ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 29/05/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


المسلمون بين ماض منير وحاضر مرير

د. ماهر يونس أبو منشار

5/27/2010

القدس العربي

قمت قبل عدة أيام بحكم اقامتي الحالية في ماليزيا كاستاذ زائر في قسم التاريخ و الحضارة الاسلامية بجامعة ملايا بزيارة إلى متحف الفنون الاسلامية في العاصمة الماليزيه - كولا لمبور - . كانت هذه أول زيارة لي لذلك المتحف ولذلك لم أكن اتوقع لارى ما رأيت أو أشاهد ما شاهدت بين جنبات هذا المتحف. هذا في الحقيقة ما دفعني لكتب هذه المقالة لعلها تكون منبهاً للمسلمين ومحركاً لمشعرهم النائمة.

من المعلوم أن المتاحف انما قصد من انشائها خلق إنطباع إيجابي لدى الزائرين لتاريخ وماضي وانجازات هذه الدولة أو تلك. ومتحف الفنون الاسلامية في كولا لمبور قد نجح بشكل كبير في إبراز هذه الحقائق لكنه في الوقت نفسه خلق جوا من الحزن و الأسى لما رأيته من ماض كنا نحن فيه سادة الامم إلى واقع اصبحنا فيه كغثاء السيل.

لا أدري إن قصد القائمون على المتحف أن يكون أول ما تقع عليه أعين الزائرين وخصص له تقريباً الطابق الأول من المتحف معرض من الصور التقطت تحديداً لافراد وقرى ومدن إسلامية خاصةً أفغانستان وباكستان حيث تظهر هذه الصور علامات البؤس والفقر والتخلف.

ولا أدري لماذا انتشرت صور باعداد ليست قليلة لنساء ارتدين النقاب بين الصور أنفة الذكر علماً أني سألت نفسي مراراً لكن دون أن أجد جواباً .

ثم تأخذك أدوار هذا المتحف إلى الطابق الثاني حيث يظهر لك ما كان عليه المسلمون من حضارة شملت جميع جوانب حياتهم، حيث انتشرت بين أركان هذا الطابق مجسمات لاشهر المساجد التاريخية في العالم الاسلامي والتي شكلت بمجموعها روعة معمارية وحضارية في زمان إشتد فيه الجهل في أركان العالم الاخرى. كما إحتوى هذا الطابق على مجموعة كبيرة من مخطوطات القرآن الكريم والتي كتبت في فترات تاريخية متقدمة حيث تظهر عظمة الاسلام ومهارات الخطاط المسلم إضافة إلى الجهود الكبيرة في المحافظة على رسم القرآن الكريم.

ومن الملاحظ أن هذه الأعداد الكبيرة من مخطوطات القرآن الكريم قد توزعت على قرون عدة ومن أماكن مختلفة من العالم الاسلامي. وهذه المخطوطات تشعرك بأن المسلمين الأوائل مع قلة الموارد والامكانات قد أبدعوا وأنتجوا، في حين أن مسلمي اليوم مع وفرة الموارد والامكانات إلا أنهم ما زالوا يبرحون في نوم عميق .

ثم ينتقل بك المتحف إلى الطابق الثالث لترى من خلال ما تم عرضه هناك أن المسلمين ما إنتصروا في حروبهم وفتوحاتهم بأسلحة استوردها من هنا وهناك. هذا الطابق يريك مجموعة كبيرة من أنواع الأسلحة - من سيوف وخناجر وتروس ودروع وخوذات - أبدع الصانع المسلم في انتاجها.

وللمفارقة فقد تحدث المؤرخون الغربيون تحديداً عن مهارة الصانع المسلم في صنع السيف وغيره من أدوات الحرب زمن الحروب الصليبية مقارنة مع أدوات الحرب في أيدي الصليبين الذين جاءوا من أوروبا. وهذا دليل واضح يعكس بطريقة أو باخرى تقدم المسلمين حتى في هذه المجالات وتخلف الاروبيين.

إن من المحزن أن نرى أن المسلمين في هذه الأيام قد اصبحوا سوقاً كبيراً جداً لمصانع الأسلحة في الدول الغربية. ومن المضحك أن هذه الأسلحة لا تستعمل إلا إذا كان المتقاتلان مسلمين.

لم يقتصر هذا الطابق على عرض الأسلحة فقط وانما تعداه ليشمل أيضاً عرضاً لعدد كبير من المجوهرات والمصوغات النادرة ذات الدقة في العمل والتصنيع والتي تظهر الامكانات الفنية والمهنية عند من صنع ذلك. كما إحتوى على عدد كبير من الخزفيات والفخاريات من مناطق مختلفة في العالم الاسلامي ومن فترات متفاوتة. وهي بحق في غاية الجمال والروعة وتعكس حضارة قوية ومزدهرة. ولا يفوتني أن أذكر أن المتحف قد إحتوى على عدد كبير من القطع النقدية المعدنية التي تم صكها في فترات تاريخية مختلفة عندما كان الاقتصاد الاسلامي له مكانه في العالم. إضافة إلى كمية لا بأس بها من المنسوجات الاسلامية القديمة والتي تبهر عيون الزائرين بألوانها ودقة صنعها .

أخيراً لا أجد ما أقول، فالمقارنه صعبة وحال المسلمين في هذه الأيام خير دليل على صعوبة المقارنة.

والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا وصل المسلمون الأوائل لتلك الدرجة من الحضارة والرقي وانكفأ مسلمو اليوم على حالهم لا يتقدمون شبراً ويتأخرون ذرعاً. صدقوني أني أسأل نفسي أحيانا هذا السؤال: هل كان المسلمون الأوائل يختلفون على رؤية هلال رمضان مع قلة الأمكانات كما يختلف مسلمو هذا الزمن مع توفر الامكانات التكنولوجية الهائلة. حقاً مسلمو اليوم في واقع مرير.

========================

الحرب الإسرائيلية برسائل التحذير الدولية: صاروخ سكود لبناني للإجازات ورحلات الترفيه!

طلال سلمان

السفير

5/27/2010

فجأة، ولأسباب غير مفهومة تماماً، صارت بيروت عاصمة الكون، وصار لبنان «الصاعق» الذي يمكن ان يهدد تفجيره الأمن الدولي والسلام السائد في اربع رياح المعمورة!

على امتداد الأسابيع القليلة الماضية فرض على سكان بيروت ان يناموا على زعيق أبواق سيارات الحماية المواكبة لكبار الزوار وهم يتنقلون، خلال ساعات قليلة بين المقار الرسمية للرؤساء وبيوتهم، إضافة الى وزارة الخارجية، التي يتجاوزها البعض قصداً، ويحرص آخرون على تجاهلها عمداً لان القرار لا يعبر فيها بالضرورة.

للمناسبة: لبنان هو الدولة الوحيدة، بالتأكيد، التي برؤوس سياسية ثلاثة، رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي ورئيس حكومة الوفاق الوطني التي تتكون من افرقاء عدة، لبعضهم حق الفيتو في مواجهة قرار «الآخرين»، ان رأت فيه ما تعتبره لا يتناسب مع «المصلحة الوطنية العليا» التي علمها عند ربي..

وفود رسمية تأتي متعاقبة، وأحياناً أكثر من وفد او موفد في يوم واحد. رؤساء حكومات، وزراء خارجية، ممثلون لمنظمات دولية، مبعوثون للاتحاد الأوروبي، زوار عرب بعضهم برتبة أمير وبعضهم بلقب الشيخ صاحب الدولة... هذا غير زوار الليل الذين يأتون «كأن بهم حياء» فيبلغون ويتبلغون، ثم ينسلون عائدين قبل أول ضوء، تاركين عشرات الأسئلة معلقة في فضاء هذه العاصمة الكونية التي غدا سعر المتر من أرضها الضيقة أغلى من نظيره في باريس او نيويورك!

لماذا هذا الاهتمام الطارئ بالوطن الصغير؟

لماذا يلغي الكبار في عواصم القرار بعض مواعيدهم لينتقلوا على جناح السرعة الى بيروت، تداركاً لكارثة متوقعة، او منعاً لانفجار الوضع الدقيق، على ما يقولون، او للاطمئنان الى ان السلام ليس في خطر؟

بالنسبة لشعب الوطن الصغير فلا جديد في المنطقة من حوله الا الهياج الإسرائيلي الذي أثار ما يشبه الهستيريا في بعض الإدارة الاميركية تحت عنوان «تهريب صواريخ سكود عبر الحدود السورية الى المقاومة في لبنان»..

أطلقت تل أبيب صفارات الإنذار، مستخدمة بعض مكبرات الصوت صحافيا في أكثر من منبر خليجي، فإذا بوزيرة الخارجية الاميركية ومعها بعض معاونيها يتناوبون على التنبيه والتحذير من خطر انفجار الوضع الدقيق والحساس، ملوحين بأنهم لا يضمنون رد الفعل الإسرائيلي، خصوصاً ان السيف الصهيوني طويل وقادر على الوصول الى ابعد نقطة متخيلة!

تقاطر الزوار والموفدون الى دمشق وانتقلوا منها الى بيروت (والمسافة ساعة بالسيارة وثلث ساعة بالطائرة!)، وبعضهم فضل سلوك الطريق البرية للمعاينة المباشرة والتثبت من خلو تلك الطريق المتعرجة وسط الجبال والتلال، من ان لا قوافل صواريخ من أي نوع «تتسلل» مموهة، بين «الدولتين» المتداخلتين في حدودهما التي رسمت ذات ليل استعماري طويل!

كانت أسئلة كبار الزوار الرسميين «مريبة» اجمالاً، وغبية غالباً، تكشف انهم قد لُقنوها تلقينا اعتباطياً... وكانت تثير بمجموعها قدراً من الالتباسات المثيرة للمخاوف، وتعيد الى السطح مسائل مطوية يتداخل فيها السياسي والأمني، حتى ليفترض المراقب ان حرباً إسرائيلية شاملة وصاعقة وهائلة التدمير هي على وشك الوقوع، وإنهم انما جاءوا لوقفها، موقتاً، والتقاط الأنفاس تمهيداً لمنعها من الأساس!

سمع اللبنانيون، بمزيج من الاستغراب والغرور، اسم بلدهم الصغير يتردد على السنة الكبار في العالم كأنه مركز العاصفة ومصدر التهديد المصيري لوجود إسرائيل!

كما سمعوا تهديدات اميركية لسوريا، جاءت كأنها تبرير لتقديم واشنطن منحة سخية لإسرائيل: «القبة الحديدية» التي تمنع وصول الصواريخ الى الأرض المحتلة فتفجرها في الجو... بينما كانت إسرائيل تعقد المزيد من صفقات بيع أسلحة متطورة من صنعها الى دول عديدة، بينها عظمى كالصين والهند، وبينها متوسطة او صغيرة في بعض أنحاء آسيا وأفريقيا، بل وحتى في بعض أوروبا، ومن ضمنها طائرات «فالكون» والطائرات من دون طيار بعد تطويرها بإدخال تعديلات مؤثرة على سرعتها وارتفاعاتها ودقة الكاميرات فيها!

كذلك فقد استمع اللبنانيون الى أسئلة طريفة من بعض القادة الأوروبيين ومن مسؤولين كبار في الامم المتحدة التي استحدثت منصباً خطيراً وأسندته الى تيري رود لارسن، وكلفته برصد حركة الريح ومسرى العصافير والفراشات عند نقطة المصنع او معبر الدبوسية او مقطع العريضة على النهر الكبير للتحقق من «ان كل شيء هادئ على الجبهة الغربية»!

