ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 26/05/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


لحظة لاتخاذ قرار

لارا طماش

الدستور

25-5-2010

لكم يعتصر القلب عندما نرى ان أحبتنا يتألمون فشلا...سواء أكان برضاهم ام لا ، تجارب مختلفة مكتوبة على جباه كل البشر...ومواقف من الحياة ملونة في عيونهم... كم تراكضوا وراء الفرح و الرضا و كم تتردد افراحهم قبل الوصول اليهم..الجميع اختبر انه ليس من السهل ان نفرح فالألم يزرع في قلوبنا نقاء ما بعده نقاء...و دموعنا تغسل ارواحنا... الماضي قد يعطر الحاضر و النجاح يولّد الفرح و لكن ما لاشك فيه ان زراعة بذور النجاح مهمة صعبة....و زراعة بذور الفشل تكاد تكون اسهل عمل في هذا العالم... وكم هم كثر من يتلذذون بهد ابراج النجاح...و يتفننون في خلق العراقيل .... و اسكان التهيئات في النفس... فالنجاح يحتاج الى عناية... ملاطفة و مواظبة لانجازات المرء .... اما الفشل فلا يحتاج لاكثر من ان ندير ظهورنا للعالم لا مبالين و نغفو طويلا في جهل مخبئين روؤسنا بين اكتافنا.. على الا ننسى ان نصم آذاننا.... و نغوص في اوهام اننا عظماء..و عليه فالفشل مرض معد يتفشى في كل مكان و ينتقل بين الأقران... الانسان فينا ضعيف جدا كورقة هشة تلعب بها الرياح و تعلقها على حبال من امل واهم كذاب... و شتان بين الحقيقة و الخيال ..فاذا ايقينا الواقع كان انكسارنا صعبا و جذورنا راسخة في الارض... كم كان بيننا اشخاص تحطمت اوهامهم او احلامهم على صخور حقيقة الحياة و كم بيننا من صامد... ان القوة التي تولد من انكسار وضعف هي الاعظم و الاكثر صلابة للوقوف في وجه الريح الغادرة ... فالغدر يخجل ان يقترب من الأوفياء و لايقوى على مواجهة الأقوياء الصامدين.. و مفردات اللغة تقف احيانا عاجزة عن وصف صور من الحياة وان كانت هي مرآة لأحوال البشر....قابلنا اشخاصا كثيرين بنوا امالا وضيعوا اوقاتهم بانتظار المعجزات...في زمن لا اعتقد ان للمعجزات مكانا فيه.... و اشخاصا انتظروا الآخرين ليصنعوا لهم مستقبلهم فتراخوا.. وهناك وجه اخر لآخرين أبوا الا ان يفكروا و يخططوا فقرروا و عزموا امرهم على المضي نحو ما يطمحون ..ان الرابح الاكبر هو من تقدم و لم ينتظر من بعض الايدي دفعة ، فمنها خائن قد يدفع البعض نحو الانزلاق في دائرة مغلقة.... لكن من يثير الحماس الصادق و الاندفاع في نفسه هو بلا ادنى شك قادر على اثارة الحماس في الآخرين من حوله... كم هو محظوظ من استطاع ان يعانق كفا حنونة دافئة و صادقة...تمسح على رأسه في الرفض و القبول... اعتقدت طويلا اني اتعلم من مرافقة الأقوياء و لطالما احببت ان اصادق من كانوا اكبر مني...نتعلم نحن من تجاربنا كثيرا..و تعلمت من تجاربي و تجارب غيري في هذه الحياة ان مرافقة الضعفاء تعلم اكثر احيانا...و تسلحنا بدفاعات لمكافحة الضعف والانكسار...فقد نرفض صورة احد الضعفاء و تكون حافزا لنا لحمل الرماح... اجمل الأحاسيس التي تنتاب المرء على الاطلاق هو الشعور بانه قام باتخاذ القرار و الخطوة الصائبة في التوقيت و المكان الصحيحين...حتى لو خالفه الكثيرون...فلا احد اقدر منا على تقدير احتياجاتنا و تنفيذ رغباتنا في التوقيت الذي نراه مناسبا لنا... و لا شيء اكثر ايلاما لروح ان يأخذ الآخرون عنا قرارتنا و نقبلها لنعيشها غصبا عنا.. و نحن كل يوم نرفضها...علينا تحمل مسوؤلية الحياة ..وعبئها..ربما؟؟..بل بالتأكيد... و لكن يساعدنا كثيرا في هذه المهمة الا نطيل النظر ابدا من اين والى اين تعثرنا ووقعنا و لكن ربما علينا ان نحلل لماذا وقعنا و من اين انزلقت أقدامنا.؟

====================

أزمة اقتصادية أم أزمة فكر اقتصادي

د. محمد عبدالعزيز ربيع

 الدستور

25-5-2010

تمر اقتصاديات غالبية الدول العربية بأزمة تتفاوت حدتها بين دولة وأخرى ، تسببت في تراجع معدلات النمو في بعض الدول ، وتقلص اقتصاديات البعض الآخر ، وارتفاع معدلات البطالة في البلاد العربية بوجه عام. ولقد جاءت تلك الأزمة في أعقاب إصابة الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد الأوروبي بأزمة بنوك ومال وعقارات كان لها ردود فعل سلبية على مجمل الأداء الاقتصادي العالمي ، خاصة في أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي وبعض الدول مثل روسيا وأيسلندة وكندا والمكسيك. إن معظم الدول التي طالتها الأزمة الاقتصادية هي دول قامت بنوكها بالاستثمار في أوراق مالية أصدرتها بنوك الاستثمار الأمريكية على شكل حزم استثمار عقارية. أما الدول التي لم تستثمر مؤسساتها المالية في أسواق العقار الأمريكية والأوراق المالية المعتمدة عليها ، فيلاحظ أن غالبيتها لم تتأثر كثيرا بالأزمة الاقتصادية. من ناحية أخرى ، نلاحظ أن غالبية الدول العربية تأثرت بتلك الأزمة بالرغم من عدم تورط بنوكها في أسواق المال والعقار الأمريكية ، وعدم اعتماد اقتصادياتها على الاقتصاد الأمريكي.

 

ودون الدخول في شرح أسباب الأزمة المالية الأمريكية التي تحولت بسرعة إلى أزمة اقتصادية حادة ، فإن الأسباب الرئيسة أصبحت واضحة إلى حد كبير ، إذ جاءت الأزمة بسبب قيام البنوك الأمريكية الكبيرة وبيوت الاستثمار الرئيسة بالتلاعب في سوق العقار. ولقد أخذ التلاعب أشكالا مختلفة أهمها تقديم قروض مالية لأشخاص لم يكن بإمكانهم تسديد الدفعات الشهرية والفوائد المستحقة بشكل منتظم ، وإغراؤهم بالاقتراض من خلال تقديم قروض بنسب فوائد متدنية لفترات قصيرة ، 3 - 5 سنوات. ولقد نصت شروط القروض على رفع نسب الفوائد بعد انقضاء الفترة الأولى كثيرا ، بلغت أحيانا ثلاثة أضعاف النسب الأولية. وحين حان الوقت لرفع نسب الفائدة ، وجد الملايين من ملاك البيوت أنه ليس بإمكانهم تسديد الاقساط ، ما تسبب في إفلاسهم وخسارتهم لبيوتهم. ولقد تبع ذلك قيام البنوك ومؤسسات الاقراض بالاستيلاء على تلك البيوت وعرضها في سوق العقار ، ما أدى إلى انخفاض أسعارها كثيرا بلغت أحيانا %60 من قيمتها السابقة. وما أن بدأت عمليات الإفلاس حتى دخلت أمريكا وكل مؤسسات الإقراض والبنوك المتورطة في تلك العملية في أوروبا أزمة طاحنة تسببت في حدوث أزمة اقتصادية ومالية شبه عالمية.. كل البنوك والدول التي شهدت نشاطا عقاريا كبيرا وعمليات إقراض واسعة كانت ولا تزال جزءا من الأزمة التي أصابت العديد من دول العالم.

 

من ناحية ثانية ، هناك مجموعة صغيرة من الدول مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية والبرازيل وجنوب أفريقيا لم تتأثر بالأزمة ، بل استمرت اقتصادياتها في النمو ، وإن شهدت معدلات النمو بعض التراجع. ويعود سبب نجاح تلك الدول في تجنب الأزمة إلى عدم تورط بنوكها في عمليات الإقراض العقاري الأمريكية ، وانخفاض مديونية بعضها وتمتع بعضها الآخر بفائض ، وإلى كبر حجم اقتصادياتها نسبيا وقدرتها على التوسع الداخلي ، وتوجهها نحو الاستثمار في بلادها. لو قارنا أوضاع تلك الدول بأوضاع الدول العربية فسوف نلاحظ أن البنوك العربية ومؤسسات الإقراض لم تتورط في أزمة العقار الأمريكية أو الأوروبية ، ما يعني أنها تجنبت مصيدة العقار الأمريكية ، وأنها لا تُصدر شيئا ذا قيمة حقيقية يؤثرعلى مستويات العمالة العربية ، وأن السلعة الرئيسة التي تصدرها الدول العربية هي البترول الذي لم تنخفض أسعاره ولم يتراجع الطلب العالمي عليه بسبب توسع الاقتصاد الصيني والهندي بشكل أساسي ، وأن كل الدول العربية الرئيسة المصدرة للنفط لديها فائض مالي ومؤسسات استثمار سيادية كبيرة وغنية.

 

إذن لماذا دخل الاقتصاد العربي في أزمة؟ ولماذا لم يخرج منها حتى الآن بالرغم من اتجاه الاقتصاد الأمريكي والأوروبي إلى الخروج من أزمته على استحياء؟. إنني أعتقد أن الأزمة العربية ليست أزمة اقتصاد وإنما أزمة إدارة اقتصادية.. إن تبعية العرب لأمريكا من النواحي السياسية والأمنية يبدو أنها أقنعتهم بضرورة أن يكونوا تابعين لتلك الدولة حتى لو ذهبت إلى الجحيم.. إن أزمة الغرب الاقتصادية لم تنته ، وإنه ليس من السهل أن تنتهي قريبا ، وذلك بسبب ارتفاع المديونية الخارجية في أمريكا والعديد من دول الاتحاد الأوروبي ، واتساع حجم العجز في الموازنات الحكومية ، وتضخم أعداد العاطلين عن العمل. إن على أمريكا على سبيل المثال أن تخلق حوالي نصف مليون وظيفة شهريا لتنخفض نسبة البطالة مع حلول عام 2015 إلى حوالي 6% ، وهذا أمر من الصعب تحقيقه في ضوء العجز المتزايد في الميزانية والمطالبة الشعبية بخفض الإنفاق الحكومي.

 

إن عدم وجود مسببات حقيقية لوجود أزمة اقتصادية عربية يستوجب قيام الحكام العرب بالإعلان عن انتهاء الأزمة ، والتوجه نحو الاستثمار في البلاد العربية كما فعلت الصين والهند والبرازيل. لقد اغتنمت الصين والهند فرصة الأزمة ليس للتباكي على السوق الأمريكية أو لندب حظها ، بل لأخذ زمام المبادرة والتوسع الاقتصادي عن طريق تكثيف الاستثمار الداخلي ، وهذا ما يجب أن يفعله العرب اليوم. إن اعتماد صناديق الاستثمار السيادية أساسا على الاستثمار في الأسواق الأمريكية والأوروبية من المؤكد أن تكون نتائجه وخيمة إذا دخلت اقتصاديات تلك الدول أزمة ثانية. إن بإمكان العرب ومن واجبهم أيضا استغلال هذه الفرصة ليس للمساهمة في تمويل ديون أمريكا ، بل في تعزيز الاقتصاديات العربية والسير قدما على طريق التكامل الاقتصادي حتى يكون بإمكان الاقتصاد العربي أن يقف على رجليه ويحقق درجة جيدة من الاعتماد على النفس. لهذا أقترح أن يقوم الحكام العرب بعقد اجتماع يعلنون من خلاله انتهاء الأزمة وتقديم ضمانات مشتركة للبنوك العربية كي تعود إلى الإقراض ، وتبني مشاريع استثمارية عربية كبيرة تخدم هدفي خلق وظائف جديدة وتسريع عملية التكامل الاقتصادي كبناء خط سكة حديد يمر على كل مدينة عربية.

 

وفي ضوء اتجاه المواطنين العرب خلال السنوات الثلاثة الأخيرة إلى إدخار نسبة أكبر من دخلهم بسبب تخوفهم من استمرار الأزمة فإن من المتوقع أن تواجه الاقتصاديات العربية أزمة تضخم تشمل العقار إذا لم يتم العمل على إنهاء الأزمة الحالية بسرعة. وهذا من شأنه أن يتسبب في رفع أسعار العقار كثيرا ، وزيادة حدة أزمة السكن بالنسبة لفقراء الأمة العربية ، وجعل إمكانية الحصول على لقمة العيش أكثر صعوبة. وهذا يعني باختصار أن الاستمرار في تكديس الثروات سيساهم في تعميق الأزمة وليس في حلها أو حتى تخفيف حدتها. إن المشاكل السياسية والأمنية التي تواجهها وتعاني منها بعض الدول العربية مثل اليمن والصومال والسودان ومصر لا يمكن حلها بقوة السلاح ، بل من خلال حل الأزمة الاقتصادية وما يرتبط بها ويقف خلفها من أزمة بطالة وفقر وسكن وجهل.

====================

منغصات صيف.. هل بانتظارنا حرب؟

شلومو بروم

( عميد احتياط، رئيس برنامج علاقات اسرائيل – الفلسطينيين في معهد بحوث الامن القومي)

اسرائيل اليوم الاسرائيلية

الرأي الاردنية

25-5-2010

في الفترة الاخيرة كانت الاجواء في الشرق الاوسط مليئة بالشائعات، السيناريوهات ونظريات المؤامرة في موضوع الحرب المتوقعة في الصيف، وكل من يكثر من المبالغة، يكون أفضل. السيناريو المفضل هو الذي ينهض فيه الجميع علينا لابادتنا؛ هجوم صاروخي وبالمقذوفات الصاروخية مكثف من ايران، سوريا، حزب الله من لبنان وحماس من غزة. الفرضية هي أنه اذا رأينا مسدسا في المعركة الاولى، أي التسلح بالصواريخ والمقذوفات الصاروخية فانه سيبقى يطلق النار حتى المعركة الثالثة.

