ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 27/10/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

العرب والوثائق الأمريكية المسربة

د . محمد صالح المسفر

2010-10-25

القدس العربي

(1) أطلعتنا وسائل الإعلام العربية والدولية على كم هائل من الوثائق الأمريكية عن الحرب ضد العراق واحتلال وما نتج عن ذلك الاحتلال وما فعلته الحكومات التي نصبت عليه منذ احتلاله عام 2003 وحتى تاريخ 2010 .

معلومات عن الجرائم التي ارتكبت ضد الناس الذين يعيشون في العراق، معلومات يشيب لها رأس الرضيع. ما هو أعظم وأكثر جرما في حق الإنسان العربي لو قامت ذات المؤسسة التي نشرت تلك الوثائق الأمريكية على وسائل الإعلام بنشر وثائق التورط العربي للنيل من العراق وشعبه، كلنا يعرف أن جميع الدول العربية الا ما ندر لم تشارك في الحرب على العراق عام 1991 وكذلك عام 2003، وكلنا يعرف ومن مصادر أمريكية مدى مساهمة كل دولة عربية في الحرب على العراق، لكن الذي لا نعرفه وحتى الان ماذا كان يقول حكامنا الميامين للقيادات الأمريكية والاوروبية بوجه عام عن العراق وقياداته قبل الاحتلال؟ ماذا يقولون لهم في الشأن الفلسطيني؟ ما هو دورهم في تمويل الحروب الأمريكية بوجه عام وتمويل الحروب الأمريكية ضد العراق وأفغانستان وباكستان وغيرها من الحروب بشكل خاص.

سؤالي لكل أصحاب القرار في عواصمنا العربية هل عندهم الشجاعة ليسارعوا إلى نشر وثائق ما كان يدور من حوارات وتهديدات ووعود بينهم وبين الأمريكيين قبل احتلال العراق وبعد احتلاله ؟ أخشى أن تداهمنا تلك المؤسسة الأمريكية التي تنشر وثائق الجرائم الأمريكية المرتكبة ضد الشعب العراقي الشقيق، وتنشر وثائق تفضح فيها الكثير من القيادات العربية وخاصة تلك التي كانت تريد الثأر من العراق والغيرة من قيادته التي حلقت بالشعب العراقي في معراج التقدم والازدهار.

 

( 2 )

في فلسطين تجري محادثات بين قيادات إسرائيلية وأخرى فلسطينية مباشرة وغير مباشرة سرية في بعضها علنية في بعضها الآخر. نعرف في المحادثات العلنية أنها تتناول عموميات لكن المهم منها المحادثات السرية التي تجري أحيانا بين قيادات من الطرفين في صالونات مغلقة ثنائية الأطراف وأحيانا بين مكلفين بمحادثات ليس لهم حضور في الأضواء إلا ما ندر، كل هذا يجري ونحن الشعب مغيب عن ما يحيكه بعض القادة عن مستقبلنا مع أطراف معادية لامتنا العربية والإسلامية. إسرائيل سربت بعض المعلومات عن طلب سلطة رام الله بالاستمرار في حصار غزة والاستمرار في الحرب عليها 2009، سرب الاعلام الإسرائيلي معلومات عن الفساد بكل معانيه الذي يمارسه بعض عناصر قيادات سلطة رام الله في حق الشعب الفلسطيني. الإعلام في دولة خليجية سرب خبرا أن تلك الدولة ستمنع الطائرات العسكرية لأحد أعضاء حلف الناتو من استخدام مطاراتها للقيام بمهام عسكرية حربية في أفغانستان. السؤال الذي يطرح نفسه ماذا سيحدث لو سربت وسائل الإعلام الإسرائيلي وثائق موثقة تبين ما يجري بين القيادات الإسرائيلية وبعض الزعماء العرب والتنازلات التي قدموها لإسرائيل في شأن الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف، والاتفاقيات الأمنية مع بعض الدول العربية.

في قادم الأيام وفي عصر تسريب الوثائق قبل أوانها سنفاجأ بمواقف مخزية ومهينة للكثير من القادة العرب وعلاقاتهم السرية بإسرائيل فماذا هم فاعلون في تلك اللحظة. طبعا سيكذبون الخبر كما يفعل نوري المالكي في العراق . لكن التاريخ لا يرحم ولعنة الأجيال ستلاحق كل من قصر في حق امتنا عن وعي أو بدون وعي.

( 3 )

في كل الدنيا الاتفاقيات والمعاهدات العسكرية والأمنية بجميع أنواعها التي تعقد بين الدول تطرح للمناقشة في المؤسسات الدستورية في الدول ذات الصلة ( برلمان، مجلس شورى، أهل الحل والعقد، ... الخ ) إلا في عالمنا العربي فكل الاتفاقيات سرية وليس مصرحا لأحد الإطلاع عليها. أليس من حق الشعوب الإطلاع على كل ما يتعلق بمصيرها وسيادة دولهم من اتفاقيات ومعاهدات وحق مناقشاتها أمام الرأي العام . ما رأي ولاة الأمر في عالمنا العربي لو أن إسرائيل أو أمريكا أو اي دولة أجنبية نشرت نصوصا ومحاضر ومحادثات تلك الاتفاقيات والمعاهدات المبرمة مع تلك الدول وكان فيها ما يعيب ويمس السيادة الوطنية وحقوق المواطن في الحماية من أن يمس من قبل أي دولة كانت.

آخر القول : إني أدعو ولاة الأمر لنشر كل ما بحوزتهم من اتفاقيات ومعاهدات وتعهدات لأي دولة أجنبية قبل أن تسبقهم المواقع الالكترونية بنشر ما بحوزتهم من أسرار القادة العرب بما في ذلك المجال الجوي الذي سلكته الطائرات الحربية الإسرائيلية في ثمانينات القرن الماضي لتدمير المفاعل النووي العراقي .

==================

ازمة مثلثة الاركان!

ميشيل كيلو

2010-10-25

القدس العربي

يعاني عرب أيامنا من أزمة مثلثة الأركان: واحدة في الفكر، وثانية في السياسات، وثالثة في المجتمعات.

- ليس الفكر عند العرب في أحسن حالاته. إنه يعاني من بلبلة شديدة على مستواه الذاتي: مستوى مقولاته وبنيته وتكوينه، وعلى مستواه الموضوعي: مستوى علاقاته مع الواقع والبشر، الذين لا ينفعهم خطابه إن هو لم يملكهم أدوات ومفاتيح عقلية تمكنهم من وعي أحوالهم على حقيقتها، ووعي يتحول في رؤوسهم من مفاهيم ومقولات وآراء نظرية إلى قوة مادية ملموسة تلعب دورا مقررا في تغيير منشود، يخرجهم تحققه بأيديهم من محنتهم الراهنة، ويأخذهم إلى واقع بديل تتجسد فيه طموحاتهم وتطلعاتهم. من يتأمل حالنا الفكري، سيجد أننا ننقل غالبا، ودون توطين أو تعريب، فكرا أنتجه غيرنا لظروف مختلفة عن ظروفنا، ولا ننتج فكرا موضوعه الرئيسي واقعنا الخاص، يقوم على أسس فلسفية ومعرفية تتفق وحاجاتنا المتنوعة من جهة، وتندرج فيها تلك الإنجازات الفكرية والمعرفية / التاريخية، التي أنتجتها عقول من سبقونا ممن تصدوا لمسائل وابتكروا رؤى فكرية ومعرفية أسهم قسم كبير منها في بناء العقل الحديث، عند غيرنا غالبا، من جهة أخرى، فنتدارك فكريا ما فاتنا خلال قرون ثمانية ماضية عشنا خلالها تدهورا فكريا وروحيا خرجنا معه من دائرة الأمم المفكرة، التي أبدعت منظومات معرفية عكست واقعها وقدرتها على التفاعل الناجح ومع العالم، ورغبتها في اللحاق بركب الأمم المعاصرة، التي أنجزت ثورة فكرية كانت الطور الأول من ثورة تحققت في الواقع، جعلتها سباقة إلى استيعاب وهضم ما أرادته من تقدم وحداثة، وأخرجتها من احتجاز فكري مماثل للاحتجاز الذي كبح وأحبط محاولات نهوضنا، علما بأنها بدأت أواخر القرن التاسع عشر على صعيد فكري، وأواسط القرن الماضي على صعيد سياسي، وانتهت إلى فشل فكري/ سياسي مزدوج نغرق اليوم فيه. ثمة أزمة مزدوجة في فكرنا، تتظاهر في تبعثره وطابعه النقلي، عن الغير كما عن الأسلاف، واعتماده مناهج تقايس وتقارن فكرنا مع نماذج كاملة يؤمن أنها موجودة في 'الغرب' ومجتمعه، وعجزه عن إيجاد أشكال من التواصل الفاعل والحر مع عصره، وإحجامه عن التعاطي مع مسائل لطالما لعبت دورا حاسما في تشكيل عقلنا وتاليا حضارتنا، وعينت إلى حد يكاد يكون مقررا هويتهما وتكوينهما، يتصل معظمها بالدين والفكر الديني أو يرتبط معه، وتأخره عن الانخراط في مواجهة مع القضايا والمسائل التاريخية والراهنة لوجودنا، واتسامه بطابع مباشر أضفى عليه سمات غالبا ما جعلته أيديولوجيا وذاتيا ووظيفيا ودون ما هو مطلوب منه أو ما يقول هو نفسه أنه يطلبه من ذاته، وعاجزا عن التفاعل المجدي مع مشكلات زمانه والتصدي لها، مما أفقره ووسمه بالتقطع، وجعله ذاتيا يحمل طابعا نخبويا/ ثقافويا غالبا ما تحزب وانحاز إلى خيارات سياسية، حزبية أو جزئية، وأهمل دوره في بلورة وعي تاريخي جديد حامله المواطن، مستقل عن الأيديولوجيا والسياسة المسيطرتين، حزبية كانت أم سلطوية، هو سبيله إلى فهم ما يدور حوله وإلى تعيين دوره فيه.

- بسبب ظروف متنوعة، حكمت تجزئة العرب، وحكم تأخر نخبهم السياسية وفوات نخبهم الفكرية، على سياساتهم بالتبعثر والتشتت، فافتقروا إلى مركز سياسي أو فكري يجمعهم، وإلى مسائل وقضايا مركزية يتوافقون عليها، تتبلور مصالحهم وخططهم في حاضنتها. ٍبينما أدى قصور وعي الفئات التي قادت معارك الاستقلال وطابعها الطبقي المغلق والمحدود إلى نشوء هوة بين ما فعلته وما كان مطلوبا منها سياسيا، وبين برامجها والمرحلة التاريخية التي تعاملت معها، وبينها وبين شعوبها، التي أدركت عجزها وقصور وعيها وتأخرها الطبقي وتطلعت إلى التخلص منها، فما كان منها إلا أن ناصبت مجتمعاتها العداء وعملت لإبقائها في حالة تأخر اقتصادي / اجتماعي / سياسي / ثقافي، لاعتقادها أن تأخرها كفيل بجعل إخضاعها أمرا يسيرا. في واقع كهذا، كان من الطبيعي أن يبقى الوضع السياسي العربي هشا وقابلا للاختراق، وأن تتعرض الأمة العربية لهزائم مبكرة أسهمت نخبها الحاكمة بقسط وافر فيها، أدت إلى سقوط أو إسقاط فلسطين دون مقاومة جدية في يد عدو قزم بكل المعايير، إمكاناته تافهة إذا ما قورنت بما لدى العرب، الذين لم يجد حكامهم ما يستر عورات سياساتهم غير التنصل من هزائمهم، وإنكار حقيقة أنهم هم المتسبب الحقيقي فيها، وعزوها إلى عامل وحيد هو الدعم الخارجي الذي تلقاه العدو من دول العالم. حوّل تشتت السياسات العربية وتعارضها وتناقضها وتأخرها، وحولت الهزائم المتتابعة، ضعف العرب إلى أزمة هيكلية تبدو وكأنه لا علاج لها، ابتدأت مع خروج الاستعمار واستمرت مع الانقلابات العسكرية والصراعات على السلطة، وفاقمها مرور الوقت وعقدها حتى غدت هاجسا يوميا يرزح المواطن العربي تحت وطأته التي تزداد ثقلا، ولم يجد أولو الأمر طريقة لمواجهتها غير تحويل النظم إلى نظم شمولية / استبدادية محورت الدولة والمجتمع والمواطن حول سلطة وضعت يدها على كل شيء: من القوة والثروة والعلم والإعلام والماء والهواء إلى الحياة والموت... الخ. والمصيبة أن هذه النظم، التي كانت تعد شعوبها بالمن والسلوى، بالحداثة واللحاق بالعالم، بدأت تسند نفسها، مذ بان عجزها عن التخلص من الأزمة العامة التي تلفها، إلى تكوينات ما قبل مجتمعية، عشائرية وطائفية وقبلية... الخ حدثتها بوسائل السلطة وثروة المجتمع، وقلبتها إلى تكوينات مسلحة استخدمتها لمراقبة مجتمعها والإسهام في كتم أنفاسه، بدل أن تخرجها من الحياة السياسية وتتجاوزها، بالنظر إلى تعارض وجودها مع وجود ومصالح الدولة خصوصا والمجتمع عموما. بالمقابل، أخضعت السلطة الطبقات والفئات المجتمعية الحديثة من عمال وشرائح وسطى للهامشية، وحجمت وجودها الاجتماعي وفككت ترابطها، وأغلقت قنوات التواصل فيما بينها ومع المجتمع، وسعت إلى التلاعب بوعيها ومصالحها، وإفساد قياداتها ورموزها. قلب هذا التطور الانحداري السياسة من أداة لتحرير الشعب والمواطن إلى أداة لاستعبادهما وقمعهما وإفقارهما، انطبعت بطابع ممارسات سلطوية خفية الآليات والدوافع، تتسم بقدر عظيم من السرية ويجهل المواطن خياراتها وأهدافها، ومجرياتها ووقائعها، والجهة التي تمارسها، ولا يدري إن كان يعيش في دولة أم في غابة، وهل يحكمه القانون أم أهواء حاكمه، بينما يقف عاجزا عن معرفة ووعي ما يدور في حياته، وما إذا كان مسموحا له فعل أي شيء أو كان من حقه تكوين مشاعره الخاصة حيال أي أمر أو شخص أو فكرة.

