ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 27/05/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


وهم إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية

عودة عريقات

5/26/2010

القدس العربي

إخلاء الأسلحة النووية من العالم أمر صعب المنال لأنه يتعلق بإرادة الدول التي تمتلك هذه الأسلحة وتمتلك المقدرة والتقنية النووية وخاصة الدول الكبرى الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، وعملية نزع الأسلحة النووية تعتبرها الدول الكبرى ضد مصالحها لأن ذلك يفقدها قوة الردع والهيمنة على الدول والشعوب الأخرى لكونها قوى كبرى تتمتع بالقوة الاقتصادية والقوة العسكرية.

أما إخلاء بعض مناطق في العالم من هذا السلاح ربما يجد آذانا صاغية لدى الدول النووية الكبرى ولكن الصعوبة تكمن في التنفيذ بسبب تضارب المصالح وتوافقها أحيانا أخرى وأيضا يرجع لقبول أو رفض الدولة المراد نزع أسلحتها.

والناظر بتفحص إلى طلب المجموعة العربية إلى مجلس الأمن بنزع السلاح النووي من الشرق الأوسط والمقصود به نزع الأسلحة الإسرائيلية غير التقليدية وتحويل الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من السلاح النووي.

وأيضا ما ورد سابقا في تصريحات بعض المسؤولين الغربيين المتمثلة في إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وهناك من الدول الكبرى التي ربطت عملية نزع أسلحة إسرائيل النووية بشرط تحقيق السلام بين الدول العربية وإسرائيل.

يرى في الطلب تنفيس للحنق والغضب العربي ويرى في بعض التصريحات الواردة من الساسة الغربيين عملية إلهاء وتخدير لشعوب المنطقة التي لا تملك التقنية النووية ويرى أن غاية الطلب صعبة ولا ضمان لتحقيقه على المدى القريب خاصة تجاه نزع وتصفية الأسلحة النووية الإسرائيلية.

والتصريحات الغربية بهذا الخصوص فارغة من مضمونها، والهدف الحقيقي منها يتمثل في منع الخوض في بحث الحصول على هذه التقنية أصلا من قبل دول شرق أوسطية طموحة وحتى من مجرد التفكير مستقبلا في الإعداد اللازم وتوفير تقنية التطوير اللازمة للبحث العلمي والعملي في هذا المضمار.

ومن أهداف تصريحات نزع الأسلحة النووية طمأنة بعض الأنظمة لكي تكون حجة أمام شعوبها لمنع اللوم عليها لأنها قصرت في التفكير والبحث الجدي للحصول على التقنية النووية اللازمة للسلم والحرب، لأن المفهوم من جوهر الطلب ومن تصريحات بعض الساسة الغربيين الشكلي هو سحب الأسلحة النووية القائمة والموجودة في بعض الدول في الشرق الأوسط (خاصة من إسرائيل).

وأيضا منع بعض الدول من الاستمرار في تطوير البحث العلمي اللازم وتخصيب العناصر اللازمة لتصنيع السلاح النووي وعدم السماح لأي دولة أو جماعة من التفكير والتوجه لتوفير التقنية اللازمة للحصول على السلاح الذري.

وبعد عقد عدة مؤتمرات عالمية للبحث في منع وضبط دخول أعضاء جدد للنادي النووي العالمي وذلك من خلال بيان وإظهار مخاطر محتملة من وصول التقنية النووية إلى دول وتنظيمات معادية لما يسمى بالعالم الحر أو معادية للسامية.

وفي محاولة واضحة للعيان لقصر احتكار السلاح النووي على الدول التي حازت عليه سابقا ومنع أي دولة أخرى من الحصول عليه من خلال تطوير البرامج العلمية والعملية التمهيدية لديها ومنع تزويدها بالعناصر الكيميائية اللازمة لعملية التخصيب ومن ثم التصنيع وبلوغ القدرة النووية.

وانطلقت عدة دعوات من جهات عالمية لإخلاء العالم وخاصة منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية ومنها على لسان مسؤولين أمريكيين وغربيين ولاقت تأييدا عربيا لهذه الدعوات بسبب افتقار العرب للتقنية النووية وأملا أيضا في رغبة نزع الأسلحة النووية الإسرائيلية.

وأية دعوة أمريكية أو غربية بهذا الصدد تشكل خطوة تكتيكية ضمن خطط وبرامج معدة ولديها رؤيا ومنطلق لخدمة المصالح الغربية والأمريكية على المدى البعيد. والساسة الغربيون يعرفون جيدا أنهم لا يستطيعون نزع الأسلحة الإسرائيلية بهذه البساطة وأصلا ليس لمعظمهم الرغبة والجدية في ذلك ودعوة نزع وتصفية الأسلحة الذرية الإسرائيلية هي للاستهلاك والضحك على ذقون الدول العربية والإسلامية التي تسلم بضعفها ومن سار بدربهم من دول العالم الثالث.

مع أن العرب يرحبون بدعوة نزع أسلحة الدمار الشامل من منطقة الشرق الأوسط ومن منطلق تجريد إسرائيل من أسلحتها النووية ومنع إيران من الاستمرار في برنامجها النووي العسكري الطموح واقتصاره على الناحية السلمية.

ولكن هل يصدق عاقل أن تسمح إسرائيل لأي كان في هذا العالم بتجريدها من سلاحها الاستراتيجي من خلال تصفية سلاحها النووي الذي يعتبرونه ذخرا إستراتيجيا من الدرجة الأولى وقادتها وقسم كبير من شعبها يلازمهم الكبرياء والشموخ والعنجهية ونظرة الاستعلاء على باقي شعوب الأرض.

وهم بهذا يشبهون بنظرة الاستعلاء لديهم ما كان للألمان من نظرة كبرياء واستعلاء على الشعوب الأخرى حيث كانوا ينسبون أنفسهم للجنس الآري الأفضل في اعتقادهم في ألمانيا النازية قبل الحرب العالمية الثانية.

والسلاح النووي الإسرائيلي هو خط أحمر فوق العادة لدى الدولة العبرية وهي بواسطته تناور وبه ترغب وتخيف دول المنطقة ودول العالم الأخرى لأن هذا السلاح مرتبط ببقائها ووجودها والتفريط به من وجهة نظر الساسة الإسرائيليين هو تفريط بالدولة والشعب الإسرائيلي والكيان والوجود وهذا الأمر لا يمكن حدوثه بهذه السهولة والبساطة التي يتحدث بها طالبو نزع الأسلحة النووية.

وأيضا هل يصدق أحد أن تتبنى أمريكا حليف إسرائيل الأول والمدافعة عن أمنها ووجودها قولا وفعلا خطوات وبرامج عمل تجرد ربيبتها وحليفها الاستراتيجي من خلال تصفية سلاح فعال رادع لديها يعتبر ضمانة لأمنها ووجودها.

لتكون بعد ذلك دولة عادية تنصاع لقرارات الأمم المتحدة والضغط الدولي وليست دولة فوق القانون تتمتع بمعيار خاص مفصل وفقا لأحلامها وطموحها.

والناظر لا يرى جدية حقيقية في دعوات نزع الأسلحة النووية من دول الشرق الأوسط وخاصة نزع الأسلحة النووية الإسرائيلية لأن عملية تصفية السلاح النووي الإسرائيلي لن تتحقق إلى بعد حرب ضروس تطلق اسرائيل فيها ما في جعبتها من رؤوس وقنابل نووية.

ولكن الغاية الحقيقية لدى الدول الكبرى وجل الاهتمام منصب على فرض عقوبات دولية على إيران بواسطة إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي.

وأيضا منصب على منع تزويد الدول العربية والإسلامية والدول اليسارية في العالم وأيضا بعض الجماعات الموصوفة بالإرهاب بالتقنية والخبرة العلمية اللازمة للبحث وأيضا منع تزويدها بالعناصر الكيميائية اللازمة للتخصيب والتصنيع مثل الراديوم واليورانيوم وإقفال باب التطور والطموح لديها.

وحتى لو فرضنا أن إسرائيل ستستجيب لعملية نزع الأسلحة النووية ولو بشكل صوري فسيكون من خلال تدمير رأس نووي فيه عيب أو خلل أو تنقصه التقنية الالكترونية المحسنة أو تدمير قنبلة نووية قذرة من الجيل الأول غير مطورة أمام الصحافة العالمية أو إغلاق مفاعل نووي قديم عفا عليه الزمن وأصبح مكشوفا كهدف إستراتيجي للعرب وإيران أو تحويله لتوليد الطاقة السلمية.

وسيشبه ما جرى من اتفاق سابق في القرن الماضي بين الرئيس السوفييتي ليونيد بريجينيف والرئيس الأمريكي رونالد ريغان للحد من سباق التسلح الاستراتيجي ولتقليص الأسلحة الإستراتيجية لدى الطرفين.

وتم بالفعل تدمير كمية من القنابل والصواريخ من الجيل الأول لأن الترسانة السوفييتية والأمريكية كانت مليئة بها وهي فوق الحاجة.

والفعل العربي والإسلامي المطلوب والمؤثر والذي يجلب الضغط الفعال هو انسحاب الدول العربية والإسلامية من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية حتى ترضخ إسرائيل وتوقع على هذه المعاهدة لتمكين جمعية الطاقة الذرية الدولية من تفتيش ومراقبة منشآت الأسلحة النووية الإسرائيلية.

فإذا العالم لم يستطع إرغام إسرائيل على التوقيع على معاهدة عدم انتشار السلاح النووي فكيف يستطيع نزع وتجريد سلاحها النووي بهذه البساطة التي عبر عنها الطلب وما بين الطموح والحلم العربي وبين الواقع المر بون شاسع.

ولذلك يجب أن لا نمني أنفسنا كعرب ونصدق أكذوبة نزع أسلحة الدمار الشامل أو الأسلحة الإستراتيجية من إسرائيل لأن ذلك يعتبر وهما كبيرا ويجب أن لا يخدعنا ونصدقه لأن ذلك لن يحدث إلا بزوال إسرائيل.

ولن يحدث أيضا والعرب متخلفين عن ركب التكنولوجيا العلمية العسكرية وعن التطور والاستمرار في تعطيل الإرادة العربية حيث لا حول ولا قوة.

وحتى الدول الكبرى وإسرائيل تبحث عن المزيد من التقنية العلمية والتطور وتدعم البحث العلمي وتضع الميزانيات لذلك وبحثها في هذا السبيل جار على قدم وساق ومستمر غير متوقف.

وأيضا لن تحول العقوبات الدولية دون وصول إيران لحلمها بإتمام عملية التطوير لديها لامتلاك أسلحة الدمار الشامل (الأسلحة الإستراتيجية) لأن لديها الإرادة.

ولن تكون الدول الكبرى منصفة وعادلة تحافظ على أمن ومصالح الدول التي لا تمتلك التقنية النووية بل سيكون جل اهتمامها فقط لمصالحها على حساب الغير والحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية على عدة مناطق عربية وإسلامية وخاصة الحرب الشرسة على العراق في عام 2003 والتي ما زالت آثارها قائمة خير شاهد على ذلك،

والحاجة مطردة لضمان الأمن العربي وهذا الأمن لن يتحقق إلى بتقدم الشعوب العربية فكرا وعلما وتقنية واختراعا والخوض في خضم الصعب لأنه على رأي أمير الشعراء: وما استعصى على قوم منالا إذا الإقدام كان لهم ركابا

ولذلك من واجب الأنظمة العربية ولا مفر من ذلك حاضرا أو مستقبلا من توفيرالأمن للشعوب العربية والمستقبل العربي الواعد ولعزة الأجيال العربية المتعاقبة لكي يكون ذلك حافزا للعرب جميعا من أجل رفع الهيمنة واستقلال القرار العربي.

ويكون بالبدء بعملية التخطيط ورصد الميزانيات وتأهيل الموارد البشرية والإعداد والتحضير الجيد للبحث العلمي والتطوير واكتساب المعرفة وتوفير المواد والتقنية النووية وعدم الركون للأوهام والخداع الذي تمارسه بعض الدول الكبرى على دول العرب وشعوبهم.

' كاتب فلسطيني

=======================

العرب وإيران والاحتمالات القائمة

د. عصام سليم الشنطي

الدستور

26-5-2010

توقيع إيران لاتفاق تبادل اليورانيوم على الأراضي التركية برعاية برازيلية - تركية كان الحدث الأبرز في الأيام الماضية وسيبقى هو الأبرز في الفترة القادمة لا سيما أن هذا الأمر كان لفترة طويلة محل جزر ومد بين إيران والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة. كما أن هذا الأمر يحتل اهتماماً كبيراً لدى صناع القرار في الدولة العبرية ، وعليه لم يكن مستغرباً الموقف الإسرائيلي بهذا الخصوص الذي سبق جميع المواقف الغربية والذي شكك بمصداقية إيران ونواياها ومواقف الدول الراعية لهذا الاتفاق. أما في العالم العربي ، فالعرب كعادتهم في معظم الأمور الحيوية والاستراتيجية يستمرون في انقسامهم السياسي والمبدئي ولا يوجد موقف عربي موحد تجاه هذا التطور الهام والذي سيترتب عليه انعكاسات سياسية واستراتيجية هامة في المنطقة وفي العالم.

 

إن المتغيرات السياسية والاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط وتحديداً منذ أحداث 11 سبتمبر في عام 2001 مروراً بسقوط النظام العراقي السابق والاحتلال الأمريكي للعراق وأفغانستان والحرب الإسرائيلية ضد لبنان في تموز 2006 وصولاً إلى الحرب الإسرائيلية ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة في نهاية عام 2008 وبداية 2009 ، هي متغيرات حقيقية ودراماتيكية واستراتيجية. بمعنى أن الولايات المتحدة بعد سبتمبر 2001 ليست ذاتها قبل ذلك التاريخ ، وأن العراق في مرحلة ما بعد نظام صدام حسين أو بعد عام 2003 هو ليس ذاته قبل ذلك التاريخ ، وأن أفغانستان بعد الاحتلال الأمريكي في عام 2001 ليست هي ذاتها قبل ذلك التاريخ ، وأن الوضع الفلسطيني الآن هو ليس ذاته قبل عام 2005 عندما انسحبت إسرائيل من قطاع غزة وفازت حركة حماس بالانتخابات التشريعية وترسخ الانقسام الفلسطيني مبدئياً وسياسياً ووطنياً.

 

بل أن المتغيرات الدولية سواء على الصعيد السياسي أو على الصعيد الاقتصادي أو على الصعيد الاستراتيجي لم يعد هو ذاته بعد أحداث 11 سبتمبر في عام ,2001 وأبرز الأحداث العالمية الأخيرة كانت تلك الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي لم يتضح حتى الآن تأثيراتها الاستراتيجية ، وإن كانت المؤشرات تبشر بتطورات ومتغيرات كبرى في موازين الاقتصاد والمال العالميين وتداعياتهما على النظام السياسي العالمي.

