ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 28/08/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

لماذا رفضت روسيا تأخير تدشين مفاعل بوشهر؟

هدى الحسيني

الشرق الاوسط

26-8-2010

مع تجربة إيران لصواريخ أرض - أرض جديدة سبقت بيوم واحد تدشينها مفاعل بوشهر، ومن ثم كشفها عن أول قاذفة من دون طيار، تجددت الشائعات عن قرب احتمال قيام إسرائيل بشن هجمات جوية على منشآت إيرانية.

دأب الإسرائيليون والأميركيون على القيام بحملات علنية للضغط على الإيرانيين الذين لم يتأثروا، على الأقل علنا، وقال كاظم جلالي الناطق باسم لجنة الأمن والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني إن «افتتاح بوشهر يظهر أن التهديدات ضد إيران حرب نفسية». وقد يكون هذا ما يقصده الإسرائيليون بإشعار الإيرانيين بنوع من الأمن المزيف قبل توجيه الضربات الفجائية.

هذا يبقي التهديدات الإيرانية بالرد قائمة، من نشر الفوضى في العراق، وتحريك حزب الله، ومحاولة إغلاق مضيق هرمز.

مسألة المضيق تعني أن إسرائيل لن تقوم بالضربة وحدها، لأنها إذا فعلت وأقدمت إيران على إغلاقه فإن الانتعاش الاقتصادي العالمي سينهار مجددا، ولن يقبل المستهلك الأميركي بأن يكون عرضة لمثل هذه المساومة وهذا التهديد، ولهذا بدأت كاسحات الألغام والمدمرات الأميركية بالتوجه إلى منطقة الخليج، مشيرة بذلك إلى الكثير من الاحتمالات المستقبلية.

إيران تنفي دائما اتهامات الحكومات الغربية بأنها تعمل على امتلاك السلاح النووي، وقالت الولايات المتحدة إنها لا ترى في محطة بوشهر خطرا لانتشار النووي، لكن إسرائيل رأت في تزويد موسكو بالقضبان النووية أمرا غير مقبول، ولوحظ قول ناطق باسم الخارجية الإسرائيلية: «ليس مقبولا على الإطلاق (...) أن تنعم إيران ب(فوائد) استخدام الطاقة النووية»!

ركزت إيران لسنوات على تضخيم عضلاتها العسكرية، من صواريخ وإنتاج غواصات صغيرة وزوارق حربية، وتحاول أن تدخل سوق السلاح الدولية كمصدّر، وقال وزير دفاعها أحمد وحيدي إنها قادرة على تصدير السلاح إلى 50 دولة (ليس كل أنواعه، بسبب قرارات المقاطعة الدولية).

الاستراتيجية المعتمدة على الزوارق السريعة، وإنتاج كميات ضخمة من الصواريخ، والقدرة على زرع الألغام، تهدف إلى توسيع مسرح المواجهة بضرب مصالح المهاجمين في دول الشرق الأوسط.

كل هذا الضجيج لا يلغي بأن إيران تبقى في نواح كثيرة ضعيفة عسكريا، خصوصا في ما يتعلق بالنظم المضادة للطائرات، والتفوق الجوي للدول الأخرى، ولهذا تبدو إيران تواقة جدا إلى الحصول على صواريخ «إس 300» الروسية، ولأسباب سياسية تتأخر موسكو في التجاوب، ولأنها أيضا تتعرض لضغوط من دول تتطلع روسيا إلى علاقات عسكرية وتجارية مغرية معها.

وربما إدراكا منه لنقاط الضعف، قال أحمدي نجاد إن إيران لن تبادر أبدا إلى البدء بالهجوم. ولا يتفق معه في هذا الالتزام بعض القادة العسكريين الذين يرون أنه إذا تجمعت لديهم معلومات مؤكدة بضربة على إيران فعليهم الاستباق ب«ضربة وقائية».

السؤال الآن: لماذا قررت روسيا تجاهل الطلب الأميركي بتأخير تدشين بوشهر؟

هناك المناخ الجيو - استراتيجي الذي قد يعرّض الأمن الروسي، إذا ما سمح للغرب بتحقيق استراتيجيته من دون عقبات.

قبل ثلاثة أيام من افتتاح بوشهر عُقدت قمة رباعية في منتجع سوتشي على البحر الأسود، استضاف فيها الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف رؤساء طاجيكستان وأفغانستان وباكستان، وقرر المجتمعون أن تكون قمتهم المقبلة في دوشانبيه، العاصمة الطاجيكية.

هذه القمة تشير إلى استمرار المنافسة ما بين روسيا والولايات المتحدة على دول آسيا الوسطى والتفاف بعضهما على بعض. قمة سوتشي تجاوزت كازاخستان وأوزبكستان وأكدت تمسك موسكو بطاجيكستان حيث تقع أكبر قاعدة عسكرية روسية.

في قمة سوتشي أعادت موسكو الإمساك بقوة بدوشانبيه. ركزت الدول الأربع على مشاريع مشتركة في حقل الطاقة، بحيث تصدر طاجيكستان الكهرباء إلى باكستان عبر أفغانستان من محطة تولد الطاقة الكهرومائية تملك روسيا 75% منها. هذا المشروع مربح للدول الأربع، روسيا تكسب المال، وتحافظ على سيطرتها على المحطة الضرورية للاقتصاد الطاجيكي، وفي الوقت نفسه تلزم أفغانستان وباكستان المقبلتين على مواجهة نقص في الطاقة.

المشروع الثاني الذي بُحث في سوتشي كان في مد خطوط للسكك الحديدية، وترى موسكو أن خطوط المواصلات توفر لها منفذا على المرافئ الباكستانية، مقابل منح باكستان منافذ على أسواق آسيا الوسطى. وقد دفع بحث هذا المشروع أحد المعلقين الروس إلى التخمين بأن حلم الإمبراطورة كاترين الكبرى بالوصول إلى المياه الدافئة سيتحقق أخيرا.

على كل يبدو أن المستقبل في التجارة والسيطرة على الساحات الخلفية لنفوذ الدول الكبرى من قبل دول كبرى أخرى سيكون عبر السكك الحديدية، فموسكو بفكرة مشروعها الأخير تريد الرد على واشنطن وما يسمى «الاستراتيجية الكبرى لآسيا الوسطى»، الذي تهدف من خلاله إلى إبعاد منطقة آسيا الوسطى عن النفوذ الروسي. وإذا كانت الاستراتيجيتان الأميركية والروسية ستبقيان لفترة طويلة خططا ورقية بسبب أزمة البلدين المالية والاقتصادية، فإن الصين رصدت مبلغا يفوق 35 مليار دولار لمد سكك حديد بطول 81 ألف كيلومتر، تصلها بأوروبا وبدول آسيا الوسطى.

من دون شك، يقلق روسيا أن نفوذها يضعف فوق الهلال الممتد من كازاخستان حتى إيران، وتريد أن تفعل شيئا لاستعادته. أزعجها تحدي تركمانستان قبل أيام، بفتح مجال الغاز لديها أمام الشركات النفطية الأميركية وتأثير هذا على خط «نابوكو» الذي سيتجاوز الأراضي الروسية في طريقه إلى الأسواق الغربية. كما أقلقها تحسن العلاقات بين أميركا وكازاخستان وتقدم النفوذ الأميركي في قرغيزستان. وشعرت بأن النجاح الأكبر للدبلوماسية الأميركية كان في تطبيع العلاقات مع أوزبكستان.

من هنا كان تركيز روسيا على طاجيكستان، وعلى جعلها الشريك الأول لها وهي تفكر في استعادة دورها في أفغانستان. إن موقع طاجيكستان الاستراتيجي يجعلها اللاعب الأساسي من دول آسيا الوسطى في أفغانستان، إذ تجمعهما حدود تصل إلى 1206 كلم إضافة إلى الإثنية الطاجيكية في أفغانستان.

المؤتمر الرباعي في سوتشي يؤكد استعداد روسيا للقيام بدور فعال في أي تسوية أفغانية، خصوصا بالنسبة إلى احتمال ولو بسيط بأن تقدم أميركا على تقليص عدد قواتها في سنة انتخابية أو - وهذا الاحتمال الأكبر - إذا دعّمت واشنطن توجهها بالبقاء عسكريا لفترة طويلة في المنطقة كجزء من استراتيجيتها الدولية.

إن أي نوع من البقاء الأميركي الطويل في المنطقة سيواجه بقوة من روسيا والصين وإيران.

أيضا استعملت موسكو قمة سوتشي لتقوية تقاربها مع الرئيس الأفغاني حميد كرزاي الذي دعا ميدفيديف لزيارة كابل قريبا، كما عبرت عن استعدادها لبيع كابل طائرات هليكوبتر عسكرية تحتاج إليها لجيشها، والتي تبدو واشنطن مترددة إزاءها.

يبدو أننا عدنا إلى لعبة الأمم وإلى سباق الصفقات العسكرية ولاحقا النووية. موسكو تتطلع إلى بيع السعودية النظام الدفاعي المتقدم «إس 400»، والولايات المتحدة ستبيع أنظمة صواريخ وأسلحة متقدمة من طائرات عسكرية وهليكوبتر إلى دول في الخليج مثل الكويت والإمارات والسعودية. وتتطلع الهند من جهتها إلى زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى دلهي في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، لتطرح معه ما أقدمت عليه روسيا في سوتشي من اختيار باكستان كشريكها الأساسي في المسائل الأمنية الإقليمية، ولتبحث معه التحول في ميزان القوى الجديد مع التحركات الروسية الأخيرة، التي شملها أخيرا تزويد إيران بالقضبان النووية لمفاعل بوشهر.

===================

كيف نعالج معضلة حماس؟

دنييل بايمان

الشرق الاوسط

26-8-2010

إن أكبر عقبة في طريق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين هي بروز حماس باعتبارها الحكومة الفعلية في قطاع غزة الذي يقطنه 1.5 مليون فلسطيني، إذ يمكن البدء في محادثات سلام جانبية مع الحركة، ولكنها لن تصل إلى أي نتيجة في حال رفضت حماس المشاركة في هذه المحادثات.

وقد أثبتت حماس أن لديها القدرة على تعطيل جهود السلام باستخدام الصواريخ وقذائف المورتر وبإطلاقها النار على الجنود والمزارعين الإسرائيليين بالقرب من حدود غزة وباختطاف الجنود الإسرائيليين، ولكن حماس لديها القدرة أيضا على تقويض السلام من دون استخدام العنف. ويمكن أن تسمح حماس للجماعات الإرهابية الأخرى الموجودة بقطاع غزة بالقيام بعمليات ضد إسرائيل انطلاقا من القطاع ثم تدعي عجزها عن السيطرة عليها أو عدم علمها بذلك. كما يمكن أن تعيق حماس أيضا محادثات السلام باستخدام أساليب سياسية، فالحركة تدعي دائما أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي يتمركز نفوذ سلطته في الضفة الغربية، يبيع القضية الفلسطينية، مما يجعل من الصعب عليه تقديم تنازلات لإسرائيل، ولا سيما إذا كانت لا تنطوي على مقايضة فورية مع إسرائيل.

وفي غضون ذلك، فرضت إسرائيل والمجتمع الدولي حصارا على غزة بهدف عزل وإضعاف حركة حماس، أو الإطاحة بها أو التسبب في انهيارها في أحسن الأحوال. وقد حاولت إسرائيل إرغام حماس على القبول بالسلام من دون أن تتسبب في وقوع مجاعة جماعية لسكان غزة - وهو توازن يصعب تحقيقه. وعلى الرغم من أن السياسات الإسرائيلية تضع غزة على الحافة، فإن حماس تدرك أن إسرائيل لن تترك القطاع يسقط في الهاوية.

وهذا ما يمثل بعض العزاء لسكان قطاع غزة، فوكالات الإغاثة تقدر الآن نسبة الفقر في غزة ب80% والعالم يحمل إسرائيل عبء هذه المعاناة. وقد نجحت حماس، على الرغم من أجندتها العدوانية والقمعية، في تصوير نفسها كضحية للقسوة والعنف الإسرائيلي. وفشل الحصار المفروض على غزة على مستوى آخر: فهو لم يصب حماس بالشلل، فحماس اليوم، تحتكر استخدام القوة في قطاع غزة وزاد ثقلها السياسي بين الفلسطينيين على حساب الشخصيات المعتدلة من أمثال محمود عباس، كما زاد الحصار من أهمية الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الحركة التي تقوم بجمع الضرائب على السلع المهربة عبر الأنفاق المنتشرة على الحدود بين غزة ومصر. وقد وجدت حماس أنه من الأسهل لها الحصول على المال من إيران التي ترغب في أن تربط اسمها بهذه الحركة المعادية لإسرائيل والتي تتمتع بشعبية كبيرة.

ويعتقد بعض الإسرائيليين أن البديل للحصار هو مواجهة حماس وجها لوجه، وإزاحتها من السلطة عن طريق إعادة احتلال غزة ودفع قادة الحركة وعناصرها إلى الاختفاء تحت الأرض. ولكن هذه الاستراتيجية ستجر إسرائيل إلى مستنقع، فاحتلال قطاع غزة مرة أخرى من شأنه أن يضر بالعلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة والمجتمع الدولي والقيادة الفلسطينية المعتدلة في الضفة الغربية.

وإذا كان من الصعب القضاء على حماس، فإنه يمكن إقناعها بعدم استخدام العنف لتعطيل محادثات السلام وبتخفيف حدة خطابها، ولكي نجعل حماس راغبة في وقف دائم لإطلاق النار، يجب على إسرائيل وحلفائها تغيير طريقة اتخاذ القرار داخل هذه المنظمة، وهو أمر يتطلب تقديم حوافز والتلميح بتهديدات. ومن الخطوات الواجب اتخاذها لتحقيق ذلك هو أن تسمح إسرائيل بتدفق منتظم للبضائع إلى داخل قطاع غزة، على أن تقوم منظمات دولية، وليس إسرائيل، بمراقبة نقاط العبور، وفي الوقت نفسه تقوم المخابرات الإسرائيلية بمتابعة ما يدخل وما يخرج لتتأكد من أن المراقبين يقومون بعملهم على أكمل وجه، ولكن هذا التغيير سيكون مهما. وفي المقابل، فإن حماس تلتزم بوقف دائم لإطلاق النار ومنع انطلاق أي هجوم من الأراضي الواقعة تحت سيطرتها والتعهد بإغلاق الأنفاق ووقف التهريب.

ومن شأن هذه الصفقة أن تسمح لحماس بأن تفاخر بأن إجراءتها كانت السبب في تحسين حياة سكان غزة، وأن تستغل الزيادة في الأموال الناتجة عن تدفق السلع لمكافأة أنصارها، أما بالنسبة لإسرائيل، فإن الهجمات الصاروخية المستمرة ستتوقف وسينتهي خطر تجددها، وسيحرر وقف إطلاق النار إسرائيل دبلوماسيا. وإذا انحصرت مشكلة حركة حماس، يمكن لإسرائيل أن تتخذ المزيد من الخطوات المهمة على طاولة المفاوضات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. لكن سيشتكي المعتدلون الفلسطينيون من أن إسرائيل قد كافأت من يمارسون العنف، وهم محقون في ذلك، وإذا تحسن وضع اقتصاد غزة بسبب هذه الصفقة، فإن التباين بين الظروف المعيشية في غزة والضفة الغربية سوف يقل، وهو ما سيضر بالرئيس عباس سياسيا، ولتعويضه عن أي مكاسب سياسية قد تحققها حماس، فإن على المجتمع الدولي أن يشجع الجهود المبذولة لتطبيق القانون والنظام والحد من الفساد وكل ما من شأنه أن يقيم دولة في الضفة الغربية، مما سيساعد على جعل حكومة عباس منافسا حقيقيا لحركة حماس فيما يتعلق بالحكم الرشيد.

كما أن إضفاء الطابع الرسمي على وقف إطلاق النار مع حماس من شأنه أن يثير تساؤلا حول ما إذا كانت إسرائيل والفلسطينيين المعتدلين يؤجلون ببساطة معركة لا مفر منها ويسمحون لعدوهم بزيادة قوته، إلا أنه في حال استئناف الهجمات الصاروخية من غزة أو إذا ظهرت أدلة موثقة على أن حماس تزيد بشكل كبير في قدراتها العسكرية، فإن إسرائيل ستكون لديها حجة قوية لاستئناف الحصار بطريقة أكثر شمولا وباستخدام القوة، وسيتعين على المجتمع الدولي، عندئذ، أن يدعم ليس فقط إضفاء الطابع الرسمي على اتفاق وقف إطلاق النار ولكن أيضا حق إسرائيل في الرد عسكريا إذا عادت حماس إلى العنف من جديد على الرغم من التنازلات الإسرائيلية.

* أستاذ في برنامج الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون وزميل في مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينغز.

* خدمة «نيويورك تايمز»

==================

المعارضة السورية والنقاب و... ماركس

الخميس, 26 أغسطس 2010

جورج كتن *

الحياة

نقل المعلمات المنقبات السوريات لوظائف إدارية والحديث عن «النية» لمنعهن من دخول الجامعات، أثار جدلاً في أوساط المعارضة السورية تعود أهميته لكشفه ما تريده المعارضة من النظام أو نوع التغيير الذي تطمح له.

اعترض الإخوان المسلمون السوريون على الإجراء، حيث اعتبر البيان الختامي لمجلس شورى الجماعة أن جانباً من قمع الإنسان السوري يتمثل في «حملات العدوان على حجاب المرأة السورية المسلمة بذريعة منع نقابها...»، فيما اعتبر ناطقها الرسمي منع الحجاب - وليس النقاب - تأكيداً لعلمانية الدولة التي هي مشروع صهيو - أميركي! ما أظهر مدى عداء الجماعة للعلمانية كجزء من الحداثة والديموقراطية، واعتبارها – بحسب زعمهم - أحد أوجه الحرب التي يشنها الغرب ضد الإسلام والمسلمين، ما يتناقض مع الوقائع. فهذه الحرب اختراع للمنظمات الأصولية المسلحة لتبرير تكفيرها للعالم وإعلان جهادها ضد «فسطاطه الكافر»، فيما الحرب على الإرهاب أهدافها محددة بالمنظمات الأصولية التي ترتكب أعمالاً إرهابية في أرجاء العالم.

كما أظهر موقف الجماعة أن مشروعها لسورية حديثة والمعلن منذ سنوات ليس للتطبيق العملي، فالموقف الحقيقي للجماعة هو طموحها لنظام يطبق الشريعة بحسب فهمها لها على رغم تناقض عدد من نصوصها القديمة في مسائل المعاملات مع الديموقراطية وحقوق الإنسان والمرأة والحياة الحديثة.

طرف آخر محسوب على المعارضة، هو التجمع الوطني الديموقراطي لأحزاب قومية ويسارية، والذي فضل اعتبار الإجراء «انتهاكاً لحقوق المدرسات المحجبات والمنقبات»! وهو موقف ينسجم مع توجهات «التجمع» الذي يتحاشى العلمانية ويطالب بديموقراطية هدفها الأول تمكينه من المشاركة في دعم «الممانعة والمقاومة» في بلدان عربية مجاورة والسعي لتوحيد «الأمة العربية»! وتحقيق «العدالة الاجتماعية»! وهي أهداف بحسب رأيه أهم من قضية النقاب أو العلمانية، وتستوجب عدم السماح بهز تحالف التيار القومي واليساري مع التيار الإسلامي الذي قد يتأثر بدعم التجمع للإجراء. فيما الدفاع عن حقوق المنقبات يتجاهل ان الإجراء لا يتعرض لحريتهن الشخصية بارتدائه، إذ يمنعه فقط في المدارس والجامعات وهي مؤسسات من حقها تحديد لباس منتسبيها.

تيار معارض آخر هو ائتلاف «إعلان دمشق» فضل عدم الانجرار الى الجدل حول الإجراء فتجاهله حتى الآن، فهو لا يريد لنفسه «وجع راس». أما موقعه الرسمي فنشر وجهات النظر المختلفة من دون أن يكون للإعلان وجهة نظر خاصة. على رغم أنه لم يكن هناك ضرورة للتجاهل على ضوء خروج معظم القوميين واليساريين من صفوفه بحجة أنه تحت هيمنة الليبراليين، إضافة لتجميد التيار الإخواني معارضته النظام ما يعني افتقاده شرطاً أساسياً للمشاركة في «الإعلان» وهو معارضة النظام من أجل التغيير الديموقراطي، وليس الدعوة للوحدة الوطنية لمواجهة الحرب على المسلمين، أولوية الجماعة التي جمدت على أساسها معارضتها منذ حرب غزة.

تعرض كتّاب معارضون سوريون للإجراء ومنهم في شكل خاص الدكتور عبدالرزاق عيد الذي فضل ان يرجع اتخاذه من قبل النظام للتصدير الخارجي للتغطية على قمعه لمعارضيه، ثم «كجائزة ترضية» داخلية لنخب تتحدّر من أوساط «مسيحية وعلوية» تراهن على الحداثة والعلمانية بصرف النظر عن الديموقراطية، كما نفى كون الإجراء علمانياً ونفى أية علاقة للنظام بالعلمانية وفضل اعتباره نظاماً «عدمانياً»!

الصديق الدكتور عبر عن آراء معارضين يفضلون المبالغة في شن حملات ضد النظام ورفض تأييد أي إجراء أو إصلاح يتخذه حتى لو لم يتعارض مع الأهداف التي يسعون إليها. هذه الحملات تبتعد عن توصيف الوقائع كما هي وتحصر اهتمامها بتغيير النظام من دون الاهتمام بما يليه والذي لا تقل أهميته عن التغيير نفسه، إذ إن أي ديموقراطي لا يقبل استبدال النظام الراهن بنظام استبدادي «ديني» يستند لنصوص مقدسة، كما لا يمكن تجاهل أن ما يسمى «الصحوة الإسلامية» تهدد باجتياح المنطقة ولن تكون سورية استثناءً، وتؤكد دلائل كثيرة تهيؤ الإسلام السياسي لوراثة الأنظمة الراهنة.