- لا حاجة إلى الإطالة عند الحديث عن أزمة المجتمعات العربية، التي تجد نفسها في وضع لا تحسد عليه، جعلها مجتمعات تفتقر حتى إلى الحدود الدنيا من اهتمام ورعاية حكامها، خاصة في البلدان العربية التي تخنقها كثرة السكان وتقتلها ندرة الموارد وقلة رأس المال وفساد الطبقة السياسية والاقتصادية، وانشطار كل شعب عربي إلى قلة لا تعرف كيف تتصرف بثروات أسطورية كسبتها بالسلبطة والقفز على القوانين والعلاقات الشللية، وكثرة لا تعرف كيف تجد قوت يومها، تطارد بيأس رغيف خبز يفر أكثر فأكثر من يديها، بينما لا تعرف كيف تواجه أمية معظم المنتمين إليها، وانسداد آفاق العمل والتقدم في وجوههم، واستسلامهم للجريمة واليأس، في ظرف يعجز المرء فيه عن مساعدة نفسه وغيره، فالتنمية إما معدومة أو معطلة، والفائض السكاني هائل ويتعاظم، والتراكم يبدد اليوم ما كدسه البارحة، والتدهور يطاول الجامعة، والمدرسة والمستشفى والخدمات العامة ودوائر السلطة والعمل والتجارة والصناعة والزراعة، في حين يتناقص نصيب الفرد من الأراضي الزراعية إلى ما دون خط الفقر الأدنى، ويتقلص عدد العاملين ويتزايد عدد العاطلين، والمجتمعات تبلى وتتهتك بقوة الجوع والبطالة والفقر والأمية والجهل والإهمال، مع أنها لم تعد تقليدية فيتضامن أفرادها ويتبادلون العون، ولم تصبح بعد حديثة فيكتفون بعوائد عملهم وينعمون بالتوزيع العادل لثروات وطنهم. أما في الخارج، فإن حصة العرب من تجارة العالم وصناعته إلى تناقص، وإسهامهم في أنشطته إلى تراجع، واليوم أحسن من الغد، والماضي أفضل من المستقبل في مجالات وميادين كثيرة، ومجتمعات العرب تتباعد بدل أن تتقارب، وتتباغض بدل أن تتآلف، وتتقاتل عوض أن تتسالم، والغني يصير أكثر غنى والفقير أشد فقرا، وعداوات النظم تفتت ما بين المواطنين العرب من شعور بالانتماء المشترك ورثوه عن تاريخهم ودينهم، وتغلق حدودها دون العربي وتفتحها أمام الأجانب والأغراب.

هذه الأزمة المثلثة الأركان، الشاملة والعامة، لا يبدو أنها ستجد حلا قريبا: عند المثقفين أو الحكومات أو في المجتمعات. وهنا مكمن مصيبة عامة / شاملة تزيدنا بؤسا على بؤس وتأخرا على تأخر، وتفاقم هوة التقدم بين العالم وبيننا، وتجعل تقدمنا بطيئا وجزئيا وتراكمنا إفراغيا وتقدم العالم عاصفا وجديا وأصيلا وامتلائيا.

ما العمل كي نخرج مما نحن فيه؟. يقال: إن التشخيص الصحيح هو أول خطوة في أي علاج، ثم يأتي ما تبقى، كالاتفاق بين أشياء أخرى - على سبل العلاج ونوع الدواء.

يظن بعض العرب أن حالنا أفضل مما نظن، وأن أزمتنا جزئية وسهلة. وأظن شخصيا أننا في قعر واد سحيق، لم نخرج منه بغير تضافر جهود هي اليوم خارج التاريخ: عنيت جهود عشرات ملايين العرب، الذين أخرجتهم حكوماتهم من السياسة، فوجد المثقفون أنفسهم دون شعب يخاطبونه، فهم نخب معزولة ومغلقة، وعاجزة عن التواصل مع مجتمعاتها، التي سقطت في حال من الضعف تحول بينها وبين التخلص من نظمها، العاجزة عن رد أي تحد تواجهه، من تحدي التنمية وتزايد السكان والحاجة إلى العلم والمعرفة والخدمات إلى تحديات القوى الخارجية، وخاصة تحدي الكيان الصهيوني. لن تكسر هذه الحلقة الجهنمية المغلقة، إذا لم يع المواطن العربي أن حريته أثمن ما في وجوده، وإذا لم يعش ويتصرف بدلالة هذا الوعي. بغير هذا، ستبقى أزمتنا مثلثة الأركان وسيتفاقم طابعها القاتل، الذي لن يوفر أحدا: مثقفين وساسة ومواطنين، وسيطاول كل شيء: الدول والسلطات والمجتمعات!

' كاتب وسياسي من سورية

==================

الى اين ستمضي اضرابات فرنسا؟

الدستور

26-10-2010

أهي تجربة تعيد الى الاذهان تجربة 1968 التي اودت بشارل ديغول؟ الامور قد تبدو في ظاهرها كذلك ، لان اليسار دائما ما يستند في تحركه الى عنصري الطلاب والعمال ويستقطب المهاجرين. لكن ذلك قد يكون وجه الشبه الوحيد بين الازمتين. حيث ان الاسباب السياسية والسياق العالمي اللذين احاطا باحداث 1968 تختلفان كليا عن احداث اليوم. يومها كانت الصهيونية العالمية تستهدف ديغول لموقفه من حرب ال 67 واصراره على حظر تصدير الاسلحة الى اسرائيل ، ومده جسور التوازن مع العالم العربي. وكان اليسار من جهة ثانية في عز تألقه الدولي وحراكه على جميع الساحات ولا ننسى ان كوهين بنديت جاء من المانيا لقيادة تظاهرات فرنسا.

 

اليوم ، الحال مختلف ، فالصهيونية راضية على ساركوزي ، واليسار العالمي لم يعد موضة العصر. رغم ذلك فان اليسار الفرنسي هو الذي يتحرك ضد الاصلاح الساركوزي. وهنا يتقدم العامل الاقتصادي على كل العوامل الاخرى ، فالحكومة لا تجد خيارا غير الاصلاحات لعدم بلوغ النقاط الحمراء التي تهددها. والعامة لا تفهم تحليلات وزراء الاقتصاد عندما تعضها البطالة والتأزم الاقتصادي ، اضافة الى التازمات الاجتماعية لدى الفرنسيين والمهاجرين. ولذلك سمعنا رئيس الاتحاد العمالي يقول ان الظلم لا يتعلق بمشروع التقاعد نفسه وانما بغيره ايضا. واذا كان شيريك قد دعا للحوار ، فان ما يمارسه العمال المنخرطون في نقابته ابعد ما يكون عن الحوار ، مثله مثل ما تمارسه قوات الشرطة وخطاب وزير الاقتصاد ايريك روث.

 

واضح ان الحراك الاجتماعي هو الذي يقود النقابات اكثر مما تقوده ، وان عملية (شد الكباش) بين السلطة والشارع تزداد حدة بانتظار التصويت في مجلس الشيوخ والجمعية العمومية ، مما يترجم فعليا بارتفاع منسوب المشاركة في الاضراب ، حيث تدل استطلاعات الرأي على ان %69 من الفرنسيين يؤيدونه ، حتى ولو كانت نسبة اقل منهم هي التي تؤيد الحظر الذي يمارسه المضربون على مخازن النفط ومحطات التزود بالوقود. وذلك ما جعل بعض زعماء المعارضة يدعون الى فك الحظر كي لا يؤدي ذلك الى تناقص شعبية التحرك كله.

 

الخطاب السياسي ينتهج عبارات ومصطلحات خطيرة ، من مثل اتهام الخضر للحكومة بانتهاك حقوق المعارضة ، وغيرهم باللعب بالنار ووصف احد النواب لقانون التقاعد بانه القانون الاكثر خطورة منذ الحرب العالمية الثانية ، فيما يرد الوزير وورث ، لسان حال الرئيس ساركوزي: "القانون هو القانون ، ومتى حصل التصويت انتهى الامر،".

 

لكن السؤال يبقى: هل ستكون الامور بهذه البساطة وهل سينتهي كل شيء يوم 6 نوفمبر القادم مع انتهاء التصويت الذي يرجح ان تفوز فيه الحكومة لانها تملك الاغلبية النيابية.

 

الخلفيات السياسية والاجتماعية للحالة كلها تقول ان لا. فالازمة الاقتصادية لن تنتهي بمجرد اصلاح التقاعد. واليسار الذي اطلق حملته الانتخابية الرئاسية منذ الان لاستعادة السلطة بعد ثلاث ولايات من حكم اليمين بعد ميتران ، لن ينكفىء امام التصويت البرلماني. وعليه سيكون امام فرنسا ان تعيش سنتين من الاضطراب وشد الحبال.

==================

نتنياهو إذ «يحذّر».. والسلطة عندما «تهدد»!

محمد خرّوب

Kharroub@jpf.com.jo

الرأي الاردنية

26-10-2010

نتنياهو يحذّر والسلطة الفلسطينية تهدد.. الاول يسير وفق استراتيجية واضحة, قد تكون تكتيكاتها مرتبكة أو قل معقدة, يلحظ مراقبون اسرائيليون أنها تستهدف البقاء السياسي والمحافظة على الائتلاف الحكومي الراهن, في انتظار هزيمة باراك اوباما في الثاني من تشرين الثاني الوشيك, والعمل في الآن ذاته على «انجاز» انشقاق في حزب المعارضة الرئيسي كاديما, بعد أن توفر له ستة اعضاء ويلزم عضو واحد فقط , كي تصبح كتلة برلمانية يعترف بها الكنيست, تفادياً بالطبع لانسحاب حزب العمل, مثل هذا الانسحاب الذي قد يفرط عقد الحكومة اذا ما رفضت تسيبي ليفني الانضمام الى حكومة «غير جادة» في تحقيق السلام(!!), أو أن افيغدور ليبرمان وزير الخارجية وزعيم حزب اسرائيل بيتنا, رأى بأن الظروف قد نضجت كي يقود اليمين الاسرائيلي ويُقصي الليكود الى المرتبة الثانية او يستميل عدداً من قياداته، ما يعني الذهاب الى انتخابات مبكرة، يقول كثيرون في اسرائيل انها باتت اكثر احتمالاً من أي وقت مضى, بعد فشل نتنياهو في تحقيق أي انجاز يذكر داخلياً، وعلى صعيد العلاقة مع الفلسطينيين أو في وقف الحملات التي تتعرض لها اسرائيل والمكرسة لنزع الشرعية عنها, كما يقول معلقون وسياسيون وحزبيون واعلاميون اسرائيليون. اما الثانية أي السلطة فهي في حالة «تيه» حقيقي اقرب الى فقدان البوصلة منه الى أي شيء آخر.

نتنياهو حذّر اول من امس وفي جلسة مجلس الوزراء الاسبوعية من «محاولة اللجوء الى هيئات دولية، لأن ذلك الأمر لا يعتبر واقعياً ولن يدفع بعملية السلام الى الأمام».

