ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 26/10/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

أمريكا: قدم من طين في أفغانستان

د. أحمد موفق زيدان

2010-10-24

القدس العربي

'الإمبريالية رجل من طين' هكذا قال تروتسكي، الذي ينطبق قوله تماما على أمريكا ووجودها في أفغانستان اليوم، بعد الإعلان الأمريكي عن عجز تجاري بلغ خلال شهر آب/اغسطس الماضي فقط 46.3 بليون دولار، فالامبراطوريات حين تنهار يبدأ انهيارها بالتدهور الاقتصادي، وهو ما جرى مع الإمبراطورية الرومانية، فتوسع الامبراطوريات ودخولها في مغامرات عسكرية وعلى جبهات عدة، يورط الاستراتيجيين ويدفعهم إلى الانتقال من ورطة إلى أخرى، وهو ما يذهب بكاريزميتهم وحضورهم الدبلوماسي الذي كان أيام العز والجاه، مرهوب الجانب ومسموع الكلمة، فأمريكا بقضها وقضيضها اليوم رهينة بشكل مباشر أو غير مباشر للتعاون الباكستاني معها في استمرارية الحرب في أفغانستان، أو في الخروج من المأزق الذي هي فيه، فوجود أخطر الجماعات المهددة لأمريكا في مناطق القبائل الباكستانية، أو في وجود طالبان أفغانستان الذين يقاتلون القوات الأمريكية، التي تتهم الباكستانيين بالتنسيق معهم بشكل مباشر أو غير مباشر، كل ذلك يعزز الحاجة الأمريكية لباكستان سلما أو حربا.

فشل الاستراتيجية الأمريكية في أفغانستان تجلى بشكل واضح في الأيام الأخيرة بنقل المعركة إلى باكستان، واستهداف حلفائهم من الجنود الباكستانيين في مناطق القبائل المتاخمة لأفغانستان، وما نجم عنه من إغلاق باكستان لحدودها أمام قوافل الإمداد الدولية في أفغانستان التي تحارب القاعدة وطالبان، وهو ما أعاد للسياسيين والخبراء نظرية 'زحف الحروب' أيام فيتنام، حين نقلت واشنطن المعركة إلى كمبوديا ولاوس، بعيدا عن فيتنام، وزحفت معها أيضا ممارسة عملية اللوم بين البنتاغون والبيت الأبيض والخارجية الأمريكية مع اقتراب تقييم الاستراتيجية الأمريكية في أفغانستان والمقررة في شهر كانون الاول/ديسمبر المقبل. وظهر أيضا أن الخسارة الأمريكية لم تعد في أفغانستان، بعد أن كشفت استطلاعات الرأي في باكستان عن تقدم العداء الباكستاني لأمريكا على عداء الشعب الباكستاني للعدوة التقليدية الهند.

التخبط الحاصل في السياسة الأمريكية إزاء أفغانستان وباكستان، وتباين المواقف بين البنتاغون والبيت الأبيض والخارجية الأمريكية يعكس بشكل واضح وجلي مدى الخلاف والتباين في تقويمات كل طرف للأوضاع الأفغانية، خصوصا مع تعهد دول أوروبية بالانسحاب من أفغانستان العام المقبل، وهو ما أعطى رسائل سلبية للجنود الأمريكيين وغير الأمريكيين الذين يقاتلون في أفغانستان من أن المعركة على وشك النهاية، وبالتالي لا جدوى من التضحية ومن القتال هنا، ما دام الكل يحزم حقائبه.

ينضاف إلى التباين الأمريكي البيني هذا تباين بين شركاء الولاء في الحرب على ما يوصف بالإرهاب، إذ أن الاختراق الأمريكي الذي حصل لمناطق القبائل الباكستانية واستهداف نقطة تفتيش عسكرية باكستانية ومقتل اثنين من جنودها وجرح ثلاثة آخرين، ثم إغلاق باكستان لخطوط قوافل الإمداد العابرة لأراضيها، التي توفر ثمانين بالمئة من احتياجات القوات الدولية في أفغانستان لمواصلة حربها هناك، عكس مدى التشاكس والخلاف بين الطرفين، فباكستان ترى أن واشنطن تريدها فقط شريكا للمهمات القذرة بمعنى أنها شريك فقط للحرب والقتال والتدمير، وهو ما جرى خلال السنوات التسع الماضية، كلفها تخريب علاقاتها مع كل حلفائها الأفغان السابقين، بينما دول أخرى شركاء نظيفون مهمتهم الحوار مع طالبان والتأسيس لمرحلة سياسية بناءة أخرى بعيدا عن باكستان، وهو الأمر الذي أزعج الأخيرة ودفعها لإقفال شريان حياة القوات الدولية في أفغانستان.

فواشنطن من جهة أعلنت عن دعمها ومساندتها الرئيس الأفغاني حامد كرزاي في فتح حوار مع طالبان، وصرح جنرالات الناتو بأنهم سيسهلون حركة قادة طالبان القادمين إلى كابول لهذه المهمة، وواشنطن تشجع حوار كرزاي مع أشد أعدائها وهو سراج الدين حقاني المطلوب أمريكيا، والمتهم بقتل ربما المئات من الجنود الأمريكيين، وهو المتحالف أيضا مع القاعدة والذي يعتقد بأنه يقيم وشبكته في مناطق شمال وزيرستان القبلية المتاخمة لأفغانستان، وفي نفس الوقت تطالب واشنطن باكستان بحربه والقضاء عليه، وهو الأمر الذي يزعج باكستان من هذه الازدواجية الأمريكية.

على كل حال الحوار الاستراتيجي الذي سينطلق يوم الحادي والعشرين من الشهر الجاري بين باكستان وأمريكا في واشنطن، ربما يكون مهما في تحديد فرص الحرب والسلام في أفغانستان، وربما يحدد معه طبيعة الدور الباكستاني في مقبل الأيام، لكن باكستان لا تزال في وضع صعب للغاية، فهي من جهة تريد إرضاء الحليف الأمريكي ومسايرته تكتيكيا حتى تنقشع غمامة الوضع الأفغاني الضبابي، وفي نفس الوقت لا تريد خسارة حليف مستقبلي بشتوني طالباني على حدودها، خصوصا وهو يتشاطر علاقات قوية مع أشد خصومها، وهم حركة طالبان باكستان. وفي نفس الوقت باكستان تعمل على شن حرب لا هوادة فيها على حركة طالبان باكستان، وتقدم ربما المعلومات الثمينة للأمريكيين لخلاصها منهم، بينما تخشى في الوقت نفسه على حركة طالبان أفغانستان كون نهايتها ستكون لصالح خصوم وأعداء باكستان الاستراتيجيين من الهند، وربما تقفز حينها إيران إلى ملء الفراغ، لان حلفاءها في السلطة من عناصر التحالف الشمالي ومعهم جماعات الهزارة الشيعة، موجودون في كابل ومعهم أيضا ستقفز الهند.

الشعور العام لدى صناع القرار الباكستاني بأن السياسة الأمريكية الحالية في أفغانستان والمنطقة بشكل عام تنتهج سياسة العصا لباكستان والجزرة للهند، فهي تسعى إلى إشراك الهند وربما إيران في صنع السلام في أفغانستان، بينما ترغب في أن تواصل باكستان الحرب على 'إرهابيين' سيتحولون ربما غدا إلى صناع سلام في حال كتب لسياسة المصالحة الأفغانية النجاح في إدماج حركة طالبان وهو مستبعد، لكنه يقلق إسلام آباد، وهو ما دفع وزير الخارجية شاه محمود قريشي وحتى رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني إلى التصريح بأن باكستان جزء من الحل وليست جزءا من المشكلة وأن أي مبادرة سلام من دون باكستان لن يكتب لها النجاح، وبالتالي فالاتهام التقليدي الأمريكي لباكستان هو أن إسلام آباد تلعب لعبة مزدوجة وهو ما كرره بوب وودوارد في كتابه الأخير المثير للجدل نقلا عن قادة أمريكيين من أن المخابرات العسكرية الباكستانية فيها ستة إلى سبعة وجوه في التعامل معنا، وهو ما رد عليه بشكل غير مباشر أحد الجنرالات الباكستانيين في جلسة خاصة قائلا، لقد قلت لمسؤول أمريكي حين أثار ذلك من أننا نلعب لعبة مزدوجة بالقول: إننا نلعب لعبة مزدوجة لأنكم تلعبون كذلك ولو لعبتم لعبة من ثلاثة أو أربعة أوجه لفعلنا ذلك أيضا.

المشكلة الرئيسية في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة على ما يبدو، هو أنها تفتقر إلى النضج السياسي والتاريخي في شؤونها، فهي لا تدرك حجم الأخطار والتداعيات التي سيتسبب لها قرار بإبعاد باكستان عن شؤون المنطقة وإدخال العدوة التقليدية الهند، وبالتالي ربما تكون الهند مفيدة في الصراع مع الصين، أما في تفاصيل شؤون ومشاكل المنطقة فهي عبء وليست عاملا مساعدا على تسوية قضايا شائكة بحجم الموجودة الآن. وعلى الرغم مما قد يظهر من عدم الانسجام بين عناصر الترويكا الباكستانية المكونة من الرئيس آصف علي زرداري ورئيس وزرائه يوسف رضا جيلاني، وقائد الجيش الجنرال اشفاق كياني، إلا أنه يبدو وتحديدا في ملف الحرب على ما يوصف بالإرهاب والعلاقة مع أمريكا، ثمة انسجام وتوافق كبير، خصوصا مع اقتراب الحوار الاستراتيجي هذا، وتحديدا أكثر في ما يتعلق بمعارضة الضربات الجوية لمناطق القبائل والتعويضات عن مشاركة باكستان في الحرب على القاعدة وطالبان، هذا الأمر أفقد الحليف الأمريكي تكتيكيا تقليديا له يقضي باستغلال الخلافات بين عناصر الترويكا، كما كان يحصل في الماضي، الأمر الذي يعد من أكبر المعوقات الأمريكية في انتزاع تنازلات باكستانية واستغلال الخلافات بين عناصر الترويكا التي تشكل السياسة الخارجية والداخلية للبلد.

' كاتب سوري

=======================

العالم العربي لا يتأثر

هآرتس 24/10/2010

صحف عبرية

2010-10-24

القدس العربي

'في ضوء الحقائق الجديدة التي انكشفت في الوثائق التي نشرها موقع 'ويكيليكس' أدعو الولايات المتحدة الى أن تخرج على الفور قواتها من العراق وتُقدم الى المحاكمة مرتكبي جرائم الحرب التي ارتكبها جنودها بحق المواطنين العراقيين'، لا، مثل هذه الدعوة من رئيس الوزراء العراقي أو خصومه لم تنطلق أمس. السعودية هي الاخرى لم تعلن عن الغاء صفقة السلاح الهائلة بحجم 60 مليار دولار، محمود عباس لم يبشر بنهاية الوساطة الامريكية بسبب ما انكشف أمس، وباكستان لن تتخلى عن مساعدات بمقدار ملياري دولار من القوة العظمى المسؤولة ايضا عن موت مواطنين باكستانيين.

شبكات التلفزيون ومواقع الانترنت العربية اكتفت أمس بتقرير مفصل عن مضمون الوثائق، أما محللوها فأشاروا، بعدم اكتراث تقريبا، الى أنه لا جديد في هذه المعلومات. المواطنون العراقيون عرفوا منذ زمن بعيد ما ورد في الوثائق. المعلومات عن دور ايران وحزب الله في الحرب في العراق نُقلت في الماضي في الصحف العربية بل وعدد الضحايا المدنيين في الحرب، الذي يرد في الوثائق، لا يعتبر معطى نهائياً ودقيقاً. تقدير السلطات العراقية والمحللين العرب هو أن الحديث يدور عما لا يقل عن عدد أكبر ب 50 في المئة على الأقل من ذاك الذي تذكره الوثائق.

يبدو أن معركة الصد الكبرى ينبغي لواشنطن أن تديرها أساسا في الرأي العام الامريكي، أكثر بكثير مما في الرأي العام والانظمة في الدول العربية. أصحاب التجربة في كشف قضية التنكيل في سجن أبو غريب، في تقارير سجناء غوانتنامو الذين أفرج عنهم على مدى السنين، في رزمة الوثائق الاولى التي انكشفت عن نشاط الجيش الامريكي في افغانستان وفي التقارير في وسائل الاعلام العربية، سيكون من الصعب اصابة القيادة في العراق والجمهور العربي بشكل عام بالصدمة من سلسلة الجرائم التي نفذت في حرب العراق.

منذ الان، قبل أن تبدأ موجة التحليلات واستيعاب المعطيات، يسارع المحللون الى الاشارة بالذات الى الخطر الذي يكمن في تدخل ايران في العراق، والى أن رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يجتهد الان لتشكيل ائتلاف يؤيد قيادته، كان شريكا في اعمال القتل، وليس الى الخطر الذي يكمن في فقدان مكانة الولايات المتحدة في المنطقة.

قدر أكبر مما ينبغي من المصالح، الاقتصادية والأمنية، يربط العراق ومعظم دول المنطقة بالولايات المتحدة من أن يكون بوسع هذه الوثائق التي تصف واقعا كان معروفا في معظمه، أن تؤدي فجأة الى قطيعة بين المنطقة والولايات المتحدة. في الوضع السياسي في العراق الذي لا تكون فيه حكومة حتى بعد ثمانية اشهر من الانتخابات، وتكون ايران هي الجهة الاكثر تأثيرا على التركيبة المتوقعة للحكومة، فان الولايات المتحدة تعتبر في دول الخليج ذخرا حيويا كفيلا بأن يضمن أمن المنطقة.

في الفترة التي تعلق فيها المسيرة السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين، وتكون فيها واشنطن وحدها تعتبر الجهة الوحيدة ذات المغزى التي لا تزال قادرة على الضغط على نتنياهو، ليس لدول كمصر، السعودية ودول الخليج مصلحة في المس بمكانتها كوسيط.

ايران لا بد ستستغل التقرير، ولا سيما في كل ما يتعلق باتهام الولايات المتحدة بإرهاب الدولة، ولكن هي ايضا لها مصلحة في أن تدع الوثائق ترتاح كي لا تقف هي بذاتها في بؤرة هدف الدول العربية بسبب تدخلها في العراق.

سيكون مشوقا أن نرى كيف سترد تركيا على هذه الوثائق واذا كانت ستصفها كجرائم حرب أو كإرهاب دولة مثلما تتهم اسرائيل. وبمناسبة اسرائيل، يمكنها أن تكون راضية عن 'بوليصة التأمين' التي تمنحها إياها هذه الوثائق في وجه شجب مستقبلي لافعالها في المناطق. فاذا كان مسموحا للولايات المتحدة فما بالك لاسرائيل؟

=======================

اقفوا موجة الغضب اتجاه المسلمين في الولايات المتحدة

الدستور

25-10-2010

لم يعد خافيا ان المسلمين في امريكا يُعانون من التفرقة العنصرية في الولايات المتحدة الامريكية وبخاصة بعد احداث 11 سبتمبر الاليمة في نيويورك والتي ادانها المسلمون في جميع اقطارهم لانها ليست من شيم "الاسلام" الدين الذي يدعو للمحبة والتواصل بين الشعوب ، لم يعد سرا ان كرامة الكثيرين من المسلمين يُنالُ منها اليوم في امريكا يُلاحقهم الارتياب اينما ذهبوا وكأنهم باتوا "ارهابيين" ينبغي الحذر منهم.

