ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 21/10/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

جذور الغضب الأميركي

عادل الطريفي

الشرق الاوسط

20-11-2010

هناك غضب عارم في أميركا اليوم، حيث لا تخلو قناة تلفزيونية، أو إذاعية من حوارات ساخنة وصاخبة حول الوضع الداخلي، وحيث تنتشر المظاهرات والتجمعات الشعبية الناضحة بكم هائل من الغضب تجاه الظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد. كثير من هذا الغضب ينصب على الرئيس الأميركي باراك أوباما على وجه التحديد، الذي يجد نفسه هذه الأيام في حالة من الانفصام عن الجمهور وهو صاحب الكاريزما الجذابة. الجزء الآخر من الغضب ينصب على كل ما هو غير أميركي، بمن في ذلك المهاجرون، والمثليون جنسيا، وأصحاب الديانات غير البروتستانتية، مثل الكاثوليك واليهود والمسلمين.

هذه الموجة العاتية من الغضب والسخط يقودها بشكل موسع تيار «التي بارتي» المحافظ الذي تنامى خلال هذا العام إلى قوة مؤثرة وفعالة، بحيث استطاع المرشحون المرتبطون به هزيمة رموز كبيرة ومعتدلة في الوسط الجمهوري التقليدي. مما دفع زعماء الحزب إلى الرضوخ للأصوات الراديكالية في التيار الجديد، إما خوفا من فقدان مواقعهم، وإما رغبة في استغلال القوة الشعبية لهذا التيار في هزيمة الديمقراطيين في انتخابات الشهر المقبل.

لعل السبب الرئيسي الذي يغذي حالة الغضب هو تنامي موجة «عداء المؤسسة الحاكمة» في المجتمع الأميركي. تيار «التي بارتي» الذي يستعيد تاريخ بدايات «الثورة الأميركية»، وانتفاضة المستعمرين ضد الحكم البريطاني ورفضهم دفع ضرائب الشاي من دون أن يكون لهم تمثيل سياسي، هو في حقيقته رد فعل على تنامي حجم الحكومة الفيدرالية بشكل مفرط من دون أن يعود ذلك بنفع على الأحوال الاقتصادية. لقد أدى الانتصار الكاسح لباراك أوباما وحصول الديمقراطيين على الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب إلى مرحلة انتعاش في التشريعات الليبرالية، بحيث شعر اليمين التقليدي بحالة من العزلة والغضب المتنامي تجاه ما يعتبرونه هجمة ليبرالية تهدد بتقويض القيمة المحافظة. تيار «التي بارتي» ليس حزبا، وربما كان هذا مصدر قوته، لأنه بات يؤثر على أجندة الحزبين في وقت واحد، فعدد غير قليل من أعضاء الكونغرس الذين يواجهون إعادة التجديد في ولاياتهم يستشعرون الخطر الداهم من تنامي العداء للمؤسسة الحاكمة في واشنطن، ولهذا فإن الجمهوريين وعددا من الديمقراطيين يحاولون إثبات استقلاليتهم عن الإدارة الأميركية التي يرونها مهددة بسبب تدني شعبيتها لمستويات خطرة، ثم لأنهم يعتقدون أن قدرة الرئيس الأميركي على إنعاش الاقتصاد واسترداد الوظائف ستظل معلقة في كونغرس شبه منقسم ما بعد نوفمبر (تشرين الأول) المقبل.

حتى الآن، فإن المطالب الرئيسية لتيار «التي بارتي» تتمثل في معارضة قانون الإنقاذ الاقتصادي الذي أصدره الرئيس بوش في 2008، وقانون التعافي وإعادة الاستثمار 2009، وقانوني الإصلاح الصحي 2010 اللذين دفع بهما الرئيس أوباما. بيد أن المهم هو الطريقة الصاخبة والغاضبة التي يعبر بها أصحاب التيار عن معارضتهم للتمدد الحكومي وزيادة الضرائب، بحيث سجلت الوكالات الفيدرالية أعلى معدل للاستنفار الأمني، لا سيما بعد وصول التهديدات بحق الرئيس أوباما إلى حدودها القصوى.

لا شك أن حالة التجاذب بين اليمين المحافظ، واليسار الليبرالي ليست جديدة. فمنذ عهد الاستقلال والاختلافات موجودة ومستمرة. ما يميز المرحلة الراهنة ربما هو انحسار التيار الوسطي التوفيقي الذي كان على الدوام صمام الانسجام والتوازن في الحياة السياسية الأميركية. يشير صموئيل هينتغتون إلى أن جذور الغضب الأميركي الموجودة اليوم تختلف عما كانت عليه في السابق. صحيح أن الصراع بين قيم الشمال والجنوب كان لحظة مهمة في تشكيل الهوية الوطنية الأميركية. بيد أن ما بقي في النهاية هو الأخلاق «الأنجلو - بروتستانتية»، وليس المذهب البروتستانتي، التي جعلت من الممكن خلق مجتمع تعددي، متسامح، يؤمن بالفردية، ومسؤولية الحاكم، وأخلاقيات العمل. وهي ذات الثقافة التي سمحت بتقبل المهاجرين من أنحاء الأرض، والتي أرست قاعدة حرية الدين والتعبير، وأن الحكم لا يكون على عرق أو لون المرء، بل على قيمته كإنسان والمبادئ التي يؤمن بها. ولهذا فإن المسألة العرقية والإثنية، كما يشير هينتغتون، لم تعد مؤثرة في المجتمع الأميركي. بيد أن مصدر الغضب الجديد هو في تعرض تلك الثقافة إلى تأثير هويات وثقافات أخرى، لا سيما منذ الستينات حين اتسعت دائرة الهجرة اللاتينية والآسيوية، وظهور ولاءات وطنية ودينية عابرة للحدود، وغير متوافقة مع مبادئ وأخلاقيات الثقافة «الأنجلو - بروتستانتية» (من نحن: تحديات الهوية الوطنية الأميركي (2004.

بعد أحداث 11 سبتمبر وجدت الهوية الأميركية نفسها في مواجهة حادة مع هويات معادية، ولهذا أصبحت عصبية ودفاعية، ومشدودة إلى الداخل. استمرار الأزمة، لا سيما مع تصاعد العداء لأميركا حول العالم، قاد إلى تقوية الأصوات الراديكالية والمتطرفة في آرائها وطروحاته ضد ما يعتبر تطرفا وأصولية على الجانب الآخر. بروز حركة «المحافظين الجدد» كان نتاجا طبيعيا، فقد استطاعت أن تعطي لأميركا إجابة واضحة لفهم ومعالجة الأزمة: «هم يختلفون معنا، لأنهم لا يؤمنون بالحرية مثلنا». هذا الطرح صحيح نسبيا، لأن المجتمعات التي لا تؤمن بالأخلاقيات والثقافة «الأنجلو - بروتستانتية» ليست بالضرورة ترى الحرية من ذات المنظور الأميركي مهما كان صحيحا وعادلا، لأنها باختصار ليست أميركا. لقد كان المحافظون الجدد مثاليين على طريقتهم. بيد أن تيار «التي بارتي» يؤمن بأن المبادئ والمثل الأميركية (American Creed) خاصة بأميركا، وأن لا مكان في أميركا لغير الأميركيين. أي أن تيار «التي بارتي» على الرغم من كونه محافظا فهو على الجانب الآخر من الجدل مع «المحافظين الجدد» لأنه لا يؤمن بضرورة تصدير «الديمقراطية الأميركية» للخارج، بل هو أكثر انعزالية والتصاقا بشؤون الداخل.

هي مرحلة مهمة هذه التي نعيش فيها، ولكن ما يميز المجتمع الأميركي هو قدرته على احتواء خلافاته والخروج منها بدروس جديدة. ولعل أهمها أن الجدل الأميركي ليس فيه غالب أو مغلوب، بل هو امتداد طبيعي لحيوية الأفكار وتطور المجتمعات، وفي النهاية فإن محرك الجدل الرئيسي خلال هذه الانتخابات هو البطالة والتباطؤ الاقتصادي، على الرغم من كل الصخب الأيديولوجي الحاد.

في روايته الخالدة «الصخب والغضب»، يحكي ويليام فولكنر حكاية عائلة كومبسون الأرستقراطية الجنوبية، التي شهدت خلال بداية القرن الماضي انحسار القيم الجنوبية وانهيار العائلة وزوال ثروتها في مشهد تراجيدي مهيب: «أعطيك إياها، لا لتتذكر الوقت، بل ربما لتنساها بين آن ولحظة فتذكرها لا لتضيع الأنفاس في استعادتها. لأن المعارك لا تكسب أبدا، قال. هي أصلا لا تجري. الميادين تكشف للرجل حماقته ويأسه، والنصر هو وهم الفلاسفة والحمقى».

======================

بترايوس يعيد صياغة القواعد في أفغانستان

ديفيد إغتانيوس

الشرق الاوسط

20-11-2010

يبدو أن الجنرال ديفيد بترايوس يشكل محورا استراتيجيا في أفغانستان، ويعمد إلى تكميل مهمته الأساسية كقائد عسكري بدوره ك«رجل دولة مقاتل» الذي قام به في العراق، حيث تمكن من الدمج بين العناصر السياسية والعسكرية للحملة.

ويعد بترايوس منذ أمد بعيد واحدا من أنصار فكرة أن الحروب داخل المجتمعات القبلية تمثل مزيجا محتوما من المحادثات والقتال. وعليه، نجد أنه في الوقت الذي سحق فيه المتمردين السنة والشيعة بالعراق، فتح قنوات جديدة أمامهم للعثور على سبيل نحو الاندماج في الحكومة المدعومة من قبل الولايات المتحدة.

والواضح أن القائد العسكري الأميركي يتبع نفس النهج المزدوج في كابل بعد أربعة أشهر من توليه مهام منصبه كقائد لقوات حلف الناتو في أفغانستان. حاليا، يشن بترايوس المزيد من الهجمات والعمليات الخاصة والتفجيرات ضد قادة طالبان. إلا أنه في الوقت ذاته يجري مزيدا من المحادثات، ويؤيد محادثات المصالحة بين الرئيس حميد كرزاي ومسؤولي طالبان، ويعمل على ضمان سلامتهم للوصول إلى كابل والخروج منها باعتبار ذلك أحد إجراءات بناء الثقة.

ويتعلق الأمر برمته بالقواعد الخاصة ببترايوس، ويعد مثالا على كيفية استعانته بمبعوثين غريبي الأطوار في بعض الأحيان لنقل رسائل مصالحة، حتى في الوقت الذي يصعد فيه من وتيرة الهجمات. داخل بغداد، أبقى بترايوس على شبكة فريدة من القنوات الخلفية من المساعدين العرب الذين كان بإمكانهم القيام بزيارات في منتصف الليل لنوري المالكي، رئيس الوزراء، وآخرين لإقناعهم بالموافقة سرا على ما رفضوا الاعتراف به علانية. ويعد ذلك توجها ملائما في مجتمعات يعد فيها مساعدة الآخر على «حفظ ماء الوجه» جانبا أساسيا في إبرام الاتفاقات.

مع احتلال بترايوس مقعد القيادة السياسية - العسكرية، بات بإمكانه توجيه العملية برمتها لدفع المجموعات المختلفة تحت لواء طالبان نحو تسوية سياسية.

ويعتمد الجانب الدبلوماسي لهذه اللعبة على قدرة بترايوس على سحق من يرفضونها بقوة نيران مدمرة. ولهذا، عمد بترايوس إلى الضغط على باكستان بشدة كي تصعد عملياتها ضد شبكة حقاني، المحتمية داخل المناطق القبلية بشمال غربي البلاد، وضد مقاتلي «كوتا شورى طالبان» الذين ينطلقون من بلوشستان بجنوب غربي باكستان.

المثير أنه في الوقت الذي يدفع فيه بترايوس جهود المحادثات ويعزز هجماته العسكرية، تتضاءل الأنباء المتعلقة باستراتيجية مكافحة التمرد التي يفترض أنها كانت واحدة من إسهاماته الكبرى في العقيدة العسكرية.

رغم أن بترايوس ساعد في صياغة هذه العقيدة عام 2006 عندما كان في جولة أثناء عمله قائدا في فورت ليفينورث، فإنها تشكل توجها يحمل طابعا أساسيا أكبر عن الاستراتيجية المراوغة التي استخدمها فعليا داخل العراق وأفغانستان.