وإذا كان النظام يحدد الشريعة كأحد مصادر التشريع - وليس المصدر الوحيد - ويخضع المواطنين لقوانين أحوال شخصية تعتمد على النصوص الدينية ويدرّس الديانة في مدارسه، وغير ذلك من الظواهر المتعارضة مع العلمانية... فإنه لا يمكن اعتباره نظاماً دينياً كإيران مثلاً، فهناك علمانية نسبية ناقصة، منع النقاب أحد مظاهرها، نفضل وصفها بأنها شبه أو نصف علمانية.

أما إذا كانت هناك حقيقة نخب من طوائف معينة تنادي بالعلمانية وتقف مع النظام فلماذا استبعاد وجود نخب من طوائف أخرى أيضاً؟ برأينا لا يمكن رد مواقف النخب لأسباب تتعلق بالانتماء الديني أو الطائفي. وبحسب علمنا فإن معظم المعارضين الذين يتحدثون عن العلمانية يريدونها متممة للديموقراطية وليس بديلاً عنها، ويرفضون الاستبداد شبه العلماني في نفس الوقت الذي يرفضون بديلاً أصولياً لن يكون أقل استبداداً.

ولا نظن أن النظام يريد لفت أنظار القوى الخارجية إذ إن علاقاته الدولية الراهنة تمر بمرحلة لا تدعوه للقلق، وهو ليس بحاجة لتسويق نفسه نظاماً علمانياً او ديموقراطياً، فالغرب إجمالاً يقبله كما يقبل أنظمة أخرى على رغم عدم ديموقراطيتها، إذ إن مصالحه حالياً أهم من نشر الديموقراطية او العلمانية في المنطقة، وهو لا يشترط للتعاون مع أنظمتها احترامها حقوقَ الإنسان على رغم التعرض لها أحياناً كرغبات وليس كشروط. فالشروط الحقيقية لأميركا مثلاً لتحسين العلاقة مع سورية وقف دعمها حزبَ الله وحماس وإنهاء تحالفها مع إيران... وهي لا تبني مواقفها على منع النقاب حتى يسترضيها النظام بمثل هذا الإجراء.

يتضح برأينا مدى هشاشة المعارضة السورية وضعفها وابتعادها عن إعلان جريء بمساندة أي إصلاح مهما كان جزئياً، حتى لو كان صادراً عن النظام الذي تعارضه، وهو ما يذكر بالموقف الجريء لماركس عندما قال إن البورجوازية تقوم بعملنا في مرحلة ما!

* كاتب فلسطيني مقيم في سورية

====================

أي سلاح في بيروت؟

الخميس, 26 أغسطس 2010

زهير قصيباتي

الحياة

إذا كان «حزب الله» و «جمعية المشاريع» توافقا على أن خلافاً فردياً «تافهاً» أدى الى الاشتباكات الليلية في بيروت والتي استخدمت فيها قذائف صاروخية، وأوقعت ثلاثة قتلى، ما الذي يمكن اللبنانيين توقعه، إذا انتقلت الى الشارع صراعات كبارهم؟

قد يقال مجدداً إن وراء حال الاحتقان في الشارع، أزمة انقطاع الكهرباء وخطوط التوتر العالي «الصامت» بين أطراف معنيين بالملفات الكبرى، مثل المحكمة الدولية والقرار الظني والاستراتيجية الدفاعية وكيفية تسليح الجيش واقتلاع العملاء الذين ينخرون في جسد البلد، طولاً وعرضاً... ومعنيين خصوصاً بدرء مشاريع الفتنة التي يجمعون على التحذير منها، ولا أحد يعرف من أين تنطلق شرارتها. وقد يعتبر بعضهم أن اشتباكات الثلثاء التي احتدمت ضراوتها على خلفية سبب «تافهٍ»، وعلى مدى ثلاث ساعات، إنما تحمل رسالة حول القدرة على توريط «حزب الله» في نزاعات في زواريب بيروت وأحيائها، لتجديد إشكالية السجال حول وظيفة سلاح المقاومة، بعيداً من خط التماس مع العدو الإسرائيلي، وبعيداً من إشراف الجيش اللبناني.

والحال ان مصادفة ليست حسنة زامنت كلمة الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله مع الاشتباكات التي روّعت المدنيين في منازلهم، وأعادت خلال بضع دقائق شبح الفتنة الى شوارع العاصمة اللبنانية. وبعيداً من تحميل أي طرف مسؤولية انفلات غريزة السلاح مجدداً، وما إذا صدقت المعلومات حول خطف مواطن وابنه من منزلهما في الليلة الظلماء، فواقعة برج أبي حيدر التي لا تشيع تفاؤلاً بصمود مديد لمفاعيل القمم العربية في بيروت، سبقتها تلميحات الى توقع إنعاش خطوط التوتر العالي بعد رمضان. وإذ يؤكد رئيس الوزراء سعد الحريري اقتناعه بوجود إصرار لدى بعضهم على تبديد مفاعيل القمم، بالتالي خشيته من محاولات لنسف التهدئة، يبقى مستغرَباً إصرار بعض الإعلام على رسم سيناريوات التوتير، وتوجيه رسائل سياسية الى أطراف معنية بتعقيدات المرحلة التي سُمّيت سابقاً «عشية القرار الظني» للمحكمة الدولية. الواضح ان هدف تلك الرسائل هو استدراج مواقفٍ، تحت وطأة القلق على مصير البلد من تداعيات القرار الظني ومن «احتمالات تسييس» المحكمة، لكن المقلق بعد فشل الاستدراج أن يكون «التحريك» الأمني هو البديل، مدخلاً لتوريط حكومة سعد الحريري، ووضعها أمام مأزق مواجهات متنقلة.

قد ينطبق ذلك أيضاً على محاولة ما لشطب أولوية تسليح الجيش لتمكينه من رد الخروق الإسرائيلية على الحدود، لأن عودة التوتير الأمني في الداخل ستفرض أولوية إبعاد لبنان واستقراره عن الهاوية. وإذا كان بعض المتابعين رأى في ما حصل في واقعة البرج وكيفية تطويقها، تقدماً ل «جمعية المشاريع» على «الجماعة الإسلامية»، وإقراراً بوجود السلاح في ايدي التنظيمات، فصدامات الشارع ودوي القذائف حوّلت الانتباه عن تأكيد السيد حسن نصرالله استبعاده إسقاط الحكومة، خصوصاً في الشارع. ولئن كانت حاجة «حزب الله» الى حكومة سعد الحريري مبررة بأنها الخيار الأفضل لمتابعة تداعيات أي قرار ظني يتهم أشخاصاً أو جهات محددة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، طالما ان رئيس الوزراء هو وليّ الدم، تبدو مبكرةً قراءة ما قاله نصرالله بوصفه تعهداً بإبقاء الصراعات والخلافات تحت قبة البرلمان، بلا استثناء.

لا يلغي ذلك حقيقة التزامه ليل الثلثاء تهدئة ليس منها الاشتباك الدموي الذي تلى الخلاف «التافه» في بيروت. بل إن دعوته الى الإنصات المتبادل بين الأطراف المعنيين بالملفات الكبرى، تكاد أن تتطابق مع دعوة رئيس الحكومة الى الحوار والهدوء، وإعلان طلاق بائن مع الصراخ في الخطابات وعبر وسائل الإعلام. حتى حين حض على طلب السلاح للجيش، اقترح أن تكون البداية من الدول العربية «ونبقي إيران آخر دولة»، وفي ذلك حرص على عدم استفزاز الطرف الآخر الذي يأخذ على «حزب الله» ارتباطه بولاية الفقيه، والنهج الإيراني. لكن ما لا يخفيه كثيرون هو تلمس ضابطٍ وحيد لإيقاع التهدئة لدى «حزب الله»، يتجسد في معيار وحيد لكيفية التعامل مع ملف المحكمة، بصرف النظر عن صدقية نظرية الفصل بين القرار الظني الاتهامي والمحكمة. والخشية، قبلهما، أن تداهم الجميع انفجارات أمنية على خطوط التوتر العالي، ستعتبرها المعارضة سابقاً، مسعى جدياً لإسقاط معادلة «الجيش والشعب والمقاومة»، وتفسرها 14 آذار بمحاولة لمقايضة المحكمة بالأمن.

على خطوط التوتر وحولها، هل ينكر أحد قدرة الخارج على التسلل؟ ماذا عن دور العملاء، إذا انفجرت خلافات غير «تافهة»، بداياتها قتلى، وحصادها مزيد من السلاح، بعيداً من الحدود مع العدو؟

===================

حسابات بولتون الفاشلة

الخميس ,26/08/2010

محمد السعيد ادريس

تجربة السفير الأمريكي جون بولتون مع إيران شديدة المرارة . فالرجل الذي عمل في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش مساعداً لوزيرة الخارجية لشؤون الحد من التسلح، ثم سفيراً لبلاده في الأمم المتحدة يعتبر من أكثر صقور المحافظين الجدد تشدداً في الانحياز للكيان الصهيوني من ناحية والعداء لكل ما يمكن أن يكون مصدراً لتهديده من ناحية أخرى، وهو يفاخر بكونه صهيونياً متشدداً بل متطرفاً، لذلك كان على رأس ذلك الفريق الصهيوني الشيطاني الذي تزعم الدعوة إلى شن الحرب على العراق وروج لأكذوبة امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، متجاهلاً حقيقتين الأولى: تقديم أدلة قاطعة تثبت هذه المزاعم، الثانية التجاوز الكامل لحقيقة أن بلاده (الولايات المتحدة) هي أول من يمتلك أعتى وأقوى ترسانة أسلحة دمار شامل في العالم، وأنها الدولة الوحيدة في العالم التي استخدمت السلاح النووي رغم كونها دولة ديمقراطية، ضارباً عرض الحائط بأكذوبة الغرب التي تنفي عن الدول الديمقراطية خطر التورط في حروب تستخدم فيها أسلحة الدمار الشامل .

 

هاتان الحقيقتان وما يضاف إليهما من حقيقة ثالثة وهي امتلاك الدولة الصهيونية لأقوى وأحدث ترسانة أسلحة تقليدية متطورة في إقليم الشرق الأوسط بفضل الدعم الأمريكي بتمكينها من التفوق النوعي العسكري على كل دول الإقليم، وحقيقة امتلاك الدولة الصهيونية لترسانة هائلة من أسلحة الدمار الشامل وخاصة الأسلحة النووية لم يكن لهما أي اعتبار عند بولتون عندما تزعم الدعوة لشن الحرب على العراق وتدميره، ولم يصدر عنه أي اعتذار حتى الآن لفشل الأمريكيين في تأكيد ولو الحد الأدنى من جدية اتهاماته وإثبات أن العراق كان يملك أي أسلحة للدمار الشامل، ويبدو أنها لن يكون لها أي اعتبار وهو يتزعم الآن الدعوة لشن الحرب على إيران .

 

بولتون الذي قام بجهد كبير، وقت أن كان مساعداً لوزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الحد من التسلح، لإقناع دول المنطقة بخطورة مفاعل بوشهر النووي الإيراني على الحياة والبيئة وعلى دول الخليج خاصة للتعامل مع إيران باعتبارها مصدر خطر للتهديد، تورط منذ أيام في الضغط على “إسرائيل” لشن حرب ضد إيران تدمر فيها مفاعل بوشهر النووي قبل أن يتم شحنه بالوقود النووي وتشغيله ليصبح منشأة نووية رسمية . وفي حديث له مع قناة “فوكس بيزنس نتوورك” الأمريكية حدد بولتون ثمانية أيام كحد أقصي انتهت يوم السبت الماضي (21 أغسطس/ آب الجاري) كي تستطيع “إسرائيل” أن تقوم بهذه المهمة، وإلا ستكون قد أضاعت فرصة تاريخية لن تعوض كي تدمر هذا المفاعل الذي سيستحيل تدميره بعد تشغيله لأسباب كثيرة .

 

وبعد أن انقضت الأيام الثمانية من دون استجابة “إسرائيلية” لدعوة بولتون، وبعد احتفال إيران وروسيا بالتشغيل الرسمي للمفاعل وتوقيع سيرجي كيرينيكو رئيس وكالة الطاقة الذرية الفيدرالية الروسية مع علي أكبر صالحي رئيس وكالة الطاقة الذرية الإيرانية على بروتوكول تشغيل مفاعل بوشهر، يجد بولتون نفسه في مأزق نفسي شديد الحرج لانسياقه وراء قناعاته الايديولوجية والتزاماته الصهيونية وتجاهل لحقائق استراتيجية تحكم ردود فعل الدول تجاه الأحداث، وهي الحقائق التي حالت دون استجابة “إسرائيل” لضغوط بولتون وقلصت ردود فعلها في حجز إعلان دعائي عبرت فيه عن رفضها للمفاعل الإيراني واعتبرته “غير مقبول على الاطلاق” وهو رد فعل هزيل لا يتناسب مع كل ما جرى الترويج له من معلومات وأخبار كانت تؤكد أن الحرب على إيران باتت قاب قوسين أو أدنى .

 

أول هذه الحقائق الاستراتيجية يتعلق بحسابات المكسب والخسارة من شن هذه الحرب على ضوء حقيقة واقع الردع المتبادل، وقدرة إيران على إصابة “إسرائيل” بخسائر تفوق ما سوف تحققه من مكاسب إذا هي قامت بشن هذه الحرب ليس فقط على مفاعل بوشهر ولكن أيضاً على المنشآت النووية الإيرانية خاصة منشآت تخصيب اليورانيوم أصل الأزمة .

 

ثاني هذه الحقائق خاص بالوضع الأمريكي شديد الحرج في العراق والحاجة الأمريكية أولاً للوصول إلى تفاهم بات حتمياً مع إيران لتأمين الاستقرار في العراق بعد الانسحاب الأمريكي، وثانياً للحفاظ على أرواح أكثر من 50 ألف عسكري أمريكي، تقرر بقاؤهم في العراق وهؤلاء سوف يتحولون إلى صيد ثمين، على عكس ما يشاع، نظراً لتركزهم في قواعد محددة تقع كلها في متناول يد إيران .

كل هذه الحقائق تؤكد خطأ حسابات بولتون الاستراتيجية، ووقوعه أسيراً لهواجسه ومعتقداته الصهيونية التي أفسدت عليه كل خبراته السابقة كدبلوماسي أمريكي كانت له مكانته .

===================

قضية الانسحاب الأمريكي من العراق

الخميس ,26/08/2010

عبدالجليل المرهون

الخليج

في التاسع عشر من أغسطس/ آب الجاري، انسحبت، آخر كتيبة مقاتلة أمريكية من العراق، حيث بقي 56 ألف جندي أمريكي . وينتظر 6000 جندي آخرون مغادرة العراق قبل نهاية الشهر الجاري، ليصل عدد القوات الأمريكية الموجودة في العراق إلى 50 ألفاً، حيث ستبقى حتى نهاية العام 2011 .

 

وحسب القادة العسكريين، فلن يكون هناك تغيير فعلي على الأرض، في المهمة العسكرية الأمريكية، بحلول الأول من سبتمبر/ أيلول، عندما تتحول الألوية الستة الباقية إلى وحدات “إرشاد ومساعدة” .

 

وبدأت أغلب الوحدات العسكرية الأمريكية في تحويل تركيزها إلى تدريب القوات العراقية ومساعدتها، منذ أكثر من عام، عندما انسحبت من المدن العراقية الرئيسية في 30 يونيو/ حزيران 2009 .

 

وعلى الصعيد القانوني، لم يعد بمقدور القوات القيام بعمليات عسكرية بمفردها في العراق . وستُبقي القوات الأمريكية بعد انسحابها، نهاية الشهر الجاري، معدات عسكرية تصل قيمتها إلى مليار دولار، هي عبارة عن دبابات وآليات مدرعة وأسلحة وعتاد .

 

وكان الرئيس الأمريكي، باراك أوباما ، قد أعلن في السابع والعشرين من فبراير/ شباط ،2009 عن خطته لسحب كافة الألوية الأمريكية القتالية من العراق، بحلول 31 أغسطس/ آب ،2010 ليفي بما وعد به في حملته الانتخابية، بشأن إنهاء الحرب .

 

وتقرر أن تكون مهام القوات الأمريكية، اعتباراً من سبتمبر/ أيلول القادم، منصبة على ثلاثة أمور، هي: التدريب والتجهيز وتقديم المشورة، لقوات الأمن العراقية .والقيام بعمليات مكافحة الإرهاب، وتوفير قوة حماية الأفراد العسكريين والمدنيين .

 

وفي الوقت الراهن، يمتلك العراق أكثر من ربع مليون عسكري في تشكيلات ومؤسسات الجيش، وضعف هذا العدد من منتسبي وزارة الداخلية، من الشرطة وقوات المغاوير . يُضاف إليهم مئات الآلاف من المسلحين الآخرين، في قوات الحماية والقوات شبه النظامية، ليصل العدد الإجمالي للقوة المسلحة العراقية إلى أكثر من مليون مسلّح تابع لمؤسسات الدولة .

 

وقد ازداد حجم الجيش العراقي من أربعة ألوية و23 كتيبة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2005 إلى 25 لواء و85 كتيبة في أغسطس ،2006 بما يشمل 115 ألف جندي إضافي مجهز ومدرب . ويبلغ تعداد هذا الجيش، كما هو مسجل في مطلع العام 2010 حوالي 192 ألف جندي، بينهم 187 ألفاً يخدمون في القوات البرية، وثلاثة ألاف في القوة الجوية، وألفان في القوة البحرية .

 

وقد ارتفع الإنفاق العسكري في العراق خلال الفترة بين 2005 - 2009 من 84 .2 إلى 81 .3 مليار دولار .

 

وبالعودة لمسألة الوجود العسكري الأمريكي في العراق، فقد استند هذا الوجود، منذ نهاية العام ،2008 إلى اتفاقية أمنية عرفت باتفاقية وضع القوات (SOFA)، سبق للولايات المتحدة أن عقدت اتفاقات مماثلة لها مع 78 دولة، بينها ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية .

 

وقد نصت الفقرة الأولى، من المادة الرابعة والعشرين من هذه الاتفاقية على وجوب انسحاب جميع قوات الولايات المتحدة من جميع الأراضي العراقية في موعد لا يتعدى 31 ديسمبر/ كانون الأول 2011 .

 

ونص البند الأول من المادة السابعة والعشرين من الاتفاقية، على أنه عند نشوء أي خطر خارجي أو داخلي ضد العراق، أو وقوع عدوان ما عليه، من شأنه انتهاك سيادته أو استقلاله السياسي، أو وحدة أراضيه أو مياهه أو أجوائه، أو تهديد نظامه الديمقراطي أو مؤسساته المنتخبة، يقوم الطرفان، بناءً على طلب من حكومة العراق، بالشروع فوراً في مداولات استراتيجية، وفقاً لما قد يتفقان عليه في ما بينهما . وتتخذ الولايات المتحدة الإجراءات المناسبة، والتي تشمل الإجراءات الدبلوماسية أو الاقتصادية أو العسكرية، أو أي إجراء آخر، للتعامل مع مثل هذا التهديد .

 

ونص البند الأول من المادة الثلاثين من الاتفاقية على أن تكون سارية المفعول لفترة ثلاث سنوات، ما لم يتم إنهاء العمل بها من قبل أحد الطرفين، قبل انتهاء تلك الفترة .

 

إن انسحاب الألوية القتالية الأمريكية من العراق يُمثل حدثاً ذا دلالة، على الصعيدين الوطني والإقليمي . ولا بد من استثمار اللحظة للدفع قدماً باتجاه تحقيق المصالحة بين الفرقاء العراقيين . ويجب العمل، من جهة أخرى، على دمج العراق في محيطه الإقليمي، لينهض بدوره كاملاً . ويكون عامل رفد لمقومات الأمن والاستقرار في هذه المنطقة من العالم .

===================

محاكمة ماض لم يمض..

الافتتاحية

الخميس 26-8-2010م

بقلم رئيس التحرير أسعد عبود

الثورة

ما الفائدة من العودة إلى ماض مضى.. نحن أولاد اللحظة.. وحاكمونا عن المستقبل..؟!

