ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 28/10/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

حرب عالمية بالتقسيط المريح!

عبد اللطيف البوزيدي

2010-10-26

القدس العربي

لا يلبث المدقّق في الظروف الدولية في العقدين الأخيرين أن يلاحظ أنها أشبهُ ما تكون بالظروف التي سبقت الحرب العالمية الثانية في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، فقد سبق تلك الفترة اختلال التوازن الاستراتيجي والعسكري لصالح القوى المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، وتبوأ معيار القوة صدارة المعايير التي تحكم العلاقات الدولية مع ما يولّده استعمال القوى المُهيمنة المفرط لقدراتها العسكرية من تنامي تيارات ونزعات محلية عنيفة بالدول المستضعفة، فكانت بريطانيا وروسيا وفرنسا على الخصوص حريصة على جعل تأسيس عصبة الأمم على رأس بنود معاهدة فرساي 1919 التي فرضت من خلالها ما فرضت على القوى المنهزمة في الحرب العالمية الأولى، من بتر وتحجيم وتقسيم وشروط قاسية مذلة، كانت ضحيته دول وإمبراطوريات ذنب شعوبها أنها كانت تتلمس طريقها نحو العصرنة وتلتمس لها مكانا بين الكبار، منها ألمانيا والنمسا والمجر وتركيا العثمانية وبلغاريا، مما أفقد عصبة الأمم مصداقيتها منذ التأسيس، وجعلها تتعرض لرفض دولي رسمي وشعبي ما لبث أن أثمر حراكا سياسيا واجتماعيا في شتى أنحاء العالم، تمخض عنه بروز وذيوع تيارات صنّفها البعض 'شمولية' والبعض الآخر 'ثورية' لكنها كانت على كل حال غاية في 'التطرف المضاد' كالنازية والفاشية.

ونتيجة لتعاظم حيف عصبة الأمم والقانون الدولي المفصّل على مقاس المنتصرين في الحرب العالمية الأولى، والموجه أساسا لإعطاء نفس جديد لحقبة استعمارية كانت قد انطلقت عقودا من قبل وكانت تستهدف الكيانات الهشة كالدول العربية والإفريقية والآسيوية (مثلا تم احتلال الجزائر في 1830 وتونس في 1881 والمغرب في 1907 وأتت على البقية الباقية من العالم العربي اتفاقيةُ سايكس- بيكو التي كانت جاهزة في 1916 حتى قبل أن تضع الحرب العالمية الأولى أوزارها)، سادت العالمَ في فترة ما بين الحربين موجةٌ من الغليان الشعبي الاجتماعي والسياسي واللامبالاة بقرارات عصبة الأمم، أدت إلى بروز تيارات وإيديولوجيات ازدهرت كردّ فعل طبيعي تجاه غطرسة الغرب وإمعانه في إذلال الشعوب الحرة، والنتيجة معروفة: حرب عالمية ثانية زلزلت العالم من جديد وراح ضحيتها عشرات الملايين بين قتيل وجريح، وأضعاف مضاعفة من المنكوبين والمشردين. تشابه كبير حاصل بالفعل بين فترة ما بين الحربين والفترة الحالية التي يعيشها العالم وخصوصا منه المنطقة الممتدة من باكستان، على حدود الهند أكبر 'الديمقراطيات' العالمية، إلى المغرب، على حدود إسبانيا أحدث 'الديمقراطيات الأوروبية'، أي منطقة الشرق الأوسط 'الكبير' على حد تعبير القاموس السياسي للمحافظين 'الجدد'، أو بعبارة أخرى 'الرَّبْعَ الخاليَ...من الديمقراطية' وهو فعلا رَبْعٌ خالٍ من الديمقراطية وخال من فضائل أخرى لا حصر لها، لكن ذلك موضوع آخر يطول حتما. أما أبرز سمات التشابه بين المرحلة الراهنة وفترة ما بين الحربين العالميتين فتتراوح بين تفاقم اختلال التوازن الاستراتيجي وتنامي حملات شيطنة الدول 'المارقة' والتحرش بها، ويمكن تفصيل هذه السمات كالآتي: 1. اختلال المنتظم الدولي في فترة ما بين الحربين اختلالا تَجسَّد في ضعف عصبة الأمم، سواء من حيث التركيبة والتمثيلية أو من حيث القدرة على إحقاق العدالة الدولية وبلورة وتفعيل القرارات وحل الأزمات، وهو ما يحصل حاليا ومنذ عقود مع خليفتها 'الأمم المتحدة' التي لا تقل عنها اختلالا في كل الجوانب المذكورة، إذ لم تنجح إلا نسبيا في 'إدارة' بعض الصراعات هنا وهناك، ولم تحلّ أيّا منها بشكل قاطع، وبقيت معظم أزمات العالم عالقة تراوح مكانها كالأزمة بين الكوريتين وأزمة كشمير بين الهند وباكستان وغيرها وعلى رأسها أمّ الأزمات، القضية الفلسطينية، التي وُلدت وترعرعت في عهد الأمم المتحدة، وفي عُهْدَتها شاخت وصارت على وشك التشييع إلى مثواها الأخير.

2. تهافُتُ القوى الغربية ضد دول بعينها كألمانيا وإيطاليا واليابان (أي ما عرف فيما بعد بدول المحور) وشيطنتُها وشيطنة كلِّ مَن وَالاها أو مَتّ إليها بصلة، واستغلالُ خلافاتِ تلك الدول ونزاعاتِها الحدودية مع جاراتها الدولِ التي استقوت بالغرب وطَمْأنَها ودفعها إلى التحرش بالنازيين والفاشيين لتُشكّل طُعوما تغري بالضم لضعفها ولوجود ما هو متنازع عليه، تماما كمن يفتعل عراكا مع فتُوّة الحي لِيُؤلِّبَ عليه الجمع ويُعرِّضَه للضرب وما أسهل أن تجر الفتوة إلى عراك، وفعلا ضمت ألمانيا ما ضمت وفي نِيتها الاحتفاظ بما اعتبرتهما دائما إقليميْها الألزاس واللورين وببعض المناطق المتنازع عليها مع بولندا، كما ضمت إيطاليا ألبانيا 'لاسترجاع' جزء من حلم الإمبراطورية الرومانية، وواصلت اليابان حربها الطاحنة على الصين الناشئة في مهدها، فحق على دول المحور القولُ فدمّرها الغرب المتسلط تدميرا، لكن ليس دون أن يدفع الثمن غاليا.

وهو ما يحصل تماما الآن مع إيران وكوريا، وبشكل من الأشكال سورية والتنظيمات المقاومة. فمن حيث الشيطنة، يمكن اعتبار تسمية 'محور الشر' ذات الإيحاء التاريخي والإحالة إلى دول المحور نوعا من الشيطنة، وكذلك التركيز على تشبيه أحمدي نجاد بهتلر، وتسمية النظام الكوري الشمالي بالنظام المغلق مع أن الغرب هو من أغلق عليه المنافذ بعقوباته الاقتصادية وقواعده العسكرية المجاورة.

أما من حيث التحرش بكوريا وإيران وسورية وحتى باكستان وقِوىً أخرى فحدّث ولا حرج، بالأخص منذ أن وجد الغرب لنفسه موقع قدم بالعراق وأفغانستان أي في قلب 'الشرق الأوسط الكبير'، فمنذ ذلك الحين بدأنا فجأة نسمع عن 'تسارع المدّ الشِّيعي' و 'تباطُؤ الجَزْر الشُّيوعي'، وعن جُزر احْتُلّت وسفنٍ أُغْرِقت، وعتادٍ شُحِن (اتهام سورية وإيران بتزويد المقاومة بالأسلحة) وتنظيم احْتُضِن (اتهام باكستان باحتضان قادة القاعدة).

غير أن التشابه الكبير الحاصل بين الفترة الحالية وفترة ما قبل الحرب العالمية الثانية لا يعني بالضرورة أن حربا عالمية ثالثة على وشك الاندلاع، على الأقل ليس بالمعنى الشامل للحرب العالمية، فقد تعلّم الغرب و'الحلفاء' على الخصوص كيف يتجنبون الحرب الشاملة وكيف يقسطونها تقسيطا مريحا إلى حروب 'صغيرة' يخوضون بعضها على نطاق ضيق وفي رقعة جغرافية محدودة (حربا المالفيناس والبلقان وحربا العراق وأفغانستان) ويتم بعضها بالوكالة عنهم (حرب العراق على إيران الثورة الإسلامية وحرب إثيوبيا على الصومال وحربا إسرائيل على لبنان وغزة دون نسيان الحرب على الإرهاب التي تخاض بالوكالة في شتى أنحاء العالم). والملاحظ أن الحروب التي صار الغرب يخوضها 'بنفسه' هي فقط الحروب 'الضرورية' ذات الأهداف 'الردعية'، كالحرب على صربيا لردعها عن احتلال جاراتها الدول التي كانت تشكل يوغوسلافيا سابقا، والحرب الأولى على العراق لردعه عن احتلال الكويت، والحرب على الأرجنتين لردعها عن 'احتلال' جزر المالفيناس، والحرب على أفغانستان لردع القاعدة عن 'احتلالها' وتكرار الهجمات على الغرب انطلاقا منها، مع استثناء وحيد هو الحرب الأخيرة على العراق والتي وإن لم تكن 'ضرورية' وذات أهداف ردعية فقد اجتهد وبرع قادة الغرب 'الكذابون' في تصويرها على أنها كذلك، بينما هي كانت حربا وقائية خاضها الغرب بنفسه استثناء ودون اللجوء إلى توكيل أطراف أخرى. أما الحروب ذات الأهداف 'الوقائية' فتخوضها نيابة عن الغرب وبالوكالةِ أنظمةٌ 'حليفة'، فإضافة إلى الحرب على الإرهاب التي انخرطت فيها معظم دول العالم ضد عدو 'وهمي' لأسباب مختلفة، كانت حرب الوكالة ضد إيران في ثمانينيات القرن الماضي 'وقائية' من ذيوع فكر الثورة الإسلامية خارج حدود بلاد فارس، وكانت حرب إثيوبيا ضد الصومال وقائية من تنامي نفوذ الحركات الإسلامية المسلحة، وحروب إسرائيل على المقاومات لا تخرج هي الأخرى عن إطار حروب الوكالة 'الوقائية' من تنامي الفكر المقاوم.

في ظل هذه المعطيات التي تكاد تشكّل قاعدة عامة من قواعد التعامل الجديدة للقوى الغربية المهيمنة، وفي غياب إمكانية تحريك حرب بالوكالة ضد بعض الدول المارقة، يجدر بنا أن نتساءل: هل سينجح الغرب عبر 'الشيطنة' و'التحرّش' بإيران وكوريا الشمالية وحتى باكستان، في دفعها تباعا إلى 'ارتكاب' ما يستوجب الرّدع، كأن تتدخل إيران أو باكستان عسكريا بأفغانستان، أو أن تهاجم إيرانُ إسرائيلَ أو'تغزُوَ' ما تعتبره مقاطعات لها بالخليج، أو أن تهاجم كوريا الشمالية نظيرتها الجنوبية؟ وفي حال ما إذا لم تُقْدِم الدولُ 'المارقة' على شيء من هذا القبيل، هل سيلجأ الغرب مرة أخرى إلى أسلوب 'التلفيق' الذي اعتمد لتبرير غزو العراق بدعوى امتلاكه أسلحة لم يعثر عليها أبدا، كأن تُتَّهَم إيرانُ أو كوريا بالشروع الفعلي في إنتاج السلاح النووي، أو أن تُتَّهَم باكستانُ بإيواء وتوظيف قادة القاعدة، ونحن نعلم أنه في كلتا الحالتين لن تعدم الإدارة الأمريكية صورا وأدلة على غرار أدلة كولن باول الشهيرة؟ وفي المحصلة، ألا يخوض الغرب منذ عقود حربا عالمية ثالثة بالتقسيط المريح، أعني المريحِ لاقتصادياته والمحرِّك لها في نفس الآن؟

' كاتب مغربي

========================

هولندا القلقة

محمد كريشان

2010-10-26

القدس العربي

هولندا قلقة جدا هذه الأيام. قلق تلمسه في أوساط عديدة وإن بمفردات مختلفة لكنه مختصر في اسم واحد: غيرت فيلدرز، زعيم 'حزب الحرية' اليميني المتطرف الذي بنى كل خطابه الانتخابي والسياسي على معاداة الإسلام والمهاجرين في البلاد. هذا الحزب الذي نجح في أن يصبح جزءا من حكومة الأقلية التي تحكم البلاد حاليا، بعد أن استطاع مضاعفة مقاعده في البرلمان من 9 إلى 24، بات حديث الجميع الآن وسط توجسات كثيرة بأن تهدد سياساته العنصرية السلم الاجتماعي في البلاد وصورتها في أوروبا والعالم.

ومع أن صعود حزب بمثل هذه التوجهات في بلد يعيش فيه مئات الآلاف من المهاجرين، من بينهم بالخصوص ذوو الأصول المغربية والتركية من الجيل الأول والثاني والثالث، يعكس في المقام الأول مزاجا معينا في البلاد أبرزته صناديق الاقتراع في انتخابات حزيران/يونيو الماضي، إلا أن ذلك لم يحل دون أن تتحرك أوساط رسمية وشعبية مختلفة في هولندا للحد من انعكاساته السلبية. هنا يتجلى بوضوح الفصل بين الدولة والحكومة، فالهولنديون يبدون مهمومين بألا تتحول الخيارات الاجتماعية والثقافية لحكومة الأقلية الحالية إلى سياسة دولة. أكثر من ذلك تحرص بعض الجهات في المؤسسات الرسمية نفسها على النأي بنفسها عن هذه الحكومة عبر إظهار التبرم من توجهاتها والإعراب عن الأمل في ألا يطول تسيدها الساحة أكثر مما ينبغي.

لا أحد يتهم هذه الدوائر بمعاداة هولندا فهي ترى أن التحاق بلادهم بدول أوروبية بدأ يتفشى فيها فيروس العداء للأجانب وثقافاتهم لا يخدم سمعتها في الخارج بل ويمكن أن يؤثر حتى على مصالحها الاقتصادية مع أكثر من دولة. ولم تكتف هذه الدوائر بالإعراب عن هواجسها في غرف مغلقة بل شرعت في إعداد خطط وبرامج للتواصل مع الخارج وإعلامه لا سيما المؤثر منه في البلاد العربية والإسلامية. تمت مؤخرا دعوة عدد من الصحافيين من أقطار ومؤسسات مختلفة للحديث معهم في هموم هولندا الحالية ومحاولة استمزاج ما يمكن أن تحدثه الانتخابات الأخيرة من تداعيات في المدى القريب أو المتوسط. لم يكتفوا بالاستماع إليهم بل جمعوهم بقيادات حزبية هولندية مختلفة وشخصيات صحافية نافذة وذلك بالتوازي مع تعريفهم بنبض الشباب الطلابي عبر جمعهم في حوارات مع تلاميذ معاهد ثانوية داخل فصولهم وبحضور أساتذتهم من أجل فهم متبادل أفضل. وقد بدا هنا الحرص أن يكون هؤلاء من أوساط مختلفة فتم الالتقاء بتلاميذ في أحياء مهاجرين ذات أغلبية مغربية وتركية الأصول وكذلك بتلاميذ هولنديين أصليين.