فهل يقصد رئيس الائتلاف الفاشي في اسرائيل ما يقول, أم أنه يريد الانخراط في لعبة معروفة النتائج مع السلطة الفلسطينية؟

دعونا نبدأ من حيث انتهى رئيس حزب الليكود, الذي يصعب على أحد مهما بلغ اعتداله (أو اعتلاله إن شئت), تصديق انه راغب في السلام حتى لو استطاع، ما يعني أنه لا يقصد تحذيراته هذا لأنه يعلم قبل غيره أن «تهديد» السلطة بالذهاب الى الامم المتحدة، هو تهديد فارغ ولا رصيد ميدانياً أو دبلوماسياً أو سياسياً له، وان مجرد لجوء السلطة إليه كخيار أخير(!!) هو بمثابة الافلاس, وعدم القدرة (والرغبة ايضاً) في اجتراح بدائل عملية وميدانية تدفع اسرائيل للتخلي عن مواقف الازدراء, التي تبديها ازاء السلطة (دع عنك المجتمع الدولي) أو على الأقل، اللجوء للمراوغة في انتظار حدوث «شيء ما» على الصعيد الاقليمي او الفلسطيني, يحررها من تبعات وأكلاف (المتواضعة على أي حال) لعبة المفاوضات المباشرة التي جلبوا السلطة اليها, ورغم تجاوب الاخيرة على نحو مثير الغضب وتواصل تنازلاتها المجانية, إلا أنها لم تسجل أي نقطة لصالحها على أي صعيد, وما يحدث على الارض خير رد على ادعاءات ومزاعم فياض وعبدربه وعريقات وابو ردينة ايضاً..

 

ماذا عن خيار (اقرأ تهديد) الذهاب الى مجلس الامن؟

اسرائيل كعادتها, ترفض «تدويل» المسألة, وهي معنية بابقائها في يد «الراعي» الاميركي الذي لا يخرج على النص ويلتزم أمن اسرائيل وتفوقها العسكري, ومجلس الامن ليس مضموناً في «جيب» السلطة, بافتراض ان واشنطن لن تلجأ لاستخدام الفيتو, واعتراف مجلس الامن بدولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران 1967, اذا ما اعترف (وهو امر مستبعد حتى لا نقول مستحيلاً), لن يساوي قيمة الحبر الذي يُكتب به, تماماً كما قال ذات يوم اسحق هيرتسوغ مندوب اسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة, عندما اتخذت قرارها الشهير في العام 1975 باعتبار الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية, فمزق القرار امام الكاميرات وخرج غاضباً، ولم تلبث الجمعية ذاتها بعد ستة عشر عاماً (1991) أن ألغت القرار واعتبرته خطأ يستوجب الاعتذار(!!)..

 

المقارنة ظالمة بالتأكيد, لكن التذاكي واستغفال الشعب الفلسطيني يستوجب مقاربة اخرى, غير تلك المقاربات العابثة التي يواصل أهل السلطة طرحها كبديل عن حال الازمة المتفاقمة التي اوصلوا الشعب الفلسطيني اليها, دون استشارته ودون الاحتكام لمؤسساته المصابة بالشلل والموات والتي تُسْتَحضَرْ للبصم أو لتمرير بعض القرارات..

 

الثاني من تشرين الثاني (بما هو الموعد الذي ينتهي فيه الشهر الذي «منحه» العرب للادارة الاميركية, كي تستدرك جهودها الرامية الى دفع نتنياهو لمواصلة تجميد الاستيطان), يقترب، ولن يكون مفاجئاً اذا ما وجد العرب ورئاسة السلطة انفسهم امام حائط مسدود آخر, رأوه يرتفع امام اعينهم، لبنة لبنة، لكنهم واصلوا السير باتجاهه..

 

فهل ثمة «صلة» بين نتنياهو وتهديد السلطة؟ أم أنهما خطان متوازيان مرشحان «للالتقاء» كما كانا على الدوام, رغم الضجيج والتصريحات العنترية والتهديد بالاستقالة وحل السلطة وآخر «ابتكارات» ياسر عبدربه حول دراسة السلطة «جدياً» وقف التزامها بالاتفاقات الموقعة مع اسرائيل كأحد خيارات الرد على استمرار الاستيطان؟

==================

وثائق ويكيليكس تشكل الجزء اليسير من الحقيقة

بسام الكساسبة

kasasbehb@Gmail.com

الرأي الاردنية

26-10-2010

أربعمائة ألف وثيقة، من الوثائق التي نشرها موقع الويكيليكس، حول الجرائم التي اقترفت بحق العراق في حقبة التحالف الأمريكي الصهيوني الإيراني، مع ذلك فلا تعكس هذه الوثائق إلا الجزء اليسير من تلك الجرائم، فالجرائم التي اقترفتها قوات الغزو والمتحالفون معها وعملاؤها من أفراد ودول تفوق الوصف.

 

أثناء عرض الوثائق حول بعض الجرائم التي اقترفت في حقبة الغزو الأمريكي الصهيوني الإيراني، تساءلت: هل يا ترى تضمنت شيئا عن إحدى الجرائم النكراء التي كان العالم قد شاهدها في بث حي ومباشر عبر الفضائيات وقد بدت حينها وكأنها من أفلام التسلية والترفيه الهوليودية؟ حينما أعلن البنتاغون في اليوم الثاني أو الثالث من بداية العدوان على العراق عام 2003 عن خطته لإرسال اثنتي عشرة قاذفة استراتيجيه من طرازB52 العملاقة والمدججة كل واحدة منها بعشرات الأطنان من اعتى القنابل والصواريخ والأسلحة الفتاكة في مهمة لقصف العاصمة العراقية بغداد، كان البنتاغون قد أعلن في ذاك اليوم بأن القاذفات الإستراتيجية ستنطلق معا في تمام الساعة الرابعة عصرا من إحدى قواعدها في أوروبا الغربية، وستستغرق رحلة ذهابها باتجاه بغداد أربع ساعات، لتشرع بعد وصولها في عملية قصف مركزة وممنهجة للعاصمة العراقية، كانت كاميرات الفضائيات العالمية الموجودة في بغداد تتأهب لتصوير جريمة القصف تلك لنقلها في بث حي ومباشر لمئات ملايين المشاهدين في مختلف أنحاء العالم، وفعلا وصلت القاذفات في موعدها، وقد شرعت بتنفيذ جريمتها النكراء، التي أحدثت على مدار ساعة من الزمن مئات من الانفجاريات الضخمة والعنيفة التي هزت أركان العاصمة العراقية، كان وميضها ولهيب حرائقها يضيء سماء العاصمة العراقية، لم تكن تلك الغارة وحدها التي شنت على العراق في تلك الليلة، فقد تزامنت مع مئات من الغارات الأخرى التي نفذتها المروحيات وصواريخ توما هوك والقاذفات المنطلقة من حاملاتها البحرية ومن قواعدها البرية ومن مناطق مختلفة، لقد بدت فضائيات التحالف الصهيوني مثل الفوكس نيوز، والسي.أن.أن، ببث القصف حيا ومباشرا على الهواء، وكأنه مجرد احتفال كرنفالي في مناسبة بهيجة، أقيمت في إحدى عواصم البذخ والمجون والثراء، فهل تضمنت وثائق ويكيليكس شيئا ولو يسيراً عن نتائج تلك الغارة التي استمرت لساعة واحدة فقط ، وقد صنعت بقذائفها قصصا من الكوارث والمآسي ما تعجز آلاف الوثائق عن وصفها؟

 

فمثلما أن جريمة القصف تلك، لا تشكل على بشاعتها إلا ساعة واحدة من سنوات الغزو الطويلة المزدحمة بجرائم الحروب والإبادات الجماعية التي تشكل بمجملها وصمة عار في جبين البشرية، فإن وثائق وكيليكس لا تشكل إلا غيظا من فيض، مع ذلك ستساهم هذه الوثائق بمزيد من تعرية الواقع المأساوي والكارثي في العراق، كما ستساهم بكسر حاجز التعتيم في الغرب على جرائم التحالف الأمريكي الصهيوني الإيراني في العراق، أما الأهم من ذلك فإننا كعرب نحتاج من الويكيليكس لدفعة من الوثائق الخاصة بالكشف عن المتورطين الآخرين في استجلاب الغزو الاميركي الصهيوني الايراني للعراق.

==================

من يستطيع توقيع السلام في المنطقة؟

المستقبل - الثلاثاء 26 تشرين الأول 2010

العدد 3812 - رأي و فكر - صفحة 19

سمير الزبن

قبل فترة وجيزة صرح موشية يعلون نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن لا أحد في المجلس الوزاري المصغر مقتنع أن هناك إمكانية للوصول إلى اتفاق مع الفلسطينيين وأن هذا الرأي ليس رأي أفيغدور ليبرمان، بل هو رأي أيهود باراك أيضاً.

نشرت الصحف قبل فترة وجيزة أيضاً قائمة الحوافز التي قدمتها الإدارة الأميركية من أجل إقناع حكومة نتنياهو لتجميد الاستيطان مدة 60 يوماً فقط لا غير، ولكن نتنياهو ورغم المغريات الكثير رفض قائمة الحوافز.

تقول السلطة الفلسطينية، إنها لن تعود إلى طاولة المفاوضات إذا لم توقف إسرائيل الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، وقد أعطت الجهود الأميركية مهلة شهر لحل هذه المعضلة.

تحاول الإدارة الأميركية الإبقاء على عملية المفاوضات حية بالضغط على الطرف الفلسطيني لأنها فقدت القدرة على ممارسة أي ضغوط على الطرف الإسرائيلي خاصة وأنها في موسم انتخابات نصفية في الكونغرس.

تبدو عمليات تقديم العروض ورفضها واشتراطات العودة للمفاوضات وكأن هناك عملية سياسية قائمة على قدم وساق، تسير نحو وجهتها رغم العقبات التي تواجهها من الأطراف المتفاوضة. إعطاء خيار التفاوض زمناً معقولاً يؤدي للوصول إلى حل للقضايا العالقة، هذا ما تحاول الإدارة الأميركية أن توحي به، فمن مصلحتها الإيحاء بأن العملية السلمية ما زالت مستمرة وان الإدارة الأميركية تقوم بدورها في تقريب الوصول إلى الحل المرتقب.

بات من المعروف اليوم وبحكم الواقع المتشائم الذي يسود المفاوضات الفلسطينية  الإسرائيلية، إن الوضع الذي ساد تفاوضياً في السابق كان أفضل للوصول إلى حل نهائي. وذروة التفاوض بين الطرفين كانت قمة كامب ديفيد عام 2000 التي جمعت القادة الثلاثة: الرئيس الأميركي بيل كلنتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود بارك والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. ويعتبر الكثير من المحللين عند كل الأطراف أن قمة كامب ديفيد قد تكون أهم فرصة ضائعة في السنوات الأخيرة. رغم أني لا أعتقد ذلك، ما أريد قوله، أن قمة كامب ديفيد تكاد تكون اليوم المرجعية التي لم يعد هناك إمكانية لتحقيقها. فلا تستطيع ولا تقدر حكومة نتنياهو أن توافق على حل ينطلق من توافقات كامب ديفيد، ومصير حكومة نتنياهو لو أرادت ذلك سيكون السقوط. لقد بات الشارع الإسرائيلي أكثر يمينية، وباتت الخريطة السياسية الإسرائيلية أكثر توغلاً باتجاه اليمين، ولذلك أي اقتراب من حل سيطيح حكومة نتنياهو. وليس جديداً الكلام الذي يقول، إن إسرائيل حكومة وشعبها واتجاهاتها السياسية ليست جاهزة للوصول إلى تسوية مع الفلسطينيين، ومن الواضح أنها لن تكون جاهزة في السنوات القادمة، لذلك جل ما فعلته الحكومات الإسرائيلية الأخيرة هو إدارة الأزمة مع الإيحاء بإمكانية الوصول إلى اختراق لن يتم الوصول إليه.

يؤيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس المفاوضات بوصفها الطريق الوحيد للوصول إلى الحقوق الفلسطينية. إلا أنه لن يكون طريقا بأي ثمن، فالرئيس عباس لن يستطيع أن يقبل ما رفضه الرئيس ياسر عرفات في قمة كامب ديفيد. ولن يستطيع الوضع الفلسطيني احتمال تقديم تنازلات أخرى والمزيد من تأكّل الحقوق الوطنية الفلسطينية في المستوطنات والتنازلات في قضايا اللاجئين والقدس والحدود ووادي الأردن. أي أن المطلوب من القيادة الفلسطينية أن توقع صك استسلامها والتنازل عن كل الحقوق الوطنية والجغرافية وهو ما لا يستطيع لا الرئيس عباس ولا أحد من الفلسطينيين توقيعه. ولأن الرئيس عباس أكثر من يدرك ما هو مطروح على الفلسطينيين في المفاوضات، ولأن يدرك أكثر من غيره الواقع الهش الذي يقف على رأسه في حالة الانقسام والضعف الفلسطيني يجعلانه مشلولاً، فهو يدير أيضاً أزمة كما تفعل الحكومة الإسرائيلية، ولكن الفرق هو أن الحكومة الإسرائيلية تستطيع أن تفرض بحكم القوة والاحتلال وقائع على الأرض، بينما ممنوع على الفلسطينيين التصدي للوقائع الإسرائيلية، إنها المفارقة التاريخية دائماً، تلك المفارقة التي يستولي فيها الجلاد على حق الضحية أمام مرأى العالم دون أن يحرك هذا العالم ساكناً، فقط يسعى لاسترضاء الجلاد على حساب الضحية.

