ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 08/06/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


نهاية النظام الديموقراطي القديم؟!

الإثنين, 07 يونيو 2010

عرفان نظام الدين

الحياة

تتسارع الأحداث يوماً بعد يوم لتضع حداً لكثير من المسلمات والأنظمة والأعراف المتبعة في العالم لأكثر من قرن بعد دخوله «مطحنة» العولمة واشتداد حدة حالات «التأثر والتأثير» في مختلف القضايا الصغيرة والكبيرة مهما كانت درجة الاختلاف التي تسود المجتمعات القريبة والبعيدة المتفقة والمختلفة والمتآلفة والمتباعدة.

فقد شهدت نهايات القرن العشرين أحداثاً تاريخية مهمة كان الرمز فيها سقوط جدار برلين لكن الواقع الصارخ تمثل في سقوط الأنظمة الدكتاتورية الفردية وانهيار الشيوعية وتفكك الاتحاد االسوفياتي.

ونتج عن هذه التطورات الدراماتيكية تحول روسيا من النظام الشمولي الصارم إلى ديموقراطية خاصة تقوم على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتسمح بتعدد الأحزاب مع الاحتفاظ بخصوصيات المرحلة والحساسيات الروسية واستمرار نفوذ جهاز الاستخبارات (الكي جي بي)، مع التحول تدريجياً من النظام الاقتصادي الشيوعي الذي يكرس هيمنة الدولة على المفاصل والقرارات ومختلف مراكز الإنتاج إلى نظام شبه حر يأخذ الكثير من أدبيات اقتصاد السوق ومبادئه ونظمه.

هذا الحدث الخطير غيّر وجه العالم وأنهى ما كان يسمى بالحرب الباردة وضرب التوازن في الصراع الذي استمر نحو قرن من الزمن بين المعسكرين الشرقي والغربي، وتزامن مع بدء عصر العولمة وثورة الاتصالات والتكنولوجيا وحرية الفضاء والبث عبر الأقمار الصناعية فيما وصف بأنه عالم جديد تحول الى «قرية كونية صغيرة».

لكن توالي الأحداث وتسارع التطورات لم يستوعبا انعكاسات هذا التحول الكوني، فقد ترددت الأصداء في كل أنحاء المعمورة ورددت مقولات تبدو وكأنها مسلمات مثل «هيمنة الولايات المتحدة» وسقوط النظام العالمي القديم وقيام نظام عالمي جديد (ركيزته أحادية القوة العظمى، أي أميركا، وقدرتها على الإمساك بزمام أمور العالم لفترة طويلة قد تمتد إلى أكثر من نصف قرن).

ولكن حسابات الحقل لم تتفق مع حسابات البيدر، ولم تجر السفن كما يشتهي الربان الأميركي، إذ تسارعت الأحداث لتهز النظام الأحادي وتغير خريطة العالم وتدق مسماراً في نعش ما سمي بالنظام العالمي الجديد وهو ما زال يحبو ولم يغادر مهده، ولم ينعم بلذة الهيمنة وسادية السيطرة وسعادة التفرد بالقرار العالمي.

البداية كانت مع زلزال الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) 2001 وتفجيرات نيويورك وواشنطن وما نجم عنها من ارتدادات بينها تفشي الإرهاب وظهور «القاعدة»، وتواصلت المفاجآت مع غزو أفغانستان لإسقاط نظام «طالبان» وضرب «القاعدة» برئاسة أسامة بن لادن ثم المضي في مسيرة الغرور والعنجهية بغزو العراق وإسقاط نظام صدام حسين.

وظن كثيرون أن النظام العالمي الجديد بدأ يؤتي أكله ويمد أذرعته حول عنق العالم وأن زعامة الولايات المتحدة قد تكرست وأن مزاعم ما يسمى «المحافظين الجدد» بإنجاز حلم الإمبراطورية قد وصل الى مبتغاه في الهيمنة والقدرة على شن حربين في آن واحد والسيطرة على منابع النفط وطرقه، وبالتالي على مقدرات الاقتصاد العالمي، بحيث تملك الولايات المتحدة بيدها مفاتيح الخزائن وصنابيرها وحنفياتها التي تفتح لمن تشاء وتغلق امام من لا تشاء.

وهنا أيضاً أخطأ المحافظون الجدد في حساباتهم وانكشفت سياساتهم ونزع القناع عن وجوههم المتخفية التي تمثل الصهيونية العالمية بأبشع صورها والعنصرية البغيضة بكل فسقها والجشع المادي بكل ما فيه من مساوئ بغيضة، فحرب أفغانستان فشلت في تحقيق أهدافها و «طالبان» ما زالت موجودة و «القاعدة» لم توقف عملياتها. أما حرب العراق فحدث عنها ولا حرج فقد فاقت في خسائرها المعنوية والمادية حرب فيتنام التي أدمت الجيش الأميركي وألحقت العار بسمعته وهزت ملامح القوة التي كانت تتغنى بها الولايات المتحدة ويرددها العالم كله. يضاف الى ذلك خروج روسيا من محنتها ونجاحها في إعادة ترتيب أوراقها وتجميع تحالفاتها واستعادة مراكز القوة التي فقدتها ومعها مناطق نفوذها، وفي المقلب الآخر تحولت الصين من «نمر من ورق» الى نمر حقيقي نصفه على ورق العملات وعلى رأسها الدولار الأخضر ونصفه الآخر في إثبات وجوده السياسي والاقتصادي والعسكري في العالم واضطرار الولايات المتحدة للاعتراف به وأخذ مخاطره على محمل الجد. أما أوروبا التي كان يصفها المحافظون الجدد بأوروبا القديمة الهرمة فقد استعادت دورها ووحدت قواها وزادت من عدد أعضائها لتستعد للعب دور مميز في العقد المقبل على رغم تعثرها الاقتصادي ومعاناتها المتواصلة نتيجة عدم التجانس والتعايش مع الأعضاء الجدد.

باختصار شديد يمكن الجزم بأن ما كان يسمى بالنظام العالمي الجديد قد سقط وقامت على أنقاضه ملامح نظام يبشر بالمشاركة وتعدد القوى وإقامة توازنات جديدة ربما تتطلب «مالطا» عصرية لتقاسم مناطق النفوذ ومنع قيام صراعات قد تكون مدمرة بالإمساك بزمام الأمور وتجنب الفوضى المرتقبة نتيجة لتجدد الإرهاب وتزايد الأخطار النووية غير الممسوكة أو غير المسيطر عليها.

هذه التطورات الدراماتيكية والمتغيرات الكبرى حدثت كلها خلال عقد من الزمن وانتهت بسقوط النظام العالمي الجديد وهو يحبو، تلاها حدث خطير مزلزل تمثل بالأزمة المالية العالمية التي أطاحت بنظام السوق وحرية الاقتصاد وانتهت بسقوط النظام المالي القديم بالضربة القاضية من دون أن يتم العمل على بلورة نظام مالي عالمي جديد يحفظ للعالم استقراره وأمنه ويمنع تجدد الأزمات التي قد تضر بالعالم كله وتضرب مقومات الحياة الكريمة لبلايين البشر في دول العالم الغنية والفقيرة لتعم الفوضى والمجاعة وينتشر العنف والإرهاب.

واليوم يعيش العالم إرهاصات سقوط النظام الديموقراطي القديم القائم على الانتخابات الحرة والتداول على السيطرة وقبول الآخر حتى ولو فاز بغالبية صوت واحد. فقد أدت التجربة الأخيرة للانتخابات البرلمانية البريطانية الى ضرب صيغة تحكم الحزبين الرئيسيين (العمال والمحافظين) بمقاليد البلاد لفترة أو لفترتين بصلاحيات شبه مطلقة وبدأ البحث عن صيغة جديدة للائتلاف بين الأحزاب، (كما يجري في دول العالم الثالث) للتمكن من نيل الغالبية البرلمانية المؤهلة للحكم الى حين يتم بعدها قلب المائدة والدعوة لانتخابات جديدة على أمل تأمين الغالبية اللازمة ومن ثم الدخول في دوامة التكرار وما ينجم عنها من أزمات وحالات عدم استقرار.

واللافت للنظر في هذه المعضلة أن العدوى ممتدة الى جميع دول العالم ولم تنحصر في ما يسمى بأعرق الديموقراطيات، فهي بارزة في أوروبا والولايات المتحدة وممتدة الى الديموقراطيات في المنطقة ولا سيما في إسرائيل التي تعيش دوامة الحل والانتخاب منذ أكثر من عقدين من الزمن، ما أوقعها في قبضة الأحزاب المتطرفة وأخضعها لابتزاز الأحزاب الدينية الصغيرة التي ترتكب حماقات جنونية ستؤدي إلى تدمير إسرائيل كان آخرها قصف «قافلة الحرية» الى غزة في شكل وحشي غير مسبوق والتهديد بحروب على امتداد المنطقة.

أما المثل العربي الأول الصارخ فيضرب في لبنان حيث منعت الأكثرية من التفرد بالحكم على رغم فوزها بالغالبية في انتخابات حزيران (يونيو) 2009 وأجبرت على المشاركة في حكومة ائتلافية هجينة لا قدرة لها على اتخاذ قرار ولا على إعلان موقف من أية قضية من القضايا.

والمثل الثاني الصارخ عربياً نشهده في الكويت التي تعاني من دوامة الاستجوابات والمواجهات والعنتريات في ما سمي بترف الديموقراطية وتفشي حالات حب الظهور والمزايدة لشل عمل الحكومة وحرف مسار العمل الديموقراطي الحقيقي نحو حائط مسدود تمثل في تكرار قرارات حل البرلمان والدعوة الى انتخابات جديدة لعل وعسى ولكن من دون جدوى.

أما الظاهرة العربية والعالمية المحيّرة والمخيبة للآمال والمؤدية الى هذه الأزمة فتتمثل في غياب الحماسة الشعبية للانتخابات ولكل مظاهر العمل الديموقراطي وحقوقه وواجباته والتعبير عن النقمة والرفض بالسلبية والامتناع عن التصويت ورفض ممارسة الحق الدستوري والواجب الوطني بدلاً من المشاركة الفعلية في اختيار الأفضل والأكثر قدرة على تلبية رغبات الشعوب ومطالبها.

ونجم عن ذلك تدني نسب التصويت وضرب ملامح الصورة المشرفة للديموقراطية التي لا تقوم لها قائمة من دون ديموقراطيين، مما ينذر بمخاطر سقوط النظام الديموقراطي القديم وانهياره من دون أن تلوح في الأفق ملامح نظام ديموقراطي جديد يحقق العدالة للجميع ويحفظ الحقوق ويصحح مسار الديموقراطية ويؤمن التمثيل الشعبي الصحيح والفاعل ويحيي الآمال بمستقبل آمن لا ظلم فيه ولا هيمنة ولا ديكتاتورية سافرة ومبطنة ولا تفرد بالحكم. إنه حلم ما زال بعيد المنال ولكن الحق الوحيد الباقي للشعوب هو حق الحلم وحق الأمل.

* كاتب عربي

==================

كوري تعود إلى بيتها

آخر تحديث:الاثنين ,07/06/2010

خيري منصور

الخليج

كما لو أنها عصفور تصدى لطائرة فانتوم، وقفت الشابة الأمريكية راشيل كوري أمام الجرافة، التي استهدفت بيتاً فلسطينياً كانت صديقة لأصحابه وأطفالهم، وانتهى المشهد إلى سحق كوري أمام العالم كله وبلا أي كوابح، ولم تتوقف أمريكا طويلاً عند هذا الانتهاك لأمريكية قررت الاعتذار عن خطايا الإدارة في بلادها، إذ سرعان ما عقدت صفقة رخيصة بين تل أبيب وواشنطن كان ضحيتها الصبية راشيل والبيت الذي حاولت حمايته .

 

لم يذهب اسم كوري مع الريح، فهو منقوش في الذاكرة الفلسطينية إلى الأبد، وهو أيضاً وشم أخضر على كل يد تحاول أن تصد الذباب عن عيون الأطفال المذبحوين . والسفينة الإيرلندية التي تحمل اسم كوري على سبيل العرفان أولاً، كانت على موعد مع الكمين الصهيوني ذاته، الذي انطلق منه القراصنة المدججون بأحدث الأسلحة لقتل وجرح واعتقال من كانوا على ظهر الباخرة، والتهمة الوحيدة لهؤلاء هي أنهم أحرار في زمن راهنت الصهيونية فيه على تحويل العبودية إلى ناموس كوني .

 

وسواء أطلق اسم راشيل كوري على سفينة إغاثة إنسانية، أم على شارع في غزة أو الخليل أو القدس، فإنها ستبقى إلى القيامة مقترنة بواحدة من أشد الفضائح السياسية والأخلاقية في تاريخ الولايات المتحدة .

 

إنها جان دارك الأمريكية لكن تحت صليب آخر، فالجسد النحيل لصبية في أول العشرينات من عمرها وتحاول صقل موهبتها ككاتبة تشهد على عصرها، هو أيقونة محرّمة في الولايات المتحدة المحتلة، والتي يستوطنها اللوبي الصهيوني بطريقة أشد بشاعة من استيطان التراب الفلسطيني، لأن استيطان الوعي أشق وأخطر من أي استيطان آخر، لن تكون سفينة راشيل الأخيرة في هذا الأسطول الطويل الذي حمل اسم الحرية، ورغم أن القرصان اختطفها في الكمين المائي، فإن سفناً أخرى قادمة في الطريق، لأن الحصار تم كسره رمزياً على الأقل، وأصبح هدفاً لكل ناشطي العالم الذين يدافعون عن كرامتهم الآدمية وعما تبقى من شرف، وكان الفنان مارلون براندو قد استخدم هذه العبارة عندما رفض جائزة الأوسكار وعوقب على مواقفه ضد الصهيونية بأن وزعت صوره وقد غطاها الصليب النازي المعقوف .

 

إن عدد الشهداء والرموز الذين ارتبطت أسماؤهم الخالدة بالقضية الفلسطينية يكفي لأن تطلق هذه الأسماء على أعلى الأشجار في غابات العالم وعلى أكبر الأنهار والصروح، لأنهم رفضوا الارتهان لعصابة أرادت تحويل السطو إلى فقه جديد وثقافة كونية مضادة للتاريخ وكل ما أنجزت البشرية .

 

إن الصبية راشيل ليست من بين ركاب هذه السفينة وقد تنوب عنها تلك المرأة الحائزة على جائزة نوبل للسلام في زمن صار السلام فيه اسماً مستعاراً للحرب، لكنها موجودة في عيون كل هؤلاء الناشطين، وفي نبض قلوبهم، مثلما هي موجودة في كل عشبة سقاها دمها على ذلك التراب المقدس الحزين .

 

لا سبيل إذن إلى وقف هذه الأساطيل لأنها تأتي من منابع إنسانية عابرة للقارات واللغات والأجناس، وقاسم المشترك الأعظم هو الإنسان الذي أصبح في بورصة العولمة والأمركة والتهويد أرخص من أي شيء في العالم .

 

إن الصبية كوري في الطريق إلى ذلك البيت الذي حاولت حمايته، وإن لم تصل هذه المرة فهي على موعد محتم للوصول .

==================

لا جدوى من سياسة عربية تمضغ من دون أسنان

آخر تحديث:الاثنين ,07/06/2010

كلوفيس مقصود

الخليج

بدا توقعي بأن يقوم نتنياهو بزيارة للرئيس الأمريكي أوباما في الأسبوع الماضي منطقياً، لكن كالعادة فإن السلوك “الإسرائيلي” عامةً يتميز باللا منطق وهو ككل إرهاب يمارس المباغتة . ورغم أنه كان علينا توقع اللا منطق الشرس من “إسرائيل” إلا أنه هذه المرة وفي أعقاب ما قامت به من قرصنة في عرض البحار على أسطول الحرية كان يتميز لا بالشراسة فحسب بل بالحماقة التي يبدو أنها آخذة بأن تكون السلوك السائد لما تقوم به الحكومة العنصرية التي يتزعمها محور نتنياهو- ليبرمان . لذا علينا من الآن وصاعداً أن نتوقع مباغتات لا عقلانية كون “إسرائيل” تعتبر أن أية إدانة لها، ناهيك عن أي معاقبة، هي بمثابة تهديد “لأمنها وتشكل خطراً وجودياً”، وهذا ليس نتيجة تقييم من قبلها بل تعمل على استباق أي انتقاد لها ولسلوكها وتصرفاتها حتى تتيح لنفسها حق العدوان الذي تمارسه من دون أي قيد أو أي محاولة ردع كما برهنت الأحداث الأخيرة، وأنها فوق القانون حتى إنها استفزت تركيا حليفها الرئيسي بشكل فظ، بعد أن كانت شريكاً استراتيجياً وتجارياً لها في المنطقة .