 

في مقال له بعنوان "موجة الغضب تجاه المسلمين" نشره بول فيندلي الذي عمل سناتورا لمدة 22 سنة في مجلس الشيوخ الامريكي يقول فيه" كفى كراهية وسوء معملة للمسلمين ، المسلمون باتوا في بلادي امريكا يعانون من التفرقة العنصرية.. باتوا دوما في موقف "الدفاع" عن انفسهم لاثبات براءتهم.

 

وفي رأي فندلي الذي صدر له مؤخرا كتاب "اصمتوا.. كفى" ان هذه التفرقة وان كانت قد زادت بعد احداث 11 سبتمبر الا انها كانت موجودة في المجتمع الامريكي قبل ذلك ، فغالبا ما تعرض مسلمون امريكيون للاعتداء عليهم -والكلام لفيندلي - من قبل بعض الامريكيين المتطرفين حيث هوجمت محلاتهم التجارية ، وهُدًّدوا في حياتهم الشخصية "وفي تصوري ومن خلال محاضراتي في الولايات المتحدة الامريكية بتُّ مقتنعا ان هذه الكراهية للمسلمين تقوم على معتقدات مضللة وتلفيقات كاذبة ضدهم هذا اموقف يشيع "سرطانا" يهدد جميع الامريكيين على السواء"... فيدلي "The Angry Tide Against Muslims" المقال منشور في المجلة الامريكية Washington Report نوفمبر 2010م.

 

اما المسلمون في الشرق الاوسط فيُنظر اليهم كما يقول فندلي على انهم "عقبة" في وجه السياسات الامريكية وفي هذا الصدد يلوم هذا السناتور السابق المحب للسلام الاعلام الامريكي الذي لم يُعطً صورة حقيقية عن "الاسلام" تغير من ذهنية الكثيرين من الامريكيين الذي يقفون موقفا عدائيا من "الاسلام" والمسلمين ويعترف فيندلي انه بعد 3 سنوات من نشر كتابه "Silent No More" نشرت جامعة كورنيل الامريكية "مسحا" لعدد الذين اخذت آراؤهم من الامريكيين حول الاسلام فتبين ان %44 ممن استُطلعت آراؤهم يدعون الى توفير الحرية المدنية للجميع ومع ذلك فما زال الكثيرون من الامريكيين يتخوّفون من الاسلام وتعاليمه.

 

ويمضي فندلي قائلا: حتى الآن لا تبذل حكومتنا جهودا كافية لمعرفة اسباب كراهية "الاجانب" لنا كأمريكيين، كما انها لا تفعل شيئا للتقليل احزان واحباط المسلمين.. "لقد اغتنمت ادارتنا الامريكية قيام نفر من المضللين بارتكاب احداث احداث 11 سبتمبر المدانة فشنت وبتحريض من اليمين الامريكي المتطرف والمساند لاسرائيل حربا على افغانستان والعرق".

 

ويورد فيندلي في مقالته عبارة "خالد الشيخ محم المخطط الرئيس لاحداث برج التجارة العالمي والتي جاء فيها "انه فعل ما فعله كرد فعل عنيف على سياسة امريكا الداعمة لاسرائيل" ومع ان فيندلي يدين هذا الحدث المستنكر الا انه يقول: من حق الامريكيين ان يعرفوا لماذا حصل كل هذا ومن حقهم ان يعرفوا لماذا تسكت بلادنا عن جرائم اسرائيل تجاه الفلسطينيين ولا تحرك ساكنا لمنعها بل انها تضاعف لها المساعدات المالية والعسكرية.

 

وبصراحة اكثر يقول فيندلي: "لو ان حكومتنا رفضت مساعدة اسرائيل ما دامت تدمر مساكن الفلسطينيين وتمارس الاساليب الوحشية في التعامل معهم ، لما وقعت احداث 11 سبتمبر ولما بدأت بحربها على افغانستان والعراق ولما ظلت اسرائيل سادرة في سيطرتها غير الشرعية على الارض العربية.. لو ان امريكا فعلت ذلك - والكلام فيندلي - لما كانت هناك مشاعر كراهية ضد الامريكيين المسلمين من قبل الامريكيين اليمينيين ولما وُجدت مشاعر كراهية لأمريكا في العالمين العربي والاسلامي.

 

ويختتم فيندلي مقالته بدعوة الرئيس الامريكي اوباما بتعليق ارسال السلاح الى اسرائيل الى حين جلائها عن الارض العربية جميعها التي احتلتها عام ..7691. وفي رأي انه اذا فعل ذلك وصارح الشعب الامريكي برؤيته هذه في ضوء المفردات الشفافة والجريئة التي يخاطبه بها فانه سيجد دعما منه.

 

ويمضي فيندلي قائلا: "انا ادرك ان الكونغرس الامريكي بمجلسيه يضم غالبية مؤيدة لاسرائيل ولكن تسليط الضوء على الحقائق عند مخاطبة الرئيس للشعب من شان ذلك ان يغيّر سلوكهم ورؤيتهم.

 

ما هو مؤسف -والكلام لفيندلي - "ان حكومتنا تتجاهل كل هذا فالمسؤولون فيها هم الذين اشعلوا الحرب في الخارج وهم الذين يسألون عن سبب ما يسود امريكا اليوم من رُعب وكراهية وافلاس في بنوكها ومؤسساتها المالية.

أتساءل" متى تصغي امريكا الرسمية الى صوت العقل الذي تجسده مفردات هذا الرجل الحكيم.

=======================

أفغانستان وباكستان .. في الإستراتيجية الأمريكية

أ. د. أمين المشاقبة

الدستور

25-10-2010

 تغير جذري في الإستراتجية الأمريكية للتعامل مع أفغانستان وباكستان معاً ، حيث وافقت الإدارة الأمريكية على فتح قنوات حوار بين طالبان وحكومة كابول وأمنت الممرات للمفاوضين عبر قوات الأطلسي ، وفي نفس السياق تشدد قبضتها في التعامل مع طالبان باكستان بالاستمرار بالعمليات العسكرية ودفعها بذلك الاتجاه ، فمنذ ان تسلم الرئيس اوباما مسؤولياته الدستورية أعلن الاستمرار في مواجهة الإرهاب والتطرف في كل من أفغانستان وإقليم وزيرستان الذي تسيطر عليه قوى باكستانية مؤيدة لحركة طالبان او ما يسمى طالبان باكستان ، وقد واجهت استخدامات القوة العسكرية فشلا ذريعا على مدار الثلاث سنوات الأخيرة حيث ان الفترة القوة العسكرية لم تجلب الأمن والاستقرار لتلك الدولة ، بل زادت المقاومة وحققت انتصارات في حرب غير متكافئة وسيطرت على المناطق الشرقية المحاذية لباكستان وبالذات إقليم هلمند ، ومما تجدر الإشارة له هنا عدم الإدراك للواقع التاريخي والاجتماعي والقيمي والثقافي السائد بالبلاد وان مقاومة المحتل هي جزء من الثقافة السياسية التاريخية ابان محاولات الانجليز قديما والسوفييت لاحقا وكيف منيت تلك القوات بالهزائم ، وها هي الإدارة الأمريكية بعد تسع سنوات من الفشل تلو الأخر تدفع باتجاه تركيع كرازي للقبول بالتفاوض مع حركة طالبان والوصول الى قواسم مشتركة أن هذه المحاولة لن تصل الى اتفاق حيث ان شروط حركة طالبان تبدأ بانسحاب القوات الأمريكية والاطلسية المرابطة على الأرض وتطبيق الشريعة الإسلامية واستلام زمام الحكم في هذه الدولة المنكوبة ، وعليه فان استمرار حالة انعدام الأمن والاستقرار هي الأكثر احتمالاً ، وهذا سيقود لمزيد من الخسائر البشرية والمادية للقوات الأمريكية وقوات الأطلسي "ايساف" على الأرض الأفغانية حيث ان الفاتورة بالاتجاهين غالية وباهظة الثمن في ظل الازمة المالية والاقتصادية العالمية التي تؤثر على الاقتصاد الأمريكي والأوروبي معاً فان الاستمرار مكلف مادياً وبشرياً وهذا دعا للبحث عن حلول أخرى منها حالة التفاوض الجديدة.

اما على الساحة الباكستانية فان العلاقة بين الطرفين متوترة جداً وهذا الذي دعا الى محادثات مباشرة برئاسة وزيرة الخارجية الأمريكية على مدار الأيام الماضية وذلك لبحث الشراكة بين الطرفين فمكافحة الإرهاب القادم من منطقة القبائل امر مهم للإدارة الأمريكية ويدفع باستمرار حالة عدم الاستقرار في باكستان.

وتعتمد الإستراتيجية الأمريكية على الاستمرار بالعمليات العسكرية ضد طالبان باكستان وإبقاء خطوط الإمداد من الأراضي الباكستانية باتجاه القوات الأمريكية والاطلسيه المرابطة في أفغانستان مفتوحة ومؤمنة ، وهذه الإستراتيجية تضع باكستان في مواجهة مباشرة مع سكانها في إقليم وزيرستان والمناطق القبلية المؤيدة لطالبان ، وتشرط حكومة باكستان مزيدا من الدعم الاقتصادي والمالي والعسكري وبالحصول على أسلحه ومعدات عسكرية وقطع غيار لطائراتها ، بالإضافة لمطالبتها بالضغط على الهند لحل مشكلة كشمير الازلية ، وقد ادت المفاوضات التي استمرت ثلاثة أيام الى تقديم 7,5 مليار على عدة سنوات منها ثلاثة مليارات مساعدة عسكرية عاجلة.

إن الحالة في تلك المنطقة تشير الى تورط الولايات المتحدة في حرب لا نهاية لها ، وان الخسائر المادية والبشرية في ازدياد ولا قدرة لديها في حسم الصراع الدائر عسكرياً ، وبالتالي فهي تلجأ الى تغيير إستراتيجيتها وقبولها التفاوض بطريقة غير مباشرة مع حركة طالبان وذلك من خلال حكومة كرازي في كابول علّ وعسى يكون ذلك طوقاً للنجاة والانسحاب في حالة نجاح المفاوضات والتخلص من حالة التورط وترك البلاد وشأن أهلها ، فمنذ البداية كانت إستراتيجية الأمريكية خاطئة في احتلال دولة والبحث فيها عن متطرفين هم جزء من السكان وليس بالسهولة التعامل مع حرب لمجموعات لا ناس لديهم المعرفة والدراية بالأرض وتضاريسها وبالحروب وبالتالي فشلت الإدارة الأمريكية في كسب المعركة وهي مضطرة اليوم الى التفاوض للوصول الى حالة الخلاص الكلي من هذا المستنقع.

=======================

إدارة أوباما.. ودبلوماسية الجداول الزمنية

* جاكسون ديل

الرأي الاردنية

25-10-2010

لقد هيمنت على سياسات إدارة أوباما الخارجية حتى الآن، هندسة العمليات الدبلوماسية، بينما أصبح ناتجها الرئيسي تحديد المواعيد والجداول الزمنية. وبعبارة أخرى فإن أهم إنجازات حققتها الإدارة في مجال سياساتها الخارجية، ليس النتائج العملية، وإنما الوسائل التي تحقق بها هذه النتائج.

فعلى سبيل المثال لم تنجح الإدارة حتى الآن في تحقيق السلام الإسرائيلي الفلسطيني، وإنما نجحت في إعادة طرفي النزاع إلى طاولة الحوار والمفاوضات. كما أنها لم تتمكن من وقف البرنامج النووي الإيراني، ولكنها نجحت في تنسيق فرض عقوبات جديدة إضافية على طهران، بهدف إرغامها على التفاوض الجدي مع المجتمع الدولي بشأن برامجها النووية.

ولم تتمكن الإدارة أيضاً من سحب القوات الأميركية من أفغانستان، ولكنها تبنت استراتيجية ربما تجعل هذا الانسحاب ممكناً. وقد فعلت الإدارة كل هذا عبر دبلوماسية شائكة مرهقة، شملت تنسيقاً واسعاً للمشاورات الداخلية والخارجية، ومرت عبرها بعثرات المحاولة والخطأ المعهودة. وفي الوقت نفسه اهتمت بضبط عدد من الساعات المنبهة لإنجاز مهام العمل الدبلوماسي والسياسة الخارجية في جداولها الزمنية المقررة.

وتقيس إحدى هذه الساعات مدى استعداد القوات الأميركية في أفغانستان للبدء في تسليم مهام الأمن الوطني لنظيرتها الأفغانية بحلول شهر يوليو من عام 2011، وهو الموعد المحدد لبدء انسحاب أول مجموعة من الجنود الأميركيين من أفغانستان. وهناك ساعة أخرى خصصت لقياس تحركات كل من نتنياهو وعباس وهما يسعيان إلى إبرام «اتفاقية إطار» فيما بينهما بحلول شهر سبتمبر من العام المقبل، وهو الموعد الذي تنتهي فيه مدة العام الواحد المقررة للوصول إلى اتفاق كهذا، حسبما حثتهما عليه إدارة أوباما.

وبهذا نصل إلى الساعة الدبلوماسية الثالثة المخصصة لرصد نشاط البرنامج النووي الإيراني.

وكانت الإدارة قد أعلنت في موسم الربيع الأخير أن إيران لا تزال تفصلها مدة تتراوح بين عامين إلى خمسة أعوام عن تطوير قنبلة نووية.

وما لم تبدأ إيران تفاوضاً جديّاً مع الولايات المتحدة وحلفائها في مجلس الأمن الدولي، علاوة على البدء في بناء خطوات تعزيز الثقة بينها وبين المجتمع الدولي، بما يطمئنه على تخليها عن طموحاتها النووية، فستنفد هذه المدة سريعاً، بينما يؤثر التباطؤ الإيراني سلباً على فعالية العقوبات الإضافية المفروضة على طهران.

أما الساعة الدبلوماسية الرابعة والأخيرة فقد خصصت لتوقيت ما يحدث في العراق، حيث وعد أوباما بإكمال الانسحاب العسكري التام منه بنهاية العام المقبل.

ولكن هل يكون العراق حينها قادراً على تولي مهمة الدفاع عن نفسه وأمنه في مواجهة مهددات العنف الطائفي وهجمات المتمردين؟ هذا ما تصعب الإجابة عنه حتى الآن. ومع ذلك فقد حدد الجدول الزمني لإكمال الانسحاب سلفاً.

وليس مرجحاً أن يكون لسياسات أوباما الخارجية أثر يذكر على انتخابات نوفمبر النصفية المقبلة.

ويعود جزء من سبب عدم تأثيرها إلى أن الإدارة لم تنجح أو تخفق في تحقيق نتائج عملية ملموسة لسياساتها هذه. ولكن من المفترض أن يكون لهذه السياسات تأثيرها الواضح على حملة السباق الرئاسي لعام 2012، وفقاً للجداول الزمنية المحددة للوصول إلى نتائج ملموسة لهذه السياسات من قبل الإدارة. يجدر بالذكر أن الصدفة لم يكن لها الدور الحاسم في تحديد هذه الجداول الزمنية لتنفيذ سياسات الإدارة الخارجية.

فعلى حد قول المحقق الصحفي «بوب ودوارد» في كتابه الأخير «حروب أوباما» فقد أخبر أوباما أحد أعضاء مجلس الشيوخ ذات مرة بأنه لم يحدد موعد الانسحاب العسكري من أفغانستان بحلول شهر يوليو من العام المقبل اعتباطاً، وإنما فعل ذلك متعمداً تفادي خسارة الحزب «الديمقراطي» بأكمله في السباق الرئاسي المقبل عام 2012.