لنبدأ بايران. يروون لنا بانه بالنسبة للايرانيين البرنامج النووي يوجد في اولوية اولى. اذا كان الامر صحيحا، فلدى ايران كل الاسباب للامتناع عن مواجهات عسكرية الى أن تصل الى قدرة نووية. مواجهة مبكرة كهذه ستستدعي هجمات على البرنامج النووي الايراني في ما هي تعرف بانها لا يمكنها أن تمنع نجاحات هذه الهجمات. في اقصى الاحوال، يمكنها أن تهدد بعمليات رد تجبي ثمنا من المهاجمين.

بالنسبة لسوريا، كانت مستعدة على مدى سنين طويلة لان تزعج اسرائيل حتى اللبناني الاخير. وعليه، فقد حافظت على الهدوء في هضبة الجولان واستخدمت المنظمات في لبنان ضد اسرائيل. صحيح انه بعد حرب لبنان الثانية اراد بشار الاسد أن يستمد منفعة من صورة الفشل الاسرائيلي في الحرب واطلق عدة تهديدات نحونا، ولكن حين حانت لحظة الاختبار تصرف على نحو مغاير. فلم يرد على سلسلة طويلة من الاستفزازات التي نسبت لاسرائيل: تدمير المفاعل النووي الذي بني في شمالي سوريا، تصفية عماد مغنية في دمشق وتصفية الضابط السوري الكبير الذي كان مسؤولا عن العلاقات مع حزب الله في الشاطىء السوري.

الاسد على ما يبدو يفهم بانه مع ان حرب لبنان الثانية أثبتت مرة اخرى هشاشة الجبهة الداخلية الاسرائيلية، ولكن الجبهة الداخلية السورية اكثر هشاشة بكثير؛ الصور من الضاحية في بيروت ومن جنوب لبنان لا تزال حية في ذاكرتنا. بمعنى، الهدف الاولي لمنظومة الصواريخ والمقذوفات الصاروخية المتطورة التي تبنيها سوريا هي ردع اسرائيل عن ضرب الجبهة الداخلية السورية. احدى مفارقات الردع كي أن استخدام التهديد، أي تفعيل مبادر اليه لهذه المنظومة ضد اسرائيل، سيستدعي الضربة التي تحاول سوريا منعها. توجد هنا حالة كلاسيكية من الرغبة في خلق ردع متبادل.

بالنسبة لحزب الله – المنظمة خرجت من حرب لبنان الثانية باحساس بانها ارتكبت خطأ جسيما في تقدير الرد الاسرائيلي، مثلما شهد نصرالله نفسه ودفعت لقاء ذلك ثمنا سياسيا كبيرا لانها اعتبرت في نظر الجمهور اللبناني كمن جر لبنان الى الحرب من أجل مصالح غريبة، حرب دفع مقابلها ثمنا باهظا. هذا هو الاساس للاستقرار في الحدود اللبنانية منذ الحرب. هل سيرغب حزب الله في أن يجر مرة اخرى لبنان الى حرب في ما هو يركز جدا على خطوات في الساحة السياسية الداخلية في لبنان كي يعزز مكانته؟

بالنسبة لحماس، فقد انكشفت في الحرب في غزة كجهة هشة للغاية بين اللاعبين الاربعة هؤلاء. فهل سترغب في أن تصبح لحما للمدافع تدفع الثمن الاكثر حجما من أجل باقي شركائها، حتى وان كان ضربها هو الاكثر وفرة وسهولة لاسرائيل غاضبة ومحبطة؟

بالطبع، توجد سيناريوهات حربية ترتبط بما ستفعله اسرائيل. اذا هاجمت اسرائيل البرنامج النووي الايراني، فايران على ما يبدو سترد. الحرب من شأنها أن تندلع ايضا اذا ما نفذ حزب الله عملية في الخارج، ردا على تصفية مغنية، واسرائيل سترد على ذلك في لبنان، الامر الذي يمكن أن يؤدي الى مسلسل من ردود الفعل بين الطرفين المشاركين.

ولكن حتى في حالة كهذه، فرضية ان كل حدث كهذا سيؤدي الى انضمام شبه تلقائي للاعبين الاخرين، لا يوجد لها اساس جدي.

====================

الدور الروسي الجديد في الشرق الأوسط

د. وليد محمد السعدي

الراي الاردنية

25-5-2010

فسرت زيارة الرئيس الروسي ديمتري فيدييف الأخيرة إلى العاصمة السورية دمشق بعدة روايات، ففي الوقت الذي سارع الطرفان السوري والروسي بالإعلان عن نية موسكو لعب دور بارز في تسوية النزاع العربي-الإسرائيلي، رأى البعض الأخر بان الرئيس الروسي يحمل رسالة من القيادة الروسية إلى القيادة السورية تدعو فيها القيادة السورية لاخد مواقف أكثر ليونة إزاء قضايا الشرق الأوسط بشكل عام وليس حصرا بالقضية الفلسطينية، خاصة وان العلاقات الروسية-الأمريكية بشكل خاص والعلاقات مع الدول الغربية بشكل عام تتجه إلى المزيد من التعاون والتنسيق على مختلف المستويات والمجالات، الأمر الذي يضع الاتحاد الروسي في خانة الدول الغربية المعنية إلى حد بعيد بقضايا الشرق الأوسط بما في ذلك الملف النووي الإيراني.

 

وعلى هذا الأساس جاءت زيارة الرئيس الروسي فيدييف لسوريا ليس فقط لدعم وجهة النظر السورية حول العديد من قضايا المنطقة وإنما لإقناعها بتعديل بعض مواقفها إزاء هذه القضايا العالقة.

 

وبالرغم من هذا وذاك فان المفاوضات التي أجراها الرئيس الروسي مع القيادة السورية تحمل في ثناياها جوانب أخرى منها الاقتصادية والتسلح وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة وان روسيا قد فقدت في الآونة الأخيرة الكثير من نفوذها في المنطقة وأصبحت بحاجة ماسة إلى أصدقاء أو حتى حلفاء في الشرق الأوسط بغية استعادة بعض من مكانتها في الصف العربي وخصوصا سوريا بالذات والتي كانت في الماضي تعد من ابرز حلفاء ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي سابقا في منطقة الشرق الأوسط، وقد أتت هذه الزيارة في هذا الوقت بالذات لتقوية نفوذ دمشق في الشرق الأوسط بعد أن عززت علاقاتها مع العديد من دول المنطقة بما في ذلك تركيا بشكل خاص.

 

وأصبحت هنالك قناعة بان دمشق تحمل مفتاح السلام فيما يتعلق بالعلاقات العربية-الإسرائيلية، ويلاحظ أيضا أن الرئيس السوري بشار الأسد قد أكد في الأيام القليلة الماضية وأثناء زيارة الرئيس الروسي للعاصمة السورية بان عودة الأراضي المحتلة إلى أصحابها هو الأساس، وان القضايا الأخرى بما في ذلك العلاقات الثنائية وقواعد السلام وغيرها من المسائل الشائكة والعالقة تجيء في المرتبة الثانية وأنها قابلة للتفاوض، إلا أن الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة يبقى هو العائق في تحقيق السلام المنشود بين الأطراف المعنية بعملية السلام في الشرق الأوسط.

وبذلك يكون الرئيس السوري بشار الأسد قد ابقى الباب مفتوحا على مصراعيه وأبقاه مشرعا لتحقيق سلام عادل وشامل بين الطرفين العربي والإسرائيلي على أسس عادلة وقانونية.

====================

مفارقات شديدة بين التضامنين الأوروبي والعربي

بسام الكساسبة

kasasbehb@Gmail.com

الرأي الاردنية

25-5-2010

مع أن لدى الدول العربية من القواسم المشتركة أكثر مما لدى دول الاتحاد الأوروبي، فقد تمكنت الدول الأوروبية من تكوين إطار تنسيقي ينظم شؤونها ويوحدها في المجالات الاقتصادية والسياسية والنقدية والعسكرية، بينما أخفقت الدول العربية على نحو ذريع في هذا المجال بالرغم من وجود اتفاقيات للوحدة الاقتصادية وللدفاع المشترك وللتنسيق السياسي ما بينها منذ تشكيل جامعة الدول العربية في عام 1945.

 

لقد تجسد التضامن الأوروبي الموحد بشكله العملي في التصدي للأزمات والتحديات التي تواجه أيا من دول الاتحاد خلال الأزمة الاقتصادية العنيفة التي اجتاحت اليونان مؤخرا، والتي كادت أن تعرض هذه الدولة لخطر الإفلاس المالي والانهيار الشامل، فبمجرد ظهور بوادر هذه الأزمة، تداعت دول الاتحاد الأوروبي، فأنتجت حراكا سياسيا وماليا مكثفا، وأفرزت اجتماعات على مختلف المستويات الوزارية والبرلمانية والرئاسية خلال الأشهر الماضية، تمخضت عن تقديم مساعدات مالية ضخمة لليونان بقيمة 110 مليارات يورو، منها مساعدات عاجلة بقيمة 24 مليار دولار، أما الرصيد المتبقي من المساعدات فسيتم تحويله لليونان خلال السنوات القادمة، إلى جانب ذلك مارست دول الاتحاد الأوروبي ضغوطا على صندوق النقد الدولي مما دفعه لتقديم مساعدات عاجلة لليونان بقيمة 5.5 مليار دولار، فهل بمقدور النظام العربي الرسمي تقديم حلول للازمات السياسية والاقتصادية التي تواجه أيا من الدول العربية على غرار ما تقوم به دول الاتحاد الأوروبي حيال الأزمات التي قد تتعرض لها أي من دول الاتحاد؟

 

على صعيد التنسيق والتضامن العربي العربي فالأمور مختلفة جذريا، إذ يعتبر الجزء الأكبر من الأزمات التي تعصف بعدد كبير من الدول العربية، ليس نتاجا لغياب التضامن العربي فحسب، بل نتاجا لما هو ابعد واخطر من ذلك بكثير، عندما يتبين أن الجزء الأعظم من تلك الأزمات هي من تدبير وحياكة العرب ومشاركتهم المباشرة وغير المباشرة بصنعها وإنتاجها، فدول عربية تتعرض للانهيار الاقتصادي، وبعضها تتعرض للتفكك السياسي، وبعضها تشهد حروبا أهلية طاحنة، وأخرى تعرضت للغزو وللاحتلال، وبعضها يفتك بها الفقر والجوع والمرض والبؤس الاجتماعي، وأخرى يفرض عليها الكيان الصهيوني حصارا فتاكا أمام مرأى العرب، مع ذلك لا ينتج التضامن العربي العربي أية حلول ناجعة ولو جزئية ومتواضعة إزاء تلك التحديات.

 

منظومة التضامن والتنسيق العربي الرسمي نموذج معياري للمكر وللتدليس وللغش السياسي،كما تمثل حالة مستدامة من اللامبالاة في التعامل مع التحديات المصيرية التي تواجه الدول العربية وشعوبها، فبالرغم من وفرة المال العربي، فلا يُرى لهذا المال أي أثر فعال سواء في إنقاذ دول عربية تواجه ظروفاً مالية وسياسية واقتصادية عسيرة جداً، أو في بناء استثمارات وتنمية اقتصادية عربية متطورة بمقدورها الارتقاء بمستوى معيشة الإنسان العربي.

====================

الأدوار "المصرية" التي تلعبها تركيا [2]

جهاد الزين

النهار

25-5-2010

أضِفِ الصومال

هل تكون "صدمة" نهر النيل ("الوجودية") التي سببتها لمصر مادة في اتفاقية عقدتها "دول المنابع" تعطي لنفسها فيها حق اقامة مشروعات وسدود على النهر داخل اراضيها بمعزل عن موافقة "دول المصب"... هل تكون هذه الصدمة ضرورية لمصر لكي تدرك فداحة "الفراغ" الذي تعيشه منطقة الشرق الاوسط وأهم ما فيه "الغياب الاستراتيجي" المتهمة به دولة "محورية" بأهمية مصر؟ فتبدأ القيادة والنخب المصرية الحكومية وغير الحكومية عملية مراجعة عميقة تتجاوز التحرك النشط الذي بدأته الرئاسة المصرية مع بعض الحكومات الافريقية؟

فإذا كانت "الدائرة الافريقية" لمصر قابلة لهذا النوع من احتمال "استضعاف" مصر المستقبلي في اهم مسألة حياتية لها منذ ولدت ككيان سياسي في التاريخ اي مياه النيل، فكيف بالدوائر الاخرى العربية والاسلامية والاوروبية المتوسطية التي بدأت دول مثل تركيا (كقوة استقرار) وايران (كقوة اعتراض او "شغب" جيو – سياسي) تتقدم اليها على حساب الدور او الادوار المصرية السابقة؟

من المفارقات... التي تكمل رصد ما اسميناه في تعليق يوم الجمعة المنصرم: "الادوار المصرية التي تلعبها تركيا" ان مؤتمراً دولياً حول الصومال عقد في الايام الثلاثة الاخيرة (السبت والاحد والاثنين) في اسطنبول برعاية الامم المتحدة وحكومتي تركيا والصومال وحضور ممثلين ل55 دولة.

في اسطنبول!

ألا يدفع هذا الخبر حول مكان المؤتمر الذي يتم تحت شعار "اعادة إعمار الصومال" الى التساؤل – ودون ان نحاول المبالغة في الاستنتاجات – هل حتى اسطنبول باتت مكان القاهرة في احدى الدوائر الاكثر التصاقاً بالدور المصري في الأزمنة الحديثة... شرق افريقيا؟ مع العلم ان تركيا افتتحت في الآونة الاخيرة خمس سفارات جديدة في دول افريقية مختلفة وهناك تخطيط في انقرة لافتتاح عشر سفارات جديدة في تلك القارة في السنوات المقبلة.

