ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 24/11/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

نظام خامنئي - نجاد: استثمار «نجاحات» الخارج في الداخل

الإثنين, 22 نوفمبر 2010

محمد مشموشي *

الحياة

لم تعد سياسات النظام الايراني خارجية أساساً، أو خارجية قبل كل شيء، كما كان حالها في السنوات الماضية، بل يمكن القول ان الخارج عندها بات جزءاً لا يتجزأ من سياسات النظام الداخلية، بعد أن تصاعد أخيراً التململ الشعبي، ويتوقع أن يتصاعد أكثر في المستقبل، نتيجة الوضع الاقتصادي – الاجتماعي في البلاد، بما في ذلك التأثيرات المباشرة للعقوبات الدولية المفروضة عليها.

في ايران، تتجسد على الأرض الآن النظرية التي عبّر عنها رئيس وزراء بريطانيا السابق ونستون تشرشل عندما قال ان لا سياسات خارجية، وأخرى داخلية، للدول في العالم، وإنما سياسات واحدة.

في ضوء ذلك، ومن ضمن أمور أخرى، لم يأت الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد الى لبنان (وبخاصة الى بنت جبيل على بعد أمتار من اسرائيل) ليخاطب اللبنانيين، أو بعضهم، فيكرر على مسامعهم ومسامع العالم ما يقوله منذ سنوات عن زوال اسرائيل وعودة الإمام المهدي أو قيام «جبهة الشعوب المقاومة» في المنطقة، بل ليخاطب الشعب الايراني في المقام الأول... وحتى العصبية الفارسية وطموحاتها الامبراطورية، جنباً الى جنب مشروعها النووي الذي بات قضية قومية لا يختلف معه حولها حتى معارضوه في «الثورة الخضراء».

وهذا ما قاله بالضبط، وإن بصورة غير مباشرة، مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية السيد علي خامنئي عندما أشاد باستقبال بعض اللبنانيين لنجاد، ووصفه بأنه «يبين جاذبية وعظمة الشعب الايراني في أنظار الشعوب الأخرى»، متسائلاً: «كيف يمكن أن يلقى رئيس جمهورية مثل هذا الاهتمام من جانب شعب لا صلة قربى بينهما؟».

وفي اشارة مباشرة الى مشروع بلاده النووي، مشروع ايران القومي على الصعيد الشعبي، قال خامنئي ما حرفيته: «ان الشعب الايراني استطاع ان يكون عزيزاً وجذاباً ومقتدراً في أنظار الشعوب، وأن يكون له دور مؤثر في أحداث العالم حتى من دون أن يمتلك المعدّات العسكرية المعقدة».

وفي ضوئه كذلك، يأتي اتصالا نجاد الهاتفيان بالملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز عشية زيارته لبنان ثم بعدها، كما يأتي حديثه المتكرر عن العقوبات الدولية باعتبارها «سخيفة» من جهة أولى، وقوله من جهة ثانية إن اجراءات استثنائية قد اتخذت داخلياً وخارجياً لتطويق أية آثار محتملة لها على الشعب في ايران وعلى القوة السياسية والعسكرية التي تتمتع بها بلاده في مواجهة العالم الخارجي.

واذا أضيفت الى ما سبق زيارة خامنئي غير المسبوقة من زمن بعيد الى مدينة قم ولقاءاته فيها كبار رجال الدين، بخاصة منهم من يتحفظون على سياسات نجاد وممارساته، يكون الاطار العام لصورة النظام في طهران – صورة محاولته ترتيب الوضعين السياسي الشعبي والشرعي الديني في الداخل – قد أخذ شكله الواقعي.

ذلك أن هذا النظام، بزعامة خامنئي ونجاد، يقيم سياسته في المرحلة الحالية على أساس أن «الثورة الخضراء» لم تعد تشكل تحدياً جدياً له انطلاقاً من عدد من الاعتبارات في مقدمها أن الاصلاحيين الذين يقودونها يطرحون اصلاحات من داخل النظام، وإن تكن تغييرية بالنسبة اليه، وأنه تمكن في الفترة السابقة، من خلال القمع الجسدي والسجون والإبعاد والمضايقات، من تطويقهم وحتى شلّ قدراتهم، لكن التحدي الحقيقي الذي يواجهه عملياً، أو سيواجهه في المستقبل القريب، يأتي من الشارع هذه المرة ومن الجماهير العريضة التي بدأت العقوبات الاقتصادية تفعل فعلها في صفوفها.

وليس الانخفاض المريع في الأسابيع القليلة الماضية (حوالى ضعفين تقريباً) في سعر تبادل العملة الايرانية (الريال) إزاء العملات الأجنبية الأساسية لاستيراد السلع الحياتية من الخارج، وتهافت الناس نتيجة لذلك على شراء الذهب، ثم رد السلطة بأن فرضت قيوداً صارمة على عمليات بيع الذهب وشرائه في الأسواق، إلا أحد مظاهر هذا التحدي. وفي التحليلات المالية الدولية، أنه حتى على فرض صحة ما يقوله نجاد من أن لدى ايران احتياطياً من العملات الأجنبية بأكثر من مئة بليون دولار، فلن ينفع ذلك إلا لفترة زمنية قصيرة في درء المخاطر التي تتهدد الايرانيين في معيشتهم كما تتهدد وضع البلاد المالي والاقتصادي.. وتالياً النظام نفسه.

كيف يواجه نظام خامنئي – نجاد هذه المخاطر؟

في اعتقاد النظام أنه حقق نجاحاً كبيراً، في السنوات الماضية، في اعادة انتاج عصبية قومية فارسية، وحتى طموحات امبراطورية بالمعنى التاريخي، من خلال مشروعه النووي من ناحية، وبناء قوة عسكرية في البحر والجو والبر على السواء من ناحية ثانية، ومد نفوذه في الكثير من دول الجوار وفي المنطقة من ناحية ثالثة. وعلى خلفية ذلك، فهو يعمل الآن على استثمار ما بناه، بما فيه أساساً النزعة الامبراطورية الفارسية على مساحة الاقليم، من خلال «فائض القوة» الذي امتلكه عبر امتداداته الخارجية (في العراق ولبنان تحديداً) تغطية لوضعه الداخلي الراهن وما يمكن أن ينزلق اليه في المستقبل.

وفي هذا السياق، يمكن فهم خطاب النظام المزدوج مع الولايات المتحدة إن في العراق أو في افغانستان، وخطابه المماثل مع اللبنانيين – دولة من ناحية وجماهير شعبية شيعية من ناحية ثانية -، فضلاً عن خطابه التصالحي المستجد مع السعودية ومصر، وصولاً الى محاولة تبرير كلام نجاد عن «جبهة الشعوب المقاومة» بالقول انها ليست موجهة ضد الأنظمة في الدول الأربع المعنية (سورية وتركيا ولبنان والأردن)، بل هي «عامل دعم» لها بقدر ما هي «قوة ردع» للمنطقة كلها في مواجهة المشاريع الأميركية - الاسرائيلية – الأوروبية الغربية الموضوعة لها.

ما يفعله نظام خامنئي – نجاد الامبراطوري الفارسي، في هذه المرحلة من تاريخه، ليس الا عملية استثمار لما يعتبره «انجازات» تمكن من تحقيقها في اطار مخططه الاستراتيجي الواسع في الخارج في مساعيه لمعالجة مأزقه الكبير ومشكلاته الراهنة والمنتظرة في الداخل.

وفيما لا يستبعد أن تحمل الفترة المقبلة عدداً من اشارات «التهدئة» في المنطقة و «التصالح» مع دول الجوار من جانب هذا النظام، فمن السخف الظن أنه تراجع ولو قيد أنملة عن مشروعه الأساسي في السيطرة على الاقليم.

* كاتب وصحافي لبناني

===================

الدولار وغضب المصدرين

الثلاثاء, 23 نوفمبر 2010

على بن طلال الجهني *

الحياة

ويعود سبب الغضب إلى إعلان لجنة دائمة في بنك أميركا المركزي عن اتخاذها قراراً يقضي، ابتداءً من 3/11/2010، بضخ 600 بليون دولار، لزيادة نسبة نمو الاقتصاد الأميركي.

وقبل تفسير كيف يتم هذا الضخ، أو كيف تتم عملية إصدار دولارات إضافية، تحسن الإشارة إلى أن الدولار ليس مجرد عملة وطنية ينحصر أثر قيمتها داخل المحيط الأميركي، وإنما عملة احتياطية رئيسية (أي تصدر دول كثيرة عملتها وفقاً لنسب متفاوتة مما تملكه بنوكها المركزية من دولارات أميركية)، فضلاً عن أنها أهم عملة في تداولات التجارة الدولية، ولذلك تهم قيمة الدولار كل مصدر، سواءً مادة خام كالنفط والأخشاب والنحاس، أو مواد مصنعة كالأدوات والآليات، كما تهم بالطبع أيضاً من يستوردون من دول أخرى غير أميركا والدول الأخرى المرتبطة عملتها الوطنية بالدولار.

ويتم ضخ الدولارات، أو رفع مستوى السيولة داخل الاقتصاد الأميركي، من طريق شراء صكوك، أو سندات الخزانة الأميركية. وهي أوراق تجارية تحتوي على مبالغ مالية تتعهد بموجبها الخزانة الأميركية بدفع ما هو مدوّن على متنها من مبالغ، تماماً كأي سندات مديونيات أخرى يتعهد مصدرها بدفع ما وعد وسجل على متنها من مبالغ حين يحل أجلها وفقاً لما هو مدوّن على متنها من أجل - أو تاريخ.

غير أن الفرق بين السندات التي تصدرها جهات خاصة، والسندات التي تصدرها الخزانة الأميركية، أن البنك المركزي هو الذي يشتري هذه السندات أو الصكوك، أي أن البنك المركزي الأميركي هو الذي يمنح القروض للحكومة الفيديرالية الأميركية.

وماذا يفعل المركزي بالسندات التي يشتريها سواءً من الخزانة الأميركية مباشرة، أو من دول أخرى سبق لها أن اشترتها وتحتاج الى مبالغها أو قيمتها؟

كل ما تفعله أنها حرفياً «تطبع» أو تصدر دولارات جديدة تدفعها في مقابل شرائها للسندات ثم تحتفظ بما اشترته من سندات الى أن يأتي وقت الحاجة لخفض مستوى السيولة. والذي يحتفظ بأكبر نسبة من سندات الخزانة الأميركية أو صكوك من مديونياتها هي البنوك التجارية الكبرى. وحينما يشتري المركزي من البنوك التجارية هذه السندات يعوّضها بالدولارات، وبذلك يرتفع مستوى السيولة المتداولة.

وما الذي يغضب المصدرين وكثيراً من المستوردين؟

الذي يغضبهم أن زيادة كمية الدولارات المتداولة تؤدي الى انخفاض تكاليف الاقتراض، كما تؤدي أيضاً الى خفض ما تدفعه المنشآت المصرفية من مقابل لأصحاب الودائع بالدولار. كيف؟

على مستوى معين من التعميم، يمكن النظر الى أن العملة (في هذه الحالة الدولار) سلعة يعرضها من يستغني عن استخدامها موقتاً للمقترضين أو يودعها في البنوك. ولكن من يملك السيولة لن يقرضها لغيره من دون مقابل، حتى لو وُجد عدد محدد من الخيرين الذين يقرضون مبالغ متواضعة من دون مقابل. وعندما تزيد كمية السيولة، تزيد الكمية التي يمكن اقتراض نسبة منها. وزيادة المعروض حتى من القروض، وبقاء المطلوب ثابتاً تؤدي الى انخفاض مستوى المقابل الذي لا بد من دفعه للحصول على القروض أو للفوز بمزيد من الودائع بالنسبة الى المنشآت المصرفية. وهذا بدوره يؤدي الى عزوف المودعين عن الدولار، واستبداله بعملات أخرى كاليورو والين وغيرهما، أي إن ضخ المزيد من الدولارات يؤدي، في نهاية المطاف، الى انخفاض قيمة الدولار نسبة الى بقية العملات.

ومن ترتفع قيمة عملاتهم تتدنى كمية صادراتهم، وفي الوقت ذاته تزيد كمية وارداتهم. فارتفاع قيمة عملة الدولة المصدرة يعني زيادة أسعار صادراتها، وانخفاض أسعار كل وارداتها.

إذاً، فسبب غضب الصين وألمانيا والبرازيل وغيرها من الدول التي تؤثر قيمة صادراتها في مستوى معيشة مواطنيها الى حد كبير، من ارتفاع كميات الدولارات المتداولة، هو بسبب علمها أن ذلك سيؤدي عاجلاً أو آجلاً الى استيرادها أكثر مما كانت تستورد من قبل، وفي الوقت ذاته تصدّر أقل مما كانت تصدّر من قبل، فيسوء ميزان مدفوعاتها.

وماذا عن الدول المصدرة للنفط؟

لا جدال أن انخفاض قيمة الدولار يؤدي الى ارتفاع أسعار الواردات من الدول التي ارتفعت قيمة عملاتها. أما بالنسبة الى عائدات الدول المصدرة للنفط، فلن تتأثر كثيراً لأن انخفاض قيمة الدولار يؤدي ولو بعد حين إلى ارتفاع أسعار النفط، أو على الأقل يمنع انخفاضها.

والله من وراء القصد.

===================

الصفقة والسلام المفقود

آخر تحديث:الثلاثاء ,23/11/2010

فايز رشيد

الخليج

في زيارته الأخيرة الى الولايات المتحدة، حرص الجانب الأمريكي على تقديم صفقة (مغريات) جديدة لرئيس الوزراء الصهيوني في محاولة لإقناعه بتمديد تجميد الاستيطان لمدة شهرين أو ثلاثة، وذلك لا يشمل القدس الشرقية بالطبع . من أجل ضمان عودة المفاوضات المباشرة بين الطرفين : “الإسرائيلي” والفلسطيني . وللمزيد من محاولات الاغراء لنتنياهو، تعهدت الولايات المتحدة بعدم الطلب منه مستقبلاً أي تمديد آخر .

 

بداية، لاتحتاج الولايات المتحدة إلى مناسبات لتُغدق على حليفتها الاستراتيجية “إسرائيل”، آخر ما أنتجته مصانعها الحربية من أسلحة ثقيلة حديثة، ليس لها مثيل على صعيد العالم . حتى دول حلف الأطلسي لا تحظى بهذه المكانة لدى واشنطن .

 

في حرب اكتوبر/تشرين الأول ،1973 التي حلت ذكراها الشهر الفائت، وعندما مال ميزان المعارك العسكرية لصالح الجيشين المصري والسوري، هبّت واشنطن لتنقذ حليفتها بطيارين أمريكيين شاركوا في القتال بملابس الطيارين “الإسرائيليين”، وأمدّتها بأسراب عديدة من الطائرات الأمريكية التي طليت بألوان سلاح الجو “الإسرائيلي” .