ويمكننا النظر للمبدأ المحوري لجهود مكافحة التمرد: «احم السكان»، على سبيل المثال، حيث لا يزال بترايوس ونوابه يدفعون هذا التوجه «المتمركز حول السكان» بإقليمي قندهار وهلمند، رغم أن مسؤولين عسكريين بارزين قالوا إن الاستراتيجية حققت نجاحا محدودا فقط حتى الآن، إلا أن الإجراءات الحقيقية ركزت على العدو، وتمثلت في تصعيد العمليات الرامية لأسر أو قتل قادة طالبان، بجانب تأييد محاولة كرزاي عقد اتفاق سياسي معهم. وبعد أن وقع على توجه مكافحة التمرد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، يراقب الرئيس أوباما قائده وهو ينفذ استراتيجية جاءت نجاحاتها الكبرى من تكتيكات لمكافحة الإرهاب جرت صياغتها اعتمادا على التجارب العملية، مثل الغارات التي يجري شنها في منتصف الليل والعمليات الخاصة المشتركة.

الملاحظ أن هناك أمرا يرتبط بهذا المزيج يعد مميزا لطبيعة بترايوس المتلونة. طبقا لأحد عملاء القوات الخاصة، كشفت مراجعة للعمليات تمت مؤخرا بناء على طلب بترايوس أن 90% من نجاح العمليات في أفغانستان تحقق على يد 5% من القوات، بصورة أساسية الفرق السرية التابعة لقيادة القوات الخاصة المشتركة.

ومن الواضح أن تحدي بترايوس الأكبر من البداية تمثل في عنصر الوقت. وكان عدم ارتياحه حيال الجدول الزمني الذي حدده أوباما، يوليو (تموز) 2011، لبدء سحب القوات الأميركية واضحا منذ البداية. والواضح أن تقليص أعداد القوات لم يكن الأمر الذي يثير قلق بترايوس بقدر ما كان يقلقه الرسالة التي سيبعث بها هذا القرار لطالبان، وإمكانية استغلال هذا القرار على نحو يقوض استراتيجيته السياسية - العسكرية، فما الذي سيدفع خصما قبليا للتفاوض مع قوة عظمى أعلنت عزمها الانسحاب؟

وقد تفتق ذهن بترايوس ومستشاريه عن حل عبقري لمشكلة التوقيت المرتبطة بيوليو 2011، حيث حث الناتو على التركيز خلال اجتماع قمته في لشبونة الشهر المقبل على الجدول الزمني الذي اقترحه كرزاي لنقل الأمن إلى السيطرة الأفغانية بحلول عام 2014. وقد ترك تأثيرا إيجابيا على بترايوس باعتبار أنه زاد الفترة المتاحة أمامه بثلاث سنوات، بجانب أنه أضفى مصداقية أكبر على حجته بضرورة انضمام طالبان لقطار المصالحة مع كرزاي.

مجمل القول: إن استراتيجية إدارة أوباما، باعترافها في تقرير كئيب قدمته للكونغرس هذا الشهر، لم تسر على نحو جيد. ومن الطبيعي أن يعمد بترايوس لتجريب مزيج آخر.

* خدمة «واشنطن بوست»

======================

العرب بين تركيا وإيران

الاربعاء, 20 أكتوبر 2010

عبدالله اسكندر

الحياة

ثمة دعوات عربية، رسمية وحزبية وشخصية، الى الاستفادة من العلاقة مع ايران، بصفتها بلداً كبيراً وعريقاً وغنياً ومجاوراً ومعادياً لإسرائيل التي تحتل اراضي عربية وتمارس كل اشكال الاضطهاد ضد سكانها.

ويذهب بعض هذه الدعوات، وعن حق، الى حد المطالبة بتعاون وتكامل مع ايران على غرار الجهود المبذولة لهذه الأغراض مع تركيا. بما يضمن للعرب بيئة مجاورة صديقة ومفيدة. وازدادت هذه الدعوات الحاحاً الى حد وضعها على جدول اعمال القمة العربية باسم العلاقة مع الجوار العربي، ووضع مشروع قرار يحدد تصور هذه العلاقة وأهدافها.

هذا التوجه يفترض انه يحمل هم المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعانيها البلدان العربية، ولم تتمكن من ايجاد صيغ لحلها على مستوى جامعة الدول العربية، خلال عقود من عمر هذه الجامعة. بما يعني فشل الجامعة كإطار اقليمي، وهو فشل لا يحتاج الى دليل. لا بل اعتبر اعضاء في الجامعة ان هذا الفشل اوجد فراغاً في الفضاء العربي، ما استدعى القوى المحيطة به الى داخله.

هكذا تبدو الدعوات الى التعاون العربي مع كل من تركيا وإيران انها تصب في هذا الهم العربي وفي السعي الى ضمان المصلحة العربية. لكن هذه الدعوات التي قد تكون صادرة عن حسن نيات تبتعد عن غرضها عندما لا ترى اختلافاً بين نظرة كل من انقرة وطهران الى وظيفة العلاقة مع العرب وإلى الطبيعة السياسية لكل من الانفتاح التركي والإيراني على الجوار العربي، من جهة. ومن جهة اخرى، لا ترى كيفية استقبال هذه العلاقة في الداخل العربي.

لقد اعتمدت انقرة، في ظل حكومة حزب «العدالة والتنمية»، سياسة انفتاح على العرب تحت شعار «صفر مشاكل» وأولوية للاقتصاد. بما يجعل السياسة نتيجة لهذا التوجه، وتالياً اقامة علاقة سياسية متوازنة وندية تأخذ في الاعتبار تبادل المصلحة والمنفعة. وتمكنت من ان تنسج علاقات اقتصادية متطورة حتى مع اقليم كردستان حيث لها هموم تتعلق بمواطنيها الأكراد وبالعراقيين التركمان.

في موازاة ذلك، تعتبر ايران، في ظل حكومتها المنبثقة من «الحرس الثوري» ومكوناته الاقتصادية والعسكرية، ان الجوار العربي مسرح لمواجهتها مع الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وفي مقدمهم اسرائيل. وتالياً تخضع طبيعة علاقتها بالجوار العربي لهذا الاعتبار السياسي، ولتندرج تحته المصالح والمنافع. وتصبح هذه العلاقة ذات وظيفة آحادية، تكون جيدة بمقدار ما تقترب من المصلحة الإيرانية، بغض النظر عن الهموم والهواجس العربية، فتفقد توازنها ونديتها وإمكان ارسائها على التبادل.

وعلى المستوى السياسي المباشر، يصطدم الإجماع العربي كما يجرى التعبير عنه في بيانات القمم العربية بهذه النظرة الإيرانية الى وظيفة الجوار العربي. وينسحب هذا الأمر على الملفات العربية الثلاثة الأكثر التهاباً حالياً، اي العراق ولبنان وفلسطين.

وتدرك طهران انها غير قادرة حتى الآن على اختراق السقف الرسمي العربي، على رغم الفراغ في فضائه. فتتوجه الى حركات وأحزاب شعبية، تغذيها وتدعمها وتقويها، لتكون سهمها في اختراق هذا السقف، وإدخال تغيير استراتيجي على معادلة الصراع مع الولايات المتحدة في المنطقة، سواء تحسباً لمواجهة مقبلة او مفاوضات محتملة معها... وهنا يكمن المأزق الرسمي العربي. اذ ثمة تقدير ان السياسة الإيرانية في الجوار العربي تستهدف تقويض توازنه الذي رسا عليه منذ عقود، وفي الوقت نفسه ثمة عجز عن تفعيل هذا التوازن بما يعيد ملء الفراغ الذي تستغله ايران.

======================

حرب العملات ... إلی أين؟

الاربعاء, 20 أكتوبر 2010

فاروخ قبادي *

الحياة

تصدرت تصريحات وزير المال البرازيلي عن حرب الصرف وسائل الاعلام الاقتصادية الدولية. ويجمع عدد كبير من الاقتصاديين من جنسيات مختلفة على أن خفض سعر صرف العملات الوطنية هو الطريق الامثل والاسرع لانقاذ اقتصادات الدول الكبری المنهارة.

ولذا، حذّر رئيس صندوق النقد الدولي من عواقب استخدام «اسعار (العملات) التنافسية» سلاحاً في السياسات الاقتصادية. ولكن ما هي حرب العملات « أو حرب الصرف، ولماذا يخشی العالم من اتساع رقعتها؟ والاجابة عن السؤال هذا تدعونا الى عرض النقاط الآتية:

1- أدى الركود الاقتصادي العالمي الذي بدأ في الولايات المتحدة، في 2007، وانتقلت عدواه الى بقية دول العالم، الى ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض نسبة النمو الاقتصادي.

وبحسب دراسة تناولت اقتصادات اكبر 16 دولة مصدرة في العالم، تقلصت صادرات الدول هذه 20 في المئة في دورة اقتصادية واحدة، في اقل من عام واحد، في وقت انخفض ناتج هذه الدول القومي 4 في المئة فقط.

2- ضخت الحكومة الاميركية وبقية الحكومات الغربية سيولة نقدية لانقاذ البنوك والشركات الكبيرة من الانهيار والافلاس، ما فاقم عجز موازنات هذه الدول العامة. ودار الكلام على انهيار اليورو، وزيادة العجز في الموزانة الاميركية. وانتُهجت سياسات عرفت ب سياسة «ترويض الاقتصاد»، ومنها زيادة الضرائب، وخفض الاجور، ورفع الدعم، وتقليص النفقات الحكومية. فتعاظم الركود الاقتصادي وارتفعت معدلات البطالة.

3- لم تفلح السياسة الترويضية في كبح جماح الازمة الاقتصادية التي اثرت في حجم السيولة النقدية. فانتهجت دول كثيرة سياسات حمائية تفرض ضرائب على استيراد البضائع الاجنبية.

4- سعت دول كثيرة الی خفض سعر العملة الوطنية ازاء العملات الاجنبية لدعم السلع الوطنية، على ما فعلت الصين، على رغم الفائض في ميزانها التجاري، في العام الماضي.

5- يبدو ان الولايات المتحدة والصين واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان دخلت «حرب العملات». وسبقتها الى الحرب هذه سويسرا واسرائيل. واضطرت تركيا الى المشاركة في هذه الحرب جراء اغراق السوق بالسيولة النقدية». ومن لا يدخل هذه الحرب، يواجه هجوم الرأسمال الاجنبي، وزيادة سعر صرف عملته الوطنية.

6- اتساع رقعة «حرب العملات» هو صنو سياسة «التسول من الجيران»، وهذه توجه ضربة جديدة الی الاقتصاد العالمي. ولذا، تلوح مخاطر ازمة 1930 الاقتصادية الكبری في الافق.

* صحافي، عن «دنياي اقتصاد» الايرانية، 11/10/2010، اعداد محمد صالح صدقيان.

======================

أوروبا تخشى الاعتراف بتورطها في أفغانستان

الاربعاء, 20 أكتوبر 2010

فنسان ديبورت *

الحياة

بعد 9 سنوات على هجمات 11 أيلول (سبتمبر) والرد الأميركي عليها، لم يتمكن حلف شمال الأطلسي من تحقيق النصر في أفغانستان. لكن ينبغي التذكير أولاً بأن الأهداف الأميركية الاولى للتدخل قد أنجزت، أي طرد طالبان من كابول وتدمير شبكة «القاعدة» في أفغانستان. بيد أن الأهداف تطورت، فمسارات كل الحروب تفلت من أيدي من يشنها. وفي نشوة النصر، دخلت المجموعة الدولية في مدينة بون أواخر عام 2001 الدرب المستحيل المتمثل في بناء ديموقراطية على طريقة (الرئيس الاميركي الثالث وواضع اعلان الاستقلال) توماس جيفرسون، بمؤسسات مستقاة من النموذج الغربي ومحاولة تطوير التقاليد المحلية.

وفي أفغانستان، تتناحر الجماعات العرقية والعصابات المسلحة منذ قرون في منطقة جبلية يهيمن عليها أمراء الحرب وسط عداوات غاية في القدم بين الأكثرية البشتونية والآخرين. والأدوات العسكرية والمالية الأميركية التي كانت تتيح تحقيق الهدف هذا، ابتلعها العراق.

وأعيد توجيه الاستراتيجية العسكرية بضغط من (القائد السابق للقوات الاميركية في افغانستان) الجنرال ستانلي ماكريستال صوب قمع التمرد. لكن الوضع يزداد صعوبة. وقتل 530 جندياً من قوات «الناتو» منذ بداية العام الحالي. ونظرية مواجهة التمرد التي وضعها القائدان ماكريستال وخلفه دايفيد بترايوس لا تتقدم لأن المشكلة ليست في التمرد حصراً. بل تظهر في خروج «الأمراء» على سلطة الدولة المركزية ومواجهتهم إياها وهي السلطة التي يسعى التحالف الدولي إلى إقامتها في بلد لم يعرف أبداً مثيلاً لها. لا تختصر المشكلة في «كسب القلوب والنفوس» بل في تنظيم عملية إعادة توزيع جديدة للسلطة تحترم التقاليد. من دون ذلك، سيدافع «السادة» عن امتيازاتهم.

