ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 08/07/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الارهاب الاسرائيلي يدفع تركيا نحو الشرق

د. سعيد الشهابي

7/7/2010

القدس العربي

سواء صدقت التقارير التي تدعي ان الاستخبارات التركية أحبطت محاولة اسرائيلية لاغتيال رئيس الوزراء التركي، رجب طيب اردوغان، ام كانت شائعات محضة، فالامر المؤكد ان العلاقات التركية الاسرائيلية لا تمر بحالة فتور فحسب، بل اصبحت اقرب الى التجميد وربما التداعي. المصادر التركية التي سربت الخبر ادعت ان محاولة الاغتيال قامت بها عناصر من الموساد واكتشفتها اجهزة الامن التركية قبل تنفيذها. وكانت هناك تقارير اخرى عن دور اسرائيلي في اثارة العنف داخل تركيا عن طريق حزب العمال الكردستاني. وفي الشهر الماضي ذكر السيد سادت لاجينر، رئيس المنظمة الدولية للبحوث الاستراتيجية، وهي مؤسسة ابحاث تركية، ان عناصر من الموساد ومن المؤسسة العسكرية الاسرئيلية شوهدت وهي تدرب عناصر من الحزب المذكور. تأتي هذه الانباء على خلفية التوتر في العلاقات بين البلدين بعد العدوان الاسرائيلي الشهر الماضي على اسطول الحرية الذي تبنته مؤسسة خيرية تركية، ونجم عن العدوان استشهاد تسعة من الاكراد، وحدثت في اثر ذلك ضجة دولية أضرت كثيرا بالسياسة الاسرائيلية وأرغمت الصهاينة على تخفيف الحصار. وفيما تسعى تل أبيب لتجاوز الازمة الدبلوماسية التي نجمت عن ذلك العدوان، تصر انقرة على صدور اعتذار رسمي اسرائيلي عن جريمة قتل مواطنيها، ودفع تعويضات لذويهم. وقبل يومين سعت 'اسرائيل' لقلب المعادلة بمطالبة تركيا بالاعتذار لها وليس العكس! وتسعى الولايات المتحدة الامريكية لمنع تداعي العلاقات بين الطرفين، وبادرت لعقد لقاء رسمي بينهما في بروكسل الاسبوع الماضي هو الاول منذ نشوب الازمة، شارك فيه وزير الخارجية التركي، احمد دافوتوغلو، ووزير التجارة والصناعة الاسرائيلي، بنيامين بن أليعازر. ولم ينضح عن ذلك الاجتماع ما يشير الى حدوث انفراج بين الطرفين على مستوى الازمة. وثمة شعور غربي يزداد تعمقا بان تركيا تتوجه نحو الشرق العربي الاسلامي، وان خريطة التحالفات التركية قد تتغير جوهريا عما كانت' عليه منذ سقوط الدولة العثمانية قبل تسعين عاما. مع ذلك فهناك من يعتقد ان الخلاف بين الطرفين 'شكلي' وانهما يواصلان تعاونهما الاستراتيجي.

'ما طبيعة التغيرات التي تحدث في تركيا؟ وما حظوظ الغرب في الحفاظ على نظامه السياسي الذي فرض على العالم، خصوصا بعد مؤتمر يالطا الشهير بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية 1945؟ وما ملامح المسارات الجديدة للقضايا العربية والاسلامية في ضوء هذه التغيرات، خصوصا بلحاظ ما يبدو من تغير عميق في الاستراتيجيات التركية؟ وكيف يمكن تفسير ما يبدو من اضطراب ذاتي في الموقف الغربي ازاء ما يجري في تركيا، خصوصا ان البعد الايديولوجي في هيكلية النظام التركي اصبح اكثر وضوحا بعد صعود حزب العدالة والتنمية للحكم عن طريق صناديق الاقتراع؟ ثمة حقائق لا بد من طرحها لتسهيل التعاطي مع هذه' التساؤلات؟ اولها ان ما تعرضت له تركيا القرن الماضي من تغريب وعلمنة مفرطة وإبعاد عن المحيط العربي الاسلامي امر لا يستقيم مع طبيعة الامور وبالتالي كان متوقعا حدوث ردة فعل تعيد شيئا من التوازن لتركيا في علاقاتها مع العالمين الاسلامي والعربي. ثانيها: ان الحكومات العلمانية التي تعاقبت على الحكم في تركيا طوال الحقبة السابقة فشلت في اقامة نظام سياسي ينسجم مع الشعب التركي وعقيدته وطموحه وتطلعاته، وفي الوقت نفسه يوفر القدر الادنى من العدالة والديمقراطية وحقوق الانسان، وفق المعايير الدولية. وقد افتقدت تركيا استقرارها بسبب هيمنة العسكر على شؤونها، وانتهاكاتها لحقوق الانسان وتهميش الممارسة الديمقراطية وفرض العلمنة الاتاتوركية بالقوة، الامر الذي أثر حتى على الاقتصاد التركي. ثالثها: ان صعود حزب العدالة والتنمية حقق للاتراك عددا من الامور من بينها الاستقرار الامني والسياسي، والادارة المدنية القادرة على البناء والتطوير. فتطور الاقتصاد بوتيرة متسارعة الى المستوى الذي اصبح فيه ينمو حتى في الاعوام الثلاثة الاخيرة التي عانى منها العالم' من كساد وضمور. رابعها: ان السياسة الغربية تجاه تركيا ازعجت الحكومة والشعب على حد السواء. فقد فشلت الدول الغربية في التعامل مع تركيا بما يناسب حجمها واهميتها، واستمرت واشنطن في التعامل معها باستعلاء واستضعاف احدثا ردة فعل تعمقت تدريجيا ضد الغرب. خامسها: ان اوروبا التي فتحت ابوابها لكافة الدول المستقلة التي كانت في السابق جزءا من الاتحاد السوفييتي، استمرت في تجاهل الطلب التركي لعضوية الاتحاد الاوروبي، بذرائع واهية، برغم الاعتراف بالتطورات الايجابية في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان والاقتصاد منذ صعود حزب العدالة والتنمية الى الحكم. سادسها: ان انقرة استيقظت على واقع يفتقد للتكافؤ والعدالة في تعامل الغرب معها، ووجدت نفسها أبعد ما يكون عن الشراكة على قدم المساواة، وانها اصبحت تستعمل قاعدة لشن الحروب ضد الجيران العرب والمسلمين. سابعها: ان تركيا تشعر بالغبن خصوصا مع استمرار الغربيين في اعادة فتح ملف الارمن خلال الحرب العالمية الاولى، ومطالبة تركيا بالاعتراف بارتكاب جرائم إبادة ضد الارمن، برغم مرور قرابة القرن على ذلك، وهو امر لا تجده انقرة مبررا او مؤشرا للنوايا الحسنة او عاملا يؤدي للاستقرار، بل رأت فيه محاولة لاهانة تركيا واذلالها، الامر الذي أثار حفيظة الاغلبية من المواطنين الاتراك.

'امام هذه الحقائق، يبدو الملف التركي واحدا من اعقد القضايا التي تواجه الغربيين، وربما يفوق في اهميته الملف الايراني لاسباب عديدة: اولها ان تركيا تعتبر حليفا استراتيجيا للغرب، فهي عضو بحلف الناتو ولديها ثاني اكبر جيش في حلف شمال الاطلسي، ثانيها: ان تركيا هي جسر التواصل بين الغرب والعالم الاسلامي، وان تدميره سوف يؤثر سلبا على المصالح الاستراتيجية الغربية في العالم الاسلامي، ثالثها: ان تركيا هي الدولة الاسلامية التي لم تقطع علاقاتها مع الكيان' الاسرائيلي، بل كانت حليفة معه، وتربطها به اتفاقات عسكرية وسياسية واقتصادية، وتشترك معه في اجراء المناورات. رابعها: تركيا شريك فاعل في ما يسمى 'الحرب ضد الارهاب' وان انتماءها الاسلامي عامل ايجابي في الصراع مع قوى التطرف والعنف، وفقدانها سوف يؤثر على مدى مصداقية الغرب في حربه ضد تنظيم 'القاعدة' وضد الطرح السلفي المتطرف. فتركيا بلد معروف بنزعته للتصوف التي تجعلها مستهدفة من الاتجاهات السلفية، خامسها: ان اي اخلال بالعلاقة بين تركيا والغرب سوف يزيد الوضع الدولي استقطابا، ويقسم التحالفات السياسية وفق خطوط الانتماء الديني، الامر الذي سيؤدي لتعميق الصراعات وتعميق البعد النفسي واضعاف حالة الوئام والتقارب والوفاق. سادسا: ان علاقة تركيا بالملف القبرصي، بالاضافة لعضويتها في الناتو،' يجعلها عاملا اساسيا لحل المشكلة. كما ان ابتعادها يفتح المجال لليونان لجر الغرب الى جانبها، في الوقت الذي تعاني فيه من ازمات سياسية واقتصادية تتعمق تدريجيا، وقد تتحول الى عبء ثقيل على المنظومة الغربية. سابعا: ان السنوات العشر الاخيرة دفعت تركيا الى موقع تمارس من خلاله دور الوساطات الايجابية خصوصا على خطوط التماس بين العالمين الاسلامي والغربي، وفي البؤر الساخنة التي فشل الغرب في التعاطي معها، فلديها علاقات تتعمق وتتطور مع العراق (الذي تشترك معه في الملف الكردي) ومع سورية (التي دخلت معها في حوارات لتفعيل التفاوض مع 'اسرائيل') ومع ايران حول الملف النووي، ومع السعودية حول القضايا الدينية والاستراتيجية والعلاقات مع الغرب. امام هذه الحقائق، تشعر الولايات المتحدة على وجه الخصوص بضرورة الحفاظ على تركيا كحليف مسلم سواء لدعم العلاقات مع العالم الاسلامي، وهي علاقات متأرجحة ما تزال تخضع لاعتبارات نفسية وسياسية وثقافية متداخلة، أم لمنع أنقرة من التوجه شرقا الامر الذي ستكون له انعكاسات في التوازن الاستراتيجي في المنطقة، لغير صالح الغرب و'اسرائيل'.

'تركيا التي ايقظتها صحوة الضمير على أنغام مآسي المسلمين، تشعر اليوم بضرورة التعويض عن عقود مضت من اللامبالاة وعدم الانتماء للامة. ويجد الغربيون انفسهم في حيرة من الامر ازاء هذا البلد الذي يشعر مواطنوه ال 72 مليونا بانهم أقرب الى' الشرق (خصوصا العالم الاسلامي) منهم الى الغرب. ان سياسات هذا الغرب اصبحت مصدر ازعاج لأنقرة التي تجد نفسها اكثر تحررا في وقتها الحالي من ماضيها، وأكثر انجرارا لقضايا العالم الاسلامي. فقد احتفظت تركيا في الماضي بمسافة مع القضايا الساخنة، ولم تقف موقفا قويا خلال العدوان الاسرائيلي ضد لبنان قبل اربعة اعوام، ولكنها كانت اكثر شعورا بالواجب الاسلامي والانساني عندما تعرضت غزة العام الماضي للعدوان الاسرائيلي الذي هز ضمير العالم. ووجد رئيس وزرائها نفسه معنيا بالتفاعل مع صراخ النساء والاطفال تحت الحمم الاسرائيلية. ويمكن القول ان ذلك العدوان الاسرائيلي كان نقطة التحول في السياسة التركية الخارجية خصوصا في ما يتعلق بقضايا العالم الاسلامي. وعلى مدى الثمانية عشر شهرا الاخيرة تعرضت العلاقات الاسرائيلية التركية لهزات عديدة. من هذه الهزات السجال الذي دار في مؤتمر دافوس في كانون الثاني/ يناير 2009، وانتهى بانسحاب رئيس الوزراء التركي احتجاجا على عدم منحه الوقت الكافي للرد على شمعون بيريز الذي سعى لاستعطاف الحاضرين برغم تدميره غزة واهلها. كان موقف الزعيم التركي بداية توتر العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، وإشارة الى بداية أفول العهد الاسرائيلي على الصعيد الدولي. ثم جاء القرار التركي بعدم دعوة 'اسرائيل' للمشاركة في مناورات 'نسر الاناضول' في شهر تشرين الاول/اكتوبر الماضي ل 'أسباب فنية'، وتأجيل تلك المناورات الى' اجل غير مسمى.' ومنها ايضا حادثة اهانة السفير التركي في مطلع هذا العام من قبل وزير الخارجية الاسرائيلي، داني أيالون، عندما أجلس السفير على كرسي منخفض بينما جلس على كرسي أعلى محاطا بثلاثة موظفين إسرائيليين بتعبيرات صارمة. ورفض أيالون مصافحة السفير التركي وأرغمه على الانتظار طويلا في رواق قبل استقباله، كما تعمد عدم وضع العلم التركي على المنضدة أمامهما مكتفيا بالعلم الإسرائيلي، وأعطى تعليمات بعدم تقديم أي شراب للسفير، كما طلب من وسائل الإعلام أن تذكر كون السفير التركي كان 'جالسا في مستوى أدنى' من المسؤولين الإسرائيليين. وقد أصرت أنقرة على تقديم 'اسرائيل' اعتذارا رسميا عن ذلك فأرغمت تل أبيب على الاعتذار لعلمها بخطر الموقف التركي فيما لو لم تفعل.

'ما مستقبل العلاقات التركية الاسرائيلية؟ وما الدور المستقبلي لتركيا في المنطقة؟ الامر المهم ان عقلية الاستعلاء والاستكبار لدى الزعماء الغربيين والصهاينة اصبحت قوة تدميرية واسعة تؤثر سلبا على مصالحهم قبل غيرهم. هذه العقلية هي التي دفعت 'اسرائيل' لارتكاب جرائمها في وضح النهار، وهي التي دفعت الغربيين لدعمها والذود عنها في المحافل الدولية بشكل أحدث تفاعلات ادت للتوتر في العلاقات التركية الاسرائيلية. لقد تحركت واشنطن ودفعت الطرفين للالتقاء، ولكن من غير المتوقع حدوث تغير حقيقي في المواقف. فحتى لو كانت الخطوات التركية الاولى 'عفوية' ولا تهدف للقطيعة الكاملة مع العدو الاسرائيلي، فالواضح ان مواقف انقرة الآن اصبحت اكثر تبلورا ووضوحا، وأكثر ميلا لفك الارتباط مع قوى الاحتلال. وما لم تدرك واشنطن وحلفاؤها حقائق التغيرات في النفسية التركية والامزجة الشعبية في الدول العربية ذات الاهمية، فسوف تجد نفسها في مواجهة محتومة مع قوى التحرر في المنطقة، بشكل يعيد الامور الى المربع' الاول في ما يتصل بالعلاقات مع الصهاينة. فالحكومة التركية بدأت، من خلال عدد من الحقائق التي تدركها عن قرب، تدرك ان الغربيين غير ملتزمين بمشاريع سلام واصلاح وتقارب مع العالم الاسلامي. اردوغان يتحسس عمق الغطرسة الغربية، خصوصا بعد ان تجاهل الغربيون مبادرة بلاده الاخيرة لاحتواء المشكلة التي افتعلوها ضد المشروع النووي الايراني. لقد بذل الاتراك، ومعهم البرازيليون، جهودا كبيرة للتوصل الى صيغة عملية لاحتواء الازمة، ولكنهم فوجئوا بصدور قرارات عن مجلس الامن الدولي بفرض العقوبات على ايران. الزعيم التركي، اردوغان، اعتبر قرار العقوبات مصادرة لجهوده، وتعبيرا عن عقلية عسكرية تفضل الحرب على مبادرات السلام وصفقات الوئام. وفي الوقت نفسه يشعر ان الموقف الغربي الداعم بلا حدود للكيان الاسرائيلي، غير مسؤول ولا يعبر عن مصالح الدول الاوروبية والامريكية، وبالتالي فلم يعد مستعدا لمسايرة منهج سياسي فيه الكثير من الاعتداد بالنفس والغطرسة والاستكبار. والامل ان لا تخضع الحكومة التركية، كغيرها، لضغوط واشنطن ولندن، وان تؤكد هوية امة المسلمين والدفاع عنها، وفق القانون الدولي. انها مهمة صعبة ولكن ليس هناك بديل عنها. فبعد عقود من الهرولة وراء الغرب، اصبحت تركيا الآن في موقع يؤهلها لدفع الغرب للهرولة وراءها، وفي ذلك استعادة للكرامة والعزة والموقع المناسب، واعادة التوازن المفقود بين المسلمين وكيان الاحتلال.

