ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 23/05/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الانتهازيون و..زيف الديموقراطية الاسرائيلية

خالد خليل

5/22/2010

القدس العربي

لماذا كلما اشتدت الحملات السلطوية على التجمع الوطني تزداد الأقلام "الوطنية" وغير الوطنية التي تهاجم هذا الحزب وتحاول النيل منه، وكأني بها تتحين الفرص من أجل الإجهاز عليه والقضاء على مشروعه الوطني التقدمي. وقد يدعي بعض هؤلاء أن هجومهم المهووس يأتي من باب حريةالنقد وحرية التعبير عن الرأي..

لو كان الأمر كذلك لكنا رحبنا به وتفاعلنا معه بشكل موضوعي من أجل الإفادة والإستفادة من النقد في تطوير مشروعنا السياسي، إلا أن موضوع النقد لم يخرج عن باب المهاترات الفارغة، خاصة عندما تناول بعض الكتبة المستكتبين موضوع الإحتفال بمرور خمسة عشر عامًا على تأسيس التجمع والإحتفاء بتنسيب ما يزيد عن 700 عضوًا جديدًا الى صفوفه، فما الذي لم يعجب هؤلاء "الإخوة" بالإحتفال، بعضهم يشك بانتساب هذا العدد الكبير من الأعضاء، وبعضهم من يعتقد أن الأمين العام للتجمع المناضل عوض عبد الفتاح روى رواية مزيفة عن تأسيس التجمع، وهو بالطبع لا يعرف مدى صدق هذه الرواية ولا يدعم قوله برواية مضادة تستند الى أحداث واقعية، هو فقط يعتقد، لأنه ما زال غارقًا برؤيته القديمة التي حكمت على نفسها وصاحبها أن تقرأ التطورات السياسية فقط من خلال الدخول أو عدم الدخول الى الكنيست الصهيوني، ظانًا أنه يمتلك مفتاح الحركة الوطنية يدخل به من يشاء ويخرج منه من يشاء.

وقد اكتشف هذا الكاتب العظيم بعبقريته الفذة أن التجمع تيار انتهازي، لأنه يطالب بالإعتراف بالعرب كأقلية قومية ويطرح شعار المواطنة، وأهمل موضوع الحكم الذاتي الثقافي.

ولم يرَ أخونا أن التجمع مصرّ على رفض يهودية الدولة ومصرّ على التلاحم والتواصل مع الأمة العربية، ومصرّ على اعتبار شعار المواطنة شعارًا اعتراضيًا لفضح زيف الديمقراطية الإسرائيلية ومن أجل مواجهة الحركة الصهيونية كحركة عنصرية. ولم يرَ صاحبنا أن التجمع وأعضاءه وقيادته دفعوا وما زالوا ثمن هذه المواقف بالإعتقالات والقمع والملاحقة السياسية والتحريض الأرعن يوميًا من قبل المؤسسة الإسرائيلية بكل أجهزتها..

في المقابل ماذا يفعل الأخ مقابل النشاطات والفعاليات المذكورة التي يقوم بها التجمع وفقًا للرؤية أعلاه، هل يفعل نصف ما يفعله أعضاء التجمع؟! الجواب قطعًا لا.

في الأسبوع الماضي أيضًا فتحت الأبواق "الطيبوية" نيرانها على التجمع فيما يتعلق بزياة ليبيا وأيضاً بدون مناسبة مما أسماه "ادعاء العفة" من قبل وفد التجمع في عدم "المزاحرة" على الكلام أو الصور أو التفاعل مع أعضاء الوفد الآخرين أثناء زيارة ليبيا.. وهذا الكاتب "المحامي العملاق"، ذهب إلى ليبيا ليس كما يدعي بصفته الشخصية وإنما بإيعاز وترتيب من أحمد الطيبي الذي كان مسنودًا جدًا من أخيه وحبيبه محمد دحلان الذي لا تربطه رابطة ببريطانيا العظمى(وحصار عرفات واغتياله) ودايتون والولايات المتحدة، ولا ينسق بتاتًا مع إسرائيل.

المحامي إياه مدح في مقاله الذي نشر يوم الجمعة الماضي في "حديث الناس" أحمد الطيبي ومحمد بركة وسايرَ الحركة الإسلامية وهاجم تلميحًا التجمع دون ذكر اسمه، لذلك لن نذكر هذه المرة اسمه ولن نبحث في ملفاته القديمة والجديدة هي كثيرة (ولا تقتصر فقط على الأسعار الخيالية للدفاع عن المعتقلين الفلسطينيين) لكننا ننصحه نفس النصيحة الكلاسيكية: من بيته من زجاج يجب أن لا يرمي الناس بالحجارة.

ونحن إذ نكرر مرة أخرى أننا نرحب بالنقد الموضوعي وليس المعادي أو المتزامن "بالصدفة" دائمًا مع الحملات السلطوية علينا، فإننا نؤكد أننا مارسنا ونمارس النقد الذاتي وهذا ما يكاد يكون نادرًا في ساحة العمل السياسي والحزبي، ولكي لا نفوّت الفرصة على الأصوات التي قد تعيّرنا بالتحالف مع الطيبي في السابق، فيما نلوم اليوم المتزلفين أو المروجين له ولمسرحياته الممجوجة أمام الإعلام وعلى منبر الكنيست، وغير ذلك من القصص المخجلة في التعامل مع الإعلام العبري أثناء زيارة ليبيا.. فإننا انتقدنا تحالفنا مع الطيبي واعتبرناه خطأً رغم تصريحات جميع قيادات التجمع في حينه أن هذا التحالف كان مصلحة انتخابية ليس أكثر. لقد أصرّ التجمع أن ينتقد ذاته وأن لا يختبئ وراء التبريرات حتى وإن كانت صحيحة، وعلى الرغم من كل الجهود التي بذلت في تلك الإنتخابات من أجل إسقاط التجمع وكلها جهود مشبوهة كما يذكر القراء، صُرف عليها الكثير من أموال الصمود، أيام كان محمود عباس يوزعها بلا كلل أو ملل. ونحن لا ننتقد الطيبي لمجرد النقد وإنما لأنه رضي لنفسه أن يلعب الوسيط والجسر من أجل التطبيع ولترضى عنه المؤسسة كثيرًا هو وبعض أعضاء الكنيست العرب الذين يرى فيهم روبي ريفلين نموذجًا لعضو الكنيست العربي الجيد كما قال جهارًا. فلماذا لا تعلق الأقلام المسؤولة والناقدة للعمل الوطني على ذلك مثلاً ولما لا ينتقد هؤلاء الدور الخطير الذي يلعبه الطيبي وأمثاله، فهل الأمور ملتبسة عليهم الى هذه الدرجة حتى الحكومة تتنازل للطيبي من أجل تقديمه قوانين كان من المفروض أن تقدمها الحكومة وهذه سابقة في العمل البرلماني الإسرائيلي.

 

أفلا ترون ذلك؟

من المضحك أن يتذمر غدعون عزرا مثلاً من عدم قبول اقتراحاته فيما تقبل بسهولة اقتراحات الطيبي. بالمناسبة لا تقبل هذه الإقتراحات لأنها مهنية، بل هي في كثير من الأحيان تعيسة، وربما في مرات قادمة سنعطي نماذج على ذلك من كواليس البرلمان. (ومن ضمنها قانون المهن الطبية الذي كان من المفروض أن تقدمه الحكومة كقانون حكومي، وتنازلت للطيبي عنه بهدف دعمه).

لقد تجاوز التجمع تلك الفترة وتجاوز معها أصعب الحملات وسيتجاوز الحملة الحالية والقادمة، لأنه رسخ أقدامه كحزب يمثل بحق وحقيق الحركة الوطنية الصادقة والشريفة، ولأنه يمثل أوسع القطاعات الشبابية المناضلة التي تتخذ من التحدي نبراسًا لها وقررت حماية المشروع الوطني الديمقراطي ومواجهة الصهيونية والإحتلال والسير في طريق الحرية والعزة ونفض ما يعلق بها من طفيليات.