 

إن إفلاس اليونان واحتمال إفلاس دول أخرى في القارة الأوروبية العجوز ليس بالأمر البسيط استراتيجياً لا سيما أن الدول الأوروبية الكبرى كألمانيا وفرنسا وبريطانيا يواجهون انحداراً ملحوظاً في قدراتهم الاقتصادية والمالية وانعكاسات هذا الأمر على السياسات المستقبلية لتلك الدول التي ستنعكس حتماً على دور هذه الدول في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط تحديداً. وهذا الأمر ينطبق أيضاً على الولايات المتحدة الأمريكية وعلى دورها الكوني الذي أصبح عبئاً كبيراً عليها بعد توسعها العسكري عالمياً وبعد الانهيارات المالية المتتالية.

 

في المقابل برزت دول أخرى في الشرق وفي الجنوب تتبوأ دوراً بارزاً في المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والعسكرية وتبحث عن مكان متقدم في نظام عالمي جديد بدأت ملامحه تظهر بعد أن بدأ النظام الاحادي القطبية ينحسر باعتراف الولايات المتحدة التي قادت هذا النظام منذ عام 1992 بعد أن سقط الاتحاد السوفييتي وانهارت الكتلة الشرقية وانهار النظام الثنائي القطبية. لقد ذكرت الوزيرة هيلاري كلينتون أثناء زيارتها الأخيرة إلى الصين أن الولايات المتحدة غير قادرة على قيادة العالم بمفردها وأنها غير قادرة على تحمل الأعباء المالية والاقتصادية لهذه القيادة وأن على الصين ودول أخرى أن تشارك في قيادة العالم الحديث ، معترفة بذلك ببدء نظام متعدد الأقطاب وانهيار النظام الآحادي القطبية. وبذلك تبدو الصين وروسيا والبرازيل والهند الدول المرشحة للعب دور بارز وأساسي في قيادة عالم ما بعد "العصر الأمريكي".

 

أما إيران وهي دولة إقليمية كبرى إذا أخذنا بعين الاعتبار حجمها الديموغرافي والاقتصادي والجغرافي والسياسي في منطقة الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط بأسرها.

 

ولنعترف في العالم العربي أن إيران نجحت في استثمار واستغلال المتغيرات الإقليمية والدولية لصالحها ولصالح دورها الإقليمي وتأثير ذلك على دورها العالمي. لقد نجحت إيران في فرض هيمنتها في الشأن العراقي بعد سقوط النظام السابق بسبب الاحتلال الأمريكي ، وأصبحت قادرة على لعب الدور الأبرز في العراق من خلال توغلها على أكثر من صعيد وإمساكها لكثير من الأوراق الأساسية.

 

في فلسطين المحتلة نجحت إيران في تقديم دعم مالي واقتصادي وعسكري وأمني وسياسي لأطراف فلسطينية أساسية في المعادلة السياسية والاستراتيجية وخاصة حركتي حماس والجهاد الإسلامي وفصائل المقاومة الأخرى في دمشق ولبنان. هذا الدعم وفر لإيران أوراقاً قوية ومؤثرة في عملية صنع القرار الفلسطيني وخاصة تجاه مسألتين أساسيتين هما المقاومة وعملية السلام. وهاتان المسألتان أصبحتا الورقة الأساسية التي ستحدد ، إضافة إلى عوامل موضوعية أخرى ، مصير المصالحة الوطنية الفلسطينية.

 

وفي لبنان نجحت إيران أيضاً في الإمساك بأهم الأوراق وأكثرها تأثيراً وفعالية وهي ورقة المقاومة الإسلامية المجسدة بحزب الله ، وازداد تأثير الدور الإيراني بشكل خاص في لبنان بعد حرب تموز 2006 كنتيجة لانتصار المقاومة ضد إسرائيل وبعد ذلك انتصارها سياسياً لتصبح اللاعب الأقوى في المعادلة السياسية اللبنانية.

 

كذلك في أفغانستان أصبحت إيران اللاعب الأجنبي الأساسي بعد الولايات المتحدة باعتراف واشنطن التي تتفاوض مع إيران بشكل مباشر أو غير مباشر حول أكثر من قضية سيما وأن المشهد الأفغانستاني الآن ينذر بتدهور كبير على المستوى الأمني والعسكري كما صرح أكثر من مسؤول أمريكي.

 

أما العلاقات الإيرانية مع كل من سوريا وتركيا فهي علاقات قوية واستراتيجية باعتراف مسؤولي هذه الدول وهذا الأمر يوفر محيطاً استراتيجياً وسياسياً واقتصادياً هاماً يقوي ويعزز الدور الإيراني في منطقة الشرق الأوسط ، الأمر الذي يساعد إيران في تعزيز قدراتها العسكرية والاستراتيجية مستفيدة من جميع المتغيرات التي ذكرت أعلاه ومن علاقاتها القوية مع دول محورية في المنطقة ودول كبرى مثل روسيا والصين.

 

والاحتمالات القائمة في المستقبل سواء الوسط أو البعيد بخصوص الدور الإيراني في منطقة الشرق الأوسط يمكن إيجازها بمسألتين فقط: إما أن تشن الولايات المتحدة حرباً ضد إيران إلى جانب إسرائيل: أو أن تصل كل من إيران والولايات المتحدة إلى اتفاقات تمكنهما من إنهاء الصراع السياسي الدائر بينهما ، لتبدأ مرحلة جديدة من العلاقات عنوانها شراكة استراتيجية على أساس المصالح المشتركة في المنطقة ، وهذا هو الاحتمال الأرجح طبقاً للمتغيرات الإقليمية والدولية.

 

وعليه فإن المصلحة العربية الاستراتيجية تتطلب أن يدرس العرب خياراتهم بشكل أفضل وأن يتخذوا القرارات المناسبة بخصوص علاقاتهم السياسية والاستراتيجية مع إيران طبقاً للمتغيرات الإقليمية والدولية وطبقاً للمصالح القومية ، لأن استمرار المواقف العربية على حالها أفقدتهم كثيراً من الأوراق اللازمة التي تضمن لهم دوراً أساسياً وفاعلاً في منطقتهم الحيوية. كما أن العرب مدعوون لتبني مقاربات مختلفة ولإعادة حساباتهم حول العديد من القضايا الحيوية التي أصبحت إيران لاعباً أساسياً فيها.

 

في السياسة كما هو في العلاقات الدولية من المهم أن ترسم الدول سياساتها واستراتيجياتها طبقاً لمصالحها ومصالح منطقتها وليس طبقاً لمصالح أطراف أخرى ، وخاصة البعيدة منها. والأهم هو أن تدرك الدول أن العالم تغير كثيراً ولا يزال مقبلا على متغيرات أكبر تحتم عليها تقييم الماضي بشكل دقيق ورسم المستقبل على أسس تعتمد على قراءة موضوعية ذات المدى الطويل.

=======================

فضيحة اسرائيل النووية!

د. عايدة النجار

الدستور

 26-5-2010

الأسرار لا تبقى أسرارا ، والغموض لا يظل غموضا ، خاصة في وقت أصبحت وسائل كشف المعلومات متوفرة. ومع ذلك تبقى الوثائق المكتوبة والمعلومات التي تحمل تواريخ وتوقيعات غير مزورة هي الاقوى ولو بعد حين. وتظل الابحاث والباحثون الجادون الأهم في كشف الحقائق.

 

ولعل الباحث الاكاديمي سوارنسكي في لندن ، الذي قام بوضع كتاب سينشر في الأيام القليلة القادمة لهو أحسن مثال لذلك حيث عززت صحيفة الجارديان البريطانية بكشف المعلومات.

 

وكما هو معروف تصبح الوثائق الرسمية عامة وترفع عنها صفة السرية في بريطانيا أو أية دولة بعد ثلاثين عاما. وكأن الباحث النبيه كان ينتظر هذه الوثائق التي أفرج عنها. لم ينتظر الباحث ولا الصحافة بنشر الخبر الذي يفضح أكاذيب إسرائيل المتواصلة بالنسبة لملفها النووي لتؤكد ما فتئ الكثيرون من تشبيه اسرائيل بنظام الفصل العنصري السابق في افريقيا. وإسرائيل كما هومعروف تسللت الى بعض الدول الافريقية وتحاول لليوم التغلغل هناك لبيع أسلحتها والتدريب عليها.

 

إذن فهذه المعلومات للباحثين الجادين لا تقدر بثمن كونها حقاثق موثوقة لم تصل لعبث إسرائيل بها وتزويرها ، وان حاولت منع رفع السرية عنها.

 

إسرائيل النووية "السرية للغاية" قوية ومتطورة منذ عام 1975 ، عندما قامت بالتعامل مع بوتا جنوب افريقيا العنصري ، لتزويد نظامه برؤوس حربية من ثلاثة أحجام. وإن كان الخبر بأن اسرائيل لديها أسلحة نووية متطورة ، قدرها الخبراء ب 300 رأس نووية ليس جديدا ، فالخبر له أهميته لأنه يأتي في الوقت الذي تزداد التأكيدات أن إسرائيل دولة عنصرية ، وما جاء في كتاب كارتر رئيس الولايات المتحدة السابق ، أحد الاراء والدراسات التي أصبحت تكتب وتردد في كل مناسبة لفضح انتهاكاتها ضد الفلسطينيين تحت الاحتلال. بالاضافة فان ما يجري اليوم من "زعبرة" إسرائيل ورفع صوتها ومحاولة تأليب العالم على ملفات إيران النووية ، ورفضها لكل مبادرات دول صديقة لحل المشكلة لحفظ حق الدولة بتطوير برنامجها النووي للأغراض السلمية يزيدها إحراجا أمام العالم وإن كان أصدقاؤها على علم بما يجري. وبكل تصميم تحاول فرض عقوبات عليها ، واسرائيل تسرح وتمرح بالسر والعلن.

 

عدم اعتراف إسرائيل بترسانتها النووية وبما يجري من تطوير للأسلحة النووية في ديمونه ، ستزيد كل يوم من إحراجها إذا ما كانت "تنحرج". لم تعترف بما يجري في ديمونة قبل هذا الخبر وظلت ماضية في عملها الذي يلفه الغموض منذ الستينيات. وكان العالم النووي مردخاي فعنونو قد كشف عن مصانع أسلحة الموت والدمار عام 1986 في ديمونة وكان جزاء ما اتهم به "الخيانة العظمى" السجن المؤبد الذي أمضى فيه 18 سنة ، ليعاد اليوم للسجن بعد إفراج مشروط ومهين له في بيته بعد أن أخل بالشروط.

 

ولا شك أن الكتاب الذي لم نقرأه بعد لفت كل العالم الى إسرائيل وزعمائها الذين يستمرون بالمراوغة والكذب بشتى الطرق. وها هو بيريز الذي وقع اتفاقا مع "بوتا" ينكر ويحاول نفي تلك العلاقات العنصرية مع جنوب افريقيا. ولعل نضال مانديلا ورفاقه قد سجل المزيد من انتصارات الشعوب من اجل حرية ومساواة بين الاجناس ستظل مدرسة ، خاصة وقد قامت جنوب افريقيا بتفكيك برنامجها النووي بعد زوال دولة بوتا العنصرية.

 

الوقت مناسب تماما لأمريكا والعالم أن يتخذ مواقف أكثر جدية من الاجتماعات لبحث البرنامج النووي ، وابقاء إسرائيل "خارج السرب". تتآمر من أجل دمار المنطقة والعالم. والوقت مناسب أيضا لتوظف هذه المعلومات في المحافل الدولية لاتخاذ إجراءات ضد الدولة العنصرية التي ترتكب جرائم انسانية. والوقت أيضا مناسب للباحثين العرب في الشؤون العسكرية وفي الدراسات الانسانية التي تناقش الجوانب المتعددة لنظام التمييز العنصري خاصة وأن الوثائق أصبحت غير سرية وفيها الكثير لتوثيق هذه المرحلة من تاريخ إسرائيل الاستعماري وعلاقاتها الغامضة في العالم.

=======================

أسس الشراكة الصينية- الأميركية

شيه شورين (وزير المالية الصيني)

واشنطن بوست الاميركية

الرأي الاردنية

 26-5-2010

منذ أن توطدت العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والصين، نما حجم التجارة الثنائية بينهما بما يعادل 120 مرة، بينما بلغت الاستثمارات الأميركية المباشرة في الصين حوالي 63.1 مليار دولار، في الوقت نفسه الذي تسارع فيه نمو الاستثمارات الصينية المباشرة في الولايات المتحدة، بالتزامن مع نمو استثماراتها غير المباشرة في سندات الخزانة وغيرها من الأصول الأميركية. ولنا أن ننظر إلى واردات أميركا من الصين، وإلى تنامي الاستثمارات الصينية في أميركا. وقد ساعدت هذه العلاقة في خفض معدلات التضخم وارتفاع معدلات النمو في الولايات المتحدة لعدد من السنوات. وفي الوقت نفسه ساهمت هذه العلاقة الاقتصادية الثنائية القوية بين البلدين في انفتاح الصين ودفع حركة الإصلاح فيها، إلى جانب زيادة حجم التوظيف، وارتفاع معدلات النمو، وتعزيز الصناعة والتوسع الحضري، إضافة إلى حقن الاقتصاد الصيني بحيوية كبيرة. وتشير هذه العلاقة الاقتصادية الوثيقة بين الدولتين إلى أنهما تكملان بعضهما وتعتمدان على بعض إلى حد بعيد.

كما يجني الشعبان الأميركي والصيني مزايا الماركة التجارية «صنع في الصين» التي تشير إلى الجودة العالية وانخفاض الأسعار، ما يساعد على رفع دخول العائلات الأميركية. وفي الوقت نفسه تحولت ماركات تجارية أميركية مثل منتجات موتورولا وول-مارت إلى جزء لا يتجزأ من الحياة الحديثة الصينية.

كما يجني مكاسب مماثلة رجال الأعمال في كلتا الدولتين. فقد بلغت قيمة الصادرات الأميركية من السلع والخدمات إلى الصين 87.3 مليار دولار في عام 2008، بينما بلغت عائدات الشركات الأميركية العاملة في الصين 218.9 مليار دولار. وفي عام 2009 بلغت عائدات الشركات الأجنبية المستثمرة في الصين ما يقدر بنسبة 56 في المئة من إجمالي حجم الصادرات الصينية.

وبالطبع لا مناص من وجود بعض الخلافات الأساسية بين البلدين، لكن من الضروري أن نضع في الاعتبار دائماً هذه الفوائد الاقتصادية المتبادلة، وأن يتم التصدي للمشاكل على أساس الحوار والتشاور على قدم المساواة، وفقاً للمنظور الاستراتيجي لكل دولة على حدة. ومن الضروري المحافظة على المصالح المشتركة وتوسيعها، فضلاً عن تعزيز النمو الاقتصادي في كلتيهما.

