ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 31/07/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

J

الفساد والإرهاب: وجهان لجرم واحد

د. إدريس لكريني

7/30/2010

القدس العربي

إذا كان الإرهاب هو استعمال منظّم للعنف بشتى مظاهره المادية والمعنوية بصورة فردية أو جماعية وبشكل يثير الرّعب والخوف ويخلّف خسائر جسيمة في الفئات والمنشآت والآليات المستهدفة؛ بغية تحقيق أهداف سياسية أو شخصية بصورة تتنافى مع مبدأ حق تقرير المصير وقواعد القانون الداخلي والدولي.

فإن الفساد في شكله المالي أو الإداري يرتبط أساسا بسوء استعمال السلطة وتوظيفها في خدمة المصالح الخاصة الضيقة بصورة تتناقض مع القوانين الجاري العمل بها؛ وتفرز تكاليف سيئة تطال الدولة والمجتمع.

فالفساد الإداري يقوم على تسخير السلطة لخدمة أهداف شخصية؛ فيما نجد الفساد المالي يشجع الإثراء بلا سبب؛ بصورة تسهم في تدمير الأسس الاقتصادية للدولة وتهدد قيام المشاريع الاقتصادية والاجتماعية.. وتكرّس سلوكات تعكس الاستهتار بالقوانين وتقضي على مظاهر الشفافية والمنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص. وينطوي الفساد بشكل عام على مجموعة من الدلالات والمفاهيم؛ وكما يهمّ الأفراد فهو يعني الدولة بمختلف مؤسساتها أيضا؛ وهو يتنوع بين شكله السياسي وما يرتبط به من خيانة وخداع وتزوير لإرادة الجماهير.. وبين مظهره الإداري وما يتعلق به من استغلال السلط المخولة بشكل غير مشروع في تحقيق مصالح شخصية مختلفة.. وبين تجلياته المالية المرتبطة بالسطو على المال العام والاغتناء غير المشروع.

كما تتنوع أشكال هذه الآفة أيضا بين فساد محلي يصيب مؤسسات الدولة وغالبا ما تنحصر تداعياته داخليا؛ وفساد دولي يتجاوز من حيث أسبابه وانعكاساته حدود الدولة الواحدة؛ وبين فساد صغير يرتكبه بعض صغار موظّفي الدولة أو عمال في مؤسسات خاصة بشكل فردي في علاقته بالارتشاء والمحسوبية.. وفساد كبير يتورط فيه كبار موظفي الدولة أو مسؤولي المؤسسات الخاصّة؛ وغالبا ما تكون تكلفته باهظة لارتباطه بسوء استعمال السلطة وهدر للأموال.

وينطوي الفساد على مجموعة من الأسباب والخلفيات؛ التي تتنوع بين أسباب سياسية في علاقتها بعدم فعالية المؤسسات السياسية وضعف هامش الحريات؛ وغياب الشّفافية وتكافؤ الفرص بين المواطنين.. وأسباب اقتصادية مرتبطة بهشاشة الأوضاع الاقتصادية وعدم قيامها على أسس المنافسة والشفافية وتكافؤ الفرص.. واجتماعية مرتبطة بغلاء الأسعار وانتشار البطالة وبالاضطرابات الداخلية؛ وسيادة ثقافة الفساد وأسبقية المصلحة الشخصية على العامة؛ والاستهتار بالقوانين ووجود التباس في مفهوم المواطنة.. وأسباب قانونية وإدارية مرتبطة بضعف الرقابة على المال العام؛ والتعقيدات الإدارية؛ وضعف القوانين وعدم مسايرتها للتطورات الاقتصادية والاجتماعية وعدم استقلالية القضاء وعدم تطوير دخل وكفاءات العنصر البشري داخل مختلف الإدارات.

إن تكلفة وخطورة الفساد تكاد تتجاوز في بعض الأحيان تكلفة 'الإرهاب' من حيث تداعياتها على الحاضر والمستقبل واستمرارها؛ ويزداد الفساد خطورة عندما تتورط فيه أجهزة الدولة ليتخذ طابعا مؤسساتيا؛ ويخدم أطرافها.

فتكلفته كارثيّة بكل المقاييس على الاقتصاد والمجتمع من حيث حرمان خزينة الدولة من مجموعة من الموارد بسبب التهرّب الضريبي؛ ونهب الأموال العامة وإهدارها في أغراض شخصية؛ وتهريبها نحو الخارج عوض توجيهها نحو مشاريع تنموية اجتماعية حيوية في مجالات الصحة والتعليم والسكن والبنيات الأساسية.. بما يقتل روح المبادرة والاجتهاد؛ ويعرقل تحقّق التنمية بكل مظاهرها وأشكالها؛ ويفرز مظاهر من التهميش والفقر؛ ويسهم في هروب الرّساميل الأجنبية وإضعاف الاستثمارات المحلية والخارجية؛ نتيجة لعدم نهج الشفافية اللازمة في طرح الصفقات العمومية للخواص.

وعلى المستوى السياسي؛ ينخر الفساد جسم الدولة ويكرّس روح الانتقام داخل المجتمع وثقافة عدم الثّقة في القوانين والمؤسسات السياسية للدولة، بالشكل الذي يؤثر بالسلب على أمن واستقرار الدولة والمجتمع؛ ويعرقل أي تغيير أو إصلاح حقيقي على طريق بناء دولة الحق والقانون وتحقيق الديمقراطية.

وهو ما يجعل منه عاملا أساسيا في مصادرة الحقوق والحريات الفردية والجماعية وتقويض كيان الدولة والمجتمع وزرع البلبلة وعدم الاستقرار. 'ويصبح الفساد أكثر سوءا وخطورة عندما يصيب جهازي القضاء والأمن ليتحولا من ذلك 'الملاذ' الذي يفترض فيه حماية الحقوق والحريات وفرض احترام القانون؛ إلى آلية لحماية الفساد ولجعل 'المفسدين' في مأمن ضد أية مساءلة أو عقاب كيفما كانت الجرائم والمخالفات المرتكبة.

وتزداد خطورته أكثر عندما ينتقل إلى بعض المؤسسات التي يفترض أن تقاومه من قبيل الأحزاب السياسية والبرلمان وبعض فعاليات المجتمع المدني ووسائل الإعلام بمختلف وسائطها؛ عندما تصبح جزءا من الفساد وفي خدمته ووسيلة للتغطية والتمويه عليه. قد يتساءل البعض عن طبيعة العـــــلاقة التي تربط الفساد بالإرهاب؛ والحقيقة أن العلاقة وطيدة ومتلازمة بيــــنهما؛ فهـــما وجهان لجرم واحد من حيث الاعتداء على حقوق وحريات الأفراد بكل تجلياتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافـــية. ومن حيث مخاطرهما على الدولة والمجتمع؛ فهما معا يهدّدان استـــقرار الدولة والمجتمع ولهما تكلفتهما الـــسلبية على الديمقراطــــية والتنمية.

غالبا ما يتغذى الإرهاب على الفساد بكل أشكاله وتجليّاته؛ فالعمليات الإرهابية تموّل في كثير من الأحيان من أموال مصدرها التهريب والنّهب؛ على اعتبار تماهي مصالح 'المفسدين' و'الإرهابيين' التي تفرض في كثير من الأحوال قيام تحالفات بينهما.

إن الفساد والإرهاب يشتركان معا في كونهما يشكلان معا خرقا لكل القوانين والضوابط الدينية والأخلاقية؛ فالذي يفكر في السّرقة لا بدّ وأنه يفكّر في الترهيب والقتل والاعتداء في كثير من الأحيان؛ ولذلك كثيرا ما تتماهي مصالح المفسدين والضالعين في 'الإرهاب' بمنطق نهج جميع الوسائل التي تؤدي إلى تحقيق الهدف المنشود الذي هو المصالح الشخصية الضيّقة.

فهما يقوّضان معا حقوق الأفراد والجماعات؛ ويعبّران عن الاستهتار بالقوانين والقيم المجتمعية؛ ويحرضان على العنف والانتقام ويكرّسان ثقافة الحذر والارتياب بين مختلف أفراد المجتمع من جهة؛ وبينهم وبين الدولة من جهة أخرى..

وتبرز الكثير من الوقائع الميدانية في عدد من البلدان كيف تحول الفساد إلى 'إرهاب' حقيقي؛ عندما اقتضت المصلحة الخاصة للمفسدين ذلك.

فمن منطلق المصلحة الخاصة التي يسعى إلى تحقيقها 'المفسدون' و'الإرهابيون'؛ فمن الطبيعي أن نجد تعاونا وتنسيقا بين الفساد والإرهاب؛ فقد تحدثت الكثير من التقارير عن وجود تنسيق بين مهرّبين وحركات 'إرهابية' في منطقة الساحل الافريقي؛ كما أن التساهل مع مرور البضائع المهربة من الحدود يتيح إمكانية مرور الأسلحة أحيانا؛ كما أن عدم الصرامة مع تداول المخدرات يمكن أن يسمح بتداول منتجات غذائية أو أدوية مسمومة أو منتهية الصلاحية أو التساهل مع بناء مساكن ومبان مغشوشة.. بما يهدد أمن وسلامة وصحة المواطنين.

ولذلك فإن التسامح مع التهريب والفساد؛ يمكن أن يشكّل في بعض الأحيان تسامحا مع 'الإرهاب' نفسه؛ وخاصة مع وجود إمكانية توظيف أموال التهريب أو الفساد في أنشطة إرهابية أو تنكّر الإرهابيين أنفسهم في صفة مهرّبين.

إن الصّرامة القانونية والقضائية والأمنية والاجتماعية، التي يواجه بها 'الإرهاب' في كثير من الدول النامية والتي تصل إلى حد الالتفاف على المكتسبات الحقوقية واستصدار قوانين استثنائية؛'لا تقابلها نفس الحماسة والفعالية على مستوى محاربة الفساد بكل أشكاله..

ويبدو أن الأمر طبيعي إذا استحضرنا كون العديد من الأنظمة تفضّل التعايش مع هذه الظاهرة؛ على اعتبار أن الأمر يسهم في إفساد عدد من 'النخب' بمختلف أنواعها؛ ويفرغ مشاريعها المجتمعية والسياسية من قيمتها وأهميتها؛ ويسمح لهذه الأنظمة بتأبيد سيطرتها وهيمنتها؛ بل إن الكثير من الأنظمة تفضل التعامل مع الأمر بنوع من اللامبالاة على اعتبار أن هذه الأنظمة لا يمكن أن تستمر في أجواء الشفافية وسيادة القانون.

ومن جهة أخرى؛ أبرز الكثير من الأحداث أن مكافحة 'الإرهاب' شكّلت مناسبة جيّدة لكثير من الأنظمة للتضييق على حقوق الإنسان ومصادرة الحريات وتجميد الإصلاحات السياسية وتصفية الحسابات مع الخصوم والمعارضين السياسيين.

وعلى الصعيد الدولي ورغم وجود اتفاقيات دولية مرتبطة بمكافحة الظاهرتين معا؛ يلاحظ أن الضغوطات الدولية في صورتها الانفرادية أو الجماعية تبدو جدّ صارمة بدورها؛ باتجاه فرض مكافحة 'الإرهاب' الدولي الذي يهدّد مصالحها؛ مقارنة مع مواجهة الفساد التي لم تنل نفس الاهتمام طالما أن تداعياته لا تهدّد المصالح الحيوية لهذه الدول.

' أستاذ الحياة السياسية والعلاقات الدولية في كلية الحقوق بمراكش

==================

حكمة النفاق الأمريكية: لكلّ نزاع مقام و... مكيال

صبحي حديدي

7/30/2010

القدس العربي

في أعقاب الإجتياح العراقي للكويت، وعشية بدء القوّات الأمريكية في الإعداد لعملية 'درع الصحراء' التي ستسبق العملية الأمّ 'عاصفة الصحراء'، كتب المفكّر الأمريكي الكبير نوام شومسكي مقالة حول نفاق سياسات الولايات المتحدة تجاه مفهوم الإجتياح العسكري للجوار، والكيل بمكاييل شتى لا يحكمها ناظم قانوني، أو أخلاقي، سوى ترجيح كتلة مصالح على كتلة أخرى. ولقد قارن شومسكي بين الموقف الأمريكي من احتلال العراق للكويت، والموقف الأمريكي من احتلال اندونيسيا لأراضي تيمور الشرقية سنة 1975: في المثال الأوّل هبّت القوّة الكونية الأعظم للدفاع عن سيادة الكويت، وحشدت الجيوش والحلفاء وأشباه الحلفاء، قبل حشد مجلس الأمن الدولي؛ وفي المثال الثاني كانت القوّة الأعظم ذاتها (وبإشراف من أبرز نطاسيي سياستها الخارجية: هنري كيسنجر، دون سواه) قد أغمضت العين والأذن عن الإحتلال من جهة، كما ألزمت المواطن الأمريكي، دافع الضرائب، بسداد كلفة الإحتلال الاندونيسي من جهة ثانية.

والرجل في الواقع كان قد جعل قضية تيمور الشرقية مثالاً دائماً على السياسة الأمريكية، العتيقة، في اعتماد حلول متباينة للمعضلات المتشابهة المتطابقة؛ وموقف 'الحضارة الغربية' من أقدار المستعمرات السابقة، التي مُنحت ذلك النوع العجيب من 'استقلال وطني' استبدل هويّة المستعمر، دون أن يبدّل طبيعة الإستعمار. كذلك كانت تيمور الشرقية مثال شومسكي على 'لعبة الأمم' المكرورة ذاتها: ثمة أهمية استراتيجية ـ عسكرية واحدة تتمتّع بها هذه الجزيرة الصغيرة (هي أنها ممرّ عميق المياه، يسمح للغواصات النووية بالرسوّ على مسافة قريبة)؛ ولكنها أهمية فائقة بالنسبة إلى بلد مثل أستراليا. وثمة، أيضاً، ذلك 'الدلال' الخاص الذي حظي به جنرالات أندونيسيا من جانب الولايات المتحدة والغرب إجمالاً، فلم يتمثّل في السكوت عن الإحتلال الإندونيسي لتيمور الشرقية فحسب، بل اتخذ صفة الاعتراف الرسمي بإلحاق هذه الجزيرة أيضاً.

غير أنّ نفاق عقود الحرب الباردة تواصل هنا وهناك في العالم، بعد أن وضعت تلك الحرب أوزارها، وكانت تدور على مستوى المخيّلة وحدها في واقع الأمر. وهكذا، بات في وسع المرء أن يتابع النفاق الغربي تجاه ما جرى في تيمور الشرقية، وكأنه لا يتابع أيّ جديد. أو كأنّ الإستفتاء الذي نظمته الأمم المتحدة، وأسفر عن رغبة 87.5 بالمئة من أبناء تيمور الشرقية في الإستقلال عن أندونيسيا، لم يكن أكثر من رياضة عابرة مارستها المنظمة الدولية ذات نهار، لكي يحلّ النهار التالي فتحوّلها الميليشيات الإندونيسية المدعومة من الجيش الإندونيسي إلى باطل وقبض الريح.

ولكي لا ينقطع ماضي تلك السياسة الأمريكية عن حاضرها الراهن، وتمتلك الإنسانية برهاناً جديداً على أنّ النفاق الأمريكي أزل لا يزول، بادرت إدارة الرئيس باراك أوباما إلى اتخاذ خطوة تجاه عسكر اندونيسيا، كانت مفاجئة صاعقة بقدر ما هي وقحة بغيضة، لم يتجاسر الرئيس السابق جورج بوش الابن على اتخاذها، رغم أنّ لعاب الكثيرين من مستشاريه الصقور والمحافظين الجدد بخاصة، سال شهوة إليها. فقد أعلن وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس، في أعقاب لقاء مع الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانغ يدويونو، في جاكرتا، استئناف تدريب وتسليح 'قيادة الوحدات الخاصة'، المعروفة بالاسم الرهيب Kopaus. وهذا قرار يكسر حظراً أمريكياً دام 12 سنة، وفُرض استناداً إلى 'قانون ليهي'، نسبة إلى عضو الكونغرس باتريك ليهي، الذي يحظر تسليح أو تدريب وحدات عسكرية أجنبية تنتهك حقوق الإنسان (وهو القانون الذي جعل إدارة بوش تتردّد، ثم تمتنع، عن إعادة تدريب الـ Kopaus).

وكانت هذه الوحدات الخاصة قد تأسست سنة 1952 لتكون جيشاً خاصاً داخل الجيش، يتولى مهامّ التدخل المباشر في العمليات العسكرية غير التقليدية، وأعمال قمع العصيان والتظاهر، ومحاربة الإرهاب، وجمع المعلومات الإستخبارية، فضلاً عن 'المهام المستورة' القذرة، مثل الإعتقال والتحقيق والتعذيب والتصفيات الجسدية. وسجلّ الـ Kopaus ليس حافلاً بانتهاك مختلف تصانيف حقوق الإنسان في إندونيسيا فحسب، بل لا يكاد أيّ انتهاك شائن للحرّيات والحقوق يخلو من بصمات تلك الوحدات. هذا فضلاً عن دورها في قمع أعمال التمرّد أواخر الخمسينيات، والحملة العسكرية ضدّ غينيا الجديدة سنة 1960، والمواجهة مع ماليزيا خلال سنوات 1962ـ1966، وتنفيذ مذابح الشيوعيين سنة 1965، وغزو تيمور الشرقية سنة 1975... وما يضيف بُعداً بالغ الخطورة على خطوة إدارة أوباما هو حقيقة أنّ استئناف تدريب وحدات الـ Kopaus يشكّل انحيازاً صريحاً إلى صفّ العسكر، على حساب المدنيين والسياسة عموماً، في معركة قديمة متجددة لا تخمد نيرانها حتى تستعر من جديد. وكانت تلك المعركة قد تبلورت، واتخذت وجهة عملية وعملياتية، منذ اصطفاف الرئيس الأسبق يوسف حبيبي مع الجنرال ويرانتو ضدّ غالبية أحزاب المعارضة والمجتمع المدني. ولم يفلح انتخاب الرئيس عبد الرحمن واحد، وعزل ويرانتي نفسه وتقديمه إلى المحاكمة بتهم إساءة استخدام السلطة وانتهاك حقوق الإنسان والفساد، في تقريب الهوّة بين العسكر والمدنيين، فهي في حال متفاقمة تشهد عليها سلسلة المآزق الراهنة التي يواجهها الرئيس الحالي. وكان البرلمان الإندونيسي قد صوّت على إحالة نائب الرئيس ووزيرة المالية ومسؤولين آخرين إلى القضاء، في قضية إنقاذ مصرف 'سنتشري' من الإنهيار عن طريق استخدام الأموال العامة، بمعرفة الرئيس وموافقته. وفي سابقة تصلح للقياس، كان البرلمان الإندونيسي قد أقال الرئيس واحد لتورّطه في فضيحة 'بلوك غيت'، لمخالفة مالية بقيمة مائة مليون روبية، في حين أنّ مخالفة مصرف 'سنتشري' تبلغ 6.5 مليار روبية (قرابة 725 مليون دولار أمريكي).