 

وفي المنعطفات السياسية، تقف واشنطن حارساً أميناً على “إسرائيل” ومصالحها، أكان ذلك في التصويت في مجلس الأمن أو في المؤتمرات الدولية . أمريكا ومنذ قامت “إسرائيل” وهي تضمن أمنها، وتجدد هذه الضمانات سنوياً من خلال دعمها بالأسلحة لتتفوق على دول الشرق الأوسط قاطبة، .أما التعنت “الإسرائيلي” تجاه الحقوق الوطنية الفلسطينية والعربية فقد ضمنت الولايات المتحدة من خلال الرسالة التي جرى تسميتها ب(الضمانات الاستراتيجية الأمريكية) والتي قدمتها ل”إسرائيل” في عام 2004 وفيها: “تتعهد صراحة بالتزام الموقف “الإسرائيلي” حول التسوية مع الفلسطينيين والعرب، وتتعهد فيها أن لا تمارس ضغطاً على “إسرائيل” لقبول ما لا تريد أن تقبله من مواقف” . بالطبع تستطيع الولايات المتحدة ليْ الذراع “الإسرائيلية” إن أرادت، فالوجود “الإسرائيلي” ذاته مرهون في نسبته العظمى بالولايات المتحدة، لكن واشنطن تخشى ردود الفعل في داخل الولايات المتحدة:اللوبي الصهيوني، الصهيو مسيحية، المجمع الصناعي العسكري الأمريكي الحريص على استمرار مصالحه وانتاج مصانعه من السلاح .

 

واشنطن لا تمارس الضغط على “إسرائيل” لتثنيها عن مواقفها المتعنتة المرفوضة دولياً، مع أن بإمكانها لو أرادت إجبار حليفتها على اتخاذ المواقف السياسية التي تريدها . ولكن بدلاً من ممارسة هذا الضغط، وعلى شاكلة الأب الذي يريد لابنه المدلل أن ينفذ ما يقوله، فيُغرقه بالهدايا ليسمع الكلام! تماماً هذا ما تمارسه واشنطن لإقناع “إسرائيل” بتمديد تجديد الاستيطان فترة مؤقتة تبلغ شهرين اثنين أو ثلاثة فقط، لتعود المفاوضات المباشرة بين الطرفين “الإسرائيلي” والفلسطيني إلى خط سيرها الذي ترسمه واشنطن انطلاقاً من مصلحة الرئيس أوباما وحزبه بعد الخسارة الكبيرة التي واجهها الديمقراطيون في الانتخابات النصفية الأخيرة، فالرئيس بحاجة إلى إنجازٍ ما لتغطية خسارته وإخفاقاته الداخلية، والخارجية في كل من العراق وأفغانستان . “إسرائيل” وبدلاً من الانصياع لولي نعمتها،تمارس دلالاً عليها، فقد عاد نتنياهو سريعا ليتشاور مع مجلس وزرائه المصغر، ومع لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، ووفقا لبيان “إسرائيلي” سيجري مجلس الوزراء “الإسرائيلي” المزيد من المشاورات حول الموضوع . الصفقة الجديدة، كشفت محتواها الصحف “الإسرائيلية” كافة .

 

من قام بصياغة هذه الضمانات هم: مستشار أوباما الخاص دينيس روس،إيهود باراك وزير الدفاع “الإسرائيلي”، يتسحاق مولخو مستشار نتنياهو الخاص(ولأن العلاقات بين أمريكا و”إسرائيل” هي بمثابة علاقة بين أفراد العائلة الواحدة، فلم يُضِرْ واشنطن أن يشارك “إسرائيليان” بصياغة ضمانات أمريكية) . ومع ذلك وحتى اللحظة لم يقم نتنياهو بتمديد تجميد الاستيطان،بل تقوم حكومته بدراسة هذا الموضوع وربما ستمدده،هذا مع أن فترة التمديد السابقة ووفقاً لمنظمة “بتسليم”، كانت عبارة عن ديماغوجيا وتزوير، فلم تتوقف “إسرائيل” أثناءها عن البناء في المستوطنات(والمنظمة تمتلك أرقاماً وصوراً عن الاستيطان في فترة التمديد الماضية) .

الصحف “الإسرائيلية” وبلا استثناء حضّت نتنياهو وحكومته على قبول هذا العرض السخي: نقول ذلك لكل الذين راهنوا على أوباما وإداراته وما زالوا يراهنون على مواقفه الصلبة تجاه “إسرائيل”، وعلى التزامه العالي بقيام الدولة الفلسطينية العتيدة، ونسألهم: ألا زلتم مقتنعين؟

===================

آسيا بعد أوباما

آخر تحديث:الثلاثاء ,23/11/2010

براهما تشيلاني

الخليج

لقد ساعدت الجولة التي قام بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما مؤخراً في بعض البلدان الآسيوية، والتي امتدت لعشرة أيام، وما تلاها من اجتماع قمة شرق آسيا وقمة مجموعة العشرين وقمة التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والباسيفيكي، في تسليط الضوء على التحديات التي تواجهها آسيا في وقت يتسم بالتوترات المتصاعدة بين الصين المتزايدة الطموح وجيرانها، والتي أصبحت تتخلل المشهد الجغرافي السياسي في المنطقة .

 

ومن الملحوظ أن جولة أوباما اقتصرت على البلدان الديمقراطية الرائدة في آسيا الهند وإندونيسيا واليابان وكوريا الجنوبية وهي البلدان التي تحيط بالصين وتشكل أهمية مركزية لإدارة صعودها . ورغم ذلك فقد دأب أوباما طيلة العام الماضي على مغازلة حكومة بكين على أمل أن يتمكن من تحويل الصين إلى شريك عالمي في قضايا تتراوح من تغير المناخ إلى التنظيم المالي والتجاري . والواقع أن الشعار الذي صاغه نائب وزيرة الخارجية الأمريكية جيمس شتاينبرغ في ما يتصل بالتعامل مع الصين، “الطمأنينة الاستراتيجية”، كان يشير إلى النية التي اعتزمتها أمريكا في التسامح إزاء طموحات الصين .

 

والآن، بعد انهيار استراتيجيته في التعامل مع الصين، فإن أوباما يسعى إلى تنفيذ ما حاول سلفه القيام به على وجه التحديد، حشد الشركاء على سبيل التأمين في حالة انزلاق قوة الصين الصاعدة إلى الغطرسة . وهناك لاعبون آخرون على رقعة الشطرنج الكبرى للجغرافيا السياسية الآسيوية يسعون أيضاً إلى صياغة معادلات جديدة، في حين يلاحقون في الوقت عينه استراتيجيات التحوط والتوازن والتحالف مع القوى الأعظم .

 

فضلاً عن ذلك فقد تحولت آسيا السريعة الصعود إلى نقطة ارتكاز للتغير الجغرافي السياسي . فالآن تساعد السياسات والتحديات الآسيوية في صياغة الاقتصاد العالمي والبيئة الأمنية العالمية .

 

ولكن تحولات القوى الكبرى داخل آسيا تشكل تحدياً للسلام والاستقرار في القارة . وفي ظل شبح اختلال التوازن الاستراتيجي الذي يلوح في أفق آسيا، أصبحت الاستثمارات اللازمة للمساعدة في بناء الاستقرار الجغرافي السياسي تشكل ضرورة حتمية .

 

والواقع أن ظل الصين المتطاول دفع عدداً من البلدان الآسيوية إلى البدء في بناء التعاون الأمني على أساس ثنائي، وبالتالي إرساء الأساس لشبكة محتملة من الشراكات الاستراتيجية المتشابكة . ومثل هذا التعاون يعكس رغبة هادئة في التأثير في سلوك الصين إيجابيا، حتى لا تعمد إلى تجاوز الخطوط الحمراء الواضحة المعالم أو الانخراط في سلوكيات متناقضة مع عقيدتها الشخصية المتمثلة في “النهضة السلمية” .

 

ولكن بناء شراكات حقيقية عملية بطيئة في واقع الأمر، وذلك لأنها تتطلب تعديلات وتنازلات كبرى من الجانبين . فعلى سبيل المثال، عملت الولايات المتحدة جاهدة في السنوات الأخيرة لاستمالة الهند كحليف “ناعم” منفصل عن التزامات المعاهدة . ولكن على الرغم من التقارب الدافئ السريع في العلاقات الثنائية، والتصريح الذي ألقى به أوباما مؤخراً واصفاً الهند بحجر الأساس للمشاركة الأمريكية في آسيا، فإن التوقعات والمصالح المتضاربة كثيراً ما تطفو إلى السطح .

 

والآن تغازل الولايات المتحدة فيتنام أيضاً، حتى إن البلدين يتفاوضان الآن لإبرام صفقة نووية مدنية . بيد أن تركة الحرب الباردة لا تزال تشوش تفكير القادة في هانوي وواشنطن إلى حد ما .

 

وفي داخل الحزب الشيوعي الحاكم في فيتنام، هناك انقسامات عميقة حول علاقات الدولة بالولايات المتحدة . وحتى مع تحرك فيتنام نحو التقرب من الولايات المتحدة في محاولة لتوقي الاستراتيجية الصينية العدوانية، فإن بعض قادة فيتنام يخشون أن يظل الأمريكيون على التزامهم بتغيير النظام .

 

وعلى الرغم من الأهمية الاستراتيجية التي تتمتع بها بورما في ما يتصل بالصين، ورغم رفع الإقامة الجبرية عن أونج سان سو كيي، فإن الولايات المتحدة تستمر في فرض عقوبات صارمة ضد ذلك البلد، بهدف إسقاط الحكومة هناك . وبفعل هذه العملية أصبحت بورما أكثر اعتماداً على الصين من أي وقت مضى .

 

ومن المرجح أن تظل العلاقة بين الولايات المتحدة والصين متوترة بعض الشيء، ولكن المنافسة العلنية أو المواجهة لا تناسب أياً من الطرفين . ففي نظر الولايات المتحدة تساعد قوة الصين الصاعدة فعلياً في إضفاء الشرعية على نشر القوات العسكرية الأمريكية في المسرح الآسيوي . كما يساعد عامل الصين الولايات المتحدة في الاحتفاظ بحلفائها واجتذاب الحلفاء الجدد، وبالتالي توسيع وجودها الاستراتيجي في آسيا .

 

وفي حين من المرجح أن تظل الولايات المتحدة تشكل عاملاً رئيسياً في التأثير في المشهد الاستراتيجي في آسيا، فإن الدور الذي تضطلع به القوى الآسيوية الكبرى لن يكون أقل أهمية . وإذا كانت الصين والهند واليابان تشكل مثلثاً استراتيجياً مختلف الأضلاع في آسيا، حيث تمثل الصين الضلع الأطول، أو الضلع (أ) فإن مجموع الضلعين (ب) الذي يمثل الهند والضلع (ج) الذي يمثل اليابان سوف يظل دوماً أطول (أكثر أهمية) من الضلع (أ) . ومن غير المستغرب أن تكون العلاقة الأسرع نمواً في آسيا اليوم بين اليابان والهند .

 

وإذا تحول هذا المثلث إلى شكل رباعي الأضلاع بإضافة روسيا، فإن الصين سوف تظل محاصرة من كل الجوانب تقريباً . ولا شك أن التعاون بين اليابان وروسيا والهند، إلى جانب يد المساعدة التي تمدها الولايات المتحدة، من شأنه أن يخمد أي احتمال لتحول الصين إلى مركز لآسيا، بل ومن شأنه أيضاً أن يخلق الكابوس الاستراتيجي المطلب بالنسبة للصين . بيد أن التطورات الأخيرة تشير إلى أن التقارب بين روسيا واليابان يظل يشكل غاية بعيدة المنال .

 

وفي ظل هذه الخلفية الجغرافية السياسية، فمن المرجح أن تظل ديناميكيات القوة في آسيا مائعة، مع استمرار التحالفات الجديدة والتحالفات المتحولة، والقدرات العسكرية المتعززة في فرض تحدي النظام القائم .

 

وهذا يتناسب مع عام النمر في الأبراج الصينية وهو العام حيث تعيش الصين حالة من التوترات المتصاعدة مع جيرانها من اليابان إلى الهند بسبب تصعيدها للنزاعات الإقليمية . والواقع أن التاريخ سوف يذكر عام 2010 باعتباره العام الذي تسبب فيه قادة الصين في تقويض مصالح بلدهم بتأجيج المخاوف من الصين التوسعية، وبالتالي تيسير عودة الولايات المتحدة إلى مركز الصدارة في آسيا .

**أستاذ الدراسات الاستراتيجية لدى مركز أبحاث السياسات في نيودلهي والمقال ينشر بترتيب مع “بروجيكت سنديكيت”

===================

مستقبل القوة الأميركية

بقلم :كامل يوسف حسين

البيان

23-11-2010

يواصل الكثيرون، على امتداد العالم، الاهتمام ب«الإمبراطورية الأميركية» في حد ذاتها وتأثيرها في العالم ومستقبلها وعناصر ضعفها وقوتها، والتوقعات المنتظرة لمصيرها، من دون أن ينسوا ربط هذا كله بمفاهيم مثيرة للجدل، من نوعية نهاية التاريخ، وصراع الحضارات، وصعود آسيا مجدداً إلى صدارة الحياة السياسية العالمية. لكن هذا الفيضان الهائل من الاهتمام يفسح الطريق، فيما يبدو، لاهتمام من نوع مختلف، ينصب في مجمله على مستقبل القوة الأميركية، حيث شهدنا، مؤخراً، حشداً هائلاً من الكتب والدراسات والمناقشات التي تدور حول هذا الموضوع.

 

في غمار هذا كله، لا بد لنا من التوقف عند المفهوم الذي يتم به تناول القوة من سياقها الأميركي، وأول ما يلفت نظرنا أن القوة هنا تطرح بأكثر معانيها عرضاً واتساعاً، وقد لا نبالغ إذا قلنا إنها تطرح بحيث تكون مرادفاً للقدرة على تحقيق ما يريده المرء، وبهذا المعنى فإننا نتحدث عن القوة الأميركية بمعنى قدرة أميركا على تحقيق ما تريده، أياً كان وفي أي سياق.

 

ولكن حكاية السياق هذه تحيلنا، على الفور تقريباً، إلى المصادر التي تنتج القوة، ودون الاسترسال في التفاصيل نقول إن إسبانيا في القرن السادس عشر حققت قوتها من السيطرة على المستعمرات والذهب الذي تستخرجه منها، على حين استمدت هولندا قوتها في القرن السابع عشر من التجارة والتمويل، بينما استفادت فرنسا في القرن الثامن عشر من كثافتها السكانية وجيوشها الجرارة، واستندت بريطانيا في القرن الحادي والعشرين إلى ثورة تقنية المعلومات والعولمة.