ويجب القول إن الصين والولايات المتحدة الأميركية لا تزالان في مستويين مختلفين من النمو الاقتصادي، وسوف تظلان على هذا الاختلاف لسنوات طويلة مقبلة. ففي خلال العقود القليلة الماضية، تم الارتقاء بمستوى الهيكلية الصناعية الأميركية، بحيث تلبي حاجة الإنتاج الصناعي الرفيع المستوى، وكذلك تم الارتقاء بمستوى الخدمات، بينما انتقلت صناعات أميركا التقليدية تدريجياً إلى دول أخرى. وعلى الصين وأميركا اغتنام الفرص التي وفرتها لهما العولمة. ذلك أن جوهر التجارة العالمية هو قدرة الدول على استكمال المكاسب الاقتصادية بينها عبر التبادل التجاري. وعليه يمكن القول إن الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، تتجه بالأساس نحو توفير المنتجات المتوسطة والمنخفضة المستوى مثل الملابس والأحذية ولعب الأطفال والإلكترونيات، وهي جميعها منتجات تكاد لا تنتج في الولايات المتحدة. وفي المقابل تتسم المنتجات الصناعية الأميركية المصدرة إلى الصين بكونها ذات مستوى رفيع، وتزداد الحاجة إليها في الأسواق الصينية. وفيما لو تمكنت أميركا من تخفيف القيود التي تفرضها على منتجات التكنولوجيا المتقدمة المستخدمة للأغراض المدنية في الصين، فسوف يساعد ذلك كثيراً على رفع القدرة التنافسية لهذه الصادرات. وفي الوقت نفسه يساعد تخفيف القيود على حفظ توازن العلاقات التجارية بين البلدين.

وعلى بكين وواشنطن أن تنظرا نظرة كلية شاملة لتشابك مصالحهما واعتمادهما على بعضهما اقتصادياً. صحيح أن جزءاً كبيراً من صادرات الشركات الأميركية المستثمرة مباشرة في الصين، قد انعكس على أرقام الفائض التجاري الصيني مع الولايات المتحدة. بيد أن جزءاً كبيراً من هذا الفائض التجاري الصيني أصبح جزءاً من استثمارات الصين في أميركا، سواء في سندات الخزانة وغيرها من أصول عملة الدولار، مؤدياً بذلك إلى تعزيز الاقتصاد القومي الأميركي على المدى البعيد.

كما يجب التأكيد على اتساع المصالح المشتركة بين الصين وأميركا اليوم. كما توفرت فضاءات جديدة للتعاون بينهما على المستويين الثنائي والدولي، في ثلاثة مجالات على أقل تقدير.

أولهما: على الدولتين أن تسلطا جهودهما على استقرار الاقتصاد العالمي وتعافيه. وقد بات الاقتصاد العالمي مهدداً الآن بسبب أزمة الديون السيادية الأوروبية، وخطة الاتحاد الأوروبي لإنقاذ اليونان من أزمة ديونها، مع ملاحظة أن الأزمة نفسها تهدد بالانتشار في دولتين أخريين من دول القارة هما إسبانيا والبرتغال. وعلى بكين وواشنطن أن تتعاونا مع المجتمع الدولي بغية الحفاظ على الاستقرار، وتعزيز التعاون في مجال السياسات الاقتصادية، وضمان تعافي الاقتصاد العالمي.

ثانياً: تشهد الدولتان تحولاً واضحاً في أنماط إنتاجهما الاقتصادي. فبينما تعمل الصين على رفع حجم الطلب المحلي والسعي نحو التطور العلمي، يلاحظ أن أميركا تعمل على تغيير نمط نموها القائم على ارتفاع سقف الديون وانخفاض سقف المدخرات، على أمل أن تحول اقتصادها إلى نمط نمو أكثر استدامة. وعلى بكين وواشنطن أن تدعما التغييرات الهيكلية الاقتصادية الجارية في كلتيهما، مع توسيع مستوى التعاون الثنائي في مجالات بعينها مثل الطاقة النظيفة وترشيد استهلاك الطاقة وخفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من القضايا ذات الصلة بالتصدي لخطر التغير المناخي. وفي وسع الدولتين التفكير في التعاون الثنائي في مجالات تطوير البنية التحتية، والابتكارات العلمية التكنولوجية، وتوسيع المراكز الحضرية وتوفير الخدمات الحديثة للمواطنين.

ثالثاً: تعتبر الصين والولايات المتحدة شريكين أساسيين في إنشاء نظام اقتصادي عالمي متساو ومفتوح وعادل لجميع الأمم والشعوب. وعليهما العمل معاً من أجل تعزيز التجارة الحرة والاستثمار واستقرار الأسواق المالية والإصلاح، بما فيه إصلاح الهياكل المالية العالمية. ومن جانبنا نتطلع في الصين إلى تعزيز التعاون الثنائي مع واشنطن وتقليص فجوة الخلافات معها، وإلى ضخ دماء حيوية جديدة في شريان العلاقة الاقتصادية الثنائية مع واشنطن، أملاً في حفز الشراكة الشاملة معها في القرن الحادي والعشرين.

=======================

سورية كشرطي لحماية اسرائيل

رأي القدس

5/26/2010

القدس العربي

باتت المشكلة الرئيسية في المنطقة العربية هذه الأيام، حسب التصنيف الامريكي الاسرائيلي هي تسليح سورية للمقاومة اللبنانية، و'حزب الله' على وجه الخصوص، وبدأنا نشهد حملة مكثفة تشارك فيها حكومات اوروبية ايضاً، للضغط على سورية لوقف مساعداتها العسكرية للحزب في اسرع وقت ممكن.

المقاومة اللبنانية لم تطلق رصاصة واحدة على اسرائيل منذ حرب تموز/يوليو عام 2006، فلماذا كل هذه الضجة حول اسلحتها، تارة بالقول انها حصلت على صواريخ سكود من سورية وتارة أخرى بحصولها على صواريخ أخرى ايرانية سورية مضادة للطائرات.

السيد وليد المعلم وزير الخارجية السوري طفح كيله فيما يبدو، فقد صرح اثناء لقائه مع وزير الخارجية الالماني جويدو فيسترفيله ان بلاده لا يمكن ان تقبل بلعب دور الشرطي لاسرائيل، وتمنع وصول اسلحة الى حزب الله اللبناني.

كلام السيد المعلم ينطوي على الكثير من المنطق، فالغرب، والولايات المتحدة على وجه الخصوص لم يتوقف مطلقاً عن دعم اسرائيل بأحدث ما في ترساناته من اسلحة حديثة متطورة، رغم معرفته انها تحتل اراضي عربية وتهود المقدسات وتقيم المستوطنات في القدس والضفة الغربية المحتلتين، وتفرض حصارا خانقا على قطاع غزة.

سورية لا يجب، ولا نتوقع منها، ان ترضخ لحملات الابتزاز الاسرائيلية الامريكية التي تريدها ان تمنع السلاح عن مقاومة لبنانية مشروعة تملك الحق في تحرير اراضيها المحتلة، والدفاع عن نفسها في مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية.

من الواضح ان اسرائيل التي تجري مناورات عسكرية مكثفة قرب الحدود من لبنان تريد ان تعتدي على لبنان مجددا، وهي مطمئنة الى عدم وجود اي قدرات عسكرية لاهله للدفاع عن انفسهم في مواجهة هذا العدوان تماما مثلما فعلت في قطاع غزة.

المطلوب من سورية، من وجهة النظر الامريكية، والاسرائيلية، ان تقوم بدور مماثل لدور النظام المصري فيما يتعلق بقطاع غزة، اي ان تقيم جدرانا فولاذية، وتفرض حصارا عسكريا على حزب الله اللبناني يمنع وصول اي اسلحة او عتاد حربي اليه.

ومن المفارقة انهم يريدون سورية ان تقوم بدور الشرطي لحماية اسرائيل، ومنع وصول الاسلحة الى 'حزب الله' مجانا دون مقابل.. انها قمة الوقاحة والاستكبار.

الحكومة المصرية تقوم بدور الشرطي الاسرائيلي لخنق قطاع غزة وفصائل المقاومة فيه لانها تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع اسرائيل، وتطبق مستلزمات تحالف استراتيجي كامل في مواجهة كل حركات المقاومة سواء داخل قطاع غزة او في اي مكان آخر في العالم، ولكن سورية لا ترتبط باي معاهدات مع الدولة العبرية، تجارية او دبلوماسية، واراضيها ما زالت محتلة، فبأي حق يطالبونها بان تتعاون بالكامل مع الاملاءات الامريكية والاسرائيلية بمنع وصول الاسلحة الى حزب الله؟

مثل هذه العجرفة الوقحة لا يجب ان تمر، بل يجب وضع حد لها، وقد احسنت الحكومة السورية صنعا عندما قالت 'لا' كبيرة لامريكا واسرائيل معا، واكدت عزمها الوقوف في خندق المقاومتين اللبنانية والفلسطينية في وضح النهار.

=======================

الصفقة الروسية السورية.. والنخوة الأميركية

مصطفى الدباغ

Mustafa.aldabbagh@yahoo.com

الرأي الاردنية

 26-5-2010

زار الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أوائل أيار الجاري سوريا وإذا كانت هذه الزيارة بحد ذاتها والتي جاءت في توقيتها بُعيد الحملة الإسرائيلية الأميركية ضد سوريا واتهامها بتسريب الصواريخ من إيران الى حزب الله هي قنبلة فجرتها إسرائيل في وجوه القوم؛ فقد تمثلت القنبلة الثانية باجتماع الرئيس الروسي بخالد مشعل في دمشق؛ ولتأتي القنبلة الثالثة الأشد تفجيرا وإيلاما بعد الزيارة وإعلان روسيا توقيع إتفاقيات مع سوريا لتزويدها بطائرات مقاتلة ميج 29 وأنظمة دفاع جوي وصواريخ أرض جو وأسلحة مضادة للدبابات...ما شكل صدمة قاسية لإسرائيل ولأميركا التي ترنحت من قوة التفجير وسارعت للإحتجاج على الصفقة بذريعة (الإخلال بميزان القوى في المنطقة) لتضيفه الى مسلسل احتجاجاتها ضد سوريا.

 

والواقع أن القضية لا علاقة لها (بالإخلال) بقدر ما هي الحفاظ على (التفوق) الإسرائيلي على دول المحيط مجتمعة والدليل من شقين الأول من مجريات جهود استئناف المفاوضات الأخيرة وما اكتنفها وما زال من مُمالأة أميركية رغم أنها هي التي دعت اليها ثم أحبطتها أو على الأقل أفرغتها من محتواها بسبب التحيز السافر والإنجرار الأعمى وراء رؤية ومطالب إسرائيل وشروطها لاستئناف العملية ضمن مواصفات (السلام الإسرائيلي) المعروف بلاءاته وويلاته.

 

وأما الشق الثاني فمن التاريخ حيث أن التحيز الأميركي الأعمى الذي يُخرب كل شيء والإحتجاج على صفقات الأسلحة للعرب ليس جديد ا فالذاكرة تحيلنا اليوم ونحن ما زلنا نعيش أجواء نكبة فلسطين 1948 لقراءة بعض وقائعها لنرى حجم ومدى عبث الأصابع الأميركية المبكرة في فلسطين حتى قبل قيام الكيان الإسرائيلي بوقت طويل؛ فمن عجب أن نجد أميركا تتصرف كما هي اليوم تماما من تحيز أعمى لليهود ومعاداة مقززة للعرب وذلك في كل مفصل من مفاصل القضية الفلسطينية فمنذ البدايات الأولى لتجمع العصابات الصهيونية والتحرك لإنشاء الكيان السياسي بدعم من دولة الإنتداب وما تنفذه من مخططات موغلة بالكيد والتآمر على أرض وشعب فلسطين لتهويدها منذ دخولها عام 1918؛ نجد أنه تمت استشارة أميركا حول وعد بلفور فباركته فور صدوره بإعلان الرئيس الأميركي يومئذ (أنا مقتنع بأن دول الحلفاء بالإتفاق التام مع حكومتنا سترسي في فلسطين أسس كومنولث يهودي) وأعقب ذلك موافقته على (صك الإنتداب) الذي نص على (إقامة وطن قومي لليهود) في فلسطين.

 

وعمليا احتضنت نيويورك المؤتمر الصهيوني العالمي الذي اتخذ القرار بتحويل فلسطين إلى (دولة يهودية) وإجلاء العرب عنها(1942) وفي العام1945 تم تشكيل لجنة (أنجلو أميركية) دعت لإدخال (100) ألف يهودي الى فلسطين وفي العام التالي وافقت أميركا على قرار التقسيم وفق المقترح اليهودي.ثم وقعت حرب 1948 ليتتابع تدفق المال والسلاح والرجال من أميركا لفلسطين عبر جسر جوي و بحري ينقل الدبابات وقاذفات القنابل الأميركية ومصانع الأسلحة والذخيرة كما اعترف بها بن غوريون نفسه في مذكراته وهو ما يذكّرنا بالجسر الجوي الأميركي لاسرائيل في حرب 1973 لانتشالها من الهزيمة المحققة آنذاك. وليتواصل الدعم بكافة أشكاله والتحيز الجائر الذي استمر منذ بدايات القرن العشرين وحتى اليوم وبلا تردد أو توقف.

أخيراً فاذا كانت الفائدة من التاريخ هي العظة والاعتبار فبعد كل ما رأيناه ونراه اليوم من تحيز ودعم للحليف الاستراتيجي (اسرائيل) الذي يمارس أبشع أنواع الصلافة والعربدة والتحجر على (السلام الاسرائيلي) المُحنّط وما يرافقه بالمقابل من تنازلات أميركية لانهائية ’ فان على العرب أن يستفيقوا قبل أن تدهمهم الأحداث الكارثية ويصبحوا على ما فرّطوا في حق أنفسهم وأجيالهم نادمين.

=======================

طهران - موسكو: هل بدأ مشوار القطيعة؟

محمد خرّوب

Kharroub@jpf.com.jo

الرأي الاردنية

 26-5-2010

لا يُعرف عن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ميله الى الغموض أو توسل لغة الدبلوماسية في التعبير عن ارائه ومواقفه, وهو يستخدم قاموساً يعج بالمصطلحات والمفردات الحادة التي تذهب الى تسمية الاشياء باسمائها, بكل ما يحمله هذا الاسلوب من مباشرة وربما احراج يصل حداً جارحاً.. وهو منذ صعوده المفاجئ على مسرح الاحداث الايراني والدولي, لم يتغير (اتفقت معه أم اختلفت) رغم كل العواصف والاعاصير التي احاطت بمسيرته السياسية الملتبسة والمثيرة في الآن ذاته, وخصوصاً في ملفين مفتعلين أو جرت المبالغة فيهما على نحو مقصود, الاول في انكار المحرقة (الهولوكوست) الذي اثار عليه زوابع واتهامات بالعداء للسامية وتشبيهه بهتلر الجديد, والثانية بعد ملابسات انتخابات الثاني عشر من حزيران 2009 (التي تقترب ذكراها السنوية الاولى) والامال الغربية العريضة بامكانية حدوث ثورة خضراء (على اللون الذي رفعه مير حسين موسوي).

احمدي نجاد.. على غير عادته وربما لدقة المرحلة وحرج الموقف, استخدم قبل يومين لغة «تفيض» دبلوماسية و»طراوة» رغم ما تنطوي عليه من انتقادات مبطنة واستعداد للتصعيد «... لو كنت مكان المسؤولين الروس, لكنت أكثر تيقظاً عند اتخاذ موقفي» قال الرئيس الايراني في معرض تعقيبه (اقرأ نقده) لدعم روسيا مشروع قرار العقوبات الجديدة على ايران, الذي تعمل ادارة اوباما على تمريره في مجلس الامن..

