ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 14/10/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

ليو شياوبو وجائزة نوبل وأنصاره

رونالد كيربس

13-10-2010

الشرق الاوسط

مرة أخرى، اختارت اللجنة المسؤولة عن جائزة نوبل للسلام منح الجائزة إلى معارض يعاني منذ وقت طويل داخل نظام حاكم لا يسمح بأي معارضة. ومرة أخرى، أثنى ذوو الفكر السليم في مختلف أنحاء العالم، ومن بينهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الحاصل على جائزة نوبل للسلام العام الماضي، على اللجنة بسبب خيارها المثير. ومرة أخرى، يأمل نشطاء أن تحدث الجائزة فارقا بالنسبة إلى المعارض وإلى الحركة الديمقراطية داخل بلده ولقضية حقوق الإنسان. ومرة أخرى، سيكونون مخطئين.

المعارض الذي اختير هذا العام هو ليو شياوبو. وتقول اللجنة إن ليو «أبرز رمز» للنضال من أجل حقوق الإنسان داخل الصين، فهو المؤلف الرئيسي ل«ميثاق 08»، وشخص بارز في حركة الديمقراطية الصينية منذ عمليات القتل في ساحة تيانانمن عام 1989، وتعرض ليو للسجن أكثر من مرة. وقد كان لالتزامه بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان تكلفة شخصية كبيرة. ولذا، فهو يستحق إعجابنا واعترافا دوليا بالتضحيات والإنجازات التي حققها.

ولكن، هل كان يريد جائزة نوبل؟ وهل كان يريد الناشطون المدافعون عن الديمقراطية وحقوق الإنسان داخل الصين له أن يحصل عليها؟ بالتأكيد، تعتقد منظمة العفو الدولية ذلك، وقال نائب مدير المنظمة لمنطقة آسيا والمحيط الهادي كاثرين بابر: «يستحق ليو شياوبو جائزة نوبل للسلام». وأضافت: «نأمل أن تبقى ضوءا على النضال من أجل الحريات الأساسية وحماية حقوق الإنسان، التي كرس ليو مع الكثير من الناشطين الآخرين في الصين، أنفسهم لها».

ومن بين آخرين كثر يوافقون على ذلك، حكومات دول أوروبية كبرى، ورئيسا المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي ورئيس منظمة «فريدوم هاوس». وتأمل زوجة ليو أن تساعد هذه الجائزة على إطلاق سراح زوجها من السجن.

ولكن، لا يوجد ما يبرر هذا النوع من الحماس تجاه جائزة العام الحالي، فإعطاء جائزة نوبل للسلام إلى شخص مثل ليو لا يعد حدثا نادرا. وفي معرض بحثي عن الجائزة، وجدت أن منح جوائز بهدف تعزيز مقدار أكبر من الحرية داخل أنظمة حاكمة قمعية يكثر بصورة متزايدة منذ منتصف السبعينات. وفي الفترة من 1901 وحتى 1975، منحت جائزة نوبل للسلام ثلاث مرات لهذا الغرض. ولكن منذ 1976 حدث ذلك 10 مرات.

ولكن، مما يؤسف له أن الإحصاء في هذه الحالات ليس مشجعا بالقدر الكافي، فالأنظمة الاستبدادية تهتم بالمحافظة على قبضتها على السلطة أكثر من إرضاء المجتمع الدولي. وعلى الرغم من أن بيان لجنة الجائزة عتب على الصينيين قائلا: إن «وضعية الصين الجديدة» كقوة عالمية «تستلزم مسؤولية أكبر» لسلوكها في الداخل، فإنه من غير المحتمل أن تلتزم بكين بذلك. وفي الأغلب تبدو الأنظمة الاستبدادية وكأنها تخشى الجائزة، مما يدفعها إلى الهجوم عليها. ولم تكن الصين النظام الوحيد الذي يهدد بتبعات ضد النرويج، لأنها منحت الجائزة إلى «مخرب».

وعلى الرغم من أن النشطاء المحليين يشعرون عادة بالرضا لاهتمام لجنة نوبل، وفي بعض الأحيان يكثرون من نشاطاتهم الاحتجاجية، فإن رد الفعل هذا غير حكيم. ففي الماضي، كانت الدول القوية والمضغوطة تتخذ إجراءات أشد على المعارضة الداخلية في أعقاب منح جائزة نوبل للسلام، بدلا من الإذعان للجنة نوبل.

وهذا هو الدرس المستخلص من منح الجائزة إلى الدالاي لاما من التيبت (عام 1989)، وأونغ سان سو كيي من بورما (1991)، وشيرين عبادي الإيرانية (2003). وبالطبع فإنه لا يمكن أن تسوء الأوضاع أكثر بالنسبة لليو، الذي يقضي بالفعل حكما بالسجن 11 عاما. ولكنها يمكن أن تسوء بالنسبة إلى الحركة الديمقراطية الصينية المحاصرة.

ربما يرفض الواقعيون جائزة نوبل للسلام كجائزة لا تقدم شيئا سوى إسعاد قلوب الخيرين الليبراليين. وهذا شيء حقيقي في الكثير من الأحيان. ولكن ذوي النوايا الحسنة داخل لجنة جائزة نوبل كرسوا أنفسهم خلال العقود الثلاثة الماضية لتعزيز التغيير داخل الأنظمة الاستبدادية. وفي هذه الحالات، تصبح جائزة نوبل بالفعل شيئا مناسبا.

أجمل التهاني يا ليو. وليحترس الفائز.

* أستاذ العلوم السياسية المشارك بجامعة مينيسوتا

** خدمة «واشنطن بوست»

=======================

يهودية الدولة.. ومهمة طرد "الغزاة الفلسطينيين"!

المستقبل - الاربعاء 13 تشرين الأول 2010

العدد 3799 - رأي و فكر - صفحة 19

ماجد الشّيخ

في مفاوضات "يهودية الدولة" الجارية فصولا، منذ أوائل شهر أيلول (سبتمبر)، تتعدّد سرديات التفاوض؛ المتبادلة أحيانا، والأحادية في أحايين أخرى، بينما "المباشرة" فيها لم تتعدّ الظهور الإعلامي، فيما قضايا التفاوض الست، تترنح على طاولة لا تستقيم أرجلها على أرض ثابتة، بقدر ما أرادها الأميركيون ويريدونها أكثر براغماتية، لتخدم مصالحهم أو مصلحتهم المباشرة في استعادة علاقاتهم الطبيعية الجوهرية بحكومة نتانياهو.

إن مفاوضات تتجاوز كافة المرجعيات الوطنية (فلسطينيا) والدولية (الشرعية الدولية)، لا يمكنها أن تبلغ سوية المفاوضات الندية بين طرفين تتقارب قوة كل منهما، في حدود توازن نسبي، لا يميل ميلانا راجحا لمن يمتلك القوة العدوانية، والصلف الاحتلالي، والعنجهية الاستعمارية الإحلالية، كما هو حال إسرائيل وموقعها الوظيفي في مخطط الهيمنة الكولونيالية، مفاوضات كهذه لا تتعدى كونها إسماع الطرف الفلسطيني، مجموع الإملاءات التي تتناسب ومشروع إعلان "يهودية الدولة"، في ذات الوقت الذي تؤكد الولايات المتحدة دعمها هذا المشروع، أو على الأقل عدم اعتراضها عليه، كونه يلبي مصالح وتطلعات إستراتيجية في إطار "الشرق الأوسط الجديد" أو الكبير، الساعية إلى بنائه منذ سنوات طويلة، ولو بالقوة العسكرية، منذ حرب لبنان الثانية عام 2006. وها هي تتابعه وترعاه ديبلوماسيا وعبر طرق وأساليب شتى، يقع في جوهرها، أو في القلب منها محاولة ترتيب أوضاع المنطقة في المشرق والخليج العربي والجزيرة العربية، خاصة في ضوء تداعيات انسحابها من العراق، ومحاولتها اقتسام كعكة الهيمنة والنفوذ مع طهران في لحظة مستقبلية قادمة دون شك.

على هذه الخلفية، فإن "حلم" تحقيق تسوية إسرائيلية فلسطينية، لا يمتلك رصيدا كافيا لإنجازها، هذا "الحلم" الأميركي الطابع الذي جسدته الدعوة إلى المفاوضات المباشرة، وإن جرى استغلاله إسرائيليا لمقاربة مشروع "يهودية الدولة"، فلأن موازين القوى الراهنة تتيح لحكومة ائتلاف اليمين المتطرف إمكانية إجراء هذه المقاربة، من دون ضمان نجاحها، رغم الوضع الذاتي السيئ والهش الذي يعيشه الفلسطينيون؛ سلطة وشعبا وفصائل على اختلاف أطيافها، داخلا وشتاتا؛ فما تريده حكومة نتانياهو في حلقة التفاوض الراهنة، لا يستطيع المفاوض الفلسطيني تأمينه بالنيابة عن الذات الجماعية والمجتمعية للشعب الفلسطيني.

إن ما يؤشر إلى أن الوضع الفلسطيني في أسوأ حالاته، ولا يمكن للجولة التفاوضية الراهنة التي دعي إليها بالإكراه، أن تبلغ سوية الحد الأدنى من النجاح، بتأمين طلبات الطرف الإسرائيلي المغالي في تشديده على ضرورة منحه الضوء الأخضر للمضي في إنجاز مشروع "يهودية الدولة" أولا، قبل الدخول في زحمة معالجة قضايا المفاوضات الست، وأولها الترتيبات الأمنية، وتوفرها على صيانة الأمن الإسرائيلي أولا؛ إن مثل هذا الوضع الأكثر سوءا من سوءات سابقة اكتنفت كل مراحل المفاوضات التي أعقبت أوسلو، وإذ يتعرض للمزيد من اقتسامه وتقاسمه على مذبح المزيد من التدخلات الإقليمية والدولية الضارة، لا يمكنه أن ينجح في معركة إدارة المفاوضات، في وقت يجري فيه تجاهل إدارة معركة القدس وهبّاتها المتناثرة، الجارية بالتقسيط على خلفية محاولات استكمال تهويد وأسرلة القدس، مقدمة لإخراجها من دائرة التفاوض.

وما يجري على الأرض عمليا من جانب الحكومة الإسرائيلية ومستوطنيها، في كامل المواقع الفلسطينية التي يراد استكمال تهويدها وأسرلتها؛ من عكا إلى الرملة ومن النقب حتى القدس، إلى جانب ما أضحى مفروغا منه، لجهة الحفاظ على الكتل الاستيطانية الكبرى التي تحولت أو يأمل الإسرائيليون في تحويلها إلى نطاق جغرافي وديموغرافي يهودي، يتبع "دولة يهودية" لا حدود لها، وإن تكن في نطاق كامل أراضي فلسطين التاريخية؛ وإن اضطروا للموافقة نظريا على إقامة دويلة فلسطينية بلا سيادة، ومنزوعة السلاح، وبلا حدود خارجية مع الأردن، فلكي تكون حلا لترانسفير مقنّع يخص مواطني العام 1948، بحيث يجري ترحيلهم من مناطق أصبحت وعلى امتداد أكثر من ستين عاما ذات أغلبية يهودية، إلى مناطق تخضع لإشراف السلطة الفلسطينية، حيث وجود الأقليات ممكن في دولة بلا ملامح، ولا عقد للمواطنة يمكن أن يلزمها بضم مواطنين تابعين لها، أو حتى من غير مواطنيها كالأقليات اليهودية المتصادمة مع المشروع الصهيوني، أو حتى بعض كتل إستيطانية يمكن أن يجري مقايضتها بوجود القليل من مواطني العام 1948، كأقلية غير متماسكة، ومتناثرة لا تجمعها جامعة الهوية الوطنية؛ بحيث يمكن للكتل الاستيطانية التي ستبقى تحت حكم السلطة الفلسطينية أن تتحول مع الوقت، إلى "مسمار جحا يهودية الدولة"، الملزمة غدا، وبتشريع من الكنيست، باسترداد مواطنيها و"ممتلكاتهم" ومناطق سكناهم من أيدي "الغزاة الفلسطينيين".

وبذا، ومن جراء الوضع الفلسطيني الداخلي والإقليمي والدولي، المساند والراعي لكيان إسرائيل الوظيفي في بلادنا، لم يبق أمام مشروع "يهودية الدولة" إلاّ أن يقوم المفاوض الإسرائيلي؛ بالمناورة أو بالمباشرة، عبر المفاوضات وبغيرها، بهندسة تواجدها فوق أرض فلسطين التاريخية، بينما يُمنع المفاوض الفلسطيني ومن خلفه الحركة الوطنية الفلسطينية بكامل أقسامها، حتى من قبل الأشقاء، من هندسة وجوده فوق تراب وطنه التاريخي، بل يُفرض عليه القبول بدويلة تتسع أيضا ليهود، بينما لا يُراد ل "دولة اليهود" أن تُبقي مواطنين أصلانيين في وطنهم وعلى أرضهم وأرض أجداد أجدادهم عبر آلاف السنين. فأي معادلة هي تلك التي تحتمل إمكانية أن تكون دولة ما ديمقراطية، فيما هي تنزع منزعا عنصريا وفاشيا في رؤيتها للأغيار؟

وفي المقابل، إن من يرفض حلا ديمقراطيا وعلمانيا للمسألة الفلسطينية، عليه أن يواجه "يهودية الدولة" بتشكيلة واسعة من النضالات؛ الديمقراطية، كما المسلحة، وبكامل أساليب وخيارات الكفاح الشعبي، أما استطراد الحلول الدينية والعنصرية والإيمان بها وإحلالها المرجعية الأولى والأخيرة للصراع مع الحركة الصهيونية، فهو ما لا يقود إلاّ إلى إنتاج كارثة جديدة، ونكبات متجددة بحق شعب آن له أن ينتج ويبلور قيادة تاريخية مسؤولة من بين صفوفه، تقود كفاحه الموحّد وفق برامج موحدة عامة وخاصة، تأخذ بعين الاعتبار أماكن تواجده في كامل مساحة الوطن؛ من الجليل شمالا حتى أقصى الجنوب، ومن البحر وحتى نهر الأردن، وفي المنافي القريبة والبعيدة، وذلك حتى يمكن لمواجهة "يهودية الدولة" أن تكون ناجعة؛ نجاعة الكفاح التحريري الوطني لشعب موحد.

=======================

بين جنوب السودان وتيمور الشرقية

الاربعاء, 13 أكتوبر 2010

رضوان زيادة *

الحياة

يدور الكثير من الجدل حول الاستفتاء في كانون الثاني (يناير) القادم الذي سيحدد مصير جنوب السودان، وبقاءه كجزء من السودان الموحد أو انفصاله وهو الاحتمال الأرجح.

عدت أخيراً من زيارة إلى الخرطوم للإطلاع على الأجواء المحتدمة هناك بسبب الاستفتاء المقبل، وكما هي حال بقية الدول العربية من دون استثناء لجهة عدم الاهتمام أو اللامبالاة تجاه الشأن العام فإن قضية الاستفتاء أو الانفصال لا يبدو انها تشغل الكثير من المواطنين في الشمال. إنها محل صراع سياسي بين قادة الأحزاب السياسية والنخبة الحاكمة، لكنها وعلى رغم مصيريتها لجهة اقتطاع جزء من الأرض فإن الإنهاك الاقتصادي وتردي سوء الحالة المعيشية تجعل الهم اليومي يسيطر على تفكير المواطنين ومشاغلهم. اللهم إلا لافتة قديمة في أحد شوارع العاصمة تدعو إلى التعاون حتى ولو أدى الاستفتاء إلى الانفصال.

يبدو أن التحدي الرئيسي المستقبلي امام السودان بشماله وجنوبه هو التنمية، فالشمال في حالة يرثى لها في ما يتعلق بغياب البنى التحتية (لا يوجد صرف صحي في العاصمة نفسها) وانهيار الخدمات الأساسية من حيث المياه النظيفة الصالحة للشرب والمواصلات وغير ذلك. إن مظاهر دولة أفريقية بائسة وفقيرة يبدو معلماً واضحاً لدى زائر الخرطوم من أول خطواته في المطار. ويترافق ذلك مع فقدان الحد الأدنى من القدرة على جلب استثمارات تنموية رائدة قادرة على وضع التنمية في السودان على السكة الصحيحة، حيث أن العقوبات الأميركية ثؤثر في شكل كبير على الاستثمارات الأجنبية والأهم انعدام البيئة القانونية والضمانات اللازمة لهذه الاستثمارات. وأعتقد أن هناك وهماً يسيطر على الكثير من الأنظمة العربية التي تعتقد أنه بمجرد تعديل القوانين وإقرار قوانين جاذبة للاستثمارات تقوم على الإعفاءات الضريبية فإن الاستثمارات العربية والأجنبية ستهرع إليها، من دون إدراك أن تقدير البيئة المناسبة للاستثمار يعتمد في شكل رئيسي على استقلال القضاء بما يضمن للمستثمر حقوقه (رأس المال جبان دوماً كما يقال)، وثانياً وجود البنية التحتية التي يجب أن تقوم بها الدولة والتي من شأنها أن تخفف العبء عن المستثمر وتشجعه على القدوم بسبب انخفاض الكلفة، ولا ننسى أن العالم يقوم على التنافسية، فرأس المال الذي لن يذهب إلى السودان أو غيرها من الدول العربية سيكون أمامه أكثر من 180 دولة للاستثمار فيها.

يضاف إلى ذلك كله أن انعدام موارد الدولة أو غياب مصادر الثروة الطبيعية لا يبرر بأي حال من الأحوال انعدام التنمية، فعدد الدول التي حققت قفزة نمو هائلة من دون ثروات طبيعية يفوق العشرات وأولها دول جنوب شرقي آسيا كسنغافورة وكوريا الجنوبية وغيرها، وهنا تأتي أهمية ما يسمى القيادة السياسية، المسؤولة ليس فقط عن تشجيع الاستثمارات عبر القوانين وإنما عن البحث عن مصادر دعم للدولة من أجل تنمية وتأمين البنية التحتية الملائمة.

إن كل هذه الشروط افتقدها السودان لزمن طويل ولذلك من الطبيعي أن يحصد اليوم ثمار سنوات من الحروب والنزاعات الأهلية وانعدام البوصلة باتجاه تنمية حقيقية، فإذا قدرنا هذا الوضع في الشمال فإن علينا أن نضربه بمئة حتى نتخيل الوضع في الجنوب، إذ لا وجود لطرقات اسفلتية أو الحد الأدنى من البنى التحتية التي من دونها لا معنى لوجود الدولة.