لذا، ثمة مشكلة في المنهج وإلا كيف يمكن تفسير الصعوبات التي يواجهها التحالف في تسوية هذا النزاع فيما التحالف هذا هو الأضخم في التاريخ والذي تنتج الدول المشاركة فيه، أكثر من ثلثي الدخل الخام العالمي وتنفق ثلثي الموازنات العسكرية العالمية. وإذا أضفنا النفقات المتعلقة بالعملية والاستثمارات التي يخصصها التحالف ووزعناها على عدد المواطنين الافغان وفعلنا الامر ذاته بالنسبة الى الدولة الفرنسية، لبدا انه يمكن الاستثمار على نحو أفضل.

ويستدعي تغيير مسار العمليات المواءمة بين الغايات والوسائل. فإذا كانت العمليات هي مكافحة التمرد يتعين حشد السكان. ولا يمكن الفوز بتأييد الافغان ما لم يروا مصلحة في مشروع التحالف السياسي. وعلى التحالف اذاً ان يفتح لهم أفاقاً أفضل من تلك التي تفتحها طالبان. ولنتعلم من النموذج الكولومبي حيث لم يستطع الجيش التقدم في مواجهة متمردي حركة «فارك» إلا في المناطق التي شق فيها الطرقات وفتح المدارس والمستشفيات ووفر العمل للجميع. لكن لبلوغ تلك المرحلة، نظمت تلك الدولة تجميعاً لجهود «العمل المتكامل». تتلخص الفكرة في أن الدولة تتقدم وراء حد السيف الذي يجب ألّا يندفع قدماً سوى بعد تأسيس السلطة الشرعية. والقيام بهذه المناورة يتطلب وقتاً ووسائل مهمة، لم يمتلكها التحالف الدولي أبداً. فمسرح العمليات الأفغاني بعيد والرأي العام لا يفهم تماماً العلاقة المباشرة بين تلك الحرب وبين أمنه. ومن ناحية ثانية التدخل هذا مكلف للغاية. وفي العمق، يكمن التحدي في كسب السلام وليس الانتصار في الحرب.

في صراع الإردات هذا، تمثل الديموقراطيات الغربية نقطة ضعف. ومن دون نقاش وطني واسع ومفتوح ومن دون تأييد شعبي قوي، لا يمكننا إبقاء قواتنا في افغانستان وسط صراع طويل وقاس.

وفي فرنسا، لن يحصل هذا النقاش ولن يظهر التأييد فيما الأكثرية والمعارضة لا تهتمان بالموضوع. وتبقى فرنسا في موقف انتظاري، فلا هي تعزز وجودها هناك ولا تنسحب. وتشعر فرنسا بالاستياء حيال تورطها في مواجهة لا تدرك معناها وأهدافها. ويتوقف تطور الموقف الفرنسي على قرارات تتخذ في واشنطن. وينظر الى التدخل الفرنسي باعتباره ثمن المشاركة في الحرب على الارهاب، أو إثباتاً على تضامننا الأطلسي بل كرد على عودتنا الكاملة الى الحلف الاطلسي. والقوات المسلحة هي أداة لخدمة المشاريع السياسية للدولة. وفرنسا هي، بمعنى ما، «سجينة» سياسياً.

من ناحية ثانية، تقول فرنسا انها «تخوض عمليات حربية». لكن الحقيقة هي اننا في حالة حرب. وعندما نزج فيها الوسائل العسكرية الأقوى للانتصار على عدو، لا نكون نقوم بعملية للشرطة. ومن المهم إعلان ذلك، لأن الحرب هي المبرر السياسي الوحيد لموت الجنود. وبغير ذلك لا تملك الدولة الحق في إرسالهم للمخاطرة بحياتهم في كل لحظة. وقوة أميركا هي أنها تتبنى خطاباً واضحاً. لقد اعلن جورج بوش ثم باراك اوباما بجلاء ان اميركا في حالة حرب، سواء عن خطأ او عن صواب، في العراق كما في افغانستان. وتحمل الأميركيون ذلك حتى اليوم على رغم خسارتهم 4400 قتيل في العراق و1300 في افغانستان.

* القائد السابق لقوات البر الفرنسية، عن «ليكسبرس» الفرنسية، 16/10/2010 إعداد حسام عيتاني.

======================

محن تستنزف العرب

آخر تحديث:الأربعاء ,20/10/2010

ميشيل كيلو

الخليج

بعد فلسطين، لعبت أزمة لبنان، المستمرة منذ نيف وخمسة وثلاثين عاماً، دوراً هائلاً في استنزاف العرب: حكومات وشعوباً وأفراداً . إذا كانت المسألة الفلسطينية قد استخدمت لاحتواء التطور العربي، ولضبط حركة وقدرات الدول العربية ومنعها من تخطي سقف معين في مجالات التقدم المختلفة، بما يحقق تنمية العرب ووحدتهم كذات فاعلة ومستقلة، فإن الحدث اللبناني استخدم لاستنزاف المجال الداخلي والقومي، ولإنهاك البلدان العربية وإبقاء سياساتها محكومة بالصراع في ما بينها، وبتغيير أولوياتها، بحيث تحل صراعاتها الداخلية محل صراعاتها الخارجية، وتطوى صفحة الصراع مع “إسرائيل” لصالح صفحات متجددة من صراعات تغطي الفسحة القومية وتقسم الأمة إلى معسكرات متنازعة، تتغذى خلافاتها من تناقضات متجددة متجذرة، نلمس النتائج المأساوية التي ترتبت عليها .

 

بعد فلسطين، التي انتزعت بالقوة من الجسم العربي، ووضع ضياعها حدوداً لتقدم العرب السياسي والاقتصادي والعلمي . . . الخ، كان من الضروري بلورة أنماط من الصراعات، تقوض قدرات هذا الجسم وتسلبه مناعته الذاتية، بدفع أعضائه إلى صراع بلا نهاية، يضعه في مواجهة بعضه، فتساعد الأوضاع العربية الكيان الصهيوني في تحقيق استراتيجية تنصب على إبقاء التفكك والتأخر العربي وتعميقهما، وعلى الحيلولة بين العرب وبين ردم هوة تقدم تفصل العالم عنهم، يزيدهم توسيعها غربة عنه ويحول دون تمركزهم على ذاتهم، وإقامة شروط تقدم تراكمية وحديثة .

 

بقدر ما تعاظمت صعوبات الدور “الإسرائيلي”، تزايدت أهمية ومركزية ما سميته “الحدث اللبناني”، الذي استند إلى وجود الأول، وتطور في ظل قدرات رادعة يملكها، قيدت أيدي الدول العربية وأعجزتها عن إنهائه أو إيجاد حل نهائي له . في الأعوام الثلاثين الأخيرة، أخذ دور “إسرائيل” ودور الحدث اللبناني طابعاً تكاملياً تفاعلياً، فبدا كقدر لا يمكن رده، وأدى إلى مزيد من الشقاق العربي، وتعمق متجاوزاً محاولات كبحه، وغدا موضوع خلاف دائم داخل المجتمع اللبناني والمجتمعات العربية، حتى ليثير استمراره العجب ويطرح سؤالاً محيراً: لماذا فشل العرب في وقف استنزاف مخيف يدمر واحداً من أكثر مجتمعاتهم تقدماً، ويضعفهم ويثير الفرقة والعداء بينهم، مع أنهم يعترفون أنه لا مصلحة لهم فيه، ويعلنون رفض استمراره، ويقولون إن انتشاره إلى خارج لبنان خطر ماثل، سيكون كارثة وخيمة النتائج .

 

فتح الحدث اللبناني صفحة جديدة في تاريخ العرب الراهن، الحافل بالصراع والتمزق . وأضفى الشرعية على ما كانت لغة السياسة الحكومية ترفضه: اقتتال أخوة هم أبناء شعب واحد، بدلالة حسابات وارتباطات تلغي مشتركاتهم وتقوضها، وتحول عوامل الوصل والتفاعل بينهم إلى عوامل فصل وتطهير متبادل، فلم يعد ما يفعلونه بأنفسهم وببلدهم انتحاراً يجب وقفه بأي ثمن، وينقلب القتل إلى مشهد يومي مألوف في صراع أبدي بين الحق والباطل، ويصير من المحتم تأييد الحق وشد أزر أنصاره ومقاتلة الباطل والقضاء على أتباعه، وبالتالي الانخراط في الصراع والقتال، بدل وقفه .

 

انضم العراق بعد عام 2003 إلى هذه الحالة . وتحول إلى مكان تتم فيه عملية استنزاف واسعة تنهك العرب وتتخطاهم إلى الإقليم، يراد منها استنزاف إمكاناتهم وإمكاناته، ترشحها مواصفاتها للعب دور أشد خطورة بكثير من دور الحدث اللبناني، نظراً لاختلاف إمكانات أطرافه وقدم خلافاتهم وحدّتها، وانخراطهم المديد في نزاعات غالباً ما تحولت إلى قتل مسلح، وأهمية موقع العراق وضخامة ثرواته، ورمزية دوره في تاريخ العرب والمسلمين، والمخاطر التي ستترتب على دوره السلبي الجديد، المناقض لطابعه التاريخي المعروف: الإيجابي والبناء . وأخيراً قدراته التي تمكنه من استنزاف جواره إلى أمد طويل . . . الخ . والغريب، أنه بعد وقوع الحدث اللبناني وما نجم عنه من آثار مدمرة، يتبلور اليوم “حدث عراقي” يقوم على الأسس التي ضمنت ديمومة الاقتتال اللبناني اللبناني، ورعت تناقضات اللبنانيين وأبقتها على نار حامية تجعلها مرشحة للانفجار في أي وقت، رغم استراحات متقطعة لم ترتق يوما إلى مستوى سلام أهلي أو حتى هدنة تلزم أطرافها .

 

مثلما دخلت خلافات عربية كثيرة في قنوات الصراع اللبناني اللبناني، فغذتها وتغذت منها، كذلك تدخل اليوم صراعات المجال العربي الواسع إلى قنوات الصراع العراقي العراقي، بينما تجد تركيا وإيران، أمريكا وروسيا وأوروبا وشرق آسيا، لنفسها أدواراً متفاوتة داخله، فلا تبقى بعيدة عنه وعن نتائجه وآثاره، لأسباب أهمها أنه يراد له أن ينقلب إلى صراع واسع إلى أبعد مدى، سيسير من الآن فصاعداً في خط يبطل الصراع العربي الإسرائيلي، القومي الهوية، واللبناني اللبناني، الداخلي المقومات، العربي الدولي الأبعاد والموارد . مع الحدث العراقي، سينفتح طريق صراع شامل يجب أن تنخرط فيه دول منطقتنا جميعها، وسيحمل أي تطور مستقبلي نعيشه سماته وسيسهم فيه بصورة من الصور . وإذا كانت جهود متنوعة قد تصدت بالأمس القريب للاحتلال الأمريكي في أرض الرافدين، فإن الأولوية ستكون بعد “الانسحاب الأمريكي المزعوم” للخصم الداخلي: للآخر الذي لن يكون بعد ذلك شريكاً في وطن، وسيصير عدواً تمتد جذوره وأذرعه إلى خارج بلد .

 

إذا كان أحد لم يستطع وضع حد للحدث اللبناني، رغم الاتفاقيات الداخلية والعربية والدولية، فمن سيضع حداً لحدث عراقي الغرض منه إفراغ منطقة كاملة، تنتمي إلى العالم العربي وما يسمى الشرق الأوسط، من القدرة على الاستقلال والإرادة الحرة، ومن الثروة وربما القسم الأكبر من السكان، وإحداث فوضى على نطاق غير مسبوق، تداني نتائجها في حجمها ما عرفته مناطق مختلفة من العالم خلال حروب دامت عقوداً عديدة، كالحرب الأهلية الصينية، التي فاق عدد ضحاياها ضحايا الحرب العالمية الثانية، مع ملاحظة أن الحرب انتهت في الصين إلى حكم جديد، قوي ومنظم، بينما يراد للفوضى أن تقضي عندنا على فكرة وإمكانية الحكم، وأن تأخذنا إلى خراب ينجب المزيد من الفوضى .