كاتب من فلسطين

===============

دولة الرئيس.. لا دولة العراق

د. عمر الكبيسي

5/22/2010

القدس العربي

أستهدف غزو العراق عام 2003 الدولة بكاملها نظاماً وأرضا وجيشا؛ عرابو الاحتلال ورموز العملية السياسية سرقوا الثروة بمصارفها وخزائنها ونفطها ومعادنها ومتاحفها وتقاسموا المناصب بوزرائها ومدرائها وهيئاتها وأشاعوا النهب والسلب والسرقة والرشوة والتهريب وعاثوا في الأرض فساداً وجوراً وقفراً وفقرا وأجرموا بحق البشر تقتيلاً وتعذيباً وسجناً وخطفاً وتهجيراً كل ذلك تبرره دولة الاحتلال بتحرير العراق واشاعة الديمقراطية فيه فيما تبرره الاحزاب الحاكمة التي نصبها الاحتلال بمظلومية من نصبت نفسها عليهم ممثلاً ومرجعية من أطياف الامة ومكوناتها ظلما وعدوانا باسم الدين والمذهب والطائفة والعشيرة والقومية. وفيما تتعثر العملية السياسية الخرقاء التي أوجدها الاحتلال على أسس المحاصصة الطائفية والعرقية بكل ما أنتجته من حكومات ومجالس وهيئات وانتخابات واستفتاءات فاسدة وضعيفة ومزورة وغير نزيهة تستمر معاناة الشعب العراقي بمزيد من التضحيات في الأنفس والأموال والكفاءات والموارد والمعاناة من التهجير والسجن والفقر والبطالة والأمية والمرض .

وبالرغم من ضخامة وحجم مشروع الاحتلال الذي استغرقت الإدارة الأمريكية فترة عقدين من السنين لإعداده وتنفيذه وأنفقت الأموال الطائلة واعدت جيوشا وأسلحة وكوادر بشرية ضخمة ومكلفة وبالرغم من تفاؤل وعجالة الإدارة لأمريكية بالإعلان عن انتصارها الواهم فيما أسمته بمشروع تحرير العراق! بعد فترة ثلاثة أشهر فقط من مرحلة الغزو لكن إرادة العراقيين وشكيمة المقاومين والمناهضين قلبت الموازين وفرطت عقد الغزاة وغيرت النتائج بما كلفتهم من خسائر كبيرة في الأرواح والأموال والنفقات مما جعل مسيرتها اللاحقة سمة للتخبط والضعف وعدم الاكتراث، يشير تقريران من دائرة العسكريين المتسرحين الأمريكية ومعهد العسكريين المتطوعين أن ما بين 20 إلى 30' من القوات الأمريكية التي خدمت في العراق والبالغة مليون وستمئة ألف عسكري اصيبوا بأمراض عقلية ونفسية وان أكثر من ثلاثين متسرحاً منهم يرتكب محاولة انتحار يومياً يتوفى منهم بحدود 18 منتحرا يومياً.

المستنقع العراقي الذي تورطت فيه الولايات المتحدة وما ترتب عليه من مقاومة ومناهضة وأحداث أسقط أدارة المحافظين الجدد والحزب الجمهوري وجاء بالديمقراطي الأسود أوباما على أمل أن يخلص امريكا من حروب بوش الطائشة كما أسقط بلير وحزب العمال البريطاني الحليف لسياسات بوش وأجج أزمة اقتصادية خانقة وطوَّق مشروع الشرق الأوسط الكبير وأوقع الفشل الذريع والرعب بكل مخططات الهيمنة والحروب التي تخوضها القوات الأمريكية بمواجهات غير حاسمة لقاء نزف الدم والمال والقوة كما ثبت زيف المبادئ المعلنة التي طال ما أشيع أن الولايات المتحدة الأمريكية ملزمة دستورياً بإشاعتها.

ثبت زيف الديمقراطية والحرية التي بشَّر بها الاحتلال من خلال انتخابات غير نزيهة ومزيفة وأساليب قمعية مصحوبة بالوعيد والتهديد لتبادل السلطة وثبت قبلها زيف أسطورة أسلحة الدمار الشامل التي برر بها غزوه للعراق.

في أجواء هذا السقوط في موازين القيم والقوى والأعراف والشرائع لدولة تستفرد بجبروتها وتكذب على نفسها وعلى الآخرين وترتكب ابشع الجرائم بحق الشعوب بلا خجل او اعتذار تفكر بانسحاب آمن ومنظم لقواتها ولا تبالي بمصير شعب أشاعت فيه سياسة التشظية والإقتتال والموت والعنف والتهجير والحرمان تسلمه لقيادات ثبت فشلها وفسادها وعدم كفاءتها يقيناً منها أن هولاء الأقزام المنصبين والمنتفخين والمنتفعين بالسلطة وامتيازاتها سيكونون من احرص المتشبثين بالولاء لمصالحها وأجنداتها وان التمسك بسلطة كهذه ستكون الأفضل والأجدر لتحقيق انسحاب منظم وآمن يحفظ للاحتلال ماء الوجه بالأخص عندما تتكفل قوة إقليمية متوغلة كنظام ولاية الفقيه وأزلامه بحماية وتثبيت أحزاب السلطة الحاكمة في العراق بالبقاء بعد الانسحاب.

إن الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق والذي لن يجد اوباما بديلا عنه سيتزامن مع انسحاب من أفغانستان التي أصبح انهيار قوات حلف الأطلسي فيها وشيكا يظهر أيضاً فشل فرضية ذريعة انسحاب منظم من العراق من أجل نصر حاسم في افغانستان يما يثبت أن كلا الاحتلالين قد فشلا بفضل زخم المقاومات الوطنية وستفشل أيضاً فرضية الانسحاب المنظم الآمن هذه لأن الشعوب لن تسكت عندما يزج فيها بين خيار الإبادة والموت أو خيار التبعية والتقسيم،

إن المقاومة العراقية والأفغانية التي تتصدى اليوم بقصف قوات الاحتلال في قواعدها العسكرية التي بنيت وحكِّمت ليحتموا بها لكنها لن تحميهم كما إن انسحاب هذه القوات لن يكون آمناً أو انسحاباً يختلف عن انسحاب قوات الاحتلال المنهزمة من فيتنام قبل عقود من الزمن .

موقف المقاومة من هذا الانسحاب يعكس وجهة نظرها أنه إنسحاب هزيمة وليس انسحاب هدنة وتفاوض معها.

والعدو المنهزم سيبقى ملزماً بدفع وبتحمل تعويضات ما لحق بشعبنا وبلدنا من خسائر وأضرار وان اليوم الذي سيحاكم فيها قادة دول الاحتلال عن جرائم ما أقترفوه بحق شعبنا وشعوب دولهم لقريب بإذن الله. تشبث المالكي وحزب الدعوة الذي يتزعمه بالسلطة والتهديد بشعار (ما نعطيها) وتذرعه بشتى الوسائل والأساليب لبقائه وتجديد رئاسته هو أيضاً نمط من أنماط الدكتاتورية والالتفاف حتى على دستور الاحتلال المتهرئ ولاشك أنه يشكل جريمة بحق الشعب الذي كلفته هذه التشبثات خسائر في الأرواح وتدمير في الثروات والممتلكات تسببت بوضع أمني متفجر ناتج عن غياب المسؤولية لسلطة يفترض أن مفعولها قد انتهى وان ثمن هذه الجرائم سيدفعه من تسبب في وقوعها حالها كحال كل جرائم الاحتلال الأخرى .

من المؤكد أن هذه الانتخابات ستأتي بدولة رئيس جديد لكنها لا يمكن أن تؤسس لدولة العراق الواحد المستقل؛ صحيح إن إطالة أمد الاحتلال واستمرار سلطة الفساد والدمار يعني المزيد من التضحيات والخسائر المؤلمة والهاضمة لحق العراقيين بالعيش بأمن وأمان لكنَّ عراق الدولة الآمنة والأمينة لن تبنيه وتوحده وتحرره إلا قوىً وطنية تدين بالولاء للعراق وأرضه وشعبه دون تمييز أو تبعية أو تفريط من خلال مشروع وطني تحرري وهذا المشروع لا يمكن أن تحتضنه عملية سياسية خرقاء كالتي أسسها الاحتلال.

المراهنة بين أن يكون العراق أو لا يكون بمجرد مجئ دولة علاوي أو المالكي أحسبه حلم من أحلام الواهمين وذر للتراب في عيون المبصرين فالعراق العظيم أكبر من وهم العملاء الخائبين والطائفيين القادمين على ظهر الثور الأمريكي الجامح وفق وصف الغزو على لسان أحد قادة الدعويين.

' كاتب عراقي

===============

تغيير قواعد اللعبة..!