تقول التقديرات أن جنوب السودان يحتاج على الأقل إلى ما يفوق 110 بلايين دولار حتى يستطيع أن يبني المنشآت الأساسية التي من شأن الدولة أن تقوم عليها ومن أجل تلبية الحاجات الأساسية للسكان، وليس للمجتمع الدولي خطة واضحة حول كيف يمكن لجنوب السودان أن يقوم بمؤسساته مع توفر ما لا يزيد عن عشرة بلايين من الدولارات فقط، ولذلك فإن خيار الانفصال، على رغم أنه يبدو جاذباً للجنوبيين، إلا أنهم سيصحون على الحقيقة المرة بعد سنوات بعد أن يخف اهتمام المجتمع الدولي ويتركون لمصيرهم، كما حدث تماماً مع تيمور الشرقية التي استطاعت الاستقلال عن أندونيسيا بعد صراع طويل من أجل الاستقلال انتهى بقرار من مجلس الأمن وتدخل أممي واسع ودعم من القوى الغربية جعل الاستقلال حقيقة قائمة. لكن وبعد سنوات من خفوت الاهتمام وعدم وصول المساعدات الموعودة وانخفاض معدل دخل الفرد في تيمور الشرقية عن نظيره في أندونيسيا وتحقيق أندونيسيا معدلات نمو لا بأس بها واستقرارها السياسي على طريق التحول الديموقراطي، كل ذلك جعل سكان تيمور الشرقية يفكرون مجدداً في معنى استقلال الدولة على رغم شرعيتها الكاملة بنظرهم قانونياً ودينياً وسياسياً، لكن يبقى تحدي انعدام التنمية الاقتصادية هو ما يؤثر على المواطنين وقرارهم.

هل من الممكن أن يلقى الجنوب السوداني المصير نفسه؟ هذا برأيي الاحتمال الأرجح مع فارق أن تيمور الشرقية امتلكت نخبة متعلمة بحكم صلاتها السابقة مع هولندا والبرتغال المستعمر السابق، وهو ما لا نجده في جنوب السودان الذي تعلمت معظم نخبه في الشمال.

ويبقى في النهاية أن نشير إلى الدور الأميركي الذي تحول من إطار يسعى إلى الحفاظ على وحدة السودان إلى داعم لانفصال الجنوب لأسباب دينية وسياسية وعلى أمل أن الانفصال سيكون أفضل خيار لفكرة الاستقرار ومنع تجدد الحروب الأهلية. وبالتالي انتقل الموقف الأميركي من الخوف من تكرار شكل جديد للدول الفاشلة كما في الصومال واليمن تقريباً إلى مقتنع أن الانفصال ربما يحمي الاستقرار أكثر من وحدة هشة لا اعتبارات تاريخية أو سياسية لها، فقط لمجرد أن المستعمر البريطاني وضع خريطة السودان كما يشاء من دون أي إدراك لمحددات اثنية أو قبيلية أو سياسية، وبالتالي فالسودان بشقيه لم يكن دولة – أمة حتى نعتبر أن الانفصال هو انشقاق عن هذه الفكرة بقدر ما كان تجمعاً هشاً لاثنيات متفرقة لم يستطع قيام الدولة الحديثة أن يحميها، فانفراط العقد كان مسألة وقت، وها هو الوقت قد حان.

* باحث في معهد دراسات الشرق الأوسط – جامعة جورج واشنطن

=======================

حرب رقمية غير معلنة على إيران

الاربعاء, 13 أكتوبر 2010

جدعون راشمان *

الحياة

في الأشهر الأخيرة، لم يشتد القلق بالمسؤولين الغربيين من برنامج ايران النووي، على رغم أنهم لا ينظرون بعين الرضى الى حيازة ايران القنبلة النووية. ولعل طمأنينة قادة الغرب مردها الى ما قاله أحدهم: «خطونا خطوات ناجحة على طريق تعطيل مشروعهم (النووي)». وفي الأسبوع الماضي، بلغ وسائل الإعلام خبر اصابة اجهزة كمبيوتر القطاع الصناعي الإيراني بفيروس، واشتكت الحكومة الإيرانية من تعرضها ل «حرب الكترونية». ففيروس «ستاكسنت» أصاب أكثر من 30 ألف كمبيوتر بإيران. وأثر الفيروس في مشروع ايران النووي غامض. ولكن خبراء الكمبيوتر يرون أن إطلاق فيروس مركب ومعقد مثل «ستاكسنت» يحتاج الى قدرات حكومية. وتحوم الشبهات حول اسرائيل. ولكن ثمة أجهزة استخبارات كثيرة تسعى في عرقلة المشروع النووي الإيراني. وفي 2010، أنشأت الولايات المتحدة وحدة رقمية لحماية شبكاتها الإلكترونية من الهجمات.

والهجمات الرقمية هي فأل خير وعلامة شؤم، في آن. فمثل هذه الهجمات يسعها تعطيل قدرات العدو أو الخصم العسكرية والصناعية من غير خسائر بشرية ومادية كبيرة. ولكن مسؤولين غربيين لا يخفون قلقهم من ضعف دفاعاتهم الإلكترونية. فالهجمات الإلكترونية هي سيف ذو حديّن يسع الخصوم أو القراصنة الإلكترونيون استلاله ساعة يشاؤون.

وإلى حين وقوع هجمات «ستاكسنت»، كانت الهجمات الرقمية على استونيا، في 2007، هي الأبرز. ويومها، وأثناء نزاع «عاطفي» على الذاكرة مع روسيا، لم يستطع الأستونيون اختراق شبكة الإنترنت. وفي 2003، رصد البنتاغون سلسلة هجمات الكترونية تعرضت لها مواقع اميركية حكومية حملت اسم «تايتن راين». ويومها، وجهت واشنطن أصابع الاتهام الى الصين.

والهجمات الإلكترونية الصينية والإيرانية والإستونية هي، الى اليوم، متواضعة الأثر، ولا ترقى الى حرب رقمية شعواء. ويُحذّر عدد من المحللين الغربيين من اندلاع مثل هذه الحرب، وأبرزهم ريتشارد كلارك مسؤول مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض الذي دق ناقوس الخطر محذراً من هجمات ال «قاعدة» قبل حوادث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر). ويُنبّه كلارك الى مخاطر شن هجوم قوي يعطل شبكة الكهرباء على ساحل الولايات المتحدة الشرقي وشبكة البريد الإلكتروني وعمليات ضبط الملاحة الجوّية، ويُغلق المصارف، ويخرّب نظام دفع الأموال الإلكتروني.

ويدعو خبراء عسكريون الى إنشاء جهاز دولي لتنظيم العالم الرقمي. ويقارن بعضهم بين الحرب الرقمية وعهد صناعة الأسلحة النووية الأولى، قبل ابرام اتفاقات الحد من انتشار سلاح الدمار الشامل والرقابة عليه.

والحق أن الخطر الرقمي مستجد وطارئ. ولم يُتعارف بَعد على معايير تحديد قوة الهجمات وسُبل الرد عليها. ولكن المقارنة بسباق التسلح النووي ليست في محلها. فهي تُطمئن المخاوف، في وقت لا شيء يبعث على الطمأنينة. وأدوات الهجوم الرقمي هي في متناول أي كان في المتاجر العادية، على خلاف الأسلحة النووية، وهذه تحوزها دول ولم تستخدم منذ 1945. وقد تكون غرفة نوم مقر قيادة الهجوم.

وفي العام الماضي، اخترق غاري ماكّينون، وهو شاب بريطاني يعاني من التوحد، شبكة كمبيوتر البنتاغون حين كان يبحث على الشبكة عن معلومات تتناول الصحون الطائرة. ويطالب الأميركيون السلطات البريطانية بتسليمهم ماكّينون. وتقض أجهزة الاستخبارات الأجنبية ويقض أمثال هذا الشاب المتوحد مضاجع المؤسسة العسكرية الأميركية.

ولكن هل يُذلل الخطر الإرهابي من طريق انشاء شبكة تنظيم دولية؟ ففي الأعوام الأخيرة، كانت روسيا والصين من أبرز الداعين الى اتفاقات دولية جديدة لتنظيم الحيّز الرقمي. وتتردد القوى الغربية الكبرى في النزول على طلب بكين وموسكو. فهم يطعنون في النوايا الروسية والصينية. وهم ليسوا على يقين من امكان ضبط العالم الرقمي. ويبدو أن أميركا مطمئنة الى مكانتها في العالم الرقمي. فقدراتها التقنية الأمنية المتطورة على وقع مستجدات الأبحاث الدقيقة لا يستهان بها. ولا تتوانى دوائر الحكومة الصينية عن استخدام برامج الكترونية مقرصنة. والبرامج هذه هي موطن ضعف يتهدد أنظمة الحكومة الصينية الرقمية.

* معلّق، عن «فايننشال تايمز» البريطانية، 5/10/2010، اعداد منال نحاس

=======================

13 تشرين 1990... 13 تشرين 2010 إنها الأداة نفسها!

خيرالله خيرالله

الرأي العام

13-10-2010

في الثالث عشر من تشرين الاول- اكتوبر 1990، دخل الجيش السوري الى قصر بعبدا الرئاسي في لبنان بعد فرار رئيس الحكومة الموقتة النائب الحالي ميشال عون الى بيت السفير الفرنسي الواقع في منطقة لا تبعد كثيرا عن القصر. كانت تلك المرة الاولى منذ تحول لبنان دولة مستقلة التي يدخل فيها جيش اجنبي قصر الرئاسة. دخل السوريون في الوقت ذاته الى وزارة الدفاع اللبنانية في اليرزة التي لا تبعد كثيرا عن قصر الرئاسة بعد حصولهم على ضوء اخضر اميركي سمح لهم باستخدام سلاح الجوّ فوق الاراضي اللبنانية. لم يكن الامر مجرد صدفة. كان مطلوبا عقد صفقة اميركية مع دمشق التي انضمت الى التحالف الدولي الذي اخرج العراق من الكويت وسمح لبلد صغير مسالم في استعادة حريته وسيادته واستقلاله. دفع لبنان غاليا ثمن الانضمام السوري الى التحالف العربي والدولي الذي تكفل بتحرير الكويت من براثن النظام العائلي- البعثي الذي اقامه ذلك الغبي الذي اسمه صدّام حسين الذي اختار دعم ميشال عون في لبنان.

طوى الدخول السوري الى قصر بعبدا ووزارة الدفاع صفحة من تاريخ لبنان الحديث. كانت تلك المرة الاولى التي يفقد فيها لبنان سيادته على كل قطعة من ارضه. لم يعد هناك متر مربع من الارض اللبنانية خارج السيطرة السورية. لم يعد هناك سياسي لبناني قادر على ان يقول لا لدمشق التي استطاعت في تلك اللحظة تنفيذ انقلابها على اتفاق الطائف عن طريق تحويله من اتفاق عربي- دولي الى اتفاق يخدم المصالح والاطماع السورية في لبنان. ليس هناك بالطبع من يستطيع انكار ان لسورية، بغض النظر عن النظام فيها، مصالح معينة مشروعة في لبنان يمكن ان تخدم مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، لكن ما لا يمكن القبول به وجود رغبة في الهيمنة يمارسها بلد ذو نظام متخلف على كل الصعد على بلد آخر يمتلك بعض الجوانب الايجابية اكان ذلك من الناحية السياسية او الاقتصادية او التربوية. استطاع لبنان على الاقل ان يكون ملجأ للطبقتين المتوسطة والغنية في سورية اللتين فرتا من البلد بثرواتهما وقدراتهما البشرية التي لا تقدر بثمن اثر النكبات التي حلت بالبلد منذ العام 1958 حين بدأ التدهور يطول كل قطاعات المجتمع السوري بدءا بالاقتصاد وانتهاء بالحياة السياسية. بقيت سورية حتى العام 1958 تمثل تجربة رائدة في هذا المجال على الرغم من الانقلابات العسكرية التي استهدفت القضاء على الديموقراطية والتعددية السياسية وعلى كل ما له علاقة من قريب او بعيد بالحضارة والثقافة والرقي في البلد.

في الثالث عشر من تشرين الاول- اكتوبر 2010 اتى الى لبنان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في زيارة رسمية. لا يمكن الا الترحيب بمحمود احمدي نجاد في لبنان في حال التزم اصول الضيافة والاصول المتبعة بين الدول المستقلة. المشكلة في النهاية ليست في الزيارة الرسمية بمقدار ما ان الزيارة تعبير عن رغبة في توجيه رسالة فحواها ان النفوذ الايراني في لبنان بات اقوى من اي نفوذ آخر، بما في ذلك النفوذ السوري، وان في استطاعة ايران التي ترسل اسلحة الى لبنان قدر ما تشاء ولديها ميليشيا خاصة بها قادرة على احتلال بيروت في غضون ساعات، ان تفعل ما تريده بالبلد وان تضع يدها عليه في الساعة التي تناسبها. اظهرت زيارة محمود احمدي نجاد ان لبنان ورقة ايرانية لا اكثر وان النجاح الذي حققته طهران في الوطن الصغير يتمثل في تحويله الى رأس حربة للنفوذ الايراني على شاطئ المتوسط في ظل حال من السبات يعاني منها العرب من المحيط الى الخليج.

ما الذي يجمع بين الثالث عشر من تشرين الاول 1990 والثالث عشر من تشرين الاول 2010. في الحالين، الحال السورية والحال الايرانية، كانت الاداة المستخدمة لوضع اليد على البلد واحدة. اسم هذه الاداة شخص اسمه ميشال عون لا يعرف سوى لعب الدور المرسوم له باتقان قلّ نظيره. في العام 1990 تمترس في قصر بعبدا ومنع الرئيس المنتخب الشهيد رينيه معوض من دخول القصر. لم يقبل اخلاء القصر، متخليا في الوقت ذاته عن الجنود الذين دافعوا عنه وعن محيطه، الا بعدما دمر المنطقة المسيحية مستعينا بحلفاء سورية وعملائها الذين احضروا له كل ما يحتاجه من ذخيرة لمتابعة حربه على «القوات اللبنانية» التي كانت لا تزال ميليشيا. لم تكن حرب ميشال عون وقتذاك على «القوات». كانت حربا على المسيحيين ومناطقهم بهدف تهجير اكبر عدد منهم من البلد. وكانت حربا على المسلمين عن طريق قصف مناطقهم بهدف زيادة الشرخ الطائفي في البلد ودفعهم اكثر في اتجاه النظام السوري. في النهاية، لم يفهم ميشال عون شيئا عن التوازنات الاقليمية والتحولات التي تشهدها المنطقة. قامر حتى النهاية، فدفع لبنان، ولا يزال يدفع، ثمنا غاليا لتصرفاته الهوجاء...التي احسن النظام السوري توظيفها في خدمة مصالحه.

في السنة 2010 تستمر الاداة المفضلة، سابقا، لدى السوريين في لعب الدور المطلوب منها. لكنها تضع نفسها في خدمة الاطماع الايرانية هذه المرة. هناك قائد سابق للجيش يبرر وجود ميليشيا مسلحة مذهبية في البلد تسيطر على مناطق بكاملها وتضرب عرض الحائط بكل ما له علاقة بالسيادة اللبنانية... هناك قائد سابق للجيش تنكر في العام 1990 لجنوده الذين سقطوا في محيط قصر بعبدا ووزارة الدفاع ويتنكر في السنة 2010 لمؤسسات الدولة اللبنانية كلها.

في المرتين، اخطأ ميشال عون في حساباته الداخلية والاقليمية. ولكن في المرتين دفع لبنان واللبنانيون غاليا ثمن الدور الذي لعبه ولا يزال يلعبه في خدمة كل من يريد وضع يده على الوطن الصغير وتهجير اللبنانيين من ارضهم!

=======================

أزمة لبنان

آخر تحديث:الأربعاء ,13/10/2010

ميشيل كيلو

الخليج

يضرب متابعو أزمة لبنان أخماساً بأسداس، وهم يحاولون معرفة الأسباب التي فجرتها بصورة بدت مباغتة بين تياري 8 آذار و 14 آذار، المرتبطين بنسقين إقليميين متباينين يتبنيان توجهات مختلفة حيال المسائل المطروحة على الساحات الدولية والعربية واللبنانية، يجد أحدهما نفسه في موقف دفاعي، بينما يمارس الثاني هجوماً استراتيجياً ويعتقد أن مكاسبه ستتعاظم بقدر ما يديم المعركة، ويستغل تفوقه التكتيكي فيها .

 

ومثلما يحدث في حالات كهذه، يتطلع الضعيف إلى هدنة يلتقط خلالها أنفاسه ويحسّن مواقعه، في حين يرفض القوي منحه أية فرصة للاستراحة، ويلقي بأوراقه واحدة بعد أخرى على طاولة اللعب، مركزاً نظره عليه لمعرفة ردود فعله واكتشاف نقاط ضعفه، والحصول على مزيد من التنازلات منه، أو على إنزال هزيمة نهائية به .

 

يعرف متابعو الشأن اللبناني هذا كله . ما يحيرهم هو الهدف من الأزمة الناشبة اليوم، التي يعتقد كثيرون منهم أنها بلا مبرر أو مسوغ كاف أو حقيقي، بما أنه سبق لحزب الله أن وافق على المحكمة الدولية خلال جلسات الحوار الوطني، وأيد السعي إلى كشف قتلة رئيس وزراء لبنان الأسبق ومعاقبتهم . يجهل أصحاب هذا الرأي سبب الأزمة، مع أن نائبين في البرلمان اللبناني عن حزب الله، هما نواف الموسوي ومحمد رعد، ترعا مرتين متتاليتين خلال خمسة عشر يوماً بالإفصاح عن أهداف حزبهما، حين قال الأول إن المعركة الحقيقية تدور حول تصحيح موقع لبنان من المنطقة وسياساتها ودولها، وكرر الثاني الكلام عينه يوم السادس من الشهر الحالي في مقابلة مع جريدة “السفير”، قبل أسبوع من زيارة الرئيس نجاد إلى لبنان، فكأنه أراد إعادة إخبار الجميع بصحة ودقة ما قاله الموسوي، وأن يذكّر بهذا الهدف من قد يكون نسيه أو لم يفهم معانيه ومدلولاته، وظن أن المعركة الدائرة تقتصر على المحكمة الدولية وشهود الزور، وأن المسائل بين التيارين يمكن أن تسوى بالتخلي عنهما، أو أنها قابلة لتسويات ما، تخرج عن هذا الإطار . قال النائب رعد: إن الخلاف في لبنان لا يدور حول مسائل داخلية، بل يستهدف تصحيح موقع لبنان في صراعات المنطقة ، ورده إلى مكانه الصحيح كطرف معاد للعدو “الإسرائيلي” .