 

مثل الحدث اللبناني اختباراً لقدرة العرب على الإمساك بأعنة مشكلاتهم وحلها، ولقدرة الآخرين على الإفادة من أزمات الأمة وخلافات دولهم . وبصراحة، فإن استمرار الحدث أكد فشل حكوماتنا في التخلص من “خرّاج” لبنان، الذي أنهك العرب وقوض عافيتهم وامتص جزءاً كبيراً من طاقاتهم، وعمق تناقضاتهم إلى درجة امتنعوا معها عن تبادل الكلام خلال لقاءاتهم على أعلى المستويات . لا حاجة إلى القول: إن الحدث العراقي يمثل تحدياً تفوق خطورته خطورة أي حدث عرفه العرب خلال الحقبة التالية لعام 1948 . تختبر المحن عود الأمم . بعد محنة فلسطين، ثم لبنان، ها نحن في مواجهة أعظم محنة يمكن تخيلها: محنة العراق . لقد قصمت المحن ظهر أمتنا بدل أن تصلبها وتقويها، والمصيبة أنه ليس لديها من خيار غير أن تصحو من موت شتوي مديد، دون الخروج منه مصاعب لا حصر لها، أو أن تذهب إلى موت لا رجعة منه، تتوفر سائر مقدماته في واقعها .

======================

المبادئ المسكوت عنها في سياسة أمريكا مع “إسرائيل”

آخر تحديث:الأربعاء ,20/10/2010

عاطف الغمري

الخليج

أثناء تولي جون فوستر دالاس وزارة الخارجية في عهد الرئيس أيزنهاور، ذهب إلى مجلس العلاقات الخارجية وهو من أكثر المراكز السياسية الأمريكية احتراماً يوم 4 سبتمبر/ أيلول 1955 وألقى خطاباً حدد فيه شروط الولايات المتحدة للسلام في الشرق الأوسط، وقال: إن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين يمكن أن تحل، وإذا كان بن غوريون يريد أن تساعده أمريكا دبلوماسياً وسياسياً وعسكرياً فيجب على “إسرائيل” أن تبرهن على نواياها للسلام بالمساعدة على حل المشكلة الحساسة للاجئين الفلسطينيين .

 

وبعدها أعاد أيزنهاور في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 1955تأكيد موقف دالاس في بيان رسمي، أي أنه حدد مبدأ مهماً في توجه السياسة الخارجية، تصطدم به اليوم كل العراقيل التي يضعها نتنياهو أمام السلام، خاصة شروطه عن يهودية الدولة، أو ما يروجون له عن قانون يلزم غير اليهود قسم الولاء للدولة اليهودية .

 

وأيزنهاور هو أول رئيس أمريكي يتخذ موقفاً رافضاً وضاغطاً على “إسرائيل” وأنصارها، حماية لمصالح الأمن القومي لبلاده .

 

كان موقف أيزنهاور مبنياً على التزام مبدأ ثابت في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، كان قد أرساه جورج واشنطن أول رئيس لأمريكا في خطبة الوداع عام 1796 التي حذر فيها من خطر ما أسماه Passionate attachment أي الارتباط العاطفي، أو بناء المواقف على أساس عاطفي في العلاقة مع دولة أجنبية، وأوصى الأمريكيين بالبعد عن غواية النفوذ الأجنبي عليهم، أي التحيز المفرط لدولة أجنبية على حساب أخرى .

 

ومن أبرز الذين أثاروا ضرورة العودة إلى التزام مبدأ عدم بناء المواقف على أساس عاطفي، جورج بول وكيل وزارة الخارجية في حكومتي كيندي وجونسون، في كتابه “الخطأ والخيانة” عام ،1994 والذي شرح فيه ما يحدث من خروج على هذا المبدأ، في ممارسات السياسة الخارجية في العلاقة مع “إسرائيل”، وقال إن ذلك ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو “إسرائيل” على السواء، وهو الكتاب الذي نظم اللوبي اليهودي حملة ضخمة لمنع الصحف من عرضه وتقييمه، لتقليص تأثيره في الرأي العام الأمريكي .

 

وجورج بول من أبرز خبراء السياسة الخارجية الأمريكية، وقد رشحه الرئيس كارتر ليكون وزير الخارجية، لكن اختياره لم يتم بسبب المواقف الحادة من القوى اليهودية ضده نتيجة آرائه المعلنة صراحة عن خطأ وخطورة التحيز ل “إسرائيل” من المنظور الاستراتيجي لمصلحة الولايات المتحدة، منذ نشر مقاله الشهير عام 1977في مجلة “فورين أفيرز” بعنوان “كيف يمكن إنقاذ “إسرائيل” رغماً عنها؟” .

 

كان بول يتعامل في ما كتبه عن خطبة الوداع لجورج واشنطن، بناء على مبدأ أساسي في السياسة الخارجية، حاول الكثيرون التغاضي عنه، وعدم الإشارة إليه، استثناء في حالة “إسرائيل”، كلما حل يوم الاحتفال بعيد ميلاد جورج واشنطن يوم 22 فبراير/ شباط من كل عام، من منطلق الاستناد إلى قاعدة أساسية في السياسة الأمريكية هي الاحترام والتزام المبادئ التي أرساها الآباء المؤسسون للولايات المتحدة .

 

وحسب تعريف علماء السياسة في أمريكا، فإن المبدأ في السياسة الخارجية هو نوع من الهندسة السياسية التي يُهتدى بها في تشييد معمار من مبادئ السياسة الخارجية، بناء على أسس وتوجيهات مستقرة وثابتة، يصاحبها ويعمل في خدمتها عدد محدود من السياسات المتغيرة المجهزة بمرونة الاستجابة لما قد يستجد أو يتغير في أوضاع العالم، وليس في معماره الهندسي .

 

والمبدأ كذلك هو الأساس لاستمرارية السياسة الخارجية، بما تتضمنه من رؤية ووسائل، تحمي مصالح الأمن القومي على المدى البعيد .

 

بمعنى أن كسر أحد أعمدة المبدأ، لمصلحة الانحياز العاطفي لدولة أجنبية، هو إضرار بالمصالح الحيوية للبلاد، وهو ما نبه إليه الكثيرون، كما أنه يمثل إخلالاً بالمنظومة المتكاملة للرؤية الاستراتيجية لسياسة أمريكا على مستوى العالم .

 

وقد نبهت أخيراً الدراسات التي كتبها عدد غير قليل من المفاوضين عن الجانب الأمريكي في جلسات المفاوضات “الإسرائيلية”، منهم ديفيد أرون ميللر، إلى أن الفشل الذي منيت به سياسات رؤساء أمريكا لحل النزاع “الإسرائيلي” الفلسطيني سببه التطابق مع مواقف حكومات “إسرائيل”، وعدم مراجعتها بحسم في ما تتخذه من سياسات تعارض المبادئ المعلنة للسياسة الخارجية الأمريكية، وعلى سبيل المثال هناك التزام رسمي سياسي وأخلاقي من الرئاسة الأمريكية، معلن من الرئيس بوش الأب وكلينتون، برفض الاستيطان، واعتباره غير مشروع وعقبة أمام السلام .

 

 . . القضية إذن ليست فقط انحيازاً، أو غض أمريكا النظر عن تجاوزات “إسرائيلية” تصل إلى مرحلة التحدي لها، بل إنه تقاعس أمريكي يمثل خروجاً على مبادئ ثابتة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ما كان ينبغي التهاون في التزامها ووضعها موضع التنفيذ .

======================

إسرائيل «يهودية».. أين ديمقراطيتنا المزعومة؟

بقلم: جدعون ليفي‏

هآرتس

ترجمة

الأربعاء 20-10-2010م

ترجمة: ليندا سكوتي

الثورة

في الآونة الأخيرة، عممت قوات الدفاع الإسرائيلية صورة لميريد كوريغان ماغويرا وهي تتلقى المساعدة من أحد الجنود في جيش يصف نفسه بأنه من أكثر الجيوش أخلاقية في العالم،

حيث يمسك الجندي بيد تلك المرأة الفاضلة ليساعدها في النزول من السفينة راشيل كوري التي تحمل على متنها مواد ومساعدات إنسانية لأهالي غزة، واستحوذت عليها القوات الإسرائيلية وأجبرتها على التوجه إلى ميناء أشدود. في الوقت الذي لم يمض سوى وقت قصير على قيام تلك القوات بالهيمنة والاستحواذ على السفينة مرمرة. وبتقديرنا نرى أن نشر تلك الصورة وأمثالها لا يمثل سوى دعاية إسرائيلية رخيصة، الهدف منها إظهار وإبراز التعامل الإسرائيلي الجيد والأخلاقي مع نشطاء السلام الحقيقيين الذي يختلف تمام الاختلاف عن تعاملها مع «الإرهابيين» الأتراك الذين كانوا على متن سفينة مرمرة.‏

بعد مضي أربعة أشهر على الحادثة السابقة مازالت ميريد كوريغان ماغويرا منذ أسبوع في الزنزانة المعدة للمزمع ترحيلهم من مطار بن غوريون. وفي الحين الذي كان به الإسرائيليون يستجمون في عطلتهم الأسبوعية لم يكترثوا بما يحصل أو أن ينتابهم نوع من الشعور بالخزي والعار أو يرفعوا الأصوات عالية بشجب اعتقال السيدة الحائزة على جائزة نوبل للسلام. ولا ريب أن مثل هذا الأمر لا يمكن حدوثه إلا في دولة إسرائيل ومثيلاتها، حيث لا نجد في المجتمع من يعارض اعتقال ناشطة سلام حازت على جائزة نوبل للسلام.‏

أقرت أحد المحاكم ترحيلها، بينما رأت المحكمة العليا مناقشة قضيتها، الأمر الذي يظهر إسرائيل على حقيقتها كدولة عنصرية متطرفة، وخاصة بعد أن عمدت إلى إبعاد عدد من العظماء أمثال نعوم تشومسكي ونورمان فينكلشتين والكوميدي الإسباني المشهور إيفان برادو، ومؤخرا عند إقرارها الإبعاد لكوريغان بشكل يثير الخزي والعار، وكل ذلك لأنهم تجرؤوا على زيارة البلاد. وعلى الرغم من ذلك السلوك الوحشي بقيت الحكومة تحظى بالتأييد والدعم من الشعب الذي أصبحت اللامبالاة جزءاً فعالاً من حياته.‏

تعتبر كوريغان الايرلندية المولودة في بلفاست إحدى ضحايا إرهاب الدولة، حيث تعرض ثلاثة من أبناء شقيقتها لهجوم إرهابي أودى بحياتهم، وقد أصيبت والدتهم بجروح بالغة في ذلك التفجير، ولجأت للانتحار بشكل لاحق. وبعدها تزوجت كوريغان من زوج أختها، مكرسة معظم أوقاتها لرعاية أبنائه. ونتيجة لتلك المأساة العائلية المخيفة تحولت كوريغان إلى ناشطة سلام ترفع راية المقاومة السلمية ثم حازت على جائزة نوبل للسلام في عام 1976.‏

في السنوات الأخيرة، بذلت كوريغان الجهود للدعوة إلى المقاومة السلمية في إسرائيل، ذلك البلد الذي لا يؤمن إلا بإرهاب الدولة والاغتيالات والقتل، لكنها أغلقت الأبواب في وجهها بكل صفاقة، لأنها تظاهرت في بلعين قبل بضعة أشهر، وشاركت في سفينتين من سفن المساعدات إلى غزة، لذلك اعتبرتها بأنها ارتكبت ذنباً لا يغتفر وتصرفت بشكل يخالف القانون، إذ اتهمتها بمناهضة ومقاومة محاولة إلزامها بالصعود إلى الطائرة، لكننا نجد صعوبة بتصديق تلك الرواية التي تقول بمقاومتها بوحشية لعملية إجبارها على الصعود للطائرة كما يدعون.‏

إن إسرائيل لديها دائماً ما تخفيه عن العالم بشأن ممارسات الاحتلال، وهذا هو السبب الفعلي الذي يجعلها تمنع أصحاب الضمير الحي من الدخول إلى البلاد تحسباً من نشر ما يشاهدونه وما يجري من مخالفات إلى جميع دول العالم. كما أن إسرائيل تخشى ممن يحاولون معارضتها أو نقد نظامها بادعاء عدم رغبتها بإدخال أي إرهابي، أو من لا يعارض الإرهاب ومن ينقد ممارساتها.‏

يتعين على الإسرائيليين الذين يدعون الفلسطينيين للمقاومة السلمية أن يشاهدوا بأم أعينهم ما يجري في سجن الترحيل القائم في مطار بن غوريون، وسيعلمون كيف تعامل السلطات الإسرائيلية أولئك الذين لا يمارسون العنف عندما يطلعون على عملية الاحتجاز لأمثال الناشطة ميريد كوريغان ، تلك المرأة ذات الضمير الحي التي رفض القائمون على السجن تسليمها ممتلكاتها الشخصية إلا بعد صدور حكم من محكمة بتاح تكفا.‏

لاريب أن قرار المحكمة العليا سيلحق بنا الخزي والعار، وسيعلمنا بالوضع المزري الذي وصلنا إليه، وستتكون لدينا صورة بأن المحكمة تسهم في تلطيخ سمعة إسرائيل.‏

لقد تم اعتقال الحائزة على جائزة السلام، وها هي إسرائيل تزمع السطو على قارب مساعدات آخر يحمل على متنه مسافرين منهم ناج يهودي من الهولوكوست، وأب إسرائيلي فقد ابنه في عمليات إرهابية، وطيار رفض الخدمة العسكرية خوفاً من تأنيب الضمير لمنعهم من الوصول إلى مقصدهم، مؤكدة في ذلك إبقاءها على الحصار الذي تمارسه على غزة. تلك هي الصورة التي وصلت إليها إسرائيل اليوم.‏

======================

دماء جديدة في مجلس الأمن الدولي

بقلم :صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية

البيان

20-10-2010

أطلّ النظام الاقتصادي العالمي الجديد على الأمم المتحدة بكامل قوته، أخيراً، عندما تم الإعلان عن انضمام عضوين جديدين إلى مجلس الأمن هما الهند وجنوب إفريقيا، اللتان تعدان الممثلين البارزين من آسيا وإفريقيا في القرن الحادي والعشرين، لتشاركا ألمانيا والبرازيل كأعضاء غير دائمين في مجلس الأمن. وسوف يجلس الجميع جنباً إلى جنب مع الأعضاء الدائمين الذين يتمتعون بحق الفيتو، وهم بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا والصين وروسيا.