مفيد عواد

الرأي الاردنية

5/22/2010

يبدو واضحاَ أن الاتفاق بين أمريكا وإسرائيل بشكل جدي هذه الأيام إلى إمكانية ممارسة ضغط أمريكي حقيقي على إسرائيل للانضمام إلى وثيقة منع انتشار السلاح النووي فيما يلوح أيضاً أن الإدارة الأمريكية الحالية تعتزم تغيير قواعد اللعبة التي تم الاتفاق عليها بين الرئيس نيكسون ورئيسة وزراء إسرائيل غولدامائير عام 1969.

 

إلا أن ثمة ظروف وتطورات دولية في المنطقة والعالم ساعدت الرئيس أوباها على الخروج عن قواعد اللعب في إطار رؤياه لإقامة عالم نظيف من السلاح النووي.

 

ويضاف إلى ذلك أن مجلس الأمن الدولي كرر مؤخراً إصدار قرار بضرورة إقامة منطقة خالية تماماً من السلاح النووي في الشرق الأوسط وذلك بموازاة انعقاد المؤتمر الدولي في نيويورك حول عدم انتشار السلاح النووي.

 

مجموعة أوراق عمل قدمتها بعض الدول المشاركة في المؤتمر تميزت بالمطالبة الصريحة للدول المعنية والمقصود بها الدول النووية الكبرى العمل جديا وبشكل مناسب للوصول إلى هذه الغاية الدولية الهامة ولعل أبرز أوراق العمل التي قدمت للمؤتمر ورقة العمل المصرية وخصوصاً في بندها أل 31 الذي تطالب فيه الدول الموقعة على الميثاق بضرورة الكشف عن المعلومات التي لديها بالنسبة لطبيعة وحجم القدرة النووية لإسرائيل بما في ذلك المعلومات التي تم تقديمها لها في الماضي والمقصود بها فرنسا وأمريكا.

 

ربما مثل هذه الدعوة وغيرها كانت لا تلقى قبولاً لدى الدول المؤيدة لإسرائيل في الماضي أما في الظروف الدولية الراهنة فإنه من غير المقبول أن يطالب العالم ومن ضمنه دول المنطقة بالذات بتجريد إيران من مفاعلاتها الذرية للأغراض السلمية والمفتوحة على مصاريعها للوفود الدولية كي تتأكد من الأمر فيما تصر إسرائيل على بدعة الغموض السخيف حول سلاحها النووي بذريعة أن السلام الذي تتصوره حسب مفهومها يجب أن ينجز الآن ومن ثم التجريد من سلاحها النووي بعد ذلك..!

 

إسرائيل تريد أن يتصرف العالم وفق مشيئتها هي فهي تفصل وعاء التفكير لأحداث العالم وعليه تنفيذ بما تمليه والامتثال بما يناسب قناعتها حتى لو طلبت خوض الحروب من أجلها تلبية لجنونها وعربدتها هنا وهناك فقد قصفت مفاعل تموز العراقي عام 1981 وهو مجرد مبان وقصفت مبنى في دير الزور بدعوى أنه خطر على أمنها.. أما كيف؟ولماذا؟فليس من حق أحد أن يسأل وإلا فهو إرهابي وعدو للسامية إلى حد أنها ترفع خيارها النووي بين الحين والآخر وتهدد به العواصم العربية بالإزالة والعودة إلى العصر الحجري في الوقت الذي تضرب عرض الحائط بجهود التسوية السياسية في المنطقة وتمارس من الجرائم ما أجمع على إدانتها مراقبون دوليون من اليهود أنفسهم بشكل أصبح فيه مسؤولوها وجنرالاتها مدينين بهذه الجرائم في كل عواصم العالم وكالنازيين تماماً مطلوبين للعدالة الدولية بذات التهم العنصرية التي ارتكبها أسلافهم.

===============

ماذا كان (غاندي) يقول؟

بروفيسوراوريئيل بروكتشيا

(رئيس خطة اللقب الثاني في الحقوق في المركز متعدد المجالات في هرتسيليا)

يديعوت الاسرائيلية

الرأي الاردنية

5/22/2010

لنتخيل اننا ولدنا وترعرعنا وعشنا حياتنا كلها في قرية فلسطينية صغيرة، ولنفترض أن اسمها نعلين. في ايام بعيدة امتدت اراضي القرية الى بعيد حتى ظاهر اللد، وكانت مغروسة باشجار الزيتون بكثرة. اقتطعت حرب الاستقلال من القرية اكثر اراضيها فتقلصت وساءت حالها. بعد حرب الايام الستة، وكما يقول المستوطنون حررت القرية».

مع اقامة المستوطنة الحريدية موديعين العليا بدأت حركة ارض من توسع الاستيطان من أجل ان تجد لسكانها «حلولا سكنية». الان نفسه بدأ مع ذلك يبنى الجدار الذي دفع باراضي القرية شمالي ارضها المسكونة، في قصد الى اخلاء اراض اخرى لكتلة الاستيطان شمالي موديعين.

 سد طريق النقل الرئيس القريب من القرية، أي الشارع 443 امام سكانها، وفي الايام القريبة ايضا مع فتحه الجزئي من جديد بأمر من محكمة العدل العليا، يكون استعمال سكان القرية له مزدحما جدا، في نقط تفتيش غير منظمة حتى إن أكثر السكان لن يستطيعوا استعماله. بدل ذلك ستمهد «طرق أهل البلاد» التي تطيل مدة الوصول من قرية الى اخرى بعشرات الاضعاف. يحتاج سكان القرية الى مصدر عيش، لكن مع فقدان كروم الزيتون اجتث أحد مراكز العمل الرئيسة للقرية. ان الاغلاق المادي انشأ وينشيء سلسلة من الصعاب امام اكتساب الثقافة والاندماج البديل في سوق العمل.

 كيف كنا نشعر نحن ازاء جيراننا المستوطنين، لو كنا نحن من سكان قرية نعلين؟ كان الضعفاء بيننا يبكون بهدوء لمصيرهم المر ويقضون حياتهم بالحزن والتنهد.

 ومن المحقق أن العنفاء بيننا كانوا يبذلون طاقتهم في نشاط يناسب صفتهم. يستحق اولئك هز الرأس، وهؤلاء التنديد الاخلاقي الشديد.

 كان الممتازون بيننا يفتشون عن طرائق نضال غير عنيف، من عدم التعاون مع المحتل الاجنبي.

 كانت هذه طريق عملاق حقوق الانسان، «المهاتما غاندي» التي عندما ناضل من اجل تحرير الهند من نير الاحتلال البريطاني.

 لقد حارب بقواه كلها أي تعبير عن المقاومة العنيفة واختار عوض ذلك استراتيجيات مختلفة من المقاومة السلبية. كانت الشهيرة الناجحة بينها فرض قطيعة مطلقة على سلع بريطانية وتشجيع الصناعة المحلية.

 يمتدح التاريخ «غاندي» لعظمة النفس التي ابداها في مواجهة المحتل، وسينقش الى الابد في وعينا على أنه بطل كوني لحقوق الانسان.

 لم يكن «غاندي» هو الوحيد الذي دعا الى استعمال استراتيجيات غير عنيفة. كانت «روزا باركس»، وهي خياطة سوداء فقيرة من الباما ولد طردها من حافلات مع فصل عنصري القطيعة الكبرى مع وسائل النقل العامة وولد أيضا على الايام الاندماج العرقي في أنحاء الولايات المتحدة. مجد عظماء مثل «مارتن لوثر كينغ»، و»نلسون مانديلا» وآخرون في احيان كثيرة بطولتها غير العنيفة. وكذلك جرى التعجيل بنهاية الحكم العنصري في جنوب افريقيا لا بقوة السلاح بل بعقوبات اقتصادية غير عنيفة.

 ان كل ذي لب لا ينتظر أن يلحس السكان المحتلون بتمتع سل المنح التي منحهم الاحتلال اياها، يجب أن يبارك السلطة الفلسطينية لانها أجمعت على تحويل النضال الى غير العنف، بيد أن المستوطنين انفسهم، واوساطا واسعة في اسرائيل الرسمية التي تؤيدهم (مثل اتحاد ارباب الصناعة)، رأوا ذلك على نحو مختلف. «لن ندعهم يخضعوننا»، بين القوزاقيون المسلوبون الذي اضرت بهم «القطيعة» وفي نهاية الامر عندما تقاطع سلعهم سيشعرون بالضرر الاقتصادي على نحو اشد بعشرات الاضعاف ويأتون وذيولهم بين أرجلهم ليعيدوا الوضع الى ما كان عليه. آنذاك سيرى العالم من هم المستنيرون ومن هم الذين يبحثون عن الحرب.