•••

طبعاً يوحي تحرك "دول منابع النيل" الى احتمال خطة بعيدة الامد قد تؤدي الى نوع من "استضعاف" مصر (والسودان) خصوصاً في مرحلة تلوح فيها امكانات انفصال جنوب السودان بما يعني عزل خريطة السودان العربي عن عدد من "دول المنابع" التي تتصل بها جغرافيا بشكل مباشر؟

مصر قادرة طبعاً على الدفاع عن نفسها بخبراتها السياسية والتقنية والديبلوماسية... كما حتى العسكرية... حتى لو بدت هذه النقطة الأخيرة مستبعدة جداً على المدى المنظور... وإن كان الدور الاثيوبي الملاصق ايضاً لشرق السودان وليس فقط جنوبه يثير على ما يبدو في القاهرة اسئلة وشكوكاً وارتيابات اكثر من ادوار دول أخرى ككينيا او اوغندا او غيرهما من "دول المنابع"؟. وهذا له ايضاً وطأة اضافية "اقرب" حين يتعلق الأمر ببعد خاص في الأزمة يتعلق بالعلاقات الاثيوبية – المصرية المتصلة والمعقدة تاريخياً، مياها، وجغرافيا سياسية، وديناً بل حتى كنائسياً بين المرتفعات والوادي؟

وإذا كانت مصر متراجعة في الشرق الاوسط بصورة ما، فإنها امام احتمال التطور السلبي لهذه الأزمة الاستراتيجية حول "النيل"، تكون معرّضة للانتقال من "الاستبعاد" او "الاستغياب" الى "الاستضعاف"...

وكلنا... مصريون في هذه الحالة. بدون تردد.

• راجع مقال جهاد الزين في عدد الجمعة 21 ايار 2010 على موقع "النهار" على الانترنت www.annahar.com

====================

مصالح أميركا وإسرائيل متناقضة اليوم ! -2-

سركيس نعوم

النهار

25-5-2010

يلاحظ الباحثون والمتابعون انفسهم للعلاقة الاميركية – الاسرائيلية وتأثيرها على الشرق الاوسط في صورة عامة ان الهمّ الاول للولايات المتحدة هو ابقاء توازن القوى القائم حالياً في هذه المنطقة على هشاشته. ويعني ذلك ان مصلحتها تكمن في عدم حصول اي من القوى الاساسية فيها على قوة كبيرة بحيث تصبح "عاصية" على المسؤولين في واشنطن. فاسرائيل هي اساساً، ورغم التغيرات التي احدثها دخول ايران الاسلامية على خط الصراع العربي – الفلسطيني، القوة المسيطرة على منطقة وجودها، وقدرة سوريا والاردن ومصر على احتوائها منفردة او مجتمعة محدودة. وبذلك تتحول اسرائيل من فريق قوي بين مجموعة افرقاء اضعف منها الى فريق طاغ عليهم وقادر على التحرك خارج اطار المصالح الاميركية. وما يهم اميركا اليوم هو تأمين الاستمرار في مصر في حال وفاة رئيسها حسني مبارك، لا سمح الله، وتأمين بقاء المملكة الاردنية الهاشمية مستقرة، وهو ايضاً ضمان ان لا يُعقّد اي تطور تشهده المنطقة الوضع فيها، الذي هو مُعقّد اساساً.

هل تستطيع اسرائيل مساعدة اميركا في منطقتي توازن القوى الوسطى والشرقية؟

يجيب الباحثون والمتابعون انفسهم عن ذلك بالقول ان ما تستطيع اسرائيل ان تفعله في المنطقتين لمساعدة واشنطن قليل. وعلى العكس من ذلك، فإن انهيار منطقة التوازن الغربية جرّاء انهيار النظام المصري مثلاً او حرب اسرائيلية جديدة على "حزب الله" في لبنان، سيجر الاميركيين الى الاشتراك في الصراع مباشرة. وقد يرافق ذلك اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة. وذلك كله يعني، ونظراً الى ان اميركا تستعمل اقصى قدراتها في هذه المرحلة، أن اسرائيل قد تؤذيها بقرارات جذرية تتخذها، مثل توجيه ضربة عسكرية الى ايران من دون اي تنسيق مع واشنطن. لكل هذه الاسباب فإن ما تريده اميركا من اسرائيل الآن هو شيء واحد: عدم الإقدام على اي عمل يزعزع منطقة التوازن الغربية (اسرائيل والعرب والمسلمين) ويُصعِّب مهمتها في مناطق اخرى.

هل تتجاوب اسرائيل مع المطالب الاميركية المشروحة اعلاه؟

ترى اسرائيل، استناداً الى الباحثين والمتابعين انفسهم، ان مصلحتها تكمن في استغلال قوتها وانشغالات اميركا ومشكلاتها، بغية تثبيت سلطتها وخلق حقائق جديدة على الارض، من هذه الحقائق: الاستيطان في القدس الشرقية، ومن ابرزها على الاطلاق إعادة تكوين الديموغرافيا والجغرافيا في منطقتها وعلى نحو يخدم مصالحها. وكلها حقائق تعتبر اسرائيل ان حقها فيها ثابت لا تستطيع اميركا ان تتدخل فيها، وتعتبرها اميركا مؤذية لمصالحها في المنطقة. ويعني ذلك ان مصالح هاتين الدولتين الحليفتين استراتيجيا قد بدأت تفترق بعد تلاق استمر عقوداً. والمؤلم اميركياً - يتابع هؤلاء - هو ان اسرائيل ترى هذا الافتراق فرصة في حين تراه اميركا خطيراً أو "مخاطرة". انطلاقاً من ذلك، يرى المتابعون والباحثون اياهم، ان اسرائيل تعتبر اميركا ضماناً لها ضد كل الاخطار (Insurance)، لكنهم يرون في الوقت نفسه ان رئيس وزرائها نتنياهو يعتقد ان حاجة اميركا الى منطقة غربية مستقرة ستسمح لها بالقيام بكل ما تريد فيها. ومهمة رئيس اميركا باراك اوباما في رأي هؤلاء هي اقناع نتنياهو بأن لإسرائيل قيمة استراتيجية اميركياً ولكن في الاطار العام للمصالح الاميركية في المنطقة. واقناعه ايضاً بأن تحوّل اسرائيل جزءاً من المشكلة التي تواجهها اميركا بدلاً من ان تكون جزءاً من الحل سيدفع ادارته الى البحث عن حلول اخرى. وهذا امر قد لا يكون سهلاً على اوباما او اي رئيس آخر، لكنه قطعاً ليس مستحيلاً. ومن هذه الحلول الاخرى تركيا، القادرة على تأمين الاستقرار في المنطقة، و"المتشوقة" للقيام بهذا الدور باستغلال التوترات الاسرائيلية مع الولايات المتحدة. طبعاً قد لا يكون هذا الحل التهديد الكبير المخيف، لكن الحقيقة التي يؤمن بها الجميع في اسرائيل واميركا ان الاولى لا تستطيع احتمال اي تهديد اميركي رغم انه اليوم قد لا يكون كبيراً بالنسبة اليها. ذلك ان علاقة التحالف الاستراتيجي بين الدولتين هي احد ابرز الاساسات للاستراتيجية الكبرى لاسرائيل على المدى البعيد.

في اختصار وفي وضوح كلي، يلفت الباحثون والمتابعون انفسهم للعلاقة الاميركية – الاسرائيلية، الى ان الكلام عن استراتيجية الشراكة بين اميركا واسرائيل ليس صحيحاً أو دقيقاً، على الاقل اليوم، فالعلاقة بينهما اكثر تعقيداً مما يبدو. ويلفتون ايضاً الى ان الكلام عن ان دعم اميركا لاسرائيل يغذي مشاعر العداء صحيح لكنه غير شامل او غير كاف. ويلفتون اخيراً الى ان المصالح الوطنية لاميركا واسرائيل تقضي بتوسيع كل منهما حرية حركته ومناوراته. فالاسرائيليون يمتلكون "ميزة" بسبب المصالح الاميركية المنتشرة في المنطقة. لكن ذلك يخلق تهديداً طويل المدى. اذ ان الولايات المتحدة، ومع حربين مستعرتين في المنطقة، ومع توازنات اقليمية متداعية، لا تحتاج الى ازمة جديدة وخطيرة. فإسرائيل لها مصلحة في البقاء في القدس الشرقية، واميركا ليس لها مصلحة في ذلك. وذلك يكوّن او يحدد اطار المحادثات او الحديث بين نتنياهو واوباما. اما الباقي فمجرد كلام منمّق.

====================

مستقبل غامض

بقلم :توفيق المديني

البيان

25-5-2010

يعتبر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الرئيس المبادر في إطلاق مشروع إنشاء اتحاد متوسطي: أي منظومة حضارية وسياسية واقتصادية وأمنية وثقافية، تجمع بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط شماله وجنوبه، على غرار عملية بناء الاتحاد الأوروبي؛ اندماج لضفتي المتوسط بوساطة الاقتصاد..

 

وفي 13 يوليو 2008، عقدت القمة الأوروبية المتوسطية في باريس، التي شهدت إطلاق مشروع «الاتحاد من أجل المتوسط»، الذي يبحث عن إقامة منطقة تجارة حرة أوروبية متوسطية، وتعزيز الاندماج الاقتصادي قبل سنة 2010.

 

لقد أراد الرئيس ساركوزي أن يكون «الاتحاد من أجل المتوسط» بديلاً عن الشراكة المتوسطية التي تأسست في برشلونة في 28 سبتمير 1995، إذ تحول الاتحاد إلى محطة لإنهاض الشراكة، وتحريك مفاصلها التي أصابها التكلس والجمود.

 

وقال آلان لوروا، الدبلوماسي الفرنسي الذي كُلّف بمتابعة تنفيذ مشروع «الاتحاد من أجل المتوسط»: «إن الأهداف التي نشأ الاتحاد من أجلها لا تزال قائمة»، ثم استطرد قائلاً: «إن الاتحاد قادر على الاضطلاع بدور مهم في التعجيل بالسلام في الشرق الأوسط...».

 

وكان من المقرر أن تعقد قمة «الاتحاد من أجل المتوسط» يوم 7 يونيو 2010 في مدينة برشلونة الإسبانية، غير أن المتحدث باسم الرئاسة المصرية سليمان عواد أعلن في أثينا التي زارها الرئيس المصري حسني مبارك، أنه تقرر تأجيل القمة إلى شهر نوفمبر المقبل، لضمان «أكبر مشاركة فيها من الجانب العربي»، وذلك بعد إعلان وزير الخارجية الصهيوني المتطرف أفيغدور ليبرمان نيته حضور القمة.

 

وشهدت العاصمة البلجيكية بروكسل يوم الإثنين 17 مايو الجاري، الاجتماع التحضيري الأول للقمة المتوسطية على مستوى السفراء، بعد أن تم إلغاء اجتماع وزراء الخارجية للبلدان المتوسطية، الذي يسبق القمة، جراء رفض الدول العربية الاجتماع في قاعة واحدة مع وزير الخارجية الصهيوني ليبرمان.

 

وفي هذا الاجتماع التحضيري، برزت الخلافات التقليدية بين البلدان العربية المتوسطية، والبلدان الأوروبية، حول ملفي الصراع العربي الصهيوني، وحقوق الإنسان.

 

ففيما كان النقد العربي في الماضي يتركز على اقتصار الدور الأوروبي كممول فقط في عملية السلام الجارية، التي انطلقت منذ مؤتمر مدريد عام 1991، بسبب عجز أوروبا عن انتهاج سياسة مستقلة عن السياسة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط.

 

تفجر الخلاف في الاجتماع التحضيري بسبب «الفقرة السياسية» التي سيتضمنها البيان السياسي لقمة برشلونة، إذ أصرت البلدان العربية على أن يتضمن البيان، المقررات الصادرة عن اجتماع وزراء خارجية الاتحاد من أجل المتوسط في مرسيليا 2008.

 

والتي تعترف بأن حل الصراع العربي الصهيوني لن يتم إلا عبر «التسوية الشاملة» المستندة إلى قرارات الشرعية الدولية، وإلى المبادرة العربية للسلام التي وردت لأول مرة كإحدى مرجعيات الحل في الوثائق الأوروبية.

 

إضافة إلى بيان مجلس الاتحاد الأوروبي في اجتماعه يوم 7 ديسمبر2009، الذي انتقد فيه إسرائيل لبنائها المستوطنات في الضفة الغربية، والقدس، والذي أشار فيه أيضا إلى أن الاتحاد الأوروبي «..

 

لم يعترف قط بضم إسرائيل للقدس الشرقية. ولتحقيق سلام حقيقي، ينبغي إيجاد وسيلة... لحل وضع القدس كعاصمة للدولتين في المستقبل... كما يدعو المجلس الحكومة الإسرائيلية إلى أن تكف عن كل أشكال المعاملة التمييزية ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية».

 

أما الخلاف الثاني، فتمثل في إصرار الجانب الأوروبي، على أن يتضمن بيان قمة برشلونة فقرة واضحة تشدد على ضرورة احترام حقوق الإنسان، وهو ما اعتبرته الدول العربية مسّاً بالسيادة الوطنية.

 

وتتباين الثقافات السياسية وأساليب الحكم والقيم بين ضفتي حوض البحر المتوسط. والسؤال هنا لا يتعلق باختلاف النظم، بل أولاً باستعدادها لرفع الثقافة الديمقراطية الغربية لمرتبة المثل الأعلى المنشود، وثانياً قدرتها على تطبيق هذه الأنماط الغربية بشكل فعلي.

 

وحتى إن سلمنا بأن مبدأ الديمقراطية على الطريقة الأوروبية مقبول من جميع الشركاء في جنوب المتوسط، يبقى حق الدول ذات السيادة في تقرير الحاجة إلى تعجيل عملية التحول الديمقراطي، أو إلى إبطائها، أو تقييدها أو حتى تجميدها.

كاتب تونسي

====================

الرماد المشتعل وسط أوروبا

بقلم :حسن عزالدين

البيان

25-5-2010

تصاعدت حدة التوتر الكلامي في وسط أوروبا مجددا، على خلفية المحاولات التي يقوم بها بعض الأطراف لتأجيج النعرات القومية، لا سيما تلك المرتبطة بمسألة ازدواجية الجنسية والتي يدعو هؤلاء لتكريسها حاليا، في حين يطالب آخرون بنسف الفكرة من أساسها، نظرا لما تتضمنه من مخاطر كثيرة.