 

عند هذا المنعطف، على وجه الدقة، نواجه الطروح العديدة، الجديرة بالاهتمام في معظمها، والتي تدور حول أن الصين ستتجاوز في قوتها الاقتصادية الولايات المتحدة، في غضون عقود قليلة من هذا القرن. ولا حصر للمرات التي نصادف فيها تشبيه الولايات المتحدة بالإمبراطورية البريطانية قبل قرن مضى، ويخرج من عباءة هذا التشبيه توقع تراجع أو اضمحلال أو تقلص القوة الأميركية على النسق ذاته الذي حدث لبريطانيا. غير أن هذا التشبيه يظل مسألة خلافية، تماماً كما يظل تجاوز الصين للولايات المتحدة اقتصادياً، في المستقبل المنظور، قضية مثيرة للجدل حقاً.

 

ونتوقف طويلاً عند تأكيد المفكر الأميركي البارز جوزيف ناي بأن توصيف مستقبل القوة، في القرن الحادي والعشرين، لا ينبغي أن يمر بالسيناريو التقليدي لتقلص الهيمنة، على نحو ما رأيناه في النموذج البريطاني. وهذا التأكيد يستمد وجاهته، في اعتقادنا، من أن النموذج التقليدي للهيمنة قد يغري صنّاع القرار في واشنطن باتخاذ قرارات تحمل استجابة مبالغاً فيها لأي تخوف، وبصفة خاصة حيال الصين.

 

ومن هذا المنظور فإن مستقبل القوة الأميركية في القرن الحادي والعشرين لا يفصح عن مشكلة تقلص وانحطاط بالضرورة، بقدر ما يفصح عن سؤال جوهري وبالغ الأهمية هو: ما الذي ستقوم به واشنطن في ضوء إدراك أنه حتى أكبر بلاد العالم لا يمكنها تحقيق النتائج التي تريدها من دون مساعدة من الدول الأخرى؟

 

من المؤكد أن الإجابة الأميركية عن هذا السؤال ستمر بمواجهة الولايات المتحدة لعدد متزايد من التحديات، التي تقتضي منها ممارسة القوة مع دول أخرى، وفي مواجهة دول أخرى أيضاً. ولكن ما الذي يمكن أن يعنيه هذا في الأفق المستقبلي بالنسبة لعالمنا العربي؟

 

إنه يعني أننا نحن العرب بحاجة إلى فهم أكثر وضوحاً لمستقبل القوة الأميركية، وللتحالف الإقليمي التقليدي لهذه القوة مع إسرائيل، ولا بد لنا من إدراك أن الفهم القائم على المقولة الشهيرة عن «99% من أوراق اللعبة في يد أميركا» كان في حينه يعكس استهانة بأي فهم علمي صحيح لمعنى القوة وآليات ممارستها.

والأهم من هذا أنه يعني ضرورة قيام صانع القرار العربي بتطوير فهم مستقبلي للقوة يتجنب في المقام الأول تسليم الإرادة العربية للآخر، كائناً من كان هذا الآخر، وإلا كان ذلك يعني استسلاماً بأوضح معانيه.

===================

أفغانستان ليست مشكلة واشنطن وحدها

صحيفة «فيدوموست» الروسية

لبيان

23-11-2010

تواجه الولايات المتحدة الأميركية في أفغانستان ظروفا أسوأ بكثير مما كانت تواجهها هناك القوات السوفيتية في ثمانينات القرن الماضي. ورغم الخلافات فإنه ينبغي التفكير في كيفية التعاون بين روسيا والولايات المتحدة، خاصة ومن الواضح أن باقي حلفاء أميركا يؤدون دورا ثانويا في المسار الأفغاني.

 

لا أحد يفكر في احتمال مشاركة روسيا العسكرية المباشرة، حيث يصعب تصور أي سبب مقنع يجعل موسكو تتدخل في حرب خاسرة سلفا لاسيما مع اقتراب الهزيمة. البراهين أن «حلف الناتو يقوم بعملنا أثناء محاربته «طالبان» لها حق في الوجود، ولكن ذلك لا يعني أي شيء، إذ أن الولايات المتحدة وحلفاءها أتوا إلى هذه الجبهة بسبب احتياجهم إلى ذلك وليس بطلب من روسيا. إلا أن انسحاب التحالف الدولي قد يتسبب في مخاطر جديدة بالنسبة لروسيا في مجال الأمن، إذ أن الوضع في أفغانستان غير قابل للتنبؤ.

 

لذا، يجوز اعتبار قضية التعاون بين روسيا وحلف الناتو ملحة. ولكنه لا يجب مناقشة كيف تساعد موسكو الحلف في مواصلة الأعمال القتالية (الترانزيت وحده يكفي)، وإنما ماذا نفعل في أفغانستان بعد انسحاب قوات التحالف.

 

لا توجد لدى واشنطن خطة عمل محددة. وتعد استقالة قائد القوات الأميركية في أفغانستان، الجنرال ستانلي ماكريستال، في الصيف الماضي والتسريبات التي وردت مؤخرا في كتاب بوب ودورد، خير دليل على أن القيادة السياسية والعسكرية الأميركية منقسمة حول الاستراتيجية الأفغانية وأهداف العملية. وغالبا سيكون الهدف في الفترة القادمة هو وضع خطة انسحاب يجوز تقديمها على أنها نجاح أو تفادي فشل صريح على الأقل. وإلا ستمثل الهزيمة ضربة قاسية لصورة الولايات المتحدة وحلف الناتو، باعتبار أن أقوى حلف عسكري وسياسي في التاريخ يفشل في أول عملية مهمة له.

 

إن الخسارة الصريحة لحلف الناتو ليست في صالح روسيا، إذ أن ذلك قد يرفع من معنوية الراديكاليين في الشرقين الأدنى والأوسط. أما حركة «طالبان» نفسها التي تكافح بشكل أساسي من أجل أراضيها والسيطرة داخل أفغانستان، فلا يبدو أنها قد تتحرك لمد نفوذها شمالا. ولكن جماعات دينية وإثنية مختلفة لها مصالح في آسيا الوسطى قد تنتعش تحت ستار «طالبان». يذكر أنه في فترة تولي حركة «طالبان» زمام السلطة في الفترة من 1996 لغاية 2001 كانت قرغيزيا وطاجيكستان وأوزبكستان تتعرض لضغوط دائمة من قبل المتطرفين الذين كانوا يعتمدون على دعم قادم من أفغانستان. وكانت إمكانيات موسكو لمساعدة الحلفاء محدودة جدا آنذاك.

 

ويعد الهدف الرئيسي لروسيا في الوقت الحالي هو تعزيز منظمة معاهدة الأمن الجماعي أو بمعنى أصح إقامة منظمة أمن جماعي من جديد. وقد تتمكن روسيا من تحقيق الريادة في المنطقة والحوار على قدم المساواة مع واشنطن هناك فقط في حال اعتمادها على منظمة حقيقية وليس افتراضية للأمن الجماعي.

 

الموضع الثاني للنقاش مع الولايات المتحدة هو التواجد العسكري الأميركي في آسيا الوسطى بعد انسحابها من أفغانستان. لا شك في أن الأميركيين سيسعون للبقاء هناك بشكل أو بآخر، نظرا للأهمية الاستراتيجية للمنطقة لأسباب كثيرة وغموض حول مستقبل أفغانستان.

 

وطالبت منظمة شنغهاي للتعاون منذ خمس سنوات واشنطن بتحديد فترة مرابطة قواعدها العسكرية في هذا الجزء من العالم انطلاقا من أنه قد تم نشرها لتأمين العملية العسكرية في أفغانستان. إلا أن السياق تغير منذ ذلك الحين، إذ لم تعد الولايات المتحدة متحمسة ل«نشر الديمقراطية»، كما كانت عليه سابقا نظرا لانشغالها بقضايا أخرى. ويعد الشرق الأدنى منطقة متأزمة بقدر أكبر من ذلك، بما في ذلك نتيجة لفشل السياسة الأميركية. وفي هذه الأثناء تزداد ثقة بكين من نفسها، مما يثير قلق جاراتها والولايات المتحدة على حد سواء.

===================

الحديث عن مهل زمنية للتسوية ليس واقعياً

المعالجة الداخلية تستوحي تجربة القرار 1559

روزانا بومنصف

النهار

23-11-2010

تكشف مصادر سياسية واسعة الاطلاع ان ما يحري تداوله من صيغ حل للازمة الراهنة لا يستند الى معلومات بمقدار ما يعبر عن بعض العناوين او الخيوط معطوفة على بعض التمنيات والتكهنات. اذ ان ثمة خلطا كبيرا يحصل بين هامشين لمعالجة تداعيات القرار الظني الذي سيصدر عن المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه احدهما داخلي والاخر خارجي. وما هو ممكن يتصل بمعالجة الشق الداخلي باعتبار ان لا معلومات عن استعدادات من اي نوع لدى الخارج المعني بالمحكمة للدخول في مساومات او مقايضات وخصوصا ان المسألة لها اكثر من ابعاد اقليمية وداخلية حتى لو قيل بخطوات من بينها وقف تمويل المحكمة او سحب القضاة اللبنانيين منها لأن هذين الامرين في حال حصولهما لن يوقفا عمل المحكمة وفق ما ظهر من مسارعة الولايات المتحدة وبريطانيا الى زيادة مساهمتهما في تمويلها مما يعني ان المحكمة قد تصبح دولية بكليتها وسيصعب على الدولة اللبنانية ان تتخذ مواقف تضعها في مواجهة مع المجتمع الدولي ومع الامم المتحدة بالاعلان ان لبنان لم يعد معنيا بالمحكمة.

في الشق الداخلي فإن ما يحري العمل عليه لاستيعاب تداعيات القرار الظني يتركز على عدم رفع الغطاء الشرعي للدولة اللبنانية والحكومة عبر البيان الوزاري عن "حزب الله" تحت عنوان عدم سحب هذا الغطاء عن "المقاومة" اي ان هذا الموضوع لن يتغير اياً جاء مضمون القرار. وهذا ما يعتقد انه يهم سوريا وايران في الدرجة الاولى باعتباره امرا مهما في المضمون الاستراتيجي للدولتين وهو ما يعتقد انه يمكن البناء عليه في اي صيغة تفاهم لان هناك مخاوف من خطر على هذا الغطاء "الشرعي" في حال اتهام افراد من الحزب باغتيال الحريري. وهذا امر بالغ الاهمية كونه يحمي الحزب ايضا من اي مواقف خارحية تماما كما هي حماية الدولة والحكومة له من القرار 1559. ولا يعتقد ان أيا من الدول الكبرى، باستثناء الولايات المتخدة التي تصنف الحزب في خانة المنظمات الارهابية، قد تتخذ اي اجراء ضده. اذ ان القرار 1559 الذي يشكل اهمية استراتيجية لدول كثيرة من حيث اولوية وقف تدفق السلاح الى الحزب من سوريا وايران لم يحرك هذه الدول، باستثناء اسرائيل، في اي عمل يعاكس ارادة الدولة اللبنانية. ولن يكون هناك استعداد ايضا للوقوف ضد ارادة الدولة اللبنانية علما ان جريمة اغتيال الحريري، على خطورتها، لا تتصف بالاهمية الاستراتيجية كما للقرار 1559.

وما يحكى في المقابل من ان "حزب الله" لن يلجأ الى اي عمل عسكري او يحدث فوضى في الداخل وسيسمح بانطلاق عمل الحكومة واتاحة المجال امام رئيسها سعد الحريري لانجاز بعض من برنامجها. اذ ان الحزب حين رفع سقف تهديداته ملوحا اولاً بـ7 ايار جديد ووضعت سيناريوات عن عمليات عسكرية لوضع اليد على الدولة ومؤسساتها وصولا في الاونة الاخيرة الى شل عمل مجلس الوزراء وحتى جلسات الحوار التي تعقد برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان فإنما قام بإنشاء عناصر لواقع على الارض كجزء من المعركة من اجل المقايضة بهذين العنصرين حين يحين الاوان. وهو ما يحصل حالياً بالحديث عن جعل الاستقرار وانطلاق العمل الحكومي في مقابل "الضمانات" التي يسعى اليها الحزب من اجل وقف تداعيات القرار الظني عليه.

ولا تنكر المصادر المعنية ان الحزب يسعى الى اكثر من الحصول على تعهد لعدم الانقضاض عليه سياسيا والمس بوضعه المميز مع سلاحه والمحافظة على التوازن السياسي في البلد ايا يكن مضمون القرار الظني في مقابل عدم تهديده الاستقرار او السماح بعدم شل الحكومة. لكن التعاطي باكثر من ذلك يفترض ان يكون الطرفان المعنيان او كل الاطراف المعنيين على اطلاع على ما يتضمنه القرار الظني. وهذا ليس متوافرا على رغم كل التكهنات والافتراضات. فاذا سلم بان اتفاقا او صيغة حل من هذا النوع ممكنة ومحتملة، فالاعتقاد ان ما يسعى اليه الحزب من اجل الحل الشامل والكامل لا يمكن وضعه بناء على افتراضات ولا يمكن تصور كيف يمكن وضعه، اذا سلم بهذا الامكان، في غياب دول لها كلمتها من حيث وقف مسار المحكمة او تعطيل مفاعيل القرار الظني.

ولذلك لا تعتقد المصادر المعنية بواقعية ربط صيغة اتفاق او تفاهم ممكنة بايام معدودة بحيث يمكن ان تنفجر الامور بعد ذلك. فهذا الانتظار السياسي المعطوف على وجود موعد محدد للتوصل الى هذا التفاهم هو في غير محله وخصوصا ان ليس هناك ضرورة لان يوضع ذلك في ورقة خطية او تعهدات مكتوبة.

===================

التفاوضي العربي ـ الاسرائيلي

العولمة الإعلامية والاستعمار الثقافي الجديد

المستقبل - الثلاثاء 23 تشرين الثاني 2010

العدد S2212 - رأي و فكر - صفحة 11

جيروم شاهين

تقوم حالياً، لبنانياً وعربياً، مبادرات حثيثة لاستحداث هيئات جديدة تنظّم الإعلام المرئي والمسموع، بعد أن دخل البثّ الفضائي كل البيوت في أقطارنا العربية. وبات من الملحّ حماية المستهلك من "التعدّيات" التي تقوم بها، على ثقافة هذا الأخير، وأخلاقه وقيمه التقليدية، وسائل الإعلام الجماهيرية.

تندرج هذه الظاهرة تحت إطار ما سُمّي بالعولمة. فهذه العولمة هي قبل أي شيء آخر عملية اقتصادية. لكنها أيضاً ثقافية وإعلامية.

العولمة الإعلامية لن يستطيع أحد أن يوقف اجتياحها العالم والحدّ من سيطرتها على العالم الثالث.