 أهذا رد حماسي؟ يناسب فقط قلة قليلة من «التفاح الفاسد»؟ لنفحص إذن عن رد مجلس «يشع»، وهو الجسم المنتخب للمستوطنين الذي يرونه معتدلا وسوي الحكم. «الحديث عن عمل عدواني من جميع جوانبه من قبل السلطة الفلسطينية ورؤوسها»، أعلنوا وزادوا: «ينبغي الرد عليه من الفور وعلى نحو حاد كالرد على عمل عدواني».

وكذلك رد رب صناعة في المناطق أضرت القطيعة بمبيعاته: «نحن نتلقى مطارق على رؤوسنا ونصمت»، شكى؛ واقترح في الجانب العملي ردا صهيونيا مناسبا: «يجب ان تدافع الديمقراطية ايضا عن نفسها».

 ليس واضحا بالضبط ما هو الرد المطلوب، بحسب رأي مجلس «يشع»، وكيف يفترض أن تدفع ديمقراطيتنا المدهشة في المناطق مخربيها. لكن يسهل ان نتبين في تاريخ الشعوب، في الهند، وجنوب افريقيا وفي ارض اسرائيل الانتدابية التي ناضلت من أجل استقلالها، ما هي فاعلية «ولن نقول اخلاقية» الردود العنيفة على طموح سكان واقعين تحت الاحتلال الى تقرير مصيرهم.

===============

لماذا تركيا والبرازيل ؟

سميح صعب

النهار

5/22/2010

سلط اتفاق تبادل الوقود النووي بين ايران وتركيا والبرازيل الضوء اكثر على ما يمكن دولاً نامية ان تحققه في مجال الديبلوماسية لحل ملفات ساخنة. فالبرازيل وتركيا برزتا لاعبين اساسيين في الملف النووي الايراني حيث أخفقت الولايات المتحدة وروسيا وبقية الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن في إحراز تقدم نحو إيجاد تسوية لهذه المشكلة.

المشهد الذي جمع الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو "لولا" دا سيلفا ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الى جانب الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، يؤشر فعلاً الى حقيقة بروز قوى جديدة على المسرح الدولي يمكن ان تكون مؤثرة في مجرى الاحداث نظراً الى تمتعها بالقبول دولياً عكس الدور الاميركي الذي يثير التحفظ من اكثر من جهة.

ولا شك في انه كانت لشخصية الرئيس البرازيلي وتمتعه بتأييد شعبي داخل بلاده وباحترام دولي واسع في الخارج، الاثر البالغ في الدفع نحو دور بارز لبلاده على الساحة الدولية. كما انه كانت لصدقية اردوغان في الداخل وللانعطافة التي ادخلها على السياسة الخارجية لبلاده في ما يتعلق بالصراع العربي - الاسرائيلي، أثر كبير في جعل الدور التركي مرحباً به اقليمياً على رغم الاستياء الاسرائيلي.

وبطبيعة الحال انه لو لم يكن دا سيلفا واردوغان يتمتعان بتأييد داخل بلديهما لما تمكنا من كسب الاحترام والثقة على الساحة الدولية. ولعل هذا ابرز ما تفتقر اليه السياسة الاميركية خصوصاً بعد حربي افغانستان والعراق، وبعد الاخفاق المدوي في ايجاد تسوية للصراع العربي - الاسرائيلي. وربما هذا ما يجعل أطرافاً دولية كانت تتمتع بنفوذ دولي في السابق مثل روسيا تسعى الى استعادة دورها المفقود، او دولاً نامية مثل الصين تطمح الى دور سياسي يوازي حجمها الاقتصادي، او تكتلات كبرى مثل الاتحاد الاوروبي تسعى هي الأخرى الى تحقيق التوازن بين الحجم الاقتصادي والنفوذ السياسي دولياً.

بيد أن المستجد على المسرح الدولي، هو تلك القفزة التي حققتها دول نامية مثل البرازيل وتركيا اللتان تمزجان بين اقتصاد مزدهر في الداخل ودور سياسي متزايد في الكثير من الشؤون الدولية. وكانت زيارة دا سيلفا الى الاراضي الفلسطينية واسرائيل الاولى لرئيس برازيلي الى منطقة الصراع وذلك في محاولة لتلمّس دور سياسي ما يكون معطوفاً على استثمارات افضل للاقتصاد البرازيلي في الشرق الاوسط.

أما اردوغان فنجح في تحقيق التوازن بين سعي تركيا الحديثة الى الانضمام الى المشروع الاوروبي وبين الاستدارة مجدداً نحو الشرق عبر البوابات الفلسطينية والسورية والعراقية. وهنا حصل التحول الكبير في الموقف من الصراع العربي - الاسرائيلي وبدأت تركيا تضطلع بدور الوسيط بين سوريا واسرائيل الى ان رفضت تل ابيب هذا الدور بحجة الانحياز الى العرب. لكن ما خسره اردوغان في اسرائيل استعاض عنه بتعاطف في الساحة العربية وبعلاقات اقتصادية اقوى مع كل من سوريا والعراق، فضلاً عن العلاقة الوطيدة مع ايران.

الدور المتنامي لتركيا والبرازيل، لا سيما في الملف الايراني، جعل اسرائيل توجه الاتهام الى هاتين الدولتين بأنهما تحاولان اللعب في الوقت الضائع او بأن طهران تحاول الالتفاف على الضغط الدولي الذي تتعرض له من طريق خداع هاتين الدولتين. لكن الانزعاج الاسرائيلي ينبع في مثل هذه الحال من إيثار تل ابيب اعتماد الشدة مع ايران وليس الديبلوماسية.

لكن في ظل صعود ادوار لاعبين جدد في العالم، يلاحظ في المقابل غياب دور العرب وتأثيرهم سواء في القضايا التي تخصهم او في تلك التي تحيط بهم، من فلسطين الى ايران الى السودان والنيل. فالكثير من هذه القضايا يتقرر في الخارج وعلى حسابهم!

===============

الأدوار "المصرية" التي تلعبها تركيا!

جهاد الزين

(اسطنبول )

النهار

5/22/2010

بعكس اهتمام العديد من النخب السياسية والاعلامية العربية، لم يظهر ان اقتراح الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى اقامة "رابطة دول الجوار العربي" والمبني على رؤية لموقعي كل من تركيا وايران حيال العالم العربي، قد اثار او يثير اهتمام النخب السياسية التركية. لم يتجاوز الامر ردود فعل الايام الاولى لقمة سرت العربية التي اطلق منها هذا الاقتراح مؤخرا والتي بقيت في اطار التغطية الاخبارية لا اكثر، دون ان يثير نقاشا ابعد رغم المكانة الخاصة التي اعطاها الاقتراح للدور التركي.

لست لأبحث عن اسباب عدم الاهتمام هذا هنا. لكن عمرو موسى هو عضو بارز في النخبة المصرية الحاكمة ومن هذا الموقع – غير المباشر – بدا اقتراحه اول اعتراف مصري باهمية المكانة الاقليمية الجديدة التي بلغتها تركيا. ربما قد يكون الاتراك، المجموعة الحاكمة الآن في "حزب العدالة والتنمية" ومن ورائها النخبة الاعلامية السياسية التركية، على حذر شديد من اي نقاش لموقع مصر مع معرفة هؤلاء الاتراك بالحساسية الشديدة غير المعلنة لدى رؤوس البيروقراطية السياسية والاعلامية – وحتى بعض الثقافية – في القاهرة من الدور المميز، بل الادوار المميزة التي باتت تلعبها تركيا.

صحيح ان ديناميكية الانفعال المصري السلبي – على هذا المستوى – تتجه نحو الدور الايراني، لكن لا ينبغي التقليل بالمقابل من الحساسية الضمنية حيال تركيا. الفارق الرئيسي هنا، ان الديبلوماسية التركية تتقدم الى مواقعها – بل مكاسبها – الجديدة كقوة استقرار في الشرق الاوسط او في مناطق اخرى كالبلقان والبحر الاسود والقوقاز وآسيا الوسطى، بينما حصلت ايران على مواقعها في السنوات الاخيرة، كقوة "عدم استقرار" اذا جاز التعبير الذي نستخدمه هنا كصيغة لدور ايديولوجي سياسي – امني ينسجم مع طبيعة النظام الايراني نفسه.