وإلى جانب كل ذلك تم جمع هؤلاء الصحافيين بنشطاء في جمعيات ثقافية تهتم بالهولنديين من أصول عربية ومسلمة فتم الخوض معهم في كل ما يقض مضجعهم حاليا في بلد يقولون ان لم يكن كذلك قبل أحداث 11 ايلول /سبتمبر 2001 وخاصة بعد اغتيال بيم فوتن الذي سبق فيلدرز في أطروحاته المتطرفة قبل أيام من انتخابات 2002. ولا يخفي هؤلاء النشطاء توجسهم من استنتاج أن حصول حزب الحرية على 24 من مقاعد البرلمان المائة وخمسين تعني بالأساس أن 16' من الهولنديين يتبنون أطروحات معادية للمهاجرين وللمسلمين البالغ عددهم في البلاد زهاء المليون أي ما يقارب 6' من سكان البلاد.

كثيرون في هولندا لا يتمالكون عن الضحك عند ذكر اسم فيلدرز فهم يرونه رغم كل ما حصل عليه من مقاعد في البرلمان شخصية نشاز في حياتهم السياسية وينتقدون بشدة ما ينفقه دافعو الضرائب من أموال طائلة على حمايته الشخصية بسبب تصريحاته المستفزة والتي سيمثل بسببها أمام المحكمة بتهمة التحريض على العنصرية والكراهية.

صحيح أن هولندا قلقة ولكنها ليست مستسلمة وهي تعمل بمؤسسات دولتها ومجتمعها المدني النشيط على جعل مرحلة فيلدرز مؤقتة وعابرة. تحركها السريع من أجل ذلك وإصرارها عليه لافت للانتباه فعلا وللإعجاب كذلك.

========================

(صدام الحضارات) في شرق آسيا الإسلامي

روبرت كابلان

الرأي الاردنية

27-10-2010

يمثل الإسلام هاجساً في الولايات المتحدة منذ عقد من الزمان على الأقل؛ حيث جعلتنا هجمات الحادي عشر من سبتمبر والعنف المستعصي على الحل في العراق وأفغانستان وباكستان (بغض النظر عن مدى مسؤوليتنا فيه) حيارى.

وتخبرنا كتب التاريخ بأن الإسلام انتشر عبر شمال أفريقيا؛ غير أن ثمة جانباً آخر للتاريخ الإسلامي ظل غير معروف، رغم أنه يضيء منطقة جغرافية استراتيجية مهمة من القرن الحادي والعشرين. ذلك أننا بينما نركز–نحن في الولايات المتحدة–على النصف الغربي من العالم الإسلامي في صحاري الشرق الأوسط، هناك نصف شرقي في الغابات والأدغال الخضراء للمناطق المدارية حيث تتقاطع اليوم طرق الطاقة العالمية وحركة الملاحة التجارية البحرية.

والواقع أن الإسلام ليس ديناً صحراوياً سوى جزئي؛ فهو بالقدر نفسه دين بحري، لا يحمل فكراً قتالياً ضيقاً، وإنما عالمية وكوزموبوليتانية نشرها تجار متعلمون على مدى القرون في بحار الشرق الأقصى.

فشخصية «سندباد البحري» الأسطورية مثلاً كان عربياً من عُمان يقيم في البصرة؛ وأسفاره البطولية في القرن الثامن إلى القرن العاشر شملت شرق أفريقيا وخليج البنجال وجنوب بحر الصين، في ما يمثل دليلاً على الانتشار البحري للإسلام حتى شرق آسيا.

غير أنه إذا كان 20 في المئة من المسلمين يعيشون في الشرق الأوسط، فإن 60 في المئة يعيشون في آسيا، وفق «مركز بيو للبحوث»؛ ذلك أن العالم العربي إضافة إلى إيران وأفغانستان وباكستان (وهي الخلاصة الجغرافية لحروبنا وتخوفاتنا) يضم 632 مليون مسلم؛ هذا في حين أنه يوجد في الهند وبنجلاديش وميانمار وماليزيا وإندونيسيا وجنوب الفلبين 565 مليون مسلم إضافي.

ولما كانت مدن الطبقة الوسطى في شرق آسيا الآخذة في النمو تحتاج لكميات متزايدة من النفط والغاز الطبيعي من الشرق الأوسط، تعكف الصين حالياً على مغازلة شرق العالم الإسلامي، الذي يقع على الخطوط البحرية الرئيسية إلى الشرق الأوسط.

فعلى طول سواحل جنوب آسيا وجنوب شرق آسيا، تقدم الصين اليوم المساعدات العسكرية والاقتصادية وتقوم ببناء الموانئ ومراكز الحاويات؛ كما تقوم السفن الحربية الصينية بزيارات لموانئ المنطقة؛ وذلك لأن الحكومة الصينية تعتبر بحر جنوب الصين «مصلحة جوهرية» (ما يثير استياء الولايات لمتحدة وحلفائها) جزئياً لأنها تمثل بوابة إلى هذه المدن العالمية الإسلامية المدارية التي يعرفها الصينيون جيداً منذ العلاقات التجارية في عهد سلالات «تانج» و»سونج» و»يان» في القرون الوسطى.

ومثلما يشرح الأنثروبولوجي الراحل كليفورد جيرتز، فعندما انتشر الإسلام عبر شبه الجزيرة العربية وشمال أفريقيا، فإنه دخل إلى «منطقة عذراء بالأساس، في ما يتعلق ب»الثقافة الرفيعة»»؛ وذلك حتى يبني حضارة كاملة من الصفر؛ ولكن ومع قيام الموجات المتتالية من التجار العرب والفارسيين بمخر عباب بحار الشرق بين شبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا في العصور الوسطى (قبل رحلة فاسكو ديجاما) حاملين التوابل والأقمشة القطنية والأحجار الكريمة والمعادن، أصبح الإسلام مجرد طبقة واحدة من مزيج ثقافي هندوسي وجافاوي معقد.

وإذا كانت الديمقراطية شبه منعدمة في العالم العربي، فإنها شائعة في المجتمعات الإسلامية لجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا. ذلك أنه في العالم العربي، لم يترك النهج الإسلامي الساعي إلى بناء حضارة كاملة تتصف بالكمال مجالاً واسعاً للشرعية السياسية العلمانية للتجذر.

ونتيجة لذلك، هناك لجوء متكرر في بعض البلدان إلى الإيديولوجيا المتطرفة، أو إلى الديكتاتورية البريجنيفية العقيمة الموجودة في بعض الأنظمة الشرق أوسطية.

أما في المناطق المدارية الإسلامية، فإن الإسلام محرر من كل ذلك: حيث يتقاسم الفضاء المعنوي مع تقاليد دينية أخرى حتى تزدهر الحياة السياسية العلمانية؛ حيث تضم إندونيسيا على سبيل المثال أكبر عدد من المسلمين في العالم، ومع ذلك فهي ليست دولة تطبق النهج الإسلامي.

ولكن هذه النسخة الحميدة من «الإسلام» باتت اليوم تواجه تحدياً من التكنولوجيا المعاصرة، التي تتيح المجال لتدفق المال والإيديولوجيا الدينية لبعض الدول العربية. ثم هناك أيضا التأثير القوي لشبكات تلفزيونية عالمية توجد في الشرق الأوسط مثل «الجزيرة»، التي أدخلت الإسلام المداري إلى الحساسيات السياسية العربية والأوروبية اليسارية، لتعوِّد الإندونيسيين والبنجال وآخرين، على سبيل المثال، على الكفاح في الأراضي الفلسطينية التي تبعد عنهم بآلاف الأميال.

وعلاوة على ذلك، هناك تأثير السفر الجوي الذي يسمح ل200 ألف إندونيسي كل عام بأداء فريضة الحج في السعودية. كما أن الخطوط الجوية اليمنية تسافر إلى إندونيسيا أربع مرات في الأسبوع، مما يعزز الروابط التاريخية عبر المحيط الهندي بين منطقة حضرموت في اليمن وجاوا في إندونيسيا.

غير أنه إذا كانت الأجيال السابقة من التجار من حضرموت ومن الحجاز قد جلبت تأثيرات صوفية ليبرالية وبدعية إلى بحار الجنوب، فإن أموال بعض الدول الشرق الأوسطية باتت اليوم تترجم كتاب هتلر «كفاحي» إلى اللغة الإندونيسية. إنها العولمة حقا.

غير أن هذا الإسلام ما بعد الحداثي يصطدم مع مستورَد آخر: المادية الجذابة التي ترتبط في ماليزيا وإندونيسيا بالصين الشيوعية.

إنه «صدام الحضارات» الحقيقي. فالأميركيون كانوا يعتقدون أنهم يملكون وجه الرأسمالية العالمية بعد انهيار جدار برلين؛ غير أنه تبين اليوم أن الصينيين في شرق آسيا الإسلامي هم من يملكونه؛ ذلك أن الصينيين يمتلكون الكثير من المراكز التجارية الجديدة التي تنتشر فيها متاجر «لوي فيتون» و»فيرساتشي» وغيرهما من متاجر المصممين العالميين.

وفي الوقت الذي يشتكي فيه الأميركيون على نحو يمكن تفهمه من صعود الصين السلطوية، فإن النموذج الرأسمالي النشط للصين هو المسؤول إلى حد كبير عن النزعة الاستهلاكية في الشرق الأقصى المسلم، والتي من الصعب فصلها عن التدفق الحر للأفكار في المنطقة.

فلمن ستعود الغلبة في معركة الفوز بعقول وقلوب مسلمي شرق آسيا ياترى؟ المؤشرات تشير إلى أننا يفترض أن نشجع الصينيين.

(زميل في مركز الأمن الأميركي الجديد )

«إم. سي. تي. إنترناشيونال»

========================

الحالة الفرنسية.. وسقوط الرأسمالية!

الرأي الاردنية

27-10-2010

ويليام فاف

يكشف هذا الطوفان من الإضرابات الخطيرة، وقلاقل الطلاب والشباب في أوروبا الغربية، عن حالة مرضية مزمنة. والمطالب المتعلقة بالمعاشات ليست هي التي تدفع الاضطراب السياسي الحالي في تلك المنطقة، فالذي يفعل ذلك هو الغضب الشعبي من الأشخاص الذين كانوا سبباً في الأزمة الاقتصادية الحالية، والذين كوفئوا على رغم ذلك، في الوقت الذي ترك فيه الباقون ليواجهوا العواقب الوخيمة لتلك الأزمة.

ويمكن القول إن تلك المظاهرات محض هراء، بالنظر للأشياء التي تطالب بها وهي المعاشات المبكرة، والأمان الوظيفي، والوفرة للجميع، وذلك إذا ما قورنت بالمظاهرات التي اندلعت عام 1968 حيث كتب «بيير فيانسون–بونت»، قبل وقت قصير من انفتاح أبواب الجحيم في باريس في ربيع ذلك العام يقول «لقد بات الفرنسيون يشعرون بالسأم حقاً». وقبل انقضاء وقت طويل على تلك المظاهرات، لم يعد الفرنسيون يشعرون بذلك السأم، بشكل محسوس. وخلال السنوات التي مضت منذ ذلك العام وحتى وقتنا الراهن، ظل طلاب فرنسا وعمالها النقابيون يشعرون بالحنين إلى القيام بشيء ما يشبه ما قاموا به في مايو 1968.

ولعل هذا يفسر جزئيّاً السبب الذي دعا طلاب المدارس الثانوية (من سن 15- 18) بل وطلاب المدارس الإعدادية الأصغر سناً، للانضمام لطلاب الجامعات والمدرسين، في المظاهرات الحالية المعبرة عن الغضب الشديد.

ولقد أظهرت تلك المظاهرات أنها قابلة للانتقال، بل وشديدة الخطورة (حيث يخشى رجال الشرطة من مواجهة المراهقين المتظاهرين لمعرفتهم بأنهم غير قابلين للسيطرة على الإطلاق).

وهذه المظاهرات التي بدأتها أقلية من الاتحادات الفرنسية، والتي تمثل في جوهرها نوعاً من الاحتجاجات الرامية لتحدي نظام حكم ساركوزي، تمكنت من الخروج من دائرة نفوذ الاتحادات، وهو ما مكنها من الانتشار إلى الدول المجاورة والامتداد إلى الموانئ ومصافي البترول، وعمال السكك الحديدية، والمطابع، وسائقي الشاحنات، وعمال المصانع، وجميع الفئات الأخرى تقريباً.

وأحداث 2010 الحالية شأنها في ذلك شأن أحداث 1968 تعتبر علامة على انتهاء عهد. فهؤلاء الذين يدعون أنهم مصلحو العهد الجديد، أو الذين يحاولون أن يؤدوا كمصلحين، يبدون غير قادرين على الهروب من مطالب النظام القديم، ومتطلباته الأخلاقية، في الوقت الحالي الذي سيطرت فيه المادة على كل شيء، وأصبحت هي التي تمسك بزمام الأمور.

هناك شيء مثل ذلك حدث في أميركا. فالقرار الذي اتخذته المحكمة العليا في يناير الماضي، سلم الحكومة الفيدرالية تقريباً لمؤسسات الأعمال، التي باتت تتباهى الآن بأن أموالها السرية التي يتم ضخها في الحملات الانتخابية لتحقيق مصالح خاصة لتلك المؤسسات، هي التي تتحدث الآن بصوت يفوق كافة الأصوات في العالم الديمقراطي.

ومن المتوقع أن يصل حجم الأموال غير المعلن عنها، التي سيتم ضخها في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر المقبل، إلى ربع مليار دولار وكل ذلك بفضل القرار الذي اتخذته المحكمة العليا.

ولا يحدث ذلك في الولايات المتحدة فحسب، بل يتعداها إلى دول أخرى في العالم الغربي باتت تقر في الوقت الراهن -على نطاق واسع- بالدور الاقتصادي الذي تلعبه الأموال المشبوهة، وتعترف بالجرائم التي ترتكب باسمها.

فديون رجال المال والأعمال العاجزين عن السداد في ذلك العالم، يتم سدادها في الوقت الراهن، بواسطة دافعي الضرائب والشركات التي تقع مقارها الرئيسية في دول خارجية معروف عنها أنها ملاذات ضريبية. هذا باختصار هو الوضع في عالم اليوم.

ولقد عبر الأميركيون عن غضبهم تجاه التداعيات التي نتجت عن ذلك. ولكن الطريقة التي يعبرون بها عن غضبهم فريدة في الحقيقة، حيث يشنون هجمات شرسة على الليبراليين و»الديمقراطيين» التقدميين الذين كانوا لا يكفون عن انتقاد النظام طيلة الوقت، ويسعون لتغييره.