واذ لم تُخفِ موسكو موافقتها على مشروع القرار الاميركي, فإن احمدي نجاد مضى قدماً في الغمز من قناة روسيا «... كنا نتوقع من دولة جارة وصديقة أن تدافع عن اعلان طهران»..

فهل ثمة قطيعة بدأت في علاقات ثنائية بدت روسيا (وقبل الصين بعقود) وكأنها الحليف أو الصديق (...) الاقرب لايران في وجه المقاطعة الاميركية المترافقة مع عقوبات كبّلت ايران وأضرت باقتصادها؟

 

من المبكر القول ما اذا كانت موسكو قد عقدت صفقة «شاملة» مع ادارة اوباما, يكون الملف النووي الايراني (والعقوبات الجديدة) جزءاً منها, وبخاصة في ظل تسريبات صحفية تتحدث عن «نجاح» روسيا في استثناء صفقة صواريخ (إس 300) من العقوبات المقترحة (هناك نص في المشروع الاميركي يحظر عقد صفقات اسلحة مع ايران) اضافة الى أن موسكو ستبدي حذراً وتريثاً اكبر وربما مساومة أكبر, قبل أن تغامر بفقدان مصالحها التجارية والاقتصادية والاستثمارية لدى «جارتها» الجنوبية, التي لن تقبل بأن «ترقص» روسيا في عرسين في وقت واحد, ما يعني أنها سترفض «المنطق» أو الذريعة التي يحتمي خلفها سيرغي لافروف, عندما يقول: لا علاقة لاتفاق طهران بموضوع العقوبات وانهما (يستطرد لافروف) مساران مختلفان..

 

ومن يراقب أداء الدبلوماسية الايرانية ولعبة شراء الوقت التي تمارسها في مسألة ملفها النووي, والحوارات الطويلة والمملة والاكروباتية التي دارت بينها وبين الاتحاد الاوروبي وخصوصاً المانيا وبريطانيا وفرنسا (نظرية الاحتواء) ثم الوكالة الدولية للطاقة الذرية, ولاحقاً مجموعة 5 + 1 واقتراح محمد البرادعي بتبادل اليورانيوم ثم الاسئلة الايرانية حول مكان وكمية وتزامن التسليم, والتي نجحت (طهران) اخيراً في «تسليف» النجاح للبرازيل وتركيا وليس لأميركا اوباما (وهذه نقطة مهمة), يلحظ بعد ذلك كله أن ايران لا تقبل التفريق بين (الاعلان والملف) ما تترجمه اقوال رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني, الذي قال في ما يشبه التهديد «... اذا ما فرضت العقوبات فإن ايران ستسحب موافقتها على عملية التبادل التي تمت برعاية برازيلية وضمانات تركية»..

 

هل روسيا غاضبة لأن طهران منحت انقرة المكانة والدور والثقة, كي يتم التبادل على ارضها بدلاً من موسكو التي كانت واردة في اقتراح البرادعي؟

 

ممكن, رغم عدم أهمية هذه المسألة في جملة الملفات والقضايا العالقة بين موسكو وواشنطن, والاحتمالات المفتوحة لطي صفحة التوترات التي شابت علاقاتهما, ليس فقط في عهد جورج بوش وانما ايضاً في السنة الاولى لحكم باراك اوباما, الذي كان موقفه «متطابقاً» على نحو «مفاجئ» مع موقف موسكو في شأن احداث قيرغيزيا, وما تلاه من توقيع على اتفاقية «ستارت 2» الجديدة التي لم تحظ بعد بموافقة الكونجرس..

 

أين من هنا؟

ايران التي نجحت في خلط الاوراق عندما وقّعت اعلان طهران الثلاثي, لا تبدو الان في وضع سياسي ودبلوماسي مريح وخياراتها تبدو محدودة, رغم أن لديها ما تقدمه للصين وروسيا. ونحسب ان بيجين وموسكو ستبديان حذراً شديداً, قبل ان توافقا على مشروع قرار تعلمان أن طهران ستدفع ثمناً وان ليس باهظاً لكنها سترد.. وعليهما أولاً..

=======================

سيّدة البلاد المنكوبة

بقلم :سيار الجميل

البيان

 26-5-2010

بغداد، هذا الاسم الذي دوّى عبر الأزمان، وكانت سيدة البلاد في العالم كما وصفها البلدانيون القدامى وكانت منارة للعلم، وشمس حضارة ساطعة.. بغداد التي ملكت الدنيا قبل ألف عام، وقصدها ملايين الناس من كل حدب وصوب، وتّسمت بعدة أسماء، ولكنها اشتهرت كونها «مدينة السلام»، ولكن الحروب والانقسامات قضّت حياتها، فكانت تصارع الموت مرات ومرات، ثم تعود لتجدد حياتها.

 

بغداد، عنوان العراق ورمز تجلياته على الدنيا، بكل ملاحمها ومدارسها.. أسواقها وعماراتها الفريدة، قبابها ومناراتها الملونة، نخيلها وأفياؤها.. إنها اليوم تعاني الويلات والآلام..

 

بغداد التي تغنى بها الشعراء والمطربون، وتسامى بها العشاق والحالمون، وعشقها الأولون والآخرون.. تعيش اليوم كآبة الأوبئة، وعهر التخلّف، وبلادة النفايات في كل زواياها! منذ أن نهضت قبل مائة سنة، وهي تجمع ولا تفّرق، تستجيب ولا تتحدّى، تتعاون ولا تبخل، تحب ولا تكره..

 

كانت تعاني من خصومها وأعدائها المنتشرين في كل حدب وصوب، وفي الداخل والخارج، أولئك الذين يريدون النيل منها مهما كانت الأثمان.. فهم يدركون إدراكا حقيقيا، انه بسقوط بغداد، ومحو إرادتها، وتشويه هويتها، وكسر أنفها..

 

فإنهم يؤدون غرضهم الذي قاتلوا بغداد من أجله مئات السنين! لقد فقدت بغداد عذريتها قبل خمسين سنة، مذ تهتك بها المتهتكون، وتلاعب بمصيرها العسكريون، واجتاحها الحمقى والحاقدون، وتزعمها الفجرة والمستبدون، واستباحها المتحزبون..

 

وبقيت تعاني من آثامهم.. وعاشت مأساة الحروب والقهر والجور وكل العذابات.. سكتت عصافيرها بعد أن كانت تغني، وهجرها أهلوها، وعاث بها الأشقياء وقطاع الطرق، وكانت على حافات الدمار بعد أن عرفت شوارعها السحل ونصبت في ساحاتها المشانق.. ثم انسحقت أيام حروب الخليج المأساوية، التي أرادوا منها أن تكون بوابة دم وحيدة للأمة العربية..

 

أو بوابة جبهة شرقية، أو بوابة لهذا وذاك! وحوصرت حتى بانت عظامها، وعادت لتسحق ثانية، وقصفت ودمّرت، وغدت في أيدي العابثين والساقطين والمحتلين.. أحرقت مكتباتها، وحطمت آثارها، ودمّرت مؤسساتها.. وقضي على روحها، من أجل تغيير نظام سياسي جائر ليس إلا، والإتيان بنظام سياسي «ديمقراطي»..

 

ولكن لم يحدث إلا أن أبدل طاغية مجنون بحفنة من الفاسدين المارقين، وألغيت سلطة عائلة واحدة، لتحل محلها سلطة طوائف، وتقهقهرت قوى عسكرية وأجهزة مخابراتية، لتحّل بدلها قوى طائفية وميليشيات ومرتزقة.. هكذا أرادوا بغداد أن تكون!

 

أكثر من سبع سنوات مضت، وبغداد تعيش أسوأ حالاتها.. وسيسجل التاريخ ما حلّ بها من دمار وتهجير وقسوة وفساد.. كومة أشخاص لم يعرفوا إدارة قطيع أغنام، جعل الاميركان منهم زعماء مسكوا ببغداد وبكل العراق، فلم ينفكوا عن السلطة، فالقوة في أيديهم، والنفوذ والمال تحت سيطرتهم!

 

إنهم لا تهمهم بغداد، ولا كل العراق، بقدر ما تهمهم مصالحهم وامتيازاتهم.. إنهم رهط لم يعرفوا شيئا عن عظمة بغداد، ولا عن دورها الحضاري عبر التاريخ.. إنهم ينكرون تاريخها وعروبتها، ويكرهون جغرافيتها ومركزيتها.. إنهم يمقتون رموزها الحضارية، بل ويكرهون عظماءها كراهية عمياء..

 

ويجزعون من أسماء شعرائها وعلمائها وفقهائها وأدبائها ومؤرخيها ومتصوفيها.. إنهم يتهمونها بتهم البغي والفساد.. ويمقتونها عاصمة عراقية توحّد بلاد الرافدين، فكيف يقبلونها نقطة إشعاع حضاري في المستقبل؟

 

إذا كانوا لا يعترفون بها جنة على الأرض حيث الجمال، ودجلة الخير، ورومانسية العشاق، وانفتاح المثقفين، ومنتجات المبدعين، وذاكرة الدنيا عن ألف ليلة وليلة.. وزهو الألوان، وليالي الشواطئ.. فكيف تريدهم ينتشلونها من محنتها اليوم، وهم يتراقصون على ضياعها وانسحاق رسومها؟!

 

كيف تستعيد بغداد أنفاسها من جديد وتتخلص من كل آثار التحديات المريرة التي تواجهها؟ هل يستفيق الزعماء الجدد على ما يفعلوه بالعراق؟ هل من وعي جديد بعظمة بغداد؟ كيف تتمكن من استعادة روحها الحضارية والثقافية والإبداعية، وحتى الاجتماعية المسالمة؟

 

العالم يؤسس حكومات إلكترونية في عواصمه ومدنه.. وسياسيو بغداد، المعمّمون وغير المعممين، ما زالوا يتصارعون على نيل السلطة وزرع المفاسد! عواصم العالم ومدنه تتسابق بجمالياتها ونظافتها وأنظمتها وخدماتها وأنوارها وألوانها..

 

والعاصمة بغداد، تتبدد ثرواتها وهي لم تزل منقسمة ومخطوفة وكئيبة ومظلمة ومسحوقة ومهدمة ومنغلقة ومخيفة، لا تعرف إلا الدم والدخان والأحجار والزبالة.. فمتى تشرق شمس بغداد من جديد؟ متى؟

مؤرخ عراقي

=======================

لبنان في مواجهة التهديدات الإسرائيلية

بقلم :جورج ناصيف

البيان

 26-5-2010

شهد لبنان احتشاد زيارات قادة أوروبيين وعرب هذا الشهر، بدءا من زيارة أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، مروراً بزيارة رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو، والامين العام للجامعة العربية عمرو موسى، ووزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلله.

ووزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي افتتح مشروعا ضخما في الجنوب، واجتماعات الدورة الوزارية السادسة والعشرين للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الاسكوا)، واجتماعات المنتدى الاقتصادي العربي.

وتوالت الزيارات الخارجية لرئيس الحكومة سعد الدين الحريري، بدءا بالسعودية مرورا بسوريا ومصر والأردن وتركيا، وانتهاء بزيارته للولايات المتحدة في 24 أيار/ مايو الجاري واجتماعه بالرئيس الأميركي باراك أوباما، وترؤسه جلسة مجلس الأمن الدولي.

وفي ظل هذا الزخم السياسي والدبلوماسي، كان السؤال الطاغي في بيروت: ماذا في الجعبة الدبلوماسية الدولية والعربية حيال لبنان والوضع العام في المنطقة؟ وماذا حمل الرئيس الحريري معه إلى العاصمة الأميركية التي التقي فيها الرئيس أوباما؟ وكيف تتعاطى دمشق مع زيارة الحريري لواشنطن التي أصر على أن تسبقها زيارة مماثلة للعاصمة السورية ومراكز القرار العربي والإقليمي؟

 

تتقاطع المعلومات المنشورة وغير المنشورة عن زيارة وزير الخارجية الاسباني ميغيل موراتينوس ووزير الدفاع الفرنسي، حول تأكيد أن إسرائيل حمّلت الأوروبيين رسائل مطمئنة إلى سوريا ولبنان، بعدم اعتزام تل أبيب شّن أية حملة عسكرية على الجنوب اللبناني، بفعل الضغوط الدولية على الدولة العبرية.

وآخرها التدخل الأميركي العاجل لثني إسرائيل عن «عمل عسكري محدود» على مواقع «حزب الله» في الجنوب والبقاع، نتيجة الدبلوماسية الناشطة التي بادر إليها رئيسا الجمهورية والوزراء؛ ميشال سليمان وسعد الحريري، لدى واشنطن لممارسة الضغط الضروري على تل أبيب، فضلا عن الضغوط العربية (المصرية والسعودية)، وضغوط تركيا التي باتت لاعبا رئيسياً في المنطقة ذا قدرة عالية على التأثير على واشنطن.

 

ورغم أن سياسيين لبنانيين عديدين، بينهم النائب وليد جنبلاط، ينبهون إلى ضرورة عدم الاطمئنان الكامل إلى الوعود الإسرائيلية، نظرا لسجل اسرائيل في مباغتة حلفائها بالذات وافتعال الذرائع من اجل العدوان، إلا أن البريد الدبلوماسي الوارد إلى لبنان يؤكد أن المعطيات كلها لا تشير إلى عدوان اسرائيلي «قريب» (في الاشهر الفاصلة حتى نهاية الصيف).

خصوصا أن الفترة الزمنية الممتدة حتى نهاية الصيف، ستستغرق بالمفاوضات غير المباشرة بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الوطنية الفلسطينية، والضغوط الدبلوماسية بين واشنطن وطهران، قبل جلاء مستقبل الضغوط الدولية على إيران بشأن برنامجها النووي، خصوصاً بعد الاتفاق الثلاثي الذي عقد في طهران بوساطة البرازيل وتركيا، من أجل إيجاد مخرج سلمي لمسألة الملف النووي.

هذا في ما يتصل بالحراك الدبلوماسي نحو بيروت، فماذا بشأن زيارات الرئيس سعد الحريري إلى الخارج، وتخصيصا الولايات المتحدة الأميركية؟

يجب القول بداية إن زيارة الحريري إلى واشنطن، تأتي في لحظة عادت فيها العلاقات الاميركية السورية إلى دائرة الشكوك والريبة، بعد تجديد العقوبات الاميركية على دمشق لمدة عام جديد، وتعليق تعيين السفير الاميركي الجديد إلى سوريا (روبرت فورد).

 

وتزايد النقد الاميركي للانفتاح اللبناني «المتسرع» على دمشق، سواء من جانب رئيس الجمهورية والوزراء أو من جانب السياسيين اللبنانيين أيا تكن اصطفافاتهم السياسية، وبعد تزايد ضغط اللوبي الصهيوني على الرئيس الاميركي باراك أوباما، من أجل إعاقة انفتاحه على سوريا.

في هذا المناخ من الشك المتبادل بين واشنطن ودمشق، استقبلت العاصمة السورية زيارة الحريري في البدء بشيء من القلق والنقد المبطن، شبيه بالنقد الذي رافق زيارة الرئيس ميشال سليمان إلى واشنطن أخيرا.