 

كان رد الحكومة التركية حاسماً بشكل لم تتعود عليه “إسرائيل” من قبل . دفعتها طبيعة الرد التركي لهذا الاستفزاز المتسم بالصفاقة إلى الاستجابة الفورية، فسمحت بعودة جميع المواطنين من حوالي أربعين دولة الى بلدانهم من دون تعطيل أو تردد . كان هذا بمثابة صفعة استحقتها “إسرائيل” وهي التي تعتبر نفسها كأنها بمنأى عن أي مساءلة أو معاقبة .

 

تفاوتت ردود الفعل الدولية بدورها في شدة إداناتها، وكان واضحاً درجة الاستياء من هذا السلوك الأرعن الذي أدى إلى غضب عارم من شأنه أن يشعر “إسرائيل” من الآن فصاعداً بأنها لن تكون محصنة من العقاب، ولن تستطيع مرة أخرى أن تمارس الابتزاز كي تحول دون جدية القناعة بأنها دولة مارقة بامتياز . وفي هذا المجال فإن المشروع الصهيوني نفسه الذي تقوم على تنفيذ سياساته بدأ يستولد تمرداً من قبل شرائح متنامية من يهود العالم كونها أدركت أن “إسرائيل” تهدد رسوخ الانتماء إلى أوطان متعددة في العالم، عندما تدعّي إما تمثيلها أو محاولة استقطابها والطعن في القيم الأخلاقية والسلوكية التي ميزت الكثير من يهود العالم الذين بدورهم يشكلون الكثير من طلائع الدفاع عن حقوق الإنسان والتصدي للتيارات العنصرية، والتي تمارس التمييز العرقي والديني . كثير من هذه الشرائح تعمل على تأييد حقوق الشعب الفلسطيني كتعبير عن موقف وجداني تجاهر بشجاعة بحقه بتقرير مصيره، أمثال الأربعة آلاف من كبار المفكرين والمثقفين اليهود في أوروبا الذين دانوا سلوك الحكم اليميني أخيراً في “إسرائيل” . كذلك تنامي التصدي لإملاءات “إسرائيل” التي تتجاهل كما قال الكاتب الأمريكي اليهودي المرموق بيتر بينارت “العلاقة شديدة الارتباط بين كرامة اليهود واللا يهود” . وأضاف “أن المتزمتين من المستوطنين الذين يحرقون شجر الزيتون هم أنفسهم الذين اغتالوا رئيس الوزراء “الإسرائيلي” . إن هؤلاء عصابة المغالين والمتطرفين “المتسترين بالدين الذين حرقوا كتباً مسيحية مقدسة هم أيضاً الذين هاجموا نساء يهوديات يحاولن الصلاة في حائط المبكى . . كذلك الأمر حين تشيطن الحكومة “الإسرائيلية” المنظمات العربية لحقوق الإنسان، إذا كنا نريد أن نكون لأنفسنا يجب أن نكون أيضاً لغيرنا” .

 

إضافة إلى هذه الحماقة المنظمة والمستشرية حرمت حكومة محور نتنياهو - ليبرمان البروفيسور فيلكستاين من جامعة نيويورك والأستاذ الشهير نعوم تشومسكي من دخول الأراضي المحتلة . تجدر الإشارة إلى كلمات البروفيسور “الإسرائيلي” في جامعة أكسفورد آفي شلايم عندما قال “إنه شعر بحزن عندما سمع عن الهجوم المجنون للقوات “الإسرائيلية” على البواخر غير المسلحة والتي تحمل مساعدات إنسانية لغزة، وأن أكثر من 9 متطوعين قتلوا” . وأضاف “لقد خدمت في الجيش “الإسرائيلي” عامي 1964 و،1966 الآن هذا الجيش في الأربعة عقود الماضية تقلص الى قوة بوليس وحشي لسلطة استعمارية همجية” . وقال “إن هذه القرصنة هي قمة سجلٌ وحشي غير متقطع تجاه مليون ونصف المليون من سكان غزة التي تعود الى 1967 . وأكد أن الحصار هو عقاب جماعي يحرمه القانون الدولي .

 

ودان توني بلير وغوردون براون ووصفهما بأنهما راعيان لمنظمة اسمها “صندوق يهودي وطني” وهي منظمة “إسرائيلية” تعنى فقط باليهود وليس العرب في بريطانيا . لعله حان الوقت لديفيد كاميرون رئيس الحكومة البريطانية '“التحرر من هذا الإرث المعيب لسلفيه، ويستطيع بالتالي أن يفرض مقاطعة لبيع أسلحة بريطانية ل “إسرائيل”، وأن يقترح للاتحاد الأوروبي عقوبات تجارية كي تنهي احتلالها للأراضي الفلسطينية - أطول وأشرس احتلال عسكري في الزمن المعاصر” .

 

هذا قليل من كثير مما قاله وصرح به العديد من “إسرائيليي” ويهود العالم إثر المجزرة التي ألحقتها “إسرائيل” بغزة عامي 2008-2009 وعادوا وأكدوا إدانتهم وقناعاتهم إثر القرصنة التي قامت بها مؤخراً .

 

يستتبع هذا أن نؤكد من دون تردد أن معركتنا مع المشروع الصهيوني الذي ينطوي على تمدد الاستيطان بشتى أشكالها، وليست حتماً وقطعاً بشكل قاطع مع أي يهودي كإنسان واليهودية كدين وتراث .

 

لا أدري إذا كانت حكومة “إسرائيل” تلقت الدرس، أو أنه كما يبدو لا تزال في حالة الإنكار، والإدمان على عدم الاعتراف لا بأخطاء التقدير في حساباتها فحسب، بل أيضاً في خطاياها بحق الإنسانية من خلال ممارساتها العدوانية المتفاقمة في إلغاء حق الحياة للشعب الفلسطيني والتي كانت المجازر في غزة أحد أوضح تجلياتها مما لا يزال يستفز الضمير العالمي .

 

أما الباخرة راشيل كوري فخطفتها “إسرائيل” في المياه الدولية، و”راشيل كوري” مناضلة أمريكية شابة طحنتها جرافة “إسرائيلية” غير آبهة بحياة فتاة في مقتبل العمر . جاءت راشيل إلى غزة لتساهم في تخفيف معاناة وآلام أهل غزة، فكان عقابها من “إسرائيل” مماثلاً لنمط التعامل “الإسرائيلي” مع كل من يعترض على سياساتها أو يعارض احتلالاتها، ناهيك عمن يقاومها، كالانتفاضات التي حصلت والتي كانت وستبقى ضمن الشرعية الدولية التي تؤكدها قرارات الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية . هذه القرارات تدمن “إسرائيل” على نقضها وإجهاض مفاعيلها .

وسط كل هذه الأحداث شكر رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس الرئيس مبارك على رفع الحصار عن معبر رفح، وإذا أضفنا إلى ذلك أن السلطة الفلسطينية تدفع باتجاه إعادة ما سمي زوراً “مفاوضات” إن كانت مباشرة أو غير مباشرة من دون اشتراط مسبق مثل الرفع الفوري للحصار “الإسرائيلي” الظالم على قطاع غزة لا تمهيداً لمصالحة بين فتح وحماس فحسب وإعادة الوحدة بين القيادات الفلسطينية، بل كأولوية لكل تعامل مع المجتمع الدولي وخاصة مع الإدارة الأمريكية .

 

أما قرار مجلس وزراء الخارجية العرب بتعليق ما لا يزال يسمى “إعادة المفاوضات” والذي عطل وحدة الموقف العربي، حيث اعترضت الدول المطبعة مع “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية على القرار المطروح بوقف ومقاطعة “التفاوض” . ثم تم الاتفاق على ترحيل معالجة الأزمة إلى مجلس الأمن، علماً بأن قرار الذهاب إلى مجلس الأمن لم يستوف كافة المعلومات والمواقف كي تضمن قراراً بمستوى التحدي الراهن، وهذا يعني أن أي قرار يتم، يجب أن يكون من شأنه ردع تمادي “إسرائيل” باستباحة الشرعيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة وحقوق الشعب الفلسطيني كلها الوطنية والإنسانية، إن لم يكن القرار على مستوى يؤمن بموجب الفصل السابع هذه الحقوق واستقامة وحتمية تنفيذه، إذ إن هناك احتمالاً لا يزال مبهماً بأن أي قرار نافذ قد يتعرض لاستعمال حق “النقض” خاصة أن الدول العربية لم تمهد للذهاب إلى مجلس الأمن بإجراءات جدية كقطع العلاقات الدبلوماسية القائمة مع “إسرائيل” وكل أوجه التعامل معها، وإعادة تفعيل أجهزة المقاطعة التابعة لجامعة الدول العربية . إذاً لن يكون هناك قرار يرقى إلى ما تتوقعه الأمة العربية وخاصةً الشعب الفلسطيني .

 

في هذا الشأن تشير البوادر الأولية للإدارة الأمريكية إلى تلعثم علني، كتصريح نائب الرئيس جو بايدن بأن “إسرائيل” لها حق تفتيش البواخر غير المسلحة التي تأتي إلى غزة حاملة المساعدات الإنسانية، ومن جهة ثانية يصرح الرئيس الأمريكي ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون بأن بعض التعديلات مطلوبة، ويفضلان التركيز على لجنة تحقيق “إسرائيلية” بحضور أمريكي، وهو ما انتقدته بشدة افتتاحية “نيويورك تايمز” (4 يونيو/حزيران) التي اقترحت أن تكون لجنة التحقيق دولية أو على الأقل تشمل الرباعية مع الأمم المتحدة . صحيح أن هذا التلعثم ناتج أيضاً عن أن اللوبي “الإسرائيلي” لا يزال قادراً على تحريف أو عرقلة الكثير من مشاريع القوانين التي تشكل أولويات إدارة أوباما، لذلك فإن أية سياسة عربية تمضغ من دون أسنان، أي قطع العلاقات مع “إسرائيل” وإعادة تفعيل جهاز المقاطعة، معناها أن العرب فوتوا فرصة تاريخية قد لا تتكرر في القريب العاجل، وتبقي حقوق فلسطين وكرامة العرب بدورها معلقة . يبقى السؤال: حتى متى؟

* مدير مركز عالم الجنوب في الجامعة الأمريكية بواشنطن

==================

أميركا والآخرون

بقلم :فيكتور دافيز هانسون

البيان

7-6-2010

ينبغي أن يكون هم قادة الدول الأول مصلحة بلدانهم، ولا بأس بأن تأتي بعدها المثاليات الدولية، لكن في حالة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل فالحالة معكوسة. وقد وبخ الناخبون الألمان، في انتخابات نيابية جرت أخيراً، ميركل لأنها أنقذت اليونانيين المبذرين بالمال الألماني المختلط بالعرق.

 

في السنة الماضية، فاز أوباما بجائزة نوبل، لا لما فعل، وإنما لما كان يمثل، فهو بالنسبة للأوروبيين بدا رئيساً أميركياً من نوع جديد، يتعدى مرحلة الوطنية الضيقة، وأكدت رحلات الاعتذار المتعددة التي قام بها، الخطايا الأميركية.

 

من أجل هذا، فإن أوباما يبدو وكأنه يرى أن على أميركا أن تكون مثالية حتى تكون جيدة، أما الدول الأخرى فيكفي أن تكون مقبولة حتى تكون جيدة.

 

على الرغم من أن أوباما لا يعتزم إغلاق معتقل غوانتانامو، كما وعد، أو إنهاء سياسات التصنت، إلا أنه ما زال ينتقد سياسات سلفه جورج بوش في مقاومة الإرهاب، ويعد العالم بأنه سيغير السياسة الأميركية الخارجية.

 

بناء على ذلك، فالرسائل المختلطة التي بعث بها للعالم، تشير إلى أنه إذا كنت ضد أميركا ما بين عامي 2001 و2008، فلا بد أنه كان لديك سبب وجيه، أما إذا كنت صديقاً للأميركيين في تلك الفترة فأنت مشبوه!

 

محاولات أوباما الدبلوماسية مع إيران وسوريا وفنزويلا، تقول للعالم إن الولايات المتحدة، وليس من هم معادون لها، هي المسؤولة عن توتر العلاقات بين جميع الأطراف في الماضي.

 

أما العلاقات العريقة مع بريطانيا الديمقراطية، والدرع الصاروخية لحماية أوروبا الشرقية الديمقراطية، فكلها مسائل عفا عليها الزمن ولم تعد صالحة للمرحلة الحالية.

 

وفي دعوة أوباما للرئيس المكسيكي فيليب كالديرون إلى البيت الأبيض، لمناقشة قانون أريزونا المتعلق بالهجرة، فإنه قد ذهب بعيداً جداً، إذ إن كالديرون، جنباً إلى جنب مع أوباما، تهجم على ناخبي أريزونا لأنهم طالبوا بتطبيق قانون الهجرة القومي، قائلاً إن هذا القانون لا يتجاهل الحقائق فحسب، وإنما يطرح أفكاراً فظيعة ويستند على أساس من التمييز العنصري.

 

لكن هذا خطأ، وفي الحقيقة فإن القانون يحظر التمييز العنصري ولا يطالب بتطبيق بنوده، وطلب إثبات الجنسية إلا من المعتقلين لأسباب أخرى لا تتعلق بالهجرة.

 

كان يفترض بأوباما، في تلك اللحظة، أن يصحح أوهام كالديرون وتدخله غير الملائم في السياسة الأميركية، فالحكومة المكسيكية تتعامل مع المهاجرين إليها من أميركا الوسطى بشكل أقسى بكثير من تعامل الولايات المتحدة مع المهاجرين المكسيكيين.

 

ناهيك عن أن المكسيك أصدرت كتاباً هزلياً مصوراً، قبل فترة من الزمن، يرشد المكسيكيين إلى طرق ينتهكون بها القانون الأميركي، مفترضاً أن الهاربين من المكسيكيين نحو جارتهم الشمالية أميون ولا يبالون بمدى قانونية دخولهم إليها.

 

أوباما، في رده على كالديرون، شدد على تناقص أهمية وجود الحدود بين البلدين، وأبدى انزعاجه من قانون أريزونا، مع العلم أن هذا القانون يحظى حالياً بدعم 70% من الشعب الأميركي.

 

وحتى لو أن أوباما قد ذكر في الماضي أن أميركا لا تعد بالضرورة بلداً استثنائياً، لكن كان ينبغي عليه أن يقف إلى جانب الولايات التي ترغب في تطبيق قانون الهجرة، لا إلى جانب دول أجنبية تريد أن تتحايل عليه.

 

جاء انتقاد أوباما وكالديرون لقانون الهجرة، بعد فترة وجيزة من اجتماع مساعد وزيرة الخارجية الأميركية مايكل بوسنر بالمسؤولين الصينيين، وقيامه، بمبادرة شخصية منه، بطرح قانون الهجرة الأميركية مثالاً على مراعاة أميركا لحقوق الإنسان.

 

حينها نسي الرجل أنه كان يناقش مواضيع حقوق الإنسان مع نظام لا يعترف بحقوق مواطنيه في التعبير، ولم تمض فترة طويلة بعد على قتله الملايين من شعبه، وابتلاعه هضبة «التبت».