 

مرت أزمة لبنان في مرحلة أولى أنهت توافق عام 1943 ( الميثاق الوطني)، الذي عقد أساساً بين الطائفتين السنية والمارونية، وأقام الدولة على توازناتهما، مع إعطاء شيء من الرجحان للطائفة المارونية: التي تولت رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش . مع مؤتمر الطائف عام ،1989 الذي عقد بعد قرابة عقد ونصف من نشوب الحرب الأهلية ودخول الجيش السوري إلى لبنان، تم الاتفاق عربياً ودولياً على نظام جديد أخذ بعين الاعتبار تغير أوزان وأدوار مكونات المجتمع اللبناني، السياسية والطائفية، ورسمت خريطة طريق تفضي إلى التخلي عن النظام الطائفي وتستبدله بنظام مختلف، لا يرتبط بالطوائف . بفشل هذا المشروع أو بالأصح بتجميده، بدأت مرحلة ثالثة قدم فيها ممثلو الطائفة الثالثة، الشيعية، مطالبهم، التي انصبت على تغيير في النظام يعطيهم حصة تراعي عددهم ومكانتهم في المجتمع وحماية لبنان من “إسرائيل”، والمستجدات الإقليمية والداخلية، وما تعرضوا له من حرمان وإهمال في الحقبتين السابقتين، وإلا فإنهم سيعطلون الحكومة أو سيجبرونها على إقامة ما أسماه أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله “دولة قوية وعادلة”، عن طريق حق نقض وزاري يمكنهم من جعل ما يرفضونه أو يقبلونه أمراً ملزماً للجميع . مع اغتيال الحريري عام ،2005 وما تلاه من تطورات عصفت بالبلاد، اتسعت وتعقدت تناقضات الأطراف اللبنانية، وحدث تبدل مهم في مواقفها، قسم المسيحيين إلى تيارين أو كتلتين تحالفت واحدة منهما مع الشيعة، والثانية مع المسلمين السنة، الذين تبنوا لأول مرة الكثير من آراء الموارنة حول نظرة لبنان إلى نفسه وعلاقاته مع سوريا، لتنفتح بذلك معركة جديدة بمعطيات مختلفة نسبياً، تخطت التعديلات الضرورية داخل النظام إلى هويته، كما أوضح نائبا حزب الله موسوي ورعد في تصريحهما حول ضرورة تصحيح موقع لبنان الإقليمي، الذي يجب أن يأتي به إلى محور الممانعة والمقاومة، ويخرجه من المحور الآخر، الدولي والعربي، المناهض له .

 

هل ستحسم هاتان المسألتان في الصراع الحالي؟ هناك بلا شك تجاذب شديد بين الأطراف اللبنانية الداخلية، وصراع على لبنان بين قوى عربية وإقليمية ودولية، تستطيع كل واحدة منها إفساد مرامي وأهداف خصومها . في حين ان وضع لبنان الداخلي، الذي يتصف بقدر من التوازن الطائفي بين المتصارعين يمكن أن يجبر من يرغبون في الحسم على التفكير بروية والعد حتى المئة قبل أن يندفعوا إلى معركة يرجح أن تكون طويلة وغير نهائية، تكلفتها البشرية والمادية ،السياسية والعسكرية، مرتفعة إلى حد يصعب تصوره، قد تتجاوز قدرات من سينخرطون فيها: في الخارج أو في الداخل، ليس فقط لأن بعض من سيخوضونها ربما كانوا لم يحسموا موقفهم بعد، بل كذلك لأنه سيكون من الصعب جداً حصرها في إطار لبنان الضيق، ولأن “إسرائيل” ستكون حكماً إحدى الجهات الرئيسة، التي ستفيد من تحول صراع سياسي الطابع إلى آخر عنيفاً، سيمكّنها من الدخول بأقل قدر من الضرر على خطه، لتصفية حساباتها مع خصومها وأعدائها، داخل لبنان وخارجه، بعد أن يستنزفوا جزءاً كبيراً من قدراتهم وقواهم، ويصيبهم حجم من الإنهاك والتعب يجعلهم لقمة سائغة بالنسبة إليها .

 

يقول مراقبون كثر: إن الجنون لن يصل باللبنانيين إلى درجة ينتقلون معها من الاقتتال بالكلام إلى الاقتتال بالسلاح . وإن ما دون استعمال السلاح أزمات معقدة، لكنها قابلة للحل بتدخل من هنا ووساطة من هناك . هل هذا التقدير صحيح؟ إذا لم يكن صحيحاً، وإذا حدث ما لا تحمد عقباه، دخل العرب في متاهة جديدة أفظع فتكاً وأشد بطشاً من المتاهات الكثيرة، التي دخلوا إليها في العقود الأخيرة، من بوابة لبنان الضيقة بالذات، أو من غيرها من بوابات فتحتها أيد شجعتها تجربته، وأقنعتها أن استنزاف أمة كبيرة من خلال جرح يبدو محلياً وصغيراً هو أمر ممكن ومفيد تماماً .

 

أخيراً، أرجو ربي أن يغلب رأي العرب في سبل حل أزمة لبنان، فلا تنشب عندئذ أعمال عنف يرفضونها، خشية أن تنتقل إلى ديارهم وإلى ما وراءها، بينما لا يأبه غيرهم من أصحاب القول والفصل بما سيحدث للبنان والمنطقة، وينظرون إليه بمنظار مغاير للمنظار العربي، لا يرى فيه اقتتال أخوة بل نقلة في استراتيجية سيطرة وتحكم يجعلها ضعف العرب وانقسامهم، وربما اقتتالهم، قابلة للتنفيذ بسهولة أكبر .

=======================

وعد بلفور حرّم إنكار الحقوق السياسية لغير اليهود

آخر تحديث:الأربعاء ,13/10/2010

عاطف الغمري

الخليج

قليلة هي الوثائق عن تاريخ الشرق الأوسط، التي كانت لها نتائج وانعكاسات ممتدة زمناً طويلاً، مثلما هو الحال بالنسبة لوعد بلفور الذي كان الأساس لقيام دولة “إسرائيل”، وهو الوعد الذي لايزال وسيبقى عنصراً حاكماً للنزاع العربي “الإسرائيلي” .

 

وهذا الوعد كان صريحاً في نصه، وفي مضمون المفاوضات التي دارت من أجله بين بريطانيا وممثلي اليهود، في أنه لا يمنح “إسرائيل” حين تقوم، حقاً في دولة يهودية الهوية .

 

والوعد كان عبارة عن تصريح موجه من لورد أرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا في حكومة ديفيد لويد جورج، مكتوب في بيان من 67 كلمة، إلى حاييم وايزمان ممثل الجانب اليهودي في المفاوضات، في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني ،1917 تعلن فيه بريطانيا تأييدها لإقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين .

 

وينص الجزء الثاني من التصريح على أنه لا يتم عمل شيء يجور على الحقوق المدنية والدينية، للمجتمعات غير اليهودية الموجودة هناك .

 

وشرح بلفور ولويد جورج في ما بعد أي في عام 1921 لوايزمان، أن التصريح كان يعني، دولة ل “إسرائيل” في النهاية .

 

ولم تكن هناك نية لقيام دولة يهودية وحيدة في فلسطين، بل أن يقيم اليهود وطناً قومياً إلى جانب الفلسطينيين وغيرهم من دول مجاورة .

 

وجاء إعلان بلفور، وعداً بوطن قومي وليس بدولة يهودية . بينما لاتزال “إسرائيل” حتى اليوم تنسب إلى وعد بلفور عام ،17 وإلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتقسيم فلسطين عام ،47 نطقاً لم يصدر عن أي منها، حيث خلا قرار الأمم المتحدة، من أي شيء ينطق بصفة يهودية الدولة .

 

ولم تكن الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد بنت قرارها على اعتراف دولي بأي حق تاريخي لليهود في فلسطين، وهي الوثيقة الدولية التي تمنح “إسرائيل” صفة الدولة .

 

لقد باءت بالفشل كل محاولات الحركة الصهيونية، للحصول على مثل هذا الاعتراف من أي منظمة تمثل المجتمع الدولي أو من أي دولة .

 

ويوم أن استقرت الحكومة البريطانية على النص الأخير لوعد بلفور في 2 نوفمبر عام ،1917 الذي تعلن فيه تأييد بريطانيا لإقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، فقد سارع في الحال حاييم وايزمان المفاوض الصهيوني مع الحكومة البريطانية، إلى إعلان أسفه لخلو وعد بلفور من أي إشارة للحق اليهودي بفلسطين الذي طالبوا به، أو أي إشارة للصلة التاريخية لهم بأرض فلسطين التي اقترحوا لها عبارة “إعادة تأسيس الوطن في فلسطين” .

 

إن المفاوضات التي سبقت إعلان وعد بلفور تحمل الكثير من التفاصيل التي تؤكد هذه النتيجة . فمنذ بدأت المفاوضات للحصول على تأييد بريطانيا لإقامة اليهود بفلسطين، كان وايزمان يدرك صعوبة موافقة البريطانيين وقتئذٍ على إقامة دولة يهودية، فلجأ إلى الاكتفاء بالحصول على وعد بمساعدة الحركة الصهيونية لإنشاء وطن قومي . وفي بداية عام ،1917 بدأت الجولة الرسمية الأولى التي مثل فيها بريطانيا وزير الخارجية مارك سايكس، بينما مثل الصهيونية عدد من قادتها، على رأسهم وايزمان الذي أصبح أول رئيس لدولة “إسرائيل” عام 1948 وكان مطلبهم الحصول على اعتراف دولي بما أسموه حق الشعب اليهودي في فلسطين، وطلب الجانب البريطاني منهم كتابة مسودة الوعد البريطاني الذي يطلبون به، وفي 18 يوليو/ تموز ،1917 قدموا اقتراحاً ينص على أن حكومة بريطانيا تقر مبدأ الاعتراف بفلسطين على أنها الوطن القومي للشعب اليهودي، وبحق الشعب اليهودي في بناء حياته القومية في فلسطين . وطلب الجانب البريطاني إدخال تعديل على المسودة، فجاء التعديل في 4 أكتوبر/ تشرين الأول ،1917 يقول: تتعهد بريطانيا بإعلان تأييدها لتأسيس وطن قومي للعنصر اليهودي في فلسطين . وحذف الإشارة إلى فكرة حق اليهود بفلسطين، وكذلك الإشارة إلى إعادة تأسيس الدولة، وهو ما دفع وايزمان إلى الإعلان أن هذا التعديل يعد تراجعاً مؤلماً . وتحت ضغوط ومناورات الجانب اليهودي، صدر الوعد في صيغته النهائية في 2 نوفمبر 1917 معلناً تأييد بريطانيا لتأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين . وحسب تعبير وايزمان نفسه فإنه قال: إنه يأسف لخلو وعد بلفور من أي إشارة للحق اليهودي، أو للصلة التاريخية، التي عبروا عنها بكلمة “إعادة تأسيس الوطن” . وجدير بالذكر أن بريطانيا كانت قد رفضت محاولاتهم عندما صدرت وثيقة انتداب عصبة الأمم لبريطانيا على فلسطين عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى عام ،1919 بأن تتضمن الوثيقة اعترافاً بالحق التاريخي لليهود في فلسطين، وإعادة قيام الوطن، واكتفت بعبارة الصلة التاريخية وليس الحق التاريخي . يومها قال كيرزون وزير الخارجية البريطاني الجديد: لو أنكم وضعتم عبارة كهذه في الوثيقة، فإنني أتوقع من الآن أن يأتيني وايزمان كل يوم، ويقول لي إن له حقاً في أن يفعل كذا وكذا في فلسطين . وإنني لن أوافق أبداً على ما يطلبه وايزمان . إن الوثائق التاريخية التي أسست عليها “إسرائيل” شرعية وجودها، والتي كانت بداياتها وعد بلفور، قد خلت من أي إشارة تعطيها حقاً تاريخياً في فلسطين، وأنكرت أي حق في إضفاء الهوية اليهودية على الدولة، ولكنها عودة من نتنياهو للتلاعب بمضامين الوثائق التاريخية الثابتة، مثلما هي عادة “إسرائيل” في أي جدل أو مفاوضات من أجل السلام .

=======================

إرث الحرب الأهلية الأميركية ملك للجميع

بقلم :تا نيهيسي كوتس

البيان

13-10-2010

في وقت سابق من هذا العام، اندلع جدل محدود، عندما أيّد حاكم ولاية فرجينيا «بوب ماكدونيل» اختيار إبريل ليكون شهر تاريخ الكونفيدرالية، مع إصدار إعلان خلا من أي إشارة إلى العبودية باعتبارها من أسباب نشوب الحرب الأهلية الأميركية.

 

وقوبل تصرف «ماكدونيل» بسيل من الانتقادات المتوقعة. وكان الأمر الأقل توقعاً، هو إعراب «ماكدونيل» عن أسفه الصادق، وعدوله عن إعلانه، لكي يصف العبودية على وجه التحديد بأنها كانت السبب الرئيسي في الحرب الأهلية الأميركية. وأخيرا، وبعد مدة طويلة من زوال العوائق، اتخذ «ماكدونيل» موقفا أبعد من ذلك، وأطلق على إبريل تسمية «شهر تاريخ الحرب الأهلية»، وقال بشأن تصريحاته الأولى «إن الإغفال الكبير وغير المقبول مني بشأن الإشارة إلى العبودية، أصاب الكثير من الناس بخيبة أمل، وأنا منهم».

 

ومن الناحية السياسية، نقف أنا و«ماكدونيل» على طرفي نقيض. ولكنني وجدت تصريحاته، خلال شهر إبريل وفي الآونة الأخيرة، جديرة بالاهتمام، لأنه في السياسة يتم تجنب الإقرار الصريح بالخطأ. وعلاوة على ذلك، فإنني من الأقلية المولعة بتاريخ الحرب الأهلية، وقد قمت بزيارات طوال العام الماضي لساحات القتال في مختلف أرجاء أميركا، في مدن «شيلوه» و«فورت بيلو» و«بيترسبرغ» وغيرها من المدن الأخرى، والتي لا يزال العديد منها يبذل جهودا من أجل عرض تاريخ موسع وشامل للحرب الأهلية الأميركية.

 

ورداً على رفض «ماكدونيل» لمقولة أن «إبريل شهر تاريخ الكونفيدرالية»، قام «براغ بولينغ»، قائد «فرع فيرجينيا من منظمة أبناء تحالف المحاربين»، بعرض وجهات نظر حول السبب في أن هذا الصراع لا يزال مستمرا. وقال: «لم يكن بمقدور أحد إقناعي وإبلاغي بالسبب في قيامنا بتكريم اليانكيز في ولاية فرجينيا». وأضاف: «كان الشماليون الموجودون في فرجينيا، هم فقط الذين جاءوا إليها وقتلوا الألوف من مواطنيها عندما اجتاحوها».

 

في أحسن الأحوال، فإن منظور «بولينغ» محدود. فهناك ستة آلاف من مواطني فرجينيا السود ناضلوا من أجل الاتحاد، وبشكل أكثر دقة، من أجل حريتهم، وذلك خلال الحرب الأهلية الأميركية. ومعظم الجنود السود الذين كان عددهم 180 ألف جندي، والذين قاتلوا في الحرب الأهلية الأميركية، لم يكونوا من ال «يانكيز»، ولكنهم كانوا من العبيد الهاربين أو الذين تم تحريرهم، سواء من الجنوب أو ممن لهم جذور في الجنوب.

 

فلم يكونوا غزاة من ال «يانكي»، لكنهم من الجنوبيين. كما كانت الحال بالنسبة لجنرالي الاتحاد «وينفيلد سكوت» و«جورج هنري توماس»، من فرجينيا. وكما كانت الحال في النصف الغربي من فيرجينيا الذي شكّل ولاية جديدة، بدلاً من الانفصال عن الاتحاد. ولكن لا شيء من ذلك كله ينسجم مع التفسير الاستثنائي المريح، الذي قدمه «بولينغ» عن التاريخ. ومن هنا، فقد كان من مصلحة هذا الشعور بالراحة، أن يمحو «بولينغ» ما لا يحبه.

 

إن هذا الداء المتعلق بالابتعاد عما هو غير مريح، يحدث تأثيره في الطريقة التي نروي بها تاريخ الحرب الأهلية الأميركية في ميادين معاركنا. ولا بد من القول إن الجنوب يتفوق، من حيث تقديم تفاصيل قصة أكثر اكتمالا حول الحرب الأهلية. في بعض الأحيان يوشك السرد أن يكون غريبا. ففي حديقة «ناثان بدفورد فورست» في وسترن تينيسي، صُدمت لمشاهدة فيلم يستفيض في الإشادة ب «فورست»، في الوقت الذي يشيد أيضا بالجنود الملونين الذين قاتلوا ضده!

 

وفي «شيلوه»، روى حارس إحدى الحدائق بشكل جميل، سيرة «أندرو جاكسون سميث»، الذي نشأ عبدا وهرب عندما قيل له إن سيده سوف يضمه إلى «جيش الكونفيدرالية». وبدلاً من ذلك، انطلق يعدو لمسافة 25 ميلا تحت المطر، وقدم نفسه للانضمام إلى قوات الاتحاد. وبوصفه من العاملين لدى الرائد «جون وارنر»، رُمي بالرصاص في رأسه في شيلوه، ولكنه نجا من الموت.

 

ومضى إلى القتال في صفوف فوج ماساتشوستس الخامس والخمسين، منطلقا بأعلام الفوج بعدما سقط حاملها. وفي عام 1997، بعد حوالي 60 عاماً من وفاة سميث، تم منحه وسام الشرف من قبل الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون. لم يكن هناك نصب تذكاري ل «سميث»، أو أي من الجنود السود الآخرين في شيلوه، كما لا توجد معالم لأي من جنود قوات الولايات المتحدة الملونين، الذين قتلوا في معركة «فوهة البركان» عام 1864.

 

من خلال تضافر الجهد، خلّف الكونفيدراليون الجدد العديد من ساحات القتال في الجنوب، مغمورة بمواد تتحدث عن «القضية المفقودة». وبيترسبرغ ينبغي أن تكون قبلة الأميركيين من أصل إفريقي، ولكن إذا شاهدت الفيلم الذي يتم عرضه في مركز الزوار، والحزن الذي يتناول من خلاله زوال جمهورية تقوم على أساس سيادة البيض، فلسوف تدرك سبب أنها ليست قبلة لهم.

 

لا يمكن الحديث عن تاريخ الأميركيين الأفارقة، دون الحديث عن الحرب الأهلية الأميركية، ومع ذلك فإن ساحات القتال التي اندلعت فيها تلك الحرب، تعد دون شك أماكن غريبة بالنسبة لشخص مثلى.إن جعل «بوب ماكدونيل» جعل شهر إبريل شهرا لتاريخ الحرب الأهلية في ولايته، وفتح بشكل أساسي الباب أمام إمكانية إجراء مناقشة عامة أكثر استنارة.

 

ولكنه اتخذ أيضاً خطوة في اتجاه إعادة نصيب من الحرب الأهلية الأميركية مرة أخرى، إلى الناس الذين تم من أجلهم خوض غمارها.إن الأمر يتعلق بإصلاح واسع النطاق لشأن الحرب الأهلية الأميركية، التي ينبغي توزيع تركتها بين جميع الأميركيين. هذا الأمر يتعلق بالوضوح والصدق وأعمال توسيع آفاق التاريخ.