أين تكمن المشكلة في ظاهرة العولمة الإعلامية؟

المشكلة متعدّدة الجوانب. نتوقّف فيها عند جانب مهمّ وهو أنها، فيما تجعل من العالم كله "قرية كونية" - كما قيل - تُنتج "ثقافة جماهيرية" جديدة، كما سمّاها علماء الاجتماع، ويمكن تسميتها أيضاً "ثقافة العولمة الإعلامية"، وتشكّل خطراً يهدّد الثقافات المحلية التقليدية، في أُسسها ونظمها، وعلى القيم ومعايير السلوك الفردي والجماعي، والنظرة إلى الحياة وإلى الآخرين والعلاقة معهم.

قبل اجتياح وسائل الإعلام الجماهيرية المنتجة للثقافة الجماهيرية، ماذا كانت الخصائص الأساسية للثقافة التقليدية؟

الثقافة التقليدية كانت تهدف تمكين الفرد من اكتساب "مبادئ عامة أساسية"، تتفرّع عنها مبادئ ثانوية، وتدخل كلها في أنظومة متكاملة، وبشكل منطقي. ويصبح بإمكان الفرد، على ضوء هذه المبادئ، أن يحكم على الأشياء، ويحدّد الأولويات، ويقرّر سلوكه ويتّخذ خياراته وفقاً لمعايير واضحة.

من جهة أخرى، كانت مؤسسة العائلة والمدرسة المكان الأساسي حيث يكتسب الأولاد والمراهقون ثقافتهم هذه، مما يتيح لهم، تحت إشراف المربّين، اختيار أهدافهم في الحياة واكتساب الوسائل لبلوغ تلك الأهداف. وكان على الفرد أن يناضل نضالاً مستميتاً للوصول إلى ما يختاره، وأيّاً يكن: الشهرة أو الثراء، أو السلطة، أو الإبداع الفني، أو الريادة في اكتساب المعارف.

ويمكن القول بأن الفرد، في رحلته لبلوغ الهدف المنشود، كان يتسلّح بأداة تقوم - من باب التشبيه - بوظيفة توجيه المسار وتقويم الاتجاه وإعادة تصويبه، وهي: "الجيروسكوب" (وهي أداة تُستخدَم في الطائرات والبواخر لحفظ التوازن ولتحديد الاتجاه).

أما "الثقافة الجماهيرية" الحديثة فهي تأتي عن طريق وسائل الإعلام الجماهيرية، وبخاصة التلفزيون، ونادراً ما تأتي عن طريق مؤسسة العائلة أو مؤسسة المدرسة (تذكر إحصاءات أُجريتْ في الولايات المتحدة الأميركية أن الأولاد، وحتى نهاية عمر المراهقة، يقضون ما يُقارب 15 ألف ساعة أمام شاشة التلفزيون، وأن هذا الوقت هو الأكثر بكثير مما يقضيه الأولاد في محادثة أهلهم، وعلى مدى الفترة نفسها).

لقد سمّى أحد علماء الاجتماع الغربيين هذه الثقافة بأنها "ثقافة فسيفسائية"، بمعنى أنها ثقافة الكمّ وليس النوع. تتكوّن بتكديس معلومات مبعثرة، غير مكتملة، غير مترابطة أو متسلسلة منطقياً ومنهجياً. تصلك في أي وقت كان، وكيفما كان، وبغزارة. تعطيك معرفة نصف مؤكّدة، وواهية. فهي بالتالي ثقافة "أنسيكلوبيديّة" تعلّم المرء شيئاً بسيطاً ومبسَّطاً وجزئياً، من كل شيء. بالنتيجة، هي ثقافة وسط (هكذا يريد الجمهور. والجمهور هو الآمر والناهي في تحديد البرامج التلفزيونية!..).

أما المرجعيّة، في زمن الثقافة التقليدية، فقد كانت العائلة، والمدرسة، والأبطال، والقدّيسون، والعلماء. أي أنها كانت مرجعية "عمودية". أما في زمن الثقافة "المعولمة" فقد أصبحت المرجعية "أفقية"، وتتمثّل على مستوى أول بـ"الزميل"، و"الرفيق"، والجار، وابن الحي. وعلى مستوى لاحق تصبح المرجعية كل الناس. ويصبح الهدف، لا سيما في حضارة الاستهلاك، والمجتمع الاستهلاكي، أن يكون المرء مثل غيره، ومهما كلّف الثمن، إذ أنه من الضروري اتّباع "الموضة".

وإذا كان إنسان الثقافة التقليدية يستخدم "الجيروسكوب" ليتحكّم بتوجّهه ولا يكون كريشة في مهبّ الرياح، فإن إنسان "الثقافة الفسيفسائية" يحمل في رأسه "راداراً". الرادار يلتقط بسرعة ما يأتي صوبه من كل الاتجاهات. ويسجّل كل التحركات. لكنه لا يتحكّم هو بتقرير الاتجاه المناسب الذي على سفينة حياته أن تسلكه.

أسئلة عديدة تطرحها علينا الثقافة التي تأتينا عن طريق العولمة الإعلامية، وأهمها:

كيف ننفتح على العالم ولا نضيّع خصوصيتنا؟ كيف نُقدم على عملية "المثاقفة" من دون أن نقتل هويتنا الثقافية؟ كيف يمكن أن نحوّل "العولمة"، في جميع أبعادها، إلى أداة فاعلة في جدليّة الخصوصية والشمولية؟

كيف نقاوم؟ أجل، كيف نقاوم لئلا نُستعمَر ثقافياً، وبالوقت نفسه نتفاعل مع ثقافات العالم، نغتني بها ونغنيها. لا تنتظرنَّ أن يقتلع أولادنا "الدش" عن سطوحهم ما لم نوفّر لهم نحن، من خلال وسائل إعلامنا، ما يؤهلهم للدخول في القرن الواحد والعشرين بخطى ثابتة، وواثقين بأن ثقافتهم قادرة على أن تكون، في آنٍ معاً، أصيلة وحديثة.

إنها أسئلة مصيرية وليست من باب الترف الفكري. صحيح أنها تطال الهويّة الثقافية وقلّما يعطي الناس أهمية للثقافة. إلاّ أن الهويّة الثقافية، في نظرنا، هي تتحكّم بسائر الهويات التي يعوِّل عليها عالم اليوم.

===================

متلازمة الإصلاح والديموقراطية والتنمية في الوطن العربي!

د.محمد ناجي عمايرة

الرأي الاردنية

23-11-2010

ثمة حاجة موضوعية إلى الإصلاح والديموقراطية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في طول الوطن العربي وعرضه.

 

ويبدو أننا مازلنا نستعمل «مفاهيم “ قديمة, بعض الشيء حين نتحدث عن «الوطن العربي» أو «الأمة العربية» أو «العالم العربي» كله بصفة واحدة أو باعتباره كيانا متكاملا أو واحدا !! فتلك مفاهيم باتت لدى الكثيرين موضع مساءلة ولم تعد مما هو متفق عليه, كما كانت في زمان غير بعيد, ولكنه يبدو الآن غابرا وبعيدا.

 

وقد تضعف الإضاءة عليه في ذاكرة كثيرين منا, أو الأصح من الأجيال الشابة الحاضرة, وبعضها يدرج إلى سن الأربعين عاما.

 

وبعد هذا الاستطراد الذي قد لا يراه بعضنا ضروريا, لمجرد استخدام عبارة « أليفة ومألوفة « مثل» الوطن العربي “.. بعد هذا تجد أن التحدي الكبير الذي يواجه العرب , في جميع أقطارهم هو الجمع بين هذه المتناقضات أعني : الديموقراطية – التنمية – الإصلاح.

 

وهي أقانيم ثلاثة لا تناقض بينها في العادة, وخاصة في البلاد المتقدمة التي رسخت فيها الديموقراطية, وارتفعت معدلات التنمية ولم يعد الإصلاح شعارا ولا حبرا على ورق, بل واقعا يمشي على أرض ممهدة ومستوية.

 

وسط هذا كله, أين نحن من هذا الحراك الذي يتفاعل في الوطن العربي كله, سواء أكنا ممن يعترف بهذا المسمى أم ممن ينكره, وأين السبيل إلى ذلك كله.

 

ثمة أسئلة كثيرة كهذا تظل تلح في البال, والمرء يشاهد تجارب عديدة على المستوى العربي , قطرا , بعد الآخر, تذبل وتكاد تموت لغياب الأوكسجين الذي يمدها بالحياة, أعني لكون البيئة العربية, باتت بيئة طاردة, وخانقة, وتفرض شروطها في حصار نسمات الحياة الحقيقية التي يحتاجها الإنسان المعاصر في القرن الحادي والعشرين , وحتى هذا التعبير أو المصطلح أو المسمى الأخير بات أمرا خلافيا, فهل العرب يعيشون في هذا القرن المذكور , وإن كانوا فيه « فيزيائيا» فربما أنهم ليسوا فيه من حيث مستويات الحياة العصرية التي يتطلبها العيش فيه, وهي شروط موضوعية قاسية, وتكاد تكون إقصائية تماما.

لست ممن يحبون جلد الذات, وأنا أكتب هذه المقدمة التي أرجو أن يكون لها ما بعدها لتتضح صورة ما أقول , وما سأقول!

Mohamayreh48@hotmail.com

===================

التجميد الجزئي للاستيطان وسيلة لتعزيز قدرة إسرائيل

نصوح المجالي

الرأي الاردنية

23-11-2010

منذ أن نشأت قضية فلسطين وهناك قوى كانت تتصرف نيابة عن شعب فلسطين, وقوى اخرى دولية تقدم تنازلات, ومنحاً للاخرين على حساب الشعب الفلسطيني, وعد بلفور وسياسة بريطانيا دولة الانتداب كانت احدى الخطايا والتجاوزات التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني والعرب, وما زلنا نعاني من اثارها..

 

والتنازلات كثيرة والتراجع العربي عما سمي بالثوابت العربية ايضاً كان على حساب القضية الفلسطينية, وعلى مصالح الشعب الفلسطيني والحقوق العربية, فجميع اللاءات اصبحت نعم, مع الزمن ولم نحصل على أي نتيجة سوى لا اسرائيلية والوسطاء الدوليون ايضاً كانوا دائماً يتكئون على ضعف الموقف العربي والفلسطيني ويصطدمون بالعنت الاسرائيلي ولا تسير المحادثات الا بتنازلات عربية أو فلسطينية, رغم أنها كانت تحت شعار عربي فضفاض مفاده مع التمسك بالحقوق العربية والفلسطينية غير القابلة للتصرف.. والحقيقة انه لم يعد لدينا القدرة على التصرف لاستردادها.

 

وتأتي حزمة الضمانات الاميركية الجديدة المقترحة مؤخراً لتجميد جزئي ومؤقت للاستيطان لثلاثة اشهر, تحت زعم الوصول لاتفاق نهائي بشأن حدود الدولة الفلسطينية, محطة اخرى تبتز فيها اسرائيل الولايات المتحدة, دون أي نية حقيقية لتقديم أي تنازل حقيقي ينهي الاحتلال, مع تقديم ضمانات اميركية لحساب اسرائيل تمنحها الفرصة للتشبث بضم الاراضي الفلسطينية التي استوطنتها في الضفة الغربية, وعدم العودة للبحث في تجميد الاستيطان بعد ثلاثة اشهر, واستثناء القدس من مسألة الحدود أو البحث في الاستيطان.

 

تنازلات من حساب العرب والفلسطينيين تقدمها واشنطن ومكاسب لاسرائيل لعل من أهمها تعزيز آلة اسرائيل العسكرية بطائرات هي الاحدث في العالم, مما يعزز قدرتها على تهديد جيرانها والتعنت في جمع المسائل المتصلة بالتسوية النهائية, عدا عن تقديم ضمانات وتسهيلات مالية اميركية لاسرائيل في وقت تعاني فيه الولايات المتحدة من ازمة مالية واقتصادية, فهل يقوم السلام على تعزيز قدرة الاحتلال العسكرية ومكافأته اقتصادياً ومالياً, ثم ما هي الضمانات التي قدمت للسلطة الفلسطينية مقابل ذلك, لا شيء سوى وعد يصعب تصديقه ان ثلاثة اشهر من المفاوضات بعد تجميد الاستيطان الجزئي تحل قضية استعصت على الحل قرابة ستين عاماً ونيف؟!

 

واذا كانت الولايات المتحدة لا ترغب ولا تستطيع الزام اسرائيل بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية المطالبة بإنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان, وغير قادرة على الزام اسرائيل بشيء محدد حتى مقابل ثمن باهظ, فالمحصلة ان تفرض اسرائيل شروطها وقراراتها واستيطانها وتمسكها بالقدس وبأجزاء كبيرة من الضفة الغربية, والثمن سيدفع من حقوق الفلسطينيين وعجز العرب عن ايجاد البدائل.

 

نأمل أن يكون الامر خلاف ذلك لكن المقدمات تشير الى النتائج المحتملة, وتاريخ المفاوضات العربية الاسرائيلية وقدرة اسرائيل على افشالها مؤشر آخر.

===================

أنصف

الشيخ/ سلمان بن فهد العودة

الإسلام اليوم 20 نوفمبر 2010

في صحيح البخاري (كتاب الإيمان - باب إفشاء السلام من الإسلام) عن عمار بن ياسر قال : ثَلاَثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ الإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ ، وَبَذْلُ السَّلاَمِ لِلْعَالَمِ ، وَالإِنْفَاقُ مِنَ الإِقْتَارِ .

-أعترف بأنني كثير التكرار لهذا الأثر الجميل ، لقد شدني التعبير المباشر عن مبدأ الإنصاف الذي جاءت به الشريعة ، وخاصة الإنصاف من النفس .

إن القدرة على الحياد بين المتخاصمين لهي شيء أشبه بالمستحيل ، إلا لمن اختارهم الله ورزقهم كمال العلم والتقوى والعقل .

أما الإنصاف من النفس فأمر وراء ذلك ، أنى يقع لإنسان أن يتجرد من ذاتيته وأنانيته وخصوصية نفسه ليجعل موقفه من نفسه ومن الآخر المختلف معه متساوياً ، وعلى ذات المسافة !

حين تتأمل تجد دعوة إلى الترقي والمجاهدة الأخلاقية للفرد يعز نظيرها .

وأفهم من الأثر معنى آخر ، وهو الإنصاف مع من ينتمي إليهم الإنسان ، من جماعة أو حزب أو قبيلة أو شعب أو مدرسة حركية أو فكرية ، أو مجموعة اقتصادية أو .. أو ..

حين تخطئ أنت تنظر إلى خطئك على أنه استثناء ، وأن لديك صواباً كثيراً ، وتنظر إلى قدْر من حسْن نيتك وسلامة مقصدك في الخطأ ، وتحيطه بما يهوّنه أو يخففه ، وتتبعه بالاستغفار والأعمال الصالحة الظاهرة والخفية بما ترجو معه زوال أثر الذنب أو المعصية أو أن تكون عاقبته خيراً .