والشقاق بين المدنيين والعسكر يدور حول السياسة والاقتصاد والمجتمع، وحول هوية إندونيسيا بعد الرئيس الأسبق سوهارتو، وكان محض تفصيل طبيعي أن يجد الكثير من تعبيراته في موقف العسكر الرافض لإنهاء نحو ثلاثة عقود من الإحتلال الإندونيسي لتيمور الشرقية. كذلك حرص العسكر على ضرب تيمور الشرقية أمثولة قصوى لكلّ مَن تسوّل له نفسه أمر الخروج عن الإتحاد الإندونيسي المقدّس، إذْ من المعروف أنّ البلاد تتألف من 13 ألف جزيرة، وتقوم بنيتها على فسيفساء معقدة (اجتماعية واقتصادية وإثنية ومذهبية ولسانية) لأكثر من 230 مليون نسمة، كان سوهارتو قد أحسن ضبطها بوسيلة القمع والإنضباط العسكري تحديداً. وليس خافياً على أحد أن هذه الأمّة ـ الأرخبيل، كما يحلو لبعض المراقبين الغربيين وصف البلاد، عانت وتعاني من هيمنة الأقلية الجاوية التي ساندها سوهارتو وأدام سلطتها طيلة 32 سنة من الدكتاتورية العسكرية.

من جانبها، لا تبدو أحزاب المعارضة الإندونيسية وكأنها تملك إجابات بديلة عن بعض الأسئلة الحاسمة، بينها هذه على سبيل المثال:

1 ـ نجاح سوهارتو في فرض 'النظام' و'الإنضباط' و'الإستقرار' بقوّة السلاح، كان قد اقترن بتحقيق نجاحات كبرى في حقل الاقتصاد وتوطيد الوحدة الوطنية على وجه الخصوص، فبِمَ ستضحي المعارضة: بالاقتصاد، الذي ظلّ مزدهراً ويمكن أن ينهض من كبوته؛ أم بالديمقراطية الغائبة، التي قد تولد هشّة قعيدة؟ بالوحدة الوطنية، ضمن أعراف 'الضبط' و'الإنضباط الذاتي' التي سنّتها الدكتاتورية السوهارتوية؛ أم بمرونة فيديرالية في فكّ الخناق عن الثقافات والإثنيات، وهذه قد لا تغيب عنها كوابيس البلقنة في مثالها اليوغوسلافي الأقرب؟

2 ـ هل ستفلح المعارضة في تقديم، وترقية، رئيس مدني يكون بديلاً عن رجل حكم إندونيسيا طيلة فترة تفوق نصف عمر تأسيس الأمة الإندونيسية نفسها؟ ومَنْ سيتمكن من الحلول محلّ 'الأب الرائي' و'الأب المعلّم' و'الأب المخلّص'، كما كان يُلقّب سوهارتو؟ هل ترى المعارضة بديلاً ديمقراطياً للصيغة الدستورية ذاتها، التي تحكم العمل السياسي في البلاد؟ وهل تملك بديلاً عن عقيدة 'البانكاسيلا' الخماسية، التي أصرّ سوهارتو على التذكير بها حتى ساعة خطبة الوداع؟ هل توافق على أن نظام انتخابات 'مجلس الشعب' هو نظام قانوني وديمقراطي بالفعل؟ وهل ترى أن المجلس يمثّل الشعب في الأساس؟

3 ـ كيف ستكون موازين القوى القادمة بين المؤسسات المدنية والجيش أولاً، ثم بين قطعات الجيش العامة النظامية والوحدات الخاصة التي تظلّ جيشاً داخل الجيش؟ وكيف ستنضوي مختلف الوحدات العسكرية في الثكنات، وقد تربّت قياداتها على ثلاثة عقود ونيف من التنعّم بالمزايا الخاصة؟ وهل سيفلح اختراق الـ'بنتاغون' لهذه القيادات، في المستويات اللوجستية والتدريبية مثل تلك العقائدية والثقافية، في 'تحييد' الضباط ضمن سيرورة الإصلاح الحتمية القادمة؟

4 ـ وأخيراً، لماذا وحتامَ تسكت فصائل المعارضة عن الإستعمار الإندونيسي الإستيطاني لجزر تيمور الشرقية، بل ولا تتورّع بعض فصائلها عن امتداح فضائله؟ لماذا انقلب الموقف من شعب تيمور الشرقية إلى أنبوب الاختبار الأول الذي مكّن الجيش من استنباط 'كيمياء' قوموية شوفينية، تذهب بتسعة أعشار الروحية التعددية التي يتوجّب أن تتوفّر في إندونيسيا الجديدة؟

اليوم يبدو السؤال الرابع وكأنه بؤرة تجمع الأسئلة الثلاثة السابقة، فالجيش الأندونيسي لم يتوقف عن استنباط تلك الكيمياء القوموية الشوفينية بالذات، وجنرالات الجيش هم الذين أشرفوا على تشكيل ميليشيات موالية لإندونيسيا في تيمور الشرقية، لم يكن يُعرف لها أيّ وجود قبل بدء الأمم المتحدة في تنظيم الإستفتاء على الإستقلال. كذلك أشرف الجيش على تسليح تلك الميليشيات، وتدريبها، ونشرها في العاصمة التيمورية ديلي، على نحو لوجستي يسمح بممارسة الضغط المادّي على التيموريين، والضغط الأدبي والإعلامي على المنظمات الدولية وممثّلي وسائل الإعلام العالمية. والأرجح أنّ هدف الجيش من تخطيط كهذا كان، ويظلّ، توجيه رسالة إلى القوميات الأخرى التي انتظرت نتائج استفتاء تيمور الشرقية قبل ابتداء أيّة خطوة ملموسة على طريق المطالبة بحقوق مماثلة.

وقبل عقد من الزمان كانت إدارة أمريكية ديمقراطية أخرى، سيّدها الرئيس الأسبق بيل كلنتون، هي التي اختارت الإنحياز إلى العسكر في معظم الملفات التي تخصّ ماضي، وحاضر، ومستقبل إندونيسيا، فاستمعنا إلى مستشار الأمن القومي ساندي بيرغر يقول التالي، في تمييز إندونيسيا عن سواها: 'إنها رابع أكبر دولة في العالم. وهي تمرّ في مرحلة انتقال سياسي واقتصادي هشّ ولكنه هائل الأهمية. والولايات المتحدة تدعم بقوّة ذلك الإنتقال. وحلّ هذه الأزمة لا يهمّ تيمور الشرقية وحدها، بل يهمّ إندونيسيا بأسرها'. وكان تشخيص بيرغر يستبطن الرسالة التالية: ما يجري في تيمور الشرقية من تنكيل بالتيموريين مسألة تتصل مباشرة بالصراعات السياسية الداخلية في إندونيسيا، قبل أن تكون مسألة ذات صلة بحكاية حقّ التيموريين في تقرير المصير.

فماذا عن حقّ وحدات الـ Kopaus بالتمتع، مجدداً، بالعتاد والتدريبات الأمريكية، على نقيض من رغبة المجتمع المدني الإندونيسي في غالبيته، وضمن استهتار فاضح بعشرات الملفات التي تعجّ بها أدراج منظمات حقوق الإنسان ضدّ تلك الوحدات، وكبار ضباطها؟ لا جديد تحت الشمس، كما سيردّد شومسكي، الذي شبّ واكتهل وشاب على حكمة كبرى في نفاق السياسات الأمريكية: لكلّ نزاع مقام، ولكلّ مقام... مكيال!

' كاتب وباحث سوري يقيم في باريس

==================

هل يبيّض كاميرون وجه بريطانيا؟

راكان المجالي

7/30/2010

الدستور

قصد رئيس الوزراء البريطاني ان يبيع لتركيا موقفا بريطانيا مميزا من حصار غزة ، واصفا ما يتعرض له القطاع بانه اشبه بمعسكرات الاعتقال وان القطاع تحول الى سجن كبير. وطالب كاميرون بوضوح بانهاء الحصار فورا عن قطاع غزة وبلا اي تأخير والسماح بمرور البضائع والبشر في الاتجاهين من دون عوائق.

 

وقد قصد كاميرون ان يعلن في تركيا عن تميُّز الموقف البريطاني عن الموقف الامريكي من مأساة غزة تحديدا ومن القضية الفلسطينية عموما التي هي في الاصل صناعة بريطانية بامتياز وفي ثنايا التأييد البريطاني الرسمي لتركيا ما يحمل اشارة الى ان القضية الفلسطينية هي قضية تركية وليست قضية عربية ، وفيها اعتماد لتركيا كممثلة للاسلام المعتدل المستنير وهو ما قابله في جولة كاميرون الهجوم والحاد والانتقاد الشديد لايران وكذلك الاتهامات القاسية لباكستان بانها وراء دعم الارهاب في الهند وافغانستان حسب تعبير كاميرون.

 

لا يوجد ادنى شك ان تركيا قد انتزعت دورا اقليميا وهي تتحرك بفعالية في كل دوائر التوتر والتي تخص العرب وخاصة في المشرق العربي وذلك دون ان يثير ذلك اية حساسية او رفض عربي بل انه اصبح دورا مقبولا على المستوى الرسمي بينما هو دور يحظى بشعبية جماهيرية كقوة ممانعة ورفض لسياسات امريكا والغرب الداعمة لاسرائيل التي يزيدها هذا الانحياز الغربي تشددا وتعنتا وعدوانية دون اي امل حقيقي بالتوصل الى تسوية حقيقية وسلام عادل ، وهي سلبيات توظفها ايران لصالحها من خلال رفع الشعارات لتحرير فلسطين وهو ما يلقى تعاطفا لدى الشعوب العربية والاسلامية لكن ذلك مشوب بتركة الماضي عندما طرحت القوى القومية نفس الشعارات للتحرير ولكنها لم تحصد الا الخيبة والهزيمة.

 

على ضوء ما تقدم ، يتضح ان القوى الاقليمية الفاعلة في المنطقة وهي ايران وتركيا حيث تحظى اسرائيل بدعم الغرب. اما تركيا التي هي صديقة للغرب ابتداء ومتصالحة مع كل اهل المنطقة بمن فيهم اسرائيل ، وهي ايضا اقرب الى العرب من اي وقت مضى. وكذلك استطاعت تركيا ان تنسج علاقات حميمة مع طهران وان تمسك مفتاح حل ازمة ايران النووية.

 

واذا كان الشك مشروعا بان الداية التركية والايرانية لن تكون احن من الولادة العربية واهل القضية ، فان مما لا شك فيه ان كلا من تركيا وايران تسعيان لتحقيق مصالحهما وادوارهما اولا وهذا حق طبيعي ومشروع ولا يمكن الا ان نتقبل دورهما هذا مقارنة بادوار لهما سابقة كانا في الموقع المعادي للاماني العربية.

لكن هذا الدور الايجابي الحالي للاخوة الاسلامية الايرانية والتركية يكون مهما وفاعلا عندما يكون هنالك دور عربي قوي ومؤثر قادر على حشد كل المنطقة ضد الجسم الغريب والفيروس السرطاني الصهيوني المزروع في قلب الوطن العربي.

==================

أميركا.. ماكينة التوظيف «خارج الخدمة»!

هارولد مايرسون (كاتب ومحلل سياسي أميركي)

واشنطن بوست الاميركية

الرأي الاردنية

7/30/2010

هل توقفت الشركات والمؤسسات الاستثمارية الأميركية عن تعيين الموظفين الجدد؟ وهل يتوقع لهذه الحالة أن تستمر لفترة طويلة من الوقت؟ الإجابة عن السؤالين، بكل بساطة، هي «نعم»! ولا تعود المشكلة إلى التراجع الذي حدث في سوق العمالة منذ الكساد العظيم فحسب، فقد طورت الاستثمارات الكبيرة من الوسائل ما يمكنها من جني الأرباح وزيادة استثماراتها دون التعويض عن العمالة التي تخلصت منها خلال العامين الماضيين.

 وبدون التعويض عن هذه العمالة تمكنت الشركات من زيادة استثماراتها ومبيعاتها على مستوى السوق المحلي على الأقل. فقبل الانهيار المالي الذي حدث في عام 2008 بقليل، كانت الأجور مرتفعة نوعاً ما. وكذلك كانت الأرباح والعائدات وإجمالي الناتج المحلي القومي مرتفعة هي أيضاً. ولم تتخلف عن الركب الاقتصادي إلا دُخول عامة الأميركيين، التي ظلت منخفضة. واليوم لا تزال الأجور منخفضة، بينما ارتفعت معدلات البطالة، في حين لم ترتفع مبيعات العائدات عما كانت عليه كثيراً. ولكن في المقابل ظلت الأرباح مرتفعة جداً!

فبين الـ175 شركة المسجلة في مؤشر بورصة «ستاندرد آند بورس 500» التي نشرت تقارير أدائها في الربع السنوي الثاني، ورد في تقرير اقتصادي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الصادرة يوم الأحد الماضي، أن العائدات ارتفعت بنسبة 6.9 في المئة، بينما سجلت الأرباح ارتفاعاً هائلاً بلغت نسبته 43.3 في المئة. وبلغة الأرقام فإن الملاحظ أن الأرباح حققت ارتفاعاً فاق ذلك الذي حققته العائدات بحوالي 7 مرات... وهذا يدعو للذهول طبعاً.

والسؤال الذي نطرحه هنا: كيف للشركات الأميركية أن تتحدى قانون الجاذبية الأرضية على هذا النحو؟ فبفضل قدرتها على التكيف مع الظروف الاقتصادية المالية الجائحة، تمكنت هذه الشركات من جني الأموال على رغم إحجام المستهلكين عن الشراء بسبب تراجع قوتهم الشرائية. ولعل التفسير المنطقي الوحيد لما حدث هو أن نسبة مبيعات الشركات هذه وإنتاجها في الأسواق الخارجية قد ارتفعت كثيراً خلال الفترة نفسها. فالملاحظ أن شركة «جنرال موتورز» واصلت نموّاً هائلاً في حجم مبيعاتها في الصين، حيث تبيع من السيارات هناك ما يفوق حجم مبيعاتها في السوق الأميركية. وهناك تستخدم الشركة نحو 32 ألف عامل في خطوط إنتاجها، وهو عدد يقل بحوالي 20 ألف عامل فحسب من جملة عمالها المستخدمين هنا داخل الولايات المتحدة الأميركية.

والحقيقة أن نموذج شركة «جنرال موتورز» يطابق تماماً أحوال نموذج الاستثمار الأميركي فيما بعد الانهيار المالي. ويتسم هذا النموذج بفصل أعداد كبيرة من العاملين والموظفين، وارتفاع الإنتاج وانخفاض الأجور -بسبب ضعف الاتحادات النقابية والمهنية إلى حد ما- وانخفاض حجم المبيعات داخليّاً مع ارتفاع استخدام العمالة والمبيعات خارجيّاً. كما يمثل حجز السيولة سمة أخرى رئيسية من سمات النموذج الاستثماري المذكور.

 فقد كشف تقرير صادر عن البنك الاحتياطي الفيدرالي الشهر الماضي عن تقديرات بلغت فيها السيولة المحتجزة لدى الشركات رقماً قياسيّاً هو 1.8 تريليون دولار عبارة عن احتياطيات نقدية.

 وباعتباره جزءاً من الأصول المملوكة لهذه الشركات، فإنه يعد أعلى مستوى احتياطيات نقدية تحققه الشركات منذ عام 1964.

فلماذا إذن الاستثمار في مصانع ومكاتب وعاملين جدد، لاسيما في السوق المحلية الداخلية؟ في أعقاب الصدمة التي أصابت الاستثمارات الأميركية في عام 2008، تريد الشركات أن تحتفظ بمزيد من الاحتياطيات النقدية تحت بساطاتها. ويطيب لها الجلوس المريح بالطبع كلما كبرت تلك البساطات بالأرباح المرتفعة تحتها. ولكن علينا أن نثير سؤالاً آخر لا يقل أهمية: هل يعتبر هذا النموذج مثاليّاً وقابلاً للاستدامة؟ تصعب الإجابة عن هذا السؤال، وخاصة أن في وسع موجة ركود جديدة أن تؤدي إلى زيادة أرباح الشركات هذه. ولكن عند النظر إلى هذا النموذج الاستثماري من زاوية العامل الأميركي، فإنه ليس أكثر من كونه كارثة، لا تقل عن موجة الركود الاقتصادي التي نشأ عنها. ذلك أنها تتضمن هذا النوع من البطالة الهيكلية طويلة المدى، التي لم تشهدها أميركا منذ ثلاثينيات القرن الماضي. وبذلك فهي تحكم بالسجن المؤبد على جيل كامل منخفض الدخل، لا خيار له سوى المراوحة في انخفاض دخله.

وتستفز مشاعرنا هذه الـ»أميركا» بواقعيتها القاسية المجردة. فقد ظلت نسبة 46 في المئة ممن سرِّحوا من وظائفهم بلا عمل لمدة تراوحت بين أربعة إلى ستة شهور، وهي أعلى نسبة منذ أن بدأ مكتب إحصاءات العمل قياس معدلات البطالة في بلادنا منذ عام 1947. فقبل عامين ماضيين، كانت نسبة لا تزيد عن 18 في المئة فحسب من المسرحين من وظائفهم بلا عمل لمدة زادت عن الستة شهور. وبالنتيجة فقد تعطلت ماكينة العمل في القطاع الخاص، مع العلم أن هذه الماكينة هي ما ظلت تفخر به أميركا منذ عام 1940.

 ولا مجال لإصلاح هذه الماكينة أو إعادتها للعمل مجدداً مع طغيان النموذج الاستثماري الأميركي الجديد، القادر على زيادة عائداته وأرباحه من دون العمال. وبالنتيجة، فليس مرجحاً أن يكون القطاع الخاص دافعاً محركاً للتعافي الاقتصادي الأميركي وإعادة اقتصادنا القومي لازدهاره السابق مجدداً. وفي الجانب الإداري، فليس ثمة معنى لخفض الضرائب المفروضة على الاستثمارات، بينما تجلس الشركات فوق محيطات من الاحتياطي النقدي. وفي المقابل، يبدو الخيار الأمثل هو اتباع سياسة الخفض الضريبي المستهدف، وتوفير الائتمانات الضريبية اللازمة للاستثمار الاستراتيجي واستخدام العمالة داخل السوق المحلية الأميركية.

 وقد وعدت إدارة أوباما بتوسيع الائتمانات الضريبية لمنتجي التكنولوجيا الخضراء في أسواقنا الداخلية، بينما يتوقع من أعضاء الكونجرس «الديمقراطيين» الكشف قريباً عن تشريع جديد ينص على منح حوافز للإنتاج والاستثمار المحليين.