لكن في السنوات القليلة الماضية صار من المألوف في اي لقاء عربي تركي على المستوى الاكاديمي ان يكون موضوع "الفراغ الاستراتيجي" الذي شهده العالم العربي احد المواضيع الثابتة للنقاش، واحد المداخل الاساسية، ان لم يكن الاساسي لمناقشة الدورين التركي والايراني الصاعدين.

في بحثها الدقيق، الذي انعقدت ندوة مركز ابحاث TESEV في اسطنبول قبل ظهر يوم الاثنين المنصرم حوله تشير البروفسورة مليحة بنلي التونيشك رئيسة دائرة العلاقات الدولية في جامعة "الشرق الاوسط التقنية" في انقرة، وفي معرض رصدها لتباينات مواقف عربية ومصرية من تركيا، تشير الى اصرار بعض المعلقين العرب على تعريف تركيا بانها "قوة سنية" في المنطقة او انها جزء من "المحور السني" وهذا "على الرغم" وفقا لتعبير الباحثة "من محاولات تركيا الدائمة عدم تشجيع سياسات مذهبية في سياستها الاقليمية" وهي تعتبر في ما يبدو انه نقطة اجماع تقريبا لدى المعلقين الاتراك – ان "اي انحياز من هذا النوع سيؤدي الى جعل النفوذ التركي محدودا في المنطقة". والباحثة تختار ما كنتُ شخصيا قد كتبته في ورقة قدمتها في اسطنبول في كانون الاول المنصرم حول ان "الموقف التركي المتزن جدا من الحساسية السنية - الشيعية كان مدعاة استقطاب للنخب العلمانية – الليبرالية العربية" كواحد من تعليقات التأثير الايجابي لهذا الموقف التركي في العالم العربي ضمن النظرة اليها ك"قوة استقرار". (ستكون لنا عودة مطولة لاحقا الى ورقتها والى التعليق الرصين الذي نشر معها للدكتور مصطفى اللباد في الكتيب الذي صدر عن TESEV بالانكليزية).

• • •

كما اشرت سابقا، اذا كان الكلام عن الدور التركي هو الآن "وجبة" طازجة حاضرة على كل "مآدب" البحث الاعلامي والاكاديمي والسياسي في المنطقة، فالمدهش، ايا تكن نسبة اختلاف الآراء بل حتى نسبة موضوعيتها، ان الموضوع الآخر "التوأم" الذي يرافقه هو "الغياب المصري".

تعالوا نتساءل بقليل من التوغل التوصيفي – وموضوع مصر هو دائما موضوع "عزيز" في العالم العربي – عما يمكن تسميته ب"الدوائر المصرية للدور التركي" اي بالادوار التي كان يمكن ان تكون فيها مصر لاعبة اساسية في ظروف اخرى وتتولاها حاليا تركيا:

1 – سوريا: هل كان يمكن للاحتضان التركي لسوريا (في الفترة الاصعب من تاريخ النظام الحاكم فيها) ان يكون بنفس الاهمية لو اختارت مصر سياسة "احتضان" لسوريا او سياسة اقل قطيعة معها ايام الصدام السوري – السعودي؟

2 – بمعزل عن كل الاعتبارات المتعلقة بالسياسات الايرانية "الثورية" في المنطقة هل كان حتميا ان تطول القطيعة الاستراتيجية المصرية – الايرانية كل هذه المدة (منذ عهد الرئيس السادات) ولا تستطيع القاهرة ان تجد صيغة اقل توترا لعلاقاتها مع ايران. فهل هي اكثر غربية وتحديدا على علاقات وطيدة مع واشنطن من تركيا العضو في الحلف الاطلسي؟ ألم يكن ممكنا في العقد الاخير على الاقل ان تجد مصر في ظل مبادرات عديدة جرت، معادلة اقل توترا للعلاقة مع ايران حتى في ظل الهجومية الايرانية؟

3 – اذا كانت القابلية السعودية، بحكم التكوين الداخلي للمملكة، للانخراط في الحساسية السنية – الشيعية، في مواجهة دولة شيعية كبيرة ومتحركة مثل ايران، هي قابلية مفهومة بل "تكوينية" كالقابلية الايرانية المماثلة، فأي مبرر لمصر، الدولة التي لا ضغط ديموغرافيا داخليا شيعيا فيها، ان تنخرط في الصراع السني – الشيعي الى هذا الحد، بينما هي كانت حتى في وضع افضل من تركيا لتلعب دورا محايدا، فيما "الحياد" لن يعني اي تقليل من اهمية مركزها الديني التاريخي الاستقطابي في العالم الاسلامي؟ تماما كما هو حال تركيا وريثة آخر امبراطورية سنية (وتعددية) في العالم المسلم.

تركيا لا شك على هذا الصعيد تأخذ الكثير مما كان يمكن لمصر ان تلعبه من دور... اسلامي سني استيعابي كما كانت في مراحل سابقة.

4 – اين مصر في العراق؟ لا اعني بعض العلاقات الديبلوماسية، ولا اعني ان يزورها سياسي عراقي كبير بعد 2003 من الشيعة او من الاكراد (جلال الطالباني كان دائما كلاجئ ايام الصراع مع بغداد في القاهرة او على علاقات جيدة مع القاهرة. اما زياراته اليوم الى مصر على اهميتها فهي كردية اكثر منها عراقية).

اين مصر صاحبة المبادرة في العراق؟ اين الديبلوماسية الحيوية والمتحركة التي لا يعجز عنها جهازها الديبلوماسي المدرب والعريق لو كانت هناك استراتيجية؟ واكاد اقول كما تعلمنا دائما من مصر اين المثقف والاكاديمي والرحالة الذي كان يسبق الدولة المصرية في "الريادة" الاستكشافية او السياسية للمنطقة كما كان يحصل حتى معظم ثلثي القرن العشرين؟

تركيا ايضا تأخذ من مصر هنا.

5 – لم اكن يوما ولن اكون مع ذلك النوع من التعبئة الاحراجية لمصر في حدودها مع قطاع غزة، خصوصا منذ بدأ الحصار الاسرائيلي على القطاع بعد سيطرة "حماس" عليه (والبادئ قبل سيطرتها مثلما هو حصار دائم على الضفة الغربية). فلمصر بدون شك التزامات واتفاقات دولية كدولة يجب ان تحترم نفسها. لكن هل ما حدث على الحدود، وفي التعامل السياسي مع موضوع غزة وحرب غزة، هو الشكل الوحيد الذي كان يمكن لمصر ان ترسمه هناك وفي هذا الموضوع؟ الم يكن بامكان مصر ممارسة ضغط سياسي اكبر على اسرائيل في ظل المنطق نفسه الذي يدعوها الى احترام التزاماتها؟ ألم يكن بامكان القاهرة ان تكون مسرحا اكثر تنوعا وذكاء في ممارسة دورها وموقعها الحساس؟

هنا أخذت تركيا – ولربما دون كلفة كبيرة في البداية – من "الدور" المصري المفتقد. اخذ الدور التركي يصبح مكلفا بشكل جدي مع انعكاسه المتوتر على العلاقات التركية – الاسرائيلية. لكن لكل دور كبير كلفة، بل مجازفة اكلاف.

• • •

لا يجب ان يغرينا تبسيط المقارنة الراهنة بين "التقدم" التركي و"التراجع" المصري في النطاق الديبلوماسي. فما اوصل تركيا الى ما وصلت اليه ليس حزبا واحدا او مجموعة حاكمة طارئة، بل سياق طويل من الانجازات التي صنعتها اجيال مختلفة وكان شرطها البنيوي الاول تطورا ضخما في الاقتصاد والتنمية والحراك الديموقراطي... اذن في بنية تحديثية داخلية تهيأت تركيا لتتحول من قوة انكفاء داخل حدودها الى قوة استقرار خارج حدودها.

ان "هذا العسكري السابق في التاريخ الذي يرتدي ثوب التجار اليوم في الشرق الاوسط واوروبا" – اي تركيا كما وصفها باحث اوروبي، لديه ما يقدمه الى محيطه...

===============

"حزب الله" و"الهموم" الثلاثة !