أما حين يخطئ الآخرون ، فأنت تعرف الخطأ فقط ، لكن لا تكلف نفسك تصور ما وراءه من دوافع أو مقاصد أو نيات ، وما يصاحبه من أعمال صالحات ، ولا ما يتبعه من توبة واستغفار وندم وانكسار .

وحين يخطئ فرد في جماعتك أو حزبك أو قبيلتك أو مجموعتك الفكرية والحركية ؛ تعرف جيداً أن هذا خطأ فرد لا يتحمل مسؤوليته غيره ، وأن الآخرين عاتبوه وصححوه ، وأن حدوث خطأ من فرد ما معتاد ، وتسوق نصوصاً صحيحة صريحة من مثل قوله تعالى : (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) (النجم:39،38) .

وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : « أَلاَ لاَ يَجْنِى جَانٍ إِلاَّ عَلَى نَفْسِهِ .. » رواه الترمذي وابن ماجه والبيهقي وأحمد وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.

وتستميت في تقرير هذا المعنى ، وتعد من يتجافى عنه أو يصم أذنه عن سماع حجتك متحاملاً أو متعصباً أو مغرضاً ، وهو كذلك .

على أنك حين تظفر بخطأ فرد واحد من جماعة أخرى متباعدة عنك ولا تشعر نحوها بالدفء والانتماء يسهل عليك تعميم الخطأ ، واعتباره معبراً عن رأي الجميع ، وأنه رأس جبل الجليد ، أو نتيجة رضا وموافقة ، أو على الأقل هو بسبب تربية وتلقين تلقاها هذا المخطئ في محاضن جماعته أو حزبه أو قبيلته أو مدرسته الفكرية أو شركته التجارية ، فلا مناص لهم من تحمل التبعة كلها أو بعضها .

وستعدّ دفاع المدافعين وتنصل المتنصلين تهرباً من تحمل المسؤولية ، وذراً للرماد في العيون ، فأين الإنصاف إذاً ؟!

إنها مقامات من التجرد والمكاشفة مع الذات لا تحصل إلا بتوفيق من الله ، وطول مجاهدة ، واستعداد دائم لمراقبة النفس ، ومراقبة الأتباع والموافقين وعدم الانجرار وراء حالة الاصطفاف والتخندق التي تعمي عن الحق ، كما قيل :

وَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا

ولذا أوصى الله تعالى المؤمنين بقوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ)(النساء: من الآية135) ، فأمر بالشهادة على النفس والقريب .

وفي موضع آخر قال -سبحانه وتعالى- : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا)(المائدة: من الآية8) ، فأوصى سبحانه ألا يحملنا العداء والبغض -أياً كان سببه حتى لو كان دينياً- على أن نظلم أو نجور ، وهذه وصية القرآن للمؤمنين .

وفي الأثر : « يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه ، وينسى الجذع ، أو الجذل ، في عينه » رواه البخاري فى الأدب المفرد وابن حبان والبيهقي في الشعب.

ومعناه : أن الإنسان لنقصه وحب نفسه يتوفّر على تدقيق النظر في عيب أخيه , فيدركه مع خفائه , ولو كان كأقلّ ما يقع في العين من القذى , فيعمى به عن عيبٍ كبيرٍ ظاهرٍ لا خفاء به في نفسه, ولو كان كجذع النخلة!

-كم منا من سيقف أمام نفسه ويحاكمها ويحاسبها بدلاً من أن يمضي في سبيله مؤمناً بأنه هو الحق ومن عداه الباطل وهو الهدى ومن عداه الضلال ..

اللهم بصّرنا بعيوبنا ومواطن الضعف في نفوسنا .

===================

جنوب السودان والتغلغل الصهيوني في القارة الافريقية

فؤاد دبور

الدستور

23-11-2010

تشكل الروابط التاريخية بين العرب والأفارقة أساسا قويا للعمل المشترك مثلما تشكل مرتكزا للنضال في مواجهة التغلغل الصهيوني في القارة الافريقية بكل أشكاله استنادا الى المعطيات الواقعية القائمة عبر الامتداد الجغرافي والسكاني العربي مما يجعل العرب شركاء في القارة السمراء لا سيما ان العرب الأفارقة هم الأكثر عددا في الأمة العربية وكذلك الحال مع مساحة الأقطار العربية الافريقية التي تزيد عن ثلثي مساحة الوطن العربي.

 

كما تمتاز هذه القارة بمقومات بشرية وطبيعية وبثراء ضخم من حيث موارد الطاقة الاستراتيجية كالبترول والغاز والمياه والمعادن الثمينة مما جعلها عرضة لأطماع الدول الأوروبية الاستعمارية والولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية التي وضعت هذه القارة في دائرة اهتماماتها وأطماعها وبخاصة منطقة القرن الافريقي حيث التواجد العربي المستهدف من الحركة الصهيونية وكيانها الغاصب في فلسطين العربية وقد استطاع الصهاينة وبدعم واسناد من الولايات المتحدة الأمريكية اختراق القارة الافريقية والتغلغل في العديد من بلدانها حيث استهدف هذا التغلغل السيطرة على المنافذ الاستراتيجية الهامة على البحر الأحمر ومنطقة البحيرات العظمى ومنابع نهر النيل الذي يشكل شريان حياة لقطرين عربيين هامين وكبيرين سكانا ومساحة ، مصر والسودان ، مما يهدد امن القطرين وامن الأمة العربية خاصة وان الحكومات الصهيونية المتعاقبة بذلت ، وما تزال تبذل جهودا مكثفة وبطرق مختلفة من اجل حرمان القطرين العربيين من حصتهما من مياه النيل المقررة وفق اتفاقيات سابقة كما أقدمت حكومات العدو أيضا على التدخل في السودان حيث دعمت الحركة الشعبية الانفصالية تدريبا وتسليحا وها هي اليوم تبذل جهودا كبيرة من اجل الدفع باتجاه انفصال جنوب السودان عن شماله حتى تقوم دولة ترتبط بعلاقات سياسية واقتصادية مع الكيان الصهيوني مما يؤثر وبشكل كبير على امن السودان واستقراره خاصة وان موعد الاستفتاء على قضية الانفصال أو الوحدة بين شطري السودان قد أصبحت قريبة (النصف الأول من كانون الثاني عام )2011 وبالتأكيد فان زعزعة امن السودان واستقراره يؤثر سلبا على الأمن القومي العربي بعامة وامن الأقطار العربية الافريقية بخاصة.

 

واذا ما توقفنا وبشكل موجز عند مسار التغلغل الصهيوني في القارة الافريقية الذي بدأ التفكير فيه منذ العام م1902 حيث فشلت الحركة الصهيونية في اختراق القارة الافريقية في ذلك الوقت نظرا للعلاقات التاريخية القوية بين دول القارة والعرب لكن الصهاينة استمروا في محاولاتهم لاختراق القارة نظرا لأهميتها الاستراتيجية ولتواجدها الكبير والمؤثر في المنظمات الدولية وبخاصة هيئة الأمم المتحدة ، حيث تشكل دول القارة الافريقية ما يقارب ثلث هذه الهيئة الدولية وبدعم مطلق من الادارات الأمريكية ودول استعمارية أخرى استطاعت حكومات العدو الصهيوني الوصول الى العديد من دول افريقيا عبر تقديم الدعم المالي والاقتصادي والعسكري المتمثل في التدريب والتسليح وارسال الخبراء العسكريين الصهاينة الى هذه الدول وكان هذا الأمر واضحا في العام 1979 وما بعده مما كان له تأثير كبير على مصالح الأقطار العربية الافريقية وعلى صورة العرب حيث أقدمت الحكومات الصهيونية على بث صور سلبية عن العرب وبخاصة لدى النخب الافريقية الحاكمة ، كما عملت عبر نفوذها واستثماراتها وتواجدها العسكري والأمني المتمثل بجهاز الموساد على خلق أو تضخيم النزاعات الحدودية بين الأقطار العربية ودول الجوار الافريقية والتي انعكست فعليا على علاقات بعض هذه الدول مع العرب بعامة وعلى القضية المركزية العربية ، القضية الفلسطينية بشكل خاص ومن أهم هذه المؤثرات على القضية الفلسطينية ، عملية هجرة اليهود الفلاشا من اثيوبيا الى فلسطين العربية وقيام الجاليات اليهودية في بعض الدول الافريقية بالرغم من اعدادها الصغيرة بفتح قنوات اتصال على مستويات مختلفة مع النخب الحاكمة في هذه الدول وتسهيل الطريق أمام الحكومات الصهيونية لتصل الى تحقيق أهدافها وبخاصة محاصرة العرب في افريقيا بخاصة ومحاصرة النفوذ العربي في منطقة القرن الافريقي والبحر الأحمر حتى لا يصبح بحيرة عربية ، رغم الوجود العربي على هذا البحر ، مصر ، السودان ، اليمن ، والمملكة العربية السعودية ، وكذلك لتسهيل تحقيق اكبر هدف صهيوني يهدد الأمن العربي والمتمثل في استخدام حاجة مصر والسودان لمياه النيل لمحاصرة القطرين.

 

وكذلك القدرة على خلق الفتن والمشاكل الداخلية وبخاصة ضد السودان حيث التدخل الصهيوني كما أسلفنا في جنوب السودان وغربه المتمثل في قضية دارفور فالأصابع الصهيونية تقوم بدورها في الحرب الأهلية القائمة في هذا الاقليم السوداني الهام بمساحته وعدد سكانه وثرواته الطبيعية. طبعا كل ذلك بدعم من يهود أمريكا ومن الادارات الأمريكية الشريك الحقيقي للحركة الصهيونية وكيانها الغاصب.

 

وتأتي زيارة وزير خارجية العدو الصهيوني ليبرمان الأخيرة الى خمس دول افريقية هامة في سياق استهداف العرب الأفارقة ومحاصرتهم وتهديد أمنهم لا سيما ان هذه الدول هي دول منبع النيل التي تشارك في اتفاقيات تقاسم مياه النهر وتعتبر اثيوبيا الدولة الأهم التي يركز عليها الصهاينة في سياساتهم كونها دولة مجاورة لأقطار عربية افريقية ويمكن من خلالها التسرب الى هذه الأقطار للأضرار بأمنها وخلق مشاكل داخلها وتغذية أية اشكالات تواجهها وبخاصة السودان من جهة وكونها خزانا بشريا هاما ليهود الفلاشا من جهة أخرى حيث بدأ الحديث عن الترتيب لاستقدام مجموعات من يهود الفلاشا الى الكيان الصهيوني اثر زيارة ليبرمان والتي من أهم أهدافها أيضا توسيع الانتشار العسكري والأمني الصهيوني من اجل رفع وتيرة التغلغل الصهيوني المعادي للعرب في الدول الافريقية اضافة الى أهداف اقتصادية تتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري بين هذه الدول والكيان الصهيوني كما تأتي هذه الزيارة وغيرها من التحركات الصهيونية والأمريكية تجاه القارة الافريقية تجسيدا لمبادئ الشراكة الاستراتيجية الاستعمارية للطرفين حيث ترى الولايات المتحدة الأمريكية في الوجود الصهيوني المكثف والمتعدد الابعاد والأهداف سندا لها في تحقيق نفوذها وأطماعها ومصالحها في هذه القارة وتستند هذه الرؤية على علاقة الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني سواء أكان ذلك في منطقة "الشرق الأوسط" أو افريقيا أو أي مكان آخر في العالم.

 

يشكل التغلغل الصهيوني ، استنادا الى هذه المعطيات وأخرى متعددة غيرها ، تهديدا حقيقيا للأمن القومي العربي عبر تهديد وحدة السودان وأمنه وكذلك امن مصر وأقطار عربية أخرى مما يتوجب على العرب مواجهة هذا الخطر المتمثل في النفوذ والتغلغل الصهيوني العسكري والسياسي والاقتصادي والتجاري في الدول الافريقية.

 

وحتى تتم هذه المواجهة لا بد وان تتوفر الارادة السياسية العربية المستندة الى ادراك العرب لأهمية المجال الافريقي وحيويته نظرا لارتباطه الوثيق بالأمن العربي.

 

وتأتي ضرورة المواجهة العربية للنفوذ الصهيوني حتى تستطيع الأقطار العربية ابعاد الأضرار التي تلحق بها جراء التواجد الصهيوني المستند الى اتفاقيات صهيونية تضر بالمصالح العربية السياسية والأمنية والاقتصادية حيث يعمل قادة الكيان الصهيوني على توظيف هذه الاتفاقيات ضد العرب ومصالحهم وأمنهم واستقرارهم عبر التدخل السافر في شؤونهم الداخلية مثلما يتم توظيفها لاحداث شروخ في العلاقات العربية مع الدول الافريقية.

 

ومن هنا نؤكد على ضرورة ازدياد الحضور العربي في القارة الافريقية بكل أبعاده السياسي والاقتصادي والمالي والعسكري عبر تقديم الدعم لدول القارة لافشال المخططات الصهيونية والأمريكية التي تستهدف العرب ومن اجل الدفاع عن الامن الوطني لأقطار عربية افريقية والأمن القومي العربي.

fuad0491@yahoo.com

===================

محفزات السلام الامريكية لاسرائيل

حمدان الحاج

الدستور

23-11-2010

تغدق الولايات المتحدة الامريكية عطاياها التي لا تعد ولا تحصى على اسرائيل حتى تنال منها الموافقة المبدئية على الدخول في عملية خجولة توقف بموجبها الاستيطان في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية لمدة تسعين يوما ولا تزال اسرائيل تغمض عينا وتفتح اخرى تتسلى على ردات فعل عربية واجنبية ترغب ان ترى وقفا ولو في الحلم للاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية.

 

المضحك المبكي في ملهاة السلام التي مضى عليها اكثر من عقد ونصف والجميع يلهث وراء مطلب نبيل لن تنيله اسرائيل لاي منهم لانها لا ترضى بما يعرضه هؤلاء عليها وحتى القائد الاسرائيلي الذي يقبل بأي عرض لا تقره المؤسسات المخططة لمستقبل اسرائيل سوف تتخذ قرارا بضرورة انهاء ذلك القائد حتى لو كان رابين او شارون او شيمعون بيريز او غيرهم لانها لا تعترف بالاشخاص بل تحرقهم من اجل الوصول الى الاهداف.