ومهما يكن فليس ثمة ضمان لنجاح التوقيت الذي حدده أوباما لانسحاب جنوده من أفغانستان في التاريخ المذكور. بل المرجح ألا تنجح الإدارة في الوفاء بالجداول الزمنية التي حددتها لتنفيذ سياساتها الدبلوماسية.

ففي أفغانستان بالذات، ليس مرجحاً البتة تحقيق نجاح يذكر للاستراتيجية المطبقة الآن. وهذا ما يؤكده معظم مستشاري الرئيس من المدنيين. ولكن المثير للاهتمام أن أولئك الذين لا يزالون يعتقدون بإمكانية نجاح استراتيجية مكافحة التمرد المطبقة، لاسيما الجنرال بترايوس، القائد الأعلى للقوات الأميركية هناك، يبدون قدراً كبيراً من الحذر بتأكيدهم أن إحراز النجاح هناك يتطلب سنوات طويلة من الالتزام الأميركي، وليس بضعة شهور فحسب. وفيما لو تحسنت الظروف الأمنية في أفغانستان بحلول شهر يوليو من العام المقبل، فإن في ذلك ما يثير دهشة المتشككين والمتفائلين على حد سواء.

وفيما يتعلق بالعراق، فإن في التزام أوباما بتنفيذ الجدول الزمني المقرر للانسحاب الكامل في ديسمبر من عام 2011، ما يهدد مصير شراكة واشنطن مع الحكومة العراقية الناشئة.

وفي حل نزاع الشرق الأوسط أيضاً ليس متوقعاً للجدول الزمني المحدد بعام واحد من أجل الوصول إلى «اتفاق إطار» بين الطرفين المتنازعين أن يحقق نجاحاً في ظل التعقيدات المتزايدة التي نراها في علاقات الطرفين ببعضهما بعضاً. وليس متوقعاً للخلاف القائم بشأن المستوطنات الإسرائيلية أن يحسم خلال عام واحد، ولا للإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية أن يتحقق خلال 12 شهراً.

وبهذا نستنتج أن الجداول الزمنية المحددة لتنفيذ السياسات الخارجية للإدارة تبدو معزولة عن الواقع والاستراتيجية. وهذه هي معضلة دبلوماسية أوباما.

* (كاتب ومحلل سياسي أميركي)

«واشنطن بوست الاميركية

 وبلومبرج نيوز سيرفس»

=======================

ظلال الوضع الداخلي في تركيا على الأفق العربي

سامح المحاريق

الرأي الاردنية

25-10-2010

حوّل مبدأ ترومان الذي أصدره الرئيس الأمريكي هاري ترومان في آذار 1947 تركيا إلى قلعة حصينة في مواجهة المد الشيوعي في منطقة المتوسط، وأدت الأموال والمساعدات العسكرية الأمريكية إلى وجود طبقة من العسكر المستفيدين من حالة السلطة المركزية القوية في تركيا، ولا شك أن أدوارا أمريكية عدة لعبت في تاريخ الإنقلابات العسكرية التركية لحماية الدور الاستراتيجي لاسطنبول في مواجهة السوفييت، واستفادت الطبقة العسكرية من ذلك من خلال تقويتها لمراكزها التي ارتبطت دائما بهدايا تجارية واقتصادية ثمينة، وأظهر مجلس الأمن القومي التركي قوته للمرة الأخيرة لدى إطاحته بحكومة نجم الدين أربكان 1997.

 

اليوم يبدو العسكر غير قادرين على الاستفادة من أي مزايا نسبية، خاصة بعد أن تمكنت حكومة العدالة والتنمية من الخروج الجزئي بتركيا من حروب الأمريكيين في العراق وأفغانستان، ويبدو أن الملف التركي بشكل عام أصبح يحمل طابعا أوروبيا أكثر منه أمريكيا، وبالتالي تقل فرص العسكر على تنظيم صفوفهم في مواجهة أردوغان وحزبه بسبب تغيرات إقليمية كبيرة أسهمت في تمرير التعديلات الدستورية الأخيرة التي زادت من مأزق العسكريتاريا وعملت على تحرير المرجعيات القضائية بشكل كبير، وبالتالي وضعتهم أمام خيار انقلاب عسكري على النمط التقليدي، وهو ما سيكون مفتقرا لأي دعم من أي جهة في العالم.

 

بالتالي يجب على تركيا الآن أن تلتفت للملف العسكري، فإبقاء المؤسسة العسكرية على وضعها الحالي ليس خيارا مطروحا، لأنه يستهلك من الاقتصاد التركي الكثير من إمكانياته في سبيل قضايا وهمية ترتبط بالروح الطورانية القومية التي أصيبت بتراجع كبير أمام العولمة والأوربة وألهمتها قيادة العالم الإسلامي التي تميل لمصلحتها دفعة جديدة من الاشباع، كما أن أردوغان ما زال يجيد التمسك ببعض الأوراق مثل الملف الأرمني ويقف دائما على أقصى يمين اليمين التركي في مناورات مستمرة وذكية، تحاصر التيار التقليدي وترهقه وتجعله يخسر الأرض بصورة استنزافية أمام شعبية أردوغان.

 

تخفيض الجيش له تكلفته أيضا، يتطلب الارتقاء بالاقتصاد والاستمرار في المنافسة وفتح أسواق جديدة في المناطق القريبة من تركيا، وإلا فإنه سيلتهم جزءا من انجازات السوق التركي دون مبرر واضح، وبالتالي فالأتراك يلعبون في ملفات العلاقات العربية بصورة جيدة، فهم يدركون أن العالم العربي أكثر من غيره مرشح ليكون الفضاء التجاري لتركيا، وهو الضمانة الوحيدة لاستمرار التحالف الناعم بين الدول العربية وتركيا في المرحلة الأخيرة خاصة بعد أن أبدت مصر استعدادها لتقبل منطق الزعامة التركية، وتبقى مسألة الحفاظ على حدود واضحة بين المقبول والمرفوض في العلاقات، خاصة أن للعرب كما يبدو دورا ما في الحفاظ على استقرار تركيا.

 

التفاوض على طبيعة العلاقات ليس عيبا، ولكن المسألة لا يجب أن تمضي شعبيا وكأنها بيعة جديدة لتركيا لقيادة المنطقة، ويبقى ممر تنظيم العلاقة مع الأتراك، هل في قناة ثنائية مع كل دولة عربية على حدة، أم في قناة واحدة تجمع الطرفين، يبدو الحل الأول غير كاف في حالة العمل على خلق منطقة قوية ومنافسة في عالم التكتلات، بينما الحل الثاني فإنه أصبح يرتبط بدول الجوار التي تشمل ايران وبالتالي يعرض الصف العربي نفسه للانقسام، فهل على الأتراك العمل على تقديم اقتراح من طرفهم هذه المرة؟؟

=======================

سرقة أوطان.. وتقسيم أخرى السودان نموذجاً!

سلطان الحطاب

alhattabsultan@gmail.com

الرأي الاردنية

25-10-2010

ما تفتقر إليه المجتمعات العربية تستعمله القوى المعادية والطامعة وسيلة لضرب بلداننا بدل أن تكون وسيلة للعلاج..

فالديموقراطية وحقوق الإنسان تتحول إلى حصان طروادة وإلى طعم في سنارة يجري صيد الوحدة الوطنية والتماسك الإجتماعي وإحداث شروخ طائفية وعرقية..

في الظاهرة السودانية الآن ما هو خطير إذ يجري وضع السودان على المشرحة للتمثيل في جسمه الوطني بالتقسيم بين شمال وجنوب ويكتب في الروشيته الأميركية أن العلاج هو الإنفصال دون أن تحسب الخطوة الناجمة ومضاعفات هذه الوصفة الخطيرة.. لماذا يتجرأون على مجتمعاتنا ويتدخلون فيها؟..ألم يقيموا حروباً دموية استمرت لعشرات السنوات ليبقوا جنوب الولايات المتحدة مع شماله وكرَسوا في تاريخهم أبطالاً من وراء ذلك التاريخ؟ فكيف يرون الإستقرار في الإنفصال نتاج التعددية التي تحملها معظم بلدان العالم؟..

ألم تقاتل بريطانيا من أجل وحدتها وكذلك فرنسا واسبانيا اليوم وإذا كانوا يرون في السودان الموحد مصداً يمنع النيل منه للوصول إلى أهدافهم في نهب الثروات والسيطرة الجيوسياسية فإنهم بدأوا بدارفور وغذوا الظاهرة أو حتى ساعدوا على قيامها ثم بعد ذلك استغلوا ذلك لإبراز التناقضات..وقد فعلوا ذلك في العراق وما زالوا يفعلونه تحت مسميات عرقية وطائفية وما زال حبل العراق على جرار القوى المتدخلة فيه..وفعلوا ذلك في اليمن وما زالوا يفعلونه سواء بوسائلهم المباشرة وأدواتهم من التدخل أو عن طريق عملائهم أو من يعتقدون بأفكارهم ورؤيتهم..

 

في لبنان عملوا كثيراً وفي فلسطين رأت اسرائيل أن الوضع المناسب لإحتلالها هو في إبعاد غزة عن الضفة الغربية ولو بتمكين حماس من فعل ذلك حتى وإن كانت عدواً أو سماً زعافاً..

 

بعض أوطاننا تسرق وبعضها يدمر والآخر يقسم..السودان الآن على المشرحة وهناك من العرب من يضع رأسه في الرمل ويرفع شعار (حادت عن ظهري بسيطة) فجحا لا يهمه أن تكون النار في بيت جاره لأنه لا يدرك مخاطرها..وإذا ما قسمت السودان فإن مصدر الحياة لواديه سيكون مهدداً..وسيكون شريان الحياة (النيل) مهدداً وربما تكون الدولة الناشئة من التقسيم الذي سيشبه تقسيم الهند الذي صفق له الكثيرون حين ولدت باكستان عام 1947 بقرار دولي بعد استفتاء..ربما تكون هذه الدولة صديقة لإسرائيل أو حتى من صناعتها وعندها لن تكون اسرائيل في شمال النيل بل ستكون في جنوبه وأعتقد أن المعنى من ذلك مفهوم...

 

لماذا على الولايات المتحدة وشخص رئيسها بإسم الديموقراطية وحقوق الإنسان التدخل في شؤون الدول الأخرى ليس من أجل الديموقراطية التي رأينا نموذجها الدموي القائم من الفوضى المنظمة التي تاجرت فيها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونزاليزا رايس كثيراً وإنما من أجل أجندات ومصالح تخدم الإستراتيجية الأميركية..

 

لماذا يغيب الأمن القومي العربي بصورة مفجعة في موضوع السودان وتتحول الهدنات والمهل التي تنشأ إلى نوع من العلاج وهو البتر والقطع بدل أن تكون الفترات التي قررت كافية لمعالجة ظواهر الإختلال خاصة بعد اتفاق أبوجا أو معالجة الصراع مع الجنوب في السودان..لماذا لا يستطيع العرب إصلاح الجامعة العربية اداتهم الممكنة في معالجة كثير من ظواهر الخلاف والإضطراب والرغبة في العمل المشترك..

 

السودان على مفترق طرق وكذلك اليمن ولبنان والعراق ومن قبل فلسطين وسيكون في القائمة تالياً..فلماذا هذا الصمت العربي؟ ولماذا لا يكون للعرب مندوبهم الذي يلحق بالأميركي أو يسبقه ليفشل سوق السودان إلى المشرحة..

 

إنهم يقسمون الجسم السوداني بإسم معالجاتهم المخادعة..وهذه القسمة ستقوض السودان كله لأنها من أقدامه التي يمشي عليها ومن حقه في الإستفادة من ثرواته..إنها (القسمة) تتركه نازفاً في حروب لا تنتهي وفي صراعات تتجدد أو تلد أخرى غريبة فتقتلع بعض أهله ممن يهربون بإتجاه الشمال أو بإتجاه الجنوب لأن المستعمرين الذين عادوا عبر حصان طروادة الذي صنعوه من حقوق الإنسان يريدون إعادة موضعتهم أو نشر استراتيجيتهم التي تقوم على نهب الطاقة ومصادرها واحتلال أو الهيمنة على مواقعها بعد أن انتهت مرحلة استيراد العبيد أو خطفهم لإقامة أميركا.. والآن يريدون الثروات لإدارة أميركا..فهل نعقل!!!

=======================

تفكيك السودان واستراتيجية «شَدّ الأطراف ثمّ بَترها»

راكان المجالي

السفير

25-10-2010

يتساءل أحد المسؤولين السودانيين، ومعه الدكتور عبد الله الأشعل، عن مغزى إصرار «جنوب السودان»، وعلى رأسه الحركة الشعبية لتحرير السودان، على الانفصال، و«هو منفصل فعلاً، وروابطه مع الشمال شكلية»، حيث أنشأت الحركة الشعبية «بعثات دبلوماسية موازية»، وتملك مساحات واسعة للحركة في الجنوب السوداني، ومع الخارج أيضاً.

والحقّ أنه تساؤلٌ مُحقٌ، وإن كان متأخّراً، ولا يشفع له وصم الانفصال بأنّ المقصود منه هو «تمزيق السودان، وإدخاله في دوامة جديدة من الصراع». فتلك مهمّة «مؤسسة القمة العربية» التقليدية بامتياز، ما أكّدته وطبعت به قمّتها المشتركة مؤخراً مع الاتحاد الإفريقي، في مدينة سرت الليبية. إذ لم تجد تلك القمّة، في أرشيف أدبياتها السياسية، في مواجهة ما يحدث في السودان، ومِن بعده سلسلة البلدان العربية المرشّحة للتفتيت، سوى التأكيد على «احترام سيادة السودان واستقلاله ووحدة أراضية، ودعم كامل المساعي الرامية الى تحقيق السلام فى ربوعه. والالتزام بتنفيذ بنود اتفاقية السلام الشامل كافة، بما في ذلك اجراء إستفتاء تقرير المصير فى جنوب السودان»(!). وكأنّ جنوب السودان بلدٌ محتلٌ ومستعمّرٌ، وجهود الجميع تتضافر لمنحه حق تقرير المصير، كما نصّ على ذلك «الكتاب المقدس، الموقّع في نيفاشا عام 2005»، برعاية الرئيس الأميركي العتيد «جورج بوش الإبن»(!).

بغياب الدعائم الواقعية لوحدة السودان، في ظل ظروفٍ ومعطيات سياسية قاسية، تحوّلت تلك الوحدة إلى مجرّد حلمٍ، حتى قبل إجراء الإستفتاء حول وحدة أو إنفصال الجنوب، في كانون ثاني / يناير القادم. بمعنى آخر، بات الحفاظ على شكل الخريطة السياسية السودانية التقليدية ومضمونها، كما يعرفها الجميع، ضرباً مِن الأوهام أو الأحلام، التي لا تجد ما يسندها في عالم الواقع، إلا إذا وقعت معجزة، في زمنٍ اختفت فيه المعجزات مِن حياة الناس.