لذلك حرص الحريري على زيارة «تطمين» لدمشق تسبق اجتماعه بالرئيس الاميركي، كما حرص على استمرار التواصل مع دمشق من خلال العقيد وسام الحسن، رئيس فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي الذي يدأب على إيصال رسائل الحريري إلى القيادة السورية، كما من خلال استمرار العمل الناشط على خط اللجنة الوزارية اللبنانية السورية، لمراجعة الاتفاقات المعقودة بينهما ويرأس جانبها اللبناني الوزير جان اوغاسبيان المقرب جدا من الرئيس الحريري.

وقد أثمرت زيارة الحريري لدمشق والاستقبال الحار الذي لقيه من الرئيس بشار الاسد، عن انفراج كبير في علاقات الحريري بدمشق، وتراجع موجة التشكيك التي صاحبت بدايات الحديث عن زيارته لواشنطن.

ماذا حمل الحريري معه إلى واشنطن؟ العارفون بالأمور يؤكدون أن البحث تناول خمسة ملفات تتصل بالوضع اللبناني وأوضاع المنطقة ككل.

* ملف الإرهاب، وتميزه عن النضال المشروع للدفاع عن الحقوق الوطنية. وقد أسهب الحريري في شرح الدور المميز الذي لعبه الجيش اللبناني في مواجهة الإرهاب، خصوصا خلال المواجهات العسكرية في مخيم نهر البارد الفلسطيني.

* ملف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، وما تواجهه من عقبات ناجمة عن غياب القرار الإسرائيلي بالوصول إلى تسوية عادلة على الصعيد الفلسطيني، وعن الدعم الأميركي المتزايد للتسلح الإسرائيلي.

* ملف العلاقات الأميركية الإيرانية ومستقبلها، في ظل التأرجح بين اعتماد الضغوط الاقتصادية والتهيؤ لأية مواجهة عسكرية في حال انسداد الآفاق أمام الحل السياسي.

* ملف التسليح الأميركي للجيش اللبناني.

* ملف التنسيق الأميركي اللبناني في مجلس الأمن خلال مدة رئاسة لبنان له.

ذهب الرئيس الحريري إلى الولايات المتحدة، مسلحا بنص البيان الوزاري الذي يحدد بوضوح مواقف لبنان من هذه الملفات الحساسة، ومسلحاً بتوافق كبير بين الرئاستين الأولى والثالثة، ومسلحا بدعم عربي كبير لمواقف لبنان، تجلى في تواصل الزيارات العربية إلى بيروت ومنها.

فهل طوق لبنان فعلاً الحملة الإسرائيلية عليه؟ هل تستمر العلاقات الأميركية السورية على توترها، وينعكس ذلك لبنانيا؟ هل تكفي التطمينات الأوروبية والعربية التي تفيد أن الخطر تراجع إلى حد كبير، وأن شبكة الحماية الدولية المرفوعة فوق لبنان قد أثمرت حماية للأرض والإنسان؟

كاتب لبناني

=======================

أين الفكر الاقتصادي لمجلس التعاون؟

آخر تحديث:الأربعاء ,26/05/2010

علي محمد فخرو

الخليج

دعنا في دول مجلس التعاون نستذكر العنوان الانتخابي الذي طرحه منذ سنوات الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش: السعي إلى بناء مجتمع من أصحاب الممتلكات، وتبعه بعد ذلك غلاة الليبرالية الجدد في إنجلترا وأوروبا . كان الشعار في ظاهره شعاراً نبيلاً، إلى أن تبيّن بعد حين أن الهدف الخفي من وراء طرح ذلك الشعار كان تعزيز النظام الرأسمالي من خلال إقناع الأسر الأمريكية بضرورة امتلاك مساكنها، حتى إذا ما اقتنعت بعفوية بذلك الشعار اندفعت في عملية الاقتراض والاستدانة لشراء مساكنها، ثم دخلت بعد ذلك في عملية بيعها لجني الأرباح، وهكذا يتم تحريك سوق العقارات، ويقوى نشاط المؤسسات المالية، فتزيد أرباحها .

 

وقد ترافقت مع تلك الحملة مجموعة حملات إعلانية لدفع الناس نحو الاستدانة من أجل كل أنواع الاستهلاك، بدءاً بالضروري وانتهاء بالاستهلاك النهم العبثي لرموز البذخ والرفاهية والوجاهة الاجتماعية . ودخل السوق العولمي، ومعه العالم كله، في دوامة الرهون العقارية وغير العقارية لينفجر الوضع برمته في أواخر عام 2008 في شكل أزمة مالية عولمية، ذاق الجميع مرارتها .

 

كان أحد أهم أسباب الأزمة هو غياب رقابة مختلف أجهزة الرقابة، وأحياناً فسادها بسبب هيمنة المال على السياسة . من هنا المحاولات المتكررة والخجولة في الغرب لوضع ضوابط جديدة وخلق مؤسسات رقابة إضافية لضبط أمور البورصات ونشاطات الاستثمارات المالية وحركة الرأسمال العولمي . إن هذه المقترحات الجديدة، من مثل نظام الرقابة على “وول ستريت” الذي أقره الكونجرس الأمريكي مؤخراً أو بعض المقترحات الألمانية لحماية اليورو، لا يقصد بها فقط الحقل المالي المتأزم وإنما يقصد بها، بصورة خفية، الحقل السياسي الذي وقع تحت هيمنة المال بصور مختلفة وصار أداة من أدوات الفساد المالي العولمي .

 

السؤال المنطقي: هل سيستطيع مجلس التعاون، بدوله مجتمعة، أن يستفيد من هذا المشهد العالمي الذي لا يزال في بداية سيرورته، ومرشحاً لتغيرات إضافية كبرى؟ الجواب هو أن هناك سوء فهم، وأن هناك إشكاليات .

 

الإشكالية الكبرى هي التشابك القوي الأكثر في العالم بين القائمين على أمور السياسة والحكم، وبين مؤسسات ونشاطات السوق الاقتصادي والمالي . كثير من الذين يديرون أمور الدول، يشاركون في الاستثمارات، وهذا لا يمكن إلا أن يؤدي إلى تردد، إن لم يكن محاربة، لوضع ضوابط رقابية صارمة لحركة السوق والمال .

 

أما سوء الفهم فهو يمتد إلى كثير من الأمور . مثلاً، إن الهدف من المشاريع الاقتصادية هو خلق فرص عمل للمواطنين، لكن الوضع في مجلس التعاون هو إيجاد مشاريع تنتهي بخلق فرص عمل للعمالة الأجنبية غير العربية . وكثير من تلك المشاريع توجد لأنها ستدرّ أرباحاً .

 

هكذا مضاربات عقارية تؤدي إلى ارتفاع جنوني في أسعار الأراضي والعقارات . وهذا بدوره يؤدي إلى عدم قدرة المواطن العادي على اقتناء أرض، ما يضطره للدخول في لعبة الاقتراض والاستدانة التي دخل فيها الآخرون واكتووا بنارها .

 

مثل ثالث هو الدفع المجنون، الذي تسهم الدول الخليجية بجزء منه، لخلق مجتمع استهلاكي عبثي على حساب الاقتصاد الإنتاجي وعلى حساب التوفير المجتمعي . إن ذلك تقليد أعمى للمجتمعات الرأسمالية الأخرى . إن تلك المجتمعات تشجع الاستهلاك الكبير لما تنتجه في الأساس، بينما نستهلك نحن ما ينتجه الغير . والنتيجة هي فشلنا المريع في بناء اقتصادي انتاجي معرفي وانغماسنا في حرق الثروة البترولية المؤقتة .

 

للمرة الألف نقولها إن الأزمة المالية الأخيرة يجب أن تكون مناسبة لاستيعاب دروس الآخرين من جهة وللحفر بجدية في بناء فكر اقتصادي يتوجّه نحو تغييرات جذرية في ممارساتنا الاقتصادية الحالية، وذلك قبل أن تضيع علينا الفرصة التاريخية التي تمر في سمائنا مرّ السحاب العابر غير الممطر إلا الرذاذ الذي لا يكفي لإنعاش أرض الحضارة والتقدم .

=======================

نتنياهو وانتظار المستحيل

آخر تحديث:الأربعاء ,26/05/2010

عاطف الغمري

الخليج

لو أننا ضيقنا زاوية النظر إلى حدود تحرك أوباما، لإيجاد حل سلمي يقبله نتنياهو، من خلال المفاوضات غير المباشرة الجارية الآن، سنجد أن دور السياسات الداخلية في أمريكا تجعل أوباما يضع على قمة أولوياته، إعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية، وأن هذه الأولوية تزايدت أهميتها بعد تراجع نسبة القبول بسياساته من الرأي العام، وأيضاً من جانب قطاع الذين أعطوه أصواتهم في الانتخابات الأخيرة .

 

ولن نخدع أنفسنا ونغفل عن تضاؤل الاحتمالات في قبول نتنياهو سلاماً يعيد الأرض المحتلة، ويسمح بقيام الدولة الفلسطينية، فهو يتحرك داخل إطار سياسي أوسع مدى من توجهاته الشخصية، ومن ائتلافه الوزاري اليميني المتطرف الرافض للسلام، وهو الإطار الذي حل محل ما كان ملتزماً بقواعد عملية السلام من مدريد ،1991 وحتى اغتيالهم رئيس وزرائهم اسحق رابين 1995 .

 

فمنذ بدء عملية السلام في مدريد، أقرت “إسرائيل” بأن قبولها اتفاقات مدريد أدخلها مرحلة جديدة في تاريخها أسماها عدد كبير من المفكرين اليهود في “إسرائيل” وأوروبا والولايات المتحدة عصر ما بعد الصهيونية، وبعد أن قامت المرحلة السابقة له بكاملها، على المشروع الصهيوني بأهدافه المعلنة عن التوسع في الأرض، وعدم الانسحاب من أراض احتلت بالقوة، وإنكار حق الفلسطينيين في دولتهم، وأحياناً إنكار وجودهم ذاته على أرض فلسطين .

 

وحين فاز نتنياهو برئاسة الحكومة عام ،1996 قاد انقلاباً على عملية السلام، من أجل العودة إلى المشروع الصهيوني، رافضاً الاعتراف بما يسمى عصر ما بعد الصهيونية، وجاء في الكتاب الخاص عن عصر ما بعد الصهيونية الذي صدر في نيويورك عام 1996 لعدد من المفكرين اليهود أن انتخاب نتنياهو دفع بالأماني الوطنية للفلسطينيين إلى مرتبة متأخرة جداً .

 

وجاء اغتيال رابين بمثابة دفعة قوية لهذا الانقلاب وظهور تراجع من قادة حزب العمل الذي كان يقوده رابين عما كانوا قد التزموا به .

 

أي أن حكومة “إسرائيل” أعادت الفكر الاستراتيجي للدولة عملياً إلى مفاهيم المشروع الصهيوني، وسايرتها الأحزاب السياسية على اختلافها، وهو ما يدلل عليه الكاتب “الإسرائيلي” دانييل جورديس المنتمي إلى اليمين “الإسرائيلي” المتعصب، في كتابه “إنقاذ إسرائيل” من أنه لا يوجد في “إسرائيل” الآن أي تنظيم أو حركة سياسية تتبنى أفكار عصر ما بعد الصهيونية .

 

يضاف إلى هذا الإطار العام، الذي يحكم حركة نتنياهو، حساباته الشخصية ومعرفته بأنه سيخسر الائتلاف الذي يضم حكومته، ورئاسته لحزب الليكود، لو أنه وافق على السلام من خلال المفاوضات غير المباشرة التي دعا إليها أوباما .

 

ومن ناحيته يدرك أوباما أن مشكلة الملف النووي الإيراني التي تقع على قمة التحديات التي تواجه سياسته الخارجية، تحتاج إلى حل المشكلة الفلسطينية، على أساس اقتناعه بأن حلها سيكون سبباً في تضييق الخناق على مساعي إيران لتوسيع نفوذها ووجودها في مناطق عربية خارج حدودها، وتشديد ثقلها في المواجهة السياسية مع الولايات المتحدة .

 

وأوباما يعود بذلك إلى الفكرة التي كان سلفه جورج بوش قد رفضها، حين قدمها إليه جيمس بيكر ولي هاملتون في تقريرهما المشترك حول تقييم الوضع المتدهور في العراق، وقررا أن المشكلة الفلسطينية هي القضية المركزية في قلب المشكلات والتحديات التي تواجه أمريكا في الشرق الأوسط، وأن حلها سيزيح عبئاً ثقيلاً عن الولايات المتحدة، ويسهل لها تخفيف حدة المشكلات الأخرى، وهو تفكير كان أوباما عبر عنه حين أعلن أكثر من مرة أن عدم حل المشكلة الفلسطينية، يضر بالأمن القومي للولايات المتحدة .

 

أوباما إذن مقبل على الموازنة بين الدخول في صدام مع نتنياهو لمصلحة الأمن القومي لبلاده، وبين ترجيح كفة حساباته في توفير أفضل ظروف لإعادة انتخابه .

 

وللأسف، فإن العرب وهم الطرف الأصيل في المشكلة، يميلون دائماً للانتظار حتى تنقشع السحب، وتنجلي الصورة، مع أن في يدهم الكثير ليفعلوه لمصلحة شعوبهم، ولصالح الأمن القومي لبلادهم، ونحن في الانتظار .

=======================

خطأ الرهان على الحتمية الإعلامية

الاربعاء, 26 مايو 2010

محمد شومان *

الحياة

منحت الفضائيات العربية ووسائل الإعلام الجديد كمواقع الانترنت والصحافة الالكترونية والمدونات أهمية مضاعفة للإعلام، حتى إنه صار قاسماً مشتركاً في النقاش العام حول قضايا الإصلاح والمشاركة السياسية في الوطن العربي، ويراهن كثيرون من الإصلاحيين العرب على الإعلام كقوة ناعمة يمكن بها كسب العقول والقلوب وتشكيل الرأي العام في الاتجاه الذي يخدم ويعزز قناعاتهم بضرورة الإصلاح.

اعتراف الإصلاحيين العرب وأنصار التغيير بالإعلام كقوة ناعمة بالغة التأثير، هو رد فعل طبيعي لإقرارهم بأن الإعلام خدم لسنوات طويلة النخب الحاكمة وبرر كثيراً من السياسات والمواقف غير الشعبية، بل إن هناك من يربط بين بقاء كثير من النظم السياسية العربية عصياً على التغيير أو الإصلاح، منذ الخمسينات وحتى نهاية القرن الماضي، وبين امتلاكها آلة إعلامية ودعائية قوية ومتطورة نجحت في تزييف وعي الجماهير، من خلال تقديم خطاب إنجازي يبرر سياسات النخب الحاكمة ويهمّش المعارضة.

هذا الربط يبدو للوهلة الأولى جذاباً لكنه غير مقنع، لأنه يقود إلى ما يشبه التسليم بالحتمية الإعلامية، والاعتماد على عامل واحد لتفسير ظواهر اجتماعية وسياسية بالغة التعقيد. من جانب آخر فإن كثيراً من الأنظمة الشمولية في العالم سقط، أو خضع لرياح التغيير على رغم امتلاكه إعلاماً قوياً، وقدرته على تضييق المجال العام وحصار المعارضة، الأمر الذي يضعف من التفسير الهش للحتمية الإعلامية في الواقع العربي.