سركيس نعوم

النهار

5/22/2010

كثيرة هي القضايا أو "الهموم" التي تشغل بال قيادة "حزب الله" اللبناني شريك الجمهورية الاسلامية الايرانية وسوريا بشار الاسد في المواجهة مع اميركا واسرائيل، بل رأس حربتهما في مواجهة الثانية، تقول جهات قريبة منه، لكن ابرزها ثلاث هي الآتية:

-1 "المحكمة الخاصة بلبنان" المعروفة محلياً بالمحكمة الدولية التي انشأها مجلس الامن لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري والشهداء الآخرين لما عُرف ب"الاستقلال الثاني". فالنيابة العامة لهذه المحكمة مرشحة لإصدار قرارها الظني او الاتهامي بين "التشارين" المقبلة وآخر السنة الجارية استناداً الى كلام رسمي صدر عن احد ابرز العاملين فيها. واصدار قرار كهذا يعني أن الهيئة المعنية في المحكمة نجحت في الحصول على معلومات "صلبة" تمكّنها من توجيه الاتهام، وتمكّن المحكمة من مباشرة تنفيذ مهمتها. ومبادرة المحكمة الى الاستماع الى اشخاص قريبين من "الحزب"، وقد حصل ذلك قبل مدة، تعني انها في صدد استكمال المعلومات لكي يكون القرار المرتقب مستنداً الى "حقائق" ثابتة. ومبادرتها مرة ثانية الى طلب الاستماع الى اشخاص آخرين بعضهم قريب من الحزب وبعضهم الآخر جزء منه، دفع قيادته "المشكاكة" اساسا في المحكمة الى التساؤل اذا كان الهدف من المحكمة هو ايقاع حزبها في فخ محكم لتدفيعه ثمن، ليس جريمة تؤكد هي انه لم يقترفها ولم يخطط لتنفيذها ولم ينفذها، بل "جريمة" اخرى هي تحوّل "الحزب" احد ابرز عوامل نجاح المواجهة الايرانية – السورية مع الغرب وتحديداً زعيمته اميركا وحليفتها اسرائيل. وما جعل تساؤلها ملحا هو عدم سماعها مباشرة او مداورة اي معلومات عن وجود اشخاص آخرين متهمين، او يمكن ان يصبحوا متهمين، وينتمون الى جهات سياسية وحزبية اخرى او حتى الى دول اخرى. هذا الواقع دفع قيادة الحزب، استنادا الى الجهات القريبة منها، الى التحوط ولكن من دون استعداء المجتمع الدولي والمحكمة في الوقت نفسه. فقررت عدم رفض استماع الهيئة المعنية في المحكمة الى الاشخاص الذين استدعتهم قبل تحويلهم شهوداً او متهمين او لا علاقة لهم بكل ما جرى. لكنها اتخذت في الوقت نفسه سلسلة قرارات. منها مثلاً الاستماع الى هؤلاء في لبنان اياً تكن الضغوط التي ستمارس. ومنها تكوين هيئة دفاع مهمة جديرة وضليعة جداً في كل ما له علاقة بالقوانين والمحاكم على تنوعها. ومنها دعم مطالبة اللواء جميل السيد المحكمة الدولية بالتحقيق في ما سماه "شهود الزور" الذين تسبّبوا بسجنه ورفيقين له قرابة اربعة اعوام، بعدما رفض القضاء اللبناني شكواه وبعدما رفض هذا القضاء ايضاً شكواه امام القضاء السوري. وقد حققت مطالبته اخيراً شيئاً من النجاح اذ شدد مسؤول كبير في المحكمة على ضرورة ان تنظر محكمة ما في هذا الموضوع، وطلب من المدعي العام فيها تحديد الجهة او المحكمة الصالحة لذلك.

-2 الوضع الداخلي اللبناني وطريقة تعاطي "حزب الله" معه. وفي هذا المجال تقول الجهات القريبة منه ان مبادرة الحزب نجحت في انجاز اتفاق ثابت و"نهائي" مع الزعيم الدرزي الابرز وليد جنبلاط حول كل القضايا السياسية المختلف عليها، وكذلك حول القضايا العملانية في حال فرضت التطورات الانتقال من العمل السياسي الى العمل العسكري الميداني ولا سيما في مواجهة اسرائيل. وبذلك صار جنبلاط ضامناً ومضموناً في آن واحد. وغابت، او هكذا يفترض ان يحصل، كل العوائق التي يمكن ان تقف في وجه تحرك الحزب ضد اسرائيل، او ضد كل ما يمكن ان يعطّل مقاومته لها. وتقول ايضا ان حلف الحزب مع "التيار الوطني الحر" ثابت، وانه لن يتخلى عن مؤسسه العماد ميشال عون، وسيدعمه لمواجهة كل التحديات التي قد يتعرض لها اياً يكن مصدرها. وتقول ان حلفها مع التيارات والشخصيات والاحزاب الاخرى يزداد ثباتاً وقوة.

-3 الحرب مع اسرائيل.

وهذا موضوع يستعد له "حزب الله" دائماً، ويبذل كل جهد ممكن كي يكون مستعداً للمواجهة عندما تبدأ بغض النظر عمن يقرر بدءها. لكن هذه الحرب مع اسرائيل لها وجهان في نظر الجهات القريبة من الحزب اياها. الاول، هو العمل العسكري المباشر. اما الثاني، فهو استغلال اسرائيل انقسامات لبنان الطائفية والمذهبية لافتعال فتنة كبيرة. واذا كان الحزب مستعداً لمعالجة الوجه الاول، فانه مستعد ايضاً لمعالجة الوجه الثاني وبوسائل متنوعة، طبعاً بالتعاون مع كل "الغيارى" على مصلحة البلاد.

هل يستطيع "حزب الله" مواجهة الهموم المذكورة كلها وحده؟

لن تكون المواجهة سهلة، تجيب الجهات القريبة منه نفسها. لكنها ليست مستحيلة ايضاً وخصوصاً اذا استمر عامل، كان له دور اساسي في نجاح الحزب، هو التعاون والتنسيق على استمرار التحالف مع سوريا وحلفائها في لبنان. وكذلك اذا توافر عامل آخر هو تخفيف الحزب انكشافه الذي نجم عن دخوله السلطة (مجلساً نيابياً ثم حكومة ثم انتخابات بلدية واختيارية). ولا يعني ذلك عودة عن هذا الدخول، بل يعني الانتباه الى ان السلطة "مفسدة" وضرورة العودة الى "تحت الارض" تلافياً لمفاجآت مؤذية قد يكون اعداء الحزب يحضّرونها له.

===============

النقاب وقيم الجمهورية

بقلم :حسين العودات

البيان

5/22/2010

توافق مجلس النواب الفرنسي (باستثناء النواب الشيوعيين) على التوجه إلى إصدار قانون في الشهر المقبل يمنع ارتداء النقاب، ليس فقط في الأماكن العامة والرسمية، وعندما يحتاج الأمر للتحقق من الهوية الشخصية، وإنما أيضاً في الشوارع العامة (وفي الهواء الطلق)، تحت مبرر حماية قيم الجمهورية الفرنسية.

 

وقيم الجمهورية لمن لا يعرف هي القيم التي أقرتها الثورة الفرنسية عام 1789، والتي يفتخر بها الفرنسيون بل وتفتخر بها الإنسانية، ومن حقهم ذلك لأنها أول قيم حديثة عصرية عقلانية علمانية تنويرية أنتجتها الحداثة وأقرتها البشرية فيما بعد وعملت بها، وقد صاغها العقد الاجتماعي الذي اعتمدته الثورة الفرنسية وصار نموذجاً للدول الأخرى غالباً ما يختزل بالدستور، ويتضمن ما يتضمن قيماً اجتماعية حديثة ومفاهيم الدولة الحديثة وخاصة الحريات وحقوق الإنسان.

 

لم يكن النقاب لباساً إسلامياً في الماضي ولا هو الآن، ولم يرد ذكره أو الأمر به لا في القرآن الكريم ولا في الأحاديث النبوية الشريفة، وكل ما ورد في الذكر الحكيم (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ عَلَيَ جُيُوبِهِنّ).