لم تصل الأوضاع في السودان إلى هذه المرحلة، التي تحوّل فيها انفصال الجنوب إلى أمرٍ شبه حتمي، صُدفة أو بشكلٍ عفوي. بل تضافرت جهود قوى عديدة لإيصال الأمور إلى هذا الحد، ودفعها للسير على هذا النحو. فمنذ تأسيس الحركة الشعبية لتحرير السودان عام 1983، وحتى توقيعها اتفاق «نيفاشا» للسلام عام 2005، بدعم ورعاية الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، تمّت صناعة السكة الفعلية لمسارات الانفصال في السودان المُعذّب والمنكوب. وهي مسارات قررت للسودان والسودانيين ثلاث محطات مفصلية، غاية في الخطورة، عليه وعليهم أن يعبروها، وهي: محطة «الانتخابات الرئاسية والتشريعية العامة في السودان» ( نيسان/إبريل 2010)، ومحطة «إجراء الاستفتاء، حول الوحدة والانفصال لجنوب السودان، بموجب اتفاق نيفاشا للسلام الشامل 2005» (كانون الثاني/يناير 2011)، ومحطة «انتهاء الفترة الانتقالية ومفاعيل اتفاق السلام» (تموز/يوليو 2011). وفي كل تلك المحطات، قضت الخطط والمصالح الدولية، وتأسيساً على عجز وطني سوداني وقومي عربي، بأن يخسر السودان بعضاً مِن وحدته وسيادته. ففي المحطة الأولى، كرّست العملية الانتخابية في السودان سيطرة المؤتمر الوطني على مفاصل السلطة في شمال البلاد، كما كرّست سيطرة الحركة الشعبية على السلطة في الجنوب، ما عزّز المعطيات السياسية السابقة نفسها للعملية الانتخابية، وخلق أوهاماً لدى شريكي الحكم، القادمين لتوّهما مِن صراعٍ دام نحو عشرين عاماً، بأنّ اشياء كثيرة أصبحت ممكنة.

وهنا، ومنذ اتفاق «نيفاشا»، طفت على سطح الأحداث في السودان مجموعة من القوى السياسية، بدا أنّها الأكثر تأثيراً في الموقف من الوحدة والانفصال. وهذه القوى تمثّلت في ما يسمّى «المجتمع الدولي»، وعنوانه الأمم المتحدة ومؤسساتها التابعة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، والدول الأفريقية المجاورة للسودان، وبدرجة أقل البلدان العربية.

ومنذ الخريف الماضي، صدرت مجموعة من التقارير الدولية، حول السودان وأزماته، ترسم، وبشكل مخيف، حجم النهم والجشع لقوى دولية وإقليمية تجاه مستقبل السودان وموارده. فبالإضافة إلى تقرير معهد الولايات المتحدة للسلام: «سيناريوهات للسودان»، ظهرت ثلاثة تقارير كَشفت عن الرؤية والمقاربات الدولية لمستقبل السودان، وهي: تقرير معهد هولندي للدراسات: «السودان 2012: سيناريوهات للمستقبل» (خريف 2009)، وتقرير المعهد الملكي البريطاني: «قرارات ومواعيد نهائية: عام حاسم للسودان» (شتاء 2009/2010)، وتقرير معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنيّة: «سيناريوهات ما بعد عام 2011 في السودان: أيّ دور للاتحاد الأوروبي؟» (خريف 2009). وكلها تناقش: سيناريوهات ما بعد الاستفتاء، ومشكلات ترتيبات ما بعد الاستفتاء، وحسابات الدول الإقليمية المجاورة للسودان، والاستراتيجية الغربية الموحدة للتعامل مع السودان، وحسابات القوى الدولية في السودان والمواقف المرتقبة فيما بعد الانفصال كاحتمال مرجّح. وتشمل تلك التقارير وتركّز على احتمالات عدّة، أهمها: سيناريو الوحدة مع الحرب، وسيناريو الانفصال مع الحرب، وسيناريو الوحدة من دون حرب، وسيناريو الانفصال من دون حرب. وتتضمّن هذه السيناريوهات أيضاً احتمال تحوّل السودان، بموجب دستور جديد، إلى فيدرالية ديموقراطية، حيث يتقاسم الجميع الثروة والسلطة، وذلك في الشمال والجنوب، وفي الخرطوم ودارفور وكردفان.

لم يكن تكرار الرئيس الأميركي «باراك أوباما» لالتزامه بإجراء استفتاء تقرير المصير في جنوب السودان بطريقة سلمية، مؤخراً، أمراً لافتاً، ولا حتى تأكيده على «أن الملف السوداني يشكل إحدى أولوياتنا». غير أن إشارته إلى «إمكانية سقوط ملايين القتلى»، في حال فشل الاستفتاء، أو اندلاع الحرب بين الشمال والجنوب، ينبغي أن تدقّ نواقيس الخطر، في طول القارة العربية وعرضها.

ذلك أنّ إصراراً كهذا، على تفتيت وحدة السودان، مع تهديد صريح بحربٍ تحصد الملايين، لَهوَ أمرٌ لا طاقة للسودان وحده بمواجهته. ناهيك عن ارتدادات ذلك على الدول العربية، فيما إذا تسامحت مع انفصال الجنوب أو تساهلت فيه، وهو ما بدأت معالمه، بمدّ مصر لخيوط تواصل دبلوماسي مع الحركة الشعبية في الجنوب. عندها سيكون تفكيك السودان هو كاسحة الألغام الجبارة، لتفتيت وتفكيك البلدان العربية الأخرى، التي وُضعت منذ أمد على مقصلة استراتيجية «شدّ الأطراف ثمّ بترها». فهل يُمكن للعرب أن يتداركوا في السودان ما «انفرط» مِن العِقد..؟ أم أنّ ما أفسده دهرُ «الدولة القطرية العربية» يحتاج إلى أكثر مِن عطارين ..؟!

=======================

ماذا تريد فرنسا من دعوة بري اليها؟

وماذا تنتظر المعارضة منها ؟

ابراهيم بيرم

النهار

25-10-2010

قد لا يكون لزيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري الوشيكة لباريس مثل هذه الاهمية وهذه الأبعاد المحتملة التي تلقاها الان، لو كانت اللحظة غير هذه اللحظة، ولو لم يكن لبنان مأسورا كليته بحدث جلل سياسي ذي بعد امني اسمه القرار الظني الموعود ان يصدر عن المحكمة الدولية، وما ينجم عنه من احتمالات وتداعيات داخلية.

وعليه، فإن السؤال المطروح بإلحاح في دوائر المعارضة المعنية بالموضوع هو: لماذا مهّدت باريس وهيأت لدعوة بري اليها الان وهو الامر الذي لم تفعله منذ زمن بعيد؟ واستطرادا ما هي علاقة الامر كله باللحظة السياسية المتوترة في لبنان؟

وقبل ذلك لماذا تحاول الاوساط المحيطة بالرئيس بري ان تعطي هذه الزيارة بعداً مميزاً وتحاول ان تسلط الاضواء عليها وتتعامل معها على اساس انها ربما تكون حدثاً غير عادي؟

لم يعد خافيا ان فرنسا سعت منذ زمن "اندلاع" ما صار يعرف بأزمة القرار الظني ان تكون حاضرة على المسرح السياسي الذي تدور على خشبته الازمة اياها لاعتبارات ثلاثة اساسية بالنسبة الى باريس باتت معروفة وهي:

- ان فرنسا هي الدولة الثانية الاكثر اعتناء بولادة المحكمة الدولية وبلوغها المستوى الذي بلغته اخيرا في مسارها ومسيرتها. وقد ارتبطت بهذه القضية وتفاعلاتها ارتباطا عضويا لا سيما بعدما امنت ايواء واحد من الشخصيات الاساسية في القائمة التي تعتبرها المعارضة في لبنان قائمة "الشهود الزور" وهو محمد زهير الصديق، وصولا الى "الانفجار التجريبي" الذي جرى اخيرا في قواعدها العسكرية والذي حاكى الانفجار الحقيقي في 14 شباط عام 2005 والذي ادى الى استشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه.

- ان باريس تعتبر نفسها ولا ريب معنية بما يمكن ان يتولد من تفاعلات ويترتب من تداعيات متعددة الاوجه اذا ما صدر القرار الظني وفي طياته اتهام لمجموعة من "حزب الله"، ولا سيما على ساحة الجنوب حيث القوة الدولية العاملة هناك، والتي تضم كتيبة فرنسية.

لا ريب ان ثمة الاعتبار الثالث وهو العلاقة الخاصة التاريخية التي ما زالت فرنسا تعتقد انها تربطها بلبنان، وبمآل الامور في داخله، ولا سيما وانها تصدر اشارات تصل اصداؤها الى بيروت تفيد ان صورة الوضع اللبناني بُعَيْد القرار الظني اذا صدر لن تبقى كما قبله.

ثمة من الدوائر عينها من يحبذ ان يضيف اعتبارا اخر يدخل في حسابات الرئيس الفرنسي ساركوزي لا يقل اهمية عن الاعتبارات الثلاثة، ولا سيما ان ساركوزي يكافح "بعناد وشراسة" لمواجهة تداعيات ازمة داخلية، ويستعد لاختبار داخلي مع اقتراب موعد انتخابات عامة لنتائجها علاقة بمستقبل موقعه ووضعه السياسي.

لذا، فهو سيكون مستفيدا اذا ما اوحى الى جمهوره انه قد شرع في حراك ودور شرق اوسطي له علاقة بساحتي لبنان وسوريا ويكون حراكا مميزا عن الحراك الاميركي.

ولم يعد خافيا على رافدي الاحداث اللبنانية ان باريس شرعت بحراكها المميز على الساحة اللبنانية قبل ان تقرر دعوة بري اليها، اذ ان السفير الفرنسي في بيروت دوني بييتون كان مد جسور التواصل مع "حزب الله" فتواصل اولا مع المسؤول عن العلاقات الدولية في الحزب عمار الموسوي على امل ان يكون ذلك مقدمة للقاء الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، لكن ذلك لم يحصل.

وعندما تم التفاهم على ان يكون اللقاء مع نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم افادت المعلومات ان لا جديد حصل، فالسفير الفرنسي كرر على مسامع قاسم الموقف الفرنسي من المحكمة.

بالطبع ردد قاسم موقف الحزب المعروف والذي لا تنازل عنه وهو الرفض رفضا مطلقا ان يقبل بأن يكون متهما في جريمة لا يعتبر نفسه ضالعا فيها لا من قريب ولا من بعيد. وعندما سأل السفير بييتون ماذا سيكون موقف الحزب لدى تلقيه نبأ القرار الظني، لم يقدم قاسم اي توضيح او شرح يطمئن السفير الضيف، وابقى باب الاحتمالات مفتوحا ورفض الافصاح عن اي سيناريو يمكن ان يقدم عليه. وانهى اللقاء مؤكداً نحن متهمون اتهاما ظالما باطلا ومن حقنا ان ندافع عن انفسنا.

تلك هي باختصار "المناخات" والاعتبارات الفرنسية التي في ضوئها قررت باريس توجيه دعوتها الى بري واستقباله فماذا تريد من خلال ذلك ان توصل من رسائل؟

بالطبع ثمة من يستسهل النتائج سلفا، بالقول ان العاصمة الفرنسية تحاول ان تستفيد من "الحيادية" والاستقلالية النسبية التي تتمتع بها باريس في المنحى السياسي العام، بتعزيز هذه "الحيادية" وتساهم في إحداث شرخ اوسع داخل الطائفة الشيعية واستطرادا داخل ساحة المعارضة، ولكن ذلك التحليل والاستنتاج يبقى بلا قيمة لمن يعرف الرئيس بري ويعرف خفايا الساحة المعارضة وتشابكها خصوصا في هذه المرحلة.

وعليه، فإن بالتأكيد ثمة اهداف ابعد تريد باريس ايصالها عبر حدث الزيارة ولا تنحصر فقط في حدود الساحة اللبنانية، فهي تمتد ايضا لتتصل بالعلاقة مع دمشق. صحيح ان ثمة قنوات اتصال ورسلاً عدة بعضهم لبنانيون، يؤدون دور الرابط في العلاقة بين باريس وعاصمة الامويين، ولكن الاكيد ان فرنسا تريد عبر استقبالها بري ان توصل رسائل عملية لطرفين معا، للمعارضة اللبنانية على اختلاف توجهاتها، ولا سيما وان ساركوزي اعلن في اخر لقاء له مع السفراء الفرنسيين في عواصم العالم، انه يرغب في ان تكون له علاقة مع كل الاطراف على الساحة اللبنانية.

كما انه بادر في الآونة الاخيرة الى اعادة الاعتبار الى احد ابرز رموز الفريق المحيط به جان كلود كوسران الذي لا ريب ان لاسمه صدى ايجابيا لدى دمشق، كونه اضطلع في السابق بدور تواصل مهم مع سوريا والذي كان السباق في كسر جدران العزلة الدولية التي كانت ضربت عليها بعد عام 2005.

واذا كانت باريس تريد توجيه رسائل عملية تظهر فيها تمايزها عن حراك واشنطن في اطار بحث رئيسها الدؤوب عن توسيع افقه وأدواره، فإن السؤال المطروح: ما الذي يرجوه ويأمله بري من هذه الزيارة؟

بالتأكيد يشعر بري بثقة اكبر بالنفس وهو يعود ليدخل مرة ثانية ابواب قصر الاليزيه بعد انقطاع استمر لاكثر من ربع قرن، يومها كان بري زعيما اوحد في طائفته والزعيم الاقوى في ساحته السياسية، فكان استقبالا مشهودا.

ولأن بري سيزور باريس بعد ايام من زيارته لدمشق، حيث تحدث هو بنفسه عن "خريطة طريق" لحراك ما سيبدأه من تلقائه، فإن ثمة في اوساط سياسية معارضة من يتحدث عن ان بري ربما سينقل الى ساركوزي رسالة معينة من الرئيس السوري بشارالاسد.

وبصرف النظر عن دقة هذا الكلام، فالثابت ان باريس تريد من خلال استقبالها بري اكثر من ان تسمع وجهة نظره وجهة من يمثل سياسيا، وهو امر هي ولا ريب على بينة منه، ولا يمكن ان تكون بغافلة عن تفاصيله وأبعاده، وهي في الوقت عينه تدرك ان بري لم يعد حالة مستقلة تبيح له ان يؤدي دورا متمايزا.

=======================

ما تبقى لأوباما

بقلم :صحيفة «الباييس» الإسبانية

البيان

25-10-2010

كل ما يعلو بسرعة محكوم عليه بالسقوط بصورة لا تغتفر. والرئيس الأميركي الديمقراطي باراك أوباما رأى نفسه مشرئبا عندما تم انتخابه قبل عامين خليا وكان مدفوعا بهذيان العظمة وذاك الأمل الذي لم يمكنه من شيء سوى السقوط من جديد مغذيا انهيارا مدويا أكثر من اعتيادي.

 

في الثاني من نوفمبر، المقبل تجري في الولايات المتحدة انتخابات نصفية تعد بأخذ حرارة الوسط السياسي في اللحظة التي يكون فيها الرئيس قد أظهر أفضل ما لديه من فنون، لكن عمل أول سنتين لا يزال طافيا على السطح.

وكل شيء يشير إلى أنه في التجديد لمجلس النواب ومجلس الشيوخ سيكون هبوطا إلى 435 ممثلا و36 سناتورا على التوالي، أي الثلث، بينما سيتعرض لعملية التأديب الأكثر خطورة متمثلة في خسارة كلا الغالبيتين، مما سيجعل مما تبقى من ولايته الرئاسية مجرد زخارف مفرغة من أي محتوى.

صحيح أن الناخب الأميركي أستاذ في قص أجنحة الرؤساء، لكن في هذه الحالة ثمة عوامل أخرى ذات طابع جديد ستجعل الهزيمة المتوقعة محملة بالمعاني على نحو خاص.