==================

هل ينهزم المجتمع الدولي أمام من يلاحقهم؟

علي حماده 

النهار

26-10-2010

كل من يزعم معرفة موعد صدور القرار الاتهامي عن مكتب المدعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان واهم في أقل التقديرات. فما من جهة لبنانية او غير لبنانية تعرف ما الذي يجري في مكاتب القاضي دانيال بلمار في لاهاي، وكل ما عدا ذلك إما استنتاجات متسرعة، وإما بالونات اختبار تتقنها الدوائر الاستخبارية المحلية والاقليمية المعنية بالقرار الاتهامي. لكن المهم بل الاهم ان المحكمة لها مسارها الذي لا يمكن ان يحيد لمجرد ان تنظيما ملاحقا في نصف بلدان العالم قرر ان يأخذ الشعب اللبناني رهينة ليقايض حياة اللبنانيين وسلامة البلاد وأمنها الوطني والقومي بوقف المحكمة.

هذا ليس حلا. ولن يكون. وما يطلبه أعداء المحكمة هنا او خارج الحدود دونه عقبات عدة، أولاها ان ثمة ارادة لبنانية راسخة للدفاع عن مسار معرفة الحقيقة في ما يتعلق بكشف قتلة رفيق الحريري ورفاقه ومن خلالها كشف الحقيقة في سائر الجرائم الارهابية الاخرى، التي، وللتذكير، طاولت قادة استقلاليين وليس قادة في معسكر الوصاية او ما يسمى "مقاومة"! ثم ان الارادة اللبنانية الراسخة، معطوف عليها موقف دولي وعربي لن يتوقف عند التهديدات الرعناء بالحرب الاهلية التي يطلقها أصحاب السلاح المرفوض لبنانيا. ولعل النقطة التي يتوجب التوقف عندها هي ان مطلب الغاء المحكمة اضافة الى انه يفتقر الى الواقعية والقراءة الصحيحة للموقف الدولي يمس منظومة العلاقات الدولية في الصميم. فهل يعقل أن ينهزم المجتمع الدولي امام تنظيم ملاحق دوليا وعربيا مثل "حزب الله"؟ أو هل يعقل ان يقبل المجتمع الدولي في مرحلة تشديد العقوبات على ايران في اطار النزاع على البرنامج النووي ان تستولي قاعدة متقدمة لها في لبنان على الحكم عنوة؟

ان مضي من يهددون بقلب الطاولة على الجميع في لبنان بمخططهم سيجر مزيدا من القرارات الدولية ولن يخفف الطوق المحكم الذي بدأت الجمهورية الاسلامية في ايران تشعر بنتائجه اقتصاديا. وبالتأكيد لن يحسن وضع دمشق في مسيرتها الانفتاحية عربيا ودوليا. ولقد كانت الرسائل الدولية الاخيرة خير معبّر عن ان لبنان ليس موضوعا على طاولة البازار الكبير مع سوريا، وان التعامل معه من الشروط الرئيسية المطروحة عربيا ودوليا. فلا وجود لفراغ عربي او دولي في لبنان. وتجربة قوات الردع العربية في سبعينات القرن الماضي او تجربة جمهورية الطائف في سنواتها الاولى ليست مقياسا للمرحلة الراهنة.

 في مطلق الاحوال، لا يعتقدن المهولون ان ارادة اللبنانيين ضعيفة، ولا يتوهمن البعض الآخر ان استسلام البعض لمنطق السلاح والانقلاب مقياس لما يريده اللبنانييون من كل الملل والنحل.

==================

إعلامنا.. وجيل الغد الموعود

بقلم :د. خالد الخاجة

البيان

26-10-2010

يواجه إعلامنا العربي تحديا كبيرا في ظل سباق فضائي لا يعرف المتابع مهما تمتع بقدرات خارقة على استشراف المستقبل منتهاه أو محطة الوصول، فكل يوم يفاجئنا عصرنا بالمزيد من وسائل ووسائط إعلامية جديدة. ما نلبث مناقشة الجوانب المحيطة بواحدة منها سلباً وإيجاباً حتى نجد أنفسنا أمام شكل جديد نرقبه ثم نتلمس آثاره، وهكذا دواليك، حتى بات من الصعب التحكم في هذه الوسائل أو متابعة مضامينها.

 

وقد يعتقد البعض بأن آليات المواجهة تتطلب إطلاق مزيد من الأقمار الاصطناعية، أو بث قنوات جديدة تضاهي في عددها القنوات الوافدة، والحق أنني من الذين يرون أن التحدي الحقيقي الذي يواجه الإعلام العربي ليس هو تحدي الكم، سواء كم الأقمار الاصطناعية وما تحمله من قنوات جديدة لا نشعر في كثير من الأحيان بوجودها.

 

وإذا وجدناها زادت حيرتنا وحسرتنا على ما تقدمه من مضامين، إنما التحدي الذي يواجه إعلامنا العربي هو تحدي المضمون، وليس التكنولوجي، فالتكنولوجيا يمكن اقتناؤها، وبث عشرات القنوات كل يوم لم يعد بالأمر المعجز. إلا أن الإشكالية تظل في ما يتم تقديمه، في ظل قدرات إنتاجية عاجزة عن ملء هذا الكم الهائل من ساعات البث.

 

فنجد أنفسنا أمام خيارين أحلاهما مر؛ إما استيراد برامج أنتجت لبيئة غير بيئتنا، أو تقليد نماذج غريبة عنا واستنساخها، بدءًا من المسلسلات والأفلام، وليس انتهاء ببرامج الأطفال، التي بات بعضها يشكل عبئًا نفسيًا علينا كآباء ونحن نرى ما يشاهده أطفالنا كل يوم.

 

ومصدر هذا القلق أن الطفل من أكثر الشرائح المجتمعية التي يجب أن نتحسب ألف مرة في ما نقدمه له. لأننا بحسن رعايته وتكوينه نكوّن مستقبل أوطاننا، فهم جيل الغد الموعود وزخر الوطن وعدة مستقبله، والعناية به واجب يتعاظم في ظل تيارات تحيطه من كل جانب لا تكل ولا تمل لفرض هيمنتها الثقافية على شعوب العالم، ومحو ثقافتهم الأصلية أو تهميشها، وتدرك أن أفضل الطرق لذلك يبدأ من تشكيل عقل الطفل ووعيه بالشكل الذي تريده، حتى وإن طال بها الأمد، إلا أن نتائج ذلك في المستقبل المنظور مضمونة من دون شك.

 

نحن كذلك نخطئ حين نتعامل مع الطفل باستخفاف؛ لنلهيه أو نسليه، دون أن تكون هناك خطة مدروسة تستثمر عقله الذي به يتكون مستقبل الأمم وتبنى الحضارات، في ظل دراسات تثبت أن أطفالنا يكتسبون 98؟ من خبراتهم عن الكون والمجتمعات والبشر عن طريق حاستي السمع والبصر، منها 90؟ بحاسة البصر، و8؟ عن طريق السمع، و2؟ باقي الحواس.

 

إن وسائل الإعلام، وبخاصة التلفزيون، قد تتحول إلى دور المربي، أو بديلاً عنه، في ظل غياب دور الأسرة أو ضعفه. وقد أخذت القيم التي تأتي إلى الطفل في صور مبهرة عبر برامج العنف والجريمة تملأ الفراغ القيمي الذي تخلت عنه الأسرة المنشغلة دائماً بهموم بعيدة في أغلبها عن تكوين شخصيته.

 

وفي دارسة أجرتها اليونسكو حول معدلات تعرض الأطفال في العالم العربي للتلفزيون، أوضحت أن الطالب قبل أن يبلغ الثامنة عشرة من عمره يكون قد قضى في مشاهدة المضامين المقدمة تلفزيونياً نحو اثنتين وعشرين ألف ساعة، في حين أن ما يقضيه في قاعات الدراسة حتى المرحلة العمرية نفسها لا يتعدى 14 ألف ساعة، ويتعاظم ذلك الدور إذا علمنا أن الطفل دائماً يميل إلى تقليد ما يراه من شخوص ونماذج سلوكية، في الوقت الذي لا يستطيع فيه أن يميز بين الواقع والخيال.

 

فينظر إلى ما يراه على أنه الواقع الحقيقي، والشخصيات المقدمة تلفزيونياً هي أقرب الشخصيات إلى نفسه، إضافة إلى ما يردده الأطفال من أغاني الإعلانات وشعاراتها ورقصات الرياضيين والمشاهير، ومع التكرار والإبهار الفني الذي يحظى بإعجابه ويشده، وفي غياب البديل، تصبح السلوكيات المقدمة هي النموذج الذي يتم محاكاته مهما كانت خطورته وأضراره.

 

كما أن إغراق الطفل في مشاهد العنف والقتل يرسخ لديه اعتقادا بأن ذلك عمل اعتيادي، بل طبيعة المجتمع الذي يعيش فيه، فيألفه ويقبله، وقد يقلده مستقبلاً، فضلاً عن ترسيخ قيمة أن البقاء لمن يملك القوة الجسدية. وفي المجتمعات التي تعج أعمالها التلفزيونية بالعنف تجدهم حريصين على إبعاد أطفالهم عن مشاهدة هذه النوعية من البرامج من خلال وسائل تقنية تشرح لهم ما يرونه وتحدد درجة العنف والأعمار السنية التي ينبغي ألا تشاهد مثل ذلك.

 

إذا أضفنا إلى ذلك أن البرامج الموجهة للأطفال تعتمد في أغلبها على السرعة لتحافظ على شد انتباهه إليها، فإنها في الوقت ذاته لا تتيح لهم فرصة التفكير وإعمال عقولهم، كما تحول بينهم وبين المشاركة ولو بخيالهم، فيستسلم الطفل لما يراه، دون بذل الجهد، سواء بقبوله أو رفضه، للحد الذي يصيب بعضهم بالبلادة والكسل الذهني، ولا ننسي أن قطاعاً غير قليل من الأطفال يشاهدون برامج معدة للكبار تؤثر في وجدانهم بأحداثها وألفاظها التي يحفظونها ثم يرددونها.

 

إن الخروج من هذا كله لن يتأتى إلا بأيدي مبدعينا، وإن الخطأ الناتج عن ضعف الإنتاج العربي المخصص للأطفال لا يجب أن يعالج بخطأ آخر وهو الاستمرار في استيراد برامج لن تقيم لأبنائنا عوداً، ولكن لابد من تطوير إبداعاتنا الخاصة بالطفل لتكون ثرية وجذابة ومتنوعة، في الوقت الذي تحمل قيمة ترتاح لها نفوسنا وتطمئن قلوبنا، بدلاً من برامج الجان والعفاريت التي تصيبهم بالهلع، وتلاحقهم صورها البشعة حتى في منامهم، لنستيقظ على صرخات فزعهم وفزعنا.

 

ويتم ذلك من خلال تعاون وثيق وتناغم مفقود منذ زمن بين الإعلاميين والتربويين، لينتج لنا ذلك عملاً ينمي لديهم القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب والمقبول وغير المقبول في القول والسلوك، ويطلق طاقاتهم الإبداعية وملكاتهم الفنية، ويفجر لديهم طاقات الابتكار بدلاً من البارود والقنابل، ويساعدهم على تعلم وصقل مهاراتهم بدلاً من إصابتهم بالبلاهة والكسل، ويؤصل لديهم حب الوطن والاعتزاز به.

 

بدلاً من إصابتهم بالاغتراب الناتج عن مشاهدة مضامين يرون أنها لا تعبر عن بيئتهم ومجتمعاتهم وتقديم القدوة والنموذج الذي يُحتذى به، بدلاً من النماذج المشوهة التي تفرض عليهم وتكرر ليل نهار.

 

برامج تثير خيالهم لكن لا تدمره، تساعدهم على فهم اللغة العربية المبسطة بدلاً من أن تزيد الفجوة بينهم وبين لغتهم عن طريق شيوع الكلمات غير اللائقة، في الوقت نفسه تسليهم وتمتعهم من خلال قوالب غير مملة أو وعظية في قالب ينفر منه عند بدء مشاهدته. ولا يعني ذلك أن ننغلق على أنفسنا، ولكن ندقق الاختيار في ما نقدمه لهم، أياً كان مصدره، بما يساعد على تكوين جيل للغد الموعود.

عميد كلية المعلومات والإعلام  جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا

==================

عقبات أمام التقارب الروسي الأوروبي

بقلم :صحيفة «إزفستيا» الروسية

البيان

26-10-2010

عقدت الأسبوع الماضي في مدينة ديوفيل الفرنسية ما يسمى ب«الثلاثية الأوروبية الكبيرة» التي تضم روسيا وألمانيا وفرنسا. تلك القمة التي ذهب إليها الوفد الروسي وكله رغبة في إعادة الدفء إلى العلاقات بين روسيا وكل من ألمانيا وفرنسا تحديداً، هذه العلاقات التي شهدت تطوراً ملحوظاً بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003.