=======================

من يحسم انتخابات الكونغرس المال أم حركة حفل الشاي؟

بقلم :د.منار الشوربجي

البيان

13-10-2010

ارتفعت الأصوات في أميركا الأسبوع الماضي تطالب بالتحقيق مع غرفة التجارة الأميركية، لأن تقارير نشرت تفيد بأن الغرفة تستخدم بعض الأموال الأجنبية في تمويل الحملات الانتخابية. وقد وصل الأمر إلى أن ذكر أوباما بنفسه الموضوع، واعتبره «تهديدا للديمقراطية» الأميركية.

 

وكان أحد المواقع الإلكترونية التقدمية، قد نشر تقريرا قال فيه إن الحساب العام للغرفة التجارية الذي تودع فيه مساهمات المؤسسات الأجنبية الأعضاء في الغرفة، هو نفسه الذي يتم من خلاله تمويل تلك الإعلانات الدعائية. والقانون الأميركي يحظر على أي شخص أو هيئة أجنبية، لعب أي دور في العملية الانتخابية. لكن الغرفة رفضت، حتى كتابة هذه السطور، الإفصاح عن مصادر تمويلها للحملة، أو تقديم أية وثائق تثبت أنها تفصل الأموال الأجنبية عن تلك التي تمول الدعاية الانتخابية.

 

وقد فجرت القصة من جديد موضوع نفوذ المال في السياسة الأميركية. والحقيقة أن النفوذ الخطير الذي يلعبه المال ليس جديدا، فالمسألة لها جذور تتعلق بطبيعة النظام السياسي نفسه، ومن المرجح أن يتفاقم هذا النفوذ في المرحلة القادمة على نحو قد يعيد تشكيل الحياة السياسية.

 

أما عن جذور المسألة، فهي تعود لمصادر ثلاثة؛ أولها أن أميركا لا تعرف التمويل العام للحملات الانتخابية. فعلى عكس أغلب الديمقراطيات الغربية التي تستخدم الخزانة العامة لتمويل الحملات الانتخابية، عزفت أميركا منذ البداية عن استخدام المال العام لهذا الغرض. فباستثناء مرشح الرئاسة الذي يحصل على بعض التمويل العام بشكل اختياري، فإن المرشحين لكافة المناصب الأخرى لا يحصلون على أي تمويل من الخزانة العامة.

 

معنى ذلك أن المرشح لأي منصب فيدرالي  بما في ذلك منصب الرئاسة  يكون في حاجة ماسة لجمع أكبر قدر ممكن من الأموال، نظرا للارتفاع المذهل في تكلفة الحملات الانتخابية. فقد صارت الانتخابات صناعة رائجة قائمة بذاتها، لها متخصصوها الذين يتقاضون أجورا باهظة، فضلا عن الحاجة لشراء وقت على قنوات التليفزيون المختلفة للدعاية.

 

والمصدر الثاني لنفوذ المال في السياسة، هو أن قانون تمويل الحملات الانتخابية الذي صدر بعد فضيحة ووترغيت في 1974، أنشأ لجنة فيدرالية للإشراف على الانتخابات، مكونة من ستة أعضاء نصفهم من الديمقراطيين والنصف الآخر من الجمهوريين، يختارهم الرئيس ويصدق على تعيينهم مجلس الشيوخ، الأمر الذي جعل حيادية اللجنة تتأثر بمواقف الحزبين في كل انتخابات تجرى.

 

أما المصدر الثالث، ولعله الأهم على الإطلاق، فهو المتعلق بموقف المحكمة العليا الأميركية. فقد سوت المحكمة في أحكامها بين إنفاق المال وحرية الكلمة، أي اعتبرت أن الإنفاق على الحملات الانتخابية من جانب المواطنين الأميركيين، أفرادا وجماعات، هو أحد أشكال التعبير عن الرأي. ومن ثم رفضت وضع قيود على ذلك الإنفاق باعتباره انتهاكا للدستور. وقد أدى موقف المحكمة هذا إلى وضع قيد عملي على طبيعة القوانين التي تصدر لتنظيم عملية جمع الأموال وإنفاقها في الحملات.

 

فقوانين تمويل الحملات الانتخابية، حرصت دوما على تحقيق أمرين؛ أولهما وضع سقف لحجم التبرعات التي تقدم للمرشحين، سواء من الأفراد أو من المنظمات والشركات الكبرى، وثانيهما التأكيد على ضرورة إفصاح الممول والمتلقي عن حجم الأموال المقدمة. لكن المحكمة العليا في حكم شهير لها صدر عام 1976، فرقت بين الإسهام المباشر في حملة أحد المرشحين من جانب أي فرد أو جهة، وبين الإنفاق المستقل من جانب المصادر نفسها.

 

فهي اعتبرت أن الأول يمكن وضع سقف له، على أساس أنه يحمي من إفساد المرشح، ولكنها رفضت وضع أية قيود على الإنفاق المستقل من جانب الأفراد والهيئات، طالما لا يتم بالتنسيق مع المرشح حتى ولو كان في صالحه، لأنها اعتبرت ذلك الإنفاق المستقل أحد أشكال حرية التعبير. بعبارة أخرى، أعفت المحكمة أصحاب المال من أية قيود على تمويل الحملات، وفق شرط فني يسهل التحايل عليه، وهو عدم التنسيق المباشر مع المرشح.

 

غير أن الفترة القادمة مرشحة لمزيد من تفاقم دور المال في السياسة، بسبب مواقف اتخذتها مؤخرا كل من المحكمة العليا واللجنة الفيدرالية للانتخابات. فخلال السنوات الثلاث الأخيرة، صدر قراران للمحكمة قوضا قيودا أخرى كان يفرضها القانون. ففي 2007 صدر قرار المحكمة العليا الذي ألغى عمليا أي سقف لتبرعات الأفراد للمنظمات المستقلة، التي كانت تقوم بدعاية صريحة لصالح هزيمة مرشح بعينه.

 

وفي بداية العام الحالي (2010) رفعت المحكمة القيد على الهيئات والشركات الكبرى في تمويل من تلك الدعاية نفسها. ولم يكن دور اللجنة الفيدرالية للانتخابات أفضل حالا، فالأعضاء الجمهوريون فيها تبنوا، رغم معارضة الديمقراطيين، موقفا يسمح للمنظمات غير الربحية بألا تفصح عن مصادر أموالها التي لم يعد لها سقف، حتى لو كانت تستخدم في دعاية صريحة، طالما الممول نفسه قدم المال لغرض عام، لا لتلك الحملات تحديدا. بعبارة أخرى؛ صار عدم الإفصاح عن التمويل أمرا عاديا برز بوضوح في الحملة الحالية، وجاء في سياقه موقف غرفة التجارة الأميركية.

 

وقد شجع كل ذلك المصالح القوية التي يهمها فوز الجمهوريين في الانتخابات الحالية، فصارت تنفق بلا حساب، معتمدة على انهيار السقف وعلى ضمان عدم الإفصاح عن مصدر التمويل. معنى ذلك أن ما يسمى بحركة حفل الشاي، التي توصف بأنها تمرد شعبي يعبر عن نبض الناس ويناهض الحكومة وأصحاب المصالح الأقوياء، إذا ما نجحت في حمل الجمهوريين إلى مقاعد الأغلبية في الكونغرس، فإنها ستكون قد فعلت ذلك وفق قواعد اللعبة نفسها، وبمشاركة كاملة من أصحاب المصالح الأقوياء. كل ما في الأمر أنهم أصحاب المصالح المتحالفون مع اليمين الأميركي، لا مع الحزب الديمقراطي!

=======================

قصة الفيروس الذي هاجم الجيش الأميركي!

لوموند

ترجمة

الأربعاء 13-10-2010م

ترجمة: سراب الأسمر

الثورة

أكد مساعد وزير الدفاع الأميركي ويليام لين- في آب الماضي- في مقالة نشرتها مجلة (فورين آفيرز) أن شبكة معلومات الجيش الأميركي تعرضت قبل عامين لهجوم واسع.

ودون تقديم شروحات مطولة قال السيد لين: إن جاسوساً تمكن من دس مفتاح يحتوي فيروساً لجندي أميركي، ينتشر هذا الفيروس المسمى «دودة» بشكل آلي من جهاز إلى آخر ويمكنه بذلك إصابة شبكة بأكملها وإحداث خللٍ أمني وتعطيل الأجهزة .‏‏

يقول لين: من قبيل الفضول جرب الجندي مفتاح USB على حاسوب عسكري وسرعان ما انتشر الفيروس- الذي أطلق عليه الخبراء العسكريون تسمية الجاسوسBTZ في شبكة الحواسيب العسكرية وكذلك في الشبكات السرية دون أن يلاحظه أحد.‏‏

يقول لين: استطاع بداية تثبيت جسر رقمي يُمكّن من نقل المعلومات لمستخدمين بسيطرة أجنبية, والأسوأ في هذا السيناريو أن الأمر تحقق حيث كان يعمل برنامجاً معادياً بهدوء وشارف على تقديم مخططات عملياتية لأيدي أعداء مجهولين.‏‏

بالمقابل رفض السيد لين البوح فيما إذا كان المهاجم تمكن من مطابقة المعلومات أو إذا كانت الولايات المتحدة انتقمت لنفسها وإذا كانت فعلاً سرقت معلومات حساسة، فقط تحدث أنه للتخلص من الجاسوس BTz توجب على الجيش أن يضع برنامج تنظيف أطلق عليه بوكشوت يانكيoperation buckshot yankee‏‏

استمر لأكثر من عام.‏‏

وشيئاً فشيئاً تبع برنامج «بوكشوت يانكي» إعادة تنظيم كامل وأصبح جهاز الدفاع آلياً وأنشئ في واشنطن جهاز آلي موحد.‏‏

ولمزيد من المعرفة وسائل إعلام أمريكية مثل المجلة الكاليفورنية (ويرد) نجحت في التوصل إلى لقاء مخبرين عسكريين عملوا على هذه القضية.‏‏

وعلمت أن الجاسوس BTZ كانت رواية مختلفة مبتذلة عن فيروس معروف يمكن لشركة الأمن سيمانتيك كلاس سيلي silly fdc FDC أن تحطمه بسهولة. كما أكد الصحفيون أن الحواسيب العسكرية تحتوي على معلومات سرية غير موصولة على الانترنت والجواسيس العدوة المفترضة لا يمكنها بالتالي اختراقها وإتلافها عن بعد.‏‏

في الواقع على نقيض زعمائهم في واشنطن فإن مخبري الجيش غير متأكدين من أن الهجوم تم توجيهه من دولة أجنبية.‏‏

=======================

أحمدي نجاد في لبنان... الحد الفاصل بين مرحلتين

حبيب فياض

السفير

13-10-2010

تعيد زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الى لبنان طرح الملفات الإقليمية المأزومة دفعة واحدة، حتى أن البعض بالغ في الوصف والتقدير فذهب، بشكل غير بريء، الى حد اعتبار هذه الزيارة أزمة قائمة بذاتها الى جانب أزمات المنطقة: القضية الفلسطينية، الاحتلال الأميركي للعراق، الملف النووي الإيراني، و... محاولا في ذلك تحميلها مسؤولية ما يمكن أن تشهده المنطقة لاحقا من خضات وأزمات معدة سلفا، في سياق استراتيجية أميركية جديدة ومتكاملة تتخذ من الساحة اللبنانية منطلقا ونقطة ارتكاز.

واذا كان واقع الزيارة يدحض موضوعيّا مثل هذا الغلو في التوصيف، فإن الموضوعية تقتضي أيضا الاعتراف بأنها تتجاوز الإطار البروتوكولي الكلاسيكي لزيارات رؤساء الدول الرسمية. فزيارة الرئيس نجاد هذه، ما كانت لتثير كل هذا القدر من الجدل والصخب، لولا ما تحمله من دلالات رمزية تختزن في طيّاتها كل تفاصيل المشهدين اللبناني والإقليمي. فالزيارة تستحضر، من جهة، متناقضات الساحة اللبنانية وانقساماتها والاستحقاقات التي تنتظرها في أكثر من اتجاه، ومن جهة ثانية، تعيد رسم المشهد الإقليمي بتوازناته الجديدة ومساراته المستقبلية الآخذة في التبلور. وهي  الزيارة  تأتي لترسم الحدّ الفاصل بين مرحلتين، الأولى منصرمة وتحمل الكثير من الخيبات لأميركا وحلفائها على مستوى الإقليم، والثانية مقبلة وتؤشر الى جولة جديدة من المواجهة بين أصدقاء الولايات المتحدة وخصومها انطلاقاً من لبنان محل الزيارة  الحدث.

الأميركي المستعجل في لملمة أغراضه من العراق، والذي يحاول كيفما كان الوصول الى تسوية لأزمة تشكيل الحكومة العراقية، بات يسعى الى التعويض لبنانياً ما خسره عراقياً، أو بالحد الأدنى، خلق فضاءات جديدة تتيح له استئناف الحرب على «الإرهاب» انطلاقا من الساحة اللبنانية، بديلا من الساحة العراقية، بهدف مواجهة ايران، الآخذة في التمدد إقليميا، في منتصف الطريق، على ان تكون المواجهة هذه المرة من خلال الأدوات والبدائل بعيدا عن تكبد مشقة الحضور الميداني المباشر. ما يعزز مثل هذه القراءة الجهد الأميركي الواضح لضمان انتصار إسرائيل في حربها القادمة على لبنان، وذلك من خلال العمل على خطين، الاول عسكري لوجستي ويظهر بعضه من خلال تزويد واشنطن تل أبيب بطائرات اف35، والثاني معنوي  دولي من خلال توظيف المحكمة الدولية لاتهام حزب الله بقتل الرئيس رفيق الحريري، و بالتالي حصول إسرائيل على تفويض أممي شرعي للاقتصاص من الحزب «المتمرد» على الشرعية الدولية.

في لبنان، ثمة مَن هو في غاية الحماسة لمثل هذا السيناريو فجاءت زيارة الرئيس أحمدي نجاد مناسبة لإخراجه عن طوره، رغم طابعها الرسمي، فدفعته الى الكشف عن مدى عدائه للسياسات الإيرانية، حتى لو أدى به ذلك، الى الانسجام حد التطابق مع الموقف الإسرائيلي، فذهب الى اعتبارها استفزازية لإسرائيل، وعقبة في طريق عملية السلام، ومهددة للاستقرار في لبنان والمنطقة، ومسيئة الى علاقات لبنان الخارجية وصولاً الى القول بأن الخلاف بين لبنان وإسرائيل كالخلاف الحدودي بين السعودية واليمن مع ترجيح أن يكون القصد من هذا التشبيه هو تصوير العلاقات اللبنانية  الإسرائيلية بأنها أخوية، رغم ما يشوبها من «خلاف» كما هي الحال بين الرياض وصنعاء، بحيث لن يكون مستغرباً بعد ذلك ذهاب البعض الى تبرئة إسرائيل من تبعات أي عدوان من الممكن أن تقوم به على لبنان، تحت عنوان حق إسرائيل في «الدفاع» عن نفسها مقابل زيارة أحمدي نجاد «العدوانية» للبنان.

بلوغ البعض في لبنان هذا الحدّ من التصعيد السياسي ضدّ طهران لا يمكن فهمه إلا دليلا إضافيا على نيّة الأميركي في الذهاب نحو الصدام مع إيران الى النهاية، واستخدامه الساحة اللبنانية لتصفية حساباته مع خصومه المحليين والإقليميين، وذلك يبدو في سياق تحولات ستطال الأولويات الأميركية على الساحة الإقليمية بحيث يتم الانتقال من ملاحقة القاعدة ومتفرعاتها، التي وصلت الحرب الاميركية عليها الى طريق مسدود، الى مواجهة إيران وحلفائها، خاصة أن الحسابات الأميركية والإسرائيلية في التعامل مع الملف النووي الايراني، الذي صار العنوان الابرز للخلاف الاميركي الايراني، باتت تنبئ بوجود قلق كبير لدى واشنطن وتل أبيب من تسارع خطى إيران النووية من دون ان يقوما الى الآن بما من شأنه أن يمنع إيران من تحقيق أهدافها في هذا المجال.

أما في الحسابات الإسرائيلية الصرف فيبدو ان الزيارة تتجاوز حدّ الإزعاج الى الإرباك، باعتبارها تأتي أولاً لتأكيد وقوف ايران بالاضافة الى سوريا الى جانب لبنان جيشاً وشعباً ومقاومةً، في حال حصول أي عدوان إسرائيلي على لبنان، وتأتي لتعيد تذكير الإسرائيلي بالمفرق بما كان قد تم التوافق عليه بالجملة في قمة دمشق الثلاثية الشهيرة التي جمعت الرئيسين بشار الأسد وأحمدي نجاد والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. ولعل وصول أحمدي نجاد الى بنت جبيل سيفسح في المجال أمام جولة جديدة من الحرب النفسية ضدّ إسرائيل، خاصة أن كلامه في بنت جبيل سيندرج في إطار تكريس طهران (بما هي حليف لحزب الله) لانتصار تموز في إطار النصر الإقليمي لمحور الممانعة، مقابل الحرب الدولية التي شنتها إسرائيل في تموز العام 2006. كما سيكون لكلامه المرتقب من بنت جبيل عن إزالة إسرائيل من الوجود طعم آخر، إذ سيؤخذ إسرائيليا معطوفا على خطاب بيت العنكبوت الذي ألقاه السيّد حسن نصر الله في احتفال العام 2000، وبهذا تكون زيارته لبنت جبيل بوابة الانكسار الاسرائيلي في حرب تموز أكثر دلالة ورمزية من زيارته لبوابة فاطمة، بوابة الخروج الإسرائيلي من لبنان عام 2000.

وليس بعيدا عن كل ما تقدم، يمكن القول إن موقف طهران الرسمي من المحكمة الدولية أنها شأن لبناني داخلي، غير أن ذلك لا ينفي وجود رؤية إيرانية تربط هذه المسألة بمجمل الملفات العالقة بين طهران وواشنطن انطلاقاً من محاولة هذه الأخيرة توظيف القرار الظني المرتقب في إطار تفاهم شامل بين الجانبين أو مواجهة شاملة بينهما. خاصة أن اتهام حزب الله أو بعض عناصره «غير المنضبطة» سيُعاد فبركته بشكل أو بآخر ليرتد على طهران باعتبارها «الوصي» على حزب الله من دون إغفال إمكان «طرطشة» سوريا على الخلفية نفسها، وفي هذا الخضم لا يستبعد بعض المراقبين الايرانيين ان تتخذ واشنطن من ملف المحكمة ورقة لمساومة طهران على ملفها النووي بعدما استنفدت الادارة الاميركية شتى الوسائل المتاحة لديها لمنع ايران من بلوغ غاياتها النووية وهي تراهن في ذلك على إرباك ايراني في المفاضلة بين حليفها المدلل وملفها الأول.

