ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 30/09/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

 

الديموقراطية في أزمة

المستقبل - الاربعاء 29 أيلول 2010

العدد 3785 - رأي و فكر - صفحة 19

مراجعة: ريتا فرج

هل الديمقراطية احدى آليات ضبط الصراع بين الطبقات؟ ولماذا لم يعمَّم الأنموذج الديمقراطي على بقية الشعوب رغم ارهاصاته القديمة؟ وهل تتخذ الديمقراطية مساراً تصاعدياً أم إنها تمر في وتيرة من الهبوط والصعود؟ وما مآل الديمقراطيات الحديثة في ظل عولمة السوق وتداعياته على الهويات الدينية والإثنية؟ أسئلة كثيرة يمكن طرحها على عالِم الاجتماع الأميركي تشارلز تيللي بعد قراءتنا للاطروحته "الديمقراطية"، رغم أن الإشكالية الأساسية التي تتمظهر في الكتاب، تتمحور حول كيفية نشوء الديمقراطيات، وأسباب اختفائها، لدى بعض الانظمة. المنهجية السوسيولوجية التي اعتمد عليها الكاتب يحاكي جزء كبير منها تعثر الديمقراطيات في عالمنا العربي، مع العلم بأن الفرضيات تطرقت الى الغرب الأوروبي، والأميركي.

تاريخياً، بدأت تمثلات الديمقراطية _ أو الديموكراتيا _ في أثينا في سياق ما عرف ب "الدول _ المدن" التي بلورت حق المواطنَة، وإن حُرِم منها لفترة طويلة، النساء والرقيق؛ أسبقية اليونان في التأسيس الديقراطية، تعود الى عاملين أساسيين: أولهما، ارتكازها على المواطنَة؛ ثانيهما، تعميم المسؤوليات المدنية على مؤسسات الدولة؛ ومرة أخرى يعاود تيللي طرح إشكاليته، كيف نشأت الديمقراطية عبر القرون وأطيح بها وتنوعت أشكالها؟ عبر استحضاره لتماهي أنظمة الحكم الأوروبية بالانموذج اليوناني، يفند الكاتب معالم الديمقراطيات الغربية، التي تبلورت _ وإن ببطء شديد على إيقاع الصعود والهبوط_ في القرن الثامن عشر، واتضحت في القرن التاسع عشر، الى أن وصلت الى ذروتها في الأزمنة الحديثة؛ وعلى قاعدة نظرية مسار أنظمة الحكم في فرنسا بين عامي 1600-2006 يخلص الى نتيجة اولية مفادها "خفوت الديمقراطية مع تعاظم قدرة الدولة، وتقلصها نتيجة إسقاطها من قبل النخب السياسية التي أمسكت بالسلطة" هذه الخلاصة لا تنطبق على الدول الأوروبية اليوم، إلاّ إذا أخذنا بالاعتبار العلاقة الوظيفية بين الديمقراطية وقبضة الدولة.

على الضفة الاخرى من الرأسمالية الغربية، يرصد تيللي، نهوض الديمقراطية في الدول ما بعد إنهيار المنظومة الاشتراكية، ويشمل في رصده دول مثل أوكرانيا التي أنجزت ثورتها البرتقالية عام 2004، دون أن يعني ذلك أن مسار الديمقراطية فيها تراكم وفقاً لمفاهيم الحريات المدنية وتوسع الحقوق السياسية؛ وهنا تبرز قدرة الكاتب السوسيولوجية في معالجة إشكاليته، لماذا تظهر الديمقراطية أحياناً وتختفي؟ عبر تعقبه للأحداث السياسية والعلاقة بين السلطة والجماعات، يؤكد الكاتب أن بعض الديمقراطيات تمر في حال من المدّ والجزر، وهذا ما ينطبق على دول أميركا اللاتينية وما كان يسمى سابقاً بالدول الاشتراكية. والحال إذا كانت الديمقراطية في أوروبا الغربية تشكل مقياساً للحريات والمواطنة، ما الذي يمنعها من تعميم أنموذجها على دول العالم الثالث؟ لم يدرس تيللي السؤال الاشكالي المطروح، وهو يحاول جاهداً التحقق من فرضياته، ويقدم التفسيرات العلمية لها، مستنداً الى احصاءات وأرقام وتقارير دولية، ليبرهن على "جدلية الهبوط والصعود للديمقراطيات الحديثة"، مطبقاً استنتاجه على الهند، ومتحرياً في الوقت نفسه، عن أربع مكوّنات تعزز الديمقراطية فيها، الأول، تأثير المواطنين على السلطة؛ الثاني، ترجمة مطالب المواطنين في السلوك الذي تتبناه الدولة؛ الثالث، المطالب وحماية الدولة؛ الرابع، إلزامية التعبير عن هذه المطالب.

لا يألو تيللي جهداً في تعقب نشوء الديمقراطية عند بعض الدول الأوروبية منذ القرن التاسع عشر حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، ولعل هذا التاريخ التأسيسي الذي لم يشر اليه الكاتب هو الذي منح الغرب القدرة على إحداث القطيعة مع ذاكرته العنفية، بعد أن برهنت حروبه الداخلية، إن ثنائية الدولة الحديثة والمواطنة تمهد وحدها للانخراط في الديمقراطية، رغم ما يصدره من مفاهيم استبدادية للدول الاقل نمواً، بعد تدشينه لمقولة المركز والاطراف، مما ساهم في وأد بذور الاصلاح السياسي في عالم الجنوب.

تسعة مؤشرات يستخدمها تيللي في قراءته للديموقراطيات الحديثة، تبدأ بالعلائق بين الديمقراطية والحكم، وتنتهي بالطرائق التقليدية لتعزيزها، والهدف منها التأكيد على هشاشة الانظمة الحديثة.

الديمقراطية في الولايات المتحدة تميل نحو الذرائعية؛ فالفكر السياسي الأميركي الذي بنى عدته المفهومية حول البراغماتية، انتهج "تأثير الثقة المتبادلة بين المواطن والحكومة، وأي تقهقر بارز سيهدد حتماًً هذه الثقة" فما هي الوسائل البديلة؟ مستنداً الى الخلاصات التي تقدم بها مارك وارن، المؤسس لنظرية النزاعات الجماعية، أو الطبقية دون أن يسميها، يحدد الكاتب البدائل التي صاغها وارن تحت ثلاثة عناوين، الحل المحافظ الجديد، الخيار العقلاني، والحل المتأني؛ فرانسيس فوكوياما الذي يمثل الخيار الاول، رأى أن معضلة الديمقراطية في الثقة، تستدعي "الاقلال من عدد القرارات الجماعية التي تتخذها المؤسسات السياسية والاكثار من الثقة في الجماعات الطبيعية والأسواق" وهنا نسأل فوكوياما ألا يؤدي ذلك الى تسريع وتيرة الصراعات السياسية_ الطبقية بشكل أعمق؟ لا يساعدنا تيللي في الرد على صاحب "نهاية التاريخ والانسان الاخير"، لكنه يؤطر لمستويات المشاركة السياسية في الانتخابات الأميركية وكيفية تطورها على المستويين النوعي والأدائي، ويرى أن شبكات الثقة بين السلطة والشرائح لم تؤدِ الى بناء الديمقراطية المنشودة، فقد تمّ استبدال مكوّنات المجتمع المدني والقطاع الاقتصادي بالمنظمات المالية المتخصصة"، ما أدى الى انعزال شبكات الثقة عن السياسة العامة الوطنية" كما نوهت تيدا سكوكبول.

في خلاصته حول "ماضي الديمقراطية ومستقبلها" يقترح تيللي خارطة طريق لاستنهاض أنظمة الحكم الديمقراطي، مفنداً نقاط الضعف التي تعتري العلائق بين المجتمع والدولة، والتي ساهمت في الاطاحة بالديمقراطيات دون الوصول الى النتائج المثالية. الديمقراطية، واجهت دائماً، قيوداً جدية ليس من دول العالم الثالث فقط، بل من دول المنشأ؛ وهي محاصرة بالاصولية الدينية العابرة للقارات، وبالتفاوت الاقتصادي الذي يغزو العالم، وبضعف شبكات الثقة بين السلطة والمجتمع، وما على الحالمين بالديموكراتيا، إلاّ الانتظار.

أهمية أطروحة "الديمقراطية" أنها لم تعتمد فقط على المنهجية التاريخية للتحقق من فرضياتها، فالاستقراء وأدوات علم الاجتماع التي وظفها تيللي أضفت عليها بعداً علمياً؛ وأهميتها أيضاً تتجلى في تفادي تيللي للخطاب السردي، فعمل على معالجة الظاهرة المدروسة عبر تقنيات سوسيولوجية، عالج فيها همه المعرفي "تعثر الديمقراطية والاطاحة بها" وهو بلا شك قد نجح في ذلك.

[ الكتاب: الديموقراطية

[ الكاتب: تشارلز كيللي

[ تعريب: محمد فاضل طبّاخ

[ الناشر: المنظمة العربية للترجمة/ مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 2010

========================

دور باريس في مفاوضات السلام

الاربعاء, 29 سبتمبر 2010

رندة تقي الدين

الحياة

بنيامين نتانياهو لم ولن يسمع نداءات أصدقائه وحلفائه لوقف الاستيطان وتجميد القرار بعودة بناء المستوطنات بعد 26 أيلول (سبتمبر). واقع الحال أن لا أحد في العالم العربي كان مقتنعاً أنه سيستجيب لدعوات الإدارة الأميركية أو الاتحاد الأوروبي وبالتحديد صديقه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي ألح عليه بتمديد قرار تجميد الاستيطان. فالموقف الإسرائيلي لم يفاجئ لأنه موقف دائم وتقليدي. فالعالم بأسره ضغط على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كي يعود الى المفاوضات المباشرة وشجعه على معاودة التفاوض مع نتانياهو من دون أي ضمانات. ومحمود عباس يقول إن نية الرئيس أوباما حسنة وأنه يريد فعلاً التوصل الى السلام. ونيكولا ساركوزي ينتقد النهج الأميركي الذي اعتمد منذ مفاوضات كمب ديفيد رعاية المفاوضات وحصرها فقط بالراعي الأميركي بدل توسيعها وإدخال اللجنة الرباعية والاتحاد الأوروبي فيها. فالرئيس الفرنسي على حق بأن الاتحاد الأوروبي هو المموّل الأول لكل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية وأنه يريد ألا يكون فقط المصرف المموّل من دون لعب أي دور. فالإصرار الفرنسي والأوروبي على لعب دور على المسار التفاوضي بين الإسرائيليين والفلسطينيين شرعي ومطلوب وهو حتى الآن مرفوض إسرائيلياً، على رغم صداقة ساركوزي ونتانياهو، كون رئيس الحكومة الإسرائيلية يدرك تماماً أن مصالح فرنسا والاتحاد الأوروبي هي مع العرب. وأن سياسة هذه الدول لا يمكن أن تكون منحازة لإسرائيل كما هي سياسة الولايات المتحدة.

ولكن ينبغي، على رغم التطلع الى دور فرنسي وأوروبي في المسار السلمي، التذكير بأن الاتحاد الأوروبي على رغم تمويله وروابطه الاقتصادية بإسرائيل لم يمارس يوماً ضغطاً على اسرائيل عبر هذا التمويل. فقد خرقت إسرائيل القرارات الأوروبية وأغلقت المعابر على الأراضي الفلسطينية وتشددت في سياساتها تجاه الشعب الفلسطيني وقامت بخطوات عدة لتهويد مدينة القدس التي قال ساركوزي أمام الكنيست أنها ينبغي أن تكون عاصمة للدولتين، لكن نتانياهو وغيره من المسؤولين الإسرائيليين لم يسمعوا ولم يأخذوا في الاعتبار ما قيل لهم لا من فرنسا ورئيسها ولا من أوروبا. والسؤال المطروح، ماذا كانت نتائج مهمة مبعوث الرباعية رئيس الحكومة البريطانية السابق توني بلير؟ لا شيء سوى صرف الأموال على أمنه والمساهمة في تحسين صورته. وماذا فعل مبعوث الاتحاد الأوروبي مارك أوت؟ مَن يعرفه؟ ومَن سمِع به؟ ولماذا تعيّن فرنسا مبعوثة خاصة للشؤون الاقتصادية هي فاليري هوفنبرغ؟ وما هي المهمة الحاسمة التي تقوم بها بجمع أولاد فلسطينيين وإسرائيليين لزيارة فرنسا؟ هل يغيّر ذلك شيئاً في رؤية الشعب الفلسطيني للممارسات الإسرائيلية؟ كل هذه التعيينات والمهمات لم تأتِ بنتائج ملموسة فالمطلوب ضغط فعلي عبر التمويل الأوروبي للحصول على تنازلات من الجانب الإسرائيلي.