 

وعبرت عن رأيها في رفض الغزو، والتقت بقياداتها السابقة (بوتين وشيراك وشرويدر) في روسيا عام 2005 لتنبئ بتقارب بين الدول الثلاث يخيف الآخرين، وخاصة واشنطن ولندن، وتوقع الكثيرون أن تأتي القمة الأخيرة في ديوفيل الفرنسية بنتائج إيجابية تعطي دفعة أكبر للترويكا الأوروبية الكبيرة، ولكن القضايا التي أثيرت في لقاءات رؤساء الدول الثلاث كانت تقليدية ولم تسهم في إحداث التقارب الذي عول عليه الطرف الروسي.

 

فلدى إثارة مسألة، هيكلية الأمن المشترك لكل الدول الأوروبية، من قبل الوفد الروسي، تبين أن روسيا تنظر إلى هذه القضية وتفهمها بطريقة تختلف عن الاتحاد الأوروبي. فمن المعروف أن وجهة نظر الكريملين في هذه المسألة تتلخص في أن هيكلية الأمن الأوروبي ينبغي تشكيلها بمشاركة روسية.

 

أما الأوروبيون فيرون أنه يتعين على روسيا أن تقدم ضمانات بالامتناع عن ابتزاز الأوروبيين في المستقبل في مجال الطاقة. وفي الوقت ذاته يؤكدون ضرورة التقليل من اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز والنفط الروسيين. وبعبارة أخرى يقترح الأوروبيون على روسيا أن تستمر في تزويدهم بما يحتاجونه من النفط والغاز إلى أن يجدوا مصادر بديلة للطاقة، أو إلى أن يتفقوا مع تركمانستان على تزويدهم بالوقود عبر طريق لا تمر في الأراضي الروسية.

 

ويلفت البعض إلى أن الدبلوماسيين الألمان والفرنسيين، أطلقوا، قبيل انعقاد القمة، تصريحات متفائلة بأن هذا اللقاء سوف يحقق تقدماً كبيراً، ليس فقط على صعيد العلاقات بين روسيا من جهة وكل من ألمانيا وفرنسا، من جهة أخرى، بل وعلى صعيد العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي بشكل عام. لكن المتمعن في ملامح وجوه أولئك الدبلوماسيين يكتشف بسهولة أن تلك التصريحات المتفائلة لم تكن تعكس قناعاتهم الحقيقية. الواقع أن الروس يرغبون في التعاون بصدق مع الأوروبيين، فيقدمون للأوروبيين ما لديهم من موارد طاقة، مقابل الحصول على التقنيات العالية والمتقدمة.

 

أما الأوروبيون فيتعاملون مع الروس وكأنهم بسطاء سذج. فعلى هذا الساذج البسيط الأمين أن يقدم كل ما لديه من نفائس، ويعطونه بالمقابل قلائد ملونة بألوان زاهية وأكواباً بلاستيكية، وما إلى ذلك. هذا النمط من التعامل ليس مجازياً ولا مبالغة فيه، بل حقيقة تثبتها تفاصيل الصفقة المتعلقة ببيع حاملة المروحيات الفرنسية «ميسترال» لروسيا.

 

حيث اتضح أن الفرنسيين ينوون إفراغ حاملة المروحيات، والمروحيات من محتواها، ثم يسلمونها إلى روسيا هياكل من دون تقنيات. وتبرر وزارة الخارجية الفرنسية ذلك بأن تقنيات الناتو، في كل الأحوال، لا تنسجم مع متطلبات حراسة الشواطئ الروسية، ولذلك لن تستطيع روسيا الاستفادة منها. وبعبارة أوضح سوف تشتري روسيا في المحصلة قطعتين بحريتين كبيرتين باهظتي الثمن، لكنهما فارغتين من وجهة النظر العسكرية البحرية.

 

هذا كله يؤكد أنه ليس لدى الأوروبيين رغبة حقيقية في بناء علاقات مبنية على الندية مع روسيا. وتفسير ذلك بسيط للغاية. فالأوروبيون لا يستطيعون إجراء تغييرات جذرية على علاقاتهم مع الولايات المتحدة، لأنهم يقدرون جيداً ما الذي سيحدث بعد ذلك، ويعلمون مدى تأثير واشنطن في الاقتصاد الأوروبي.

==================

العرب وتركيا وسياسة التكتلات

آخر تحديث:الثلاثاء ,26/10/2010

محمد نور الدين

الخليج

انعقد في 18 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري في الكويت الاجتماع الدوري لمجلس التعاون المشترك بين تركيا ومجلس التعاون الخليجي . وقد تمثل المؤتمر على مستوى وزراء الخارجية لكنه تناول كل القضايا التي تهم الجانبين .

 

يؤكد هذا الاجتماع على أن المؤسسات التي تم تشكيلها بين بعض العرب وتركيا تعمل بصورة سوية حيث تنعقد مثل هذه الهياكل دورياً . وهي ليست مقتصرة على طرف عربي دون آخر، إذ إن لتركيا هيئة مشتركة مع جامعة الدول العربية في إطار الحوار الاستراتيجي بين تركيا والعرب . كذلك لتركيا مجالس للتعاون الاستراتيجي مع سوريا والعراق، وهي تجتمع دورياً بمشاركة أعلى المسؤولين من رؤساء الحكومات والوزراء المعنيين .

 

تتقدم العلاقات بين تركيا والعالم العربي بخطوات ثابتة إلى الأمام مع ملاحظة انها تشمل معظم دول الجوار التركي المشرقي من سوريا والعراق والاردن ولبنان وصولاً إلى دول مجلس التعاون الخليجي .

 

ويلاحظ أن مصر تحديداً تقع وحدها خارج أطر التعاون التركي العربي المشترك سواء بغياب أي هيئة مشتركة تركية مصرية أو بغياب أية صيغة أخرى .

 

لكن ما يلفت في التعاون العربي التركي المشترك أن أنقرة تقف على مسافة واحدة من كل العرب وتحرص على التعاون مع الجميع حيثما أمكن ذلك، وهذه لا شك سياسة رصينة وسليمة .

 

ولعل الأهم أن طبيعة الاتفاقيات التي يوقعها الجانبان كانت تتعلق بالبنى التحتية والتواصل الاقتصادي كما تعزيز الانفتاح الثقافي وتبادل تعليم اللغتين التركية والعربية، وهي خطوات تعزز المصالح المشتركة على أرضية متينة من وعي المصالح الاقتصادية والهوية الثقافية المشتركة للجانبين .

 

واجتماعات تركيا مع دول مجلس التعاون الخليجي يمكن لها أن تتوسع لتشمل الدول التي ذكرناها سابقاً حيث إن طريق تركيا الجغرافي إلى الخليج يمر حتماً بالعراق وسوريا والأردن وربما لبنان .

 

وتركيا بادرت وتم التوقيع على اقامة منطقة مفتوحة بين تركيا ولبنان وسوريا والأردن والعراق . وحبذا لو أن التعاون يشمل هذه الدول ومجلس التعاون الخليجي مجتمعين من جهة وتركيا من جهة أخرى ليبنى على الشيء نواة لوحدة مشرقية ثقافية واقتصادية وسياسية تعيد للمنطقة وحدتها وقدرتها على مواجهة التهديدات الآتية من جانب الدولة ولمواجهة التهديدات المباشرة من جانب القوى الغربية لنهب ثروات العرب وغير العرب والسيطرة عليهم بكل الوسائل .

 

وحبذا لو تُعمم هذه الصيغة لتشمل التعاون بين العرب ودول الجوار الأخرى في آسيا وإفريقيا ولكن ليس على قاعدة الاتحاد الإفريقي العربي التي يدعو إليها البعض من منطلقات ايديولوجية واهنة وسياسية ظرفية .

 

إن اقامة منطقة جوار مشتركة مع كل جيران العرب من تركيا إلى إيران وباكستان والدول الإفريقية ليست حلماً واهياً بل ممكناً في حال توفرت الإرادة والاستقلالية في القرار، وهي الوسيلة الوحيدة التي تمنع الحروب الداخلية العرقية (كما في العراق والسودان) والدينية كما في أكثر من منطقة عربية وغير عربية .

 

إن مستقبل الدول والمجموعات والأمم هو في التكتل وان التحول في السياسات التركية في السنوات الأخيرة يشكل فرصة للدفع قدماً بهذه الأفكار .

 

لكن أيضاً يلفت أن تركيا العربية أو المشرقية، إن جاز التعبير، لا تزال تواصل بنجاح سياستها المتعددة الأبعاد التي انتهجتها منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في نهاية العام 2002 .

 

جاء وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو من بروكسل حيث شارك في اجتماعات حلف شمال الأطلسي إلى الكويت ومن قبلها كان يجول في عواصم غربية .

 

إبقاء تركيا على تطلعها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كما وجودها في حلف شمال الأطلسي يجب أن يكون مثالاً للعرب على كيفية التوفيق بين المتناقضات حين تقتضي المصلحة القومية والوطنية ذلك . وعندما ترى تركيا “الإسلامية” ان قوة تركيا ومصلحتها تقتضي أن تكون على علاقات جيدة مع الغرب و”إسرائيل” ومع الدول الأخرى فأولى بالعرب أن يمضوا في خطوات تكامل مع كل جيرانهم بمعزل عن العرق والدين والمذهب من أجل أن يصبحوا قادرين على الوقوف على أقدامهم لمواجهة الخطر الاساسي والوحيد الذي يتهدد كل وجودهم وهو “إسرائيل” ومن خلفها كل السياسات الاستعمارية الغربية .

==================

اللعب في الوقت الضائع

آخر تحديث:الثلاثاء ,26/10/2010

فهمي هويدي

الخليج

أفهم أن تسعى “إسرائيل” للتلاعب بنا وخداعنا . أفهم أيضاً أن تسايرها في ذلك الإدارة الأمريكية وحتى الرباعية الدولية لحسابات وأسباب مفهومة، لكن مالا يخطر على بال أي عقل رشيد أن نشارك من جانبنا في خداع أنفسنا وشعوبنا، وأن نسهم في إحكام الخداع “الإسرائيلي” .

 

(1)

 

“إسرائيل” عملياً أغلقت ملف الانشغال بالضفة عبر التفاوض والتنسيق الأمني مع السلطة، وفي غزة عبر الحصار، ومن ثم لم يعد لها انشغال بالأراضي المحتلة . (لذلك) انكفأت على تعزيز هوية الدولة وحدودها، واعتبرت أنها تستطيع أن تتفرغ لهذه المهمة بحيث تركز على الأمن الداخلي، بعد إغلاق ملف الأمن الخارجي .

 

هذا الكلام ليس من عندي، لكنه ورد في سياق حوار مهم نشرته صحيفة عربية مع النائبة العربية في الكنيست حنين الزعبي، التي كانت ضمن من شاركوا مع أسطول الحرية التي استهدفت كسر حصار غزة . وفي ذلك الحوار سلطت الضوء على مجموعة من حقائق ومؤشرات السياسة “الإسرائيلية” الراهنة، التي تغيب عن الناظر إلى المشهد من الخارج . من تلك المؤشرات ما يأتي:

 

إن “إسرائيل” لا تشعر الآن بأنها في حاجة إلى السلام، لأنها حلت هاجسها الأمني بطريقة أخرى (عن طريق الجدار والحصار والتنسيق الأمني) لكنها تظل بحاجة إلى المفاوضات فقط لأنها تحميها من الضغوط والعزلة الخارجية . وهي المفاوضات التي ضربت القضية الفلسطينية وقضت على منجزات سياسية لنضال دام عشرات السنين . إذ لا ينبغي أن تصبح آلية تستبدل النضال، وإنما يفترض أن تبقى وسيلة لحصد ثمار النضال وجزءاً من المشروع الوطني . ضربت لذلك مثالاً بالاستيطان، إذ بدلاً من أن يعد عثرة تحول دون السلام فإنه أصبح الآن عثرة أمام المفاوضات فقط .

 

إن “إسرائيل “ اكتشفت مؤخراً فشل مشروعها لتذويب وتدجين عرب 48 خصوصاً حين تبينت موقفهم من خلال انتفاضة القدس والأقصى ومن حرب لبنان ويهودية الدولة .

 

إن هذا الإدراك دفع بملف عرب 48 إلى مقدمة تحديات الدولة الصهيونية . وكان نتنياهو قد عبر عن موقفه إزاء ذلك أمام مؤتمر هرتزلياً قبل سبع سنوات (عندما كان وزيراً للمال في حكومة شارون) حين قال إن مشكلة “إسرائيل” هي عربها وليست عرب فلسطين . واعتبر أنه في حالة اندماجهم فإن نسبتهم ستصل إلى 35% من السكان، ما يجعل “إسرائيل” دولة ثنائية القومية . أما إذا بقي عددهم في حدود 20% أو أقل وبقيت العلاقة مؤثرة، فإن ذلك يضر بالنسيج الديمقراطي ل”إسرائيل” . مضيفاً أنه يريد سلاماً اقتصادياً داخلياً، بمعنى دعم العرب كأفراد لأن اقتصاد “إسرائيل” في حاجة إليهم، شريطة أن يتخلوا عن فكرة الدولة لكل مواطنيها (التي تتساوى فيها حقوق العرب مع اليهود) .