 

ولعلّ أبرز مثال على ما يجري في هذا السياق، هو الجدل المستعر حاليا بين المجر وسلوفاكيا، حيث إن المبادرة التي أطلقها بهذا الصدد رئيس الوزراء المجري الجديد فيكتور أوربان، لم تلق في الجانب الآخر من الحدود إلا الشجب والاستنكار.

 

لقد أصبحت هذه المشكلة المتوارثة منذ عهود خلت، حجر الزاوية في العلاقة السياسية وربما الاجتماعية القائمة بين البلدين، ولم يغير من واقع الحال حتى التعاون الوثيق القائم بينهما، منذ أن اتخذا قرارهما المصيري بالولوج معا في كافة إفرازات المرحلة السياسية الجديدة التي نشأت بعد انتهاء الحرب الباردة.

 

فالتعاون القائم في هذا السياق أدّى لانضمامهما معا إلى مجموعة »دول فيشيغراد»، ومن ثم لتحقيق هدفهما السياسي الاستراتيجي المتمثّل بالانضمام إلى حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، واستطرادا إلى الانسلاخ كلّيا عن دائرة النفوذ السوفييتي وتاليا الروسي.

 

لكن يبدو أن جميع هذه التطورات، لم تساهم فعليا إلا بتحقيق الأهداف الشاملة المرتبطة بالمفهوم الجيو سياسي الذي كان سائدا في تلك المرحلة، في حين أن القضايا القومية العالقة قد وُضعت جانبا، دون أن يتم إيلاؤها اهتماما كاملا ومناسبا.

 

هذا لا يعني بالطبع أن الدول المعنية لم تلامس القضايا المرتبط بالمسائل العرقية والقومية، إلا أن تطورات الأيام الأخيرة أثبتت أن ما كان يجري على هذا الصعيد، كان بمثابة إخفاء غير ناجح لرماد حار قد يشتعل في أية لحظة.

 

هذه بعض الحقائق التي تبين بالأرقام ما نتحدث عنه: شكّلت الأقلية القومية المجرية في الجمهورية السلوفاكية المستقلة (نشأت في عام 1993)، ما مجموعه 11% من مجمل السكان، في حين بلغت نسبة الأقليات القومية غير السلوفاكية ما مجموعه حوالي 14%.

 

هذا يعني بالأرقام أن عدد الأقلية المجرية في تلك الفترة قد وصل إلى أكثر من 550 ألف نسمة، من مجمل السكان البالغ عددهم حوالي خمسة ملايين ونصف مليون نسمة.

 

وبالتأكيد، فإن حقائق إحصائية مثل هذه تتطلب ترجمة فعلية على أرض الواقع، إن كان على صعيد تأمين وصيانة الحضور الاجتماعي، لكن أيضا في ما يخص الرغبة بالمشاركة في صياغة وصنع القرار السياسي.

 

في البدايات لم تتعد مطالب الائتلاف المجري النيابي في سلوفاكيا (إيغيوتيليس والحركة المجرية المسيحية الديمقراطية) المطالبة بتأمين الأمور الاجتماعية والتربوية العادية: بناء أو توسيع المدارس والجامعات الناطقة باللغة المجرية، اعتبار اللغة المجرية لغة رسمية في المناطق المختلطة، وغير ذلك من الأمور البسيطة.

 

ويمكن القول إن نسبة الجموح المجري كانت ملزمة بالانضباط ضمن تلك المطالب المتواضعة، لا لشيء سوى أن الاندفاع القومي السلوفاكي المتشدد كان متعاظما في تلك الفترة، في ظل نجاحه في تكريس مبدأ قيام جمهورية سلوفاكيا المستقلة القابلة للاستمرار والتطور. وهذا كان في الواقع حلما أراد السلوفاكيون تحقيقه وصيانته بأي شكل من الأشكال.

 

بعد ذلك بقليل، وفي سياق جهودهما المشتركة للتقرب من الهيئات الأوروبية واليورو أطلسية، حاول الطرفان تذليل الخلافات التي كانت لا تزال قائمة، من خلال توقيع معاهدة توافق ضمن إطار مؤتمر معاهدة الاستقرار، بحيث فازت سلوفاكيا بضمانة الحماية الدولية لحدودها القائمة، شرط أن تضمن في المقابل احتراما كاملا لحقوق الأقليات القومية وفي مقدمتها المجرية.

 

لكن كما كان متوقعا، فإن الخلافات الكثيرة القائمة أدّت إلى عدم الالتزام كليا بما تم التوافق حوله، وبالتالي إلى تأخير عملية انضمام سلوفاكيا إلى الاتحاد الأوروبي.

 

ورغم التقدم البارز الذي أحرزته سلوفاكيا في الأعوام التالية على صعيد تأمين حقوق الأقلية المجرية، إلا أن الموضوع كان يبرز مجددا بين وقت وآخر، إن كان ضمن سيناريو قومي سلوفاكي متشدد، أو ضمن صياغة أخرى مماثلة على الجانب المجري.

 

ويبدو أن الكرة باتت اليوم في الملعب المجري، في ظل الانتصار الكبير الذي حققته القوى القومية المتشددة في الانتخابات الأخيرة، واعتمادها على كثير من الشعارات ذات الطابع الاستفزازي، التي قد تنقل حالة المراوحة القائمة إلى وضع أكثر خطورة.

 

وهذا بالتحديد ما بات يحذر منه كثيرون، لأن تطورات الأيام الأخيرة أظهرت ميولا لدى الطرفين للجنوح نحو لغة أكثر عنفا، مع تصاعد الحملات الانتخابية البرلمانية المعتمدة تحديدا على إثارة تلك النعرات القومية.

 

ولعلّ أبرز ما يشير إلى تلك الحالة الخطيرة، هو التراشق الإعلامي القائم بين رئيسي وزراء البلدين بخصوص مسألة تعميم ازدواجية الجنسية من خلال قانون خاص، بحيث ترى فيه المجر أملا سيساهم في تقريب أبنائها الموجودين في الشتات، في حين تعتبره سلوفاكيا بمثابة »قنبلة موقوتة«ستفجر الأمور في أوروبا بأكملها، كما قال حرفيا رئيس وزرائها روبرت فيتسو.

 

لا شك أن الخلاف المستجد لن يكون الأخير، فالمعطيات المتوفرة وحقائق التطور التاريخي الحديث، تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن العلاقة بين البلدين ستبقى محكومة بتأثيرات الرماد الحار آنف الذكر، والمختبئ ربما تحت سطح رقيق من الرمال المتحركة.

 

وإذا أخذنا بعين الاعتبار مطالب المتشددين في كلا الجانبين، سنرى حتما أن حالة الكراهية الشديدة القائمة لن تجمّلها أو تخفف من وطأتها حتى العبارات الدبلوماسية المنمّقة، وستبقى ماثلة في المشهد السياسي، رغم كافة أشكال التحالف القائمة بين الطرفين في الوقت الحاضر.

كاتب لبناني

====================

العلاقة الصعبة بين تركيا والاتحاد الأوروبي

الثلاثاء, 25 مايو 2010

سيريل تاونسند *

الحياة

يشرح معجم اللغة الإنكليزية العبارة الإنكليزية القديمة the penny drops (قطعة النقود تسقط) بأنّها تعني أن الشخص بدأ أخيراً يدرك أمراً معيّناً. وتحيلني هذه العبارة إلى آلة قديمة ينبعث منها رنين القطع النقدية بعد إدخالها فيها لتشغيلها. ومن هنا تساؤلي عما إذا كانت تركيا تعي أن مستقبلها لا يكمن داخل الاتحاد الأوروبي؟ هل بدأت قطعة النقود تسقط فيها؟ أو بعبارة أخرى: هل بدأت تدرك أخيراً هذا الواقع؟

عام 1999، باتت تركيا التي تُعتبر عضواً يحظى باحترام كبير داخل حلف شمال الأطلسي وتحمي جناحاً مهمّاً فيه، مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي الذي يتوسع في شكل كبير ويزداد تأثيره يوماً بعد يوم. وقد تمّ تحذير تركيا من أنّ هذه العملية قد تستغرق وقتاً طويلاً وأنه يترتب عليها إجراء إصلاحات عدة في مجال حقوق الإنسان والحقوق المدنية. وعليها أن تلغي عقوبة الإعدام وتغيّر قانونها الجزائي. كما أن الدور السياسي الذي كان يلعبه الجيش التركي لم يعد مقبولاً ولا القيود التي فُرضت على حرية التعبير، ناهيك عن النقص في حقوق المرأة والأكراد على حدّ سواء.

ولم يسجّل النقاش الدائر في شأن عضوية تركيا المحتملة في الاتحاد الأوروبي نسبة مشاركة عالية في المملكة المتحدة، ما عدا الرسائل المتناثرة التي تنشر أحياناً في باب بريد القراء. لقد اكتشفتُ أن هذا النقاش يخلط بين مجموعة من القضايا والمشاعر القومية ولا شك في أنه يحظى بأهمية دولية كبيرة.

استخدمت إدارة بوش نفوذها الديبلوماسي لإقناع الاتحاد الأوروبي بفتح أبوابه أمام انضمام تركيا المبكر إليه. إلا أن محاولتها باءت بالفشل. وعلى رغم تقبل بعض الديبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي حقّ الرئيس بوش في الضغط على الزعماء الأوروبيين، إلا أنهم لم يرحّبوا بالافتراض الذي أعلنه وزير الخارجية الأميركي آنذاك كولن باول بأن المحادثات في شأن انضمام تركيا إلى الاتحاد قد تبدأ قبل أن تمتثل تركيا للمطالب المتعلقة بحقوق الإنسان. واتهم المسؤولون في الاتحاد الأوروبي والحكومة الفرنسية أميركا بالتدخل في شؤون الاتحاد الداخلية.

أما السؤال الكامن وراء هذا الجدل فهو التالي: هل تُعتبر تركيا بلداً أوروبياً أم بلداً آسيوياً؟ والجواب أن تركيا هي بلد آسيوي في العمق وأن جزءاً منها يقع جغرافياً في أوروبا. ربما لا توافقني النخب العسكرية والديبلوماسية النافذة في تركيا هذا الرأي لكن قد يتفق معي المزارعون الفقراء الذين يعيشون في الجزء الشرقي من تركيا. فقد حاول المغرب الذي تربطه علاقات وثيقة بفرنسا وإسبانيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أنه تمّ إبلاغه بطريقة لبقة أن الاتحاد الأوروبي هو كيان جغرافي محض.

ومنذ أيام قليلة، عقد الرئيس التركي عبد الله غل مؤتمراً صحافياً حضره صحافيون أوروبيون وقد أظهر هذا المؤتمر بوضوح ابتعاد السياسة الخارجية التركية عن الغرب وميلها أكثر نحو العالم الإسلامي. ولفت غل إلى أنه ينبغي على الزعماء الأوروبيين: «تقرير ما إذا كان الاتحاد كياناً مغلقاً أو ما إذا كانت الحدود الحالية للاتحاد هي حدوده للأبد أو إذا كان ينبغي عليهم التخطيط للعقود الخمسة المقبلة والتفكير في أحفادهم».

ويبدو أن أحد الأسباب الأساسية التي تعيق انضمام تركيا إلى الاتحاد هي مشكلة قبرص. فتركيا هي مموّل كبير لشمال قبرص والبلد الوحيد في العالم الذي يعترف بها كدولة. ففي 18 نيسان (أبريل) انتخبت جمهورية شمال قبرص الدكتور درويش اوروغلو وهو قومي تركي متشدد رئيساً لها، علماً أنه استبعد عودة القبارصة اليونانيين إلى الأراضي التي احتلها القبارصة الأتراك. وأشار الرئيس غل إلى أن تركيا لا تقبل أن تتم معاملة القبارصة الأتراك من قبل الأوروبيين «كمجرمين وقتلة وغاسلي أموال».

وبحسب صحيفة «التايمز» البريطانية «انتقد الرئيس غل المعارضة الصريحة التي أبداها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لعضوية تركيا، مشيراً إلى أنّ فرنسا تعتمد سياسة يشاركها فيها سائر السياسيين الأوروبيين وإن بدرجات أقل صراحة، تقوم على أنه يجب عدم توسيع حدود الاتحاد الأوروبي إلى آسيا الصغرى».

لقد سبق أن أعلن الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان أن لا مكان لإرث تركيا الإسلامي في أوروبا. وذهب إلى القول أن انضمام تركيا إلى الاتحاد يعني «نهايته»، الأمر الذي اعتبر ملاحظة متهورة. وقد تدعو فرنسا إلى إجراء استفتاء حول انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي وقد تصوّت ضده. كذلك انتقد الرئيس غل البرودة التي أبدتها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل حيال عضوية تركيا في الاتحاد. فيبلغ عدد سكان تركيا حالياً 75.2 مليون نسمة مقارنة بعدد سكان ألمانيا الذي يبلغ 82.7 مليون نسمة. ويبدو أن عدد سكان تركيا سيفوق عدد سكان ألمانيا بحلول العام 2015 وقد تصبح تركيا بالتالي نظرياً العضو الأهم في الاتحاد الأوروبي.

لم أظنّ يوماً أن تركيا ستصبح عضواً في الاتحاد الأوروبي، بل أميل إلى الاعتقاد بأن تركيا ستقيم في نهاية المطاف شراكة متميزة مع الاتحاد الأوروبي. فلم يعد اعتبار تركيا جسراً بين أوروبا والعالم الإسلامي يحمل أهمية كبيرة، إذ ثمة اثنا عشر مليون مسلم في أوروبا، خمسة ملايين منهم في فرنسا وثلاثة ملايين في ألمانيا. كما تقيم بعض البلدان الأوروبية مثل المملكة المتحدة علاقات وثيقة مع عدد من البلدان الإسلامية.