كما ان ايران ترى في موضوع المحكمة الدولية مشروع فتنة مذهبية قد يبدأ في لبنان متجاوزا حدوده الى أبعد من ذلك، وهي مسألة فائقة الحساسية في الاعتبارات الايرانية الدينية والسياسية، الأمر الذي دفع طهران الى مضاعفة جهودها للالتفاف على هذا المشروع، وفي هذا الاطار تأتي فتوى قائد الثورة الاسلامية التي حرّم فيها الإساءة الى عائشة وزوجات الرسول. وهنا، يبدو أن إيران تراهن على جهود إقليمية تضمها الى سوريا وإيران وتركيا لوأد مشروع الفتنة وأخرى محلية لبنانية تنطلق من أن الفتنة ليست في مصلحة أي من المسلمين.

باختصار، يمكن القول إن لبنان بالمنظور الاميركي هو الساحة الملائمة حاليا لخوض حرب أميركية ضدّ ايران، وبديلة من حرب مكلفة ومدمرة، لن يكون بوسع الإدارة الاميركية أن تشنها مباشرة، وبهذا يكون حزب الله بالحساب الأميركي هو «الوكيل» اللبناني  البديل من «الأصيل» الإيراني، والقرار الظني المرتقب بمفاعيله وتداعياته هو المدخل الملائم لذلك عبر الفتنة المذهبية أولا، وحرب إسرائيلية مدمرة ثانيا... هذا على الأقل ما تسعى اليه أميركا وحلفاؤها، ولكن الأهم من ذلك معرفة ما سيسعى اليه حزب الله وحلفاؤه في خلال المرحلة المقبلة، وهو المعروف عنه قدرته على اللجوء الى خيار المفاجآت في اللحظات الصعبة.

على الأرجح أن زيارة أحمدي نجاد الى لبنان تحمل في أحد وجوهها رسالة واضحة الى الأميركيين مفادها أن إيران التى سيجدونها في لبنان، تختلف عن ايران التي تعرفوا اليها في العراق وأفغانستان، تماما كما هي الحال مع حزب الله الذي يختلف بما لا يقاس مع طالبان والقاعدة.

=======================

"المذكرات" السورية تحذير لأميركا ورسالة لمصر والسعودية !

سركيس نعوم

النهار

13-10-2010

كيف "قرأ" الاميركيون مذكرات توقيف عدد كبير من الشخصيات السياسية والاعلامية والقضائية والعسكرية والامنية والتي أصدرها القضاء السوري الناظر في الدعوى التي اقامها عليها اللواء جميل السيد المدير العام للأمن العام والمعتقل السابق في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري ضد كل هذه الشخصيات؟

طبعاً ليس في الامكان الآن اعطاء جواب عن هذا السؤال يتضمن شرحاً تفصيلياً ووافياً لمواقف الادارة الاميركية من هذا التطور القضائي الخطير والمهم بين لبنان وسوريا، الامر الذي يفرض الاكتفاء بالتعليقات المقتضبة التي تصدر بين الحين والآخر عن مسؤولين فيها معنيين سواء بالموضوع اللبناني او بملف المنطقة بكل ازماتها. علماً ان التحذير للرعايا الاميركيين المسافرين الى لبنان وبالطريقة التي جُدِّد فيها اخيراً او التي استحدث فيها يعطي اشارات واضحة وغير مباشرة في الوقت نفسه الى قلق الادارة من الذي يجري في لبنان، بل من الذي يحتمل ان يجري فيه قريباً.

لكن اميركا ليست دولة عالمثالثية اي شمولية في نظامها، لا يمكن استقاء الاخبار عن مواقفها الا من قيادتها او المسؤولين الكبار فيها، وخصوصاً اذا كانوا امنيين. فهي دولة ديموقراطية ومنفتحة، تؤمن بالحوار مع الآخر رغم ان سياساتها في النهاية والمواقف لا تأخذ في الاعتبار الا مصالحها. وبصفتها كذلك فان معرفة نظرتها الى "مذكرات الجلب" السورية لمواطنين لبنانيين، اذا جاز وصفها على هذا النحو، تبقى ممكنة بواسطة قنوات عدة منها الباحثون ومنها المتابعون وعن كثب من واشنطن اعمال المسؤولين في الادارة عن المنطقة وتطوراتها. وقد برهن هؤلاء عشرات المرات بل مئات المرات ان معلوماتهم صحيحة ودقيقة، علما ان توقعاتهم والتحليلات التي تنطلق منها احياناً قد يخطىء بعضها.

ماذا عند هؤلاء المتابعين عن "المذكرات القضائية السورية" وتوابعها وعن خلفياتها ودوافعها واستطراداً عن الاوضاع الحالية في الشرق الاوسط؟

يجيب هؤلاء ان صبر الرئيس السوري بشار الاسد حيال عدم وصول سفير اميركي الى دمشق قد بدأ ينفد، سواء كان المسؤول عن ذلك معارضو الرئيس اوباما في الكونغرس او هو شخصيا. ذلك انه يعرف ان في امكان الاخير تأمين تثبيت السفير الجديد الذي عيّنه في دمشق لو قام بالخطوات اللازمة لذلك، او ارساله من دون تثبيت الكونغرس له كما فعل الرئيس السابق جورج بوش عندما ارسل مندوبه جون بولتون الى الامم المتحدة بعد مماطلة الكونغرس الديموقراطي في حينه في تثبيت تعيينه. ويضيف هؤلاء ان الاسد وصل الى استنتاج يفيد ان المفاوضات بين اسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية ستصل قريباً الى الفشل، رغم انها بدأت "للتو" كما يقال. ويرون ان الاسد قد يكون بات اكثر ميلاً الى توقع خسارة اوباما الانتخابات النصفية للكونغرس التي ستجري في الثاني من الشهر المقبل. ومن شأن ذلك تقليص آمال سوريا في الحصول منه على ما كان يأمل فيه، الأمر الذي يجعله غير متحمس لتقبُّل اليد الممدودة للرئيس الاميركي منذ انتخابه رغم اصراره على عدم رفض تقبّلها في صورة رسمية. وفي اي حال يعتقد المتابعون انفسهم والباحثون ان المحادثات الأخيرة التي جرت بين الرئيسين الايراني والسوري محمود احمدي نجاد وبشار الاسد كانت لها اليد الطولى في اقناع "القضاء المستقل" في سوريا باصدار مذكرات التوقيف. ذلك ان سياسة ايران كانت دائما الحؤول بكل الوسائل دون "شرود" سوريا، واقناعها بل إغراءها بعدم الانفراد عنها بل بعدم التميز عنها. اما سياسة سوريا المتمسكة بالتحالف مع ايران وبالتميز ايضا فقد وجد صانعوها وواضعوها انفسهم خائبين من جراء تطورات السياسة داخل اميركا وقلقين من المستقبل، وتالياً مضطرين الى العمل استعداداً لمواجهة الأسوأ. وفي هذا المجال يفيد المتابعون والباحثون الاميركيون انفسهم ان ايران كانت تملك بدورها تقويماً للاوضاع داخل اميركا ولمواقف ادارتها قريباً من تقويم سوريا. وهذا ما سهّل زيادة لحمة التحالف والتفاهم بين الدولتين اثناء المحادثات السورية – الاميركية الاخيرة على مستوى القمة، سواء التي حصلت في مطار دمشق او بعد ذلك في طهران. واول عناصر التقويم الايراني المشار اليه توقع خسارة كبيرة لاوباما في مجلس النواب من دون اغفال احتمال خسارته ايضا لمجلس الشيوخ. وثانيها ان الحزب الجمهوري الذي بات يقوده حاليا ما يعرف ب"حزب الشاي" يقف الى جانب اسرائيل وعلى نحو متطرف، وهو مستعد لدعم اي قرار تتخذه يتعلق ب"حزب الله" اللبناني او بالجمهورية الاسلامية الايرانية. وهذا يعني وبسبب "الاسلاموفوبيا" (الرهاب او الهلع من الاسلام) التي تجتاح الولايات المتحدة، أن هؤلاء الجمهوريين سيدعمون عملاً عسكرياً اسرائيلياً مباشراً ضد ايران و"حزب الله"، وسيمتنعون عن الضغط على اسرائيل للتنازل للفلسطينيين كي يستمروا في المفاوضات معها. ولا شيء يؤكد، بحسب هؤلاء، ان سوريا ستبقى في منأى عن الاستهداف، اذا اتخذت مواقف "معادية" في اثناء ضرب ايران او "حزب الله".

انطلاقا من ذلك، يرى المتابعون والباحثون الاميركيون انفسهم، ان "مذكرات الجلب" السورية كانت نوعا من لفت النظر او ربما التهديد لاوباما، ولكن على "الطريقة الأسدية". كما كانت رسالة واضحة لكل من المملكة العربية السعودية ومصر. للأولى كي تنفذ الالتزامات المتعلقة بالرئيس الحريري التي اخذتها على نفسها. وللثانية كي لا تعطي الحريري وفريقه آمالاً زائفة عبر وعده بمساعدات تعرف هي ان الوفاء بها صعب لاعتبارات واقعية. ويرى هؤلاء ايضا ان هدف الاسد من كل ذلك هو ابقاء "القدر تغلي" وابقاء "التحزّر" على المواقف التي سيتخذ من قضايا عدة. لكنه في رأيهم لن يتخذ قرارا يقلب الاوضاع في لبنان كما يخشى كثيرون. مع الإشارة الى ان المتابعين اللبنانيين يفيدون ان التكهن الامني لمواقف الرئيس السوري (عدم قلب الأوضاع) قد لا يكون صحيحا، علما ان قلبها قد يتخذ اشكالا عدة، بعضها سلمي وبعضها عنفي وبعضها "نص نص". وعلما ايضاً ان قرارا بذلك تفرضه تطورات الداخل وتطورات معركة الخلاص من "المحكمة الدولية" والتي تخوضها سوريا بالحدة نفسها التي يخوضها "حزب الله" ومعه ايران

=======================

قانون المواطنة الإسرائيلي ورهاب الديمغرافيا

فؤاد حسين

hussein.fuad@gmail.com

الرأي الاردنية

13-10-2010

صحيح أن قانون المواطنة الذي أقرته الحكومة الإسرائيلية ينم عن عنصرية مقيتة، لكنه قبل ذلك يكشف عن الخوف المستتر في العقل الباطني للقادة الصهاينة من المصير الذي ينتظر كيانهم، ذلك أنه الكيان الوحيد على الكرة الأرضية الذي يواجه سؤال الوجود والبقاء، والوثائق المتعلقة بالساعات الأولى لحرب أكتوبر، التي نشرت مؤخرا، كشفت عن الخوف الذي اعترى القادة الصهاينة حينذاك على مصير الدولة العبرية ككيان، مما يؤشر أن الصهاينة يدركون أن زوال كيانهم حتمي، وأن المسألة مسألة وقت.

 

وأكثر ما يقلق قادة الكيان الصهيوني هو الخلل الديمغرافي الخطير الذي بات يهدد كيانهم فأصبحوا يبحثون عن كل الوسائل التي تضمن لهم بقاء دولتهم أولا، وتضمن لهم نقاءها اليهودي ثانيا، فقد قال نتنياهو أثناء مناقشة قانون المواطنة في مجلس الوزراء الإسرائيلي أن بإمكان أي يهودي في العالم أن يأتي الى إسرائيل ويصبح مواطنا فورا فإسرائيل هي دولة لكل يهود العالم، ولو جاء كل يهود العالم الذين لا يتعدون إثني عشر مليونا في أحسن تقدير، فهم لا يزيدون حاليا عن عدد الفلسطينيين في الداخل والشتات، ولو إستثنينا من هم الشتات يهودا وفلسطينيين فإن العدد متساو إذا أضفنا سكان الضفة الغربية وغزة، بينما يشكلون ربع عدد السكان في فلسطين المحتلة عام 48، لكن نسبة نمو الفلسطينين تفوق كثيرا اليهود الى حد أن دراسة إسرائيلية ذكرت أن عدد العرب سيصل الى أربعين في المائة في القدس عام 2020 إذا إستمرت نسبة زيادة المواليد عند الفلسطينيين وفق معدلاتها الحالية، علما أن عددهم الآن لا يتجاوز الربع جراء الطرد والتهجير والبناء الكثيف للمستوطنات، مما يعني أن الإسرائيليين يواجهون خطر القنبلة الديمغرافية وينظرون اليها على أنها الأخطر على كيانهم.

 

القسم بالولاء لإسرائيل دولة يهودية ديمقراطية لن يؤديه اليهود المهاجرون المرشحون للحصول على الجنسية الإسرائيلية، فالقانون صمم خصيصا للعرب، خاصة أولئك فلسطينيي الضفة الغربية وغزة الذين يتزوجون من فلسطينيات ال 48، ويستحقون الجنسية وفقا لذلك، إذا هي محاولة للحد من عودة الفلسطينيين الى ديارهم عن طريق الزواج، بعد أن منعوا بالقوة العسكرية والقوانين التعسفية، ومن المتوقع أن يتأثر بهذا القانون حاليا نحو خمسة وعشرون ألف أسرة فلسطينية، ومستقبلا سيحد من إقدام الفلسطينيين على تلك الزيجات، الا إذا ضربوا بعرض الحائط نصوص القانون وتلفظوا بكلماته لا يعنوها للحصول على الجنسية.

 

سيرى قانون المواطنة الإسرائيلي النور قريبا بعد أن يقره الكنيست فأغلبية أعضائها من اليمين الذي يؤيد هكذا توجهات، وستقتصر المعارضة على بضع أعضاء من الليكود وكاديما، علاوة على الأعضاء العرب الذين يدركون أكثر من غيرهم الطبيعة العنصرية للقوانين الإسرائيلية، ومن قبلها الممارسات الإسرائيلية، لكن القانون ستكون إنعكاسته الإعلامية والسياسية سلبية على ذلك الكيان كونه يكشف علنا وللمرة الأولى الطبيعة العنصرية للتركيبة الصهيونية، ليس لنا نحن العرب فقد خبرنا ذلك مذ زمن طويل، لكن لأولئك الغربيين الذين ما زالوا يعتبرون إسرائيل واحة للديمقراطية، ليدركوا لاحقا أن العنصرية والديمقراطية نقيضان لا يمكن أن يجتمعا في نظام واحد.

=======================

إسرائيل في ظل الاستفتاء الشعبي التركي

غاليا ليندنشتراوس وعوديد عيران

نشرة صادرة عن مركز بحوث الامن القومي الاسرائيلي

الرأي الاردنية

13-10-2010

نتائج الاستفتاء الشعبي في 12 ايلول 2010 في تركيا على الاصلاحات في الدستور تؤشر الى استمرار الجمود في علاقات هذه الدولة مع اسرائيل.

 ومع ان الاستفتاء الشعبي تطرق الى مسائل داخلية الا انه يمكن أن نرى في نتائجه تأكيدا عاما اعطته اغلبية المشاركين على سياسة الحكومة في مجالات اخرى، بما في ذلك السياسة الخارجية.

 وزير الخارجية التركي احمد داوداوغلو، يقود منذ زمن بعيد سياسة عالمية واقليمية تقوم على اساس كتابه «عمق استراتيجي» و تستهدف تعزيز مكانة تركيا في المجال الجغرافي – السياسي القريب، ضمن امور اخرى من خلال تعزيز العلاقات مع الدول العربية والدول الاسلامية.

هذا الميل والبحث عن دور مركزي في ساحة الشرق الاوسط يشرحان بقدر كبير الازمة الشديدة في العلاقات بين تركيا واسرائيل. وبينما لا تحاول تركيا طمس الازمة مع اسرائيل، فانها تبذل الجهود لتشرح بان تعزيز العلاقات مع دول اسلامية ولا سيما مع ايران لا تمس ولا توجد في تضارب مع رغبتها في تعزيز علاقاتها مع الدول الغربية ورغبتها في مواصلة عملية الانضمام الى الاتحاد الاوروبي.

الاصلاحات التي اقرت في الاستفتاء الشعبي تعنى بتغيير الدستور الذي بدأ بالانقلاب العسكري في تركيا في 1980. وظاهرا جاءت هذه التعديلات كجزء من سياقات التحول الليبرالي الداخلي التي طالب بها ايضا الاتحاد الاوروبي في اطار المطالب التي طرحت في المفاوضات تمهيدا لانضمام تركيا الى الاتحاد. عمليا، من حق حزب السلطة بقيادة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان ان يرى في نتائج الاستفتاء تفويضا وتأكيدا واسعين، بل وانتصارا مؤقتا على الاقل على التيار العلماني الذي يقلق على تراث اتاتورك.

كما أن للانتصار في الاستفتاء أثر على علاقات الحكومة مع الجيش وذلك لان نتائج الاستفتاء تؤدي الى انجراف آخر في قدرة الجيش على التدخل في السياقات السياسية، الداخلية والخارجية، وان يشكل مركز قوة منافس لحزب العدالة والتنمية. الجيش وجهاز الامن في تركيا شكلا قوة رائدة في تطوير وتعزيز العلاقات بين تركيا واسرائيل. اضعاف مكانة الجيش وقدرة تأثيره على السياسة الداخلية والخارجية سيجعل من الصعب اعادة بناء هذه العلاقات.

قضية الاسطول وسيطرة سلاح البحرية الاسرائيلي على سفينة «مرمرة» لم تكن السبب بل المسرع فقط لتدهور العلاقات. على خلفية تطبيق سياسة «العمق الاستراتيجي» في السياسة الخارجية التركية، اعتبرت حملة «رصاص مصبوب» في غزة بعد عدة ساعات من زيارة رئيس الوزراء ايهود اولمرت الى أنقرة ووقف المفاوضات بين اسرائيل وسوريا بوساطة تركية، بعد صعود حزب الليكود الى الحكم في اسرائيل، كتوجيه اهانة لقادة الحكم التركي.

قضية الاسطول التركي الى غزة فاقمت فقط وعمقت الازمة في العلاقات. في تصريحات متكررة تعود تركيا لتعرض مطالباتها لاعادة العلاقات الى سابق عهدها.

 ففي مقابلة منحها داوداوغلو لصحيفة «الحياة» (28/ايلول 2010) يطرح مطالب تركيا بالنسبة لنتائج الاسطول بانها موضوع مبدئي وهو يطلب من اسرائيل الاعتذار واعطاء تعويضات لعائلات القتلى. ينبغي الافتراض بان تركيا لن تقبل باستنتاجات «لجنة تيركل» مهما كانت هذه الاستنتاجات.

من جهة اخرى، ينبغي الافتراض بانها تنتظر النتائج والاستنتاجات للجنة التحقيق التي شكلها الامين العام للامم المتحدة وهذه لن تنشر حتى شباط 2011. كما ينبغي الافتراض بان اسرائيل لن توافق على الشروط التي طرحتها تركيا لاعادة السفير التركي الى البلاد واعادة العلاقات الى سابق عهدها.