 كما يتوقع أن يكون القطاع العام، وكذلك الاستثمار العام- الخاص، مصدراً آخر إضافيّاً للتوظيف والاستخدام. وفيما لو لم يبادر القطاع الخاص بملء فراغ العمالة الحالي، فلن يكون الحديث عن ازدهار الاقتصاد الأميركي سوى قصة من قصص الماضي وذكرى من ذكريات التاريخ.

==================

تركيا وعنصر القوة الناعمة في أفغانستان

s.mayytah@sunyjordan.org

الرأي الاردنية

7/30/2010

منذ ان شاركت تركيا في قوات حلف الناتو العاملة في افغانستان منذ عام 2002 وهي تسجل حضورا مميزا في الاداء والعمل الانساني حيث يقال في افغانستان انه ((لم يقتل اي افغاني برصاص تركي قط)) وانه ((لم يخن اي افغاني تدرب على ايدي الاتراك بلده مطلقا)) وقد ساعد الاتراك الحكومة الافغانية والشعب الافغاني منذ ايام الامير عبد الرحمن خان وهو ((الامير الحديدي)) الذي وحد البلاد ابان فترة حكمة التي امتدت من1880 حتى 1901 وشرع في منهج التحديث وكانت افغانستان هي الدولة النامية التي اعترفت بتركيا الحديثة عام 1921 بعد الاتحاد السوفياتي وكان لتركيا الحديثة دور اساسي في انشاء الاكاديمية العسكرية والمدرسة الطبية وجامعة كابل وكلية العلوم السياسية ومدرسة الموسيقى والخدمة الصحية العامة في افغانستان وتقوم العلاقات الطيبة بين الاتراك والافغان على عوامل كثيرة منها :

* يقول الافغان لا تحدنا حدود مشتركة مع تركيا ولذا ليس بيننا اي نزاع في هذا الشأن.

* باعتبار افغانستان جمهورية صغيرة جاءت خلفا لامبراطورية عظمى لم تظهر تركيا قط اي طابع استعماري عند احتضانها للدولة الافغانية الشابة التي كانت قد حققت الاستقلال بعدما عانت كثيرا على ايدي الامبراطوريات البريطانية والروسية وتغافلت تركيا التي كانت تمر بمرحلة التحديث الخاصة بها في ذلك الوقت مع افغانستان بمبدأ المساواة التامة لم يكن لدى تركيا مطلقا اية اجندة خاصة تجاه افغانستان وكان لتركيا علاقات مع جميع عناصر الدولة الافغانية.

 

* تدين تركيا وافغانستان بنفس الديانة الاسلام وبخلاف الكثير من باقي الاعضاء في المجتمع الدولي لم تهمل تركيا افغانستان في السنوات التي سبقت احداث 11 سبتمبر 2001 لكنها كانت تعمل بصمت.

* حتى حركة طالبان لم تهاجم اية قوات تركية في افغانستان لان مشاركة تركيا داخل افغانستان تشكلت على اساس العلاقات التاريخية مع جميع شرائح المجتمع الافغاني منذ احداث 11 سبتمبر 2001 وكحليف وفي التزاماته في الناتو ارسلت تركيا القوات الى افغانستان شريطة ان لا يشاركوا في العمليات القتالية وعلى الرغم من الضغوط من جانب الحلفاء تمسكت تركيا تماما بهذه السياسة وكان حضور تركيا الى افغانستان سواء العسكري او المدني قائما على معاملة الشعب بكل احترام وعلى انهم بشر مثل الاتر اك وغيرهم ولم يكن قائما على النظر الى الافغان من موقع السلطة او الغطرسة الاستعمارية كقوة محتلة حيث صدرت اوامر صارمة للقوات التركية التي تم نشرها في كابل بمعاملة الافغان باحترام ولم تقتحم هذه القوات المنارل ولم تحتجز احدا وتنفذ الدوريات التركية واجبها سيرا على الاقدام وليس في عربات مدرعة ولم تضع القوات التركية نظارات شمسية وذلك للمحافظة على التواصل بالعيون مع الاخرين حيث اصبحت القوات التركية جزءا طبيعيا في الحياة اليومية الافغانية وشاركت القوات التركية في اعادة الاعمار والتدريب لاجهزة الشرطة الافغانية ومن هنا نستطيع القول ان الدرس التركي واضح لانه يتطلب كسب القلوب والعقول فهما واحتراما للقيم الانسانية والثقافة والعادات والتقاليد وقد تكون تركيا واحدة من الدول القليلة ان لم تكن الدولة الوحيدة القادرة على التقريب بين افغانستان وباكستان لتسوية الخلافات بينهما.

تستطيع عضوية تركيا في حلف الناتو وقدرة القوة الناعمة التاريخية احداث اختلاف حاسم في افغانستان ويستطيع اولئك الذين يعرفون الشعب الافغاني ووثق بهم تاريخيا اظهار الطريق للذين يريدون حقا مساعدة الافغان واذا تمسك حلف الناتو بسياسة واضحة للانسحاب ضمن اطار زمني محدد وخصص المجتمع الدولي موارد كافية يمكن اعادة افغانستان الى حظيرة المجتمع الدولي مرة اخرى ويذكر ان تركيا ساعدت الافغان على الانضمام الى العالم عندما كانت افغانستان دولة شابة ويمكنها فعل ذلك مرة اخرى اليوم.

==================

أضواء على الأدب الصهيوني المعاصر -1-

د. أحمد الشقيرات

a.al_shucairat@yahoo.com

الرأي الاردنية

7/30/2010

صدر هذا الكتاب عام 1972 ضمن السلسلة الشهرية لكتاب الهلال في القاهرة متضمناً مقدمة، ونظرة متبادلة، وشعر الحرب في إسرائيل، ونظرات ومواقف، قصص الحرب في إسرائيل، وقصص العزلة واليأس، وبعدا جديدا في ظاهرة العزلة واليأس، والقصص السياسي. وقد ألفه إبراهيم البحراوي من مصر. يقول المؤلف في مقدمة الكتاب : «ليس من هو أشد منا حاجة إلى دراسة الإنسان الإسرائيلي، والتعرف على مكوناته الشخصية وزوايا استثارته واستجابته. ويبين أن العدو الإسرائيلي سبقنا إلى ذلك بدراسات كثيرة تحلل الشخصية العربية في مختلف فئاتها وقطاعاتها عبر كل ما يمكن من مصادر في مقدمتها المعايشة الحية للمجتمع العربي قبل قيام دولة إسرائيل، والانصراف إلى استقاء المعلومات النفسية والاجتماعية بعد قيام الدولة.

 

ويخرج الكاتب بنتيجة واضحة هي أن الباحث العربي كله منصب على دراسة الظواهر الكلية في المجتمع الإسرائيلي كالبنية السياسية العام، والاقتصادية العامة أيضاً، ودراسات السكان، والتاريخ والسياسة الخارجية، ويقول: «إن القصد هنا متجه إلى الديناميكية الداخلية لنفس الفرد الإسرائيلي في درجاته الاجتماعية المختلفة، إقبالاً وانفتاحاً، تحمساً وفتوراً، تراخياً وتشدداً، تجبراً وانكساراً، عزلةً وانفتاحاً. ويشير المؤلف إلى حقيقة مهمة وهي أن قطاعاً كبيراً من الأدب في إسرائيل خاضع للتوجيه، فالأدب هناك يلعب دوراً كأحد وسائل الإعلام الراقية الخفية من ناحية، ويقوم بدور المعالج للترديات النفسية التي يلاحظها الأديب الملتزم في مجتمعه من ناحية أخرى. وعن ظروف الإنتاج الأدبي العربي بعد حرب 1967 يقتطف المؤلف فقرة من مقال للناقد الإسرائيلي (آهود بن عزر) نشر في الملحق الأدبي لصحيفة (عل همشمار) بتاريخ 30/7/1970، يقول : « من طبع القارئ الإسرائيلي أنه يسعى وراء المقارنات، فهناك رغبة كامنة في التعرف على ما أحدثته الحرب لدى العرب تجاهنا. بل الكشف عمن كان حظه أعظم ربحاً من الناحية الأدبية نتيجة الحرب، أهم المتردون في نتائج هزيمتهم أم نحن من نجد صعوبة في هضم انتصارنا والاتساق معه؟ « وفي هذا الكتاب يتوصل المؤلف إلى وجود ثلاثة مضامين أدبية في المضمون الداعي إلى الأهداف الصهيونية الأساسية وعلى رأسها هدف تمثيل اليهود في العالم كله وإقناعهم بكونهم شعباً واحداً ذا انتماء قومي بالأرض العربية تاريخياً. والمضمون الثاني هو الأدبي الملبّي لاحتياجات اللحظة النفسية والمعالج للترديات السيكولوجية التي تعتمل في باطن المجتمع الإسرائيلي بفعل طبيعة البنية الاجتماعية الضاغطة فيه، وهذا المضمون ينتمي إلى أساليب الحركة الصهيونية في التعزيز بالجماهير الإسرائيلية واليهودية وسوقها إلى ساحة الصراع مع العرب كأدوات بشرية في يد الصهيونية لتنفيذ مشروعها الاستثماري على الأرض العربية. أما المضمون الثالث فهو في الأدب الساخط الناقم على طبيعة البنية الاجتماعية الإسرائيلية، وعلى استخدام الإنسان اليهودي المخدوع وقوداً كماكينة العمل الصهيوني. وينتمي التياران الأدبيان الأول والثاني إلى الحركة الصهيونية ومموليها ومستثمريها في آن معاً من كبار الرأسماليين اليهود في العالم والمتحالفين مع القوى الرأسمالية الكبرى في العالم والسلطة الإسرائيلية أداة الإدارة للمشروع الصهيوني. وينتمي التيار الثالث الساخط الحزين على أرض الواقع الاجتماعي والسياسي في إسرائيل إلى جماعات التعطل والتسول والتشرد على نمط الهيبيز، وإلى جماعات التمرد والسخط العنيف على الواقع الاجتماعي مثل جماعة الفهد، والسوداء المناوبة بحقوق الطوائف الشرقية اجتماعياُ، وإلى جماعات التمرد والسخط السياسي على الواقع الاجتماعي بل وعلى الصيغة الصهيونية لهذا الواقع وما يدعو إليه من شعب يهودي واحد مرتبط بالأرض العربية. وتدعو هذه الجماعات إلى التخلي عن هذه الأفكار والانفتاح على العالم العربي بصورة أو بأخرى، وهي جماعات اليسار الجديد الإسرائيلي التي ظهرت على شكل ظواهر اجتماعية وسياسية بعد حرب 1967، تماماً تيار الأدب الساخط المعبر عنها الذي أخذ شكل الظاهرة الأدبية الملموسة في أعقاب حرب حزيران.

==================

الصينيون قادمون أيضاً الى القطب الشمالي

المستقبل - الجمعة 30 تموز 2010

العدد 3726 - رأي و فكر - صفحة 22

عفيف رزق

على الرغم من التحذيرات التي تتضمنها بيانات المنظمات غير الحكومية، وخصوصا تلك المهتمة بالبيئة، المتعلقة بالخطورة التي تشكلها مشاريع التنقيب عن البترول والغاز في منطقة القطب الشمالي، ليس فقط على الكائنات الحية انسان وحيوان... التي تعيش فيها، بل على اولئك الذين يقومون بعمليات التنقيب انفسهم لإسباب عديدة اهمها العوامل الطبيعية الي تتعرض لها المنطقة من رياح عاصفة شديدة وإنهيارات ثلجية ضخمة بفعل الانحباس الحراري وارتفاع حرارة سطح الارض، وكذلك نوعية التربة جليد وطبقات ثلجية كثيفة.. التي ستجري عمليات التنقيب فيها. وقد ارتفعت اصوات هذه المنظمات في الاشهر الاخيرة على أثر ما جرى في 20 نيسان الماضي عند شواطىء لويزيانا الاميركية من تسرب للنفط احدث بقعة سوداء وتسبب بكارثة بيئية هي الاسوأفي تاريخ الانسانية الحديث، وبفقدان 11 عاملا فوق احدى المنصات النفطية. على الرغم من ذلك فإن منطقة القطب الشمالي ما زالت مقصد رجال السياسة والاعمال ومسؤولي شركات النفط العملاقة، وكل يسعى الى ان ينال حصة في الثروات الطبيعية بترول وغاز التي تختزنها تربة هذه المنطقة. وتشير احدث التقديرات الى ان حجم هذه الثروات تقارب ال90 مليار برميل بترول اي مجموع احتياط نيجيريا وكازخستان والمكسيك من هذه المادة ويغطي الاستهلاك العالمي لمدة ثلاث سنوات على اساس ان هذا الاستهلاك هو بحدود الـ87 مليون برميل يوميا، وحوالي 48 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي اي ما بعادل الـ30 بالمئة من الاحتياط العالمي. يضاف الى هذه الثروات المهمة، هناك اهمية موازية تتمثل باستخدام مضيق "بيرنغ" في السنوات القادمة امام الملاحة الدولية طيلة ايام السنة بسبب تسارع ذوبان الحليد والثلج، مما يجعل المسافة ما بين اوروبا وآسيا اقصر واكثر امنا، وعلى سبيل المثال تصبح المسافة بين شانغهاي الصينية وهامبورغ الالمانية اقصر ب6400 كيلومتر. لقد وضعت الدول المشاطئة لبحار المنطقة خططا وآليات لإستغلال الثروات الطبيعية بناء لإتفاقية الامم المتحدة حول حقوق الملكية في الجرف القاري الموقعة من من هذه الدول وهي : الولايات المتحدة، روسيا، كندا، الدانمارك والنروج، وشكلت مجلسا خاصا للاهتمام بشؤون المنطقة.

لم تكن الصين بعيدة عما يجري، حتى ولو كانت بعيدة جغرافيا عن المنطقة، وذلك على ضوء حاجتها الماسة للطاقة، خصوصا انها اصبحت، حسب آخر تقرير للوكالة الدولية للطاقة، المستهلك العالمي الاول للطاقة وتجاوزت بذلك الولايات المتحدة الاميركية التي احتلت مركز المستهلك العالمي الاول لهذه المادة لمدة اكثر من قرن ؛ وبلغ استهلاك الصين عام 2009، حسب التقرير نفسه، حوالي 2252 مليون طن من البترول اي بزيادة 4 بالمئة عن الولايات المتحدة، ووضعت بكين منطقة القطب الشمالي ضمن دائرة اهتماماتها الملحة، ونقلت هذه الاهتمامات من القطب الجنوبي، حيث كانت من السباقين الى هذا القطب، الى القطب الشمالي منذ نهاية العقد الماضي وقامت بأول رحلة استكشافية اليه عام 1999 تلا ذلك ثلاث رحلات كان آخرها الاول من تموز 2010 عندما توجهت كاسحة جليد صينية بمرافقة سفينة تحمل حوالي مائة عالم صيني وعدد من العلماء الاجانب، كما اقامت محطة ابحاث علمية ثابتة مختصة بشؤون المنطقة. الى جانب هذا الاهتمام البحثي العلمي، عززت بكين تواجدها الديبلوماسي مع دول المنطقة فاقامت سفارة، اعتبرت من اكبر السفارات الاجنبية في "ريكيافيك" عاصمة جمهورية ايسلندا الصغيرة ذات الموقع الاستراتيجي المهم على مدخل القطب الشمالي وتتمتع بوجود ثلاث مرافىء عميقة لإستقبال السفن العملاقة الحاملة للحاويات الضخمة التي تُبحر بين هذه المرافىء وأي مرفأ آخر في بحر "بيرنغ "، وعندما قام رئيس جمهورية هذه البلد الصغير بزيارة الى بكين عام 2007 استقبلته القيادة الصينية بمظاهر احتفالية كرئيس دولة كبرى.

في هذه الاثناء كانت السلطة الصينية تعلن عن سياستها الرسمية تجاه ما يجري في منطقة القطب الشمالي، وذلك على لسان احد اميرالاتها الكبار "ين زهو" الذي اشار الى ان الصين تحترم جدا حقوق السيادة لكل بلد ضمن الحدود الرسمية المعترف بها، لكن منطقة القطب الشمالي ليست جميعها ضمن الحدود الاقليمية للبلدان المجاورة، لذلك هي ملك الانسانية جمعاء ولا يُمكن لأي امة الادعاء بالسيادة على اجزاء خارج حدودها الاقليمية، وبما ان عدد سكان الصين يُمثل خمس سكان العالم فهي تطالب بخمس الثروات الطبيعية الموجودة في القطب الشمالي. موقف لا تنقصه الحجة للدفاع عنه، وقد رأى فيه المراقبون انه يؤسس لمرحلة جديدة ستقدم فيها بكين، ليس القيام برحلات بحرية استكشافية او اقامة محطات ثابتة فقط، بل على اتخاذ خطوات عملانية لإثبات حقها الذي تطالب فيه.

==================

التفوق النوعي العسكري لم يعد يكفي إسرائيل

سمير كرم

السفير

7/30/2010

عن غير قصد ـ والأحرى انه بقصد أو أكثر ـ غيبت إسرائيل استخدامها مبدأ او مذهب التفوق النوعي العسكري لقواتها منذ عدة سنوات... بالتحديد منذ نهاية حرب صيف عام 2006 على لبنان التي اعترفت بهزيمتها وفقاً لتقرير التقصير الرسمي الذي عرف باسم تقرير لجنة فينوغراد، وهو اسم رئيس اللجنة.

اما لماذا نرجح أن هذا التغييب كان لغرض في نفس يعقوب، ولم يكن عن غير قصد، فلأن إسرائيل أرادت أن تستخدم ما حدث لها في حرب عام 2006 ذريعة للحصول على مزيد من الدعم العسكري من الولايات المتحدة، كما ارادت الإيهام بأنها مستعدة لخوض عملية السلام من غير موقع التفوق، فضلاً عن إيجاد مبررات للمواقف العربية المعتدلة إزاءها.

وبطبيعة الحال فإنه بعد كل ما ارتكبته اسرائيل من جرائم وتجاوزات في حربها على غزة ـ من دون ان يضع هذا بين يديها مكسباً سياسياً حقيقياً على المقاومة الى حد يقوي يد السلطة الفلسطينية في استعدادها للاستسلام للشروط والمطالب الاميركية والاسرائيلية التي تبيد عنصر المقاومة من الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، كان اختفاء مبدأ التفوق النوعي بمثابة تغييب لحقائق الامر الواقع بشأن ميزان القوة العسكرية العربية ـ الاسرائيلية.

لقد عاد المبدأ يظهر من جديد. وعودته ليست اسرائيلية فحسب إنما اسرائيلية ـ اميركية.