* سياسي بريطاني ونائب سابق عن حزب المحافظين

====================

الانسحاب الإسرائيلي من لبنان: منظار مقلوب

الثلاثاء, 25 مايو 2010

مصطفى زين

الحياة

لنعد عشر سنوات إلى الوراء. في مثل هذا اليوم 25 أيار (مايو) 2000 انسحب (فرّ) الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان تحت ضربات المقاومة. تهاوى «جيش لحد». كان وزير الدفاع الحالي إيهود باراك رئيساً للوزراء. تعهده الخروج من «المستنقع اللبناني» لحقن دماء جنوده كان وراء فوزه في مواجهة بنيامين نتانياهو، فالرأي العام الإسرائيلي كان ميالاً إلى الانسحاب، ليس عن قناعة بالسلام، بل لأنه لم يعد يحتمل الخسائر التي لحقت بجيشه خلال عشرين سنة من الاحتلال، فشل خلالها في القضاء على المقاومة (لم تكن تقتصر على «حزب الله»)، وفي إيجاد حكم لبناني موال أو مستعد لتوقيع اتفاق سلام، بعد اغتيال الرئيس المنتخب بشير الجميل وإسقاط اتفاق 17 أيار في عهد الرئيس أمين الجميل، في ما عرف بحرب الجبل بقيادة وليد جنبلاط وبتدخل عسكري سوري مباشر.

كان الجيش الإسرائيلي في لبنان جيش احتلال من دون غطاء سياسي داخلي. أصبحت أعباء بقائه أكبر بكثير من «إنجازاته». مع انسحابه انهارت منظومة سياسية إسرائيلية وعربية لبنانية كاملة. كانت هذه المنظومة تقوم على أساس أن لبنان هو الحديقة الخلفية للدولة العبرية. تتنزه فيها حين تشاء برضا جزء كبير من أهله.

في إسرائيل اعتبروا الانسحاب انكفاء وراحوا يحضرون لجولة جديدة، متحاشين «الأخطاء»، وهي كثيرة، منها أعتدة الجيش لخوض حروب العصابات. ومنها الاعتماد كلياً على مسلحين محليين وإطلاق صفة الجيش عليهم لأنهم غير جديرين بهذه التسمية ولا يعتمد عليهم. والدليل أنهم لم يستطيعوا الصمود أو تغطية انسحاب الجيش الأساسي.

باختصار عالجت إسرائيل معظم الأخطاء التي ارتكبتها عدا الخطأ الأساسي، أي الاستعداد الدائم للتوسع والاحتلال. بعض القادة العسكريين ومنهم رئيس الأركان الحالي غابي اشكينازي والجنرال موشيه أرينز، كان ضد الانسحاب. وبعضهم الآخر نادم. والغلاة يؤيدون العودة الآن. لكن كل هؤلاء لم يتنبهوا إلى حقيقة الارتباط العضوي بين القضية الفلسطينية والمسألة اللبنانية منذ نشوء الدولة العبرية. ارتباط أثبتت الأحداث، خلال 62 سنة، أنه ليس عابراً أو مجرد «هواية» مارستها «الحركة الوطنية»، قبل «حزب الله». وينسون أن تجربة حرب تموز (يوليو) عام 2006 (كانت أهدافها تغيير وجه الشرق الأوسط انطلاقاً من لبنان) فشلت فشلاً عسكرياً وسياسياً ذريعاً. عسكرياً، لم يستطع أعظم جيش في الشرق الأوسط، مدعوماً بكل الترسانة الأميركية، احتلال بضعة قرى أو مواجهة بضع مئات من المقاومين، فانسحب ليعيد تقويم تجربته العسكرية وبناء قدراته ووضع استراتيجية جديدة للمواجهة تأخذ في الاعتبار حرباً على جبهات عدة، في مقدمها الجبهة اللبنانية.

أما على المستوى السياسي، فلم يكن إنجاز إسرائيل حتى الآن أفضل من «إنجازها» العسكري. كانت حرب 2006 انتقاماً للانسحاب المذل عام 2000. وتتويجاً لاستراتيجية بعيدة المدى هدفها إخضاع الفلسطينيين وسورية للشروط الأميركية - الإسرائيلية انطلاقاً من لبنان. لكن الأمور لم تجر على النحو الذي أرادته تل أبيب وواشنطن. انهارت الاستراتيجية السياسية كلها. «حزب الله» أصبح حزباً سياسياً له ممثلوه في الحكومة والبرلمان. وأصبح أقوى وأشد تسلحاً. والقوى التي أغرتها الطروحات الأميركية عادت عن طروحاتها، عدا بعض الذين أدمنوا الانتحار.

هذا المسار الانحداري للسياسة الإسرائيلية -الأميركية، منذ الانسحاب من لبنان عام 2000 مروراً بحرب تموز يغري بعضهم فيرفع شعار إزالة إسرائيل. لكنه لا يتنبه إلى مسألة في غاية الأهمية. الدولة العبرية، بيمينها ويسارها، ما زالت تنظر إلى الأمور من منظار عسكري، حتى ولو كان منظاراً مقلوباً، على طريقة وزير دفاعها السابق عمير بيريتس. بدليل أنها لا تهتم إلا بالتسلح، غير عابئة بطروحات السلام الفلسطينية والعربية والدولية. والتسلح يقود إلى الحروب.

=========================

مبدعون مسكوت عليهم

آخر تحديث:الثلاثاء ,25/05/2010

فهمي هويدي

الخليج

حينما سدت الطواويس الأفق، فإننا لم نر مثابرة النمل ولا إبداعاته، تماماً كما أن احباطات السلطة حجبت عنا إشراقات المجتمع .

 

(1)

 

أتحدث عن الحراك الصامت الذي لم يتوقف في عمق المجتمع المصري . لا أقصد الحراك السياسي الذي يناطح السلطة ويدعو إلى التغيير (رغم أن للسياسات طواويسها، أيضاً)، لكني أتحدث عن أناس لم ينتظروا شيئاً من السلطة ومارسوا بأنفسهم عملية التغيير في الواقع في ما قدروا عليه . لم يكترثوا بالطوارئ التي استهدفت تشديد القبضة على المجتمع وإطلاق يد السلطة لتتحكم في مصيره وتعبث به . لكنهم من جانبهم بادروا إلى إعلان “طوارئ” من نوع آخر، لهدف أشرف وأنبل . ذلك أنهم استنهضوا همتهم واختاروا مفاصلة أهل الأهواء والأضواء، وانصرفوا إلى صناعة احلامهم بأيديهم . لم ينتظروا خبراً في صحف الصباح، ولا صورة على شاشة التلفزيون، ولا شيئاً من جوائز الدولة وعطاياها التي تتقاسمها شلل المنتفعين والمهللين .

 

أتحدث عن أولئك النفر من الشرفاء المجهولين، الذين اختاروا أن يعيشوا مع الفقراء ويأخذوا بأيديهم، تاركين طواويس المدينة يسبحون في أضوائها فرحين بما أوتوا . أولئك الذين ظلوا مهجوسين بالغرس والزرع من دون أن ينتظروا من أحد جزاء ولا شكوراً . تركوا للطواويس التيه والمجد، وقعدوا بعيداً في الظل ينسجون الحلم ويبنون في هدوء، متخذين من مثابرة النمل وتواضعه نموذجاً ومثلاً أعلى .

 

(2)

 

في صنعاء سمعت لأول مرة اسم الدكتور محمد غنيم ومركز الكلى الذي أقامه في مدينة المنصورة . شعرت بالخجل والاعتزاز عندما حدثني عنهما بانبهار شديد صديق كان شقيقاً لأحد مرضاه . إذ لم يخطر على بالي أن يكون في مصر صرح طبي بالتميز الذي سمعت به . وطوال السنوات العشر الأخيرة ظللت أتابع أداء الرجل الذي وقف وراء ذلك العمل الكبير . وكان أكثر ما قدرته فيه، فضلاً عن مكانته العلمية الرفيعة، عزوفه عن الأضواء وحرصه على أن يؤدي رسالته الجليلة في صمت . ولا أعرف كيف قاوم ذلك العالِم الزاهد فتنة الشهرة والثراء التي استسلم لها ولهث وراءها غيره، وكيف أنه قرر أن يقيم صرحه الطبي في قلب الدلتا بعيداً عن جاذبية القاهرة وإغراءاتها . كذلك سمعت في الفترة ذاتها باسم “لجنة الإغاثة” في نقابة الأطباء، مرة في السودان وأخرى في البوسنة وثالثة في أذربيجان . ورغم أن اسمها ليس مألوفاً في مصر، سواء لأن القائمين عليها آثروا إثبات الحضور في أرض الواقع بأكثر من حضورهم في وسائل الإعلام، أو لأن أكثر نشاطها موجه إلى الخارج، فإنني وجدت في أداء تلك اللجنة نموذجاً آخر للذين نذروا أنفسهم للتفاني في إغاثة الفقراء والملهوفين وتوظيف المعرفة في الخدمة المباشرة للناس .

 

أما الذي فعله الدكتور مجدي يعقوب فقد كان مدهشاً حقاً . إذ فاجأنا ذلك الجراح النابه الذي هاجر من مصر وذاع صيته في إنجلترا، حتى منحته الملكة لقب “سير”، بأنه قرر إقامة مركز لجراحة القلب في أقصى صعيد مصر . وكأنه حين اختار أسوان فإنه أراد أن يعمل في أبعد نقطة عن أضواء القاهرة، وأن يعطي لغيره درساً عملياً في الوفاء والمسؤولية .

 

إن بعضاً من هؤلاء النابهين المهاجرين يأتون إلى مصر للسياحة حينا، ولإعطائنا النصائح والمواعظ حيناً آخر، وللظهور في برامج التلفزيون وحضور الحفلات والمنتديات في حين ثالث . لكن الدكتور مجدي يعقوب عزف عن كل ذلك . وبدا كأنه نسيج وحده . فلم يكتف بإقامة الصرح الطبي، فحسب، ولكن النموذج النبيل الذي قدمه، شجع آخرين من العلماء المصريين المهاجرين على الانضمام إليه، والاسهام في ما يقدمه المركز من خدمات .

 

علمت أن المركز يجري 600 عملية قلب مفتوح بالمجان سنوياً، منها 300 عملية للأطفال (لاحظ أن العملية في الظروف العادية تتكلف عدة ألوف من الجنيهات) . ذلك بالإضافة إلى دوره في البحوث والتدريس وتقديم الخدمات الصحية المتميزة لمرضى القلب في مصر والدول العربية والإفريقية . إذ خلال الأشهر الماضية أجرى المركز 240 عملية جراحية مجانية، 50%منها للأطفال من مختلف محافظات مصر، وبعض الدول الأخرى . علمت أيضاً أن المركز استضاف فريقاً طبياً مصرياً كندياً، أجرى خبراؤه 70 عملية جراحية . ولا يزال يؤدي رسالته النبيلة قانعاً بالصمت وراضياً بالظل .

 

(3)

 

في الأسبوع الماضي عادت الابتسامات إلى وجوه أهالي قرية كفر العرب بمحافظة دمياط، التي كان الحزن قد خيم عليها خلال السنوات الأخيرة، بعدما ضاقت عليهم أبواب الرزق، وبدا كأن الدنيا اسودت في وجوههم، ذلك أن أهالي القرية التي اشتهرت بتربية الماشية وتصنيع الأجبان أدركوا أن أسعار الأعلاف زادت بحيث تجاوزت حدود احتمالهم، فما كان من المربين إلا أن اتجهوا إلى التخلص من قطعان الماشية بالذبح . وأدى ذلك إلى إغلاق نصف مصانع منتجات الألبان في القرية . لكن أزمتهم بدأت في الحل بعدما نجح بعض الباحثين في تصنيع علف جديد للماشية بجودة عالية، من البواقي الزراعية في القرية التي كانت تحرق أو تلقى كمهملات في كل موسم .

 

هذا الجهد وراءه قصة غريبة ومدهشة أيضاً، أبطالها مجموعة من الباحثين المغمورين الذين اختاروا منذ سنوات أن يحاربوا الفقر في معاقله، وبأيدي الفقراء أنفسهم، فشمروا عن سواعدهم واستخدموا معارفهم العملية وخبراتهم لحفر مسار جديد للتفكير والتطبيق، وبدأوا رحتلهم منذ نحو عشرين عاماً . صحيح أنهم لم يغيروا شيئاً في أوضاع المجتمع المصري، لكنهم زرعوا “فسائل” للأمل في بعض أنحاء مصر، والتزموا بنهج النمل في التحرك والبناء .

 

الفكرة المحورية في مشروعهم كالتالي: أن مصر بلد زراعي في الأساس، وريفها هو الأكثر معاناة من الفقر والتخلف والبطالة، والزراعة لها مخلفاتها التي تهمل وتحرق وتتحول إلى نقمة أحياناً، رغم أنها تشكل ثروة لمن يعرف قيمتها . ولأنهم يعرفون جيداً قيمة تلك الثروة، فقد اتجهوا إلى تصنيع البواقي الزراعية، منطلقين من أنها تمثل شرياناً للإنعاش الاقتصادي في مصر الأخرى .

 

في دراستهم المرجعية وجدوا أن البواقي الزراعية في مصر تقدر سنوياً بحوالي 72 مليون طن كاحطاب (حطب الذرة والقطن) أو عروش (بنجر السكر والطماطم والبطاطس) أو قشر (القمح والأرز) وللعلم فإن مصاص القصب وحده يقدر بحوالي 30 مليون طن . أضف إلى ذلك أن الفلاحين يلجأون عادة إلى تشوين تلك البواقي في حواف الحقول تمهيداً للتخلص منها، بما يقتطع من الرقعة الزراعية نحو 88 ألف فدان، كان من الممكن أن تزرع قمحاً .