وهذا السلوك لا معنى له في الحقيقة سوى أنهم يُجمّعون صفوفهم لمنح المزيد من السلطات لهؤلاء الذين ساهموا في خلق الأزمة الحالية، جنباً إلى جنب مع السيناتورات «الجمهوريين»، وأعضاء الكونجرس، الذين صوتوا من أجل خلق كل هذا، والذين يسعون إلى إدامة وجود النظام.

هذه هي أعجوبة السياسة الأميركية، تلك السياسة التي يمكن فيها للأميركي الأصلي فقط التماهي مع الأيديولوجية الوطنية التي يمكن التعبير عنها من خلال كلمات تقول: «مرحى للأغنياء الذين نجحوا في تكوين ثروات طائلة.. ولسوف أعمل أنا أيضاً على تكوين ثروتي الخاصة غداً!.. خفضوا الضرائب عن الأغنياء! لأنني سأصبح غنيّاً يوماً ما! كافئوا رجال البنوك غير النزهاء وسماسرة وول ستريت -الأكثر ذكاءً من باقي العالم- من خلال منحهم علاوات تفوق رواتبهم ثلاث مرات! دافعوا عن المؤسسات التي لا تكتفي بشحن منتجاتها للخارج، ولكنها ترسل أقسام المحاسبة الرئيسية بها إلى هناك أيضاً حتى تتجنب عبء الضرائب الأميركية!.. إنهم الأشخاص العاقلون حقاً»!

هذه هي أزمة النسخة الأميركية والبريطانية من الرأسمالية التي تحكم العالم منذ أن تسبب جورباتشوف في سقوط الشيوعية أثناء محاولته إصلاحها.

وأطاح به منافسوه في الحزب الذين خشوا من العواقب التي ستنجم عن هذا السقوط وأسقطوا نظامه، وهو ما أدى إلى تولي ناهبين لمقاليد الأمور.

وكان من الطبيعي أن يبتهج الأميركيون لذلك، وأن يقولوا إن الرأسمالية الأميركية هي التي «كسبت» الحرب الباردة في خاتمة المطاف.

وإنه إذا ما كانت الرأسمالية المنظمة والرشيدة قادرة على تحقيق ذلك، فإن الرأسمالية غير المنظمة وغير الرشيدة قادرة على تحقيق ما هو «أفضل» من ذلك بكثير، بل وقادرة على نهب العالم الغربي والمجتمع الشرقي أيضاً.

وذلك في الحقيقة هو الذي أدى إلى كل تلك التداعيات التي عانينا منها منذ بداية القرن الجديد. لقد أظهر النظام الاقتصادي الغربي غير المنظم نوعاً من التحلل الأخلاقي والتمسك الشديد برذيلة الطمع.. ذلك الطمع الذي لا يُظهر أي علامة على أنه سينتهي في المستقبل القريب، بصرف النظر عن الوعود الخجولة التي قدمها أوباما وكاميرون زعيما الأمتين اللتين نبعت منهما أصلاً فصول الكارثة الحالية.

(كاتب ومحلل سياسي اميركي)

«تريبيون ميديا سيرفيس»

========================

عن «أكياس المال».. الايرانية!

محمد خرّوب

الرأي الاردنية

27-10-2010

ضجة مفتعلة هذه المثارة الان, حول «أكياس المال» التي تلقاها مدير مكتب الرئيس الافغاني حميد قرضاي من السفير الايراني لدى افغانستان.. ولعل أكثر ما يثير الشبهة في هذا الشأن, هي التصريحات التي تفوح منها رائحة النفاق, والتي يدلي بها ناطقون اميركيون, بعضهم باسم باراك اوباما وآخرون باسم هيلاري كلينتون..

 

إذ ليس سراً, أن ايران هي أكبر المستفيدين من الحرب التي شنها جورج بوش على افغانستان (دع عنك العراق), بل ان مسؤولين اميركيين على مستويات مختلفة, اقرّوا بأن طهران قدمت تسهيلات عديدة بما في ذلك معلومات استخبارية وأخرى لوجستية, لمساعدة الاميركيين في اطاحة نظام طالبان, الذي كان بالنسبة لايران «عدواً» لاسباب عديدة, ليس اقلها الاسباب الايديولوجية والعقدية..

 

فما الذي حدث الان؟ ولماذا اختارت نيويورك تايمز هذا التوقيت بالذات, للكشف عمّا هو معروف لدى الجميع بأن ايران تلعب دوراً مهماً وحيوياً في بلاد الافغان؟, بل ان الرئيس الايراني احمدي نجاد زار كابول واستُقبِل في القصر الرئاسي, الذي لا تسيطر حكومة قرضاي على منطقة في افغانستان سواه, في اشارة واضحة على أن لطهران كلمة في تلك البلاد الممزقة غير المرشحة لمعرفة الاستقرار, أو للبدء بعملية اعادة الإعمار..

 

هل قلنا إعادة الإعمار؟

 

نعم, فالمتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية «أقرّ» بأن بلاده قدمت مساعدة كبيرة لإعادة إعمار افغانستان وستواصل ذلك.. رغم أن الرئيس الافغاني الذي «فاجأ» العالم ب (اعترافه) تلقّي اكياس من المال, ليس فقط من ايران بل من دول «صديقة», مدّعياً الرئيس (الدمية كما يجب التذكير), بأن كل شيء كان «شفافاً», لكن «محتويات» أكياس المال الايرانية ذهبت (كما قال قرضاي) لترميم القصر الجمهوري, وشراء ولاء زعماء العشائر والقبائل الافغانية..

 

فهل يدفع فخامة الرئيس ثمن «شجاعته» هذه؟

 

«ليس من بديل له», عبارة قالها مسؤولون عديدون في ادارة اوباما, التي لم تَرَ في قرضاي سوى رمز للفساد وعصابة للاتجار بالمخدرات, كما قالت هيلاري كلينتون حرفياً, وتم اعتماده مرشحاً في الانتخابات الرئاسية الأخيرة, رغم تقارير بعثة الأمم المتحدة في كابول بأن تزويراً كبيراً شابها, وأن قرضاي لم يفز بالنسبة «القانونية» المطلوبة, وبالتالي لا بد من جولة ثانية بينه وبين أقوى منافسيه عبدالله عبدالله, لكن الأخير أعلن انسحابه فجأة (...) وغاب عن السمع والبصر منذ ذلك الحين, وبدأت آلة الدعاية الاميركية عملية «تلميع» وتسويق غير مسبوقة (للرئيس الفاسد الذي يقود عصابة من تجار المخدرات وعلى رأسهم شقيقه احمد قرضاي), والقول كما هو معروف لرئيسة الدبلوماسية الاميركية, وها هم الاميركيون بالذات, يبدون تخوفاً كبيراً على حكومة قرضاي, لم يخجل نائب المتحدث باسم الرئيس الاميركي في صفاقة وتحايل مكشوفين على الحقائق من القول «... كما تعرفون أن الرئيس اوباما عمل منذ البدء على ارساء أسس حكومة صلبة لمكافحة الفساد في هذا البلد, وهو سيواصل العمل مع شركائنا في افغانستان والمنطقة تحقيقاً لهذا الهدف»..

 

«حكومة قرضاي والفساد» مفردتان متلازمتان, ليس هناك أحد في الادارة الاميركية ولا في الدول المشاركة في قوات حلف شمال الاطلسي, الذي «جرّته» الادارة الاميركية للانخراط في حرب ليست من مهماته, يشك للحظة بأن الحكومة التي يقودها قرضاي, قادرة على التخلي عن الفساد, أو الاقلاع عن تجارة المخدرات والارتباط بالشبكات التي تديره.. وبالتأكيد فإن أكياس المال الايرانية التي وراءها بالتأكيد, اهداف ودوافع تشكك فيها الولايات المتحدة, وترى في دورها المستجد (الذي هو غير جديد) عنوانا لزعزعة الاستقرار, فإن السؤال الذي يطرح نفسه قبل أي شيء آخر في هذا المقام هو: ما الذي تستطيع الولايات المتحدة فعله ل (لجم) أو الحد من الدور الايراني «الكبير» في افغانستان (دع عنك العراق)؟ بل هل هي قادرة على «لجم» حامد قرضاي أو الاتيان ببديل منه؟

 

ثمة تآكل واضح في الدور والنفوذ الاميركي, ونحسب أن ايران تراقب ذلك عن كثب وتستفيد منه, وهذا من حقها.. في وقت يستقيل فيه عرب اليوم «ومسلمو الأمس» الذين دعموا «المجاهدين» لهزيمة «الملحدين»... هل تذكرون؟

========================

مونتغمري وات والسياسة في الإسلام

المستقبل - الاربعاء 27 تشرين الأول 2010

العدد 3813 - رأي و فكر - صفحة 22

شمس الدين الكيلاني

قدَّم وات العديد من المؤلفات التي تمس من قريب أو بعيد جانب السياسة في الإسلام، مثل دراساته عن"محمد في المدينة"و"محمد النبي ورجل الدولة"، ومن ثم مقالته عن"الفكر السياسي الشيعي أيام الأمويين "وأيضاً" الفكر السياسي المعتزلي" و"مفهوم الجماعة في الإسلام"، ثم عاد في كتابه "الفكر السياسي الإسلامي "ليلخص أبحاثه عن السياسة في الإسلام.

ربط وات علاقة التنظيم السياسي النبوي في المدينة بالوضع العربي القبلي في البادية والقرى التجارية السائد في الحجاز، وركّز على "الملأ" أي تجمع وجهاء قريش، فالرسول مع هجرته إلى المدينة "بدأ نشاطه السياسي" بحيازته قوة سياسية هائلة، وأفضت "المواثيق التي عقدها مع قبائل المدينة.. إلى تأسيس هيئة سياسية جديدة". وبالإضافة إلى مفهوم "الملأ"، أشار وات إلى التقاليد القبلية العربية كقاعدة للتفسير. فالسمة المميزة للحياة القبلية قبل الإسلام كان توطيد الأمن عبر درجة عالية من التعاضد الاجتماعي، وأحد أبرز مظاهرها قانون الثأر، وقد عبر عنه القرآن حسب وات- بالقاعدة القرآنية "العين بالعين، والسن بالسن، والنفس بالنفس"، وعلق وات على هذا القانون بقوله"وإذا صح أنه بدائي فهو ليس بربرياً، أو لا أخلاقياً، بل هو وسيلة بدائية لتوطيد الأمن الجماعي". ثم أصبح ممكناً الاستعاضة عن الثأر من النفس" بقبول دية الدم أو(عقل الدم) كبديل عن الثأر. ولعل هذا التعديل بلغ جزيرة العرب قبل فترة وجيزة من عصر محمد. كما أشار إلى أنه "وبغض النظر عن النمو الهائل للدولة الإسلامية يظل ممكناً رؤيتها في إطار القبيلة السابقة للإسلام، إذ إنها في الجوهر كانت اتحاداً للقبائل أو" قبيلة عليا" كما اسماها بيرترام توماس.. هذا يبرر للباحث المعاصر أن يعتبر البنية السياسية للدولة الإسلامية في حالة توافق شامل مع الأفكار السابقة للإسلام". وطبق هذه القاعدة من الفهم على مفهوم الجهاد، فهو يعتبر أنه من المحال "فهم الجهاد خارج السياق الإجمالي للحياة العربية"، ويذكِّر أنه "كانت الإغارة أو الغزوة أحد الملامح الهامة في حياة البدو القاطنين في الصحارى العربية قبل عصر محمد"، لهذا بدت له سنوات هجرة النبي إلى المدينة" وكأنها سلسلة من الغزوات أو السرايا". غير إن الغزوات هنا أخذت" مظهراً دينياً لأنها" في سبيل الله". ثم اعتبر توسع المسلمين الهائل الذي أعقب وفاة محمد عام 632 كان استمراراً لسياسته في الجهاد و"كانت الغنيمة هي المطمح الأساسي للمنخرطين في الجيوش الفاتحة"، لهذا ربط بين توقف هجمات العرب في بواتييه عام 732، "وعدم جدوى التوغل في فرنسا الوسطى طالما أن الغنائم المرجوة ليست بقدر ما سيُخاض في سبيلها من معارك". ومن ثم تغير طابع الجهاد بعد القرن الأول الهجري أو نحوه من نشوء الدولة الإسلامية. وتخلت الدولة عن نظام خدمة المسلمين في الجيش.

ما لبث وات أن عاد ليتحدث عن نقطة انطلاق التوجهات الإسلامية وهي( الجماعة) المتوحدة بالشريعة التي يرى فيها(وات) المعنى الرئيسي في الإسلام. وعلى هذا الأساس يبحث المسائل السياسية الأخرى، باعتبار الجماعة (الإجماع) هي الإطار المناسب لحياة المسلم النموذجية، التي تحدد حياته الاجتماعية والأخلاقية والسياسية. وينطلق من ذلك ليعطي معنى للجماعة تجعلها بمثابة قيد على تطلعات الفرد وحريته، فيتفق بذلك مع غرينباوم، وغارديه، وروزنتال في إعطاء معاني ضيقة لمفهوم الجماعة تضيِّق من حريات الفرد بحرمانه من الاختلاف معها.

ويستخدم وات مفهوم الجماعة أيضاً لتفسير العديد من المسائل لاسيما فيما يخص علاقة الإسلام بالسياسة. منطلقاً من افتراض أساسي، مفاده: أن المفهوم الغربي عن "حركة روحية خالصة" هو مفهوم استثنائي، فالدين "كان عبر التاريخ البشري برمته، منغمساً بصورة وثيقة في مجمل حياة الإنسان في المجتمع"، أما في حالة الإسلام فيقول "ورغم أن محمداً لم يمتلك سلطة سياسية خلال العقد الأول أو يزيد من بداية دعوته، فلم يحدث تغير مفاجئ في رؤيته عندما هاجر إلى المدينة عام 622، وبدأ تدريجياً في حيازة السلطة". والرسالة الدينية الأولى التي قال بها محمد كانت منذ البداية موجهة إلى "القوم "أو "الأمة" أي إلى قبيلة وجماعة إلى هيئة سياسية من النمط المألوف لدى العرب. وحينما اتهم محمد بالطموح السياسي أمره الله في القرآن بالإجابة، أنه إنما "نذيراً". وتعكس الآية القرآنية التي تفيد بأن محمداً ليس" بمسيطر" شعور المكيين بالخوف من إمكانية تحوله إلى مسيطر بسبب صلته بمصدر علوي.

وإذا كانت ملاحظات وات تلك تنوه بالحذر من التدخل السياسي بالديني، من جهة، فإنه من جهة أخرى ينبه إلى أنه في الفترة المدينية "امتد مصطلح "الرسول "ليشمل من (تولى مهمة إيصال شيء ما)، وقد يكون له طابع خاص كتدبير بعض قضايا المدينة، وقد يشير تعبير (رسول الله) أيضاً إلى "أن النشاط السياسي والعملي الذي انخرط فيه محمد كان مهمة فرضها الله عليه".