حركة شعبية، بدائية، خام، كارهة للأجانب،حزب الشاي، الذي لا يجيد سوى القول: ولاية أقل، ضرائب اقل وتسقط الاشتراكية، متجاهلا بالطبع أن تلك الاشتراكية.

لاسيما بنسختها المعاصرة، باتت تأخذ حجم ثورة تبدو قادرة على السيطرة على الحزب الجمهوري من الداخل، معززة حالة مقلقة من عدم الاستقرار في عمق الثنائية الحزبية الوطنية.

يجدر ألا يكون أوباما تماما ما أرادته أن يكون أوروبا المدمرة في ظل حكم بوش الثاني، ويبدو واضحا أن ما هو عميق في الولايات المتحدة لم يكن مستعدا لرئيس مختلف إلى هذا الحد، وذلك من بين أمور أخرى.

لكن السخرية هي أنه سواء كان هذا هو أوباما الذي أراد أوباما نفسه أن يراه أم لا، فإن الرئاسة كانت رصينة إلى حد عدم التضحية بالتيار الراديكالي الذي صوت له على الطاولة وأقل من ذلك إرضاء اليمين المتشدد الجاهل، الذي يتهمه بأنه شيوعي. بسبب ذلك هبط مؤشر قبوله الشعبي من أكثر من 70% إلى 45%.

على هذا النحو، فإنهم قليلون نسبيا في يومنا هذا أولئك الذين يؤيدون إصلاحا صحيا يقترحه، إصلاح يعتبر، رغم كل شيء، خطوة عملاقة في نظام التأمين الصحي للمواطن، لكن تلك الخطوة تبقى قصيرة أمام الخطوة التي بنتها أوروبا في أعقاب الحرب العلمية الثانية.

وبالطريقة عينها، فإن اللامبلاة لا تزال سيدة الموقف في السياسة الخارجية، ففي العراق وأفغانستان لا يجري الحديث إلا عن انسحابات جزئية بينما الركود في الشرق الأوسط هو المسيطر.

صراحة أوباما الواضحة، جهده ورغبته في بناء بلد أفضل، يجب ألا تقول كلمتها الأخيرة. فالوقت المتبقي حتى الانتخابات الرئاسية في 2012، سيكون بسبب ذلك قاسيا وحاسما في آن في ظل مفهومين عن بلد متواجهين بشكل خطر.

=======================

قمّة العشرين والتسليم بالأقدار

بقلم :سمير العيطة

البيان

25-10-2010

يستحقّ مؤتمر قمّة العشرين الاقتصادية G20 القادم في سيئول (كوريا الجنوبيّة) اهتماماً استثنائيّاً. إذ ستتسلّم فرنسا خلاله قيادة الأمور من كوريا الجنوبيّة، وستترأس في الوقت نفسه مجموعة الثمانية G8.

وقد أعلن السيّد جان  دافيد ليفيت مستشار الرئيس الفرنسيّ في «ندوة السياسات الدوليّة في مرّاكش» أنّ رئيسه لن يكتفي بتخصيص جهود قمّة العشرين سنة 2011 لاحتواء الأزمة، بل سيطلق أيضاً ثلاث ورشات طموحة.

الورشة الأولى ستهتمّ بإصلاح النظام النقديّ الدولي. وهذا قد يعني ضمنيّاً إصلاح هيكليّة «صندوق النقد الدولي» والعودة عن الدولار كعملة مرجعيّة عالميّة، أي إعادة النظر في اتفاقيات «بريتون وودز» التي عقدت بعيد الحرب العالميّة الثانيّة.

ولكن لم يذكر المستشار الفرنسيّ خلال عرضه ما كان رئيسه قد اقترحه إبّان الأزمة عن ضرورة فرض قيود ورسوم على حركة الرساميل، إلاّ أنّه أشار بالتحديد إلى أنّ نصف القرن الأخير قد شهد أربعين صدمةً نتجت عن هروب الرساميل المضاربة من بلدانٍ مختلفة، في حين أشار مسؤولون في دولٍ صاعدة إلى مخاوفهم من تدفّق الأموال المضاربة إلى بلادهم لما هو أكثر من حاجات الاقتصاد.

كذلك تجنّب المستشار ليفيت ذكر مسألة «حرب أسعار الصرف» التي تشغل مراكز القرار العالميّ، وكذلك الإعلام، خاصةً بعد التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الصينيّ أنّ بلاده لن ترفع قيمة عملتها؟ وأنّ هدفها سيبقى خفض البطالة وتحسين مستوى معيشة مواطنيه.

الورشة الثانية ستخصّص لمعالجة مسألة تذبذب أسعار المواد الأوليّة، خاصّةً الزراعيّة منها؛ ممّا يهدّد بأزمات في بعض البلدان النامية بفقدان إمكانية الحاجات الأساسيّة لمواطنيها. إن فرنسا تقترح إنشاء آليات تأمين تمكّن هذه الدول من شراء حاجيّاتها.

ولكن المستشار لم يتطرّق تحديداً إلى «السياسات المشتركة الأوروبية» في مجال الزراعة؟ وإلى سياسات الدعم الأميركيّة التي كانت قد أدّت إلى نتائج كارثيّة في زراعات الدول النامية. ما اقترحه هو أن تترأس روسيا، التي تعاني اليوم من احتراق كميات كبيرة من محاصيلها إدارة التفكير بالإجراءات المطلوبة حول هذا المحور.

أمّا الورشة الثالثة فإنّها تبدو حتّى أكثر طموحاً، إذ تنطلق من أنّ منظّمة الأمم المتّحدة عاجزة عن معالجة القضايا الدوليّة اليوم، اقتصاديّةً كانت أم سياسيّة، ويجب إذاً إصلاحها؟ بما في ذلك مجلس الأمن.

هكذا يترسّخ دور مجموعة العشرين كمجلس إدارة لنوع من «الحكومة العالميّة»، يتمّ ضمنها الاتفاق على الحدّ الأدنى من التنسيق في عالمٍ بات متداخل المصالح.

ثمّ توزّع المهمّات على المؤسسات الأخرى ومن بينها مؤسّسات الأمم المتحدة للتحضير والتنفيذ، مع دورٍ أساسيّ ضمنيّ لمنظّمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD. أمّا التنسيق السياسي فسيبقى بين يدي مجموعة الثمانية G8، والدلالة على ذلك هو اقتراع الصين وروسيا لصالح العقوبات على إيران.

قد تبدو هذه الورش الثلاث كمثال جديد لسياسات الهروب إلى الأمام للرئيس الفرنسيّ الحاليّ، بمعنى تقديم الصخب الإعلامي على المضمون الحقيقيّ (كما في مشروع الاتحاد من أجل المتوسّط).

وكأنّ الأزمة المالية العالميّة قد انتهت، وكأنّ تحويل أزمة النظام المالي والمصرفي العالمي إلى أزمةً في الديون السياديّة للدول سيحلّ المشكلة وسيمرّ على شعوب الدول المتقدّمة والنامية التي ستدفع الكلفة مرور الكرام.

وكأنّ التذمّر والإضرابات لا تطال فقط أوروبا، بل الصين أيضاً، في حين يتحوّل الرأي العام الأميركي نحو اليمين المتطرّف في «مهرجانات الشاي Tea Parties»، وفي حين تتفجّر أزمات البلدان النامية لا بشكلٍ اجتماعيّ مدنيّ؟

بل بنزاعات عرقيّة وطائفيّة. إلاّ أنّ الورش الثلاث المقترحة تشير إلى أوجه المخاوف من انفلات النظام الاقتصادي والمالي العالميّ من عقاله في المستقبل المرقوب.

من ناحيته؟ أشار حاكم المصرف المركزي الأوروبي، جان  كلود تريشيه إلى أنّه يجب أن نبقى «متواضعين» إذ إنّنا لا نمسك الآليات التي تتطوّر وتتعقّد كلّ يوم والتي تؤدّي إلى انفجار الأزمات.

وبدا مرتاحاً إلى أنّ مقرّرات مجموعة العشرين قد أدّت إلى اتفاقية «بازل 3» التي أمهلت الدول عشر سنين لتطبيقها، مع تنويهه إلى أنّ اتفاقيات «بازل 2» التي سبقتها والتي لم تكن قد طبّقت بالكامل لم تكن لتحول دون أزمة انهيار النظام المالي العالمي بعد إفلاس مصرف ليمان براذرز.

السؤال المهمّ هنا هو من يمثّل الدول النامية، والدول العربية بشكلً خاص، في مجلس إدارة الحوكمة الدولية الذي أضحت مجموعة العشرين تمثّله؟

إنّ مصر والجزائر والسنغال ونيجيريا كانت متواجدة في اجتماعات الG8+5، في حين أغلق نادي الG20  لأسبابٍ عمليّة  على مجموعةٍ تضمّ دولاً صاعدة فقط، دون الدول النامية إلاّ العربيّة السعودية، وهي أقلّ ما يقال: حالة خاصّة.

هكذا لا يمكن لنا أن نستغرب سؤالاً طرحه مدير مركز الدراسات الاقتصادية المغربيّ  بما أنّ ندوة النقاش المشار لها كانت قد عقدت هناك  على الأوروبيين: «لقد ربطنا اقتصاداتنا بكم، وتحويلات مغتربينا الذين يعانون من عنصريّة متزايدة تأتي من عندكم وتتضاءل، وهي موردنا الأساسيّ.

فماذا ستفعلون من أجلنا؟».في الحقيقة، ماذا سيفعل هو؟ وكيف ستواجه بلده والبلاد العربيّة والنامية الأخرى هذه التطوّرات؟ سوى التسليم بالأقدار.

رئيس منتدى الاقتصاديين العرب

=======================

العراق وباكستان: "تأملات استخبارية"

آخر تحديث:الاثنين ,25/10/2010

سعد محيو

الخليج

مرة أخرى يضرب “ويكيليكس” . ومرة أخرى تكشف ملفاته السرية عن الوجه البشع و”غير النبيل” لحروب الولايات المتحدة .

 

البداية كانت في أفغانستان، حيث أحدثت وثائق هذا الموقع الإلكتروني عن الممارسات اللاإنسانية للقوات الأمريكية صدمة أخلاقية لما تستفق منها أمريكا بعد . والآن، جاء دور العراق: 400 ألف وثيقة يتضمن بعضها الأرقام الحقيقية لضحايا الحرب العراقيين: 258 ألف قتيل وجريح، جلّهم من المدنيين، و700 عراقي قتلوا بالرصاص على الحواجز الأمريكية .

 

بيد أن هذا ليس كل شيء . ثمة ما قد يكون أهم: بدء الكشف عن القوى أو الأطراف التي تقف وراء العنف الطائفي في العراق . وعلى رغم أن الوثائق الأولى لويكيليكس أشارت فقط إلى دور نوري المالكي في تشكيل وقيادة جهاز سري للقيام بالاغتيالات والاعتقالات، إلا أن مواصلة التدقيق في بقية الوثائق لابد وأن توضح في النهاية أن العنف الطائفي كان في الواقع ألعاباً استخبارية من ألفها إلى الياء .

 

في السابق، كان أي حديث عن دور الأجهزة العراقية وغير العراقية في سفك الدماء باسم المذهبية لتحقيق أهداف سياسية، يُقابل سريعاً بصيحات الاستهجان المشوبة باتهامات الغرق في نظريات المؤامرة . كان يُقال إن المجتمع في العراق، كما في لبنان والعديد من دول المنطقة، هو مجتمع متكسّر طائفياً بطبيعته، ولا يحتاج إلى أجهزة سرية لحفزه على العنف والتطرف .

 

لكن يتبيّن الآن أن هذا الذي كان يُقال، كان هو نفسه جزءاً من هذه الألعاب الاستخبارية نفسها . وإذا ما كان هذا الأمر يبدو مسوغاً ومبرراً كأمر واقع بالنسبة إلى الأطراف الخارجية، إلا أنه يكون عبثاً وجنوناً حين تستخدمه قوى سياسية عراقية لأغراضها الخاصة أو حتى الشخصية . إذ إنها حينها تبيع جلد الأمن الوطني للبلاد في مقابل حصولها على غنائم السلطة والغلبة السياسية بأغلى الأسعار .

 

ثمة نموذج لهذه الخيانة الموصوفة لكل من قيم الوطنية والمبادئ الإنسانية، هو النموذج الباكستاني .

 

ففي ذلك البلد، كانت أجهزة الاستخبارات، خاصة جهاز “إس .أي .إس”، تقوم بتأجيج العنف الشيعي السنّي عبر خلق منظمات متطرفة من كلا الطرفين، ثم تعمد إلى تقديم نفسها (أي الأجهزة) على أنها الضامن الوحيد للسلم الأهلي وللنظام السياسي .

 

هذه السياسة حققت لأجهزة الاستخبارات الباكستانية “نجاحات” باهرة . فهي مكّنتها من تقسيم وبعثرة الجسم السياسي في البلاد، وإجبار الشعب على الانحياز إلى خيار الأمن والاستقرار على حساب الحرية والديمقراطية، وأخيراً إحكام قبضتها على السلطة السياسية من خلال جعل القادة معتمدين عليها للبقاء في الحكم .

 

لكن، وفي مقابل هذه “النجاحات”، كانت أجهزة الاستخبارات تُدمّر النسيج الوطني الاجتماعي لباكستان، وتحوّل الدولة إلى دولة فاشلة أو شبه فاشلة، وتتسبب في قتل وجرح وتشويه مئات الآلاف . هذا ناهيك عن أن الوحوش التكفيرية التي ترعرت في أحضانها، كطالبان باكستان، كانت أحياناً تشب عن الطوق وتعض اليد التي أطعمتها .

 

هذا النموذج الباكستاني، كما يتضح الآن، هو المطبّق في العراق . وطالما استمر الأمر على هذا النحو، عبثاً يبحث القادة السياسيون العراقيون عن الاستقرار لسلطتهم . فحين يُدمّرون استقرار وطنهم، يكون من المستحيل أن يحظوا هم بأي استقرار في السلطة .

وباكستان المُهشّمة عبرة لمن يريد أن يعتبر .

=======================

حَرْبٌ لا تَضعُ أوزارها

آخر تحديث:الاثنين ,25/10/2010

خيري منصور

الخليج

لا يكاد يمرّ عام إلا وتظهر وثائق جديدة عن تلك الحرب التي تعددت أسماؤها رغم أن المحتوى يبقى واحداً، وهو الغزو تحت ذرائع ملفقة، ولو كان العالم على غير ما كان عليه عام 1258 ميلادية عندما احتل هولاكو العراق على صهوات الخيول، وليس على الدبابات لكانت القرون السبعة الماضية مليئة بالمفاجآت، ولما اكتفى الناس بما كتبه ابن الأثير الذي عاصر تلك الكارثة وقدم منها مشاهد تصيب من يقرأها بالقشعريرة .

 

هي حرب إذن غير قابلة لأن تنتهي، وما قيل عن وضع أوزارها وتبادل الأنخاب في الانتصار عشية إنهاء العمليات العسكرية كان مجرد فاصلة أو جملة معترضة، فما أعقب تلك الحرب ينافس ما سبقها ومهّد لها من حيث القسوة والإفراط باستخدام القوة على نحو سادي .