فجأة، بات لبنان مركز الخطر الداهم على السلام العالمي، وهو الذي ما زال يمسح الدماء عن وجهه ويعالج جراحه الخطيرة التي تسببت بها الحرب الإسرائيلية، بالقيادة الاميركية المباشرة التي تولت الإمرة فيها وزيرة الخارجية السابقة كونداليسا رايس، قبل اقل من اربع سنوات (في تموز/ يوليو 2006) والتي فشلت في تحقيق اهدافها بالقضاء على المقاومة والفصل بينها وبين اهلها الصامدين، الذين اعادوا بناء مدنهم وقراهم ومزارعهم بسرعة قياسية.

غرق اللبنانيون، ومعهم معظم العرب، في بحر من الأسئلة والتساؤلات المقلقة:

لماذا هذه الحملة الدولية ذات المردود الطيب على إسرائيل بتصويرها مرة أخرى ضحية، في حين أنها أقوى قوة عسكرية واقتصادية وعلمية وسياسية في المنطقة العربية، بل بين القوى المؤثرة في السياسة الدولية؟

ما هو الخطر الذي يشكله لبنان، مهما بلغت مقاومته من النفوذ ومهما امتلكت من أسلحة الدفاع لصد العدوان المحتمل في كل لحظة، على السلام الكوني عموماً وعلى الكيان الإسرائيلي القائم بقوة القهر والطرد والتشريد على ارض الشعب الفلسطيني؟

كيف لو ان لبنان هاجم إسرائيل في الأرض التي كان اسمها فلسطين، والتي سيبقى اسمها فلسطين، والتي احتلتها بالقوة التي اجتمعت فيها من اجلها دول العالم كافة قبل اثنين وستين عاماً ، وجعلت منها أقوى قوة في المنطقة، بل خامس قوة في العالم (على ما يقول الإسرائيليون) استنادا الى أسطورة لا أساس لها من المنطق او من الواقع او من التاريخ تفيد بانها كانت أرضا لليهود قبل ثلاثة آلاف عام؟

من باب تنشيط الذاكرة فحسب قد يكون مفيداً استعادة بعض الوقائع الدالة:

الأولى: قبل عشر سنوات فقط، كانت إسرائيل، بجيوشها المتفوقة براً وبحراً وجواً، تنسحب مهرولة من الأراضي اللبنانية التي استمرت تحتلها منذ العام 1978، تجرجر اذيال الخيبة، وتتخلى عن عملائها ورهائنها الذين حشدتهم في «جيش» تحت قيادة ضابط لبناني متقاعد ممن باعوا وطنهم بدنانير من الفضة.

الثانية: قبل أربع سنوات الا قليلاً كانت إسرائيل تشن، مرة أخرى، حرباً طاحنة على لبنان، استمرت ثلاثة وثلاثين يوماً بلياليها، دمر خلالها الطيران الحربي والصواريخ الإسرائيلية أسباب العمران في معظم الجنوب كما في بعض بيروت وفي الضاحية الجنوبية كلها، وهي مدينة كبرى، وفي البقاع، وهدم الجسور والعديد من المنشآت والمؤسسات التعليمية بذريعة انها تابعة ل«المخربين والإرهابيين»، وهي التسمية التي يطلقها الإسرائيليون على كل من يقاوم احتلالهم ومخططاتهم للتوسع والهيمنة على هذه المنطقة التي يتمسك أهلها بانتسابهم اليها لأنها تلخص تاريخهم وعلة وجودهم في الماضي والحاضر والمستقبل.

خلال تلك الأيام العصيبة التي أكد فيها شعب لبنان تضامنه الصلب، وانحاز الجيش مع الأهالي الى المقاومة البطولية التي صمدت في مواقعها على آخر حبة تراب عند حدود فلسطين، حتى الساعة الأخيرة من الايام الثلاثة والثلاثين، من الهجوم الإسرائيلي الوحشي الذي لم يوفر بيتاً او مرفقاً عاماً او جسراً او مدرسة، لم يتوافد الى لبنان الرؤساء والوزراء والممثلون الشخصيون للكبار من قادة العالم، ساعين الى رد المعتدي ووقف حربه على الوطن الصغير..

كل من جاء لبنان، طوال أيام المحنة، بمن في ذلك وزراء الخارجية العرب، إنما قدم بإذن إسرائيلي معلن، وبهدف إسرائيلي محدد: إجبار المقاومة على إلقاء السلاح وتسليم من لديها من أسرى الحرب من جنود الاحتلال الإسرائيلي.

لم تذهب المقاومة الى فلسطين المحتلة لتحريرها. كل ما فعلته انها دافعت عن شعبها في لبنان، عن أهلها، حتى أخرجت المحتل منه.

لكن العالم يرى في «العرب» معتدين، حتى وهم يحاولون بالكاد ان يدافعوا عن أوطانهم، وغالباً ما لا ينجحون، إما بسبب من الغفلة، او من رداءة القيادة، او من تواطؤ السلطان.

لماذا يرى العالم العرب في صورة المعتدي دائماً، حتى وهم في موقع الضحية؟

حتى مع لبنان، الوطن الصغير، المشغول بانقساماته وهمومه الاقتصادية، وضعف دولته، وتعاظم التدخل الأجنبي في شؤونه، وغرقه في محاولة محو آثار الحرب الهمجية الإسرائيلية التي ما زال يكافح للخروج مما تبقى من دمارها..

حتى مع لبنان، لا يأتي احد حباً فيه وحرصاً على سلامة شعبه المبدع والصلب والعاشق للحياة بحيويته الفائقة التي جعلته ينتشر في أربع رياح الأرض مؤكداً قدرته على ولوج العصر من أوسع أبوابه..

هل تلك عنصرية غربية؟

هل ذلك تجسيد مهين للعجز العربي؟

هل ذلك اندفاع مع وهم ان الإدارة الاميركية مؤهلة وقادرة وراغبة في إنصاف العرب وفي تحصينهم ورد الأذى الإسرائيلي عنهم، اذا هم انخرطوا في مشروعها للشرق الأوسط الجديد؟!

لكنهم منخرطون، فما المطلوب بعد: لقد رهنوا شعوبهم ومصير أوطانهم لدى الإدارات المتعاقبة في البيت الأبيض، عبر المبادرات التي تفرغ الثانية مضمون الاولى ثم تفرغ الثالثة مضمون الاثنتين معاً، فلم يحصدوا غير الخيبة، تذروها الريح الإسرائيلية مع أوهامهم في أربع جهات الأرض.

على ان شعب لبنان الصغير قد أخذ علماً بان امن إسرائيل، لا أمنه، هو موضوع الرعاية، دولياً، وان الطمأنينة عادت الى صدور المسؤولين والموفدين والمبعوثين الشخصيين للرؤساء ووزراء الخارجية الذين كان من بينهم المصري احمد ابو الغيط الذي أقدم، لأول مرة، وربما لأخر مرة على توصيف إسرائيل باسمها الأصلي «العدو» ثم أوضح من بعد انه «خطأ»، لكنه على الأرجح مقصود.

وكائناً ما كانت الحال، فإن هذا الشعب الفائض الحيوية، قد اندفع الى ممارسة هوايته التقليدية في اللعبة المحلية، عبر الانتخابات البلدية التي كان الجنوب مسرحها خلال الأيام القليلة الماضية، تمهيداً لان يتفرغ للاحتفال بذكرى النصر بإجلاء قوات الاحتلال الإسرائيلي عن أرضه في مثل هذا اليوم لعشر سنوات خلت.

والنصر أعظم بهاء من ان تذهب به رفوف طيور الشؤم الذين جاؤوه بمهمة إسرائيلية، وعاد كل منهم بهدية متميزة: صاروخ سكود يمكن ان يستخدم في رحلاته او اجازاته العائلية!

تنشر في جريدة «الشروق» المصرية

========================

الخيار العسكري ضد إيران.. قيود القوة الإسرائيلية

المستقبل - الخميس 27 أيار 2010

العدد 3663 - رأي و فكر - صفحة 19

يوسي ميلمان

الاتفاق الذي وقعته هذا الاسبوع ايران مع تركيا والبرازيل، لنقل قسم من اليورانيوم المخصب لديها الى خارج حدودها لفترة زمنية معينة، يقلص الاحتمال بأن تفرض عليها عقوبات موجعة بسبب مواصلة تطوير برنامجها النووي.

لكن من المعقول الافتراض بانه في نهاية المطاف سيظهر الاتفاق كأحبولة ايرانية ترمي لإتاحة مواصلة السعي الى السلاح النووي. هذا اضافة الى تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يجب ان يؤدي الى استنتاج واحد واضح: إسرائيل ستفعل كل ما في وسعها بما في ذلك استخدام القوى العسكرية كي تمنع عن ايران من امتلاك قنبلة نووية اولى. في الظاهر، هذه هي السياسة الإسرائيلية المعلنة، ولكن فحصا للحقائق يُظهر صورة مغايرة جوهريا. إسرائيل ستجد صعوبة كبيرة في تدمير البرنامج النووي الايراني او حتى لابطائه.

صحيح أن كل من يستمع الى تصريحات نتنياهو والى السياقات التاريخية التي يستخدمها، لا يبقى لديه شك: السلاح النووي بيد ايران سيكون تهديدا وجوديا وإسرائيل لن تحتمله. اقوال بهذه الروح قالها في نيسان 2009 بعد وقت قصير من أدائه اليمين الدستورية كريس للحكومة، في الاحتفال المركزي في مؤسسة "يد فشم" في يوم "المحرقة": "لن نسمح لناكري المحرقة بتنفيذ كارثة ثانية للشعب اليهودي". وكرر ذلك في صيغة مشابهة في ذات الاحتفال بعد نحو سنة.

هذه الفرضية تحظى بالدعم من سابقات تاريخية. لمرتين دمر طيارو سلاح الجو منشآت نووية في دول عربية معادية، لمنعها من التسلح بسلاح نووي. في المرة الاولى حصل هذا في 7 حزيران 1981 عندما هاجمت ثماني طائرات إسرائيلية مفاعل نووي اقامه العراق بمساعدة فرنسية قرب بغداد.

الزعيم الذي يُنسب اليه القرار الجريء بالهجوم كان رئيس الحكومة آنذاك، مناحيم بيغن، الذي عمل ضد كل الاحتمالات: كان عليه ان يتغلب على معارضة الفكرة من جانب الوزراء، الجنرالات في هيئة الاركان وكبار المسؤولين في اسرة الاستخبارات ممن خشوا من رد فعل العالم العربي ومن التنديدات الدولية. رئيس المعارضة في حينه شمعون بيرس، الذي يعتبر نفسه أحد الآباء المؤسسين للنووي الإسرائيلي، بذل جهودا كبيرة لاحباط الخطة وحذر بيغن من انه بعد الهجوم ستجد إسرائيل نفسها معزولة في العالم. لكن انطلاقا من شعور رسالي عميق، شبه ديني، لم يرتدع بيغن جراء أصوات المعارضين وأقر بحزم القرار في الحكومة. وكمن تبلورت تجربته على يد المحرقة، استخدم بيغن مرارا عبارة "هذا لن يحصل أبدا مرة ثانية": لن يقف الشعب اليهودي أمام تهديد وجودي مرة أُخرى ابدا. تصريحات نتنياهو هي كالصدى لصيغ بيغن.