' كاتب وصحافي بحريني يقيم في لندن

=====================

هيثم المالح

محمد كريشان

7/7/2010

القدس العربي

ما أقسى أن يدخل المرء السجن في الثمانين! فقد أصدرت محكمة عسكرية سورية مؤخرا حكما بثلاث سنوات على المحامي الناشط في مجال حقوق الإنسان هيثم المالح بتهمة 'نشر أخبار كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة'. وكان هيثم المالح الثمانيني اعتقل في الرابع عشر من شهر تشرين الأول/أكتوبر في العاصمة السورية دمشق بسبب المقالات التي نشرها عن الوضع في البلاد. وقد سبق للمالح أن تعرض للاعتقال من بين 1980 إلى 1986 مع عدد كبير من النقابيين والمعارضين على خلفية مطالبتهم بإجراء إصلاحات دستورية في البلاد. أضرب أثناء اعتقاله عن الطعام عدة مرات بلغ مجموعها 110 أيام، منها سبعون يوماً متواصلة شارف خلالها على الهلاك.

ليس المجال هنا الحديث عن حق المالح في التعبير عن رأيه ولا عن هلامية هذا الاتهام المتكرر في سورية عن كل ما 'يوهن نفسية الأمة' ولكن عن الزج بقاض سابق ومحام وراء القضبان وهو في هذا العمر. تناول الموضوع من هذه الزاوية الإنسانية البحتة لا يروق على ما يبدو لبعض المعارضين السوريين حتى أن أحدهم كتب في موقع للإنترنت يقول 'أتظنون أيها الشفوقون، وأنتم شفوقون حقا، أن هيثم المالح متضايق من السجن، ويريد أن يخرج للنقاهة، ليمضي أواخر أيام حياته على الفراش الوثير، مع أنه يستحق أن يحمل بالراحات، ويرفع على الرؤوس؟! ارفقوا بهذا الرجل واتركوه يواصل قضيته، أو إنكم لا ترون أن نضاله داخل السجن يعادل أضعاف نضاله خارج السجن (..) اتركوا هيثم المالح يخرج من السجن شامخا مرفوع الرأس، كما دخله شامخا مرفوع الرأس رغم أنف المستبد'.

ليس عيبا أن يطلب أي منا مراعاة الجوانب الإنسانية في قضايا من هذا القبيل فذاك لا يعني أبدا ويجب ألا يعني أن في الأمر استرحاما من الجلاد، وفق تعبير بعضهم، ولا أنه يتضمن نفسا إعتذاريا مهينا. لا أحد يجادل في حق الدكتور المالح في الخوض في قضايا بلده بالطريقة التي يرضاها وبالتصور الحقوقي الذي جعله أحد مؤسسي منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان، كما أنه ما من أحد يملك في المقابل تفويضا إلهيا حصريا يتيح له دون غيره تقدير مصالح الوطن، ثم إن الرجل بخلفيته القانونية الواسعة يعرف جيدا ما تتيحه هذا القوانين وما تحظره. وحتى وإن سعى من موقعه كواحد من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في بلاده أن يدافع عن تعديل بعض القوانين وجعلها منسجمة مع المواثيق الدولية والتزامات سورية الدولية فليس في الأمر ما يجرم من أجله لا سياسيا ولا قانونيا خاصة مع التزامه الصريح بالنهج السلمي سبيلا لتطوير الحياة السياسية في بلاده.

في مقابلة تلفزيونية في باريس قبل عامين، لم ينكر الرئيس السوري بشار الأسد أن بعض قوانين بلاده قاسية في التعامل مع أصحاب الرأي الآخر في البلاد. لكن لا شيء حدث على مستوى تطوير هذه القوانين فقد ظلت إلى حد الآن غير قادرة على استيعاب أي تعددية قائمة فعلا أو مأمولة. ومع أن دمشق دأبت طوال سنوات على عدم الاعتداد بمواقف منظمات حقوق الانسان الدولية إلا أنها اليوم، وفي خضم كل الظروف المحيطة بها إقليميا ودوليا، يفترض أنها في غنى عن كل بيانات الإدانة من منظمات مرموقة مثل منظمة العفو الدولية وغيرها بخصوص سجن المالح. قد لا يكون مهما جدا إدانة باريس وواشنطن وهي التي تملك أكثر من معيار في الحكم على مدى احترام حقوق الانسان في العالم لكن أي إنسان، مهما كانت ميوله أو مواقفه من نظام الحكم في دمشق، لا يمكن أن يجد أي مبرر مقنع أو غير مقنع لرمي رجل في الثمانين في السجن. هذا أمر بكل بساطة غير مقبول بل ومعيب.

=====================

استحالة التغيير الديمقراطي عند العرب

خضير بوقايلة

7/7/2010

القدس العربي

كم زيارة أخرى سيبرمجها نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن وربما الرئيس أوباما نفسه إلى المنطقة الخضراء قبل الإعلان الرسمي عن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة؟ المتفائلون سيذكرون عددا من واحد إلى مائة بينما سيقول آخرون إن الديمقراطيين سيغادرون البيت الأبيض وسيعود الجمهوريون قبل أن يتفق أهل العراق على بقاء المالكي أو إحلال علاوي مكانه. أربعة أشهر من الانتظار وأعداد لا تحصى من القتلى والجرحى ومزيد من اليأس في نفوس العراقيين، ومع ذلك فإن آخر هم السياسيين هناك هو مستقبل البلد واستقراره.

غادر نائب الرئيس الأمريكي بغداد من دون تحقيق أي تقدم أو اختراق في الشلل الذي أصاب العملية السياسية منذ انتخابات آذار/ مارس الأخيرة، زيارة التقى خلالها أطراف العملية السياسية وحاول تحريك الجمود الضارب في البلد بسبب أنانية سخيفة وحسابات لا علاقة لها أبدا بالمشروع الديمقراطي الذي حمله الأمريكيون على ظهر دباباتهم. لا أدري لماذا لم يفكر جو بايدن في إقحام زوجته جيل في عملية الوساطة مع أنها رافقته في رحلته الأخيرة، فقد كان بإمكانها الاجتماع بزوجات حكام المنطقة الخضراء وإقناعهن بضرورة وضع حد للجمود السياسي الضارب في البلد، فمن المعروف عربيا أن الزوجات هن اللائي يقفن عادة وراء أزواجهن ويجبرهن على التشبث بالكرسي لما فيه من خير عميم ومصلحة أكيدة، وإذا لم تكن هذه هي حال أهل العراق فإن الزوجات قادرات أيضا على التأثير على أزواجهن أكثر مما يقدر أي مسؤول أمريكي أو أي سياسي أو فرد آخر من أفراد الشعب.

وإذا لم تنفع هذه الوسيلة (الحريمية) فإن آخر حل مجد هو أن يرتدي أوباما درعه ويركب حصانه وينطلق في غزوة أخرى إلى الديار لإسقاط حاكم بغداد الجديد وعليه أن يفعل ذلك عند كل نهاية فترة حكم هذا الحاكم أو ذاك، فقد تأكد أن العرب طينة واحدة وصدام حسين لم يكن أبدا شذوذا عن القاعدة. وإذا أراد الأمريكيون المضي قدما في مشروعهم الديمقراطي في العالم العربي عليهم أن يعدوا العدة اللازمة لذلك ويخصصوا ما يكفي من العدة والعتاد لخوض الحرب كل خمس أو أربع سنوات، الفترة التي تستغرقها فترة الحكم الديمقراطي، وإلا فعليهم أن يدعوا أهل المنطقة الخضراء يحكمون وفق المنطق العربي السائد.

لماذا يخلف الشبل أباه ويعمِّر القائد حاكما لجماهيره ويهرم المشير والفريق والعقيد في كرسي الحكم ويلجأ هذا الحاكم وذاك إلى خلع مواد من الدستور حتى يضمنوا عدم خلعهم من مناصبهم، لماذا يفعل حكام الجمهوريات والجماهيريات العربية هذا وتريدون من الوافد الجديد نوري المالكي أن يترك كرسيه لغيرهم وهو لم يقض فيه ثلث المدة التي قضاها أحدث قائد عربي في الحكم؟ المالكي يريد أن يكون مثل الحكام العرب، لا شيء يفرقه عنهم، فهو وصل إلى الحكم بعد عملية تسمى انتخابات نزيهة وشفافة ونظيفة ولا بد له أن يبقى حيث هو حتى يتوفاه الله أو ينقلب عليه من هو أقوى منه فيُقتل أو يُسجن أو يُنفى من الأرض أو يقرر الحلف المقدس الأمريكي البريطاني الإطاحة به. من حق نوري المالكي أن يستمر في الحكم وأن يحرق البلد بمن فيه إذا رأى أن رحيله بات وشيكا، أما الحديث عن الديمقراطية وعن النموذج الجديد للحكم في البلاد العربية الذي تغنت به المفقودة كوندوليزا رايس فهو كلام لا يختلف كثيرا عن أغنية إحلال السلم في أفغانستان وتخليص أهل البلد من طاغوت طالبان، فلا المدافع سكتت ولا الديمقراطية حلت ولا الرئيس المستورد من أمريكا على ظهر الدبابة اكتفى بسنوات حكمه وأقر بفشله وترك البلد لمن يختاره الشعب رئيسا له.

لكرسي الحكم سحره ومنطقه في العالم العربي، سحر ومنطق لا يمكن لأي خبير أو سياسي محنك في الغرب الديمقراطي أن يفهم تفاصيلهما. سحر يقلب الحلم إلى حقيقة ويحوّل مآسي الشعوب إلى حياة أشبه بحياة جنات النعيم، ومنطق قاعدته الأساسية تقول إن مغادرة الحكم جريمة أعظم من الخيانة العظمى ولا أحد بإمكانه أن يحل مكان القائد أو يقدر على تحقيق ما يجود به الرئيس المفدى من عظيم إنجازات.

لا يهم أن تستمر أزمة الشعب العراقي وأن يستيقظ العراقيون كل يوم على أخبار الموت والدمار والعنف الطائفي والأعداد المتزايدة من المرضى والفقراء والمتشردين والفارين من بلدهم، ولا يهم أبدا أن يبقى العراق في عداد البلدان الضائعة لسنوات وسنوات، بل لا يهم أن لا يبقى لبلاد الرافدين أي أثر أو تأثير في منظومة الحياة الدولية ما دام القائد الحكيم المحنك السيد جواد نوري المالكي رئيسا للوزراء رغم الداء والأعداء. كل ما يهم حاكم المنطقة الخضراء هو أن يبقى محتفظا بلقبه، فهو الأجدر والأحق بحكم أهل العراق ولو قرروا بعد ذلك غير ذلك، المهم أنه تربع على العرش وبعد ذلك ليس من حق أحد أن يزحزحه واحمد الله يا شعب العراق على أنه لم يقرر منع الانتخابات وتجميد البرلمان وسجن أو نفي أو تصفية خصومه.

أما الجامعة العربية وجيران العراق فليس عليهم أن يتحرجوا يوما وهم يستيقظون صباح مساء على أخبار ضياع بلد عربي عزيز وانزلاقه يوما بعد يوم في دهاليز الفوضى والجهل وعدم الاستقرار. لا شيء سيئا يجعل العرب يتحركون لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه في هذا البلد، وكأن لسان حالهم يقول لماذا يجب علينا أن نتدخل في قضايا داخلية لبلد آخر ونحن نرفض من الآخرين أن يتدخلوا في شؤوننا الداخلية مهما بلغت من سوء ولماذا علينا أن نحاول إقناع المالكي بترك الكرسي لمنافسه علاوي الذي حصل على مقاعد أكثر في الانتخابات ونحن نستنكر ونقف بالحديد والنار في وجه كل من يفكر في اختزال أيامنا في الحكم.

فليهنأ العالم إذن وأمريكا في المقدمة بأن الأخ نوري المالكي لن يقتنع لا بالنصائح الأخوية ولا بتدخلات الأصدقاء ولا بالحسابات والمناهج الديمقراطية الأخرى، لا شيء من كل هذا يجعله يعلن أنه قرر التنحي وترك مكانه عن طيب خاطر لشخص آخر غيره، إنها طبيعة الحكم في بلاد العرب التي لا يأتيها التغيير لا بالدستور ولا بالانتخابات ولا بالإرادة الشعبية بل بالقوة والدم والنار. فمتى ستكون إذن الزيارة الأمريكية القادمة إلى بغداد؟

' كاتب وصحافي جزائري

=====================

دولة ثنائية الوهم

الكسندر يعقوبسون

 الدستور

7/7/2010

بتأخر لمدة عشرات من السنين ، أخذ يتغلغل عند جزء من اليمين الاعتراف بأنه لم يعد من الممكن في العالم الحديث - الديمقراطي ، وايضا غير الديمقراطي - السيطرة الدائمة على أرض من غير منح سكانها جنسية.

 

من الواضح منذ العام 1967 ، أنه ليس لدى اسرائيل خيار بأن تضم المناطق وأن تمنح سكانها جنسية لانها ستكف آنذاك عن كونها اسرائيل ، لكن رؤوبين ريفلين وموشيه أرنس أعلنا مؤخرا عن تبني خيار الضم واعطاء الجنسية ، حيث يقترح أرنس أرض اسرائيل كاملة مخففة ، من دون غزة ، ويقول إنه سيتم الحفاظ على أكثرية يهودية أيضا بعد الضم. لكن هذا وهم ، فلا يمكن التوصل الى تسوية تضم الضفة الى اسرائيل وتترك غزة في الخارج.

 

والى ذلك ، سيضطر - ليس سكان غزة فقط بل ابناء ابناء(يمكن القول ذريات) اللاجئين الفلسطينيين الى الحصول على جنسية اسرائيلية ، ومن الواضح ايضا ان كل تسوية ستضطر الى أن تشتمل على حق العودة الفلسطيني.