هذا المنطق العملي الذي تعرفه حياتنا الإدارية والعملية، كثيراً ما يبدو راية تضليل... وهروب من المسؤولية.‏

الراهن سيصبح ماضياً والمستقبل أيضاً.. وبالتالي إن غضضنا النظر كلياً عن الماضي لأنه مضى.. نحن نغض النظر عن الفشل والتقصير والتردي الذي قد يواجه حياتنا.. إلى درجة تسوء فيه إلى حد بعيد إمكانية رؤية القادم.‏

لا تحاسبونا على الماضي.. حاسبونا على القادم..؟!‏

كيف؟!‏

إذا كان الماضي قائماً فينا حاضراً أو قابضاً على مستقبلنا، ماذا ننتظر؟!‏

على الأقل دعونا نواجه أصحاب بيانات المستقبل الموعود، بما قالوه في الماضي وطلبوا منا أن ننتظرهم كي يثمر بين أيدينا حياة جديدة.. دعونا نعترف.. أن في حياتنا سلسلة حاضر يكرر الماضي ويكذب على المستقبل.‏

الماضي موجود راهن حتى في البيانات والتصريحات التي تتحدث عن المستقبل..؟! هي نفسها.. ربما أحياناً بمصطلحات جديدة وليست جديدة.. وكثيراً ما لا يعذبون أنفسهم حتى بالمصطلحات.‏

كيف سيقرأ المواطن العادي.. المتابع.. الدارس.. المحلل.. الباحث.. الوصي.. المراقب.. الخ.. كيف سيقرأ كل هؤلاء، بيانات المستقبل دون اعتبار لما قيل في الماضي وما أنجزه الحاضر..؟!‏

في بيان.. في تصريح.. في توصيات.. في.. الخ.. لا داعي حتى لطباعة الورق.. ارجع إلى الماضي.. الدورة السابقة.. الندوة السابقة.. الندوة الفائتة.. المؤتمر الذي كان.. ورشة العمل.. الخ.. أرجع لها.. إلى ما قبلها وما قبل قبلها.. هو الكلام ذاته..‏

لماذا؟!‏

لأننا لا نحاكم الماضي.. ويمضي كل بما فعلت وما «كسبت» يداه ويتركنا نحلم بمستقبل يتحدث عنه حاضر يقيم فيه الماضي دون تردد.‏

الناجحون.. وهم في بلدنا كثر .. لا يخافون الماضي.. بل على العكس يستخدمونه للدلالة على صدق حاضرهم وتفاؤل مستقبلهم.‏

هناك مسؤول .. سيرتاح تماماً إن أعطيته الحاضر بمقارنة الماضي.‏

وهناك مسؤول سيرتعب إن حسبت كلامه الراهن بحسابات ما أنجز كلامه الماضي.‏

وبالتالي لا بد من محاكمة الماضي كي لا يشعر أحد أنه يستطيع أن يهرب بما وعد به.‏

إن الذين أشبعونا كلاماً عن أيام أخرى قادمة.. طابعها مختلف.. وإنجازاتها كثيرة.. مازالوا يدلون بدلوهم.. والآلية ذاتها.‏

بل الأخطر أن هذه الآلية ثبتت أقدامها أكثر في فرز الكفاءات الحقيقية محاولة أن تلقي بها خارج الميدان.. لتكون الفرص أعرض أمام العلاقات العامة.. حفلات.. سهرات.. هدايا.. دعوات.. ولا شيء من الجيبة.. كله من خزينة هذه الدولة التي لا شك أنها من أهم الدول، إذ استطاعت أن تتحمل كل ذلك.‏

في هذه الدولة يد تعمل بالتأكيد.. رجال ونساء لا يخشون ماضياً أو حاضراً..‏

ويتجهون إلى المستقبل بالإرادة ذاتها..‏

ليست كارثة أن نواجه إشكالات ومشكلات اقتصادية وإدارية.. العالم كله يواجه مشكلات اقتصادية وإدارية وما دفعه الناس هناك نتيجة الأخطاء الكارثية لإداراتهم أكثر بكثير مما دفعناه هنا..‏

لكن المشكلة، تلك الرؤوس كثيرة الكلام قليلة الفعل.. عاتبة على الناس لأنهم لا يستمعون، وينقلون الشرح الطويل، وينسون ما قيل في الماضي. هؤلاء هم الذين سماهم السيد الرئيس بشار الأسد يوماً «الانتهازيين» من أين لهؤلاء كل هذا البذخ والفلتان.. لولا الأيدي التي تعمل و«تشيل» هذا البلد عاماً وراء عام .. وعقداً وراء عقد.. متحدية الأصوات التي مازالت تتوقع لنا الإفلاس.. منذ كنّا الدولة التي لا تخضع.. صاحبة القرار السيد المستقل. وأسوأ ما فيهم أن يحدثوك عن المستقبل.. أي مستقبل ذاك الذي يمكن أن يكون إن لم يفرّ من أيديهم خارجاً على إرادتهم؟!‏

نبع من المال ينفق في كل الاتجاهات غير النافعة والضارة أحياناً، وتجف السواقي لمكافأة عامل أو إصلاح خط هاتفي في مؤسسة .. من سيسأل؟!.. ومتى..؟!‏

هذا المال لهذا العامل وهذا الذي ينفقه بهذه الطريقة لص.. ولا بد أن نحسم معركتنا مع اللصوص، بفرض الحصار عليهم عبر السؤال:‏

عن الماضي.. عن الحاضر.. عن المستقبل.. عن كل ما قيل ولم يتحقق.‏

===================

عن الاستثمار والأمن الغذائي مرة أخرى

بقلم :عبد الجليل النعيمي

البيان

26-8-2010

أدخلتكم الأسبوع الماضي بعض أجواء زيارتي وزميليّ إلى أوكرانيا، وما شهدنا من عمليات حصاد القمح ورأينا من مزارع تربية الحيوانات. وأدخلنا هذا الحديث إلى أزمة الغذاء العالمية التي ستظل تشغل العالم فترة طويلة قادمة، وإلى أهمية الاستثمار في زراعة القمح والحبوب الأخرى.

 

وتربية الأبقار والمواشي وإنتاج العلف، باعتبار ذلك ليس الاستثمار الأجدى في ظروف ما بعد الأزمة الاقتصادية وأزمة الغذاء العالميتين فقط، بل ومن أجل توفير الأمن الغذائي لبلداننا بأفضل الشروط الاقتصادية والسياسية. وتساءلنا عما إذا كانت أوكرانيا تساعد على توفير هذه الشروط.

 

نعود أدراجنا إلى أوكرانيا ثانية. ونبدأ بالخبر عن اجتماع مجلس وزرائها الأسبوع الماضي والذي قرر، بعكس روسيا، التخلي عن فكرة الحد من صادرات البلاد من القمح والحبوب الأخرى إلى الخارج.

 

وكان لهذا الخبر وقعه الإيجابي عالميا. كيف لا وقد كانت في الوقت نفسه نحو 15 سفينة محمَّلة بالحبوب في موانئ أوكرانيا المطلة على البحر الأسود، تنتظر الإبحار من عدمه!

 

كيف لا وقد أدى اضطراب أسواق القمح منذ الأسابيع الأخيرة، إضافة إلى ارتفاع أسعاره بنسبة تجاوزت 50% منذ يونيو الماضي، والخوف من إمكانية عودة أزمة الغذاء العالمية 2007 2008، إلى التوجه نحو الاعتماد المتزايد على منطقة البحر الأسود كمورد لسوق القمح العالمية.

 

أما بالنسبة لبلدان الشرق الأوسط والخليج، فيعتبر قمح البحر الأسود أرخص بكثير من إمدادات أميركا الشمالية، خصوصا وأن تكاليف الشحن وحدها تضيف حوالي 60 دولاراً لسعر الطن.

 

صحيح أن بعض بلدان الشرق الأوسط عملت على تغيير استراتيجياتها الزراعية، لتقليل الاعتماد على واردات القمح. فمشتريات سوريا من القمح ستتراجع بحوالي نصف مليون طن، نظرا لزيادة إنتاجها خلال العام الحالي، بفضل الحوافز الحكومية والظروف المناخية المواتية.

 

وبعد الحديث السابق عن احتمال تخلي السعودية، تحت مبرر استنفاد موارد المياه النادرة، عن خطة دعم زراعة القمح التي استمرت ثلاثين عاما وحققت لها الاكتفاء الذاتي، إلا أن الحكومة السعودية عادت فقررت تقديم الحوافز لزراعة القمح. وبفضل ذلك يتوقع هذا العام أن يرتفع إنتاج السعودية من القمح، للموسم الثالث على التوالي.

 

أما إيران التي حققت الاكتفاء الذاتي عام 2004 ثم تراجع إنتاجها بسبب سوء المناخ، فقد أعلنت في أبريل الماضي أنها سوف تصدِّر مليوني طن من القمح للإمارات ومصر وعمان، بعد توقف دام ثلاث سنوات. ومع ذلك تبقى حاجة بلدان المنطقة إلى قمح وحبوب أوكرانيا في تزايد.

 

وأثناء زيارته لأبوظبي نهاية العام الماضي، قال الرئيس الأوكراني السابق يوشينكو، إنه اتفق هناك على بحث فرص استثمار الإمارات في القطاع الزراعي في أوكرانيا. وأشار إلى أن حوالي 40 في المئة من التربة السوداء الخصبة في العالم، موجودة في أوكرانيا، حيث الحاجة كبيرة إلى الاستثمار الأجنبي لتنمية القطاع.

 

وزير الزراعة الأوكراني آنذاك، أوضح أن الحديث يدور عن زراعة القمح والشعير وزهرة الشمس، مشيراً إلى إمكانية تنفيذ مشاريع مختلفة؛ من استئجار أراض مساحتها 100 ألف هكتار، إلى إنشاء مزارع لتربية الحيوانات تضم الواحدة 3000 بقرة.

 

وفي المعرض الدولي الصناعي الزراعي الثاني والعشرين «أغرو 2010»، تحدث وزير السياسة الزراعية نيكولاي بريسياجنيوك عن مفاوضات جرت بين بلاده والسعودية، حول بدء العمل على خطة بين الحكومتين في مجال المجمع الصناعي الزراعي في أوكرانيا.

 

وأشار إلى أن صادرات الحبوب الأوكرانية إلى السعودية، ارتفعت إلى 1 مليون طن منذ بداية السنة التجارية الجديدة، بينما بلغ إجمالي واردات السعودية العالمية من القمح العام الماضي 2 مليون طن.

 

طبيعي أن هناك الكثير من المآخذ على المناخ الاستثماري في أوكرانيا، وخصوصا في ما يتعلق بوضع الأرض وبالضمانات التشريعية والمؤسسية الأخرى. لحد الآن لا يسمح القانون للمستثمر المحلي أو الأجنبي بتملك الأراضي الزراعية، وإنما باستئجارها واستثمارها لخمسة وخمسين عاما.

 

ومع ذلك فهذه الفترة إذا ما اقترنت بالاستثمار في مساحات واسعة من الأراضي، تسمح باستخدام التقنيات المتطورة، فإنها تَعِدُ بعائد كبير على الاستثمار.

 

لكن هناك مشروع قانون يسمح بتملك الأراضي الزراعية من قبل المواطنين الأوكرانيين، سيتم طرحه في الفترة القادمة وسيحسن من ظروف الاستثمار المشترك، كما يجري الحديث عن إمكانية تطوير هذا القانون بالنسبة للمستثمرين الأجانب في المستقبل. غير أن ملكية المشاريع من قبل الأجانب متاحة حاضرا بنسبة 100%.

 

وحسبما أوضح وزير الزراعة الأوكراني، فإن الحكومة تقوم بتنفيذ الالتزامات التي تعهدت بها لإصلاح المجمع الصناعي الزراعي وتحسين المناخ الاستثماري في البلاد. وقريباً سوف يتم إنشاء شركة حبوب ومصرف عقاري للأراضي تابعين للدولة، وسيستطيع المستثمرون من خلاله استئجار أراض في أوكرانيا، من أجل زراعتها وتصنيعها زراعياً بشكل مشترك.

 

طبيعة هذه البلاد تزخر بالموارد الطبيعية الغنية وبالكوادر الفنية عالية التأهيل، ولكنها تحتاج إلى توظيف الاستثمارات والتقنيات الحديثة والنو هاو. عندها سيكون عائد التعاون عاليا جداً.

 

رغم أزمة القمح والغذاء المتفاقمتين عالميا وشبكة التعقيدات المناخية والسياسية والأمنية والتمويلية، إلا أن خيار التعاون المغري مع أوكرانيا أصبح مفتوحا أمام كل بلدان المنطقة.

 

ما عدا العراق الشقيق الذي سيبقى معتمداً على قمح أميركا الشمالية وأستراليا، كون الشركات الأميركية تحتكر السوق العراقية منذ عام 2003، لأسباب سياسية بدأت مع الاحتلال المؤثر بشدة على القرار الوطني المستقل.

===================

الوقت.. هل هو مفقود أم فقيد؟

بقلم :د. فاطمة البريكي

البيان

26-8-2010

هل أصبح الوقت أكثر قِصَراً من السابق؟ أم أنه الإحساس بالوقت هو الذي تغير، وأصبحنا نشعر به أقل من حاجتنا له، وأن الساعات لم تعد في امتدادها الزمني كما كانت في السابق، حتى إن كانت عددياً لا تزال كما هي ستينية الثواني والدقائق؟

 

أذكر أنني سمعتُ جدتي مرة وهي تقول لأمي إنه سيأتي يوم لا تكادون تنتهون من صلاة حتى يؤذن المؤذن لصلاة الفرض الذي يليها، وكنت صغيرة جداً حينها، ولم أفهم الكلام أو المغزى من الكلام جيداً، فاستغربت وتساءلت بيني وبين نفسي: ماذا تقصد جدتي بذلك؟

 

ولم أصل حينها لإجابة، ولكني منذ عدة سنوات بدأتُ أسترجع كلامها كثيراً، وفي كل مرة أسترجعه بإحساس أكثر إلحاحاً بأننا قد وصلنا لذلك الزمان الذي كانت تشير إليه.

 

كلما شعرتُ أنني لا أستطيع أن أسيطر على الوقت، وأن أكون أنا المتحكمة فيه وليس هو المتحكم بي، أتذكر كلامها جيداً، لأنه قد أصبح أكثر تفلتاً من أن يُسيطَر عليه، خصوصاً في السنوات الأخيرة.

 

لا يتعلق الأمر بطول الليل والنهار أو قِصَرهما من فصل إلى فصل، فمن الطبيعي أن يكون الوقت في النهار طويلًا وفي الليل قصيراً صيفاً، والعكس صحيح، لكن الذي يحدث الآن هو أننا في قلب أيام الصيف، ومع ذلك لا نكاد نجد وقتاً لا في النهار «الطويل» ولا في الليل «القصير» بطبيعة الحال كي نفعل أي شيء، أو ننجز ما نخطط لإنجازه في يوم أو أسبوع أو حتى أكثر أحياناً!

 

هذا ما أشعر به، خصوصاً في هذه الأيام الرمضانية التي يزداد فيها الوقت «تفلتاً» دائماً، على نحو متسارع كلما اقتربنا من نهايته، ولكنه ليس إحساساً خاصاً بأيام هذا الشهر الفضيل فقط، بل هو إحساس متراكم منذ مدة، وكلما عبرتُ عنه لأحد أجده يشاركني الشعور ذاته حيال هذا الموضوع.. موضوع الوقت المتفلت، غير القابل للسيطرة.

 

أحياناً يبدو لي أننا أصبحنا نعيش خارج حيز الوقت، وكأننا فعلياً لا نعيشه.. أو لا نعيش فيه! ويزداد هذا الاعتقاد ترسخاً لدي كلما قابلتُ أحداً وبدأ يشكو من عدم وجود وقت لأي شيء، وأكاد أقرأ الفاتحة على روح هذا الوقت «الفقيد» الذي أصبحنا نفتقده حقيقة.

 

ونشعر بقيمته أكثر من أي «وقت» قد مضى، بعدما مضى، لكني أُمسك في اللحظة الأخيرة على أمل أن يكون مفقوداً، وليس فقيداً، وبهذا أعطي لنفسي الفرصة لأن أعيش حالة انتظار وترقب لعودة هذا المفقود على الأقل، بدلاً من أن أعيش حالة يأس من عودته إن كان فقيداً.

 

ومع تزايد إحساس بعض الناس بقيمة الوقت، وبتمنعه عليهم، نجد بعضهم الآخر لا يكاد يشعر بأي أزمة معه، أو بعبارة أدق مع عدم توافره لهم، بل إنهم يعانون من «فائض» وقت عندهم، ولا يعرفون كيف يصرفونه، أو من الأفضل استخدام عبارتهم المعتادة: كيف «يقتلونه»، فهو مصدر أزمة لهم على نحو معاكس لأولئك الذين يعانون الحرمان منه.

 

وانقسام الناس هذا إزاء الوقت ليس أمراً جديداً، ولكن المستجد هو أن «الإحساس» بالوقت بدأ بالفعل بالتناقص شيئاً فشيئاً.. وأنا لا أزعم أن الدقيقة أصبحت أقل من ستين ثانية، أو أن الساعة أصبحت تسعاً وخمسين دقيقة مثلا بدلا من ستين.

 

ولكن الإحساس بالثانية والدقيقة والساعة لم يعد كما كان سابقاً، لذلك أصبح بعض الناس أكثر معاناة من عدم وجود الوقت وتوافره لهم لإنجاز كل ما يريدون إنجازه في أيامهم التي هي عمرهم، لكن المشكلة في تلك الفئة الأخرى التي لم يلامس إحساسَها أيُّ تغيير بخصوص تسارع مضي الوقت، ولا تزال الرغبة في «قتله» قائمة لديهم، لأنه لا يزال يفيض عن حاجتهم كما كان دائماً.

 

ربما من الأفضل العودة إلى نظام الحياة التقليدي الذي يقوم على نبذ سهر الليل واقتناص البكور، فقد «بورك لأمتي في بكورها» كما قال صلوات الله وسلامه عليه منذ ما يزيد على ألف وأربعمائة عام، وكان كل شيء يسير في مساره الطبيعي، وبعدما وصلنا إلى عصر لا يعترف لا بحدود زمان ولا مكان، أصبحنا نشعر بأننا نعيش خارجهما بالفعل، وأننا في اللامكان واللازمان.

 

لستُ أدعو للعودة إلى الوراء، ولكننا من الممكن أن نستعين بأفكار تقليدية، إن كانت أكثر قدرة على إبقاء خطواتنا متجهة نحو الأمام بثبات، فهذا أفضل من أن نعيش حياة حديثة بأفكار حديثة غير قائمة على أي أساس علمي أو عرفي، ولكن خطواتنا تتجه بنا رغماً عنا وعن أفكارنا «التقدمية» نحو الوراء.

جامعة الإمارات

===================

محاصرة الحصار الإسرائيلي

عمر برغوتي

السفير

26-8-2010

في سنوات قليلة فحسب، أصبحت حملة مقاطعة المنتجات الإسرائيليّة عالميّة. ثمّة أمر يدعو فلسطين للاحتفال، على الرّغم من الحصار المفروض على غزّة، إذ أنّ تعاونيّة غذائيّة في واشنطن أصدرت قرارًا يدعو إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيليّة، وأكّدت أنّ حركة المقاطعة الّتي بلغت عامها الخامس في الشّهر الماضي، قد اجتازت الأطلسيّ. وتحظى هذه الحركة بدعم شخصيّات بارزة مثل دزموند توتو، وميريد مغواير، وكلاهما حائزان على جائزة نوبل للسّلام، فضلاً عن ريتشارد فولك، مبعوث الأمم المتّحدة الخاصّ في الأراضي الفلسطينيّة.

تمّ إطلاق حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، واختصارها (BDS)، في العام 2005 بعد مرور سنة على إصدار محكمة العدل الدّوليّة قرارًا يقضي بعدم شرعيّة الجدار الّذي تبنيه إسرائيل، والمستوطنات الّتي تنشئها في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، وكذلك، أعرب ما يزيد عن 170 حزبًا سياسيًّا فلسطينيًّا ونقابةً وتحرّكًا جماعيًّا ومنظّمةً غير حكوميّة، عن تأييده هذه الحركة الّتي يقودها ائتلاف منظّمات المجتمع المدنيّ.

تعود جذور هذه الحملة إلى قرن من المقاومة المدنيّة الفلسطينيّة، وهي مستوحاة من سنوات النّضال ضدّ نظام الفصل العنصريّ (الأبارتيد). ونجحت بتنفيذ مقاطعات جزئيّة، بهدف تقديم مفهوم شامل لتطبيق حقّ الشّعب الفلسطينيّ في تقرير مصيره، من خلال توحيد فلسطينيّي الدّاخل و فلسطينيّي الاغتراب، لمواجهة التّجزئة المتسارعة.

تتفادى حركة BDS إملاءات الصّيغ السّياسيّة، وهي تسعى جاهدة إلى تطبيق المقرّرات الأساسيّة الّتي اتّخذتها الأمم المتّحدة والّتي تعنى بالشّرائح الرّئيسة الثّلاث الّتي يتألّف منها الشّعب الفلسطينيّ، وهذه المقرّرات هي: إنهاء الاحتلال الإسرائيليّ والاستيطان في الأراضي العربيّة المحتلّة منذ عام 1967، وإنهاء التّمييز العنصريّ الممارس ضدّ المواطنين الفلسطينيّين ؛ فضلاً عن الاعتراف بحقّ عودة اللاجئين الفلسطينيّين إلى ديارهم، بحسب ما ينصّ عليه القرار 194 الصّادر عن الأمم المتّحدة.

إنّ حركة BDS الّتي أسّسها ويتولّى إدارتها فلسطينيّون، تقاوم العنصريّة بمختلف أنواعها، بما فيها معاداة السّاميّة، كما تترسّخ فيها المبادئ العالميّة للحرّيّة والعدالة والمساواة في الحقوق، والّتي شكّلت الحافز في مناهضة نظام الفصل العنصريّ (الأبارتيد) في السّابق، وكذلك النّضال من أجل نيل الحقوق المدنيّة في الولايات المتّحدة الأميركيّة.

إنّ الإشارة إلى نظام التّمييز العنصريّ المشرّع الّذي تمارسه إسرائيل ب«الأبارتيد»، على غرار ما فعل كلّ من توتو، وجيمي كارتر، وحتّى مدّعٍ عام اسرائيلي سابقًا، لا يساوي حالة إسرائيل بجنوب أفريقيا، ذلك أنّ ما من نظامين قمعيّين يتطابقان، لا بل الإشارة على هذا النّحو تؤكّد أنّ تصنيف إسرائيل الحقوق والامتيازات وفق معايير عرقيّة ودينيّة إنّما يتوافق مع تعريف اعتمدته الأمم المتّحدة في تحديدها الأبارتيد.

شهدت حركة BDS العالميّة نموًّا لا مثيل له بعد العدوان الاسرائيلي على غزّة والاعتداء على سفن أسطول الحرّيّة، إذ يبدو أنّ أصحاب الضّمائر الحيّة من ناشطين ومثقّفين من جميع أنحاء العالم تجاوزوا حقبة استرضاء إسرائيل، أو ما يعرف بسياسة «رونالد ريغان لمواجهة الأبارتيد في جنوب أفريقيا»، ولجأوا الى الضّغط عليها بغية وضع حدٍّ أمام إفلاتها من العقوبات، وتواطؤ الدّول الغربيّة في إبقائها دولة فوق القانون.