مشكور الرئيس ساركوزي لأنه أعرب عن أسفه الشديد لعدم تجاوب نتانياهو مع دعواته لوقف الاستيطان. على الأقل صراحته تنبع من موقف حازم من الاستمرار في بناء المستوطنات! ولكن، طالما ليست هناك أي معاقبة لإسرائيل أو ضغط فعلي عليها عبر التمويل فلا يمكن الحصول منها على تنازلات. ولا أحد في الغرب لا الإدارة الأميركية ولا الاتحاد الأوروبي مستعد للضغط الاقتصادي على الحكومة الإسرائيلية. وطالما الأمور كذلك سيُطلب من السلطة الفلسطينية تقديم التنازلات حتى إضعافها وتعزيز القوى المتطرفة. وقد يكون ذلك رغبة إسرائيل التي بعد حرب 2006 الوحشية على لبنان جعلت من «حزب الله» قوة مهيمنة في لبنان، كما أن حصار غزة وحربها الوحشية في غزة جعلت من «حماس» القوة المهيمنة فيها. ولا شك في أن سياسة إسرائيل في المنطقة تتناغم مع السياسة الإيرانية الإقليمية في تشجيع التشدد والتطرف في المنطقة وحتى في أوروبا. فمخاوف الرئيس الفرنسي ساركوزي من المزيد من التطرف والإرهاب في أوروبا نتيجة عدم إيجاد حل للصراع العربي - الإسرائيلي مشروعة، ومطالبته بدور مواكب للمفاوضات ينبغي أن يُوافَق عليها ولكنها لا تكفي!

========================

... عن الفقر في الواقع العربي

الاربعاء, 29 سبتمبر 2010

فايز سارة *

الحياة

استناداً الى المعطيات العامة، يمكن ترتيب الدول العربية في ثلاثة مستويات طبقاً لعلاقتها بظاهرة الفقر. المستوى الاول، ويضم البلدان الشديدة الفقر، والتي تزيد فيها نسبة من هم تحت خط الفقر عن نصف السكان، وأبرزها الصومال وفلسطين واليمن، والثانية دول فقيرة، مثل مصر وسورية والأردن، وتصل نسبة الفقراء من سكانها ما بين ثلاثين وأربعين في المئة، والمستوى الثالث، تندرج فيه دول غنية فيها فئات فقيرة، تتراوح نسبتها من اجمالي السكان ما بين 10 و30 في المئة، كما هو حال الجزائر والعراق والبحرين، ودول نفطية أخرى. ولا شك في ان مستويات الفقر العربي محكومة بالخصوصيات والتفاصيل القائمة في كل واحد من البلدان العربية بحسب اولويات سكان كل بلد من البلدان.

وتجليات الفقر وأخطاره تتجاوز عدم مقدرة الفقراء على تأمين الحدود الدنيا من احتياجاتهم الحياتية الضرورية من غذاء وكساء ودواء وسكن، الى ما يعنيه الفقراء من هدر لكرامتهم الانسانية، وعجز هؤلاء عن المشاركة الحية والفاعلة في الحياة العامة، وقد يتعدى الامر ذلك الى دفع فئات من الفقراء لتشكيل قنابل موقوته، يمكن ان تنفجر في سياق ظواهر سياسية واجتماعية واقتصادية، وبانفجارها ستلحق الكثير من الأضرار الفادحة بالمجتمع والدولة.

فالفقر إذ يصيب الفئات الأضعف في المجتمعات فيدفعها الى التهميش، يسرّع في دفع المجتمعات نحو الهاوية، فتترتب على إفقار الاطفال والنساء ظواهر يختلط فيها التردي الاجتماعي مع الظواهر الإجرامية. لكن الاخطر يكمن في إضعاف قدرة النساء على تربية اجيال جديدة من الاطفال الأسوياء، وصيرورتهم قوة هدم لبلدانهم لا قوة بناء وتنمية. وبطبيعة الحال، فإن لظاهرة الفقر في البلدان العربية، اسباباً كثيرة ومتداخلة، موزعة بين اسباب داخلية وخارجية. أما الاهم في الاسباب الخارجية، فالديون والمساعدات، حيث تساهم الاولى من خلال خدمة الدين في تكريس الفقر، خاصة في ظل ارتفاع حجم المديونيات في عديد البلدان، والتي وصلت في احد البلدان الى ما يزيد على اربعين مليار دولار لنحو اربعة ملايين نسمة، كما ان المساعدات الخارجية تحولت الى قوة تأثير في السياسة العامة لعدد من الدول، والتي يقبل كثير منها المساعدات المشروطة، وهو امر موجود في اغلب البلدان العربية الفقيرة. غير ان أهم الاسباب يكمن في السياسات التي تطبّقها الحكومات العربية، والتي في غالبيتها تقاعست عن القيام بخطط تنمية حقيقية، واكتفت بما يمكن تسميته ب «تنمية شكلية»، هدرت فيها القدرات والامكانات والفرص، وبعض تلك الحكومات مارست عملية نهب منظمة لإمكانات الدولة والمجتمع، وراكم مسؤولون فيها ثروات، تم إيداعها في بنوك واستثمارات في الخارج، كما في مثال بلد يبلغ عدد سكانه أكثر من عشرين مليونا ويعيش نحو نصف سكانه تحت خط الفقر، في حين يبلغ حجم اموال اغنيائه - ومعظمهم من المسؤولين والمسؤولين السابقين - في الخارج ما بين 100 و125 مليار دولار، بحسب تصريح احد وزرائه.

ولا يمكن محاربة الفقر في ظل استمرار الظروف القائمة والسياسات المعمول بها، وهذا ينسجم مع مطالب الاصلاح والتغيير التي تطرق ابواب البلدان العربية، لكن هذا لا يعني في اي حال من الاحوال، ترك الامور على حالها بانتظار الاصلاح المنشود والذي قد يتأخر، أو انه قد لا يأتي بالصورة المطلوبة، مما يدفع نحو خطوات وإجراءات عاجلة على المستويين الرسمي والشعبي.

واذا كان المطلوب رسميا تغيير السياسات ووضع أو تنفيذ خطط تنموية تستهدف التغيير الايجابي في أوضاع الفئات الفقيرة والمعدمة وتحسين مستويات حياتها، فإن المطلوب في المستوى الشعبي تكثيف جهود منظمات المجتمع المدني والاهلي في البلدان العربية وحشدها في اطار محاربة الفقر من خلال امرين أساسيين، اولهما، تشكيل قوة ضغط ومراقبة على سياسة الحكومات العربية من جهة، والقيام بدور تنموي وثقافي – إعلامي داخل المجتمع.

وتتضمن المهمة الاولى تذكير الحكومات بالتزاماتها الدولية في الانخراط بالبرنامج العالمي لمحاربة الفقر الذي اقرته قمة الألفية، وتأكيد ان هذا الالتزام يماثل في جديته أكثر الالتزامات الدولية اهمية، ثم القيام بدور المراقبة والمتابعة للموازنات العامة في مستوياتها الوطنية والمحلية، والعمل على التأثير في اعدادها لتأخذ في الاعتبار احتياجات الفئات الفقيرة وتنمية قدراتها وإمكاناتها لانتشالها من الفقر وتطبيع حياتها. وتشمل المهمة الثانية شبكة معقدة من الانشطة، لكن الاهم فيها استنفار امكانات المجتمع وطاقاته في محاربة الفقر، وإقامة مستويات من المشاركة فيه بين الجمعيات الاهلية والمدنية والفاعليات الاقتصادية والاجتماعية الى جانب مؤسسات الدولة لتؤدي دوراً متناغماً، يحشد كل قواه لمحاربة الفقر، ويثقف الجمهور بأخطاره وسبل محاربته، ويعمل من خلال برامج التنمية والتدريب والتشغيل الأمثل للخروج بالفقراء من فقرهم، وهو امر ينعكس بصور ايجابية على المستويات كافة، حيث ان خروج الفقراء من فقرهم، سيقوّي قدراتهم، وهذا يخفف الأعباء الملقاة على عاتق الدولة في نظام الرعاية الاجتماعية، ويدفع قدراتها نحو مجالات اخرى، كما من شأنه ان يحرك القطاع الاقتصادي وينشطه، ويدفعه في دورة اقتصادية جديدة.

خلاصة القول ان الفقر يشكل أخطاراً حقيقية وجدية في الواقع العربي، وعلى مستوى كل بلد، مما يجعله في مقدم مطالب الاصلاح، لكنه وبانتظار بدء الاصلاح انطلاقاً من السياسة، فإن مكافحة الفقر تحتاج الى خطوات عملية، الاهم فيها تحرك الدولة نحو خطط تنموية جديدة وجدية هدفها محاربة الفقر، وتحسين احوال الفقراء، وتحرك الوسط الشعبي نحو اقامة تضامن واسع وجهود مشتركة في المستويات كافة، ليس فقط لمعالجة اوضاع الفقراء، بل لإطلاق قدرات قطاعات اجتماعية واقتصادية وتحريرها، وتعزيز دور الدولة والمجتمع في التصدي لمسؤولياتهما.

* كاتب سوري

========================

حظوظ الصين في بلوغ منزلة القوة العظمى

الاربعاء, 29 سبتمبر 2010

تييري دو مونبريال *

الحياة

ينبغي تمييز ظاهرة ثابتة ومتصلة - مثل نمو الاقتصاد الصيني نمواً قوياً منذ 32 عاماً من غير انقطاع أو مثل تعاظم الدين الأميركي المثلث (دين الموازنة والدين الخارجي والدين الخاص) المتصل كذلك - من إدراك الظاهرة، والانتباه إليها بحسب حوادث مثل دورة الألعاب الأولمبية ببكين أو المعرض الدولي بشنغهاي أو أزمة وول ستريت الاقتصادية أو الإخفاقات الأميركية في أفغانستان. والحق ان فرق النمو بين الصين والولايات المتحدة ظاهر منذ وقت طويل، وهو يتمثل في صور حاضرة، بين حين وآخر، تغير النظر إليه.

فما ينتبه إليه اليوم هو القوة العظمى التي قد تكونها الصين في مستقبل قريب أو بعيد، والنتيجة المترتبة على أمد متوسط، على الاختلالات المالية العامة التي قد تجعل الولايات المتحدة قوة مثل القوى الأخرى، وتضطرها الى اختيار غايات وأهداف تناسب الوسائل المتوافرة. ويؤدي ضبط النظرة على الحاضر وحوادثه المتجددة الى تحقيق النظرة هذه، في مجالي الأسواق والاستثمارات على سبيل المثل. ولا ريب في أن الصين مرشح معقول الى دور قوة مهيمنة، وذلك لأن نموها المحتمل يبلغ 10 في المئة بينما يبلغ نمو الولايات المتحدة 4 في المئة.

ومقارنة الصين باليابان، وهذه دام نموها 40 عاماً متصلة قبل التعثر في تسعينات القرن الماضي، غير دقيقة. فالصين تملك احتياطات نمو لا تملكها اليابان: سكانها ومواردها الطبيعية ومساحة أراضيها. ودعا هذا اليابان الى إرساء نموها على الاستثمار الكثيف في التكنولوجيات. وحدود هذا النهج لم تعتم أن ظهرت من غير لبس. وعلى خلاف اليابان، يسع الصين احتساب طاقات شتات يعد 50 مليون صيني وراء البحار يضطلعون بدور مالي كبير في آسيا. وهذا يزكي دور الصين قوة مالية عالمية تنافس الدولار منافسة فعلية.

ولا يغفل قادة الصين عن مشكلتي البطالة والفقر، وما ينجم عنهما. وهم يتصدون للمشكلتين وذيولهما من غير تسرع ولا ارتباك. وثمة هوامش معالجة عريضة، على ما تدل زيادات الأجور الأخيرة. ولا خلاف على رجحان كفة النفوذ الثقافي الأميركي في أنحاء العالم. ولكن الصين تنتهج استراتيجيات نفوذ فاعلة في افريقيا، مثلاً. وطرق وصولها الى الموارد تفوق طرق الاستعمار الأوروبية، أو عمليات التدخل الأميركية، تأثيراً وشطارة. وما يبقى طي المجهول هو قدرة الصين على تدجين التجديد التكنولوجي وثماره. فالسوفيات أطلقوا القمر الاصطناعي «سبوتنيك»، وعلى مر الزمن بدا ان البادرة لم تثمر ولم تخلّف أثراً.