عاد مبدأ التفوق النوعي العسكري الاسرائيلي للظهور، في خطاب بالغ الأهمية ألقاه اندرو شابيرو مساعد وزيرة الخارجية الاميركية للشؤون العسكرية ـ السياسية أمام مؤسسة بروكنغز البحثية الشهيرة في واشنطن، كما عاد للظهور في تقرير نشر على ثلاثة اجزاء من جانب المعهد اليهودي للأمن القومي الذي يقع في مبنى لا يبعد كثيراً عن مقر مؤسسة بروكنغز في العاصمة الاميركية. وقد صدر هذا التقرير بأجزائه الثلاثة خلال الايام الثلاثة التالية لخطاب شابيرو، كرد من اللوبي العسكري الصهيوني، الذي تربطه اوثق الصلات بالمؤسسة العسكرية الاميركية، على مضمون الخطاب باعتباره اهم محاولات ادارة الرئيس الاميركي اوباما، لإقناع اسرائيل بأن سياسة هذه الادارة، انما تسير بقوة اكبر في طريق تأمين التفوق النوعي الاسرائيلي عسكرياً في الشرق الاوسط.

ولقد حرص مساعد وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون للشؤون العسكرية ـ السياسية على ان يذكر مستمعيه في بروكنغز بالتعريف الأصلي لمعنى هذا المبدأ: «إنه المقدرة على مواجهة وإلحاق الهزيمة بالأخطار العسكرية ذات الصدقية من جانب اي دولة منفردة او تحالف من الدول او من لاعبين من غير الدول، وفي الوقت نفسه تحمل حداً ادنى من الاضرار او الاصابات». لماذا؟ ـ يتساءل تقرير المعهد اليهودي ويجيب: «لان المفهوم ان البلدان التي تبقي على حالة حرب مع اسرائيل، يمكن ان تستخدم اسلحة اميركية ضدها. ويشكو التقرير ـ اكثر من مرة ـ من ان الولايات المتحدة قد باعت بما يساوي 20 مليار دولار من المعدات الثقيلة العسكرية للعالم العربي خلال السنة ونصف السنة المنقضية ..اي خلال عهد ادارة الرئيس باراك اوباما.

وكان من اهم ما احتواه خطاب شابيرو وهو بصدد الحديث عن تأمين التفوق النوعي العسكري لإسرائيل انه «على الرغم من الجهود لاحتوائها فإن صواريخ ذات انظمة توجيه افضل، وذات مدى ابعد، وقوة تدميرية اقوى، تنتشر الآن عبر المنطقة. لقد حشد حزب الله عشرات الآلاف من الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى على حدود اسرائيل الشمالية، وحماس تملك عدداً معتبراً منها في غزة. وحتى اذا كان بعض هذه الصواريخ لا يزال خاماً فإنها في مجموعها تشكل خطراً جسيماً».

وعند هذه النقطة يتساءل تقرير اللوبي العسكري الصهيوني: «وإذن ماذا ستفعل الولايات المتحدة؟ هل تسمح لإسرائيل بإبادة اعدائها؟ ويجيب: لا بوضوح. فقد كانت ادارة اوباما منتقدة لعملية الرصاص المصبوب وقدمت مئات الملايين من الدولارات لغزة لتليين الوضع الذي تجده مزعجاً، على الرغم من ان النتيجة هي إخفاء حماس بصورة اكثر ثباتاً بوصفها الحاكم الحقيقي هناك، وكذلك تقويض ابو مازن. والادارة تقدم مئات الملايين من الدولارات لحكومة لبنان على امل ان تفعل شيئاً بشأن حزب الله، بينما يصبح حزب الله اكثر وأكثر جرأة في نصب صواريخه داخل القرى والتصدي لقوات «اليونيفيل» العديمة الحيلة. فهل ستشجع الولايات المتحدة اسرائيل على وقف حصار معلن يديره ناشطون مناهضون لإسرائيل؟. لا! لا بوضوح».

ويمضي التقرير ذاته قائلا: «ولما كانت إيران هي المصدر للأسلحة والتدريب والتمويل لسوريا وحزب الله، ومصدراً مهماً لحماس وكذلك مصدراً لتهديد اسرائيل مباشرة، فهل سنسمح لاسرائيل بمهاجمة إيران؟ او ربما نهاجمها بأنفسنا كوسيلة لإزالة ما يهدد كثيراً من البلدان على مستويات مختلفة؟ لا! بوضوح لا».

نتبين بعد هذا ان المناسبة الحقيقية لخطاب شابيرو وتقرير المعهد اليهودي للأمن القومي هو التذكير بالقبة الفولاذية. ذلك المشروع الضخم، لتوفير قوة دفاعية لإسرائيل، في مواجهة الأخطار الصاروخية المحدقة بها، بالإضافة الى أنظمة باتريوت السابقة للدفاع ضد الصواريخ وتحديث أنظمة الرادار التي سبق تزويد إسرائيل بها. ومع ان التقرير الذي يرد على خطاب شابيرو يعترف بكل هذه المساعدات الاميركية وقيمتها العالية لإسرائيل، إلا أنه يعتبر انها دليل على ان اسرائيل مهددة بالفعل، وليست دليلاً على حرص الولايات المتحدة على تأمين اسرائيل من مواجهة الخطر المحدق بها. ويضيف انه اذا لم تتخذ اسرائيل الخطوات التي تعتقد الادارة الاميركية ان عليها ان تتخذها، فإن التزام اميركا بتوفير التكنولوجيا والاموال للدفاع عن اسرائيل يمكن ان يتوقف، ذلك ان لجوء اسرائيل الى الهجوم للتخلص من أعدائها ليس مطروحاً على الطاولة (...).

وسط هذه الانتقادات لسياسة ادارة اوباما، كما عبر عنها شابيرو، يعثر واضعو تقرير اللوبي العسكري الصهيوني في واشنطن على فقرة واحدة يعتبرونها مدعاة للسرور. انها الفقرة التي يتحدث فيها عن الدور الذي تلعبه اسرائيل في مساعدة القوات الاميركية في حربها في العراق وأفغانستان: «التجهيزات ذات الاصل الاسرائيلي المنتشرة في ميادين القتال العراقية والافغانية، تلك التي تحمي القوات الاميركية كل يوم. وهذه تتضمن تكنولوجيا تصفيح العربات العسكرية الاميركية وكذلك الحلول الطبية الاسرائيلية الفريدة في نوعها مثل الضمادات الفعالة التي تعالج نساءنا ورجالنا في العراق وأفغانستان. وهذه التكنولوجيا الإسرائيلية تتضمن أيضاً اجهزة حساسة وتجهيزات للمراقبة وطائرات بلا طيارين ... مشاركات واستثمارات كثيرة بين الحكومتين وبين المؤسسات الدفاعية الاميركية والاسرائيلية اعطت نتائج خارقة وبالغة الاهمية تجعل كلينا في النهاية آمنين جميعاً».

وكان المعهد الذي يفخر بعلاقاته الوثيقة مع القيادات الاميركية العسكرية في كافة الفروع لا يعرف مدى الخسائر التي تصاب بها القوات الاميركية في حربها في العراق وأفغانستان، ولا تعرف ان الشعب الاميركي يريد الخروج من هذه الورطات الحربية، اليوم قبل الغد.

ويخصص المعهد المذكور بالقسم الثالث من تقريره عن خطاب شابيرو للجانب الفلسطيني ممثلا في السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس. وهنا، فإن ادارة اوباما الاميركية متهمة بأنها تقترب ببرنامجها لتدريب قوى الامن الفلسطينية التابعة للسلطة الى القيادة المركزية الاميركية، وهي التي ابقتها طوال السنوات الماضية في اطار القيادة الاميركية في اوروبا، الامر الذي كان يرضي اسرائيل لأن التعاون بين اسرائيل والقيادة الاميركية في اوروبا اوسع نطاقاً من التعاون بينهما في اطار القيادة المركزية.

وأهم ما يقوله التقرير في هذا الصدد هو ان القادة الاسرائيليين يقولون إنه «كلما زاد ما يقوم به الاميركيون ضد حماس كلما قل ما يتوجب علينا (الاسرائيليين) ان نفعله». اما القادة الاميركيون فيقولون: «كل شيء نقوم به ينسق مع اصدقائنا في إسرائيل».

ومن الواضح في هذا الجزء من التقرير، ان ثمة انزعاجاً اسرائيلياً من نقل مسؤولية قيادة تدريبات قوات الامن الداخلي الفلسطينية من اللفتنانت جنرال كيث دايتون ـ الذي قام طوال السنوات الخمس الماضية بدور المنسق الاميركي الاول مع الفلسطينيين ـ حتى ان الوصف الذي يطلق على قوات الامن الداخلي الفلسطينية هو «جيش دايتون» ـ الى الميجور جنرال اندرو مولر الذي كان يشغل في القيادة المركزية منصب مدير الاستراتيجية والخطط والسياسة، ويقال إنه لم يسبق له أن أقام أية صلات مع الفلسطينيين. ويستنتج واضعو التقرير الصهيوني ان هناك مبادرات اميركية لنقل مسؤولية تدريب قوات الامن الداخلي للسلطة الفلسطينية الى القيادة المركزية الاميركية. ويصرح التقرير في هذا الصدد بان هذه المبادرة تعني اقتراباً نحو الفكرة التي تتردد في القيادة المركزية والقائلة بضرورة تعامل الجانب الاميركي مع حماس وحزب الله على اساس ان هذين التنظيمين ليسا أعداء للولايات المتحدة، إنما لإسرائيل.

في هذا السياق يأتي ذكر سلام فياض رئيس حكومة السلطة الفلسطينية فيصفه التقرير بأنه «الفلسطيني المفضل لدى الحكومة الاميركية»، ويضيف ان فياض يعتقد ان اللفتنانت جنرال دايتون كان اثناء توليه مسؤوليات تدريب قوات الامن الداخلي الفلسطينية يتدخل فيما هو اكثر من مجرد التدريب. وهذا على العكس تماما مما وصفته به دائرة المحاسبات العامة الاميركية في تقرير لها صدر يوم 10 تموز الحالي.

ويختم تقرير المعهد اليهودي بتأكيد انزعاج اللوبي الصهيوني المختص بالشؤون العسكرية من ان هذا التحول بالنسبة لتدريب الفلسطينيين عسكرياً «لا يفصلهم عن الأهداف السياسية الاميركية فحسب بل يفصلهم ايضا عن جيش الدفاع الاسرائيلي، مع انه (أي جيش اسرائيل ) يشاركهم (أي الفلسطينيين) هوسهم من حماس، وبالتالي قد يجد نفسه مع جيش فلسطيني يرتبط بجيوش الدول العربية على حدوده». ولا يمكن ان يعني هذا الجزء من التقرير سوى ان اسرائيل تريد ان تكون مهمة «الجيش الفلسطيني» هي محاربة حماس بشكل مباشر.

ألا نجد في هذه المشادة الكلامية بين الصديقين والحليفين الاميركي والإسرائيلي حول مبدأ التفوق النوعي العسكري ما ينبئ عن رغبة في توسيع هذا المبدأ وتعميقه؟

الامر المؤكد ان على ارض الواقع تجري محاولة محمومة لإعادة فرض هذا المبدأ في ظروف جديدة ناشئة عن دور ايران الإقليمي وعن اتساع قاعدة وقوة حزب الله كقوة مقاومة ضد إسرائيل ورسوخ أقدام المقاومة الفلسطينية في غزة ... هذا بالإضافة الى كل محاولات ادارة اوباما لإرضاء اسرائيل وإخراجها من مناخ الخلاف مع واشنطن الى مناخ لم يعد الواقع الراهن قابلاً له.

ان مطالب اسرائيل آخذة في الاتساع، متجاوزة التعريف القديم لمعنى التفوق النوعي العسكري ليشمل تزويدها بالقدرة على إملاء سياستها على الولايات المتحدة وعزل السلطة الفلسطينية عن أصولها العربية ومزجها بجيش الدفاع الاسرائيلي.

وهو ما يشير الى طبيعة الخطط الإسرائيلية المستقبلية ضد الأهداف المعادية التي تريد «إبادتها».

==================

لا... فلتستمع واشنطن إلى عبدالله والأسد !

راجح الخوري

النهار

7/30/2010

هل هي ديبلوماسية الحماقة أم انها سياسة بخّ السموم، وإن حاولت الاختباء وراء أقنعة الحرص المزعوم على المصالح السورية والعربية عموماً؟

أياً تكن، ثمة ما يذكّرنا هنا بقول بيار سالنجر المستشار الصحافي للرئيس جون كينيدي: "عندما أنظر الى مداخن البيت الابيض أرى فبركة كبيرة للأوهام والاخطاء"!

وهكذا عندما قرأ الناس أمس تصريحات الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية فيليب كراولي، حسبوا أنها تأتي من إحدى جمهوريات الموز لا من دولة في حجم أميركا، لأنها تضمنت ما يشبه الحماقة المسيئة أولاً الى سوريا والرئيس بشار الاسد وثانياً الى السعودية والملك عبدالله.

لكن الذين صاغوا هذه التصريحات في الخارجية الأميركية يريدون حتماً التشويش أو بالاحرى تخريب المحادثات التي يجريها خادم الحرمين الشريفين في محطات جولته العربية وخصوصاً محادثاته المحورية مع الرئيس بشار الاسد.

عندما تدعو الخارجية الاميركية "الرئيس بشار الاسد والقادة السوريين الى الاصغاء جيداً الى ما سيبلغهم إياه الملك عبدالله"، فإن ذلك يمكن أن يوحي للبعض على الاقل في هذه المنطقة، إما ان واشنطن على بيّنة مما سيقوله الملك في دمشق وهذا أمر غير صحيح على الاطلاق، وإما ان الملك يسوّق وجهة النظر الأميركية في دمشق وهذا أمر ليس من شيم خادم الحرمين الشريفين. ولا يجوز ان تصل "المراهقة" الديبلوماسية في واشنطن الى هذا الحد من محاولات التشويش على القمة المفصلية بين عبدالله والاسد.

❒❒❒

وليس سراً أن الكثيرين في العالم العربي يراهنون على هذه القمة الايجابية المفيدة والمهمة بالنسبة الى كل الملفات الساخنة في المنطقة، من المآل الذي تتجه اليه عملية التسوية والمبادرة العربية للسلام، الى الاحتقان المتزايد في لبنان انطلاقا من إثارة موضوع القرار الظني، مروراً بالأوضاع على الساحة الفلسطينية وفي العراق والسودان واليمن، وكذلك في ما يتصل بترتيب التضامن العربي، والتنسيق لاتخاذ موقف من شأنه تجاوز اي تداعيات قد تحصل بسبب النوويات الايرانية والجرعة الجديدة من العقوبات على طهران!

واذا كان المتحدث باسم الخارجية الاميركية قد كرر دعوة دمشق الى الابتعاد عن طهران قائلاً ان واشنطن تتواصل مع دمشق لهذا الغرض. وهذا كلام سخيف رد عليه الاسد سابقاً، عندما قال ان من يريد الاقتراب منا عليه قبولنا كما نحن، رافضاً الاشتراطات الاميركية، فإن ربط هذه الدعوة المتكررة الآن بـ"ضرورة" الاستماع الى الملك، إنما ينطوي على محاولة تافهة ومكشوفة للايحاء بأن الملك عبدالله سيركز ايضاً على الدعوة الى الابتعاد عن ايران، وهذا ليس وارداً في قاموس أو قواعد العلاقة المتجذرة مع الرئيس السوري، ولا في جوهر سياسة عبدالله التي ترتكز على التضامن وتدعيم العلاقات العربية وحلّ كل الملفات التي تواجه الامة.

واذا كان كراولي قد أعلن أن هيلاري كلينتون بحثت هاتفياً مع الأمير سعود الفيصل في الجهود التي تقوم بها المملكة من أجل تعزيز "مبادرة السلام العربية"، مشيداً بدور الملك عبدالله في السعي الى تحقيق السلام العادل، على أساس مبادئ المبادرة المذكورة، فإن الأجدى والانفع هو أن تتحمل الادارة الاميركية مسؤولياتها السياسية والاخلاقية والقانونية الدولية، في دفع حكومة التطرف والعدوان الاسرائيلية، الى استجابة شروط التسوية العادلة، وخصوصاً بعد الوعود الزهرية التي سبق ان قطعها الرئيس باراك أوباما ثم انهارت بسرعة.

❒❒❒

كان في وسع أميركا الثناء على جولة الملك عبدالله، وهي تأتي الآن على تخوم مجموعة من القضايا والملفات العربية الساخنة، التي تستدعي بالفعل عقد قمة طارئة، وهو ما يجعل جولته بمثابة قمة متتابعة، ولكن ربط محادثاته في دمشق بالتمنيات الأميركية شكّل إساءة ضمنية تصيب الأداء الديبلوماسي الأميركي، قبل أن تصيب السعودية أو دمشق!

في النهاية لا يحتاج الأسد الى "نصائح" الخارجية الأميركية، ولا يقبل عبدالله حماقة كراولي ومن وراءه، وإذا كانت واشنطن مهتمة فعلاً بالتوصل الى تسوية تنهي أزمة الشرق الاوسط، فليس عليها اكثر من أن تستمع هي جيداً الى ما يقوله عبدالله والأسد، لتقوم بليّ ذراع المخربين في تل ابيب ودفعهم الى قبول شروط "المبادرة العربية للسلام" القائمة على قرارات الشرعية الدولية.

وإذا كانت الرياح الايرانية تقلق واشنطن الى هذا الحد، فليس هناك ما يقفل النوافذ دونها سوى التسوية العادلة والشاملة في الشرق الأوسط. وواضح أنه من خلال قضية فلسطين والاحتلال الاسرائيلي المتوسّع وجدت طهران مداخلها الى المنطقة!

==================

في إشكالية ربط الإرهاب بالإسلام

بقلم :د.محمد قيراط

البيان

7/30/2010

ظاهرة الإرهاب ليست جديدة على الإنسانية، بل هي ظاهرة عرفتها البشرية منذ العصور القديمة، حيث تميزت عبر العصور بكونها معقدة ومتعددة الأشكال والأسباب والأهداف والنوايا.

 

لكن الآلة الإعلامية والسياسية، وحتى الدينية الغربية، كرّست جهودها في السنوات الأخيرة لحملة مدروسة ومنظمة لربط الإرهاب بالدين الإسلامي الحنيف، انطلاقاً من الهجمات التي ضربت الولايات المتحدة ومدريد ولندن وباريس والعديد من دول العالم.

 

وإن كنا نرى أن الإرهاب ليس مشكلة العصر الوحيدة ولا أكثرها فتكاً وأهمية، فإننا نرى أن المحاولات الخبيثة لإيجاد أصول لهذه الظاهرة في الإسلام كديانة وثقافة، هي الأخطر على الإطلاق.