 

هؤلاء الباحثون المغمورون، الذين لم تعرف لهم أسماء ولم تر لهم صور، يجوبون أرجاء “مصر الأخرى” منذ بداية التسعينات، باحثين عن الكيفية التي يمكن بها إحياء الموات في القرى الفقيرة، بحيث يتحول أهلها من قاعدين خاملين إلى منتجين، ومن يائسين إلى فاعلين . في عام 1993 أقاموا معرضاً لتصنيع ألواح خشب “الكونتر” من جريد النخيل . ونجحوا في إقناع سكان القرى الغنية بالنخيل بأن الجريد الذي يجفف ويحرق يمكن أن يكون خامة لصناعة تدر عليهم دخلاً طيباً، وتغني عن استيراد خشب الكونتر من الخارج . وحين نجحت تجاربهم وظهرت ألواح الخشب الكونتر إلى النور، فإنهم حصلوا على شهادات بجودة المنتج من معهد بحوث الأخشاب في ميونخ، وحصلوا على جائزة من مؤتمر المواد الذي انعقد في ماستخرت بهولندا عام 1997 . وأقاموا معرضاً لمشروعات منتجات المشربية (الأرابيسك أو الخرط العربي) في كل من محافظتي الوادى الجديد والفيوم .

 

أيضاً في عام 2003 نجحوا في استخدام حطب القطن كمادة صناعية . واستطاعوا تشغيل أحد مصانع الإسكندرية بذلك الحطب، بديلاً لأخشاب الكازوارينا التي أشرفت كمياتها المتاحة على النضوب . من ثم فبدلاً من الحرق المكشوف للحطب المسبب للسحابة السوداء، فإن ذلك الحطب أصبح له سعر وفائدة .

 

في عام 1998 نفذوا مشروعاً لاستخدام نواتج تقليم أشجار الفاكهة بديلاً للأخشاب المستوردة . ووظفوا في ذلك أخشاب 7 أنواع من الفاكهة وصنعوا منها أخشاباً تنافس خواص خشب الزان الذي تستورده مصر بما قيمته 4 مليارات جنيه سنوياً .

 

في عام 2006 قاموا بتجربة ناجحة أخرى . ذهبوا إلى بلدة شماس بمرسى مطروح، التي تعد واحدة من أفقر عشر قرى في مصر، ووجدوا أن التين فيها بلا ثمن لكثرته، ولاحظوا أن الفائض منه يلقى في الشوارع، فرتبوا لبعض سيدات القرية بالتعاون مع كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية، كيف يمكن أن يتحول التين إلى مربى . واستطاعت ثلاث سيدات تصنيع 15 طن مربى في شهرين، حققت المواصفات العالمية في الغذاء .

 

ذلك كله لم يشعر أو يسمع به أحد . لكن فريق النمل الذي يقوده الدكتور حامد الموصلي الأستاذ غير المتفرغ بهندسة عين شمس لم يتوقف عن السفر مع مساعديه إلى قرى الفقراء ومحاولة استخراج الأمل من البؤس واليأس . وهم يحلمون بنشر فكرة تصنيع البواقي الزراعية (البيو فيبرز) التي تستثمر تلك الثروة المجهولة في العديد من الصناعات المهمة التي تشكل نقلة مهمة ليس فقط في حياة القرى الفقيرة، ولكن أيضاً في مسار النهوض بالمجتمع وتطوره .

 

(4)

 

اكتشفت أن الجمعية الشرعية في مصر تقف على رأس جيوش النمل التي ما برحت تبني في صمت منذ مائة عام . ونبهني إلى ذلك أن القائمين عليها أقاموا احتفالاً متواضعاً بهذه المناسبة في مقرهم بالقاهرة، تجاهلته وسائل الإعلام، ونشرت وقائعه مجلتهم “التباين” في عددها الشهري الأخير . وأثار انتباهي في أنشطة الجمعية حجم الدور التنموي الذي تقوم به، جنباً إلى جنب مع دورها الدعوي التقليدي .

 

بدا ذلك الدور التنموي مفاجئاً ومدهشاً . فهم يكفلون 560 ألف يتيم في مصر، وينفذون من أموال الزكاة مشروعاً للمراكز الطبية المتخصصة، التي لا تعالج الفقراء فحسب، ولكن غير القادرين أيضاً، بغير تمييز بين المسلمين والمسيحيين . (جلسة الكيماوي الواحدة لمرضى السرطان تتكلف 5 آلاف جنيه) . وتقدم خدماتها يومياً لمائة مريض بالعلاج الإشعاعي و30 مريضاً بالكيماوي . والأخيرون يكلفون الجمعية ما يجاوز 5 ملايين جنيه كل شهر . ومن خلال لجنة الإغاثة بنقابة الأطباء، فإنهم أوصلوا المعونات إلى العديد من دول إفريقيا وآسيا . في ذات الوقت فإنهم يكفلون عشرة آلاف طالب وافد، فيقدمون لهم رواتب شهرية إلى جانب الإقامة الكاملة والرعاية الصحية، ويعلمونهم العربية . وقد حصل 50 منهم على شهادة الدكتوراه .

 

قائمة العطاء طويلة . فلديهم مشروع لتنمية رؤوس الماعز، التي يتم توزيعها على الفقراء والمعدمين (لديهم 82 وحدة تستوعب الواحدة 215 رأساً)، كما أنشأت الجمعية 50 محطة لمياه الشرب، تكلفت الواحدة 150 ألف جنيه، وتغذي 12 ألف نسمة .

 

لست أشك في أن مصر تحفل بمثل هؤلاء البنائين العظام الذين لم ينتظروا منا تشجيعاً ولا تصفيقاً، فمن واجبنا أن نسجل أسماءهم بحروف من نور، وان نقول لهم شكراً، ليس فقط لما يعملونه، ولكن أيضاً لأنهم ذكرونا بأنه لا يزال فينا خير كثير، يمنحنا شعاع أمل وسط الظلمة التي نغرق فيها .

==================

هل القضية.. أنفاق؟!

الافتتاحية

الأثنين 24-5-2010م

بقلم رئيس التحرير أسعد عبود

الثورة

في تقرير جديد عن قطاع غزة، أكدت الأمم المتحدة أن إسرائيل تعوق إعادة البناء في القطاع بحصارها له، وبشكل خطير – كما ترى المنظمة الدولية–.

رغم أن هذا التقرير سيأخذ طريقه «غالباً» إلى مصنف التوثيق، إذ لا يقدم إلا الحق والمنطق، في عالم لا يفهم من الحق إلا القوة، إلا أنه يبقى له أهميته الأكيدة.. إنه صوت بين مجموعة أصوات ترفض أن تستكين للجريمة عندما يحولها المجرم إلى سياسة الأمر الواقع.‏

نفرح للمنطق والحق ولو كان مصيره التوثيق فقط.‏

ونفرح له لأنه يغيظ الباطل.‏

إن سكت الحق، نطق الباطل.‏

لقد سرت في الآونة الأخيرة وقبلها أيضاً، مقولة: إن غزة تواجه الدمار كآثار للعدوان والحصار بسبب حماس التي ترفض إعادة البناء وليس بسبب الحصار وآلة الدمار الإسرائيلية!! الطريف إلى درجة الاختناق، إن مثل هذا التضليل لا يأتي من العدو الصهيوني وحسب.. وإلا لقلنا: تعودنا على كذبه وتضليله.. بل يأتي وبكل أسف في أحيان كثيرة من جهات عربية ولا سيما إعلامية..‏

ولخيبتهم.. ولمزيد من الخيبة يتحول حصار غزة إلى قضية نضال عالمية، وإذ ثلاث سفن محملة بالمؤن والأغذية والأدوية وبمئات من رجال السياسة والفكر والإعلام وأحرار العالم تقصد القطاع المحاصر مقدمة لجملة من تسع سفن هي أسطول الحرية في موقف إنساني مهيب.. يصدر تقرير الأمم المتحدة الذي لا يوارب في توجيه إصبع الاتهام إلى استمرار الحصار على غزة أنه سبب ما يعانيه القطاع.‏

عام يمضي وراء عام لتكتب غزة واحدة من أروع صور الصمود والبسالة وسيشهد معها على ذلك العالم كله في تحد ومواجهة لواحد من أطول الحصارات التي عرفها التاريخ.‏

لقد أحجم كثيرون عن المساهمة التي يمليها الضمير الإنساني لأسباب شتى، منها مثلاً عدم موافقتهم على استخدام الأنفاق التي هي الشريان الأهم لوصل المدينة بالعالم الخارجي.. والغريب فعلاً أنهم يرون الأنفاق ولا يرون الحصار!!‏

وفق تقرير الأمم المتحدة أن نسبة الإعمار في المدينة المنكوبة لا تتجاوز 25% من حجم الدمار المطلوب إصلاحه.. وإن هذا الإعمار وصل إلى هذه النسبة لأنه يستخدم غالباً الأدوات والمواد المتوفرة في القطاع وعبر الأنفاق.. في حين يمنع الحصار وصول أي إمدادات إذ تحتاج غزة حتى لأكثر من نصف مليار دولار ويحجم المانحون كي لا يستخدموا الأنفاق!‏

السؤال:‏

إذا نجحت حملة أسطول الحرية في الوصول إلى قطاع غزة حيث يستعد أبناء المدينة بكل الوسائل لاستقباله.. هل سيتجه المانحون إلى اختيار هذا الخط البحري لإيصال دعمهم لغزة؟!‏

أم أن ذلك سيحرجهم أيضاً؟!.‏

عام يمضي وعام يأتي.. وغزة لا تجد ما تضمد به جراحها..‏

عام ونصف العام.. مدينة وسكانها بين الركام..‏

هل تقبل هذه الحالة الفلسفة والتشريع والتحليل والتحريم.. عبر الأنفاق أم عبر البحار أم من أي مصدر كان، وبأي طريقة صار؟!.‏

المسألة بدقة وصدق لم تعد تقبل استمرار موقف بعض الدول الغربية من سياسة إسرائيل وسكوتها على ما يجري ولاسيما في غزة.‏

==========================

تايلندا على طريق الحرب الأهلية؟

المستقبل - الثلاثاء 25 أيار 2010

العدد 3662 - رأي و فكر - صفحة 19

توفيق المديني

تشهد الأزمة التايلاندية تحولاً خطيراً مع مقتل "الجنرال الأحمر" خاتيا ساواسديبو(58 عاماً) الذي يتمتع بشعبية واسعة لدى ذوي "القمصان الحمر"، وكان يقود قوة عسكرية في خدمتهم، والذي لا يخفي تحالفه مع رئيس الوزراء السابق تاكسين شيناواترا المقيم في المنفى.

جذور الأزمة التايلاندية ليست وليدة الساعة، بل إنها تعود إلى الانقلاب العسكري الذي حصل سنة 2006، وقضى على المؤسسات الديمقراطية في البلاد، وأجبر رئيس الوزراء السابق تاكسين شيناواترا على الإقامة في المنفى، والذي يؤيده عدد كبير من ذوي "القمصان الحمر".

ومنذ ذاك التاريخ تعيش تايلاند على وقع الصدامات بين قوتين متصادمتين في البلاد، جراء التناقض الصارخ في خياراتهما الاقتصادية والسياسية.

وتتكون القوة الأولى من الفئات المنضوية في إطار "الجبهة الموحدة للديمقراطية ضد الديكتاتورية" المعروفين بذوي "القمصان الحمر"، وهم القوة الأساسية التي تتشكل منها المعارضة التايلاندية لرئيس الوزراء الحالي أبهيست فيجاجيفا.

ويضم "القمصان الحمر" في صفوفهم نسبة كبيرة من سكان المناطق الفقيرة، الذين نظموا مظاهرات كبيرة منذ 14 آذار الماضي وسط بانكوك، وفرضوا حصارا على الأحياء التجارية والمالية، الأمر الذي قاد إلى شل نشاط المركز السياحي في العاصمة وتوقف الحركة في الطرق الرئيسة.

وقد أدى اختبار القوة هذا مع الحكومة التايلاندية، إلى سقوط أكثر من 70 قتيلاً ونحو ألف جريح في أعمال عنف، دون أن تظهر أي بشائر حل في الأفق. غير أنه في 4 أيار الجاري، قبل ذوي "القمصان الحمر" مقترح رئيس رئيس الوزراء الحالي أبهيست فيجاجيفا بإجراء انتخابات تشريعية يوم 14 تشرين الثاني / نوفمبر المقبل أي قبل سنة من نهاية ولايته وبتعديل الدستور، من أجل السماح لتمثيل أفضل لمختلف الحساسيات السياسية.

الخطاب السياسي والأيديولوجي الذي يسوقه ذوو "القمصان الحمر" للتايلانديين يقوم على أن المجتمع التايلاندي يشهد انقساماً حاداً بين الأغنياء والفقراء، بين النخب التقليدية المحافظة المناصرة للملكية، وفئات الفلاحين المتضررة من عمليات التصنيع وهجرة الريف .

وتتكون القوة الصدامية الثانية في الأزمة من ذوي "القمصان الصفر"، الذين ينتمون إلى صفوف الطبقات الوسطى والميسورة، ويدافعون عن الحكومة الحالية والنخب الارستقراطية والمالية في بانكوك، ويعتبرون أنفسهم ضمانا للملكية، ويدينون الشلل الذي عصف بالبلاد منذ احتلال "القمصان الحمر" وسط العاصمة. وكان ذوو "القمصان الصفر" احتلوا مطار العاصمة بانكوك سنة 2008، ونجحوا في حل "حزب السلطة للشعب" الحاكم في البلاد.

في ظل انسداد أفق الأزمة، وغياب التوصل إلى تسوية سياسية بين الطرفين المتصارعين، والخوف من اندلاع حرب أهلية بين "القمصان الحمر" و"القمصان الصفر"، تتجه الأنظار إلى الجيش، وقائده القوي الجنرال أنيبونغ باوجيندا، الذي صرّح في مقابلة تلفزيونية يوم الجمعة 23 نيسان الماضي، بأن اللجوء إلى القوة لن يضع حداً للمشاكل الحالية. وقال إنه لن يعطي الأوامر للجيش بسحق "الحمر"، لكنه سيمنع "الحمر" و"الصفر" من تحويل العاصمة إلى ساحة معركة بين الطرفين.

يعتقد الجيش التايلاندي أن المشاكل السياسية في البلاد يجب أن تحل بالطرق السياسية، والجيش وظيفته أن يبقى في الثكنات، لا أن يقتل التايلانديين. ويتعرض الجيش التايلاندي لضغوطات قوية من جانب ذوي "القمصان الصفر"، أنصار الملكية والمدافعين عن النخب التقليدية، والذين تربطهم علاقات قوية مع الدوائر المتنفذة في قمة السلطة، وداخل القصر الملكي، من أجل أن يقوم الجيش بسحق "القمصان الحمر"، وهو الخيار الدموي الذي يرفضه الجنرال أنيبونغ.