 

والوجه ليس من الجيوب، وما ورد في الحديث الشريف (إن صح) هو تعليمات من الرسول تؤكد أن الوجه واليدين ليسا عورة حيث قال: (ماعدا هذا وهذا يعني الوجه واليدين) وحتى الآن لا تلبس المسلمات النقاب في الحج أو حول الكعبة، فلو كان النقاب لباساً إسلامياً وتعليمات دينية للبسته النساء الحاجّات بالضرورة، وفي الخلاصة لم يزعم أحد حتى غلاة المتطرفين من الفقهاء أن النقاب مفروض على المسلمة أو أنه جزء من لباسها، وكل ما في الأمر أنهم استحسنوه (سداً للذرائع).

 

ويشير المؤرخون الاجتماعيون إلى أن النقاب كان معروفاً لدى بعض القبائل العربية (البدوية) وليست كلها، وإن ممارسته وإخفاء الوجه تحته ازدادت أيام الوليد الثاني وهو (خليفة) أموي متهتك كان يهوى النساء ويضيّق عليهن، ثم فرض على النساء الإقامة في (بيوت الحريم)، وذهب هذا الأمر بعد ذلك تقليداً لدى الأجيال اللاحقة طوال قرون، واستحسن بعض الفقهاء سجن المرأة هذا فسكتوا عنه بل شجعوا عليه.

 

وقد كان النقاب موجوداً لدى شعوب أخرى مجاورة ومتواصلة مع العرب، وكذلك لدى ديانات أخرى مثل (الزرادشتية والمجوسية وبعض الديانات البوذية). نعود إلى زعم مجلس النواب الفرنسي في أن النقاب يخالف قيم الجمهورية فنقول إنه زعم باطل، لأن على رأس قيم الجمهورية الاعتراف بمرجعية المواطنة وبالعلمانية والحرية والعقلانية وحقوق الإنسان والمواطن التي أقرتها الثورة الفرنسية.

 

وتعني المواطنة حسب قيم الجمهورية نفسها أنها مرجعية أساسية للمواطن الفرد الحر، أما العلمانية كما يعرفها العلمانيون جميعاً فهي محايدة تجاه جميع الأديان والعقائد والأفكار، وهي منحازة فقط إلى حرية الإنسان وحرية اختياره، ومشروع يقوم أساساً على إرادة الإنسان الحر وعلى الاختيار الإنساني المتحرر من كل سلطة. وبديهي أن مفهوم الحرية الذي هو في أساس قيم الجمهورية يرفض أن يتدخل أحد في الشؤون الخاصة لأحد.

 

وفي ضوء ذلك لا يخطر في بال المشرّع الفرنسي أن يمنع الشابة الفرنسية من أن تلبس بنطالاً قصيراً جداً أو قميصاً قصيراً جداً يكشف نصف بطنها وظهرها تحت مبرر الاستجابة لقيم الجمهورية ومفاهيمها وشعاراتها، فلماذا إذن تسلب من المنقبة حريتها ويمنع عليها خيارها الإنساني؟

 

إنه من المفهوم والمقبول أن يقال إن هذا اللباس لا ينسجم مع التقاليد الفرنسية والقوانين الفرنسية الحالية المعمول بها، وأن تجبر المنقبة الكشف عن وجهها كلما كان ذلك ضرورياً للتأكد من هويتها، سواء في المعاملات الرسمية أو في المطارات أو ما يشبه ذلك.

 

وماعدا مثل هذه الحالات لا شأن لأحد بما تلبس المواطنة الفرنسية، ويمكن السكوت عن منعها من ارتداء هذا اللباس في المؤسسات الرسمية أو في الأمكنة العامة كتسوية اجتماعية، وليس انسجاماً مع قيم الجمهورية، أما أن يمنع في الشوارع والساحات فهذا أمر مستغرب ويخالف قيم الجمهورية دون شك.

 

إن النواب الفرنسيين هم أكثر من يعرف قيم الجمهورية ومتطلباتها، وأكثر من يدرك أن هذه القيم لا تلزم أحداً بلباس معين، ولذلك فإن اتهام من صوت على هذا القرار بأنه صوت ضد قيم الجمهورية وليس لحمايتها، هو اتهام واقعي ومفهوم، ومن زعم أن هذا القرار موجه للمهاجرين المسلمين لم يبتعد كثيراً عن الحقيقة، بل ربما يحمل هذا القرار التوافقي رائحة العنصرية ومعاداة الإسلام والمسلمين.

 

إن النقاب أساء أول ما أساء في الواقع إلى الإسلام والتقاليد الإسلامية، وأعطى صورة تؤكد تخلفهم ومعاداتهم للمرأة باعتبارها محط غرائز فقط ومثيرة للشهوات ومقموعة ومحرومة من حقوقها الشخصية، وقد افترض معظم الفرنسيين أن الحجاب هو قرار ذكوري وأمر إسلامي، وإن كان بالفعل قراراً ذكورياً فهو بالتأكيد ليس أمراً إسلامياً.

وهو في بعض جوانبه تقليداً لدى شرائح متعددة من المجتمع تمت المحافظة عليه عبر السنين، وجاء بعض الغلاة لينادوا بإسلاميته، وواقع الحال ليس كذلك، ولكن مثل هذه التصرفات من قبل المؤسسات التشريعية والرسمية الأوروبية تستفز (كرد فعل) جماهير المهاجرين والمسلمين منهم خاصة، لأنهم فهموها على حقيقتها، قرارات موجهة ضدهم وليست انتصاراً لقيم الجمهورية كما يدّعون.

يبدو أن مجلس النواب الفرنسي يعمل على تصدير قيم الجمهورية من خلال مقارنتها بالنقاب، وإعطاء النقاب أهمية توازي أهمية قيم الجمهورية.

كاتب سوري

===============

حالة طوارئ غير معلنة في أميركا

بقلم :جيسي جاكسون

البيان

5/22/2010

في 17 مايو 1954، أصدرت المحكمة الأميركية العليا قانون براون التاريخي، المتعلق بالتعليم، والقاضي بأن التعليم غير المتساوي والقائم على الفصل بين الأعراق مخالف للدستور، وتلك كانت نقطة حاسمة في تاريخ الصراع لنيل الحرية والمساواة في الولايات المتحدة، حيث بات الحلم - بأن تكون لنا أميركا واحدة تظلنا جميعاً كخيمة كبيرة ؟ حقيقة واقعة وتشريعاً قانونياً نافذاً.

 

مر زمن طويل على ذلك اليوم، غير أن الحلم لا زال يؤجل، فقانون براون لم يفعل شيئاً، سوى أنه فتح باباً جديداً من أبواب الصراع بين السود والبيض. صحيح أن حركة الحقوق المدنية نجحت في تغيير القانون، وأدمجت المدارس، غير أن التفاوت لم ينته. لقد شهدنا قيام أكاديميات خاصة، ونظام توزيع كوبونات، ولجوء الكثير من الناس إلى الضواحي، والتمويل غير المتكافئ للمدارس، والآن، بعد 56 سنة، لا يزال السود يعانون من الفصل واللامساواة أكثر مما مضى.

 

ما حدث هو أننا عشنا الفصل والعزل في الماضي، ونعيش الآن في عصر اللامساواة، وهو مجرد تحول من سياسة الفصل الأفقي إلى الفصل العمودي، فقبل قانون براون كان الفصل بين الطلاب أفقياً، إذ كان محرماً علينا أن نجلس بجانب البيض في الصفوف المدرسية، أو في الكافتيريا، أو في دور السينما، أو المستشفيات، وجاء قانون براون وألغى كل هذا.

 

نحن الآن أحرار، لكننا غير متساوين، فهناك الآن جدار فصل عمودي بيننا وبين البيض، وما كان عازلاً بين الشرق والغرب أصبح عازلاً بين الجنوب والشمال.

 

هذه اللامساواة تعكس موروثات الماضي، وظلم الحاضر، صحيح أن هناك تقدماً كبيراً تم تحقيقه منذ عام 1954، لكن هناك حالة طوارئ غير معلنة.

 

ولو ألقينا نظرة على مجالس المدن في الولايات المتحدة، وعلى المجالس التشريعية في الولايات، وعلى الدوائر الحكومية، وحاولنا الوقوف على التقدم الذي حققناه، حتى بالنسبة للبيت الأبيض ذاته، لوجدنا أننا ؟ نحن السود ؟ لا نزال الرقم واحد في وفيات الأطفال، والرقم واحد في معدل العمر المتناقص، والرقم واحد في فقدان البيوت لصالح الرهن العقاري. الفجوة في الثروات اتسعت، مع تقديرات تشير إلى أن أكثر من نصف ثروة السود، فُقدت خلال العامين الماضيين.