 

نحن في هذا السياق لا نضع الإسلام في قفص الاتهام لمحاولة تبرئته وإسقاط التهمة عنه، بل نلجأ لتقديم ما ورد في القرآن الكريم وفي الأحاديث النبوية الشريفة، من آيات وأحاديث تنبذ الترهيب والتخويف والاعتداء على أرواح الناس أو ممتلكاتهم.

 

تكمن المشكلة الأساسية في عدم وجود تعريف واضح ودقيق ومتفق عليه لمصطلح الإرهاب، أو صور محددة لمعالجته. هذا اللا معرف واللا مسمى، أصبح ذريعة لاستهداف أفراد ودول وحتى معتقدات.

 

فإن كان الإرهاب هو القتل العشوائي الذي لا يفرق بين مدني وعسكري، ولا بريء أو مسيء، ولا مظلوم أو ظالم، ولا يبالي بالأرواح ولا الممتلكات، فلا يمكن أن تكون لهذه الأعمال صلة بالإسلام، كما سنوضح لاحقاً.

 

لقد تحول الإرهاب إلى صفة لصيقة بالعرب والمسلمين، لدرجة ارتباطه بصورة ذهنية مشوهة لرجل عظيم اللحية قصير الثوب مقطب الجبين بغيض الملامح، وهو بلا شك عربي ومسلم!

 

حتى استثني باقي الأعراق والأديان من هذه التهمة، رغم أن تاريخ العديد من الدول المتشدقة بالحرية والعدالة والديمقراطية، حافل بالمجازر والجرائم التي أقل ما يقال عنها إنها إرهابية.

 

يكفي أن نشير إلى أن أول جماعة قامت بأول عمل إرهابي كبير في الولايات المتحدة، هي جماعة أميركية مسيحية أصيلة.

 

ولا ننسى الجرائم المرتكبة ضد الهنود الحمر، واضطهاد السود، وقتل مئات الآلاف في هيروشيما وناغازاكي، ومحاكم التفتيش والتمييز العنصري، وجرائم الاستعمار. وفي الوقت الذي يُتهم فيه العرب والمسلمون بالإرهاب، نجد أنهم في الحقيقة ضحايا الإرهاب بمختلف أشكاله وأنواعه؛ الاستعماري والاستيطاني والفكري والاقتصادي والثقافي والسياسي.

 

وقد صُنف العديد من الحركات والمنظمات في العالم بأنها إرهابية؛ كحركة «كاخ» الإسرائيلية، وجماعة النظام الجديد اليمينية الإيطالية، ومنظمة أبناء الحرية الأميركية، ومنظمة نوكاها اليابانية، وحركة شباب لاوتار التشيلية، وحزب العمال الكردستاني، ومنظمة تحرير الباسك، ومنظمة جيش التحرير الوطني الإيرلندي وغيرها الكثير.

 

السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا لا تذكر ديانة أو إيديولوجية هذه الجماعات، كما يحدث مع العرب والمسلمين حين تتحدث عنهم ألسن السياسيين والإعلاميين؟ لماذا لا نسمع عن إرهاب مسيحي أو يهودي أو شيوعي، في وقت يضج فيه العالم بالحديث عن الإرهاب الإسلامي؟

 

ارتبط ظهور ما يسمى ب«الإرهاب الإسلامي» بمرحلة انهيار القطبية الثنائية، وقد أصبح بديلا يعيد العالم إلى الثنائية، ولكن ليست القطبية التنافسية، بل التصارعية، نظراً للتفوق العلمي والتكنولوجي والاقتصادي الغربي. وقد تحول مصطلح الإرهاب بعد ؟؟

 

سبتمبر، إلى ظاهرة إعلامية تشبث بها الكثيرون للحصول على الاسم الرمزي وحشد الشباب تحت مظلته. بدأ في الانتشار بشكل مخيف ليأخذ في كل دولة صبغة محلية وصدى عالمياً، لا يعرف من يمولها ومن ينظمها ولا آلية تحركاتها.

 

لم تكتف هذه المجموعات باستهداف الدول الغربية، بل تعدت ذلك لتضرب في العمق العربي والإسلامي، دون أن تفرق بين مسلم وغير مسلم أو عسكري ومدني. لقد تسببت هذه الهجمات في تأثيرات بالغة الخطورة على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فقد أحدثت شرخاً في الهيكل الاجتماعي وإحباطاً بين المواطنين، إذ تفقد الأفراد والجماعات الثقة فيما بينهم.

 

كما أدت إلى تهديد الاستقرار والتدمير المباشر لموارد الدول. الإسلام يحرم الإرهاب والفساد في الأرض، ويعاقب عقاباً شديداً الإرهابيين: «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم، إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم» (المائدة: 33-34).

 

وهذا يؤكد أن الإسلام هو دين السلم والأمان، على عكس ما تدّعي الآلة الإعلامية الغربية والأوساط السياسية المناوئة للإسلام، متهمة إياه باعتماد منهج العنف في التغيير واستعمال أساليب إرهابية في نشر الدعوة والتعامل مع الأعداء. ويبررون كلامهم وادعاءاتهم الباطلة، ببعض الآيات القرآنية التي تحث المسلمين على الجهاد في سبيل الله.

 

قال عز وعلا: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم» (الأنفال:60).

 

وهذا يعني الاستعداد للعدو ومقاومته بقوة واقتدار، والهدف هنا هو إرهاب العدو منعاً لعدوانه علينا. أما الترهيب دون سبب مشروع، فهو محرم. فالإسلام جاء لتحقيق أهداف عظيمة، تتمثل في حفظ الضرورات الخمس، وهي مقاصد الشريعة التي تتمثل في حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ العرض وحفظ المال.

 

وهذه المقاصد كلها تتنافى مع الإرهاب والاعتداء على أمن وحرمة الآخرين. وكل عمل تخريبي أو إجرامي أو إرهابي يستهدف أمن الأبرياء والعزل والآمنين، مخالف لشرع الله.

فالشريعة تصر وتؤكد على عصمة دماء المسلمين والمعاهدين، وعلى حماية الأرواح والممتلكات، «ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين» (القصص:77).

عميد كلية الاتصال، جامعة الشارقة

==================

دائرة الخطر الأميركية

بقلم :إيان بريمر

البيان

7/30/2010

منذ أن تولى باراك أوباما رئاسة الولايات المتحدة، والنقاد يشددون على أنه اشتراكي بطبعه، غير أنه لا دليل على أنه يخطط لقلب النظام الاقتصادي الأميركي وإعادة توزيع ثرواته بالتساوي، وإلغاء حرية السوق.

 

صحيح أن المنتقدين سجلوا مكاسب سياسية لصالحهم باتهاماتهم تلك، لأن الشعب الأميركي لا يميل لأن يعيش ضمن نظام اشتراكي، غير أن المدقق في اتهامات هؤلاء المنتقدين، يجدها تتهم الرئيس أوباما بأنه من المؤيدين لرأسمالية الدولة، وليس اشتراكياً.

 

ورأسمالية الدولة تعني أن تتولى الدولة جميع القطاعات الإنتاجية وتشرف عليها، لكن ضمن النهج الرأسمالي، فإذا كان أوباما كذلك، فلا بد إذن أنه يسعى لتحويل أميركا إلى نظام تلعب فيه الدولة الدور الاقتصادي المحوري، وتستخدم فيه الأسواق بشكل أساسي لتحقيق مكاسب سياسية، غير أن الواقع ليس كذلك.

 

لا شك أن الكثير من الجدل واللغط دار حول تلك المسألة داخل الولايات المتحدة، لكن لم يثبت تورط أوباما في السعي نحو رأسمالية الدولة حتى هذه اللحظة، وليس من المتوقع أن يفعل ذلك في ما تبقى من فترة رئاسته. في الناحية المقابلة، لم يكلف أحد نفسه عناء التفكير في المخاطر التي تحيق بأميركا وبنظام رأسمالية الأسواق الحرة، خاصة مع انتشار رأسمالية الدولة في الخارج.

 

صحيح أن أوباما تدخل أكثر من أي رئيس سبقه في اقتصاد الولايات المتحدة، فقد سمح للحكومة الأميركية أن تمتلك مؤسسات مالية كبيرة وشركات صناعة سيارات، وزاد الإنفاق الحكومي بشكل كبير لكي يوفر المزيد من الوظائف للعاطلين عن العمل، ولكي يدعم القطاع الصحي، ما رفع العجز في الميزانية بشكل ملحوظ، ويبدو عليه الاستعداد لرفع الضرائب أكثر من تقليص حجم الحكومة ونفقاتها. لكنه رغم هذا لا يعتبر من المتحمسين لرأسمالية الدولة.

 

وجزء كبير من القصة يكمن في ما لم يفعله أوباما وقت الأزمة، فقد فُتحت حينها نافذة سياسية لتأميم البنوك الأميركية الكبيرة، غير أن الإدارة فضلت عدم فعل ذلك، وبدا البيت الأبيض وكلا الحزبين في الكونغرس مقتنعين بأن على الولايات المتحدة أن لا تحاول إنقاذ أية مؤسسة مصرفية، كما أن الحكومة تسعى جاهدة لبيع حصصها الضخمة في «سيتي بنك» و«جنرال موتورز»، وهناك تكهنات بأن الخزانة الأميركية قد تبيع حصتها في «سيتي غروب» لصندوق سيادي خليجي.

 

لو كان أوباما من أنصار رأسمالية الدولة لسار في الاتجاه المعاكس، فالرئيس الذي يسعى لأن تكون الدولة هي المسيطر الأكبر على السوق، كان سيحاول أن يجعل الدولة تمتلك أكبر قدر ممكن من الشركات الكبرى، كما أن أي رئيس يسعى لاستغلال الأسواق لتحقيق مكاسب سياسية، فإنه سيحاول تغيير الفضاء التنافسي في السوق، عن طريق تقديم حوافز كبيرة للشركات التي تملكها الحكومة، لتحقيق سياسات وفرض أجندات معينة، غير أن أوباما يسير في الاتجاه المعاكس لهذا.

 

تصرفات الحكومة الأميركية وإجراءاتها تؤثر كثيراً على الأسواق، ونتيجة لهذا كثيراً ما سمعنا تذمر المستشارين الاقتصاديين الآخرين حول تدخلات أوباما. وبما أن هؤلاء المستشارين يتقاضون ثمناً لما يقولونه أو يعتقدونه، فينبغي أن يبرهن السوق على صدق كلامهم وجدية مخاوفهم من تدخلات الرئيس الأميركي في اقتصاد الدولة.

 

بما أن رأسمالية الدولة أو الاشتراكية تعنيان انتقال مصادر الثروة الخاصة إلى الدولة أو إلى الفقراء، إذاً كان من المفروض لسوق الأسهم الآن أن يعاني، غير أننا نرى أنه يمر بمرحلة التعافي.

 

كما ينبغي علينا أن لا نتجاهل إنجازات أوباما في هذا الشأن، وتحديداً ما قام به من إصلاحات في مجال القطاع الصحي، فقد استخدم أوباما سياسة الأزمات لكي يعيد تشكيل قطاع مهم من قطاعات الاقتصاد الأميركي، ونجح في فرض قانون لزيادة الإنفاق الحكومي على شبكة الأمان الاجتماعي لكي تشمل المزيد من الأميركيين، رغم أن هذا سيعني المزيد من الضرائب على فئات الشعب الأخرى.

 

وفي الوقت الذي يكيل المنتقدون الاتهامات لأوباما بأنه حول القطاع الصحي في الولايات المتحدة إلى قطاع اشتراكي، نرى أن مؤشر داو جونز قد ارتفع، في ما يتعلق بقطاع أميركا الصحي، بشكل أفضل مما كان عليه أيام جورج بوش.

 

أوباما ليس اشتراكياً وليس من أنصار رأسمالية الدولة، بل هو ببساطة رئيس دولة عادي عن الحزب الديمقراطي، نجح أكثر من الرؤساء السابقين في تمرير الكثير من القرارات الاجتماعية المهمة، بفضل الأزمة وسيطرته على الحزبين في الكونغرس.

 

لكن رغم هذا، فمن الصعب على الولايات المتحدة أن تتفادى خطر رأسمالية الدولة المحدق، فظهور هذا النظام في الدول الغنية بالنفط، يعني أن عدد شركات البترول المملوكة من قبل الحكومات سيرتفع، وهذا يعني أيضاً أن السياسة الدولية هي التي ستحدد في المستقبل الطريقة التي ينبغي على الشركات الأميركية أن تدفع من خلالها ثمن النفط، الذي يعتبر محرك الاقتصاد الأول في الولايات المتحدة.

 

كما أن بزوغ شمس الشركات والمشروعات المملوكة من قبل الحكومة في الصين وفي مناطق أخرى من العالم، يعني أن الشركات الأميركية باتت تقف أمام منافسين أقوياء جدد يتمتعون بامتيازات حكومية كبيرة. لهذا فإن الخطر المحدق بنظام الرأسمالية الحرة في أميركا، سببه الرأسماليون الحكوميون في الخارج، وليس السياسيون في واشنطن.

رئيس مجموعة يوراشيا للاستشارات السياسية

==================

العراق بين الوصاية والسيادة

آخر تحديث:الجمعة ,30/07/2010

الحسين الزاوي

الخليج

إن طرح الأسئلة الحقيقية هو بمثابة الخطوة الأولى باتجاه الطريق الصحيح الذي يتوجب على الدول والشعوب أن تسلكه، ومن ثمة فإن السؤال الأساسي الذي يمكن أن يطرح في العراق ليس ذاك المتعلق بهوية رئيس الحكومة، ولا بطبيعة الكتلة السياسية التي ستعتلي سدة الحكم فيه، وإنما هو شديد الارتباط بمحتوى البرنامج الذي سيسمح للعراقيين باستعادة الوحدة الوطنية والقضاء على الذهنية الطائفية المقيتة . إنه سؤال جوهره الاختيار بين السيادة والوصاية، سواء كانت مباشرة أو مقنعة تختفي وراء شعارات أضحت بالية ومكشوفة للجميع، اختيار بين العراق الذي يريد أن يكون وفياً لقيمه الحضارية التي جعلته يقود مسيرة التقدم الحضاري لقرون طويلة، وعراق خاضع لولاءات إقليمية ودولية تريده أن يظل معتركاً وساحة لتصفيات حسابات الآخرين .

 

إن الشعب العراقي الأصيل قد حسم خياراته ورهاناته المستقبلية منذ أن أطلَّ عليه الاستعمار بنيران آلياته المدمرة، لكن المشكل الذي يظل يؤرق أبناء هذا الشعب الطيب هو الحسابات السياسية الضيقة لبعض الساسة الذين يريدون أن يتجمَّلوا بمساحيق السلطة ويتمسكوا بقشور السياسة، حتى وإن كلفهم ذلك وأد أحلام الملايين والتضحية بجغرافية سياسية سالت من أجل رسم حدودها قوافل من الشهداء . لا شك في أن ما يحدث في العراق يُفرح كثيراً كل الذين لا يريدون أن يروا عراقاً شامخاً وقوياً، وكل الذين يفضلون تحقيق هوياتهم المتشظية والمريبة على حساب هوية وطنية كاملة ومتضامنة من حيث مرجعياتها الأساسية . إذ من العجب العجاب في المشهد العراقي الحالي أن يتسابق ذئاب وأعداء الوحدة الوطنية في الداخل والخارج، من أجل تقديم النصح للخصوم السياسيين ودعوتهم إلى تقديم التنازلات الضرورية من أجل تشكيل الحكومة العراقية، التي ربما تكون قد حطمت الرقم القياسي العالمي بالنسبة للمدة التي يمكن أن يستغرقها الأمر من أجل تشكيل فريق حكومي، وهي مرشحة الآن من أجل تحطيم رقمها الشخصي قبل أن يتم التوصل إلى الإعلان عن الحكومة المعجزة . حكومة لا يدري العراقيون على وجه التحديد إن كانت ستكون في مستوى مواجهة تحديات المرحلة المقبلة، التي يجب أن يتم فيها التعجيل بقطع كل أشكال التنسيق مع جيش الاحتلال، واستكمال بناء جيش وطني قوي ليس له ولاء آخر غير الولاء للوطن، من أجل تجاوز التركة الطائفية

 

الثقيلة التي عمل على ترسيخها الاستعمار الأمريكي .

 

ويمكن القول إن تشكيلة النظام السياسي الحالية مسؤولة إلى حد كبير عن حالة الشلل السياسي التي يعيشها العراق منذ نهاية الموعد الانتخابي الأخير، وحتى في حال توصل الكتل السياسية إلى اتفاق يقضي بتشكيل حكومة جديدة، فإن ذلك لن يفضي بالضرورة إلى إيجاد حل جذري لإشكالية السلطة في بلاد الرافدين، لأن ذلك سيؤدي إلى ترحيل الأزمة إلى مرحلة مقبلة، ولن يسهم في توفير حل جذري لمشكلة مشروعية ومرجعية السلطة السياسية في العراق، إذ إن استمرار البنية السياسية الحالية سيؤدي بأطراف كثيرة، ممن ضعفت لديهم قوة الولاء للدولة الوطنية، إلى الدفع بالعملية السياسية باتجاه الخيارات الانفصالية، خاصة وأن البنية السياسية الحالية باتت تشجع الكثيرين إلى المناداة بإقامة أقاليم جديدة تتمتع بهامش كبير من الاستقلالية أسوة بإقليم كردستان .

 

وعليه، فإنه لا يمكن للطبقة السياسية الحالية في العراق أن تحقق كل شيء دفعة واحدة، فالأمراض الذي أفرزها الاحتلال كثيرة والأدوية المناسبة يجب أن تُؤخذ على جرعات وليس دفعة واحدة، لا يمكن، إذاً، للعراق أن يحقق الأمن والاستقرار والنمو والتطور والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة دفعة واحدة، في الوقت الذي يتربص به الأعداء والخصوم من كل حدب وصوب . وفضلاً عن ذلك، فالنخب السياسية العراقية تعرف جيداً أن الديمقراطية الغربية التي يريد الكثيرون الاقتداء بها، هي في الأساس والمنطلق ديمقراطية نخبوية يصل الغرب إلى تأسيسها عبر عملية اصطفاء معقدة تسمح ببروز مؤسسات مدنية تضمن استمرارية الدولة، وتحول دون سقوطها بين مخالب النزعات الغوغائية للمغامرين . فالسلطة في الديمقراطيات الغربية الراسخة معروفة وبدائلها الممكنة معروفة أيضاً، ولها خطوط حمراء لا تستطيع أن تتجاوزها، ولا يمكن لأي معارضة سياسية في الغرب أن تغيِّر من طبيعة مشروعية الحكم ومرجعياته السياسية الكبرى، ولا يمكن بالتالي للغرب لا راهناً ولا مستقبلاً، أن يسمح بتكرار تجربة تسلم السلطة بطريقة عشوائية، كما حدث خلال التجربة النازية في ألمانيا أو مغامرة الحكم الفاشي في إيطاليا .