الصراع الحالي في تايلاند حسب قول زعيم القمصان الحمر سيين برونبراكونج سيخلف مآسي كبيرة ما لم توقف الحكومة مدها العسكري، لأن هناك المئات من التايلانديين سيموتون من جراء هذا القتال العنيف الذي يتصاعد ساعة تلو الأخرى والذي سيجر البلاد إلى نفق مظلم من الفوضوية السياسية والاجتماعية.

الأزمة التايلاندية قد تستمر أسابيع، بعد أن أضعفت كثيرا رئيس الوزراء الحالي، وعرّت التفاوتات الطبقية الصارخة التي تشق المجتمع التايلاندي، في ظل غياب كامل لتقاسم الثروة وفوائد النمو، وكشفت عن نهاية عهد لملك تايلاند بوميبول ادولياديج، البالغ من العمر 82 عاماً، الذي احتفل في الحادي عشر من حزيران الماضي بالذكرى الستين لتوليه العرش، والذي يعتبر أغنى ملك في العالم، إذ قدرت ثروته ب35 مليار دولار.

السؤال الذي يطرحه المحللون في الغرب، اي تايلاند بعد رحيل بوميبول؟ هل تلبي الحكومة التايلاندية مطالب المعارضة بحل الحزب الديمقراطي الحاكم، الذي يتزعمه رئيس الوزراء أبهيسيت فيجاجيفا، وإجراء انتخابات مبكرة، أم أن الوضع السياسي سيتجه نحو مزيد من التأزم، وربما إلى انفجار "ثورة حمراء"؟

النظام السياسي التايلاندي القائم على ملك معظّم، بمرتبة توازي مرتبة الرّب، ومحاط بمجلس خاص متكون من الجنرالات المؤيدين له، ومن الجيش الذي يمتلك سلطة عليا على الحكومة، لم يعد يتماشى مع طموحات الشعب التايلاندي الباحث عن إقامة ديمقراطية، تجسد القطيعة مع التربية السياسية الأبوية للمجتمع، التي تمنع عليه طرح الاسئلة، وتعلّمه الطاعة العمياء والخنوع.

======================

عن العروبة والمستقبل!

ميشيل كيلو

5/25/2010

القدس العربي

بين الخامس عشر والتاسع عشر من شهر أيار/مايو الحالي، عقدت في دمشق الشام ندوة شارك فيها قرابة مائة وخمسون باحثا وكاتبا ومفكرا عربيا، توافدوا إليها لمناقشة مسألة 'العروبة والمستقبل'.

وكان عقد عام 1963 في دمشق الشام 'مؤتمر اشتراكي عربي' ركز مناقشاته على نمط الاشتراكية العربية، الذي سيبنيه انقلاب الثامن من آذار/مارس 'القومي' في العام نفسه، دون أن يتطرق أحد إلى العروبة ذاتها، لاعتقاد المؤتمرين أنها مفسرة بذاتها فلا تحتاج إلى نقاش: أليست هي ماهية ثابتة للعرب أفصحت عن نفسها بمجرد أن أزال الانقلاب العروبي الغلاف السياسي الرجعي الذي كان يلفها؟.. في تلك الفترة، قالت طرفة رائجة إن جماعة أرادت إحراج عضو في حزب البعث، فسألته عن معنى العروبة. فكر الرجل قليلا ثم قال بثقة واندفاع: 'العروبة حقيقة ووجود'. يبدو أن تعريف الرفيق عبر عن العقل القومي السائد آنذاك، فالعروبة لا تعريف لها ولا تحتاج أصلا إلى تعريف: إنها ماهية العربي الأصيلة، الملازمة لجوهره، فليس من الضروري إعمال العقل والفكر في فمها، ما دام كل عربي يستطيع استخراجها من ذاته بالتذكر، كما قال مؤسس البعث الأستاذ ميشيل عفلق، أو بالحدس، حسب أقوال الأرسوزي، الذي اعتبر بعد عام 1970 مؤسس البعث الحقيقي.

لم يناقش مؤتمر عام 1963 مستقبل العروبة. لو أن أحدا طلب إلى المؤتمرين مناقشة هذه المسألة، لاعتبره هؤلاء مجنونا أو ناقص عقل، يشك في أن المستقبل للعروبة دون غيرها، بعد أن طوت صفحة العصر الانفصالي / الرجعي في حياة العرب، وقضت عليه في انقلاب الثامن من آذار، فكان زواله دليلا على المدى الذي بلغه توطن العروبة في القلوب والعقول، وبرهانا يؤكد أنه لولاها لما زال وانقضى، ولما كان ثمة أصلا حاجة إلى إزالته والقضاء عليه. لا تحتاج العروبة إلى تعريف أو تلمس علمي، فالمعرف لا يعرف، وإن كان من الضروري التفكير بطرق تحققها الثوري طبعا - في المجتمع العربي، بعد صدورها عن نفوس أبنائه، مكمن قاعدتها الأبدية وحقيقتها النهائية، وانتقالها إلى الواقع الذي ستتظاهر في أبنيته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، فيكون في تمام تظاهرها التحرير التام والناجز للأمة، الذي لطالما انتظرته وتاقت إليه، وتحقق لها على يد البعث، بعد طول انتظار.

لا أبالغ إذا قلت إن ندوة دمشق الحالية صرفت نصف وقتها أو يزيد على تعريف العروبة أو ندب ما آلت إليه أحوالها البائسة، وأنها ما ألقته من نظرات عليها، حمل مسحة تشاؤم عميق من المستقبل العربي عامة، ومستقبل العروبة خاصة. حدث هذا بعد نصف قرن على مؤتمر 1963، الذي لم يتوقف عند معنى العروبة، الذي بدا له مسألة منتهية، فجاءت ندوة اليوم تعرفه، وغرقت في حيرة معرفية أخذت تسم أكثر فأكثر مواقف ولقاءات مثقفي العرب، ممن يستجير العالم العربي الرسمي بهم من حين لآخر، علهم يعيدون إنتاج خطابه القومي المفلس، وينجحون في وضعه داخل غلاف يختلف عن غلافه الراهن، ويعبرون عنه بلغة تختلف عن لغة أهل الحكم، بعد أن فقد شرعيته ولم يبق له غير الاستعاضة عن واقعها الهش بمدائح لفظية يغدقها عليه واحد من هنا وآخر من هناك.

انقسم المتحدثون في الندوة إلى تيارات متعددة، أبرزها تيار عبر عنه رأيان انتقد أولهما منظومة الفهم القومي الإثني للعرب، التي كان قد بلورها بين ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي مؤسسه ميشيل عفلق. وقد دعا أصحاب هذا النقد إلى التخلي عنها باعتبارها منظومة تفضي إلى مواقف استبدادية، إقصائية واستبعادية، تقصر مفهوم العروبة على العرب وتستبعد شركاءهم في الوطن من كرد وأمازيغ وأقوام جنوب السودان ... الخ. اقترح هؤلاء النقاد محددا للعروبة يزاوج بين الإطارين الجغرافي والديمقراطي، يعيد إنتاج واقع العرب وسياساتهم في العروبة بما هي حاضنة عامة يتساوي فيها وأمامها وينتمي إليها كل من يعيش على الأرض العربية أو بين العرب، بغض النظر عن إثنيته ولغته وثقافته، ما دام شريكا لهم في الأرض ويجب أن يتمتع مثلهم بالديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة والمساواة والعدالة، وينال الاعتراف بحقوقه الخاصة: الثقافية واللغوية. وقال ثانيهما بالديمقراطية بديلا للفهم الإثني، وقدم مقترحات تفصيلية تعيد إنتاج العروبة انطلاقا من حقوق الإنسان والمواطنة ودولة الحق والقانون والنظام الديمقراطي، بعد أن بيّن بالتفصيل ما رتب عل الفهم الاثني من نتائج كارثية بالنسبة للعرب ولن يعيش معهم.

قدم تيار آخر ضم معظم المتحدثين، تكاملت تحليلاته ومقولاته بين مختلف الناطقين باسمه، قراءات تاريخية وأخرى نقدية للواقع العربي، الذي أنتجته خلال نصف القرن الماضي سياسات النظم، سواء كانت تسمى قومية أو قطرية، وأوصل العالم العربي إلى ما هو عليها من ضعف وعجز وهزيمة وفشل. انصبت الإسهامات الثرية والمتنوعة للمتحدثين على نقد ما هو قائم، وخاصة طريقة فهم العروبة خلال الحقبة الحديثة، وطرق ممارستها، والنتائج السلبية التي آلت إليها، وقدمت بدائل ميدانية ونظرية لها، بصفتها مرحلة من حاضر العرب لم يعد لديها ما تقوله لهم أو تفعله لأجلهم، وأنها تتحمل مسؤولية ما آلت إليه أحوالهم من تدهور يطاول حتى وجودهم ذاته.

لم يدافع أحد من المشاركين عن النتائج التي تمخضت عن سياسات 'النظام العربي'، بل تسابق الجميع إلى نقد أشكال وتكوينات هذا النظام وإدانتها. وبينما اعتبر قوميو مؤتمر الستينيات 'النظام القومي/الاشتراكي' مصدر شرعية جديدا في السياسة العربية، غاب هذا الحديث عنه كمصدر للشرعية غيابا تاما عن نظرات وأقوال المشاركين في ندوة عام 2010، الذين أجمعوا على أن العروبة لم تكن مصدرا لشرعية أي نظام، لأنه لم يوجد نظام مارسها بمعايير تتفق مع حقائقها، ولأن النظم جميعها أخضعت المصالح القومية لمصالحها القطرية الضيقة، فأتت عروبتها قطرية ومشحونة بخلافات وتوترات وعوامل تفجر مزقت العرب خلال نصف القرن المنصرم وفرقتهم إلى شيع وقبائل متناحرة أو مقتتلة. بقول آخر: كانت عروبة 1963 ترى نفسها بدلالتين: أولاهما ضرورة تحديد المجال العربي كمجال قومي خاص بالعروبة دون غيرها، لا بد أن يفصل ويستقل عن الخارج الأجنبي، ويعطي، في الوقت نفسه، أولية مطلقة على المجال الخاص بالدولة القطرية، الذي سيعاد بناؤه في المجال القومي الأوسع، لن يكون هناك فعل ثوري ووطني، قومي ووحدوي، إذا لم ينجح تحويله إلى جزء تكويني من دولة العرب الواحدة الموحدة، مع ما سيترتب على ذلك من تبدل في معاني وآليات اشتغال الشأن العام. أما الدلالة الثانية فهي فتح المجال القومي على مكوناته البشرية الداخلية، دون إقصاء أو استبعاد أي واحد منها، أو حرمانه من منافع المجتمع العربي الموحد والاشتراكي. في ندوة دمشق بالأمس، كانت المطالبة الشديدة والواضحة بحقوق 'الأقليات' إدانة جلية لخروج 'النظم القومية' على ضرورة فتح المجال الداخلي أمام سائر مكوناته، العربية وغير العربية، ولمنعها من التعبير عن نفسها ونيل حقوقها، وإدانة للتعارض المطلق، الذي اصطنعته النظم بين المبدأ القومي والمبدأ الديمقراطي، فحال دون تحقيق أي تقدم في أي مجال وطني أو قومي أو اجتماعي، وحول العروبة من حامل تغيير تاريخي وتحديثي، إلى أيديولوجية تقليدية جديدة، حسب وصف أستاذنا ياسين الحافظ، أغلقت مجالها القطري وفصلته عن المجال القومي، بينما فتحته على مصراعيه أمام الخارج الأجنبي، وكورته على مجموعة إثنية غالبة أسرفت سلطتها في قمع وقهر المكونات الأخرى، الإثنية منها والسياسية، بحجة أنها أقليات متواطئة مع الأجنبي، في حريتها ومساواتها مع العرب ما فيه من أخطار داهمة على هؤلاء. إنها تقليدية جديدة تختلف عن القديمة في أمرين: نمط الخطاب القومي الذي تنتجه، لتموه حقيقتها، وشدة الإقصاء والقمع الذي تمارسه باسم عروبة تتبنى ضربا دينيا من علمانية سلطوية، أهم سماتها عجزها عن تقديم إطار جامع تنضوي مكونات قطرها فيه، مثلما تنضوي مكونات الأقطار التقليدية القديمة في إطار ديني أعيد إنتاجه بدويا وعشائريا وسلطويا.