 

ينبغي أن نحدد في تسوية دولتين للشعبين ، أن حق العودة هو الى الدولة الفلسطينية ، لكن اذا وجدت دولة واحدة فقط ، فلن يكون هناك مناص من حق العودة الفلسطيني الى هذه الدولة ، فالحديث اذن عن دولة ذات اكثرية عربية مسلمة ستزداد فقط.

 

من الواضح ان دولة كهذه لن تكون اسرائيلية ، بخلاف وهم اليمين ، لكنها ايضا لن تكون ثنائية القومية ، بخلاف أوهام اليسار ، على الارجح انها ستكون دولة عربية مسلمة من جميع الجهات حتى لو عرفت أنها "ثنائية القومية" وقت انشائها.

 

هل يمكن أن نفترض ، أن يوافق الشعب الفلسطيني لزمن طويل على أن يكون الشعب العربي الوحيد الذي لا يوجد لدولته صبغة عربية واضحة ولا تعد جزءا من العالم العربي؟ أمن المنطقي أن نفترض ، أن يوافق الفلسطينيون على القيام بهذا التنازل الذي لم يوافق أي شعب عربي على فعله لمصلحة الأقليات غير العربية النابتة في المنطقة ، من أجل "النبتة الغريبة" الصهيونية؟.

 

يعد مؤيدو "الدولة الواحدة" ، بأن تقرر منذ البدء ترتيبات تضمن الصبغة الثنائية القومية وحقوق جميع الفئات في الدولة ، بيد ان الاقرار الخطي لا يمكن أن يحدد ما الذي سيحدث بالفعل. أتعوزنا في العالم ، وفي الشرق الاوسط بخاصة أمثلة على الفرق بين المكتوب في دستور دولة وبين صبغتها الحقيقية؟.

 

يقول كارلو شترينغر في مقالته المنشورة في صحيفة "هآرتس" بتاريخ 18  6 ان اقتراح أرنس يعني دولة ثنائية القومية ، ويقترح ان توزن الفكرة ، حيث يقول "انه يجب ان تكون الدولة الواحدة علمانية تماما وألا يوجد على أثر انشائها "أي أساس لرفض عربي لدولة اسرائيل - فلسطين ، وان تكون ليبرالية تماما". وهذا هو جذر الصراع: اذ ان جميع العناصر العلمانية والليبرالية في المنطقة غير قادرة على الموافقة على دولة غير علمانية وغير ليبرالية بينها.

 

كيف نحقق الفكرة اذن؟ ببساطة: نضم الى جميع العلمانيين الليبراليين في المجتمع اليهودي الاسرائيلي ، والى العلمانيين الليبراليين في المجتمع العربي الاسرائيلي ، العلمانيين الليبراليين في الضفة الغربية ، والعلمانيين الليبراليين في قطاع غزة ، وجموع العلمانيين الليبراليين من مخيمات اللاجئين في البلدان المجاورة - وننشىء دولة علمانية - ليبرالية "تماما".

 

ينبغي علينا ان نقول ازاء تحالف الاوهام هذا انه يوجد في البلاد شعبان ، ولكليهما الحق في الاستقلال الوطني. إن الدولة الثنائية القومية هي ظاهرة نادرة جدا في العالم ولا وجود لها في منطقتنا ، لذا من المفروض ان يكون في هذه البلاد إما دولتان قوميتان للشعبين وإما دولة شعب قومية واحدة - عربية فلسطينية ، لانه لن تختفي الدولة القومية من هنا. اما مرادنا نحن فهو ضمان ألا تختفي اسرائيل.

=====================

تداعيات الازمة المالية الاوروبية

راكان المجالي

 الدستور

7/7/2010

كما يبدو ، فان اوروبا هي الاكثر تأثرا بمخرجات الازمة المالية العالمية بعد عام ونصف من الانفجار الكارثي والذي سعت الولايات المتحدة وبعض الدول الاوروبية الصناعية الكبرى الى تطويق تفاعلاتها السلبية بضخ مئات المليارات في القطاع المصرفي ودعم الشركات المتعثرة.

 

الأشهر الماضية شهدت اليونان انفجارا للازمة المالية ، بعد ان انكشف الوضع الاقتصادي في اليونان ، حيث لم يعد مفيدا تأجيل انفجار البركان المالي المدمر في اليونان والذي امتد الى الاتحاد الاوروبي الى اطاره العريض وتحملت بلدان اوروبا اعباء مالية بالمليارات ولم تفد كثيرا في معالجة تدهور الوضع الاقتصادي بما له من انعكاسات على حياة اليونانيين ، ومع الاقرار ان ما وصلت له اليونان هو نتيجة سياسات العولمة الاقتصادية وتطبيقات الليبرالية الجديدة ، وهو امر ينطبق على كل بلدان اوروبا ، لكن الحلقة الاضعف كانت اليونان لتلافي اقطار اوروبية اخرى مرشحة ما تعرضت له اليونان وفي مقدمتها اسبانيا وايرلندا والبرتغال والعديد من اقطار اوروبا الشرقية سابقا ، التي لا يزال عودها الاقتصادي طريا.

 

قبل اسبوع حذرت مؤسسات التصنيف الائتماني من خطورة الوضع في اسبانيا ، وذكرت احداها انها ستخفض التصنيف الائتماني للسندات الاسبانية حيث يشكل عجز الموازنة في اسبانيا 11,2% من الناتج المحلي الالماني.

 

وبغض النظر عن الارقام والنسب فان هنالك اختلالات واضحة في كافة اقطار اوروبا وهنالك ضغط للنفقات في موازنات بلدان اوروبا بما في ذلك بريطانيا وفرنسا والمانيا البلدان الاكبر في اوروبا ، والمسألة ليست ارقاما لكنها الانعكاسات المأساوية على حياة الناس والتوازن الاجتماعي.

 

واوروبا تهمنا وهي الاقرب لنا وامتداد جغرافي لنا على طول المتوسط ، كما ان هنالك علاقات تواصل وتعاون وتجاذب وصراع بين اوروبا والوطن العربي. وهنالك تفاعل ثقافي وحضاري عميق بين اوروبا والعرب قديما وحديثا لكن ايضا هنالك مصالح مشتركة متبادلة.

 

ما يعنينا في كافة الاقطار العربية في المشرق العربي والمغرب العربي ايضا هو ان اوروبا كانت تفيض علينا معونات ومنحا ومشاريع والى حد ما فهي ابرز الاسواق لاستيراد منتوجاتنا خاصة النفط ، كما ان المنطقة العربية هي اهم الاسواق بالنسبة لاوروبا وبما يعني اننا سنتأثر بالازمات الحادة المالية التي تعصف في بلدان اوروبا بالاضافة الى ما نعانيه من سلبيات ومخاطر ولدتها الازمة المالية في خريف العام 2008 ، ولا بد ان هذه التطورات المأساوية التي تضرب اقتصادات اوروبا تستحق الدراسة والتأمل والاستعداد لمواجهة اية اثار واخطاء تترتب عليها.

=====================

الديموغرافيا: الوجه الأبرز

في أزمات إسرائيل الاجتماعية

المستقبل - الاربعاء 7 تموز 2010

العدد 3704 - رأي و فكر - صفحة 19

نبيل محمود السهلي

انصب اهتمام الإعلام الإسرائيلي خلال السنوات القليلة الماضية على بعض الظواهر والأزمات المجتمعية؛ وامكانية الحد من تفاقمها أو تجاوزها. ومن بين تلك الظوار ؛ ظاهرة انتشار الجريمة وارتفاع نسبة اليهود المتزمتين الى (42) في المائة من المجتمع خلال الأعوام الأخيرة مقارنة بنحو عشرين في المائة قبل عقدين من الزمن؛ فضلاً عن زحف ظاهرة الشيخوخة نظراً إلى تركيبة المجتمع اليهودي في شكل خاص وضعف خصوبة المرأة اليهودية مقارنة بالنساء العربيات داخل الخط الأخضر وفي الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي هذا السياق يمكن إبراز تلك الظاهرة وحجمها من خلال قراءة متأنية للأرقام التي يصدرها الجهاز الإحصائي الإسرائيلي في شكل دوري، حيث أشارت معطيات إحصائية حديثة صادرة عن الجهاز المذكور الى أن نسبة فلسطينيي 48 حققت خلال العام المنصرم 2009 ارتفاعاً ملحوظاً فوصلت إلى 17,5 في المئة من أصل 1,26 مليون نسمة، بفعل استمرار تراجع الهجرة اليهودية، بخلاف ما نشرته الوكالة الصهيونية قبل فترة. وتقترب المعطيات المذكورة من نظيرتها في العام 2008، ما يعمق أزمة الهجرة اليهودية إلى إسرائيل.

وبحسب المعطيات الصادرة عن الجهاز الإحصائي الإسرائيلي، بلغ مجموع سكان إسرائيل في العام 2009 المنصرم نحو 7,5 مليون نسمة، وبقيت نسبة العرب بحدود 20,3 في المئة، إلا أن هذه الإحصاءات تشمل الفلسطينيين في القدس المحتلة، في حدود أقل بقليل من 250 ألف نسمة، وتشمل العرب السوريين في هضبة الجولان السورية المحتلة، وعددهم حوالي 21 ألف نسمة، وبالتالي فإن عدد سكان إسرائيل في مناطق 1948 بلغ 7,24 مليون نسمة، بينما بلغ تعداد فلسطينيي 48 حوالي 1,26 مليون نسمة، أي حوالي 17,5 في المئة من مجمل السكان.

واقترب عدد اليهود إلى حوالي 6 ملايين نسمة، من بينهم حوالي 250 ألف نسمة ممن لا تعترف المؤسسة الدينية اليهودية بيهوديتهم، إضافة إلى 50 ألف نسمة هم أساساً من الأجانب من أبناء الديانة المسيحية، كانوا ضمن عائلات يهودية لدى هجرتهم إلى فلسطين في العقد الأخير من القرن الماضي، مثل أزواج وانسباء، استفادوا من قانون الهجرة اليهودية في شكل غير مباشر. كما كان آلاف من غير اليهود قد هاجروا من دول الاتحاد السوفيتي السابق إلى إسرائيل خلال الفترة التي أعقبت انهيار المنظومة الاشتراكية منذ بداية عقد التسعينات من القرن المنصرم. واللافت أن ظاهرة الشيخوخة الزاحفة في المجتمع الإسرائيلي باتت تؤرق أصحاب القرار والمخططين الاستراتيجيين في إسرائيل؛ حيث لا يشكل الأطفال سوى 29 في المائة؛ في مقابل ذلك وصلت نسبة الشيوخ 65 سنة وما فوق من العمر إلى 10 في المائة من مجموع اليهود في إسرائيل. ولا يمكن الحد وتجاوز تلك الظاهرة من دون تهيئة الظروف من أجل جذب عدد كبير من يهود أفريقيا واسيا نظراً لارتفاع نسب المواليد بينهم. والامر ليس بهذه السهولة كما يؤكد ذلك باحثون متخصصون نظراً الى ان عوامل دفع هؤلاء اليهود من بلدانهم الأصلية باتجاه إسرائيل غير ناضجة، ناهيك عن كون النسبة الكبرى من يهود العالم يتركزون في دول ذات جذب اقتصادي مرتفع مثل الولايات المتحدة حيث يصل مجموع اليهود فيها الى 5.5 مليون يهودي من اصل 13 مليون يهودي في العالم، ناهيك عن 550 الفاً في فرنسا و250 الف يهودي في كندا. وحتى لو استطاعت إسرائيل دفع الاف اليهود من تلك الدول إليها فذلك لن يعزز فكرة اتساع قاعدة الهرم السكاني التي تمثل الأطفال، بخاصة ان الخصوبة بين اليهود الاشكناز الذين يشكلون نحو اربعين في المئة من اليهود في إسرائيل لا تزال منخفضة ولا تتعدى مولودين للمرأة طيلة حياتها الإنجابية مقارنة مع اكثر من خمسة مواليد للمرأة العربية. وتبعاً لذلك فان كافة الاحتمالات تشير الى عدم قدرة أصحاب القرار في إسرائيل الحد من تفاقم ظاهرة الشيخوخة وانتشار الجريمة وتعاطي المخدرات في المجتمع الإسرائيلي ؛ الأمر الذي يؤسس لهجرة معاكسة قد تطال فئات كبيرة من المتعلمين ورؤؤس الأموال الإسرائيلية الكبيرة.

=====================

المهمة الأفغانية... وسياسة الفوضى الشاملة

جون بولتون (المندوب

 الاميركي لدى الامم المتحدة

في عهد ادارة بوش الابن)

«إم. سي. تي. إنترناشيونال» والاتحاد الاماراتية

الرأي الاردنية

7/7/2010

في الوقت الراهن تمر سياسة أميركا في أفغانستان بحالة من الفوضى الشاملة. فالخوف من فيتنام ثانية بات محسوساً، وحلفاؤنا في مختلف أنحاء العالم يشعرون بذلك، وحلفاؤنا في «الناتو» يصطفون استعداداً لمغادرة ميدان المعركة، والدعم السياسي الداخلي يتداعى، وهو ما يرجع في المجمل للانعدام الكامل للكفاءة في إدارة تلك الحرب.

وفضلاً عن ذلك، قامت إدارة أوباما بتغيير القادة العسكريين في أفغانستان للمرة الثانية، وهناك احتمال لتغيير التسلسل الهرمي للمدنيين العاملين هناك أيضاً. ويقال كذلك إن الرئيس كرزاي يتفاوض مع العدو، كما تشير الأنباء إلى أن مليارات الدولارات تُهرب من أفغانستان في حقائب سفر وصناديق شحن، وهو ما يشكل كله تحديات خطيرة قد تؤثر على درجة استعداد الجمهور الأميركي لدعم الحرب خلال الكساد العميق الذي يضرب اقتصاده في الوقت الراهن.

ولكن تلك الأمور الجدلية السجالية المتمثلة في التغيرات والأمزجة الشخصية، والقيادة الأميركية الضعيفة في أفغانستان، والفساد المنتشر هناك، وعلى رغم كونها شيئاً ممجوجاً في حد ذاته، إلا أنها مجرد مؤشرات على سياسة الإدارة المعيبة.

والمشكلة الحقيقية في هذا الصدد تتمثل في رأيي في التشوش الحاصل بشأن أهداف أميركا الأساسية، والطريقة التي يمكن تحقيقها بها.

فحتى يومنا هذا، يضع السجال حول أفغانستان الذي يدور في واشنطن، سياسة مناوأة الإرهاب في مواجهة سياسة مواجهة التمرد. بمعنى الاعتماد إما على وجود عسكري محدود، أو حتى دون وجود عسكري، والاعتماد بدلا من ذلك على قدرات الضرب بعيد المدى ضد أهداف محددة (مناوأة الإرهاب) أو على مجهود عسكري كبير، ولكنه معدل بشكل يجعله مرتبطاً بالتنمية الاقتصادية والمؤسسية (مكافحة التمرد).