 

ثلث العراقيين توزعوا على أكثر من ثمانين دولة في هذا الكوكب، ومن تبقى عليه أن يودع امرأته وأطفاله كل صباح عندما يغادر البيت، ويعانقهم عندما يعود، فالخارج مفقود وليس العكس، وإن كان الداخل ليس على الدوام مولوداً، فالفوضى غير الخلاقة والتي سميت شأن كل حلقات ذلك المسلسل باسماء ناعمة ومضللة حذفت الفوارق، وأعطبت البوصلات، وأصبحت الهوية الوطنية الأم تتراجع يومياً أمام ضغط وانفجار الهويات الفرعية الصغرى، لأن الموسم الدموي كان ولا يزال يعبر عن انفجار عدة مكبوتات دفعة واحدة . فما كان وراء الأكمات اتضح وما كان همساً أصبح صوتاً جهورياً صاخباً يثقب الأذان، وعلينا بعد كل ذلك أن نصدق ما تم تسويقه من ذرائع للغزو .

 

هذا الملف واحد من أندر ملفات الحروب الذي سوف يبقى مفتوحاً يستضيف كل بضعة شهور، ومع كل شاهد جديد صفحات صادمة، لأن ما جرى ليس هو المسألة كلها، وقد يكون الغاطس حتى الآن في بحر الدم أضعاف النأتئ والمرئي بالعين المجردة .

 

ولا يليق على الإطلاق البدء من آخر السطر على مثل هذه الدراما التي كان العراق ولا يزال مسرحاً مكشوفاً لها، وقد يصح استخدام مصطلح الحائط الرابع في المسرح التقليدي مع هذه الدراما، فقبل أن يسقط الحائط الرابع كانت هناك ثغرات يتسرب منها الضوء ليفتضح ما يمارس من انتهاكات سرية داخل الزنازين .

 

إن ما خسره العراق لا تقوى أذكى الحواسيب الأمريكية والأنجلوساكسونية على إحصائه، فالأمر يتجاوز عدد الضحايا من البشر إلى تدمير ممكنات عديدة على صعيد التنمية الإنسانية وتحديث أساليب الحياة، وحين قال الجنرال شوارتسكوف إنه أعاد العراق إلى ما قبل القرن العشرين كان يقصد شيئاً أبعد مما فهمه البعض، ولم يخطر بباله أن عودة العراق إلى القرن التاسع عشر هي بسبب تدمير البنية التحتية أو العودة إلى القناديل والأساليب البدائية للحياة، فالمقصود هو إعادة البلاد إلى ما قبل الدولة وما قبل الاستقلال، بحيث تصبح الكانتونات الإثنية وحروب الطوائف هي البديل لأي كيان سياسي متماسك وذي إطار وطني .

=======================

خبر صغير!

د. بثينة شعبان

الرأي العام

25-10-2010

كان خبر انعقاد اجتماعات الحوار الاستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة في واشنطن في 20 أكتوبر الجاري مختصراً جداً، ومن أقلّ الأخبار انتشاراً على الوكالات العالمية، حيث اقتصر الخبر على بعض أسماء المشاركين ورئيسي الوفدين من كلا الطرفين، وأن هذا الحوار يعقد كل ستة أشهر، وأن الجلسة السابقة عقدت في تل أبيب في فبراير الفائت، وأن موضوعها الأهم كان «التهديد» النووي الإيراني، وبالطبع إعادة تأكيد الولايات المتحدة التزامها ب «أمن» إسرائيل، الذي يعني عمليا تعهدها بتحقيق تفوّق إسرائيل العسكري على الدول العربيّة المجاورة والبعيدة، بالإضافة إلى دول بعيدة غير عربيّة مثل إيران وتركيا، وانفراد إسرائيل بأسلحة الدمار الشامل بما في ذلك السلاح النوويّ. وقد أشار البيان المقتضب الذي صدر عقب الاجتماع إلى أن «الولايات المتحدة وإسرائيل تلتزمان العمل معاً لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين وقد ساعدت المناقشات الحالية تحديد سبل تعاوننا القوي الحالي في هذا الصدد لمصلحة الجميع في المنطقة»، والسؤال هو كيف يمكن أن يكون تعاون الولايات المتحدة الاستراتيجي مع إسرائيل لمصلحة «الجميع» أي كيف يمكن أن يكون تسليح الولايات المتحدة لإسرائيل بالأسلحة النوويّة، والطائرات الحاملة لها، لمصلحة «الجميع» بمن فيهم العرب، والأتراك، والإيرانيين؟ كيف يمكن أن يكون تمويل الولايات المتحدة، عبر ضمانات القروض، لبناء المستوطنات اليهوديّة على الأراضي الفلسطينيّة «لمصلحة» من تصادر إسرائيل أرضهم، وتهدم منازلهم، وتهجرهم من ديارهم، وترتكب ضدّهم جرائم الحرب، والإبادة، والتطهير العرقي بما يشبه إبادة السكان الأصليين في الولايات المتحدة وكندا واستراليا وأيضاً في دول أميركا الجنوبية، ومن هم هؤلاء «الجميع» الذين سوف يستفيدون من التعاون الاستراتيجي الأميركي الإسرائيلي، وهو تعاون في مجالات الحرب، والاستيطان، والتخريب المخابراتي الموجّه فعلاً ضدّ «الجميع» في الشرق الأوسط، وهو تعاون يهدف إلى الحفاظ على تفوّق إسرائيل عسكرياً، وبشكل يغطّي على جرائمها المتمثّلة في تدمير أمن الفلسطينيين، وأرزاقهم، وحياتهم، وحقوقهم، وطريقة عيشهم؟ وفي التعامل مع هذا الخبر يظهر مدى الحنكة الإعلامية للطرفين بتمرير خبر بمثل هذه الخطورة دون أن يُلاحظ تقريباً كي لا يتوقف أحد من ضحاياهما عند المدى الواسع للتكافل والتضامن الاستراتيجيين بين الولايات المتحدة وإسرائيل على العدوان، والتطهير العرقيّ ضدّ الفلسطينيين المتمثلين بالحصار وحرمان الشعب الفلسطيني من الحريّة والديموقراطيّة وحقوق الإنسان! ما يعني أن الولايات المتحدة لم تكن ولن تكون يوماً «وسيطاً نزيهاً» من أجل تحقيق السلام العادل والشامل. وهذا بحدّ ذاته يفّسر فشل عملية السلام خلال العشرين عاماً الماضية ذلك لأن حكومات الولايات المتحدة المتعاقبة، والتي هي في واقع الحال رهينة الحوار الاستراتيجيّ مع القوى الإسرائيليّة المحتلة، تتظاهر بأنها تلعب دور «الوسيط» فيما هي في الواقع تساعد إسرائيل، باعتبارها حليفاً استراتيجيّاً، على تدمير حياة الفلسطينيين، وتهديد الدول المجاورة، وتنشر الحرب وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، بهدف «الحفاظ على تفوّق إسرائيل العسكري». العلاقة الحقيقية والجوهرية بين الولايات المتحدة وإسرائيل هي أنهما شريكان في السياسة التي ينفذها كل منهما في منطقتنا، وأنه تتم بينهما مناقشة كلّ الأمور المتعلّقة بالحرب، والاستيطان، وتهديد أمن دول المنطقة، وتفتيت الدول العربيّة وتدميرها الواحدة منها بعد الأخرى بالحرب، أو الفتنة الداخليّة، أو الانفصال، على طاولة «الحوار الاستراتيجي» بينهما قبل أن تأخذ طريقها إلى التنفيذ المشترك سواء في العراق أو فلسطين أو لبنان أو السودان أو إيران أو أفغانستان أو اليمن ويتضمن ذلك حتى تسليح بعض الدول بشكل لا «يهدّد» إسرائيل. لا بل حتى موظفي الإدارة الأميركية تتم مراقبة أدائهم حسب مواقفهم من إسرائيل وسياساتها تجاه إيران والفلسطينيين ومسائل أخرى، ولا يتمّ تعيينهم ما لم تكن مواقفهم متطابقة مع المصالح الإسرائيلية. فالذين يُفاجأون اليوم بعدم قدرة إدارة أوباما على تحقيق أي تقدّم في عملية السلام في الشرق الأوسط يجب أن يعودوا إلى مقال بعنوان «أنباء سارّة عن تعيينات أوباما» الذي نشرته الصحيفة اليهودية (24 نوفمبر 2008) Jewish Issues Watchdog: ومما جاء فيها:

«لقد كانت هناك أسئلة حول التعيينات المحتملة لمواقع مهمة في إدارة أوباما تتعلق بوجهات نظرهم حول إسرائيل وإيران والفلسطينيين وقضايا أخرى. اليوم أؤكد على أسباب تدعو للثقة بأن الفريق القادم سوف يقوم بأشياء إيجابية في الشرق الأوسط». واليوم وبعد سنتين من ذلك التاريخ تقريباً نعلم أن تلك «الأشياء الإيجابية» هي «طرح يهودية الدولة، وتسارع غير مسبوق للاستيطان، وتدمير البيوت في القدس الشرقية، وإصدار قانون في الكنيست يرغم الفلسطينيين على دفع أجرة هدم منازلهم، وحرمانهم من العمل في المجال السياحي كي لا يشيروا إلى أي شيء فلسطيني، وإرغامهم على أداء القسم لدولة يهودية أي التطهير العرقيّ للوجود الفلسطيني.

وها هي الوثائق التي تنشرها «ويكيليكز» عن الحرب على العراق تؤكّد على أن الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب العراقي تشابه في طبيعتها، وحجمها، واستهتارها بحياة العربي تلك التي ترتكبها إسرائيل يومياً ضدّ الشعب الفلسطيني. لقد كان المشاهدون يقولون أثناء الحرب على العراق لا نعلم إن كان الموقع بغداد أم القدس، غزة أم النجف، نابلس أم الموصل، جنين أم الفلوجة لأن الاستهانة بالمقدسات، وحياة البشر، هي نفسها، وأسلوب التدمير والتعذيب في أبو غريب، وغوانتنامو هو نفسه المستخدم بشكل واسع في السجون الإسرائيلية التي تعج بجرائم مخزية، ومخجلة، ومحزنة، والتي وإن تسرّب بعض منها إلى الإعلام لا تلقى من يجرؤ على الحديث عنها أو المطالبة بمعاقبة مرتكبيها نظراً للتعاون الاستراتيجي أيضاً بين الإعلامين الأميركي والإسرائيلي، وكل منهما «حرّ» بما لا ينشر من جرائم ترتكبها حكومته ضدّ العرب! والسؤال هو من يعاقب القتلة ومجرميّ الحرب إذا كانت الأمم المتحدة نفسها، وبكلّ هيئاتها، ترزح تحت الهيمنة الأميركيّة؟

وبعد كل ما جرى ويجري في العراق وفلسطين من كوارث تتسابق اليوم الديبلوماسية الأميركية لدعم النشاط الإسرائيلي لفرض الفتنة على لبنان، وتقسيم السودان. وبالرغم من أن الشعب في السودان شعب واحد وهم متداخلون ومتزاوجون ومتعايشون على مدى قرون في بوتقة واحدة، وثقافة واحدة، وأرض واحدة، ومصير مشترك، فإن أول إعلان عن حتمية الانفصال أطلق من واشنطن على لسان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون والتي وضعت «حتمية الانفصال» بجملة معترضة وتداعت بعد هذه الجملة الخطوات العملية من إرسال السفراء إلى السودان، إلى إرسال قوات الأمم المتحدة، إلى الزيارات لبعض مروجي الانفصال إلى واشنطن وعودتهم أكثر قوة وإصراراً على إكمال المخطط. وفي كل هذا وذاك، من الحرب على العراق، إلى الحرب على الفلسطينيين، وإلى العدوان على لبنان وتزويد إسرائيل بالقنابل العنقودية التي لا تزال تقتل حتى اليوم الناس في الجنوب، فإنّ الحوار الاستراتيجي الأميركي الإسرائيلي، لا يرى من العرب غير النفط، والمواقع الاستراتيجية. وكما روّجوا أن «فلسطين أرض خالية بلا شعب» فإن كلّ بلداننا تظهر على شاشاتهم أراض من دون شعوب، وناس من دون حقوق، يغزونها كما يشاؤون، ومتى يشاؤون، ومن يشاؤون منها، ويقسّمون أياً منها كما تملي مصالحهم، ويعيثون فساداً بالعلاقات الإنسانية دماراً وقتلاً وتشريداً ومن ثم يقولون إن «تعاوننا القوي الحالي في هذا الصدد لمصلحة الجميع في المنطقة». أي «جميع» الذين يقصدون؟ وعلى الذين يعتبرون في منطقتنا أن هذا التعاون في مصلحة شعوبهم أن يعيدوا النظر بذلك، إلا إذا كانت شعوبهم لا تظهر حتى على راداراتهم هم أيضاً! أو علمتم الآن لماذا كان الخبر صغيراً؟ الكوارث التي تنزل على شعوبنا تتسارع نتيجة مثل هذا الخبر الصغير المقتضب!

=======================

العراق من فرق بليكس إلى «وثائق ويكيليكس»

الإثنين, 25 أكتوبر 2010

جورج سمعان

الحياة

لم يكن المتصارعون في العراق وعلى العراق بحاجة إلى «وثائق ويكيليكس» لتتفاقم مصاعبهم، وتتضاعف الحواجز والعراقيل أمام ولادة الحكومة الجديدة التي باتت تستدعي أكثر من عملية قيصرية. ما كشفه الموقع الالكتروني، وإن يكن أكبر عملية تسريب معلومات سرية في التاريخ، ليس سراً. يعرفه المتهمون ب «حمام الدم» العراقي. ويتداوله العراقيون كل يوم ويعيشونه. الأهم في هذه «الأسرار» أنها باتت موثقة بالساعة واليوم والأسماء. وكشفت بالوقائع المسجلة للتاريخ الصراع المعروف بين الأميركيين والإيرانيين والسوريين والقوى العراقية المتنازعة، والذي راح ضحيته آلاف المدنيين الأبرياء. مثلما كشفت دور زعيم «دولة القانون» نوري المالكي نفسه في «إدارة فرق للقتل والتعذيب» ودور قوى الجيش والشرطة العراقية في عمليات القتل والتعذيب. والسؤال البديهي: ألا تحتاج هذه «الوثائق إلى محكمة دولية تدقق وتحقق وتحاكم في ما يمكن وصفه ب «جرائم حرب»؟

والأهم في نشر الوثائق هو التوقيت. ستلقي الوثائق بظلها الثقيل على الولايات المتحدة فيما هي منشغلة بالانتخابات النصفية للكونغرس. وتكابد للتخلص من مستنقعي العراق وأفغانستان والحد من الخسائر في المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية المتعثرة. وستلقي مزيداً من الضوء على «الصورة المشرقة» للولايات المتحدة في العالمين العربي والاسلامي. مثلما ستساهم في بعث سيل من الأسئلة والمخاوف من إيران التي تسعى إلى طمأنة جيرانها العرب بالتعمية على اندفاعها في قلب المنطقة، من كابول إلى الناقورة فغزة، وعلى دورها في حمام الدم العراقي. ومثلما ستزيد أيضاً في أحراج سورية وخياراتها وتنقلها بين الرياض وطهران وأنقرة.

لكن يبقى الأهم في هذا التوقيت ما ستخلفه الوثائق من انعاكسات في المسرح الأساس ل «حمام الدم». ستثقل كاهل العراقيين الذين يتلمسون الطريق للخروج من أزمة الحكومة المستعصية على الولادة بأعباء إضافية. وسترد ذاكرتهم مجدداً إلى صور القتل والتعذيب المبرمج، والصراع المذهبي. وستطرح الكثير من الأسئلة عن أهلية نوري المالكي المرشح الأوفر حظاً لقيادة الوزارة الجديدة، وطريقة إدارته الحكم والمؤسسات، مرفقة بكثير من الإحراج أيضاً للقوى التي ترفع لواء زعيم «دولة القانون» في الداخل والخارج، من طهران إلى واشنطن مروراً بدمشق.