رغم مداخلة الصديق عبد الحسين شعبان عن 'العروبة والدولة الحديثة'، التي رأى فيها العروبة بدلالة الديمقراطية، وبين بالتفصيل النتائج التي ستترتب على تطبيق هذه الرؤية في الواقع القائم، وكيف ستبدل حال العرب إلى الأحسن في كل ميدان وعلى كل صعيد، ومداخلة الصديق أحمد برقاوي، الذي لم يكن أقل جذرية ووضوحا في تبيان كارثية النتائج التي ترتبت على الفهم الإثني للعروبة، وقدم رؤية بديلة له تنطلق من مساواة كل من يعيش على الأرض العربية أو مع العرب في الحقوق والواجبات السياسية والاجتماعية والثقافية، ومن ضرورة بناء نظام سياسي حديث يقوم على حقوق لإنسان والديمقراطية والمواطنة، ويحترم خصائص الجماعات العروبية: أكانت من أصل عربي أم غير عربي، ومن مداخلة الصديق يوسف سلامة، الذي أكد على ضرورة أن يبتدع العرب طرقا للتقدم والحرية في ظل أوضاعهم الراهنة، بوسعها إخراجهم منها، دون انتظار الدولة العربية الواحدة، التي قد لا تقوم في أي يوم، نتيجة لتبدل معنى الوحدة العربية وفشل النظم القومية في تحقيق أي وحدة، ومع أن الأصدقاء الثلاثة، وكذلك الأصدقاء عبد الإله بلقزيز، وكمال عبد اللطيف، وحلمي الشعراوي، ومحمد السعيد ادريس، وكثيرون غيرهم، أكدوا حتمية فشل أي تقدم اجتماعي وتوحيد عربي دون استناد السياسة العربية إلى مفهوم وواقع المواطنة، فإن هناك مسألة تطرق إليها معظم المنتدين، وخاصة منهم الذين ذكرتهم، كان يجب أن تكون موضوع نقاش الرئيس، هي التالية: إذا كان صحيحا أن المشروع القومي قد فشل، فلماذا لا نحدد أسباب فشله؟. لقد أقرت الندوة بفشل المشروع القومي، وتحدثت عن مأزق العروبة الراهنة، لكنها لم تجعل هذه المسألة موضوع نقاش رئيسي، كي لا أقول وحيدا، ولم تنطلق من إقرار لا لبس فيه بأن النظم العربية جميعها مسؤولة عن الفشل، الذي ترتب على ممارسات اتبعتها فملأت المجال القومي بالمشاحنات، وأبعدته عن التوحد بدل أن تقربه منه، وأحدثت انشقاقا خطيرا بين الحكم والشعب داخل كل قطر، وقوضت وحدة الشعب الوطنية، بتلاعبها بها واستنادها إلى مكونات شعبية معينة واستبعاد واضطهاد أخرى. لو انطلقت الندوة من الإقرار بالفشل وما نجم عنه، لكان موضوعها على الأرجح: لماذا فشلت العروبة، وكيف تخرج من فشلها؟. عندئذ، كانت الحوارات والمداخلات ستنصب على أخطاء وآثام النظم القائمة وسمات النظام البديل، الذي يستطيع إخراج العرب من بؤسهم. وكان المنتدون سيضعون يدهم على سبب الفشل، الذي يتلخص في أمر رئيسي: فصل المشروع القومي عن المشروع الديمقراطي، وإقامة تعارض لا سبيل إلى جسره بينهما. كان المنتدون سيقرون أن المشروع الديمقراطي هو اليوم المشروع القومي، وإن المشروع القومي هو عين المشروع الديمقراطي، فلا عروبة خارج الديمقراطية أو بغيرها، ولا ديمقراطية خارج العروبة أو ضدها. قال المحاضرون جميعهم كلاما حارا ومقنعا حول ضرورة الديمقراطية، لكن هذه المعادلة غابت عن الندوة، ربما بسبب مكان انعقادها والجهة التي دعت إليها. لو كانت حضرت، لخرج القوم بنتائج تختلف عن النتائج التي توصلوا إليها، على أهمية القسم الرئيسي منها، ولكانت الندوة حملت عنوان: الديمقراطية : حاضر العروبة ومستقبلها، بدل العنوان البارد والمحايد نسبيا: العروبة والمستقبل. ولكان المتحدثون قالوا بلغة لا غمغمة فيها: لن نقبل بعد الآن بغير الديمقراطية طريقا إلى العروبة كنظام سياسة وحياة، ولن تكون العروبة غير المواطنة الحرة في مجتمع مدني / ديمقراطي يحميه القانون وتجسده الدولة، تتحقق فيه كرامة الفرد ومصالح المجتمع وقوة الدولة وطابعها الأموي والقومي. لو فعلت الندوة هذا، لكانت قدمت رؤى واقتراحات جديدة، ثرية وواقعية لم يسبق أن قدمت ما يماثلها ندوة عرفها العصر الحديث حول العروبة وسبل خروج العرب من مأزقهم الشامل. لكنها لم تفعل ذلك، فبقيت علاقة العروبة بالديمقراطية برانية، رغم القول الصحيح نسبيا والمتكرر حول حاجة العروبة إلى الديمقراطية، والديمقراطية إلى العروبة، وظل الفصل قائما بينهما، لدى قسم كبير من المتحدثين.

عشنا طيلة قرابة نصف قرن حقبة 'قومية 'وعدتنا بالوحدة والحرية والاشتراكية، لكنها فشلت في تحقيق أي وعد من وعودها، لذلك قال المتحدثون في الندوة أنه لم يعد لعروبتها أي أفق مستقبلي، وأحجم جميع مثقفي العرب، الذين تقاطروا إلى ندوة دمشق عن الدفاع عنها أو عن تجربتها، وعن إعلان انتمائه إليها، وأتت محاولات تجديد الفكرة العربية، التي عرضت في الندوة من خارجها، وغالبا ضدها. إذا استمرت هذه العروبة، لن يبقى أي مكان لأية عروبة في مستقبل العرب، أو لن يبقى أي مستقبل للعرب: هذا ما قاله الجميع بألف تلميح وإشارة وصيغة، وفيه ما فيه من دلالات لمن يفهمون!.

' كاتب وسياسي من سورية

===========================

ثورات بلا آيديولوجيا

غسان الإمام

الشرق الاوسط

25-5-2010

الآيديولوجيا سيف الثورات. هذا السيف أُغمد الآن. ندخل الألفية الميلادية الثالثة بثورات ملوَّنة. ثورات احتجاج برتقالية. حمراء. صفراء... التجربة الثورية كمسحوق الغسيل. ما تلبث أن تفقد الثورات ألوانها البراقة. فتنطفئ الحمى الثورية بعد سنين قليلة. بل بعد أيام معدودات!

انطوت ثورة الآيديولوجيا الدموية. استولى بيروقراط البلاط على الماركسية. مسخوها. جمدوها. ثم تولت الرأسمالية دفنها تحت أنقاض جدار برلين. أين خروشوف الذي تعهد بدفن الرأسمالية، وهو يلوح بحذائه في الأمم المتحدة؟ الأحزاب الشيوعية غيرت جلودها. خلعت اللون الرمادي الحزين. راحت تتناوب على حكم أوروبا الشرقية مع الأحزاب الرأسمالية على اليمين وعلى اليسار.

حتى الأحزاب الشيوعية العربية فقدت شهية الثورة. شاخت. ترهلت. دخلت صاغرة. مستسلمة البرلمانات والجبهات الوطنية «البلغارية» التي يقودها «الحزب القائد».

ذاب الحزب الشيوعي المليوني في شمس سودان عمر. حسن. البشير. تعلم الحزب الشيوعي اللبناني كيف يتعايش مع برقع «حزب الله» الأصفر. يتنفس الحزب الشيوعي الجزائري تحت الماء. تعلمه زعيمته لويزة حنون العوم، بعدما رفضت بإباء شيوعي نبيل الهجرة إلى إسرائيل. أما الحزب الشيوعي العراقي، فقد مارس الانضواء تحت البيارق العرقية والطائفية التي حملها الاحتلال الأميركي معه.

معنا، لم يبق ونحن نعبر بوابة الألفية الفوضوية، سوى أحزاب وتنظيمات الآيديولوجيا الدينية. هي لا تنتظر الآخرة. تشاء أن تتعذب في الدنيا بنار الآيديولوجيا. كف الإخوان عن العنف. صالحوا الأنظمة. هادنوا إسرائيل في غزة. فرضوا الجزية على أميركا. فضمتهم إلى برلمانات وحكومات الشيعة في العراق. أعلنت «جبهة الإنقاذ» التوبة في جزائر العسكر. كف الشيخ الترابي عن التهديد «بتكنيس شمال أفريقيا». يدخل. يخرج. يعود إلى زنزانات العسكر الذين جاء بهم إلى الحكم. علمانية الليبراليين «البرادعيين» تنعم بحرية المعارضة. لا يعترفون بالفضل للنظام المصري الذي علم تنظيم «الجهاد» كيف يتخلي عن الجهاد ضد «كفار» المجتمع المدني.

تكتشف الجهادية الإيرانية أن الحرارة الثورية ليست كافية لحماية ثورة الآيديولوجيا. تحاول أن تستعين بالحرارة النووية للوقاية من أعدائها في الداخل والخارج. أما جهادية بوش وأوباما فهي مصرة على مواصلة حربها الدينية ضد «الجهادية» السنية التي تحتمي بأمية المؤمنين البسطاء في (تورا بورا) الباكستانية والأفغانية.

مع الاعتذار من الفصحى اللبنانية، أسأل: لماذا فقدت الثورات الجديدة والقديمة «تموضعها» و«جهوزيتها»؟ لماذا تطلى بألوان لعب الأطفال الصينية؟ الجواب: لأن العالم تغير. ببساطة، لقد تغير العالم كثيرا. هل تغير إلى الأفضل. أم إلى الأسوأ؟

كانت حروب الآيديولوجيا الباردة والساخنة تنتظم العالم بسلك شائك. قلائل، مثل تيتو، تجرأوا على اختراقه. عندما تبدد خطر الحرب الكونية، عمت الفوضى. انهارت الآيديولوجيا. ليبرالية التنمية ألغت الثورات والانقلابات الدموية. حكومة البورصات المالية عولمت السياسة. اختصرت المسافات بين اليمين واليسار.

ها هو اليميني نيكولا ساركوزي يستعير من الحزب الاشتراكي برنار كوشنير كمايسترو سياسته الخارجية. المستشارة المسيحية أنجيلا ميركل تستعين على حكم ألمانيا وأوروبا، بحلف سلطاني، تارة مع حزب اليسار. وتارة مع حزب البزنس. حزب المحافظين البريطاني يتوكأ على حزب الديمقراطيين الأحرار، ليستكمل في مجلس العموم أغلبية الحكم الضرورية.

حكمت الحكومة المالية العالم من وول ستريت وبورصات لندن وفرانكفورت وسنغافورة وهونغ كونغ. المال كالغاز يتبخر. المال كرمال بركان آيسلندا لا تراه. لكن تلمس آثاره السلبية على الاقتصاد. والتنمية. وحركة المجتمعات. سار الرئيس أوباما من اليسار إلى يمين الوسط، لتأمين إنقاذ الرأسمالية. استدان من مليون أسرة أميركية فقدت بيوتها، لينقذ حكومة المصارف ومؤسسات المال والمضاربة. دخل المتمول اليهودي المحتال برنارد مادوف السجن المؤبد. لكن لم يعرف أحد ماذا فعل ب65 مليار دولار ابتزها من وجهاء العالم المستثمرين في أميركا.

ها هي ثورة أخرى ملوّنة تنفضح. انكشفت «الثورة» المصرفية. غطتها ثورة أوباما الليبرالية، من كيس أميركا المَدِينَة للصين. لليابان. للعرب... بحفنة تريليونات من الدولارات. لكن من يغطي «ثورات» اليونان. تايلاند. أوكرانيا؟

استدانت اليونان لتنفق. أنفقت لتستدين. مولتها مصارف الدولار واليورو. عندما عجزت عن السداد. لم تستطع اللعب مع اليورو. فهو عملة السادة في ألمانيا وفرنسا. عندما طالبت ميركل اليونان بشد الحزام سترا للعورة، أجبرتها فرنسا وأميركا على إنقاذ «الأكريبولس» من الانهيار، وخوفا من أن تنتقل العدوى إلى أشباه المفلسين الطليان والإسبان والبرتغال.

عندما علم الفقراء بأن عليهم شد الحزام نزلوا إلى شوارع أثينا. خافوا على مكاسبهم. ثاروا. لحق بثوار اليونان ثوار تايلاند. احتل العدميون والفوضويون قلب أثينا وبانكوك. أحرقوا رموز السلطة (المباني الحكومية). دمروا المصارف (رموز الثروة). نهبوا المخازن السلعية (رموز الاستهلاك المُسْرِف). تشابه الثوار هنا وهناك: فقراء. بسطاء. هامشيون. متقاعدون. لصوص. مجرمون.

تمترست الثورتان باللون الأحمر. ثورتا احتجاج. ثورتا غضب مع قليل من الدماء. وكثير من الدموع. لم تصلِّب الآيديولوجيا الثورات الجديدة. كان سهلا على الدولة أن تقمع. أن تضرب ثورات الموقف العابر. استسلم الريفيون الفقراء وهم يبكون. عادوا إلى قراهم في مجاهل ريف بائس يحلم بابتسامة الرفاهية التقليدية التي تستقبلك بها فتيات تايلاند في مواخير التدليك المعطرة في بانكوك.

تطلع الثوار الفقراء إلى وساطة الملك المحبوب. لكن بوميبول الراقد في المستشفى لم يستطع التدخل للفصل بين الفقراء وحكومة البزنس، كما كان يفعل خلال 64 سنة من ملكه المديد. أما الملياردير ثاكسين الذي حرض الفقراء على الثورة. فقد فر إلى المنفى بعد الانقلاب العسكري على حكومته (2006) متهما بالفساد. جنرال الفقراء الذي حل محله اغتيل برصاصة قناص حكومي.

الثورات الجديدة هشة. ساذجة. سطحية. لا تملك فكرا وزعامة. الثورة البرتقالية في أوكرانيا عادت مستغفرة إلى جلادها. انتخبت فيكتور يانوكوفيتش الذي ثارت عليه، عندما زور الانتخابات الرئاسية (2004). ثوار أوكرانيا الملونون خاب أملهم بثوارهم القادة. أشفقوا على زعيمهم الذي شوهت المخابرات وجهه. انتخبوا فيكتور يوتشينكو رئيسا. فاختلف مع شريكته السياسية الجميلة بوليا تيموشينكو. تخليا عن الإصلاح. انهمكا في توزيع غنائم الثورة على البطانة. فقدت ثورة أوكرانيا البرتقالية لونها. لكن حققت الحرية. وزورت الديمقراطية، انتقم الناخبون من فيكتور أميركا بالعودة إلى فيكتور روسيا! كافأ فيكتور المنتصر روسيا، فورا، بتجديد عقد القاعدة البحرية الروسية في شبه جزيرة القرم، في مقابل غاز روسي رخيص يحرك المصانع. ويدفئ الأطفال والأمهات.

ما أسهل الثورات بلا عذاب الآيديولوجات. شتمني في الصحف ثوار ثورة الأرز البرتقالية. عندما قلت إنه لا يمكن أن يقوم حكم مستقر في لبنان معاد لسورية. صالحت ثورة أوكرانيا روسيا. صالحت ثورة لبنان البرتقالية سورية. وفي ثورات لبنان، دائما، ليس هناك فيكتور غالب. وفيكتور مغلوب.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