والانقلاب من هيمنة بريطانيا العالمية الى هيمنة الولايات المتحدة بدأ غداة الحرب الانفصالية الأميركية (1861 - 1865)، حين تخطى النمو الأميركي نمو المملكة المتحدة. ولم تبرز الظاهرة الى العيان إلا في اعقاب خمسين سنة. والقرينة الرمزية كانت تخفيض قيمة الجنيه الاسترليني 40 في المئة... في 21 أيلول (سبتمبر) 1931. وسبق نمو الصين نظيره الأميركي بدأ قبل 30 عاماً. ويجوز أن يحصل الانعطاف بعد نحو 20 عاماً. وهذا جائز وليس حتماً. فلولا انتحار أوروبا الجماعي في الحربين العالميتين، من يدري ما كانت لتكون عليه قوة أوروبا اليوم قياساً على قوة الولايات المتحدة؟

* مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، عن «لوموند دوليكونومي»، 14/9/2010، إعداد وضاح شرارة

========================

أية وسائل ضغط لدى أمريكا؟

آخر تحديث:الأربعاء ,29/09/2010

ميشيل كيلو

الخليج

يخال معظم ساسة البلدان المتخلفة، وخاصة منها بلداننا العربية، أن تأخرهم يحميهم من الضغط والابتزاز الأمريكي خاصة والرأسمالي عامة . وقد سمعنا عدداً من هؤلاء وهم يحمدون الله ويشكرونه لأن بلدهم ليس متقدماً، وليس منخرطاً في الاقتصاد العالمي أو متداخلاً معه، وإلا لكان تعرض لتأثير الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالعالم منذ أعوام . كما سمعنا من زعم أن بلاده لا تقيم علاقات تجارية مع أمريكا، لذلك لن يكون لأية عقوبات تفرضها ضد قادته أو اقتصاده أي تأثير فيه .

قال مسؤولون سودانيون كلاماً كهذا، عندما فرضت إدارتا كلينتون وبوش الابن عقوبات اقتصادية لا مبرر ولا مسوغ لها على الاقتصاد السوداني، أخيراً، بدأ رئيس إيران أحمدي نجاد يقول كلاماً مماثلاً، رغم تحذيرات كبار وزرائه، ومنها تحذير وزير النفط الذي قال إن بلاده قد لا تتمكن من مواصلة استخراجه خلال سنوات قليلة، وتحذير هاشمي رفسنجاني، رئيس الدولة الأسبق رئيس هيئة تشخيص مصلحة النظام، الذي اتهم نجاد بالتسبب في إلحاق الضرر بإيران، عبر أسلوبه في التعامل مع العقوبات الدولية، وتصريح وزير النقل الذي خشي أن يصاب نظام الاتصالات والنقل في إيران بالشلل .

 

 تنطلق المواقف السابقة من تجاهل أو جهل ما في الاقتصاد العالمي من ترابط وتداخل وتشابك، وهي تتجاهل أو تجهل الاتصال الوثيق بين التقنية وفروع الإنتاج المختلفة، وتتجاهل أو تجهل، أخيراً، بنية الاقتصاد العالمي بصورة عامة، والأمريكي بصورة خاصة، وما يفرده الأخير من شبكات واسعة فوق العالم بأسره، تجعله قادراً على الإفادة من اقتصادياته، والتأثير فيها بدرجات تبلغ في بعض المناطق حد تقرير مصيرها . وفي النهاية، تبين لمن أطلقوا تصريحات الطمأنة أن بلدانهم عانت كثيراً من العقوبات، وأن افتقارها إلى علاقات تجارية متطورة مع أمريكا لم يمكنها من تفادي آثار العقوبات، والتعامل مع اقتصاديات كان يبدو في الظاهر أنها أوروبية أو يابانية أو حتى صينية وهندية وبرازيلية .

لماذا تأثرت هذه البلدان رغم ضعف علاقاتها الاقتصادية مع أمريكا؟ لأسباب منها:

* أولاً: تمسك أمريكا بالقسم الأكبر مما يسمى بالاقتصاد الرمزي، اقتصاد المعلومات والتكنولوجيات ورأس المال، الذي يضم قطاعات حديثة تسيطر على الاقتصاد التقليدي وتضبط حركته . بما أن الاقتصاد الرمزي متداخل مع مختلف أنواع الصناعات، ومع خطط وحسابات الدول المتقدمة وعلاقاتها، فإن التضحية بعناصره من أجل مصالح جزئية تكون عادة صعبة أو حتى مستحيلة . وعلى سبيل المثال، فإن أي شركة نفط لا تستطيع الاستغناء عن التكنولوجيات الأمريكية في الاستكشاف والبحث والحفر والاستخراج والشحن والتكرير . . . إلخ، فإن وضعت أمام خيارين: متابعة مصالح جزئية تتمثل في علاقاتها مع هذا البلد النامي أو ذاك، أو فقدان هذه التكنولوجيات، وجدناها تتخلى كلياً أو جزئياً عن علاقاتها معه (كما فعلت الصين وروسيا مع إيران مؤخراً)، تفادياً لما يمكن أن تتعرض له من ضرر في الحالة الثانية . في مثال معبر، قصد تاجر عربي الصين طالباً شراء قطع غيار لمولدات ضخمة من إنتاج شركة “جنرال موتورز” الأمريكية، تعمل بالغاز في بلاده، فاعتذر الصينيون عن تلبية طلبه، وحين حاول إقناعهم بصنع قطع مقلدة صينية، أجابه محاوره الصيني: لا نستطيع، خشية أن تقطع شركة “جنرال موتورز” الكهرباء عن الصين!

* ثانياً: تفرد أمريكا شبكات علاقات ومصالح واسعة تغطي العالم، تجعلها قادرة على التداخل مع أي اقتصاد وطني أو قومي خارجي، ومؤهلة للتأثير فيه، مهما يكن بعيداً عنها وخارجاً عن نطاق سيطرتها . وللعلم، فإن التقدم الاقتصادي الهائل في الصين والهند والبرازيل زاد من انتشار أمريكا الاقتصادي والتقني العالمي ولم يقلصه، وجعل تأثيرها ممكناً عبر آلاف الأذرع والقنوات المبثوثة في كل إقليم ومنطقة وقارة . وعلى سبيل المثال، فإن شركة “إيرباص” الأوروبية لصناعة الطيران تحتوي على مكونات تكنولوجية أمريكية مهمة، مع أنها منافسة لشركة “بوينغ”، كبرى شركات صناعة الطيران فيها . لذلك لا تستطيع الشركة الأوروبية إمداد زبائنها بقطع الغيار للطائرات التي من صنعها، لأن هناك عقداً بينها وبين الصناعات التكنولوجية الأمريكية يلزمها بأخذ موافقة الأخيرة على تصدير أي قطع غيار تتضمن هذه المكونات أو أجزاء منها .

 

* ثالثاً: تمتلك أمريكا أكبر بيوتات التصنيف والائتمان المالي . وهذه لها سطوة كبيرة بالنسبة لمصداقية الاقتصاديات المختلفة، ويكفي أن تخفض تصنيف بلد مالياً حتى يجد نفسه في مواجهة صعوبات جدية تحول بينه وبين الحصول على قروض أو استثمارات خارجية، وتمنع الدول من التعامل معه . في هذه الحالة، لا يحصل على قروض إن حصل - إلا بشروط شديدة الصعوبة ليس في مصلحته قبولها، كأن تكون قروضاً قصيرة الأجل وبفوائد مرتفعة جداً، ولا توظف فيه أي استثمارات، وتتم مطالبته بتسديد ما عليه من ديون، مع تهديده بقطع تلك العلاقات الاقتصادية، التي تتسم بحساسية خاصة بالنسبة إليه، ويصيبه قطعها بأذى لا يحتمله . . إلخ .

 

* رابعاً: تمتلك أمريكا اقتصادين عالميين: واحد داخل أراضيها، والآخر خارجها، منتشر في بلدان العالم المختلفة . نحن لا نشتري، على سبيل المثال، سلعاً رياضية أمريكية من إنتاج الولايات المتحدة، بل من إنتاج الصين وإندونيسيا والهند . . إلخ . هذه السلع الأمريكية لا تنتج داخل أمريكا بل خارجها، في بلد أجنبي، حتى إنه لم يبق في أمريكا من الصناعات الرياضية غير مكاتب التصميم، أما المصانع فقد ألغيت تماماً واستعيض عنها بمصانع غير أمريكية تعمل في الخارج، حيث الأيدي العاملة الأرخص والتكنولوجيا الأمريكية، وشركات التخزين والتسويق، وبالتالي الأرباح الأكبر . عندما يرد بلد ما على مقاطعة أمريكا له بمقاطعة البضائع الأمريكية، فإنه غالباً ما يقاطع تلك التي تنتجها أمريكا داخل مجالها السيادي، بينما يتعرض لمنافسة اقتصادها الخارجي . وللعلم، فإن الاقتصاد الأمريكي الخارجي، المتنكر في أردية مختلفة الأسماء والجنسيات، هو الثاني في العالم، إذ تبلغ قيمته نيفاً وأربعة ترليونات دولار، تضاف إلى أربعة عشر ترليوناً هي قيمة الإنتاج الأمريكي الداخلي .

 

لا تريد هذه الشروح القول: إن أمريكا لا تقاوم أو تواجه، بل تريد تأكيد ضرورة أن تكون المعارك الاقتصادية مع أمريكا مبنية على حسابات واقعية ودقيقة، وإلا كانت “معارك” أيديولوجية تستند إلى جهل بالواقع، يعرض من يخوضونها لإيذاء خاص يضاف إلى أذى العقوبات، يجعل من المحال كسبها أو الصمود فيها، وأدى إلى تعطيل قطاعات البلد الاقتصادية واحداً تلو الآخر، إلى أن يصيبه شلل معطل، لا يدفع ثمنه الحكام وزبانيتهم، بل بسطاء الناس وفقراؤهم! .

 

تمتلك أمريكا أدوات ضغط هائلة، لكنها متفاوتة التأثير في العالم، هي عديمة الجدوى ضد من عرفوا كيف يصيرون أقوياء، وشديدة الفاعلية ضد الضعفاء، وخاصة منهم أولئك الذين لم يعرفوا كيف يستغلون فائض القوة الهائل الذي يملكونه ليخرجوا من ضعفهم، كما هو حالنا نحن العرب .

والحقيقة أن أمريكا تتردد كثيراً في فرض أية عقوبات مهما تكن جزئية على الأقوياء، وتسارع إلى فرض عقوبات شاملة على الضعفاء، ولنتذكر أن عقوباتها ضد كوبا مستمرة منذ ستة عقود .

========================

أي صفحة سيطويها أوباما في العراق ؟

موقع Info-decodee

ترجمة

الأربعاء 29-9-2010م

ترجمة: دلال ابراهيم

الثورة

لقد حملنا التعذيب والقنابل العنقودية واليورانيوم المستنفذ وارتكاب عدد لا يحصى من القتل العشوائي والبؤس والموت للشعب العراقي , وادعينا أننا حملنا الحرية والديمقراطية للشرق الأوسط – هارولد بينتر – الحائز على جائزة نوبل في الآداب .