 

إذاً، بدلاً من أن يبصر أوباما القذى في عين أميركا، عليه ألا يتناسى الجزع في عيون الآخرين، والأفضل له أن يركز على مشكلات الاتحاد الأوروبي، وإغراق كوريا الشمالية للسفينة الكورية الجنوبية، والهجمات الإرهابية المتكررة على الولايات المتحدة، والحروب في أفغانستان والعراق، وتشجيع المكسيك لشعبها على انتهاك القوانين الأميركية.

أستاذ الدراسات الكلاسيكية والتاريخية في جامعة ستانفورد

==================

الحروب الأميركية القادمة

بقلم :فلاديمير سادافوي

البيان

7-6-2010

على ما يبدو فإن ربيع السلام الذي بدأ به الرئيس أوباما عمله في البيت الأبيض، قد انتهى لتعود واشنطن لتمارس لعبتها التي بدأتها مع مطلع هذا القرن، وهي لعبة العسكرة والحروب البعيدة والمكلفة بشكل باهظ لا يتصور أحد أن الولايات المتحدة بظروفها الحالية تتحمله.

 

ولكن على ما يبدو أنه لا خيار في الأمر، ولا إرادة أيضا للإدارة الأميركية في الرفض أو القبول، و ما على أوباما الأسمر إلا أن يرضى بشرف الجلوس في المكتب البيضوي في البيت الأبيض ويترك الأمور لأصحابها يديرونها بمعرفتهم.

 

لقد اتضح في الاستراتيجيات الجديدة التي أعلنتها واشنطن مؤخرا، أن أجندة الحروب لم تغلق ولم تنته، بل على العكس فهي مفتوحة لحروب أخرى جديدة في أماكن أخرى عديدة. والاستراتيجيات المعلنة لا تحدد الأماكن، لكنها تعلن أن الحروب قادمة، وهذا وحده يكفي لإجراء الاستعدادات لها.

 

وأهم هذه الاستعدادات كالعادة هو صرف الاعتمادات المالية اللازمة، وهذا هو الهدف الرئيسي، وهي المهمة التي سيتولاها بالقطع الرئيس أوباما وسينفذها بجدية، طمعا في فترة ولاية رئاسية ثانية.

 

وقد أفادت الصحافة الأميركية أن الجنرال ديفيد بترايوس، قائد القيادة العسكرية المركزية الأميركية، أصدر أمراً سرياً بتوسيع العمليات العسكرية السرية في الشرق الأوسط ووسط آسيا والقرن الإفريقي، في إطار مكافحة إرهاب تنظيم «القاعدة» وتهديدات أخرى.

 

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» نقلاً عن وثيقة سرية حصلت عليها، ونقلا أيضا عن مسؤولين عسكريين أميركيين، أن بترايوس يريد القضاء على جماعات مسلحة في دول منها السعودية وإيران والصومال، وقد أمر بإرسال قوات أميركية خاصة إلى دول صديقة وعدوة في الشرق الأوسط والقرن الإفريقي لجمع معلومات استخباراتية بهدف الإعداد لضربات عسكرية.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن قرار القيادة العسكرية المركزية الأميركية، يسمح بزيادة المساعدات العسكرية والاستخباراتية للقوات اليمنية، لزيادة قدراتها لضرب أهداف لتنظيم «القاعدة».

 

ويبدو أن قرار بترايوس لم يلق ترحيب جميع قيادات البنتاغون، وخاصة من قدامى العسكريين الذين يبدون معارضتهم دائما على الحروب غير محددة الأهداف، إذ يخشى بعض أركان وزارة الدفاع الأميركية أن يترك هذا أثره السلبي على العلاقات مع دول صديقة كالسعودية واليمن، ويؤجج المشاعر العدائية لدى إيران وسوريا.

 

تسريب هذه المعلومات السرية الهامة من البنتاغون عبر وسائل الإعلام الأميركية، يثير الشكوك لدى جهات كثيرة، خاصة في روسيا، حيث يرى البعض أنه تسريب متعمد، والهدف منه إخطار الإدارة الأميركية بأن الحروب لم تنته بل قادمة، وأيضا إخطار الدول المعنية في الشرق الأوسط بأن الأميركيين قادمون.

 

وقد عبر العقيد فيتالي شليكوف، وهو مسؤول سابق في المخابرات العسكرية الروسية، عن شكوكه في إمكانية تسريب معلومات عن قرار هام للقيادة العسكرية الأميركية، لكنه أشار إلى أنه لو صدر أمر كهذا لما اندهش، لأن الولايات المتحدة مصممة على مواصلة حملتها المزعومة ضد الإرهاب في أي مكان.

 

وقد سبق أن أبدت روسيا شكوكا كثيرة حول أحداث واضطرابات في مناطق مختلفة، رأت فيها موسكو آثارا لأيد خفية كبيرة. من هذه الأمور نشاط القراصنة الصوماليين في البحر الأحمر، والذي ظهر فجأة بدون مقدمات وبصورة قوية ومكثفة، ولم تتحمس واشنطن ولا حلفاؤها المقربون لاتخاذ إجراءات عملية وحاسمة ضده.

 

وكذلك أحداث اليمن والحرب مع الحوثيين الذين بدا للجميع امتلاكهم لأسلحة حديثة وكثيرة أثارت الشكوك حول مصادرها، وكذلك الأعمال الإرهابية التي تقع بين الحين والآخر في المملكة العربية السعودية، وكلها أمور لا تستبعد فيها موسكو وجود قوى دولية خفية تحركها وتدعمها.

 

وقد سبق أن تصدت موسكو وبكين لعمليات مشابهة في بلدان وسط آسيا، والتي اتضح فيها للجميع وجود أيادٍ أميركية، ولهذا صعدت روسيا والصين نشاطهما من خلال منظمة شنغهاي للتعاون، بهدف طرد القواعد العسكرية الأميركية من وسط آسيا.

 

الآن من الواضح أن اهتمامات واشنطن ستتركز في الشرق الأوسط، وهذا الأمر يفرض على روسيا والصين والمجتمع الدولي أن يعيد حساباته جيدا مع إدارة الرئيس أوباما، ولا يتعامل معها على حد تصريحاتها.

 

بل ينظر إلى أفعالها وخططها واستراتيجيتها الجديدة التي أعلنت عنها مؤخرا على لسان الوزيرة السابقة العجوز مادلين أولبرايت، والتي لم تخف فيها نوايا واشنطن لشن حروب جديدة في العالم.

كاتب أوكراني

==================

تحقيق دولي لا إسرائيلي

الافتتاحية

الاثنين 7-6-2010م

بقلم رئيس التحرير: أسعد عبود

الثورة

مع الاحترام الكامل للسيد بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، ومع تقديرنا الأكيد لإعلانه ضرورة فك الحصار عن غزة،

«إن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة يجب أن يرفع فوراً لأنه يأتي بنتائج عكسية وغير مقبول وغير أخلاقي»... فإننا نرى في مقترحه على «نتنياهو»، أن يشكل لجنة تحقيق تشارك فيها الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل اقتراباً إلى حد التشابه الكلي مع ما تريده إسرائيل وما صرح به العنصري الإرهابي ليبرمان للإذاعة الإسرائيلية: «في إسرائيل خبراء في القانون من مستويات جيدة، ولا مشكلة عند إسرائيل إذا أراد البعض دعوة مراقبين للمشاركة».‏

الدعوة بالأصل التي تبنتها تركيا والاتحاد الأوربي ثم انضمت إليها الولايات المتحدة كانت لاجراء «تحقيق دولي».. ثم جاء نائب الرئيس الأميركي بايدن بفكرة تحقيق إسرائيلي بمشاركة دولية!.‏

هي الفكرة التي يبدو أنها راقت لإسرائيل.‏

لكنها.. لم ترق لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي أوصى بتحقيق دولي.. واضعاً إسرائيل أمام شبح غولد ستون جديد.. ولم ننس بعد المؤامرة التي رافقت التصويت عليه.‏

الأمين العام للأمم المتحدة، بتوصيته بتحقيق أميركي تركي إسرائيلي... يخالف توصية المجلس التابع للأمم المتحدة المتخذ لقراره بالغالبية المطلقة للأعضاء «صوّت ضده ثلاثة فقط».‏

والذي نراه أنه حتى ولو قام أي تحقيق من أي جهة كانت، فذلك لا يمنع التحقيق الدولي تنفيذ قرار مجلس حقوق الإنسان ولتوثيق الجريمة وبقائها في السجلات الدولية.‏

ثم..‏

إن السيد الأمين العام يتوجه بتوصيته كاقتراح إلى نتنياهو!! يعني إلى المجرم... يعني هو يطلب من المجرم أن يشرف على تحقيق بجريمته؟! وهذا غير طبيعي، حتى وإن شاركت في التحقيق جهات أخرى.‏

المسألة تتطلب في أقل ما تتطلبه، لجنة دولية رسمية للتحقيق بالجريمة النكراء الفريدة في التاريخ... ثم من بعد ذلك فلتكن هناك عشرات التحقيقات... الدولية والرسمية والبحثية.. والدارسة؟... والموثقة... وكل أنواع التحقيقات.. إلى جانب اللجنة الدولية.‏

التحقيق الدولي هو العمل الإنساني العدلي الحقوقي, الذي يسجل ما جرى ويضعه في صورته الوصفية الحقوقية, وهو بذلك يعتبر عملاً يعاكس تماماً كل الجهود الإسرائيلية الرامية اليوم للخروج من صورة الانحطاط التي يراها العالم لاسرائيل.‏

على هذا الأساس، من الطبيعي جداً أن يوظف الجهد العربي والإسلامي، من أجل دعم إنشاء لجنة تحقيق دولية مرتبطة بالأمم المتحدة للتوثيق الكامل للجريمة ودفعها باتجاه الجزاء والعقوبة.‏

واللافت في شبه الصمت العربي الراهن, أن ليس من حراك باتجاه كل منظمات العدالة ومحاسبة المجرمين الدولية..‏

لقد اتخذ التحقيق الدولي خلال النصف الثاني من العقد الأول من هذا القرن, موقع السيف المسلط على الرقاب العربية.. مسيساً بما لا يقبل الشك.. تحت حجة العدالة الدولية.. ويوم جاءت الفرصة لهذه العدالة الدولية لتحقق ذاتها.. غابت الأصوات ونام الأبطال المزيفون.. لا «فيتز جيرالد» ولا «ديتليف ميليس» ولا «أوكامبو»؟!‏

اختفى المسيسون يوم جاء دور الحقيقة.. اختفوا.. ليقف الضمير البشري الباحث عن العدالة بانتظار «غولدستون» آخر.‏

==================

هل يكون الدور التركي مكمّلاً للدور الإيراني أم منافساً له؟

اميل خوري

النهار

7-6-2010

خلط أوراق وتغيير تحالفات في المنطقة

يعتقد البعض في قوى 14 آذار بان دخول تركيا على خط الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي والعربي – الاسرائيلي بقوة، قد يخلط اوراق التحالفات في المنطقة وخصوصا في لبنان، ويقيم ربما ما يشبه صراع محاور جديدة تجعل اللبنانيين ينقسمون في ما بينهم، ليس بين سوريا وايران اذا ما افترقتا بل بين ايران وتركيا، ويصبح على سوريا نفسها ان تختار ايضا بينهما، وهذا من شأنه ان يجعل "حزب الله" في مكان والمتحالفين معه في مكان آخر.

والواقع، ان موقف تركيا الاخير من اسرائيل بلغ ليس حد المواجهة الكلامية كما مع ايران، بل حد المواجهة الدموية التي قد تتصاعد من اجل كسر الحصار على غزة، وان هذه المواجهة في حال حصولها قد تتطلب تدخل مجلس الامن والدول الكبرى ليصبح الحل المطروح تسوية سلمية شاملة لأزمة الشرق الاوسط تفرض على جميع الاطراف المعنيين تحت طائلة التهديد بفرض عقوبات على من يرفض هذه التسوية.

ولفت البعض في قوى 14 آذار قول النائب وليد جنبلاط في حديثه الى برنامج "كلام الناس"، انه "يتمنى على الخطاب الايراني ان يكون موازنا للخطاب التركي ازاء اسرائيل"، وهذا معناه ان الطريقة المجدية في مخاطبة اسرائيل هي تلك التي تعتمدها تركيا وليس ايران التي تهدد بازالة اسرائيل من الوجود في المنطقة وبالاصرار على الحصول على السلاح النووي اسوة بها، فيما اقتربت الدول الكبرى من الاتفاق على فرض عقوبات عليها.

وعندما يدعو النائب جنبلاط في حديثه التلفزيوني الى استيعاب سلاح المقاومة، في اطار استراتيجية دفاعية، فمعنى ذلك انه بات اقرب في تفكيره الى قوى 14 آذار منه الى بعض قوى 8 آذار وكأن شيئا ما قد يحدث في المنطقة بعد فرض عقوبات على ايران يجعلها معزولة عربيا ودوليا وتأخذ تركيا دور الانقاذ باعتماد خطوات عملية وليس بالخطب الرنانة.

وعندما تأخذ تركيا هذا الدور من ايران فإنها لا تجعل دول الجوار تشعر بالخوف والقلق كما شعرت بهما وهو مع ايران، بل على عكس ذلك، فانها تتعاون مع تركيا على انجاح مهمتها، ومنها على الاخص المملكة العربية السعودية ومصر وحتى سوريا المتحالفة مع ايران، لا تستطيع الا ان تكون متعاونة مع تركيا من دون ان تبتعد او تنفصل عن ايران.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل تعود المنطقة وتنقسم بين محورين جديدين: المحور التركي ومن معه عربيا واقليميا ودوليا، والمحور الايراني ومن معه، ام ان ايران ومن معها تلتقي عندئذ وتركيا ومن معها، على بذل جهود مشتركة لانجاح تسوية سلمية شاملة لأزمة الشرق الاوسط ولا سيما للقضية الفلسطينية لب هذه الازمة فتنعم المنطقة عندئذ بالامن والسلام والاستقرار وينتهي الصراع المزمن مع اسرائيل.

ثمة من يقول ان ايران التي تكون واقعة تحت ثقل العقوبات والعزلة الدولية، قد لا تكون قادرة على ان تكون في موقع التصدي والمواجهة خصوصا عندما تكون تركيا هي التي تقوم بالدور المطلوب بمباركة عربية واقليمية ودولية، ولا يعود عندئذ في امكان اي طرف غير راغب في السلام وله مصلحة في استمرار وضع اللاحرب واللاسلم عرقلة هذا الدور او افشاله، بل ان تحقيق السلام هو الذي يوقف سباق التسلح ويجعل البحث في خلو المنطقة من السلاح النووي ممكنا.

وليس غريبا ان يكون للدور التركي نوع من الزخم العام في اتجاه السلام الشامل والعادل لانه سبق لتركيا ان كانت الوسيط النزيه في المفاوضات غير المباشرة بين سوريا واسرائيل، وان هذه المفاوضات توصلت الى الكثير من نقاط الاتفاق ومن مقترحات ومشاريع الحلول، وكادت ان تنتقل الى مرحلة المفاوضات المباشرة لولا حرب اسرائيل على غزة، ونجحت تركيا اخيرا مع البرازيل في جعل ايران تقبل بنقل الاورانيوم المخفض التخصيب لديها الى تركيا، فبات الموضوع ان تركيا وليس اي دولة اخرى هي ملتقى المحورين القائمين في المنطقة، اي محور الاعتدال ومحور الممانعة او الرفض. وهي الدولة الاطلسية التي تربطها بالعديد من دول الغرب والشرق صداقات متينة حتى ان رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان زار اليونان في أوج ازمتها المالية والاقتصادية وان علاقة تركيا باسرائيل وان بلغت حد التوتر العالي والخطابات النارية المتبادلة، فان غالبية الاصوات لدى اللوبي الصهيوني، في دول العالم، ولا سيما في الولايات المتحدة الاميركية تفضل ان تظل تركيا راعية لمفاوضات السلام وان يكون لها دور مؤثر في مسارها.