لم تصل «الديموقراطية» التي بشر بها الأميركيون وسنّ لها العراقيون دستورهم الجديد، إلى حد مضاهاة الديموقراطيات الغربية! فلا المالكي فقد حظوظه، ولا هو سيبادر بالاستقالة وتقديم نفسه إلى العدالة. بل هو رأى ان الهدف من نشر الوثائق عرقلة إعادة انتخابه لولاية ثانية. هو باق في السباق. ويبدو المرشح الأقوى. لن يتأثر بمناداة خصومه في كتلة «العراقية» بمحكمة دولية، وتحذيرهم من «عودة الديكتاتورية». ولكن، أيضاً، لن تنفع تبريرات مكتبه في تبديد ما ألحقته هذه الوثائق بصورته. لقد وقع الضرر، ولا يفيده تحميله الأميركيين مسؤولية وقوع ضحايا. بل سيضاعف شعورهم بالخطأ والذنب لأنهم دفعوا بترشيحه لولاية ثانية. وسيدفعهم إلى مزيد من التحفظ عليه ومحاولة تطويقه إذا لم يتوافر لهم فرض البديل الذي يرغبون فيه.

لا يحتاج المتصارعون في العراق وعليه إلى قراءة الوثائق لتحديد الغالب والمغلوب. فالمعركة حول الحكومة الجديدة تحدد بوضوح ميزان القوى الجديد للحرب السرية - العلنية الدائرة بين الأميركيين والإيرانيين في المقام الأول، ثم بين اللاعبين الإقليمين الآخرين. الكفة راجحة بوضوح لمصلحة طهران. لم يكن الوضع كذلك في ما سبق الأحداث التي تؤرخ لها «وثائق ويكيليكس»، أي قبل الحرب على العراق العام 2003. كان نظام صدام حسين سداً في وجه التمدد الإيراني. وكان «شوكة» في ظهر سورية التي وقفت إلى جانب «الثورة الاسلامية» طوال حرب الخليج الأولى.

تبدل الوضع بعد سقوط النظام في بغداد. اعتقد الأميركيون للوهلة الأولى أنه يمكن بناء عراق ديموقراطي على أنقاض ديكتاتورية صدام. وأن النظام الجديد سيعزز ميزان القوى الإقليمي المواجه للجمهورية الاسلامية. وذهبوا في الاعتقاد إلى حد البناء على قدرة النظام الجديد في بغداد في تقديم «نموذج شيعي ديموقراطي» قد يشجع الإيرانيين على السعي إلى محاكاته. أبعد من ذلك كانت إدارة بوش الإبن، خصوصاً وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس، ترد على معارضي الحرب على العراق، بأن إطاحة صدام، وإن أراحت إيران من خصمها اللدود، إلا أنها قدمت هدية كبرى إلى إسرائيل بإزالة هذا البلد من ميزان القوى العربي في مواجهة الدولة العبرية. ولم يطل الأمر بالأميركيين والإسرائيليين معاً ليكتشفوا أن سقوط العراق في قبضة إيران فتح لها الطريق واسعاً للوصول إلى شواطئ الناقورة وسفوح جبل الشيخ في جنوب لبنان، وإلى شواطئ غزة أيضاً. وفتح أيضاً صفحة جديدة في الصراع الذي يكاد ينحصر بين تل أبيب وطهران. وهذا ما سمح للرئيس محمود أحمدي نجاد بالاعلان من على مشارف الجليل قيام «جبهة مقاومة الشعوب» وينذر بزوال إسرائيل... ولم يبقَ للعرب سوى استضافة مسرح العمليات.

قبل أيام كانت إدارة باراك أوباما تعتقد بأن المالكي هو الأقدر على الحكم في الفترة المقبلة، وإن دفعت بلا جدوى نحو تحالف يجمعه مع إياد علاوي زعيم «العراقية» لقطع الطريق على الهيمنة الإيرانية. بنت على نتائج ولايته الأولى: على محاربته الميليشيات المرتبطة بإيران، واستجابته الكثير من رغباتها في ما يتعلق بالاتفاقات الأمنية والعسكرية. وهو نجح فعلاً في إدارة توازن دقيق بين إيران والولايات المتحدة، ما سمح له بشن «صولة الفرسان» لتعزيز الأمن، ما يعني ذلك من توسيع لشعبيته وترسيخ لموقعه في الصراع على السلطة بمواجهة القوى الشيعية الأخرى التي بدا كأنه يسعى إلى توحيد «بندقيتها» وإن بتهميش هذه القوى كلياً إن لم يكن قادراً على إلغائها. مثلما أحسن في ملاقاة الأميركيين في سعيهم لإعادة القوى السنية من حضن «القاعدة» إلى قلب الدولة.

لكن ما أحرج الأميركيين قبل موقع «ويكيليكس» كانت دعوة المالكي في طهران الجمهورية الاسلامية إلى المساهمة في إعادة إعمار العراق. كأن الولايات المتحدة لا يكفيها ما قدمت من ضحايا وما أنفقت من بلايين ليجلس المالكي مكان صدام حتى ينادي خصمها لجني البلايين من إعادة الإعمار. ثم زاد في حراجة الموقف الدعم العلني الذي منحه مرشد الجمهورية السيد علي خامنئي لزعيم «دولة القانون» الذي كان قبل ذلك قايض تأييد السيد مقتدى الصدر بوعود وإجراءات أثارت حفيظة الإدارة الأميركية... كل هذه المواقف دفعت واشنطن إلى إعادة النظر في موقفها واندفاعها إلى تأييده.

وسيزيد من حراجة موقف واشنطن ما كشفته «وثائق ويكيليكس». ولا يعني ذلك قدرتها على رد القدر الذي تكتبه إيران الأكثر فعالية وتأثيراً في التحكم بمن يتولى رئاسة الحكومة. أضف إلى ذلك أن غالبية المكونات الشيعية التي ترى إلى نفسها وقد ربحت العراق بعد سقوط صدام لا يمكن أن تسمح بالمجازفة بخسارته. وهذا ما سيدفعها إلى التمسك بالمالكي الذي تعتقد أنه الأقدر على حفظ هذا المكسب. ذلك أن صلاحيات رئيس الوزراء كما نص عليها الدستور تجعله الآمر الناهي في كل جوانب السلطة، من تعيينات كبار الموظفين إلى قيادة الجيش والمخابرات والقرارات الاقتصادية الكبرى في قطاع النفط وغيره من القطاعات. أي أن الدستور يضع معظم القرارات الأساسية في يد رئيس الوزراء، ما يجعله ومن يمثل أقوى اللاعبين.

أمام اكتشاف إدارة باراك أوباما هشاشة رهانها على المالكي، وإحساس خصومها بتقدم مشروعهم «المقاوم»، لا يبقى أمامها الكثير من الخيارات في العراق. فهي لا تستطيع، في ضوء هذا الخلل في ميزان القوى، الانخراط في حوار مباشر أو غير مباشر مع إيران التي تتصرف على وقع تراجع رهانات الولايات المتحدة ومشاريعها في أكثر من جبهة، من لبنان وفلسطين إلى أفغانستان. الحوار إذاً مستبعد ما لم تشعر واشنطن بقدرتها على استعادة زمام المبادرة وعلى المقايضة والمساومة. يبقى أن تعيد الإدارة النظر في موعد انسحاب قواتها من العراق. وهذا خيار مستبعد لأسباب عدة.

كانت إدارة أوباما تأمل بأن يشكل المالكي حكومة تكون قادرة على تأمين الحماية اللازمة لانسحاب قواتها نهائياً من العراق في نهاية العام المقبل (أعدادهم نحو خمسين ألفاً). لكن عودته على وقع خطط إيران ومباركة التيار الصدري قد تقضي على هذا الأمل. قد لا يكون أمام واشنطن سوى الرهان على المبادرة الكردية التي أطلقها قبل مدة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني. وبدأ «التحالف الكردستاني» بالفعل الإعداد في إربيل لطاولة حوار لقيادات كل الكتل الفائزة في الانتخابات. ورحب السفير الأميركي بالمبادرة وكذلك فعلت المرجعية في النجف. وستكون الورقة الكردية منطلق التفاهم المنتظر. التفاهم على تنظيم داخلي يحدد صلاحيات رئيس الحكومة والوزراء وتفعيل أدوار المجلس السياسي للأمن الوطني ورئيس الجمهورية ومجلس النواب، على نحو يحد من طغيان صلاحيات رئيس الوزراء وسلطته شبه المطلقة. وسيصر الكرد بعدما باتوا بيضة القبان في ترجيح كفة أي مرشح لمنصب رئاسة الحكومة على إشراك كل الكيانات السياسية في الوزارة العتيدة... فضلاً عن مطالبهم المعروفة الخاص بكردستان وحدود الاقليم وصلاحياته.

وإذا نجح «التحالف الكردستاني» في إيصال مبادرته إلى خواتيمها المرجوة، فستكون الحكومة الجديدة محكومة بتوازن دقيق يحرمها من حرية الحركة ومن رؤية استراتيجية واحدة وبرنامج واحد للتعامل مع تعقيدات المنطقة والتحولات والقرارات الكبرى. وقد يتيح مثل هذا التطور لواشنطن فسحة من الوقت لإعادة ترتيب أوراقها، والعودة إلى مزيد من الاهتمام بالملفين اللبناني والفلسطيني، وربما المسار السوري، لعل اختراقاً استراتيجياً في هذه الجبهات يعيد خلط الأوراق والتحالفات، ويصلح الخلل في ميزان القوى الدولي – الاقليمي.

في انتظار مثل هذه المفاجآت، لئلا نقول المعجزات، على لبنان وفلسطين أن ينتظرا الفرج من العراق حيث يواصل المتصارعون في كتابة تاريخه «الديموقراطي الجديد» بالدم، من فرق هانس بليكس إلى «وثائق ويكيليكس»!

=======================

نحو نهج جديد للدفاع المعلوماتي

فرانك غريفييري

الشرق الاوسط

25-10-2010

يأتي تعدد حالات الهجمات المعلوماتية وتطورها المتصاعد ليؤكد على أن شبكة الإنترنت أصبحت ميدان رهانات كبرى على صعيد الدفاع والأمن. خلال بضع سنوات، انتقلنا من عصر «الهاكرز»، الأفراد الحذقين الذين يتمتعون أحيانا بالذكاء المتميز لكن مع نوايا مشكوك بأمرها، إلى عصر المحترفين الذين يستخدمون الإنترنت لإجراء عمليات غير قانونية (اختلاس أموال، سرقة بيانات، التخريب، التشويش، أو زعزعة الاستقرار).. واليوم ندخل عصر «الأسلحة المعلوماتية». فقد تحول المهووس المعلوماتي المنفرد إلى فريق من المهندسين الذين يتمتعون بمستوى عال، ويسعون إلى وضع استراتيجيات معقدة تستهدف تحقيق تأثيرات محددة للغاية. تبرز الدودة المعلوماتية «ستوكس نت»، المعقدة جدا، التي ظهرت مؤخرا من دون أن يُعرف مصدرها، هذا التوجه الجديد.

يمكننا التنبؤ، مع احتمال خطأ ضئيل، بالتطور السريع لعالم المعلوماتية الذي أصبح اليوم بعدا استراتيجيا جديدا (مثلما حدث بالنسبة للفضاء منذ 50 عاما)، حيث ستظهر صراعات جديدة، متماثلة أو غير متماثلة، متفاوتة القوة.

من ناحية أخرى، يبادر تقرير أولبرايت، الذي نشر مؤخرا حول سلّم أولويات التهديدات التي سيواجهها حلف الناتو من الآن وحتى عام 2020، إلى وضع «الهجمات المعلوماتية» في المرتبة الثالثة خلف المخاطر الإرهابية والتهديد الصاروخي.

أمام هذا التطور السريع في نوعية التعقيد لهذه التهديدات، يتوجب الأمر المبادرة إلى تطبيق استراتيجية دفاع جديدة.

من الدفاع المعلوماتي السلبي إلى الأمن المعلوماتي الناشط: تاريخيا، كان خط الدفاع الأول عبارة عن «جدار وقاية» وبرنامج مضاد للفيروسات. ويبقى هذا النوع من الحماية ضروريا اليوم، لكنه لم يعد كافيا للمحافظة على أصول «حيوية» (يكفي القول إن فعالية الحماية ضد الفيروسات مرهونة بالفيروسات «المعروفة»، أي السابقة الانتشار).

كان هناك أيضا خط دفاع آخر يعتمد «عزل» الشبكات، انطلاقا من المبدأ القائل بانعدام إمكانية مهاجمة شبكة غير موصولة بالخارج. وقد أثبتت الأحداث مؤخرا عكس ذلك. بالفعل، يكفي استخدام مفتاح «يو إس بي» يحتوي على شفرات خبيثة لتصاب الشبكة بالشلل، مهما كانت معزولة. يعود هذا أساسا إلى لجوء جميع الشبكات تقريبا إلى استخدام التكنولوجيات نفسها (ويندوز، TCP/IP، ...)، وهي بالتالي معرضة للخطر.

وتبدو اليوم هذه المقاربات التقليدية «للدفاع السلبي» غير كافية لضمان سلامة الشبكات الحيوية و/أو الحكومية. من الآن فصاعدا، تتطلب سلامة هذه الأنظمة - مع أو من دون اتصالها ببعضها بعضا - وجود دفاع ناشط في العمق، يستند إلى كشف مبكر قدر الإمكان للهجمات المعلوماتية.

هنا يكمن أساس سياسة الأمن المعلوماتي الفعال. إنها بالتحديد النقطة التي أشار إليها نائب وزير الدفاع الأميركي ويليام ج. لين، في 15 سبتمبر (أيلول) الماضي في بروكسل، حيث وضع هذا المفهوم للدفاع الناشط كركيزة ثانية لسياسة الأمن المعلوماتي الأميركي.

علاقة ضرورية بين الدولة والصناعيين الموثوق بهم: تتطلب الحماية ضد هذه التهديدات المعلوماتية إعداد عقيدة وتحديد تنظيم خاص وامتلاك قدرات مصممة لذلك واعتماد المؤهلات اللازمة. وفي حين يبدو من الضروري أن تكون الدول، عبر امتيازات السيادة الوطنية، في قلب هذا الجهاز، يبقى اندماج الصناعيين الموثوق بهم، المتميزين فعلا على المستوى التكنولوجي، أضمن ضرورة نجاح في هذا الميدان.

بالفعل، إن كشف الهجمات، وجمع وتحليل الأحداث الناتجة عن مكونات نظام معين في الوقت الحقيقي، مع ربط هذه المعلومات للحصول على تقييم خطر يتطلب المعالجة، يحتاج إلى امتلاك مجموعة كاملة من الطاقات وتوافر القدرة على تنظيمها بشكل متناسق.

أدت هذه الملاحظة إلى إنشاء مراكز عمليات للأمن المعلوماتي. تعمل 24 ساعة/ 24 ساعة، وتهدف إلى توفير مراقبة مستمرة للشبكات الحيوية الحكومية أو الخاصة، وإلى تقديم عرض شامل للحالة. ومن الغني عن القول أنها توجد في خط الدفاع الأول لدى تنسيق أنظمة الدفاع خلال وقوع هجوم. وتقوم شركة «Thales» حاليا بتشغيل مركز للأمن المعلوماتي على نفس النمط في فرنسا. إضافة إلى ذلك هناك توجه نحو مضاعفة مثل هذا النوع من الحلول، على الأقل على مستوى كل دولة ذات سيادة.