إنّ صرخة الشّاعر الفلسطينيّ محمود درويش «حاصر حصارك» تكتسب معنىً جديدًا في هذا السّياق، لأنّه من السّذاجة والوهم ان نقنع قوّة استعماريّة بتلبية نداء أخلاقيٍّ من أجل العدالة. إذًا، توصّل كثيرون إلى إدراك ضرورة محاصرة إسرائيل من خلال مقاطعة منتجاتها، باعتبار أنّ هذا الأمر يكبّدها ثمن قمعها غالياً. وقد تمكّن المشاركون في حملة BDS من تشكيل قوّة ضاغطة على المؤسّسات الماليّة في الدّول الاسكندنافيّة وألمانيا وغيرها من الدّول، لكي تسحب استثماراتها من الشّركات المتواطئة مع إسرائيل في انتهاكها القانون الدّوليّ، كما أعربت بعض النّقابات العمّاليّة الدّوليّة عن دعمها مقاطعة المنتجات الاسرائيليّة. وفي أعقاب الاعتداء على سفن أسطول الحرّيّة، استجاب بعض نقابات عمّال الموانئ في السّويد والهند وتركيا والولايات المتّحدة إلى مطالبة النّقابات الفلسطينيّة منع السّفن الاسرائيليّة من تفريغ حمولتها.

إن نيل حملة BDS تأييد الشّخصيّات البارزة على المستوى الثّقافيّ أمثال جون بيرجيه، نعومي كلاين، لاين بانكس، وأليس والكر، بالإضافة الى موجة إلغاء بعض الفنّانين عروضهم الفنّيّة في إسرائيل، ومن بينهم ميغ راين، وإلفيس كوستيلو، وجيل سكوت هيرون، وفرقة «البيكسيس»، ساهما في إعطاء الحملة زخمًا وصدىً عالميّين، وقرّباها من التّوجّه السّائد في الدّول الغربيّة، كما وضعا حدًّا للشّكّ الّذي كان دائرًا حول إمكانيّتها.

وتمّ كذلك إنشاء حركة «المقاطعة من الدّاخل» (Boycott From Within) عام 2009، وهي حركة احتجاجيّة لها ثقلها في الدّاخل الاسرائيليّ، وتحمل شعار حركة BDS الفلسطينيّة.

هذا وقد أتمّ الكنيست الاسرائيليّ مؤخّراً قراءة أوّليّة على مشروع قانون لفرض غرامات ثقيلة على كلّ مواطن إسرائيليّ يشنّ حملة مقاطعة ضدّ إسرائيل أو يحرّض عليها. وهذا الأمر خير دليل على تخوّف الشّارع الاسرائيليّ من انتشار حملة BDS عالميًّا، ومن قدرة تأثيرها باعتبارها حملة سلميّة تحمل شعار العدالة، وترتكز على ثوابت أخلاقيّة متينة.

تأتي هذه الحركة لتجزم بأنّ لحظة القضاء على نظام التّمييز العنصريّ الإسرائيليّ بحقّ الفلسطينيّين قد حانت، على غرار ما حدث سابقًا من لحظة جنوب أفريقيّة.

عن صحيفة الغارديان البريطانيّة

ترجمة: أسيل الحاج

===================

لبنان لم يعد أساسياً عند السعودية... وسوريا ؟

سركيس نعوم

النهار

26-8-2010

أجبتُ المسؤول الرفيع نفسه في "الادارة" البارزة اياها داخل الادارة الاميركية الذي يتابع قضايا المنطقة عن سؤاله: ماذا عن السعودية وسوريا؟ علّقتُ: قبل ان اترك بيروت متوجهاً الى واشنطن كان كل ما لديّ من معطيات يشير الى ان العلاقة بينهما جيدة وأن مفاعيل المصالحة التي قامت بينهما لا تزال سارية. لكنني سمعت هنا في عاصمتكم وكذلك في نيويورك عاصمة العالم كلاماً يشير الى ان السعودية مستاءة من سوريا او ربما ناقمة عليها لأنها لم تنفّذ الالتزامات التي تعهدتها امام عاهلها الملك عبد الله بن عبد العزيز وخصوصاً في موضوع لبنان. اعتقادي انه قد يكون هناك اختلاف ما بين الدولتين. لكنه لن يؤثر على المصالحة وتحسن العلاقات بينهما. تستطيع سوريا ان تقول للمملكة انها ساعدت في انتخاب رئيس للبنان وفي تأليف حكومة وحدة وطنية فيه وازالة "اعتصام الخيم" من وسط العاصمة بيروت وفي فك حصار "حزب الله" وحلفائه للسرايا الحكومية التي كان يعتصم داخلها فؤاد السنيورة رئيس الحكومة آنذاك وعدد من وزرائه ومستشاريه. وتستطيع تالياً ان تؤكد لها ان الاوضاع في لبنان الى تحسن. علّق: "أنت محق. لن يتسبب كل ذلك بمشكلة بين سوريا والسعودية. لكن هناك عتباً ما او "نرفزة" سعودية لسبب غير لبناني. ذلك ان لبنان ليس اساسياً او لم يعد اساسياً عند السعودية وربما عند سوريا". علّقتُ: ان لبنان بالنسبة الى الدولتين المذكورتين صار اداة تستخدمانها لمعالجة القضايا الاخرى الاكثر اهمية لهما. ردّ: "هذا صحيح. هناك موضوع العراق وهناك موضوع ايران. ظن السعوديون ان علاقتهم الجيدة مع سوريا وان المبادرة الى مصالحتها وفتح النوافذ امامها وخصوصاً في لبنان سيجعلها تتخذ مواقف من العراق وايران تناسبها. ذلك انها تخاف من ايران على نفسها وتخشى على العراق منها".

سألتُ: لكن الا تظن معي ومع احترامي الكامل للسعوديين وتقديري لمساعداتهم المتنوعة والمزمنة للبنان ان في تعاطيهم على الاقل مع بلدنا ومشكلاته شيئاً من "طيبة القلب"؟ طبعاً انا لا اريد ان احرجك بجواب مباشر عن هذا السؤال. لكن لبنانيين كثراً يعتقدون ذلك. فهم يعرفون من زمان ان سوريا تريد بلدهم ساحة خلفية لها تمارس نفوذها الكامل عليه وتستفيد منه لاستحقاق دور اقليمي واسع. وهي لن تتساهل معه او فيه كرمى لأحد وإن كان بوزن السعودية وغناها. بماذا تقوم السعودية في مقابل ذلك؟ ماذا تستطيع ان تقول؟ لا شيء كثيراً. هل تستطيع ان تقنع اسرائيل بواسطة اميركا باعادة الجولان الى اصحابه السوريين؟ لا اعتقد. السعودية تريد مساعدة لبنان وقدمت اليه مساعدات جمة. لكنها لاسباب عدة لا تكمل الطريق معه في مواجهته الازمات ربما لان مصالحها تفرض عليها ذلك، وهذا من حقها، وربما لأنها متحفظة بطبعها وترفض الانجرار الى مواجهات مباشرة وتخشى الابتزاز الذي تعرضت له كثيراً.

هنا سألني المسؤول الرفيع نفسه عن لبنان. فأبديت رأيي الذي قد لا يعجب كثيرين في الداخل وربما في الخارج. وهو يفيد بأن هناك فريقاً داخلياً مسيطراً او يكاد ان يسيطر على البلاد كلها بمؤسساتها المتنوعة ويستخدم قوته التي تتزايد باطراد ليصبح صاحب الكلمة الاولى في البلد وفي الوقت نفسه يستطيع تنفيذ "اجندته" الاقليمية المعروفة.

علّق: "لكن سوريا كانت دائماً في لبنان مع مبدأ لا غالب ولا مغلوب. ماذا حصل لكي تغير موقفها هذا؟" اجبت: كانت مع هذا المبدأ عندما كان الصراع في لبنان بين مسيحي ومسلم وعندما كان هناك حد ادنى من التكافؤ او التوازن الديموغرافي بين فريقي الصراع او بالأحرى عندما كان اللاتوازن طفيفاً. ذلك ان نظامها كان يهتم بالمحافظة على المسيحيين وإن رغماً منهم في مقابل الطاعة الكاملة، ويهتم بالموضوع الفلسطيني، وكان يريد توازناً لا يؤذيه ويمكّنه من تحقيق اهدافه وحماية مصالحه. امور كثيرة تغيرت الآن. اللاتوازن صار واسعاً. والموالاة لدمشق ونظامها تكاد ان تقتصر على فريق لبناني واحد، والمذهبية استشرت وصارت خطراً عليه وعلى الآخرين وصار لها منافس قوي فيه وحليف هو ايران. سأل: "ماذا سيحصل للإعلام في ظل حال كهذه؟". اجبت: ربما يُقيَّد بعض الشيء. لكن التنوع الداخلي على قلة التوازن المعروفة بين مكوناته الطائفية والمذهبية لا بد ان يبقي حداً ادنى من الحرية. علّق: "تحدثت عن العراق. انا كنت هناك. وسأعود اليه قريباً. الشيعة العراقيون عرب رغم كل ما يقال. والنجف سيبقى مواجهاً او مقابلاً لقم. ماذا عن وجودهم في لبنان وعلاقاتهم بأطرافه؟ اعتقد انهم فيه. وضع العراق يشبه كثيراً وضع لبنان حيث يلجأ كل فريق داخلي الى جهة خارجية سواء للحصول على دعمها له في صراعه مع "اشقائه" او حمايتها له منهم. الفارق الوحيد بين شيعة لبنان وشيعة العراق هو ان اللبنانيين منهم موحدون حول الخيارات المهمة والاستراتيجية وتكاد ان تكون قيادتهم واحدة. اما العراقيون منهم فمنقسمون. انظر الى العلاقات غير السوية بين المالكي والصدر والحكيم وغيرهم. حتى ايران ورغم دورها ونفوذها العراقي فشلت في جمعهم او في إنجاح التحالف الذي اقامته في ما بينهم". علّقتُ: هذا صحيح من حيث المبدأ. شيعة العراق عرب هذا صحيح ايضاً. وهم يتمسكون بعروبتهم ولكنهم يصرون على حكم البلاد كونهم غالبية ابنائه وإن مع مشاركة اساسية من الآخرين. يريدون ان ينفتحوا على العالم العربي السني في معظمه والسعودية في المقدمة ويتمسكون ب"النجف" وموقعه المقدس. لكنهم في الوقت نفسه لن يديروا ظهرهم لايران. فهي التي ساعدتهم وحمتهم ايام ظلم صدام حسين لهم وللآخرين. والمشكلة في العراق وربما خارجه لم تعد فارسية – عربية بل سنية – شيعية. وستبقى ايران في رأيي الحائط الذي سيسند شيعة العراق ظهرهم اليه. ولن يسمحوا بقيام أي عمل ضد ايران من داخل بلادهم.

سأل: "اخبرني عن وجود العراقيين في لبنان". بماذا أجبت؟

===================

المفاوضات المباشرة .. والربح والخسارة فلسطينياً

المستقبل - الخميس 26 آب 2010

العدد 3752 - رأي و فكر - صفحة 20

خيرالله خيرالله

أن يقرر الجانب الفلسطيني العودة إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، بناء على طلب أميركي ملحّ، دليل على رغبة في تأكيد أن القضية الفلسطينية ليست ملكا للمتاجرين بها من دعاة اللا حرب واللا سلم من عرب وغير عرب. هؤلاء لا همّ آخر لهم سوى عرقلة أي مشروع تسوية من أي نوع كان حتى لو كان يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني ويحقق الحد الأدنى من طموحاته السياسية.

لا يختلف عاقلان على أن بنامين نتانياهو، الذي يرئس حكومة إسرائيلية متطرفة لا تريد أي تسوية من أي نوع كان، يريد من الجانب الفلسطيني توقيع صك استسلام. بموجب هذا الصك، يترتب على الجانب الفلسطيني التخلي عن قسم من الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية وان يكتفي، في أحسن الأحوال، بكيان صغير يكون تابعا بطريقة أو بأخرى لإسرائيل.

كان الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس (أبو مازن) أمام خيارين واضحين. إما رفض الطلب الأميركي العودة إلى المفاوضات المباشرة وإما الاستجابة له. لو رفض الطلب الأميركي لكان كلفه ذلك الكثير. كان كلفه قبل أي شيء آخر استمرار العلاقة مع الإدارة الأميركية. وهذه خسارة كبيرة بكل المقاييس وسقوط في الفخ الإسرائيلي. أما الاستجابة للرغبة الأميركية فقد لا تعني بالضرورة تحقيق مكاسب محددة بمقدار ما تعني أن الوصول إلى تحقيق تقدم ما، مهما كان صغيرا، أمر ممكن. بكلام أوضح، لا خسارة من المفاوضات المباشرة بل أن احتمال الربح وارد حتى لو كان ضعيفا، في حين أن مقاطعة المفاوضات تمثل خسارة أكيدة.

لا شك أن بيبي نتانياهو سجل نقطة مهمة قبل بدء المفوضات وذلك عندما اجبر الجانب الأميركي على تأكيد انه لن تكون هناك شروط مسبقة. وهذا يعني في طبيعة الحال رفضا إسرائيليا لتحديد مرجعية المفاوضات ووقف الاستيطان. في المقابل، سجل الجانب الفلسطيني نقاطا عدة تصب في مصلحته. فقد أكدت اللجنة الرباعية التي تتمثل فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة في البيان الذي أصدرته دعما للمفاوضات إن المرجعية واضحة. جاء في البيان حرفيا إن الهدف من المفاوضات المباشرة "حلّ كل القضايا العالقة في شأن الوضع النهائي وتحقيق تسوية بين الأطراف تضع حدّا للاحتلال الذي يرجع إلى العام 1967 تسفر عن إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ديموقراطية قابلة للحياة تعيش في سلام إلى جانب إسرائيل وجيرانها الآخرين".

حددت الجنة الرباعية، التي تضم، بين من تضم، الولايات المتحدة مرجعية المفاوضات. أكثر من ذلك، أشادت اللجنة بعملية بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية وأشارت إلى "اطر مدريد وقرارات مجلس الأمن ومبادرة السلام العربية" التي صدرت عن قمة بيروت في العام 2002.

في الثاني من أيلول المقبل، ستكون هناك عودة إلى المفاوضات المباشرة. لم تستطع إدارة اوباما ممارسة ما يكفي من الضغط على الحكومة الإسرائيلية للحصول على تعهد بوقف الاستيطان واعتماد حدود العام 1967 مرجعية للمفاوضات. لكن الثابت أن على الجانب الفلسطيني، على رأسه "أبو مازن" الاكتفاء ببيان اللجنة الرباعية الذي ليس في إمكان الجانب الأميركي التملص منه كليا على الرغم من إن الجانب الإسرائيلي تجاهله تجاهلا تاما.

السؤال الآن هل هناك رغبة إسرائيلية في تحقيق تسوية معقولة ومقبولة. الجواب إن الكثير سيعتمد على ما إذا كانت إدارة اوباما ستكون قادرة على لي ذراع بيبي نتانياهو وإفهامه أن التعاون الأميركي في موضوع إيران ليس واردا في غياب الحد الأدنى من التجاوب الإسرائيلي مع متطلبات السلام. في النهاية إن صيغة التسوية المعقولة والمقبولة موجودة نظرا إلى أن الفلسطينيين والإسرائيليين حلوا أواخر العام 2000 نسبة تسعين من المشاكل العالقة في مفاوضات طابا التي تلت مباشرة فشل قمة كامب ديفيد بين ياسر عرفات، رحمه الله، والرئيس بيل كلينتون وايهود باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتذاك. تطرقت تلك المفاوضات إلى الحدود النهائية واللاجئين والقدس. وتبين ان في الإمكان التوصل إلى حلول متى توفرت الإرادة السياسية والشجاعة اللازمة.

الأكيد أن بيبي نتانياهو لا يمتلك الإرادة السياسية والشجاعة الكافية اللتين تؤهلانه للإقدام على خطوة في الاتجاه الصحيح. تتمثل خطوة من هذا النوع في التخلي عن الاحتلال، الذي يشكل في نهاية المطاف أسوأ أنواع الإرهاب وهو إرهاب الدولة. لكن وجود زعيمين عربيين في الافتتاح المفاوضات المباشرة، وهما الرئيس حسني مبارك والملك عبدالله الثاني، يمكن أن يساعد في جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي يفكر بطريقة مختلفة. فحضور الزعيمين العربيين إلى واشنطن إشارة إلى أن التسوية مع الفلسطينيين ستفتح أفاقا ذات طابع إقليمي لإسرائيل وان مثل هذه التسوية ستوفر أجواء مختلفة في الشرق الأوسط تساعد في مواجهة التطرف بكل أنواعه.

تبقى المشكلة الأساسية المتمثلة في أن إسرائيل المتطرفة لا تراهن سوى على التطرف في الجانب الآخر. ولذلك يظل رهانها الدائم على رافضي المفاوضات المباشرة من منظمات وأنظمة في دول عربية وغير عربية تقتات من الشعارات الرنانة ومن بقاء الفلسطينيين شعبا محروما من حقوقه المشروعة غير قادر على إقامة الدولة المستقلة التي تؤمن له هوية وطنية ومكانا على الخريطة الجغرافية للشرق الأوسط.

يصعب التفاؤل بنتائج المفاوضات المباشرة على الرغم من تحديد سقف زمني لها هو سنة كاملة. ولكن يصعب أيضا تخيل رفض الجانب الفلسطيني لهذه المفاوضات، خصوصا بعد صدور بيان اللجنة الرباعية. فبغض النظر عن قدرة اللجنة على وضع البيان حيز التنفيذ تظل هناك قيمة قانونية ومعنوية لكل كلمة وردت فيه. يكفي انه يشير أيضا إلى أهمية السلام في المنطقة كلها. وهذا يعني عمليا أن المجتمع الدولي مهتم بالاستقرار في الشرق الأوسط ككل انطلاقا من إيجاد حل في فلسطين. لم يكن لدى الجانب الفلسطيني، إلى إشعار آخر، خيار آخر... في منطقة اختلت فيها موازين القوى أخيرا لمصلحة الأطراف غير العربية على نحو دراماتيكي!

===================

ما قبل المفاوضات المباشرة .. وما بعدها!

مصطفى الدباغ

Mustafa.aldabbagh@yahoo.com

الرأي الاردنية

26-8-2010

مع دعوة الزعماء المًعْنيين في المنطقة لحضور اطلاق المفاوضات المباشرة التي تريد واشنطن أن تبدأها في الثاني من أيلول القادم ( بدون شروط مسبقة ) لم يستطع مكوك المفاوضات جورج ميتشل الاّ أن يعترف بانعدام الثقة بين الفلسطينيين والاسرائيليين حتى الآن مقترحاً تقديم طروحات لتقريب وجهات النظر اشارة الى ما تم الالتفاف عليه من الشروط الفلسطينية الشاملة للوقف الفوري للاستيطان واعتماد مرجعية حل ّالدولتين وجدول زمني محدد والذي كانت ( الرباعية ) تعتزم اعلانه ثم عادت واكتفت باعلان واشنطن كما طالب نتنياهو به . ولكن اذا كانت هذه هي تباشير البداية فان التوصل لسلام في غضون عام واحد كما تم الاعلان عنه سيكون موضع تساؤل ، وأما ( نوعية ) السلام نفسه فستكون مختلفة تماماً عن الرؤية العربية الفلسطينية وأقرب ما تكون للرؤية الاسرائيلية والدليل من كلام هيلاري كلنتون نفسها أثناء الدعوة لاطلاق المفاوضات بالتعرض الى دولتين ولكن دون أي اشارة ولاحتى عابرة الى حدود الدولة الفلسطينية المرتقبة كما كان يُصر العرب على حدود الرابع من حزيران 1967 مما يعطي راحة اضافية وتطمينا اضافيا لنتنياهو .

 

في خضم هذا كله فان اسرائيل ما زالت منغمسة وبتسارع محموم في عمليات الاستيطان وتهويد القدس ما يؤكد النوايا المُبيّتة تجاه المفاوضات التي استماتت على أن تنتقل بها الى المباشرة والذي لا يوجد له تفسير سوى أن اسرائيل لا تريد أي قيود أو شروط بل تريدها معوّمة مبهمة لاستخدامها كغطاء لمواصلة سياسات التهويد والاستيطان والاجتياح والابعاد والحصار وتغيير المعالم الديموغرافية والجغرافية للمناطق المحتلة ( والتنازل ) في نهاية المطاف عن بضعة كيلومترات لدويلة فلسطينية مقزّمة مُشرذمة مقطعة الأوصال غير قابلة للحياة ولا حتى للتنفس . كما لاتريد أي قيود أو شروط مُلزمة حتى تستطيع انفاذ سياسة فرض الأمر الواقع وابرام ( سلام اسرائيلي ) تحتفظ معه باللاءات المعروفة تجاه المستوطنات والقدس والحدود والإنسحاب ليكون السلام القادم ناقصا مجتزءا ما يخدم مصالحها الآن وغدا بالإضافة لكسب المزيد من الوقت وترقب الفرصة السانحة للإنقضاض على الخصوم واستئناف مشروعها الإستعماري الإستيطاني العنصري التوسعي وفرض السيطرة على المنطقة كقوة إقليمية وحيدة ومهيمنة، أو كما تحلم!!

 

أخيرا فإذا أصبحت المفاوضات المباشرة واقعا لا مهرب منه فالحقيقة التي ستبقى هائمة في سماء تلك المفاوضات هي لماذا عندماأكدت أميركا عدم جدوى وفشل المفاوضات غير المباشرة لم تعترف بأن السبب الرئيس هو عدم تحديدها بجدول زمني وعدم تقييدها بمواضيع محددة وعدم فرض الشروط القاعدية الأساس للسلام وإقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة؟! والآن اذا أمكن لأميركا فرض مفاوضات مباشرة مع مراعات المقاسات الإسرائيلية ومع الإلتفات الى أسباب فشل غير المباشرة فإن الوقت ما زال يسمح بتجهيز( وجبة) دسمة من العناصر الموضوعية لإنجاح المباشرة وعدم الوقوع في الجحر أو الفخ نفسه مرة أخرى، هذا إذا أرادت أميركا أن تخرج بنتائج حقيقية ملموسة.