 

لقد مضى على وجود جورج ميتشيل في مهمته الباحثة عن ضوء في اخر نفق السلام تسعة عشر شهرا كاملة لم تفض الى نتيجة سوى انه يخلد جولاته وصولاته بتحديث صوره في لقاءاته بالمسؤولين الاسرائيليين والفلسطينيين حتى يبرر وجوده وتواجده في لعب دور من يتحدث عن السلام الموعود ونتائج الانتخابات النصفية التي انتهت الى هزيمة مؤلمة للديمقراطيين وتجعل الجمهوريين اكثر قدرة على الحركة والمناورة واتخاذ القرار ما يعني بشكل مباشر ان اسرائيل اصبحت بعدها اكثر تصلبا في موقفها لانها تعتمد في العادة على الجمهوريين اكثر من الديمقراطيين وان كان كلا الطرفين يعملان لصالح اسرائيل ولا تمضي مناسبة صغيرة كانت او كبيرة الا ويؤكد ساكن البيت الابيض منذ عشرات السنين ان امن اسرائيل واستقرارها لا يمكن التلاعب بهما على الاطلاق لأن الولايات المتحدة تضع اسرائيل في مقدمة مصالحها الحيوية العليا ولا مزاح في ذلك.

 

وعند الحديث عن الاشهر الثلاثة التي تريدها امريكا من اسرائيل توقف من خلالها الاستيطان بما في ذلك القدس فهناك تساؤل بسيط ماذا سيحصل في اليوم الحادي والتسعين ولم يتم تحقيق اي شيء من القرارات والاتفاقيات والتفاهمات التي من المتوقع الوصول اليها خلال التسعين يوما خاصة وان اسرائيل حينها ستكون معفاة وبشهادة شهود من اي ضوابط او التزامات او مطالبات وهذا مكتوب في كتاب النوايا الامريكية المقدم لاسرائيل؟.

 

ومن الذي سيأتي او يتجرأ ان يأتي الى اسرائيل ويطالبها حتى بابسط المطالب بعد كل هذا الجهد الذي وضعته اسرائيل من اجل الالتزام بالوعود التي فرضتها الارادة العالمية عليها خلال الشهور القادمة ومن قال ان اسرائيل اوقفت الاستيطان يوما واحدا منذ الحديث عن السلام وحتى الان؟ ومن ينفي ان تكون اسرائيل قد بنت على الاراضي الفلسطينية اضعاف المرات بعد السلام اكثر مما بنته قبل السلام.

 

عندما جاءت السلطة الفلسطينية الى غزة والضفة الغربية زرت المفاوض الفلسطيني الصلب المرحوم حيدر عبدالشافي في بيته في غزة وكان يستعد لمغادرة بيته بواسطة سيارات الامم المتحدة بسبب رفض اسرائيل تسهيل مهمة خروجه من هناك قال لي بالحرف الواحد "لن يكون هناك مستقبل للفلسطينيين في اقامة دولتهم على ارضهم اذا لم يوقف الاستيطان الاسرائيلي لان الاستمرار في الاستيطان سيبتلع الارض وهذا شيء مدمر للحلم الفلسطيني في اقامة الدولة".

 

الان وبعد ان تم تجريد الفلسطينيين من اوراق الضغط التي كانوا يملكونها وفي الوقت الذي لم تعد اسرائيل معنية بالحديث عن السلام تدفع امريكا لاسرائيل ما يشبه وعد بلفور جديد بعشر سنوات قبل المئوية الاولى للوعد المشؤوم وتزيد في علو اسرائيل فالقادم لا يبشر بخير اذا ما تم تغييب حق العودة والاصرار على يهودية الدولة وسط سبات عربي وعالمي مريب.

hamdan_alhaj@yahoo.com

===================

ابراهيم السرفاتي: كلمات عن رمز!

ميشيل كيلو

2010-11-23

القدس العربي

 لم أسعد بالتعرف إلى إبراهيم السرفاتي، المناضل المغربي والعربي الكبير، الذي توفاه الله ( 17/11/2010) في المغرب، عن عمر ناهز الـ 84 عاما، كما أخبرتنا محطات التلفاز، وإن كنت عرفت أصدقاء مغاربة كثيرين عايشوه وناضلوا معه وقدروا مزاياه وحملوا له احتراما وتقديرا فائقين، ليس فقط لدفاعه عن الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان في وطنه، بل كذلك وقبل كل شيء لموقفه من الكيان الصهيوني، الذي فاق في عمقه وراديكاليته مواقف 'مناضلين' قوميين مشهورين، واتسم بسمات إنسانية وعملية جعلت منه مناضلا فلسطينيا بامتياز، مع أنه لم يولد في فلسطين ولم يرها طيلة عمره المديد، وإن كان صديقا مقربا من قادتها، ورجل ثقة عند ياسر عرفات، الذي يقال إنه كلفه بمهام متنوعة في أوروبا، ونال تأييده المطلق لسياسات الكفاح المسلح. بهذه الطريقة الفذة، وفق السرفاتي بين انتمائه إلى دين موسى عليه السلام وبين عروبته ووطنيته، وجاعلا من نفسه رمزا كبيرا لذلك النوع من اليهود، الذي حمل على مر التاريخ الحديث رؤية إنسانية تتخطى أي دين أو مذهب، ودعا إلى اندماج الموسويين في مجتمعاتهم باعتبارها وطنهم الوحيد والنهائي، والحاضنة الروحية والثقافية التي يجب أن يذوبوا فيها، كي يقلعوا عن رؤية أنفسهم بدلالة مذهب مغلق وضيق يعزلهم عن شعوبهم، وناضل في سبيل العدالة السياسية والاجتماعية في بلدانه المختلفة، وكان جزءا من قوى التغيير فيها، ثم نزلت به هزيمة جدية على يد الرجعية الأوروبية واليمين الدولي كانت الحركة الصهيونية أداة تنفيذية لها، جسدت قيما عنصرية وفاشية مناقضة تماما لما جسده مناهضو الصهيونية من اليهود من أمثال السرفاتي، الذين لم يتخلوا عن قناعاتهم ومواقفهم، بل واظبوا على مناهضة الحركة الصهيونية وسياساتها وأفكارها، قبل أن يناهضونا ويقاوموا دولتها الغاصبة في فلسطين المحتلة، ويكونوا بين أوائل من تمسكوا من العرب بحقوق الشعب الفلسطيني الوطنيه، ورفضوا الاعتراف بالكيان العدواني الغريب، وعملوا لقيام وضع تاريخي بديل للحال العربي الراهن، ينهض على أسس ومرتكزات مغايرة لأسسه وركائزه، من شأنها جعل انتصار فلسطين والعرب ممكنا وفي متناول اليد، فحق للسرفاتي أن يعد مناضلا فلسطينيا وعربيا كبيرا، وصار من الواجب تعريف الشعب العربي بشخصه وإنجازاته، وقول كلمات رثاء فيه، تبين أية خسارة عناها غيابه، وأي رمز كبير كان، وكيف أفنى حياته في السجون دفاعا عن شعب المغرب البسيط، الفقير والمظلوم والمناضل، وأية أسباب دفعته، بعد صدور حكم بحبسه أربعة عشر عاما، إلى رفض مساومة عرضت عليه قامت على إعفائه من العقوبة إن هو وافق على الرحيل من المغرب إلى فرنسا أو اسبانيا أو إسرائيل، وفضل قضاء سنوات السجن الأربعة عشر بكاملها على ترك وطنه والتخلي عن جنسيته المغربية، فكان موقفه قدوة للمناضلين، ودليلا على العمق الإنساني، الذي يمنحه حب الوطن لأبنائه المخلصين، وبرهانا على تمسك اليهودي العربي بوطنه الأصلي، ورفضه استبداله بوطن ليس له، سرقته الصهيونية من شعبه الفلسطيني، وإدراكه المعنى الحقيقي الذي كان سيترتب على قبوله الذهاب إلى فلسطين بالتحديد وما كان ذلك سيعنيه من هزيمة لأي موقف غير صهيوني يتخذه اليهود الوطنيون، العرب والإنسانيون.

لم يهتم إبراهيم السرفاتي بالقضية الاجتماعية والسياسية في المغرب وحده، أو بالقضية الفلسطينية، التي اعتبر نفسه أحد أبنائها المخلصين، بل واكب النهوض السياسي العربي وعاش تفاصيله وأسهم فيه من موقع ثوري ووحدوي، منذ ثورة يوليو عام 1952 إلى يوم وفاته، فكان صديقا لجمال عبد الناصر قام بمهام كلفه بها في أوساط اليهود الأوروبيين المعادين للصهيونية، وقد استقبله القائد العربي الكبير في بيته حين كان يزور القاهرة، وأكرم وفادته وخصه بلقاءات شخصية وسياسية متكررة، اعترافا من عبد الناصر بأهمية مواقف المناضل اليهودي العربي، المكافح من أجل تحرر العرب السياسي والاجتماعي والقومي، رغم ما تعرض له من اضطهاد منذ مطلع شبابه، من الفرنسيين، أولا ثم من النظام المغربي.

جسد السرفاتي في حياته نموذجا يهوديا نقيضا للصهيونية، وأكد في كل أفعاله وأقواله أن اليهودية والصهيونية ليستا متطابقتين، كما يظن عقل عربي رسمي وشعبي سائد، وأن الصهيونية عكس اليهودية الحقيقية وليست تعبيرها السياسي، وأنها فتحت صفحة في تاريخ اليهود جعلهم عملاء للامبريالية وخدما للاستعمار، فكان من الطبيعي أن تصير ' إسرائيل ' أداة بيدهما لا شغل لها غير مناهضة حق العرب في التحرر والاستقلال والوحدة والتقدم، والعمل لإبقائهم تحت العين وفي متناول اليد: بالقوة والعنف أولا وأخيرا، كي لا تقوم لهم قائمة. مثل السرفاتي رمزا فاعلا لليهود المناهضين للصهيونية، بما لهم من أهمية ودلالة رمزية وتاريخية، ودور عملي خارج وداخل 'إسرائيل'. ولعلنا لم ننس بعد رجلا كعالم الذرة الإسرائيلي فعنونو، الذي كشف خبايا برنامجها النووي السري وحذر العرب والعالم منه، أو العقيد إيلي جيفع، الذي رفض خلال عدوان عام 1982 على لبنان إطلاق النار على أهداف مدنية في بيروت، واستقال من قيادة اللواء المدرع الذي كان يقوده، وترك الجيش رغم إعلامه من قبل وزير دفاع العدو شارون ورفائيل إيتان رئيس أركان جيشه، أنه سيكون رئيس أركان الجيش الصهيوني خلال عشرة أعوام، أو فيلسيا لانغر، المحامية التي دافعت عن نيف وألف أسير فلسطيني، ونذرت حياتها للدفاع عن شعب فلسطين العربي وحقوقه الوطنية، بما في ذلك حقه في العودة ... وغيرهم كثير. ومن المصائب أن العالم العربي غافل عن هؤلاء مثلما هو غافل عن كل ما هو في صالحه، ويمارس في معظم بلدانه تربية تجعل كل يهودي صهيونيا بالفطرة والولادة والضرورة، وتجعل اليهودية قومية لا دينا، وتتحدث حتى عن اليهود العرب وكأنهم إسرائيليون داخل الوطن العربي أو ألغام إسرائيلية / صهيونية مزروعة في جسد العرب، عليه التخلص منها بأي ثمن، بما في ذلك إرسالها إلى إسرائيل. فلا عجب أن يكون العالم العربي هو الذي امد المشروع الصهيوني بالقسم الأكبر من المادة البشرية التي ما كان ممكنا قيامه وبقاؤه بدونها، وأنه أرسل من يهود العام العربي بين هزيمة حزيران عام 1967 وحرب تشرين عام 1973، أي خلال ستة أعوام، قرابة ثلاثمائة ألف يهودي، ضاربا عرض الحائط بكونهم عربا ومواطنين في دول عربية، وأنه لا يحق له حرمانهم من هويتهم العربية والوطنية، وأنهم سيصبحون هناك، في فلسطين المحتلة، جنودا سيشاركون، عاجلا أم آجلا، في غزو بلدانهم الأصلية، التي طردتهم حكوماتها منها وتسببت في تحويلهم إلى أعداء لها وللعرب، مع أن أفضل طريقة لمحاربة الصهيونية كانت تعزيز انتماء هؤلاء لأوطانهم ومجتمعاتهم، والتعامل معهم دون تمييز أو تفرقة أو أحكام مسبقة، والنظر دون منة باعتبارهم مواطنين عربا لهم حقوق وعليهم واجبات: لهم ما لنا وعليهم ما علينا، يرتبطون بنا ونرتبط بهم من خلال وحدة مصير وأهداف يفرضها التاريخ والواقع!.

كان السرفاتي رمزا مجسدا لضرب من اليهودية العربية قام بواجبه الوطني والقومي تجاه شعبه وأمته، رغم أنها لم تتعاطف معه أو تشعر بوجوده، واقتصر علمها بما فعله على دوائر من المثقفين أو الحزبيين، الذين عايشوه وعملوا معه وعرفوا ما ميزه من تفان وإخلاص، حتى آخر لحظة من حياته. والآن، وقد غاب الرجل الكبير، من الضروري أن نعيد النظر في نظرتنا إلى اليهود باعتبارهم كتلة صهيونية مندمجة متراصة لا يمكن اختراقها أو التأثير فيها، لا سبيل إلى التعامل معها غير تقوية ذلك النمط من أوضاعنا الداخلية، التمييزي والظالم والاستبدادي، الذي أدى إلى هزيمتنا أمام الصهيونية، مرة كل بضعة أعوام، وضخم إلى حد غير معقول أو مقبول فارق التقدم والقوة بينها وبيننا، وجعلنا لا نحاربها بغير قذائف ثقيلة جدا من الشتائم، مصحوبة بصواريخ تهديدات جوفاء ضدها.

غاب السرفاتي، فلنكرمه بإحياء رمزيته والعمل على تعميمها، ولنبدأ، لأول مرة في تاريخنا الحديث، عملا مدروسا تجاه اليهود، عندنا وفي العالم، لا يراهم بأعين أيديولوجية تجعلهم قردة وخنازير، بل تعاملهم حسب أعمالهم، فمن كان صهيونيا منهم عاديناه وحاربناه بجد وليس بالكلام، ومن كان وطنيا وعربيا وضعنا في سويداء قلوبنا، وتحالفنا معه ضد الصهاينة من اليهود، الذين يجب أن يكونوا وحدهم أعداءنا!.