بعد الهجوم في العراق، وصف معلقون قرار رئيس حكومة إسرائيل بأنه "عقيدة بيغن"، وأعطوه مغزى استراتيجي. وأوضح المعلقون بأنه من حيث الجوهر ينص هذا المفهوم على أن إسرائيل لن تسمح ابدا لدولة اخرى في الشرق الاوسط ان تملك مثل هذا السلاح ، الذي سيهدد أمنها.

ولكن لا يوافق الجميع على أن التصور القائل أن عقيدة بيغن تمثل المخاوف الأكبر لإسرائيل من محرقة ثانية. كما أن هناك من يعتقد بأنه تبلورت لاعتبارات أخرى، ليس بينها وبين السياق التاريخي او نزعة البقاء شيء: ببساطة من أجل الحفاظ على احتكارها النووي.

في جميع الأحوال، فان عقيدة بيغن وقفت أمام اختبار آخر بعد نحو 26 سنة، في ايلول 2007، عندما دمر طيارو سلاح الجو بنجاح مفاعل نووي على ضفة نهر الفرات.

صورة إسرائيل في الساحة الدولية يصممها بقدر كبير هذان الهجومان الناجحان. فقد خلقا الانطباع بأن سلاح الجو بشكل خاص، والجيش الإسرائيلي بشكل عام، قادرين على أن يخرجا الى حيز التنفيذ بنجاح كل أمر من هذا النوع تتخذه الحكومة. ثمة غير قليل من السياسيين في إسرائيل وكذا قادة عسكريون تحولوا إلى أسرى هذه الاسطورة. ولكن عمليا، الواقع أكثر تعقيدا بكثير، ففي المحادثات خلف الكواليس تختلف لهجة اصحاب القرار في المستويين العسكري والسياسي اختلافا تاما. وهم يدركون المصاعب الاستراتيجية العسكرية، السياسية والاقتصادية التي سيجلبها معه القرار بمهاجمة ايران.

احد اوائل من عبروا عن هذا النهج الواعي هو العميد احتياط إسرائيل (رليك) شبير، الذي تبوء قبل بضع سنوات المنصب الثالث في اهميته في سلاح الجو وشارك في الهجوم على المفاعل في العراق. ومنه سمعت قبل نحو خمس سنوات الادعاء المؤلم بأن سلاح الجو سيجد صعوبة في تكرار نجاحه في العراق بنجاح في ايران.

وقال في حينه شابير ان "الايرانيين استخلصوا الدروس من الهجوم على المفاعل النووي في العراق. في العراق كل البرنامج النووي تركز في المفاعل. ولكن بالمقابل نشر الايرانيون المنشآت النووية في أرجاء الدولة. وقد حصنوا منشآتهم بحيث أنهم بنوها تحت الأرض او أقاموها في الخنادق المحصنة. وبكل الاستقامة والصدق، ليس لسلاح الجو قدرة استراتيجية حقيقية على قصف أهداف بعيدة لفترة زمنية طويلة في ظل استخدام قدرة التسلح اللازمة لذلك".

كي ينجح الهجوم، سيتعين تدمير أهداف عديدية ومتنوعة، حتى لو كانت معظمها معروفة لاجهزة الاستخبارات في إسرائيل وفي الغرب، ومن الواضح ان قوة عظمى ذات قدرة استراتيجية كالولايات المتحدة فقط يمكنها ان تهاجمها بنجاح.

كما ان قائد سلاح الجو ورئيس الاركان السابق، دان حالوتس، كتب مؤخرا يقول ان البرنامج النووي الايراني هو مشكلة عالمية، ووقوف إسرائيل في الجبهة لا يجدي في معالجة الموضوع. وحسب أقواله بسبب تعقيد المشكلة الايرانية، سيكون من الصحيح أن تعالجها دول أخرى.

ولكن ليس فقط رجال السلاح الجو في السابق وفي الحاضر يدعون بأن الواقع صعب من ناحية إسرائيل. فالتعرف على طبيعة وسلوك معظم اعضاء المستوى السياسي والعسكري في إسرائيل يؤدي ايضا الى الاستنتاج بأنهم يعرفون قيود القوة الإسرائيلية.

========================

جرائم عهد أوباما

بقلم :د. صالح سليمان عبد العظيم

البيان

5/27/2010

لم نعد نسمع أي صوت من قبل المثقفين العرب تجاه سياسات إدارة أوباما العدوانية، التي لم تختلف عن سياسات إدارة سلفه بوش عنفاً وقتلاً وتدميراً ونفاقاً. هؤلاء الذين علت حناجرهم بالتهليل لأوباما، وكتبوا آلاف المقالات تحية له وللنظام الأميركي العتيد، الآن أذن من طين وأذن من عجين. واللافت للنظر هنا أن النقد دائماً ما يأتي عبر المثقفين الغربيين، وليس عبر المثقفين العرب الذين لهم حساباتهم الخاصة، وأحياناً الخاصة جداً.

 

ففي الأسبوع الماضي انضم نحو 2000 شخص في الولايات المتحدة الأميركية من النشطاء والمثقفين الليبراليين، من أجل نشر إعلان مدفوع يتهم الرئيس الأميركي بانتهاك حقوق الإنسان واقتراف جرائم الحرب. جاء الإعلان تحت عنوان «الجرائم هي الجرائم بغض النظر عمن يقوم بها»، وسوف يظهر الإعلان في مجلة النيويورك لمراجعات الكتب، مصحوباً بصورة تجمع بين أوباما وسلفه جورج بوش.

 

اتهم الإعلان الرئيس أوباما بأنه يستكمل جرائم الحرب التي بدأها سلفه الرئيس بوش، وبشكل خاص في كل من العراق وأفغانستان، إضافة لمسائل الأمن الداخلي في الولايات المتحدة. ومن بين الموقعين على البيان نعوم تشومسكي عالم اللغويات الأميركي المشهور، والممثل الشهير جيمس كرومويل، والممثل مارك رافالو، والناشطة المعروفة ضد حرب بوش سيندي شيهان.

 

يأتي على رأس انتهاكات الرئيس أوباما تفويضه القوات الأميركية بقتل الشيخ أنور العولقي، اليمني الأصل والحامل للجنسية الأميركية، والمتهم بأنه على صلة بتنظيم القاعدة في اليمن. وهي تهم نفاها العولقي نفسه، ولا توجد أية أدلة قاطعة عليها.

 

ويرى البيان أن هذه الممارسات تعتبر أكثر سوءاً مما قامت به إدارة بوش السابقة، بسبب ادعاء أوباما الحق في اغتيال مواطن أميركي، لمجرد الاشتباه في علاقته بتنظيم القاعدة من قبل وكالة المخابرات الأميركية، وهو أمر لم يقم به بوش طوال فترة حكمه.

 

والواضح هنا أن أوباما أصبح يستند إلى الشبهات، ويتجه لتصفية الخصوم، والخطورة في هذا السلوك أنه يفتح الباب واسعاً أمام اغتيالات وعمليات تصفية لا تنتهي، إضافة إلى عدم مشروعية ذلك وعدم توافقه مع القوانين الدولية.

 

وانتقد البيان إدارة أوباما لعدم قيامها بتجريم أي عضو من نظام الرئيس السابق جورج بوش، المتهمين بجرائم الحرب، بما في ذلك الجرائم التي أصبحت معروفة والتي قامت بها شركات الأمن في العراق، إضافة إلى جرائم التعذيب التي اعترفت بها الإدارة الأميركية ذاتها.

 

ويكشف البيان عن المذابح التي اعترفت بها الولايات المتحدة، وبشكل خاص في أفغانستان، ومن بينها تلك التي حدثت بالقرب من مدينة غارديز في الثاني عشر من فبراير هذا العام، حيث قُتل خمسة مدنيين من بينهم امرأتان حاملان، وقد يتمت المجزرة 16 طفلاً.

 

كما بين كذب القوات الأميركية التي أعلنت بداية أن الرجلين اللذين ماتا كانا من المتمردين، وأن المرأتين قُتلتا بسبب جرائم الشرف، ولكن وفقاً لشهود العيان فقد ثبت أن القوات الأميركية قتلت الرجلين وهما محامٍ ورجل شرطة، ثم قامت بقتل المرأتين وإخفاء الأدلة.

 

وهو أمر أدى بالمسؤولين الأميركيين للاعتراف بمسؤولية القوات الأميركية عن قتل أفراد الأسرة في ما بعد. كما أشار البيان إلى أن ادعاءات السلطات الأميركية بمصرع ثلاثة من سجناء غوانتانامو عام 2006 بسبب الانتحار كان كذباً، حيث ثبت هذا العام أنهم قتلوا تحت وطأة التعذيب.

 

إن الهدف الرئيس من هذا البيان هو التأكيد، أولاً، على أن الرئيس أوباما قد تناسى كلية الأسس والمبادئ التي دعا إليها قبل وصوله لسدة الحكم. فالمبادئ التي كررها أثناء حملته الانتخابية، لم تعد لها أهمية هنا بالنظر لما تقوم به إدارته من قتل يومي في أفغانستان.

 

فالطائرات من دون طيار تحلق يومياً في أي مكان في أفغانستان، مخلفة وراءها عشرات الضحايا من المدنيين، إلى الحد الذي لم تعد فيه إدارة أوباما تعتذر عن هؤلاء الضحايا، مبررة ذلك بالسعي وراء أعضاء القاعدة. والأمر الثاني أن ادعاءات أوباما السابقة، لم تعد تمنحه أي قبول جماهيري مثلما كان الحال في ما سبق. وما تستر وراءه أوباما طوال المدة الماضية من حكمه من ادعاءات لا يمتلكها، وربما لا يؤمن بها، قد انكشف الآن على يد المثقفين الأميركيين.

 

إن الخطورة في مثل هذه التصرفات الخفية والمعلنة، أنها تضع الولايات المتحدة فوق القانون الدولي وتمنحها حرية التصرف بمعزل عنه، كما أنها وضعية تمنحها التصرف أينما شاءت، بما في ذلك حق الاعتداء على الدول ذات السيادة. أليس من الغريب أن يصدر هذا البيان من قلب أميركا، ولا يحرك المثقفون والنشطاء العرب الذين هللوا لأوباما ساكناً؟!

كاتب مصري

========================

رهين التسوية

زين

النهار

5/27/2010

جميع العقلاء والمتبصّرين والذين ينشدون نهاية سلمية وعادلة للنزاع المزمن في الشرق الاوسط، يقولون مع الرئيس سعد الحريري لواشنطن وعواصم الدول الكبرى والشرعيَّة الدولية إن لا حلَّ إلا باعطاء الفلسطينيين حق العودة الى دولة خاصة بهم عاصمتها القدس.

ومعه يرددّون أيضاً على مسامع الدول الفاعلة والمؤثٍّرة في الغرب والشرق معاً، أنَّ لا سلام في العالم ما لم تنطلق شعلة هذا السلام من الشرق الأوسط.

ولا استقرار في العالم ما لم تعرف الاستقرار هذه المنطقة الموضوعة فوق نار حامية منذ نيّف ونصف قرن.

ولا أمان في العالم، ولا أمن لدولة كبرى أو صغرى، ما دامت القضيَّة الفلسطينيَّة عرضة لاهمال المجتمع الدولي ولامبالاته.