 

إن “إسرائيل” في تمييزها ضد العرب وبهدف تضييق الخناق عليهم أصدرت خلال الأعوام الستين الماضية 23 قانوناً . ولكن خلال سنة واحدة تولى فيها نتنياهو السلطة فإن حكومته قدمت 15 قانوناً عنصرياً آخر . وهذه مسألة تحتاج إلى وقفة .

 

(2)

 

“قانون المواطنة” مثلاً الذي يشترط الولاء للدولة اليهودية يعنى أن على كل فلسطيني الاعتراف بشرعية “إسرائيل”، والاعتذار عن النكبة والمشروع الوطني وسد الفرص الواقعية أمام عودة اللاجئين، وتشريع العنصرية ضد العرب المقيمين في “إسرائيل” . وهو القانون الأول من نوعه الذي يصدر في “إسرائيل” ويتعامل مع القناعات، في حين أن كل القوانين الصهيونية الأخرى تعاملت مع الأفعال والسلوكيات، مثل منع التحريض أو المشاركة في إحياء ذكرى النكبة أو غير ذلك . وقد ذكرت حنين الزعبي أن القانون بهذه الصيغة يركز على القناعات الأيديولوجية، ويطرح الوجه الفاشي ل”إسرائيل” . “إذ هو قانون يطلب مني أن أحارب نفسي، بينما القوانين السابقة كانت تشرع للحكومة أن تحاربني” .

 

قانون المواطنة هذا سوف يستتبع بقانون آخر تعده حركة “شاس” يقضي بإسقاط حق المواطنة عن كل من يثبت عدم ولائه “وخيانته” للدولة . وهو ما يعني أن أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني في أراضي 48 سيصبحون عرضة لسحب الجنسية والهويات منهم ومنعهم من مواصلة حياتهم على أرضهم . وهناك سلسلة من القوانين ومشاريع القوانين التي تصب في ذات الوعاء . منها سحب الامتيازات من نواب بسبب مواقفهم السياسية، مثلما حدث مع النائبة الزعبي بسبب مشاركتها مع أسطول الحرية . وكذلك ملاحقة الدكتور عزمي بشارة رئيس التجمع الوطني الديمقراطي بسبب مواقفه . واقتراح مشروع قانون يقضى باعتبار الحركة الإسلامية الشمالية تنظيماً ممنوعاً، وآخر يتيح فصل نائب يؤيد المقاومة المسلحة أو يشارك في التحريض العنصري أو ينفي وجود “إسرائيل” “دولة يهودية ديمقراطية”، وثالث يتعلق بسحب المواطنة في حال عمل إرهابي أو تجسس ورابع لمنع النقاب وخامس لإزالة ذكرى النكبة من برامج التعليم . وقد تمت الموافقة على مشروع القانون الأخير في القراءة الأولى . وهو يحظر إحياء فعاليات النكبة، ويفرض عقوبات على من يخالف ذلك . ثمة مشروع آخر لإصدار قانون “لجان القبول في البلدات”، الذي يتيح لمجلس البلدية داخل “إسرائيل” رفض السماح بسكن أي شخص لا تتلاءم أفكاره مع “فكرة نشوء البلدة الصهيونية”، فضلاً عن قانون الجمعيات الذي يحظر إعطاء إذن لإقامة جمعية لا تتلاءم مع سياسة الدولة، ويقضي بإغلاق أي جمعية تقف خلف دعاوى رفعت ضد “إسرائيليين” أمام المحاكم الدولية، إضافة إلى مجموعة أخرى من القوانين العنصرية التي تستهدف، وفي شكل صارخ، خفض نسبة فلسطينيي 48 من 20 في المئة اليوم إلى نحو 5 في المئة لإبعاد ما يسمى شبح “التوازن الديموجرافي وتحول الدولة”، تالياً، إلى دولة “ثنائية القومية”، في حال استبعاد إمكانية ترحيل هؤلاء الفلسطينيين، لأسباب عدة، في الوقت الحاضر .

 

كان الكنيست قد مرر قبل ذلك قانون “لم الشمل المؤقت”، الذى يمنع الفلسطينيين من الحصول على حق الإقامة في أراضي ،48 أو الحصول على الجنسية “الإسرائيلية” من أزواجهن أو زوجاتهم من فلسطينيي 48 كذلك الحال مع قانون “أملاك الغائبين” في القدس المحتلة، الذي استهدف بسط سيطرة “إسرائيل” على آلاف الدونمات والعقارات والأبنية التي تقدر قيمتها بمئات المليارات من المناطق التي احتلت سنة 1967 .

 

هذه الحزمة من القوانين والإجراءات تستهدف شيئاً واحداً هو اقتلاع الفلسطينيين و”تطهير” “إسرائيل” من الوجود العربي لتثبيت “نقائها” للشعب اليهودي .

 

(3)

 

في عدد الثاني من شهر سبتمبر/ أيلول الماضي كان عنوان غلاف مجلة “تايم” كالآتي: لماذا لم تعد “إسرائيل” مكترثة بالسلام مع الفلسطينيين؟ . . وكان العنوان إشارة إلى تقرير لمراسل المجلة في القدس كارل فيك رسم فيه صورة لحالة الاسترخاء والطمأنينة، التي يتمتع بها “الإسرائيليون” في الوقت الراهن، خصوصاً أن بلادهم لم تشهد خلال الثلاثين شهراً الأخيرة عملية استشهادية واحدة، الأمر الذي أشاع بين “الإسرائيليين” درجة عالية من الاستقرار والهدوء، سمحت لهم بالاستمتاع بأوقاتهم وانعاش اقتصادهم . وقد دلل على ذلك بنتائج استطلاع للرأي أجرى في شهر مارس/ آذار الماضي، سأل “الإسرائيليين” عن أهم المشكلات والتحديات التي يواجهونها، وجاءت الإجابة مشيرة إلى أن 8% فقط منهم اعتبروا أن الصراع مع الفلسطينيين هو الأهم . في حين أن 20% تحدثوا عن التعليم والجريمة والأمن القومي والفقر .

 

كلام المراسل الأمريكي يتفق إلى حد كبير مع الرأي القائل إن “إسرائيل” في الوقت الحاضر لم تعد بحاجة إلى عقد اتفاق سلام مع الفلسطينيين، بعدما تم تأمين جانبهم سواء من خلال التنسيق الأمني والسور العازل في الضفة أو من جانب الحصار المضروب على غزة .

 

وهذا الرأي أيده أيضاً المعلق السياسي لاري درفنر في مقال نشرته له صحيفة جيروزاليم بوست في 18/10 الحالي . في هذا المقال قرر الكاتب ما يأتي:

 

لم أعتقد ولو للحظة واحدة أن نتنياهو كان جاداً بشأن التوصل إلى سلام ينطوى على إقامة دولة فلسطينية مستقلة فعلاً . إنه على استعداد لرمي عظمة أو عظمتين إلى الفلسطينيين، ولا شيء أكثر من ذلك . فبالنسبة إليه فإن إقامة دولة فلسطينية تستحق أن تسمى دولة هي بمثابة استسلام شخصي ووطني، وإذلال، وهو يفضل الموت على أن يسجل في التاريخ باعتباره “بيتان” “إسرائيل” (هنرى بيتان، القائد الفرنسى الذي اتهم بالخيانة بسبب قبوله ترؤس حكومة فيشي الموالية للألمان خلال الحرب العالمية الثانية) .

 

أضاف الكاتب قائلا: انتهى كل شيء إذن، انتهت هذه المحاولة الأخيرة لبث روح الحياة في عملية السلام، ولا يبدو أن نتنياهو مكترث بأن يلقي العالم اللوم عليه، وهو الأمر المرجح . كما أنه لا يهمه أن ليبرمان تمادى في إهانة وزيري الخارجية الفرنسي والإسباني علناً ولا يهمه أنه حمل باراك أوباما فشلاً آخر عشية انتخابات الكونغرس، الأمر الذي لا يفترض بأي رئيس حكومة “إسرائيلي” أن يفعله تجاه رئيس أمريكي .

 

قال أيضاً إن نتنياهو أكد مجدداً تحالفه الأيديولوجى مع ليبرمان والمستوطنين وبقية اليمين المتطرف . “فهؤلاء يركبون موجة عالية، ولديهم مجموعة كبيرة أخرى من القوانين الاستبدادية المناهضة للعرب التي يسعون لتمريرها، فمن الذي سيوقفهم؟ حزب العمل؟ حزب كاديما؟ يهود الشتات؟ واشنطن؟ وسائل الإعلام؟” .

 

هل المستقبل يبدو أكثر إشراقاً؟! تساءل صاحبنا ثم أجاب قائلا: بعد أيام قليلة سيمنى الديمقراطيون بهزيمة ساحقة في انتخابات الكونغرس، وسيصبح أوباما بطة عرجاء . إن الحليف الأيديولوجي الوحيد لنتنياهو في العالم، الحزب الجمهوري، سيعود عملياً إلى السلطة، في حين أن المعارض الحقيقي الوحيد له، إدارة أوباما، لن يكون قادراً على رفع يده في وجهه بعد الآن . أضاف: هذه الحكومة . جنباً إلى جنب مع المستوطنين ستكون حرة في أن تفعل ما تريد . ولن يقف أي أحد أو أي شيء في طريقهما، أما رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، فقد انتهى أمره، كما انتهى أمر الاعتدال في الضفة الغربية .

 

ختم الكاتب تعليقه قائلاً إن هذه الأجواء ستشكل ظرفاً مواتياً لنتنياهو لكي يقوم بقصف إيران، وهو الهدف الذي يشغله ويسعى إليه منذ سنوات . وفي هذه الحالة فإنه لن يجد طرفاً يوقفه خصوصاً أن الجمهوريين يشجعونه ويؤيدونه في ذلك .

 

(4)

 

هذه ليست أسراراً محجوبة عن الأعين، ولكنها معلومات في متناول الجميع . ولست أشك في أن المعنيين بالقضية على علم بها وربما بما هو أكثر منها . وإذا صح ذلك وهو صحيح لا ريب فماذا يكون شعور المرء حين يقرأ أن لجنة المتابعة العربية قررت (فى 8/10) “مباشرة البحث في البدائل المترتبة على فشل المفاوضات خلال شهر، ودعت الإدارة الأمريكية إلى الضغط على الحكومة “الإسرائيلية” لوقف الاستيطان”؟ . وبماذا يفسر تجاهل القمة العربية الاستثنائية في سرت الليبية للملف الفلسطيني برمته . وتركيزها على الاهتمام بالسودان والصومال من دون غيرهما . وكيف نقتنع بأنها انشغلت طول الوقت بمشروع إصلاح النظام العربي، وهل يظل اسم الجامعة العربية كما هو أم تصبح اتحاداً عربياً، وهل نقيم مع دول الجوار العربي “رابطة” أم نكتفي “بالمنتدى”؟ ثم ماذا نقول في القمم الثنائية العربية التي نقرأ عنها في الصحف، وتبشرنا كل حين بأن حوار البحث تناول تطورات القضية الفلسطينية ومساعي تحقيق السلام . تمهيداً لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف؟

 

لا يكاد المرء يصدق أن تكون الممارسات “الإسرائيلية” على أرض الواقع بالصورة التي نقلتها التقارير، في حين يكون رد الفعل العربي والفلسطيني على النحو الذي أشرت إليه تواً . وأعترف بأن الكلمات لا تسعفني في وصف المفارقة الفادحة التي يبدو فيها بجلاء أننا بصدد هزل لا جد فيه، وأن ما يحدث على الجانب العربي والفلسطيني بمثابة خداع للشعوب وضحك على العقول، وأن الملف الفلسطيني بات بيد مجموعة من المهرجين، الذين لم يتوقفوا عن اللعب في الوقت الضائع . وتلك أرق الأوصاف التي يمكن أن تطلق على المشهد . ومن لديه وصف أكثر صراحة فليحتفظ به لنفسه .

==================

أفغانستان أفضل تعبير عن العجز الأميركي...

خيرالله خيرالله

الرأي العام

26-10-2010

دخلت الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة ومعها حلف شمال الأطلسي في أفغانستان سنتها العاشرة. بدأت تلك الحرب في اكتوبر من العام 2001 بعد سلسلة العمليات الإرهابية التي نفذها تنظيم «القاعدة» في الحادي عشر من سبتمبر من ذلك العام بواسطة طائرات مدنية استخدمت لمهاجمة أهداف مدنية وعسكرية، بينها برج التجارة العالمي ومقر وزارة الدفاع (البنتاغون) في كل من نيويورك وواشنطن. سمت «القاعدة» عملياتها الإرهابية ب «غزوة نيويورك وواشنطن». كانت النتيجة غزوة أميركية بدعم بريطاني، وأطلسي لاحقاً، لأفغانستان أدت إلى اسقاط نظام «طالبان». سقط نظام «طالبان» لكن «طالبان» لم تسقط بل ان كل ما يمكن قوله مع دخول الحرب الأفغانية سنتها العاشرة أن الحركة استطاعت أن تثبت اليوم أنها أقوى من أي وقت وأن كل ما في استطاعة الولايات المتحدة وحلفائها عمله هو إيجاد صيغة للتفاهم معها في شأن مستقبل أفغانستان. ثمة سعي إلى مثل هذا التفاهم من دون الحصول على ضمانات بأن البلد لن يعود ملاذاً آمناً ل «القاعدة» والحركات المتطرفة المنبثقة عنها التي توسع انتشارها في مختلف أنحاء العالم.