بدأنا من العراق , افغانستان , الباكستان وغزة، نعتاد على الرعب من المحصلة الكارثية لأعداد الأشخاص المروعين يومياً , مع توخي القليل من الحذر في بعض الثواني من الوقت الواجب فيه تمرير المعلومة إلى وسائل الإعلام الأوروبية والغربية حسب بعض المعايير . مثل : شرطي مات أو طفل غرق ! وتلك إشارة لمعركة الإعلام التي تُضاف لتلك المعركة . وثمة جانبان في صفوف الضحايا وشئنا أم أبينا الإنسانية هي وحدها في العراق وفي فرنسا والولايات المتحدة . وتطلع علينا وسائل الإعلام الكبرى لتعلن لنا أن الرئيس أوباما ( أصدر مرسوماً قضى فيه بأن الحرب في العراق وضعت أوزارها ) . .‏

قبل أن نبدأ الحديث عن مجرد نهاية الحرب من جانب الولايات المتحدة , لنعود إلى الوراء , إلى بداية الحرب التي كانت أولى الحملات في القرن الحالي . لقد بدأت تلك الحرب مع حرب السنوات الثماني ضد إيران مدعومة من قبل بعض الدول العربية و الغربية لدرء الخطر الأخضر للثورة الإيرانية . وانتهت فصل الحرب هذه مع نهاية أعوام الثمانينات بأن حيّدت العراق وأضعفته . ثم جاء الغزو العراقي للكويت , وكان بضوء أخضر من الولايات المتحدة , وقد جاء بعد أسبوع واحد من لقاء الرئيس صدام حسين مع السفيرة الأميركية ابريل غلاسبي .‏

خطأ مأساوي فادح أتاح للولايات المتحدة , (حيث احتياطاتها النفطية تسجل تراجعاً وانخفاضاً) الفرصة لخلق الذرائع المناسبة كي تطيل بقاءها في منطقة الخليج . وثمة قول متعارف عليه يقول : « إن أردت أن تتتبع مواقع القواعد الأميركية فاتبع مسار خطوط النفط » . واتخذها الرئيس بوش الأب حجة لحشد التحالف , أو ما أسماه (العالم المتحضر ) ضد صدام حسين , رغم عرض هذا الأخيرالانسحاب . وذهب ضحية حرب الخليج الأولى 400 جندي من قوات التحالف مقابل الآلاف من القتلى العراقيين , وبقي النظام العراقي قائماً في ظل حصار محكم بحجة البحث عن سلاح التدمير الشامل ومقولة ( البترول مقابل الغذاء) التي تسببت بتجويع ملايين العراقيين وموت 500 ألف طفل عراقي . وبالنسبة لوزيرة الخارجية مادلين أولبرايت « ليس هذا ثمناً غالياً إن كان مقابله تنحي صدام حسين عن السلطة » . وسارع بوش الابن من عملية تدمير العراق المنهجي في حربه الثانية، متخذاً نفس الحجة مضيفاً إليها ذريعة الديمقراطية المحمولة جواً ومشروع ( الشرق الأوسط الكبير) لنهب ثروات نفطية تقدر ب110 مليارات برميل ( روابط بين المحافظين الجدد في السلطة في واشنطن وشركات النفط , بما في ذلك مجموعة كارلايل , انرون وشركة هاليبرتون ويونيكال، ونزع سلاح الشرق الأوسط للسماح لإسرائيل أن تكون القوة الوحيدة في مواجهة 300مليون عربي , وربما مع تسوية مصير الشعب الفلسطيني واقتصار عيشه على بانتوستانات فوق 18% من مساحة فلسطين الكاملة ) . وبعد تحقيق الانتصار على كومة من الأنقاض , سعت قوات التحالف إلى تهدئة الأوضاع في العراق . ومع ذلك بقيت معظم المدن العراقية في وضع مأساوي , النهب والقتل وتصفية الحسابات . ووفقاً للعالم الاقتصادي شتيجلتز , ستبلغ التكلفة الإجمالية للحرب على العراق 3 آلاف مليار دولار , وفي شهر تشرين الأول من عام 2006 قدرت مجلة (ذا لانسيت) أن عدد ضحايا الحرب من العراقيين وصل إلى 655 ألفاً .‏

أما معهد أعمال بحوث الرأي فقد قدر عدد الضحايا العراقيين خلال الفترة الممتدة من شهر آذار 2003 حتى آب 2007 بمليون ضحية , ونزوح ما لايقل عن مليوني عراقي، هذا دون الحديث عن الأضرار التي تسببها برنامج ( النفط من أجل الغذاء ) والأضرار التي لحقت بالبنى التحتية المدنية وانهيار الخدمات الصحية, وانعدام الأمن وتدمير المواقع التاريخية ونهب المتحف الوطني العراقي .‏

خلال خطابه في 31 آب المنصرم أعلن الرئيس أوباما أن ( تعهدنا والتزامنا حول مستقبل العراق لم ينته) مضيفاً أن الولايات المتحدة ستكون حاضرة دوماً بصفة صديق وشريك , أي بوضوح جيش احتلال يضع في أولوياته استنفاد آبار النفط .‏

وذكر الرئيس أوباما وعداً قطعه خلال حملته الانتخابية , لم يشر فيه ولا بكلمة واحدة إلى معاناة العراقيين وعن الدمار الذي جرته الولايات المتحدة على العراق , مستمراً على خط بوش , ومشيراً إلى أن «الأميركيين الذين خدموا في العراق أنجزوا المهمة الموكلة إليهم وألحقوا هزيمة بالنظام الذي روع شعبه وقدمنا تضحيات هائلة إلى جانب العراقيين وشركائنا بالتحالف وقد قاتلنا يداً بيد لمساعدة العراقيين في الحصول على مستقبل أفضل . وبقينا لأننا نشارك الشعب العراقي الاعتقاد بأن بداية جديدة يمكن أن تظهر من بين أنقاض الحرب في بلاد مهد الحضارة , لقد حان الوقت لفتح صفحة جديدة » .‏

ومن جانبهم أطرى المحافظون الجدد على خطاب الرئيس أوباما لأنه امتداد لعمل الرئيس بوش , وقد وصفه رئيس محرري الافتتاحيات في نيويورك تايمز جون بودهوريتز بالمحافظ الجديد , وكتب يقول :‏

« الحقيقة أن الرئيس أوباما قدم التزام الولايات المتحدة كمثال عما تستطيع الولايات المتحدة فعله عندما تريد . وأضاف : إنها رسالة فحواها أن الولايات المتحدة عازمة على تعزيز زعامتها في هذا القرن الجديد . وهذه الخطوة ينبغي أن تكون لتذكير الأميركيين بأننا نحن من نحدد المستقبل . » وشبه برودهورتز الرئيس أوباما بسلفه بوش , عندما تحدث عن المهمة المنجزة في العراق . وكتب دوغ ايرلاند: « أكد الرئيس أوباما في خطابه عن انتهاء المهمة القتالية في العراق على أهمية القوة الامبريالية المسلحة » . واقع الحال أن الولايات المتحدة أسلمت العراق إلى الفوضى ولم تمنع تقسيم العراق , في وقت كانت تستطيع به التأثير على جميع الطوائف فيه . لقد تجاهل أوباما معاناة الضحايا العراقيين من حرب غير شرعية ضد بلد لم يفعل شيئاً يضر . وبدلاً من ذلك شدد الرئيس على الحاجة إلى فتح صفحة جديدة في الحرب , لأنه لا يجرؤ على النظر إلى ما هو مكتوب على هذه الصفحة . وطوني بلير يكتب في مذكراته : «لا أستطيع أن أندم » ولو قيض لبلير أن يفعلها ثانية لما تردد ثانية .‏

ونختم كما بدأنا بقول لحامل جائزة نوبل في الآداب هارولد بنتر: «غزو العراق هو عمل من أعمال قطاع طرق , عمل من أعمال إرهاب الدولة السافرة , ودليل على الاحتقار المطلق للقانون الدولي ». كم من الأشخاص ينبغي قتلهم قبل أن تستحق أن يطلق عليك وصف قاتل جماعي ومجرم حرب ؟ مئة؟ ألف ؟ السؤال في رسم محكمة الجزاء الدولية .‏

========================

هل يتخلى أوباما للجمهوريين عن السياسة الخارجية؟

بقلم :د.منار الشوربجي

البيان

29-9-2010

احتوت الوثيقة التي نشرها الجمهوريون لتكون بمثابة البرنامج الانتخابي للحزب في انتخابات نوفمبر التشريعية، على القليل للغاية من الأفكار بشأن السياسة الخارجية. وهو ما لا يعني بالضرورة أن السياسة الخارجية تراجعت على أولويات الحزب، وإنما يعني على الأرجح، إذا ما وضعت في سياق باقي الوثيقة، أن السياسة الخارجية الأميركية قد تشهد انجرافا نحو اليمين.

 

فقد نشر الحزب الجمهوري الأميركي الأسبوع الماضي، وثيقة أطلق عليها اسم «عهد لأميركا»، احتوت على مجموعة من الوعود الانتخابية. والحقيقة أنه رغم أن الانتخابات التشريعية الأميركية عادة ما تكون انتخابات مغالية في محليتها، بمعنى أن تجري داخل كل دائرة وكل ولاية حسب قضاياها المحلية.

 

فإن تلك ليست المرة الأولى التي يتم فيها الإعداد لانتخابات تشريعية، باستراتيجية عامة يحددها الحزب بشكل مركزي. فقد قام الجمهوريون من قبل باستخدام استراتيجية مماثلة في انتخابات 1994، وقدموا برنامجا عرف وقتها باسم «عقد مع أميركا». والحزب في أميركا لا يجد مصلحة في تبني استراتيجية مركزية، إلا إذا كان يجد أن الحزب المنافس يقدم على الانتخابات وهو يعاني ضعفا يمكن استثماره عبر التأكيد عليه في كل ولاية ودائرة انتخابية.

 

والوثيقة التي أعلن عنها الجمهوريون قبل أيام، فيها أوجه شبه كثيرة مع وثيقة 1994، ليس فقط من حيث المضمون، وإنما من حيث السياق العام ذاته. فما أشبه الليلة بالبارحة. ففي 1994 كان في البيت الأبيض رئيس ديمقراطي كلينتون أمضى في موقعه عامين، ومعه أغلبية في الكونغرس من حزبه. ومع نهاية العامين كانت حالة الاستياء الشعبي قد وصلت للذروة، بينما شعبية الرئيس نفسه في أدنى مستوياتها.

 

لكن من المفارقات ذات الدلالة، أن أحد أسباب ذلك التذمر الشعبي وقتها كان أن كلينتون الذي تعهد بإصدار قانون لإصلاح نظام الرعاية الصحية، عجز عن تنفيذ عهده بعد أن قتل الجمهوريون مشروعه في الكونغرس، بينما يعاني أوباما اليوم هجوما شرسا لأنه أصدر القانون ذاته! وقد انتهت انتخابات 1994 التشريعية بفوز كاسح للجمهوريين، الذين استولوا على مقاعد الأغلبية في المجلسين لأول مرة منذ 40 عاما.

 

والحقيقة أن البديل الاقتصادي الذي يقدمه الجمهوريون في وثيقة «عهد لأميركا» ليس جديدا، فهو إعادة إنتاج للسياسات الاقتصادية التي قدمها بوش الابن، بل وسياسات النيو ليبرالية الاقتصادية التي تحكم أميركا منذ عقود. فالوثيقة التي تتحدث عن ارتفاع الدين العام وعجز الموازنة، تقدم الوصفة الجاهزة المتمثلة في الخفض الضريبي والحد من التدخل الحكومي، فهي صارت كروشتة الطبيب الخائب الذي يصف الدواء نفسه لأي مريض، بغض النظر عن مرضه.

 

فهي نفسها الروشتة التي جاء بها بوش الابن للرئاسة، في وقت كان هناك فائض في الميزانية الفيدرالية والاقتصاد الأميركي في حالة جيدة. الوثيقة إذن، تنطوي على عدد من الأفكار التي تشي بمواجهات مع الرئيس إذا ما فاز الجمهوريون. فهي، فضلا عن الخفض الضريبي، تتعهد بإلغاء قانون الرعاية الصحية ووقف الإنفاق الفيدرالي. ولأن الكونغرس هو من يملك «محفظة» الولايات المتحدة الأميركية، فإن الجمهوريين قادرون على شل يد الرئيس عبر حرمانه من الاعتمادات اللازمة، سواء لمشروعات جديدة أو حتى لبرامج الرعاية الصحية.

 

لكن الوثيقة أظهرت سخاء في ما يتعلق بالسياسة الخارجية والدفاعية، فهي تعهدت بتمويل فوري «دون أي تأخير» لاعتمادات الجيش الأميركي، وبالبدء في تمويل برنامج الدفاع الصاروخي الذي كان قد تراجع بوضوح في عهد أوباما. لكن ما جاء فيها من مواقف بشأن قضايا السياسة الخارجية محدود للغاية، فهي ركزت فقط على دعم الجيش، وأكدت على فرض عقوبات قاسية على إيران، ومواصلة «الحرب على الإرهاب»، وتعاملت مع قضية الهجرة باعتبارها قضية مرتبطة بتلك الحرب. أما ما دون ذلك فلم تتطرق له الوثيقة أصلا.

 

لكن تراجع السياسة الخارجية في الوثيقة، لا يعني أن قضاياها ستشهد تراجعا على أولويات الجمهوريين إذا ما فازوا بالأغلبية في نوفمبر. وتلك وجهة شبه أخرى مع ما جرى في 1994. فالسياسة الخارجية لا تحتل أولوية على أجندة الناخب الأميركي في الانتخابات التشريعية عموماً، خصوصا في أوقات الأزمات الاقتصادية. لكن الكونغرس الذي انتخب عام 1994، مارس نشاطا واسعا في صنع السياسة الخارجية، وهو ما يتوقع أن يفعله الجمهوريون هذه المرة إذا ما تولوا الأغلبية.