لقد أكدت الأحداث المتتالية، والحروب الكبرى والصغرى، وأكدَّ معها الأرهاب الذي بدأ يقضُّ مضاجع العالم ويزعزع أركان الاستقرار والطمأنينة، ان عدم التوصُّل الى تسوية عادلة وشاملة في هذه المنطقة أدىّ وسيؤدي دائماً الى مزيد من التطرفُّ والتعصُّب والارهاب.

كما من شأن استمرار حال اللاحرب واللاسلم ان يؤدي الى مزيد من الاضطرابات والاصطدامات في مختلف المجتمعات، وتالياً جعل الشرق الاوسط برمته مرتعاً لعدم الاستقرار، وحقلاً مزروعاً بشتى أنواع الالغام.

قبل الحروب البديلة وحروب الأخوة والأهل والبيت الواحد والقضية الواحدة التي اختارت لبنان مقراً ومنطلقاً لها، كانوا يقولون اذا حبلت في الصين فانها ستلد حتماً في ساحات بيروت وشوارعها.

وتأتي الأحداث لتقول إن الحق معهم. ولألف سبب وسبب، ونظراً الى هشاشة التركيبة الطوائفية التي تشلّ البلد وتعطّل النظام ودورة الحياة الديموقراطيّة. وللتداخل المعلن بالصوت والصورة بين "عائلات" الداخل ودول الحوار والخارج، وعلى مختلف المستويات.

والى اليوم يبقى المشهد هو ذاته. وتبقى الساحة اللبنانيَّة هي المحطة الأخيرة لقطار الشرق السريع، ولما ينقل معه من مسبّبات وعوامل وأزمات.

وما لم يتوصل المجتمع الدولي الى اقتناع راسخ بأهمية عودة السلام والاستقرار الى هذه المنطقة، وعودة الفلسطينيّين الى دولة لهم مُعترف بها دولياً، فان الحروب ستتواصل، وتتوسع، وتنتشر، وتنتقل كالاوبئة السريعة من منطقة الى أخرى حتى تعمّ العالم.

من هنا القول تكراراً للدول الكبرى، وللامم المتحدة ومجلس الأمن، إن العالم لن يعرف الاستقرار والأمن ما لم يتكاتف ويفرض التسوية السلمية على مجتمع الحرب ودولة الحرب في اسرائيل

========================

الحريري في واشنطن: الرسالة الأميركية والرسالة اللبنانية

علي حماده

( نيويورك)

النهار

5/27/2010

ليس سرا انه عندما يحل الرئيس سعد الحريري ضيفا في العاصمة الاميركية واشنطن فإنه موضع ترحيب خاص، لما يتمتع به من علاقات تراكمت مدى سنوات مع ال"استابلشمنت" الاميركي بدأها الرئيس رفيق الحريري ورفعها الى مستويات عليا، ثم واصلها ابنه زعيما سياسيا لبنانيا فرئيسا للحكومة اللبنانية عبر خلالها احدى اكثر المراحل صعوبة وتعقيدا.

هذه المرة الثانية يزور الحريري الولايات المتحدة لمقابلة المسؤولين الاميركيين على اعلى مستوى. في المرة الاولى قابل كرئيس للغالبية النيابية اللبنانية الرئيس جورج بوش في وقت كانت العلاقات اللبنانية – السورية، والاميركية - السورية في ادنى مستوياتهما. وكان الوضع الداخلي متفجرا يحمل في كل يوم اثقاله سياسيا وامنيا.

هذه المرة كانت زيارة رسمية في عهد الرئيس باراك اوباما، الذي مثل ويمثل افتراقا عن السياسة التي اتبعتها الادارة الاميركية السابقة، خصوصا لجهة الانخراط الكبير والقوي في الشرق الاوسط ولا سيما في لبنان حيث حصل تصادم مع السياسة السورية فيه.

وزيارته الاخيرة التي قابل خلالها العديد من المسؤولين في الادارة والكونغرس، جاءت بعد شهور على المخاوف المنتشرة من احتمال حصول حرب في المنطقة، ولبنان في عين العاصفة.

سمع لبنان في واشنطن رسالة بعناوين عدة، وقام بإبلاغ رسالة لبنانية تمثل التوافق اللبناني الراهن.

فقد حرص المسؤولون الاميركيون على اثارة موضوع سلاح "حزب الله" كما حرصوا على اثارة موضوع العلاقات الاميركية – اللبنانية من زاوية الانفتاح الاميركي على سوريا معتبرين ان الانفتاح على سوريا الذي يمثل جزءا لا يتجزأ من السياسة الاميركية في المنطقة لا يجوز لأي طرف اقليمي او محلي في لبنان ان يترجمه احياء ل"الوكالة الدولية" التي كانت معطاة لسوريا بين 1990 و2005، ويؤكدون ان هذا الزمن هو من الماضي. ويحرص المسؤولون الاميركيون المعنيون بالملف اللبناني على القول انهم يشجعون على تحسين العلاقات بين لبنان وسوريا، ولكن ما يحكى عن مظلة دولية وعربية جديدة لنفوذ سوري يستعيد المرحلة السابقة ل2005 غير صحيح.

لا حرب على لبنان، ولكن مسألة تكديس "حزب الله" للسلاح المتطور هو منزلق نحو اللااستقرار ويجعل لبنان في وضع غير آمن.

ماذا عن الرسالة اللبنانية كما بلّغها رئيس الحكومة سعد الحريري؟

- ان اللااستقرار، كما ازمات المنطقة كلها، نابع من استمرار جرح المنطقة نازفا، اي الصراع العربي – الاسرائيلي. فالوسيلة الوحيدة للتعامل في إطار احقاق الحق ودفع المنطقة نحو مرحلة سلام، هي في قيام الولايات المتحدة بدورها الحقيقي والضغط للوصول الى الحل النهائي في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

- ان لبنان لا يعتدي على احد بل يدافع عن نفسه. اما اسرائيل فلا توقف تهديداتها بشن حرب مدمرة ضد لبنان بحجة امتلاك المقاومة سلاحا تعتبره اسرائيل ماسا بالتوازن الاستراتيجي.

- ان لبنان سيكون رجلا واحدا في حال تعرضه لعدوان ولن يكون بالامكان شق الصف اللبناني.

- ان العلاقات بين لبنان وسوريا تسير على الخط الصحيح، وهي ممتازة ويجب ان تكون كذلك لما فيه مصلحة الطرفين.

- ان لبنان الواقع على تماس مع توترات المنطقة المتلاحقة، وفي ظل التهديدات الاسرائيلية حقق نموا كبيرا في اقتصاده، الامر الذي يعكس حقيقة ان لبنان بلد واعد ومحط انظار محيطه كمركز يستقطب الاستثمارات الخارجية.

- الرسالة الاميركية التي عبر فيها الرئيس الاميركي عن دعم مطلق للبنان، مصحوبة بحديث عما تأمله واشنطن من لبنان على صعيد التصويت على العقوبات على ايران في مجلس الامن، قابلتها رسالة لبنانية شددت على وحدة البلاد، والتصميم على التصدي لاي عدوان، والدعوة الى تسريع الخطى السلمية، لأن السلام وحده يلغي كل عناصر التوتر القائمة اليوم.

========================

صفحة إيران الدبلوماسية الجديدة

آخر تحديث:الخميس ,27/05/2010

عدنان السيد

الخليج

الاتفاق الثلاثي الإيراني - التركي - البرازيلي بشأن الملف النووي الإيراني، خطوة جديرة بالدرس نظراً لأهميتها على الصعيدين الإقليمي والدولي .

 

هناك عامل الثقة المتبادلة بين طهران وأنقرة، فتركيا تستقبل اليورانيوم الإيراني لتقوم بتخصيبه وفق قواعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والقيادة الإيرانية مطمئنة إلى التعاون مع الحكومة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان . أما البرازيل فإنها معنيّة بتكريس دورها بين الدول الناشئة، ووضع حد للتصرّف الأمريكي في الأمم المتحدة وخارجها .

 

علينا ملاحظة توقيت إعلان الاتفاق الثلاثي، أي بعد اتفاق الدول الست الكبرى (الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا) على مشروع قرار يصدر عن مجلس الأمن، وقد وضعته الولايات المتحدة الأمريكية . ماذا في مضمون هذا المشروع؟

 

يدعو مشروع القرار الأمريكي إلى فرض الرقابة على المرافئ الإيرانية، وعلى حركة النقل من إيران وإليها بسبب عدم تعاون طهران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ورفض الامتثال لقرارات مجلس الأمن السابقة التي طالبت إيران بالتوقف عن تخصيب اليورانيوم . كما شدّد المشروع على منع استيراد وتصدير مجموعة من الأسلحة التقليدية، إضافة إلى تكنولوجيات الصواريخ الباليستية، ودعا إلى منع فتح فروع جديدة للمصارف الإيرانية في الخارج، ومنع المؤسسات الإيرانية من تأسيس حسابات مصرفية جديدة .

 

كان المجتمع الدولي أمام مشروع قرار يشدّد العقوبات على إيران، على أن يندرج في إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، أي أنه ملزم لإيران وللدول كافة، فأتى الردّ الثلاثي من إيران وتركيا والبرازيل ليخلق منعطفاً جديداً في التفاوض الدبلوماسي بين طهران والمجتمع الدولي .

 

يصعب والحال هذه إقرار المشروع الأمريكي في مجلس الأمن خلال فترة قريبة، خاصة أن التردّد الروسي والصيني الواضح بات أكثر وضوحاً بعد الاتفاق الثلاثي المذكور . فالوكالة الروسية للطاقة الذرية تعلن عن تدشين مفاعل (بوشهر) الإيراني بحلول شهر أغسطس/ آب المقبل، ما يعني أن الخطط الروسية في إيران ماضية من دون توقف، على الرغم من القرارات التي قد تصدر لاحقاً عن مجلس الأمن . صحيح أن روسيا تجد غموضاً في اتفاق تبادل الوقود النووي بين طهران وأنقرة، لكنها في المقابل ترفض عسكرة الشرق الأوسط واللجوء إلى الخيار المسلح ضد إيران .

 

على صعيد آخر، تصرّ الصين على متابعة المجهودات الدبلوماسية وترفض أي خيار عسكري مهما كان نوعه وحجمه في منطقة الخليج . أما الطرفان التركي والبرازيلي المعنيّان بتنفيذ الاتفاق الثلاثي، وإنجاح خطة تبادل الوقود النووي، فإنهما يحذران من خطورة التسرّع باللجوء إلى مجلس الأمن وتشديد العقوبات ضدّ إيران . إنهما يجدان فرصة مهمة أمام المجتمع الدولي من أجل تسوية سلمية قائمة على الخيار الدبلوماسي للملف النووي الإيراني .

 

رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان يقول في رسالته إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما: “إن اتفاق تبادل الوقود النووي يقدم فرصة لتسوية دبلوماسية . . وإن تركيا ستواصل جهودها لتسوية المشكلة، وستتابع هذه القضية” .

 

وهذا يعني أن تركيا تتبنّى بوضوح خيار الدبلوماسية وترفض اللجوء إلى القوة ضد إيران، مع الإشارة إلى تطور العلاقات التركية الإيرانية في المجالات التجارية والأمنية .