ومع ذلك تركز حركات الإصلاح السياسي في الكثير من الأقطار العربية على واجبات الإعلام في تفعيل مشاركة المواطنين في الحياة العامة سواء من خلال العمل الحزبي أو النقابي أو المساهمة في أنشطة المجتمع المدني. وقد انطلقت هذه الحركات من فرضية أن ضمان حرية الإعلام وتنوع وزيادة الرسائل الإعلامية الداعية الى المشاركة السياسية وضرورتها - باعتبارها حقاً وواجباً وطنياً، وأحد أهم حقوق الإنسان - من شأنها أن ترفع وفي شكل منطقي من نسب ومعدلات وعي ومشاركة المواطنين، وفي ضوء ذلك تدعو حركات الإصلاح العربي إلى حماية حرية الإعلام والإعلاميين والالتزام بالمعايير المهنية في الأداء الإعلامي، والتوسع في إصدار الصحف ووسائل الإعلام المحلية، وخصخصة وسائل الإعلام.

خطاب حركات الإصلاح العربي المعتمد على الحتمية الإعلامية يبالغ في تصوير دور الإعلام فى تفعيل المشاركة السياسية، بل وأحياناً الرهان عليه كمتغير وحيد في نشر الوعي بالديموقراطية وبواجبات المشاركة السياسية، وهكذا أغفل دور بقية المتغيرات والعوامل الاجتماعية والثقافية بل والسياسية والأمنية والتي قد تعرقل دور الإعلام في تنمية المشاركة السياسية وتحوله إلى مجرد خطاب نظري يستقبله المواطنون ويتعرفون إليه جيداً من دون قدرة حقيقية على ممارسة هذا الخطاب على أرض الواقع نظراً لوجود كثير من القيود الاجتماعية والسياسية بل والأمنية التي تحول دون مشاركة المواطنين.

إن الطبيعة السياسية للإعلام كأداة للسيطرة الاجتماعية قد جعل من ممارسات الإعلام بل وبحوث التأثير الإعلامي ساحة للاستقطاب والصراع الأيديولوجي والسياسي والمهني. والإشكالية هنا هي كيف يمكن حماية الممارسات الإعلامية بحيث تظل بعيدة من سطوة الدول وسيطرة رجال الأعمال والنخب المهيمنة اجتماعياً، وكيف يمكن أيضاً أن تعتمد دعوة المواطنين إلى المشاركة السياسة بكل صورها على تقديم الحقائق والآراء المتعارضة في شكل متوازن، وبحيث لا تتحول حملات التوعية السياسية إلى نوع من تزييف الوعي أو الحشد الموسمي الموقت للمواطنين، كي يخرجوا لانتخاب مرشحي الحكومة أو المعارضة في موسم الانتخابات، من دون أن تتجاوز مشاركتهم السياسية عملية الاقتراع الآمن لصالح القوى المهيمنة.

وتبرز أهمية تلك الإشكاليات في ضوء ما أثبت كثير من الأبحاث والوقائع في مصر والعالم عن الدور المتعاظم التي تقوم به وسائل الإعلام بما في ذلك وسائل الإعلام الجديد new media كالصحافة الالكترونية ومواقع الانترنت الإخبارية والاجتماعية في نشر الأكاذيب والترويج للصور المغايرة والزائفة عن الواقع وعن الآخر، وما ينجم عن ذلك من صراعات وحروب افتراضية وحقيقية، ولعل ما حدث من تضليل للرأي العام الأميركي والبريطاني في شأن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل وتجييش المشاعر الشعبية لدعم حملة غزو العراق مثال على ذلك، وكذلك ما يحدث دورياً في الانتخابات البرلمانية من استخدام المرشحين وسائلَ الاتصال والإعلام كل في دائرته لتقديم وعود دعائية سرعان ما يثبت كذبها بعد شهور قليلة من انتهاء العملية الانتخابية، وتجدر الإشارة هنا وعلى سبيل المثال إلى أن كثيرين من المرشحين في مصر يغيرون صفتهم من مستقلين إلى نواب عن الحزب الحاكم بمجرد إعلان نجاحهم في عضوية مجلس الشعب.

عدم الالتزام بالوعود والبرامج الانتخابية وتغيير الصفة السياسية للمرشح وعمليات التزوير وشراء الأصوات والبلطجة كلها تشير إلى أزمة الرأي العام في الوطن العربي. بينما الرأي العام الحر هو الأساس المتين للديموقراطية. وهنا إشكالية التحول الديموقراطي في الوطن العربي حيث لا يوجد رأي عام واعٍ وقادر على الاختيار، وإذا وجد رأي عام فهو إما مكبوت أو مقهور وغير قادر على التعبير الحر عن نفسه، ليس فقط نتيجة السيطرة الحكومية على وسائل الإعلام واستخدامها في تزييف وعي المواطنين تجاه القضايا والهموم الأساسية وخلق اهتمامات بديلة زائفة - كما حصل بعد معركة كرة القدم بين مصر والجزائر - بل ونتيجة وجود قيود كثيرة سياسية واقتصادية على ممارسة حقوق الرأي والتعبير والحصول على المعلومات، إضافة إلى حقوق وواجبات المشاركة السياسية.

أنصار الإصلاح والتغيير يؤكدون أن المشهد الإعلامي في الوطن العربي يحفل بالتنوع وبالآراء المتعارضة في الصحافة الورقية والالكترونية والفضائيات العربية والأجنبية الناطقة بالعربية، وهو ما يضعف من مقولة تزييف الرأي العام، ومن قدرة الحكومة أو بعض القوى الاجتماعية على الهيمنة والتوجيه الإعلامي، خصوصاً مع وجود كثير من المواقع الإخبارية على الانترنت، واستخدام بعض الناشطين سياسياً ال «فيس بوك» وغيرها من المواقع التي تنجح في عملية الحشد والتشبيك الاجتماعي الافتراضي. إلا أن هذا التنوع يقتصر على الشكل ولا يطال المضمون، ولا يترجم إلى دائرة الفعل، أي المشاركة السياسية. وبالتالي فإن هذا التنوع قد يفرز أولاً نوعاً من التزييف عبر التنوع في الشكل والوسائل والأشكال الإعلامية المستخدمة. وثانياً نوعاً من الاهتمام السياسي السلبي بالقضايا والأحداث العامة من دون أن يتحول هذا الاهتمام إلى سلوك أو مشاركة سياسية على أرض الواقع، نتيجة القيود القانونية والسياسية والاقتصادية المفروضة على المواطنين. فالخطاب الإعلامي المصري على سبيل المثال يكشف وينتقد كثيراً من وقائع الفساد، كما يتابع الحياة الحزبية والبرلمانيين باهتمام كبير ويدعو الى المشاركة السياسية ولكن المواطنين يكتفون بالتلقي السلبي أو مجرد التعاطف مع المظلومين من دون الإقدام على أي فعل سياسي. أي أننا أمام نوع من الاهتمام السياسي أو ما يمكن تسميته المشاركة السياسية الافتراضية من خلال شاشات التلفزيون أو مواقع الانترنت. وأعتقد أن هذا الاهتمام السياسي غير المباشر يكتسب طابعاً هروبياً أو تنفيسياً، بدليل عدم وجود زيادة في المشاركة السياسية أو ما يسمى الحراك السياسي على رغم زيادة وتنوع المواد الإعلامية التي تنتقد الأداء الحكومي وتراجع دور مصر وتدعو الى الإصلاح .

واعتقد أن قضايا الإصلاح السياسي والمشاركة السياسية هي من أهم الموضوعات التي تناولها الخطاب الإعلامي في مصر خلال السنوات الخمس الأخيرة، لكن هذا التناول خضع للتوظيف السياسي سواء من الحكومة وأحزاب وقوى المعارضة، وبالتالي فقد غابت الرؤية الثقافية للموضوع باعتبار أن الإصلاح والمشاركة السياسية يرتبطان بمفهوم الثقافة السياسية والتي ينبغي التركيز عليها وترسيخها في إدراك ووعي المواطنين بل وربما قبل ذلك في وعي وممارسات رجال الإعلام. في الوقت ذاته فإن الخطاب الإعلامي هو ممارسة سياسية واجتماعية بامتياز، من هنا فإن كلاً من السياسي ورجل الأعمال يحرص دائماً على استعمال وسائل مختلفة لتوظيف الخطاب الإعلامي لتحقيق مصالحه، حتى لو كان ذلك على حساب القواعد المهنية ومواثيق الشرف الإعلامي، الأمر الذي أفقد الخطاب الإعلامي صدقيته بين الجمهور.

الصورة مختلفة في المجتمعات الديموقراطية فقد تمكن الخطاب الإعلامي عبر تاريخ طويل من النضال الحقوقي والمهني من الحفاظ على درجة من الاستقلال النسبي، نتيجة الاتفاق على معايير مهنية وأخلاقية. من هنا فإن المطلوب أولاً وقبل كل شيء عدم تحميل الإعلام العربي ما لا طاقة له به، فالإعلام لن ينجح في تفعيل المشاركة السياسية طالما بقيت ترسانة القوانين المقيدة للحريات والقيود السياسية والاقتصادية فضلاً عن ضعف بنية الأحزاب وتراجع صدقيتها. ثانياً: التوصل إلى اتفاق بين وسائل الإعلام والعاملين حول أهمية وضرورة تقديم خطاب محفز وداعم للإصلاح والمشاركة السياسية يتسم بالاستمرارية والقدرة على تجاوز الخلافات السياسية والحزبية الضيقة، بحيث يلتزم بأعلى درجة المهنية في الأداء الإعلامي مع محاولة حماية هذا الخطاب من محاولات التوظيف السياسي. ثالثاً: ضرورة صياغة ميثاق شرف إعلامي يشارك في صياغته كل العاملين في وسائل الإعلام الحكومية والخاصة بحيث يغطي ما ينشر في الصحافة (الورقية والإلكترونية) والإذاعة والتلفزيون الحكومي والخاص. ويهدف هذا الميثاق إلى الارتقاء بلغة الخطاب الإعلامي ويضع ضوابط للمنافسة الإعلامية بحيث يراعي حقوق الجمهور في المعرفة ويحترم خصوصية المواطنين والآداب العامة، ويميز بين الإعلام والدعاية والإعلان، ويضمن حقوق الإعلاميين في مواجهة المالكين وسائل الإعلام. وأعتقد أن التوصل إلى هذا الميثاق وتفعيله من شأنه أن يرتقي بمهنية الإعلام العربي ومن ثم صدقيته وقدرته على التأثير.

* كاتب مصري

=======================

عضوية إسرائيل في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية

الاربعاء, 26 مايو 2010

رندة تقي الدين

الحياة

يزور غداً الخميس رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتانياهو برفقة وزير الخارجية العنصري أفيغدور ليبرمان العاصمة الفرنسية ليلقي خطاباً حول مهارة إسرائيل الاقتصادية أمام سفراء دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) بمناسبة عضوية الدولة العبرية في هذه المنظمة. فمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ومقرها في باريس أُنشئت في 1961 امتداداً لمنظمة التعاون الاقتصادي الأوروبي التي كانت أنشئت في 1948 لوضع خطة مارشال بعد الحربية العالمية الثانية. ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تضم دول الاقتصاد الحر وقد أنشأت وكالات مرتبطة بها مثل لجنة دعم التنمية ووكالة الطاقة النووية ووكالة الطاقة الدولية ومجموعة العمل المالية الدولية لمكافحة تبييض الأموال.

ان قبول عضوية إسرائيل في المنظمة تم في 2007 أي بعد سنة من حربها الوحشية على لبنان حيث أسقطت القتلى ودمرت بنيته التحتية ولم تحقق إلا الخراب والدمار والقتل من هذه الحرب. والآن وإسرائيل تحتفل بعضويتها الجديدة في ناد اقتصادي عالمي تنتمي إليه «دول ديموقراطية واقتصادها حر»، السؤال هو: لماذا يكافئ العالم الحر باستمرار إسرائيل باستقبالها في نادي الدول الديموقراطية التي تدعي التقدم والحداثة بينما هي تمارس سياسات وحشية إزاء الشعب الفلسطيني؟ فالعالم بأسره طلب من نتانياهو إيقاف الاستيطان. وهو لم يبالِ واستمر في سياسته. والعالم بأسره طلب منه رفع الحواجز عن الأراضي الفلسطينية وفك حصار غزة وهو لم يرد. فغزة ما زالت محاصرة، والشعب الفلسطيني ما زال تحت الاحتلال ويعاني من فقر وبطالة ومن وضع سياسي واقتصادي واجتماعي متدهور ويزيد تدهوراً يوم بعد يوم، والعالم «الحر» يهنئ إسرائيل بادخالها الى منظمة (OECD). والعرب غائبون عن أي رد فعل على هذه المكافأة.

فطالما استمرت إسرائيل في الحصول على مكافآت من الغرب فلماذا ستستمع الى الرئيس الأميركي باراك أوباما أو الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي أعرب بكل وضوح للرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز عن استيائه من سياسة نتانياهو التي لا تأخذ بنصائح الأصدقاء؟ فبعيداً من الأضواء قال ساركوزي لصديقه نتانياهو مرات عدة أن من مصلحة إسرائيل أن تستجيب مطالب الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي حول وقف الاستيطان وفك الحصار وتأمين عيش أفضل للشعب الفلسطيني. الا أن الغرب لم يعتمد ولن يعتمد يوماً عقوبات على اسرائيل بل بالعكس هو دائماً مستعد لمكافأتها. فهي تبيع في الأسواق الغربية السلع المنتجة في المستوطنات، على رغم ان سياسة الاتحاد الأوروبي تمنع ذلك. وتستمر في حصار غزة والشعب الفلسطيني ولن تُعاقب لأن معاقبة الدولة العبرية محرّمة على الغرب الذي يحمّل الشعب الفلسطيني مسؤولية جريمة المحرقة وكأنه المسؤول عن هذا الإجرام الشنيع الذي قامت به أوروبا إزاء الشعب اليهودي.

واليوم وإسرائيل تحتفل بعضويتها الجديدة في منظمة اقتصادية وتنموية عالمية وعريقة من المشروع أن يتساءل المواطن العربي عن سبب مكافأة إسرائيل باستمرار من دون أي مقابل، في حين أن الغرب يقرر بأسرع ما يمكن معاقبة هذه وتلك من الدول التي على غرار إسرائيل لا تسمع ولا تقبل نصائح الغرب.

فواقع الحال أن مسؤولية الغرب كبيرة ولا يكفي لأصدقاء إسرائيل مثل الولايات المتحدة وفرنسا أن يقولوا أنهم «يتحدثون بصراحة إلى الصديق الإسرائيلي»، فهذا أصبح من دون أي نتيجة لأن إسرائيل تشن الحروب وتنتهج سياسات من دون المبالاة «بالنصائح الصريحة من أصدقائها».

واليوم بدأت الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة أوباما ترى أن مصلحة الولايات المتحدة الاستراتيجية في الملفات المختلفة من أفغانستان الى إيران الى العراق وسورية ولبنان هي في دفع إسرائيل الى السلام مع الفلسطينيين. فقد حان الوقت أن تضغط دول الغرب فعلياً على إسرائيل. فالكلمات والنصائح وحدها لا تكفي. والمكافآت للدولة العبرية ينبغي أن تتوقف. فالاتحاد الأوروبي له أوسع تعاون اقتصادي مع إسرائيل، إنما هو عاجز كلياً عن الحصول على أي شيء من الشريك الإسرائيلي لأنه لم يعاقب يوماُ أي عمل غير قانوني قامت به إسرائيل إزاء الفلسطينيين.