اما سوريا التي لم تظهر حتى الآن اي امكان لفكاك شراكتها مع ايران اقليميا، فانها لا تزال تحافظ على مظهر الميزان بين ما يربطها بايران وما يربطها بتركيا التي تبقى مع حكم حزب اسلامي فيها جزءا من الاطلسي والراغبة بشدة بان تنضم الى الاتحاد الاوروبي. ويمكن القول في ضوء هذا الواقع ان العلاقة السورية بتركيا والعلاقة السورية بايران هما الصيغة الاقليمية التي ترتاح اليها دمشق، لانها الصيغة التي توازن بين توتر ايران مع الغرب وتهدئة تركية، وان كان هذا الوجه المزدوج يجعل المنطقة تواجه الهدوء الحذر، كما ترى ان الدور التركي هو مكمل للدور الايراني في المنطقة.

وثمة من يرى خلاف ذلك ويعتقد بان الدول الكبرى التي لها مصالح حيوية في المنطقة، قد لا تقبل بان تعطي تركيا دورا اكبر منها بل يفوق دور هذه الدول، وانه اذا تم انزال عقوبات جديدة بايران فان الوضع قد يزداد تشنجا وتوترا في المنطقة، ويعيد خلط الاوراق وفرز التحالفات بين من هم مع تركيا ومن هم مع ايران، وعندها تصبح سوريا في وضع حرج وكذلك حلفاؤها في لبنان، وقد يكون التخوف من ذلك هو الذي جعل الرئيس الاسد يقول: اننا ننتظر تحركا جديدا للراعي الاميركي ومستعدون لحلول وسط باستثناء الارض".

ان الايام المقبلة قد تجيب عن اي من الرأيين هو الصواب.

==================

رسائل بدماء قتلى أسطول الحرية

ميشيل كيلو

السفير

7-6-2010

في المراجعة التي أجراها الجيش الإسرائيلي لحرب عام 2006، قال رئيس أركانه الحالي غابي أشكنازي ما معناه، لم يكن الجيش آلة قتل فعالة. يجب أن ندربه على القتل خلال السنوات الخمس القادمة، وأن نجعله يقتل العدو بلا رحمة، ومن دون تمييز.

تقول العمليات الحربية التي نفذها جيش العدو بعد عام 2006 إنه صار آلة قتل بلا تمييز أو رحمة. ويشير سلوكه خلال هذه العمليات إلى الاحترافية الرفيعة، التي بلغها في قدرته على القتل بلا تمييز، فقد قتل إبان حرب غزة من دون تمييز بين طفل وامرأة وشيخ، ودمر الزرع والضرع، ولم يوفر مسكناً أو مشفى أو مدرسة أو روضة أطفال أو مسجداً أو مزرعة أو ورشة حدادة. واعترف جنوده أن الأوامر الصادرة إليهم كانت تلزمهم بإطلاق النار على أي شيء يتحرك، ولعل عدد الأطفال المرتفع بين القتلى يكون خير شاهد على ما أراده أشكنازي: بناء جيش من القتلة، لا يراعي اعتباراً ولا يلتزم بعرف أو ميثاق، يقتل كل ما ومن تقع عينه عليه.

هذا الطابع برز في أشنع صوره خلال مجزرة أسطول الحرية، التي فاقت في وحشيتها ما عرفته غزة من وحشية مجنونة أثارت إدانة العالم بأسره، وأرعبت حتى حكومات الدول الصديقة لإسرائيل، التي أفزعها حجم الهمجية المصاحبة للقوة المستخدمة. في واقعة أسطول الحرية، لم يكن جيش العدو أمام أرض فلسطينية يعيش عليها أعداء بينهم حملة سلاح. ولم يكن حيال شبان مدربين أو متمردين، بل واجه جمهرة من الرجال والنساء تجاوز معظمهم الخمسين من العمر، لا يتقنون أساليب الحرب وفنون القتال، وليس في نيتهم خوض صراع، عنيف أو غير عنيف، مع أحد. رسالتهم سلمية ولا قصد لهم غير مد يد العون إلى شعب محاصر دونما سبب أو مسوغ أو حق. أضف إلى ما سبق أنهم لم يقصدوا غزة على متن سفن حربية، ولم يعلنوا أنهم في حالة حرب مع إسرائيل، أو يريدون إلحاق ضرر ما بمصالحها، أو المرور عبر مياهها الإقليمية وطرقها البرية. سأفترض الآن أن بعض الأتراك شبان وتلقوا خلال خدمتهم العسكرية تدريباً ما على السلاح، فهل كان هؤلاء مسلحين؟.

قال العدو: إن جنوده واجهوا سكاكين وعصياً، وأن الأتراك لم يكونوا يحملون أسلحة نارية، لذلك تغلب جنود وحداته الخاصة، المدربين على أفضل وجه، عليهم ببساطة، وكانوا يستطيعون انتزاع سكاكينهم وعصيهم من دون إطلاق نار، خاصة أن غالبيتهم تحترف مهناً سلمية لا تمت إلى أي سلاح بصلة، فهم من أصحاب الأعمال الفكرية والروحية، ويتوزعون على أطباء وبرلمانيين، رجال دين أو فنانين، شخصيات عامة أو صحافيين، فضلا عن أن نساء القافلة لم يكنَّ من فرق المظلات أو القتال القريب، وحملن الصفات عينها تقريبا، التي للرجال.

هل استخدم الإسرائيليون ما أسماه الرئيس الفرنسي وصديق إسرائيل ساركوزي قدراً مفرطاً من العنف كي يتغلبوا على هؤلاء المدنيين العزل من شيوخ ونساء؟ من السخف الشديد افتراض ذلك. هل استخدموا القتل الأعمى كي يثبتوا لرئيس أركان جيشهم أنهم صاروا آلة قتل بلا تمييز، التي وعد ببنائها خلال خمسة أعوام، وتقول التجارب الميدانية إنها اكتملت إعداداً وتجهيزاً ووحشية، ولم يبق إلا إفلاتها على أعداء إسرائيل أو من تظن أنهم أعداؤها، الذين يجب أن يروا بأعينهم ما سيجري لهم وبهم، إن واجهوا آلة القتل بلا تمييز؟. من المرجح أن الوحدات الخاصة الإسرائيلية كانت تبلغ رسالة إلى العالم عامة والعرب خاصة، تخبرنا أنهم سيذبحوننا واحداً واحداً، وفرداً فرداً، متى وقعت الحرب، فلا بديل لنا غير قبول الاحتلال، والعيش في كنف الخوف، والشعور بالسعادة لأنهم لم يقصفوا أعمارنا بعد، مع أنها في متناول أسلحتهم وأيديهم، متى شاؤوا! مهما كان دافع إسرايل، هذه هي الرسالة التي أرادت إيصالها: أعدوا أنفسكم للطحن بلا رحمة، وللقتل من دون تمييز. إن جيشنا صار جاهزاً، والحرب متى وقعت لن تكون مجرد حرب، والفراغ في المنطقة العربية إما أن تملأه إيران أو تركيا أو نحن. ونحن استكملنا استعدادنا للحرب ضد الجميع، بما في ذلك تركيا، التي تؤكد المجزرة أننا قررنا التعامل معها كما نتعامل مع إيران، وأننا لن نراعي في موقفنا منها أي اعتبار، ونريد عن سابق عمد وتصميم دفعها إلى الطرف الآخر، المقابل لنا، حتى لا يبقى أي مسوغ لدورها كوسيط بيننا وبين سوريا، ولا تدخل إلى فلسطين وتلعب دوراً مؤثراً فيها، وتدفن عملية السلام والتسوية من أساسها، ويوضع جميع من في المنطقة العربية والإقليم الشرق أوسطي أمام الحقيقة، وهي أننا لسنا ذاهبين إلى تسوية مع أحد، ولسنا مستعدين للحوار مع أحد، أو لقبول دور أحد، وأن الخلافات داخل الطبقة السياسية الإسرائيلية حول الطريقة الأمثل لإخراج إيران من الحدود الشمالية، ولفك علاقات سوريا معها، قد حسمت وانتهى أمرها بالنسبة إلينا، فنحن لن نفك علاقات سوريا مع إيران عبر انسحابنا من الجولان، ولن نبعد إيران عن حدودنا الشمالية، وإنما نريدها أن تحشد أكبر قدر من السلاح والرجال هناك، قبل ضربها بآلة القتل بلا تمييز، التي ذبحت شيوخاً ونساءً في أسطول الحرية كنا نعلم تمام العلم أنهم عزّل، وأن بوسع وحداتنا الخاصة التغلب عليهم بسهولة ومن دون استعمال أسلحة نارية، لكننا أردنا من قتلهم ضرب هذه العصافير الكثيرة بحجر واحد، وسترون في مقبلات الأيام أننا نجحنا. صحيح أننا دفعنا ثمناً من سمعتنا، السيئة أصلاً، لكننا سددنا بالمقابل منافذ كانت تأتينا منها الريح، وقضينا على خيارات وتخلصنا من بدائل كانت تحرجنا، في المنطقة والعالم، ووضعنا حداً لتخمينات وتقديرات وجهود أرادت الضغط علينا من خلال فتح أبواب للتسوية تخرجنا من الجولان وجنوب لبنان، وفتحنا الباب واسعاً أمام حسم ملف غزة، التي سيستمر حصارها من دون رحمة، وستجد نفسها في مواجهة حرب ستؤسس لنا موقعاً في نظام إقليمي هو اليوم قيد النشوء، سيخلصنا من العرب وسيمكننا نحن أو أميركا من التفاهم مع القوتين الإقليميتين: إيران وتركيا، ليس على التسوية والسلام، وإنما على الأدوار والتكوينات، التي يجب أن تقوم عند أطراف العالم العربي الخارجية، بين أعماق أفريقيا وجبال زاغروس، بينما تبقى الأرض لنا، ويتوطد سلام الأمر القائم غير التعاقدي، الذي أثبت رسوخه، ولن نمنع أحداً من اعتباره التسوية المنشودة.

ليس ما حدث لأسطول الحرية رد فعل على سكين هنا أو عصا هناك، استعملا ضد جنود الوحدات الخاصة الإسرائيلية. إنه رسالة محملة بدلالات خطيرة، أرسلها العدو في لحظة فائقة الحساسية إلى أطراف كثيرة، ليرسم من خلالها حدود ما يريده وما هو عازم على تحقيقه: بقوة آلة القتل بلا تمييز، التي يطلق عليها اسماً ساخراً هو «جيش الدفاع الإسرائيلي».

من مقتلة أسطول الحرية فصاعداً، لن يبقى شيء على حاله في علاقات إسرائيل مع جوارها ، ليس لأن العرب قرروا لا سمح الله تغيير الأحوال، بل لأن العدو قال لهم برصاصه وبدم شيوخ ونساء أسطول الحرية: إن حالهم لن يدوم، وإن «جيش الدفاع» سيكون وسيلة إسرائيل في التخاطب معهم، وأنهم سيجدون أنه إما في الطريق إليهم، أو تحت نوافذهم وأمام أبوابهم، أو داخل غرف نومهم!

==================

العلاقات الأمنية مع تركيا على وشك الانقطاع

المستقبل - الاثنين 7 حزيران 2010

العدد 3674 - رأي و فكر - صفحة 19

يوسي ملمان

("هآرتس" 2/6/2010)

ترجمة: عباس اسماعيل

كانت العلاقات الأمنية بين إسرائيل وتركيا كالوتر المشدود الموشك على الانقطاع، قبل المأساة في عرض البحر فجر الأمس. والآن، قد ينقطع هذا الوتر. خلافاً للعلاقات السياسية والتصريحات العلنية، كان هناك في العلاقات بين الدولتين وجه مخفي عن النظر العام.

كان هناك ثلاثة جوانب أساسية للعلاقات الخاصة بين أنقرة والقدس، التي في الواقع شكلت اتفاقية إستراتيجية بين الدولة المسلمة غير العربية، التي هي بنفسها رهن صراعات مع جيرانها، وإسرائيل.

أولاً، العلاقات بين الصناعات الأمنية للدولتين. ففي العقد الأخير كانت تركيا من إحدى أهم الأسواق الخمسة لتصدير السلاح الإسرائيلي إلى جانب الهند، سينغافورة، الولايات المتحدة الأميركية والإتحاد الأوروبي. نطاق التصدير الأمني الإسرائيلي في هذه الأعوام بلغ أكثر من 2.5 مليار دولار.

وقد تضمن التصدير الأمني إلى تركيا صفقة ضخمة للصناعة الجوية بنطاق يفوق المليار دولار لتحسين وتجديد 50 طائرة "فانتوم" تابعة لسلاح الجو التركي؛ صفقة كبيرة وقعتها الصناعة الجوية، تتعلق بتحسين دبابات للجيش التركي بحوالي 600 مليون دولار؛ صفقة بيع طائرات من دون طيار بحوالي 250 مليون دولار تابعة للصناعة الجوية و"ألبيت" بالإضافة إلى التزويد بمنظومات استخبارات وتصوير، اتصالات وغير ذلك من قبل الصناعات الأمنية في إسرائيل. العصر الذي كانت فيه تركيا سوقاً لمنتجات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية على وشك الانتهاء، وسيتطلب الأمر سنوات عدة، في حال جرى ذلك بالمطلق، بغية تجديده وإعادتها إلى أيام ازدهاره.

أما الجانب الثاني فهو أن تركيا وافقت على السماح لسلاح الجو الإسرائيلي بالإقلاع من قواعدها والتدرب في أجوائها، وبهذا الشكل تؤمن تعويضاً محدداً عن الاجواء الضيقة والمحدودة لإسرائيل، الأمر الذي يعالج الضرر بقدرة وأهلية الأسراب على التدرب وتنفيذ مناورات متشابكة في ظروف ميدانية متنوعة. إلى جانب التعاون بين أسلحة الجو، تجري مناورات بحرية وجوية مشتركة، هناك منظومات نقل معلومات واستخلاص العبر. وهذه العلاقات قد تتضرر الآن بشكل خطير.

صحيح أن كل من الجيش التركي وسلاحه الجوي ليسا معنيين بالانقطاع، لكن ثمة شك في إن تكون للقوات المسلحة التابعة لأنقرة القدرة على الوقوف ضد الضغوطات التي تمارسها الحكومة الإسلامية، ذلك أن رئيس الحكومة التركية "رجب طيب أردوغان" يسعى بمنهجية، وبشكل خاص منذ عملية "الرصاص المصهور" في غزة، إلى تقليص العلاقات والتسبب فعلاً بإلغاء الإتفاقية الإستراتيجية بين الدولتين.

الجانب الثالث والأكثر حساسية من بين كافة الجوانب يتعلق بالتعاون الإستخباراتي، الجاري بين الدولتين منذ 50 عاماً حتى في الفترة التي كانت فيها العلاقات المكشوفة الدبلوماسية في الحضيض. لا يحتاج المرء أن يكون خبيراً كي يدرك أهمية تركيا، التي تحد الدولتين المعاديتين لإسرائيل إيران وسوريا ولديها مصلحة مشتركة مع إسرائيل في مكافحة الإرهاب الإسلامي المتطرف، الذي تضررت منه هي بحد ذاتها.

لقد واجهت العلاقات بين الدولتين أيضاً في الارتباطات الأمنية تدهوراً وتراجعاً ولطالما كان هناك وسيلة لتعزيزها وإعادتها إلى حالة الازدهار، لكن ثمة شك فيما إذا كان ممكناً تجيدها الآن، في المدى المنظور وفي هذه الظروف الصعبة.

ماذا سيحدث إذا انضمّت تركيا إلى "محور الشرّ؟"

على مدى سنوات، سمع الجمهور الإسرائيلي عن محور الشرّ الذي يحيط بالبلاد، والذي تقوده إيران ويمتدّ إلى سوريا، حزب الله في لبنان، وحماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزّة.