' كاتب وسياسي من سورية

===================

أمريكا ستنهار كما انهار الاتحاد السوفيتي

د. محمد صالح المسفر

2010-11-22

القدس العربي

تابعت عن بعد حوارات منتدى صحيفة 'الاتحاد' السنوي الذي عقد في أبو ظبي مؤخرا، وشدني محور العلاقات العربية الأمريكية، وعنوان هذا المقال مشتق من احدى المداخلات التي احتدم النقاش حولها بين موافق ومعترض، وراح أصحاب الرأي القائل بان أمريكا قوة لا تقهر يؤكدون بان نجمها لن يفل عن الساحة الدولية، فهي مجتمع ليبرالي ديناميكي حي، وبهذا الوصف فهي قادرة على تجديد دمائها وتطوير أهدافها بحسب الحاجة والمتغيرات، وأكد احدهم بأنه لم يتوفر لدولة في التاريخ المعاصر ما هو متوفر اليوم لأمريكا وعلى ذلك فإنها عصية على الانهيار. أما أصحاب الرأي القائل بان أمريكا اقترب أفول نجمها كقوة عظمى فقد استندوا إلى القول ان أمريكا تعيش حاليا حقبة وهن سوف تؤدي لا محالة إلى تفسخها وانحلالها وبنوا رأيهم على عدد من الظواهر، الأولى هو ما كتبه بعض المفكرين الأمريكيين من آراء في مجلة (فورن افيرز) المرموقة حول هذا الموضوع تحديدا، والثانية هي الأزمة الاقتصادية العالمية التي ألحقت أضرارا بالغة بأمريكا، وان تداعياتها سوف تؤدي عاجلا أو آجلا إلى إفلاس المؤسسات الأمريكية، الثالثة تتابع فشلها العسكري في كل معاركها الحربية من فيتنام إلى أفغانستان إلى العراق والصومال.

انه من المؤسف أن بعض مثقفينا يخلطون بين أمرين الأول حبهم اللامتناهي لأمريكا وتجربتها السياسية والاقتصادية كرها في واقعهم، الثاني ورفضهم لحركة التاريخ. إني اذهب مع القائلين أن أمريكا متربعة على هرم السياسة الدولية بعد أفول نجم الاتحاد السوفييتي في نهاية القرن الماضي وأنها القوة المهيمنة على المسرح الدولي في الوقت الراهن، لكن حتمية التاريخ تقول بان الإمبراطوريات في نشأتها تشبه نشأة الإنسان يمر بمراحل متعددة تنتهي به الحياة إلى الفناء( ابن خلدون وغيره) والإمبراطورية الأمريكية الحالية ليست مستثناة من هذه الظاهرة.

نعم كثير من الناس يرفضون فكرة أفول نجم أمريكا لأنهم يضعون في حسابهم الرؤوس النووية التي تملكها أمريكا والمقدرة بعدد 5113 رأسا، والتحالفات السياسية، والتواجد العسكري في مختلف أصقاع العالم، وبطاقات الائتمان، ومسلسلات وأفلام هوليوود، ومطاعم الوجبات السريعة المنتشرة في العالم وبنطال الجينز الأزرق وغزو الفضاء. لقد غابت عنهم عوامل الانهيار التي تنخر في جسد أمريكا منها على سبيل المثال عدد البنوك التي أشهرت إفلاسها خلال هذا العام بلغت 140 بنكا وهناك بنوك أخرى في طريقها لإعلان إفلاسها في الأجل المنظور، وبلغ حجم الدين العام 10,802تريليون دولار، وان نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الكلي سترتفع في عام 2011 بنسبة 40 إلى 70 '. في مجال الصناعة أعلنت اكبر شركات إنتاج السيارات (فورد وكرايسلر) إفلاسهما في العام الماضي وتدخلت الدولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه الأمر الذي يعلن فشل النظام الاقتصادي الحر الذي تقوده امريكا، وغير ذلك من الصناعات، وفي مجال منتجات التكنولوجيا المتقدمة، فقد انخفض الطلب على التكنولوجيا الأمريكية طبقا لإحصاءات رسمية أمريكية تؤكد القول بان الربع الأول من عام 2006 حقق عجزا في هذا المجال بمقدار (7.2) مليار دولار عن عام2000 الذي حقق فائضا قدر بـ (4.6). وان عجز الميزان التجاري الأمريكي تضاعف ست مرات خلال العشر سنوات الماضية إذ انه في عام 2001 كان العجز يقدر 363 مليار دولار أي 690 الف دولار في الدقيقة، بينما العجز في عام 2006 بلغ 765 مليار دولار أي بواقع (450 ,000, 1) في الدقيقة الواحدة. تصاعد العجز في ميزانيات التعليم، وصيانة النظام الاجتماعي، أضف إلى ذلك ارتفاع نسبة البطالة 10,2 '، وبلغ عدد الأميين 40 مليون إنسان لا يجيدون القراءة والكتابة، وفوق هذا تقدر أوثق الدراسات الأمريكية أن الإنفاق على المخدرات وحدها في المجتمع ما يفوق الإنتاج الإجمالي الوطني لأكثر من 80 دولة من دول العالم الثالث. أما الجريمة فحدث ولا حرج إذ تشير الدراسات المتخصصة في هذا المجال أن أمريكا لديها أعلى معدل لمرتكبي جرائم القتل، واكبر عدد من المساجين في العالم إذ بلغ عددهم 2, 3 مليون إنسان أي بمعدل شخص واحد من بين كل 100 شخص من البالغين، وقد ارتفعت هذه المعدلات بواقع سبعة أضعاف الرقم عن عام 1980 م.

آخر القول: نحن لا نقول ان أمريكا في عام 2020 ستنهار وأنها ستكون من بين الدول الضعيفة لكننا نؤكد بان النظام الامريكي السياسي والاقتصادي والإنساني يحمل في طياته بذور فنائه، وان سنن الكون تؤكد شيخوخة الدول ثم فناءها، وامريكا ليست استثناء.

===================

وهم اسمه «الحكومة التوافقية»

غسان الإمام

الشرق الاوسط

23-11-2010

تسارع الأحداث الضخمة لا يترك المجال للتوقف عند ظواهر، باتت تتوضَّع في صميم الحياة السياسية والاجتماعية العربية. التأثير السلبي أو الإيجابي لبعض هذه الظواهر أكثر أهمية، في رؤيتي، من الحدث السياسي الطارئ الذي نشبعه تحليلا وتفسيرا، لننتقل بعده إلى حدث مماثل.

أضرب مثلا، فأقول إن أحد الأسباب الجديدة لتفاقم أزمة الحكم والسلطة عندنا، هي ظاهرة ما نسميه «الديمقراطية التوافقية» أو الحكومة التوافقية. بات الإعلام العربي مستسلما للاعتقاد بأن «التوافق» في حكم يجمع بين أصحاب السلطة والمعارضة، هو ضرورة وطنية. أو قومية. أو دينية، باعتباره الحل الأمثل لانسداد أزمة الحكم والسلطة!

أبحث عن وجود وأصول «الحكومة التوافقية» عندنا وعند غيرنا. أجد أن لا وجود لهذه المفردة السياسية المفبركة عربيا، لأن مبدأ الديمقراطية يفرض وجود المعارضة خارج الحكم، بقدر ما يفرض وجود طبقة، أو فئة حاكمة.

كانت هناك ظاهرة حكومة «الوحدة الوطنية» في فرنسا، بزعامة الماركسي ليون بلوم، قبيل الحرب العالمية الثانية. ثم في بريطانيا، حيث استدعى المخضرم ونستون تشرشل من المتحف السياسي، ليتزعم حكومة «وحدة وطنية».

أعلن تشرشل الحرب على ألمانيا النازية المعتدية على بولندا. وفي قمة انتصاره (1945)، أسقطه نضج ووعي الديمقراطية البريطانية. شكل حزب العمال حكومة اشتراكية، لأنها كانت الأقدر، من حزب تشرشل المحافظ، على تقديم مكاسب وضمانات اجتماعية للشعب الذي استنزفته الحرب.

في أوروبا الشرقية، فحيثما استدعت الضرورة، أقامت الأحزاب الشيوعية الحاكمة، في ظل الاحتلال السوفياتي، «جبهات تقدمية» صورية، ما لبست أن سقطت بانحلال الدولة السوفياتية (1990/ 1991). ونرى، منذ أوائل السبعينات، امتدادا لحكم هذه «الجبهات» في سورية، بزعامة حزب البعث (القائد).

وهكذا، فالائتلافات الحكومية حالة معروفة في النظام الديمقراطي الغربي. لكنها لا تلغي المعارضة، وحق الشعب في المعرفة. مع انهيار الآيديولوجيا، وصمود ما يسمى «الطريق الثالث». أو الليبرالية. أو أحزاب الديمقراطية الاجتماعية، بات ممكنا التعايش بين أحزاب اليمين والوسط واليسار، تحت السطح الديمقراطي للحكم والسلطة. كما حدث في ألمانيا. فرنسا. بريطانيا.

بل أدهش الرئيس اليميني نيكولا ساركوزي الوسط السياسي الغربي، عندما اكتفى بتطعيم حكومة فرانسوا فيون الأولى، برجال ونساء من الحزب الاشتراكي المعارض، وفي مقدمتهم برنار كوشنير وزير الخارجية. ثم استغنى عن التجربة المرة، وسرح هؤلاء، لرغبته في الاعتماد على حكومة أكثر يمينية، لاستعادة شعبيته المتهاوية، قبل الاستحقاق الانتخابي الرئاسي المقبل بعد سنتين. أما المحافظون البريطانيون العائدون إلى الحكم، فقد استعانوا بحزب الديمقراطيين الأحرار (الوسط الليبرالي) لتأمين الغالبية النيابية للحكومة الجديدة.

كيف ولماذا «فبرك» العرب نظرية «الديمقراطية التوافقية» غير الموجودة في مبدأ الديمقراطية الحريص على المعارضة؟! انسداد التجربة الديمقراطية العربية وتكلسها، ألغيا السياسة. قطعا الطريق على إمكانية التناوب على السلطة، عبر انتخابات حرة. همَّشا سلطة الشعب التمثيلية (مجلس النواب). دمرا وجود معارضة بناءة. مقبولة. ومشروعة دستوريا.

المعارضة، إذن، أساسٌ مشروعٌ وأصيل، لا تقوم. ولا تستقيم ديمقراطية من دونها. أوتوقراطية النظام الجمهوري العربي ألغت المعارضة. لاحقت المعارضين. في المقابل، نشأت «معارضات» خارج الإطار المشروع للديمقراطية. معارضة شعبوية. مستغلة للحرية الإعلامية النسبية، كما في مصر، وأحيانا في سورية. والأردن.

مع ارتداد النظام الأوتوقراطي إلى قواعد شعبية غير ديمقراطية، كالقبيلة. العشيرة. الطائفة. المذهب. العرق. النخب الطفيلية الرأسمالية... عكست المعارضة هذه التحولات في النظام والمجتمع. باتت هي أيضا معارضة غير ديمقراطية. معارضة ملتزمة بكل تلك السلبيات الاجتماعية.

حيثما النظام الأوتوقراطي قوي ومتمكن، فقد تحكم بأمان بهذه المعارضة. بل أشركها هامشيا في الحكم، كما في الجزائر وسورية. أما نظام المخزن المغربي فقد تجاوز النظام الجمهوري. واثقا بنفسه، إلى درجة تسليم الإدارة الحكومية إلى أحزاب المعارضة، بما فيها حزب الاتحاد الاشتراكي في التسعينات. التجربة مستمرة بشكل وآخر. لكنها أدت إلى ضعف شعبية قوى اليسار، وتقدم القوى الليبرالية والدينية.

حيثما النظام الأوتوقراطي ضعيف. متهالك، فقد اضطر إلى اللجوء إلى التكاذب «التوافقي» مع قوى المعارضة. سقطت ديمقراطية الاحتلال الأميركي أسيرة للطائفية المذهبية، والعرقية الانفصالية. فظهرت «الديمقراطية التوافقية»، بأبشع صورها السلبية في العراق: محاصصة طائفية في الحكم. هيمنة مذهبية عليه.

قامت حكومة توافقية يتقاسم بعض رجالها غنائم الفساد المروع! يجلس «التوافقيون» على مائدة حكومية أو نيابية واحدة. ثم يصفّون بعضهم بعضا بالاغتيال. بالإقصاء. بالمؤامرة السرية!

تم إقصاء ائتلاف «العراقية» عن حقها في منصب رئيس الحكومة، بالمؤامرة الأميركية/ الإيرانية. الغريب أن بعض أجنحة «العراقية» من سنية أو شيعية، باتت تقبل بالمشاركة في «حكومة توافقية» تقودها الشيعية السياسية والدينية المتعاملة مع إيران!

«الحكومة التوافقية» التي تشارك فيها كل أطراف الطيف السياسي والديني تلغي السياسة. تحذف المعارضة. تحجب النقد. المحاسبة. المراقبة. تغدو قوى الرأي العام الواعي والشارعي مجردة من المعرفة. جاهلة بما يجري تحت السطح الفولاذي للسلطة «التوافقية»، فيما تبدو السلطة الشعبية عاجزة. في هذه الحالة الخطيرة، ينتقل الحوار من المائدة، ومن تحت القبة النيابية، إلى شارع شعبي ممزق طائفيا. وسياسيا.

كرأي متواضع، أقول إنه لا يضير إياد علاوي أن يمارس سلطته من خلال المعارضة خارج الحكومة، ذلك أقوى له وللكتلة السنية، في مكاشفة الشعب بأخطاء الحكم، من المشاركة فيه.

وهم الأكذوبة «التوافقية» في لبنان شبيه بمثيلتها في العراق. إصرار حزب الله على المشاركة في الحكم، تحت شعار «التوافق» وممارسة المعارضة من داخله، أدى إلى عجز الحكومة عن معالجة المشكلات المستعجلة، كالغلاء. البطالة. كيف يستقيم نظام «توافقي» مهدد من داخله بالانقلاب عليه بقوة السلاح. بقوة الإكراه؟! لا بمنطق الإقناع؟!

ديمقراطية الطوائف التي استقرت بنسب متساوية، بمنطق القبول والرضا في حوار الطائف، قبل 21 سنة، تهتز اليوم بسلاح بات عاجزا عن الاحتكاك المباشر بالعدو، لينكفئ نحو احتكاك يومي مباشر، بطوائف تخلت عن سلاحها، بضمان سوري لأمنها. وسلامة وجودها. ودورها. وديمقراطيتها.

من خلال ما قدمت. وعرضت. وذكرت، أبدو رافضا لوهمٍ ديمقراطي مفبرك. ومخادع. حديثي عنه لا يكفي. لا بد من علماء الاجتماع العرب المتراكمين في أقبية البنى الجامعية والأكاديمية. للتقدم لدراسة الظاهرة بموضوعية علمية أمينة وشجاعة، قبل أن يحولها ساحر خطابي شعبوي، إلى ثقافة جماهيرية، تلغي قدرة العقل العربي على المناقشة والاعتراض.

====================

فلسطين: حل السلطة أم سلطة الحل؟!

صهيب زاهدة

الشرق الاوسط

23-11-2010

مر على إنشاء السلطة الفلسطينية أكثر من ستة عشر عاما، نشأت هذه السلطة في ظروف دولية وإقليمية معقدة، عندما تلاقت المصالح الدولية والعربية، قررت جميع الأطراف المعنية بدعم فكرة تكوينها وخلقها من لا شيء، ودعم التيار الفلسطيني الذي يمكن التعامل معه على هذا الأساس، فكانت نتاج مصلحة إقليمية ودولية، وانهالت الضغوط على منظمة التحرير وأطراف فلسطينية أخرى من كل حدب وصوب للقبول بهذا المنطق الجديد، وبعد حياكة طويلة بانت السلطة في اتفاق أوسلو الدولي عام 1993.