 

إنها لحظة هامة بالنسبة للقوى الاقتصادية الجديدة في العالم، وهي المرة الأولى التي تحصل فيها على تمثيل كامل في المؤسسة العالمية التي تم إنشاؤها في أعقاب الحرب العالمية الثانية. فالهند لم تحصل على مقعد في مجلس الأمن منذ عام 1992، ومما لا شك أنها سوف تغتنم الفرصة من أجل الدفع باتجاه الإصلاح والحصول على مقعد دائم في المجلس.

 

يعاني المجلس من أوجه قصور متعددة، والأمم المتحدة أثبتت كثيرا أنها عاجزة وتفتقر إلى الكفاءة. ومن الممكن تماماً أن يجعل توسيع النطاق من المجلس كياناً أشدّ صلابة على نحو متوازن. ومن المفترض أن تقوم الأمم المتحدة بترتيب الوضع في هايتي، ولكن منطقة الكارثة لا تزال كما هي. ومن المفترض أن تقوم المنظمة الدولية بإحلال السلام في السودان، ولكن هناك تحذيرات من نشوب حرب أهلية جديدة. وقام المجلس بفرض عقوبات جديدة على إيران، ولكن العقوبات أضعفت بسبب الحاجة إلى استيعاب روسيا والصين.

 

ومع ذلك، فإن ضخ دماء جديدة في مجلس الأمن يمكن أن يكون فرصة لتحسين فعاليته. والأمم المتحدة لا تتسم بالكمال، ولكنها هي ما لدينا، وأعضاؤها يميلون عن حق إلى أخذ مكانتها وبياناتها على محمل الجد. وكثيرا ما تشير الاقتصادات الناشئة إلى الظلم الناجم عن عالم مازال يدار بواسطة أنظمة أنشئت قبل أكثر من 60 عاماً، ويدعي أن مجلس الأمن غير الفعال ما هو إلا انعكاس لطبيعة تشكيله. الآن آن الأوان لهذه الاقتصادات لإبراز قدرتها على تهيئة المجلس كي يكون أكثر ملاءمة للعصر الحديث.

 

في الوقت نفسه سوف تحصل الهند على مكان في مجلس الأمن الدولي، في خطوة تعتبر خطوة نحو الحصول على مقعد دائم والاعتراف بمكانتها كقوة عالمية متنامية. ووفقا لمصادر دبلوماسية هندية، سوف تستخدم نيودلهي مكانتها إزاء الطاولة رفيعة المستوى بين القوى العالمية الكبرى من أجل الدفع للإصلاح في الأمم المتحدة، الأمر الذي يعد انعكاساً لصعودها مع القوى الناشئة مثل البرازيل وجنوب إفريقيا.

 

سوف تضطلع الهند بمسؤوليتها بين أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر بوصفها ممثلا إقليمياً للقارة الآسيوية في أعقاب اقتراع في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

 

وسوف تنضم إلى الهند حليفتها جنوب إفريقيا، بالإضافة إلى كولومبيا ودولتين أخريين تختاران من ثلاث دول هي البرتغال وكندا وألمانيا. وإذا فازت ألمانيا بالتصويت فسوف تشكّل، مع تحالف مجموعة الأربع التي تنادي بتوسيع عضوية مجلس الأمن الدولي، قوة مؤثرة موالية للإصلاح. وتواصل البرازيل حالياً للعام الثاني على التوالي في المجلس مهمتها كممثل إقليمي. وعلى أية حال، فإن أعضاء مجموعة دول «بريك»، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين، بوصفها أسرع اقتصادات العالم نمواً، سوف تنضم إلى المجلس للمرة الأولى، وتعزز تعاونها كقوى عالمية ناشئة.

======================

أميركا بين العجوزات والركود

بقلم :فيكتور دافيز هانسون

البيان

20-10-2010

سوف نعلم على وجه الدقة في نوفمبر المقبل مدى غضب الجمهور بشأن الكثير من الأمور، بدءاً من فرض ضرائب أعلى حتى البطالة واسعة النطاق.

 

ولكن هذه الضجة الجماهيرية تبدو متواضعة بالمقارنة بالشعور بالمهانة حيال إفلاسنا نحن الأميركيين. في عام 2008، كان الجمهور غاضباً من الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، ليس لأنه كان شديد التقتير، بل لأن عهده كان يعاني مما يعتقد آنذاك أنها حالات عجز ضخمة. وكانت النتيجة أنه في ظلّ إدارة يفترض أنها محافظة، ورغم ست سنوات من سيطرة كونغرس يزعم أنه يعتمد منهاج الحكومة الصغيرة، فقد تضاعف العجز تقريباً من 3. 3 تريليونات دولار إلى 3. 6 تريليونات دولار، في غضون ثماني سنوات فقط.

 

ويبدو أن الرئيس الأميركي باراك أوباما لم يدرك قط أنه تم انتخابه جزئياً بسبب أن هذا الاقتراض الجمهوري الهائل قد أثار ضيق الشعب الأميركي. لذلك، وبطريقة شبه انتحارية، ورث أوباما عجز الموازنة الذي أصاب نهاية فترة ولاية بوش والذي تجاوز 500 مليار دولار، ومن خلال محاولة كينزية ( تدخل القطاع العام) للخروج بالبلاد من الركود والذعر المالي في 2008، ورفع العجز إلى ثلاثة أضعاف تقريبا بحلول عام 2010. وسوف يضيف الحبر الأحمر الجديد لأوباما أكثر من 5. 2 تريليون دولار إلى الدين القومي الأميركي، بما يقارب تريليون دولار من العجوزات سنوياً خلال العقد المقبل. كل ذلك يسفر عن دين أميركي يزيد على 20 تريليون دولار.

 

ما هو بالضبط الأمر المتعلق بالعجوزات الكبيرة وديننا المتراكم الذي بدأ يستفزّ الناخبين؟

 

أولاً، سئم الجمهور من اللامبالاة التي يتبعها الموظفون العموميون في التصرف في أموال الآخرين، دون التفكير في سدادها. وفي كل أسبوع، يقدم الرئيس أوباما وعداً لمجموعة أخرى من ذوي المصالح بالحصول على المزيد من القروض بمليارات الدولارات، والتي تسمى الآن تلطفاً ب «الحافز».

 

ولكن كلما قدم المزيد من الأموال العامة للولايات، أو الموظفين العموميين أو العاطلين عن العمل أو الصناعة الخضراء، كلما زادت تساؤلات الجمهور عن مصدر حصوله على هذه السيولة. وفي المرة المقبلة التي يضع مسؤول عمومي فيها اسمه على مشروع اتحادي، فلندعه على الأقل يعترف بما إذا كانت هذه السيولة قد تم تعويمها مع الأموال المقترضة من عدمه.

 

ثانيا، هناك شعور متنامٍ باليأس من أنه حتى زيادة الضرائب على الدخل لا يمكن أن تغطي العجوزات الهائلة. فعلى الأقل أحدثت معدلات الضرائب القديمة في عهد الرئيس الأسبق كلينتون في التسعينات توازنا في الميزانية. ولكن حتى إذا أعدناها مرة أخرى، فسوف يستدعي ذلك حدوث عجز بأكثر من تريليون دولار في عام 2011، نظراً للزيادات الهائلة في الإنفاق الفيدرالي.

 

وذلك الواقع القاتم ينشأ عنه اليأس والغضب بين الناخبين، الذين يشعرون أنهم يُخدعون من قبل مسؤوليهم المنتخبين. والجمهور يعارض الزيادات في الضرائب ليس لأنهم لا يرغبون في سداد الديون، ولكن لأنهم يشكون من أن العائد المتزايد سوف يكون بمثابة ضوء أخضر للإنفاق بالعجز.

 

ثالثاً، ليس أمراً مجدياً بالنسبة للتكنوقراطيين في واشنطن أن يفسروا كيف أن العجوزات تعتبر جيدة في تحفيز الاقتصاد، أو لماذا لا يتعين سدادها حقاً. والناخبون يعرفون أن هذا الهراء لا ينطبق على الرهونات العقارية وفواتير بطاقات الائتمان الخاصة بهم.

 

يشعر الناخبون بالارتياح عندما يمكنهم سداد الديون، ويصيبهم الاكتئاب المزمن عندما يعجزون عن السداد. وكانت المرة التي حققت فيها الحكومة توازناً في الميزانية في عام 2000 تحت إدارة الرئيس الأسبق «بيل كلينتون» و»الكونغرس الجمهوري»، ارتفعت المعنويات في أميركا بشكل جماعي، بالقدر نفسه الذي تشهد مهانة نتيجة السخرية من كونها مقترض مبذر.

 

لذا فإن السمعة الوطنية وعزة النفس أمران مهمان.فالأميركيون سئموا من السماع بصعود الصين الحتمي والتراجع الأميركي. وهم يعرفون أن الصين لا تزال في العديد من الجوانب بلداً نامياً قمعياً يواجه تحديات هائلة سياسياً وبيئياً وديموغرافياً.

 

ولكنهم يسلمون أيضا بأن الميزانية الضخمة والفوائض التجارية للصين ينتج عنها احتياطيات من السيولة تقدر بتريليونات الدولارات، ومن ثمّ اكتسبت الصين نفوذاً عالمياً واحترام العالم وينتظرها مستقبل واعد، وهو الأمر الذي فيما يبدو لا ينطبق عليه أيضاً مبدأ أنفقي الآن يا أميركا وادفعي لاحقاً.

 

رابعا، هناك خوف حقيقي حيال أمر رهيب سيحدث قريباً من جرّاء هذا المستوى من الإنفاق الذي لا سبيل لاستدامته. أسعار الفائدة عند أدنى مستوياتها التاريخية. ولكنها إذا ارتفعت، فإن مجرد سداد الديون الحالية سوف يكلف المزيد من مئات المليارات من الدولارات المقترضة.

 

سوف نواجه قريباً خياراً قاتماً، يتمثل إما في خفض الدفاع الوطني أو الضمان الاجتماعي، أو كليهما، وذلك على وجه الدّقة في الوقت الذي يزيد فيه عدد كبار السن في البلاد، ويصبح العالم أكثر خطورة من أي وقت مضى. فهل سيقرضنا الصينيون المال لنشر حاملة طائرات قرب سواحلهم، أو تمويل استحقاقات الرعاية الصحية الأميركية الجديدة، والتي لا يستطيعون توفيرها ل 400 مليون شخص من أبناء الشعب الصيني؟

 

في هذه الانتخابات المقبلة، فإن جميع الإيجابيات السياسية القديمة، التي تتمثل في سنوات من المسؤولية، والأقدمية الراسخة ومخصصات للمحسوبيات، تبرهن على استحقاقات بالسلب. وبدلاً من ذلك، فكلما أقرّ المسؤولون بأنهم يسيطرون على مقاليد الأمور، فيما تريليونات من الدولارات تنفق، رغب الأميركيون في تنحيتهم عن مناصبهم .

إننا نتعرض للمهانة بما ندين به. فإن لم نستطع سداد الدين، فسوف يكلف ذلك على الأقل ثمناً سياسياً.

الأمر بهذه البساطة خلال هذا العام.