والواقع أن أيّاً من الخيارين ليس سليماً. ذلك لأن أهداف أميركا في أفغانستان صريحة، ويمكن تحديدها على النحو التالي:

أولا، هزيمة محاولات «طالبان» و»القاعدة» لغزو أفغانستان ثانيةً، وتحويلها إلى قاعدة للإرهاب الدولي مجدداً.

ثانيّاً ضمان أن الاضطراب السائد في أفغانستان لن يضعف باكستان، أو يعرضها للخطر، أو يسمح لترسانتها النووية بالسقوط في أيدي الراديكاليين.

في الوقت الراهن أصبح الهدف الثاني أكثر إلحاحاً من الأول.. ولكن ليست لأي منهما في الحقيقة صلة مباشرة بالتقدم الاقتصادي والسياسي في أفغانستان.

والأميركيون، في غالبيتهم، سيقبلون بالتعرض للخسائر في حرب تسعى لتحقيق مصالح الولايات المتحدة، ولكنهم لن يوافقوا على دعم مجهودات هشة لجعل أفغانستان مكاناً أفضل بالنسبة لسكانها.

والتشوش الحالي في سياستنا المتعلقة بأفغانستان، يقدم دليلا واضحاً على أن أهداف استراتيجية مكافحة الإرهاب هي أهداف محدودة بدرجة قد لا تتيح ضمان الاحتفاظ بترسانة باكستان النووية في أيدٍ أمينة، كما أن الموارد المخصصة لها غير كافية بدرجة لا تتيح إمكانية تدمير «طالبان».

وفي الناحية المقابلة، نجد أن سياسة مكافحة التمرد -على الأقل بالصورة التي تطبقها إدارة أوباما- تلزم الولايات المتحدة، وتربطها بالأعمال الخيرية، وجهود التنمية المجتمعية، التي سيكون مصيرها الفشل وفقدان الدعم الشعبي حتماً، كما هو حاصل حاليّاً، علاوة على أنها جهود غير ضرورية ولا تفيد في تحقيق أي من الأهداف الأخرى بالغة الأهمية في ذلك البلد.

وإذا ما أخذنا حملة «مرجة» نموذجاً للتدليل على ذلك فسنجد أن تلك الحملة، على رغم نجاحها، إلا أنها لم تؤد إلى الاستقرار المرغوب، وهو ما تلقي الإدارة بالمسؤولية عنه على فشل كابول في تقديم حكومة فاعلة في «مرجة» أي حكومة جاهزة تتكون من شخصيات لديها القدرة على التعامل مع، وكسب ود، السكان المحليين، كان المفترض أن يتم تنصيبها في المدينة بمجرد إجلاء مقاتلي «طالبان» منها بالقوة المسلحة.

وفشل الحكومة الأفغانية المركزية في تقديم حكومة جاهزة في «مرجة» ليس بالأمر الذي يدعو للدهشة أو القلق، ولكنه مع ذلك يظهر بوضوح الأسباب التي تجعل من حملة أوباما لمقاومة التمرد مجرد مجهود ضائع.

وحتى لو نجحت كابول في تحسين الحياة السياسية والاقتصادية الأفغانية في المجمل، فإنها لن تتمكن من هزيمة «طالبان» و»القاعدة»، لأن المتعصبين الدينيين لا ينبتون من الفقر والحرمان، وإنما من أسباب أخرى بالطبع. ومن هنا، فإن تعصبهم لن يستجيب للعلاجات القائمة على تحسين الظروف الاقتصادية، أو إجراء انتخابات حرة.

إننا بحاجة، بدلا من ذلك، إلى وجود عسكري دائم في أفغانستان مخصص تماماً لتلك العملية الشاقة التي لا تتوقف، والتي تسعى لسحق «طالبان» و»القاعدة»، على أن يكون ذلك الوجود مصحوباً بضغط عسكري باكستاني هناك أكبر مما هو قائم حاليّاً بدرجة كبيرة.

إن هذا يعني عملا عسكريّاً مطولا، وليس مجرد خدمات اجتماعية، وهو شيء يبدو فريق أوباما غير راغب تماماً في تبنيه.

والشيء البالغ الأهمية الآن هو أن يشرع الرئيس على الفور، وبشكل واضح لا لبس فيه، في التراجع عن تعهده بالانسحاب العام المقبل. فهذا التعهد، أفرغ استراتيجية زيادة عدد القوات في أفغانستان التي صاحبت ذلك التعهد من مزاياها، ويتسبب حتى لحظتنا الحالية في زرع بذور الشقاق بين نائب الرئيس ووزير الدفاع حول معناه. وما لا يقل عن ذلك أهمية هو أن يفهم مواطنونا دوافع تلك «الحرب الطويلة» ويوافقوا عليها.

وأوباما يبدو مستوعباً لهذه المسائل كلها، ناهيك بالطبع عن استعداده لاتخاذ الخيارات الصحيحة، ولكن المشكلة تكمن في قصر الوقت. وإذا ما كانت هناك إمكانية لاستنقاذ النجاح من براثن الفشل في أفغانستان، فإن لحظة تصحيح المسار حانت الآن.

=====================

صعود ليبرمان: التطرف روح الصهيونية

الياس سحاب

السفير

7/7/2010

في كواليس العلاقات الأميركية  الإسرائيلية حالة من عدم الراحة الأميركية الى استمرار الحكومة الإسرائيلية في ارتكاب المزيد من المخالفات الفظيعة ضد القانون الدولي في كل أرجاء الأراضي الفلسطينية المحتلة: الضفة الغربية (وخاصة القدس) وقطاع غزة، ذلك أن هذه المخالفات المستمرة منذ احتلال 1967، لا تكف عن التزايد في فظاعتها الى درجة، تصبح فيها المهمة الأميركية بالدفاع الدائم عن الارتكابات الإسرائيلية، وحمايتها، مهمة أشد صعوبة يوما بعد يوم. صحيح أن الولايات المتحدة طالما اعتمدت في هذه المسيرة على تفاقم الضعف في الموقف العربي، وهو ضعف وصل منذ مدة الى حضيض التلاشي الكامل للموقف الحقيقي، المدعوم بإرادة سياسية واضحة، لكن ذلك لا يمنع أن القيادة الأميركية العليا تصلها بين الحين والآخر أصوات تململ في الدول العربية الأكثر تفاهما مع واشنطن، وهي أصوات تقول إن للسكوت عن الموافقة الأميركية على كل ما ترتكبه إسرائيل، له حدود لا يمكن أن يظل تحديدها بيد اليمين الإسرائيلي المتطرف، بل لا بد من عودته الى الأيدي الأميركية.

أما التململ في كواليس العلاقات الأميركية  الإسرائيلية الاستراتيجية، فله منطق آخر. ذلك انه يبدو أن القيادة الاميركية لا تنوي بعد، فتح ملفات العقيدة الصهيونية من أساسها، لكنها ما زالت تقنع نفسها بأن المشكلة التاريخية التي تقف حاجزا دون إنجاز تسوية تاريخية، لا تكمن في العقيدة الصهيونية نفسها، بل في الأجنحة اليمينية والأكثر تطرفا في هذه العقيدة، المتمثلة حاليا في تحالف «ليكود»  «اسرائيل بيتنا». وتدلل هذه الدوائر على نظريتها هذه، بأنه منذ تخلي مناحيم بيغن عن ليكوديته، تمكن من إنجاز اتفاقيات كامب دافيد مع جارته العربية الكبرى مصر، وانها بذلك، تتوقع من الزعيم الحالي لإسرائيل، بنيامين نتنياهو، أن يبتعد شيئا فشيئا عن تطرفه الليكودي، ليقترب أكثر فأكثر من متطلبات التسوية بالشروط الأميركية، التي تضمن واشنطن، الى أجل غير مسمى، موافقة أنظمة الاعتدال العربي عليها.

لكن سرعان ما تتحرك موازين السياسة الداخلية في إسرائيل، لتظهر الى حد بعيد، كم أن هذه النظرة الأميركية للأمور، شديدة القصور، لأنها تركز على مراحل محدودة من الصراع، ولا تتفحص المسيرة الشاملة لهذا الصراع.

إن نظرة شاملة وتاريخية للصراع، منذ ولادة الحركة الصهيونية في المؤتمر الصهيوني الاول (1897)، أو حتى منذ ولادة دولة اسرائيل (1948)، تؤكد أن العنصرية والتطرف كانا يمثلان منذ البداية، روح العقيدة الصهيونية نفسها، بغض النظر عن القوة السياسية الناطقة باسمها، في كل مرحلة من مراحلها.

وبما ان العقيدة الصهيونية ولدت عنصرية منذ البداية، فقد كتب عليها ان تكون أداة دائمة لتوليد التطرف، بمعنى ان تاريخ الحركة الصهيونية (قبل ولادة اسرائيل وبعدها) أثبت ان زمام القيادة العليا فيها معقود اللواء دائما وابدا للقوة الصهيونية الاشد تطرفا. فإذا جاء تطور سياسي ما، يخفف من غلواء التطرف لدى هذه القوة الصهيونية القائدة، سرعان ما تنتج العقيدة الصهيونية من داخلها قوة سياسية جديدة اشد تطرفا، تقصي القيادة القديمة، وتحل محلها، وبسهولة تامة، لأنها الاكثر وفاء للعقيدة بنظر الجمهور الصهيوني، والاكثر قدرة على خدمتها.

هذه الجدلية التاريخية هي التي جعلت حزب «العمل» (اليساري بالمعايير الاوروبية) قيادة تاريخية اولى للحركة الصهيونية، في مرحلة تأسيس دولة اسرائيل وولادتها، ثم مرحلة الانطلاقة الاولى لهذه الدولة ومع كل ما أنجزته قيادة حزب العمل من خدمات تاريخية للعقيدة الصهيونية، وصلت الى حد النتائج المذهلة لحرب 1967، فقد تحركت الآلية التاريخية لهذه العقيدة، لتفرخ من داخلها، قوة أكثر يمينية، مدفوعة بنشوة الانتصار الذي بدا تاريخيا في ذلك الوقت، هي حزب «ليكود».

وعندما جاء حزب «كديما» الجديد بعد ذلك، كأنه ظاهرة من ظواهر التحايل على قواعد السير دائما نحو اليمين، كلما تقدم الزمن بالمشروع الصهيوني، ضرب المجتمع الاسرائيلي، الصهيوني في آعماقه، ضربته التاريخية، فأطاح حزبي «العمل» و«كديما» معا، وأخرج على سطح المجتمع السياسي الإسرائيلي قوتين، هما «الليكود»، و«اسرائيل بيتنا»، الأشد تطرفا في تاريخ الحركات السياسية الاسرائيلية، المتساوية كلها في عمق تطرفها للعقيدة الصهيونية، وان اختلقت المظاهر، وضرورات الحركة السياسية.

وها هو مشهد صعود ليبرمان في المشهد الصهيوني الاخير، يكذّب كل اعتقاد مختلف، ويؤكد ان الطريق الى الامام في النظام الصهيوني العنصري، لا يمكن ان يؤدي إلا الى مزيد من التطرف. انظروا على سبيل المثال الى حالة الحجم السياسي الحالي لحزب «العمل»، حتى يكاد ينسى الجميع انه الحزب المؤسس لدولة اسرائيل.

أكثر من ذلك، حتى نتنياهو، بتطرفه التاريخي، لم يعد قادرا، كما تؤكد الصحافة الاسرائيلية نفسها، على الصمود في وجه التطرف الأشد عنصرية ويمينية لوزير خارجيته افيغدور ليبرمان، حتى أصبح هذا الأخير هو المتحكم الاقوى بالعلاقات الاسرائيلية  الاميركية، يحسب له الجانبان كل حساب، الى درجة ظهور رسم كاريكاتوري في صحيفة معاريف الاسرائيلية، يظهر المقعد الثلاثي للقيادة الاسرائيلية، وقد انفرد به ليبرمان، الذي ينظر الى شريكيه الحائرين خارج مقاعد القيادة، وهو يقول: لا بد من رجل واحد على هذا المقعد.

إنها الطبيعة العنصرية للعقيدة الصهيونية، تسقط القيادة المتطرفة دائما بالطبيعة، عند ظهور قيادة أشد تطرفا.

=====================

بروڤة الفرار من النار؟!

راجح الخوري

النهار

7/7/2010

يحتاج الامر الى قراءة هادئة لبنود القرار الدولي 1701، الذي ينظم عمل القوات الدولية "اليونيفيل" في جنوب لبنان، وخصوصا بعدما تبين ان هناك اختلافا في تفسير القواعد التي تحكم عمل هذه القوات وتحركاتها.

ففي حين تدعو فرنسا تكرارا الى "احترام حرية الحركة لهذه القوات في مناطق العمليات كشرط ضروري لأداء الأمم المتحدة عمليات حفظ السلام"، تقول القراءة اللبنانية للقرار ان على هذه القوات إعلام الجيش اللبناني بتحركاتها ليواكبها خلال عمليات الانتشار.

بعد المناوشات المتكررة مع الجنود الفرنسيين، حرص المسؤولون في بيروت على الادلاء بتصريحات مطمئنة. لكن هذا لا يكفي، وخصوصا بعدما بدأت سلسلة من المشاورات بين الدول الاوروبية المشاركة في "اليونيفيل"، وتحديدا فرنسا وايطاليا واسبانيا، قيل إن هدفها بلورة موقف حازم حيال التعرض لهذه القوات، وإن هذا الموقف سيبرز خلال مناقشات تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون عن تنفيذ القرار 1701، في 14 تموز الجاري، وكذلك خلال البحث في التجديد لمهمة هذه القوات في نهاية آب المقبل.

واذا كانت فرنسا قد أعلنت صراحة ان حرية حركة أصحاب القبعات الزرق في مناطق عملهم هي شرط لا بد منه لتحقيق عمليات حفظ السلام، فان الامر يبدو في بيروت وكأنه محاولة لتغيير قواعد الاشتباك التي وافق عليها لبنان في مندرجات القرار 1701.

لكن عندما يصل الامر الى حد قول المصادر الديبلوماسية الاوروبية ان الدول المشاركة في "اليونيفيل" بدأت تراجع جدوى عملها في أرض لا يستوعب أهلها فائدة وجودها الذي يمنع نشوب حرب جديدة مدمرة كحرب تموز عام 2006، فان ذلك يؤكد وجود إحساس عميق بالامتعاض وعدم الجدوى قد يدفع بعض الدول الى سحب جنودها من الجنوب.

وعندما تذكّر هذه المصادر بأن الجيش اللبناني لم يرسل الى الجنوب إلا 3500 عنصر من أصل 10 آلاف، وأنه لا يتعاون مع القوات الدولية"، بل يقوم أحيانا بتأخير وصول الجنود الدوليين عند الشك في العثور على مخازن اسلحة"، فان ذلك يصبح اتهاما خطيرا يثير القلق من ان تفضي المشاورات بين الدول الاوروبية الى اتفاق على الخروج من الموقع الذي تتخوف باريس وغيرها من ان يضع القبعات الزرق بين نارين.

وهناك معلومات تقول ان "اليونيفيل" أجرت قبل أسابيع بروڤة لعملية الهروب من "ملعب النار" اذا وقعت الحرب في الجنوب فجأة، حيث تبين لها أنها تحتاج الى خمسة أيام للفرار جوا من مطار بيروت، واذا تعذر الامر فهناك "الخطة ب" للرحيل بحرا!