 

الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا قال: “إن إيران التي صُوِّرت للعالم على أنها شيطان لا يريد الجلوس للتفاوض، جلست على طاولة المفاوضات . . أريد أن أرى الآخرين يلتزمون ما كانوا يريدون من إيران القيام به) . وفي هذا الكلام إشارة سلبية إلى الدول التي تخفي ملفاتها النووية عن العالم، وتستمر في الضغط على طهران .

 

بالطبع كان من المتوقع أن تعلن طهران بأن العقوبات التي قد يلجأ إليها مجلس الأمن تلغي اتفاق التبادل أو تسقطه . وأن المرحلة الجديدة بعد توقيع الاتفاق الثلاثي تختلف عن المراحل الماضية، فالقيادة الإيرانية تُمسك بهذه الورقة وتخاطب من خلالها العالم كي يدخل في طور جديد من التفاوض الدبلوماسي .

 

مهما كان الأمر فإن إيران نجحت في استغراق الوقت الطويل على مدى سنوات للوصول إلى إنتاج الطاقة النووية . أما الدول الصناعية، وخاصة الغربية منها، فإنها ترفض هذه النقلة النوعية التي تجعل من إيران دولة إقليمية قوية . لا يزال الغرب متمسكاً بسياسة احتكار إنتاج الطاقة النووية، لكن إلى متى؟

* وزير لبناني

========================

سياسة خارجية من دون دوائر استراتيجية

آخر تحديث:الخميس ,27/05/2010

جميل مطر

الخليج

منذ أن انكشفت فضيحة الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل ونحن نقرأ عجباً عن السياسة الخارجية عموماً، والمصرية خصوصاً . أتفهم حاجة بعض المسؤولين إلى تبرير الشلل الذي أصيبت به الدبلوماسية المصرية، وأتفهم حاجة بعض الإعلاميين والأكاديميين إلى التلاعب بالمبادئ والقواعد العامة للسياسة الخارجية لاكتساب حظوة لدى صانع سياسة لم يلتزم المبادئ ولم يحترم القواعد . كانت النتيجة، كما نرى، ويرى أهل الجوار جميعاً، وخيمة . تدنت سمعة الدبلوماسية المصرية في الخارج في وقت يشهد صعوداً مشرفاً لدبلوماسيات تركية وبرازيلية وجنوب افريقية وإيرانية وهندية، وتراجعت مكانة مصر مسافة أخرى، في وقت يشهد صعوداً في مكانة عدد من الدول النامية، عربية وآسيوية على حد سواء .

 

قرأنا خلال الأيام الماضية لمن يلقي بالمسؤولية على من قصّروا في الدفاع عن مصالح مصر في إفريقيا حين فضلوا عليها الانشغال بقضايا عاطفية مع دول المجموعتين العربية والإسلامية، وقرأنا عن ابتكارات ناتجة عن ضيق أفق أو جهل بأساسيات مصالح مصر القومية لمفاهيم في السياسة الخارجية مثل مفهوم الدولة التي نذرت نفسها وشعبها ومصالحها لقضية واحدة، وهي سلامها مع دولة أخرى، سلام يعتمد على استقرار أمن الدولة الأخرى ويحترم إطراد قوتها ونفوذها الإقليمي والدولي، مفهوم ابتكرته ورش صناعة القرار في مصر، ولا أظن أن التاريخ الدبلوماسي المعاصر سجل سابقة له في أي عهد من عهوده منذ عهد ميترنيخ إلى عهد هيلاري كلينتون .

 

قيل في مجال إلقاء اللوم على حكومات مصر قبل ثلاثين أو خمسين أو ثمانين عاماً، إن الدوائر الثلاث، الإفريقية والإسلامية والعربية، التي اعتمدتها الدبلوماسية المصرية في مرحلة من المراحل مسؤولة عن تشتت الجهد السياسي المصري في الخارج، وقيل إننا تفرغنا لصنع سياسة خارجية فريدة في نوعها اهتمت فقط بالصراع الدولي بين القطب السوفييتي والقطب الأمريكي، بما يعني أننا أهملنا الدوائر الثلاث . وخرج من يقول إننا حين ركزنا على صراعنا مع “إسرائيل” أضعنا من دون جدوى بعض عمر مصر وأهلكنا اقتصادها، وتراجعت قوتنا، وتبدد نفوذنا الخارجي، حتى تضررت المصالح المصرية في إفريقيا . ولكن أعجب ما قيل، قاله مسؤولون عن صنع السياسة الخارجية وقيادة الدبلوماسية، بينما كانت ورطتنا مع دول الحوض تتفاقم وكانت أرصدتنا في كافة دول المغرب والمشرق تشهد انهياراً في قيمتها، حين أكدوا أن السياسة الخارجية لمصر بخير، وأن “مصر مازالت فوق الجميع” وأن أمن مصر القومي مصان لم يمسه ضرر ولم يصبه أذى . أجدى بهؤلاء أن يطلبوا محاضر ندوات ومؤتمرات إقليمية ودولية تناقش حال العرب والمسلمين عامة ومصر بخاصة، ومسؤوليتها عن هذه الحال، أجدى بهؤلاء أن يؤذي سمعهم ما آذى حين شد على يديّ أحد كبار العلماء من أصل مصري قائلاً “شدة وتزول” .

 

استغرب حال التدني التي انحدر إليها “فكر السياسة الخارجية المصرية” وحال التردي التي تهاوت إليها منظومة السياسة الخارجية، كنت على استعداد للترحيب بمن يغزو حال سياستنا الخارجية لأسباب قاهرة، مثل أن نقول إن أزمات اقتصادية كبلت حرية دبلوماسيتنا في الحركة، أو أن تلقي باللوم على عجز في موازنة وزارة الخارجية وغيرها من أجهزة صنع السياسة، باعتبار أن هذا العجز حرمنا من استقطاب شباب متميز علماً وأخلاقاً ولغات ليعمل في بعثاتنا الدبلوماسية بالخارج، أو ليخطط ويحلل ويرسم مشاريع سياسات تخدم مصالحنا إقليمياً ودولياً . كان يمكن أن يلمح لنا مسؤول أو آخر بأن المسؤولين عاجزون عن صنع سياسة خارجية متناسبة ومجدية، لأن إرادتهم ليست حرة، وأن قوى خارجية وضعت لنا حدوداً لا نتجاوزها أو تطالبنا بالتزام طريق السلبيات تفادياً لطريق العقوبات أو ضماناً لاستمرار حوافز ومكافآت لا تستفيد منها إلا قشرة في الطبقة الحاكمة .

 

***

 

تذكرت، وذكرت صديقي المسؤول الكبير بيومين قضيناهما مع عدد من الأكاديميين المتخصصين في علم العلاقات الدولية، وبالتحديد في فرع السياسة الخارجية . التقينا في منتجع كان جميلاً قبل أن تمتد إلى جماله مع أيادي الجشع والفساد يد القبح الأسمنتية . وكان موضوع لقائنا سياسة مصر الخارجية عبر التاريخ، وأظن أننا خرجنا باجتهادات، أعرف بالتأكيد أن باحثين جاءوا في وقت لاحق لم يخرجوا بمثلها ولم يفندوها، وصارت مرجعاً من مراجع السياسة الخارجية المصرية . توصلنا إلى أن السياسة الخارجية المصرية كانت تنشط في عصور الازدهار . تنشط عندما يزدهر فن المعمار . وتنشط عندما تزدهر التجارة الداخلية والخارجية، وتنشط عندما تعم الراحة والسكينة أرض الوطن وعندما ترتقي المعرفة والأخلاق وينحسر الجهل وعندما يقود البلاد رجال طموحون للنهضة والرقي الإنساني يحيطون أنفسهم بأقران أقوياء وليس بخدم أو عبيد . قرأنا سيرة حكم أحمد بن طولون، وكانت أول سيرة بين عشرات السير التي توقفنا عندها وتعمقنا في فهمها . كان بمصر سياسة خارجية رشيدة ومستقرة وفاعلة في زمن لم يكن نظام الدول قد نشأ بعد، كانت لمصر معاهدات وتحالفات مرنة مع المدن الأوروبية العتيدة، وكانت لها بعثات دبلوماسية بعضها دائم وبعضها مؤقت لدى طبقات حاكمة في غرب إفريقيا والصحراء الكبرى وفي شرق إفريقيا . حفلت سجلات التاريخ الدبلوماسي المصري بعلاقات خارجية في عهود لم تكن مصر في أغلبها دولة مستقلة، ولكن تصرف حكامها باستقلالية وإرادة قوية، وما زالت سير بعض حكام المماليك شاهدة على ذلك .

 

***

 

قرأت انتقاداً لنظرية أو عقيدة الدوائر الثلاث التي قيل إن عبد الناصر ابتدعها . وكدارس للسياسة الخارجية أعرف أن عبد الناصر لم يبتدعها . ولا أعرف من ابتدعها ولكن أعرف جيداً أن الدوائر نظرية لصيقة بالسياسة الخارجية منذ فجر العلاقات الدولية، وبالسياسة الخارجية المصرية في العصر الملكي، إذ إنه من البديهي أن يكون لكل حاكم أولوياته النابعة من رؤيته لمصالح بلاده . تظهر هذه الدوائر عندما يكون الحاكم قد انتهى من ترتيب مصالح بلاده كما يراها حسب أهميتها وبعد تحديد مواقعها ومصادرها خارج حدود بلاده، ويكون أيضاً قد انتهى من تعريف أعداء بلاده كما يراهم حسب خطورتهم وتهديدهم أمن بلاده ومصادر قوتها ورخائها في الداخل والخارج . يبدو منطقيا الآن أن فراعنة مصر في العصر القديم حين رتبوا مصالحهم نهرياً وإفريقياً ومشرقياً لم يرتبوها حسب الهويات ولم يرتبها حكام الإغريق في آسيا الصغرى وجزر المتوسط وشمال إفريقيا حسب الهويات ولا يرتبها خامنئي وأحمدي نجاد في منطقة الخليج ووسط آسيا وبلاد الرافدين وإفريقيا وأمريكا اللاتينية حسب الهويات . ويخطئ من يظن أن عبد الله جول وأردوغان ونخبة العدالة والتنمية في تركيا رسموا دوائر هويات إسلامية وتركمانية وأوروبية عندما خططوا لسياسة خارجية جديدة . وأظن أن لولا دا سيلفا عندما توجه ذات يوم إلى مصر بدعوة للمشاركة في تأسيس مجموعة من دول الجنوب لتكسر احتكار مجموعة السبعة الكبار . واعتذرنا في مصر أو ترددنا أو طلبنا وقتاً للتدبر، لم يكن مدفوعاً بتأثير دوائر هويات . كل هؤلاء قرروا أن تخضع سياساتهم الخارجية لمنطق الدوائر الاستراتيجية، أي أولويات تخدم مصالح الأمة، وقد يتصادف أن تنطبق دوائر استراتيجية على هويات ولكن لم يكن شرطاً، في معظم الحالات، أن تعبر الدوائر عن هوية أو أخرى .