======================

في إدارة الخلاف المذهبي الإسلامي

جعفر محمد حسين فضل الله

السفير

20-11-2010

شهدت الساحة الإسلاميّة مواقف حادّة تجاه السيّدة عائشة أمّ المؤمنين، أو صحابة رسول الله (ص)، صدرت عن بعض أصوات النشاز، أعقبتها ردود أفعال ومواقف، دلّت على أنّ المجال الإسلامي لا يزال هشّاً أمام أقلّ اختبار حقيقي لأصوات الفتنة؛ هذه الأصوات التي يبدو أنّها الأكثر تأثيراً أمام الأصوات العقلانيّة المستندة إلى المنهج الإسلامي في مقاربة الأمور والحكم على الوقائع، والموجودة لدى الفريقين، السنّة والشيعة، تاريخاً وحاضراً.. والمشكلة الكبيرة أنّ صوتاً واحداً سخيفاً كفيلٌ بإعادة الساعة إلى الصفر تجاه أيّ مشروع للوحدة الإسلاميّة؛ ما يشير إلى أنّ ثمّة مشكلة تربويّة عميقة، ساهمت فيها عوامل عديدة، ليس أقلّها العامل السياسي، قديماً وحديثاً، نتج عنها غلبة الحالة المذهبيّة على الانتماء الإسلامي العام، لتصبح «قيمة» الجماعة، هي التي تحكم منظومة القيم الأخرى، ونُصبح نحن تجسيداً لمنطق العصبيّة التي عبّر عنها الإمام عليّ بن الحسين (ع) حيث قال: «العصبيّة التي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرجل شرار قومه خيراً من خيار قومٍ آخرين، وليس من العصبيّة أن يحبّ الرجل قومه، ولكن أن يعين قومه على الظلم» (الكافي، ج2، ص 308 309).

ما نحاوله في هذه المقالة هو أن نقيس بعض ما نحن فيه على بعض ما ورد في القرآن الكريم، وهذا هو عمق اختبار إسلامنا، كسنّة وكشيعة.

نحن أكثر ميلاً في ما نسمعه، أو نقرأه، إلى التصديق بالسلب عن الطرف الذي يختلف معنا؛ بل ربّما وجدنا أنّه قد شكّل كلّ فريق منّا عن الآخر سلسلة من المعتقدات التي لا تزحزحها البراهين؛ فقد نجد لدى الشيعة من يقبل على بعض السنّة أيّ رواية، ولو كان راويها كذّاباً، لمجرّد أنّها تتّفق مع الهوى المذهبي لديه، وقد نجد لدى السنّة من يقبل أيّ رواية على الشيعة، ولو كان راويها منافقاً، لمجرّد أنّها تؤكّد وجهة النظر التي تجعلهم فئةً خارجةً عن الدين.. حتّى إنّنا لا نقبل في ذهنيّتنا الشائعة أن ننسب أيّ منقبة لمن نختلف معه، سواء من شخصيّات التاريخ أو الحاضر؛ لأنّ ذلك يُمكن أن يسجّل علينا، ونحن لا نريد أن نسجّل علينا أيّ نقطة حتّى لحساب الحقّ!. ولذلك دخل العقل المذهبيّ في الظُلم المعرفي للطرف الآخر، وربّما دخلنا في حالة من الاستكبار المذهبي، مع أنّ الله تعالى يقول صريحاً: (ولا يجرمنّكم شنآن) أي بغض (قومٍ على أن لا تعدلوا، اعدلوا هو أقربُ للتقوى) (المائدة، 8) ؛ فأين نحن من هذا المنهج، سنّةً وشيعة؟

ليست هناك مشكلة أن تنتمي إلى أيّ مذهب ما دامت هي قناعتُك بينك وبين الله، ولكنّ المشكلة هي أن تجعل الانتماء المذهبيّ صنماً تعبده من دون الله، فلا تقبل حقّاً خارجه، ولا تقبل ظلماً في داخله.

لا نسبّ ولا نلعن

يقول الله تعالى: (ولا تسبّوا الذين يدعون من دون الله فيسبّوا الله عدواً بغير علمٍ كذلك زيّنا لكلّ أمّة عملهم) (الأنعام، 108). بقطع النظر عن كون الآية متعرّضة لسبّ آلهة المشركين، فإنّها بصدد بيان منهج عام لا بدّ أن يأخذ به كلّ المسلمين الذين يُدركون أنّ لكلّ جماعة من الناس مقدّساتها ورموزها التي تعظّمها وتحترمها، وهذا ما يدفع إلى اعتبار الإنسان أيّ تعدٍّ على مقدّساته ورموزه تعدّياً عليه شخصيّاً، ما يدفع المجتمع الذي يأخذ بأسباب السباب إلى سلسلة من ردود الأفعال التي تجعل المجتمع يعيش حالة حدّة وشحن غرائزي قد ينسف كلّ المقدّسات والقيم. والإسلام أراد من المجتمع أن يعيش الموضوعية والعقلانيّة والمسؤوليّة عن المجتمع. ولعلّنا نلمح كلمة للإمام عليّ (ع) حينما قال لأصحابه وقد سمعهم يسبّون جيش الشام في صفّين: «إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين، ولكن لو وصفتم أعمالهم، وذكرتم حالهم، لكان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبّكم إيّاهم: اللهمّ احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، واهدهم من ضلالتهم حتّى يعرف الحقّ من جهله، ويرعوي عن الغيّ والعدوان من لهج به» (نهج البلاغة، الخطبة، 206)، وذلك يعني أنّه لا ينبغي أن تكون روح المسلم روحاً تدميريّة كما يعبّر السيّد محمّد حسين فضل الله (ره) بل روحاً إصلاحيّة هادية، وهي الروح التي لا تتّفق مع حالة الإلغاء التي يعبّر عنها السبّ..

ومع أنّ هذا يمثّل فلسفة هذا الخلق الإسلامي، فإنّ جملة من المرويّات عن النبيّ (ص) وأهل بيته قد رفضت صراحةً سبّ المؤمنين بعضهم بعضاً، فعنه (ص): «سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر». «لا يكون المؤمن لعّاناً»، «إنّي لم أُبعث لعّاناً وإنمّا بعثت رحمة»، و«لعن المؤمن كقتله»، وما إلى ذلك من روايات لا يُمكن للإنسان تجاوزها ببساطة كما شاع في بعض الأوساط.. ولذلك رأينا أنّ ما نُسب من اللعن إلى أهل البيت (ع) في ما يتّصل بالخلاف المذهبيّ ليس صحيحاً بحسب موازين التوثيق؛ لأنّ رواة هذه المضامين من الغلاة؛ حتّى إنّ كثيراً من المرويّات عن الإمام جعفر الصادق (ع) تشير إلى نقده الشديد لهذا المنهج الذي ربّما يكون قد ساهم فيه احتدام الصراع السياسي آنذاك، والذي لعب على الوتر المذهبيّ، ولا سيّما إذا لاحظنا ما كانت السلطة الأمويّة تمارسه من فرض سبّ الإمام عليّ (ع) على منابر الجمعة عشرات السنين، حتّى منعه عمر بن عبد العزيز بعد تولّيه السلطة..

أمّة التاريخ!

في منطق الإسلام، ترتكز علاقة المسلم بالتاريخ على أمرين: الأوّل ما بيّنه قوله تعالى: (لقد كان في قصصهم عبرةٌ لأولي الألباب) (يوسف، 111)؛ فالمؤمن يأخذ من التاريخ ما ينفع حاضره ممّا يمثّل العبرة له والقدوة له، وهذا يستوي فيه التاريخ الحسن والتاريخ السيّئ؛ لأنّ الإنسان يأخذ العبرة من كليهما. أمّا ما حقّقه كلّ فريق من انتصارات وما جناه من هزائم، أو ما اكتسبه من حُسنٍ أو قُبحٍ، أو من طاعة أو معصية، وما إلى ذلك، فلا دخل لنا به، ولا نُسأل عنه، وذلك هو مفاد قوله تعالى: (تلك أمّة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تُسألون عمّا كانوا يعملون) (البقرة، 134 و141).

وإنّ أهمّ ما ندرسه اليوم كمسلمين في قضيّة الخلافة والإمامة، هو كيف أنّ المسلمين الأوائل قد جنّبوا الواقع الإسلاميّ الانزلاق في الفتنة، وكيف أمّنوا له الحماية والحصانة الداخليّة تجاه العدوّ المتربّص بالإسلام كلّه، ومن روائع كلمات تلك المرحلة التي ينبغي أن تكون شعاراً لنا في كلّ المراحل ما قاله عليّ (ع) في كتابه لأهل مصر: «فما راعني إلا انثيال الناس على فلانٍ ويقصد الخليفة الأوّل يُبايعونه، فأمسكتُ يدي، حتّى إذا رأيتُ راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام، يدعون إلى محق دين محمّد (ص)، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوتِ ولايتكم التي إنّما هي متاع أيّام قلائل يزول منها ما زال كما يزول السراب أو كما يتقشّع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتّى زاح الباطل وزهق، واطمأنّ الدين وتنهنه»(نهج البلاغة، ج 3)، أو مقولته الشهيرة: «لقد علمتم أنّي أحقّ الناس بها من غيري، ووالله لأسلمنّ ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جورٌ إلا عليَّ خاصّة».

فليَرجع الخلاف المذهبيّ إلى موقعه الفكري والنقدي، حتّى في ما خصّ قراءة التاريخ وإعادة تقويمه؛ لأنّ منطق التاريخ يرفض التسويات في عالم التقويم. والموقع الفكري والنقدي هو الموقع الطبيعي لهذا الخلاف، وعندئذٍ سيكون الخلاف مصدر غنىً لا مصدر تفرّق، ومحطّ تراكم للعلم لا مصدر تنافر.

العقيدة ليست بالوراثة!

يبقى أنّه، في ما يتّصل بعقائدنا المذهبيّة، لا بدّ لنا أن نحاكم منهجنا في تشكيل عقيدتنا على ضوء ما قصّه الله علينا من منهج الكافرين والمشركين حينما كانوا يرفضون الإيمان معلّلين بأنّه يصطدم بما ورثوه من عقائد الآباء والأجداد، بحيث كان الإنسان يبني عقيدته تبعاً لما عليه الجماعة التي ينتمي إليها، من دون التدقيق فيها.

إنّ عدم الاحتكام إلى قواعد تشكيل القناعة من خلال البرهان والدليل من شأنه أن يؤدّي إلى تبنّي الأجيال الإسلاميّة المتعاقبة لعقائد قد لا تستطيع أن تقيم براهين منطقيّة عليها. هذا في بنائها العقيدي في ذاتها، فضلاً عمّا تبنيه من صور موهومة عن الطرف الآخر، ورثته من تاريخ الصراع الطويل الذي كان في عمقه صراعاً سياسيّاً حُمّل صفة الدين أو المذهب...

وهذا ما يجعلنا نجد اليوم في الجامعات مثلاً، والتي ينبغي أن يبتعد طلاّبها عن العصبيّة وأن يكونوا أقرب إلى المنهج العلمي والموضوعي في فهم الأمور وتشكيل القناعات أنّ الشيعي يتعامل مع السنّي الذي يجلس إلى جانبه في صفّ الدراسة من خلال الموروثات التي يحملها عنه، بما لا يجعله قادراً على رؤية كثير من التماهي في الحياة اليومية والعامّة، ويضيع كلّ التقارب الروحي في لحظة إعلاميّة مأزومة وكأّنّ الجهل التامّ قد أحاط بالزميل الذي كان أمس من أعزّ الأصدقاء، مع أنّه لم يصدر منه شيء في هذا المجال.. وكذلك الأمر في السنّي تجاه الشيعي.. وهذا يعني أنّنا لا نزال أمّة التاريخ التي غرقت في التاريخ بكلّ سلبيّاته، وأصبحت تتعامل مع الواقع من خلال الصورة المتبنّاة عنه، وليس من خلال الاختبار الواقعيّ له ولعناصره، وهذا ما سيُبقينا أمّة سهلة على كلّ طامع، يثيرنا أيّ موضوع، وتقيمنا كلمةٌ طائرة سيّئة من هنا أو هناك، لا نحمّل بحسب تعميماتنا الظالمة وزرها لصاحبها الذي صدرت منه، بل نجعلها ممثّلة للمذهب الذي ينتمي إليه، فنأخذ «الصالح بعزا الطالح» كما يُقال .

كما أنّ هنا نقطة مهمّة، وهي أنّ اعتبار العقيدة ممّا يتّصل بالقناعة التي يكوّنها الشخص من خلال اشتغاله بالأدلّة والبراهين على أيّ فكرة، من شأنه أن يُبعد حالة التقسيم العقيدي؛ لأنّ الغالب في اصطباغ العقيدة بالمذهبيّة هو الوقوف عند مسلّمات كانت ناشئة من تفكير سابق وتبانت عليها الجماعة جيلاً بعد جيل؛ بينما لو أبقينا الفكر متحرّكاً لأمكن التعويل على ما يختبره المسلمون من أنفسهم من فكرٍ مستجدّ، وحركة نقدٍ متراكم عبر الزمن، مع ما يتأثّر به المسلمون جميعاً ولا سيّما جيل الجامعات من روح العصر في مناهج التفكير العلمي وما إلى ذلك ممّا يلقي بظلاله على فكر الإنسان عموماً. كلّ ذلك من شأنه أن يقرّب المسافات بين المسلمين، ويغيّب الحواجز بين المذاهب..