 

أما العرب فيبقى عليهم واجب الإلتزام الصارم بحل الدولتين ومبادرة السلام العربية ودعم اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ما يجب أن تسفر عنه المفاوضات بالضرورة. غير ذلك وفي خطوة متقدمة فقد آن الأوان لقرار عربي يغير منطوق الإلتزام بالسلام كخيار إستراتيجي ثابت ودائم و(أبدي) الى الإلتزام بحل الصراع العربي الإسرائيلي برمته وليندرج تحت هذا العنوان مفردات للحل يكون السلام والمفاوضات مجرد أداة واحد ة منها فقط ، ولإسرائيل بعد ذلك وأوروبا والرباعية والعالم وقبل ذلك وبعده لأميركا أيضا أن تتخيل جميعها ما يمكن أن تكون عليه مفردات الحل تلك وأقل الأقل فيها العودة بالقضية الى مربعها الأول لدى مجلس الأمن وإعلان دولة فلسطينية كاملة السيادة حتى حدود 67وعاصمتها القدس الشريف,,, عسى أن يكون ذلك أحد أهم ضمانات النجاح لهذه المفاوضات شبه القسرية!

===================

أكذوبة الإنسحاب الأميركي

يوسف الحوراني

الرأي الاردنية

26-8-2010

بعد سبع سنوات إحتلال، وقبل اسبوعين من الموعد المقرر لإنسحاب قواتها « القتالية «، لملمت الوحدات العسكرية الأمريكية معداتها وتسللت متسترة بالظلام خارج العراق الى القواعد المخصصة لها في الكويت تاركة هذا البلد الى مصيره المجهول وتبددت كل الأوهام في إعادة إعماره، وتقول الأخبار أن عديد ما تبقى من هذه القوات يزيد عن خمسين ألف جندي منتشرين في 94 قاعدة عسكرية في انحاء العراق، إضافة الى الالاف من المرتزقة في شركات الحماية ستكون مهماتهم تدريبية ( !! ) للجيش العراقي.

 

إنسحاب قوات الإحتلال العسكرية الأميريكية الإعلامي يأتي بعد أن عاثت الأجهزة الأمريكية فسادا وتدميرا وخرابا للدولة وإنهيارا في البنية التحتية فلا ماء ولا كهرباء ولا طرق ولا خدمات، وأكثر من مليون عراقي فقدوا حياتهم وستة ملايين من الجرحى والمعوقين وأربعة ملايين شردوا من أراضيهم سواء الى مناطق في العراق أو خارج الوطن وإنهيار الاقتصاد الوطني وتفتيت المجتمع العراقي الى شظايا طائفية ومذهبية وعرقية وفوضى وتصفيات بين الطوائف والعشائر وعجز عن تشكيل حكومة مضى على استحقاقها ما زاد عن خمسة شهور وصراعات تطال حتى أطراف في العشيرة والطائفة والمذهب، وتحول هذا العراق الى منطقة تجاذبات ونفوذ للصراع الإيراني الأمريكي وللنهب الأمبريالي وللمافيات وأصحاب السلطة المتنفيذين الذين أثروا بفحش.

 

أكثر من خمسين ألف جندي للتدريب ..! قبل هذه المهمة ماذا كانوا يفعلون ؟ ألم يكونوا في عداد القوات القتالية وهل يحتاج جهاز العسكر والشرطة العراقيان الى هذا العدد من المدربين ( 25% من عداد هذه الأجهزة أي جندي لكل أربع متدربين ) ، أم أنهم باقون لحماية المنجز الديمقراطي الذي ينعم به الشعب العراقي !؟ الصحيح أن واشنطن أبقت هذا العديد من قواتها لتأمين وحماية مصالحها التي من أجلها قامت بعدوانها غير الاخلاقي على شعب العراق ومن أجل تأمين الحماية لإسرائيل والرقابة على الأوضاع الداخلية العراقية ومنع حدوث أي تطور أو إنقلاب أو تغير في قدرات الجيش العراقي أوتنامي قدرات العراق العلمية والتقنية وهو ما لا يمكن أن ترضى عنه واشنطن ولا تسمح به وحتى لا يكون مصدر تهديد وجودي لإسرائيل مستقبلا، ومن أجل تعزيز الوجود الأمريكي في منطقة الخليج وتأمين الجبهة الشمالية العراقية مع إيران.

 

الإنسحاب التكتيكي لقوات الإحتلال الأمريكية جاء في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر بين واشنطن وتل وأبيب من جهة وطهران من جهة ثانية وفي وقت تتزايد فيه الاستعدادات والتهديدات على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة ضد لبنان وحزب الله وبانتظار قرار المحكمة الدولية الخاصة بإغتيال رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الأسبق وصدور القرار الظني الذي قد يتهم حزب الله بالضلوع في عملية الاغتيال، وهو، فيما اذا تم ، سوف يؤدي الى تطورات خطيرة على الأرض اللبنانية يعفي إسرائيل من شن عدوانها المنتظر على هذه الجبهة، وخضوع الجانب الفلسطيني ( سلطة عباس ) الى شروطها وجلبه الى مفاوضات مخادعة، بعد إسقاط كل شروط وعنتريات السلطة الفلسطينية ولجنة المتابعة العربية بدون أي ضمانات أو مرجعيات.

 

ما لم يستعيد شعب العراق سيادته ووحدته وقدراته الكفاحية وإعادة بناء دولته على أسس ديمقراطية وعصرية والعودة الى الحاضنة العربية، فإن الإحتلال باق حتى آخر قطرة نفط، وكل ما قام به هو إعادة إنتشار أو تموضع الهدف منها خداع العالم. في مقالته « خفايا الإنسحاب المزعوم «، كتب مثنى الضاري في صحيفة البصائر الصادرة عن هيئة العلماء المسلمين يقول « الاحتلال جاء إلى العراق بمخطط لتغيير خارطة المنطقة وإعادة رسم الأدوار وتغيير اللاعبين، جاء متعكزا على ظلامات ادعاها مدعون ليمهدوا لغزو العراق، فالعراق يشكل مرتكز الجهات الاربع التي ان سيطرت عليها قوة إنما تسيطر على باقي الجهات «.

===================

رؤساء أميركا.. والاعتراف بالأخطاء

أندرو باسيفيتش

(أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بوسطن)

«إم. سي. تي. إنترناشيونال»

والاتحاد الاماراتية

الرأي الاردنية

26-8-2010

في مثل هذا الصيف قبل خمسين عاماً، وعندما انشغل الأميركيون كعادتهم بالانتخابات الرئاسية المحتدمة حملتها بين جون كيندي وريتشارد نيكسون كان دوايت إيزنهاور يستعد لمغادرة البيت الأبيض متأملًا السنوات التي قضاها رئيساً للولايات المتحدة، ففيما كان يتهيأ للانسحاب من الحياة العامة وترك السلطة كان إيزنهاور يستعرض الأفكار الأساسية والخطوط العريضة التي سيتضمنها خطابه الوداعي للأميركيين، وهو الخطاب الذي أصبح مشهوراً اليوم لما تنبأ فيه من مخاطر المجمع العسكري الصناعي، وتأثيره على القرار السياسي للرؤساء الأميركيين.

واللافت أنه في الوقت الذي حذر فيه من هذا الخطر كان يخطط بالتزامن مع ذلك للإطاحة بالحكومة الكوبية، لكن المقام لم يطل بإيزنهاور في البيت الأبيض، ليمكنه من تنفيذ الخطة التي أشرف عليها فريقه الرئاسي، بل أورثه إلى خلفه الرئيس جون كيندي، الذي سمح له بسذاجة وانعدام بصيرة بالاستمرار ودخول حيز التنفيذ، مع التداعيات الخطيرة التي نعرفها جميعاً بعد اندلاع الأزمة المترتبة على التدخل الأميركي في منطقة «خليج الخنازير»، التي أخذت الأزمة اسمها، وكادت تحدث كارثة على الصعيد الدولي في أوج الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي، ومع أن كيندي تحمل لوحده المحاولة الفاشلة، التي رعتها وكالة الاستخبارات الأميركية بمساعدة الكوبيين المقيمين في أميركا على غزو كوبا، إلا أن سلفه يستحق نصيبه من اللوم للدور الذي لعبه في إذكاء فتيل الأزمة، فمن دون إيزنهاور ما كانت لتنشأ المشكلة أصلاً.

فكيف يمكن لرجل دولة مخضرم مثل إيزنهاور- يتميز بكل الحكمة والحصافة التي عرفت عنه- أن يقف وراء خطة غزو كوبا الفاشلة؟ الحقيقة أن هذا التناقض الذي نراه في كثير من الأحيان بين الحكمة وانعدامها وتعايشهما معاً في شخص واحد يمثل عاملاً متكرراً في السياسة الرئاسية الأميركية، وهو مازال مستمراً حتى يومنا هذا، فما كان صحيحاً وقتها عندما قيل إن الخطر المزعوم الذي يمثله فيديل كاسترو يلوح عريضاً في الأفق ينطبق اليوم أيضاً على موضوع أفغانستان، والسبب أن صناعة القرار في الولايات المتحدة تعتمد على مجموعة من الأوهام المنتشرة على نطاق واسع، والتي يقبلها العديد من المراقبين عن طيب خاطر، من أهم تلك الأوهام أن الرئيس، كما درجنا على الاعتقاد يعرف أشياء لا يمكن للآخرين معرفتها، أو على الأقل غير مسموح لهم بمعرفتها، لذا فإن الرؤساء مسلحون بمعرفة سرية يجهلها الآخرون كما يساعدهم مستشارون على درجة عالية من الكفاءة والمقدرة ما يؤهلهم أكثر من غيرهم على رصد الأخطار المحدقة بالأمة، والطريقة الوحيدة لمواجهة تلك الأخطار والتهديدات هي بتسليم زمام الأمور إلى المكتب البيضاوي، وتركه يتصدى لها كما يجب، وهي ثقة عمياء في السلطة غير مبررة تفرز على الأقل مشكلتين أساسيتين تتعلق الأولى بالطبيعة الإنسانية للقرارات الرئاسية، والتي ثبت على مدار الزمن احتمال وقوعها في الأخطاء، ولعل الحملة التي قادها إيزنهاور للإطاحة بفيديل كاسترو خير دليل على ذلك، والمشكلة الثانية وربما تكون الأسوأ من سابقتها هي الاعتقاد بأن الرئيس قادر على الربط بين النقاط المختلفة لقراءة الصورة الأشمل، وذلك رغم الزيف الذي ينطوي عليه هذا الزعم، فقد اعتبر إيزنهاوز وكيندي الثورة الكوبية على أنها إهانة لا تغتفر للولايات المتحدة تعرض مجمل المنظومة الغربية للخطر لذا يتعين التخلص من زعيم تلك الثورة بأسرع وقت ممكن، لكن وبعد مرور نصف قرن واستمرار الثورة الكوبية من منا يكترث لها؟ بل من الصعب اليوم معرفة لمَ كل تلك الضجة التي أثيرت حولها قبل خمسين عاماً؟

وفيما يزعم البيت الأبيض أن الرؤساء يعملون وفقاً لجهاز دقيق لتحديد المواقع يقرأ الوجهة والخرائط يجب الاعتراف أن البيت الأبيض يتخبط وسط عتمة مطلقة سواء تعلق الأمر بالرئيس ليندون جونسون وغوصه في حرب فيتنام، أو جيمي كارتر وإطلاقه العمليات السرية لوكالة الاستخبارات المركزية في أفغانستان، أو تعلق الأمر بالرئيس رونالد ريجان وإرساله القوات الأميركية إلى بيروت، أو جورج بوش الأب الذي قرر إنقاذ الجوعى الصوماليين، أو ابنه الذي غزا العراق، فهذه المغامرات جميعاً تؤكد فقط المدى الذي تفاجئ فيه الأحداث الرؤساء وتجعلهم يرتكبون الأخطاء، وبالطبع لن يجرأ أحد في البيت الأبيض على الاعتراف بزيف المزاعم حول معرفة الرئيس المطلقة، ذلك أن الحفاظ على هالة المعرفة ضرورية لتكريس وهم القوة المطلقة والتي بدورها تبرر الصلاحيات الكبيرة المسندة إلى الرئاسة في الولايات المتحدة، وما أن يُعترف بأن الرؤساء ومستشاريهم العباقرة يعتمدون في الأغلب الأعم على التخمينات وبأنهم ليسوا أذكى من جماعة الأصدقاء الذين يتداولون أمور السياسة على ناصية المقهى، فإن كل تلك الهالة المحيطة بالعاصمة وبعملية صنع القرار ستتبدد في الهواء، كما أن جميع هؤلاء الأشخاص المهمين والمنشغلين بالقضايا الحساسة، كما يروجون لذلك، سيتبخرون، وفي هذه الحالة لكم أن تتصوروا شعور الناس العاديين وصدمتهم الثقيلة؛ وفي ظل هذا الواقع المتذبذب الذي يميز أروقة صنع القرار في واشنطن واحتمالات الخطأ المتكررة تبرز أزمة أوباما في أفغانستان، فتماشياً مع الطريقة التي دأب عليها الرؤساء من قبله أدلى بمجموعة من التصريحات حول مشاكل الأفغان وتطلعاتهم وتطرق إلى مصير البلاد واحترام الأميركيين لالتزاماتهم تجاه الأفغان، كما أن الرئيس يبدو على دراية تامة بما تحتاجه أفغانستان ما جعله يبلور استراتيجيته الخاصة القائمة على كسب العقول والقلوب التي ستضمن لنا النجاح حتى تاريخ سحب القوات.

لكن الحقيقة تقول إن تلك الاستراتيجية في طريقها إلى الفشل وأنه لم يعد أمامنا الكثير من الوقت لتغيير الأمور على النحو الذي نريده، ما يطرح فرصة جديدة أمام أوباما إما الاعتراف بالواقع والإقرار بأن مصير أفغانستان ليس بأيدينا، أو اجترار المقولات نفسها عن نشر الحرية وتحميل الثمن للجنود الأميركيين الذين يواصلون دفعه بسبب عدم رغبة الرئيس في الاعتراف بأخطائه، وإذا كان إيزنهاور قد انتظر حتى عشية مغادرته للبيت الأبيض بعد قضائه ولايتين رئاسيتين للاعتراف بأخطائه في خطابه الوداعي فإن الأمل ألا ينتظر أوباما طويلا ليصارح مواطنيه.

===================

انسحاب أمريكي جزئي من العراق يخلف وضعا ملتبسا

د. بشير موسى نافع

8/26/2010

القدس العربي

ثمة حقائق لا يمكن تغافلها في مسألة الانسحاب الأمريكي من العراق؛ بينها أن الإعلان عن نهاية المهمات القتالية للقوات الأمريكية، قد جاء قبل الموعدد المحدد له مسبقاً؛ وأن أغلب القوات التي خطط لانسحابها قد انسحبت بالفعل. في نهاية هذا الشهر، سيكون الأمريكيون قد سحبوا أكثر من مائة ألف من جنود الاحتلال، ويتبقى منهم في العراق خمسون الف جندياً، يقال ان مهماتهم تتعلق بالتدريب وتقديم الخبرة والمشورة للجيش العراقي الجديد. مثل هذه السرعة في تنفيذ الاتفاقية الأمريكية -العراقية توحي بأن انسحاب القوات الأمريكية سيكتمل بالفعل في نهاية العام القادم. الحقيقة، أن ما أعلن حتى الآن بشأن الوجود الأمريكي العسكري في العراق ليس دقيقاً كلية، وأن الانسحاب الكامل والنهائي مع نهاية 2011 ليس أمراً مؤكداً، وأن الوضع العراقي الداخلي ما يزال مفتوحاً على الاحتمالات.

ليس هناك ما يدعو إلى تصديق مقولة أن متطلبات التدريب والمشورة للجيش العراقي الجديد تستدعي بقاء خمسين ألفاً من القوات الأمريكية. قوة بهذا الحجم، لا يمكن أن تفهم إلا كقوة قتالية، بغض النظر عما إن كانت ستتواجد في شوارع المدن العراقية أو في قواعد عسكرية خاصة؛ لاسيما أنها تضم آلافاً من القوات الأمريكية الخاصة. وبالرغم من الجدل الكبير والمستمر حول دور الشركات الأمنية، فليس ثمة مؤشر على أن الحكومة العراقية بصدد وضع نهاية لعمل ونشاط هذه الشركات. والحديث هنا لا يدور حول مئات قليلة من العناصر الأمنية، بل عن عشرات الآلاف، أغلبهم من العسكريين المحترفين السابقين الذين يعملون لصالح شركات أمريكية ذات علاقات وثيقة بالمؤسستين الأمريكيتين العسكرية والاستخباراتية. بكلمة أخرى، الوجود الأمريكي العسكري ذو الطابع الاحتلالي مستمر في العراق حتى إشعار آخر، بما في ذلك قدرته على العمل القتالي واسع النطاق.

والسؤال الآن يتعلق بما إن كان الانسحاب الكامل سيتحقق في نهاية العام المقبل. الجيش العراقي الجديد، كما صرح قائد أركانه، ليس ولن يكون قادراً على تحمل مسؤولياته في حماية أمن البلاد وحدودها، لا في العام المقبل، ولا خلال أقل من عشر سنوات. وما يقال بحق الجيش ينطبق على مؤسسات العراق الأمنية والاستخباراتية الأخرى. أغلب من يتفقون على هذا التقدير، يؤسسون استنتاجاتهم على تواضع مستوى تدريب الجيش العراقي الجديد، وافتقاده للسلاح النوعي والثقيل، وضعف مستوى انضباطه. وهذا الاستقراء على الأرجح صحيح وواضح، ولكن هناك ما هو أخطر. فالجيوش ليست مجرد آلاف من المسلحين المحترفين، ولكنها أدوات حكم ودولة؛ بل أن هناك من يجعل المؤسسة العسكرية القاعدة الأساسية والأصلية لمؤسسة الدولة الحديثة. بدون مفهوم واضح للحكم، وبدون دولة متماسكة ومستقرة، يصعب بناء جيش قادر. والعراق الجديد يفتقد التوافق الوطني على توجهات الحكم، ويعاني من غياب شبه كامل لمؤسسة الدولة. ما يعيشه العراق منذ بداية الاحتلال هو حالة تشظ سياسي، تتفاوت فيها وتيرة صراع وتدافع القوى السياسية بين شلل الحكم والصدام المسلح. وإن كان توفر قدر من الإجماع حول القضايا الكبرى الشرط الأولي لقيام الدولة، فلم يزل العراق بعيداً عن تحقيق الحد الأدنى من الاجماع.

مثل هذا الوضع لا بد أن يستبعد احتمال الانسحاب الأمريكي الكامل، لا في العام القادم ولا في الذي يليه. الاحتلالات لا تنتهي بدون بروز إرادة وطنية تحقق نهاية الاحتلال، وتضع تصوراً لمستقبل بديل للاحتلال، والإرادة الوطنية العراقية لم تتبلور بعد. ولكن هذا لا يعني أن العراق يمثل حالة شبيهة بألمانيا واليابان وكوريا، التي اضطرت إلى استقبال وجود عسكري أمريكي دائم بعد تعرضها للاحتلال. في الحالات الثلاث هذه أنجز بناء الدولة الجديدة وتحقق استقرار الدولة خلال سنوات قليلة بعد الاحتلال؛ وقد استمر وجود القوات الأمريكية ليس لصناعة أو حماية الدول الجديدة، بل لضمان مخطط استراتيجي واسع النطاق، تعلق بوضع أوروبا ككل ودور حلف الناتو في حالة ألمانيا، وبتوازنات القوى في شبه الجزيرة الكورية وشرق آسيا، في حالتي كوريا واليابان. والواضح في العراق أن الأمريكيين لا يعرفون على وجه اليقين ما يريدونه، لا فيما يخص مستقبل العراق، ولا فيما يخص الدور الأمريكي في غرب آسيا والشرق الأوسط. خمسون ألفاً من الجنود لن يستطيعوا إقناع القوى العراقية المتدافعة بالانصياع للإرادة الأمريكية في بلد تبلغ مساحته زهاء نصف مليون كيلومتر مربع، ولا تتمتع حدوده مع إيران وتركيا وسورية والسعودية والكويت بأي مانع طبيعي. وهذا التواجد العسكري المتواضع لن يمكنه موازنة النفوذ الإيراني، الذي عجزت عن موازنته مؤسسة الاحتلال عندما كانت في ذروة قوتها. في أحد وجوهه على الأقل، يستند النفوذ الإيراني إلى قوى سياسية عراقية وإلى تشظ طائفي وعرقي في عراق ما بعد الغزو والاحتلال.

الأمريكيون في العراق، باختصار، لا يعرفون ما يريدون من وجودهم العسكري. المشروع الأمريكي الأصلي في العراق فشل منذ 2005 - 2006، وما حاولته إدارة بوش بعد ذلك كان محاولة احتواء الفشل وتجنب الهزيمة الشعواء؛ ولم تستطع إدارة بوش وضع تصور استراتيجي بديل للمشروع الأولي الذي أسس للغزو والاحتلال. أما إدارة أوباما فلم تر العراق مشروعاً لها من البداية؛ ولكن الدول الكبرى لا تتخلى عن مواقعها في العالم بمجرد تغيير الإدارات الحاكمة. تريد إدارة أوباما البقاء في العراق، ولا تريد، تريد تعظيم المكاسب الأمريكية من حرص الطبقة العراقية السياسية على عدم قطع الحبل السري الذي ربطها بالأمريكيين، وحاجة العراق المنقسم على ذاته للراعي الأجنبي، ولكنها لا تعرف على وجه اليقين كيف يمكنها تعظيم هذه المكاسب. الوضع الملتبس لاستمرار التواجد العسكري الأمريكي، يفاقم منه التباس الأهداف السياسية الأمريكية في العراق. فمن ناحية، يعتبر الحفاظ على الاستقرار النسبي في العراق أحد أهم أهداف واشنطن، ليس فقط لمنع تحول العراق إلى بؤرة إرهاب كبرى، تهدد أمن الجوار والعالم، ولكن أيضاً للحاجة المتزايدة للقوات العسكرية في مناطق أخرى من العالم، لا تنتهي بأفغانستان. ولكن الولايات المتحدة، كما إيران وبعض دول الخليج العربية والدولة العبرية، لا تريد عراقاً قوياً، قادراً على التحول من جديد إلى مركز قوة إقليمية في المشرق.