ويرى وات أنه وبسبب ذلك التشديد على التعاضد الجماعي، لم يظهر في الإسلام أي تعارض بين "المؤسسة الدينية"و"العالم"، وبدا التمييز ضئيلاً بين ما هو ديني وما هو دنيوي. وينفي وات وجود تعارض بين التطور السياسي للعالم الإسلامي وتطور أوروبا بدلالة الادعاء بغياب المؤسسة الدينية، فيذكر أن "الحقيقة الساطعة لملاحظة كهذه تخفي مع ذلك وجود مؤسسة في الإسلام، أو لعله من الأفضل القول بوجود سلسلة من المؤسسات التي تمارس فيها جملة من الوظائف الكنسية".

غير إن المؤسسة الدينية في المجال الإسلامي بدت ل(وات) منذ نشأتها في موقع أضعف من المؤسسة السياسية، فبعد أن سيطرت الشريعة لردح من الزمن على العديد من جوانب حياة المجتمع، أخذت تتناقص بسبب جمود الشريعة الذي جعل التكيف مع الظروف المتغيرة عسيراً، وقد طور الحكام مؤسسات قضائية أو شبه قضائية لم تلتزم بالشريعة جزئياً وكلياً، ومنها وظيفة "المحتسب" التي يعتقد أنها أنشئت على نموذج الوظيفة البيزنطية وتضمنت أيضاً إشرافاً شاملاً على الآداب العامة.

ويذهب إلى الاعتقاد بأن الإسلام يمكنه أن يتكيف مع الديمقراطية الحديثة وذلك استناداً على الأساس القبلي ذي التراث العريق في الحرية، مع اعتقاده بأن هذا العنصر الديمقراطي ليس كافياً لمؤسسات الحكومات الديمقراطيات، لأن تصريف عمل القبيلة يتم خلال اجتماعات شخصية وجهاً لوجه بينما ينتفي ذلك العنصر الشخصي في الديمقراطية الحديثة.

========================

كرامي: لا بديل من الحريري والمطلوب منه موقف وطني تاريخي

تفاهم سعودي - سوري حول الثوابت وأبرزها حماية لبنان

سمير منصور

النهار

27-10-2010

لا يتغيّر شيء على الرئيس عمر كرامي في دمشق، سواء طال الغياب عنها أم لم يطل. لا تبهره "الطلعة (او النزلة) الى الشام" ولا تغيّر شيئاً عنده: "مواقفنا معروفة وهي نفسها منذ ايام عبد الحميد كرامي". وهذه العلاقة استمرت مع الرئيس الشهيد رشيد كرامي ولا تزال كذلك بعده. يقول: "تاريخنا يشهد لنا. علاقتنا بسوريا لم تكن يوماً ظرفية أو مرحلية أو انتهازية أو مبنية على حسابات شخصية، بل هي الاستمرار الطبيعي لنهجنا وسياستنا وتاريخنا".

وعلى هدي هذه العلاقة التاريخية، كانت زيارة "الافندي" الاخيرة لدمشق قبل يومين. وجديدها، في الشكل، حضور نجله فيصل. وفي المضمون لم يتغيّر شيء لذا كان من الطبيعي ان يصف اللقاء مع الرئيس بشار الاسد بالجيد. فلا خلاف ولا تباين بينهما. ولا سيما حول العناوين الكبرى ذات الصلة بلبنان او بسوريا او بالمنطقة بشكل عام. ومواقفه المعروفة "سبقته" الى دمشق. وكانت موضع تقدير ولا تزال، ولا سيما في الظروف الصعبة.

عن تفاصيل اللقاء، يتقاطع كرامي مع عناوين عدة طرحها الاسد، ووردت في الجزء الاول من حديثه الى "الحياة" امس. لا يربط الزيارة بحديث "مستغرب" عن تغيير حكومي محتمل، ولا يبدو مستعداً لمناقشة ما يتردد احياناً عن توليه رئاسة الحكومة من بين اسماء عدة ترد من حين الى آخر في بعض وسائل الاعلام، في حال عزوف الرئيس سعد الحريري. فالامر غير وارد أصلاً ولا داعي لمناقشة الفرضيات، بل على العكس: "نحن اول من قال ان ليس افضل من الشيخ سعد لتولي رئاسة الحكومة في هذه المرحلة. وانه وحده القادر على مواجهة تحدياتها وفي طليعتها المحكمة الدولية. وسوريا معنية بالتوصل الى تفاهم في لبنان حول سبل مواجهة أية تداعيات لأي قرار ظني محتمل. والحريري جزء أساسي من المشهد السياسي اللبناني وفي صدارته، وهو الأكثر تأثيراً وفاعلية في نزع هذا الصاعق وسحبه من التداول".

هل يعني ذلك ان سوريا تدعم بقاء الرئيس الحريري في الحكم ليتولى مهمة إلغاء المحكمة الدولية؟

يقول: "سوريا لا تطلب شيئاً، ولكنها كما قلت معنية بنزع فتيل الفتنة، ونحن من الداعين الى استمراره في الحكومة لاسباب كثيرة: اولاً، وراءه أكثرية نيابية وله الكلمة الفصل، ومعه رأي عام، وكل الدول العربية معه، من السعودية الى سوريا الى مصر، مع ان كلاً منهما (سوريا ومصر) في مكان. وكلهم يدعمونه في اي موقف يتخذه. وكذلك هناك دول اوروبية وغربية كثيرة تدعمه وتؤيده. والمطلوب من الحريري موقف وطني تاريخي انقاذي يقي البلاد شر اي قرار ظني مسيّس بات معروفاً انه ومن خلال التسريبات المتعددة والتصريحات الاسرائيلية وغيرها، يهدف الى فتنة طائفية ومذهبية، ويستهدف ضرب المقاومة. ليس المطلوب إلغاء المحكمة، بل عدم تسييسها او استعمالها مطيّة لمشاريع جهنمية. المطلوب تصويب عملها بحيث يتركز حقاً على الهدف الاساسي، وهو جلاء الحقائق وأخذ كل الفرضيات في الاعتبار. والتسييس، قطعاً لا يخدم عمل المحكمة ولا يؤدي الى كشف ملابسات الجريمة الكبرى التي أودت بالرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، ولا الى معرفة مرتكبيها. وأي قرار اتهامي يجب ان يكون مستنداً الى وقائع وأدلة مقنعة ودامغة".

واذ يلفت الى "ممارسات خاطئة شوّهت عمل المحكمة الدولية منذ البداية" مشيراً الى "شهود الزور، والاتهام السياسي في اتجاه سوريا وسجن الضباط الاربعة رؤساء الاجهزة الامنية ثم اطلاقهم بعد اربع سنوات" فإنه يسأل: "أين المشكلة في إحالة ملف شهود الزور على المجلس العدلي ولماذا يعملون منها مشكلة كبيرة؟ هناك مرسوم صدر عن حكومتنا (2005) فور وقوع الجريمة الكبرى قضى بإحالتها على المجلس العدلي وهو لا يزال الجهة الصالحة لبت ملف شهود الزور أو إحالته على المحكمة الجزائية ولها الصلاحية في إحالته على الجهة القضائية المناسبة".

ومن وحي أجواء دمشق، يرى كرامي أن "التواصل السعودي – السوري مستمر وهناك تفاهم واتفاق حول الثوابت ومنها تجنيب لبنان مشاريع فتنة. وهذا ما ينعكس ارتياحاً. التفاهم السعودي – السوري أساسي ومهم، وهو قائم وثابت ومبني على الاحترام المتبادل، ومن المعروف عن العاهل السعودي انه عندما يعلن موقفاً وطنياً او قومياً فهو يلتزمه ولا يفرّط فيه وهذا ما يعزز العلاقة بينه وبين الرئيس الاسد".

ولماذا يأخذ على الحريري علاقته برئيس الهيئة التنفيذية ل"القوات اللبنانية" سمير جعجع مع انه أشركه في حكومته الأولى عام 1992؟

يكشف كرامي انه في تلك المرحلة كان المطلوب قيام حكومة تضم الجميع وهدفها الاول حل الميليشيات وجمع السلاح، وقد تأخر تأليفها ثلاثة أشهر بعد تكليفه، لانه "لم يهضم" مشاركة جعجع، مع انه "كان مشتبهاً فيه ولم يكن محكوماً عليه" (في جريمة اغتيال الرئيس رشيد كرامي) ولم يوافق على اشراك جعجع الا بعدما اكد له "ابو جمال" عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري في تلك المرحلة "اننا نضمن عدم مشاركة جعجع في جلسات مجلس الوزراء". وبعد فترة قصيرة استقال جعجع وانتدب روجيه ديب بديلاً منه.

ويلفت كرامي اخيراً الى دور مهم يمكن ان يضطلع به السياسيون والاعلام على اختلافه، وهو العمل على التهدئة مقترحاً "عقد ندوات تحت عنوان كيف السبيل لعدم الوقوع في فخ مشاريع الفتنة. لا صب الزيت على النار كما رأينا في بعض الحالات". ويقول ان وجهات النظر كانت متفقة مع دمشق حول ضرورة قطع دابر الفتنة بكل الوسائل وأن الدولة وحدها تحمي الجميع". ويضيف: "في زمن الانقسامات يشعر المواطن بالخوف وبالحاجة الى حماية، وفي غياب مؤسسات الدولة يلجأ الى الحماية في طائفته وهنا تكمن الخطورة. وقد عانينا الأمرّين خلال السنوات الماضية من حملات الشحن والتحريض وقد أحدثت انقلاباً في الرأي العام، ولاحقاً ثبت للجميع ان لا بديل من الدولة، أياً تكن قوة أي طرف".

وهل من لقاء قريب بين الرئيس سعد الحريري والرئيس بشار الاسد؟

"لا شيء مستبعداً" عند كرامي العائد من دمشق، ولا معلومات لديه حول موعد قريب. ولكن يبدو ان حديث الاسد والذي أعلن فيه ان ابواب دمشق مفتوحة للحريري، يشكل الخطوة الاولى في هذا الاتجاه، واللقاء لا بد حاصل، عاجلاً أم آجلاً!

========================

الحوار الصحفي لرئيس الاسد مع صحيفة الحياة

سانا - الثورة

الأربعاء 27-10-2010م

أكد السيد الرئيس بشار الأسد في حديث مع صحيفة الحياة نشرته امس ان العلاقات بين الدول العربية بحاجة الى علاقات ثنائية

وتنسيق في المواقف بما يحسن الوضع العربي موضحاً اننا اليوم امام شرق اوسط جديد فيه وعي على المستوى الشعبي متمسك بالمقاومة على أنها حق للدفاع عن الاوطان والحقوق.‏‏‏

 

وعبّر الرئيس الأسد عن الأمل بتشكيل حكومة وحدة وطنية عراقية بأسرع وقت ممكن قادرة على صون وحدة العراق واستقراره واقامة علاقات جيدة مع دول الجوار وتقليل الاعتماد على الوجود الاميركي محذراً من الفراغ الذي سيكون له ثمن اكبر مع الوقت لافتاً الى ان سورية تقف على مسافة واحدة من جميع العراقيين.‏‏‏

وأضاف الرئيس الأسد أن العلاقات السورية اللبنانية على المستوى الرسمي المؤسساتي تسير بشكل جيد مؤكداً موقف سورية المعروف من المقاومة.‏‏‏

وأكد الرئيس الأسد أن موقف سورية المعروف من المقاومة غير قابل للنقاش ومحسوم وأي لقاء يجب أن يكون أساسه الموقف من المقاومة مبدأ.‏‏‏

فقد قال الرئيس الأسد عن قلق سورية من هشاشة الوضع العربي والمحيط بها وخصوصاً في العراق: نحن في سورية نعتقد أنه إذا كان وضع الشخص غير هش لكنه محاط بوضع هش ويعيش في حالة انتظار كي يتغير الوضع الذي حوله فإن ذلك غير واقعي، فالهشاشة هي عملية معدية، وبالتالي مهما كان الوضع جيداً في بلدك وأنت في حالة تفاعل مع من حولك فالنتيجة سيتأثر البلد ويصبح هشاً.‏‏‏

وأضاف الرئيس الأسد أن كل المشاكل الموجودة حولنا، أمنية، طائفية، سياسية، لا استقرار بالمعنى العام، ستنقل إلينا عاجلاً أم آجلاً، لذلك هذا القلق نحوله إلى قلق إيجابي من خلال عمل فاعل لتحويل الحالة الهشة المحيطة بنا إلى حالة إما إيجابية وإما أقل ضرراً على الأقل كي نخفف الخسائر، والحركة السورية تنطلق من القلق من الوضع المحيط بها.‏‏‏

وعن توقعات سورية بتشكيل حكومة عراقية قريباً قال الرئيس الأسد: أنا لا أستطيع أن أتوقع، أستطيع أن أتمنى، لست قارئ مستقبل، ولكن أنا أتمنى أن تكون الحكومة قريباً، لأن كل فراغ اليوم سيكون ثمنه أكبر مع الوقت.‏‏‏

وأضاف الرئيس الأسد كان تصورنا من يوم انتهاء الانتخابات أن على سورية أن تبني علاقات جيدة مع كل الأطراف العراقيين لسببين، الأول لأنها تريد علاقة جيدة مع الحكومة العراقية المقبلة، أي حكومة كانت، ثانياً إذا أردنا أن نساعد العراقيين في حال رغبوا فلابد أن تكون لدينا علاقات جيدة مع كل الأطراف، فمن غير الممكن أن نلعب دوراً إيجابياً في العراق إذا كانت علاقتنا جيدة مع طرف وسيئة مع طرف آخر.‏‏‏

لذلك نقول إن المشكلة ليست في من يكون رئيس الحكومة، المشكلة الأساسية كيف تشكل الحكومة، أي حكومة وحدة وطنية تضم كل القوى، وما برنامج حكومة الوحدة الوطنية تجاه استقلال العراق وخروج القوات الأجنبية وتجاه العلاقة مع دول الجوار، وطبعاً قبل الأولى والثانية تجاه العلاقة بين القوى العراقية على الساحة بالتالي على حكومة الوحدة الوطنية أن تترجم تركيبتها إلى وحدة وطنية على المستوى الشعبي.‏‏‏

الأميركيون يتحملون مسؤولية الفوضى‏‏‏

وبشأن رؤية عراق لديه الحد الضروري من القرار والاستقلال قال الرئيس الأسد: من تجاربنا خلال العقود الماضية، كل ملعب فيه الأميركيون يتحول إلى فوضى وكل التجارب تثبت ذلك، هل الوضع في أفغانستان مثلاً مستقر، هل كان الوضع في الصومال مستقراً عندما تدخلوا وهل جاؤوا بالاستقرار إلى لبنان عام 1983 لا مكان دخلوا إليه إلا وخلقوا فوضى، كي نكون واضحين في هذه النقطة فهذا الجانب طبيعي هم يتحملون مسؤولية الفوضى، والجانب الآخر الصدمة التي حصلت بالغزو أيضاً صدمة أخرى تخلق نوعاً من الفراغ على المستويين الرسمي والشعبي، فهذا الفراغ يملأ بأشياء ربما تكون جيدة، وقد تكون سيئة.‏‏‏

وأوضح الرئيس الأسد أن هناك بوادر إيجابية كثيرة لمستقبل العراق شرط أن نساعده وأن تكون لديه الإرادة على كل المستويات ليمنع الطائفية وليفكر دائماً بتقليص دور قوات الاحتلال إلى أن تخرج وكي يفتح علاقات جيدة كما قلت مع دول الجوار.‏‏‏