 

لكن الخطورة في الأمر هي أن نوعية الأفكار المتطرفة التي تدور اليوم في فلك الحزب الجمهوري حول السياسة الخارجية، من شأنها أن تشعل حرائق لا أول لها ولا آخر، إذا ما تبناها أعضاء في مواقع المسؤولية في المؤسسة التشريعية.

 

ففكرة «الشريعة كعدو لأميركا»، التي كنت قد أشرت لها في مقال سابق، أطلقها نيوت غينغريتش رئيس مجلس النواب الجمهوري السابق من أحد مراكز الفكر المرتبطة بالحزب الجمهوري، ثم تلقفها مركز آخر يضم بين أعضائه رموزا خدمت في إدارات جمهورية سابقة، وراحت تناقشها بانتظام دوائر جمهورية ثالثة. وأفكار استخدام القوة الغاشمة وفرض الأجندة الإسرائيلية، تتردد بقوة في دوائر المحافظين الجدد وغيرها من دوائر الجمهوريين.

 

لكن تلك الأفكار والرؤى إذا ما وضعت في سياق تعهدات الجمهوريين في الشأن الداخلي، تصبح أكثر خطورة. فأجندة الجمهوريين الداخلية معناها صدام حتمي وبالغ الشراسة مع الرئيس، وهذا هو بالضبط مصدر الخطر. ففي جو الصدام المحتدم من هذا النوع، يختار الرئيس المعارك التي يخوضها مع الكونغرس، لأنه لا يستطيع أن يخوض معركة بشأن كل قضية. وهنا، تكون السياسة الخارجية هي الضحية. فلأن الرئيس يعاد انتخابه أساسا وفق إنجازاته الداخلية، فإن الأسهل بالنسبة له هو التخلي عن خوض معارك تتعلق بالسياسة الخارجية، والتركيز على المعارك الداخلية الحيوية بالنسبة له.

========================

أزمة حكومة العراق إلى المربّع الأول ؟

سركيس نعوم

النهار

29-9-2010

لا يزال نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته المرشح الوحيد الذي يحظى بدعم كامل من الجمهورية الاسلامية الايرانية بكل مراكز القرار والقوة فيها. هذا ما يؤكده قريبون جداً من بغداد في العاصمة اللبنانية بيروت، ومطلعون بحكم قربهم هذا على مجريات الأمور في العراق، وخصوصاً تطورات الازمة الحكومية التي طالت اكثر مما توقع لها اكثر المتشائمين من العراقيين بعد انتهاء الانتخابات النيابية الاخيرة. ومن مظاهر الدعم المذكور أعلاه نجاح القيادة في طهران في اقناع سوريا بشار الاسد بالتخلي عن رفضها المطلق للمالكي بسبب مواقفه السلبية منها في السابق، والاستعداد للتحاور معها بغية تزكية رئيس وزراء جديد يحظى بتأييد العراقيين، وبدعم جاريه السوري والايراني، ويكون قادراً على بناء الجسور مع دول الجوار الاخرى للعراق. ومن مظاهر الدعم نفسه ايضاً محاولة المعنيين من المسؤولين الايرانيين بالعراق واوضاعة "اقناع" رافضي المالكي بعودته الى رئاسة الحكومة، وفي مقدمهم زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر الذي بينه وبين الرئيس "المدعوم" الكثير من القضايا العالقة ومن الازمات ليس أقلها التصدي العسكري النظامي لابناء تياره في البصرة والذي اسال الدماء واوصل الكثير من هؤلاء الى السجون. ويبدو استناداً الى القريبين من بغداد المذكورين اعلاه ان الخلافات المتصاعدة داخل التيار الصدري قد لا يكون الايرانيون بعيدين عنها في شكل او في آخر. ويظهر ذلك جلياً من خلال تمتع "عصائب أهل الحق" المنشقة عن "التيار الصدري" بدعم وتشجيع قويين من ايران.

هل تنجح ايران و"ائتلاف دولة القانون" الذي يتزعمه المالكي في اجتياز العقبات الكبيرة التي لا تزال تحول دون ترؤسه الحكومة العراقية الجديدة؟

يعتقد القريبون من بغداد انفسهم ان تأييد اميركا او بالاحرى عدم ممانعتها في احتفاظ المالكي بموقعه من شأنه ان يساعده على ذلك. لكن ما حصل في الايام القليلة الماضية جعلهم أكثر حذراً على هذا الصعيد. ف"القائمة العراقية" النيابية التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق أياد علاوي، وهي كبرى الكتل في البرلمان الجديد، قررت على ما يبدو بعد سلسلة من المشاورات مع المالكي وقائمته ومع آخرين قطع الطريق عليه. وقد ظهر ذلك في وضوح في البيان الرسمي الذي أعلنه للرأي العام مسؤول في "العراقية" اكد فيه توقف التشاور مع المالكي وعدم قبوله رئيساً للحكومة. واعتبر ذلك، وخصوصاً انه جاء اثناء مهلة الايام الخمسة (وقد انتهت اخيرا) التي حددتها الكتلتان النيابيتان الشيعيتان لاختيار مرشحهما لرئاسة الحكومة من بين المالكي ونائب الرئيس عادل عبد المهدي، نوعاً من الاستعداد لتأييد الثاني الذي ينتمي الى كتلة الحكيم – الصدر. وذهب البعض في بغداد الى الاعتقاد ان الازمة الحكومية حسمت، وان عبد المهدي سيكون رئيساً للحكومة الجديدة بدعم من كتلته وكتلة "العراقية" والنواب الاكراد ولا سيما الذين منهم يؤيدون الرئيس جلال الطالباني ورئيس اقليم كردستان مسعود البرازاني. لكن البعض الآخر في بغداد العارف بتفاصيل الاختلافات، ومع اعترافه بامكان حصول التحالف المشار اليه استبعد حصوله، ورجح ان تكون الازمة الحكومية عادت الى المربّع رقم واحد. وما يدفعه الى ذلك احصاء دقيق يشير الى ان تحالف كتل الاكراد وعلاوي والصدر – الحكيم يؤمن غالبية برلمانية مريحة. لكنه يجعل الشيعة وهم غالبية الشعب العراقي، اقلية داخله ومن شأن جعل القرار الحكومي في ايدي السنة والاكراد (وهم سنة ايضاً). في حين ان احد الاهداف من الذي يجري في العراق هو احقاق "الديموقراطية" التي تعني حكم الغالبية مع احترام حقوق الأقلية البرلمانية التي يفترض انها تمثل الاقليات الطائفية والمذهبية والاتنية الاخرى. وهذا امر لا يمكن قبوله، فضلاً عن انه لا يحظى بقبول ايران لأسباب عدة معروفة.

اين المرجع الشيعي العراقي الاعلى السيد علي السيستاني من كل ذلك؟

يعتقد عراقيون كثيرون ان الحسم في نهاية الأمر سيكون له في الموضوع الحكومي. لكنهم يقولون انه لا يزال في مرحلة اللاقرار، ربما لأنه يريد حل ازمة الحكومة بالتوافق بين الشيعة أولاً وبينهم وبين السنة والاكراد ثانياً. إذ من شأن ذلك وضع العراق على طريق اعادة البناء الجدي. لكن هؤلاء يلفتون الى ان السيستاني كما غالبية القيادات العراقية الشيعية، مع حرصها على الانتفاح على الجوار العربي السني للعراق، لا يريدون ان يسهلوا حلولاً يمكن ان تؤذي "ظهرهم" الذي هو ايران وخصوصاً انها شكلت لهم على مدى عقود الملاذ والحماية. وانطلاقاً من ذلك فان اللاقرار المتعمّد من المرجع الاعلى ربما سيكون أحد أهدافه الافساح في المجال امام الجميع في الداخل كما امام ايران للتفاهم على رئيس حكومة موثوق به. لكنه (اي السيستاني) سيحسم امره ويقرر في نهاية الامر اذا لم يعد امامه مفر من ذلك حرصاً على العراق. الا ان السؤال الذي يتداوله عدد من العراقيين وإن بشيء من "الخفر" وربما الاستغراب هو: هل ان الموقف الايراني من ازمة الحكومة في العراق ومن الحلول المطروحة لها واحد؟ والدافع هو عدم تصديق الكثيرين داخل العراق وخارجه ان ايران لا تستطيع ان "تمون" على "حلفائها" العراقيين. كما ان هناك سؤالاً اخر في التداول هو: هل يعارض الجوار السني للعراق اشتراك الممثلين الفعليين للسنة في حكومة لا يرضى عنها؟ وهل يقبل سنة العراق ذلك؟ وفي حال القبول هل تتجدد الفتنة المذهبية في العراق بل الحرب علماً ان نارها لم تنطفئ تماماً بفعل استمرار العمليات العنيفة او الارهابية كما يسميها مسؤولو العراق؟

========================

مفاوضات عباس – نتنياهو... مستمرة!

راجح الخوري

النهار

29-9-2010

تقع مسؤولية انقاذ المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين على عاتق الادارة الاميركية تحديدا قبل الرباعية الدولية وقبل دول الاتحاد الأوروبي، التي انطلقت أمس في حملة متشابهة لتقديم معزوفة الأسف وخيبة الأمل، بعدما استأنفت اسرائيل عمليات الاستيطان التي طالما هدد الرئيس محمود عباس، بأنه لن يتوانى عن الانسحاب من المفاوضات اذا استؤنف الاستيطان.

واذا كان مفهوما ان عباس تعمّد تجاوز الاحراج الشخصي والمحافظة على صدقيته، من خلال إحالة مسألة الاستمرار في التفاوض أو التوقف عنها على "لجنة المبادرة العربية"، التي ستجتمع في 4 تشرين المقبل لتعطيه الضوء الاخضر ليستمر في المفاوضات، فليس من المفهوم اطلاقا ما الذي دفع الادارة الاميركية الى إيفاد السناتور السابق جورج ميتشل في "مهمة مستعجلة" لدى اسرائيل، لاقناع بنيامين نتنياهو بتوفير الاجواء الملائمة، التي تساعد على المضي قدما في المفاوضات، وخصوصا ان كل ما لدى واشنطن سبق ان قيل لرئيس الحكومة الاسرائيلية!

من الواضح طبعا أن الانهيار المبكر للمفاوضات، التي بذلت الادارة الاميركية جهودا استمرت عاما ونيفا تقريبا لاطلاقها، يشكل ضربة مؤلمة لهيبة الرئيس أوباما عشية الانتخابات النصفية في الكونغرس الاميركي، ومن شأن هذه الانتخابات ان تقرر أولا قدرته على ممارسة الحكم مع كونغرس متجاوب، وثانيا قدرة الحزب الديموقراطي على لعب دوره وخصوصا في الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد سنتين.

لهذا يحتاج أوباما الى استمرار العملية التفاوضية أكثر من المتفاوضين أنفسهم، وخصوصا الجانب الفلسطيني الذي رهن الاستمرار في هذه العملية بموضوع الاستيطان، وهو أمر يرى البعض الآن أنه لم يكن ضروريا وملحا، قياسا بمسائل مثل الحدود والقدس عاصمة للدولة الفلسطينية وحق العودة ومسائل الأمن وسيادة الدولة الكاملة على أراضيها عندما تقوم.

ومن شبه الواضح ان المفاوضات المباشرة التي تعثرت بعد الجلسة الثالثة وعودة حركة الاستيطان، لن تلبث ان تستأنف بعد اجتماع "لجنة المبادرة العربية"، ومهمة ميتشل في اسرائيل، وخصوصا وسط هذا الجو الدولي الضاغط الذي أجمع تقريبا على التنديد بالعودة الى الاستيطان.

ما يشجع على هذا الاعتقاد هو الاجواء التفاؤلية التي كانت قد ظهرت في الأيام الاخيرة، وقد عكسها كلام الرئيس الفلسطيني في مؤتمره الصحافي المشترك مع الرئيس نيكولا ساركوزي، عندما أعرب عن ثقته بأنه "لا تزال ثمة فرصة أمام تسوية سلمية، وتاليا ستقام الدولة الفلسطينية".

جاء كلامه هذا بعدما أوضح: "لن نذهب الى ردات فعل سريعة على استئناف حركة الاستيطان، لنقول بسرعة لا أو نعم... نريد أو لا نريد. نتنياهو أعطى عشرة أشهر لوقف جزئي للاستيطان ولم تكن هناك مفاوضات، ومن باب أولى أن يعطي ثلاثة أو أربعة أشهر والمفاوضات تجري كي يسهّل هذه العملية".