لا يتناقض هذا الهدفان وحسب، بل ويصبان باتجاه إطالة أمد التباس الوضع العراقي وانكشافه على احتمالات سوداوية، داخلياً وخارجياً. فالتراجع في حجم القوة العسكرية الأمريكية والتشظي السياسي الداخلي والعجز عن بناء دول وطنية عراقية، تدفع أطرافاً متعددة للانخراط في سيناريوهات بالغة الخطورة على العراق وجواره. على المستوى الداخلي، ثمة تصورات طائفية عمياء، ترى أن مستقبل العراق لا يمكن تحديده بدون حسم طائفي. وتتجلى فكرة الحسم الطائفي في أحد وجوهها في استخدام القوة المجردة لإخضاع الطائفة الأخرى وقواها السياسية، وفي وجهها الآخر في تقسيم البلاد على أسس طائفية. في كلتا الحالتين، لن ينجح سيناريو الحسم الطائفي في تحقيق أهدافه، وسيدخل البلاد في دوامة جديدة من العنف الأهوج، الذي سيفاقم منه هذه المرة التدخل الفعال للقوى الإقليمية، ويجعل الوجود العسكري الأمريكي ضرورة دولية للقيام بدور الحكم، أو الشرطي الطيب. في أحسن الأحوال، سيستمر الوضع الحالي على ما هو عليه، بحيث يضمن الوجود العسكري الأمريكي بقاء النظام الحكم الحالي، القائم على مخاوف الكتل الطائفية والإثنية من بعضها البعض، وسعي كل منها للسيطرة على مقدرات الحكم والثروة، بما يغلق كل الأبواب أمام تبلور دولة وطنية، مستقرة وقادرة.

على المستوى الإقليمي، يعتبر العراق مصدر خطر كبير على أمن تركيا، بالرغم من المحاولات التركية الحثيثة لاحتواء القيادات الكردية العراقية وتقريبها، وبالرغم من كل مظاهر التعاون الأمني التركي - الأمريكي. وفي حال تصاعدت هجمات حزب العمال الكردستاني داخل تركيا، فليس من الواضح بعد كيف سيكون رد الفعل التركي في شمال العراق، وكيف سيؤثر مثل هذا الوضع على علاقات أنقرة بالقوى السياسية العراقية في بغداد. أما بالنسبة لإيران، فبالرغم من أن طهران ترى أن ما آل إليه العراق، سواء من حيث تراجع قوة العراق نفسه، أو لفشل المشروع الأمريكي، يشكل رحمة لإيران، فإن هذه الرحمة قد تنقلب في النهاية إلى نقمة. ففي حال انفجر الملف الطائفي في العراق، فلن يترك بلداً في الجوار بدون أن يمسه. ومهما كان حجم التواجد العسكري الأمريكي في العراق، فإن استمرار هذا التواجد سيشكل مصدر تهديد لإيران، تهديد استراتيجي يتعلق بتوازنات القوى، وتهديد لتماسك إيران ووحدتها الداخلية. وبالرغم من بعض التباينات، فهذا أيضاً ما ينطبق على سورية والسعودية.

انكشاف العراق على جواره هو في وجهه الآخر انكشاف للجوار على العراق. انفجار الوضع العراقي الداخلي، أو التواجد العسكري الأمريكي المديد، لن يؤدي إلى غرق العراق وإطالة الفترة الانتقالية التي يمر بها وحسب، بل وإلى إيقاع خلل متفاوت الدرجة في معايير الجوار الاستراتيجية وتماسك دوله أيضاً. وليس ثمة مخرج سهل من المعضلة التي أدخل إليها العراق والمشرق. الأمل الوحيد أن يدرك الجميع أن من المصلحة التغاضي عن المكاسب الآنية والمساعدة في إعادة بناء الدولة الوطنية في العراق. فإلى أن تجد شعوب المشرق تصوراً أكثر انفتاحاً واستقراراً لمستقبلها، ما تزال الدولة الوطنية الوسيلة الوحيدة لضمان الأمن والاستقرار، وإن بدرجة نسبية.

' كاتب وباحث عربي في التاريخ الحديث

===================

مفاوضات بشروط اسرائيلية!

د. فايز رشيد

8/26/2010

القدس العربي

وفقاً لصحيفة 'هآرتس' الإسرائيلية فإنه وقبل سنتين أجرت جامعة تل أبيب بطولة دولية في كرة السلة بمشاركة 14 دولة، كان من بينها فريق فلسطيني من المناطق المحتلة. المخابرات الإسرائيلية لم تسمح للاعبين اثنين أساسيين من الفريق الفلسطيني بالدخول إلى (إسرائيل)، الأمر الذي حدا بمدرب الفريق إلى الطلب بإلغاء المباراة، فما كان من مدرب فريق جامعة تل أبيب إلا الاقتراح بتعويض الفريق الفلسطيني بلاعبين إسرائيليين، لبسا زي الفريق الخصم ولعبا معه ضد فريق الجامعة، وهو الذي سجّل انتصاراً في نهاية المباراة.

الكاتب الإسرائيلي عكيفا الدار يرى المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، أشبه بتلك المباراة، فصحيح أن هذه المفاوضات تجري بشروط مسبقة، لكنها ليست الشروط التي طالب بها عباس، بل الشروط التي أملاها نتنياهو، فرفض تجميد البناء في شرق القدس هو شرط مسبق بالضبط مثل المطلب بتجميده. ورفض استئناف المفاوضات من المكان الذي انتهت عنده الاتصالات بين عباس وأولمرت في مؤتمر أنابوليس هو شرط مسبق لا يقل عن مطلب استئنافها من نقطة الصفر.

الكاتب الاسرائيلي يلامس الحقيقة (للأسف)، فالمفاوضات المباشرة العتيدة ستجري وفقاً لوجهة النظر الإسرائيلية، التي هي بمثابة اشتراطات تملى على الفلسطينيين. اللجنة المركزية لحزب الليكود التي جرى اجتماعها في بداية الأسبوع، التقطت بذكاء هذه القضية، وأصدرت بياناً ركّزت فيه على موقف نتنياهو من خلال القول ب 'كم كان محقاً في رفضه لمطلب الفلسطينيين وأوباما بوقف الاستيطان، فالمفاوضات المباشرة ستجري أخيراً في ظل استمرارها'.

من زاوية ثانية، فإن (أبو) الدولة الإسرائيلية ثيودور هرتزل، الذي حدد في المؤتمر الصهيوني، الذي عقد في بازل عام 1897، تاريخ قيام إسرائيل بالضبط، من خلال القول: بأنها سترى النور بعد 50 عاماً، وقد حدث ذلك بالفعل ولكن (مع تأخير لبضعة شهور). لو أن رئيس المؤتمر الصهيوني آنذاك حلم بأنه وبعد 62 عاماً من إنشائها ستجري اسرائيل مفاوضات مباشرة بينها وبين الفلسطينيين بشروط الأولى، وهي التي تتنكر لكل الحقوق الوطنية الفلسطينية، لما صدّق حلمه، فما يجري هو خارج إطار المعقول والصواب.

أيضاً فإن جابوتنسكي الأب الروحي لمناحيم بيغن ولحزب الليكود لم يكن ليتصور في حياته أمراً من هذا النوع.

لقد سعت إسرائيل ومنذ قيامها إلى الاعتراف العربي الرسمي بها. صحيح أن بعض الحكومات العربية وعلى مدى الوجود الإسرائيلي فتحت قنوات اتصال مع العدو الصهيوني، من خلال لقاءات مباشرة بين الطرفين، لكن لم يكن من حضر هذه اللقاءات من العرب ليجرؤ على الإعلان عنها أمام الجماهير العربية في مرحلة مدّها، لأن مثل هؤلاء آنذاك كان سقوطهم حتمياً بفعل شعوبهم والارادة القوية للأمة العربية من المحيط إلى الخليج. أبناء جيلنا يتذكرون زيارة الرئيس التونسي السابق بورقيبة إلى الضفة الغربية عام 1966، التي طالب فيها بالتفاوض مع إسرائيل، فما كان من الحاضرين إلاّ البدء في الهتاف ضده، وبعد ذلك قامت الجماهير العربية، وخاصة في لبنان وسورية ومصر بتنظيم مظاهرات جماهيرية عارمة تطالب بإسقاطه، وتستنكر مطالبه، وتؤكد تصميمها على تحرير فلسطين من النهر إلى البحر. جاءت هزيمة حزيران (يونيو) عام 1967 لتؤكد فشل برامج الأنظمة العربية في تلك الفترة، ووصلت المقاومة الفلسطينية إلى أوجها. أحداث كثيرة مرت بعد ذلك، لعل من أبرزها: حرب تشرين التي أرادها السادات تحريكية وليست حرباً تحريرية، وما تلاها من اتصالات مع إسرائيل، بدء التراجع الفلسطيني من خلال برنامج النقاط العشر والحل المرحلي عام 1974، الاختراق للثوابت من خلال اتفاقية كامب ديفيد، زيارة السادات إلى القدس، العدوان على لبنان عام 1982، اتفاقية أوسلو وإنشاء السلطة الفلسطينية، اتفاقية وادي عربة... ثم أخذ الرسم البياني اتجاها مستمراً في الانحدار ليصبح التفاوض مع اسرائيل يبدو وكأنه مسألة طبيعية. من غير المعقول ولا العملي ولا مراعاة الحد الأدنى من أسس التفاوض، أن تُجري حركة تحرر وطني لمطلق شعب مفاوضاتها مع العدو وفقاً لشروطه المتنكرة لحقوق شعبها كاملة، وفي ظل تخليها عن المقاومة بكافة أشكالها ووسائلها وعلى رأسها الكفاح المسلح، وفقط ترفع خيار التفاوض معه.

إن شروط العدو متصاعدة في وتيرتها، فها هو رئيس الوزراء الصهيوني وعلى الطريقة الشايلوكية يحدد شرطاً قديماً / جديداً على الفلسطينيين، وهو ضرورة اعترافهم بيهودية دولة إسرائيل، والاشتراطات وفقاً للنهم الإسرائيلي لا تتوقف عند حدود معينة.

مكاسب إسرائيل من المفاوضات المباشرة التي تم تحديد موعد بدئها: هي مكسب منعطفي في سلّم التنازلات الفلسطينية، فهي ستجري بالشروط الصهيونية أولاً، وهي تمرير للحل الإسرائيلي الهادف لتصفية القضية الفلسطينية، خاصة في ظل الانقسام السياسي (والذي إذا ما استمر سيتحول إلى جغرافي)، وفي ظل التخلي عن خيار المقاومة والتمسك بالمفاوضات خياراً وحيداً في مرحلة التحرر الوطني، وهي مقدمة لتطبيق شبيهتها التفاوضية مع العرب بعيداً عما يسمى بمبادرة السلام العربية، أي بدون شروط مسبقة، وما يعنيه ذلك من وجود شروط اسرائيلية، وهي إيحاء للمجتمع الدولي الذي وصل سابقاً إلى فهم بتعطيل إسرائيل لقيام السلام مع الفلسطينيين والعرب، بأن اسرائيل مستعدة لهذا السلام. والمفاوضات امتصاص للضغوطات الدولية التي ارتفعت وتيرتها على إسرائيل في ظل توقفها سابقا، وهي(شيك على بياض) فلسطيني لمسح الجرائم الإسرائيلية، فلن تجرؤ محكمة بعد الآن في مطلق دولة على المطالبة بتوقيف أحد القادة أو المسؤولين الإسرائيليين المتهمين باقتراف جرائم حرب، وهي إضعاف للاتجاهات الأكاديمية الدولية التي اتخذت قرارات مقاطعة الجامعات الإسرائيلية، وهي تهميش لتقرير غولدستون وللجنة التحقيق الدولية في مجزرة السفينة مرمرة، وللتحقيقات الجارية حول اغتيال المبحوح، وهي اضعاف لأصدقاء القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي، وللدول التي تتخذ مواقف صلبة في تأييد الحقوق الفلسطينية (تركيا- فنزويلا) على سبيل المثال لا الحصر، وهي رسالة إلى الإدارة الأمريكية بأن السلطة الفلسطينية قابلة ومستجيبة لممارسة الضغوطات عليها، وهي أولاً وأخيراً وقوع في الفخ الإسرائيلي.

' كاتب فلسطيني

===================

نهاية المشروع الصهيوني؟

اسامة الشريف

الدستور

26-8-2010

لعل اوقح شرط ، من بين عدة شروط وضعها بنيامين نتنياهو لانجاز تسوية مع الفلسطينيين ، هو اعترافهم بيهودية دولة اسرائيل. وقاحة الطرح لا تكمن في مضامينه ونتائجه الوخيمة على عرب اسرائيل وعلى حق اللاجئين في العودة الى ديارهم وحسب ، وانما في ابعاده السيكولوجية التي تكشف عن مركب نقص وشكوك في نجاعة المشروع الصهيوني في فلسطين بعد اكثر من قرن على اطلاقه. بعبارة اخرى فان الجلاد يحتاج الآن الى رسالة تطمين وربما صك غفران من الضحية تقر برضاها عنه وباتفاقها مع مبادئه واهدافه،

دولة لليهود: هذا هو الهدف النهائي للمشروع الصهيوني الذي ولد في خضم الاصطراع الاوروبي بعد انهيار الامبراطوريات الكبرى هناك ولم شمل القوميات الخالصة ضمن مفهوم الامة - الدولة. لكن هذا الهدف لم يتحقق حتى الآن على الرغم من قيام اسرائيل وادعائها بانها دولة ديمقراطية.

لقد اعطبت الديموغرافيا المشروع الصهيوني بانشاء دولة خالصة لليهود ضمن اطار الامة - الدولة على الرغم من ان هذا الاطار قد تبدل وتغير حتى في اوروبا نفسها. لا توجد اليوم امة - دولة خالصة ومتجانسة ، ولهذا فان المشروع الصهيوني يعد نشازا في عالم اليوم.

وقبل اسابيع توفي المؤرخ البريطاني اليهودي الاصل توني جت بعد صراع مرير مع مرض عضال لم يستسلم له حتى آخر يوم في عمره. ويعد جت احد اهم المؤرخين المعاصرين المتخصصين في التاريخ الاوروبي الحديث. كما انه احد ابرز منتقدي اسرائيل والمشروع الصهيوني من بين المثقفين اليهود.

كتب جت وحاضر حول انهيار الحلم الصهيوني وفشل مشروع بناء دولة يهودية خالصة في فلسطين. وفي عام 2003 نشر مقالا خلافيا في مجلة "نيو يورك رفيو اوف بوكس" بعنوان "اسرائيل: الخيار" ، وصف الدولة الحالية بانها عبء على يهود العالم من غير الاسرائيليين ، وسبب رئيس في ازدياد كراهية العالم لليهود والعداء المتنامي ضد اميركا.

ورأى جت ان امام اسرائيل خيارات ثلاث ، الاول ، ان تنسحب من الضفة الغربية وغزة وتقبل بحل الدولتين ، وفي هذه الحالة فانها ستبقى دولة ديمقراطية ويهودية مع وجود اقلية عربية حيوية تهدد نقاءها. والثاني هو ان تقوم بضم الاراضي المحتلة حيث سيشكل العرب حينها غالبية سكانها ، وفي هذه الحالة فان عليها ان تختار بين يهوديتها وديمقراطيتها. والخيار الثالث هو ان تحافظ على وجودها في الاراضي المحتلة لكن مع تفريغها من سكانها العرب اما بالطرد المباشر او بدفعهم الى الرحيل في ظل ظروف معيشية وحياتية صعبة. وفي هذه الحالة فان اسرائيل ستحافظ على يهوديتها مع ادعائها بانها لا تزال دولة ديمقراطية.

ويعتقد جت ان الخيار الثالث هو ما يسعى حكام اسرائيل ، يصفهم بالفاشيين ، لتحقيقه من خلال بناء المستوطنات ومصادرة الاراضي والتضييق على الفلسطينيين. ولهذا فان جت انتهى الى أن خيار حل الدولتين قد فشل وانه لا يمكن ان يتحقق على ارض الواقع. ويلقي باللوم على الولايات المتحدة التي سمحت لاسرائيل بالتمادي في خططها الاستيطانية بل ومولت هذه المخططات عبر مساعداتها غير المشروطة دون ادنى مساءلة.

لكنه يقدم خيارا رابعا وهو قيام دولة ثنائية القومية في فلسطين على حساب الدولة اليهودية التي لم يعد لها مكان ، أو حاجة ، في عالم اليوم. هذه الدولة الناشئة ستكون ديمقراطية تعددية منفتحة على جيرانها وعلى العالم باسره. ويقول جت ان اسرائيل تعد مفارقة تاريخية وزمنية في الوقت الذي لا توجد فيه دولة خالصة الاثنية في أي مكان في العالم.

يعتقد جت ان هذا الطرح هو الذي سينجح في نهاية المطاف لكنه بحاجة الى قيادة اميركية استثنائية وهو الأمر الذي لم يحدث حتى اليوم. وقبل وفاته بأسابيع سئل جت عن رأيه في التاريخ فأجاب انه يعتقد ان من يترحم على الماضي باعتباره كان افضل فانه ابله لانه يعيش فقط في الماضي ، اما الذي يعتقد بأن الحاضر افضل فهو اكثر بلاهة ، لانه لا يعرف شيئا عن الماضي،

طرح جت قد لا يبدو عمليا للكثيرين لكن الواقع يشير الى فشل ذريع ينتظر عملية السلام الحالية ومشروع الدولتين. اما شرط نتنياهو بان يعترف الفلسطينيون بيهودية اسرائيل فانه يعبر عن عجز داخلي يعصف بحاملي لواء المشروع الصهيوني.

التاريخ : 26-08-2010

===================

هل بدأت امريكا حرب الزلازل والفيضانات؟

المحامي سفيان الشوا

 الدستور

26-8-2010

الابحاث العلمية لها اول وليس لها اخر الا ان تجار الحروب ، ومصاصي الدماء في العالم كثيرون خاصة الدول الكبرى التي لا تمل من البحث عن اسلحة دمار شامل ، اقوى من القنابل الذرية والهيدروجينية ، ويبدو ان امريكا وصلت الي ذلك فقد ظهرت تقارير صحفية تؤكد ان امريكا اجرت ابحاثا مطولة ، وانها وصلت الي مرحلة متقدمة للسيطرة على العالم ، بدون حروب تقليدية. وذلك باستحداث الظواهر الطبيعية ، مثل الزلازل والاعاصير والامطار والفيضانات لقد قامت اجهزة الاعلام الغربية منذ عقدين او اكثر باغراق العالم بما اسموه (فتحة الاوزون) في الغلاف الجوي ، المحيط بالكرة الارضيه ، وزحف الخوف والهلع الي القلوب ثم جاء الاعلام الغربي نفسه بما اسموه الاحتباس الحراري. ولكن الفياضانات التي تحدث في الباكستان نتيجة هطول الامطار الغزيرة في غير وقتها. وفي الباكستان فقط ، دون ان تصيب جارتها ، الهند او افغانستان الامطار الغزيرة جدا التي سببت فيضانات الانهار واغرقت الكثير من الاراضي الزراعيه ان هذا يلفت انظار العالم ويصيبه بالذهول فالاضرار غير مسبوقة في التاريخ تدمير منازل وتهجير 20 مليون باكستاني وتهديد 4 ملايين طفل بالموت والامطار على بلد واحد فقط؟.

 

ثم تنتقل موجة الامطار الغزيرة الي السودان فقط ، دون ان تصيب احدا من جيرانه من دول حوض النيل الامطار الغزيرة تولد الفياضانات ، في نهر النيل ، فتغرق الكثير من الاراضي وعشرات القتلى والمهاجرين ، الى اخر الاضرار البشعة ، حيث تهدم البيوت والجسور وتهجر عشرات الالاف من السودانيين.

 

ثم تنتقل موجة الامطار الغزيرة ، الى موريتانيا ، فقط دون ان تصيب جيرانها فتنجم عنها الفيضانات ، التي تهدم الجسور وتقتل العشرات ، وتهجر مئات الالاف ، ويصبحون بلا مأوى.

 

ونفس الامطار الغزيرة تصيب الصين فقط ، دون غيرها من دول الجوار مثل كوريا او تايوان او اليابان فتخلف الاف القتلى ، والجرحى والمشردين ، وتجتاح الجسور والمزارع والشوارع علما بان هذه الامطار تأتي في غير موسمها وبهذه الغزارة التي ليس لها مثيل من قبل مما يثير الدهشة والاستغراب والسؤال لماذا؟.