 

اسأل المسؤولين عن صنع السياسة الخارجية المصرية أو المسؤولين عن تنفيذها، أين دوائر السياسة الخارجية المصرية الراهنة، أين أولوياتها الاستراتيجية؟ هل كان حوض النيل واحدة من هذه الدوائر، أم اليونان وإيطاليا وأوروبا المنحسرة القوة سياسياً واقتصادياً، أم دول شرق وجنوب آسيا الناهضات بشموخ وقوة، أم مجموعة بريك BRIC، التي أربكت سياسات دول عظمى بصعودها السريع ودورها المتصاعد في السياسة الدولية، أم الساحة العربية التي يتزاحم على إدارة شؤونها وصراعاتها وصنع مستقبلها ثلاث دول إقليمية غير عربية منذ أن تنازلت مصر عن أغلب أرصدتها ومصادر قوتها فيها، الناعمة والصعبة على حد سواء، وتركتها، وفيها مصالحها، للدول الثلاث ساحة مباحة وسكتت ثم اختفت بعد أن كانت ملء السمع والبصر .

========================

العقيدة الجديدة للحلف الأطلسي: من الأحادية الأميركية الى الأحادية الأطلسية

الخميس, 27 مايو 2010

رغيد الصلح *

الحياة

خلال الأيام المقبلة ستعلن ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما الاستراتيجية الدفاعية الاميركية الجديدة. ولقد لخص اوباما النقاط الأهم في الاستراتيجية الجديدة فبين انها ستكون مغايرة للنهج الأحادي الذي طبع سياسة ادارة جورج بوش، وستأخذ بمبدأ التعددية الدولية. وخلال الفترة نفسها تقريباً، اي في 11 حزيران (يونيو) المقبل يعقد المجلس المشترك للحلف الاطلسي وروسيا اجتماعه للمرة الأولى منذ تفاقم الازمة الجيورجية. وسيسلط الحدثان الانظار على اهمية المقترحات المتعلقة ب «المفهوم الاستراتيجي الجديد للحلف الاطلسي» الذي اعدته لجنة من الخبراء برئاسة وزيرة الخارجية الاميركية السابقة مادلين اولبرايت وبإشراف الأمين العام للحلف، اندرس فوغ راسموسن. وقد اكدت المقترحات التي تقدمت بها اللجنة على نفس التوجه التعددي الذي ركز عليه الرئيس الاميركي تقريباً.

واذا كان علينا ان ننتظر بضعة ايام حتى نطلع على تفاصيل الاستراتيجية الاميركية الجديدة، فإن مضمون العقيدة الجديدة لحلف الاطلسي بات موضع التداول والنقاش بعد الاعلان عنه. وقد حرصت اولبرايت، عند الاعلان عن مشروع العقيدة الاطلسية الجديدة، ان تشير الى ان المشروع بعيد من بصمات ادارة بوش ونظريات المحافظين الجدد وآثارهم على العلاقات الدولية ونظرتهم الى الولايات المتحدة والحلف الاطلسي والنظام الدولي. استطراداً سارعت الى التأكيد، نيابة عن اصحاب القرار في الحلف، بان الناتو «لا يطمح الى الاضطلاع بدور شرطي العالم»، والى ان ارسال قوات عسكرية الى خارج المسرح الاطلسي سينبني»... على مبادئ شرعة الامم المتحدة». هل تكفي هذه التأكيدات لاقناع المجتمع الدولي بأن العقيدة الاطلسية الجديدة هي دفاعية الطابع وانها لا ترمي الى خدمة مصالح الاطلسيين على حساب الدول والامم والشعوب غير الاطلسية؟

ابتداء، لا بد من الاشارة الى ان اولبرايت، على رغم مكانتها كوزيرة خارجية سابقة، وعلى رغم تمتعها بثقة المسؤولين عن الاطلسي والدور الحاسم الذي اعطي للجنة التي ترأسها في بلورة مشروع العقيدة الاطلسية الجديدة، على رغم ذلك كله، فانها لا تستطيع ان تلزم الحلف الاطلسي سلفاً بأي نهج او قاعدة في العمل او سلوك، فهي ليست صاحبة قرار لا في الحلف الاطلسي ولا في الولايات المتحدة. واذا اراد اصحاب القرار في الحلف الاطلسي في لحظة من اللحظات ان يدفعوا به لكي يمارس دور شرطي العالم، فلن تستطيع اولبرايت ان تردعهم عن هذا التصرف، مثلما ان اهل الخبرة والتجربة من حكماء الحزب الجمهوري لم يتمكنوا من ردع رئيس مغامر مثل جورج بوش الثاني عن غزو العراق.

ولكن لنفترض ان العقيدة الاطلسية الجديدة ستشكل شرعة للحلف بعد مصادقة قمة الناتو عليها، وانها ستلزم اعضاءه بمبادئها فهل تنطوي هذه الشرعة على تطمينات كافية للمجتمع الدولي وللدول غير الاطلسية حول صواب اهداف الحلف؟ ام اننا امام عقيدة جديدة تستبدل الاحادية الاميركية باحادية اطلسية؟ على رغم التأكيدات التي ادلت بها رئيسة اللجنة، فان ما اعلن عن العقيدة الاطلسية الجديدة لا يحمل اجابات مطمئنة على هذه الاسئلة، بل انه، على العكس من ذلك يستدعي ايضاحات عديدة.

ان الاحادية الاطلسية تطل من خلال العقيدة الجديدة نفسها عند تحديدها «التهديدات الجديدة» التي تواجه الدول الاطلسية. فهنا تشديد على اخطار انتشار الاسلحة النووية والباليستية، والشح في مجال الطاقة، والقرصنة والهجمات عبر الانترنت، وبالطبع الارهاب الدولي. الاحادية لا تبرز من خلال التأكيد على خطورة هذه التهديدات، بل برزت عبر تجاهل تهديدات اخرى، وفي طريقة التعامل معها. انها تتجاهل خطر ارهاب الدول، واخطار الفقر والبيئة. من جهة ثانية لا تحدد وسائل جماعية ودولية للتعامل مع هذه التهديدات. وتقدم مسألة انتشار الاسلحة النووية مثالاً ساطعاً على هذا القصور. ان مبادئ هيئة الامم المتحدة تحرّم انتشار السلاح النووي خارج الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن. ولكن الدول الاطلسية التي تتمسك بتطبيق هذا المبدأ بإصرار شديد على بعض الدول، استنبطت مبدأ جديداً يقوم على التمييز بين «الدول المسؤولة» و «الدول غير المسؤولة»، وقررت ان من حق اسرائيل، لانها في رأي النخب الاطلسية الحاكمة «دولة مسؤولة» ان تمتلك القنبلة الذرية - هذا مع العلم ان اسرائيل هي اكثر الدول خطراً على السلم العالمي بحسب غالبية الاوروبيين - بينما يحرم على اية دولة عربية ان تمتلك مثل هذا السلاح لانها دول غير مسؤولة. ان هذه المقاربة ستبقى عنواناً للاحادية الفجة سواء جرى تبنيها من قبل الادارات الاميركية ام من قبل الحلف الاطلسي.

الاحادية تبرز ايضاً كمفارقة لافتة للنظر فيما تسعى لجنة اولبرايت الى اكساب العقيدة الاطلسية الجديدة حلة دولية مقبولة ومناسبة. هنا اكدت اللجنة انه في سياق بلورة مشروع العقيدة الذي سيرفع الى قمة الاطلسي المنوي عقدها خلال شهر تشرين الاول (اكتوبر) من هذا العام، «تم التشاور مع جميع الحلفاء، وعبر سائر الاطارات الدولية مثل الحوار المتوسطي ومجلس الشراكة الاوروبية - الاطلسية الخ...» كذلك اكدت ان هذا النهج التشاوري والتشاركي سيطبع نشاطات الاطلسي الذي سيحرص، كما جاء في العقيدة الجديدة، على اشراك الحلفاء في تحركاته خارج الاراضي الاطلسية. بيد ان هذه التأكيدات لم تبين من هم هؤلاء «الحلفاء»؟ ومن الذي يقرر اختيارهم ولماذا، وكيف ستكون طريقة اشراكهم في مبادرات الاطلسي؟ ان الحلف الاطلسي والدول الرئيسية فيه هي التي ستتخذ هذه القرارات، وسيكون للحلفاء ان يشاركوا في مبادرات الحلف او ان يمتنعوا عن المشاركة. هذا النهج يؤكد الاحادية الاطلسية ولا ينفيها او يخفف منها.

حتى عندما تعد لجنة اولبرايت باحتكام الاطلسي الجديد الى مبادئ شرعة الامم المتحدة، فانها لا تسحب الاحادية من التداول في السوق الاطلسية. فهنا لا بد من السؤال عن المبادئ التي سيؤخذ بها عند تنفيذ عمليات حلف الاطلسي خارج المدار الاوروبي، وعن الجهة التي ستحدد تلك المبادئ وترى انها صالحة لتفسير وتبرير تلك العمليات: هل تكون من الحلف الاطلسي ام من الامم المتحدة نفسها؟ اذا كانت من الحلف الاطلسي، فهل هناك من ضمانة ضد لجوئها الى ممارسة الانتقائية والاحادية في اختيار المبادئ التي ترتكز اليها في تحديد موقفها من قضايا الامن الدولي؟ اما اذا كانت من الامم المتحدة نفسها، فما هو مبرر استمرار الحلف الاطلسي؟!

ان المجال الأصلح لبحث قضايا الامن والسلام والتهديدات ضد البشرية هو هيئة الامم المتحدة نفسها. اذا كانت هناك ثغرات في عمل مجلس الامن فانه من المستطاع التغلب عليها عبر اصلاحه واصلاح هيئة الامم المتحدة وليس بالالتفاف عليها. فبدلاً من الحلف الاطلسي كذراع عسكري للدول الاطلسية، فإنه من المستطاع انشاء بنية عسكرية متقدمة تابعة لهيئة الامم المتحدة وفقاً لما جاء في «اجندة السلام» التي وضعها الامين العام الاسبق بطرس بطرس غالي و «تقرير الابراهيمي» الذي وضعه مبعوث الامم المتحدة الى العراق وافغانستان وزير خارجية الجزائر الاسبق الاخضر الابراهيمي. وقبل تحقيق تلك الاصلاحات الواسعة فانه من المستطاع تحريك اللجنة العسكرية التابعة لمجلس الامن التي تضم رؤساء اركان الدول الدائمة العضوية في المجلس والتي تم تجميدها يوم بدأت الحرب الباردة. ان تحريك هذه اللجنة سيكون مدخلاً الى تحويل الامم المتحدة والاجهزة والمؤسسات التابعة لها الى الاداة الأكثر فعالية في تحقيق السلام العالمي، وسيغني المجتمع الدولي عن التحالفات العسكرية التي تغذي الصراعات بين الشعوب والامم.

* كاتب لبناني

========================

من بيروت الى طهران

الخميس, 27 مايو 2010

حسان حيدر

الحياة

قد تكون مصادفة ان يصدر أمس تقرير مؤسسة «ميرسر» عن أفضل مدن العالم للعيش فيها، وان لا تظهر اي مدينة عربية او شرق أوسطية في قائمة المدن الخمسين الأولى، وان يتزامن ذلك مع سلسلة حوادث ومواقف شهدتها بعض الدول العربية لا تطمئن مواطناً ولا مقيماً ولا تشجع حتى راغباً في مجرد زيارة.