طبعا لا حاجة الى التذكير بعناصر التوتر ولا بالمناورات الاسرائيلية والاستعدادات والحديث المتزايد عن رياح الحرب المقبلة التي قد تشعلها حكومة العدو لتجاوز مأزقها المتزايد داخليا وخارجيا، لكن هناك حاجة ملحة الى الاقتناع فعلا بأن "تطبيق القرار 1701 يحمي لبنان، وان سبب وجود اليونيفيل عندنا هو حماية البلد فقط لا غير"، وهذا ما قاله الرئيس سعد الحريري في باريس حيث سافر في اجازة خاطفة طغت عليها سلسلة مكثفة من الاتصالات بالمسؤولين الفرنسيين يتوّجها مساء اليوم باجتماع مع الرئيس نيكولا ساركوزي، وهدفها معالجة الآثار التي نجمت عن الحوادث الاخيرة في الجنوب وتأكيد تمسك لبنان بقوات "اليونيفيل" وتطبيق القرار 1701.

=====================

أميركا وإسرائيل تحتاجان إلى "J.STREET"

سركيس نعوم

النهار

7/7/2010

عن ال"جي ستريت" (J .STREET) اي اللوبي اليهودي "المعتدل" الذي نشأ قبل نحو سنتين في اميركا لمواجهة "ايباك" المنظمة الاميركية التي تدافع عن مصالح اسرائيل في اميركا تحدث المشاركون انفسهم في الاجتماعات الاميركية – السورية غير الرسمية المستعادة بحسب متابعين اميركيين عرب قالوا: "انها منظمة صاعدة. لقد أحدث تصلب "ايباك" وافتقادها المرونة وتبنّيها مواقف اسرائيل كلها والمزايدة احياناً عليها فراغاً وخصوصا على الساحة اليهودية الاميركية. وكان لا بد من ملئه . فكانت (J .STREET) وهي ستستمر في رأيي وربما تحقق نتائج. لكنها لن تصل الى مستوى "ايباك" من حيث الفاعلية والتأثير والنفوذ. حصلت تجارب مماثلة عدة سابقا ولم تنجح او بالأحرى لم تستمر. لكن اميركا في حاجة اليها وربما اسرائيل ايضا. احد قائلي هذا الكلام من مؤسسي "ايباك" وهو من المؤمنين ايضاً بحل الدولتين للمشكلة الفلسطينية – الاسرائيلية. وقد فاجأ ايمانه هذا اصدقاء له حميمين فسألوه عنه وكان جوابه التأكيد عليه".

كيف يرى اميركيون عرب، تابعوا عن كثب "المفاوضات" السورية – الاسرائيلية ولا سيما غير المباشرة منها والسرية التي اجريت على مدى سنوات، امكانات تقدم السلام في الشرق الاوسط في ضوء الاوضاع الراهنة؟

يعتقد هؤلاء "ان القديم لا يزال على قدمه. وان لا جديد في هذا الموضوع". وهم مقتنعون "أن المسار الفلسطيني – الاسرائيلي صعب جداً ويكاد يستحيل تحقيق تقدم عليه. واسباب ذلك كثيرة منها خوف بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي عموماً من النيات الفلسطينية الفعلية فضلا عن عدم اطمئنانه اليها. ومنها ايضاً ضعف الادارة الاميركية الحالية التي يرئسها باراك اوباما". وهم مؤمنون في الوقت نفسه "أن احياء المسار التفاوضي السوري – الاسرائيلي سيحقق تقدماً مهماً على صعيد حل النزاع بين سوريا واسرائيل. لكن المشكلة التي تعترض هذا الامر هي سوريا التي ربما تشعر بالقوة في المرحلة الراهنة الامر الذي يدفعها الى تفويت الفرص المهمة، اي فرص تحقيق السلام واستعادة الاراضي المحتلة. علماً ان هذه القوة إما مصطنعة وإما غير اصلية، كون معظم عناصرها خارجية. وعلما ايضاً ان مصلحة سوريا تقضي باستغلال القوة المذكورة اياً تكن طبيعتها من اجل تحقيق اهدافها والمحافظة على مصالحها واستعادة الجولان المحتل عام 1967 بكامله. وهناك شبه يأس - يضيف هؤلاء - داخل الادارة الاميركية من سوريا ومن السلام، وبين اسرائيل وربما من السلام عموماً. ففريق السيناتور السابق جورج ميتشل الذي كلّفه الرئيس اوباما احياء عملية السلام، والذي عمل على الارض كما يقال في القدس ورام الله ودمشق يشعر بشبه يأس. وقد زار سوريا مرتين او ربما ثلاث مرات. والمسؤول عن المسار السوري في فريقه فريدريك هوف زارها اكثر من مرة كما زار بيروت. وقد كوّنت المحادثات التي اجريت في العاصمة السورية انطباعاً عند بعض فريق ميتشل ان ما سمعوه من المسؤولين فيها كان اشبه بكلام مسجل يتكرر في كل المناسبات اي كمن "يكبس زر التسجيل" في "المسجلة".

هل يستمر جورج ميتشل في مهمته في الشرق الاوسط بتكليف من اوباما؟ سألت. اجاب الأميركيون العرب انفسهم الذين تابعوا عن كثب المفاوضات السورية – الاسرائيلية منذ بدء عملية السلام، المباشرة منها والسرية غير المباشرة: "عقد المهمة او العمل الذي وقّعته "الادارة" في اميركا مع ميتشل مدته عامان. وهو قد يتخلى عن المهمة قبل انتهاء مدة العقد اذا عجز عن تحقيق اي تقدم. وعامان ايضاً هما مدة العقد الذي وقّعه معاونه على المسار السوري فريدريك هوف. وقد يتوقف هو بدوره عن مواصلة المهمة قبل انتهاء المدة المذكورة للسبب نفسه. ولا يبدو ان "فريق السلام" على المسارين السوري والفلسطيني مع اسرائيل قد حقق شيئاً حتى الآن على الاقل. وفي ما يتعلق بهوف فانه مخلص في عمله وواسع الاطلاع على مهمته وعلى مراحل الازمة المزمنة والمستمرة بين اسرائيل والعرب ولا سيما مع سوريا. وهو يشعر بالاحترام حيال سوريا ويرغب صادقاً في التوصل الى تقدم يجعل التسوية السلمية ممكنة معها. لكن ذلك ليس في يده، علما انه يحب بلاده اميركا ويتمسك بمصالحها الى ابعد الحدود. على كل حال ان مهمة ميتشل فيها من "البرستيج" كما من الهيبة والمقام والاحترام. وكذلك من العمل الدؤوب والصعب الشيء الكثير. وهو في اواخر سبعيناته او اوائل ثمانيناته. ومن شأن ذلك كله التأثير على اي قرار قد يتخذه في شأن استمراره في المهمة او التخلي عنها".

هل يريد بنيامين نتنياهو سلاما مع سوريا؟ سألت. اجاب الاميركيون المتابعون انفسهم: "نعم. بنيامين نتنياهو يريد السلام مع سوريا، لكن السؤال الذي يجب ان يطرح هو: ماذا تريد سوريا؟ في اي حال نسمع احياناً البعض في ادارة اوباما يسأل عدداً من الاميركيين المتصلين بالعالم العربي وخصوصا لبنان وسوريا اذا كانوا يستطيعون "التحدث" مع "حزب الله". وغالباً ما يكون جواب هؤلاء عدم الممانعة شرط حصولهم على دعوة من الحزب لحوار طبعاً غير رسمي وغير مباشر مع الادارة ومع مواطنين اميركيين شرط حصولهم في الوقت نفسه على دعم هذه الادارة كي "لا يطلعوا لا مع ستي بخير ولا مع سيدي بخير" وفي غمرة هذا الحديث اثار البعض اقتراحاً طرحه سفير اميركي سابق "عتيق" وخبير جداً في شؤون المنطقة دعا فيه الى بدء بلاده حوارا مع "حزب الله". واثار البعض الآخر اقتراحاً بضرورة محاورة اميركا حركة "حماس" الفلسطينية ايضا". ثم سُئلت رأيي في الحوارين. بماذا اجبت؟

=====================

حقيقة الحصار باعترافات إسرائيلية

موقع alter info

ترجمة

الأربعاء 7-7-2010م

ترجمة: حسن حسن

الثورة

في زحمة الأكاذيب الإسرائيلية لاتزال هناك واحدة على قيد الحياة. ألا وهي أن الحصار المفروض على غزة يهدف إلى منع هذه البقعة من الأرض المكتظة بالسكان ولاسيما اللاجئين الفلسطينيين من التزود بالسلاح ومواصلة إطلاق الصواريخ اليدوية الصنع على المناطق الصهيونية المجاورة.

إحدى هذه المناطق هي سديروت المستعمرة الصهيونية والتي كان اسمها السابق (نجد) قبل أن يطرد سكانها الأصليون ليحل مكانهم المهاجرون الصهاينة. وسديروت هذه كما يدعون هي ضحية سيل الصواريخ التي تطلق من غزة لكن بفارق واضح أن عدد ضحاياها يعدون على أصابع اليد الواحدة، في حين سقط في غزة المئات بين قتيل وجريح، أضف إلى ذلك أن الزيارات التي تنظمها السلطات الإسرائيلية إلى سديروت لإطلاع الزائرين على الصعوبات التي يعانيها سكان تلك المستعمرة قد لاقت نجاحاً لافتاً. وذلك بالذهاب بهم للتباكي على زجاج مكسور أو سطح بيت مهدم.‏

باختصار للكيان الصهيوني الحق في الدفاع عن نفسه وبالتالي يأتي فرض الحصار على غزة لمنع (حماس) من الحصول على السلاح وهذه بالطبع ما هي إلا كذبة يروجها الصهاينة والمتواطئون معهم في بقاع مختلفة من العالم.‏

وثائق إسرائيلية: الحصار ليس مسألة أمنية‏

في وقت أعطت السلطات الإسرائيلية أمراً بتخفيف الحصار عن قطاع غزة، استطاع ماك كلاتشي من وكالة الصحافة الأميركية الحصول على وثيقة حكومية إسرائيلية توضح أن الحصار لا يعتبر تدبيراً أمنياً بل هو «حرب اقتصادية» ضد منظمة حماس.‏

ف«إسرائيل» فرضت قيوداً على غزة منذ أن فازت حماس بالانتخابات في حزيران 2007، وقد ظلت الحكومة الإسرائيلية تؤكد على الدوام أن الحصار كان بداعي وقف تدفق السلاح والمقاتلين إلى غزة. ولكن عندما قامت «غيشا» المنظمة الإسرائيلية لحقوق الإنسان برفع دعوى قضائية ضد الحكومة أوضحت هذه الأخيرة أن الحصار كان استعمال الحق في الحرب الاقتصادية. وأكدت أن «أي دولة لها الحق في أن تقرر عدم إقامة علاقات اقتصادية أو عدم تقديم المعونة الاقتصادية للطرف الآخر في النزاع أو الرغبة في التأثير عليه باللجوء إلى «الحرب الاقتصادية» وتعتبر «ساري باشي» مديرة «غيشا» أن هذه الوثائق تبرهن أن إسرائيل لم تفرض حصارها للأسباب التي تجاهر بها وإنما هو بمثابة عقاب جماعي للشعب الفلسطيني في غزة.‏

الحكومة الإسرائيلية قطعت شوطاً جديداً. وأكدت أن الحرب الاقتصادية ترمي إلى تحقيق هدف سياسي وقد صرح الناطق الرسمي باسم الحكومة الذي رفض إعطاء اسمه لأسباب سياسية ل«ماك كلاشي» أن الحكومة بصدد مواصلة تخفيف الحصار ولكن «لن ترفع الحظر بصورة نهائية مادامت حماس تبسط سيطرتها على قطاع غزة»‏

من جانبه صرح الرئيس الأميركي أوباما لدى لقائه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أن الوضع في غزة لايطاق ووعد بتقديم مساعدة إضافية حوالي 400 مليون دولار مخصصة للسكن وبناء المدارس والطرقات وتحسين الأوضاع المعيشية للفلسطينيين وحصة غزة من هذه المعونة حوالي 30 مليون دولار.‏

يتضمن الحصار قائمة طويلة ومعقدة ولاسيما المواد التي تسمح بدخولها السلطات الإسرائيلية إلى غزة، فمنتجات كالإسمنت أو الحديد يمنع دخولها بحجة أنه يمكن استخدامها لأغراض عسكرية وحسب الأرقام التي نشرتها «غيشا» بالتنسيق مع الأمم المتحدة أن إسرائيل سمحت بدخول 25 بالمئة من المواد التي كانت تأذن بدخولها قبل سيطرة حماس على القطاع وخلال السنوات التي سبقت الحصار، سمحت إسرائيل وسطياً بدخول 1400 شاحنة بضائع شهرياً أما اليوم فالرقم لا يتجاوز حوالي 2500 شاحنة فقط في الشهر.‏

وتظهر الأرقام أيضاً أن إسرائيل حددت البضائع الداخلة إلى غزة ب40 نوعاً من المواد، في حين كانت هذه البضائع قبل حزيران 2007 تصل إلى 4000نوع من المواد الداخلة إلى غزة.‏

إسرائيل مدت القائمة على الفور لتضيف إليها مواد مثل: الصود، وعصائر الفواكه، والتوابل ومعجون الحلاقة والبطاطا المقلية (شيبس) والسكاكر. وهذا ما أوضحه رياض فتوح المسؤول الفلسطيني المكلف بالتنسيق مع إسرائيل لإدخال البضائع المسموح بها إلى غزة وصرح فتوح بالقول: «إن إسرائيل تريد نزع فتيل الضغوط الدولية فهي تريد أن تظهر للعالم أنها تسمح بدخول المواد إلى غزة».‏

إنه الإجراء الأول الملموس الذي تقدم عليه إسرائيل عقب الانتقادات الدولية التي لم يسبق لها مثيل والتي تعرضت لها بعد هجومها على قافلة الحرية في المياه الدولية. وكذلك بعد أن تعالت الأصوات المطالبة بالتحقيق بالكيفية التي اعترضت فيها إسرائيل أسطول الحرية، من جانبهم طالب زعماء دوليون إسرائيل برفع حصارها عن غزة.‏

ماكسويل غايلارد منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية أعلن أن المجتمع الدولي يريد «تغييراً سريعاً وجوهرياً» في السياسة الإسرائيلية حيال غزة وقال: «إن الزيادة المتواضعة في رفع القيود المفروضة على بعض المواد المسموح بإدخالها إلى غزة لن تفي بالغرض المطلوب. إننا بحاجة إلى تغيير جوهري وأساسي وفتح المعابر أمام البضائع».‏

مسؤولو حماس من جانبهم أعربوا عن خيبة أملهم من الإعلان الإسرائيلي واعتبروا أن قائمة البضائع المسموح بها هي أبعد ما تكون عن الحاجات الضرورية والحقيقية.‏

=====================

قمة العشرين والكونغرس الأميركي.. أية علاقة؟

بقلم :د.منار الشوربجي

البيان

7/7/2010

 انشغلت مؤخرا بمتابعة حدثين قد يبدو للوهلة الأولى وكأن لا علاقة بينهما، رغم أنهما يرتبطان ارتباطا وثيقا. الأول كان المفاوضات الجارية في مجلس النواب الأميركي، بشأن الموافقة على التمويل الإضافي الذي طلبه أوباما لقواته في أفغانستان، والثانى هو وقائع قمة العشرين.