ولكن اذا كانت الادارة الاميركية تريد حقا ألا ينهار البناء الكرتوني للمفاوضات، فعليها فعلا ان تمارس ما يكفي من الضغوط لدفع اسرائيل الى استجابة شروط التسوية انطلاقا من تجميد البناء، الذي تحاول اسرائيل الآن أن تقايض الفلسطينيين عليه بالحصول على اعتراف صريح بأمرين من صلب العملية التفاوضية هما: القبول بيهودية الدولة الاسرائيلية وبضمانات أمنية متفاهم عليها لحدودها الشرقية!

========================

جذور غضب أوباما أم صناعة الكراهية؟!

د. حسن البراري

الرأي الاردنية

29-9-2010

آخر انتقادات اليمين الأميركي التي نالت سهامها الرئيس باراك أوباما هي أنه يعمل وبوعي على تدمير الولايات المتحدة من الداخل، فالرئيس أوباما ليس فقط غاضباً على أميركا ولكن يكن لها العداء! وجذور غضب الرئيس لا تعود لتاريخ السود في النضال من أجل حقوقهم في أميركا، فهو في نهاية الأمر قادم من أفريقيا ولم يكن أجداده عبيدا في الولايات المتحدة. فغضب الرئيس له علاقة بأيدلوجيته المعادية للاستعمار، الأمر الذي يفسر إصرار الرئيس على ارتكاب «الأخطاء» المتتالية.

 

ما سبق يشكل جوهر الكتاب الجديد الذي صدر للتو ويحمل عنوان The Roots of Obama’s Rage والذي ألفه الكاتب دينيش ديزوزا (Denish D’souza) والذي وضع الكثير من الكتب نالت إقبالا واسعا.

 

ويستند دينيش ديزوزا على كتب كان قد وضعها باراك أوباما متعلق بوالده الذي يوصف بالكتاب الجديد كمن غرس في عقل أبنه باراك رؤية وأيدولوجيا معادية للاستعمار، وهي نفس الأيدولوجيا التي تدفع الرئيس أوباما لكراهية أميركا وكل شيء تمثله أميركا. ويتعرض الكتاب بالتفصيل لما يقوم به الرئيس من تقويض أميركا داخليا وخارجيا وكيف أن ذلك منسجم مع أيدلوجيته التي ورثها عن أبيه. ويأخذ عليه مؤلف الكتاب الإصلاحات المالية التي يصفها بأنها أعاقت الوضع المالي الأميركي متجاهلا أن الوضع المالي وصل الحضيض مع نهاية فترة الجمهوريين في الحكم. كما يأخذ الكاتب على الرئيس أوباما تحديد موعد الانسحاب من العراق وهو بذلك يتصرف من فهم أن أميركا هي من يضطهد الآخرين وليس من وحي ضرورة إلحاق هزيمة بالإرهاب. المؤلف لا يعترف أن للقوة الأميركية حدوداً بات احترامها يشكل أدوات السياسة الخارجية.

الكتاب مليء بالاتهامات ومنها أنه الرئيس أوباما لا يمانع من أن تكون إيران دولة نووية وغيرها من المقولات التي لا تصمد أمام أي منطق علمي. مؤلف الكتاب يدعي أنه بهذا الكتاب استطاع أن يعري الرئيس أوباما ويكشف عن هويته الحقيقية، وربما لمثل هذا الكلام وقع خاص عند من يعتقدون أن الرئيس أوباما هو مسلم وهم حوالي 18% من الأمريكان.

التسطيح في الكتاب واضح إذ لا يعقل أن يتمكن الرئيس أوباما الانفراد بكل هذه القرارات لأن نظام توازن السلطات الذي يستند عليه النظام السياسي الأميركي يمنعه من ذلك، فهو ليس رئيسا لدولة من دول العالم الثالث حتى يأخذها بالاتجاه الذي يريد.

لم أجد الكتاب ممتعا لأنني أمقت اللغة التحريضية غير الواقعية، وهي لغة لنا منها موقف عندما تصدر حتى من كتاب عرب امتهنوا التحريض وتشويه الحقيقة. وعلاوة على ذلك يمكن القول أن الكثير من الآراء التي يؤمن بها أوباما ويطبقها سبق ونشرت في مؤسسات بحثية في غاية الرقي، وبالتالي لا يوجد موقف واحد له يعبر عن باطنية أو موقف سريّ مسبق!.

الكتاب في مجمله يقع في سياق صناعة الكراهية لرئيس استطاع أن يلحق هزيمة نكراء باليمين الأميركي المتربص والذي لا يهدأ من نشر الأكاذيب وتزوير الواقع خدمة له في الانتخابات القادمة وبخاصة مع عجز اليمين لغاية الآن إبراز شخصية سياسية يمكن لها أن تنافس أوباما في معركة إعادة الانتخاب. بقي أن نذكر أن مؤلف الكتاب هو أحد المحافظين وله كتب كثيرة أخرى أهمها ما يتهم فيه اليسار الأميركي عن كارثة الحادي عشر من سبتمبر!

========================

أوروبا ضد ساركوزي

افتتاحية صحيفة الباييس الإسبانية

الرأي الاردنية

29-9-2010

قالت مفوضة العدل في الاتحاد الأوروبي فيفيان ريدنغ، مؤخراً، إن الاتحاد ربما يتخذ إجراء قانونياً ضد فرنسا، بشأن الطريقة التي عالجت بها موضوع المهاجرين الغجر القادمين من رومانيا، حين قررت طردهم. ووصفت التصرف الفرنسي ب«المخزي»، وبأنه يعتبر انتهاكاً للقوانين التشريعية المشتركة. وبذلك تكون المفوضية الأوروبية قد رجعت عن الموقف متدني المستوى والمخيب للآمال، الذي عبر عنه مانويل باروسو حيال القضية نفسها في اللحظة الأولى، مثلما يذكر الحكومة الفرنسية عموماً، ونيكولا ساركوزي على وجه الخصوص، بأن الشعبوية الانتخابية على حساب الأقليات، حد لا يمكن تجاوزه في الاتحاد الأوروبي.

وبذلك تكون المؤسسة الأوروبية التنفيذية في بروكسل، قد أنقذت كرامتها بالقدر نفسه الذي يخسرها الجانب الفرنسي بقرار غير مقبول تماماً، مثل القرار المتعلق بالمهاجرين الغجر.

فبالإضافة إلى التمييز العنصري الممارس ضد هؤلاء الغجر، لا بد من أن تضاف تلك الأكاذيب المتعلقة بالتعليمات الصادرة لقوات وأجهزة الأمن، والتي وظفت في هذه العملية.

باريس دافعت عن نفسها أمام المفوضية، وقالت إن سياسة الإبعاد لم تكن موجهة ضد الغجر بشكل خاص، وإنما ضد أي شخص وضعه غير اعتيادي. بيد أن أوامر وزارة الداخلية الصادرة للشرطة، والتي أثارت غضب المفوضة ريدنغ، حددت الغجر ومخيماتهم بالذات كهدف صريح له الأولوية.

ساركوزي لم يسع إلى محاربة حالة انعدام الأمن بطرد الغجر، بل إلى تقمص صورة الزعيم غير المرن، الذي يقف ضد الجريمة التي لا ترحم، في المجتمع المهمش الذي يتم التعامل معه بمواقف سلفية نمطية.

فمن غير المناسب أن تعمد حكومة ديمقراطية، إلى تبني استراتيجيات بوليسية لا تليق بصورتها، محاولة تجيير ذلك التهميش وتلك الصور النمطية لصالحها، وذلك عوضاً عن توظيف قوة دولة القانون لدفنها. وذلك بالضبط ما فعله ساركوزي وحكومته، مقتنعين كذلك بأن رومانيا وبقية شركاء الاتحاد سيقفون مكتوفي الأيدي، على غرار ما حصل مع إيطاليا.

رد المفوضة ريدنغ يجب ألا يبقى بادرة معزولة، بل يجب أن يعتبر وقفة للتأمل في طلاق وإدانة الإجراءات الشعبوية، التي راحت تتبناها حكومات بعض الدول الأعضاء خلال السنوات الأخيرة.

فالمشروع الأوروبي يمر بلحظة صعبة، تتأتى من الشك والقلق حيال الخطوات التي يجب اتباعها في المستقبل. وإذا اتخذت المؤسسات المشتركة موقفاً لا مبالياً حيال تدمير أسسها الديمقراطية، فإن الاتحاد الأوروبي سيخسر سبب وجوده الأخير.

إن طرد الغجر الرومانيين من فرنسا، ليس تعبيراً عن كراهية الأجانب بشكل خاص، إلا إذا كان ذلك الشعور غائباً عن قرار الرئيس ساركوزي وحكومته. الأمر هنا يتعلق، في المقام الأول، بمخالفة مرتكبة ضد بعض الأوروبيين وضعهم كمواطنين يوضع تحت بند مشتبه فيه.

========================

الأزمة الكورية صداع أميركي لا شفاء منه!

المستقبل - الاربعاء 29 أيلول 2010

العدد 3785 - رأي و فكر - صفحة 19

علي فيّاض

بعيداً عن مسرح الشرق الأوسط واستثناء لقضية فلسطين لم تشهد العلاقات الدولية تعقيداً وتركيباً وتناقضاً في التعاطي مع قضية إقليمية كما جرى في الموقف من القضية الكورية ولم يشهد المسرح الدولي مبادرات ديبلوماسية ومفاجآت مفزعة ومراهنات خاسرة كما شوهد على الجبهة الكورية.

فكما هو معروف تعتبر الولايات المتحدة الأميركية طرفاً مباشراً في الأزمة الكورية منذ نشوئها بعد الحرب العالمية الثانية. فكانت هي الطرف الرئيس والفاعل، والقوة الضاربة في الحرب الكورية الدموية الشهيرة، لكن بعد الهدنة الكورية عام 1953 تحوّلت واشنطن لإدارة الصراع عبر الحصار والاحتواء ضد الشمال الكوري مع تحويل الجنوب الى قاعدة عسكرية أمنية رئيسة في شبكة التحالفات والقواعد الأميركية الآسيوية.

وسنلاحظ بعد ذلك أن القضية الكورية في تطورها لم تتوقف عند حدود الحرب المباشرة التي وقعت، والهدنة التي أعقبتها بل تحولت الى قضية ولاّدة للأزمات المتتالية من عسكرية أمنية الى اقتصادية تجارية الى صاروخية نووية والتي لم تتمكن الولايات المتحدة من السيطرة عليها أو احتوائها حتى اليوم.

وفي مسيرة العلاقة الأميركية مع القضية الكورية كان الفشل أو الإخفاق أو التراجع هو العنوان الأبرز في معظم المحطات التي شهدتها هذه المسيرة، ولعل المراقب المحايد يستطيع أن يرصد سلسلة من المراهنات الخاسرة أو غير الموفقة التي أقدمت عليها الإدارات الأميركية المختلفة.

أما الرهان الكبير التالي فكان على سياسات العزل والحصار والاحتواء التي طبقتها واشنطن إبان فترة الحرب الباردة والتي دعمت بالضغوط الديبلوماسية والتجارية والتحرشات البحرية والتهديدات العسكرية وعمليات التجسس، إلاّ أن النتيجة لم تكن مثمرة بسبب الصمود الداخلي والقوة الذاتية للكوريين الشماليين المشمولين بالدعم السوفييتي والمساندة الصينية متعددة الأشكال والحقول.

وجاء الرهان الكبير الآخر بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتفكك حلف وارسو وسقوط أنظمة أوروبا الشرقية حيث شدد الأميركيون حصارهم الاقتصادي وحربهم النفسية واستثمروا الأزمة الاقتصادية الغذائية لإسقاط الشمال الكوري من الداخل عبر انتفاضة شعبية منتظرة لم تحدث حتى اليوم!

وفي سياق الرهان على تدهور الوضع الداخلي، كان الترويج للصراع على السلطة المفترض في بيونغ يانغ خلال فترة مرض الزعيم الأول كيم ايل سونغ ثم للصراع على خلافته بعد وفاته، وأخيراً للصراع على خلافة الزعيم الحالي بين توريث أحد أولاده وبين انقلاب القيادات الحزبية والعسكرية لتسلّم السلطة! الأمر الذي لم يحدث بعد!

ورهان أميركي آخر لا بد من استحضاره وهو يخص الصين. فبعد الانفتاح الصيني على الأميركيين والغرب، ثم انفتاحهم على حلفاء أميركا الآسيويين، خصوصاً كوريا الجنوبية، اعتقدت واشنطن أن بكين جاهزة للمساومة على النظام الكوري الشمالي وبذلك يفقدونه آخر حلفائه فيستفردون به لقمة سائغة، لكنهم اكتشفوا بالممارسة أن بكين لن تتخلى عن كوريا الشمالية وأن للأخيرة أنياباً قادرة على الإيذاء في أي مواجهة مقبلة.