ما الذي في استطاعة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي عمله الآن في أفغانستان؟ قبل كل شيء، كان مفيداً توقف إدارة اوباما عن استخدام تعبير «الحرب على الإرهاب» الذي شكل غطاء للحملة العسكرية في أفغانستان. ان العودة عن الخطأ فضيلة، خصوصاً متى صار همّ الأميركيين محصوراً في البحث عن طريقة للتفاهم مع «طالبان» وتأمين مخرج لجيشهم من أفغانستان. هناك ضغط مزدوج على الإدارة الأميركية في هذا الأيام. مصدر هذا الضغط الداخل الاميركي أوَلاً حيث لم تعد هناك قناعة بجدوى الوجود العسكري في أفغانستان... ثمّ الحلفاء، على رأسهم بريطانيا التي يدرك رئيس الوزراء فيها ديفيد كاميرون أن الحرب تستنزف الاقتصاد البريطاني والقوى البشرية في الجيش.

من «الحرب على الإرهاب» بهدف اجتثاثه من جذوره والوصول إلى رأس اسامة بن لادن، إلى البحث عن طريقة للتفاهم مع «طالبان»، اجتازت الولايات المتحدة مسافة طويلة في اتجاه تراجع هيبتها على المستوى العالمي. من يتحمل مسؤولية هذا التراجع الكبير الذي أفضى إلى خلل كبير انسحب على الدور الذي يفترض أن تلعبه القوة العظمى الوحيدة في العالم؟ الجواب، أن في أساس المأزق الأميركي في أفغانستان القرار القاضي بالذهاب إلى العراق في العام 2003 وذلك قبل استكمال الجيش الأميركي للمهمة الملقاة على عاتقه. بين سذاجة جورج بوش الابن ذات الطابع العدواني وسذاجة باراك اوباما ذات الطابع المسالم، ضاعت كل الجهود التي بذلها الأميركيون في أفغانستان. إلى الآن لا يزال هناك سؤال من دون جواب: لماذا حرب العراق ولماذا المزج بين العراق و«الحرب على الإرهاب». لا يختلف اثنان على أن الشعب العراقي والمنطقة كانا في حاجة إلى التخلص من النظام العائلي- البعثي لصدّام حسين الذي قضى على النسيج الاجتماعي للبلد واستنزف العراق ودول المنطقة. هذا شيء وفتح جبهة أخرى قبل الانتهاء من أفغانستان شيء آخر.

مع دخول الحرب في افغانستان سنتها العاشرة، تدفع الولايات المتحدة ثمن الخطأ العراقي. لدى رفع شعار «الحرب على الإرهاب» والسعي في الوقت ذاته إلى اجتثاثه من جذوره، لا يعود مكان للسذاجة السياسية التي بلغت حد خوض الحرب في أفغانستان لاسقاط «طالبان» وتجاهل أن للحركة حديقة خلفية اسمها باكستان. تبدو اليوم الحرب في أفغانستان حرباً طويلة، اللهم إلا إذا كان المطلوب حصول انسحاب عسكري أميركي وأطلسي في المستقبل القريب وتأمين عودة «طالبان» إلى السلطة في كابول. لقد فشلت السياسة الأميركية على كل المستويات. فشلت خصوصا عندما اعتقد القيمون عليها أن في استطاعتهم الاستعانة بحامد كرزاي وتكليفه إعادة بناء مؤسسات الدولة. ليس كافياً أن يكون كرزاي من قبائل البشتون التي في أساس قوة «طالبان» كي ينجح في مهمته. وليس كافياً إغراق عسكر باكستان بالمساعدات كي يضمن الأميركيون دعمهم في «الحرب على الإرهاب». ان باكستان تحولت منذ وصول الجنرال ضياء الحق الى السلطة في العام 1977 إلى دولة تدعم التطرف عبر مؤسساتها الرسمية والبرنامج التعليمي فيها. لم تكن الولايات المتحدة نفسها بعيدة عن هذا التوجه، بل دعمته بشكل مفضوح منذ العام 1980 عندما تورط السوفيات عسكرياً في أفغانستان.

في العام 2010، لم تعد المسألة مسألة فشل أميركي في أفغانستان فقط. يمكن لهذا الفشل أن تكون له تداعيات على صعيد الكرة الأرضية كلها. لم تعد الولايات المتحدة القوة التي لا تقهر التي استطاعت الخروج منتصرة من الحرب الباردة. هناك عودة إلى تلك الأيام التي كانت السياسة الأميركية سياسة حائرة بسبب حرب فيتنام. هناك نوع من الاستخفاف بالولايات المتحدة وبقدرتها على فرض رأيها في أماكن يفترض فيها أن تكون صاحبة الكلمة والأخيرة. فالعراق على سبيل المثال وليس الحصر من دون حكومة منذ ما يزيد على سبعة أشهر على الرغم من كل الضغوط التي مارستها واشنطن من أجل تفادي الفراغ فيه. لا شك أن أميركا أسقطت النظام الذي كان في بغداد. ولكن ما هو أكيد أكثر أن اللعبة السياسية في البلد خرجت كلياً من يديها.

في اكتوبر 2001، احتاجت القوات الأميركية بضعة أسابيع لقلب نظام «طالبان». في اكتوبر 2010 تبحث واشنطن عن صيغة للتفاهم مع الحركة. انها مسافة تختصر عجز القوة العظمى الوحيدة في العالم عن أن تكون قوة عظمى.

كاتب لبناني مقيم في لندن

==================

البطالة الموقتة والدائمة

الثلاثاء, 26 أكتوبر 2010

علي بن طلال الجهني *

الحياة

لم تكن هناك بطالة واضحة في السعودية وبقية دول الخليج العربية إلا بعد انطفاء شعلة ما صار يُعرف بالطفرة الاقتصادية الأولى التي اشتعلت في منتصف السبعينات من القرن الماضي وانطفأت بنهايتها.

فخلال فترة الطفرة تحوّل كثير من السعوديين والخليجيين عامة الى أرباب عمل يستقدمون من يعملون لديهم من دول فقيرة كثيرة السكان يقبل أبناؤها العمل بأبخس الأجور.

ولكن عائدات البترول التي كانت وقود شعلة الطفرة بدأت تتضاءل في بداية الثمانينات، ومع تضاؤلها تضاءلت كمية وقود الشعلة حتى انطفأت. فماذا حصل لمئات الآلاف من المؤسسات التي أُنشئت خلال فترة الطفرة؟ بعضها أفلس وانتهى، وبعضها استطاع ان يستمر إذا كان بين من استقدم من منسوبيها من استطاع ان يدير المؤسسة بطريقة مربحة.

ولكن الأخطر والأكثر تدميراً لفرص توظيف المواطنين هم من تخصصوا في التجارة البشرية، أي الذين يستقدمون المئات وأحياناً الآلاف ويتقاضون مقابل ذلك ثمناً مضاعفاً أولاًَ من سماسرة مكاتب العمل الأجنبية في البلدان التي أتى منها المستقدمون ثم من داخل بلداننا، إما ببيع «الكفالة» مباشرة أو بترك هذه الجحافل من العمالة «السائبة» في الشارع للبحث عن عمل، ثم تقاضي دفعات من هؤلاء المساكين كلما أتى وقت تجديد الإقامة أو نقلها الى رب عمل آخر.

كان أبناء الخليج قبل اكتشاف البترول وبعد اكتشافه، بل وحتى مستهل السبعينات من القرن الماضي هم الذين يؤدون أعمالهم كافة بأنفسهم أياً كان مستواها من أعمال النظافة وإعداد الطعام وبيعه وزراعة المزروعات وحصدها وتولي تجارتهم وتنفيذ مبيعاتهم بأنفسهم. وما كنا نجد في محلات البيع البسيطة في «الدكاكين» الصغيرة وشوارعها الضيقة عمالة أجنبية. كل من كنا نرى ونتعامل معهم من أهل «الديرة» أو «البلد» وجميع بائعي الأغذية والأطعمة سعوديون. وكذلك جميع سائقي التاكسي والحافلات من المواطنين. وحتى عام 1974 اذكر ان أبناء قبيلة سعودية معينة كادوا يحتكرون قيادة وامتلاك سيارات التاكسي في المنطقة الشرقية من السعودية.

ولكن الاستقدام تدريجياً غيّر ذلك كله. في بداية الطفرة لم تكن هناك بطالة لان الإدارة الحكومية أيضاً توسعت لإدارة منشآت التنمية وكانت في حاجة الى توظيف المواطنين. وكل من كان يبحث عن عمل حكومي يجده ما دام يستطيع أن يفي بالحد الأدنى من القدرة على شيء من القراءة والكتابة. أما إذا كان جامعياً، مهما كان حقل الدراسة «تعيساً» فلا بد من «دق الطبول» بحسب عبارة الصديق الأستاذ ناصر الصالح، لجذب الجامعي للعمل في الخدمة الحكومية والبقاء فيها أكثر من بضع سنوات.

ومنذ بدأت عائدات البترول تتناقص، تناقصت قدرة الخزانة العامة على توظيف المواطنين، والاهم انتهت الحاجة الى توظيف كل خريج بسبب تشبع المصالح الحكومية والتغيرات السريعة التي أحدثت الطفرة.

وهنا انطلقت أول شرارة من نار بطالة المواطنين الذين وجدوا أنفسهم لا يستطيعون منافسة العمالة المستقدمة ليؤدوا الأعمال التي كان يؤديها آباؤهم وأجدادهم، وفي الوقت ذاته لا يجدون عملاً في الأجهزة الحكومية.

خلق «الاستقدام» بطالة «هيكلية». والمقصود بالبطالة «الهيكلية» هي التي لا علاقة لها بالدورات الاقتصادية، كتلك الدورات المرتبطة بتغيرات مستويات أسعار النفط، فارتفاع أسعار النفط الى مستويات عالية جداً قبل نحو ثلاث سنوات لم يقلل من نسبة بطالة المواطنين.

البطالة الموقتة هي المرتبطة بالدورات الاقتصادية كالموجودة حالياً في أميركا وأوروبا بسبب الكارثة المالية، والتي ستزول أو تتناقص بانتهاء آثار هذه الأزمة المالية بالحد من سرقات وحيل لصوص أسواق المال وتنظيم التعاملات المالية بقدر يحد من مغامرات السماسرة ورؤسائهم بأموال المودعين.

أما البطالة الهيكلية الموجودة حالياً بنسب متفاوتة في دول الخليج العربية، فلا تزول إلا بزوال أسبابها. وأهم أسبابها «الاستقدام» في معظم دول الخليج. ويعضد الاستقدام ويعينه في التقليل من فرص عمل المواطنين في السعودية بدرجات أكثر من غيرها من بين دول مجلس التعاون لدول الخليج، التعليم غير الملائم لمتطلبات سوق العمل.

ولكن نظام التعليم وعلى كل مستوياته من العام الى الجامعي، بل والتدريب أيضاً في المملكة العربية السعودية، بدأ يتغيّر تغيراً جذرياً ايجابياً بالتركيز على المواد والتخصصات العلمية والفنية. ويأمل كل متابع لشأن التعليم أن يعاد تأهيل المعلمين بما يؤهلهم لتعليم المواد العلمية والفنية بطريقة جذابة لا منفّرة للطلاب.

والله من وراء القصد.

==================

جهادية» أوباما لاسترداد المبادرة من نجاد ونتنياهو

غسان الامام

الشرق الاوسط

26-10-2010

اثنان لا يصلحان للعمل السياسي. أولهما رجل الدين. إذا كان صادقا فعليه أن يغادر السياسة. الدين منظومة ثوابت مقدسة. السياسة منظومة من المتغيرات الفوضوية. السياسة فن المساومة على التسوية. السياسة مناورة قد تصل إلى حدود المؤامرة.

لا مساومة في الدين. إما أن تقبله كله. وإما أن تغادره. من هنا دوغمائية رجل الدين الذي يحترف السياسة. دشن صدام حربا. واصلها الخميني ثماني سنوات. أفنى الخميني المعصوم أجيالا شبابية في حرب مهلكة. ماتوا في حقول ألغامها، وعلى أسلاكها الشائكة. عندما نصحه رجل دين مساوم (رفسنجاني) بوقفها... وإلا فالهزيمة محتمة. رضخ الخميني، لكن: «وقف الحرب بمثابة تجرع للسم». لم يتحمل الخميني الواقع الميداني المتغير. مات «مسموما» بالسلم، بعد سنة واحدة من وقف الحرب.