كانت، وما زالت، القضية الفلسطينية الهاجس الأكبر للدول الكبرى، ودول عربية عدة؛ فهي القضية المركزية التي لا يمكن لأحد تجاهلها، كما أنها القضية التي لا تتجاهل أحدا، فكل الأطراف معنية بشكل أساسي بهذه القضية التي عملت هذه الدول على خلقها على حساب الشعب الفلسطيني المضطهد، فلكل طرف حكايته معها.

وللخروج من هذا المأزق ورفع هذه القضية عن كاهل الدول المعنية - بشكل مباشر أو غير مباشر - بالقضية، دعم العالم تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية على أساس الحكم الذاتي، وإقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلت عام 1967 وعاصمتها القدس وحق العودة، وبذلك يمكن تحجيم القضية من دولية وإقليمية ووضعها على ظهر الفلسطيني وحده، والتملص بشكل أو بآخر من المسؤولية، فكانت فرصة لا تعوَّض للاحتلال الإسرائيلي الذي وجدها هدية من السماء للتخلص من إدارة وتحمل مسؤولية مدن الضفة الغربية وقطاع غزة، وخلق واقع جديد لوقف الانتفاضة الشعبية الفلسطينية التي أنهكت إسرائيل على جميع الأصعدة.

على كل حال، أنشئت السلطة وتم وضع أسس لها، فكل دولة دعمت أساسا ما لكي تقوم هذه السلطة، وبالفعل ظهرت مؤسسات السلطة الفلسطينية وتسلمت حركة فتح بشكل أساسي مفاتيحها وإدارة شؤون ما يُعرف بالمناطق الفلسطينية وأراضي الحكم الذاتي.

من هنا، بدأت معركة سياسية جديدة، وانتهى تقريبا دور منظمة التحرير وسطرت القيادة الفلسطينية هدفا وطنيا جديدا، هو إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف في الضفة الغربية وقطاع غزة، واستمرت معركة المفاوضات من ذلك الحين إلى يومنا هذا، واستمر الكيان الصهيوني بإقامة المستوطنات وزيادة أعداد المستوطنين على أراضي 67 التي تمثل حلم إقامة الدولة الفلسطينية، فانفجرت الأوضاع عام 2000 بانتفاضة الأقصى بوجه إسرائيل، ليثبت الشعب الفلسطيني أنه لن يتخلى عن ثوابته في القدس، فضعفت السلطة الفلسطينية وكادت تغيب عن الساحة، فالاحتلال استهدف كل مقومات السلطة لرفضها أن تكون كتيبة عسكرية تابعة للجيش الإسرائيلي لضرب مقاومة الشعب الفلسطيني على الرغم من وجود اتفاقيات أمنية، فدمر مقراتها، بالإضافة إلى ما حدث في قطاع غزة من سيطرة حركة حماس عام 2006 نتيجة رفض الأخيرة نهج السلطة التفاوضي، ومع ذلك دخلت في إطار السلطة فتواجه المتناقضان الفلسطينيان وجها لوجه.

إلا أن الدول العظمى والإقليمية أيقنت لما يمكن أن تحدثه هذه الانتفاضة على الصعيدين الإقليمي والدولي من تبعات قد تفجر حربا عالمية جديدة، وتغير معالم المنطقة بأسرها، فسارعت من جديد للتدخل بقوة والضغط على إسرائيل للعودة إلى طاولة المفاوضات، وإعادة ترميم مؤسسات السلطة الفلسطينية، واستمر الاستيطان حتى قضم أكثر من 40% من مساحة أراضي الضفة الغربية إلى يومنا هذا، والسلطة الفلسطينية في متاهة الاستيطان الإسرائيلي الذي بدد حلم إقامة دولة فلسطينية ومتاهة الانقسام بين الضفة وغزة، ومتاهة الضغط العربي والدولي للقبول بشروط مصالحها التي لا تلتقي ومصالح الشعب الفلسطيني، ومتاهة عدم جدوى المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي الذي يستخدم منطق القوة بفرض واقع على الفلسطينيين والعالم جميعا.

السلطة الفلسطينية كيان قائم بمدى رضا الدول المانحة التي تدعم وجودها ماليا، فلا وجود للسلطة الفلسطينية كما لسلطة حماس في غزة من دون الدعم الخارجي، فالقضية الفلسطينية تعيش التناقض الدولي وتضارب المصالح الدولية.

لكن نقطة قوة السلطة الفلسطينية تكمن في ضعفها؛ حيث يعلم المفاوض الفلسطيني أن التلويح بحل السلطة ورقة بيده أقوى من تفجير قنبلة ذرية؛ لأن أقوى الدول تخشى من هذا السيناريو الذي سيفقدها السيطرة على الأوضاع الإقليمية والدولية، ويدخلها في متاهات صراعات جديدة ويبدد الاستقرار الهش في منطقة تسعى قوى تسميها (إرهابية) إلى السيطرة على زمام الأمور.

فالعودة للمفاوضات المباشرة بضغط من الولايات المتحدة ودول عربية جاءت نتيجة لهذا الخوف، فمصالح الولايات المتحدة الحيوية تتضرر بشكل كبير في المنطقة ويزيد تهديد وجود أكثر من 150 ألف جندي أميركي يحاربون في أفغانستان والعراق ومعسكرات هنا وهناك.

لكن استمرار الاستيطان وتهويد القدس الشرقية وطرد سكانها.. كل ذلك ما زال مستمرا تحت أعين الجميع؛ فالسلطة الفلسطينية لا تمتلك أي قوة لإيقاف هذا الاحتلال الإسرائيلي من دون تدخل الدول الكبرى، وواقع إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة؛ الذي هو سبب وجودها واستمرارها قد تبدد تماما تحت هذه الظروف، ولكن العالم يعلم جيدا أن السلطة الفلسطينية هي الحل وصمام الأمان لقنبلة إذا انفجرت ستكون عواقبها وخيمة

===================

أفكار حول مفاهيم وممارسات

صبحي غندور

الراي الكويتية 20/11/2010

مهما توفّر من أفكار جيدة في الساحة العربية، فإن وجود الفكرة وحده لا يكفي. فالفكرة، كي تتحوّل إلى دعوة ناجحة، تتطلّب وجود أربعة عناصر لهذه الدعوة:

وضوح الفكرة وسلامتها وانسياقها مع الواقع وانطلاقها من الأصول المبدئية للهويّة الثقافية العربية ولمضمونها الحضاري، لا من الفروع التفصيلية الموجودة فيها.

وجود الدعاة والمفكرين والمثقفين الذين يحملون هذه الفكرة وسلوكهم ينسجم مع طرحهم الفكري، بحيث لا تبرز مشكلة الانفصام بين الفكرة والتطبيق، ممّا يجعلهم، وبما يجب أن يتحلّوا به من كفاءة وقيم ومبادئ، نقطة جذب للفكرة نفسها.

بناء مؤسسات متنوعة المجالات، متعدّدة الرؤى لأساليب العمل، ديموقراطية الأسلوب والبناء الداخلي.

رفض استخدام العنف بأشكاله كافة في أسلوب الدعوة للفكرة والتعامل مع الظروف المحيطة بحكمة ومرونة من أجل محاولة تحسين هذه الظروف لتنسجم مع إمكانات الدعاة ومؤسساتهم.

إن التوافق على فهم مشترك لمعنى أي مصطلح فكري هو المدخل الأهم لأي حوار أو عمل يستهدف تحقيق نهضة عربية. فالتشويه حدث ولا يزال في البلاد العربية لمصطلحات فكرية ولمفاهيم كانت هي الأساس في تغيير إيجابي بكثير من أرجاء الأمَّة العربية، وفي مراحل زمنية مختلفة، بينما تنتعش مفاهيم ومصطلحات أخرى تحمل أبعاداً سلبية في الحاضر والمستقبل إذا ما جرى الركون إليها أو التسليم بها. فمصطلح «الشرق الأوسط» أصبح أكثر تداولاً الآن من تعبير «الأمَّة العربية». ومصطلح «المصالح الطائفية والمذهبية» أضحى أكثر انتشاراً من الحديث عن «المصلحة الوطنية أو القومية».

هناك رؤى خاطئة عن «المثقّفين العرب» من حيث تعريفهم أو تحديد دورهم. فهذه الرؤى تفترض أن «المثقّفين العرب» هم جماعة واحدة ذات رؤية موحدة بينما هم في حقيقة الأمر جماعات متعدّدة برؤى فكرية وسياسية مختلفة قد تبلغ أحياناً حدَّ التعارض والتناقض. وتوزيع دور هذه الجماعات لا يصحّ على أساس جغرافي أو إقليمي، فالتنوّع حاصل على معايير فكرية وسياسية. و«المثقّف» هو وصف لحالة فرديّة وليس تعبيراً بالضرورة عن جماعة مشتركة في الأهداف أو العمل. قد يكون «المثقّف» منتمياً لتيّار فكري أو سياسي يناقض من هو مثقّف في الموقع المضاد لهذا التيّار، وكلاهما يحمل صفة «المثقّف»!

كلمة «المثقف» يمكن استخدامها ككلمة «اللون»، إذ هناك حاجة لوضع كلمة أخرى تُحدد المعنى المطلوب كالقول «اللون الأحمر» أو «الأخضر». لذلك من المهمّ تحديد صفة المثقف العربي المُراد الحديث عن مسؤوليته. فهو «المثقّف الملتزم بقضايا وطنه أو أمته»، أي الجامع لديه بين هموم نفسه وهموم الناس من حوله، كما الجمع عنده بين العلم أو الكفاءة، وبين الوعي والمعرفة بمشاكل المجتمع حوله. أي أن «المثقف الملتزم» هو «طليعة» قد تنتمي إلى أي فئة أو طبقة من المجتمع، لكن تحاول الارتقاء بالمجتمع ككل إلى وضع أفضل ممّا هو عليه. لذلك من الأجدى دائماً وضع تعريف فكري أو سياسي برفقة صفة «المثقّف»، كالقول هذا «مثقف إسلامي أو علماني أو قومي أو ليبرالي».. الخ، وليس اعتماد الحالة الجغرافية كدلالة على المشترك بين المثقّفين. وما ينطبق على تعريف «المثقفين العرب» يصحّ أيضاً على المثقّفين داخل كل بلد عربي. فالحديث عن «المثقّفين اللبنانيين» أو «المصريين»... لا يعني وجود توافق فكري أو سياسي بينهم يستوجب منهم عملاً مشتركاً.

إنّ الكفاءات العربية تحتاج كي تبدع الآن في المنطقة العربية إلى شعار جديد تضغط على الحكومات العربية لتنفيذه بين دولها: «دعه يمر... دعه يعمل... دعه يفكر... دعه يقول»، وفي تنفيذ هذا الشعار إسقاط لعناصر التقسيم والتشرذم والبطالة والاستبداد، وتجميد لنزيف الأدمغة العربية وهجرتها إلى الخارج.

إنّ الاصلاح والتصحيح والتغيير كلّها مسائل مطلوبة وممكن تحقيقها لكنّها غايات للعمل على المدى الطويل وليست بالعمل الفردي وحده، أو بمجرد التنظير الفكري لها. لكن في كل عمليّة تغيير هناك ركائز ثلاث متلازمة من المهمّ تحديدها، وهي: المنطلق، الأسلوب، والغاية. فلا يمكن لأي غاية أو هدف أن يتحقّقا بمعزل عن هذا التّلازم بين الرّكائز الثلاث. أي انّ الغاية الوطنيّة أو القوميّة لا تتحقّق إذا كان المنطلق لها، أو الأسلوب المعتمد من أجلها، هو طائفي أو مذهبي أو مناطقي. ولعلّ في تحديد (المنطلقات والغايات والأساليب) يكون المدخل السليم لدور أكثر إيجابيّة وفعاليّة لـ «المثقف العربي الملتزم بقضايا أمته».

الأزمة في الثقافة العربية هي جزء من أزمة العرب بشكل عام. فالثقافة العربية الراهنة تعاني مشكلة ضياع الهويّة لدى العرب والتعارض القائم بين واقع إقليمي من جهة وبين مضمون ثقافي عربي مشترك من جهة أخرى. أيضاً، العرب بشكل عام يعانون أزمة غياب الديموقراطية، فالناس، وهم أصلاً هدف أي ثقافة، يحيط بهم سياج من المفاهيم الخاطئة والاستبداد السياسي. لذلك يُصبح بديل عدم إمكان الاحتكاك المباشر مع الناس هو الحلقات السرية المنعزلة عن الشعب في ظلّ ارتباط بعض المثقفين العرب بالحزبيات الضيقة ووجود نسبة كبيرة من الأمّية التي تمنع وصول الكلمة المكتوبة من المفكّر إلى عامّة الناس.

للأسف، فإنّ الواقع العربي ومعظم الطروحات الفكرية فيه، والممارسات العملية على أرضه، لا تقيم أيضاً التوازن السليم المطلوب بين ثلاثية الشعارات: الديموقراطية والتحرّر ومسألة الهويّة العربية. فالبعض يدعو للتحرّر ولمقاومة الاحتلال لكن من منابع فكرية فئوية أو من مواقع رافضة للهويّة العربية. أيضاً، هناك في المنطقة العربية من يتمسّك بالهويّة العربية وبشعار التحرّر من الاحتلال لكن في أطر أنظمة أو منظمات ترفض الممارسة الديموقراطية السليمة. بل هناك من يعتقد أنّ وحدة الهويّة العربية تعني بالضرورة آحادية الفكر والموقف السياسي فتمنع الرأي الآخر وتعادي التعدّدية الفكرية والسياسية التي هي جوهر أي مجتمع ديموقراطي سليم. فهناك اختلال كبير في المنطقة العربية بكيفية التعامل مع شعارات الديموقراطية والتحرّر والهويّة العربية، وفي ذلك مسؤولية عربية مباشرة وليس فقط نتيجة تدخّل خارجي!

إنّ البلاد العربية هي أحوج ما تكون الآن إلى بناء مؤسسات وروابط وحركات عروبية ديموقراطية تحرّرية تستند إلى توازن سليم في الفكر والممارسة بين شعارات الديموقراطية والتحرّر الوطني والهويّة العربية، مؤسسات فكرية وثقافية وسياسية تجمع ولا تفرّق داخل الوطن الواحد، وبين جميع أبناء الأمَّة العربية... وإذا ما توافرت القيادات والأدوات السليمة يصبح من السهل تنفيذ الكثير من الأفكار والمفاهيم والشعارات.

مدير «مركز الحوار العربي» في واشنطن

Sobhi@alhewar.com

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