تفادي المفاجأة الاستراتيجية: كما يبدو بشكل جلي، يشكل «عالم المعلوماتية» مرتعا للمفاجآت، ليس على الصعيد التكنولوجي فحسب، بل على الصعيد الاستراتيجي أيضا.

وبالتالي، يمكن أن يكون الهجوم المعلوماتي سريعا للغاية، ويسبب من دون شك أضرارا حيوية حقيقية (حيث ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار نتائج هجوم على أنظمة التحكم بشبكات السكك الحديد، وأنظمة المراقبة الجوية، وأنظمة تسيير المصافي أو محطات الطاقة..). وبالإضافة إلى ذلك، هناك خاصية أخرى للهجمات المعلوماتية، حيث كان من المستحيل حتى اليوم إجراء تحديد حاسم لمصدر الهجوم المعلوماتي. بالفعل، ما الذي يمنع أن تكون أجهزة الكومبيوتر التي تطلق الهجوم خاضعة بدورها إلى طرف ثالث؟ وأخيرا، لا تأتي الهجمات في أغلب الأحيان من مصدر واحد، بل من الكثير من أجهزة الكومبيوتر - التي يطلق عليها اسم «بوتنت» - وهي عبارة عن «كائنات معلوماتية مسيرة» يجري توجيهها عن بعد من قبل مدبر العملية.

وغالبا ما تعود المفاجآت الاستراتيجية (الهزيمة العسكرية الفرنسية عام 1940 أمام الجيوش الألمانية، أو هجمات 11 سبتمبر 2001، مثلا) إلى غياب القدرة على تخيل أزمات خارج الأطر المعروفة والخاضعة للسيطرة. فالموضوع لا يكمن في كشف الإشارات الضعيفة بقدر ما يكمن في تقييم الحالات غير المعتادة. فالهجوم المعلوماتي قد يشكل من دون أدنى شك مفاجأة استراتيجية أساسية بالنسبة لدول لم تأخذ ذلك بالحسبان وفشلت في إجراء تقييم صحيح لمخاطر نزاع كهذا يهدد اقتصادها وحريتها.

* المكلف بنشاطات سلامة تكنولوجيا المعلومات - نائب رئيس «Thales»

======================

أوباما وعملية السلام المعيبة

شلومو بن عامي

http://www.project-syndicate.org/commentary/benami46/Arabic

مدريد ـ منذ انطلاقها في أوسلو قبل ما يقرب من عقدين من الزمان، ظلت عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية محبَطة بفعل النظام السياسي المختل على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. وبعد وقوعها رهينة لتحالف مستحيل وحركة استيطانية تتألف من متعصبين مستقلين، أصبحت زعامة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وضع بالغ الخطورة. والوضع على الجانب الفلسطيني ليس أفضل بأي حال من الأحوال.

فاليوم تجسد الزمرة المحيطة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس الخداع المرير الذي كانت تعنيه عملية السلام التي بدأت باتفاقية أوسلو في نظر الفلسطينيين. فضلاً عن ذلك فإن السلطة الفلسطينية لم تعد تمثل غالبية الفلسطينيين ولم تعد تحكم بالسبل الديمقراطية.

فقد انتهت فترة ولاية عباس الرئاسية، والانتخابات تؤجَل على نحو مستمر. أما رئيس وزراء السلطة الفلسطينية سلام فياض فإنه يحكم بالمراسيم والقرارات، كحال أقرانه في غزة، ويحرص على إبقاء البرلمان معطلاً وإخراس الأصوات المعارضة. وفي غياب الشرعية الديمقراطية المؤسسية فإن السلطة الفلسطينية محكوم عليها بالاعتماد على قواتها الأمنية، والقوات الأمنية التابعة لدولة الاحتلال إسرائيل، لفرض إرادتها.

بطبيعة الحال، كان لزاماً على حركات التحرير الوطنية على مر التاريخ أن تعمل على تهميش الراديكاليين والمتعصبين المنتمين إليها من أجل الوصول إلى "أرض الميعاد". ويصدق هذا على الحركة الصهيونية، وحركة النهضة الإيطالية، ومؤخراً الحركة الكاثوليكية في أيرلندا الشمالية. ولكن لم يحدث من قبل قط أن مَثَّل الفصيل المنبوذ الأغلبية المنتخبة ديمقراطيا. والواقع أن عملية السلام المصممة كوسيلة لإضعاف وعزل الفائزين بالانتخابات ـ حماس ـ من غير المرجح أن تكتسب قدراً كبيراً من الإقناع.

ومثله كمثل جورج دبليو بوش، يحرص باراك أوباما إلى حد كبير على تضييق حدود مشاركته السياسية بحيث تقتصر على الأصدقاء وليس الخصوم. وهذا يفسر بشكل أوضح من أي شيء آخر الانفصال المتنامي بين الرأي العام العربي ورؤية إدارة أوباما.

والواقع أن الافتراض الذي يلقى رواجاً عظيماً بين مهندسي العملية الحالية، والذي يتصور أنصاره بمقتضاه أن السلام من الممكن أن يتحقق من خلال دق إسفين بين "المعتدلين" و"المتطرفين" يقوم على سوء فهم فادح. والمفارقة هنا مزدوجة. فالمسألة ليست أن التفاوض يجري مع "معتدلين" غير شرعيين فحسب، بل إن افتقار هؤلاء المعتدلين إلى الشرعية هو على وجهة الدقة الأمر الذي يضطرهم إلى عدم التنازل قيد أنملة فيما يتصل بالقضايا الجوهرية، خشية أن يتهمهم الراديكاليون بالخيانة.

والواقع أن العجز الخطير في شرعة المفاوضين الفلسطينيين ـ والارتباك الذي يعيب الحركة الوطنية الفلسطينية بالكامل ـ يتجلى في عودة منظمة التحرير الفلسطينية إلى تبني أساليب ما قبل عرفات، حين كانت المنظمة مجرد أداة بين أيدي الأنظمة العربية بدلاً من كونها حركة مستقلة. فقد تلقى المفاوضون الفلسطينيون الضوء الأخضر من جامعة الدول العربية وليس من الممثلين المنتخبين للشعب الفلسطيني.

والواقع أن انطلاق العملية الحالية بات في حكم الممكن بفضل مصادقة أوباما على مزاعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حين أعلن أن الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية وقبول احتياجاتها الأمنية من شأنه أن يمكنه من اتخاذ خطوات مبهرة تفاجئ الجميع وأن إمكانيات التقدم في عملية السلام سوف تصبح بلا حدود. ولكن التدابير الأمنية القصوى ـ على سبيل المثال، الجدول الزمني الطويل إلى حدٍ غير محتمل لانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلية، والمطالب الحدودية غير المعقولة والتي طُرِحَت بوصفها احتياجات أمنية، والتواجد الإسرائيلي في وادي الأردن، والسيطرة الكاملة على المجال الجوي الفلسطيني، والطيف الكهرومغناطيسي ـ سوف تصطدم لا محالة برؤية الفلسطينيين لمتطلبات وموجبات سيادتهم على دولتهم.

إن إنشاء دولة فلسطينية يعني في تصور نتنياهو نهاية الصراع والمطالبات. وبإعادة فتح مسألة مطالبة إسرائيل بالاعتراف بها كدولة للشعب اليهودي، فإن نتنياهو يرغم الفلسطينيين على الإصرار بشكل أكبر على القضايا الأساسية المكونة للصراع، وفي المقام الأول "حق العودة" للفلسطينيين الذين فروا أو طُرِدوا بعد استقلال إسرائيل في عام 1948.

ومن الواضح أن عباس في موقف أضعف من أن يسمح له بقبول أي تسوية نهائية توافق هوى نتنياهو. لقد عين عرفات معايير تحديد ما يمكن قبوله وما لا يمكن قبوله، ولا يستطيع عباس أن يسمح لنفسه بترف الانحراف عن هذه المعايير. وكما اعترف في مقابلة أجرتها معه مؤخراً صحيفة القدس الفلسطينية فإنه لن يجد أمامه سبيلاً سوى أن "يحزم أمتعته ويرحل" إذا ما مورست الضغوط عليه لحمله على التنازل عن الثوابت الفلسطينية المقدسة فيما يتصل باللاجئين والقدس والحدود.

ليس من المستحيل، مع وجود حماس في الصورة، أن يتم التوصل إلى اتفاق لإنهاء الاحتلال، إن لم يكن الصراع بالكامل. وبعبارة أخرى فإن مثل هذه العملية قد تتناول القضايا المتعلقة بعام 1967 ـ تعيين الحدود (بما في ذلك القدس)، والانسحاب وتفكيك المستوطنات، ووضع الترتيبات الأمنية، وتسلم الفلسطينيين لمسؤولية الحكم كاملة ـ مع تأجيل نظر القضايا المتعلقة بعام 1948 إلى المستقبل.

والحق أن حماس تشكل شريكاً أكثر ملاءمة من منظمة التحرير الفلسطينية في مثل هذه التسوية. فالعجيب في الأمر أن الأرضية المشتركة بين حماس وإسرائيل قد تكون أوسع من الأرضية المشتركة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. فإسرائيل تريد إنهاء الصراع ولكنها غير قادرة على تحمل الثمن، في حين أن حماس قادرة بشكل أفضل على توفيق أيديولوجيتها مع اتفاقية سلام مع إسرائيل شريطة إلا يتم تعريفها بوصلها حلاً نهائيا.

إن إنهاء الصراع، مثله كمثل اشتراط الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، يشكل مفهوماً اكتسب بعداً أسطورياً لا ضرورة له. فبدلاً من الإصرار على ما لا يستطيع الفلسطينيين أن يمنحوه، يتعين على إسرائيل أن تركز على عنصر أساسي: ألا وهو الشرعية الدولية لحدودها. فقد اعترف قرار الأمم المتحدة رقم 181 في عام 1947 بإسرائيل كدولة يهودية بالفعل. وحتى لو وافق المفاوضون الفلسطينيون على إنهاء الصراع بشكل كامل وإلى الأبد، فإن فرص التزام كافة الفصائل الفلسطينية بمثل هذه التسوية تكاد تكون معدومة.

أياً كان المسار الذي قد يُتَخَذ فإن السؤال الأكبر اليوم يتعلق بلغز "بيبي نتنياهو"، ذلك الرجل الذي يتمنى لو يصبح تشرشل الثاني، والذي يتصور أن مهمته تتلخص في إحباط مخططات الإمبراطورية الشيعية الشريرة الجديدة في إيران، وهو الأمر الذي يتطلب تعاطف المجتمع الدولي بالكامل، وخاصة إدارة أوباما. ومن غير المستبعد بالكامل أن نفترض أن نتنياهو أدرك أخيراً ضرورة المشاركة في عملية السلام مع الفلسطينيين حتى يعطي لنفسه مجالاً أكبر للمناورة في التعامل مع إيران.

ولكن إن كان الأمر كذلك، فربما يعني هذا أن الغاية الحقيقية التي يسعى "بيبي" إلى تحقيقها تتلخص في إخماد البركان الإيراني وليس إقامة علاقات سلمية مع دولة فلسطينية مستقلة.

شلومو بن عامي وزير خارجية إسرائيل الأسبق، ويشغل حالياً منصب نائب رئيس مركز توليدو الدولي للسلام. وهو مؤلف كتاب "ندوب الحرب وجراح السلام: المأساة العربية الإسرائيلية".

=====================

من يحاسب مجرمي الحرب الأميركيين؟

أحمد منصور

الوطن 25-10-2010

منذ عدة اشهر وانا اتواصل مع جوليان اسانج مؤسس موقع ويكيليكس لترتيب حلقة معه في برنامجي التليفزيوني «بلا حدود» لكني واجهت صعوبات كبيرة، وكلما رتبنا موعدا يتم الغاؤه في اللحظة الاخيرة بسبب ان اسانج يتحرك بحساسية شديدة على اعتبار انه المطلوب رقم واحد بالنسبة للولايات المتحدة بسبب الوثائق التي ينشرها تباعا عن الانتهاكات التي تمارسها الولايات المتحدة في افغانستان والعراق.

 

فالوثائق التي اطلعت عليها قبل نشرها بعدة مصادر اعلامية عالمية بينها «قناة الجزيرة» كانت من اخطر ما نشر عن الحرب القائمة في العراق منذ شهر مارس من عام 3 0 0 2 ليس فقط للمعلومات التي وردت فيها ولكن لكون مصدرها هم الاميركيون انفسهم وانها تشكل اكبر ادانة للتاريخ العسكري الاميركي الحديث، فمعظم وثائق حرب فيتنام لم تنشر حتى الآن، وهي الحرب الاكثر دموية بين صفوف القوات الاميركية حيث قتل فيها ما يقرب من خمسة وخمسين ألف جندي وضابط اميركي.

 

ولنا ان نتخيل عدد القتلى في صفوف الفيتناميين لا سيما من المدنيين، حيث اكدت الوثائق التي كشف عنها في حرب العراق ان 36% من القتلى في العراق هم من المدنيين، ومن المؤكد ان النسبة في الواقع اعلى من ذلك، حيث لا يهتم الاميركيون بأية عمليات تصنيف كما جاء في الوثائق ايضا للقتلى من العراقيين في كثير من الاحيان ومنها عدد الضحايا الذين سقطوا في معركة الفلوجة في عام 4 0 0 2 والتي كانت من اكثر المعارك دموية في تاريخ الاحتلال الاميركي للعراق.

 

وهذا يشير الى ان النسبة التي لم يحصها الاميركيون من القتلى ربما تكون الاعلى في ظل الاعتراف الاميرىك ايضا بأن نوري المالكي رئيس الوزراء المنتهية ولايته والذي يحظى بدعم اميركي واسع له ولميليشياته الخاصة التي تأتمر بأوامره وتمارس كافة اشكال الجرائم على الساحة العراقية.

 

كما تؤكد الوثائق الجريمة التي ارتكبتها القوات الاميركية من اول يوم دخلت فيه العراق وهي التقسيم الطائفي للعراق والعراقيين حتى افرز في النهاية رئيس وزراء طائفيا بامتياز حسب الوثائق الاميركية، وهذا فتح المجال امام الاستخبارات الايرانية لتمارس ما تريد على الساحة العراقية حتى اصبح العراق ساحة مستباحة للمخابرات الايرانية وعملائها تحت سمع القوات الاميركية المحتلة وبصرها، وكأن العداء الاميركي لايران ليس سوى قشرة للتغطية على العلاقات الخفية او التغاضي الاميركي عن الدور الايراني في العراق.

 

ابشع ما في هذه الجرائم هو قتل الاطفال او قتل الاب والام امام اطفالهما، او قتل الاطفال امام آبائهم وامهاتهم.

 

كثير من القصص والروايات الصحفية تم تداولها على مستوى واسع حتى في الصحف الاميركية عن بعض الجرائم التي ارتكبتها القوات الاميركية في كل من افغانستان والعراق لكن هذه هي المرة الاولى التي يتم التأكيد فيها على كثير من هذه الجرائم من خلال وثائق عسكرية اميركية.

 

ان كشف هذه الجرائم سيلعب ـ دون شك ـ دورا في تقليلها وتحجيمها وفتح باب الحساب للمجرمين الذين ارتكبوها، واذا كانت الولايات المتحدة تستقوي بقوتها العسكرية وتحول دون التحقيق في هذه الجرائم فان دوام الحال من المحال وتوثيق هذه الجرائم الآن هو الاهم حتى يأتي يوم الحساب.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