لا قداسة. لا معصومية لرجل دين يعمل في السياسة. حسن حزب الله يسوف. يماطل السياسة. ينزه رجال حزبه عن التورط في اغتيال سياسي. السيد حسن لا يساوم. يخلط الدين بالسياسة. السياسة عنده أيضا ثوابت. لا يقبل أن يكون متهما، حتى لو أشعلت «ثوابت» نفيه وإنكاره لبنان فتنا وحروبا.

المثقف هو الآخر الذي لا يصلح للسياسة. أقول دائما إن السياسي ليس بالضرورة أن يكون مثقفا. الثقافة تصعد بالإنسان العادي إلى مرتبة المثالية. الثقافة تفترض في المثقف أن يكون صادقا مع نفسه. مع أفكاره. مع مواقفه ومثله، قبل أن يكون صادقا مع غيره.

من هنا شقاء المثقف مع مثالية إنسانية لا تتوفر في السياسة. من هنا فشل المثقفون العرب (الشهبندر. عفلق. البيطار. جمال أتاسي. عبد الرحمن البزاز. سعدون حمادي. عبد الخالق السامرائي. بن بركة. سيد قطب. هيكل. مزالي...) في العمل السياسي. فيما نجح ساسة وعسكر بلا ثقافة. كانوا المحترفين الواقعيين الذين لا تردعهم مثالية الثقافة وإنسانيتها.

في الحكم، بدا باراك أوباما مثقفا بليغا في خطابه. مترددا. بطيئا في قراره. وحتى إنجازاته (إصلاح التعليم. توسيع الرعاية الصحية. ضبط الأسواق والمصارف المالية) لم تكن مقبولة شعبيا! فهي إما ضئيلة. وإما موحية بالتواكل والاعتماد على الدولة القوية المانحة، في بلد يقدس ثقافة المبادرة الفردية، والكدح في العمل.

ما زال المثقف أوباما لغزا. اليمين المحافظ يعتبره ليبراليا. اليمين العنصري والديني يعيره بلونه وإسلام أبيه (حسين). الليبراليون يشتبهون بكونه اشتراكيا، حيث الاشتراكية في أميركا سبة تستوجب نفي الاشتراكي، والمثقف الماركسي.

وهكذا، راح معاونو الرئيس المثقف ومستشاروه يتخلون عنه. ينسحبون منه. وفي مقدمتهم يهود الإدارة. وحتى وزير دفاعه روبرت غيتس. وهيلاري كلينتون وزيرة خارجيته أعربا، سلفا، عن رغبتهما في عدم البقاء في المنصب طيلة مدة ولايته. هيلاري ربما تعود إلى منافسته على الرئاسة، مستغلة ضعفه. منتهزة فرصتها الأخيرة. قبل أن يسبقها قطار العمر.

حزم المثقف أوباما ما تبقى من عزمه وإرادته وشبابه. عاد إلى الميدان وحيدا. محاولا إنقاذ حزبه ومرشحيه من كارثة انتخابية. ليس لي هنا سوى أن أدعو العرب، وفي مقدمتهم أصحاب القرار، إلى مراقبة يوم الثلاثاء المقبل 2 نوفمبر (تشرين الثاني) جيدا. فهو المفصل الانتخابي أو المنعطف أمام رئيس مهدد بخسارة أغلبيته في مجلس الكونغرس. وبشل إدارته. مع احتمال عدم التجديد له في نوفمبر 2012. وعودة الجمهوريين إلى الحكم، بكل ما يترتب عن ذلك من متغيرات أميركية. دولية. عربية.

تحدثت باختصار عن محنة المثقف أوباما في بلده أميركا. سأتوجه رأسا إلى الحديث عن محاولة أوباما استعادة زمام المبادرة، من إيران نجاد. ومن إسرائيل نتنياهو. مكتفيا بالإشارة إلى أوباما الدولي. أوباما المثقف الموافق على عالم متعدد الأقطاب. حالم بعالم خال من الأسلحة النووية.

في التمرد على إدارة أميركية ضعيفة. مترددة. بل غير مدركة للحقائق في المنطقة العربية، تبدو حكومة نتنياهو/ ليبرمان غير معنية بسلام حقيقي وعادل مع العرب.

لتجميد الاستيطان شهرين، أملا وحلما بالتوصل خلالهما لاتفاق على رسم الحدود، يبتز السياسيان المحترفان المثقف أوباما، في مطالب مثيرة للضحك والسخرية من غباء أميركا، أو استغبائها للعرب: احتلال عسكري لحدود الضفة مع الأردن. ضمان عدم عودة إسرائيل لحدود 1967. الاعتراف بيهودية الدولة. إلزام أميركا بفرض هذا الاعتراف على الفلسطينيين، لحرمانهم من حق العودة، وربما لترحيل عرب 48 من إسرائيل. استمرار تزويد إسرائيل بكل ما يضمن لها التفوق العسكري الاستراتيجي، في أي مواجهة ساخنة مع العرب، بما في ذلك طائرات إف 35 المخترقة للأنظمة الدفاعية الجوية.

وهكذا أيضا، يبدو مسعى أوباما لهدهدة غلواء إسرائيل غير جدي. أميركا تلوح باستخدام الفيتو ضد أي محاولة عربية، لانتزاع اعتراف بدولة فلسطينية من الأمم المتحدة، فيما يهدد نتنياهو عباس بضم نصف الضفة إلى إسرائيل. إذا كانت هناك رغبة حقيقية في إلزام إسرائيل بالسلام، فقد كان بإمكان أوباما في ذروة قوته وشعبيته (انهارت من 62 إلى 45 في المائة) أن يسحب من أدراج مكتبه مشروعا أميركيا لفرض الدولة الفلسطينية.

الموقف الأميركي المتخاذل. الابتزاز الإسرائيلي. الانقسام الفلسطيني. العبثية التفاوضية. ضعف الموقف العربي... كل ذلك يشجع إيران نجاد على اختراق العرب على كل الجبهات. إدارة أوباما، إلى الآن، لم تعرف كيف تستغل تناقضات المشروع الإيراني، لفضحه أمام جمهور عربي مخدوع بدعايته. فهو طائفي في العراق. مذهبي. «إلهي» في لبنان. عروبي. إسلامي في الضفة وغزة!

وثائق «ويكيليكس» الأميركية فرصة ذهبية للنظام العربي لفضح إدارة المالكي لمعتقلات التعذيب والتصفية السرية. المالكي نفسه الذي يطوف العالم العربي، شاريا الصمت العربي بعرض إغراء الاستثمار في مشاريع التنمية والإعمار. فرصة كبيرة للبنانيين لفضح مشاركة «مجاهدي» حزب الله في تدريب «مجاهدي» التنظيمات الشيعية العراقية في لبنان وإيران، تحت إشراف «الحرس الثوري»، على زرع ألغام التفجير. وعمليات الاغتيال والتصفية لعروبة العراق والسنة.

فقد الساحر سحره. فقد المثقف منطقه. ترك السياسي الهاوي السياسيين المحترفين نجاد ونتنياهو، يؤججان ثقافة الضد العربية لكل ما هو أميركي. انتقل العرب من «ثقافة الرفض» لإسرائيل. إلى «ثقافة الضد» لأميركا/ أوباما العاجزة أمام إسرائيل.

من «جاهلية» بوش. إلى «جهادية أوباما»! باسم «مكافحة الإرهاب»، شن بوش حربا على العرب والمسلمين. سلم العراق إلى إيران. صالح أوباما العرب والإسلام. ببلاغة الكلمة. وعبقرية الخطاب، ليستأنف حروب بوش على المسلمين! صعد أوباما الحرب في باكستان. أفغانستان. اليمن. الصومال. أخفق. قرر الانسحاب. غدا، قد يعود الجمهوريون إلى الحكم. يسترضون إسرائيل. يواصلون حروب بوش وأوباما على العرب والمسلمين. ===========================-

الدردري يعترف: لم نستطع تخفيض الفقر في سورية!

(دي برس)

26-10-2010

تهرب نائب رئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري وتمنع من الإجابة عن السؤال الأهم الذي طرحه العمال في مجلسهم العام الاثنين 25 تشرين أول، وتمحور السؤال حسبما أفادت صحيفة الوطن حول زيادة الرواتب والأجور ودعم الوقود.

وجاء تهرب الدردري على الرغم من مطالبات ممثلي العمال بالإجابة في نهاية أعمال مجلس اتحاد العمال، وفي الوقت نفسه تطرق النائب في حديثه المطول أمام العمال إلى الخطة الخمسية العاشرة والخطة الحادية عشرة وقال إن الحكومة وضعت سياسات ومؤشرات وكان أول هدف لها هو إصلاح هيكلي شامل للاقتصاد السوري والابتعاد عن النفط كمورد والنتائج اليوم هي تعزيز سورية لاحتياط القطع الأجنبي وتحسين عجز الموازنة الذي كان أقل من 3% من الناتج المحلي الإجمالي إضافة إلى دين عام خارجي وداخلي لم يزد على 25% ورفع للقيمة المضافة للصادرات وتغيير في هيكل الاقتصاد.

وقال الدردري: وضعنا الخطة ب1800 مليار مناصفة بين القطاع العام والخاص وتم إنجاز الخطة بشكل كامل، وأوضح الدردري أن مجمل ما أنفق من الموازنة العامة تجاوز الآن 1050 ملياراً مقابل 900 مليار مخطط لها في الخطة العاشرة فلا تراجع في دور الدولة. وقال الدردري خططنا استثمارات للقطاع الخاص ب900 مليار وفي سورية نفذت استثمارات للقطاع الخاص بأكثر من 1300 مليار ولدينا أكثر من 4000 منشأة في المناطق الصناعية.

 

وأوضح الدردري أن مؤشرات عرض النقود والتضخم والموازنة وعجزها والدين العام وميزان المدفوعات والنمو ونمو الناتج ونمو حصة الفرد جميعها في سورية حققت وتجاوزت ما عرض في الخطة الخمسية العاشرة فمعدل نمو الناتج الصناعي السوري تجاوز 14% في حين المخطط 9% وحصة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي تتجاوز 12%.

 

"لن نعلق قصورنا على أسباب خارجية" يقول الدردري مضيفاً حسب الصحيفة إنه منذ بداية الخطة وحتى الآن مررنا بظروف غير طبيعية والسيناريو التشاؤمي للخطة حصل ولكن جميع الأهداف حققت من ناحية المؤشرات الاقتصادية الكلية وحافظت على أرقام البطالة عند حدود 8.1% وفق الإحصاءات وضمن الظروف التي دخلنا بها الخطة فهذا إنجاز. وكشف الدردري عن أن عدم استطاعة تخفيض معدلات الفقر بالنسبة التي كانت الخطة تطمح تعود إلى الكوارث الطبيعية موضحاً أن أي بلد يواجه نفس ظروف الجفاف وهجرة 300 ألف شخص إلى منطقة أخرى وفقدان دخلهم الرئيسي سيرفع مستوى الفقر في البلد.

 

بالعودة إلى الخطة العاشرة هل كان سبب ارتفاع الأسعار هو السياسة الاقتصادية يسأل الدردري ويجيب أنه ووفق دراسة عالمية حول العلاقة بين السياسة الاقتصادية والأسعار والتضخم في 123 دولة منذ 1970 وحتى العام الحالي وتبين أن كل دولة في كل مرحلة تغلق الاقتصاد وتشديد التسعير الإداري كان يرفع معدل التضخم أكثر من مرحلة تحرير السياسة الاقتصادية. موضحا أن وسطي معدل التضخم في الخطة خلال سنواتها لم يتجاوز 5 % مع 18% التضخم في العام 2008 وارتفع الدخل الحقيقي بالأسعار الحقيقية من أقل من 60 ألف ليرة سنوياً إلى 75 ألفاً في عام 2010 وتحليل مسح نفقات ودخل الأسرة أوضح أن أكبر توسع في إنفاق الأسر السورية ودخلها كان في الشريحة المتوسطة أي إن الشريحة المتوسطة في سورية توسعت. وحول فرص العمل أوضح الدردري أننا خلال السنوات القادمة بحاجة إلى خلق 1.25 مليون فرصة عمل وإجمالي ما ستحققه من فرص عمل مباشرة خلال السنة الأولى من الخطة هو 65 ألفا فكيف سنؤمن بقية الفرص وبالتالي لابد من جذب الاستثمار إلا أن المستثمر لن يأتي إلى بلد توضع فيه الأسعار إداريا. وكشف الدردري عن أن الدولة ستنفق على البنية التحتية 700 مليار وستنفق رقماً مماثلاً على التنمية البشرية وستنفق 91 ملياراً في المدارس للقضاء على الدوام النصفي، كما ستنفق 300 مليار على الزراعة والري وتخطط الدولة أن يصل عدد السياح في نهاية الخطة الخمسية الحادية عشرة إلى 14 مليون سائح وتحقق 600 مليار عوائد، والاستثمارات ستصل إلى 235 ملياراً، وسترتفع حصة الأجور إلى 1500 مليار والطموح أن تصل نمو قوة العمل إلى 3% سنوياً.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