ان هذه الفيضانات ليست مصادفة؟ وليست كوارث طبيعية؟ بل هي صناعة امريكية ، باستخدام غاز رهيب هو (غاز الكيمتريل) احدث اسلحة الدمار الشامل ، في الترسانة الامريكية (الكيمتريل) يستخدم لاستحداث الظواهر الطبيعية ، كالبرق والرعد والمطر ، والعواصف والزلازل والاعاصير ، بشكل اصطناعي ويمكنه ايضا وقف هطول الامطار واحداث الجفاف والضرر بالدول والاماكن غير المرغوب فيها امريكيا ، وربما اسرائيليا ايضا وتبدأ قصة (الكيمتريل) في التدمير الواسع ، من حقيقة انه مركبات كيماوية ، يمكن نشرها على ارتفاعات جوية محددة لاستحداث ظواهر جوية مستهدفة،. وتختلف هذه الكيماويات بحسب الغرض المطلوب فاذا كان الهدف هو الاستمطار ، اي جلب الامطار الغزيرة جدا ، فيتم استخدام خليط من (الكيمتريل) ، ليتم رشها مباشرة فوق السحب ، فيثقل وزنها ولا يستطيع الهواء حملها ، فتنخفض درجات الحرارة في الجو فتسقط امطار غزيرة في غير موسمها كما تستخدم هذه التقنية مع تغيير المركبات الكيماوية ، فتؤدي الي الجفاف والاعاصير والزلازل المدمرة. وقبل ان يسرع البعض بالاعتراض ، وتوجيه الاتهام الي التأثر بنظرية المؤامرة ، والتحامل على امريكا فاننا نذكر اعترافا مثيرا لاحد جنرالات الجيش الامريكي ، وهو الكولونيل تامزي هاوس ، ونشرت على شبكة معلومات القوات الجوية الامريكية؟ وكشف فيها النقاب ، ان الولايات المتحدة سوف تكون قادرة ، في عام 2025 على التحكم في طقس اي منطقة في العالم عن طريق تكنولوجيا عسكرية غير نووية ، يتم اطلاقها من خزانات ملحقة بالطائرات النفاثة ، مشيرا الى ان الولايات المتحدة ، تسعى لاستخدام تقنية (الكيمتريل) كجزء من ادواتها الرئيسية للحروب المستقبلية كما تضمنت المحاضرة ، اشارة الى توصية من البنتاجون ، تشير الي استخدام سلاح الجو الامريكي ، اسلحة التحكم في الطقس لاطلاق الكوارث الطبيعية الاصطناعية ، من الاعاصير والفيضانات والزلازل والجفاف والجدير بالذكر ان الاتحاد السوفيتي ، اكتشف (الكيمتريل) ، قبل امريكا ، فقد اكتشفه العالم الصربي ، البروفيسور نيقولا تيسلا ، فهو مؤسس علم الهندسة المناخية. الا انه وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، اصبح علماؤه في خطر ، فتم شراؤهم او تهجيرهم او اغراؤهم ، واكثرهم سافر الى امريكا ، وبعضهم سافر الى اسرائيل.

وعلى اي حال فان (غاز الكيمتريل) ليس شرا دائما ، فهو مفيد في الاستمطار الصناعي النظيف فقد قام السوفييت ، باسقاط الامطار الصناعيه (استمطار السحب) وذلك برش الطبقات الحاملة للسحب فوق اجزاء محددة جدا ، من الصين التي استفادت من ذلك خلال الفترة ما بين و1995 2003 حيث استمطرت السحب ، فوق 3 ملايين كيلومتر مربع وحصلت على 210 مليارات متر مكعب من الماء ، حققت مكاسب اقتصادية للصين؟ قدرت في ذلك الوقت بمبلغ 1,4 مليار دولار ، وكانت التكلفه 265 مليون دولار فقط؟ لكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، تطورت (ابحاث الكيمتريل) في واشنطن ، واصبحت له قواعد علمية وتطبيقات تؤدي الي الدمار الشامل ، يطلق عليها اسم الاسلحة الزلزالية.

وهناك تصريحات هامة جدا نشرتها (الاهرام المصرية) بتاريخ 7 يوليو 2007 وكشف خلالها الدكتور منير الحسيني ، استاذ المكافحة البيولوجية وحماية البيئه ، بجامعة القاهرة ، حقائق مثيرة في هذا الصدد ، اهمها قوله ان هناك تجارب عديدة لاستخدام تكنولوجيا جديدة ، لاطلاق الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والاعاصير والزلازل ، ضد اعداء امريكا ، وضد الارهابيين في ظل الطموح الامريكي والاسرائيلي المجنون ، للسيطرة على الكون ، فان العالم مهدد بحروب تدميرية ، ليست من خلال الغزو والاحتلال ، كما حدث في العراق وافغانستان ، وانما من خلال حروب غامضة ، ستظهر على انها كوارث طبيعية ، وتظهر امريكا على انها بريئة مما يحدث.

ترى.. هل ما نراه في الباكستان والسودان وموريتانيا والصين مقدمة لهذه الحرب؟.

يا الله ارحمنا برحمتك.

==========================

مستشار نجاد : من دون إيران ما كان بقي شيء من حقائق الإسلام.. فكيف تهزم مقابل عرب حفاة؟

وطن - متابعة اخبارية

بعد ان طلب عدد من كبار مراجع الدين وشخصيات سياسية وبرلمانية محافظة من الرئيس محمود احمدي نجاد، عزل مستشاره اسفنديار رحيم مشائي، او حمله على الصمت وعدم اطلاق التصريحات المثيرة للازمات، لاسيما تلك المرتبطة بقضايا الدين، سارع مشائي الى الرد على الجميع، رافضا التزام الصمت، قائلا «دعاني البعض الى التزام الصمت، وانا احترم مطالبات هؤلاء واعتبرها امرا واجبا لكنني ارى ان الاوجب هو الا التزم الصمت».

مدير مكتب رئيس الجمهورية والد زوجة نجل احمدي نجاد، دافع في حفل افتتاح معرض الثورة الدستورية التي حصلت في ايران مطلع القرن الماضي، عن دعوته الى الترويج ل «مدرسة ايران الفكرية» بدلا من «المدرسة الاسلامية»، التي ما زالت تتفاعل بغضب حاد في الاوساط الدينية وحتى السياسية والبرلمانية القريبة جدا من الرئيس، وقال: «يزعمون انني افتقر الى الثقافة ويجب ان التزم الصمت، اذاً تعالوا انتم المثقفون وتحدثوا».

ورغم اصراره على الخوض باستمرار في القضايا الدينية، إلا ان مشائي اعتقد ان العام الهجري الحالي هو 1435، ثم سأل الحضور عن الرقم الصحيح وجاء الجواب 1431.

من ناحية اخرى، ذكر مشائي «ان المهام العظمى لا ينوء بحملها سوى العظماء، لماذا نقلل من شأن الطاقات التي تمتلكها الامة الايرانية، ألّفوا كتابا ذكروا فيه ان عصبة من العرب الحفاة بسيوف مهشمة ولا يمتلكون حتى البغال فضلا عن جهلهم باللغة، غزوا ايران وان الامة الايرانية اعتنقت الاسلام، اي ان المؤلف سعى لان يلبس الايرانيين لباس العزة، لكن كيف يمكن القبول بهذا الكلام، كيف تنهزم امة بهذه العظمة التاريخية مقابل عصبة من العرب الحفاة الذين لم يكن لديهم ما ينتعلونه، اي امة هذه؟».

ثم وجه كلامه الى منتقدي تصريحاته الاخيرة، «نحن نعتقد اننا بحذفنا لايران سنحقق العزة للاسلام، اذا كنتم في وارد تحقيق العزة لايران فان الامة الايرانية بكل عظمتها لم تعتنق الاسلام بقوة السيف بل شغفا به، ان الايرانيين كانوا سببا في ديمومة وثبات الاسلام». وتابع: «لولا الايرانيون لما بقي من اثر للاسلام، اي اسلام ؟ الاسلام الاموي ام العباسي؟ لولا ايران لما بقي شيء من حقائق الاسلام، هذا الامر كان في مصلحة الاسلام وليس في ضرره».

ثم تساءل «هل ان الاعراب الذين هاجموا ايران قدموا للايرانيين فكر اهل البيت، اي اسلام قدموا لايران، ثم ما هو شكل الاسلام الحالي في ايران؟».

في غضون ذلك، اكد عضو الشورى المركزية للنواب الاصوليين في مجلس الشورى الاسلامي ولي اسماعيلي، ان 100 نائب، بينهم نواب متشددون مؤيديون للحكومة، وقعوا رسالة موجهة لاحمدي نجاد يدعونه فيها الى توجيه انذار لمشائي، وقال: «قبل كتابة هذه الرسالة قام وفد من تكتل التيار الاصولي في البرلمان قوامه 20 نائبا بلقاء احمدي نجاد، وطلب الوفد من الرئيس حض مستشاره على ان يلتزم جانب الحيطة في الخوض بالقضايا التخصصية، لكن اللقاء لم يكن مثمرا، اذ رأينا اخيرا كيف ان مشائي اعلن عن وجهات نظر مثيرة للحساسية في المجتمع».

واضاف: «كما سبق للجنة البرلمانية المعنية بالشؤون الثقافية ان استدعت مشائي وحذرته من اثارة المواضيع الحساسة، لكنه ليس فقط لم يستجب لذلك بل دعا الى الترويج لمدرسة ايران بدلا من مدرسة الاسلام». ورجح اسماعيلي ازدياد عدد النواب الموقعين على الرسالة التي قال انه سيتم تسليمها للرئيس اليوم.

وفي الوقت نفسه، ذكرت «وكالة مهر للانباء»، ان 16 نائبا بعثوا رسالة لاحمدي نجاد دعوه فيها الى توجيه تحذير جدي لمدير مكتبه «بسبب وروده في قضايا منافية للاعراف الدينية والثقافية والسياسية، وان يعلن توبته عن مواقفه المعلنة سابقا».

واكد رئيس اللجنة البرلمانية لشؤون الامن القومي والسياسة الخارجية علاء الدين بروجردي، «ان تصريحات ومواقف مشائي حظيت بترحيب المجموعات المناهضة للثورة في الخارج»، داعيا مستشار الرئيس الى الكف عن اطلاق مثل تلك التصريحات.

وفي الاطار نفسه، اعتبر ممثل القائد الاعلى في كاشان عضو مجلس خبراء القيادة آية الله عبد النبي نمازي، اقالة مشائي من منصبه، بانها «تمثل مطلبا جماهيريا»، وقال «في خطبة صلاة الجمعة في مدينة كاشان تحدثت في شكل مفصل في شأن مشائي، ولم اكن انوي الخوض في الموضوع نفسه مرة اخرى، لكنني اضطررت الى التطرق للموضوع مجددا في صلاة الجمعة بعد ما رأيت ان السيد احمدي نجاد انبرى للدفاع عن مستشاره وتبرير تصريحاته بمقدار نصف صفحة في صحيفة».

وانتقد نمازي دفاع احمدي نجاد المتواصل عن مشائي، لافتا الى «ان ايقاف مشائي عند حده هو مطلب جماهيري، ويجب السؤال من رئيس الجمهورية عن خفايا اصراره في الدفاع عنه»، واعرب عن اسفه «لصلاحيات مشائي الواسعة في الحكومة، واضاف: «حسب الظاهر ان مشائي ليس فقط مديرا لمكتب رئيس الجمهورية، بل يمتلك صلاحيات واسعة جدا، وانه يترأس ايضا اللجنة الثقافية للحكومة، وان الموازنة الخاصة بهذه اللجنة تحت اختياره، وان رئيس الجمهورية منحه صلاحيات واسعة».

من جانب آخر، اعلن عضو الهيئة العلمية في جامعة المصطفى العالمية في مدينة قم محسن غرويان، استعداده لاجراء مناظرة تلفزيونية مع رحيم مشائي، ردا على تصريحات اخيرة للرئيس دافع فيها عن مشائي ودعا منتقديه الى اجراء مناظرة معه.

وقال غرويان: «نأمل ان يفي الرئيس بوعده ويمهد الارضية لأجراء مناظرة مع مدير مكتبه عبر مؤسسة الاذاعة والتلفزيون، لاجل ان نشرح اسباب اعتراض العلماء ومراجع التقليد على تصريحات مشائي، ونبين لماذا واجهت التصريحات كل ردود الفعل هذه.

وفي كلام ينطوي على انتقاد لرجال الدين المتشددين الذين كانوا يعارضون الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي ويأمرون انصارهم بارتداء الاكفان والخروج الى الشوارع للاعتراض على موقف ما من قبل خاتمي او احد اعضاء حكومته، صرح غرويان «اين اولئك الذين كانوا يرتدون الاكفان؟ لماذا لا ينزلون الى الشوارع كالسابق ويعترضون على هذه المواقف المنحرفة؟ على هؤلاء الافراد الابتعاد عن المحاباة وان يعملوا بواجبهم الشرعي».

ورأى ان الفريق الحكومي لاحمدي نجاد يطمح من خلال التصريحات التي تحمل طابعا قوميا، بعد ان قارب العهد الرئاسي الثاني لنجاد على الانتهاء، الى احكام قبضته مجددا على السلطة، ويسعى للحصول على اصوات الناخبين.

=======================

إفتتاحية مجلة "المنتقى من فكر الإصلاح والتجديد والوسطية"

رئيس التحرير: الدكتور سعود المولى

فصلية- فكرية- حوارية- محكمة- تصدر في بيروت.

إفتتاحية العدد الأول- خريف 2010

ساهمت أحداث 11 أيلول والتطورات اللاحقة في دفع الأزمات الكامنة بين العالم العربي والغرب، ولا سيما الولايات المتحدة، إلى حدها الأقصى. ومن هذه الأزمات، تلك الناجمة عن سياسة "الكيل بمكيالين" التي أعتمدها الغرب منذ زمن بعيد، ومنها:

-  تطبيق قرارات الامم المتحدة في حق دول عربية وإسلامية رغم ما ألحقته وتلحقه من خسائر فادحة في صفوف المدنيين، وعدم تطبيقها عندما يتعلق الأمر بإسرائيل وإيجاد المبررات لتهربها من الخضوع للشرعية الدولية..

-  إدانة النضال الوطني المشروع في فلسطين وتصنيفه في خانة الارهاب، بينما يتم التساهل إزاء إرهاب الدولة الذي تمارسه اسرائيل.

-  مكافحة إنتشار أسلحة الدمار الشامل في الدول العربية والإسلامية، والتغاضي عن إمتلاك اسرائيل السلاح النووي، علماً أن مجلس الأمن كان قد أصدر بتاريخ 19/6/1981 قراراً رقمه 487 ينص على أن تضع اسرائيل منشآتها النووية فوراًً تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة النووية، ولم تمتثل إسرائيل.

-  رفع شعار الديموقراطية في العالم، وتأييد كثير من الأنظمة الاستبدادية خصوصاً في العالم العربي والاسلامي.

 

إن إنحياز الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة، لإسرائيل واعتماده سياسة " الكيل بمكيالين" هما في جوهر الأزمة القائمة بين العالمين العربي والغربي. وقد استفادت الاتجاهات الأصولية المتطرفة من هذه الأزمة لاكتساب شرعية شعبية في المجتمعات العربية والاسلامية ، الأمر الذي أدى الى نشوب أزمات خطيرة في عدد من الدول العربية..

هذا التقابل الحاد بين الغرب والعرب، وفي أساسه قيام دولة اسرائيل، أدى الى إعاقة التطور في العالم العربي، لكنه ليس السبب الوحيد. فهناك أزمات أخرى يتحمل العرب مسؤولياتها، منها:

 

1. الأزمة الناجمة عن العجز عن بلورة مشروع حضاري يؤمّن مصالحة المجتمعات العربية مع الذات ومع العصر. فالعالم العربي يُعاني، لكونه جزءاً من العالم الثالث، من مخاض حضاري عميق. فهو عالم يبحث عن ذاته، وعن صيغة لوجوده، وعن موقع له في عالم اليوم يستطيع من خلاله أن يكون عنصراً إيجابياً في صنع الحضارة الإنسانية، والمساهمة في تثبيت دعائم الإستقرار والسلام، إنطلاقاً من أصالة هويته وفرادة تراثه.

2. أزمة التنمية في العالم العربي الذي يشهد إنخفاضاً في إنتاجية عناصر الانتاج بمعدل سنوي يعادل 0،2 في المئة خلال الفترة 1960-1990 في حين تسارعت معدلات التنمية في مناطق أخرى من العالم، والفجوة آخذة في الاتساع. وأسباب هذه الازمة تعود في الأساس إلى تعذر إقامة أنظمة حكم ديموقراطية قائمة على حكم القانون والمشاركة الشعبية وقادرة على رسم السياسات الإنمائية وتوفير رقابة حقيقية على تنفيذها على أسس المساءلة والشفافية. ومن الأسباب الأساسية الأخرى لهذه الازمة: وجود قيود كثيرة على مشاركة النساء في الحياة العامة، وغياب التنوع في البنية الاقتصادية بسبب الإتكال على عائدات النفط الخام والغاز، وتضخّم الإستدانة الخارجية، وتفشي ظاهرة الإهدار، والاندفاع المحموم في شراء السلاح، فضلاً عن انتشار الفساد بجميع أنواعه من رشاوى وسرقات وعمولات مشبوهة.

3. أزمة الديمقراطية في العالم العربي حيث أن الأنسان لا يستطيع ممارسة حقه في توليد السلطة ومحاسبتها. ففي العالم العربي نوعان من الأنظمة: أنظمة تقليدية لا تقر للشعب بحقه في ممارسة سيادته عبر اختيار ممثليه وتكوين مؤسساته الدستورية، وأنظمة إستبدادية تصادر مجتمعاتها، فتختزلها بحزب وتختزل الحزب بشخص. وما يجمع بين النظامين التقليدي والإستبدادي، رفضهما لمبدأ تداول السلطة وحكم القانون وحق المشاركة واحترام حقوق الانسان.

ولا يجد الإنسان من سبيل للخروج من هذا الوضع سوى العودة إلى الماضي هرباً من الحاضر وخوفاً من المستقبل. ولهذه العودة إلى الماضي أشكالها المختلفة: فإما تكون عودة إلى نوع خرافي من الدين بعد أن تكون السياسة قد اختزلته، وإما تكون عودة إلى التكوينات الطائفية والإثنية التي كانت سائدة قبل قيام الدولة الوطنية.وأحياناً تكون مزيجاً من هذا وذاك حيث تحتضن القبيلة والعشيرة والطائفة شتى التكوينات الأصولية الظلامية.           

4. أزمة الحرية في العالم العربي حيث تحوّل هذا العالم إلى "سجن كبير" تعيش وتموت بين جدرانه العالية أجيال وأجيال لم يعط لها حق المشاركة في تقرير مصيرها وتحقيق ذاتها، أجيال تنظر إلى العالم فتراه في حركة دائمة يتقدم حيناً ويتراجع أحياناً، بينما الزمن، زمنها، هو زمن معلق يحرسه الخوف، الخوف من كل شيء، من الوشاية والتجسس والتنصت والأجهزة. حتى أن هذا الخوف لم يعد بحاجة إلى خارج يستند إليه، فصار خوفاً يولد نفسه بنفسه، يجعل الإنسان رقيباً على ذاته، يتولى هو بنفسه مهمة قمع كل ما من شأنه أن يعرضه إلى خطر الملاحقة. وهذه الحراسة الذاتية هي التي دفعته وتدفعه إلى التخلي عن حقه في حياة طبيعية وتعطل حسه النقدي. هكذا حكم على الإنسان العربي أن يعيش حياة كئيبة وذليلة ومملة، تنعره عقدة نقص دائمة بمجرد مقارنة وضعه مع وضع الآخرين. وتفرض هذه المقارنة نفسها عليه كل يوم، لمجرد جلوسه أمام شاشة التلفزة، فلا يجد من تفسير لوضعه سوى حجج غير مقنعة، تصّر أجهزة السلطة على تكرارها إلى ما لا نهاية، محمّلة مسؤولية مأساته إلى عدو يمتلك قدرة لا حد لها.

5. أزمة التواصل مع العالم: إن عجز العرب عن مخاطبة العالم، بما فيه من رأي عام ودول وقوى سياسية ومرجعيات دينية تدعم الحقوق العربية المشروعة، يعود الى سببين رئيسيين:

السبب الأول هو أن بعض العرب لا يزال أسير نظرة أصولية للعالم تقوم على فرزه إلى معسكري الخير والشر، أو فسطاطي نحن وهم، فيتحول الإختلاف والتنوع في هذا المنظار الى خطر دائم وداهم ينبغي مواجهته وإلغاؤه.

السبب الثاني هو أن غياب الديموقراطية وعدم إحترام حقوق الانسان وإعتماد أساليب القمع والقتل، وهي أمور تمارسها الأنظمة العربية، تحد من القدرة على التواصل مع شرائح واسعة من الرأي العام العالمي.

 

إن ما يجري في المنطقة العربية يشكل خطوة في استكمال الاجراءات الآيلة الى إرساء نظام عالمي جديد يعتمد على ليبرالية اقتصادية غير محدودة، الأمر الذي يفترض ترتيب أوضاع المنطقة سياسياً وثقافياً بشكل يمكّن منطق السوق وآلياته من التحكم في حركة الإقتصاد.

 

ما العمل؟

نعم إن العالم العربي يتمزق داخلياً بين فئات تعيش هواجس الماضي وآلامه وترفض عودته وبين فئات اخرى تعيش قلق المستقبل وأخطاره وتريد إعادة الماضي.. وعلى المستوى الإقليمي يتمزق العالم العربي بين وجود صهيوني توسعي استيطاني واحتلال أميركي ودولي يهدد الأمن القومي للمنطقة وبلدانها ولاستقرارها وازدهارها، وبين صراع عربي- عربي، وعربي- إيراني وعربي- تركي، يلقي بظلاله القاسية والمدمّرة على أمن العرب ووحدتهم كما على أمن المنطقة واستقرارها وازدهارها.والى هذه الهواجس العربية المشروعة هناك هاجس الصعود الشيعي الذي يقلق دول المنطقة حيث للشيعة وزن وإن لم يكن لهم دور في الحكم والسلطة (السعودية،الكويت،البحرين، الامارات ،واليمن مؤخراً)، وهاجس الصعود الكردي أيضاً والذي يقلق دول المنطقة حيث للأكراد وزن ولا دور (تركيا، سوريا، إيران) ..