فمن بين 221 مدينة في مختلف انحاء العالم شملها التقرير، احتلت بغداد المرتبة الأخيرة واعتُبرت المدينة الأقل أماناً، بسبب الوضع الأمني الهش جداً فيها، والاعتداءات والتفجيرات الإرهابية المتكررة وارتفاع معدل الجريمة. وقد شاء القتلة واللصوص والمجرمون ان يثبتوا ذلك بالفعل في عاصمة الرشيد قبل نشر التصنيف بيوم واحد، فهاجموا سوقاً للصاغة في قلب المدينة وقتلوا 14 شخصاً بعضهم من رجال الشرطة واستولوا على مصاغ واموال وزرعوا عبوات ناسفة قبل فرارهم.

وكان مسلحون بمسدسات مزودة كواتم للصوت اغتالوا قبل ذلك بيومين نائباً في البرلمان العراقي من قائمة أياد علاوي التي حازت الغالبية بفارق صوتين فقط، وأدرج العارفون ذلك في إطار «الكباش» القائم حول تشكيل الحكومة العراقية.

وبالتأكيد لم تظهر أي مدينة يمنية في القائمة كلها. وقد يكون واضعو التقرير لم يبذلوا أي جهد حتى للتحقق من إمكان الإقامة في البلد السعيد سابقاً. واثبت اليمنيون انهم أهل للبقاء خارج التصنيفات، عندما هاجم مسلحون من إحدى القبائل اول من أمس مراكز الشرطة والجيش وانابيب النفط ومحطات توليد الكهرباء ومبنى القصر الجمهوري في محافظة مأرب، انتقاماً لمقتل احد وجهائهم في غارة للطيران الحربي اليمني كانت تستهدف ناشطين في تنظيم «القاعدة».

وجاءت الهجمات والمعارك التي تلتها وأوقعت العديد من الضحايا وسط توتر يسود معظم مدن جنوب اليمن بسبب الاحتجاجات المسلحة على تردي أوضاع المعيشة وتزايد الدعوات الانفصالية. كما تجيء بعد اسابيع فقط على خروج شمال البلاد من حرب طاحنة استمرت شهوراً وتركت خراباً واسعاً.

ويقول تقرير المؤسسة الدولية ان الإقامة في دول ومدن الشرق الأوسط لا تزال مصدر قلق واسع، ويضرب مثالاً على ذلك اسرائيل والاراضي الفلسطينية ولبنان، على رغم اشارته الى تحسن طرأ على وضع الأخير بعد تشكيل حكومة «وحدة وطنية» أواخر العام الماضي.

لكن واضعي التقرير كانوا سيغيرون رأيهم بالتأكيد ويتخلون عن تفاؤلهم الحذر بالنسبة الى لبنان لو استمعوا الى خطاب الامين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله أول من أمس وهو يدشن في «عيد التحرير» الجبهة البحرية العتيدة، ويهدد بضرب أي سفينة قادمة الى الموانئ الاسرائيلية على البحر المتوسط، اذا حاصر الاسرائيليون الساحل اللبناني في الحرب المقبلة التي يستعد لها الطرفان بكل امكاناتهما ويواصلان في الوقت نفسه «تطمين» شعبيهما الى انها لن تقع. ولأن السياسة والأمن في لبنان عالمان «افتراضيان»، فإن نصرالله بدا في خطابه كأنه يسأل الاسرائيليين ماذا ينتظرون لشن الحرب فيما ترسانته تتسع ويزداد خطرها عليهم؟

وعملاً ب«وحدة المصير» التي يدافع عنها «حزب الله»، لا ينافس بيروت على «الأمن» سوى طهران التي يقول التقرير ان الإستقرار فيها تراجع كثيراً بسبب المواجهات العنيفة بين المتظاهرين والقوات الحكومية، والتدهور الكبير في حرية التعبير والقيود المفروضة على وسائل الاتصال والصحافة والعمل الأكاديمي.

اما غزة فمرشحة لخروج حتى موظفي «وكالة غوث اللاجئين» بعدما تبين «تآمرها» ل «إفساد» النشء الحمساوي بإقامة مخيمات صيفية للأطفال لا تستحق سوى الحرق.

========================

خطوة أخرى إلى الأمام

الافتتاحية

الخميس 27-5-2010م

بقلم رئيس التحرير أسعد عبود

الثورة

ليس بالضرورة أن تكون الدول النامية قد أمسكت بزمام المبادرة في حالة الفراغ التي يعيشها العالم، حراك هذه الدول السياسي اللافت اليوم يشير بوضوح إلى إدراك واع لفشل الغرب والدول الكبرى عموماً في حل مشكلات العالم.

بعد سقوط الاتحاد السوفييتي و«الاشتراكية» قدمت الولايات المتحدة نفسها «الرأسمالية» منقذاً للعالم، تحت عنوان «النظام العالمي الجديد» .‏

والذي نراه:‏

أن مشكلات البشرية ازدادت «الحروب.. الفقر.. الجوع.. الخ» وعرف العالم مزيداً من الاضطراب والخوف من المستقبل بعد انتصار الرأسمالية.‏

لقد استمرت هذه الحالة في التفاقم ولا سيما في ظل السنوات الثماني من إدارة الرئيس بوش في الولايات المتحدة.. إلى درجة نشدان الأمل من أي مصدر كان.. وما كاد الرئيس أوباما يعلن شبح ابتسامة في وجه العالم، حتى انفتحت أسارير البشر في وجهه وتجدد الحلم بالسلام إلى درجة منحه جائزة السلام.‏

لكن..‏

بكل أسف بدأ يزول شبح الابتسامة لتحل محله ظلال خيبة، لم تعد تنفع معها أحاديث الدبلوماسية.. ما يجري في العالم اليوم، ليس خطيراً فحسب، بل إن أخطر ما فيه أن الغرب الفاشل في إدارة أزمة العالم ومشكلات البشرية، يبذل كل جهد لعزل الدول والشعوب عن مشكلاتها.‏

هذا حال لا يمكن أن يستمر، لأن فيه مشروع هلاك عريض للبشرية.‏

لنلق نظرة على العالم.. ولنقرأ في واقع البشرية المعذّب..‏

أين التنمية؟!‏

أين حقوق الإنسان؟!‏

أين مكافحة الفقر والجوع؟!‏

أين السلام؟!‏

يأتي دبلوماسيو الغرب ويعودون.. يشرّقون ويغرّبون.. ولا يملأ فمهم إلا عبارات مجاملة لم تعد تعني شيئاً.. أو رسائل التحذير والتخويف.. والاتهام.. والتصنيف.‏

قمة الدبلوماسية اليوم، أن يقال للغرب: لم تعد دبلوماسيتكم تنفع.. نريد السلام.. والتنمية.. والاستقرار.. والذي يهدد ذلك كله.. سياستكم وليس الشعوب المستضعفة أو الدول النامية.‏

الانتصار لهذه الدبلوماسية، يتمثل في حركة هذه الدول لرسم حقائق على خريطة العالم السياسية، توقّع عليها الدول المعنية بحل مشكلاتها دون أن تنتظر تعاطفاً غربياً أو دعماً أميركياً أو ولادة القطب الآخر.‏

إن السلام حق لكل الشعوب، وهو يبدأ من إزالة الاحتلال.. وكل عمل لإنهاء الاحتلال هو تأييد فعلي للسلام... طبعاً بما في ذلك.. وفي مقدمته المقاومة.‏

تستطيع الدول النامية «ومنها دول المنطقة طبعاً» أن تستمر بإيصال الرسائل لواشنطن.. وتستقبلها منها.. والحوار لا يتوقف.. لكن.. لا تستطيع هذه الدول أن تنتظر طويلاً تجسيد حلم السلام من الغرب... من الرأسمالية..‏

وهو ما قاله يوماً زعيم سوفييتي سابق «السلام لا يستجدى من الامبريالية».‏

وهو ما تجسده الدول النامية اليوم حقيقة.. بالحوار.. والعمل السياسي.. والمقاومة.‏

a-abboud@scs-net.org

========================

ماذا نفعل مع تنامي المخاوف بسبب الديون؟

كارن دينان وتيد غاير

الشرق الاوسط

5/27/2010

مع انقضاء أسوأ ما في أزمة الائتمان التي وقعت عام 2008/2009، يشهد النشاط الاقتصاد الأميركي تحسنا منذ الصيف الماضي. ومع ذلك أثارت المشكلات المالية الأخيرة داخل اليونان مخاوف جادة بشأن أسواق الائتمان العالمية. ويوجد درس هام نستخلصه من الأزمة المالية وهو أن الاضطرابات داخل أسواق الائتمان يمكن أن تدمر الاقتصاد الأوسع. وفي مؤشر «تقييم الأداء» الرابع، قامت مجموعة من الأكاديميين في معهد «بروكينغز» بالنظر إلى الأرباع الخمسة الماضية لتحديد المكان الذي تقف فيه أسواق الائتمان الأميركية والمشكلات التي يمكن أن تظهر من الخلل المالي على المدى الطويل.

ويوجد تفاوت في مقدار الائتمان المتاح للأنشطة التجارية والعائلات الأميركية، وهو ما يعكس ظروفا اقتصادية أوسع. ويمكن أن تجد الكثير من الشركات الكبيرة المتعافية تمويلا بتكلفة قليلة من خلال سوق السندات للشركات. وبالمثل، فإن العائلات في مستويات معينة يمكن أن تحصل على رهون منخفضة القيمة. ولكن، لم يعد في استطاعة عدد كبير من المشترين للمنازل الذين تحيط بهم مخاطر كبيرة الحصول على تمويل عقاري غير مكلف، ولا تزال الأنشطة التجارية الصغيرة تكابد من أجل الحصول على ائتمان. وقد خلق رد الفعل على الركود الكبير مشكلات جديدة، على الرغم من تقليل بعض المخاطر أمام أسواق الائتمان. وقد استبدلت بالخسارة في ائتمان ودخل وثروة الأسر جزئيا زيادة كبيرة في اقتراض الحكومة للتلطيف من أثر التراجع في الطلب على السلع والخدمات.

وارتفع الدين العام الأميركي إلى 53 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، ومن المتوقع أن يصل إلى 67 في المائة بحلول 2020. وعلاوة على ذلك، فإن الزيادة في ميزانية الاحتياطي الفيدرالي من 0.9 تريليون دولار بنهاية عام 2007 إلى 2.4 تريليون دولار قد دفعت بعض المحللين إلى القلق من ضغوط تضخمية.

وتمثل المخاوف الناشئة بشأن العجز في سداد الديون السيادية عائقا أمام النمو الاقتصادي العالمي. وقد رفعت مشكلة اليونان من تكلفة دينها الحكومي، وأثارت مخاوف من أن العدوى قد تنتشر إلى دول أخرى بمنطقة اليورو مثل البرتغال، وبدرجة أقل إسبانيا.

والأخبار الجيدة هي أن الموقف المالي داخل اليونان يختلف في نواحٍ هامة عن الوضع المالي داخل الولايات المتحدة، فاليونان لديها دين أعلى وعجز أكبر بالمقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي، ولديها عجز في القدرة التنافسية ويرجع ذلك بصورة جزئية إلى تكاليف العمالية الأعلى. ولا يمكن لليونان تعويض مشكلتها التنافسية عن طريق تعديل سعر الصرف لأنها تستخدم اليورو. وقد تبنت الحكومة هناك برنامج تقشف مالي، ولكن ستستغرق النتائج فترة، على الرغم من الدعم الأجنبي والاقتصاد العالمي الأقوى.