فالمستقبل أسود طالما استمر نتانياهو على هذا النهج وبقيت الدول العربية مكتوفة اليدين من دون يقظة ثائرة على الغرب الذي يدفع الدولة العبرية الى الاستمرار في نهج عدائي يهدد أمن وسلامة العالم في غياب رغبة حقيقية في السلام مع الشعب الفلسطيني.

=======================

المسألة "المباشرة" في المفاوضات "غير المباشرة"

المستقبل - الاربعاء 26 أيار 2010

العدد s2031 - رأي و فكر - صفحة 11

د. أسعد عبدالرحمن

بدأت "مفاوضات الجوار" (المشتهرة باسم "غير المباشرة") بين الفلسطينيين واسرائيل بمشاركة الولايات المتحدة، مع اقتناع عديد المراقبين أن هناك احتمالا ضئيلا بأن تحرز هذه الدفعة الديبلوماسية الأميركية الأحدث تسوية للصراع الفلسطيني/الإسرائيلي. فالإدارة الأميركية مصممة على إعادة الفلسطينيين والاسرائيليين الى طاولة المفاوضات حيث اعتبرت إدارة الرئيس (باراك أوباما) التوصل لحل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي "مصلحة حيوية للامن القومي"، الأمر الذي أثار تكهنات بأن لديها رغبة في الضغط بقوة من أجل إيجاد حل ولو مفروض من قبل الأسرة الدولية. فلسطينيا، لا يعتقد الرئيس (محمود عباس) ومعظم الدول العربية أن (بنيامين نتنياهو) مستعد لإحلال السلام بشروط مقبولة للفلسطينيين، لكنهم يعتبرون المحادثات فرصة لاختبار عزيمة الولايات المتحدة. أما إسرائيليا، فهناك سياسة دؤوبة، تنتهجها منذ مؤتمر مدريد، قوامها: "لا أفاوض العرب، بل أفاوض ثنائيا أطرافا عربية، وعلى نحو مباشر"!

حين اتخذت قيادة "منظمة التحرير الفلسطينية" قرار وقف المفاوضات المباشرة بسبب سياسة الاستعمار/ "الاستيطان" في الضفة وخاصة في القدس الشرقية، رحب الجميع بذلك الموقف. غير أن التساؤل الذي طالما حيرني وطرحته في اجتماع "اللجنة التنفيذية" الأخير هو: منذ توقفت المفاوضات المباشرة على مدى الأشهر الطويلة الأخيرة، ألم يكن كل ما يجري "مفاوضات غير مباشرة"؟! فالزيارات المكوكية للمبعوث الأميركي (جورج ميتشيل) بل ولمسؤولين أميركيين كبار آخرين أيضا، التي استهدفت تقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين وإسرائيل، ألم تكن مفاوضات غير مباشرة؟! ثم، أوليست المفاوضات "غير المباشرة" أقل سوءاً من "المباشرة" التي جعلت إسرائيل المتفوقة (في جميع المجالات العسكرية والاقتصادية والتكنولوجيا) تستفرد بالفلسطينيين، في حين أن المفاوضات "غير المباشرة" بمشاركة الولايات المتحدة، وفق رؤية (اوباما) المؤيدة "لحل الدولتين"، قد تصبّ في مصلحتنا أكثر؟!! ثم، ان التطور الجديد المهم، تجسد في تحديد سقف زمني أقصاه أربعة أشهر. وهو أمر نكرر - مهم وحاسم، بل يجب أن يكون حاسما عند اتخاذ أي موقف في المستقبل القريب. كذلك، أولسنا "نفاوض" منذ أكثر من عشرين عاما وما زلنا (محلك سر) بل على العكس خطواتنا أغلبها للوراء؟!. نقول: (هل ضاق الحلق عن ابتلاع هذه الأشهر الأربعة؟!) خاصة وانه إن نحن لم نشارك سنخسر كثيرا، بل سنخسر كل ما كسبناه من حشر إسرائيل في الزاوية، منذ أن تم فضحها جراء العدوان على قطاع غزة و"تقرير غولدستون" الذي أكد جرائم الحرب. أخيرا، أوليست "النعم" للمفاوضات غير المباشرة هي "نعم المفروغ منها" أو هي "نعم حاصل التحصيل" في ظل الضغوط العالمية والعربية وغيرها التي دعت إلى تلك "النعم" وحذرت من أي "لا"؟

خلال تحركنا تحت سقف الأشهر الأربعة الذي يجب التقيد به، طالبت بالتركيز على ما ورد على لسان الأخ أبو مازن في اجتماع اللجنة التنفيذية (والذي هو مطلب الجميع أصلا) حيث أكد: 1- أنه ليس مقبولا حرف الانتباه عن القضايا الرئيسية/ الأساسية في المفاوضات، 2 - الحديث يجب أن يدور فقط عن "الحدود" أولا، وهو ما نريده، وليس "الأمن" المطروح إسرائيليا، 3 - استمرار الجهود لضمان استمرار حشر إسرائيل في الزاوية عبر التواصل مع العالم وحتى مع الاسرائيليين المؤيدين للتسوية، 4 - استمرار وتصعيد المقاومة الشعبية بمشاركة جميع الفصائل والقوى، 5 - ثم أضفت: لقد قال الرئيس عباس (عندما أعلن عن عدم نيته الترشح للانتخابات الرئاسية) أن في جعبته "خيارات أخرى إضافية سيطرحها لاحقا"، وها هو اليوم يؤكد هذا مجددا، رافضا هو ونحن - دور السلطة الفلسطينية بصيغة (خيال مقاتي)، فإسرائيل تتعامل مع السلطة وكأنها تابع لا وجود سياسيا لها على الأرض، لذا فإما أن تكون السلطة حقيقية أو أن تعيد النظر في "علاقاتها" مع الاحتلال، 6 - لا بد من تفعيل دور فصائل ومؤسسات "المنظمة" وبخاصة فتح، فهي حتى الآن غير منغمسة كما يجب في المقاومة الشعبية، ثم 7 - اتفقت مع ما قاله الأخوان تيسير خالد وبسام الصالحي عن ضرورة تحديد البرامج النضالية ومتابعة المعركة في المجالين السياسي والقانوني.

ختاماً، تبقى بأيدينا البدائل المتوفرة إن فشلت "غير المباشرة" وهي، بالفعل، مرشحة للفشل. لذا، يجب تفعيل "البدائل" فورا وفي مقدمتها المصالحة الوطنية، إذ لا غنى خاصة إذا ما أردنا تعزيز المقاومة الشعبية - عن القوى الفاعلة وبالذات حماس والجهاد، مع ضرورة الحذر الشديد من إسرائيل الساعية إلى "فخ" جعل المفاوضات "غير المباشرة" تصبح "مباشرة" كي يتسنى لها الاستفراد من جديد بالمفاوض الفلسطيني كما جرى منذ "مدريد"، وضرورة استمرار التواصل الثنائي مع أطراف "اللجنة الرباعية"، ومع روسيا، ومع الاتحاد الأوروبي، وطبعا الجامعة العربية. وجموع هذه الأمور الواردة في هذه "الخاتمة" هي المسألة "المباشرة" في هذه المفاوضات "غير المباشرة".

=======================

أزمة عالمية جديدة!

عبد المنعم سعيد

الشرق الاوسط

 26-5-2010

يا إلهي، أما آن لهذه الأزمات أن تنتهي؟! فلم نفرغ من الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي بدأت في منتصف سبتمبر (أيلول) 2008 بسقوط أسواق المال في نيويورك بعد مجموعة من الإفلاسات المتعاقبة في البورصة، حتى جاءت أزمة جديدة ظهرت مقدماتها وأعراضها في اليونان، ولكنها بدت متأصلة في أوروبا كلها. ولا أدري شخصيا كيف سيواجه الخبراء الأوروبيون كثيرا من دول العالم الثالث ويعطونهم دروسا في المحاسبة والشفافية وحسن إدارة الموارد العامة بعد ما تكشف من أسرار الإدارة الاقتصادية الأوروبية. ولا يوجد أحد يعلم كيف جرى ما جرى في اليونان، بينما «الهيئة الأوروبية» - تلك الهيئة التي تدير الاتحاد الأوروبي - موجودة بأدواتها الرقابية، ومعها مؤسسات أخرى إقليمية مثل البنك المركزي الأوروبي، وعالمية مثل صندوق النقد الدولي. ولا أعلم كيف ستتغير الخريطة السياسية الأوروبية بعد نهاية هذه الأزمة، والحقيقة هي أن كل الأزمات تنتهي بشكل أو بآخر، إذا كانت ألمانيا هي التي ستتولى الجانب الأكبر من عملية الإنقاذ الأوروبي، حتى لو كان ساركوزي في باريس وبرلسكوني في روما، يتفاخران بالدور الذي قاما به في عملية الإنقاذ، والذي لم يتعد إقناع أنجيلا ميركل - المستشارة الألمانية - بأن تدفع برلين الجزء الأكبر من 750 مليار يورو ثمنا لإنقاذ القارة والاقتصاد العالمي كله. ومن المؤكد أن الأزمة هكذا تعطي دورا متزايدا لألمانيا في السياسة الأوروبية والعالمية أكثر مما كان قبلها، ومن يقول إن ألمانيا سوف تحقق أهدافها في الحرب العالمية الراهنة سوف يكون مبالغا، ولكنه لن يكون بعيدا عن الحقيقة بمسافة كبيرة.

وببساطة فإن العالم يشهد تقلصات كثيرة، وربما لم يكن ذلك جديدا على الدنيا، وما يحيرنا هو أن العلوم والأدوات التي نستخدمها في التحليل تعطينا أنصاف حقائق في وقت يتغير فيه الكون بسرعة مخيفة، خاصة بعد أن تحولت الأزمات المحلية أو الإقليمية إلى أزمات عالمية. فقد واجه العالم في الثلاثين عاما الأخيرة أزمات اقتصادية عديدة، وتشير إحصاءات صندوق النقد الدولي إلى أنه خلال الفترة من عام 1970 وحتى عام 2007 وقعت نحو 124 أزمة مصرفية، و208 أزمات كبيرة في سوق الصرف الأجنبي، ونحو 63 أزمة دين عام. لكن الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت العالم بدءا من صيف عام 2007 كانت الأكبر في حجمها وتداعياتها على الاقتصادات العالمية. وكانت هذه الأزمة نتيجة حتمية للعديد من الممارسات السلبية التي طالت النظام الائتماني والعقاري على مستوى العالم، فقد اتجه العديد من المؤسسات إلى إعداد عقود «ملتوية» لإغراء محدودي الدخل بشراء عقارات جديدة، وهو ما أدى في البداية إلى اندفاعهم للحصول على هذه العقارات بشكل رفع من أسعارها، فاتجهوا للاقتراض من البنوك بضمان العقارات التي لم يمتلكوها أصلا. وقد وجدت البنوك في ذلك فرصة لزيادة أرباحها، ولم تكتف بالتوسع في تقديم القروض وخفض الفائدة، بل سارعت إلى الاستعانة بشركات التأمين لمواجهة مخاطر الإفلاس مع استخدام احتياطاتها لتقديم مزيد من القروض. لكن الزيادة المطردة في صناعة العقارات وما ارتبط بها من صناعات أخرى أدت إلى انخفاض قيمة العقارات عن قيمة القروض، وهو ما دفع المقترضين إلى الإسراع بالتخلص من العقارات، بشكل أحدث انخفاضا جديدا في أسعارها. ووجدت البنوك نفسها تستحوذ على عقارات أقل في قيمتها من القروض التي قدمتها، وهو ما أدى إلى إفلاس العديد منها مثل بنك «ليمان براذرز»، وسرعان ما امتدت الأزمة إلى شركات التأمين، حيث أعلنت شركة «إيه آي جي» عجزها عن الوفاء بالتزاماتها إزاء 64 مليون عميل تقريبا. وقد سارعت الإدارة الأميركية إلى محاولة إنقاذها من خلال تقديم منحة بقيمة 85 مليار دولار مقابل امتلاك 79.9% من رأسمالها.

لكن هذه الأزمة بقدر ما أنتجت تداعيات سلبية ضخمة على العديد من الاقتصادات العالمية، حيث أدت إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي في معظم دول العالم، وإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي وأحدثت تغييرا في خريطة القوى الاقتصادية على مستوى العالم، بقدر ما أفرزت إيجابيات عديدة أهمها أنها ساعدت على كشف العديد من الممارسات السلبية التي اتسمت بها التعاملات المصرفية وأداء أسواق المال العالمية، وفوقها ضعف الرقابة المالية والنقدية وعجزها عن تحييد آثار هذه الممارسات، وفشلها في طرح آليات فعالة للقضاء عليها أو حتى توقع تداعياتها السلبية التي كانت كارثية لعدد كبير من دول العالم. وتبدو الأزمة الطاحنة التي تواجهها اليونان في الفترة الحالية ترجمة واقعية لبعض هذه الممارسات السلبية التي أبرزتها الأزمة الاقتصادية العالمية.‏

وقد أثارت الأزمة اليونانية مخاوف عديدة، سواء لجهة احتمال تسببها في تعرض العديد من البنوك العالمية لاسيما الفرنسية والألمانية صاحبة القسم الأكبر من الديون اليونانية للانكشاف، أو لجهة إمكانية انتقالها إلى العديد من الدول الأوروبية لاسيما البرتغال وإسبانيا وإيطاليا، بل إن بعض التقديرات ترشحها إلى تجاوز القارة الأوروبية والانتقال إلى الولايات المتحدة الأميركية وربما دول جنوب المتوسط. وقد قامت بعض المؤسسات المالية الدولية مثل مؤسسة «ستاندرد آند بورز» الأميركية للتصنيف الائتماني، في 27 أبريل (نيسان) 2010، بتخفيض التصنيف الائتماني لكل من اليونان والبرتغال، تبعتهما إسبانيا في 29 من الشهر نفسه، وهو ما يمكن أن يتسبب في حدوث اضطرابات كبيرة في منطقة اليورو. والمعضلة هنا أن المرض مستشرٍ، فعجز الموازنة في أيرلندا 11.7%، والمديونية 77.3 %، وفي إيطاليا فإن العجز 5.3% بينما المديونية وصلت إلى 118.2%، والحقيقة هي أنه لا توجد دولة أوروبية واحدة في منطقة اليورو حافظت على نسبة العجز المطلوبة وهي 3%، ولا قدر المديونية المحتمل وهو 60% من الناتج المحلي الإجمالي.