وعن نظرة سورية إلى الانطباع العربي بأن العراق فقد حصانته كدولة أمام الدور الإيراني قال الرئيس الأسد: عندما نغيب نحن العرب عن دورنا في الساحة العربية فلا يجوز أن ننتقد أي دور آخر من دون استثناء هذا جانب، والجانب الثاني هل الدور الإيراني مشكلة والدور الأميركي ليس مشكلة.‏‏‏

أي دور غريب في العراق غير إيجابي‏‏‏

وأضاف الرئيس الأسد أن أي دور غريب في العراق هو أمر غير إيجابي، الدور الأساسي هو الدور العراقي ولكن عندما يضعف هذا الدور كما قلنا لأسباب معينة، الأميركي موجود وفي حالة فراغ خلقت بعد الحرب والغزو وسنكون موضوعيين ليس باستطاعتنا أن نقول إن هناك مشكلة سببها العراقي، العراقي يجب أن يحاول تجاوز هذه المرحلة، ولكن عندما نقول الآخرين من الخارج ليس باستطاعتنا أن نتكلم عن أحد والأميركي هو الذي خلق كل المشكلة في العراق، أولاً نتحدث عن الأميركي، ثانياً نتحدث عن غيابنا، ثالثاً نتحدث عن أي أحد آخر إذا أردنا أن ننتقد أي دور، ماذا لو أراد التركي أن يلعب دوراً فهل نغضب أم لأنها إيران، نحن ننسق مع تركيا لماذا نسمع عن مشكلة في الدور الإيراني ولا نسمع شيئاً عن الدور التركي، مع أن تركيا لها مصلحة كإيران وسورية في الوضع العراقي سلباً وإيجاباً.‏‏‏

وأوضح الرئيس الأسد اتفقنا مع نوري المالكي على أن تكون العلاقة جيدة بين سورية والعراق، وأن نطوي صفحة الماضي التي حصلت العام الماضي، هذا بالنسبة إلى العلاقة السورية العراقية.‏‏‏

وتابع الرئيس الأسد بالنسبة إلى الوضع داخل العراق، اتفقنا على توضيح الموقف السوري، أولاً أوضحناه، لأن الكثير من القوى السياسية في العراق في الأشهر الماضية حاولت أن تترجم موقف سورية أو أن تفسره، سواء كان هناك موقف أم لم يكن، بأن سورية تقف مع أطراف معينين أو ضد أطراف معينين كان موقفنا واضحاً بما أن اللائحة الأخيرة أو القائمة الأخيرة لم نتواصل معها بشكل مباشر كقائمة المالكي، بأننا على مسافة متساوية من الجميع، وأن سورية مستعدة للمساهمة والمساعدة في الربط بين القوى العراقية من أجل تشكيل الحكومة في المدى القريب، هذه هي النقاط التي تكلمنا بها بالتفصيل، بالإضافة طبعاً إلى العلاقات الثنائية.‏‏‏

حكومة عراقية تشمل‏‏‏

كل مكونات الشعب العراقي‏‏‏

وعن إشراك جميع المكونات العراقية في الحكومة بنسبة تسمح لطرف معين بترميم العلاقات داخل المجتمع العراقي قال الرئيس الأسد: كان كلامنا واضحاً، أولاً الحكومة عندما تكون حكومة وحدة وطنية يجب أن تشمل كل المكونات وبشرط أساسي هو ألا يكون أي مكون عبارة عن ديكور بل أن يكون شريكاً وهذا يشمل كل المكونات.‏‏‏

وعن وجود رغبة سورية وتركية في إضعاف دور الأكراد في العراق قال الرئيس الأسد: لا، نحن ضد كل القوى الانفصالية في العراق وفي أي اتجاه كانت نحن ضد تفتيت العراق، قلقنا الأساسي بعد الغزو هو وحدة العراق هو الرقم واحد وحدة العراق وعروبته كل العناوين الأخرى عناوين فرعية أو تفاصيل.‏‏‏

وبشأن التشديد على عروبة العراق وإذا كان يخلق بعض الصعوبة في التعامل مع الدور الإيراني فيه قال الرئيس الأسد: لا، نحن لم نر مشكلة حتى الآن في هذا الاتجاه ولا نستطيع أن نطلب من إيران أن تكون دولة عربية هي دولة لها قوميتها وعلينا أن نحترم قوميتها وهي تحترم قوميتنا وهذه هي علاقة سورية مع إيران.‏‏‏

وتساءل الرئيس الأسد، هل تجاوزت إيران قومية سورية: نحن نتهم بأننا نبالغ في التمسك بالقومية ودائماً علاقتنا جيدة بإيران.‏‏‏

وعن إمكانية التحدث عن تطابق سوري إيراني في العراق ولبنان قال الرئيس الأسد: لا تطابق بين أي دولتين في أي قضية ولو كان هناك تطابق لما التقينا بشكل متكرر أنا والمسؤولون الإيرانيون في قمتين خلال فترة قصيرة.‏‏‏

وتابع الرئيس الأسد وبالنسبة للبنان لا نستطيع أن نقارن، فالعلاقة الجغرافية بين سورية ولبنان ليست كالعلاقة الجغرافية بين العراق وإيران، الوضع يختلف، في لبنان لا تدخل إيران في التفاصيل بل في العموميات فهي مثلاً يهمها دور المقاومة، وهذا هو موقف سورية، وفي هذا الإطار نستطيع أن نقول نعم هناك تطابق بالنسبة إلى ما نطرحه عن ضرورة أن تكون العلاقة جيدة بين القوى اللبنانية والحوار اللبناني والاستقرار اللبناني، بالنسبة إلى هذه المصطلحات هناك تطابق لكن الفرق أن سورية تعرف التفاصيل اللبنانية أكثر من إيران في السنوات والعقود التي مرت.‏‏‏

شرق أوسط جديد متمسك بالمقاومة‏‏‏

وعما إذا كان الضعف العربي هو من ملامح الشرق الأوسط الجديد أوضح الرئيس الأسد قبل الشرق الأوسط الجديد متى كان الوضع العربي جيداً بمعنى الجيد، منذ السبعينيات الوضع العربي في تراجع فنحن لا نربطه بالشرق الأوسط الجديد لكن التبعات التي حصلت مع الإدارة الأميركية السابقة خلقت الأزمات على مستوى العالم وخاصة في الشرق الأوسط وأظهرت فداحة هذا الضعف العربي أي أنك في الأوقات العادية لا تشعر بها الفرق أننا رأيناها الآن ورأينا التفاصيل على المحك، بالأزمات الموجودة وهذا هو الضعف العربي الموجود.‏‏‏

وتابع الرئيس الأسد نعم هناك شرق أوسط جديد في مقابل هذه الصورة السوداوية التي تحدثت عنها في خطابي عام 2006 بعد أيام عدة تقريباً من العدوان الإسرائيلي على لبنان وبدأت في الكلمة، نحن الآن أمام الشرق الأوسط الجديد، ولكن ليس الشرق الأوسط الجديد الذي يتحدثون عنه في المقابل هناك شرق أوسط جديد، هناك وعي أكثر على المستوى الشعبي وهناك تمسك بالمقاومة أكثر ووعي لضرورة العلاقة الجيدة بيننا وبين القوميات الأخرى في منطقتنا، فالمنطقة العربية ليست حكراً على العرب ونحن منطقة متنوعة ولدينا جيران وتفاعلنا في كل مراحل حياتنا مع كل هذه القوميات ولو اختلفنا فالوعي موجود ولو اختلفت معهم فلابد من الحوار، وأنا دائماً أؤكد هذه النقطة، نحن لا نقول إن أحداً لا يخطىء أو إن هناك أحداً معصوماً عن الخطأ ولكن أحاوره.‏‏‏

العلاقة مع تركيا وإيران ممتازة‏‏‏

وعن سهولة العلاقة السورية مع تركيا أكثر من العلاقة السورية مع إيران وأن التفاوض مع الأتراك أسهل منه مع الإيرانيين قال الرئيس الأسد: بالنسبة إلينا في سورية هذا غير صحيح فالحوار مع الإيراني ومع التركي سهل جداً لأننا نفكر بالمنطق ذاته على رغم اختلاف الزوايا الجغرافية وإلا فكيف تمكنت سورية من بناء علاقة جيدة بل ممتازة مع تركيا خلال سنوات قليلة وممتازة مع إيران أيضاً موجودة في الأساس ولا نرى فرقاً.‏‏‏

وبشأن العلاقات الجيدة بين سورية وإيران وتركيا وعدم كونها كذلك مع مصر قال الرئيس الأسد: غير طبيعي أن يكون ذلك قائماً فالعلاقة العربية كما يبدو أكثر صعوبة من العلاقة العربية مع غير العرب لذلك هذا غير طبيعي ونحن نقر بذلك.‏‏‏

وفيما إذا كانت العلاقة السورية المصرية على المستوى الرئاسي تعاني حساسية شخصية قال الرئيس الأسد: بالنسبة إلي لا، أنا لم أطلب شيئاً من مصر ولا أريد شيئاً منها، إذا كنا نختلف سياسياً فهذا ليس جديداً نحن في الأساس وقفنا مثلاً ضد كامب ديفيد ولم نغير موقفنا في أي لحظة، فنحن في سورية نقول لنفصل العلاقة الشخصية أولاً عن علاقة البلدين ولنفصل العلاقة السياسية عن العلاقة الاقتصادية.‏‏‏

العلاقات مع السعودية جيدة‏‏‏

وعن القمة الأخيرة مع خادم الحرمين الشريفين وفيما إذا كانت للطمأنة على أوضاع المنطقة ولبنان قال الرئيس الأسد: لا، كان العنوان الأكبر موضوع العراق، أردنا أن نتبادل فيه وجهات النظر مع السعوديين.‏‏‏

وعن وصفه للعلاقات السورية السعودية وإذا ما أصبحت محصنة ضد الانتكاسات قال الرئيس الأسد: إن العلاقات السورية السعودية جيدة ومستقرة وخاصة، مرت بظروف صعبة لكنها على المستوى الثنائي لم تتأثر بشكل كبير، موضحاً أن الجانب الشخصي كان الضمانة الأساسية لهذه العلاقة والعلاقة المباشرة بينه وبين الملك عبد الله هي الضمانة الأساسية لها.‏‏‏

لنا مصلحة في التنسيق مع الدول العربية‏‏‏

وعن وجود محاولة لفصل العلاقة السورية السعودية عن الموضوع اللبناني قال الرئيس الأسد: لا، الفصل غير موضوعي نحن في العلاقات مع الدول العربية بحاجة إلى شيئين، بحاجة إلى العلاقة معهم بشكل مباشر والتي فيها علاقات ثنائية وتنسيق في مختلف المجالات، وفيها الجانب الآخر وهو كيف نعكس هذه العلاقة على القضايا القائمة سواء عن حسن نية بأننا نريد أن نحسن الوضع العربي بهذا الكلام العام أو من خلال قضايا توجد قلقاً.‏‏‏

وتابع الرئيس الأسد: لنا مصلحة في التنسيق مع هذه الدول تجاه هذه القضايا، على سبيل المثال عندما قلت إن هناك قلقاً من الوضع في العراق ومن تفتيته أو ماشابه أو من الحالة الطائفية فمن الطبيعي أن أسعى إلى تحالفات كي نتعاون على حل هذه المشكلة والشيء نفسه في موضوع لبنان أي أن لنا مصلحة في التنسيق السوري السعودي وليست لنا مصلحة في فصل العلاقة عن الموضوع اللبناني.‏‏‏

وعن تناول قمة الرياض موضوع إعادة الاتصال مع الحريري أوضح الرئيس الأسد: لا مشكلة الآن بيني وبين الرئيس الحريري أي ليس هناك نوع من الجفاء لكنني اعتقد أن المشكلة أنهم ربما توقعوا في لبنان أن سورية ستتدخل في كل مشكلة كي تدخل في التفاصيل، أنا كنت واضحاً مع كل من التقيتهم في لبنان بمن فيهم الرئيس الحريري بأننا نحن في سورية ليست لدينا رغبة في الدخول في التفاصيل اللبنانية وخاصة عندما نرى أن لا رغبة لبنانية في الحل هذا من جانب.‏‏‏

وتابع الرئيس الأسد: من الجانب الآخر لا شك في أن سورية اتهمت كثيراً بموضوع التدخل في لبنان فعندما يتفق اللبنانيون على دور سوري فنحن جاهزون.‏‏‏

واعتبر الرئيس الأسد أن العلاقة السياسية بين سورية ولبنان بحاجة إلى تطوير وهذه تعتمد على العلاقة المؤسساتية وهذا ما اتفقنا عليه مع الحريري، فهذه العلاقة المؤسساتية تسير بشكل جيد وسقفها هو العلاقة اللبنانية الداخلية، عندما تكون هناك مشكلة في لبنان سيكون لدينا سقف لا نستطيع أن نتجاوزه في هذه العلاقة.‏‏‏

وبشأن المذكرات القضائية قال الرئيس الأسد: إنه منذ اللقاء الأول مع الرئيس الحريري في أول مرة زار فيها سورية كنت واضحاً بأن هذه الأمور التي تحدث وهي بدأت طبعاً قبل زيارته الأولى لسورية أصبحت في القضاء ومهما أخر القضاء الموضوع في النهاية فلا بد أن يصدر حكماً أي أنه يوجد إجراء قضائي لايمكن إخفاؤه فهذا كان ضمن العملية التي بدأت قبل العلاقة مع الرئيس الحريري واستمرت وكان لابد أن تنتهي بهذا الشكل.‏‏‏

وعن إمكانية الوصول إلى صيغة تحفظ لبنان من تداعيات القرار الظني أو المحكمة وما إذا كانت هناك مظلة مع السعودية لحل من هذا النوع قال الرئيس الأسد: تطرح قوى لبنانية أن كلمة قرار ظني تكون عادة في جريمة عادية، اما في جريمة وطنية في بلد منقسم طائفياً فالقرار الظني يدمر بلداً، أي أنه إذا كان الهدف هو اتهام أشخاص فلماذا لا يبنى الاتهام على أدلة وليس على ظن، أنت بحاجة إلى أدلة هذا هو الطرح الذي نسمعه من القوى اللبنانية وهو طرح مقنع.‏‏‏

وعن عدم تأييد سورية الاحتكام إلى القوة للخروج من الأزمة الحالية في لبنان قال الرئيس الأسد: نحن لا نؤيدها، القوة دائماً تجلب المزيد من الدمار والخراب على الجميع وأن أي صدام في أي وقت من أي قوى سيخرب لبنان وسيدمره.‏‏‏