ولكن ما الذي سيحصل يوماً ما إذا قامت تركيا، الدولة التي تقع شمال غرب إسرائيل، بالانضمام إلى محور الشرّ؟ ماذا يمكن أن تكون الخطورة بالنسبة لإسرائيل، وكيف يمكن أن تنجح عسكرياً في هكذا جوار يتزايد خطره؟

الإشارات على انتقال تركيا إلى المحور المتطرّف بدأت بالظهور مع انتخاب رجب طيّب أردوغان، المحافظ السابق لاسطنبول، كرئيسٍ للوزراء في العام 2003. ومع مرور الوقت، أظهر أردوغان صورته الحقيقية كإسلامي متطرّف.

في كانون الثاني 2009 على سبيل المثال، ثار غضبه على المنبر الذي كان يشاركه فيه الرئيس شمعون بيريس في القمّة الاقتصادية العالمية في دافوس بسبب عملية الرصاص المسكوب في قطاع غزّة، والتي كانت قد وصلت إلى نهايتها تواً. ومنذ ذلك الحين، تصاعد الخطاب المتطرّف فقط. ويوم الثلاثاء، وفي ردٍّ على عملية البحرية ضدّ أسطول غزّة، قال أردوغان أنّ إسرائيل قامت بتنفيذ "مجزرة دموية".

العلاقات والروابط العسكرية بين إسرائيل وتركيا كانت قويّةً لعدّة سنوات. كِلا البلدين يملكان جيشاً غربياً، وتركيا عضوٌ في حلف الناتو. وقد قام الجيشان بعددٍ غير محدّد من التدريبات العسكرية، ولكنّ الجيشين أيضاً، وصلا العام الماضي إلى النهاية عندما قامت تركيا بطرد إسرائيل من مناورة دولية مخطّطة لسلاح الجوّ.

ومن وجهة نظر دفاعية إسرائيلية، الروابط مع تركيا لها أهميّة استراتيجية، بغضّ النظر عن كره أردوغان الواضح للدولة اليهودية. وبحسب أقوال مسؤول عسكري سابق يوم الأربعاء، إذا كانت إسرائيل بصدد قطع هذه الروابط، فإنّها قد تدفع تركيا أكثر نحو أحضان إيران وسوريا. ولسوء الحظّ، هذا ما يحصل الآن: في أواخر نيسان، قامت تركيا وسوريا بتنفيذ مناورة عسكرية مشتركة.

أمّا إسرائيل من جانبها، فتحاول جاهدةً لإيجاد فارق بين الجيش التركي وبين الحكومة. وقال مسؤولٌ أنّ إسرائيل كانت بحاجة لأن تأمل أنّ يكون أردوغان "يجتاز ظاهرة" وأنّه ما إن يترك المكتب، فإنّ العلاقات سوف تعود إلى مسارها.

ليس هناك شكٌّ بأنّ الحكومة التركية كانت متورّطة في تنظيم الأسطول إلى غزّة والذي أوقفته البحرية الإسرائيلية يوم الاثنين. وهناك خشية الآن في الجيش الإسرائيلي من أن تقوم الحكومة التركية بإرسال بحريّتها لمرافقة الأساطيل المستقبلية إلى غزّة. وهذا الأمر قد يؤدّي إلى تحدٍ عسكريٍ ودبلوماسيٍ جدّي.

وفي حين يميل الإسرائيليون للتفكير بعلاقة تركيا بهم، قامت البلدان الغربية الأخرى مثل الولايات والاتّحاد الأوروبي، قامت أيضاً باختبار الانتكاسات في العلاقات في ظلّ إدارة أردوغان.

وفي حين أنّ احتمال أن تتحوّل تركيا يوماً ما إلى عدوٍّ لإسرائيل لا يزال بعيداً- فإنّ عضويّة الدولة في الناتو هي كابحٌ ثابت- وليس هناك خوفٌ في إسرائيل بأنّ تركيا في طريقها لتصبح إيران المقبلة، وهي الدولة التي كان لإسرائيل معها علاقات وروابط عسكرية ودبلوماسية قويّة حتى الثورة الإسلامية في العام 1979. والآن إيران هي أكبر عدوّ لإسرائيل.

وفي المحصّلة، إسرائيل تصبح أكثر حذراً ولا تقوم ببيع تركيا نماذج عسكرية متطوّرة بعد الآن.

وهناك اهتمامٌ مشابهٌ موجودٌ بالنسبة لمصر في اليوم الذي يلي الرئيس حسني مبارك. إذا قامت إحدى هاتين الدولتين بأخذ منحى أكثر تطرّفاً، فمن الممكن أن يصبح جيشاهما الغربيّان أكثر تطرّفاً أيضاً.

تأثير هذا الأمر على الجيش الإسرائيلي سوف يكون فورياً. ومن أجل مواجهة المحور الحالي للشرّ إضافةً إلى تركيا ومصر، سوف يكون هناك حاجةٌ لمئات الطائرات الحربية الإضافية، مروحيات هجومية، دبابات، إضافةً إلى فرق مؤلّلة. ولهذا السبب من المهمّ جداً إبقاء تركيا إلى جانب الغرب.

==================

القراصنة

أ. د. بسام العموش

الرأي الاردنية

7-6-2010

كنا في صغرنا نعشق حضور أفلام المغامرات ومنها أفلام القراصنة التي يكون فيها أولئك القراصنة يمثلون الشر حيث يفتكون ويقتلون وينهبون لا يحللون ولا يحرمون همهم السيطرة والسرقة والقتل بوحشية تتناسب مع قسمات وجوههم التي امتلأت بضربات المشارط والسكاكين حاكية التاريخ الأسود لهؤلاء الأشرار في السكر والقتل والعربدة والوحشية، لكن جمال تلك الأفلام أنها تتضمن أبطالاً ينبرون لمواجهة القراصنة والتصدي لهم عبر إصرار الحق على مواجهة الأشرار، وتكون العاقبة للأبطال الذين نصروا الحق وأزهقوا الباطل.

 

واليوم تتكرر صورة القراصنة عبر دولة القراصنة « الكيان الصهيوني « التي قامت أصلاً بالقرصنة والسرقة والقتل البشع حيث تاريخها حافل بالدماء التي سالت للأبرياء بمذابح مشهورة :

 

(دير ياسين، كفر قاسم، قبية، الحرم الإبراهيمي، بحر البقر، قانا، صبرا وشاتيلا، الحرم القدسي، بيت لحم،....).

 

القرصنة التي تمت ضد قافلة الحرية ليست جديدة على دولة القراصنة، فقد مارسوا ذلك يوم اغتالوا الشهيد خليل الوزير في تونس في قرصنة واضحة انتهكت سيادة دولة عربية إسلامية عضو في الأمم المتحدة فماذا تلقى القراصنة من عقاب؟! هاجمت دولة القراصنة مطار عنتيبي الإفريقي وفعلت ما فعلت منتهكة سيادة دولة إفريقية عضو في الأمم المتحدة فماذا كان الرد؟.

 

تحركت دولة القراصنة عام 1982م وقطعت ألاف الكيلومترات ودمرت المفاعل النووي العراقي السلمي فماذا حصل ضد القراصنة؟.ولو فتحنا صفحة الاغتيالات التي مار ستها دولة القراصنة لطال بنا المقال والمقام (إغتيال : برنادوت، المبحوح، الوزير، أبو علي مصطفى، أحمد ياسين، يحيى عياش، الرنتيسي، نزار،....) وتحدث عن صفحة المحاولات والمؤامرات وشراء الذمم وإفساد الأخلاق والسلوك والتجارة بالدعارة ونشر الأمراض وتسليط الحشرات الزراعية..إلخ.

 

قراصنة الأمس لا يختلفون عن قراصنة اليوم إلا من جهة أن القراصنة اليوم لهم دولة بينما كانوا بالأمس مجرد عصابات، كما أن قراصنة الأمس كانوا يتلقون العقاب والمطاردة بينما قراصنة اليوم يحميهم دول كبرى لا تجرؤ على « إزعاج « القراصنة بكلمة لوم عبر قرارات لن تجد لها طريقاً إلى التطبيق!!.

 

بالأمس تحركت أساطيل الدول الكبرى والصغرى للجم قراصنة الصومال فلم لا تتحرك تلك الأساطيل لإنقاذ النفوس التي تحركت لغرض إنساني يتعلق بإنقاذ مليون ونصف من المحاصرين قتلوا على مرأى العالم المتحضر الذي يرفع شعارات حقوق الإنسان ويقيم تماثيل الحرية على شواطئه!!.

 

إثم الجريمة لا يقف عند حدود القراصنة بل يشمل كل من يسكت عنهم ويرضى بفعلهم بل على الجميع أن يرفض ويقاوم.

 

تحية لشريان الحياة الأردني الذي يعمل بصمت، وتحية لمعبر رفح ما دام مفتوحاً، وتحية لكل أحرار العالم الذين يتسابقون للتعبير عن إنسانيتهم.

==================

المصيبة الاستراتيجية

* بن كاسبيت

معاريف الاسرائيلية

الرأي الاردنية

7-6-2010

على قادة الدولة أن يسيروا على أطرفا اصابعهم، وفي جهاز الامن يحذرون جدا على كبريائه، ولكن كل من له عينان واذنان في رأسه يفهم بان رجب طيب اردوغان اصبح مثيرا للتحريض والكراهية، ناجعا وهداما. ديماغوجي خطير، داهية، لا يتردد في استخدام الوسائل ويشدد كل لحظة خطابه. اردوغان لا يتردد في ان يعترف بان حماس هي حزب شقيق لحزبه ويرى، في واقع الامر، في اسماعيل هنية، خالد مشعل، احمد الجعبري وعصاباتهم نوعا من «النموذج للاقتداء».

رئيس الوزراء التركي خرج منذ زمن بعيد عن نطاق المشكلة الموضعية او الانية. اردوغان، صحيح حتى الان هو مصيبة استراتيجية آخذة في التجسد امامنا. «هو احمدي نجاد الثاني»، قال ليس امس مصدر سياسي كبير في القدس، وفي ذات النفس اقسم الا اقتبسه من عول على تركيا بان تكون الحلقة الاقوى في محور الدول سوية العقل في المنطقة، يحصل عليها الان كحجر اساس لمحور الشر.

عند مراجعة تاريخه، نفهم. فمنذ سن الرابعة تلقى الكراهية في مدرسة متطرفة. ثوري في روحه، اردوغان يفعل كل شيء كي يغير وجه تركيا.

وقد شق طريقه بمثابرة وبحكمة. والان جاء دور الجيش التركي الذي حتى وقت قصير مضى كان آخر حماة الدستور و «الكمالية» (نظرية كمال اتاتورك، الذي فصل الدين عن الدولة وجعل تركيا ديمقراطية علمانية تحتذى).

اردوغان القى بجنرالات الى السجن، اردوغان يقضم من قوة مجلس الامن القومي (الذي يسيطر عمليا في الجيش)، وفي الاسبوع الماضي غير رئيس الموساد التركي، بعث الى البيت برجل مهني غني التجربة والسمعة وجلب مكانه اسلامي متطرف.

اردوغان يريد أن يدخل التاريخ كمن قلب العجلة واعاد الامبراطورية التركية الى عهدها المزدهر. من المحزن أنه يخطط لتنفيذ معظم هذه الخطوة على ظهرنا. فقد شخص الرافعة، ورأى السلم، والان يتسلقه في الطريق الى مكانة صلاح الدين، او على الاقل جمال عبدالناصر الجديد، او من يأتي اولا. محافل امنية في اسرائيل مقتنعة بان الفخ الذي اعد لمقاتلي القافلة أسفل سفينة «مرمرة» هو ثمرة العقل الناشط لاردوغان. «نيويورك تايمز» نشرت ان ممولي هذه الحملة يعتبرون من مجموعة الدعم القريبة لاردوغان.

كلما تعمق التحقيق تكاثرت المؤشرات. وهو من شأنه أن يجد طريقه الى هنا، على رأس جيش تركي هذا او ذاك، يجر كل المنطقة الى نزال في وضح النهار امام غزة ويهدد بان يصبح شهيدا.

خيط دقيق من الكراهية يربط بين «عودوا الى اوشفيتس» التي قالها واحد من رجال «مرمرة» في شبكة الاتصال ردا على طلب سلاح البحرية الاسرائيلي، وهيلن توماس، ابنة التسعين، المراسلة القديمة للبيت الابيض، التي قالت الاسبوع الماضي ان على اليهود ان يخرجوا من فلسطين وان «يذهبوا الى الديار».

عندما سئلت اين ديار اليهود، اجابت توماس «في بولندا، في المانيا، في امريكا». الخيط الذي يربط هذا، صحيح حتى اليوم، هو طيب اردوغان، رئيس وزراء تركيا، الذي كانت حتى وقت قصير مضى من الحلفاء الاستراتيجيين والهامين لاسرائيل في المنطقة، وبشكل عام.

اذن ما العمل؟ على هذا السؤال يجب ان يجيب بنيامين نتنياهو. ذات مرة، عندما كان مجرد مواطن قلق (بين الولايتين)، قال نتنياهو في حديث خاص انه «اذا انتهى ذات مرة تحالفنا مع تركيا، فيمكن اغلاق البسطة». كان بالغ بالطبع. اما اليوم فهو رئيس الوزراء، ونحن المواطنون القلقون. اسرائيل قوية بما فيه الكفاية، حتى بدون تركيا، ولكن وضعها الدولي في درك اسفل لم يسبق له مثيل. حملة منهاجية من نزع الشرعية تجري ضدها، على مستوى عالمي. اردوغان هو صحيح حتى اليوم، الروح الحية لهذه الحملة. كان ينبغي ادارة الازمة الحالية بحكمة. اردوغان يعمل على اباحة دم اسرائيل ومحظور الانبطاح امامه.

كما أن التهديدات والانذارات التي تصل بوتيرة نار قاتلة من ناحية أنقرة يجب أن تصطدم بجواب مصمم. من جهة اخرى، محظور تحطيم الاواني ويجب بذلك كل جهد للحفاظ على الاتصال، او الجمر. من اجل هذا اكتشفوا امريكا، ولكن هناك ايضا نتنياهو في وضع حساس، بحيث انه من الصعب معرفة من اين سيأتي الخلاص. في هذه الاثناء، كالمعتاد، يلعبون على الزمن. السباعية ستجتمع مرة اخرى اليوم وستبلور الصيغة الاسرائيلية للتحقيق. شيء ما مثل تحقيق داخلي اسرائيلي، مع مراقبين اجانب (امريكيين)، لن يحقق مع الجنود. نتنياهو يأمل في أن يضيع الوقت ويعلق اماله اليوم، وكم هو غريب، على المونديال.

يوم الجمعة القريب القادم ستبدأ هذه، والعالم سيتركنا اخيرا على راحتنا. في تركيا مرضى على كرة القدم، وكل ما تبقى لنا هو أن نأسف بانهم لم يصعدوا الى النهائيات. من جهة اخرى نحن ايضا لم نصعد. هكذا بحيث أنه في وقت ما سيترك الطرفان كرة القدم ويعودان الى المباراة الحقيقية الاكثر خطورة بكثير، هنا والان.

==================

الإسلام والمسلمون في أميركا .. الآن

د. غسان إسماعيل عبدالخالق

الدستور

7-6-2010

ثلاث إشارات قوية تم إرسالها من داخل الولايات المتحدة الأميركية ومفادها أن هناك تيّاراً عقلانياً قد بات يتبنى ضرورة القيام بعملية مراجعة حقيقية وشجاعة لصورة الإسلام والمسلمين. أولى هذه الإشارات يتمثل في إعلان الرئيس الأميركي أوباما إسقاط مصطلح (الحرب على الإرهاب) من أدبيات السياسة الأميركية وهوالمصطلح الذي عمّدته إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وربطته بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بالإسلام والمسلمين. وقد أسهم منظرو اليمين الأميركي في تعميق هذا الربط إلى الحد الذي استخدم معه صموئيل هنتنغتون مصطلح (الحدود الدموية للاسلام) أكثر من مرة في محاضراته وندواته.