وفي مواجهة الطموحات النووية والتجارب الصاروخية الشمالية لم تثمر الرهانات على التهديدات العسكرية المباشرة ولا على المناورات البحرية المشتركة ولا تحريض اليابان ولم تمنع الشمال من التحوّل الى دولة نووية ذات قدرة صاروخية متعددة المديات.

وحتى الآن لم تثبت سياسة العصا والجزرة التي اتبعت منذ إدارة كلينتون وحتى إدارة أوباما، بين حين وآخر قدرتها على احتواء كوريا الشمالية التي تمكنت من الحصول على بعض "الجزرة" من دون أن تردعها "العصا" ولعل حادثة إغراق المدمرة الكورية الجنوبية أحدث دليل على حدود القوة الأميركية، فواشنطن اكتفت بالتهديدات والمناورات العسكرية والضغوط الديبلوماسية عبر مجلس الأمن وتحريض الجيران الآسيويين لكن الصمود الكوري والموقف الصيني أفرغ تلك الضغوط من محتواها.

باختصار، إنها تجربة طويلة من الرهانات الأميركية الفاشلة، رهانات على القوة العسكرية الصماء، وعلى الحرب الاقتصادية والتجارية، وعلى ديبلوماسية التهديد والوعيد، وعلى تكتيك العزل والاحتواء، وسياسة العصا والجزرة، لكنها لم تسفر عن إسقاط النظام الكوري الشمالي أو استبداله بنظام موال أو حتى إخضاعه وتدجينه، وفي النهاية العودة الاضطرارية لخيار التفاوض ولو عبر المحادثات السداسية أو القنوات الخلفية السرية.

أما لماذا لم تنجح واشنطن في رهاناتها المذكورة في الملف الكوري، فتلك قصة بحاجة الى مقال آخر في وقت لاحق!

========================

محادثات سلام الشرق الأوسط.. مجرد مسرحية

إريك مارغوليز - «إنفورميشن كليرنج هاوس»

 الدستور

29-9-2010

في الثاني من شهر أيلول عام 2001 ، كتبت في مقال صحفي: "تتعرض المصالح الاقتصادية والاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي للتهديد جراء الصراع العنيف في فلسطين ، الذي يشجع على شن هجمات إرهابية ضد مواطني الولايات المتحدة وممتلكاتها"... بعد تسعة أيام جاءت هجمات 11 أيلول.

الرئيس باراك أوباما محق تماما بالبحث عن نهاية لمعاناة الفلسطينيين المستمرة. فهي إهانة للبشرية وتقويض لقيم أميركا وأمنها ومكانتها بشكل كبير.

في كتابي الأخير ، الحكم الأميركي - أميركا والعالم الإسلامي ، حاولت إظهار كيف أن النزاع السام على فلسطين قد ولد الكثير مما ندعوه "الإرهاب" ، وكيف جر الولايات المتحدة إلى نزاع أعمق ، وغير ضروري ، مع العالم الإسلامي.

بالنسبة لهؤلاء المتلهفين لرؤية نهاية للنزاع اليهودي - الفلسطيني الذي استمر سبعة عقود ، ولرؤية الأمن والهدوء يتحقق لإسرائيل ، والعدالة للفلسطينيين ، فإن ما أطلقنا عليها وصف "محادثات السلام" ، قبل أيام ، في واشنطن لا تزيد عن مسرحية هزلية.

الرئيس أوباما ، قام بدعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي ، بنيامين نتنياهو ، ليلتقي في واشنطن مع رئيس السلطة الفلسطينية ، محمود عباس: ورجل مصر القوي ، حسني مبارك: والملك عبدالله الثاني.

كانت النتيجة هي النوع ذاته من المسرحية السياسية الشرق أوسطية المبتذلة والمملة المستمرة منذ عقد من الزمن: كلام تافه حول السلام ، ومصافحات ، وحديث عن محادثات تتعلق بمحادثات تتعلق هي الأخرى بمحادثات.

يعلم الجميع أن هذا المسرح السياسي صمم لتضليل الناخبين الأميركيين ، وجعلهم يعتقدون أن تقدما قد أحرز في الفوضى الشرق أوسطية الأزلية.

محادثات السلام الزائفة تلك ، كان من المفترض أن ترسل أيضا برسالة إلى العالم العربي الغاضب بأن الولايات المتحدة تدفع فعلا من أجل سلام عادل في فلسطين ، وتظهر للإسرائيليين أن زعيمهم ، رئيس الوزراء نتنياهو ، الذي وقع منذ فترة قصيرة في مشكلة مع أوباما بسبب إهانته نائب الرئيس جو بيدن لدى زيارته إسرائيل ، قد عاد إلى حظيرة رضى واشنطن في الوقت المناسب لانتخابات شهر تشرين الثاني.

بالكاد يأخذ أي أحد في العالم العربي أو الإسلامي هذه المهزلة على محمل الجد. الأشخاص الوحيدون الذين لا يبدون حقا مدركين لما يحدث هم الأميركيون الذين لا يملكون معرفة جيدة.

وسائل الإعلام الأميركية كانت قد قدمت بإخلاص تقارير عن محادثات واشنطن بشكل مشابه للاحتفالية والإذعان التام الذي استخدمته وسائل الإعلام السوفيتية القديمة لدى تقديم تقاريرها حول اجتماعات الحزب الشيوعي.

في هذه اللعبة ، تحمل إسرائيل جميع الأوراق. ائتلاف الجناح اليميني لحزب الليكود الحاكم يصر على أنه لن يسمح أبدا بإقامة دولة فلسطينية ، المفتاح لحل هذا النزاع. لن يسمح بذلك على الإطلاق. في أفضل الأحوال ، يقول الليكود ، أنه ربما يقبل بكيان عربي مستقل - باختصار ، "معزل عرقي" مثل ما كان في جنوب أفريقيا العنصرية.

وما يجعل الأمور مخيفة ، قيام الحاخام عوفاديا يوسف ، الزعيم الروحي للشريك الائتلافي الرئيسي لنتنياهو ، من حزب شاس الديني ، بالدعاء إلى الله لأن يعصف الموت بمحمود عباس. وقيام مسلحين فلسطينيين بقتل أربعة مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية.

وكما أشار الكاتب الإسرائيلي المبدع يوري أفنيري ، فإن حزب الليكود يرفض تحديد حدود إسرائيل النهائية. ووفقا لأفنيري ، سيظل هناك اندفاع نحو التوسع داخل حزب الليكود وأحزابه الائتلافية اليمينية المتشددة التي تتطلع حتى إلى دولة يهودية أكبر.

مهما كانت القضية ، يحمل حزب الليكود الحاكم الذي يترأسه نتنياهو جميع أوراق هذه اللعبة. فاستراتيجية إسرائيل واضحة: الاستمرار في الحديث عن محادثات السلام ، وتقديم تنازلات تجميلية متباعدة لاسترضاء واشنطن ، في الوقت الذي تقوم به بتسريع البناء المستوطنات في الضفة الغربية ، وتقريبا ، نسيان هضبة الجولان.

وكما أكد دبلوماسي فلسطيني بذكاء قائلا ، "نحن نتفاوض مع إسرائيل على تقسيم البيتزا في الوقت الذي تنشغل فيه إسرائيل بالتهامها".

هناك الآن حوالي 500 ألف مستوطن يهودي وروس من غير اليهود في الضفة الغربية يعيشون في 121 مستوطنة ، تربطها طرق أمنية خاصة يمنع العرب من الوصول إليها. الكثير من أفضل الأراضي الزراعية في الضفة الغربية ومياهها الجوفية صودرت من قبل إسرائيل. وتستمر القدس اليهودية بالتوسع داخل الضفة الغربية من خلال مبان سكنية ضخمة ومحصنة ، في الوقت الذي يدفع بالعرب في القدس الشرقية إلى الخارج بصورة منتظمة ، غالبا بمساعدة أموال التبرعات من مخصصات الضرائب التي تدفعها جماعات صهيونية أميركية.

صممت نقاط التفتيش الإسرائيلية وضبط الأمن ، جزئيا ، لجعل حياة الفلسطينيين تعيسة حتى يضطروا للهجرة. كما أن جدران إسرائيل الأمنية الممتدة تقتطع المزيد من الأراضي.

اليوم ، تبدو إقامة دولة فلسطينية مجاورة قابلة للحياة أمرا ممكنا بصعوبة - ومستحيلا غدا. وتصبح الضفة الغربية بقعا متفرقة من المعازل المشتعلة المعتمدة كليا على إسرائيل ومحاطة بقواتها الأمنية. معظم الإسرائيليين مسرورون لأنهم لم يعودوا يعانون من العديد من التفجيرات والهجمات كما كانوا ذات يوم. لكن الفلسطينيين والعالم الإسلامي غاضبون.

حماس ، المسجونة في سجن كبير في الهواء الطلق اسمه قطاع غزة ، لم تُدع إلى واشنطن. ترفض حماس محادثات السلام وترفض الاعتراف بإسرائيل إلى أن تعترف إسرائيل بمطالب الخمسة ملايين فلسطيني المهجرين والمشردين الذين لا يملكون دولة.

لكن حماس أيضا هي ممثل شرعي للفلسطينيين ، فقد انتخبت في انتخابات ديمقراطية حسب الأصول في عام 2006 ، وهو الاقتراع الصادق الوحيد في العالم العربي منذ انتخابات الجزائر عام 1991 ، التي ألغاها الجيش بدعم من فرنسا والولايات المتحدة.

بغض النظر عن مدى تطرفها ، تخلو حماس بشكل كبير من الفساد المزمن المصابة به السلطة الفلسطينية ، التي لا تعتبر الناطق الرسمي باسم معظم الفلسطينيين.

ما زال نصف الإسرائيليين يرغبون في عقد اتفاق الأرض مقابل السلام مع الفلسطينيين. لسوء الحظ ، فقد التزم معسكر السلام الإسرائيلي الصمت ولم يتلق دعما من الولايات المتحدة.

الحوار الأميركي حول الأرض المقدسة تسيطر عليه بالكامل تقريبا لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأميركية ، التي هي فعليا ذراع لحزب الليكود. وفي الواقع ، كان المرشح أوباما قد وعد لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأميركية بعدم الضغط على إسرائيل لقبول اتفاق سلام لا تريده ، وهو وعد يحافظ عليه.

لكن عدم ضغط واشنطن على إسرائيل لمبادلة الأرض مقابل السلام يعني عدم وجود سلام حقيقي ، بغض النظر عن مدى حلاوة الاتفاق الذي يشير إليه عباس. عدم وجود سلام حقيقي يعني المزيد من الأعداء للولايات المتحدة في تعاملها مع العالم الإسلامي. وعلى الأغلب أن هذا يعني المزيد من هجمات 11 أيلول.

========================

العمل في العراق يسير كالمعتاد

مارجوري كون - موقع "كومون دريمز"

 الدستور

29-9-2010

قبل أيام ، أعلن الرئيس أوباما رسميا انتهاء العمليات القتالية الأميركية في العراق. وبما أن الديمقراطيين يواجهون معركة صعبة في الانتخابات النصفية القادمة ، فقد شعر أوباما بأن عليه أن يفي بوعد حملته الانتخابية بتحويل العمليات القتالية من العراق الى أفغانستان. ولكن بينما هو يصعد من عمليات القتل في أفغانستان ، يجري العمل في العراق كالمعتاد.

الولايات المتحدة ، بسفارتها الضخمة في بغداد وخمس قواعد كبيرة منتشرة في أنحاء العراق ، ستواصل الإمساك بخيوط الوضع. قبل أيام قام بايدن ، نائب الرئيس ، بتسليم خطة لتقاسم السلطة الى العراقيين ، الذين لم يتمكنوا من تشكيل حكومة خلال ستة أشهر منذ أن قادت انتخابات شهر آذار إلى طريق مسدود. بايدن صرح قائلا: "نعتقد أن ذلك أفضل لمستقبل العراق". النيويورك تايمز تساءلت عما اذا كان "بمقدور الأميركيين النجاح في التوصل الى تسوية". ولكن الولايات المتحدة ستواصل القيام بما هو أكثر من مجرد تقديم مقترحات تتعلق بالكيفية التي يجب فيها على العراقيين تقاسم السلطة السياسية.