 

فبعد أن كان مجلس الشيوخ الأميركي قد وافق على مطلب أوباما بتوفير 33 مليار دولار إضافية، لتمويل العمليات العسكرية في أفغانستان، ظل الموضوع يلقى تعثرا في مجلس النواب، حتى تم تمريره الخميس الماضى بأغلبية كبيرة.

 

لكن الشيطان يكمن في التفاصيل كما يقولون، ذلك أن مجريات العمل داخل المجلس وكيفية تمرير المشروع، تعكس تحولا مهما مؤداه ازدياد المعارضة الصريحة للحرب في أفغانستان، داخل حزب الرئيس نفسه.

 

ويقود المعارضة لاستمرار الاحتلال الأميركي لأفغانستان، تجمعات ثلاثة داخل مجلس النواب. الأول، تجمع أنشأه في مايو 2009 النائب الإفريقي الأميركي المخضرم جون كونيرز، يعرف باسم «الخروج من أفغانستان»، على غرار تجمع آخر سبق أن شارك الرجل في إنشائه باسم «الخروج من العراق».

 

أما التجمع الثاني فهو تجمع النواب المنتمين لأصول إفريقية، والذي ترأسه حاليا النائبة باربرا لي، التي كانت بالمناسبة هي الوحيدة التي صوتت في 2001 ضد قرار غزو أفغانستان. وباربرا لي نفسها عضو في التجمع الثالث المناهض للاحتلال، وهو «تجمع الأعضاء التقدميين».

 

وقد كثفت التجمعات الثلاثة عملها في الفترة السابقة على مرور المشروع، على المستوى الإعلامي والتشريعي معا، مستغلين واقعة إقالة الجنرال ماكريستال التي أعادت موضوع أفغانستان لصدارة التغطية الإعلامية.

 

فقد صدرت عن لين وولزي رئيسة تجمع النواب التقدميين، تصريحات قالت فيها إن «ما نحتاجه في أفغانستان، هو تغيير السياسة لا فقط تغيير القادة«، وأضافت أن الحرب في أفغانستان عبارة عن «فوضى لا يمكن الانتصار فيها».

 

أما باربرا لي رئيسة تجمع النواب ذوي الأصول الإفريقية، فقد قالت إنه «قد مر على دخولنا أفغانستان ما يربو على العقد، ومع ذلك فإننا لسنا متأكدين بعد لماذا نحن موجودون هناك أصلا، ولا نحن قادرون على تعريف ما هي بالضبط المهمة الناجحة».

 

ثم أرسلت النائبة الديمقراطية خطابا لأوباما، انتقدت فيه بشدة التصريحات المتناقضة لمسؤولي إدارته، والتي تكشف عن عدم التزام العسكريين بموعد الانسحاب الذي أعلنه الرئيس. وفي نهاية خطابها طالبت الرئيس بأن يتقدم للكونغرس بخطة واضحة «لا تتضمن فقط موعدا لبدء الانسحاب، بل موعدا لنهايته، واستراتيجية واضحة لتحقيق ذلك».

 

أما على المستوى التشريعي فقد تحرك الأعضاء في أكثر من اتجاه، كان أولها محاولة لإقناع أو ربما إحراج الجمهوريين المؤيدين للحرب، بدعوتهم علنا للتصويت ضد المزيد من التمويل للعمليات العسكرية «إذا كانوا فعلا يريدون سد العجز في الموازنة والحد من الدين العام».

 

أما ثاني التحركات فهو تقديم النواب لتعديلات عدة للمشروع، كان أحدها يقضي بقصر إنفاق ال 33 ملياراً التي طلبها أوباما، على تمويل الانسحاب لا على القيام بعمليات عسكرية.

 

غير أن التعديل الأهم دلالة، كان ذلك الذي يقضي بإجبار أوباما على تقديم تقرير استخباراتي جديد للكونغرس في الخريف، ثم تقديم خطة في إبريل 2011 تتعلق بتفصيلات الانسحاب. وتكمن أهمية ذلك التعديل في أنه رغم عدم مروره، إلا أنه حظي بتصويت 153 نائبا ديمقراطيا، من أصل 256 هم كل الأعضاء الديمقراطيين في المجلس.

 

بعبارة أخرى، فإن أغلبية الديمقراطيين كانوا مع ذلك التعديل الذي يصطف بوضوح وراء الانسحاب من أفغانستان، وهي أغلبية تتزايد كل يوم، وتعكس في الحقيقة أغلبية شعبية حاسمة ضد استمرار الاحتلال. يعني ذلك أنه سيكون على أوباما أن يعتمد أكثر فأكثر على خصومه الجمهوريين، للاستمرار في تمويل العمليات العسكرية في أفغانستان، بما يعنيه ذلك من تكلفة سياسية، بل وانتخابية كبيرة بالنسبة للرئيس.

 

ما علاقة ذلك كله بما جرى في قمة العشرين؟ الإجابة عندي أن العلاقة وثيقة للغاية. فالبيان الختامي للمؤتمر، يجسد بوضوح نوع العولمة الجاري صنعها من تركيبة فريدة من الجشع الرأسمالي والعسكرة معا، ويوضح بجلاء أن المواطن العادي هو الذي يدفع الفاتورة الأعلى في هذا العالم.

 

فالبيان الذي رفض وضع أية قيود على الشركات العملاقة، ولا حتى على البنوك المسؤولة عن الأزمة المالية العالمية، هو نفسه الذي ألزم الحكومات بخفض عجز موازناتها إلى النصف مع حلول عام 2013.

 

وحتى تتمكن تلك الحكومات من إحداث ذلك الخفض، في غياب أية ضرائب جديدة على الشركات أو البنوك العملاقة، ودون خفض ميزانية الآلة العسكرية، فإن عليها أن تفعل ذلك عبر طريق واحد، هو عملية تقشف يدفع ثمنها المواطن العادي وحده، لأنها ستطال في الأساس البرامج الاجتماعية؛ من تعليم وصحة ومعاشات، بل وستعني المزيد من تسريح العاملين وبالتالي زيادة البطالة.

 

لقد كانت العلاقة بين ما جرى في تورونتو وما جرى في الكونغرس، واضحة في البيان الذي أصدره بعض النواب الديمقراطيين في الكونغرس، المعارضين للحرب في أفغانستان. فهم قالوا «إننا إذ نمول تلك الحرب.. فإننا نزيد من عجز الموازنة ونرفع الإنفاق الحكومي.. ونعرض برنامج الضمان الاجتماعي للخطر، ونزيد من الدين الذي يعتبره قادتنا العسكريون التهديد الأول لأمننا القومي».

 

والعلاقة وثيقة أيضا بين كل ذلك، والقمع الذي تعرض له المتظاهرون الذين تجمعوا ضد قمة العشرين في مدينة تورونتو، والذين وصل عدد المعتقلين منهم إلى ما يربو على الستمائة! فهؤلاء جاءوا يمثلون قوى تسعى لخلق عالم بديل أكثر عدلا وإنسانية، وترفض النظام العالمي القائم الآن على رأسمالية متوحشة وعسكرة للسياسة الدولية، في آن معا.

كاتبة مصرية

=====================

الثقافة والتغيير

آخر تحديث:الأربعاء ,07/07/2010

عبدالحسين شعبان

الخليج

ظلت الثقافة في عالمنا العربي أقرب إلى الترف الفكري منها إلى الحاجة الضرورية الماسة، سواءً للسلطات الحاكمة أو للمشاريع السياسية المضادة لها، والتي يمكن أن تكون حاملاً لمشروع التغيير والحداثة والتنمية واللحاق بالعالم المتقدّم، لاسيما في ظل العولمة وانفجار الثورة العلمية التقنية، خصوصاً في حقول الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والإعلام والثورة الرقمية “الديجيتيل” .

 

ولعل من أسباب تعثر المشروع الثقافي التغييري هو أن المجتمعات العربية لا تزال تعاني من الأمية، في حين أنها من أكثر المجتمعات في العالم غنى، لكنها الأكثر فقراً في العلوم والتكنولوجيا، خصوصاً بوجود أكثر من 70 مليون أمي، ناهيكم عن الافتقار إلى مقومات حرية التعبير ونقص وشحّ المعارف ونكوص دور المرأة والموقف من التنوّع الثقافي والحريات بشكل عام، يضاف إلى ذلك تفشي عوامل التعصب والتطرف، وبخاصة في ظل الانقسامات الطائفية والمذهبية والإثنية والعشائرية التي تعاني منها بعض البلدان العربية، ولعل ذلك ما خلصت إليه تقارير التنمية البشرية في السنوات الأخيرة الماضية .

 

وإذا كان الحديث عن التغيير هاجساً مزمناً للنخب الفكرية والثقافية، فإن من نافلة القول تأكيد حقيقة أساسية تم اختبارها لعدد غير قليل من التجارب العالمية والإقليمية والعربية، تلك التي تؤكد بالملموس وبما لا يدع مجالاً للشك أنه لا يمكن إنجاز أية عملية تحوّل سياسي واقتصادي واجتماعي من دون رافعات ثقافية، فالبعد الثقافي الذي لعب دوراً مهماً في عملية الإصلاح والتنوير في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين انتكس لاحقاً ولم يستطع أن يكون حاضناً للتطور اللاحق، لاسيما بنكوص الدولة العربية الحديثة عن تحقيق التنمية المنشودة، بمعناها الاجتماعي والاقتصادي، وما يطلق عليه التنمية المستدامة، ويعود سبب هذا التراجع في جزء أساسي منه إلى إهمال دور العامل الثقافي، لاسيما في ما يتعلق بمبادئ المساواة والمواطنة والاعتراف بالآخر، في حين أنه في المرحلة السابقة أنضج ظروفاً مؤاتية وأثار جدلاً واسعاً لمفهوم الهوية والانبعاث الثقافي، خصوصاً أفكار جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورفعت الطهطاوي وعبد الرحمن الكواكبي وفي ما بعد سلامة موسى وأحمد أمين وعلي عبد الرازق وطه حسين وغيرهم، حيث ساهم بفاعلية في التحرر الوطني ونيل الاستقلال السياسي ومواجهة المشاريع الاستعمارية .

 

ولعل أزمة المشروع الحداثي العربي لا تكمن في عملية الإخفاق في نصف القرن الماضي على الصعيد السياسي والاجتماعي والتنموي فحسب، بل في منظومة التوجّه الثقافية التي حكمت العالم العربي، وطبعت سمات الوضع العربي منذ ذلك الوقت وإلى الآن، والأمر على حد سواء تقريباً في بلدان اليُسر وبلدان العُسر .

 

وإذا كان غياب مشروع ثقافي عربي حقيقي متعدد وموحد، ونقصد بذلك مشروعاً عقلانياً ومدنياً وعلمانياً وديمقراطياً، فإن النتيجة قادت إلى ارتداد وتراجع وعدم قدرة على إنجاز مشروع تحول سياسي واقتصادي وتنموي حقيقي أيضاً، فمشروع التغيير والتحول السيا اجتماعي يتطلب مشروعاً رديفاً حاملاً له ورافعاً لمسألة التغيير، وهذا لن يتحقق في ظل محدودية وشحّ الثقافة وقصور وسائلها، لاسيما حصرها بالنخب بشكل عام، في حين يتطلب الأمر تعميمها لتصبح جماهيرية وشعبية ومتوفرة للجميع .

 

وإذا كانت أسباب داخلية لذلك تتعلق بأنظمة الحكم وممارساتها، لاسيما الموقف من الحقوق والحريات الأساسية، فثمة أسباب خارجية أيضاً، لا يمكن إهمالها أو تخفيف دورها، ونعني بذلك محاولات الهيمنة وفرض الاستتباع وممارسة العدوان والاحتلال والحروب والحصار، التي عانت منها البلدان العربية، بما فيها مرحلة ما بعد الاستقلالات، لاسيما في ظل استمرار الصراع العربي “الإسرائيلي” منذ أكثر من ستة عقود من الزمان .

 

وحتى الثورات الوطنية والانقلابات السياسية والعسكرية، لم تهيئ البيئة الثقافية للأفكار والمبادئ التي دعت إليها، وكانت في الغالب تمردات وحركات فوقية، لم تستطع توفير مستلزمات التغيير الذي دعت له ثقافياً . وسارت عملية التحوّل والتغيير السياسي والاقتصادي والتنموي بتجريبية وفوقية وأوامرية وقسرية، من دون أن تكون هناك تربة خصبة لتطورها وتراكمها وازدهارها، بل إن بعض البلدان العربية التي شهدت عمليات تراكم جنينية وأولية لتجارب سياسية واقتصادية ذات توجهات ديمقراطية، انقطع فيها خط التطور التدريجي بسبب الانقلابات العسكرية، ثم عادت وارتدّت عنها لعدم وجود مؤسسات حامية وراعية، الأمر الذي ترك إحباطات كبيرة على الصعيد الشعبي، مثلما حصل في مصر وسوريا والعراق وغيرها .

 

لقد هيأت الثورة الفرنسية التي انتصرت في العام 1789 أساسها الثقافي والفكري في حركة واسعة وناشطة للتغيير، قادها فلاسفة ومفكرون من أمثال مونتسكيو وروسو وفولتير وغيرهم، وعندما حانت ساعة التغيير كانت البيئة الثقافية ناضجة لاستقبال أفكار الحرية والإخاء والمساواة، الشعارات الأساسية التي رفعتها الثورة، في حين أن التجربة العربية المعاصرة لم تستطع توفير الحد الأدنى للانتقال بالمجتمع والسلطة معاً من حال إلى حال، لذلك عانت الأفكار الجديدة من عزلة وتشكّك، لاسيما بغياب الحامل السوسيو ثقافي، خصوصاً باستخدام أساليب إكراهية لفرضها في ظل أوضاع التخلف والأمية وشحّ المعارف وضعف المستوى الثقافي .

 

إن الوعي بأهمية العامل الثقافي في عملية التغيير يضع مسألة التغيير وسيلة أساسية لإزالة التغليف الأيديولوجي حسب اصطلاح ماركس في نقد “الإيديولوجيا الألمانية” وهو نقد لا يقتصر على الدولة حسب، بل يمتد إلى المجتمع أيضاً، لاسيما للنخب السياسية والفكرية والدينية . ووفقاً لألتوسير، فإن النقد لكشف الوعي الزائف أو المغلوط، وذلك بحديثه عن الأيديولوجيا وأجهزة الدولة .

 

ومن دون ردّ الاعتبار للعامل الثقافي باعتباره حاملاً لمشروع التغيير، لا يمكن الحديث عن تراكم تدريجي وتطور سلمي مجتمعي وإصلاح لمشروع الدولة الحديثة ومؤسساتها، بما فيه لمشروع التغيير السياسي والتحول الاقتصا اجتماعي .