إلا أن كل هذه الهواجس والأخطار ليست ولا يجوز أن تكون من النوع الذي يهدد استقرار وأمن وأمان المنطقة العربية-الاسلامية الشرق أوسطية وإنما ينبغي أن تكون من نوع التحديات التي يتوجب أن نعمل جميعاً وكل من موقعه على وضعها في سياقاتها الفعلية وطرحها ضمن أطرها وإيجاد حلول لها تكون واقعية وعملية ولمصلحة العرب ودول الجوار أولاً ثم لمصلحة كل العرب والمسلمين ثانياً، ناهيك عن مصالح المجتمع الدولي والسلم العالمي..

إن على العرب والمسلمين اليوم المبادرة إلى العمل على تحييد وشل الصراعات الخارجية وضرب معادلة الغلبة والاستقواء التي أضعفت العرب كما أضعفت وأضرت دول الجوار، واستشراف مستقبل العرب من خلال صياغة خلاقة لدورهم في المنطقة وعلاقاتهم بدول الجوار والأخذ بالمثال التركي في هذا المجال.إن الحرص على العلاقات الاخوية والمميزة مع الجيران وفي طليعتهم الأخوة في الإسلام (تركيا-إيران) يتطلب أن يتم توضيح جملة حقائق أولها أن بلاد العرب لم تعد مسرحاً لتضارب السياسات الدولية وإنما يتوجب أن تكون ملتقى العرب والمسلمين لصياغة دور حضاري يليق بهم في عالم اليوم.. إن المطلوب اليوم هو الدعوة الى صياغة شراكة إقليمية استراتيجية حقيقية بين الدول العربية-الإسلامية الشرق أوسطية تشمل الأمن والاقتصاد والسياحة والزراعة والصناعة والخدمات وتضمن دوراً محدداً لكل دولة وحدوداً منطقية معقولة ومقبولة ومتعاهد عليها لكل دور، دون افتئات ولا طغيان، وعلى أسس الحوار الدائم، وحل المنازعات بالوسائل السلمية، والتحكيم في النزاعات، والاحترام المتبادل لمصالح الجميع، والتعاون والتضامن على البر والتقوى ورد الإثم والعدوان، وحسن الجوار، وعدم الاعتداء، وعدم التدخل..وبإمكاننا أن أن نلعب دور المحرّض والمحفّز لإقامة شرق أوسط جديد فعلاً هو شرق أوسط الشعوب والدول العربية-الاسلامية المتعايشة لا المتحاربة، المتعاونة لا المتضاربة...شرق أوسط تتحقق فيه وبواسطة شعوبه ودوله الحرية والكرامة والعدالة والمساواة والديمقراطية والتنمية والاستقرار والإزدهار لكل العرب والمسلمين...

ومن هنا مشروعنا هذا :

إن السنوات والتجارب الماضية قد كشفت لنا عن أن الهول الذي يواجهنا عرباً ومسلمين، كما مسلمين ومسيحيين، كبير جداً، ويتناول سلامتنا الجسدية المادية، ومضموننا الثقافي والقيمي، ومصالحنا الإقتصادية، في أخص ما لها من خصائص وفي أشمل ما لها من أطر. كما يتناول دورنا في العالم، إذ يراد لنا أن نكون مجموعة من البشر تزّود العالم المتقدم إمكانات السوق وتستهلك ما ينتجه على كل الصعد، وتبقى كماً مهملا لا دور لها ولا ريادة في صنع هذه المرحلة من التاريخ.

إننا في العالمين العربي والإسلامي بما نحمل من قِيَم الإسلام، نريد أن نتواصل مع العالم ونثريه، ونتعاطى معه على قاعدة "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"... فليس موقفنا من أية صيغة للنظام العالمي موقف الرفض أو التبني، وإنما نريد أن نكون جزءاً من هذا النظام الجديد إذا كان عادلاً ونريد أن نتكامل معه على أساس المساهمة في صيغته لا على أساس التلقي والخضوع.

إن الوضع العالمي الجديد يبعث على القلق وهو يثير أسئلة قلقة حارة لا نملك أجوبة لها بعد. وعلينا أن نطرح هذه الأسئلة وأن نقترح ما ينبغي أن يكون وأن نطلق حالة حوار فكري ثقافي سياسي تتواصل مع غيرها من المؤتمرات والمنتديات العربية والإسلامية ومع حركات اليقظة والتجديد والإبداع في اجتراح الأطروحة الإسلامية المعاصرة.

 إن العالم الثالث عموما، والعالم العربي والإسلامي بالتحديد، يسير نحو أوضاع مثيرة للقلق. ولا تنفع هنا الوصفات الجاهزة من قبيل <<الإسلام هو الحل>> أو <<الدولة الإسلامية هي البديل>>. إن علينا تقديم أجوبة على التحديات التي تثيرها إشكالية بناء الدولة المدنية في عالمنا العربي والإسلامي، وإشكاليات العلاقة بين الدولة والمجتمع، وبين الأمة والوطن.

إن من همومنا أيضاً أن نبحث مع غيرنا عن الشروط الضرورية لمصالحة الأمة مع ذاتها، وعن الشروط الضرورية لبناء الدولة الجامعة المتواصلة مع مجتمعها، المتكاملة معه والمعبّرة عنه، الدولة المتوازنة غير المستبدة أو المتسلطة، ولا الغائبة أو المغيبة. إن إجتراح صيغ تنظيمية جديدة لفكر سياسي جديد، هو الطريق لنهضة حقيقية وتاريخية.

إن الحريات شرط للمعرفة وبقاء المجتمع الأهلي، وإن الديمقراطية والشورى شرط لتطور مجتمعاتنا ونهوض أمتنا وتقدم شعوبنا. إن الدولة الحديثة في العالمين العربي والإسلامي لم تنتج نموذجاً للديمقراطية الخاص بها فلجأت إلى أشكال من الديكتاتورية الظاهرية والمقنعة.

إننا ندعو إلى المهادنة والمصالحة الداخلية ووقف الاحتراب والنزيف في مجتمعاتنا العربية وذلك على قاعدتي الحوار والتعددية : الحوار الإسلامي المسيحي، والحوار الإسلامي العلماني، والحوار بين الأنظمة والقوى السياسية والجماهير الشعبية. إن هذه الدعوة قد تكون مثيرة للجدل الكبير والكثير ذلك أنها تصدم نمطاً وسياقاً في العمل السياسي والديني وفي الفكر والمناهج، حكمت أمتنا ومجتمعاتنا وحركاتنا السياسية، وكانت برأينا المسؤولة عما نحن عليه اليوم من تخلف وهزيمة ومن إنتظار وتوقع لأكبر المخاطر في المستقبل. ولقد آن الأوان لإطلاق طاقات الحوار السياسي وقبول الآخر، والسلم الأهلي، والنهضة والإنماء الإنساني الشامل، ولقبول التعددية الحزبية والسياسية، وتداول السلطة بالوسائل السلمية وعبر صناديق الاقتراع، ولتوطين الديمقراطية في حياة مجتمعاتنا وصون الحريات واحترام الحقوق والواجبات.

إن دخولنا عالم الغد باعتبارنا شركاء ومسؤولين لا عملاء وتابعين مرهون بتنظيم شروط ذلك أي أن نغيّر ما بنا ليمكننا الله من تغيير وضعنا وما حولنا.

إن الشرط الداخلي للنهضة هو نحن: وحدتنا الداخلية وسلامنا الأهلي وديموقراطيتنا وحرياتنا.

وإن الشرط الخارجي للنهضة هو التوازن والعدل في السياسة الدولية. غير إن عدم تأمين الشرط الخارجي لا ينبغي أن يؤدي بنا إلى التضحية بالشرط الداخلي.

 إن طموحنا هو المساهمة في أطروحة انخراط الأمة من خلال قياداتها كلها في مجال الفكر والمعرفة والسياسة والتنظيم لمواجهة التحديات، وإلى دمج القوى الكامنة في أمتنا عبر المصالحة والحوار الحي المفتوح بين مجموعاتنا دولاً وموارد وقوى سياسية وفئات ثقافية وإجتماعية.

 إن السياقين الكبيرين في صنع الحاضر والمستقبل منفصلان. فالقرار السياسي يعمل في سياق ومؤسسات الفكر والبحث تعمل في سياق آخر. صحيح أنه توجد مادة معرفية ولكنها لا تدخل في الآلية التي تحولها إلى طاقة. فآلياتنا تعمل من دون طاقة لأن طاقاتنا مبددة أو مخزونة أو مستغلة للآخرين. لن تستطيع المبادرة بالطبع حل هذه الإشكالات ولكن يكفي طرحها بوضوح وجرأة والحوار حولها وتعميم ذلك لتكوين حالة من المعرفة ومن التضامن تسمح بخطوات لاحقة.

 إن المطلوب طرح الأسئلة بطريقة جديدة تستعيد وتستدعي وتحمل هموم مفكري النهضة جميعاً، وبالأخص السيد جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده والشيخ محمد رشيد رضا ( مصر) والأستاذ علال الفاسي (المغرب) والأستاذ مصالي الحاج (الجزائر) والشيخ الأعظم مرتضى النصاري والميرزا محمد حسن الشيرازي والأخوند محمد كاظم الخراساني والشيخ محمد تقي الشيرازي وشيخ الشريعة الأصفهاني والميرزا محمد حسين النائيني والشيخ عبد الكريم الحائري والسيد أبو الحسن الأصفهاني والسيد هبة الله الشهرستاني والسيد محسن الحكيم (العراق) والسيد عبد الرحمن الكواكبي والسيد محسن الأمين والسيد عبد الحسين شرف الدين والأمير شكيب أرسلان (سوريا ولبنان)..وإعادة طرحها آخذين في الاعتبار ما استجد من معرفة ومن تجارب وتحولات واحتمالات مستقبلية وشؤون حياتية وعلاقات بين الأمم والشعوب، تمهيداً للإنشغال في الإجابة المفتوحة القابلة للاغتناء بكل ما يطرأ ويستجد بالعلاقة مع وقائع التاريخ ومعايشة الحاضر واستشراف المستقبل.

إن مشروع النهوض الحضاري وتياره هو مشروع لتجاوز التفكير المذهبي والطائفي الضيق الأفق، ولإعادة الاعتبار للعلم والمعرفة، للفكر والوعي النقدي، للجد والجهد والاجتهاد، للحوار وللممارسة النظيفة، للتضامن وللمشاركة، فنعيد الاعتبار بذلك للسياسة كعلم وفن، كممارسة نظرية وكفاعلية إجتماعية، لمصلحة الناس، وبواسطة الناس، أي لنعيد موضعة السياسة في سياق تجربة الحق والعدل في حياة البشر.

إن على المشروع الحضاري الجديد للنهضة أن يطل عبر هذه الإشكاليات والتحديات على رحابة الفكر الإسلامي وقدرته على الإغناء والتجديد والتطوير والإنماء. وأن يطل على ضرورة تكوين مناخ نفسي وجداني عقلي يعزز ويدعم الشخصية الحضارية السوية للفرد وللمجتمع.

 إن ثقافة الحرب والاحتراب، والفتنة والجهل، والتكفير والهجرة، قد أكلت وتأكل عقول الناس، وأفسدت وتفسد قلوب وأذواق الناشئة. وهي أفقدت مجتمعاتنا روحها السمحة وفرحها القرآني ، وسويتها المطمئنة، وإن من أولى واجباتنا إطلاق طاقات الخير والبركة والحب والتضامن، وإعادة ترميم ذاكرة العيش المشترك وثقافة الوحدة، أي إعادة بناء الشخصية الحضارية السوية للفرد وللمجتمع.

إن إعادة البناء هذه هي عملية ثقافية ضرورية تشمل اللغة السياسية اليومية والأفكار المسبقة الرائجة، والمسلمات الخاطئة، والسلوكيات الشاذة المقيمة بين ظهرانينا، والأخلاق المستوردة والمشوهة، والانبهار السطحي بالخارج، والامتلاء المغرور الفارغ، وفقدان الشخصية الواثقة الناضجة الحكمية المطمئنة. إن إعادة البناء والتأهيل هذه تمر عبر تأصيل القيم والمبادئ الدينية المشتركة والأخلاق الإنسانية العالمية.

إن فهم الواقع واستشراف آفاق المستقبل وبالتالي رسم خطة لانتقال صحي سليم باتجاه المرتجى لا يمكن أن تتم إلا من خلال الحوار كمنهج وليس فقط كشعار. ان الحوار الساعي إلى تطوير المساحات المشتركة وتعزيز التضامن حولها، بعيداً عن نزعات الاجتزاء أو المصادرة، هو منهجنا.

إن هذا المعنى يتطلب صياغة تفكير إسلامي أصيل ومجدد، منفتح ومتجذر، تطويري تضامني، يعيد إدراج الناس في التاريخ وفي صنع المستقبل.

إن التجديد هو عملية علمية فكرية دائمة ومستجدة، إنه حركة رعائية دائبة للنتاج الإنساني بين البداية والغاية تقتضي التصحيح والتصويب حيناً كما الخلق والإبداع حينا آخر، إنه حركة تتحمل مسؤولية تحويل النظرية الى إنجاز يصوغ الواقع على أسس تحفظ للشخصية توازنها ووحدتها من خلال التمسك الواعي بالجذور وتلقي الوافد بروح نقديه.

إن التجديد يرمي إلى جعل الفكر مؤسسة ثقافية كاملة تتغلغل في ثنايا الأمة لتولد تشكيلاتها وتنتج مؤسساتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتعليمية، والتي تؤمن للأمة استمرارها التاريخي المنتظم وتطورها المنسجم وشخصيتها السوية وتفاعلها المميز في حوار الحضارات! الأمر الذي يؤمن الدور والمعنى، وهو المقصود بكونها خير أمة أخرجت للناس وبأنها الأمة الوسط..

إننا ندعو إلى الإرتباط الفكري النظري، كما السياسي العملي، بمدرسة النهضة والإصلاح والتجديد والوسطية الإسلامية، من خلال إستعادة تراث رجالها الأعلام الكبار من قادة هذه المدرسة الشهداء : الإمام روح الله الخميني والشيخ مرتضى مطهري والشيخ حسين منتظري والسيد موسى الصدر والشيخ محمد مهدي شمس الدين والشيخ محمد الغزالي ، والسيد محمد باقر الصدر والسادة مهدي الحكيم ومحمد باقر الحكيم ،والأستاذ مالك بن نبي، والدكتور مهدي بازركان والدكتورعلي شريعتي والدكتور عادل حسين والدكتور عبد الوهاب المسيري والدكتور فاضل رسول... وإن فكر هؤلاء الكبار يحيا ويتجدد ويتطور من خلال مسيرة الأحياء من طلائع النهضة المعاصرة أمثال الدكتور حسن الترابي (السودان) والأستاذ راشد الغنوشي (تونس) والمستشار الدكتور طارق البشري والدكتور محمد سليم العوا (مصر) وحزب العدالة والتنمية والبديل الحضاري والأمة (المغرب) وحزب العدالة واالتنمية (تركيا) والدكتور عادل عبد المهدي (العراق) وغيرهم من أعلام النهضة والتجديد والإصلاح في لبنان وسوريا وفلسطين وكل بلاد العرب والمسلمين، الذين سنعمل على نقل إسهاماتهم الفكرية، والحوار حولها من خلال مجلتنا...

 

العدد الأول= 320 صفحة – يصدر في أول أيلول 2010

مقالات حول الدين والدولة والعلمانية والديمقراطية: محمد مهدي شمس الدين- عادل عبد المهدي- فاضل رسول- وجيه كوثراني- رضوان السيد- علي شريعتي- مالك بن نبي- عبد الوهاب المسيري- عبد الله النعيم- جيروم شاهين- توفيق الشاوي- سعد الدين العثماني- راشد الغنوشي- طارق البشري- رفيق عبد السلام- صلاح أرقه دان- غالب الشابندر... الخ...

نصوص تاريخية مستعادة:

1- كتاب الرسول لأهل المدينة

2- جمال الدين الأفغاني

3- محمد عبده

4- حسين النائيني

5- عبد الرحمن الكواكبي.

===========================

رمضان شهر تغيير العادات.. فلنجرّب

بقلم د. مأمون المبيض

(الشرق) القطرية

يقول د. مأمون مبيض استشاري الطب النفسي ومدير البحوث والدراسات بمركز التأهيل الاجتماعي "العَوين":

نعم يمكن تغيير العادات، وها هو رمضان دليل على ذلك، فلنجرّب!..

فها نحن مع إطلالة الشهر المبارك، رمضان 1431، شهر العبادات والطاعات وصلة الأرحام والتقارب بين الناس. وللصوم جوانب متعددة وكثيرة، يكتب فيها كتاب آخرون، ولكني أريد أن أشير لجانب آخر نفسي سلوكيّ.

يعيش كثير من الناس أسرى لعادات وسلوكيات، هم وضعوها كالقيود الصلبة القاسية من حولهم، وكوّنوا لأنفسهم أفكارا وانطباعات يحملونها لحماية هذه العادات والسلوكيات، فمنها مثلا أن يقول الإنسان لنفسه "إن هذا السلوك قد أصبح عادة

عندي ولا أستطيع تغييره!" ويفيد هنا أن نذكر كيف نشأت هذه "العادة" وكيف تأصلت في حياة الشخص:

سلوك لمرة واحدة.. تكرار هذا السلوك.. عادة

هل تغيير اتجاه هذه العملية ممكن؟ نعم ولكن!..

وهل لشهر رمضان أثر في هذه العملية التغييرية؟..

ينظم الصيام، أو يعيد تنظيم، برنامج حياة الإنسان، وبحيث يكون أقرب للشكل الصحيّ السليم. فالأصل أن يحرص الإنسان في رمضان وخارج رمضان على الاستيقاظ المبكر، ففي رمضان للسحور والصلاة، وخارج رمضان للصلاة من غير سحور.. ربما.

وفي رمضان تجتمع الأسرة على مائدة الإفطار، والرسالة هنا أن تلتقي هذه الأسرة على مائدة الطعام خارج رمضان أيضا.

وفي رمضان تشتد همّة الإنسان وعزيمته للكثير من العبادات وأعمال البرّ، والمعنى المقصود أن يتابع بعض هذه الأعمال خارج رمضان..

ولعل كل هذا وغيره كثير هو من المستفاد من قوله تعالى (كتب عليكم الصيام... لعلكم تتقون).

فللتقوى جوانب سلوكية منهجيّة، بالإضافة إلى الجوانب الروحية والمعنوية والإيمانية الكثيرة.

ومن الجوانب السلوكية المتعلمة في أجواء الصيام في رمضان، محاولة الإقلاع عن العادات والسلوكيات السلبية، كالإقلاع عن التدخين، أو الإدمانات الأخرى، وربما التقليل من المنبّهات كالشاي والقهوة وغيرها، أو الامتناع عن اغتياب الآخرين، أو صرف النظر عن المحرمات وما لا يليق، أو تجنب الكلام البذيء والكلمات الفاحشة، وغيرها من هذه السلوكيات.

ورمضان فرصة مناسبة وطبيعية للمساعدة على تغيير بعض هذه السلوكيات، التي ربما أصبحت عادات. فالصيام في رمضان دورة تدريبية لكل هذه التغيّيرات.

وهل الأمر بالسهل؟ يقول جلال الدين الرومي في مثنوياته، مشيراً لصعوبات تغيير النفس:

"فكسر الصنم أمرٌ يسيرٌ بالغ اليسر، وأما استسهال السيطرة على النفس، فجهل وأيّ جهل"!..

فتغيير النفس البشرية، وتغيير عاداتها ليس بالأمر السهل، إلا أنه من الممكن، حيث نراه ونلحظه عند الكثير من الناس في كل عام، فكم منهم من اهتدى في رمضان، وكم منهم من تاب في رمضان، وكم منهم من توقف عن التدخين في رمضان، وكم منهم من غيّر بعض عاداته وسلوكياته في رمضان، وكم منهم من استطاع إصلاح ذات البين..

إنّ تغيير العادات والسلوكيات قد أصبح في وقتنا هذا علما وفنا، وله تخصصاته المختلفة، وله مهاراته وأدواته المهنيّة، نسميها أحيانا "معالجة" وأحيانا "تغيير السلوك"، ونحن في مركز التأهيل الاجتماعي "العَوين" من العَون والمساعدة، نقدم مثل هذه المعالجات وتغيير السلوك السلبي.

لقد أصبحنا ندرك الآن، ومن خلال التعرف على سنن النفس والمجتمع، أن مراحل تغيير العادات والسلوكيات السلبية يمرّ بالعديد من المراحل منها:

1- عدم شعور الشخص بالمشكلة، فالأمر عنده "عادي"

2- بداية الإحساس بأن هناك ربما "مشكلة" ولكنه "غير متأكد"!

3- يبدأ يعتقد بوجود المشكلة، ولكن لا يدري ماذا عليه أن يفعل؟

4- يبدأ يفكر باحتمالات ما يمكنه القيام به.

5- يفكر في عمل محدد للقيام به.

6- يعزم على القيام بهذا العمل.

7- يخطط له.

8- ينفذه..

9- يستمرّ بهذا العمل.

10- يقوم بالأمور الأخرى الإضافية التي تساعده على الاستمرار (مرحلة مهمة)

وهنا احتمالان، وكلاهما من اختياره هو، فإما الاستمرار بالعمل المطلوب والتخلص من "العادة"، أو النكوص والعودة للعادة القديمة.

والأمر أولا وأخيرا في يد الإنسان وتحت سيطرته، (إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم).

ولكن الأمر يتطلب جهدا وعملا، إن قام به وصل (والذين جاهدوا فينا لنَهدينَّهم سُبُلَنا).

ووسائل المساعدة والعون متوافرة، وما علينا إلا أن نسأل عنها، ونحسن الاستفادة منها، وهذا هو رمضان خير عون، وخير مساعد (... لعلكم تتقون).

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