إنّ المؤمن لا خيار له في مسألة الأخوّة الإيمانيّة، بل هي أمرٌ مجعولٌ من الله عزّ وجل. وربّما نفهم على أساس ذلك الحديث القائل: «إذا قال المؤمن لأخيه أنت عدوّي كفر أحدهما»؛ لأنّ نسبة المسلم إلى العداوة يضادّ جعل الله تعالى الأخوّة، وهذا كفرٌ عمليّ على الأقلّ.

كما أنّه يلزم من هذه الأخوّة، أن يعمل المؤمن على صونها وحمايتها من أيّ شائبة، وذلك من خلال الانفتاح الذي يعيشه المسلم تجاه أخيه، والممارسات الأخويّة التي تقوّي الوجدان الإسلاميّ الجامع، بحيث لا تبقى الأخوّة مجرّد شعارٍ نرفعه، بل هو حياة نعيشها، ووجدان نتحسّسه، وسلوك نسلكه. وقد ورد في الحديث: عن رسول الله (ص): «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يشتمه».

ومن مستلزمات الأخوّة بحسب الآية أن ينبري المسلمون للإصلاح بين المسلمين إذا اختلفوا، أو تباعدوا، أو تنافروا، أو حتى اقتتلوا، كما قال تعالى: (وإن فئتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إنّ الله يحبّ المقسطين) (الحجرات، 9).

هذه بعض مفردات تتّصل بالمنهج الإسلامي في التعامل مع الآخر، وهي مفردات لا تتطلّب أن نتماهى في ما بيننا، ولكنّها تصلح قاعدة لتقويم ذهنيّتنا وأساليبنا في الحاضر، بدلاً من أن نتلمّس لحاضرنا شيئاً من قداسةٍ أدمنّاها للتاريخ، بكل قيمه المعقّدة، والتي نأتي بها إلى الحاضر كلّما أردنا أن نُثبت للعالم أنّنا لا نزال أمّة ترفض أن تضبط ساعتها على القرن الخامس عشر الهجري، والقرن الواحد والعشرين الميلادي، لتحاكم قضاياها من خلال القرآن والسنّة بما نفهمه نحن من القرآن والسنّة، لا بما فهمه الآخرون حتّى لو تطابقت نتائج الفهم؛ والله من وراء القصد.

======================

الإسرائيليون ذاهبون إلى أين؟!

د. سليمان البدور

s_albdour@hotmail.com

النهار

20-10-2010

كتب المؤرخ الأميركي «فيليب حتي» في كتابه القيِّم (تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين) ما يلي: «كان العبرانيون الشعب الوحيد بين الشعوب السامية القديمة الذي نمَّى شعوراً قوميا متطرفاً»، وقد رفض العبرانيون على مرِّ تاريخهم الاعتراف بالآخر، أو العيش بسلام جنباً إلى جنب مع أي عرق أو ديانة أخرى، الأمر الذي كان سبباً مباشراً لملوك الإمبراطوريات القديمة أن ينكِّلوا باليهود بوسائل لم يعرف التاريخ لها نظيراً إلا ما يفعلوه هم في الفلسطينيين هذه الأيام، ومع أنهم كانوا مُحْتَلِّين للأرض ولم يكونوا من أهلها الأصليين، إلا أنهم رفضوا التفاهم مع الآشوريين عندما كانت «آشور» قوة عظمى، وأبوا إلا الانطواء على أنفسهم والكيد والاعتداء على جيرانهم، مما حدا بالملك الآشوري «سرجون الثاني» أن يقضي قضاءً تاماً على مملكة إسرائيل الصغيرة في شمال فلسطين عام 721 قبل الميلاد، وسبى معظم الإسرائيليين إلى «ميديا»، شمال غرب إيران، وزاد على ذلك أن جاء بقبائل من بلاد بابل وعيلام وسوريا وبلاد العرب وأسكنها محل الإسرائيليين المسبيين، أما ملك بابل «نبوخذ نصر» فقد اضطر عام 597 قبل الميلاد لمحاصرة مملكة يهوذا الصغيرة التي أقاموها في جنوب فلسطين، وسبى ملكها «الياقيم بن يوشيا» مع سبعة عشر ألف من خيرة جنوده ومواطنيه إلى بابل، ليبقوا في السبي حتى أعادهم «كورش» الفارسي إلى فلسطين لدى احتلاله بابل في العام 538 قبل الميلاد، ولم تكن فلسطين مستقرة وآمنة إلا في الأوقات التي كان فيها المتطرفون من اليهود خارجها، وحتى في عهد دولتيهم الصغيرتين في الجزء الشمالي الشرقي والجنوب الشرقي من فلسطين، فقد كان التعصب في دولة الجنوب ضد الشمال قد بلغ أشده بقيادة «عزرا ونحميا» اللذين عادا من السبي البابلي، فقد طَرَدا من القدس حفيد كاهنهم الأعلى لأنه تزوج من ابنة ملك الشمال، ومن أطرف أحاديث السيد «المسيح» عن التطرف اليهودي في الجنوب، حديثه مع امرأة سامرية تعجبت كيف يطلب منها ماءً ليشرب مع أنه يهودي؟! أي من سكان يهودا مملكة الجنوب الذين يكرهون الشمال كرهاً شديداً، وقد كانت الثورات والمكائد في كلتا الدولتين من أهم العوامل التي أدت إلى خرابهما وزوالهما نهائياً من الوجود.

 

عندما قرأت في الآونة الأخيرة، أن إسرائيل ستبدأ قريباً ببناء جدار عازل على الحدود مع مصر إضافة لجدارها العنصري العازل في الضفة الغربية، وقرأت قول «نتنياهو» في هذا الصدد بأن «إقامة هذا الجدار ستضمن الصبغة اليهودية لدولة إسرائيل»، ربطت ذلك بالجدار الذي بناه «يربعام الثاني» ملك إسرائيل عام 745 قبل الميلاد، ذلك الجدار الذي لم يوفر الأمن لإسرائيل حيث دمَّرها «سرجون الثاني» كما مرَّ في بداية الحديث.

 

وخلاصة القول أن اليمين المتطرف في إسرائيل الذي يشحن بقية الشعب بالرعب والخوف من جيرانه، وينزع منهم الثقة بأي سلام محتمل، هم ذات النسخة المكررة عن سابقاتها في العصور القديمة، فهل يبقى الإسرائيليون على هذه الحال من تدمير الذات والرغبة بتدمير الآخرين، أم يختارون الخروج من عقلية القلعة والعيش بسلام مع أنفسهم ومع جيرانهم ولو مرة واحدة في تاريخهم؟!.

======================

إنهُ شأن فِلَسطينيٌّ بامتياز!!

أ. عدنان السمان

2010-10-19

القدس العربي

عندما يتحدثون عن يهودية 'دولتهم' فإنما يتحدثون عن اقتلاعنا وتهجيرنا من هذه البلاد، وتجريدنا من أبسط حقوقنا الدينية والقومية والتاريخية والسياسية والثقافية والتراثية فيها..وعندما يتحدثون عن تعديل قانون الجنسية، فإنما يتحدثون عن سحبها ممن حصل عليها من أبناء الشعب العربي الفلسطيني الذي فُرِضت عليه هذه 'الدولة'، ولم يُفرض هو عليها، وسعت إليه ولم يسعَ إليها!! وعندما يتحدثون عن تعديل هذا التعديل بحيث يشمل اليهود الراغبين في الحصول على هذه الجنسية من هؤلاء اليهود المجلوبين من بلدان الاتحاد السوفييتي الذي كان، ومن غيره من بلدان هذه الدنيا بموجب قانون عودة يهود 'الشتات'، فإنما يتحدثون عن محاولة بائسة ساذجة مكشوفة للتغطية على عنصريتهم وتعنصرهم ضد كل ما هو غير يهودي في هذه الديار، وهم إنما يتحدثون عن هروبهم وتخبطهم أمام سهام النقد التي وجهها إليهم كل أصحاب الفكر والرأي من حملة الأقلام الحرة في فلسطين كلّ فلسطين، وفي كل بلاد العروبة، وفي كل بلدان هذا العالم دون استثناء..لقد راحوا يحاولون الظهور كمن يساوي بين اليهود وغير اليهود أمام مثل هذه القوانين التي ما استهدفت في يوم من الأيام يهوديًّا واحدًا، ولا أنصفت في يوم من الأيام أحدًا من غير اليهود، منذ إقامة هذه الدولة العبرية على جزء من أرض العرب في فلسطين.

إنَّ هذه المغالطات القانونية الدستورية التي يثيرها اليوم بنيامين نتنياهو إرضاءً لشريكه في الحكم أفيغدور ليبرمان، وإن هذا الخلط الواضح، والجهل الفاضح بالحدود الفاصلة بين المواطنة والاستيطان والتجنيس الذي يخوض غماره نتنياهو إرضاءً لبعض غُلاة اليمين المتشدد في هذه الديار.. وإن هذا التخبط السياسيّ الذي ينحدر باليمين الإسرائيلي اليهودي المتشدد إلى ما دون مستوى المراهقة السياسية، والطفولة السياسية..إن كل هذه المغالطات والتناقضات والمحاولات الساذجة المكشوفة للتغطية على هذا القانون العنصري تشكلُ أدلة جديدة قاطعة على فشل هذا اليمين، وعدم قدرته على قيادة اليهود في هذه الديار، وعدم قدرته أيضًا على التوصل إلى سلام عادل دائم مقنع ترضى عنه الأجيال، وتعود معه الحقوق إلى أصحابها في هذا الجزء المتوتر المتفجر، وفي هذه المنطقة المرشحة للاشتعال بسبب الظلم التاريخي، والغبن الذي حلّ بالفلسطينيين منذ أكثر من ستين عامًا ولا يزال.

وإن هذه المتاهات والمشكلات والفلسفات والحذلقات التي يحاول نتنياهو إغراق هذه الديار بها في محاولة مكشوفة لصرف الأنظار عن مشكلاتها الحقيقية، ولصرف الأنظار عما يجب فعله من أجل حل هذه المشكلات، لهي دليل قاطع، وبرهان ساطع، على أن نتنياهو لا يريد سلامًا، ولا يريد حلاً، وإنما يريد مزيدًا من التهويد، ومزيدًا من التشريد، ومزيدًا من إطلاق الوعيد والتهديد، لكل فلسطيني عربي معترض على سياساته، كما يريد أيضًا أن تستمر هذه الدوامة، وأن تستمر هذه المصائد، وهذه الكمائن، وهذه التناقضات، وهذه القوانين المسيئة سيئة الصيت والسمعة التي يُغرق بها البلاد والعباد، ويقرع بها آذاننا صباح مساء، رغبة منه في العبث، وإمعانًا منه في اللف والدوران!!.

لم نكن لنقول كل هذا، بل لم نكن لنقول شيئًا من هذا لو لم يكن الأمر متعلقًا بنا، ولو لم يكن الشأن شأننا من الألف إلى الياء، ولو لم يكن كل هذا الذي يقوله نتنياهو ويفعله موجهًا نحونا، ونحونا فقط دون باقي عباد الله في هذه الدنيا التي كانت واسعة، ويصر نتنياهو على تضييقها، والعبث بها، وعلى محاصرتنا فيها، لتكون في نهاية المطاف مقبرة لأجسادنا ولأجيالنا، ولكلّ طموحاتنا وتطلعاتنا وآمالنا..وما علمَ أنه بإصراره على ذلك إنما يحاصر نفسه، ويحاصر اليمين الذي يبغي نصرته، ويحاصر ليبرمان الذي يرى فيه سيفهُ المصلت على رقاب الناس!!

ولم نكن لنقول شيئًا من هذا لو لم يكن الأمر متعلقًا بجزء من شعبنا هناك في الجليل والمثلث والنقب والسهل الساحلي، ولو لم يكن الأمر متعلقًا بجزء من شعبنا هناك في قطاع غزة، ولو لم يكن الأمر متعلقًا بنصف شعبنا العربي الفلسطيني الذي يعيش في الشتات منذ قيام'دولتهم' التي يريدونها يهودية لحرمان نصف شعبنا ذاك من العودة إلى أرض الوطن، ومن العودة إلى البيت والأرض التي هُجِّرَ منها عام ثمانية وأربعين!! بل لو لم يكن الأمر متعلقًا بنا هنا في هذا الجزء من الوطن الذي يسميه كثير من الناس'الضفة الغربية' فأغلب الظن أن نتنياهو ومعه ليبرمان وكل غُلاة اليمين المتطرف يعتبرون هذه 'الضفة' جزءًا لا يتجزأ من تلك 'الدولة'، وأغلب الظن أنهم عندما يقولون 'إسرائيل' فإنما يقصدون بذلك فلسطين التاريخية، وأغلب الظن والحالة هذه أنهم عندما يتحدثون عن يهوديَّة'دولتهم'، وعن قانون تعديل الجنسية، وعن تهجير عرب الجليل والمثلث والنقب، فإنهم إنما يتحدثون أيضًا عن تهجيرنا هنا في القدس ونابلس والخليل..فهم لا يريدون أحدًا في هذه البلاد من غير اليهود، ولكن على مراحل!!