 

ويمكننا أن نزعم في هذا السياق المتصل بتشكيل الحكومة المقبلة أنه، وعلى الرغم من أن تدخل دول الجوار في الشأن العراقي من شأنه أن يضاعف من أزمة العراق، فإن بعض الجهود المخلصة والصادقة للأشقاء، على قلّتها، يمكنها أن تُسهم في تقريب المواقف ما بين القوى السياسية المتصارعة في العراق، وقد تساعد، على الأقل في المرحلة الراهنة، على تجاوز مرحلة الانسداد الحاصل والتعجيل بتشكيل حكومة قادرة على التصدي للتحديات المقبلة . وعلى تجاوز مرحلة الوصاية والانتقال السلس والهادئ إلى مرحلة السيادة التي من شأنها معالجة آثار الغزو والاستعمار بكل حكمة وتبصر، وعلى الذين يتربصون الدوائر بالعراق أن يعلموا أن أي مكروه يلحق بالعراق ستكتوي بنيرانه كل دول الجوار، إذ لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله .

==================

هل من حرب "إسرائيلية" جديدة ضد لبنان؟

آخر تحديث:الجمعة ,30/07/2010

رغيد الصلح

الخليج

عندما يحلل مؤيدو “إسرائيل” الأوضاع في الشرق الأوسط والمنطقة العربية، فإنهم كثيراً ما يلجأون إلى الأرماغيدون لإضفاء مصداقية دينية وخلاصية على توقعاتهم . هذه الصورة تسترجع اليوم بمناسبة الاحاديث المتطايرة عن حرب قريبة سوف تشنها “إسرائيل” على لبنان أو على حزب الله تقريباً . في هذا السياق نشرت مجلة “تابلت” الإلكترونية المؤيدة ل “إسرائيل” تحليلاً تنبأت فيه بوقوع حرب قريبة في لبنان . السبب الحقيقي وراء هذه الحرب لن يكون، في رأي المجلة، الاعتبارات “الدنيوية” التي يجري الحديث عنها يومياً في الإعلام الدولي، ولكنه الصراع (الحضاري) بين دولة مكونة من مؤسسات تختزن آلاف السنين من “المبادئ والقيم التي أوصلتنا إلى الحداثة السياسية” . هذا من جهة، وبين “الفوضى البدائية لقبائل متصارعة عبر المنطقة حيث العنف والغموض هو السائد، وحيث المصالح الوطنية هي غطاء للأعمال الدموية التي تقوم بها أجهزة السلطة”، من جهة أخرى .

 

مقابل هذه التوقعات ذات المذاق الديني، تتسم تحليلات وتنبؤات أخرى يقدمها فريق آخر من مؤيدي “إسرائيل” بطابع أكثر دقة وواقعية لاحتمالات قيام “إسرائيل” بشن حرب على لبنان . فدانيال كورتز، السفير الأمريكي السابق في “إسرائيل” ومصر يعتقد أن “إسرائيل” تتهيأ لشن حرب ضد لبنان، وأن ترجيح احتمال الحرب يعود إلى شعور “الإسرائيليين” بأن حزب الله تجاوز “الخط الأحمر” في تنمية قدراته العسكرية في جنوب لبنان . ويقدم كورتز في دراسة أعدها إلى مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية ثلاثة أسباب لهذا الشعور الذي ينتاب الاستراتيجيين “الإسرائيليين”:

 

أولاً، حصول حزب الله على صواريخ “سكود” وصواريخ “إم 600” التي تحتوي على أجهزة توجيه دقيقة، بحيث تمكن المقاومة اللبنانية من إصابة أهداف تبعد قرابة 160 ميلاً عن الحدود اللبنانية .

 

ثانياً، حصول حزب الله على صواريخ تبلغ حمولتها 500 باوند من المتفجرات بحيث تلحق أضراراً كبيرة بالمناطق المستهدفة .

 

ثالثاً، احتمالات حقيقية حول تطوير صواريخ أرض- جو التي يمتلكها حزب الله .

 

إن هذه الاعتبارات الثلاثة جديرة بأن تؤثر في موازين القوى بين “إسرائيل” وجيرانها العرب، وأن تحدث خرقاً استراتيجياً في جدار الأمن “الإسرائيلي”، وهو أمر لا يمكن ل “الإسرائيليين” تحمله كما تقول “تابلت” .

 

يعزز كورتز توقعاته هذه بالتنبيه إلى ثلاثة مؤشرات ترجح وقوع حرب “إسرائيلية”  لبنانية جديدة . من هذه المؤشرات ما يصفه بالتصعيد الخطابي الذي صدر عن حزب الله في الأسابيع الأخيرة وبدءاً من موقعة “أسطول الحرية” . ومن هذه المؤشرات أيضاً، التهديدات المتوالية التي تصدر عن المسؤولين “الإسرائيليين” ضد حزب الله وضد إيران وحتى ضد الحكومة اللبنانية . يضيف كورتز هنا، أن هذه التهديدات تصدر بعد جلسات حكومية مع القيادات العسكرية “الإسرائيلية” مما يضفي عليها، أي التهديدات، طابع الجدية . أخيراً لا آخراً، الاستعدادات “الإسرائيلية” العسكرية والدفاعية التي تتكاثر بصورة لافتة للنظر مثل المناورات العسكرية الواسعة التي قامت بها القوات “الإسرائيلية” خلال شهر فبراير/ شباط من هذا العام، والمناورات التي نظمتها مؤسسات الدفاع المدني “الإسرائيلية” خلال شهر مايو/ أيار الفائت درءاً لهجوم محتمل على المدن “الإسرائيلية” .

 

تتسم توقعات كورتز بالأهمية لأن صاحبها قريب من الإدارة الأمريكية الحالية، فقد ساهم مع دنيس روس في إعداد الخطاب الذي ألقاه باراك أوباما، وحدد فيه سياسته تجاه الشرق الأوسط خلال صيف عام 2008 في افتتاح منظمة ايباك المؤيدة ل “إسرائيل” . ثم إن تقديرات كورتز حول نمو قدرات حزب الله العسكرية وردود الفعل “الإسرائيلية” على هذا المتغير ليست بعيدة عن الواقع، فهي تتكرر في تقارير يومية تقريباً . وقد أضيف إليها وإلى مفاعليها المتوقعة اعتبارات أخرى أشار إليها محللون آخرون أكثرهم من مؤيدي “إسرائيل” مثل الصحافي الأمريكي لي سميث الذي يذكر عاملين مهمين يساهمان في ترجيح خيارات الحرب “الإسرائيلية”  اللبنانية:

 

العامل الأول، هو اقتراب مواعيد انسحاب الولايات المتحدة من العراق وأفغانستان . فلقد حدد الأمريكيون نهاية العام المقبل كموعد لسحب كافة القوات الأمريكية من العراق . كذلك تسعى إدارة أوباما إلى تهيئة الظروف المناسبة للانسحاب من أفغانستان بعد استكمال بناء القوات الأفغانية . إن هذه الانسحابات سوف تترك “إسرائيل”، كما يعتقد بعض “الإسرائيليين” في العراء . وفي غياب القوات الأمريكية، فإن الأوضاع في العراق وأفغانستان قد تتبدل على نحو يخدم قوى المقاومة المسلحة ضد “إسرائيل”، أي حزب الله في لبنان وحماس في فلسطين . واستباقاً لهذه الأوضاع فإن “إسرائيل” ستجد نفسها أمام حرب ضرورة ضد حزب الله، وليس أمام حرب اختيار كما كان الأمر عام 2006 .

 

العامل الثاني، هو اكتشاف الكميات الكبيرة من الغاز . ويعتقد لي سميث أن الغاز سوف يسهم في حمل “إسرائيل” على شن حرب على لبنان . لا يبين الصحافي الأمريكي بدقة لماذا يحفز العامل الثاني “إسرائيل” على مهاجمة لبنان وحزب الله؟ ولكن يمكن الاستنتاج أنه سوف تكون رغبة “إسرائيل” في الاستحواذ على أكبر كمية من هذه الطاقة، وهو أمر سوف يؤدي إلى احتكاكات قوية، ثم حرب بين اللبنانيين و”الإسرائيليين” .

 

اذا استبعدنا الحتميات الارماغيدونية عن الحرب، فإنه يمكن القول إن الحرب “الإسرائيلية” ضد لبنان ليست مستبعدة، ولكنها ليست حتمية . طبعاً هناك توق “إسرائيلي” عارم للحفاظ على موازين القوى الشرق أوسطية على حالها الراهن، حيث تستطيع “إسرائيل” الاضطلاع بدور “القوة الإقليمية العظمى” التي تستطيع بمفردها أن تهزم جميع القوى المعادية، سواء تفرقت أم تكتلت . ولكن هل يحفز هذا التوق الزعماء “الإسرائيليين” على شن حرب جديدة ضد لبنان وضد المقاومة اللبنانية؟ إن التفكير بشن مثل هذه الحرب سوف يصطدم بعقبات كبيرة تأتي في مقدمتها الصعوبات التالية:

 

1- إن سيناريو عام 2006 قد يتكرر مرة أخرى: أي أن تنجح “إسرائيل” في إلحاق أضرار كبيرة بلبنان، بل بمضاعفة الأذى الذي أنزلته باللبنانيين، أما نجاحها في القضاء على المقاومة فهو مغامرة تحيطها مخاطر كثيرة .

 

2- إن الأجواء الدولية ليست مؤاتية ل “إسرائيل”، إذ باتت تسبح في منطقة مشبعة بالعداء لها والحرب سوف تشعل مشاعر العداء ضدها . أما على الصعيد الدولي فإنها سوف تصطدم بعقبة كبرى في واشنطن نفسها بعد خروج حلفائها من البيت الأبيض . فالنظرة السائدة في الإدارة الأمريكية اليوم هي، كما وصفها لي سميث نفسه بعد جولة من المحاورات مع المسؤولين الأمريكيين بأن “إسرائيل” تحولت من رصيد لحساب أمريكا إلى عبء عليها، وأن أفضل شيء يفعله “الإسرائيليون” هو ألا يثيروا المتاعب لأنفسهم وللغرب .

 

رغم هذين الاعتبارين، ورغم ادعاءات العقلانية والواقعية التي ينسبها “الإسرائيليون” وأنصارهم في الغرب إلى السياسة “الإسرائيلية”، فإن العقل الصهيوني لا يزال ينقل اليهود من مسعدة إلى أخرى، بدلاً من أن يوفر لهم العيش الآمن والحرية والازدهار . ومن ثم فإن الحرب “الإسرائيلية” ضد لبنان ليست من الاحتمالات الكبيرة، لكنها تبقى على كل حال من الاحتمالات .

==================

إما مبادرة إسرائيلية وإما الانفجار

الاربعاء, 28 يوليو 2010

آري شافيط *

الحياة

يمكن القول انه على رغم ان (رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق) إسحق شامير ارتكب خطأ عندما لم ينتهز الفرصة المؤاتية التي سنحت اثناء ولايته (في بداية تسعينات القرن الماضي) فلم يقر ترتيبات سياسية تعزز الاستقرار الإقليمي، فتمسكه بدوام الوضع القائم كان مبرراً. لكن الوضع اليوم يبدو مختلفاً تماماً. ومع ذلك، فإن بعض المقربين من رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، لا يزالون يحنّون الى شامير وإلى «نجاحه». وهؤلاء يتطلعون الى تجنب مغامرات سياسية على غرار مغامرات إسحق رابين وإيهود باراك وإيهود أولمرت، ويريدون الانصراف الى بناء الوطن القومي من الداخل من غير تسرع ولا عجلة.

وإذا صح أن نتانياهو يفكر فعلاً في اقتداء مثال شامير، فعليه إعمال الرأي ملياً. فالأحوال تغيرت ولم يبقَ العرب حيث كانوا ولا العالم بقي على حاله. ففي 1990، كان في إمكان إسرائيل ضرب اي موضع في الشرق الأوسط في الوقت المؤاتي. وفي 2010، في إمكان أعداء إسرائيل ضرب اي موضع في دولة إسرائيل، في الوقت الذي يختارون. فـ «حماس» قادرة على قصف وسط تل أبيب بعشرات الصواريخ الإيرانية التي يبلغ مدى الواحد منها 75 كلم والمزودة رؤوساً متفجرة تبلغ زنة الواحدة 150 كلغ. و «حزب الله» قادر على قصف وسط إسرائيل بمئات الصواريخ، وبعض صواريخ «سكود». وتملك سورية وإيران قدرات صاروخية هائلة.

وفي 1990، كانت ساحة الشرق الأوسط مستقرة. وأمكن احتواء حربين في الخليج وانتفاضتين فلسطينيتين. يعود هذا الى ان الولايات المتحدة كانت سيدة العالم. ووسعها إنشاء تحالف إقليمي معتدل وقوي، وقادته، وأرست بواسطته استقراراً استراتيجياً. وساحة الشرق الأوسط في 2010، غير مستقرة. والولايات المتحدة في طور انكفاء. وتحاول إيران الحلول محلها، دولة إقليمية عظمى متصدرة. والقوى التي تقوّض الاستقرار الإقليمي تتعاظم مكانتها، بينما القوى الراعية الاستقرار محرجة ومرتبكة.

وعلى هذا، فالصورة واضحة: نافذة الفرص التاريخية إبان مرحلة شامير - وهو لم يحسن استثمارها - تغلق شيئاً فشيئاً، والأعوام العشرون السمان في الشرق الأوسط على وشك النهاية. وإسرائيل باتت اليوم مهددة، عسكرياً وسياسياً على نحو لم تعرفه منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. وفي حال دوام الحال على ما هي عليه، فالانفجار الكبير على الأبواب. وفي المقابل، فالاستنتاج واضح كذلك: لا يملك نتانياهو خيار شامير ولا خيار الحفاظ على الوضع القائم وإذا لم تبادر إسرائيل الى كبح الاتجاهات الحالية، فالسقوط محتوم ولا مناص منه. وإذا لم يتحول بنيامين نتانياهو رئيس حكومة مثل مناحيم بيغن، فسيشبه غولدا مئير (رئيسة الحكومة التي اندلعت حرب تشرين الأول/ اكتوبر اثناء ولايتها).

* معلق، عن «هآرتس» الإسرائيلية، 22/7/2010، إعداد سمير صراص (مختارات من الصحف العبرية، مؤسسة الدراسات الفلسطينية) وتصرّف «الحياة».

==================

المحكمة ودليلها

الخميس, 29 يوليو 2010

زهير قصيباتي

الحياة

سيطمئِن اللبنانيين توافد زعماء عرب الى بيروت، لعله بتمديد الرعاية العربية للاستقرار يحول دون صيف ملتهب قبل ما سمي «الخريف الساخن». وإن كان استباق القرار الظني الاتهامي الذي يفترض ان تصدره المحكمة الدولية، المولجة قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، قرئ بمقاربات متباينة، بين احتواء «فتنة» قد تتربص بالبلد، وأخذه باكراً الى تداعيات قرار يبقى في يد المحكمة وحدها… فتجديد الرعاية العربية للبنان لن يطرح مسألة التدخل في عمل القضاة أو التأثير في مساره.

وإذ كان لافتاً عشية قمة شرم الشيخ التي جمعت خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس المصري حسني مبارك، أن تشدد القاهرة على أولوية الملف اللبناني الى جانب الفلسطيني في محادثات القمة، فالأكيد ان جولة الملك عبدالله بمحطتها اللبنانية بعد سورية ومصر، ليست سوى استكمال لمبادرته من أجل ترسيخ المصالحات العربية التي تحوّلَ لبنان الى ركن أساس فيها. والمصالحات ذاتها إذ استبعدت مرحلة تصنيفات بين دول اعتدال وغيره، باتت كل الدول العربية معنية بتطويق قوس الأزمات الممتد من الخليج (ايران) والجزيرة العربية (اليمن) والعراق الى لبنان وفلسطين والسودان.

فالعراق على عتبة كارثة الفراغ الدستوري، واليمن ما زال مهدداً بحرب جديدة مع الحوثيين، لا يعرف أحد مَن يحرك خيوطها، أو على الأقل يمتنع عن كشفه لتفادي تمدد نار الحريق. وإن كان الملف العراقي الآن قضية داخلية، واليمني كذلك بمعطياته الميدانية، فمسألة المحكمة الخاصة هي عربية ودولية بمقدار ما هي لبنانية، ولا يمكن لبنان ان يسقِطها أو يلغيها منذ ولِدت بقرار لمجلس الأمن. في المقابل، لا يمكن المحكمة ان تبني قرارها الاتهامي قانونياً، على إيحاءات لبنانية أو عربية أو دولية.

وأما الجديد في مواقف الأطراف اللبنانيين التي تلت نزع الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله صدقية المحكمة ولجنة التحقيق، فهو إعلان قادة في 14 آذار على رأسهم رئيس الوزراء سعد الحريري أن الدليل القاطع وحده هو المطلوب في أي قرار اتهامي. ولكن هل يكفي ذلك لمعالجة قلق الحزب، وطمأنة زعيمه؟

الجديد الذي تبلور في خطابات السيد نصر الله، هو عملياً عودة عن الإجماع اللبناني الذي تكرّس في البيان الوزاري وعلى طاولة الحوار في شأن إخراج المحكمة من التداول، ورفض تسييسها. ولكن، يُسجل على هامش السجال الساخن، إجماع على التحذير من الخبث الإسرائيلي الذي ينتظر لحظةً ينقضّ فيها لبنانيون على لبنانيين، وتتمدد «العرقنة».

واضح ان الدعوة السعودية الى التعقل لحماية استقرار لبنان، هي في مقدم الرسائل التي تحملها زيارة الملك عبدالله ولقاءاته في بعبدا، بعد القمة مع الرئيس ميشال سليمان، والتي قد ينضم إليها الرئيس السوري بشار الأسد. والتقارب السعودي – السوري الذي يواكبه انفراج بين بيروت ودمشق، على قاعدة لقاءات الحريري مع الأسد، لا يمكن إلا ان يساهما في إعادة ضبط إيقاع السجالات اللبنانية، لأن المنطقة لا تحتمل حريقاً آخر.

ومثلما بات مصطلحاً ان لا أحد في لبنان يريد بأي ثمن «الثأر» من قتلة رفيق الحريري وقتلة باقي الشهداء، ليس بين الدول العربية من تريد القصاص في المحكمة رغبة في ثأر. الإجماع هو على عدم التسييس، ولكل من الدول العربية المعنية لغتها في التعبير عن هذا الموقف:

- السعودية تمتنع عن تناول أي شأن يخص المحكمة، القادرة وحدها على بت ملف الاغتيالات، بموجب قرار دولي يعتبر العدالة طريقاً لحماية استقرار لبنان.