 

ولعل واحداً من أسباب الإخفاق أو القصور في بلورة مشروع ثقافي حامل لمسألة التغيير، يعود إلى عدم الاعتراف بالتنوّع الثقافي والتعددية الفكرية والقومية والدينية في الكثير من المجتمعات العربية، وقد كان سبب مثل هذا الإنكار فادحاً، لاسيما بعد نشوء الدول الوطنية الحديثة، الأمر الذي طرح ولا يزال أسئلة وتساؤلات مهمة لا تتعلق بالمشروع الثقافي فحسب، بل بمسألة التغيير والتنمية، وبالسلام المجتمعي، فضلاً عن وحدة وتماسك الكيانات الاجتماعية وأفقها ومستقبلها، بما فيها الدولة ومؤسساتها، ويتوقف الفضاء اللاحق سلباً وإيجاباً على سؤال الثقافة والتنوع الثقافي .

 

يعتبر البعض الثقافة ملحقاً للسياسة، لاسيما من السياسيين في الحكم وخارجه ويسعون لتوظيفها واستغلالها حين يريدون، حيث يعلو خطاب الوحدة والرأي الواحد والزعيم الواحد على خطاب التعددية والتنوع والخصوصية الثقافية، وينسى هؤلاء أو يتجاهلون أن الثقافة بطبيعتها متعددة وهي مثل الطبيعة مختلفة أيضاً، من حيث مصادرها وأصولها ومشاربها وتفاعلاتها وهوياتها، ولا يوجد مجتمع مهما كان متجانساً وموحداً من دون التنوّع والتعددية والاختلاف، فتلك إضافة إلى كونها من طبيعة الأشياء، فهي حقوق طبيعية لا يمكن التنازل عنها تحت أية مبررات أو مسوغات، فما بالك بالتنوّع الثقافي والديني والقومي والسلالي واللغوي والاجتماعي وغيرها .

 

الثقافة تمثل حاضنة أساسية للتغيير ولا يمكن إنجاز مشروع تغيير حقيقي، ناجح ومتواصل، من دون بيئة ثقافية صالحة، ومن دون اعتراف بالآخر واحترام خصوصياته، ولعله في ظل مثل هذه ا لبيئة يمكن إحداث تنمية حقيقية ومستدامة وشاملة .

=====================

مأزق ظاهره أفغاني

آخر تحديث:الأربعاء ,07/07/2010

ميشيل كيلو

الخليج

منذ بدأ حامد قرضاي، رئيس أفغانستان المؤيد أمريكياً، في التنصل من السياسة الأمريكية، وأخذ يمارس النقد العلني لنتائجها المأساوية على بلاده وشعبها، اكتملت دائرة الأزمة الأمريكية هناك، والتقى موقف رجل واشنطن مع مواقف خصومها وأعدائها، وانكشف الغطاء عن الحرب التي تشنها لتحقيق هدف مستحيل يجسده شعار تضليلي على قدر ما هو ساذج، يقول ب “القضاء على القاعدة والتفاهم مع طالبان” .

 

لم تحتل أمريكا أفغانستان عام 2001 كي تتفاهم مع طالبان، ولم ترسل ب “قوات التحالف” إلى هناك من أجل إجراء مصالحة وطنية بين الأطراف الأفغانية المتصارعة / المتحاربة، وإنما غزت تلك المنطقة النائية من العالم واحتلتها لأهداف استراتيجية كبرى تتصل بسيطرتها على طرق ومناطق الوصل والفصل بين روسيا والصين، والهند وروسيا، وباكستان والهند، وإيران والصين، التي كانت قد مهدت لاحتلالها بدخولها العسكري المباشر والكثيف إلى البلقان، ثم جمهوريات جنوب روسيا، وتوّجتها باحتلال العراق، ناشرة عسكرها في مناطق لم يسبق لهم أن وجد فيها، كان وجودها السياسي والاستراتيجي ضعيفاً فيها . في ما بعد، تبين أن لسيطرتها العسكرية خلفيات اقتصادية، فمن المعروف أن هذه المنطقة الشاسعة تضم أغنى احتياط نفطي في العالم، وفيها، حسب إعلان أمريكي صدر مؤخراً، أحد أكبر خزانات العالم من المواد الأولية والثروات الطبيعية، قدر الخبراء قيمته في إعلانهم بألف مليار دولار، ثم رفعوها إلى ثلاثة آلاف مليار من الدولارات، فهو خزان عظيم الأهمية لأمريكا وللعالم الذي يعيش أزمة نضوب كثير من موارده الطبيعية، بينما تمس حاجة دوله جميعها إلى الموارد وتتنافس الاقتصادات الكبرى على الانفراد بامتلاكها، ويغطي الصراع عليها أكثر فأكثر علاقات دول ومناطق الكون، لما يمثله التفرد في استثمارها من مزايا على بقية الاقتصادات . هنا، في المجال الاقتصادي تدور حرب شرسة تشارك فيها الدول المتقدمة والصاعدة، تتبدى في هجوم الصين على النفط ومصادره، وفي محاولات أمريكا ودول الغرب الأخرى منعها من أخذ حصة مستقلة منه، ومن التمركز في مناطق المواد الأولية في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، على رغم تدفق استثمارات صينية هائلة عليها وإقامة مصانع كبرى على أرضها، وفتح وتوسيع الأسواق المحلية والإقليمية بالتعاون معها .

 

منذ عام الغزو في ،2001 واجهت أمريكا مصاعب جدية في أفغانستان، عبّرت عن نفسها في كثرة الاستراتيجيات العسكرية والسياسية التي اعتمدتها، وفي سرعة تخليها عنها . هذه الاستراتيجيات وصل عددها إلى ثلاث في السنوات التسع الماضية كان مصير اثنتين منها الفشل الصريح، وتشير قرائن متنوعة إلى أن ثالثتها، تلك التي طورتها إدارة أوباما، لن تكون أفضل حالاً، فهي تعاني بدورها مشكلات لا تعرف كيف تتخطاها، دفعت الجنرال ماكريستال، الرجل الذي وضع تصورها الأولي وتفاصيلها وجعل البيت الأبيض يعتمدها رسمياً، إلى التنصل منها، ومن الدوائر والجهات السياسية الأمريكية المشرفة على توجيهها وتطبيقها . ومع أن فكرة فصل السكان عن طالبان، وهي جوهر ومضمون هذه الاستراتيجية، ليست جديدة، بل اعتمدتها جميع استراتيجيات الحرب ضد مقاتلي الحروب الشعبية المعروفة باسم “حروب العصابات”، فإن أمريكا أثارت ضجة كبيرة حولها، بعد أن ربطتها باستراتيجية أخرى تقوم على شق صفوف الثوار ودفعهم إلى محاربة بعضهم بعضاً، تطبيقاً لاستراتيجية قديمة جربها الأمريكيون في فيتنام، عندما حاولوا دفع الفيتناميين إلى محاربة بعضهم بعضاً، وعملوا على تصعيد القتال بينهم وتحويله إلى حرب أهلية يتحكم جيشهم بمجرياتها، ويتكفل بإيصالها إلى حيث يريد: إخضاع البلاد من خلال تدميرها بواسطة حرب داخلية عالية الشدة تستنزف طاقات جميع أطرافها، وتجبرها على قبول الاحتلال الأمريكي . وليس سراً أن خطة أفغنة الحرب بدت واعدة نظرياً بعد نجاح عرقنة الصراع بفضل ما عرف ب “الصحوات” التي قاتلت تنظيم القاعدة إلى جانب الجيش الأمريكي، وتمكنت من تسديد ضربات قوية إليه قيدت نشاطه . ومن يتابع ما يجري في أفغانستان، سيجد نموذج “الصحوات” في أصل التخطيط الأمريكي هناك، وسيفهم لماذا رفع قرضاي شعار المصالحة الوطنية، ودعا ماكريستال إلى الرفق بالشعب والتشدد مع “طالبان”، ولماذا تم إطلاق سراح بعض المقاتلين الأسرى، وعقد مؤتمر “اللويا جيركا” في كابول، ولقاء قندهار بين قرضاي ورؤساء عشائر وقبائل المنطقة، وأثيرت أخيراً تلك الدعاية القوية حول قرب الوصول إلى الهدف: عزل “طالبان” وإنزال الهزيمة بقواتها، بعد هجمات ولاية هلمند التي قيل إنها ستنتزع تلك المنطقة الاستراتيجية من “طالبان”، والهجوم الجاري منذ أسابيع على قندهار، الذي اعتبره ماكريستال حاسماً بالنسبة إلى مجرى الحرب بأسرها .

 

جاء إعلان أمريكا عن اكتشاف الثروات في أفغانستان في سياق تعاظم متاعب جيشها هناك، وظهور قرائن على فشل استراتيجية الإدارة التي قامت في أحد جوانبها على تحديد موعد لبدء الانسحاب الأمريكي وتسليم الأمن للقوات الأفغانية بدءاً من منتصف العام المقبل . في سياق هذه المصاعب، وقع أيضاً إعلان ماكريستال فشل السياسة الأمريكية ودعوته إلى بديل يقوم على الوقائع وليس على الخطط . هذان العاملان: ضرورة وجود أمريكا قرب الثروة الواعدة بمدلولاتها الاقتصادية الهائلة الأهمية بالنسبة إلى الصراع مع بقية مراكز ومفاصل الاقتصاد العالمي، وصعوبات الاستمرار في الحرب ضد “طالبان”، يفسران تخبطها وتناقض ما يقترحه قادتها من حلول لمشكلاتها الأفغانية . فهل سنسمع قريباً باستراتيجية أمريكية رابعة، أم أننا سنكون أمام توجهات لعقد صفقة مع “طالبان” تقر بسيطرتهم على البلاد مقابل السماح لواشنطن باستغلال ثروات أفغانستان الطبيعية من مواد أولية ونفط وغاز؟ أم أن البيت الأبيض سيواصل سعيه الحالي لبعض الوقت، بانتظار تحسن ما تحققه قواته، يتيح له فرصاً أفضل للتحكم بالوضع والتراجع عن وعده بالانسحاب، وينطلق من أسس تتخطى جهوده الراهنة تتضمن خلطة جديدة من الحلول تعزز نهجه حول فصل الشعب عن المقاتلين، وفصل هؤلاء بعضهم عن بعض، وبلورة علاقات قوى بالاتفاق مع القبائل التي اجتمعت في كابول وقندهار؟ إن تعيين الجنرال باتريوس، الرجل الذي وقف وراء تجربة صحوات العراق، بعد طرد الجنرال ماكريستال، يشير إلى إمكانية التركيز على الاحتمال الأخير الذي يتابع نهج الفصل بين الشعب والمقاتلين، والوقيعة بين الأفغان .

 

هذه كلها احتمالات غير مؤكدة، لكن أهميتها تكمن في تأكيدها حاجة أمريكا إلى سياسة بديلة أو مختلفة في أفغانستان، تأخذ بعين الاعتبار عجزها عن السيطرة على الأوضاع بسياساتها الراهنة ووسائلها العسكرية المعتمدة، وتفرض عليها الانتقال إلى نهج مختلف، تتفادى بواسطته هزيمة مهينة تلوح علاماتها في الأفق، ويضع يدها، في الوقت نفسه، على ثروات هي بأمس الحاجة إليها تعوضها عن خسارة موقع البلاد الاستراتيجي ومكانها في الخطط الأمريكية الكونية، إن هي انسحبت فعلاً من هناك .

 

يقاس فشل أية حرب بعلامتين: احتجاز عسكري ميداني يتظاهر في العجز عن قهر العدو، ثم في العجز المتزايد عن حماية الذات، ووقوع خلاف على مستوى القيادات حول الاستراتيجيات الواجبة الاتباع يفضي إلى تخبط في رؤاها وخططها ويجعلها تتخلى اليوم عن الاستراتيجيات التي اعتمدتها وروجت لها البارحة .

 

يشير عدد قتلى “قوات التحالف” الشهر الماضي (قرابة مائة قتيل من أصل حوالي 330 خلال الفترة المنصرمة من هذا العام)، إلى أن نقلة وقعت في ميدان القتال، يجسدها فشل جيش أمريكا في ضرب العدو، ودخول جنودها في مرحلة العجز عن حماية أنفسهم، بينما يؤكد تغيير الاستراتيجيات، وموقف ماكريستال وما ترتب عليه من رد فعل رسمي انتهى بإقالته، أن عسكر واشنطن يعيش حالة من البلبلة تشبه تلك التي عاشها في فيتنام وانتهت بهزيمتهم .

 

هذا هو الوضع الأمريكي المعقد الذي يحاولون حجب حقائقه، عبر تحويل قضية ماكريستال من قضية تكشف أبعاد هذا الوضع التحولي، إلى مسألة تتصل بالانضباط العسكري وخضوع الجنرالات للقيادة المدنية والسياسية في البيت الأبيض . إنها أزمة مركبة تمس مجمل الوضع الأمريكي في المنطقة الواقعة بين البلقان والصين، وإن تجلت بصورة ملموسة في أفغانستان، حيث يظهر المدى الذي بلغه إفلاس سياساتها تجاه الصغار، وكذلك في الأزمة المالية الدولية التي بينت من جانبها كم تراجعت مكانتها تجاه الكبار، وإلا كيف نفهم صدور تصريحات رسمية أمريكية على أعلى مستوى يدعو أصحابها إلى التخلي عن سياسات القطب الأوحد، والعودة إلى تعدد مراكز القرار في العالم، عسى أن يوقف هذا النهج الواقعي تدهور مكانة أمريكا الدولية، ويحمل الدول الأخرى بعض تكاليف انفراد قلة من الدول والشعوب الغنية بالقسم الأعظم من خيرات البشرية وعوائد عملها، وبالسيطرة على مصائرها .

=====================

من هو الأسير المخطوف: شاليط أم باريس؟!

الاربعاء, 07 يوليو 2010

زياد بن عبدالله الدريس *

الحياة

على واجهة مبنى بلدية الدائرة السادسة عشرة بباريس (احدى أرقى أحياء باريس)، تتدلى صورة جدارية كبيرة للأسير الإسرائيلي غلعاد شاليط. وقد ضمخت الجدارية بعبارة تحض على التعاطف مع الأسير / الآسر ، وتطالب بإطلاق سراحه.

ما كان يمكن لصورة جندي إسرائيلي أن تتبوأ هذا الموقع الفاخر على جدار هيئة حكومية فرنسية في عهد الفرنسي (المستقل) شيراك ومن قبله من رؤساء حتى الرئيس الفرنسي (الأب) ديغول. لكن لأن الهوية الفرنسية تتعرض لغزو واختلاط، ليس من شباب الضواحي فقط ... كما يتردد دوماً، بل حتى في تهديد هيبتها الكبرى: الرئاسة والحكومة، أصبحت فرنسا الآن أقل من أن تزعم أنها فرنسية مستقلة!

من المنطقي تعليق صورة الأسير الإسرائيلي على أحد مباني تل أبيب، ومن المتوقع رؤية ذلك في نيويورك، لكن من المشمئز فعل ذلك في باريس المدينة المنفردة، أو التي كانت دوماً متحررة بقرارها وموقفها من ضغوط التبعيات.