 

ثانية هذه الإشارات تتمثل في تصويت أعضاء المجلس البلدي لمدينة نيويورك وبأغلبية كبيرة جداً على إقامة مسجد ومركز ثقافي اسلامي قرب موقع البرجين الذين تعرضا للهجوم في الحادي عشر من سبتمبر عام ,2001

 

وعلى الرغم من أن هذا المشروع قد واجه وما زال يواجه معارضة شديدة مصدرها مقاولو حروب الكراهية والمناوئون لكل ما هو عربي واسلامي ، إلا أن المضي في هذا المشروع يمكن أن يضع حداً حقيقياً وملموساً للتمييز المتفاقم ضد العرب والمسلمين في الولايات المتحدة الأميركية ، ما دفع بوزير العدل الأميركي إلى الإعتراف بأن %62 من الأميركيين المسلمين يتعرضون إلى تمييز عنصري شديد،،.

 

الإشارة الثالثة تمثلت في دراسة أميركية ميدانية حديثة ، أكدت أن الأميركيين المسلمين هم الأكثر تعليماً في الولايات المتحدة الأميركية ، فضلاً عن أنهم الأكثر اندماجاً في المجتمع والأكثر احتراماً للعمل بوصفه المحور الرئيس لحياة الانسان. وعلى الرغم من أن نتائج هذه الدراسة ما كانت لتفاجئ أحداً قبل الحادي عشر من سبتمبر 2001 لأن الاسلام والمسلمين في الولايات المتحدة الأميركية مثلوا فعلاً قوة تغيير إيجابي ملموس ، إلا أن هذه الدراسة ما كانت لتنشر في عهد الرئيس الأميركي جورج بوش الذي سخر كل امكانيات الإدارة الاميركية لشن حرب مقدسة على الاسلام والمسلمين في كل مكان ، رغم إدعاءات تلك الإدارة بأنها تفصل فصلاً دقيقاً بين الاسلام والمسلمين من جهة وبين الارهابيين الذين يدينون بالاسلام من جهة ثانية.

 

على أن مثل هذه الاشارات تظل في حاجة ماسة إلى المزيد من التأكيد على ضرورة إعادة النظر في الصورة النمطية السلبية للاسلام والمسلمين ، لأن المناوئين لإعادة انتاج هذه الصورة ما زالوا يتمترسون في حقول حقدهم ويتشبثون باجترار أحزانهم ، إلى الحد الذي يعتقدون معه بأن إقامة مسجد ومركز ثقافي اسلامي على مقربة من موقع البرجين هواهانة كبيرة لذكرى ضحايا الهجوم،،. مع أن التفكير المنطقي في المشروع لن يقود إلا باتجاه الاعتقاد بأن اقامة المسجد والمركز هي أكبر ردّ على المتاجرين بحروب الكراهية بين الأديان والأعراق وأكبر دليل على أن الاسلام والمسلمين فوق أي اتهام بالارهاب ، خاصة أن عدداً كبيراً من ضحايا الهجوم هم مسلمون.

==================

الترسانة النووية الإسرائيلية.. تواطؤ غربي من الألف للياء

محمود ماهر الزيبق

6/7/2010

القدس العربي

تتقاسم الصحافة الغربية عموما والبريطانية خصوصا تفاصيل الحديث عن الوثائق التي نشرتها 'الغارديان' حول العرض الإسرائيلي لبيع صواريخ أريحا المزودة برؤوس نووية لنظام الفصل العنصري (الأبرتهايد) في جنوب إفريقيا عام 1979.

تجدر الإشارة هنا إلى ان ما أوردته 'الغارديان' ليس المؤشر الأول على محاولة التعاون النووي الإسرائيلي مع جنوب إفريقيا ففي عام 1979 أيضا التقط قمر صناعي أمريكي وميضا يعتقد أنه ناتج عن تفجير نووي في المحيط الهندي، وأشارت تقديرات امريكية بعد ذلك إلى أن التفجير المفترض كان تجربة مشتركة بين إسرائيل وجنوب أفريقيا في تلك المنطقة وهو ما أكده مساعد وزير خارجية جنوب أفريقيا عزيز بهاد عام 1997 في تصريح نقلته عنه صحيفة 'هآرتس' الإسرائيلية. كما أشار ديتر غيرهارد أحد قدة القوات البحرية بجنوب إفريقيا عام 1983 أن إسرائيل عرضت على جنوب إفريقيا إبان النظام العنصري تسليحها بثمانية صواريخ أريحا برؤوس نووية وتم سجن غيرهارد فيما بعد بتهمة التجسس.

واليوم ومع تكرار هذه الضجة حول الترسانة النووية الإسرائيلية نطالب الصحافة الغربية بتحميل بلدانها المسؤولية الحقيقية عن هذه الأسلحة النووية والتي ما كانت لترى النور إلا بتواطؤ غربي مطلق من دول كفرنسا وبريطانيا والنرويج والمانيا وبلجيكا والولايات المتحدة وغيرها ممن ساهموا في ولادة الترسانة النووية الإسرائيلية سواء بالدعم او التستر وفيما يلي قراءة سريعة لتاريخ هذه الترسانة تظهر ما فيها من ادوار للغرب..

بداية الملف النووي الإسرائيلي كانت باتفاقيات فرنسية إسرائيلية 'بعضها سري' في الخمسينيات لمساعدة اسرائيل في استخراج اليورانيوم وإنتاج الماء الثقيل ومن ثم الاتفاق على بناء شركة سان جوبيان النووية الفرنسية مفاعل ديمونة عام 1957 وليس غريبا في هذا السياق سماح الرئيس الفرنسي شارل ديغول لخبراء إسرائيليين نوويين بحضور التجربة النووية التي أجرتها بلاده عام 1960 في منطقة حمودي بفران في صحراء الجزائر.

في الخمسينات أيضا نشرت الصحف الألمانية تقارير عن التعاون النووي بين ألمانيا وإسرائيل ولا ننسى هنا أن الغواصات النووية التي تمتلكها إسرائيل من نوع دولفين هي ألمانية الصنع..

في بريطانيا كشفت هيئة الإذاعة البريطانية BBC عام 1957 أدلة حول بيع بريطانيا 20 طنا من الماء الثقيل لمفاعل ديمونة. لكن الحكومة اكتفت بالقول إن لندن لم تكن طرفا في أي عملية بيع للإسرائيليين، وإنها فقط باعت بعض الماء الثقيل للنرويج، ثم تبين فيما بعد أن النرويج أعادت بيع هذه الكمية لتل أبيب. الجدير ذكره هنا أيضا أن النرويج نفسها اعلنت عام 1987 أن إسرائيل ترفض السماح لها بمراقبة الماء الثقيل الذي نقلته لها عام 1957 إعلان النرويج جاء متأخرا لأكثر من عقدين! عن التقارير التي تحدثت عام 1963 بإن إسرائيل تنتج في مفاعل ديمونة 34 كغ من البلوتونيوم سنويا من هذا الماء الثقيل.

ومن بلجيكا اشترت إسرائيل قرابة 200 طن متري من اليورانيوم عام 1967. أما الولايات المتحدة فقد كان لها مواقف متقلبة في هذا الشأن ففي اواخر عام 1960 أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن امتلاك إسرائيل منشآت نووية إسرائيلية بعد ذلك بايام نشرت صحيفة 'نيويورك تايمز' صورا جوية للمنشآت التقطتها طائرات أمريكية ليعترف رئيس الحكومة الإسرائيلية بن غوريون بعد ذلك بخمسة أيام بإنشاء مفاعل نووي زعم انه للأغراض السلمية.

في عام 1961 وضع الرئيس الأمريكي جون كيندي المنشآت النووية الإسرائيلية ضمن أولوياته عقب فوزه بالانتخابات وتوترت العلاقات بين أمريكا وإسرائيل بعد أن رفض بن غوريون أي تفتيش دولي للمنشآت إلى أن وافق الأخير على زيارات منظمة لمفتشين أمريكيين للمنشآت الإسرائيلية بين عامي 1962 إلى 1969 .

ألغيت سرية المعلومات الواردة لجولات التفتيش الأمريكية مؤخرا غير ان هذه الزيارات التفتيشية كانت تشمل المنشآت فوق سطح الأرض فقط وليس الطوابق العديدة تحت الأرض. وكانت تتم لمرة واحدة فقط في السنة. حيث كانت تبدو الأماكن فوق سطح الأرض كغرف تحكم أما المدخل للطوابق تحت الأرض فكان يتم إخفاءه بإحكام بما في ذلك نظام المصاعد الذي يقود إلى وحدة معالجة البلوتونيوم السرية التي تختفي فجأة خلف جدران حجرية.

وقد ساهم اغتيال كندي عام 1963 بتخفيف حدة الضغوط وتجدر الإشارة أن عام 63 الذي اغتيل فيه كندي هو نفس العام الذي أعلن فيه عن تشغيل مفاعل ديمونة الإسرائيلي.

في هذه الفترة كشفت وكالة الاستخبارات الأمريكية عن عدة سرقات إسرائيلية لليورانيوم من الولايات المتحدة وأشهرها فضيحة نيوميك وهي شركة لإنتاج التجهيزات النووية في ولاية بنسلفانيا قام رئيسها 'زالمان شابير' بتحويل كميات من اليورانيوم إلى إسرائيل بين عامي 1964 1965.. وسبق أن تحدثنا في بداية المقال عن الصور التي التقطها قمر صناعي امريكي عام 1979 لما قدرته الحكومة الأمريكية آنذاك على انه تجربة لقنبلة نووية إسرائيلية بالتعاون مع جنوب إفريقيا غير ان هذه السحب زالت كلها مع نجاح رئيسة الحكومة الإسرائيلية غولدا مائير بتوقيع اتفاقية مع الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون عام 1969 قضت بمضي إسرائيل قدما في نشاطها النووي وهو ما عرف ب 'سياسة الغموض النووي الإسرائيلي' التي ما تزال سارية حتى الآن ولم تجد نفعا المطالبة العلنية لميلفن ليرد وزير الدفاع الأمريكي آنذاك بإيقاف اتفاقية الغموض هذه وتحذيراته من أنها ستسيء لسمعة الولايات المتحدة وتظهر كيلها بمكيالين في شأن الحد من الانتشار النووي .

غير ان البعض يرجح أن دور الولايات المتحدة في التستر على التسلح النووي الإسرائيلي يعود إلى ما بعد عدوان 1956 حين وافقت إسرائيل على الانسحاب من الأراضي المصرية التي احتلتها اثناء العدوان مقابل تفهم امريكي قدمه الرئيس دوايت آيزنهاور بحق إسرائيل بامتلاك قنبلة نووية لأغراض الردع لا سيما ان الموافقة الفرنسية على إنشاء مفاعل ديمونة جاءت تبريرا لإسرائيل عن عجز فرنسا في مواصلة دعمها أثناء العدوان عقب تهديد مبطن للرئيس السوفييتي خورتشوف بحرب نووية مالم تسحب إسرائيل قواتها من الأراضي المصرية المحتلة آنذاك.

يمكننا أن نضيف إلى هذا المسلسل من التواطؤ الغربي على التسلح النووي الإسرائيلي عددا من المحطات الهامة أبرزها أن مردخاي فعنونو'يهودي من أصل مغربي ' وهو خبير نووي في مفاعل ديمونة كشف في بريطانيا عام 1986 أن لدى إسرائيل من الرؤوس النووية ما يكفي لتدمير الشرق الأوسط بكامله ثم قامت إسرائيل باستدراجه من بريطانيا عبر إحدى فاتنات الموساد (أمريكية الجنسية) إلى إيطاليا حيث تم اختطافه عبر البحر ليصل إسرائيل ويقضي فيها عقوبة بالسجن مدة 18 عاما بعيدا عن أي تعليقات رسمية غربية.

وبنفس الطريقة مرت تقديرات الاستخبارات الأمريكية عام 1990 لأعداد الرؤوس النووية الإسرائيلية والتي قدرت بين 75 إلى 130.

أبرز ما يمكن أن تضيفه وثائق 'الغارديان' يتعلق باول تصريح ضمني إسرائيلي بامتلاك السلاح النووي والذي قال فيه أيهود اولمرت رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق.. 'هل يمكنكم أن تقولوا إن الأمرين متساويان، عندما يتطلعون (الإيرانيون) لامتلاك أسلحة نووية مثل امريكا وفرنسا وإسرائيل وروسيا'.

ثم تعلل بان كلماته فهمت بشكل خاطئ فهو لا يشير إلى امتلاك إسرائيل للأسلحة النووية. غير ان حديث اولمرت عن إسرائيل المسالمة والتي تزعم دائما بأن جميع ما تملكه من أسلحة مخصصة للردع بدت حقائقه اليوم فالوثائق تشير إلى محاولة تعاون بأسلحة نووية مع نظام الفصل العنصري الذي كان يهدد جيرانه آنذاك بعدوان صاروخي وهو ما يؤكد خطورة امتلاكها لهذه الترسانة وضرورة التعامل معها كما الملف النووي الإيراني نؤكد ذلك أخيرا بما كتبه دونالد ماكنتير على صفحات 'الاندبندنت 'مؤخرا حين قال: 'يجب اعتبار هذه الفترة التي كانت فيها اسرائيل حليفة لنظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا حقبة سوداء في تاريخ اسرائيل ويجب ان تعترف بذلك'.

' كاتب صحفي من سورية

==================

تركيا تستعيد هويتها بانتفاضة فلسطينية!

محمد صادق الحسيني

6/7/2010

القدس العربي

كل شيء في تركيا يتغير بسرعة باتجاه استعادة هذا البلد المسلم لهويته التاريخية واعادة اكتشاف ذاته، وشهداء اسطول الحرية كانوا هم الشرارة التي الهبت مشاعر الاتراك القومية والدينية الى الدرجة التي بات فيها من الصعب بمكان لاي مسؤول تركي العودة بالاوضاع في بلاده الى ما قبل مجزرة سفينة مرمرة!

هكذا تشير كافة المؤشرات المتعلقة بتداعيات وقائع الهجوم البربري والوحشي على اسطول الحرية، والتي من اهمها اعادة تشكيل الوعي الجمعي التركي على قاعدة التضامن التام والكلي مع القضية الفلسطينية، وتنامي المطالبة بضرورة القطع الكامل لعلاقات بلادهم مع الكيان الصهيوني!

من شارع الاستقلال وصولا الى ميدان' تقسيم' تتالت الهبات الجماهيرية التركية دفاعا عن شهداء'اسطول الحرية' ثم سرعان ما تحولت الى اشبه بالانتفاضة الشعبية الممتدة حتى منطقة 'ليفينت' حيث تقع القنصلية الاسرائيلية والتي تم محاصرتها بحزام اعتصام شعبي عريض وذلك دفاعا ليس فقط عن الدماء التركية الزكية النازفة فوق مياه المتوسط بل وعن كرامة حكم 'الآستانة' الجديد الذي يتزعمه الثنائي المحبوب رئيس الوزراء الطيب اردوغان ووزير خارجيته ومنظر حزبه احمد اوغلو .

كل شيء في اسطنبول يذكرك بايام احتلال الطلبة الايرانيين للسفارة الامريكية في طهران في بداية ثمانينات القرن الماضي، اللهم سوى ان ما حصل في طهران في حينها كان بمثابة هبة جماهيرية تلت احداث الثورة التي قطعت علاقاتها مع تل ابيب واستبدلتها بسفارة فلسطين، فيما يقرر الخبراء الاتراك هنا بان الحالة التركية الحالية ليست سوى هبة جماهيرية تركية بركانية قد تفضي الى قطع علاقات انقرة مع الكيان الاسرائيلي بعدما تحول الى احد الاعداء الرئيسيين للامة التركية الصاعدة ان لم يكن العدو الرئيسي، وان لم يحصل ذلك فان احتمالات حدوث ثورة اسلامية تبقى احتمالا يلوح ولو في الافق الابعد!