- مصر تتمسك بمعادلة ذات مسارين: لا تدخل في عمل المحكمة، ولا تهاون مع أي فريق في لبنان «يلعب» باستقراره. ولا يعني تأكيد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط رفض 7 أيار جديد سوى ان ما قبلت به القاهرة آنذاك، بالأحرى امتناعها عن التدخل، لم يعد قابلاً للتجديد لأن الظروف الإقليمية تبدلت، وقوس الأزمات العربية تجاوز القدرة على احتماله.

- سورية ضد تسييس المحكمة، لكنها أعلنت رفضها أي قرار يتهم أي حزب باغتيال رفيق الحريري. والمحكمة كما اعلن السيد نصر الله قد تسمي اشخاصاً لا الحزب، لكنهم ينتمون إليه.

- قطر التي رعت اتفاق الدوحة ويزور أميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لبنان هذا الأسبوع أيضاً، تجد نفسها معنية بحماية الصيغة السياسية التي تلت الاتفاق، والنأي بها عن قضية المحكمة.

هو عملياً إجماع عربي على ان الاستقرار اللبناني حاجة عربية ملحّة، ستشدد عليها قمم بعبدا، من خلال رسالة تبدو شبه موحدة: لبنان ليس وحيداً في مواجهة تهديدات إسرائيل، ولكن على اللبنانيين حسم خيارهم بأن الخط الأحمر الأول هو توافقهم بأي ثمن… مع استثناء وحيد: شطب المحكمة ممنوع.

وأما الثمن فلن يكون بخساً، خصوصاً حين تتجدد الانقسامات على طبيعة الدور العربي ذاته. لعل من يتهم مصر بالتدخل في «شؤوننا»، يتذكر شكوى إيران من ضغوط عليها، عبر تطورات المحكمة.

==================

القمة وتثبيت الطائف

الجمعة, 30 يوليو 2010

وليد شقير

الحياة

ترمز القمة الثلاثية السعودية – السورية – اللبنانية التي ستعقد في بيروت اليوم الى الكثير على الصعيد الاستراتيجي، في علاقة الحراك العربي الواسع الذي تشهده المنطقة، والذي يشمل زيارة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بيروت مع عقد هذه القمة.

وأول الأبعاد الاستراتيجية للقمة الثلاثية هو أن الراعيين الأساسيين لاتفاق الطائف الذي عقد عام 1989، أي السعودية وسورية، يثبتان هذا الاتفاق في رعايتهما الوضع اللبناني عبر هذه القمة. فاتفاق الطائف ارسى التوازنات الداخلية اللبنانية على صيغة دقيقة، بقيت معرضة لاهتزاز حيناً ولعدم التنفيذ والتطبيق حيناً آخر وتعرضت للتشكيك في أحيان أخرى نتيجة الأزمة السياسية الكبرى التي عصفت بلبنان منذ عام 2004 والتي دفعت ببعض الأطراف الى الدعوة لتعديل هذه الصيغة، لعل ذلك يساهم في إيجاد حلول لتلك الأزمة، لكن أياً من الفرقاء لم يطرح هذا المطلب في شكل واضح لتعذر هذا الأمر. بل ان اتفاق الدوحة الذي أنزل الأزمة السياسية التي أخذت طابعاً عسكرياً في أيار (مايو) 2008، من ذروة عالية بلغتها الى مستوى الحوار بين الأطراف استند الى اتفاق الطائف مرجعاً للتوازن السياسي الداخلي.

والقمة، سواء تطرقت، أم لم تتطرق الى مسألة تثبيت الطائف، فإن وجود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري بشار الأسد معاً على الأرض اللبنانية في ظل تأزم سياسي جديد يشهده البلد الصغير، يعيد الى الأذهان هذا العنوان، لمجرد التنبه الى ما سبق حدث اليوم من مقدمات: سورية أعادت الاعتبار للطائف عبر علاقتها الجديدة مع رئاسة الحكومة ودورها في التركيبة السياسية والتوازنات اللبنانية، بعد سنوات من القطيعة مع هذا الموقع الدستوري اللبناني، والسعودية رعت وشجعت استعادة العلاقات المميزة بين لبنان وسورية باعتبارها بنداً رئيساً في اتفاق الطائف، بعد سنوات من الجفاء والخصومة الشديدة، وهو ما قطع شوطاً حين جرى تثبيت اتفاقات وتوقيع الجديد منها خلال زيارة الحريري الأخيرة العاصمة السورية...

تكثر الدلائل الى مدى التمسك السعودي – السوري باتفاق الطائف وأبسطها أن المصالحة بين الرياض ودمشق وضعت الاستقرار اللبناني بنداً أساسياً من بنودها. واتفاق الطائف هو وثيقة هذا الاستقرار ودستوره ووصفته «الطبية» حيال أي إخلال بالتوازنات اللبنانية لأنه إخلال يهدد هذا الاستقرار.

لكن تثبيت الطائف من قبل الراعيين يطرح عليهما، وعلى اللبنانيين الذين يتحملون مسؤولية قصوى هنا، تحديات كبرى تتعلق باستكمال تنفيذ هذا الاتفاق. فتأخير تنفيذ عدد من بنوده كان سبباً لاهتزاز الاستقرار. والتحديات في هذا المجال متوسطة وطويلة الأمد، بحيث تبقى الرعاية السعودية – السورية حاجة مستمرة.

وإذا كانت كل من الرياض ودمشق احتفظت بعلاقات مع فريق «حليف» أو مع جهات محددة في مرحلة التأزم في علاقاتهما وتحديداً على أرض لبنان، فإن الرعاية الجديدة لعملية تثبيت الطائف وإعادة إطلاق دينامية الالتزام به ترتب على كل منهما صياغة جديدة للعلاقة مع الفرقاء الداخليين بحيث يوجب ذلك توسيعاً لرقعة هذه العلاقات، ويوجب أيضاً تكيفاً من حلفاء كل منهما مع مقتضيات المرحلة الجديدة.

لكن ما يشغل بال اللبنانيين وقادتهم بالتزامن مع القمة الثلاثية يتعلق أكثر بالتأزم المستجد على خلفية حملة «حزب الله» على المحكمة الدولية واحتمال صدور قرار ظني بتورط أفراد من الحزب في جريمة اغتيال الحريري، أكثر من انشغالهم بأسئلة يفرضها التثبيت السعودي للطائف. فسعيهم الى أجوبة عما إذا كان هذا التأزم سيقودهم الى فتنة جديدة، يضع السؤال عما إذا كانت القمة الثلاثية ستعيد تفويض سورية بحلة جديدة من دون وجود عسكري بالشأن اللبناني، في مرتبة ثانية من الأهمية. كما أن إلحاحهم على الاطمئنان الى إمكان تجنب الحرب الإسرائيلية عليهم، يصرفهم عن السؤال عما سيكون عليه موقف إيران التي أجّلت زيارة رئيسها للبنان الى ما بعد عيد الفطر، مطمئنة الى قدرتها على لعب دور بعيداً من التسويات التي يجري ترتيبها الآن.

لا يأمل البعض بأكثر من تثبيت اتفاق الدوحة بما هو هدنة مخرجاً من التأزم الراهن المتعلق بالمحكمة. وهنا ينضم الدور القطري الى الدورين السعودي والسوري. فلا أحد لديه أجوبة عملية واضحة يمكن القمة أن تسعى إليها، عما يقلق «حزب الله»، حتى أن الحزب نفسه لم يقدم جواباً واضحاً قابلاً للتنفيذ حيال موضوع المحكمة.

=========================

الزمن والعرب ولبنان والتسوية

رضوان السيد

الشرق الاوسط

7/30/2010

اكتمل المشهد بهجوم الرئيس الإيراني ورئيس مجلس الشورى على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان يوم الثلاثاء الماضي. فقد اعتبر المسؤولان الإيرانيان الكبيران المحكمة وقرارها المنتظر جزءا من حملات الضغط على الجمهورية الإسلامية، وليس على حزب الله والمقاومة وحسب. وهكذا وقبل ساعات من وصول المسؤولين العرب الكبار (الملك عبد الله بن عبد العزيز، والرئيس السوري بشار الأسد، وأمير دولة قطر) إلى بيروت ظهرت جبهتان: الجبهة الأميركية - الروسية والأوروبية، وجبهة إيران - حزب الله، وبينهما فرقاء متعددون عرب وإقليميون، يتحركون بين الجبهتين، والبعض منهم تصل آماله إلى حدود إحداث اختراق في عملية التسوية بالمنطقة، والبعض الآخر تقصر آماله عن ذلك، ويسعى للحفاظ على قدر من الاستقرار وسط تقلبات الظروف والمواقف.

ما الذي أوصل الأمور إلى هذه الحدود والانسدادات، وكيف يمكن فهم ما يجري داخل المشهد وعلى حواشيه؟

إن أول ما ينبغي تجنبه الوقوع في أسر الأحداث الطارئة التي يريد كل طرف وضعها في أساس المشهد الراهن. وذلك لأن هذه الأحداث، ومنها حملات حزب الله وإيران على المحكمة، وحملات الآخرين على إيران وحزب الله، المقصود بها التنبيه إلى الأوراق التي يملكها كل منهم في ممارسات منع التسوية أو حرف مسارِها لصالحه.

أما الأمور كلها فقد بدأت في مرحلتها الراهنة قبل ستة أشهر، عندما فشلت جهود جورج ميتشل مبعوث الرئيس الأميركي بعد عام ونيف من الرحلات المكوكية، في إعادة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى طاولة التفاوض، ومن جهة أخرى بدأ مشهد دولي يتجمع لتشديد الضغوط على إيران وصولا إلى قرار دولي رابع بزيادة العقوبات عليها من أجل برنامجها النووي. وبخلاف السنوات السابقة وصولا إلى الحرب على غزة آخر عام 2008؛ فإن العرب كانوا حاضرين هذه المرة للتصرف. إذ منذ قمة الكويت الاقتصادية، تسارعت المصالحات العربية بمبادرة من الملك عبد الله بن عبد العزيز، وأعيدت المبادرة العربية للسلام إلى الطاولة، لكن ليس إلى أمد غير محدود. ولذا فعندما عرض الأميركيون أفكارا ومنها التفاوض غير المباشر، اجتمع مجلس وزراء الخارجية العرب بالجامعة بالقاهرة، وأقر تفاوضا غير مباشر مدته أربعة أشهر، فإن لم يحصل تقدم فيه باتجاه إزالة الاحتلال عن الأرض العربية، وإقامة الدولة الفلسطينية في حدود عام 1967؛ فإن العرب سيوقفون التفاوض، ويتجهون لمجلس الأمن لإنفاذ القرارات الدولية ذات الصِلة. وقبل شهر من الآن، بدأ العرب يقولون - ومن ضمن من قالوا لهم ذلك الرئيس أوباما - إن التقدم المرجو لم يحصل، وإنهم ذاهبون لمجلس الأمن. في حين تحدث الأميركيون عن تقدم قد حصل، وإنهم يطالبون بتحويل التفاوض غير المباشر إلى آخر مباشر؛ لأنهم يخشون إن انقطعت المفاوضات أن تقع الحرب. وهم يذهبون إلى أن إيران لها مصلحة - بسبب الحصار الواقع عليها - في المبادرة إلى تحريك الجبهات أو إحداها؛ في حين أصر العرب على أنه لا مصلحة في الحرب لغير إسرائيل التي لا تريد السلام، وأنه لم يبق علاج «سلمي» بالفعل إلا اللجوء إلى مجلس الأمن. وتحت وطأة المماحكات والهواجس، اقترح الأميركيون (وبعض العرب) تجنبا لقطع التفاوض أن يجري الإعلان من جانب إسرائيل عن القبول بالدولة الفلسطينية في حدود عام 1967، مع إمكانية لتبادل الأراضي (هكذا بشكل عام) فيكون ذلك مادة لامتداد فترة التفاوض، وتحويلها إلى مفاوضات مباشرة لكن ذات أمد محدود أيضا. وقد كانت هذه المقترحات والأفكار موضوع تشاور كثيف بين العرب، إنما لن يوصل إلى قرار بالرفض أو القبول إلا عندما يعود مجلس وزراء الخارجية العرب إلى الاجتماع خلال شهر أو شهر ونصف،على مشارف انقضاء فترة الشهور الأربعة.

وسط هذا المشهد المتكون، بدأت هجمات الأمين العام لحزب الله على المحكمة، لكنه استبق الهجمات بالقول إن المقاومة هي الطرف الرئيسي الذي يحول أو سيحول دون حصول «التسوية الظالمة». وفي الوقتِ نفسه الذي كان فيه الأمين العام لحزب الله، يقرر ذلك، كانت إسرائيل تعلن عن اقتراب نصب القبة الحديدية أو الفولاذية، التي تقي الكيان الصهيوني من الصواريخ القصيرة المدى. وبذلك اقترن تأزم التفاوض وإمكان حصول اختراقات لصالح استمراره؛ بازدياد الحصار على إيران، واكتمال استعدادات الطرفين (إسرائيل وحزب الله) لإنشاب الحرب، وهكذا. في حين ما انحسم مصير التفاوض بعد، فالذي انحسم أن الحرب إن كانت؛ فإن مسرحها القادم على الأرض اللبنانية. وقد «بشرنا» وزير الحرب الإسرائيلي أنه في حال نشوب الحرب؛ فإن المنشآت المدنية اللبنانية لن تكون بمأمن هذه المرة، كأنما كانت بمأمن في المرات الماضية! الذي انحسم أيضا أن الطرفين المتقابلين يملكان «مصلحة» في الحرب: إسرائيل التي تزعم أن الحرب تزيد الكيان أمنا، وتعيد للجيش معنوياته بعدما حدث في حرب عام 2006، وتشجع الإسرائيليين على السير في التسوية دونما مجازفات أمنية. وإيران لأنها ترد على الضغوط المتزايدة عليها، وتتموضع أكثر داخل المشهد، وتحول دون التسوية الظالمة، وتنبه سورية إلى المخاطر التي تتهددها نتيجة الإصغاء «لأوهام الحل العادل»؛ وتمنع تجريم حزب الله وتعيده إلى موقع البطولة في مواجهة العدو الإسرائيلي.

لسنا على أبواب تسوية بالفعل، لكن الحرب لا تنشئ دولة فلسطينية، ولا تحرر الأرض العربية، وستظل مهما بلغت أهوالها تحت سقف التسوية. ولأن العرب ما عادوا خارج الزمن، ولديهم خطة صارت معالمها واضحة؛ فإنهم سارعوا ويسارعون إلى لبنان رجاء الحفاظ على استقراره، ومنعا لاستخدامه ساحة للمرة الواحدة بعد المائة. ويأتي الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى بيروت، ليذكر بأن العرب ما نسوا لبنان ولا تجاهلوه، ولا يقبلون أن يظل مستخدما أرضا وشعبا وقودا للأزمات في أماكن أخرى. فالسعودية أنهت الحرب اللبنانية الداخلية باتفاق الطائف، وأطلقت المبادرة العربية للسلام من بيروت عام 2002، وكانت صاحبة الإسهام الرئيسي في إعادة إعماره بعد الحرب الأهلية، وبعد الحرب الإسرائيلية عليه عام 2006. ويأتي أمير دولة قطر إلى لبنان، ليذكر بأن قطر هي التي رعت عملية التهدئة والتوافق في تسوية الدوحة بعد أحداث مايو (أيار) عام 2008، وهي مستعدة للعمل من أجل استمرار التوافق. ويأتي الرئيس السوري إلى لبنان تتويجا لتحسن العلاقات اللبنانية - السورية، ولأن سائر الأطراف - وبعضها خاطبه علنا - تريده بشيرا بحل داخلي وسط ينقذ الجميع من أنفسهم، ومن استغلالات وتوظيفات محيطهم.

فهل تنجح سورية، وينجح العرب، في وقاية لبنان هذه المرة من العوامل الفتاكة للحرب والدمار؟ يستطيع العرب وقاية لبنان من شرور النزاع الداخلي، بحيث لا يوظف عدم الاستقرار السياسي والأمني في النزاع الجاري في المنطقة. أما الحروب من أجل التسوية أو من أجل منعِها، فتحتاج إلى ما هو أكثر من تبويس اللحى بين الأطراف الداخلية. لقد اجتمع بالجامعة العربية مجلس المبادرة أو لجنته للتشاور دونما اتخاذ قرار. ولا أزال أرى الذهاب إلى مجلس الأمن أفضل من الذهاب إلى التفاوض المباشر دونما ضمانات ذات صدقية؛ «والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون».

==================

ضرورة الاعتماد على باكستان

ديفيد إغناتيوس

الشرق الاوسط

7/30/2010

خلال السنوات التسع الماضية التي خاضت فيها الولايات المتحدة الحرب في أفغانستان، كان أي شخص حسن الانتباه يتابع الحرب لديه قلق متكرر: هل تستطيع أميركا الاعتماد على باكستان؟ هل يستطيع حلفاؤنا في هذه الدولة المضطربة إغلاق ملاذات طالبان على الحدود؟ وبالنسبة إلى هذه المسألة، هل يحاول الباكستانيون في الحقيقة القيام بذلك؟

أثار الكشف عن كم هائل من الوثائق المتعلقة بالحرب في أفغانستان الأسبوع الحالي من جانب «ويكيليكس» عددا من الأسئلة، لكن لا شيء أكثر أهمية من لغز باكستان. وعلى الرغم من أن إدارة أوباما قللت من أهمية الوثائق المسربة بصفة عامة، فإن مسؤولين بارزين يتفقون على أن قدرة باكستان على إغلاق الملاذات الآمنة قضية حاسمة تماما.

وقال الجنرال جيم جونز، مستشار الأمن القومي، في مقابلة أجريت معه يوم الثلاثاء الماضي في البيت الأبيض «تعد هذه الملاذات الآمنة علامة استفهام كبيرة من حيث معدل نجاحنا». وأشار إلى أن حركة طالبان والحركات التابعة لها استخدمت هذه الملاذات في أغراض التسلح والتدريب وتنظيم الصفوف وجمع المعلومات الاستخباراتية، مما أربك الاستراتيجية الأميركية.

ونفى المسؤولون الباكستانيون أن وكالاتهم الاستخباراتية تساعد طالبان، وأشاروا إلى الطبيعة غير المكتملة لمعلومات «ويكيليكس». بيد أنه لا تزال هناك حقيقة أن طالبان تواصل العمل بفاعلية من قواعد داخل باكستان، وفي الحقيقة تقوم بتصعيد هجماتها. وما لم يتغير ذلك، فمن المحتمل فشل الجهود الأميركية في أفغانستان. وأشاد جونز بالجيش الباكستاني لتصعيد عملياته في المنطقة الحدودية على مدار الـ18 شهرا الماضية، لكنه أكد «هناك أمور كثيرة ينبغي القيام بها، لكن ليس هناك الوقت الوفير».

