطن!

الشعب الفلسطيني فقد الوطن وفقد القيادة..ففقد البوصلة! وهذا نتيجته الحتمية هذا التخبط واللانتماء السياسي وهذا الضياع المزمن.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