ونتيجة خشيتها من تصاعد الأزمة وامتدادها للدول الأخرى، بدأت دول منطقة اليورو في الإسراع بطرح حلول للأزمة، حيث عقد قادة دول منطقة اليورو، في 7 مايو (أيار) 2010، قمة استثنائية ببروكسل، وهي المرة الثانية منذ تأسيس منطقة اليورو عام 1999 التي يجتمع فيها قادتها من دون نظرائهم الباقين في الاتحاد الأوروبي. وقد عقدت أول قمة لمنطقة اليورو بباريس في خريف 2008 وتركزت حول أزمة البنوك. وقد صادق قادة دول منطقة اليورو في قمتهم الاستثنائية على حزمة مساعدات بهدف إنقاذ اليونان وبدعم من صندوق النقد الدولي بلغت قيمتها 110 مليارات يورو (نحو 147.6 مليار دولار)، حيث سيتم توفير 80 مليار يورو منها عبر قروض ثنائية يتم الحصول عليها من دول اليورو، بينما سيوفر صندوق النقد الدولي ال30 مليارا الباقية. وتقضي الخطة بحصول اليونان على تلك القروض في صورة دفعات حتى عام ‏2012. وكان من المفترض أن يبدأ تقديم هذه القروض في موعد أقصاه 19 مايو الحالي وهو الموعد الذي يتوجب على اليونان تسديد 9 مليارات يورو لدائنيها. وقد تسلمت اليونان بالفعل دفعة أولى بلغت 5.5 مليار يورو من صندوق النقد الدولي في 12 مايو 2010. هذه الخطوات الأوروبية تأتي بالتوافق مع الإجراءات الجديدة التي بدأت الحكومة اليونانية في اتخاذها لمعالجة الأزمة.

ويبدو من النظر إلى كل ما سبق أن الأزمة هذه المرة راجعة إلى الأسباب التقليدية التي عرفناها في الأزمة العالمية التي لم تعد «سابقة» بعد، لكن لم تكن هي وحدها سبب ما جرى، حيث يضاف لها تلك المفارقة القائمة داخل الاتحاد الأوروبي ما بين السياسات المالية التي يضعها البنك المركزي الأوروبي، والسياسات المالية والاقتصادية التي تضعها حكومات دول لا تزال «ذات سيادة». والحل هنا إما أن تنفك رابطة اليورو أو يدخل الاتحاد الأوروبي إلى مرحلة جديدة من الاتحاد. هذا الاحتمال الأخير هو المرجح مضافا إليه مكانة خاصة لألمانيا هذه المرة!.

=========================

ماذا نفعل بالقدس؟

يورام بيري

مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية

24 أيار/مايو 2010

www.commongroundnews.org

واشنطن العاصمة – اتضح منذ بدء المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية قبل حوالي عقدين من الزمان أن القدس ستكون الموضوع الشائك أكثر من أي مشكلة أخرى. نتيجة لذلك كان الافتراض السائد أن يجري التعامل مع موضوع القدس في آخر المفاوضات، وبعد أن تتم تسوية قضايا الحدود والأمن والمستوطنات، بل وحتى قضية اللاجئين. ولكن القدس أصبحت هذا الربيع ليس فقط عائقاً أمام إنهاء المفاوضات، وإنما أخّرت كذلك موافقة الفلسطينيين على المشاركة في مفاوضات "التقارب" غير المباشرة من حيث المبدأ.

 

يثير مجرد ذكر للقدس عواطف يمكن أن تُفشِل المحادثات العقلانية. يصبح الجدل على مستوى عالٍ حول هذه القضية أمراً مخادعاً، والأسلوب الوحيد لتحييد حقل الألغام هذا هو التركيز على الحلول العملية وترك الرمزية وراءنا.

 

لننظر إلى الحقائق أولاً: ضمت القدس اليهودية على الجهة الغربية من المدينة حتى حرب عام 1967، 37,560 دونماً، بينما ضمت القدس الأردنية، أي الجزء الشرقي من المدينة 5928 دونماً فقط. ولكن في أعقاب نصر إسرائيل الخاطف والعودة الدرامية لليهودية إلى الأراضي المقدسة، تم توسيع الحدود البلدية لمدينة القدس لتضم ليس فقط القدس الشرقية العربية وإنما كذلك المناطق المفتوحة والقرى ومجتمعات اللاجئين الموجودة بعمق الضفة الغربية. بدأت إسرائيل فوراً بإيجاد حقائق على الأرض من خلال توطين اليهود في تلك المناطق.

 

أصبح من الواضح لإسرائيل اليوم أن مصالحها تتطلب التنازل عن هذه المساحات الواسعة من القدس الكبرى والتي يسكنها الفلسطينيون بكثافة. ما هي المصلحة الإسرائيلية في الاحتفاظ بمخيم شعفاط للاجئين؟ الأمر نفسه ينطبق على قرى عربية مثل الزعيم والأزارية والعيسوية الموجودة على حافة الصحراء ويندر أن يزورها اليهود منذ العام 1967. سوف تشكل هذه المناطق في المستقبل عبئاً على إسرائيل، حيث أنها لا تملك أية أهمية تاريخية أو رمزية. النتيجة هي أنه إذا رغبت إسرائيل بالحفاظ على الطابع اليهودي للقدس الغربية فمن مصلحتها الحد من عدد الفلسطينيين الذين يعيشون ضمن حدودها.

 

أما الأحياء اليهودية الجديدة في المدينة الموسّعة، مثل غيلو وراموت وبسغات زئيف، وكذلك ال 1600 وحدة في رامات شلومو التي تسببت بالجمود أثناء زيارة نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن الأخيرة، فتلك قصة أخرى بشكل كامل. بنيت هذه الأحياء خارج الخط الأخضر، ولكن في مناطق غير مسكونة بشكل واسع، وأصبح يسكنها اليوم 200,000 إسرائيلي. وعندما تسميها إسرائيل اليوم "مستوطنات" فإنها تشعر بغصّة، فهي جزء من القدس بالنسبة لمعظم الإسرائيليين، بمن فيهم جزء كبير من معسكر السلام.

 

في العام 2000 اقترحت أطر كلينتون (وغيرها من مسودات السلام اللاحقة مثل معاهدة جنيف الإسرائيلية الفلسطينية المشتركة على مستوى الجذور) اقترحت عكس الواقع الديمغرافي للمدينة وترك الأحياء اليهودية من القدس (حتى لو كانت في القدس الشرقية) في أيدي الإسرائيليين، والأحياء الفلسطينية في الدولة الفلسطينية.

 

أعتقد أن الرئيس أوباما يُحسِن صنعاً إذا تبنى هذا الموقف وتوقّف عن المطالبة بتجميد كامل لعمليات البناء في الأحياء اليهودية. وإذا أخذنا بالاعتبار وبشكل عملي إخراج الإسرائيليين من هذه المناطق، وكذلك الرأي العام الإسرائيلي، يبدو أن هناك فرصة محدودة بأن تشكّل هذه المناطق جزءاً من الخارطة المستقبلية للقدس اليهودية.

 

من ناحية أخرى، أوباما على حق وبشكل كامل في المطالبة بوقف أعمال البناء في الأحياء العربية من القدس الشرقية. لن يوافق الفلسطينيون أبداً على حل الدولتين دون أن تكون القدس عاصمة لها. أي إنسان يدعم أعمال البناء اليهودية في هذه الأحياء العربية هو في الواقع يعارض إنشاء دولة فلسطينية. مدركاً ذلك، فإن الرئيس أوباما على حق عندما أبدى ردة فعل غاضبة حيال إعلان إسرائيل أنها تنوي بناء 20 وحدة سكنية في حي الشيخ جرّاح.

 

هناك عنصر آخر لحل مشكلة القدس، وهو قضية اللاجئين الفلسطينيين. ما لم يتنازل الفلسطينيون عن مطالبهم بعودة أكثر من عدد رمزي من لاجئي عام 1948 إلى إسرائيل، وهو طلب يُنظَر إليه وبشكل عام على أنه يعمل على إفشال الطابع اليهودي للدولة الإسرائيلية، فلن يوافق معظم الإسرائيليين على عقد صفقة. ويوفّر ذلك فرصة لعملية تبادل. سوف يتوجّب تبادل قضيتي القدس واللاجئين مع بعضهما. سوف يتوجّب على الفلسطينيين أن يتنازلوا عن قضية اللاجئين لإسرائيل، وبالمقابل سوف يتوجّب على إسرائيل التنازل عن القدس الشرقية العربية.

 

يجب أن تفهم واشنطن ذلك. يجب أن تكون رسالتها إلى الإسرائيليين: إذا أردتم أن تُقبَل مطالبكم حول قضية اللاجئين، يتوجّب عليكم التنازل عن جزء كبير من القدس الشرقية، حيث ستكون العاصمة الفلسطينية. كما يجب أن تكون رسالتها إلى الفلسطينيين: إذا أردتم القدس الشرقية عاصمة لكم، سوف يتوجّب عليكم التنازل عن مطالبكم بعودة اللاجئين إلى إسرائيل. إذا فعل الرئيس ذلك الآن فسوف يجد درجة عالية تدهشه من الدعم الشعبي الإسرائيلي.

ــــــــــ

* الدكتور يورام بيري مستشار سابق لرئيس الوزراء رابين، ورئيس تحرير سابق لصحيفة دافار اليومية، ويشغل الآن منصب كاي في الدراسات الإسرائيلية ومدير معهد غيلدنهورن للدراسات الإسرائيلية بجامعة ماريلاند. كُتب هذا المقال لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

====================

عبء الهويات الجماعية

أمل أبو زيدان

مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية

24 أيار/مايو 2010

www.commongroundnews.org

القدس – تكمن جذور النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، مثله مثل أي نزاع صعب بين المجموعات العرقية أو الوطنية، في السرد الوطني أو الديني. من الأمثلة على ذلك إيرلندا الشمالية وسريلانكا والبوسنة وكوسوفو وغيرها. يستخدم كل طرف في النزاع مجموعة من المبررات، التاريخية والدينية والأخلاقية، بهدف فرض شروطه ووضع نفسه في موقف أقوى وأفضل مقابل الآخر.

 

وتنبع تبريرات كل طرف من منظور أحادي البعد للنزاع على أنه نضال لا ينتج عنه إلا رابح وخاسر بين مجموعتين. لذا فإن الأرض موضوع الخلاف في السرد اليهودي هي أرض الميعاد التوراتية، والتي تطرح اليوم كأرض إسرائيل الكبرى، بما فيها الضفة الغربية ومدينة القدس الموحّدة. أما في الطرح الفلسطيني فإن الأرض المتنازع عليها أو معظمها، هي ملك للشعب الفلسطيني، الذي عاش وازدهر عليها بحرية وكرامة حتى العام 1948.

 

وحتى يتسنى تحقيق تحوّل يمكن أن يوفر حلاً للنزاع، يتوجب علينا تحرير عقولنا وأسلوب تفكيرنا من سجن السرد الجماعي الضيق، وإيجاد إطار جديد يكون واسعاً بشكل كافٍ ليضم سرد كل من المجموعات الوطنية التي تتشارك بهذه الأرض.

 

وصف العلماء والمفكرين خلال السنوات القليلة الماضية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني على أنه "نزاع شَموس"، أي أنه معقّد بشكل غير طبيعي وطويل الأمد، يسوده العنف ويصعب حلّه. يكمن تعريف النزاع بهذه التعابير في منظور أن قوة السرد الجماعي، مضافاً إليها الطبيعة بعيدة الأمد لهذا النزاع قد أوجدت قوى نفسية اجتماعية تجعل من الصعب حل هذا النزاع.

 

وبالطبع، تجعل مركزية القوى والسرد في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني الموضوع أكثر تعقيداً. يواجه الطرفان بعضهما بعضاً حول شرعية سردهما الديني التاريخي الجغرافي حسب علاقته بالأماكن المقدسة، وخاصة تلك التي تملك أهمية تاريخية ودينية عظيمة، مثل القدس. لذا فإن "فلسطين التاريخية" في السرد الفلسطيني و"إسرائيل الكبرى" في السرد اليهودي عالقان في صِدام سرمدي. ويتحول النزاع في الأوقات التي لا يلوح فيها حل على الأفق، إلى خط صدام بين السَردَين.

يمكن إيجاد مفتاح حل النزاع إذا تمكن الطرفان، ضمن أمور أخرى، من الابتعاد عن تمسكهما القوي بسردهما الجماعي، والمجال العام وإعطاء أهمية أكبر للمجال الشخصي.

لا يعني التخلي عن مجالات السرد الجماعي التخلي عن مواقف المرء، وإنما تحييد تأثير هذا السرد الكاسح وهيمنته على النزاع. قامت المنظّرة الأدبية مونيكا فلودرنيك بوضع تعبير "التسريد"، وهي عملية تبادلية تسمح بوضع السرد وتشكيله. برأيي أن هذا الأسلوب باستطاعته أن يمكّن المجموعات الكبرى التي تعيش في حالة نزاع على هذه الأرض من بناء سرد مشترك هو بالدرجة الأولى الحق بالعيش بحريّة ومساواة. وسوف يكون هذا ذو علاقة ليس فقط بالإسرائيليين والفلسطينيين وإنما كذلك بالعلاقات اليهودية العربية داخل إسرائيل.

 

إلا أنه من الصحيح أن إيجاد أكثر من سرد مشترك ليس بالقضية السهلة، وهي في الواقع ليست نظرية مثبتة، فهي ستتطلب من طرفي النزاع البحث عن أساليب إبداعية لتطبيق التغيير المفاهيمي العميق الذي ينتج عنه تحوّل كهذا. وهذا يعني إيجاد حلول وسطى. ولكن تغييراً كهذا هو وحده القادر على توليد تسوية تاريخية تذهب إلى ما وراء الحل السياسي وحده، وهي أكثر استدامة منه.

 

تحتاج عملية بناء سرد مشترك أن تتم في أماكن متعددة في الوقت نفسه: التعليم والاقتصاد والسياسة والإعلام وغيرها. يجب على سبيل المثال اشتمال برامج في الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية الثقافية في نظم التعليم كمكوّن مركزي على الجانبين. ويعتبر هذا أمراً ضرورياً لزيادة أهمية قيم مثل الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان في عيون الأجيال المقبلة، وخاصة إذا كان البرنامج يقدّم أدوات ملموسة لتشكيل التعايش بناءاً على الكرامة والمساواة.

 

كما يجب أن يحصل تغيير معمّق في المفاهيم عبر طيف عملية صنع القرار، بعيداً عن المصالح الوطنية أو الدينية أو السياسية الضيقة، نحو منظور أوسع وأكثر تكاملاً يرى الصالح العام والمصالح المشتركة كمبادئ أساسية مرشدة. وحتى يتسنّى التحرك نحو مستقبل مشترك. سوف يتحمل هؤلاء في مواقع القوة والسلطة مسؤولية تشكيل عملهم بناء على مبدأ الصالح العام هذا، الذي يغطّي السردَين.

 

قد يبدو ذلك ادّعاءاً زائداً في الطموح، ووهماً من التمنيات. ولكن هل سنستمر في السماح للماضي أن يهيمن على حاضرنا ومستقبلنا؟ ألا نستطيع، يهوداً وعرباً، أن نحقق هذا التغيير ونتمتع بالعيش معاً في مجال مشترك وسلام؟

ــــــــــــ

* أمل أبو زيدان ناشط في منظمات السلام والبرامج التعليمية التي تشجّع القيم الديمقراطية، وهو من قرية المغار في الجليل ويعيش في القدس. ُكتب هذا المقال لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