واعتمد جونز على الرحلات التي قام بها إلى المنطقة على مدار العقد الماضي في تفسير السبب وراء كون باكستان «عاملا حاسما» في جهود الحرب. وأشار إلى أنه من عام 2003 حتى عام 2005، كان الحضور المنظم للعدو في أفغانستان منخفضا نسبيا، حيث كان هناك 100 من مقاتلي «القاعدة»، و3000 من مقاتلي طالبان هناك.

وقال جونز «لقد جاءت (فترة محورية) عام 2006، عندما قرر الجيش الباكستاني (ترتيب اتفاق) مع زعماء القبائل أتاح لأعضاء طالبان عبور الحدود بحرية من أفغانستان ما لم يقوموا بمهاجمة القوات الباكستانية». وقال جونز، الذي كان قائد قوات الناتو في هذه الآونة، إنه كان «مرتابا» بشأن هذه الهدنة، وحذر الباكستانيين من أنها لن تنجح أبدا.

وأتاح فتح هذا «الطريق السريع من أفغانستان إلى باكستان» لطالبان «زخما كبيرا» من عام 2007 حتى عام 2009، وبدأت الحركة في اكتساب اليد العليا، حسبما ذكر جونز. وهذا الزخم المتواصل هو ما حاولت إدارة أوباما التحقق منه عن طريق زيادة عدد القوات.

وكانت تسريبات «ويكيليكس» ضارة لأنها جاءت في وقت كان فيه مزاج واشنطن بشأن أفغانستان مظلما. بل وحتى المسؤولين من جناح الصقور أصبحوا قلقين بصورة متزايدة من أن النجاح قد لا يكون ممكنا في إطار زمني واقعي.

ويتحدث مسؤولون بالبيت الأبيض في هذه الأيام عن السعي إلى «نهاية مقبولة» في أفغانستان، بدلا من تحقيق النصر. ويعني ذلك عملية ترقيع من شأنها أن تجلب قدرا أكبر من الأمن من خلال جيش وشرطة وطنية أفغانية أكثر قوة، إلى جانب «الشرطة المحلية» المشكلة من القبائل. وسيكون المحرك الحاسم هو عملية سياسية للتوصل إلى مصالحة، تتوسط فيها باكستان بصورة جزئية.

ويتفق مسؤولون بالإدارة على الحاجة إلى مشاركة دبلوماسية مع العدو، لكنهم لا يرون أي دلائل على أن طالبان مستعدة للمشاركة، مع استثناء وحيد ممكن. وأشار جونز إلى أن عناصر من حركة طالبان قد تكون مستعدة للوفاء بشرط أميركي واحد لإجراء المباحثات، وهو التنصل من تنظيم القاعدة. وقال «لم تشترك طالبان بصفة عامة كجماعة في نشاط الجهاد العالمي، ولا يبدو أن لديها طموحات خارج منطقتها». وأنكر مسؤولون بارزون كشفا آخر ظاهريا لموقع «ويكيليكس»، وهو أن حركة طالبان كانت تستخدم أسلحة محمولة على الكتف لإسقاط الطائرات الأميركية. وقال أحدهم إنه لم ير أي تأكيدات يمكن التعويل عليها لهذه التقارير، لكنه أكد على أن مثل هذه الأسلحة ستكون بمثابة «تغير كبير في هندسة ساحة المعركة». وفيما يتعلق بالإشاعات الأخيرة التي تقول إن إيران قد تكون هي التي تشحن هذه الأسلحة، قال المسؤول إنه ليست لديه أي تأكيدات، لكن إذا دخلت مثل هذه الأسلحة التي تغير قواعد اللعبة في أفغانستان «فلن نكون مكتوفي الأيدي».

ومن الخطأ في العادة محاولة «وصف» صراع بعيد - نجاح أو إخفاق - على أساس معلومات غير مكتملة. لكن في الوقت الراهن، أي مراقب سيقول إن الوضع في أفغانستان يتجه نحو السوء، مما يعني أن استراتيجية مكافحة التمرد لم تحقق نجاحا، وأن صبر الشعب الأميركي بدأ ينفد.

ويعيدنا ذلك إلى إغلاق ملاذات طالبان في باكستان. إنه قدر من الصعوبة الاستراتيجية التي تواجه أميركا بأن هذا الخيار غير المؤكد مع شريك متردد قد يقدم الآن أفضل إمكانية للتوصل إلى «نهاية مقبولة».

* خدمة «واشنطن بوست»

============================

حفريات القصور الأموية وتخبط علماء الصهاينة

مركز إعلام القدس - أحمد محمد ياسين -

القدس – الثلاثاء 27 / 07 / 2010 :-

تعتبر منطقة جنوب المسجد الأقصى والقصور الأموية منطقة هامة جدا في بناء مدينة داود المزعومة وذلك تحضيرا لبناء المعبد المزعوم.

 

وقد بدأت الحفريات في هذه المنطقة منذ عام 1868 حين حفر وارن مجموعة من الحفريات عند الزاوية الجنوبية الشرقية من المسجد الأقصى، وعندما حفر نفقا طوليا على بعد 34 متر من الزاوية المذكورة، عند الباب المنفرد بالجدار الغربي للمسجد الأقصى، وأجرى كذلك عدة حفريات عند منطقة البوابة الثلاثية التي تطل على المصلى المرواني داخل الأقصى، وقال وارن : أن حجارة هذه البوابة لا تشبه أبدا حجارة حائط البراق السفلية، بل وتعود هذه الحجارة إلى القرن السادس والسابع ميلادي أي الفترة الإسلامية الأموية، وقد زعم وارن أن حجارة البراق السفلية من آثار المعبد المزعوم ، ونفى أن تكون حجارة الجدار الجنوبي والبوابة الثلاثية من حجارة المعبد نفيا قاطعا.

 

ولم تنته مخططات الصهاينة عند هذا الحد من نتائج تشارلز وارن، التي نفت أن تكون هذه المنطقة من آثار المعبد الأول أو الثاني في هذه الجهة من المسجد الأقصى، إنما تطورت واتجهت نحو خلق الأكاذيب والمزاعم، وذلك عندما بدأ مزار بحملة حفرياته المشئومة في المنطقة عام 1968م واستمرت ستُ سنوات، ادعى فيها أن البوابة الثلاثية التي يبلغ عرضها قرابة 15متر هي أحد بوابات الهيكل الثاني المزعوم، وأن الدرجات الأثرية الموجودة أمامها من بقايا فترة المعبد الثاني، وقد حفر وارن في ذلك الوقت أسفل الباب حتى وصل إلى نفق يؤدي إلى أحد آبار الأقصى زعم أنه غرفة كانت تستخدم لتخزين الطعام أيام المعبد المزعوم، في تخبط لم يشهده علم الآثار من قبل، فلا طريقة البناء تشبه مزاعم اليهود، ولا قناة المياه التي كشف عنها وارن تشبه

طريق يؤدي إلى مخزن كما زعم، ولا تلك الدرجات لها دخل في مزاعم المعبد.

 

وتابع مائير بن دوف عمليات الحفر هذه والتي كشفت عن 6 قصور أموية تتوزع على طول السور الجنوبي حتى الزاوية الجنوبية الغربية من المسجد الأقصى بجوار القوس الأموي، قال أن هذه الآثار وجدت بين سنوات 660م وحتى 750م، وهذا الاكتشاف لمائير بن دوف أثبت عدم صحة النظرية التي زعمها مزار حول تلك الآثار، ومع هذا فقد تبنى مائير نظرية مزار حول البوابة الثلاثية!، واستمرت الحفريات في هذه المنطقة حتى قامت دائرة الآثار الصهيونية ببناء درج تهويدي بمزاعم توراتية بثلاثين درجة وعلى امتداد 64متر كما تروي أحدى القصص التهويدية، وذلك في عام 1999م تمهيدا للسيطرة على البوابة الثلاثية، كما اتضح مؤخرا بعد الإعلان عن مخطط تقسيم المسجد الأقصى، وفي عام 2001م افتتح الصهاينة متحف على نفقة الثري ديفدسون في المنطقة الجنوبية الغربية من القصور الأموية، وأصبحت الساحة تعرف بساحة الاحتفالات وحديقة أثرية تعرف بحديقة أوفل أو المطاهر.

 

وفي الفترة الأخيرة أعلنت العالمة الصهيونية إيليت مزار قبل عدة شهور خلال هذا العام أنها عثرت على بقايا آثار سليمانية في منطقة القصور الأموية، وادعت مزار في ذلك الوقت أن هذه الآثار هي عبارة عن أسوار وتحصينات عسكرية بناها سليمان في فترة المعبد الثاني، وادعت أنها آخر آثار يمكن أن تعثر عليها في منطقة القصور الأموية كونها أول بناء في المنطقة، وبناء على ذلك باشرت السلطات الصهيونية بإقامة حدائق ومسارات توراتية في المنطقة مازال العمل جاريا فيها حتى اللحظة. إلا أن مزار عادت لتعلن من جديد خلال شهر تموز أنها عثرت على قطعة أثرية بين أسوار سليمان مكتوبة بلغة مسمارية، قالت أنها أخفتها لعدة شهور حتى اتضحت بعض تفاصيل هذه القطعة التي قالت أن عمرها يعود إلى ما يزيد عن 1400 سنة ق.م!، أي قبل دخول بني إسرائيل إلى القدس بـ 400 عام وقبل بناء المعبد المزعوم بأكثر من 430 عام.

وقال بعض من اطلع على هذه القطعة الأثرية مثل دوان سميث : أن هذه القطعة قد تكون كتبت في عهد مراسلات تل العمارنة أي في 1400 قبل الميلاد، وقد تكون أحد تلك الرسائل، ومعروف لنا أن مثل هذه الرسائل قد وجد منها ما تناقله بعض حكام القدس في فترة العمالقة مثل "أديهبا" وحكام مصر مثل إخناتون، وقد كانت القدس في تلك الفترة خالية من اليهود ولم يدخلوها بعد.

 

فيبدو لنا من هذا الاكتشاف أن العالمة إيليت مزار عادت إلى التخبط القديم الذي عاشه جدها من قبل، في محاولة إثبات أحقية يهودية في تلك المنطقة، وهي بهذا الاكتشاف الأخير تناقض نفسها في ادعاء قالته قبل عدة شهور وتحديدا في 22-2-2010، وقد نشر بعض من تصريحاتها حول الإدعاء السابق في عدة مواقع على الانترنت، . كما أنه من الغريب جدا أن تجد مزار قطعة أثرية يزيد عمرها عن 1400 عام بين أسوار يبلغ عمرها بحسب زعم مزار 970 عام قبل الميلاد!!.

 

ويذكر أن مزار نفسها قد أثارت جدلا كبيرا قبل سنوات بين علماء الآثار اليهود، في ادعاء حول التحصينات والأسوار في منطقة سلوان، عندما قالت أنها بقايا آثار قصر داود، وقد ناقضت بذلك جمع كبير من علماء الآثار الذين قالوا أنها أسوار وتحصينات كنعانية في مدينة القدس، إلا أن جمعية إلعاد قد تبنت هذا الاكتشاف لمزار، وبدأت مع نهايات عام 2008 تمول الحفريات وتعتبرها منطقة قصر داود، رغم التشكيك الكبير في ادعاء مزار هذا. علاوة على أن مزار نفسها قد ادعت سابقا أن الحجر الأعظم الموجود في شبكة أنفاق الحائط الغربي هو أحد أساسات قصر داود المزعوم.

 

إن هذا التخبط الذي يعتري اكتشافات علماء الصهاينة، وعلى رأسهم مزار الجد والحفيدة مزار حول القصور الأموية ومنطقة جنوب المسجد الأقصى تحديدا، ناتج عن هاجس صهيوني يسعى لتطبيق كل المعتقدات التوراتية، وكتابات عشاق الهيكل الغابرين على هذه المنطقة، لتحويلها إلى منطقة توراتية بحتة، ونتيجة لهذا الحلم الصهيوني نجد تلك العالمة وغيرها تغرق في تخبط واكتشافات متناقضة مازالت تتكرر وتثبت فشلها، وبذلك تثبت عدم أحقية اليهود في هذه المنطقة، بل وتعطي كل الأحقية للعرب والمسلمين في منطقة المسجد والقصور الأموية، إلا أن الفراغ الذي خلّفه إهمال العرب والمسلمين حول العالم لهذه الخاصرة من المسجد الأقصى، سمح للصهاينة العبث فيها ولصق كل تلك الأكاذيب حولها، لنجدها اليوم تتحول إلى حدائق توراتية ومقدسات يهودية تعود إلى عهد المعبد المزعوم.

=========================

كاتبة أمريكية تعرب عن سعادتها بحجاب طفلتها

المصدر : مفكرة الإسلام

نقلاً عن موقع أمهات بلا حدود

27/7/2010

أبدت الكاتبة الأمريكية الشهيرة كريستا بريمر سعادة وارتياحًا بارتداء ابنتها ذات التسع سنوات للحجاب، مشيرة إلى أنها فخورة بابنتها الصغيرة التي أصبحت أكثر سعادة عما كانت عليه في الفترة التي سبقت ارتداءها للحجاب.

وحدث ذلك في صيف العام الماضي، عندما قالت علياء الصغيرة لوالدتها الكاتبة الأمريكية: "أريد لبس الحجاب فهل تسمحين لي؟". وسيطرت الدهشة على الأم التي كادت تسرع لتجيبها بالرفض، لكنها استدركت وتذكرت الاتفاق الذي تعاقدت فيه مع زوجها، فتراجعت وأخبرتها أن بإمكانها ارتداءه إذا أرادت وليس هناك أي مانع.

وراحت "بريمر" تتأمل وتفكر بالسبب الذي حمل الطفلة على التحجب والانجذاب إلى مناخات ستبعدها عن الكثير من مباهج مدينة "كاربورّو" التي تقيم فيها العائلة بولاية كارولينا الشمالية، فاكتشفت أن أشياء صغيرة تجمعت من هنا وهناك في شخصية الطفلة، وكانت من النوع الذي لا يعيره البالغون أحيانًا أي اهتمام، لكنها كانت أشد تأثيرًا على علياء من جاذبيات أقوى دولة في العالم.

وقالت بريمر عن ابنتها: إنها سعيدة باختيارها للحجاب "لأن هذه هي قناعاتها، وقد تتغير في المستقبل، إلا أن جذور هذا التحول الذي تعيشه الآن ستبقى فيه بالتأكيد".

وقالت الكاتبة التي تكاد تنتهي من كتاب ستصدره عن علاقتها بالمسلمين وتجربتها معهم من خلال من تربطها بهم صداقة ومعشر يومي في كارولينا الشمالية: إنها فخورة بابنتها الصغيرة التي أصبحت أكثر سعادة عما كانت عليه في الفترة التي سبقت ارتداءها للحجاب.

وشرحت أن الذي جذب ابنتها إلى الحجاب ورموزه "هو المحيط العائلي الذي نعيش فيه كعائلة، فمعظم من تربطنا بهم صداقة هم من الأمريكيين المعتنقين الإسلام، لا يوجد عرب في المدينة التي نقيم فيها، والإيحاءات لابنتي جاءت من أبناء وبنات العائلات التي لنا معها صداقات ومعظم أفرادها من المسلمين الجدد. لكني ما كنت أعتقد أن تأثيرات هذا المحيط أقوى من تأثيرات أمريكا التي كنت أعتقد أنها أكبر جاذب في العالم".

أثر إسلامي عميق:

وذكرت بريمر التي زارت ليبيا مرة واحدة فقط، قبل 5 سنوات، أن زيارتها للجماهيرية والبقاء هناك أياماً مع ابنتها في بيت عائلة زوجها "تركت في ابنتي أثراً عميقاً، فقد شعرت علياء هناك على الأرض بالحنان العائلي والتكاتف والحنو الوثيق بين أفراد العائلة الواحدة، وهو شيء مفقود تقريباً في أمريكا".

كما ألمحت إلى إمكانية اعتناقها للدين الحنيف، وأنها ستكون سعيدة فيما لو أقدمت على الخطوة "لكني لم أفعلها بعد.. لقد قرأت القرآن وحفظت بعض آياته، وهو كتاب عظيم وتأثيراته حية وسريعة ومشحونة بروح إيمانية. وقد رأيت بنفسي أن الذين يعتنقون الإسلام هم أكثر حماسة لإيمانهم الجديد ممن ولدوا مسلمين"، في إشارة منها لأصدقائها الأمريكيين في الولاية التي تقيم فيها.

مبادئ سامية:

وعادت الكاتبة وتحدثت عن ابنتها فقالت إنها قوية وذات عزيمة "وتقرأ القرآن وحفظت سورة الفاتحة قبل مدة غيباً، وهي تطلب دائماً من والدها تعليمها (العربية)، وأنا سعيدة لسعادتها، لأنها أصبحت ذات مبادئ سامية، فهي لا تأكل لحم الخنزير مثلاً وتصلي من حين لآخر، وكل هذا رائع وأقبله وأنا فخورة به لأنه قناعاتها".

معاملة زوجي عكست لي حقيقة الإسلام:

أما الذي جعل من الكاتبة الأمريكية ميالة للدين الحنيف فهي معاملة زوجها –إسماعيل السويح- الذي وصفته برجل مثالي ونادر، "فمن معاملته لي واستقامته رأيت الإسلام كما هو في الواقع، لا كما في الكتب والمحاضرات، فكان لي كمرآة عكست لي حقيقة الإسلام وتجربتي مع معتنقيه، وكله سأنقله للقارئ الغربي في كتابي الجديد".

من جانبه أبدى الدكتور إسماعيل السويّح فرحته بما قالته زوجته وقال: "أنا أيضًا فخور بها، وفخور برغبة ابنتي في ارتداء الحجاب.. صدقني لم أحدثها عن الإسلام ولا عن الحجاب أبدًا، ويبدو أنها تأثرت بمن لنا علاقة بهم في الولاية، فنحن نعيش في مدينة جامعية تقريبًا، ومنعزلين لأن عائلة زوجتي بعيدة عنها، كما أني بعيد عن عائلتي الموجودة في ليبيا".

وعبّر الدكتور إسماعيل الذي زار ليبيا 5 مرات طوال 30 سنة من وجوده في الولايات المتحدة، عن سعادته بالتحجب المبكر لابنته، واعتبره عفويًا "وتم من دون أي تأثير مباشر من جانبي. وقد اعترف بأن التأثير كان مني إليها عن بعد، أي أنها كانت تراني أصلي 5 مرات في اليوم، وتراني أصوم، أو تراني ألتقي بالأصدقاء ومعظمهم من المعتنقين للإسلام فتتأثر من حيث لا أدري، حتى فوجئت بتحجبها".

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