 على اسرائيل أن تأخذ بالحسبان بانه على الاقل في مجال التعاون العسكري – الامني لا يمكن للعلاقات ان تعود الى سابق عهدها والى الكثافة التي تميزت بها العلاقات قبل الازمات في السنوات الثلاث الاخيرة.

ورغم أنه في المقابلة مع «الحياة» لا يعرض وزير الخارجية التركي الوساطة بين اسرائيل وسوريا كشرط، الا انه ينبغي الافتراض بان هذا الموضوع ايضا يشكل مثابة شرط غير مذكور لاعادة العلاقات الى سابق عهدها.

من هذه الناحية سهل الرئيس السوري بشار الاسد على اسرائيل وتركيا حين قال في مقابلة مع التلفزيون التركي «TRT» في 6 تشرين الاول 2010 ان الولايات المتحدة وفرنسا هما ايضا تحاولان تحريك المفاوضات بين اسرائيل وسوريا ويفهم من ذلك انه لم يعد يمنح حصرية للوساطة التركية، وذلك خلافا لما قيل في الماضي.

الوساطة بين اسرائيل وتركيا في عامي 2007 – 2008 سمح لتركيا بان تعرض احد الانجازات الابرز لسياسة «العمق الاستراتيجي» و «صفر مشاكل مع الجيران».

ورغم القول المتكرر لوزير الخارجية التركي عن استعداد بلاده لتعود فتؤدي دور الوسيط بين اسرائيل وسوريا، من الصعب التصديق بان اسرائيل، رغم رغبتها في ترميم العلاقات ستوافق على ذلك. وذلك في ضوء السياقات التي تجري في تركيا والتي وجدت تعبيرها ايضا في اضعاف الجيش التركي وحبس بعض قادته في الماضي (هؤلاء شكلوا الحلقة البشرية الرابطة بين الدولتين) وكذا في نتائج الاستفتاء الشعبي.

 ولا تقل اقلاقا من ناحية اسرائيل حقيقة التقارب الذي طرأ في السنوات الاخيرة بين الحكومة في أنقرة وبين النظام في طهران.

ورغم الاعلانات التركية بانها ستنفذ قرارات مجلس الامن حول العقوبات تجاه ايران فان التفسير الذي تمنحه تركيا لهذه القرارات مخففة (وزير الخارجية التركي في مقابلة مع CNN في 24 ايلول 2010، ادعى بان ليس في قرار 1929 عقوبات مالية ومصرفية على ايران).

رغم ما قيل اعلاه، فانه سيكون ممكنا ايجاد صيغ للتوافق مع المطالب التركية في موضوع الاسطول. فاقامة منطقة للتجارة الحرة بين تركيا، سوريا ولبنان والمساعدة التركية في اقامة مناطق صناعية في السلطة الفلسطينية تشير الى امكانية كامنة لدور تركي ايجابي في الاقتصاد الاقليمي.

 كما أن الحاجة لدور طرف ثالث في اطار حل النزاعات بين اسرائيل وسوريا وبين اسرائيل والفلسطينيين، كفيل بان يمنح تركيا دورا ايجابيا ينسجم وتطلعاتها السياسية في المنطقة. اكتشاف الغاز الطبيعي امام شواطىء غزة، اسرائيل وربما في المستقبل ايضا امام شواطىء لبنان وسوريا كفيل بان يمنح تركيا مكانا هاما بالاساس في مجال البنى التحتية للنقليات.

نتائج الاستفتاء الشعبي ينبغي ان تؤدي الى الاستنتاج بان على اسرائيل أن تقبل بوضع يواصل فيه اردوغان وحزبه السيطرة في تركيا وينبغي الاستعداد بشكل جذري لهذه الامكانية. السقف السياسي والامني الذي تطرحه تركيا لاعادة تطبيع العلاقات بقيادة اردوغان عالٍ ولكن لدى اسرائيل الادوات والاوراق التي تمنحها قدرة مناورة معينة حيال تركيا. ينبغي تشجيع المبادرات التي تستهدف ازاحة الخطاب التركي – الاسرائيلي عن نطاق التصريحات (في صالح حكومة اسرائيل ينبغي القول بانها في هذا المجال ضربت على نفسها صمتا ولا تنجر للرد على تصريحات السياسيين الاتراك) الى نطاق البحث عن مواضيع للنشاط المشترك الذي تلتقي فيه مصالح تركيا واسرائيل.

=======================

البدء بتهويد الانسان والأرض معا

راكان المجالي

 الدستور

13-10-2010

ليس الأمر كما وصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن الدولة اليهودية بأنها تسمية ، وذلك أمام تجمع القيادات اليهودية في أمريكا على هامش مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، فالدولة اليهودية ليست تسمية وانما هي قرار بات قيد التنفيذ بمجرد اقرار العالم بذلك بما في ذلك الانظمة العربية والسلطة الفلسطينية.

 

ولا يقتصر الامر على ما سبق وأشرنا له في مقال سابق من تطور النظرة الرسمية الامريكية للدولة اليهودية عبر منح الرئيس أوباما لها ايدولوجية وفلسفة وهوية حضارية في رأيه انها راسخة وظلت مستمرة على مدى 2000 عام،،

 

بالاضافة الى كل ما ذكرنا المهم هو الحديث اليوم عن التنفيذ على الارض لتأكيد ان الفلسطيني ليس هو العدو وانما هو البديل ، ولذلك يجب ازالة شخصيته ووجوده عبر تطهير عرقي وابادة جماعية اذا لزم الأمر ، لكن لا يمكن ان يقبل من الفلسطيني اقل من أن يغير دمه وينتزع قلبه وأن يخلع هويته الوطنية والقومية والحضارية ، وان يبدأ بالتأهل لأن يغتال عقله ووجدانه ويزرع بدلا منهما عقلا ووجدانا يهوديين.

 

وقد بدأت اسرائيل كما هو معروف بتطبيق ما تسميه الشرعية التاريخية والوجودية للدولة اليهودية العنصرية ، باضافة البعد الفاشي لها تحت عنوان اجبار عرب 1948 على القسم بالولاء للدولة اليهودية كشرط لقبول تواجدهم في اطار الدولة اليهودية الخالصة العرق ، وذلك لا يقتصر على القسم اللفظي وانما السلوك والممارسة والحماس للهوية الجديدة بما في ذلك الخدمة العسكرية وتنفيذ أي مهمة تطلب منهم شأنهم شأن أي يهودي حاقد لمحاربة الفلسطينيين وكل من لا يتحول الى يهودي حاقد فسيكون مصيره الطرد والتهجير،،

 

لا شيء أبشع مما ذكرنا أكثر من النص على ان قسم الولاء هو قسم الايمان المطلق ب "الدولة اليهودية الديمقراطية".. ولاحظوا كلمة ديمقراطية التي تنزع هوية الانسان وتغير جلده وهي واحدة من المسائل المحرمة في ميثاق الأمم المتحدة وبيان حقوق الانسان باسم الانسانية وكل دول العالم التي وقعت عليه كشرعة انسانية عصرية لا يجوز ان تنتهك.

 

واذا كان الشعار الذي تجمع عليه كل القوى في اسرائيل هو دولة يهودية ديمقراطية فان المضمون هو دولة يهودية عنصرية وفاشية من منظور ليبرمان الذي هو عنوان المرحلة الحالية لايصال الكيان الصهيوني الى هذا الحد من الغطرسة والاستكبار والاستعلاء والعدائية والحقد بدعم من المجتمع الدولي وخاصة الغرب بقيادة امريكا خلافا لجوهر الحضارة الغربية الانسانية الحديثة.

 

وبينما يفكر الفلسطينيون والعرب والعالم في كيفية استئناف المفاوضات حاليا ، فان اسرائيل تندفع في خلق وقائع جديدة لا تقتصر على تهويد الارض ، بل تهويد الانسان عبر فرض يهودية واكراه تلغي هويته وانسانيته وتحول مجتمعات فلسطين 1948 الى حظيرة دواجن أو ماشية.. أو.. أو.. الخ.

=======================

كشف المستور

رشيد حسن

الدستور 13-10-2010

في الذكرى السابعة والثلاثين لحرب رمضان المجيدة ، تكشفت حقائق كثيرة ، أميط اللثام عنها في الجانب الإسرائيلي ، أهمها ما جاء في كتاب المؤرخ "أفنير كوهين" ، حول انهيار الجنرال ديان ، وزير حرب العدو ، في الأيام الأولى للمعركة ، واقتراحه ضرب مصر وسوريا. ، بالاسلحة النووية ، لانقاذ اسرائيل من انهيار محقق ، شهادة المؤرخ "كوهين" هذه ، تستند إلى أقوال خبير في الشؤون النووية الإسرائيلية ، البروفسور نوفال نئيمان ، كما أكدتها وثائق ، أبرزتها الصحف الإسرائيلية "يديعوت أحرونوت" و "هآرتس" وجميعها تؤكد ما ذهب إليه "كوهين" ، وعلى كل حال" فإن هذا الحدث المهم يؤكد جملة حقائق أبرزها في تقديرنا:

الأولى: اعتراف العدو وعلى أعلى المستويات ، بأنه يملك سلاحا نوويا ، وهو ما دأب على اخفائه ، والتكتم عليه ، تحت عنوان "الغموض النووي" ، وأن هذا السلاح كان جاهزا في حرب 1973 ، وأن طلب دايان باستعمال هذا السلاح ، لإنقاذ الكيان الصهيوني المهدد بالانهيار ، يؤكد أن العدو مستعد فعلا لاستعمال هذا السلاح ، وخاصة بعد تطويره ، ضد أهداف استراتيجية ، وجاءت تهديدات الإرهابي ، ليبرمان وزير خارجية العدو ، بضرب السد العالي وغزة ، بالسلاح النووي لتؤكد ما أشرنا إليه.

الثانية: إن امتلاك العدو للسلاح النووي 200" رأس نووي" يعطي الحق لأي دولة في المنطقة ، بامتلاك هذا السلاح ، حماية لأمنها ، وردا على الإرهاب النووي الإسرائيلي ، ومحاولات ابتزاز العدو ، التي لم ولن تتوقف ، ولتحقيق توازن الرعب النووي ، كما هو الحال بين الهند والباكستان.

وفي هذا الصدد ، نشير إلى تواطؤ الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي مع العدو الصهيونين في رفضه الانضمام إلى قائمة الدول ، الموقعة على عدم انتشار الأسلحة النووية.

ونقارن أيضا.. بين هذا الموقف المنحاز للعدو ، والذي يشكل خطرا على المنطقة ، وعلى السلم العالمي ، وموقف الرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي ، ورفضه المطلق وجود أسلحة نووية في إسرائيل ، ما اعتبره المراقبون سببا في اغتياله ، بعد ما أكد ابن غوريون ، بأن وجود كينيدي يشكل خطرا على إسرائيل.

وفي هذا السياق نسأل ونتساءل؟ كيف تطمئن الدول العربية إلى هذا العدو المدجج بالسلاح النووي؟ والذي لا يتوقف عن التزود بأحدث الأسلحة الأميركية ، وكان آخرها طائرة "اف "35 القادرة على ضرب أهداف في روسيا ، بدون التزود بالوقود ، أليست هذه القوة الباغية الطاغية ، مكرسة لتحقيق أهداف العدو التوسعية العدوانية.

باختصار...حرب رمضان المجيدة ، أكدت أن الأمة قادرة على الانتصار ، إذا أخذت بشروطه ، كما كشفت هذه الحرب عن المستور ، وأكدت بما لا يدع مجالا للشك ، بأن صراعنا مع العدو الصهيوني صراع وجود لا صراع حدود.

ولكل حادث حديث.

===================

الاموال المهدورة بين صفقات السلاح وبناء المفاعلات

د. سعيد الشهاب

2010-10-12

القدس العربي

فجأة انطلق سباق محموم في مضمار الطاقة النووية، واصطفت الدول العربية في خط واحد للدخول في النادي النووي لاسباب واضحة احيانا وغامضة في اغلب الاحيان.

هذا الاصطفاف يأتي في اجواء التوتر والاحتقان في العلاقات بين ايران والتحالف الغربي بضغوط متواصلة من اللوبي الصهيوني الذي يسعى لامرين: حماية 'اسرائيل' من التوجه الدولي لاخضاع مشروعها النووي للرقابة الدولية، ومحاصرة ايران، او اية دولة عربية او اسلامية اخرى تسعى لامتلاك مشروع نووي غير خاضع للاملاءات الاجنبية في ما يتعلق بالتكنولوجيا.

الحماس العربي دفع عددا من الدول العربية لوضع خطط جدية لامتلاك مفاعلات نووية، بتكاليف باهظة، ولأغراض تستعصي على الفهم احيانا. فمثلا يمكن فهم رغبة دولة عربية كبرى مثل مصر في امتلاك مشروع نووي سلمي، نظرا لحاجتها الكبيرة للطاقة، ولكن ما الضرورة التي تدفع دول الخليج، خصوصا الصغيرة منها، للاندفاع بهذه السرعة في هذا المضمار؟ هل تواجه هذه الدول ازمة في الحصول على الطاقة وهي التي تملك مصادر نفطية هائلة؟ ام هل لديها من السكان ما يستدعي الاسراع في ذلك؟ وربما السؤال الاكثر وجاهة: ما دوافع التوجه للطاقة النووية؟ أهو قرار صادر من العواصم الغربية لاغراض اقتصادية؟ ام انه محاولة لاحكام الحصار على ايران في ما يتعلق بمشروعها النووي؟ هذه التساؤلات اصبحت ملحة، وتحتاج الى قراءات هادئة، وحوارات متواصلة خصوصا من ذوي العقول والاقلام، واصحاب الخبرة والاهتمام. فتوجه كهذا يجب ان لا يكون محصورا بقرارات سياسية تتخذ في الاجتماعات السرية، لانها تمس مصالح المواطنين سواء بسبب ما تمثله من ضغوط على موازنات الدولة ام ما يرتبط بجوانبها البيئية والصحية والامنية. ومن الضروري فتح السجال على اوسع ابوابه، والخروج من الدوائر الضيقة التي تصنع القرارات الاستراتيجية بدون مشاركة المواطنين في عقولهم وتحليلاتهم ورغباتهم.

في الاسبوع الماضي ذكر تقرير خاص بصحيفة 'التايمز' اللندنية ان تحرياتها اكدت وجود رغبات العديد من الدول لبناء 15 مفاعلا نوويا بحلول العام 2025، اربعة منها في دولة الامارات العربية المتحدة، واربعة في الكويت، ومثلها في السعودية (التي سوف تصدر قرارها بذلك قبل نهاية العام المقبل)، واثنان في مصر، وواحد في الاردن. اما تركيا فقد وقعت في شهر ايار/ مايو الماضي اتفاقية مع روسيا لبناء اربعة مفاعلات بتكلفة 20 مليار دولار. الهدف الاساسي المعلن لبناء هذه المفاعلات توفير الطاقة لهذه الدول، ولكن لا يستبعد بعض الخبراء ان يكون ذلك بداية لسباق في مجال السلاح النووي، وان كانت المعطيات لا تشير الى ذلك بوضوح. يتأكد المنحى السلمي لاغلب هذه المفاعلات من حقيقة مهمة وهي ان هذه الدول لن يسمح لها بتخصيب اليورانيوم، وهي الخطوة التي يعتبرها الخبراء، الشرط الاساس للدخول في مضمار صناعة السلاح النووي. فاذا تم اخضاع المنشآت النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فسوف يتعسر حرف المشاريع نحو التصنيع العسكري. فحتى الآن ليس هناك في الشرق الاوسط سوى الكيان الاسرائيلي، ممن يمتلك مشروعا نوويا عسكريا. وقد استطاع هذا الكيان الوصول الى مرحلة التصنيع العسكري بدعم امريكي مباشر سمح له بعدم توقيع اتفاقية منع انتشار السلاح النووي (ان بي تي)، وعدم السماح للوكالة الدولية بتفتيش منشآتها النووية منذ ان بنيت في الخمسينات. تم ذلك في اطار الالتزام الامريكي بالحفاظ على التفوق العسكرية الاسرائيلي في المنطقة، لمنع اي تحد للاحتلال والتوسع اللذين يمثلان جوهر العقيدة الصهيونية. ومنذ ان تم الكشف عن وجود الذراع العسكري للمشروع النووي الاسرائيلي على يدي مردخاي فعنونو قبل ربع قرن، رفضت الولايات المتحدة وحلفاؤها ممارسة اي ضغط على الكيان الاسرائيلي لاتخاذ اية خطوة لنزع ذلك السلاح. اما الضجة المرتفعة حاليا فتقتصر على استهداف ايران، ليس لانها تمتلك مشروعا نوويا عسكريا، بل لانها ربما تفكر في امتلاك مثل هذا المشروع.

المسألة الجوهرية في النزاع الغربي ضد ايران ينطلق من ارضية واضحة: ما هو مصدر اليورانيوم المخصب الذي يستعمل لتشغيل المفاعل؟ فقد سمح للكيان الاسرائيلي بامتلاك اعداد كافية من اجهزة الطرد المركزي الضرورية لعمليات التخصيب، بينما سعت واشنطن منذ ثماني سنوات لمنع ايران من ممارسة ذلك التخصيب. وليس من دليل على محورية هذه العملية في المشروع النووي اقوى من رفع القضية لمجلس الامن الدولي ودفعه لاتخاذ سلسلة من الاجراءات العقابية ضد ايران، برغم تعاونها مع الوكالة الذرية، وبرغم توقيعها اتفاقية ان بي تي، وبرغم تعاونها المعقول مع المفتشين الدوليين التابعين للوكالة. عملية التخصيب المذكورة تمثل قلب المشروع النووي ولذلك فان منعها يهدف لأمور اربعة: اولها منع توجيه اليورانيوم المخصب للتصنيع العسكري، ثانيها: حصر التزويد بكميات محدودة لا تفي بغرض التصنيع العسكري، وثالثها التحكم في نسبة التخصيب، لان صناعة القنبلة النووية تحتاج الى يورانيوم مخصب بنسبة اكبر من 90 بالمائة، بينما النسبة المطلوبة لتشغيل مفاعلات الطاقة 20 بالمئة، رابعها: منع الخبراء المحليين من امتلاك القدرة المعرفية لعملية التخصيب. وبذلك تبقى المفاعلات، برغم ما تدفعه الدول في مقابل بنائها، وكأنها مصانع مستأجرة من الدول التي قامت ببنائها. فاستهداف ايران، برغم عدم وجود ما يشير بشكل قاطع الى انها تسعى للتصنيع العسكري، ينطلق على اساس منع امتلاكها 'القدرة' العلمية والعقلية والنفسية على تخطي الحاجز الفولاذي بين من يملك التكنولوجيا النووية ومن لا يملكها. هذه الملكية لا تتحقق بوجود مفاعلات تبنى وتدار من قبل الشركات الاجنبية، لانها ستكون كالسيارات الفاخرة او اجهزة الهاتف النقال المتطورة جدا، فهذه ادوات مستوردة لا تعكس تقدما حقيقيا للبلد بقدر ما تعبر عن ظاهرة الاستهلاك المتنامية في بلدان عالمنا العربي والاسلامي. فالغرب لا يرفض تصدير مصنوعات الى البلدان الاخرى خصوصا اذا كان يتقاضى عنها اسعارا مضاعفة، ولكنه يقف بحزم عندما يسعى اي من هذه البلدان للاستقلال السياسي او العلمي او التكنولوجي. فالمطلوب ابقاء عالم العرب والمسلمين متخلفا علميا وصناعيا، واتكاليا في احتياجاته على الدول الغربية خصوصا في اوقات الكساد الاقتصادي والشحة المالية كما هو الحال في الوقت الحاضر.