هذه المقارنة ليست من عندياتنا، بقدر ما هو خلاصة عشرات التحليلات والتقارير الشفوية والتحريرية التي ادلى بها او دونها محللون اتراك على امتداد الايام التي تلت المجزرة وجريمة ارهاب الدولة التي ارتكبها القراصنة الاسرائيليون بحق ركاب سفينة مرمرة التركية بالذات!

ثمة من قال بالحرف الواحد بان الاسرائيليين قد ارتكبوا جريمتهم هذه عن سابق قصد واصرار ضد الاتراك بالذات لايصال رسالة واضحة لاردوغان وحزبه بانه قد تخطى الحدود في تقاربه مع ايران وسورية الى درجة التماهي مع سياسات احمدي نجاد، بل ان ثمة من وضع الهجوم الصاروخي لحزب العمال الكردي المعارض على القاعدة البحرية للجيش التركي في الاسكندرونة والذي سبق مجزرة المتوسط بثلاث ساعات فقط، في سياق تواطؤ اسرائيلي امريكي الهدف منه ايصال رسالة تحذيرية الى القيادة التركية بخصوص سياساتها الشرق اوسطية الجديدة بخصوص ايران كما بخصوص فلسطين!

وعليه فان ثمة من يلحظ سباقا ماراثونيا بين جماهير حزب العدالة والتنمية التي تزداد ثورة على الكيان الصهيوني وعلى الامريكيين كلما تكشفت ابعاد جديدة من جريمة اسطول الحرية، وبين قيادة الحزب التي تبحث ليس فقط عن ضرورة التماهي مع مشاعر جماهيرها المتأججة حفاظا على شعبيتها التي بدأ يأكل منها حزب السعادة الاسلامي الاكثر 'اصولية' بل وعن الدور الذي رسمه لانفسهم قادة 'الآستانة' الجديدة الممثلون بقيادة هذا الحزب الاسلامي المعتدل صحيح لكنه الصلب والقوي والشجاع في الوقت نفسه .

هي اذن معركة على الدور التركي وعلى الطرق والممرات البحرية كذلك، ولا يمكننا ان ننسى هنا ذلك الاتفاق السري الخطير بين كوندوليزا رايس والقاتلة المحترفة تسيفي ليفني حول طرق السيطرة على المنافذ البحرية والمضائق من هرمز الى باب المندب الى قناة السويس بحجة منع تهريب السلاح الى المقاومين في غزة المحاصرة، وهاهم اليوم يضيفون اليه السيطرة على مياه المتوسط الامر الذي يعني فيما يعني تشديد الخناق على الدور التركي ايضا ومحاصرته في بحر مرمرة!

صحيح ان القضية هي فك الحصار عن غزة، لكن هذه هي رؤيتنا نحن ومعنا احرار العالم الذين بادروا وسيستمرون في المبادرة باتجاه المزيد من اساطيل الحرية نحو غزة .

لكن العدو الصهيوني الذي يعاني من حالة انحسار شديد للدور والوظيفة على اليابسة بعد هزائمه وتعثراته المتتالية في اكثر من موقعة اهمها فشله الذريع في عدوان تموز العام 2006 وعدوان كانون في 2008 - 2009، تراه اليوم يبحث عن ذرائع بل ومتنفسات تنقل المعركة التي باتت مفتوحة بينه وبين قوى المقاومة والممانعة الى البحار المفتوحة وفي طليعتها البحر المتوسط هذه المرة ظنا منه بان السيطرة على سائر البحار قد حسم امرها فيما المتوسط الذي نزلت اليه تركيا بامكانه ان يفك شرنقة الخناق من حوله اذا ما استطاع ان يوقف تركيا عند حدها!

لكنها السنن الكونية هي هي لم تتغير وان تغيرت اشكالها، اذ ان العدو هنا ايضا يخطئ في حساباته تماما كما اخطأ الحساب على اليابسة، فكلما فتح ساحة جديدة ضد قضيتنا المقدسة كلما جعل دائرة المناصرين لنا تكبر وتتسع عالميا، فيما يبدو ان دائرة خصومه ان لم نقل اعداءه تكبر اكثر فاكثر!

فها هو قد بدأ في خسران تركيا كحصيلة اولية بعد ان حول مياه المتوسط من الابيض الى الاحمر القاني، ما يعني ان مجازفة البحر هذه المرة قد تتحول الى طوفان من اساطيل الحرية التي تجعله بدماء احرار العالم هو المحاصر اكثر مما تكون غزة هي المحاصرة!

وهذا الكلام ايضا ليس من عندياتنا بقدر ما هو خلاصة لعشرات التقارير التي صدرت من داخل الكيان وهي تلوم قادته على تقديراتهم الخاطئة، وكيف ان الكيان الذي كان يلعب دور الداعم والمساعد لامريكا قد تحول الى عبء عليها، والاهم من ذلك كله فقد غدت غزة هي التي تحاصر الكيان المنبوذ وهي التي تشدد الخناق عليه كلما اقدم على حماقة جديدة تجاهها!

انها فلسطين التي تدور مع كل من يدور حولها وتربح كل من يطلب ودها، وكما سقطت قلعة شاه ايران بفضل قلوب الملايين من عشاق فلسطين الايرانيين وقائدهم الامام الخميني، فان قلاع الغرب الداعمة لهذا الكيان العدواني الغاصب ستسقط هي الاخرى الواحدة بعد الآخر بفضل موجات البحر المتوسط التي تحمل معها المزيد من رواد الحرية في الايام المقبلة .

وزلزال تركيا الذي بدأ بانتفاضة شارع استقلال وميدان تقسيم في اسطنبول، لن يكون اقل خطرا على الكيان الصهيوني من زلزال ايران والقادم من الايام سيكون هو المحك والمعيار!

==================

النووي الإيراني عقوبات مآلها الإخفاق

le monde diplomatique

بقلم: آلان غريش‏

ترجمة

الأثنين 7-6-2010م

ترجمة: دلال إبراهيم

الثورة

«لم تلعب لا الولايات المتحدة ولا أوروبا الدور الفاعل المحرك في المفاوضات التي جرت من أجل إيجاد مخرج للمسألة النووية الإيرانية».

وقد أتاح الغياب الأوروبي والفرنسي، والذي ينسحب على ملفات أخرى، مثل الملف الفلسطيني - الإسرائيلي الفرصة لقوى أخرى مثل البرازيل وتركيا لتأكيد حضورها على الساحة الإيرانية .‏

وعقب التوقيع على الاتفاقية الإيرانية - التركية- البرازيلية الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني، صرّح مدير المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية ( فقدت القوى العظمى مصداقيتها لدى الرأي العام، بسبب تجاهلها هذه المبادرة). وتأتي أهمية هذه الاتفاق، الذي أثار جملة ردود فعل نظرا لأنه رسم نهاية لما يسمى ( الأسرة الدولية) والتي تحتمي خلفها الولايات المتحدة وأوروبا لصنع سياستهما .‏

لم تستغرق المفاوضات من أجل التوقيع عليها أكثر من 17 إلى 18 ساعة، قادها وزراء خارجية الدول الثلاث، وشهدت المناقشات مخاضاً عسيراً، وقد هدد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بعدم الانضمام إلى المفاوضات وحتى قطع الحوار إن لم تتعهد إيران بالتزامات واضحة وتحدد استحقاقاً زمنياً لتنفيذه. وتكللت تلك المفاوضات بتوقيع الرؤساء الثلاثة على اتفاق ينص على عشر نقاط، ترسم أفقاً لحل الأزمة النووية الإيرانية.‏

وقبيل بضع ساعات من التوقيع على هذا الاتفاق، دعت وزيرة الخارجية الأمريكية نظيرها التركي في محاولة لمنعه زاعمة أن الوساطة مآلها الفشل، وصرحت أمام الصحفيين قائلة «كل خطوة كانت تكشف للعالم أن إيران لا تلتزم بالطريقة التي نطالبها بها وإنها تواصل برنامجها النووي».‏

من جانبه، اتهم وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الرئيس البرازيلي بأنه استسلم لخدعة إيرانية قائلاً «لا أحد يمكن أن يعطيني دروساً في مسألة التسلح الإيراني.. وكل دولة تحمل عبئاً بالسياسة الدولية والبرازيل تدرك دورها الرئيسي».‏

في عام 2004 توصلت الترويكا الأوروبية ( فرنسا وبريطانيا وألمانية) إلى التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق مع إيران، ينص على موافقة إيران على التوقيع على بروتوكول إضافي لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، الذي يقضي بخضوع منشآتها النووية لتفتيش أشد وأدق، كما وقررت طهران تعليق عملية تخصيب اليورانيوم لديها بشكل مؤقت، نظراً لأن أي اتفاق طويل الأمد مع الدول الغربية سوف توقع عليه إيران ينبغي أن يقدم ضمانات أمنية لها، ورفضت واشنطن في ظل عهد بوش تقديم أي تعهدات من هذا القبيل، متمسكة بهدفها قلب نظام الحكم الإيراني عقب تحقيقها انتصاراً ساطعاً في العراق، واثر ذلك استأنفت إيران العمل في برنامجها النووي. وعوضاً عن تبني سياسة مستقلة، انحازت أوروبا إلى الموقف الأمريكي ونأت بنفسها عن أي دور وسيط. وحتى إن فرنسا صارت ( ملكية أكثر من الملك) وانتقدت سياسة أوباما في الانفتاح على طهران .‏

في الواقع ووفقاً لنصوص الاتفاق تخلت إيران عن جزء كبير من اليورانيوم لديها وحدت بشكل جدي من مقدراتها على تصنيع قنبلة.‏

ونتذكر أن المفاعل النووي الإيراني انشئ قبل قيام الثورة الإيرانية بهدف صنع النظير المشع الضروري لعلاجات السرطان، وحينها كان هذا المفاعل يتزود باليورانيوم المخصب للدرجة العشرين من الأسواق.‏

وتحول الآن الضغوط الأمريكية دون حصول إيران على الوقود الضروري، وكانت الوكالة الدولية للطاقة قد اقترحت عام 2009 ما يشابه هذا الاتفاق مع فارق هو أن يتم التبادل بين اليورانيوم المخصب والوقود النووي عن طريق روسيا وفرنسا.‏

وعلى خلاف ما ذكرته وسائل إعلام (غير مطلعة) لم ترفض طهران مشروع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بل إنها طالبت أن يتم التبادل فوق أراضيها وبالتزامن بين الاستلام والتسليم، لأن الدولتين ليستا موضع ثقتها.‏

وترى الحكومة الفرنسية على لسان الناطق الرسمي باسم خارجيتها أن الاتفاق لا يحل المسألة وتبادل اليورانيوم المنصوص عنه ليس سوى لإشاعة جو الثقة.‏

ولب الخلافات مع إيران تتمحور حول نشاطاتها في مفاعل «نطنز» ومفاعل «آراك» وتكتمها على مفاعل «قم» وعدم ردها على أسئلة طرحتها الوكالة الدولية ،علماً أن إيران عملت باقتراح الوكالة ولم تخصب اليورانيوم إلا بحدود 20٪ وعلى هذه (الانتهاكات) صدرت العقوبات على إيران.‏

وتبنّت الدبلوماسية والإعلام الغربي المأخوذين على حين غرة بهذا الاتفاق استراتيجية تقوم على أساس التقليل من أهميته وأن العقوبات وحدها هي المجدية.‏

رغم أن الاتفاق يلبي طلبات الوكالة الدولية لعام 2009 وقد أقر الجميع حينها فكرة أنه في حال الموافقة عليها لن تكون هناك عقوبات جديدة وإنما انفتاح على المفاوضات نظراً لأن أي اتفاق أولي لن يحل كل المسائل وإنما يفتح الباب لمفاوضات أوسع ولكن المسألة برمتها هي أن إيران قوة عسكرية رئيسية.‏

ويعلم الجميع أن العقوبات الحالية ليس لها من أثر (خصوصاً أن نص القرار لا ينص على أي حصار كامل على الأسلحة ولا منع قيام استثمارات جديدة ارضاءً للصين وروسيا) وإنما تبغي أمريكا وأوروبا من وراء هذا التصويت الحصول على ضمان للدفع بعقوبات مشددة أحادية الجانب تجعل من الصعب البحث عن حل للأزمة، وحيث إن العقوبات سيكون مآلها الفشل فإن الصقور الأمريكيين ستكون لهم حجتهم أن المخرج هو في شن عمل عسكري.‏

==================

إسرائيل واستعادة قوة الردع...

المستقبل - الاثنين 7 حزيران 2010

العدد 3674 - رأي و فكر - صفحة 19

خيرالله خيرالله

من يتمعن جيّداً في الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل بمهاجمتها "اسطول الحرية" الذي كان ينقل مساعدات من انواع مختلفة الى قطاع غزة المحاصر يكتشف بكل بساطة ان الهدف الذي حددته حكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع فيها ايهود باراك واضح كل الوضوح. انها تجعل من استعادة قوة الردع الإسرائيلية في مقدم الأولويات. كل ما أرادت الدولة العبرية تكريسه عبر "المجزرة" التي راح ضحيتها عدد كبير من الأبرياء ان لا شيء يقف في وجه استعادة قوة الردع، بما في ذلك العلاقة بتركيا. بكلام أوضح، تبدو إسرائيل على استعداد للتضحية بعلاقتها التاريخية بتركيا من أجل تأكيد استعادتها لقوة الردع التي اهتزت صيف العام 2006 بسبب الخسائر التي منيت بها في حربها مع "حزب الله"، علماً بأن تلك الحرب كلفت لبنان الكثير. من يقرأ الرسالة الإسرائيلية جيداً، يكتشف الى أي حد تبدو إسرائيل على استعداد للذهاب من اجل تأكيد انها لا تقبل أي تحرش بها، حتى لو كان ذلك عن طريق سفن مدنية تنقل مساعدات الى غزة وعليها مواطنون من نحو اربعين جنسية مختلفة. كان ملفتا اختيار إسرائيل الاعتداء على البواخر في المياه الدولية وكأنها تريد الاعلان صراحة ان القانون الدولي آخر همومها وانها لا تعبأ سوى بما تعتبره مساً بأمنها واختراقاً له.

هل تنجح إسرائيل في تحقيق ما تصبو اليه؟ الجواب ان حكومة بنيامين نتنياهو والمؤسسة الأمنية، استطاعتا عبر المجزرة التي ارتكبتاها في حق مدنيين، اخراج تركيا من موقع الوسيط بينها وبين العرب وسوريا على وجه التحديد. كيف سترد تركيا على إسرائيل وهل تستطيع جعلها تدفع غاليا ثمن ما ارتكبته في المياه الدولية؟ ان صدقية تركيا تبدو على المحك، كذلك قدرتها على لعب دور يردع إسرائيل ويحد من قدرتها على التصرف كدولة خارجة عن القانون، او على الأصح فوق القانون، لا يهمها سوى تكريس الاحتلال لجزء من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية ولهضبة الجولان السورية، بما في ذلك مزارع شبعا المحتلة منذ العام 1967. وهذه المزارع، هي لمزيد من التوضيح والدقة، ارض لبنانية سيطرت عليها سوريا في العام 1956.

تضع المواجهة البحرية غير المتكافئة تركيا امام تحديات جديدة فرضها اصرارها على التعاطي المباشر في الشأن الفلسطيني خصوصا والعربي عموماً. ما الذي سيغيّره الموقف التركي الجديد على صعيد المعادلة الاقليمية. ذلك ما سنراه في الأيام القليلة المقبلة. سنرى هل في استطاعة تركيا تعويض فقدان العرب توازنهم في ضوء الحرب الأميركية على العراق التي غيّرت الخريطة السياسية للشرق الأوسط وادخلت المنطقة في حال مخاض ونقلت مركز الثقل الاقليمي الى خارج العالم العربي... الى إيران تحديدا؟

ما حصل ليس امتحاناً لتركيا التي قتل الإسرائيليون عدداً من مواطنيها كانوا على سفن "اسطول الحرية". هناك تحد إسرائيلي للادارة الأميركية ايضاً. اكدت حكومة نتنياهو انها لا تأبه بردود الفعل الأميركية وبالمجتمع الدولي ككل وحتى بالعلاقات الأميركية - التركية التي ستواجه امتحاناً عصيباً في المرحلة المقبلة. اكدت إسرائيل، عن طريق المجزرة والدم الغزير الذي سال، انها ليست متحمسة لمفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع الفلسطينيين، حتى لو كان الوسيط بينها وبينهم الرئيس أوباما نفسه. انه تحد مباشر يرتدي طابعا شخصيا من بيبي نتنياهو للرئيس الأميركي. في النهاية، كل ما اراد بيبي قوله هو انه صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في المنطقة.