'كاتب فلسطيني

======================

مستقبل الزراعة في الوطن العربي

محمد الدليمي

2010-10-19

القدس العربي

كتب الكثير من الاراء والدراسات الاقتصادية المتخصصة عن اهمية السعي الى تحقيق الامن الغذائي للدولة والشعب من خلال الاعتماد على تنمية وتطوير الوسائل والامكانات الذاتية والاستفادة من المزايا المتاحة في البلد بغرض الوصول الى مرحلة عدم استيراد سلعة او سلع معينة ومن شان هذا ان يسهم في تعزيز قوة الدولة وتقوية اقتصادها ووقف نزيف العملة الصعبة بما يسهم في تدوير الكتلة النقدية وتطوير عناصر الاقتصاد الوطني وصولا الى تحقيق الاكتفاء الذاتي الذي يتيح للافراد جملة من النشاطات الاقتصادية ويحد من البطالة ويحسن من ظروف العيش..

ولعل أهل الاقتصاد والمهتمين كانو محقين عندما سمو القمح والشعير بالسلع الاستراتيجية فائقة الاهمية لانها تجعل سكان بلد ما ياكلون طعامهم مما تنتجه ارضهم من غير انتظار بواخر محملة بالقمح والشعير والذرة قادمة من بلدان تبعد عنا الاف الاميال وخاضعة لتقلبات الاسعار والمنافسة وقبل هذا وذاك للضغوط السياسية والتهديدات .. كل هذا دار بخاطري وانا اقرأ الخبر السار من جزائر المليون شهيد وأكثر وثورة التحرير الخالدة والتي أمدت اجيالنا منذ الخمسينات والى الان بمعين لا ينضب من عناوين البطولة والتضحية لشعب نازل المستعمر في الجبال والصحراء والوديان والوهاد كما مرت على هذا البلد العربي سنوات عجاف ضلل سوادها سماء الجزائر بمسلسل العنف والتطرف الى ان عادت الجزائر اليوم قوية ومتماسكة كي تبشرنا بانها حققت الاكتفاء الذاتي من انتاج سلعتي القمح والشعير للسنتين القادمتين .. مدير الديوان الحكومي للحبوب في الجزائر ذكر بأن فاتورة استيراد القمح والشعير كانت تصل الى 3 مليارات من الدولارات سنويا واليوم لن تستورد البلد حتى ولا كيلوغرام واحد من الحنطة والشعير بل انها مستعدة للتصدير .. خبر سار ومفرح لمعشر العرب في كل مكان أن يتمكن بلد عربي كبير من تحقيق هذا المنجز بالغ الاهمية وان كان هناك بلد عربي هو سورية نجح هو الآخر بصورة تقريبية في سدة حاجته من القمح على الرغم من تراجع انتاجه بسبب ظروف المناخ وغيرها . أن هذا يدعو الحكومات العربية وجميع الهيئات المسؤولة عن ملف الغذاء الى التحرك بصورة علمية الى تطوير وتنمية كل وسائل وامكانات الاعتماد على الذات لتأمين مخزون الغذاء والطعام الذي نتناوله كل يوم والخبز ورغيفه أمرا هام وحساس ولطالما تداولنا مفردات مكررة عن أزمة الرغيف وثورات الجياع وسواهما .. فالامطار والانهار متوفرة في اغلب بلداننا العربية لكن من يعمل على الاستفادة من مياه الامطار العذبة في سقي حاصلاته الزراعية عبر اقامة السدود وخازنات المياه واستخدام نظم الري الحديثة والتي تعطي ناتجا جيدا بأقل كمية من السقي والمحافظة على استغلال مياه الانهار بطريقة علمية وعدم تركها تمر من امام ناظرينا وتذهب الى المياه المالحة من غير استثمار كل قطرة منها فلن تقوم لنا قائمة من غير تحقيق شروط الامن الغذائي سيما والعالم والباحثين يعلمون ان القرن الحالي سيكون قرن الصراع على المياه وربما الغذاء ومثلما يقال فويل لأمة تأكل مما لا تزرع وتستهلك مما لا تنتج . ان الطعام والمعدات الخاوية هو أس البلاء والمشكلات ومثلما يقول العرب تصبر على الثوب سنين لكن المعدة لا تصبر على الجوع ساعات .. الجزائر تزف لنا خبرا سارا لان الحكومة هناك ادركت اهمية الحافز للمنتجين والفلاحين فأشترت القمح بسعر يزيد بعشرة دولارات للطن الواحد لمصلحة الفلاحين عن السعر الذي تستورده به وهذا ليس خسارة كما يظن البعض اهمية الحدث ان الدولة تنتج طعامها من ارضها وبيدها بعيدا عن الضغوط ونزيف العملة الصعبة بالمليارات الى بلدان اخرى ومن ثم ان توفير اطنان القمح تبقى في الجزائر تنتقل من جيب الى اخر بحسب ما يعلمه رجال الاقتصاد وتعمل على تحقيق اهداف عدة في آن واحد ، أمن غذائي لا يقدر بثمن ودورة اقتصادية نشطة وتبادل اقتصادي داخلي وتوقف تصدير الدولار الى خارج الحدود وتشغيل قطاع عريض من السكان بنشاط مفيد وحيوي .. نحن بحاجة الى ان نسمع اخبارا سارة من بلدان اخرى فالتخطيط السليم والارادة الوطنية وسياسة الحوافز المرتكزة الى برنامج حقيقي وواقعي يستشرف المستقبل عوامل تقود الى النجاح ومبروك لشعب الجزائر الذي صار لاول مرة في تأريخه الحديث يأكل مما تزرعه يده ويحصد منتوجه بمنجله ويبتسم وينشد لارض وطنه المعطاء .

كاتب عراقي

======================

حاخام يهودي يفتي بجواز سرقة زيتون الفلسطينيين..؟

المحامي سفيان الشوا

الدستور

20-10-2010

في الوقت الذي يهرول فيه القيادات الفلسطينيه.. والاسرائليه.. نحو السلام..؟ سواء بمفاوضات مباشره او غير مباشره ..فان حاخاما يهوديا.. يفجر قنبلة من العيار الثقيل.. في وجه كل من يفكر بالمفاوضات..؟ وهو الحاخام ييتي مردخاي..؟ وهو من الحاخامات الجدد.. في اسرائيل الذين يحرضون على العنف والعنصريه والارهاب ..فان اغرب فتوى هي التي صدرت من الحاخام مردخاي..في مستوطنة جلعاد.. الشهر الماضي..؟ فقد اصدر فتوى دينيه.. بجواز سرقة محاصيل الزيتون الفلسطينيه ..؟ صدق او لا تصدق ..؟ فقد سمح هذا الحاخام لليهود.. بقطف ثمار الزيتون.. من مزارع الفلسطينيين وسرقته..؟ بكل وقاحه ..؟ فلقد جاءت اقوال الحاخام في مستوطنة جلعاد.. حيث قال الاتي : - فقد ورد في التوراة.. بلاد الاغيار.. وعمل القوميات يورث.. فما الذي يعنيه ذلك..؟ عندما يملك شخص حقلا.. يملك ارضا .. فاذا اتى شخص وزرع شجرا دون اذن.. من صاحب الارض.. او لم يشاهده صاحب الارض ..او لم ينتبه لفعلته.. او لم يتمكن من منعه..؟ فان صاحب الارض ياتيه عندما يمتلك القوة..؟ ويقول لصاحب الشجرة.. لقد زرعت الارض.. بغير اذني.. الشجرة ستبقى هنا.. والثمار هي لي.. وانت ستذهب من هنا..؟ وحتى البيوت التي بنيتها.. والاشجار والفاكهه.. التي زرعتها هي لي لماذا..؟ لان الارض هي ارضنا..وانت اقمت بيتا على ارضي وزرعت شجرة في ارضي.. فهي لي.. وثمارها ايضا..؟ اذ كل شيء هو ملك لشعب اسرائيل..؟

 

ان هذه اغرب فتوى.. تصدر عن رجل دين.. يفترض فيه ان يدعو الي تهذيب النفس.. وتعويد عباد الله على الاخلاق الحميده..؟ اما عندما نسمع حاخام يهودي.. يفتي بجواز سرقة الزيتون..؟ من مزارع الفلسطينيين.. فهذه اعمال لصوص.. وقطاع طرق.. وليست اخلاق رجال دين..،،

 

ونلاحظ ان الفتوى تشترط ..عندما يمتلك اليهودي القوة.. فانه يحق له الاستيلاء على شجرة الزيتون ..وعلى ثمارها..؟ فان السرقه تشتترط وجود قوة.. مع اليهودي..؟ انهم لصوص وارهابيون ايضا..؟ ويزعمون انهم يريدون السلام ..،،

 

اذا قارنا هذا مع الاسلام الحنيف.. فان الله جلت قدرته ..عندما اراد ان يمدح رسوله الكريم..؟ سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام قال وانك لعلى خلق عظيم ) اما اليهود.. فلهم اسلوب خاص في كل شيء.. ونعتقد ان هذه الفتوى الرخيصة.. ترجع الي ايمان تام.. بما ورد في التلمود..؟ من خرافات.. مثل : - ان الوصيه القائلة لا تسرق ..معناها لا تسرق من اليهود.. اما غير اليهود فالسرقه مسموحه.. منهم بلا خجل او وجل ..؟ فقد قال المؤرخ العالمي بفافركن في هذا الصدد : - ان ممتلكات النصراني ..بالنظر الي اليهودي.. هي ممتلكات لا مالك لها.. مثل رمال البحر..؟ واول يهودي.. يستولي عليها عنوة تكون ملكا له ..؟ فان التلمود نص صراحة على ان جميع خيرات الارض.. هي ملك لبني اسرائيل..، وليس هذا غريبا على اليهود.. فقد سرقوا المصريين عند خروجهم من مصر... بالاحتيال والخديعه ..واخترعوا حجة وهمية ..وهربوا من مصر تحت جنح الظلام.. ومعهم الذهب المسروق ..؟ فلما وصلوا سيناء عمل السامري.. من الذهب المسروق عجلا من ذهب.. يعبده اليهود ..، وعندما عاد سيدنا موسى.. عليه السلام قام بتكسيير العجل ..وقد ذكرت التوراة هذه القصة كاملة... وهي: - فحمل الشعب (اي اليهود)عجينهم قبل ان يختمر.. ومعاجنهم مصرورة في ثيابهم.. على اكتافهم وفعل بنوا اسرائيل قول موسى.. طلبوا من المصريين ..امتعة فضه وامتعة ذهب وثيابا.. واعطى الرب نعمة للشعب.. في عيون المصريين.. حتى اعاروهم.. فسلبوا المصريين (التوراة - سفر الخروج -الاصحاحرقم )12 ان الانسان يجد نفسه في حيرة.. من هذا الشعب.. فان نبيهم يأمرهم بالسرقة.. وان ربهم.. يساعدهم على ذلك..؟ وكتابهم المقدس يروى ذلك..؟ وكأن السرقة والاحتيال من المثل العلياوالقيم العظيمة عندهم من قديم الزمان..؟ طبعا نحن نقول.. ان التوراة محرفة.. وقد كتبها الحاخامات بايديهم...؟ الا انهم ينكرون ذلك ..ويصرون على ان التوراة.. هي الكتاب المقدس.. فنأخذهم بأقوالهم ..؟

 

اذن لا نستغرب فتوى الحاخام مردخاي ..بسرقة زيتون الفلسطينيين ..؟ وغدا سوف نسمع فتوى ثانية .. بسرقة زيتون الاردنيين والسوريين.. وكل الشعوب العربيه..؟ ربما تكون هذه صرخه ..كي يستيقظ العرب..؟ ويتحدوا في مواجهة عدو بدون اخلاق . .؟ عدو قال منذ مدة من النيل الى الفرات حدودك يا اسرائيل ..؟وهذا يؤكده الخطان المرسومان على العلم الاسرائيلي.. فهم يقصدون بالخط الاعلى.. نهر النيل..؟ وبالخط الاسفل نهر الفرات..؟ واما الارض.. التي بينهما فهي ملك لاسرائيل.... لا سمح الله...!!

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