ان امتلاك التكنولوجيا المتطورة ضرورة لبلدان العالم الاسلامي. ولو وجه جانب من الثروات المالية والبشرية بشكل مدروس في هذا الاتجاه لتغير وضع هذه الامة. اما التسابق من اجل استيراد احدث المنتجات الصناعية والاسلحة المتطورة فانما يزيد حالة الاعتماد والاتكالية والتبعية، ويحول دون الاستقلال الحقيقي. ايران اليوم تواجه حصارا شاملا لم تشهده من قبل. ويخطىء من يسعى للتقليل من الآثار السلبية لهذا الحصار الذي طال كافة اوجه نشاطها المالي والتكنولوجي. وفي الاسابيع الاخيرة اوقفت دولة الامارات العربية المتحدة مصارفها عن اي تعامل مالي مع المصارف الايرانية، متذرعة بقرارات الامم المتحدة، وكان العديد من دول مجلس التعاون قد اتخذ هذه الخطوة خصوصا البحرين والكويت. وبقيت تركيا البلد الوحيد الذي رفض الانصياع للقرارات التي املتها الارادة الامريكية على المجتمع الدولي بمقاطعة ايران اقتصاديا، ولكن انقرة، هي الاخرى، تخضع لضغوط لاتخاذ خطوات المقاطعة، ولكنها تشير الى الموقف الغربي المتحسس ازاء تركيا، خصوصا التلكؤ في النظر بطلب الانضمام للاتحاد الاوروبي. وتجدر الاشارة الى ان مواطني تركيا والبوسنة وكوسوفو يحتاجون لتأشيرات سفر لزيارة بقية دول الاتحاد الاوروبي، من بين كافة الشعوب الاوروبية. هذا التمييز في المعاملة من بين العوامل التي دفعت انقرة لاعادة النظر في مواقفها وسياساتها تجاه ايران التي تستهدف بدوافع غير منصفة ولاسباب سياسية ودينية وحضارية. وفي الاسبوع الماضي شعر الايرانيون بامتعاض عندما القى مستشار الكويت الدائم لدى الامم المتحدة، محمد فيصل المطيري، كلمة بلاده امام الدورة ال 65 للامم المتحدة، ودعا كلا من 'اسرائيل' وايران الى 'التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية'. فهل يجوز المساواة بين دولة وقعت اتفاقية ان بي تي وسمحت لمفتشي الوكالة بمراقبة منشآتها، ولا تمتلك سلاحا نوويا، مع كيان يرفض كلا من هذه الالتزامات؟ مطلوب من الدول العربية والاسلامية تصعيد الضغوط على الدول الغربية لمحاصرة 'اسرائيل' بخصوص مشروعها النووي العسكري، من جهة، والتعاون بشكل فاعل لابقاء الشرق الاوسط منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل ومنها السلاح النووي من جهة اخرى. هذا الموقف ضروري لحماية مصالح دول المنطقة وشعوبها وتحجيم الغرور الاسرائيلي الذي اصبح يتحدى الارادة الدولية ويصر على بناء المستوطنات ضد تلك الارادة.

ما الذي حققته الصفقات العملاقة بين الدول العربية والغرب خصوصا في مجال الطاقة النووية وصفقات السلاح؟ ان من السذاجة بمكان الاعتقاد بسلامة المشاريع النووية او قدرتها في المدى البعيد على توفير حاجات الدول من الطاقة، خصوصا في منطقة الخليج. ويمكن طرح النقاط التالية لزيادة توضيح الصورة الضبابية حول هذه القضايا الاستراتيجية، بما يلي: اولا ان منطقة الخليج تملك من النفط ما يكفي فترات طويلة، خصوصا لو اتخذت قرارات بخفض معدلات الانتاج بهدف الحفاظ على الكميات المختزنة منه، وزيادة اسعاره ليصل الى سعره الحقيقي الذي يعادل ضعف اسعاره الحالية. ثانيا: ان المفاعلات النووية باهظة التكاليف ولا يمكن تبرير تلك التكاليف بسهولة. فاذا دفعت دولة الامارات مثلا 40 مليار دولار لبناء المفاعلات الاربعة المذكورة (في مقابل 20 مليار تدفعها تركيا لروسيا لبناء اربعة مفاعلات مماثلة) فان ذلك المبلغ يكفي لدفع تكلفة انتاج الطاقة الكهربائية للامارات اربعين عاما، بينما العمر الافتراضي للمفاعل لا يتجاوز العشرين عاما. ثالثا: تعاني منطقة الخليج من التلوث البيئي بمعدلات خطيرة، وثمة صمت كبير على هذه الظاهرة نظرا لتبعاتها السياسية. ومن مصادر هذا التلوث الصناعات البترولية والغازات السامة التي تنبعث من مصانع البتروكيماويات، وعمليات استصلاح الاراضي البحرية وما ينجم عنها من تدمير الشعب المرجانية الضرورية لانواع كثيرة من الاسماك، والنفايات النووية التي تشير دلائل عديدة لوجودها في قاع البحر، والتي ترميها الاساطيل العسكرية الامريكية خصوصا حاملات الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية. رابعا: تعمق الشكوك ازاء جدوى الصفقات العملاقة مع الغرب، خصوصا في مجالي الطاقة والجوانب العسكرية، خصوصا ان هذه الصفقات تعيد العائدات المالية من مبيعات النفط الى الخزائن الغربية، بينما لم تثبت جدوى تلك الصفقات والاتفاقات في اوقات الحاجة.

ففي مقابل 'الكرم' العربي عند توقيع الصفقات، يمكن ملاحظة المفارقات الشاسعة في تكاليف الصفقات بين ما تدفعه الدول الخليجية وما تدفعه 'اسرائيل'. ففي الصفقة الاخيرة التي وقعتها الولايات المتحدة مع الكيان الاسرائيلي الاسبوع الماضي، بلغت تكلفة شراء 20 طائرة مقاتلة من طراز اف 35 التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن كورب الامريكية 2.75 مليار دولار. وهذه الطائرات هي الاكثر تقدما في العالم، وربما ستكون 'اسرائيل' شريكا في تصنيعها. وسيتم دفع ثمن الصفقة من الدعم الامريكي للكيان الاسرائيلي الذي يقدر ب 30 مليار دولار على مدى السنوات العشر القادمة. بينما ستدفع السعودية اكثر من 60 مليار دولار ل 84 طائرة عسكرية امريكية من نوع F-15 القديمة التي تم تجديدها، ومثلها من الطائرات العمودية. وبذلك سيكون معدل سعر الطائرة اكثر من ضعفي سعر الطائرة التي تباع للكيان الاسرائيلي، والتي تعتبر اكثر تطورا. وعندما سئل الميجر جنرال المتقاعد ايهود شاني المدير العام لوزارة الدفاع الاسرائيلية، الذي وقع الاتفاقية، عن ايران عدو اسرائيل اللدود قال شاني ان طهران 'مشكلة لكل العالم الديمقراطي والحر وأحد الحلول لهذه المشكلة هو ...اف-35 .'

وتيرة هذه الاسعار اصبحت مألوفة في الصفقات العملاقة، وتتضاعف خلال العمر الافتراضي للصفقة الذي يصل عشرين عاما تتخللها دفوعات كبيرة للصيانة والتدريب. هذه الاسعار 'الخاصة' سوف تطبق كذلك على المفاعلات النووية المزمعة، الامر الذي يدفع للتساؤل عن مدى الحكمة وراء هذه الصفقات، وما اذا كانت حقا منطلقة من الشعور بالحاجة ام انها جزء من 'التفاهم' المصلحي بين هذه الحكومات والدول الغربية . ألم يحن الوقت لفتح السجال حول هذه القضايا واخراجها من حيز الطبقات السياسية الخاصة، وعرضها على الرأي العام عبر حوارات مفتوحة وصريحة؟ أليست هذه الاموال ملكا للشعوب؟ ام انها ستظل ملكا للنخب السياسية الحاكمة التي تمارس دورها بقوة السلاح والقمع؟ ألم يحن الوقت لاستثمار جزء من هذه الاموال بتمويل مؤسسات بحثية وتصنيعية في البلدان المتطورة في التكنولوجيا مثل تركيا وايران ضمن كونسورتيوم نووي (على غرار المشاريع التكنولوجية المشتركة في اوروبا) يخطط لبناء المفاعلات لكل بلد عربي يحتاجه لاحقا؟ ان تبديد اموال الامة بهذه الصفقات امر غير مفهوم وغير مبرر، ويستدعي سجالا اكثر تحررا وانفتاحا وصراحة، فالصمت عليها تخل عن المسؤولية وصمت على الباطل.

' كاتب وصحافي بحريني يقيم في لندن

=======================

جدال حول مفهوم التغيير

مازن كم الماز

2010-10-12

القدس العربي

حقيقة أن الحديث عن التغيير هو اليوم على كل لسان من السلطة القائمة إلى النخب المثقفة والمعارضة لا يعني الكثير، ففي الحقيقة يتحدث الجميع عن هذا التغيير من منطلق متقارب، رغم التناقضات الشكلية بين الخطابات السائدة، إنهم يتحدثون عن تغيير يمنع خروج الأمور عن السيطرة، تغيير يضع حدا لمخاطر انفجارات غير محسوبة، وهنا لا تقل حماسة القسم الأكبر من المثقفين أو السياسيين المعارضين عن أبواق السلطة القائمة نفسها في الإصرار على أن هذا 'التغيير' شيء لا علاقة له في الواقع بالجماهير، انه يجب أن يتم فوقها أو خارجها، بشرط أساسي هو الإبقاء عليها في حالة شلل واغتراب عن قضاياها.

التغيير المنشود إذن، مثله مثل أي شيء آخر تمارسه الأنظمة والنخب، يجب أن يكون فوقيا، يخص نخبة بعينها، وإلا فإنه سيكون تعبيرا عن الفوضى، يجب أن يجري في إطار هيمنة السلطة القائمة أو المتنافس عليها على المجتمع وفي إطار تبعية المجتمع (إن لم نقل استسلامه) لتلك السلطة، إما أن يتم داخل السلطة القائمة نفسها أو أن يجري بيد سلطة أخرى ذات صلاحيات استثنائية، كما هي حالة السلطة القائمة حاليا، أي فوق المجتمع وخارجه. إن هذا ليس إلا طريقة مختلفة للتعبير عن التنافس السياسي والاجتماعي بين النخب السائدة. لقد أنتجت المشاريع النخبوية في الخمسينيات والستينيات أنظمة الاستبداد القائمة على أساس رأسمالية الدولة البيروقراطية، بسبب رئيسي هو عجز الطبقات السائدة، البرجوازية وعلى الطرف الآخر الجماهير المهمشة اجتماعيا، عن فرض مشروعها أو التغيير الذي تطمح إليه. استمدت البيروقراطية، التي كانت جزءا مما يسميه بعض السوسيولوجيين بالطبقة المنسقة، التي تتألف من طبقة المديرين والمهندسين، وسائر المثقفين الضروريين لعمل منظومة الإنتاج أو جهاز الدولة البيروقراطي، التي كانت تلعب دور الإشراف على عملية الإنتاج وإدارة وظائف الدولة لصالح الطبقة السائدة، استمدت قوتها ومشروعيتها من هذا العجز بالذات. لا ينطبق هذا المصير على نخبة ايديولوجية بعينها، كان هذا صحيحا بالنسبة للنخبة الكمالية 'العلمانية' مثلا في تركيا، كما كان صحيحا بالنسبة للنخب القومية العربية، كما كان صحيحا بالنسبة للنخب اليسارية التوجه. ومن هنا بالذات، تستمد السلطة استقلاليتها النسبية عن المجتمع، تماما كما هي الحال في النظام البرونابرتي وفق التحليل الماركسي. ولهذا بالذات تصبح السلطة هي محور الصراع بين الأنظمة والنخب. إن الكلام الذي تردده النخبة المتلبرلة لا يعني أي شيء هنا، إنه مجرد رطانة ايديولوجية فارغة، فالنخبة المتلبرلة، وهي تفترض أنها كأية نخبة أو طليعة متفوقة على المجتمع المتخلف، وهذه الصفة طالما نسبتها الخطابات السائدة للجماهير تحديدا، هي المناط بها تحقيق مثالها الايديولوجي، أن تفرضه على الجماهير المتخلفة، بمعنى آخر أن تؤسس سلطتها الخاصة، بزعم أن هذه السلطة المطلقة، أو شبه المطلقة في أفضل الأحوال، هي الطريق الوحيد أمام 'التقدم' المنشود.

إن المفاهيم التي تشكل الايديولوجيا الليبرالية، أو النيوليبرالية، لهذه النخبة، لا تختلف كثيرا بالتالي، عن المفاهيم التي تشكل الخطاب الرسمي للأنظمة الشمولية القائمة، إلا في الشكل. إن تعريف الإنسان وفقا لمفهوم المواطنة الدارج في خطاب النخبة المتلبرلة يعني أنه مواطن في دولة، ان حدود 'حريته' تتوقف أو تنتهي عند ما يسمى بمصالح هذه الدولة، وما يسمى بالدولة المدنية الحديثة هي كأية دولة أخرى، تضع مصالحها فوق مصالح أفرادها، ولذلك فإن ما يسمى بالدولة المدنية الحديثة في خطاب النخبة المتلبرلة ستوجه هي أيضا تهم العمالة وإضعاف الشعور الوطني لخصومها الايديولوجيين والسياسيين، باختصار، لأن هذا هو منطق أية دولة مهما كان اسمها أو توصيفها من قبل حكامها. لا يجري اختيار السلطة في أي نظام رأسمالي (بما في ذلك في رأسمالية الدولة) من خلال صناديق الاقتراع، بل على أساس علاقات القوة والإنتاج والملكية السائدة في المجتمع. كما أن المشاريع النخبوية للخمسينيات والستينيات أنجبت أنظمة استبدادية تقوم على رأسمالية الدولة البيروقراطية فإن أي مشروع نخبوي فوقي اليوم، وفي الغد، سيؤدي إلى تحول تلك النخبة إلى بيروقراطية حاكمة على رأس نظام رأسمالية دولة، وسيبقى من الممكن أن نحكم قريبا فيم إذا كانت النخبة المتلبرلة ستخدم شعارات الديمقراطية التي ترفعها بأفضل مما فعل الستالينيون مع شعارات الاشتراكية، أو الأنظمة القومية العربية مع شعارات الوحدة العربية التي طالما تغنت بها. ولذلك بالتحديد تختار الصحافة الليبرالية الغربية والعربية (أو ما يسمى بالصحافة المعتدلة) أبطالها بعناية من بين ضحايا الوضع القائم، بما يبرر مشروعها السلطوي الخاص، سواء الرأسمالي العالمي أم الليبرالي المحلي. إنها لذلك تتجاهل، وهي مضطرة هنا لأن تتجاهل، معظم ضحايا الوضع القائم. ليس فقط أولئك الضحايا الذين لا تملك لهم أي شيء، مثل الغالبية العظمى من الفقراء والمهمشين اجتماعيا الذين سيحتفظون بنفس هذا الموقع الاجتماعي في ظل الدولة المدنية الحديثة بالضرورة، أي الخاضعة لسلطة النخبة المتلبرلة ومراكز النظام الرأسمالي العالمي، بل حتى من تتحدث عنهم، كالنساء اللواتي يتعرضن للاضطهاد، أو الخارجين على السائد الذين يدفعون إلى الهامش أو يعاقبون بسبب خروجهم هذا، إنها لن تتمكن حتى من تغيير واقع هؤلاء، بكل بساطة، لأن هؤلاء ليسوا قضيتها الفعلية، إن حريتهم المزعومة التي تغتصبها الأنظمة القائمة أو المؤسسات الدينية المسيطرة هي مبرر 'التغيير' الذي تدعو إليه، مبرر مشروعها السلطوي 'المضاد' ليس إلا، ولأن هؤلاء يحصلون حاليا بالفعل على حماية نسبية حتى من الأنظمة القائمة بفعل ضغوط إعلام النظام الرأسمالي العالمي، وربما بشكل أفضل مما يمكن للنخب المتلبرلة أن تفعله بسبب الطابع البوليسي للأنظمة القائمة. بالنسبة لمعظم ضحايا الأنظمة القائمة فهم خارج هذا التغيير المفترض، إنهم ضحايا ضروريون لأي نظام، لأية دولة بالضرورة، إلا تلك التي ستعبر مباشرة عنهم من دون وصاية من أية نخبة أو طغمة مهما كان المبرر وراء هذه الوصاية.

' كاتب سوري

* أنا لا أزعم نسبة هذه الأفكار جميعها لي، ما أفعله في الواقع هو أن أستعير تحليلات اليسار اللاسلطوي والحركة المناهضة للعولمة الرأسمالية عن الأنظمة التي كانت تسمي نفسها اشتراكية وعن النيوليبرالية وأطبقها على نظيراتها العربية

====================

رسالة مفتوحة من 250 سياسياً وناشطاً وإعلامياً ومهنياً إلى نجاد

نخشى نشوء "مسألة شيعية" في لبنان والمنطقة

الأفضل أن تقنعوا المقاومة بالدخول في كنف الدولة

المصدر: جريدة النهار

نقلاً عن المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات

الأربعاء 13 تشرين الأول 2010

عشية زيارة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد للبنان، وقع نحو 250 سياسيا وناشطا واعلاميا ومهنيا رسالة مفتوحة حذروا فيها من أن تشكل الزيارة "تدخلا في شؤون لبنان ومحاولة لتغليب فئة على أخرى". ودعوا الرئيس الايراني الى "إقناع المقاومة بالدخول في كنف الدولة".