وفي المقابل، لا تزال القدرة التنافسية الأميركية مرتفعة نسبيا. وعلى الرغم من أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي تزداد، فإنها أقل كثيرا من النسبة داخل اليونان (86 في المائة بدءا من العام الماضي). ويوجد طلب كبير على الدولار الأميركي، وقد زادت المخاوف من الدين الحكومي في أماكن أخرى من الطلب على سندات الخزانة الأميركية، ومن ثم قلقت من تكاليف الاقتراض.

وإذا نجحت الاستجابة الهائلة للأوضاع داخل اليونان في تحقيق استقرار داخل الأسواق المالية العالمية، فإن هناك تبعات على المدى الأطول لزيادة المديونية العامة الأميركية. ويخشى من أن ذلك سوف يؤدي في النهاية إلى معدلات فائدة أعلى، تقلل من الإنتاجية وتكوين رأس المال، وفي النهاية تقليل الثروة الاقتصادية. ولكن تقدم الأزمة المالية خلال العامين الماضيين دروسا أخرى؛ أولا: يجب أن تكون الحكومة مستعدة للتدخل عندما يتدهور طلب القطاع الخاص على السلع والخدمات، ولكن سيؤدي الدين الكبير على المدى الطويل إلى الحد من قدرة الحكومة الأميركية على الاستجابة للأزمة الاقتصادية إذا تطلب ذلك. ثانيا: في الاقتصاد العالمي المترابط بدرجة كبيرة، لا يمكن أن تتخذ الأسواق رد فعل مفاجئا وتأديبيا للمؤسسات الكبيرة. وقد شهدت الأسواق المالية في 2008 تراجعا مفاجئا في ثقة المستثمرين، وأدى ذلك إلى تدافع من أجل سحب الأموال المودعة لدى هذه المؤسسات المالية (ولنتذكر «ليمان براذرز»). وقد قدمت الحكومة الأميركية دعما هاما على المدى القصير للاقتصاد المحلي الذي لا يزال في مرحلة التعافي، ويجب أن نستمر في ذلك. ولكن لتقليل احتمالات وقوع أزمات اقتصادية مستقبلية، نحتاج بصورة ملحة إلى إظهار التزام مقنع بقوة مالية على المدى الأطول.

* مديران مشاركان في برنامج الدراسات الاقتصادية بمعهد «بروكينغز»

===============================

إيران لن تسلم من المقاطعة رغم «الصفقة النووية»

هدى الحسيني

الشرق الاوسط

5/27/2010

الاتفاق النووي الذي أبرمته تركيا والبرازيل مع إيران قد يكون أخّر ساعة إيران النووية مدة 6 أشهر، لكنه أظهر في الوقت نفسه أن لعبة الأمم الكبرى هي أقوى وأبعد من مصالح بقية الدول بما فيها إيران.

رفضت إيران في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ما اقترحته عليها الدول الأوروبية، لكنها الآن وافقت على هذه الشروط، وأبلغت تفاصيل موافقتها إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ما حققته البرازيل وتركيا لا ينهي المشكلة، بل هو خطوة متواضعة تساعد على نزع فتيل الأزمة القائمة.

ثلاثة أمور لافتة في هذه الصفقة: الدور التركي، خصوصا أن أنقرة منذ توقيع الاتفاق تضغط على واشنطن للقبول به، مما دفع بعض المراقبين إلى التعمق أكثر بما تقوم به أنقرة وواشنطن، وعما إذا كان هناك من تنسيق بينهما.

الأمران الآخران، سبب موافقة روسيا والصين على قرار المقاطعة، وهما كانتا ترفضان بحث أي قرار من شأنه فرض المقاطعة على إيران. وإذا بهما، بعدما نجحت تركيا والبرازيل في جهودهما، تؤيدان العقوبات على إيران.

قال أحد المعلقين الأميركيين: إن روسيا والصين لم تقبلا أن تحل تركيا والبرازيل محلهما، لهذا كانت مشاركتهما في وضع مسودة قرار العقوبات. لكن هناك ما هو أبعد من «مبارزة» على إيران. العام الماضي، بذلت القيادة الروسية، وبالذات الرئيس ديمتري ميدفيديف، الجهود المتضافرة لتقوية علاقات روسيا الدبلوماسية والاقتصادية مع أوروبا والولايات المتحدة. وقبل أسبوعين نشرت مجلة «نيوزويك» بطبعتها الروسية وثيقة سرية تكشف عن قرار السياسة الروسية الجديدة بالخروج من زمن العزلة إلى تعاون أوسع وأكبر مع الغرب.

ويقول لي مسؤول غربي: «إن روسيا عارضت فرض المقاطعة على إيران، لأن الحكومة الروسية لم ترغب في تسجيل سابقة بحيث تبدو الأمم المتحدة قوية وقادرة على معاقبة الدول التي تتبع سياسات أمنية غير مقبولة. لكن بدورها الجديد المتجه نحو التعاون الدولي، تضاءل الخوف الروسي، لا، بل صارت تميل إلى دعم مواقف الأمم المتحدة بهذا الخصوص».

إن روسيا قد تكسب أمنيا واقتصاديا من فرض المقاطعة على إيران. الرئيس الأميركي بارك أوباما تراجع عن نشر الدروع الصاروخية في أوروبا الشرقية، وعلى الرغم من أن هذه الدروع كانت لحماية أوروبا من الخطر الروسي والخطر الإيراني، لكنها كانت بطريقة غير مباشرة تخدم روسيا بتوفير حماية دفاعية لها من صواريخ تطلق عليها من الشرق الأوسط. ومع احتمال تعرض روسيا لمثل هذه الهجمات، فإن من مصلحتها الأمنية كبح التوجه النووي الإيراني، وأيضا منع سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط، كرد على النووي الإيراني.

اقتصاديا، تتنافس روسيا وإيران على سوق الغاز الطبيعي الذي هو أساسي لاقتصاد الدولتين. الدولتان من أكبر منتجي الغاز في العالم. عام 2001 وقعت إيران صفقة مع تركيا لبيعها عشرة مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي، ومدت أنابيبها في آسيا الوسطى. وبتمديد أنابيبها من تركيا باتجاه أوروبا تستطيع عندها إيران أن تنافس روسيا في أوسع سوق للغاز الطبيعي والأكثر ربحا. العقوبات الاقتصادية على إيران تمنعها من بيع غازها في أوروبا، فتصبح أكثر اعتمادا على الطاقة الذاتية، فتتقلص صادراتها.

وقد تكون الاهتمامات الاقتصادية السبب في إقدام الصين على الانضمام إلى أميركا وروسيا في الموافقة على المقاطعة، وأيضا هناك كوريا الشمالية.

وكان الرئيس أوباما قد خفف من ضغط واشنطن على الصين فيما يتعلق بالتلاعب بالعملة، وأخّر قرارا كان سيصدر عن الكونغرس الأميركي يدين سياسة الصين بالنسبة لربط عملتها بالدولار، الأمر الذي كان سيصيب دخلها التجاري بأزمة كبرى.

صحيح أن هناك فترات من التوتر الدبلوماسي تتخلل العلاقات الأميركية - الصينية، لكن الروابط الاقتصادية بين الدولتين قوية وضرورية جدا لاقتصادهما. والصين بحاجة إلى الفوائد الجمة التي تعود عليها من تجارتها مع الولايات المتحدة.

من جهة ثانية، جاءت المقاطعة على إيران مع اتهام كوريا الجنوبية لكوريا الشمالية بأنها وراء إغراق البارجة «تشونان» الأمر الذي أدى إلى مقتل 47 بحارا. وتزامن هذا مع الزيارة التي تقوم بها وزيرة الخارجية الأميركية كلينتون ووزير الخزانة تيموثي غايثز إلى الصين وكوريا الجنوبية واليابان.

وتجد سيول صعوبة في التوجه إلى مجلس الأمن من دون دعم الصين وروسيا لمعاقبة كوريا الشمالية. لذلك، من غير المستبعد أن تؤكد الصين التزامها بدعم قرار المقاطعة الدولية على إيران، إذا عبرت واشنطن عن استعدادها لمعالجة إغراق البارجة «تشونان» على المستوى الإقليمي بمشاركة الصين وكوريا الجنوبية واليابان أيضا، من دون اللجوء إلى الأمم المتحدة.

من جهة إيران، لم يرافق موافقتها على الصفقة مع تركيا والبرازيل، وأيضا على توزيع مسودة قرار المقاطعة، أي تهديد علني بقطع الأيدي أو الأرجل التي ستمتد، كما جرت العادة، وبعد تقديمها الاتفاق إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بدأت مناورات عسكرية، حيث قال المعلق: الجيش الإيراني هو أقوى جيش في العالم (!). وحده وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي قال في 19 مايو (أيار) للصحافيين: «لن يمر أي قرار دولي في مجلس الأمن، لا تأخذوا هذا الأمر بجدية».

قد تكون طهران تشعر بأن الكرة ستخرج من مرماها إلى أقدام لاعبيها، وعندها ستكون لها اليد العليا. الولايات المتحدة في حاجة ماسة إلى تطبيق جدولها الزمني بالانسحاب من العراق في نهاية هذا الصيف، وتستطيع أن تبدأ ذلك إذا تلقت ضمانات من الشيعة العراقيين وحليفهم إيران، بأن السُّنة سيندمجون في العملية السياسية العراقية. أيضا ما زالت أميركا ودول الحلف الأطلسي تواجه حربا في أفغانستان حيث لإيران نفوذ كبير.

ثم إن إيران استوعبت التصريحات الروسية والصينية القائلة إن اللغة التي جاءت في مسودة القرار «يمكن لبكين وموسكو العيش معها»، وبأن القرار سيكون من «دون أسنان مسنونة». والأهم بالنسبة إلى طهران أن مسودة القرار لم تأت على ذكر الحصار النفطي.

ما يجب أن لا يغيب عن الانتباه الإيراني هو مواقف روسيا والصين تجاه برنامجها النووي. روسيا كررت مرارا أنها تتوقع الكثير من المرونة من طهران. ومهما وعدت ببيع طهران صواريخ «إس 300»، فإنها لن تفي بوعدها لأسباب تتعلق بأمنها القومي.

أما الصين فعبرت عن موقفها تجاه إيران في تعليقين صدرا في صحيفة «غلوبال تايمز» في العشرين من الشهر الجاري. الأول باللغة الإنجليزية للقارئ الغربي والآخر باللغة الصينية للقارئ المحلي. في الأول جاء: «ادعاء إيران بأنها أهل للثقة يكون أكثر إقناعا إذا كانت هناك شفافية في برنامجها النووي».

وفي المقال باللغة الصينية جاء: «للخروج من المأزق، على إيران القيام بخطوات ملموسة لإقناع العالم بأنها لا تهدف إلى الحصول على أسلحة نووية».

ربما لن تؤدي المقاطعة بإيران إلى تغيير أساليبها، وقد يكون حصولها على السلاح النووي أمرا صار شبه قائم. لكن صدور قرار دولي بالمقاطعة قد يبطئ من توجهها النووي، وفي الوقت نفسه يسمح للدول التي بدأت تشعر بالخطر النووي الإيراني بإيجاد خيارات أخرى. ثم إن انضمام الصين وروسيا إلى قرار المقاطعة قد يشكل لحظة فاصلة بالنسبة لأهداف الرئيس أوباما بجعل الدول المارقة مرادفة للدول المنبوذة».

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