2

الحملة الصهيونية العالمية لإطلاق سراح غلعاد شاليط، تقدّم الأسير الإسرائيلي بصورة (البريء) الذي كأنه اختطف من بيت أهله، لا على حقيقته كجندي إسرائيلي مقاتل، تقدّم إلى صفوف المعركة، لا يحمل الورود والخبز للشعب الفلسطيني، بل يحمل السلاح في يده والعداء في قلبه ضد الفلسطينيين الذين أمامه، لكنه أُسر قبل أن يحقق هدفه الذي لأجله انخرط في الجيش الإسرائيلي. بل ربما قتل فلسطينياً أو اثنين قبل أن يؤسر... من يدري؟!

أين هذه المشاعر الفرنسية (الرقيقة) التي ظهرت فقط تجاه الأسير الإسرائيلي ولم تظهر تجاه ثمانية آلاف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال؟ خصوصاً إذا استحضرنا مقارنة أن الأسير الإسرائيلي هو جندي في الجيش، بينما معظم الأسرى الفلسطينيين هم من عابري السبيل أو ممن قذفوا الحجارة لا الرصاص، وأنه إذا كان الأسير الإسرائيلي قد أمضى حتى الآن أربع سنوات في الأسر، فإن الأسرى الفلسطينيين ربما أمضى بعضهم عشرين أو ثلاثين سنة وأهلهم ينتظرونهم ويتألمون لغيابهم، لكن صورهم لم تعلق على مباني الحكومة الفرنسية!

3

من حق إسرائيل أن تتحيز وتبكي على أسيرها، لكن ما الذي يبرر ويفسر تحيز وبكاء فرنسا على أسير إسرائيلي؟!

هل بكت فرنسا وعلقت صور أسراها ورهائنها الفرنسيين الذين اختطفوا وربما قتلوا في العراق وأفغانستان ودول أفريقية؟

في هذا السياق من المناسب أن نسترجع ما قاله دومينيك دو فيلبان، رئيس الحكومة الفرنسية الأسبق، في خطابه الأسبوع قبل الماضي بمناسبة إطلاق حزبه السياسي الجديد (الجمهورية المتضامنة): «إلى كل الذين أصيبوا في بلدنا بالإحباط، أدعوهم بأن يقتنعوا بأن شيئاً جديداً ولد في فرنسا وهو يكبر ويكبر مع الأيام... إنه الأمل... أدعو المقاومين الذين لا يلين لهم عزم، أدعو الرجال الأحرار، أدعو المؤمنين بالجمهورية، أدعوهم لوثبة من أجل إنقاذ فرنسا».

الجميع أدرك المقصود بحديث دو فيلبان، المرشح القادم لانتخابات الرئاسة الفرنسية لعام 2012.

4

السؤال الموجع الآن:

ليس متى سيطلق سراح شاليط، بل متى سيطلق سراح فرنسا؟!

* كاتب سعودي

=====================

سورية وإسرائيل: انعدام الحرب والسلام

الاربعاء, 07 يوليو 2010

حسين عبدالعزيز *

الحياة

مضى حتى الآن نحو عشرين سنة على بدء عملية السلام التي انطلقت في مدريد عام 1991، ومنذ ذلك التاريخ والعلاقة السورية الإسرائيلية تتأرجح بين حديث السلام وحديث الحرب، من دون أن ينجز السلام أو تقع الحرب.

وخلال هذه الفترة الطويلة توصلت سورية وإسرائيل إلى المراحل النهائية من توقيع اتفاق للسلام عام 2000 لكن هروب باراك في اللحظة الأخيرة حال دون توقيع الاتفاق.

كما أن الطرفين بالمقابل اقتربا أكثر من مرة من حافة الحرب، لا سيما عام 2006، وبلغت التصريحات بينهما مبلغاً كبيراً إلى حد تهديد إسرائيل بتدمير سورية وإعادتها إلى العصر الحجري.

حالة التأرجح هذه بين الحرب والسلام تعود إلى عدم رغبة الطرفين في نشوب الحرب من جهة، وعدم رغبتهما أيضاً في تحقيق سلام لا يزالان يختلفان حول ماهيته وطبيعته وشروطه.

بالنسبة الى الأسباب المانعة لوقوع الحرب بين سورية وإسرائيل، هناك ثلاثة أسباب رئيسة:

 يعتبر التفوق العسكري الإسرائيلي الكبير عاملاً حاسماً في عدم قدرة سورية على شن أي حرب ضدها، وتجربتها المباشرة مع إسرائيل في لبنان عام 1982 لا تزال حاضرة في الذاكرة، ففي يوم واحد استطاعت إسرائيل إسقاط عشرات الطائرات السورية، وبالتالي فإن أي هجوم عسكري سوري سيقابل بهجوم عسكري إسرائيلي قوي ينتهي إلى تدمير القواعد العسكرية السورية، والبنى التحتية الرئيسة في البلاد.

لكن بالمقابل، استطاعت سورية بناء ترسانة صاروخية كبيرة تعتبر الأخطر في المنطقة، تستعيض بها عن ضعف سلاحها الجوي، وهذه الحقيقة أقر بها كثير من الخبراء العسكريين الإسرائيليين، الذين تحدثوا أكثر من مرة عن وجود قوة نار سورية هائلة تتضمن صواريخ باليسيتية متوسطة وبعيدة المدى قادرة على ضرب العمق الإسرائيلي.

كما قام السوريون، مستفيدين من تجربة «حزب الله»، بتعزيز وحدات الكوماندوس التي تعتمد أسلوب حرب العصابات، معززة بصواريخ أرض - أرض ووحدات مضادة للدبابات.

 إدراك إسرائيل أن أي حرب حتى لو انتهت بهزيمة سورية، لن تؤدي إلى تغيير في المواقف السياسية السورية، بل ربما تقود إلى تشددها أكثر، فالهزيمة العسكرية لا تقود بالضرورة إلى هزيمة سياسية، وقد أثبت التاريخ في كثير من محطاته أن الإرادة السياسية في لحظة من اللحظات تكون عاملاً رئيساً في تحقيق النصر للأمم، كما أن هزيمة سورية لن تقود إلى تفكيك علاقاتها مع إيران، بل على العكس ستعمق من هذه العلاقة، ووفق هذه المعطيات فإن الحرب لن تكون امتداداً للسياسة.

 إضافة إلى هذين العاملين، ثمة عامل خارجي مرتبط بالولايات المتحدة التي ترفض نشوب أي حرب واسعة بين سورية وإسرائيل بعد حرب 1973 وذلك لأسباب إقليمية ودولية.

أما بالنسبة الى الأسباب المانعة لتحقيق السلام فهي كثيرة:

 تركيز الإدارة الأميركية جهودها على القضية الفلسطينية، كونها القضية الأهم في الشرق الأوسط، وهذا ما عبر عنه البيت الأبيض صراحة حين قال إن السلام الفلسطيني  الإسرائيلي يخدم المصلحة القومية الأميركية.

وهذا يعني أن إدارة أوباما ليست بصدد تشتيت انتباهها على أي قضية أخرى، اللهم إلا إذا قام أحد الطرفين السوري أو الإسرائيلي بخطوة غير مسبوقة نحو السلام، وهذا أمر مستبعد إن لم يكن مستحيلاً.

 أصبحت لدى إسرائيل قناعة أن السلام مع سورية لن يؤدي إلى إبعادها عن إيران، ولن يقود إلى تغيير استراتيجي على الجبهات اللبنانية والفلسطينية بعد دخول طهران بقوة في ساحة الصراع، كما أن السلام مع سورية لن ينعكس على المسار الفلسطيني.

 رفض إسرائيل مطلب سورية استناد أي اتفاق الى قراري الأمم المتحدة 242 و338، حيث ترى أن هذا المطلب يشكل سابقة قد تمتد الى المسار الفلسطيني، مع ما يعنيه ذلك من انسحاب إسرائيلي إلى حدود عام 1967، وهذا أمر مستحيل إسرائيلياً التي بدأت منذ ذلك العام فرض حقائق على الأرض يستحيل تغييرها.

 رفض سورية المسبق الشروط الإسرائيلية التي تطالبها بالابتعاد عن إيران ووقف دعمها ل «حزب الله» والفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة «حماس».

إن الرفض السوري يستند إلى سببين: الأول أن إسرائيل الخارجة عن الشرعية الدولية ليست في وارد وضع شروط على سورية صاحبة الحق والأرض، وثانياً أن المطالب الإسرائيلية تعني وفق العقل السياسي السوري إن صح التعبير مقتلاً ليس فقط للسياسة السورية، بل أيضاً وهذا هو الأهم لمكانتها الجيوسياسية في المنطقة، فهذه المطالب تعني سحب الأوراق السياسية التي تملكها سورية في لبنان وفلسطين.

 كما أن دمشق وهذا هو الأهم لا تفضل عقد سلام مع إسرائيل قبل إنهاء الملف الفلسطيني، لأن السلام السوري  الإسرائيلي سيكون على حساب التيار الراديكالي في الساحة الفلسطينية في شكل خاص، وعلى مجمل القضية الفلسطينية في شكل عام، وهذا ما لا ينسجم مع خطاب البعث في سورية.

* إعلامي سوري

===================

مع بدء عملية إصلاح العلاقات مع إسرائيل

سركان ديمرتاش

الشرق الاوسط

7/7/2010

مر شهر تقريبا منذ الهجوم الدموي الذي نفذته القوات الإسرائيلية الخاصة ضد سفينة المساعدة الإنسانية التركية ونتج عنه مقتل تسعة ناشطين أتراك وتوجيه ضربة قاصمة للعلاقات الإسرائيلية - التركية بعد أن كان الطرفان من أقوى الحلفاء في المنطقة. وخلال الأسابيع الأربعة الأخيرة، وجهت تركيا اتهامات شديدة إلى إسرائيل وهددت بقطع العلاقات الدبلوماسية إذا لم تستجب إسرائيل للشروط التي وضعتها.

ويُظهر انعقاد اجتماع سري بين وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو ووزير التجارة والصناعة الإسرائيلي بنيامين بن أليعازر عقب لقاء رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأميركي باراك أوباما، الأهمية العالمية التي تحظى بها العلاقات الجيدة بين هاتين الدولتين.

وموافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على لقاء بن أليعازر مع أوغلو، تحت هذه الشروط، تبعث تفاؤلا كبيرا على اجتماع نتنياهو بأوباما اليوم (الأربعاء 7 يوليو «تموز» الحالي) لإيجاد حلول لهذه المشكلة الإقليمية ورفع الحصار عن غزة.

وتتوقع أنقرة أن يقوم أوباما بالضغط على نتنياهو من أجل الموافقة على تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية. وإلا ستستمر تركيا في سياستها الهادفة إلى عزل إسرائيل في جميع التجمعات والمنتديات الدولية.

وبحسب دبلوماسيين هنا في تركيا، فإن من المبكر الحديث عن «عملية إصلاح» لهذه العلاقات. فما زالت مطالب تركيا لإسرائيل مطروحة على الطاولة وتتضمن: اعتذارا رسميا من إسرائيل، وصرف تعويضات للقتلى الأتراك، وعودة السفن التركية الثلاث، وقبول إسرائيل بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الهجمات الدموية.

كما أن التوجه العام للسياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين في غزة كان أيضا محل اهتمام تركيا.

ومن المتوقع أن تعود السفن الثلاث إلى تركيا في غضون أيام قليلة. في حين سيظل مصير المطالب التركية الأخرى مرهونا بنتائج لجنة التحقيق. وعلى الرغم من أن تركيا أكدت بالفعل أنها لن تقبل بنتائج لجنة التحقيق الإسرائيلية، فإنه لا يزال من المهم مراقبة ما إذا كانت الحكومة الائتلافية الإسرائيلية ستغير من نهجها، ولو قليلا.

ويقول أحد السيناريوهات المتداولة هنا إن لجنة التحقيق الإسرائيلية ستقر بخطأ القوات الخاصة في إدارة الهجوم على السفن وتوجه إلى الوحدة التي قامت بهذا الهجوم الاتهام باستخدام القوة المفرطة في التعامل مع الناشطين. وسوف تدعو الحكومة الإسرائيلية إلى تقديم اعتذار للضحايا وأسرهم وتعويضهم عن خسائرهم. حيث إن ذلك سيجنب إسرائيل تقديم «اعتذار دولة لدولة» وهو أمر صعب عليها، ولكنه في نفس الوقت سيكون حلا وسطا قد يقبل به الطرفان.

وتهدف هذه العملية، بطريقة أو بأخرى، إلى تنفيذ مطالب تركيا والرأي العام التركي الذي سيمنع أنقرة من تقليص تمثيلها الدبلوماسي في تل أبيب إلى درجة قائم بالأعمال. فمقارنة بالإجراءات الأخرى التي اتخذتها تركيا، مثل إلغاء المناورات العسكرية ومنع الطائرات العسكرية الإسرائيلية من الطيران في المجال الجوي التركي، يعتبر تقليص التمثيل الدبلوماسي الخطوة الأكثر رمزية والأصعب في التراجع عنها. ويمكن القول إن الجهود التي تقوم بها واشنطن وبعض المسؤولين المتعقلين في تركيا وإسرائيل تهدف إلى تجنب حدوث ذلك.

ومرة أخرى يثبت حادث 31 مايو (أيار) الماضي وتطوراته التي ما زالت مستمرة منذ شهر أنه على الرغم من أن كلا البلدين يخاطر بتدمير العلاقات بينهما، فإنه لن يُسمح لهما القيام بذلك خوفا على مصلحة منطقة الشرق الأوسط. لأن ما نتحدث عنه ليس فقط علاقات ثنائية بين تركيا وإسرائيل، إنها في الواقع علاقة ثلاثية بين تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة. إن التدهور في العلاقات بين تركيا وإسرائيل سيؤدي في النهاية إلى تدهور مماثل لعلاقات كل من الطرفين مع الولايات المتحدة، وهو أمر لا تحبذ واشنطن حدوثه.

لقد تم بناء هذه المعادلة الثلاثية خلال العقدين الماضيين. حيث تقوم إسرائيل بتزويد تركيا بالتقنيات العالية للحرب والعمل الاستخباراتي، وفي المقابل تقوم تركيا بالحرب على الإرهاب فيما يوفر هذا البلد المسلم الأكبر في المنطقة الدعم السياسي لإسرائيل.

ومن جهة أخرى، فقد نجحت الولايات المتحدة في تشكيل تحالف بين حليفيها الأقرب في هذه المنطقة التي تتسم بعدم الاستقرار. واستفادت تركيا من دعم اللوبي اليهودي في كفاحها ضد اتهامات أرمن الشتات ومحاولتها الانضمام للاتحاد الأوروبي.

إن حل هذه المعادلة لن يكون في صالح أي من الأطراف الثلاثة. ومن الطبيعي أن نتوقع المزيد من الجهود في الأيام المقبلة لوقف حدوث مزيد من التدهور للعلاقات التي من شأنها أن تكون أساسا لمحاولات مستقبلية لإعادة كافة الأمور إلى مسارها الصحيح.

* بالاتفاق مع صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