وفي ما يأتي نص الرسالة مع التواقيع:

السيد الرئيس،

إذ تحلّون ضيفاً مكرّماً في بلدنا، بناء على دعوة من رئيس جمهوريتنا، نأمل أن تكون زيارتكم هذه دعماً لدولتنا السيّدة المستقلة، ولصيغة عيشنا، مثلما كانت زيارة سلفكم الجزيل الاحترام، الرئيس محمد خاتمي، التي تركت أطيب الأثر في نفوس جميع اللبنانيين دون استثناء.

غير أن واجب الضيافة يقتضي منا أيضاً صدق المصارحة. وما كنا لنصارحكم لو لم يكن لدينا ما نعتقد أنه حقّ وجدير بالقول. وما كنا لنصارحكم لو لم نكن ننشد صداقتكم على قاعدة الانصاف والاحترام المتبادل.

أول ما نصارحكم به هو أن فريقاً من اللبنانيين يستقوي بكم منذ مدة طويلة على الفريق الآخر وعلى الدولة، باستعادة رتيبة ومؤسفة لمغامرات عبثية أقدم عليها غير فريق لبناني، بالتزامن أو على التوالي، في مدى عقود. وهذا نصف الحقيقة المرّة. أما نصفها الآخر، فهو أنكم تنسجون أيضاً على منوال من سبقكم الى التدخل في شؤوننا، حيث لم يكن التدخل الخارجي سوى استخدام للداخل اللبناني. وهو استخدام لم تنجح الشعارات الكبرى ولا حتى النيّات الحسنة في تزيينه أو حجب حقيقته الفعلية.

سمعنا أنكم تأتون اليوم تحت شعار "دعم لبنان في مواجهة اسرائيل والولايات المتحدة". ونتوقّع أن نسمع منكم عروضاً بتسليح دولتنا وإمدادها بمساعدات أخرى لتلك الغاية التي حدّدتموها على النحو المذكور. لن نناقش تصنيفكم لبعض الدول، ولكننا نقول بأن دعمكم الدولة اللبنانية – مع استمراركم في تزويد فريق داخلي بالمال والسلاح – سيكون كعمل من يعطي بيد ويفسد عطاءه باليد الأخرى ! لذلك نعتقد بقوة أن أفضل ما يمكن أن تقدّموه للبنان، استناداً الى علاقتكم الخاصة بالمقاومة الاسلامية، هو أن تحاولوا إقناع هذه المقاومة بالدخول في كنف الدولة... والباقي تفاصيل.

وما دام الحديث متعلقاً بمواجهة اسرائيل والولايات المتحدة، فإننا نلفت عنايتكم الى أن كلامكم المرسل عن "تغيير وجه المنطقة انطلاقاً من لبنان"، و"هزيمة الولايات المتحدة على أرض لبنان"، و"إزالة دولة اسرائيل بقوة المقاومة الاسلامية في لبنان"... هو كلام بعيد عن الحرص على لبنان بمقدار بعده عن الواقعية، فضلاً عن أنه يظهر زيارتكم هذه وكأنها زيارة قائد أعلى لخطوط جبهته الأمامية. إنكم يا سيادة الرئيس لا تفعلون سوى المزيد مما فعلته الدول العربية على مدى عقود، حيث جعلت من بلدنا ساحة المواجهة العسكرية الوحيدة مع اسرائيل، علماً أن تلك الدول استدركت أخيراً، وكانت في ما مضى قد تكرمت على دولتنا بتصنيفها "دولة مساندة" لا دولة مواجهة. أما أنتم فلا يبدو أنكم في وارد الاستدراك، إذ تصرّون على اعتبارنا رأس الحربة في معركتكم الكونية... فهلاّ تواضعتم قليلاً وجنبتمونا المزيد مما علمتم وذقنا؟!

لسنا من دعاة النأي بأنفسهم عن موجبات الصراع العربي - الاسرئيلي وعن نصرة الحق الفلسطيني. ولا نظن أن أحداً في لبنان يدعو اليوم الى مثل ذلك. ولكن من حقنا أن نرسم دورنا في ضوء تشخيصنا لمصلحتنا الوطنية الجامعة، كما تفعل الدول المحترمة ومن بينها دولتكم. إننا نرسم دورنا ونشخص مصلحتنا في أربع نقاط أساسية يأتي في مقدمها أولوية الحفاظ على صيغتنا الفريدة في العيش المشترك، باعتبارها رسالتنا الى هذا العالم واسهامنا في استقراره بما لا تقدر عليه قوى عظمى. وإننا نتمسك بشعار "لبنان أولاً"، ليس في وجه أحد، وإنما رداً على كل حماقاتنا السابقة بتقديم أي شيء في هذا العالم على مصلحة وطننا لبنان. ونتمسك بشعار "الدولة أولاً" باعتبارها سبيلنا الوحيد الى مستقبل آمن لجميعنا. ونتمسك أخيراً بكل التزاماتنا العربية والدولية، ولا سيما مبادرة السلام العربية والقرار 1701، باعتبارها حجر الزاوية في حماية لبنان.

السيد الرئيس،

إننا نخشى فعلاً نشوء "مسألة شيعية" في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط، على غرار "المسألة الشرقية" أوائل القرن الماضي، جراء نزوعكم الى وضع اليد على المكوّن الشيعي في بعض البلدان العربية، ومن بينها لبنان. والصراحة في هذا الصدد خير ألف مرة من السكوت عن أمر بات يستشعره كل انسان في منطقتنا.

إن الشيعة اللبنانيين، يا سيادة الرئيس، مكوّن أصيل في مجتمعنا الوطني، وشريك مصيريّ في "وطننا النهائي لجميع أبنائه"، تلك "النهائية" التي كانوا سبّاقين الى اقتراح إدخالها في صلب دستورنا. إن حرصهم على لبنانيتهم ليس أقل من حرص أي جماعة في هذا البلد، ولا أي مواطن صالح. وهذا ما دلّلت عليه سيرتهم على مدى تاريخ الجمهورية. وهو أيضاً ما دعا اليه قادتهم في مختلف الظروف، إن بوصفهم "نافذة ثقافية على العالم" (الإمام موسى الصدر)، لا رأس جسر في لعبة الأمم، أو توصيتهم "بالاندماج الكامل في وطنهم وعدم اختراع مشروع خاص بهم" (الأمام محمد مهدي شمس الدين)، وتلك دعوات نبيلة وسيرة حسنة، تتّصل بمعنى وجودهم في هذا البلد، متجاوزة تقلّبات السياسة والحسابات العابرة.

أخيراً، أيها السيد الرئيس، ندعوكم الى "الكلمة السواء" التي نستطيع أن نرسي عليها أفضل العلاقات بين بلدينا، من دولة لدولة. فنحن طلاب صداقة، لا هواة اعتراض ورفض مجانيين، وأول جملة في كتاب الكلمة السواء، على هذا الصعيد، هي القانون الدولي الذي يكفل سيادة الدول على أراضيها والاحترام المتبادل في ما بينها".

===================

صفعة جديدة للعرب.. واشنطن تعترف ب "يهودية" إسرائيل

التاريخ: 2010-10-13

عواصم-ميلاد

وجهت الإدارة الأمريكية صفعة شديدة للعرب والمسلمين واعترفت رسميا بما يسمى "يهودية" إسرائيل لتؤكد مجددا انحيازها الأعمى لحكومة الاحتلال برئاسة اليميني، بنيامين نتنياهو.

ونقل موقع "صوت إسرائيل" الالكتروني، عن الناطق بلسان الخارجية الامريكية، فيليب كراولي، قوله ان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عرض مواقفه بالنسبة لما يستعد تقديمه وبالنسبة للاحتياجات الاسرائيلية في اطار عملية السلام ودعا الفلسطينيين الى ان يفعلوا ذلك ايضا.

واكد الناطق الامريكي اعتراف واشنطن بكون اسرائيل دولة يهودية. وذكر ان الادارة الامريكية تحاول ايجاد صيغة لحل قضية البناء في المستوطنات ولاستئناف المفاوضات المباشرة الاسرائيلية الفلسطينية.

وكانت الحكومة الاسرائيلية وافقت الاحد الماضي على قانون الجنسية الاسرائيلية الذي طرحه نتنياهو استنادا الى مشروع القانون الذي وضعه وزير خارجيته المتطرف افيجدور ليبرمان في اطار برنامجه حول "يهودية الدولة وتطهيرها من العرب وقيادتهم السياسية الوطنية".

وذكرت الاذاعة الاسرائيلية ان 22 وزيرا ايدوا التعديل بينما عارضه 8 وزراء هم وزراء حزب العمل ال 5 وبينهم رئيس الحزب ايهود باراك ووزراء الليكود الثلاثة بني بيجن ودان مريدور وميخائيل ايتان.

وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي قد صرح خلال الجلسة الاسبوعية بان التعديل المقترح في قانون الجنسية يعبر عن خلاصة المبادئ الصهيونية وطبيعة دولة اسرائيل ، محذرا من المزايدة على وزراء حكومته .

ونقلت الاذاعة الاسرائيلية عن نتنياهو قوله خلال الجلسة الاسبوعية للحكومة الاسرائيلية: "ان اسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي وهي ايضا دولة ديمقراطية". مضيفا: "ان هناك من يحاول طمس العلاقة الفريدة من نوعها بين الشعب اليهودي ودولته ومن يحاول ان يوجه إلينا المواعظ بشأن الديمقراطية ولكن لا توجد ديمقراطية اخرى في الشرق الاوسط ولا توجد دولة يهودية اخرى في العالم ".

واكد رئيس الوزراء" ان الدمج بين هذين العنصرين يعبر عما يميز دولة اسرائيل من خصائص ويجب على من يريد الالتحاق بها ان يعترف بذلك ".

واشار نتنياهو الى ما ورد في مؤلفات هرتصل وبن جوريون وميثاق الاستقلال والقانون الاساسي الخاص بكرامة الانسان وحريته بشأن طابع دولة اسرائيل

وذكرت الاذاعة الإسرائيلية ان هذا التعديل ينص على الزام اي شخص يريد الحصول على الجنسية الاسرائيلية باعلان ولائه لاسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية.

 

مناورة نتنياهو

ولم تمر ساعات على موافقة الحكومةالاسرائيلية على الموافقة بتعديل قانون الجنسية، حتى بادر نتنياهو وطالب السلطة الفلسطينية بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية مقابل تمديد تجميد البناء في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية وهو ما رفضه الجانب الفلسطيني.

وسبق أن رفض الفلسطينيون أكثر من مرة مطالبة نتنياهو لهم بالاعتراف بيهودية الدولة وهم يرون فيها إنكارا لحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين طردوا من أرضهم خلال النكبة عام 1948.

وقد ظهرت هذه المطالبة الإسرائيلية أخيرا في مفاوضات السلام إبان ولاية رئيس الوزراء السابق أولمرت الذي جعلها من البنود الأساسية لاتفاق محتمل مع الفلسطينيين.

ويؤكد الفلسطينيون أن التوسع الاستيطاني يستبق نتيجة المفاوضات ويهدد بقاء الدولة الفلسطينية المقبلة. وأقرت الجامعة العربية الجمعة الماضي موقف عباس لكنها أمهلت الولايات المتحدة شهرا لإنقاذ مفاوضات السلام المباشرة التي أطلقت في الثاني من سبتمبر/ايلول الماضي في واشنطن.

في غضون ذلك، وضع مسؤول كبير في حزب "ليكود" الحاكم في إسرائيل ما فعله نتنياهو في خانة "المناورة"، وقال إن "غرضها تحميل الفلسطينيين مسؤولية فشل المفاوضات".

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن المسؤول قوله: إن اقتراح نتانياهو "يُبعد التجميد تماماً كما يُبعد المفاوضات مع الفلسطينيين"، مضيفاً أن المفاوضات مع الأمريكيين لإيجاد صيغة توفيقية وصلت إلى طريق مسدود، "وعليه اقترح نتانياهو ما اقترحه على الفلسطينيين ليُظهر أنه مستعد لمواصلة المفاوضات مع الفلسطينيين مع إدراكه أنهم لن يقبلوا بشرطه، لذلك فإن فرصة تمديد التجميد معدومة".

وكتب المعلّق السياسي في الصحيفة ، شمعون شيفر، أن نتنياهو لمّح في خطابه إلى أنه "سيبذل كل شيء من أجل عرقلة المفاوضات مع الفلسطينيين منذ الآن" وهو الذي يعلم جيداً أنه لم يولد بعد الزعيم الفلسطيني الذي يمكن أن يقبل الطلب الإسرائيلي "قبل أن يعرف نوعية البضاعة التي سيتم التفاوض حولها مثل الحدود والدولة الفلسطينية العتيدة".

ونقلت صحيفة "الحياة" اللندنية عن المعلق، إشارته إلى أن اتفاقيتي السلام بين إسرائيل وكل من مصر والأردن لم تتضمنا الشرط الإسرائيلي باعتراف البلدين العربيين بيهودية إسرائيل "من هنا الاستنتاج بأن نتنياهو يبحث عن ألاعيب وذرائع كي يدفع الفلسطينيين نحو موقف رافض لا بد أن يفاقم عزلة إسرائيل الدولية ويعرضها لاتهامات مختلفة من المجتمع الدولي تظهرها على أنها دولة عنصرية".

وزاد أن نتنياهو يعوّل على نتائج الانتخابات النصفية للكونجرس الأمريكي وفوز الجمهوريين بالأكثرية ما سيحول دون نجاح الرئيس "الديموقراطي" باراك اوباما في فرض تسوية على إسرائيل.

من جانبه، وصف المعلق في صحيفة "هآرتس" العبرية، عقيبا الدار، طلب نتنياهو من الفلسطينيين "أن يمنحوه اعترافاً أبدياً بدولة يهودية" بمثابة عرض للانتحار السياسي لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يتمثل في إقرار الأخير بأن ليس للفلسطينيين شيء أو مكان في إسرائيل، أي التنازل المسبق عن حق عودة اللاجئين وكل ذلك في مقابل ثمن بخس يقترحه نتانياهو: تجميد موقت وجزئي للاستيطان لشهرين أو ثلاثة لا يشمل القدس.

وزاد ان نتانياهو استل هذا المطلب من أجل تخفيف حدة الأزمة المقبلة في المفاوضات بسبب انتهاء فترة التجميد "وفي نظره سيكون من المناسب تخريب المفاوضات بحجة مؤامرة يدبرها الفلسطينيون كي يرموا بإسرائيل في البحر، وهذه بضاعة سيكون ممكناً تسويقها في السوق اليهودية – الأمريكية.

 

انتصار للمتطرف ليبرمان

واستند اقتراح نتنياهو الى مشروع قانون وضعه وزير خارجيته المتطرف أفيجدور ليبرمان في اطار برنامجه حول "يهودية الدولة وتطهيرها من العرب وقيادتهم السياسية الوطنية".

فهو يسعى بكل قوته للتخلص من أكبر قدر من المواطنين العرب. ولديه خطة متكاملة لذلك، منها تبادل الأراضي والسكان بين الدولة العبرية والدولة الفلسطينية، بحيث يضم سكان منطقة المثلث المحاذية للضفة الغربية ويسكنها نحو 200 ألف عربي، مقابل المستوطنات. ومنها تقليص حملة الجنسية الإسرائيلية من هؤلاء المواطنين.

من جهته قال أحمد الطيبي العضو العربي في الكنيست الإسرائيلي، إن هذا المشروع جاء ليعزز دونية مكانة العرب في إسرائيل ونتنياهو وحكومته يقلصان ويخنقان ويضيقان فسحة الممارسة الديمقراطية في البلاد، ويزيدان إقصاء الأقلية العربية وتهميشها والتمييز ضدها. وقال: "لا شك في أن الليبرمانية (نسبة للوزير ليبرمان) أصبحت تملي هذه السياسة العنصرية التي تنتهجها الحكومة".

أما الوزير العمالي يتسحاق هرتسوج، فقال: "ان الاقتراح بتعديل قانون الجنسية هو جزء من سلسلة مظاهر في المجتمع الاسرائيلي تبلغ حد الفاشية". مضيفا: " اننا موجودون الان في منحدر خطر ويجب على كل من يريد ضمان الطابع الديموقراطي للدولة ان يناضل ضد هذا التعديل".

ومن جانبه، ابدى وزير شئون الاقليات افيشاي برافيرمان ووزير الرفاه الاجتماعي يتسحاق هرتصوغ معارضتهما لهذا التعديل معتبرين انه يمس بحقوق الاقليات.

يذكر ان "قانون المواطنة الجديد" جاء بعد ان توصل سكرتير الحكومة الاسرائيلية تسفي هاوزر قبل ايام الى تفاهم مع وزير القضاء يعقوب نئمان فيما اعتبر صياغة مقبولة على نتنياهو بشأن القانون الجديد.

ويبلغ عدد سكان اسرائيل نحو سبعة ملايين وستمائة الف مواطن من بينهم اكثر من مليون وستمائة الف عربي فلسطيني يعيشون في مناطق المثلث والجليل في الشمال اضافة الى منطقة النقب في الجنوب.

 

حقوق الفلسطينيين

واثار التعديل المقترح اشكاليات قانونية ودستورية حول المساس بحقوق المواطنين الفلسطينيين في اسرائيل فيما اقترح نتنياهو تعديل الاقتراح الاولي الذي شمل اعلان الولاء لاسرائيل "كدولة قومية للشعب اليهودي التي تمنح المساواة الكاملة لكل مواطنيها".

وكان حزب "اسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف والمشارك في الائتلاف الحكومي والذي يرأسه ليبرمان اشترط تعديل قانون المواطنة في اسرائيل ليجرى تعريفها "دولة يهودية" للدخول في حكومة نتنياهو.

وخاض هذا الحزب الذي يمثله 15 نائبا في الكنيست الاسرائيلي الانتخابات البرلمانية الاخيرة تحت شعار "لا مواطنة بلا ولاء" في اشارة الى عدم ولاء الفلسطينيين في الداخل لاسرائيل.

وقبل نحو ثلاثة اسابيع اكد ليبرمان في كلمة القاها في اجتماع للجمعية العامة للامم المتحدة وجوب تنفيذ تبادل للسكان والاراضي بين اسرائيل والفلسطينيين في اطار أي اتفاق سلام قد يجرى بين الطرفين.

وترى احزاب اليمين في اسرائيل انه يتعين فرض الصهيونية على كل من يرغب بالحصول على المواطنة الاسرائيلية من جهة والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني لاسيما فلسطينيي الداخل.

وترى هذه الاحزاب ان "تبادل سكان واراض" مع الفلسطينيين يتيح لاسرائيل التخلص من نصف مليون فلسطيني مقابل ضم عدد مماثل من المستوطنين في الاراضي الفلسطينية المحتلة بما يعزز الغالبية اليهودية فيها.

واكد اعضاء كنيست من القوائم العربية ان اقتراح قانون اعلان الولاء لاسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية كشرط الزامي لطلب الحصول على المواطنة هو قانون عنصري ومناف للديمقراطية.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