ولكن ما قد يكون اخطر من ذلك كله ان إسرائيل بمهاجمتها السفن المتجهة الى شاطئ غزة نقلت المعركة الى حيث تريد بعيدا عن المكان الذي يفترض ان تكون فيه. بالنسبة الى إسرائيل، تبدو أي معركة محورها غزة معركة سهلة. تستطيع حكومة نتنياهو الادعاء انها نفذت انسحابا من جانب واحد صيف العام 2005، حين كان ارييل شارون لا يزال رئيسا للوزراء، من كل القطاع كما فككت المستعمرات التي اقامتها فيه. لكن ذلك لم يحل دون استمرار اطلاق الصواريخ من غزة، علما ان تلك الصواريخ من النوع المضحك - المبكي لا اكثر. وكان الرئيس الفلسطيني السيد محمود عبّاس على حق عندما وصف تلك الصواريخ ب"العبثية". الآن، تعمل إسرائيل بكل غطرسة على نقل المعركة الى غزة مجدداً. المعركة ليست معركة غزة وصواريخ غزة والحصار المفروض على القطاع منذ سنوات عدة. المعركة في مكان آخر وذات عنوان مختلف. المعركة هي بكل بساطة وصراحة معركة الدولة الفلسطينية المستقلة التي لن تقوم الاّ بعد زوال الاحتلال عن القدس الشرقية والضفة الغربية. المعركة معركة العودة الى المفاوضات المباشرة استناداً الى مرجعية واضحة. هذه المرجعية هي حدود العام 1967 وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة على رأسها القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في العام 1967.

كيف سيواجه العالم إسرائيل؟ هل من قوة تعيدها الى جادة الصواب عن طريق تأكيد ان المطلوب الخروج من الحلقة المفرغة والبحث عن تسوية بدل الهرب منها. كل ما تفعله حكومة نتنياهو يتمثل في الهرب من التسوية التي لن ترى النور الاّ بزوال الاحتلال. ليس مهما ان تثبت إسرائيل انها قادرة على الردع وانها استعادت قدرة الردع، حتى لو كان ذلك على حساب العلاقات مع تركيا. المهمّ تفادي وقوع العرب والفلسطينيين في الفخ الإسرائيلي والتركيز بدلا من ذلك على الانتهاء من الاحتلال. وقف المفاوضات لا يؤدي الى نتيجة بمقدار ما انه يخدم بيبي نتنياهو الذي لا يريد السماع بشيء اسمه دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

لا شك ان العالم اتخذ على غير عادته موقفا معقولا من المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل. تحدثت غير صحيفة مهمة عن "القرصنة" التي استهدفت سفنا تنقل مساعدات انسانية الى غزة عليها مئات المدنيين. كيف البناء على هذا التطور؟ هذه مسؤولية فلسطينية وعربية في آن بدل الرهان على تركيا التي قد تمتلك رداً على إسرائيل كما قد تجد نفسها عاجزة عن الإقدام على أي خطوة تساعد في زوال الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة!

===================

إنقاذ إسرائيل من نفسها

نيكولاس كريستوف

الشرق الاوسط

7-6-2010

عندما انتشرت التقارير للمرة الأولى على موقع «تويتر» على الإنترنت حول الهجوم المميت الذي شنته قوات الكوماندوز الإسرائيلية على أسطول غزة، لم أقم بتمريرها لأنها كانت تبدو غير قابلة للتصديق. اعتقدت أن إسرائيل لن تكون حمقاء لهذه الدرجة في استخدام القوة المميتة ضد من يصفون أنفسهم بأنهم نشطاء السلام في المياه الدولية في ظل وجود عشرات الصحافيين يراقبون ذلك.

لكن اتضح أن إسرائيل من الممكن أن تكون حمقاء لهذه الدرجة على الرغم من ذلك. لقد ألحقت الضرر بنفسها وبالجهود الأميركية كذلك، وقوضت جميع أهدافها الاستراتيجية طويلة المدى.

وتفيد التقارير بأن أبا إبان، رجل دولة إسرائيلي سابق، قال عام 1973: «العرب لا يفوتون أي فرصة لتفويت أي فرصة». وكان هذا الاقتباس له صدى لأنه كان صحيحا إلى حد كبير.

لقد خاض الفلسطينيون لسنوات في ديناميكية من العنف والشفقة بالذات أضرت بهم وقادت إلى الإرهاب والتعنت. وبالشعور بأنهم أسيء فهمهم، تجاهلوا الرأي العام العالمي وهاجموا أينما استطاعوا، مقوضين بذلك قضيتهم.

وحتى الآن، كما أشار حاخام على صفحتي على موقع «فيس بوك»، فإن إسرائيل هي التي لا تفوتها أي فرصة لتفويت أي فرصة.

وتبدو إسرائيل تحت قيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تخوض في ديناميكية تضر بنفسها، تشعر فيها بأنها يساء فهمها وتتجاهل الرأي الدولي. وترد بالقوة بطرق تضر بمصالحها الخاصة. إنها في طريق من الممكن أن يكون في نهاية المطاف كارثة.

ما من شك في أن إسرائيل تواجه تهديدات وجودية. وينبغي لذلك أن يجعل قادتها يركزون قبل كل شيء على أمرين اثنين: معاهدة عربية إسرائيلية، والضغط على إيران لإسقاط برنامجها النووي.

وهذان الأمران ليسا من الأمور السهلة، وتوقيع اتفاقية بين الفلسطينيين والإسرائيليين قد يكون مستحيلا في الوقت الراهن. بيد أن إسرائيل من الممكن أن تجمد جميع المستوطنات وتتخذ خطوات أخرى من شأنها جعل التوصل إلى اتفاق أكثر احتمالا. إننا نعرف بالفعل ما هو شكل الاتفاق النهائي، إنه حل الدولتين وشروط تشبه «معايير كلينتون» التي طرحها بيل كلينتون عام 2000. كما أن إسرائيل بمقدورها تحسين العلاقة مع تركيا، وهي لاعب رئيسي في الجهود الرامية إلى الضغط على إيران. وبدلا من ذلك، كان اجتياح إسرائيل لسفينة تحمل العلم التركي في المياه الدولية بمثابة انتكاسة كبرى للجهود الرامية إلى كسب عقوبات جديدة ضد إيران. وكان النظام الإيراني هو الرابح الوحيد من هذه الأزمة.

كما أن إسرائيل تعادي قاعدة تأييدها في الولايات المتحدة، والتي تعد مهمة للغاية في حمايتها من هذه التهديدات الوجودية. كتب بيتر بينارت مقالا قويا في العدد الأخير من مجلة «نيويورك ريفيو أوف بوكس»، مستكشفا الطريقة التي يشعر بها اليهود الشباب في أميركا بأنهم مرتبطون نفسيا بإسرائيل بدرجة أقل بكثير من آبائهم. وأشار بينارت إلى أن المجلس الأعلى للطلاب في جامعة برانديز، والذي تربطه علاقات قوية باليهود، رفض قرارا لإحياء الذكرى الستين لإقامة إسرائيل.

وقال بينارت إن إحدى المشكلات الأساسية هي أن الحركة الصهيونية أصبحت محافظة بصورة متزايدة من الناحية السياسية. وكتب يقول: «على مدار العقود الماضية، طلبت المؤسسة اليهودية من اليهود الأميركيين التحقق من ليبراليتهم على باب الصهيونية، والآن، يجدون أن الكثير من اليهود الشباب تحققوا من صهيونيتهم بدلا من ذلك».

السياسات المتشددة لإسرائيل تستنزف رأس المال السياسي الدولي لأميركا، ناهيك عن رأس المال السياسي لها. أشار الجنرال ديفيد بترايوس قبل شهرين إلى أن التصور بأن الولايات المتحدة تحابي إسرائيل يولد العداء لأميركا ويدعم تنظيم القاعدة. ونقلت الصحافة الإسرائيلية أن رئيس الموساد مير داغان جعل هذه النقطة أكثر وضوحا بقوله: «تتحول إسرائيل تدريجيا من كونها مصدر قوة للولايات المتحدة إلى عبء عليها».

وبالنسبة إلى الكثير من الإسرائيليين، يبدو كل ذلك مجحفا إلى حد بعيد، حيث إن إسرائيل دولة ديمقراطية مزدهرة انسحبت من غزة لكنها لا تزال معرضة لتهديدات الصواريخ من الشمال والجنوب على حد سواء. لذا تميل إسرائيل ومؤيدوها المتشددون إلى رفض الانتقاد الخارجي على أنه بالأساس غير عادل ومعاد للسامية، ويميلون كذلك إلى قبول الحلول أحادية الجانب القائمة على القوة. وكما أشارت صحيفة «هآرتس»، فإن إسرائيل الآن «تائهة في البحر».

كيف نغير هذه الديناميكية؟ إحدى الخطوات الضرورية هي إجراء تحقيق رئيسي فيما حدث. وتتمثل الخطوة الأخرى في الإنهاء السريع لحصار غزة، عن طريق مصر وإسرائيل. فقد فشل هذا الحصار في الإطاحة بحركة حماس، وفشل كذلك في استعادة الجندي المختطف جلعاد شاليط، وأخفق في إيقاف الصواريخ المنطلقة من غزة.

وعندما تزور غزة، ترى أن الحصار لم يحقق شيئا، سوى تدمير حياة 1.5 مليون مواطن عادي هم سكان غزة. وقد أعدت منظمة «جيشا» الإسرائيلية لحقوق الإنسان قائمة من السلع التي تقطعها إسرائيل عن غزة: أجهزة الكومبيوتر المحمولة، والأوراق وأدوات الكتابة والكزبرة، والشوكولاته وأدوات الصيد، وأشياء أخرى لا حصر لها. إنها ليست مسألة أمن، بل أمر يدعو إلى السخرية.

يحتاج الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى قول كلمته والدفع تجاه إنهاء الحصار المفروض على غزة. ويحتاج إلى أن يتحدث بعقلانية إلى إسرائيل ويشجعها على الإقلاع عن خططها لمقاطعة السفن الأخرى المتجهة الآن إلى غزة، والتي قد تكون بمثابة كارثة لإسرائيل وأميركا. وقبل كل شيء، يحتاج أوباما إلى دفع إسرائيل بعيدا عن ميلها إلى الإضرار بنفسها وبنا عن غير قصد.

=========================

هل سمعتم ما سمعت؟

أنيس ديوب

أريبيان بزنس

06/ 06/ 2010

قبل أيام، فاجأنا الرئيس الألماني هورست كولر بتصريحات برر فيها استخدام القوة العسكرية، لدعم المصالح التجارية لألمانيا.

ولكي أنصف الرجل في ما قال، لا بد من أن أنقل تصريحه بهذا الخصوص بالحرف الواحد. الرجل الرئيس قال حرفياً "إن دولة مثل ألمانيا تعتمد بشكل كبير على التجارة الخارجية، يجب أن تعرف أنه في حالات الطوارئ، يكون التدخل العسكري ضروريا للحفاظ على مصالحنا، مثل طرق التجارة الحرة مثلا، أو على سبيل المثال الحيلولة دون اضطرابات إقليمية قد يكون لها أثر سلبي على فرصنا في ما يخص التجارة والعمل والدخل".

نعم، هذا ما قاله الرئيس الألماني الحالي، الذي كان في ما مضى قد شغل منصب رئيس صندوق النقد الدولي والذي أدلى بتصريحه المشئوم في مقابلة إذاعية عندما سئل عن وجهة نظره في موضوع إرسال قوات عسكرية إلى أفغانستان.

نعم لقد أيد كولر بصراحة ووضوح إتباع وسائل عسكرية وعمليات حربية وتدخل بقوة السلاح، لتحقيق مصالح تجارية، بعد أن كنا قد اعتقدنا زمناً طويلاً أن هذا المبدأ قد ولى إلى غير رجعة.

صحيح أن تصريحاته تلك قد وضعت الحكومة الألمانية في موقف المدافع. وصحيح أن وزير الدفاع الألماني قد نأى بنفسه عن تصريحات الرئيس. وصحيح أيضاً أن تصريحاته لقيت انتقادات من العديد من وسائل الإعلام ومن السياسيين، وحاول مكتبه الخاص التنصل منها. لكن الرجل كان قد قال ما قال "بكل عين قوية"إن لم تكن "وقحة".

وصحيح أن منصب الرئيس الألماني لا يزال يعد منصباً شرفياً، غير أن كولر ذاته أصبح شخصية تتمتع بالشعبية في ألمانيا منذ توليه منصبه عام 2004.

ولقد قال مكتبه الخاص، ضمن محاولات التنصل من التصريحات أو إعادة تأويلها، أنه كان يقصد نشر قوات مثل تلك التي تقوم بها قوات مكافحة القرصنة الأوروبية لتأمين ممرات الملاحة في خليج عدن، لكن المذيع كان واضحاً جداً، ولم يكن يسأل الرئيس عن تأمين طرق الملاحة العالمية، بل عن أفغانستان، التي كان كولر قد أنهى للتو زيارة إليها.

المؤسف أن هذا التصريح هو لرئيس دولة أوروبية كانت بلاده سبباً وطرفاً رئيسياً في حرب عالمية واحدة على الأقل، وهي حرب انتهت بتدمير تلك البلاد وتقسيمها إلى شطرين، وكانت سببا في مقتل عشرات الملايين من البشر عبر أوروبا، من لندن غرباً إلى موسكو وطوكيو شرقا. هذا طبعاً إذا لم نذكر شيئاً عن بقية مناطق الكرة الأرضية التي طالتها آلة الحرب وشظاياها المتناثرة (كمعارك صحراء العلمين في مصر، وغيرها الكثير).

المقصود أن ألمانيا ورعاياها، قبل رؤسائها ومسئوليها، يجب أن تكون بلداً يتمتع بذاكرة قوية، وبحساسية شديدة للحروب ولاستخدام القوة العسكرية، خاصة أن الحساسية تجاه الجيش الألماني وفظائع النازية، وأيضاً تجاه الفظائع التي ارتكبتها جيوش أوروبية أخرى، لا تزال موجودة إلى يومنا هذا، في ذاكرة كولر ذاته، وفي ذاكرة وضمائر باقي شعوب العالم.

وهذا الرئيس، أي كولر، لم يراعي حتى رأي ومواقف شعبه الذي تعارض غالبيته الوجود العسكري الألماني في أفغانستان، وتطالب بعودة القوات الألمانية إلى أرض الوطن، اليوم قبل الغد.

أنا شخصياً كنت قد اعتقدت أن نظريات كهذه التي تدعو لاستخدام القوة العسكرية لتحقيق المصالح التجارية، لم يعد لها مكان في عالم اليوم (عالم التجارة الحرة والاقتصاد الحر، وعالم حرية انتقال الأفكار قبل البضائع والسلع)، غير أني اكتشفت أني على خطأ تماماً.

فها هو كولر يعيدنا بجرة قلم إلى أيام الحملات العسكرية الأوروبية في القرون الماضية، بحثاً عن نهب ثروات الشعوب الأخرى من سلسلة جبال الأنديز غرباً إلى الهند (درة التاج البريطاني)وإلى الصين مرورا بعالمنا العربي طبعاً. كنا قد حسبنا أن الآخرين قد تغيروا، لكن يبدو أن شيئاً لم يتغير. أليس كذلك؟.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