العلاقة مع جنبلاط جيدة‏‏‏

وعن العلاقة مع النائب وليد جنبلاط وأين أصبحت قال الرئيس الأسد: العلاقة مع جنبلاط جيدة، هناك وضوح وشفافية، أعتقد أن السنوات الماضية كانت كافية كي توضح كل ما لم يكن واضحاً على المستوى المحلي اللبناني والإقليمي بما فيه السوري والدولي، وكانت الردود الأخيرة على الدور الأميركي وعلى الجولات الأميركية المشوشة واضحة من وليد جنبلاط أو من المسؤولين الذين معه في الحزب وأعتقد أن الخط السياسي أصبح واضحاً بالنسبة إليه ورجع جنبلاط الذي كنا نعرفه منذ زمن.‏‏‏

وإذا كان يقلق سورية الحديث في الإعلام عن استقالة الحريري قال الرئيس الأسد: نحن نعتقد أن سعد الحريري قادر على تجاوز الوضع الحالي، في الأزمة الحالية هو قادر على مساعدة لبنان أنا أعتقد أنه الآن الشخص المناسب جداً لهذه المرحلة الصعبة، وبإمكانه في أي وقت زيارة سورية.‏‏‏

وتابع الرئيس الأسد: دائماً في لبنان الحكومة تعكس الوضع السياسي فيه والوضع السياسي غير جيد بل مقلق في لبنان الآن وإذا لم تكن هناك عملية حوار وتواصل بين القوى السياسية ينتج اتفاقاً على نقاط معينة ومنهجية معينة وأهداف معينة ومسار معين فأي حكومة ستكون غير فاعلة.‏‏‏

وأوضح الرئيس الأسد:بالنسبة إلى سورية موقفنا معروف تجاه المقاومة فالمقاومة غير قابلة للنقاش لا في وضع داخلي ولا في وضع إقليمي ولا في وضع دولي وهذا الأمر محسوم لدينا، والطريق يمر عبر المقاومة، وإذا كان بالأساس موقف هذه الجهة هو ضد المقاومة فكيف سأجلس مع شخص هو ضد المقاومة وأنا موقفي مع المقاومة، ويجب أن يكون أساس الالتقاء بيني وبين أي طرف هو الموقف من المقاومة وليس حزب الله أنا لا أتكلم عن حزب الله بل عن المقاومة، طبعاً نحن نتحدث عن المقاومة كمبدأ وليس كحزب فبهذا المعنى يمر عبر الموقف من المقاومة ولا يمر عبر الحزب على أنه حزب.‏‏‏

وبشأن انحسار الدور المسيحي في لبنان والحساسية بين مكوناته وعما إذا كان ذلك يقلق سورية قال الرئيس الأسد: إذا كان على المدى القصير يقلقنا فبكل تأكيد يقلقنا أكثر على المدى البعيد لأنه إذا لم يعالج على المدى القصير فسيتفاقم وسيتحول لبنان كما كان مخططاً له، وخاصة في الثمانينيات وليس فقط السبعينيات، إلى كانتونات طائفية.‏‏‏

العلاقة مع عون‏‏‏

واضحة وموثوقة‏‏‏

وعن العلاقة مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون وصف الرئيس الأسد هذه العلاقة بالجيدة والواضحة والموثوق بها وقال: هو كان دائماً واضحاً مع سورية وحتى قبل أن يزورها.‏‏‏

وبشأن الكلام عن تغيير في الحكومة اللبنانية ومعارضة سورية لأي انهيار أمني في لبنان قال الرئيس الأسد: هذا صحيح ولكن بالنسبة إلى النقطة الأولى لم أسمع من أي طرف لبناني رغبة في تبديل الحكومة، أعتقد أن ذلك كان في الإطار الإعلامي وفي إطار التصعيد والتقينا معظم القوى السياسية اللبنانية في سورية خلال الشهرين الماضيين ولم نسمع مرة طرحاً يدعو إلى تغييرها

========================

السلاح النووي.. مشكلة العالم

بقلم :وليام فاف‏

تريبيون ميديا سرفس

ترجمة

الأربعاء 27-10-2010م

ترجمة: حكمت فاكه

الثورة

من بين جميع مصادر الوهم الاستراتيجي والخداع السياسي حالياً، تشكل الأسلحة النووية دون شك أكبر مساهمة في النفاق والإنفاق عديم الفائدة،

وبالتأكيد فإن هذا ينطبق بشكل خاص على بريطانيا المستعدة لاتخاذ قرارات مهمة جداً بخصوص إنفاقها العسكري الجديد عبر إرجاء استبدال برنامجها «ترايدنت trident» للردع النووي إلى ما بعد الانتخابات العامة القادمة.‏

وإذا ما حصل ذلك حقيقة، فهو قرار حكيم لكن قيمة «ترايدنت» الوحيدة بخصوص بريطانيا رمزية بالدرجة الأولى، لأنه يبرر نظرياً مكانتها كعضو نووي في مجلس الأمن الدولي يتمتع بحق الفيتو، كما أن صواريخ «ترايدنت» توجد تحت سيطرة البحرية الأميركية منذ عدة سنوات، وهي غير ضرورية بالنسبة لهجوم نووي أميركي على أحد الخصوم، كما كان عليه الحال أثناء فترة الحرب الباردة cold war ،أما قيمته بالنسبة لبريطانيا فسياسية بالدرجة الأولى، لذلك لا يوجد أي وجه شبه مع الرادع النووي الفرنسي الذي هو من صنع فرنسي بالكامل ويوجد تحت السيطرة الفرنسية ويمكن استخدامه ضد أحد يريد الفرنسيون مهاجمته. وبما أن نظامه نظام غواصات، فهو يوفر قدرة الردع للضربة الثانية، لأنه غير قابل للتدمير من ضربة العدو الأولى ويستطيع أن يردع بعد ذلك.‏

أما كيف تصرف بريطانيا أموالها العسكرية، فهذه قضية تستأثر باهتمام أميركي ملح لأسباب غير نووية بالكامل، حيث إن اعداداً كبيرة من القوات البرية تعني تقليصاً للإنفاق على «القوات الجوية الملكية والبحرية الملكية» في المناخ الدولي الحالي المتميز بتخفيض الموارد والتقشف الحكومي.‏

وفي هذا الشأن يمارس البنتاغون جميع الضغوط التي لديه على لندن كي تحافظ على ارتفاع عدد القوات البرية البريطانية، باعتبار أن هذه الأخيرة تبقى القوات الأجنبية الوحيدة المحتمل أن تبقى تحت تصرف أميركا، وعلى ما يبدو فإن إدارة أوباما قد أصبحت مقتنعة بأنها «الحرب الطويلة التي نخوضها خلال ما تبقى من حياتنا، وربما حياة أبنائنا».‏

وفقاً لتصريح أعلنه أخيراً الجنرال بترايوس، لهذا السبب، فإن واشنطن حريصة على استمرار لندن في المساهمة بالجنود، بالرغم من تشكيك الجمهور البريطاني في أهداف هذه «الحرب الطويلة» وآفاقها، وفي الجهة الأخرى، تعد إيران المكان حيث يهيمن سلاح نووي غير موجود على منطقة، فالمسؤولون الأميركيون والإسرائيليون و«خبراء experts» مراكز البحوث والمحللون الاستراتيجيون يقولون: إنه يجب منع إيران من امتلاك القدرة على صنع سلاح نووي.‏

لكن الحقيقة هي أن إيران تحت رحمة «إسرائيل» التي تمتلك أكبر قوة نووية في العالم منذ زمن طويل.‏

إن «إسرائيل» قلقة من سلاح نووي إيراني بسبب التأثيرات السياسية والنفسية على مكانة الدول في الشرق الأوسط، لأن امتلاك سلاح نووي لن يشجع إيران على مهاجمة «إسرائيل» أو أي بلد آخر، وإنما من شأنه أن يغير بشكل كبير المناخ السياسي الإقليمي إذا أصبحت إيران دولة نووية، لكن في تلك الحالة ستتعرض قوة أميركا «غير الحركية» لأكبر ضربة، لأنها استثمرت الكثير من قوتها غير الحركية في التشديد على ضرورة ألا تمتلك إيران سلاحاً نووياً لدرجة أنها ستتعرض لهجوم كبير في حال حصل ذلك، ولكن إيران بقدرتها تستطيع إلحاق خسائر عسكرية بالقوات الأميركية في العراق، والقوات البحرية في الخليج العربي، وتتسبب في قطع جزء مهم من إمدادات النفط الأميركية والغربية لزمن طويل، لذلك فإن البنتاغون حريص على كبح جماح «إسرائيل» ومنعها من مهاجمة إيران، لأنها إذا قامت بذلك فإن الولايات المتحدة وحلفاءها سيدفعون الكلفة والثمن، إلا أن هذه الإمكانية تشكل أيضاً ابتزازاً إسرائيلياً ضمنياً للولايات المتحدة، لذلك فإن أميركا تقول لإسرائيل: «افعلي ما نريد... وإلا فإننا سنستفز إيران لتقوم بهجوم كارثي على المصالح الأميركية عبر المنطقة»، والحقيقة أن المصلحة الأميركية كانت ستخدم بشكل أفضل بعد الحرب العراقية - الإيرانية عبر غض الطرف عن جهود إيران لامتلاك «طاقة نووية سلمية» وعن سعي صدام لردع ايران أما مواجهة كليهما فقد جلبت لواشنطن متاعب ومشكلات جمة، وبالتأكيد فشلاً مزدوجاً وذريعاً في النهاية.‏

========================

التحولات الملحوظة عند يهود الولايات المتحدة

 بقلم :علي بدوان

البيان

27-10-2010

يستطيع المراقب والمتابع لأحوال التجمعات اليهودية داخل الولايات المتحدة الأميركية أن يلحظ وجود تحولات ما داخل هذه الكتلة السكانية التي تشكل جزءاً أساسياً وفاعلاً من المجتمع الأميركي. والتحولات المشار إليها هي تحولات سياسية بالدرجة الأولى من حيث علاقة اليهود هناك مع «إسرائيل»، أو لجهة تراجع منسوب الهجرة الاستيطانية الكولونيالية من الولايات المتحدة باتجاه فلسطين المحتلة.

 

ومن المهم الإشارة إلى أن أعداد اليهود في الولايات المتحدة، بقيت ثابتة بشكل تقريبي، وطرأ عليها انخفاض بسيط في بعض المناطق من الولايات الأميركية، أو في بعض دول أوروبا الغربية حيث يتواجد في المنطقتين ما يقارب (6. 5) منهم نحو (490) ألفا في فرنسا، و(295) ألفا في بريطانيا ونحو (120) ألفا في ألمانيا. أما في استراليا ونيوزيلندا فقط طرأ ارتفاع في عدد اليهود حيث بلغ وفق إحصاءات الوكالة اليهودية المنشورة قبل فترة نحو (111) ألفا مقابل (70) ألفا في العام (1970).

 

ومقابل الانخفاض في عدد اليهود الذين يعيشون في العالم، تضاعف عدد السكان اليهود في إسرائيل منذ العام 1970، التي باتت تضم نحو (40%) من إجمالي السكان اليهود في العالم. وبالطبع فإن أحد أسباب انخفاض عدد اليهود في الولايات المتحدة وأوروبا، يعود للهجرة التوسعية الاستيطانية إلى فلسطين المحتلة، ولكن هناك أسباباً قطعية جديدة بدأت تتحدد بالنسبة ليهود أوروبا والولايات المتحدة الذين لم يعد يروا بأن إسرائيل نقطة اجتذاب لهم، كذلك باقي يهود العالم، حيث برز على السطح وبقوة عامل (التمثل والاندماج)، فقد بلغ معدل التمثل في الولايات المتحدة نحو (50%)، وفي غربي أوروبا نحو (45%).

 

ازدياد ميل اليهود للاندماج في مجتمعاتهم الأصلية وفي المحيط الذي يعيشون فيه. ومن هنا فإن (50%) من يهود الولايات المتحدة متزوجون زواجاً مختلطاً، كما تشير المعطيات بأن (50%) من الشباب اليهودي في الولايات المتحدة لا يهمهم مصير إسرائيل، بينما نجد أن نسبة (20%) فقط من يهود دول الاتحاد السوفييتي السابق يحافظون على المضامين اليهودية، كما يشير الاستطلاع أن نصف يهود الولايات المتحدة اندمجوا وباتوا يوجدون في مراحل متقدمة من الاندماج.

 

ولاسيما في ضوء الميل الشديد للزواج المختلط تراجع الشعور بالانتماء والأهمية بالنسبة «لإسرائيل» خصوصاً لدى الأجيال الشابة الأمر الذي اعتبره البعض مؤشراً على اضمحلال الجمهور اليهودي المؤيد والداعم لإسرائيل في الولايات المتحدة الأميركية، ومؤشراً على نجاح الاندماج والتماثل اليهودي في المجتمع الأميركي الذي زادت نسبة الزواج المختلط فيه بين اليهود والديانات الأخرى إلى أكثر من (50%) الأمر الذي يفسر تراجع مستوى الشعور بالانتماء، بما يعنيه من تراجع نسبة التأييد والدعم لدولة إسرائيل ورؤية أهمية وجودها وبقائها.

 

فقد تبددت قوة جذب إسرائيل معظم الهجرات اليهودية تمت بفعل سيل الدعاوى الصهيونية وتجاوب معها قطاعات من يهود العالم بسبب تكرار الدوافع التي رفعتها الحركة الصهيونية (اضطهادات، مظاهر اللاسامية، الوضع الاقتصادي الصعب، قوة جذب اقتصادية إلى فلسطين ).

 

ومن هنا، فقد تآكلت قوة الجذب أكثر فأكثر، فتراجعت الولايات المتحدة عن كونها خزاناً للطاقة الكامنة للهجرة اليهودية إلى فلسطين، فقد جاء منها في العام (2007) على سبيل المثال نحو (600. 2) يهودي فقط، كذلك فإن المستودع الروسي أخذ بالنضوب منذ عدة سنوات، فيهود الاتحاد السوفييتي سابقا، والذين اعتبروا كمصدر كامن كبير لتعزيز الانقلاب والتحول الديمغرافي على أرض فلسطين التاريخية، كفوا عن الهجرة، ليصل من هذا المصدر نحو (600. 6) يهودي فقط إلى إسرائيل عام (2007) على سبيل المثال.

 

حيث يرى رئيس الوكالة اليهودية، زئيف بيلسكي، في الحياة المريحة التي يعيشها غالبية اليهود في الخارج دافعاً لهذه المواقف حيث ان (90%) من اليهود في العالم يعيشون في بلاد مستواهم المعيشي فيها أعلى من المستوى المعيشي في إسرائيل، مثل الولايات المتحدة ومن ثم فرنسا وبريطانيا وألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية.

 

بل وأضحت إسرائيل من وجهة نظر بعض القطاعات اليهودية الثرية في العالم، دولة من الخطر العيش فيها ووجودها موضع شك، بينما يعتبرها البعض الاخر من اليهود، بلاد لجوء لحين الضائقة، فزالت عند قطاعات من اليهود الصفة التي كانت ترى إسرائيل نفسها فيها، وتستند إليها في تحشيد اليهود وراءها كموطن السلامة اليهودية.