توقيت إعلان أوباما عن مغادرة القوات الأميركية للعراق مبني على اتفاقية وضع القوات التي تفاوضت حولها إدارة بوش مع العراقيين في ,2008 إنها تقتضي مغادرة القوات العسكرية الأميركية للعراق مع نهاية آب ,2010 الاتفاقية تطالب البنتاغون كذلك بسحب جميع قواته مع نهاية عام 2011 ، ولكن هذا التاريخ يمكن تمديده.

خطاب أوباما حول سحب القوات العسكرية من العراق يعد محاولة للبرهنة على الالتزام باتفاقية وضع القوات في الوقت الذي يقترب فيه موعد الانتخابات النصفية. ولكن الأحداث على أرض الواقع تُظهر أنه يلعب لعبة الخداع القديمة بشكل سياسي. فرغم أن أوباما قد أعلن عن إعادة نشر كتيبة سترايكر خارج العراق ، فقد أعيد نشر ثلاثة آلاف جندي مقاتل. وزارة الخارجية تقوم بما هو أكثر من مضاعفة "متعهديها الأمنيين" ليصلوا الى سبعة آلاف لضمان حماية المصالح الأميركية. وسيصحبهم 24 طائرة هلكوبتر من نوع بلاك هوك وخمسون مركبة مصفحة ضد الالغام والكمائن ، ومعدات عسكرية أخرى.

سيبقى في العراق خمسون ألف جندي أميركي. أربعة آلاف وخمسمائة جندي أميركي من القوات الخاصة يواصلون القتال والقتل الى جانب القوات الخاصة العراقية. القوات الاميركية ما زالت مخولة للقيام بإجراءات وقائية ضد أي تهديد تلحظه. السياسة المتعلقة بالتفجيرات والغارات الجوية ستستمر دون تغيير. وسيبقى في العراق أعداد غير محدودة من "المتعاقدين المدنيين" - المرتزقة بمعنى أدق ، والذين لا يُحاسبون على ما يقترفونه من جرائم حرب.

عندما تحدث أوباما الى الشعب حول إنهاء العمليات القتالية في العراق ، بعث برسالته بطريقة يمكن أن تجعل جورج بوش يشعر بالفخر. أوباما أعاد تسمية الاحتلال الأميركي للعراق ب"عملية الفجر الجديد" ، وتحدث عن التضحيات التي قمنا بها خلال "عملية تحرير العراق". ولكنه فشل في الإشارة إلى أكثر من مائة ألف قتيل عراقي والأعداد غير المحدودة من الجرحى العراقيين والمليوني عراقي الذين يقيمون في المهجر. لم يقل شيئا عن الساعات القليلة من الكهرباء التي ينعم بها معظم العراقيين يوميا. لم يذكر شيئا عن حظر النقابات وعن الخراب الشامل للبنية التحتية في العراق. وقد أهمل أي إشارة الى عدم مشروعية حرب بوش العدوانية - التي تنتهك ميثاق الأمم المتحدة - وسياسة بوش في تعذيب العراقيين وإساءة معاملتهم - في خرق لميثاق جنيف. عوضا عن ذلك ، اختار أوباما امتداح سلفه ، قائلا: "لا يمكن لأحد التشكيك في التزام الرئيس بوش بأمننا". لكن الاحتلال الأجنبي للعراق وإساءة معاملة السجناء لم يجعلنا قط أكثر أمنا. كما أهمل أوباما تذكيرنا بأننا ذهبنا الى الحرب بناء على كذبتين صنعتهما إدارة بوش: أن العراق يملك أسلحة دمار شامل ، وأن القاعدة على صلة وثيقة بصدام حسين.

أوباما تحدث عن "انتخابات نزيهة" في العراق. ولكن رائد جرار ، المستشار العراقي في لجنة خدمات الأصدقاء الأميركيين والعضو رفيع المستوى في منظمة "التحرك من أجل السلام" قال: "العراق لا يملك ديمقراطية فعالة. لا يمكننا أن نتوقع أن تكون لدينا ديمقراطية فعالة من العراق فُرضت بواسطة احتلال أجنبي".

الصحافي نير روسن كتب في مجلة "فورين بوليسي": "الدولة العراقية الجديدة من بين أكثر الدول فسادا في العالم. إنها فعالة فقط في كونها وحشية وتوفر أدنى مستوى من الأمن. إنها تفشل في تقديم خدمات ملائمة لشعبها ، وبالكاد يمكن للملايين منهم البقاء على قيد الحياة. العراقيون يعانون الصدمات. في كل يوم ، هناك اغتيالات بالمسدسات الكاتمة للصوت والسيارات المفخخة.

أوباما يفترض أن تكلفة الحروب ثلاثة مليارات دولار ، وهو مبلغ مذهل كان من الممكن أن يُستغل في توفير رعاية صحية بمقاييس عالمية ، وتعليم نوعي ، وبنية تحتية متطورة لتوفير وظائف في هذه الدولة. ولكنه تغاضى عن ذكر تكاليف معالجة محاربينا المعاقين ، حيث عاد الكثير منهم وهو يعاني من إصابات في الدماغ جراء الصدمات التي تعرضوا لها ومن اضطرابات ما بعد الصدمة. جوزيف ستيغليتز وليندا بيلمز كتبا في الواشنطن بوست: "لا شك أن حرب العراق زادت بشكل كبير من الدين الفدرالي". وأضافا قائلين: "الأزمة المالية العالمية حدثت ، جزئيا على الأقل ، بسبب الحرب".

بغض النظر عن كيف يحاول أوباما أن يفبرك رسالته حول الكارثة التي خلقتها الولايات المتحدة في العراق ، فإن ستين بالمائة من الأميركيين يعتقدون أن الاجتياح الاميركي للعراق كان خطأ ، كما يعتقد سبعون بالمائة أنها لم تكن تستحق التضحية بأرواح الأميركيين ، والربع فقط يعتقد أنها جعلتنا ننعم بأمان أكبر. كما أن أغلبية العراقيين تعارض الاحتلال الأميركي.

فيما أتامل الأحداث التي تتكشف في العراق ، ومحاولات أوباما إيضاحها لنا ، أتذكر سميدلي بتلر ، جنرال قوات المارينز المتشح بالأوسمة العديدة. قبل حوالي سبعين عاما ، صرح أن "الحرب خدعة". لقد كان يشير إلى استخدام المارينز في أميركا الوسطى في مطلع القرن العشرين لحماية الشركات الأميركية أمثال يونايتد فروت ، التي كانت تستثمر الموارد الزراعية في تلك المنطقة. في رأيي ، حرب العراق كان لها هدف مماثل - تأمين حقول النفط العراقية الغنية وجعلها متاحة أمام الشركات التي ستواصل إشباع إدمان أميركا على النفط.

في خطاب أكثر مصداقية ، كان يمكن لأوباما أن يقول أنا نجحنا في الإطاحة بقائد كان يعادي المصالح الجيوسياسية والاقتصادية لأميركا ، واستبدلناه بأناس يدينون بالفضل للأموال والذخائر الحربية الأميركية. تم خفض عدد القوات الأميركية وإعادة تسميتها. "مراكز الوجود الثابتة" (التسمية الجديدة للقواعد الأميركية في العراق) ستضمن مواصلتنا السيطرة على العراق. المهمة أُنجزت.

أستاذة جامعية في كلية توماس جيفرسون للحقوق

=======================

اتسمون هذا تجميدا؟

درور أتكس

هآرتس 28/9/2010

2010-09-28

القدس العربي

تصف الأرقام الرسمية التي يعطيها المكتب المركزي للاحصاء القصة وراء شهور التجميد العشرة هذه بأنها قضية يمكن تلخيصها بواسطة عدة نعوت، لكن من المحقق أن 'التجميد' ليس واحدا منها. ليس ما حدث في الاشهر الاخيرة في افضل الحالات أكثر من انخفاض لا شأن له لعدد الوحدات السكنية التي بنيت في المستوطنات.

تبين المعطيات التي تظهر في قوائم المكتب المركزي للاحصاء هذا الأمر بوضوح: ففي نهاية 2009 كان عدد الوحدات السكنية التي كانت تبنى بناء نشيطا في جميع المستوطنات معا 2955 وحدة. بعد ثلاثة أشهر، في نهاية الربع الأول من 2010، أي في نهاية آذار (مارس) 2010، أصبح العدد 2517 وحدة. فالحديث اذن عن انخفاض ب 400 وحدة سكنية في الحاصل أي بنحو 16 في المئة من البناء كله في المستوطنات.

إن أصوات الندب والأسى التي تصدر عمن يتحدثون باسم المستوطنين ممن 'تباكيهُم عملهم'، لا يفترض حقا أن تفاجىء أحداً. من الواضح انهم لم يكفوا عن التباكي أيضا عندما بنى لهم ايهود باراك 'رئيس معسكر السلام' (أتذكرون؟)، 4700 وحدة سكنية في سنة 2000، وهي السنة الوحيدة التي تولى فيها كلها رئاسة الحكومة ووزارة الدفاع.

لكن الحقيقة أن المستوطنين يعلمون أفضل من الجميع أن ليس البناء في المستوطنات فقط قد استمر في الاشهر العشرة الاخيرة وبقوة، بل ان جزءا كبيرا نسبيا من البيوت بني في المستوطنات شرقي الجدار، مثل براخا، وايتمار، وعلي، وشيلا، ومعاليه نخماش، ومعون، وكرميل، وبيت حجاي وكريات اربع ومتسبيه يريحو.

القصة الحقيقية التي تقف وراء استلال شأن العلاقات العامة الذي يسمى 'التجميد' وقعت على العموم في الاشهر التي سبقت ذلك، والتي استعد في اثنائها المستوطنون، بمساعدة الحكومة استعداداً جيداً لشهور 'القحط التجميدي' الذي فرض عليهم: في نصف السنة الذي سبق الاعلان بالتجميد، الذي بدأ في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) 2009، نجمت عشرات مواقع البناء الجديدة ولا سيما في المستوطنات المتفرقة والبعيدة نسبيا شرقي الجدار.

هذا المعطى أيضا مصور جيدا في قوائم المكتب المركزي للاحصاء: ففي نصف السنة الأول من 2009 بدأ بناء 669 وحدة سكنية في المستوطنات، وكلما مرت الأشهر زاد معدل البناء. وبدأ في النصف الثاني من 2009 بناء ما لا يقل عن 1204 وحدات سكنية في المستوطنات. فالحديث عن زيادة بنحو 90 في المئة على بدايات البناء قياسا بنصف السنة الأول.

هذه هي خلاصة الخدعة الاسرائيلية وراء قصة 'التجميد'. كل ما بقي للساسة أن يفعلوه في الاشهر الاخيرة هو أن يدعوا في كل بضعة أشهر بتعبير مليء بالمعاناة فريق تلفاز، يصور كيف يهدم مراقبو الادارة كوخاً من الصفيح البائس بني خلافاً ل 'أمر التجميد'.

اذا زدنا على هذه المعطيات حقيقة أن الحكومة أعلنت سلفا أنها تنوي أن توافق في كل حال ودونما صلة ب 'التجميد' على بناء 600 وحدة سكنية في مستوطنات مختلفة، والفوضى والفساد في التطبيق اللذان يسودان على كل حال المستوطنات والبؤر الاستيطانية ويمكنان أي شخص من أن يبني أين ومتى شاء، فسنحصل على صورة غير سيئة لما حدث في الحقيقة في المستوطنات في الاشهر الاخيرة.

إن الفلسطينيين من جهتهم لم يطلبوا تجميدا تاما للبناء حقا. طلبوا وبحق أن يقبل بمرة واحدة والى الابد الاعتراف بمبدأ عدم اجراء تفاوض في مستقبل المناطق في حين يستمرون في الوقت نفسه على قذفها بأطنان من الاسفلت والاسمنت واسكان مئات آلاف الاسرائيليين فيها. وعلى ذلك وافق الفلسطينيون على غض النظر عن البناء ما استمرت سياسة التجميد الرسمية لحكومة اسرائيل.

إن من يعرف الواقع في الضفة، لا يفترض أن يفاجئه ما كتب ها هنا. لكن يبدو أنه يمكن في شأن واحد تعزية النفس مع كل ذلك وهو أن بنيامين نتنياهو ربما لا يحظى بجائزة نوبل للسلام، لكن من المحقق أنه قد يحظى بجائزة نوبل للفيزياء او الكيمياء على الاقل، باسم حكومة اسرائيل، التي بينت أنه بخلاف ما ظنه العلماء حتى اليوم، ليس الماء هو المادة الوحيدة التي يزداد حجمها بدل التقلص في وضع التجميد.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