 

ومن جانب اخر، فإن المتتبع لشؤون المواطنين اليهود من أبناء ومواطني الولايات المتحدة يلحظ حصول تحوّل دراماتيكي ولو محدود في مواقف اليهود الأميركيين من الدولة العبرية الصهيونية خصوصاً بعد الحرب العدوانية البشعة التي شنت على قطاع غزة أوائل العام 2009، والتي استخدمت فيها «إسرائيل» قوة نارية ساحقة وغير متكافئة ضد مدنيين عزّل في معظمهم. وهذا التحول له طابعه وبعده السياسي المباشر في الموقف من «إسرائيل».

 

كما له أبعد هامة في عزوف تلك القطاعات اليهودية عن منطق الدعم الأعمى «لإسرائيل» وهو المنطق الذي اعتادت عليها طوال العقود الماضية من الصراع العربي والفلسطيني مع «إسرائيل»، وهو ما أدى إلى تراجع انسياب الهجرة الاستيطانية من قبل يهود الولايات المتحدة باتجاه فلسطين المحتلة، علماً بأن يهود الولايات في حال قدومهم لفلسطين والاستيطان بها يحافظون على جنسيتهم الأميركية، وهو أمر يخفي وراءه حقيقة شعورهم الباطني، بأن استيطانهم في فلسطين غير شرعي ولابد من زواله في نهاية المطاف.

 

لقد ازداد اهتمام (منظمات يهودية شعبية) منذ العدوان على قطاع غزة في انتقادهم للموقف الإسرائيلي وافتراقهم عنه، وتضاعفت لائحة المشتركين برسائل البريد الإلكتروني على موقع منظمة «الصوت اليهودي من أجل السلام» التي تتّخذ من أوكلاند مقراً لها، لتصل إلى (90) ألفاً مع تسجّل ستة آلاف شخص كل شهر.

========================

حرب العراق وكشف المستور

بقلم :صحيفة «اندبندنت» البريطانية

البيان

27-10-2010

كانت صحيفة «إندبندنت» تعلم دوماً، خلافاً لرئيس الوزراء السابق «توني بلير»، أن الحرب تميل بشكل رهيب إلى التردي. ولهذا السبب فإن معيار اللجوء إلى العمل العسكري يجب أن يتم ضبطه عند مستوى مرتفع جداً حقاً. وأخيراً، افتضحت العواقب الشيطانية لرد الفعل الأميركي الطائش على أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، أي غزو بلد لم تكن له صلة، في هذا الوقت، بتنظيم القاعدة. والحقيقة التي سعى الجيش الأميركي إلى إضفاء الغموض عليها، أصبحت الآن مكشوفة. فموقع «ويكيليكس» يعرض صورة رهيبة تؤكد تأكيداً قاطعاً ما ذهبت إليه صحيفة «إندبندنت» وحدها من بين كل الصحف البريطانية.

 

في السادس عشر من فبراير 2003، وبعد يوم من أكبر مسيرة شهدتها بريطانيا على الإطلاق، قلنا: «لقد كانت الدعاية للحرب التي أطلقتها الحكومتان البريطانية والأميركية غير بارعة على نحو مثير للضحك. والمحاولات التي قام بها بوش وبلير للربط بين العراق والقاعدة ليست مقنعة. حتى الآن لم يعثر كبير مفتشي الأسلحة النووية التابع للأمم المتحدة «هانز بليكس» على أسلحة دمار شامل. حتى وإن عثر على شيء، فإن «إندبندنت» لن تؤيد الحرب.

«السؤال الرئيسي فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل هو ما إذا كان الرئيس صدام حسين سيستخدمها وهو يعرف حق المعرفة أن استخدامها سيثير حرباً من شأنها أن تقضي عليه. إننا نعتقد أن الردع لا يزال فعّالاً. هذه الأسئلة ليست سامية، ولكنها تمثل اعتراضات ثابتة وواقعية ضد حرب بدون مبرر واضح».

لقد جنى العراق الدوامة التي غرس بذرتها الرفض غير المكترث من قبل الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش للنظر في الأمور المجهولة التي كانت يمكن معرفتها تماماً، إذا شئنا استخدام عبارات وزير دفاعه «دونالد رامسفيلد». وجنى العراق أيضاً وفاة 150 ألف عراقي، الغالبية العظمى منهم من المدنيين. وقتل الجنود الأميركيون المدنيين العزل، بمن فيهم الأطفال، والعراقيون الذين كانوا يحاولون الاستسلام.

وشهدنا حالة الرتابة المفزعة في حوادث إطلاق النيران الصديقة، ومنها مقتل عناصر من القوات البريطانية على أيدي الجنود الأميركيين لأنهم كانوا يستمعون إلى أجهزة «آي بود» الخاصة بهم. هناك غض الطرف عن الانتهاكات التي جرت على أيدي قوات الأمن العراقية. وكذلك الأجندة اليومية الصراع الطائفي الذي يساء إدارته.

 

لا شيء من هذا على الأرجح سوف يغير الأذهان فيما يتعلق بالدفاع عن الحرب التي شهدها العام 2003. ولكن يجب أن يحدث هذا التغيير. وحتى أولئك الذين يصرون على أن الرئيس بوش وبلير قد تصرفا بدوافع نبيلة يجب أن يقبلوا بأنهم ليس لديهم دفاع لدرء تهمة عدم الكفاءة. المسؤولية الرئيسية عن عدم حمل مبدأ وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول» بأن «ما تكسره، تملكه»، فهو يقع على عاتق الرئيس الأسبق بوش ووزارة الدفاع الأميركية.

 

قد أهمل رامسفيلد ونائبه «بول وولفويتز»، في تجاهل التحذيرات من فراغ السلطة والصراع الطائفي وانهيار النظام المدني. وكان عدد القوات الأميركية التي تم نشرها في العراق غير كافٍ للحيلولة دون وقوع عمليات نهب منذ البداية. ولا يزال العراق بلا حكومة، بعد مضي سبعة أشهر من الانتخابات.

========================

ما الذي يمنع أوباما من إيقاف التحدي "الإسرائيلي" له؟

آخر تحديث:الأربعاء ,27/10/2010

عاطف الغمري

الخليج

لماذا نشهد هذا التراجع في مواقف الرئيس أوباما، من التشدد والإصرار على تسوية قريبة للقضية الفلسطينية قائمة على حل الدولتين، ومطالبة “إسرائيل” بإيقاف الاستيطان، إلى الاكتفاء بالرفض اللفظي، وهو الذي كان قد تجاوز أسلافه من الرؤساء، في الإعلان عن أن عدم حل هذه المشكلة يضر بالأمن القومي لبلاده؟

 

لقد سبقه ثلاثة رؤساء اتخذوا إجراءات بمعاقبة “إسرائيل”، أرغمتها على التخلي عن تعنتها، والرضوخ لما يطلبه منها هؤلاء الرؤساء، وثلاثة رؤساء آخرين مارسوا عليها ضغوطاً لم تصل إلى مرحلة فرض العقوبات . . الثلاثة الأول هم: ايزنهاور (1957)، وجيرالد فورد (1975)، وبوش الأب (1991)، والثلاثة الآخرون هم: كيندي الذي أوفد مفتشين للتفتيش على أبحاثها النووية، معلناً رفضاً قاطعاً لبرنامجها للتسلح النووي، وكارتر يوم ذهب إلى مؤتمر المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى، موضحاً ضرورة إيجاد حل للنزاع العربي “الإسرائيلي” لمصلحة أمريكا و”إسرائيل”، وكلينتون الذي تقطعت أنفاسه في منتصف الطريق، وكنت شاهداً على الحرب الداخلية التي قادها نتنياهو ضده داخل الولايات المتحدة ذاتها، مستنداً إلى المنظمات اليهودية، وتنظيم ائتلاف اليمين المسيحي، أو من يسمون المسيحيين الصهاينة .

 

 ولا تغيب عن الذاكرة زيارة قمت بها في مارس/ آذار 1997 لجيمس بيكر وزير الخارجية في حكومة بوش الأب، في مكتبه بمدينة هيوستون بولاية تكساس، بناء على موعد لحوار معه ل”الأهرام”، ويومها حكى لي بالتفصيل واقعة إعلان بوش الأب قراره بمعاقبة “إسرائيل” بإيقاف منحها قرضاً قيمته عشرة مليارات من الدولارات، رداً على رفض إسحق شامير رئيس وزراء “إسرائيل” الالتزام بما تعهد به في مؤتمر مدريد للسلام عام ،1991 بالتوقف عن النشاط الاستيطاني، ثم لجأ إلى تكتيك حشد القوى اليهودية للضغط على بوش الأب، عندئذ ذهب بيكر إلى الكونجرس، يدلي ببيان باسم رئيسه، معلناً رفض أي ضغوط على إدارته، والإصرار على موقفه، الذي يمثل مصلحة الولايات المتحدة، ثم فجر بيكر مفاجأته بأن قال: هذه هي أرقام تليفونات البيت الأبيض وحين يراجع رئيس حكومة “إسرائيل” موقفه، يمكنه أن يتصل بنا على هذه الأرقام، ثم غادر الكونجرس، وتراجع شامير .

الموقف الحرج الذي يوجد فيه أوباما الآن، سببه أنه لم يصل إلى المدى الذي وصل إليه رؤساء سبقوه، أوضحوا لشعبهم أنهم يرفضون تحدي “إسرائيل” لهم، واتخذوا قرارات بمعاقبتها دفاعاً عن المصالح الحيوية للشعب الأمريكي، وأوباما يراوح مكانه، معترضاً على الاستيطان، مذكراً بأن استمرار هذا النشاط ضد مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة، ثم ماذا بعد ذلك؟

إن تشخيص هذه الحالة برغم عدم تقبلنا لها أننا من زاوية التحليل السياسي نميل إلى النظر إليها من خلال الوضع الذي يعكس نفسه على قرارات أوباما، وهو وضع له جانبان: الأول، طبيعة النظام السياسي الأمريكي وآليات عمله، والثاني، طبيعة الظروف التي تحيط بأوباما نفسه، وتؤثر في قراراته .

* أولاً: لاتزال صناعة قرار السياسة الخارجية داخل الولايات المتحدة، تحكمها قاعدة الضغوط، واعتراف النظام السياسي لقوى الضغط بأن تلعب الدور الذي تستطيعه للتأثير في النتيجة النهائية لقرار السياسة الخارجية .

* ثانياً: إن أوباما ومؤيديه يعرفون أن وصوله إلى البيت الأبيض جاء كحدث استثنائي، ليس فقط لكونه أول رئيس أسود، بل لأنه لا تنطبق عليه المواصفات الراسخة والمعمول بها، لمن يكون رئيساً، وحتى لو كان التصويت الذي يجري قبل الانتخابات داخل الحزبين لاختيار مرشح الحزب للرئاسة، يمكن أن يفرز شخصية لا تنطبق عليها مواصفات الانتماء إلى المؤسسة، بما يعنيه الانتماء من تقديس للقيم والأفكار والتقاليد الأمريكية، المحافظة والمتوارثة من أيام الآباء الأول المؤسسين للدولة، فإن الحزب الديمقراطي مثلاً كان في جعبته 800 صوت لمن يسمون كبار المندوبين SUPER DELEGATES الذين يرجحون في النهاية كفة من تنطبق عليه المواصفات، لكن ما حدث أن الحزب اكتشف أن أوباما، تحمله حركة مجتمعية عامة، وأن هذه الحركة هي المنافس الحقيقي لأي مرشح آخر، ولو أنهم لم يختاروه، لتحول التيار لمصلحة مرشح الحزب الجمهوري، وخسروا هم الرئاسة، عندئذ اختاروا أوباما .

هل الاختيار الاستثنائي يظل معلقا أمام عيني أوباما، وهو الذي يتطلع لفترة رئاسة ثانية، أضف إلى ذلك ضغوطاً متعددة من كل جانب، منها ما أظهرته استطلاعات الرأي عن تحول في مواقف قطاع من الذين ناصروه في الانتخابات . وهناك عنصر مهم يلوح داخل الخريطة السياسية الراهنة، وهو أن حركة التغيير المجتمعية، التي كانت القاعدة التي أوصلت أوباما إلى البيت الأبيض، فقدت فرصة تحولها إلى حركة منظمة تتمتع بالاستمرارية في تأكيد توجهاتها، ويتحمل أوباما نفسه جزءاً مهماً من مسؤولية عدم حدوث هذا التحول، فقد جرفته عن مراعاة ظروف هذه الحركة التاريخية والاستقواء بها، تلال المشكلات المستعصية التي راحت تتجاذبه منذ دخوله البيت الأبيض من أفغانستان، والعراق، وإيران، إلى الأزمة الاقتصادية، وتصاعد البطالة . إن أوباما هو الوحيد الآن الذي في يده جذب كل الخيوط ناحيته، وأن يثبت أنه رئيس تاريخي وليس حالة استثنائية في التاريخ الأمريكي، والبداية أن يكون الفعل لديه، على قدر أقواله، بدءاً من ردع هذا التحدي “الإسرائيلي” السافر له، ولمصالح الأمن القومي لبلاده .

========================

أوباما والتجربة المتعثرة

آخر تحديث:الأربعاء ,27/10/2010

ميشيل كيلو

الخليج

لا يشبه أوباما أمريكا المحافظة من جوانب وأوجه عدة . إنه أولاً، أقل قومية منها بكثير، وتالياً أكثر ميلاً إلى مفهوم للإنسانية يتخطى السعي إلى وضع الآخرين في خدمة الذات ورؤيتهم بدلالتها، يأخذ بعين الاعتبار وجودهم وبعض مصالحهم ويقر بحقهم في الاختلاف . وهو ثانياً أقل مسيحية منها، ليس فقط لكونه من أب مسلم أسود وأم مسيحية بيضاء، بل كذلك لأنه لم يتلق تربية دينية ذات مقولات عرقية ومنطويات عنصرية، تستخدم الدين وسيلة تمييز بين البشر، بينما هو في حقيقته حاضنة جامعة تقربهم بعضهم من بعض، وترى فيهم مخلوقات الله وعبيده . أخيراً، ثالثاً، هو شخص فرض عليه لونه، وحكمت عليه ظروف العيش في بلد مارس التمييز العرقي لفترة غير قصيرة، أن يكون مختلفاً عن عامة البيض، بينما أهلته مواهبه الكبيرة وتربيته العلمية لأن يكون متفوقاً على خاصتهم، وتالياً شخصاً فريداً في بلد يؤمن بالتفرد لكنه لا يحب المتفردين، خاصة في السياسة .

في أواخر أيام بوش، كانت أغلبية كبيرة من الأمريكيين تشعر بالتوتر والإحباط . وكان لديها إحساس بقرب هزيمة بلادها في أكثر من موقع خارجي، وبإفلاس جوانب من عمل نظامها الرأسمالي وهياكل في الداخل . وكان قسم كبير من مواطني أمريكا قد اقتنع بضرورة البحث عن بديل يحمي بلادهم من تصدع وشيك، ويعيد إليها ما فقدته من استقرار نفسي ومعنوي تحت حكم أقلقها في الداخل والخارج . ولأن أوباما أقنعها أن في حوزتها ثروة بشرية ثمينة تستطيع الإفادة منها، تتمثل في أولئك الذين لا ينتمون إلى من يسمونهم هناك “الواسب” أي المواطنين البيض، البروتستانت والأنجلوساكسون الذين شكلوا أغلبية سكانها وقادوها خلال معظم القرون الأربعة الماضية، فإنها فتنت بسحره وأعطت نفسها فرصة المغامرة بانتخابه، وبدت سعيدة باكتشاف وجهها الداخلي الآخر، الذي مثله هو، بينما بدا، بالمقابل، وكأنه جسر سيصلها بالعالم، بعد تباعد الهوة بينها وبينه، وانقطاع حبل الكلام السلمي والودي في علاقاتهما، وظهورها بمظهر من يريد ابتلاعه وإخضاعه، بالقوة ومهما كان الثمن .

بانتخاب الرئيس الجديد، انتقلت أمريكا من الإحباط واليأس، ودخلت في انقسام جديد ما لبث أن اتسع وتعاظم، انعكست نتائجه على علاقاتها مع ذاتها ومفاهيمها ومعتقداتها، ومع الحكومة غير البيضاء الجديدة . لقد بدا انتخاب رئيس أسود وكأنه نقطة فصل بين عصرين وطريقتين في العيش والتفكير، جعلت ممثلي أمريكا البيضاء/ البروتستانتية/ الأنجلوساكسونية يسارعون إلى شد بلده “م” نحو الماضي بجهد مضاعف، ويعلنون مناهضتهم للرئيس باعتباره ناقص أمريكية أو ليس أمريكياً على الإطلاق، ويفتحون بوابات الجحيم الأيديولوجي العرقي عليه، فإذا هو أجنبي مسلم تسلل إلى أعلى مناصب الحكم، ينظم انقلاباً إسلامياً تارة، اشتراكياً تارة أخرى، على الدولة التي احتضنته وآوته، ويقضي بصورة منهجية ومدبرة على “طريقة الحياة الأمريكية”، القائمة على الفردية والمبادرة الحرة، ويخترق، كرجل من العالم المتأخر، الحضارة الرأسمالية ليقلب مصالح أمريكا رأساً على عقب، ويتلاعب بأولوياتها، ويسوقها عن سابق تصميم إلى الخروج من حالة التفوق والسيطرة على العالم، مستخدماً في تحقيق مقاصده وسائل مفضوحة يسميها تارة الشراكة مع الآخرين، وطوراً استغلال فرص الحلول السلمية وتعزيزها في مواجهة فرص الحرب وحلولها العنيفة، فهو يريد إنزال أمريكا عن قمة العالم، ومنعها من قيادته بمفردها، وتحويلها إلى دولة عادية، إن نجح يكون قد قصف عمرها وحال بينها وبين التحول إلى أعظم كيان إمبراطوري عرفه التاريخ، تحتم قيامه ثرواتها، ومكانتها العالمية الفريدة، وقوتها وتقنياتها، وقبول البشرية بالسير وراءها .

بعد عامين ونيف، يبدو أوباما في نظر أمريكا المحافظة، القومية والمسيحية والعنصرية/ العرقية، اختراقاً برانياً أو مؤامرة خارجية . وتتهم سياساته بالعمل على تقويض الولايات المتحدة بوصفها الدولة الأقوى عالمياً، فهي إذن سياسات غير أمريكية وتصدر عن رجل غير أمريكي . يجد هذا الخطاب قبولاً متعاظماً في المجتمع الأمريكي، ويعززه الإرباك السائد في دوائر وسياسات البيت الأبيض، الذي تبنى مناهج غير تقليدية في العمل والنظر، مغايرة وفي بعض المسائل مناقضة، لسياسات أسلافه من الرؤساء، وقام بخطوات صغيرة إلى الوراء أراد منها ملاقاة واحتواء التراجع الانهياري والكبير، الذي أصاب موقع أمريكا الدولي وقدراتها الفعلية في عهد جورج بوش الابن، وإنقاذها من كوارث خطرة سببها نهج للقوة اعتمد وسيلة رئيسة، وفي مناطق كثيرة وحيدة، جرى من خلالها التصدي للمشكلات الدولية، وكان من المحال التخلص منها باستخدام مزيد من القوة، ودون تغيير جوهري يطاول توجهات أمريكا وعلاقاتها مع العالم الخارجي عامة ودوله الكبرى خاصة، ومفاهيم ورؤى مغايرة لتلك التي أملتها أوهام رأت في أمريكا قطباً أوحد من واجبه السيطرة بمفرده على البشرية جمعاء، وإدارتها بالطريقة التي تخدم مصالحه وحده . أملت الواقعية على أوباما مبارحة أوهام المحافظين الجدد وخططهم، فاعتبرت قطاعات أمريكية واسعة خطواته تراجعاً معيباً عن سياسات تضمن تفوق أمريكا، وتالياً تراجعاً عن هذا التفوق ذاته، ليس هناك ما يسوغه غير تآمر هذا الرجل/ العدو على بلد وجد نفسه رئيسه، فشرع يدمره بلا هوادة .

لن تستعيد أمريكا العصر السابق لأوباما بحذافيره، مهما فعلت . إنها ستخسر الفرصة التي يتيحها لها، كي تقف على أقدامها بقوة في الداخل والخارج . وستدخل في حقبة خطرة إن تخلت عن نهجه الحذر في علاقاتها الدولية، وتوجهاته الداخلية الإصلاحية، التي نجحت في إخراج الرأسمالية من أسوأ أزمة عرفتها خلال أكثر من قرن، ويمكن أن تتجدد في أي وقت، كما يقر كبار أنصارها ومؤيديها . السؤال الذي يطرح نفسه مع تراجع دور أوباما واشتداد الحملات عليه، هو التالي: هل ستواصل الرأسمالية تجديد نفسها فتتمكن من توطيد الاستقرار الداخلي، وتعزيز مكانتها كقوة أولى في العالم الخارجي، كما حدث خلال رئاسة كلينتون، عندما أصلحت أوضاعها الاقتصادية، ومحت ديونها الخارجية وخفضت العجز في ميزان مدفوعاتها، أم ستعود إلى سياسات تشبه تلك التي تبناها بوش الابن، تقوم على توظيف قدراتها في مغامرات عسكرية حمقاء وعبثية، أوصلتها إلى حافة الانهيار: في الداخل والخارج؟

 

إذا فشل أوباما في انتخابات الكونغرس الوشيكة، فهذا يعني أن أمريكا، التي انتخبته رئيساً، لم تكن مستعدة بعد لقبول الاختلاف والتفرد، في أعلى سلطة لديها . ويعني أيضاً أنها ستتعارك كثيراً مع نفسها وتاريخها، قبل أن تقبل حقائقهما الجديدة، وفي مقدمها أن زمن “الواسب” قد مضى وانقضى . ويعني أخيراً أن على العالم عموماً، وعلينا نحن العرب خصوصاً، أن نتحسب لما ستتبناه أمريكا من خيارات في الحقبة الباقية من ولاية أوباما والحقبة التالية لخروجه من البيت الأبيض، التي يرجح أن تكون حقبة انزياح شديد نحو العنف والعنصرية والتعصب المذهبي، في كل مكان من عالمنا .

====================

اعتراف الجنرال عاموس يادلين

فادي قشوع

رئيس تحرير صحيفة الثبات

استغربت أوساط سياسية ودبلوماسية غربية الكلام الذي قاله الجنرال عاموس يادلين؛ رئيس الاستخبارات العسكرية الصهيونية (أمان) المنتهية ولايته، والذي عُيِّن مكانه الجنرال آفيف كوخفي. كلام يادلين جاء خلال تسليمه خلفه مهامه منذ أيام، والذي جرى أمام أكثر من مراسل حربي لوسائل إعلام عبرية، والتي بدورها نقلت الحديث إلى جهات أوروبية وأميركية.

الجنرال عاموس يادلين قال: لقد أنجزنا خلال الأربع سنوات ونصف الماضية كل المهام التي أوكلت إلينا، واستكملنا العديد من التي بدأ بها الذين سبقونا، وكان أهمها الوصول إلى "الساحر"، وهو الاسم السري للقائد اللبناني عماد مغنية. لقد تمكّن هذا الرجل - اللغز من عمل الكثير الكثير ضد دولتنا، وألحق بنا الهزيمة تلو الأخرى، ووصل إلى حد اختراق كياننا بالعملاء لصالحه، لكننا في النهاية استطعنا الوصول إليه في معقله الدافئ في دمشق، والتي يصعب جداً العمل فيها، لكن نجاحنا في ربط نشاط الشبكات العاملة في لبنان وفلسطين وإيران والعراق أوصل إلى ربط الطوق عليه في جحره الدمشقي، وهذا يعتبر نصراً تاريخياً مميز لجهازنا على مدار السنين الطويلة.

وتابع عاموس يادلين: لقد أعدنا صياغة عدد كبير من شبكات التجسس لصالحنا في لبنان، وشكّلنا العشرات مؤخراً، وصرفنا من الخدمة العشرات أيضاً، وكان الأهم هو بسط كاملة سيطرتنا على قطاع الاتصالات في هذا البلد؛ المورد المعلوماتي الذي أفادنا إلى الحد الذي لم نكن نتوقعه، كما قمنا بإعادة تأهيل عناصر أمنية داخل لبنان؛ من رجال ميليشيات كانت على علاقة مع دولتنا منذ السبعينات، إلى أن نجحت وبإدارتنا في العديد من عمليات الاغتيال والتفجير ضد أعدائنا في لبنان، وأيضاً سجّلت أعمالاً رائعة في إبعاد الاستخبارات والجيش السوري عن لبنان، وفي حصار منظمة حزب الله.

واستطرد يادلين بسرد إنجازاته قائلاً: في إيران سجلنا اختراقات عديدة، وقمنا بأكثر من عملية اغتيال وتفجير لعلماء ذرة وقادة سياسيين، وتمكنا إلى درجة عالية من مراقبة البرنامج النووي الإيراني، الذي استطاع كل الغرب الاستفادة منه بالتأكيد، ومن توقيف خطر التوجه النووي في هذا البلد إلى المنطقة والعالم. وفي السودان أنجزنا عملاً عظيماً للغاية؛ لقد نظمنا خط إيصال السلاح للقوى الانفصالية في جنوبه، ودرّبنا العديد منها، وقمنا أكثر من مرة بأعمال لوجستية، لمساعدتهم، ونشرنا هناك في الجنوب ودارفور شبكات رائعة وقادرة على الاستمرار بالعمل إلى ما لا نهاية، ونشرف حالياً على تنظيم (الحركة الشعبية) هناك، وشكّلنا لهم جهازاً أمنياً استخبارياً قادر على حمايتهم وإنجاح مشروعهم بإقامة دولة ذات دور فاعل في هذه المنطقة.

وأضاف: أما في شمال إفريقيا، فقد تقدمنا إلى الأمام كثيراً في نشر شبكات جمع المعلومات في كل من ليبيا وتونس والمغرب، والتي أصبح فيها كل شيء في متناول أيدينا، وهي قادرة على التأثير السلبي أو الإيجابي في مجمل أمور هذه البلاد. أما في مصر، الملعب الأكبر لنشاطاتنا، فإن العمل تطور حسب الخطط المرسومة منذ عام 1979، فلقد أحدثنا الاختراقات السياسية والأمنية والاقتصادية والعسكرية في أكثر من موقع، ونجحنا في تصعيد التوتر والاحتقان الطائفي والاجتماعي، لتوليد بيئة متصارعة متوترة دائماً، ومنقسمة إلى أكثر من شطر في سبيل تعميق حالة الاهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية، لكي يعجز أي نظام يأتي بعد حسني مبارك في معالجة الانقسام والتخلف والوهن المتفشي في مصر.

وتابع الجنرال المتقاعد: أما بين الفلسطينيين فنحن الذين أفرغنا السلطة من محتواها، وسيطرنا على معظم قادة منظمة التحرير الذي عادوا إلى أراضي سلطة محمود عباس، وشبكنا معهم أوثق العلاقات، ومنهم من ساعدنا كثيراً في عدد من الساحات العربية، ونسج لنا علاقات مباشرة وغير مباشرة مع أجهزة وقادة عرب، إلى أن أصبح جزء مهم جزءاً من عملنا، لكن الخطر الأشد مازال مصدره حركة الجهاد، التي تتمتع بسرية تامة، وتعمل داخل أراضينا بتكتّم شديد، وفي أراضي أكثر من دولة عربية، ومازالت لغزاً يجب المواصلة لكشفه، أما حركة حماس فإن الضربات يجب أن تتلاحق عليها في الداخل والخارج، فحماس خطر شديد على الدولة اليهودية، إنها تستنهض المنظومة الإسلامية في البلاد العربية والعالم ضدنا، لذلك من المفترض الانتهاء من إفشالها وتبديدها في المدة المحددة بالبرنامج المقرر في عمل جهازنا بكل دقة.

وختم الجنرال الذاهب إلى التقاعد كلامه: لقد كان لحادثة اغتيال رفيق الحريري الفضل الأكبر في إطلاق أكثر من مشروع لنا في لبنان، وكما كان للخلاص من عماد مغنية الفضل في الولوج إلى مرحلة جديدة في الصراع مع حزب الله، يجب مواصلة العمل بهذين المخططين ومتابعة كل أوراق العمل على الساحة اللبنانية، خصوصاً بعد صدور القرار الظني الدولي، والذي سيتوجه إلى حزب الله بالمسؤولية عن اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري للانطلاق إلى مرحلة طال انتظارها على الساحة اللبنانية، قبل التوجه إلى سورية؛ المحطة النهائية المطلوبة، لكي تنطلق جميع مشروعات الدولة اليهودية، بعد الإنجاز الكبير في العراق والسودان واليمن، والقريب جداً إتمامه في لبنان، كما يجب تحية الرئيسان حسني مبارك ومحمود عباس كل يوم، لما قدماه لاستقرار دولتنا وانطلاق مشاريعها.

هكذا ختم الجنرال الصهيوني المتوجِّه لمتابعة عدائه وحقده على العرب والمسلمين من موقع آخر غير إدارة (أمان) الصهيونية، على غرار أسلافه وكل الصهاينة، وهكذا أيضاً يستمر قادة عرب "الاعتدال" بالسكوت عن عار الخيانة الكبرى والصغرى للأمة، ويقبلوا تحية أعدائهم بأحسن منها، بالمزيد من العمالة والطوعية لهذا العدو.

بعد هذا الحديث المعلن نستغرب سكوت الكم الكبير والواسع من وسائل إعلام العرب عن هذا التقرير الذي أوردته أكثر من وسيلة إعلام صهيونية، وذكره أكثر من موقع إلكتروني أوروبي وعربي، وناقشته معظم الدوائر السياسية الغربية، ووُضع على طاولة معظم القادة العرب.. لكن مع الأسف الشديد لم يأخذ حقه من النقاش والتعاطي معه على أنه اعتراف كامل من القاتل للضحية.. فهل صدق شاعرنا الكبير مظفر النواب حين قال :  القدس عروس عروبتكم؟   فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها...

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