 

نحتل المرتبة الأولى في تعرض كنائسنا للإغلاق، وكذلك المرتبة الأولى في فقدان المواصلات العامة، والمرتبة الأولى في البطالة، والمرتبة الأولى في مخالفات النظام الجنائي، والمرتبة الأولى في الاقتطاعات من ميزانيات المدارس.

 

في الوقت الذي يكافح الأميركيون الركود الحاد والبطالة، التي وصلت إلى 10%، يكافح الأميركيون من أصل أفريقي الركود أيضاً بالإضافة إلى نسبة بطالة تصل إلى 40 % في أوساط المراهقين.

 

الموظفون يحصلون على دخل أقل مما كان يحصل عليه آباؤهم، وهناك 40 مليون أميركي يعيشون في حالة من الفقر، و50 مليوناً لا يتمتعون بالأمن الغذائي، وطفل واحد من بين كل خمسة أطفال يولد فقيراً في الولايات المتحدة، لهذا لن يلج الأميركيون الأفارقة باب الحلم الأميركي، ما لم يتوفر لهم تعليم جامعي مناسب، وهم في هذا ليسوا وحدهم، إذ إن الجميع في الطبقة الوسطى ؟ وهي مصدر فخر الولايات المتحدة - يعاني من أزمة حقيقية.

 

إننا نعيش حالة من الطوارئ لا يبالي بها أحد من المسؤولين، حيث ان أميركا تواجه بطالة شاملة، والمحافظون يستغلون الأزمة لكي يشجبوا العجز وسياسات الإنفاق، متناسين المصارف، التي انفلتت من عقالها، فما عاد لأحد عليها سيطرة، أو السياسات التجارية، التي أدت بالعديد من الأميركيين للبحث عن عمل في الخارج.

 

هناك أكثر من 300 ألف مدرس حكومي سيتم تسريحهم في العام المقبل، والولايات الآن تلغي نظام الحضانة الممتد ليوم كامل، وتغلق المدارس الصيفية، وترفع من سعة الصفوف الدراسية، وترفع الرسوم الجامعية.

 

أي جريمة أعظم من أن نضحي بالتعليم لتغطية العجز الذي سببه حمقى وول ستريت؟ لم تنل الفاتورة المقدمة لمجلس الشيوخ، البالغة 23 مليار دولار، والمخصصة لحل مشكلة تسريح المدرسين الحكوميين، صوتاً واحداً في المجلس.

 

المحافظون يشجبون سياسات الإنفاق، غير أن المسألة ليست كذلك، فهؤلاء المحافظون أنفسهم ستجدهم يتقاطرون للتصويت على مشروع قانون بإرسال 32 مليار دولار لصالح حرب أفغانستان، لكنهم سيعارضون في الوقت نفسه أي إنفاق متعلق بالمدارس، وكأن لسان حالهم يقول: «سننفق المال لأجل بناء المدارس في أفغانستان، حتى لو اضطررنا لإغلاق المدارس في مدينة كنساس».

 

تجمع السود في الكونغرس تقدم بطلب لدفع 5 .1 مليار دولار لصالح العمل الصيفي الخاص بالمراهقين، فنظراً لنسبة البطالة العالية جداً في أوساط المراهقين، يعتبر العمل الصيفي ضرورة من الضرورات الكبرى، لكن القرار لا يزال مجمداً، وها هو الصيف يقترب.

 

الدكتور مارتن لوثر كينغ كان يحلم بحركة حقوق مدنية ترتكز على أربعة أسس، وهي إلغاء العبودية، وتجريم سياسات العزل والفصل، وحق الانتخاب، بالإضافة إلى الأساس الأصعب وهو العدالة الاقتصادية، التي تشمل إعطاء فرص متساوية في التعليم والوظائف ورأس المال والمشاركة بالحلم الأميركي.

 

في كل الأحول السابقة لم يأت التغيير من الأعلى إلى الأسفل، بل ما حدث هو العكس، إذ لم يقرر السيد أنه لا يريد العبيد، بل العبيد أنفسهم أصروا على حقوقهم وإنسانيتهم، وعاونهم في ذلك أصحاب الضمائر الحية.

إذا كانت العدالة الاقتصادية والفرص المتساوية ستتحقق، فليس ذلك لأن الأغنياء سينصفون الفقراء، بل لأن الفقراء سيؤكدون إنسانيتهم، ويطالبون بحقوقهم، وهذا يتطلب منهم الانضباط والاعتماد على النفس والتحرك والتحريك، وقد آن أوان ذلك.

مرشح سابق للرئاسة الأميركية

===============

هل نجح الأوروبيون في إنقاذ اليورو؟

آخر تحديث:السبت ,22/05/2010

غسان العزي

الخليج

عندما ولد اليورو وأضحى في التداول انطلاقاً من العام ،2000 كان يتوقع له أن ينافس الدولار وصولاً إلى الحلول محله في يوم من الأيام . وبالأمس القريب عندما عصفت الأزمة المالية بالولايات المتحدة وراح الدولار يتدحرج، طالب سياسيون ومحللون عديدون بالبحث عن عملة دولية تحل محل الدولار، ومنهم من رشح اليورو لهذا الدور .

 

بعد عام واحد على هذه التوقعات انقلب الوضع رأساً على عقب، إذ تراجع اليورو إلى ما دون العتبة النفسية للدولار والثلاثين سنتاً (بعد أن توقع له كثيرون في العام الماضي أن يبلغ الدولارين) . وبدأ الكلام عن أزمة تطل برأسها في إسبانيا والبرتغال بعد اليونان، لا بل عن أزمة قد تعصف بكل أوروبا ومنها العالم كله، كما سبق وفعلت الأزمة الأمريكية . وإذا كان الرئيس أوباما قد عبّر عن قلقه من الأزمة اليونانية واستعداده للمساهمة في حلها فلأنه خشي من مفاعيلها، على طريقة أحجار الدومينو، على الاقتصاد الأوروبي فالعالمي والأمريكي الذي لا يزال في غرفة الإنعاش .

 

اقتصاديون حائزون على جائزة نوبل عبّروا عن خشيتهم من موت العملة الأوروبية الموحدة، هكذا بكل بساطة . في رأي بول كروغمان وجوزيف ستيغليتز وروبرت مونديل أن اليورو لا يملك القدرة على العيش المديد لأن نظام ماستريخت المالي يعتمد بشكل مفرط على المصارف، وبالتالي فإنه يعيش في خطر دائم على الحياة . وقد استعرض هؤلاء الشروط اللازم توفرها لنجاح العملة الموحدة ليخلصوا إلى أن أوروبا لم تستوفها، ولم تتمكن من استيفائها حتى يومنا هذا . لا شك أن إزالة الحواجز القانونية أمام حركة العمالة ساعدت إلى حد كبير في إرساء الأساس لإنشاء سوق عمالة موحدة، ولكن الفوارق اللغوية والثقافية تجعل قدرة اليد العاملة على الحركة والتنقل على الطريقة الأمريكية أمراً بعيد المنال . فضلاً عن ذلك فإن أوروبا لا تملك الوسيلة التي قد تمكنها من مساعدة البلدان التي تواجه مشاكل حادة . ولنتأمل هنا حالة إسبانيا، التي بلغت معدلات البطالة لديها 20% وأكثر من 40% بين الشباب . وكانت إسبانيا تحتفظ بفوائض مالية قبل الأزمة، أما بعدها فقد ارتفع العجز إلى أكثر من 11% من الناتج المحلي الإجمالي . ولكن طبقاً لقواعد الاتحاد الأوروبي، فإن إسبانيا لا بد وأن تعمل على خفض الإنفاق الآن، وهذا من المرجح أن يؤدي إلى تفاقم البطالة . ومع تباطؤ اقتصادها فإن التحسن في موقفها المالي قد يكون ضئيلاً للغاية .

 

وبشكل غير مباشر يعترف الرئيس الفرنسي ساركوزي بصوابية هذه التحليلات عندما يقول إن اليورو يجتاز أزمة بنيوية (أو سيستامية) وبالتالي ينبغي القيام بإجراءات “ثورية” أو غير معهودة لإنقاذه . وبالفعل هذا ما فعله وزراء المال الأوروبيون بعد مفاوضات شاقة في قمة بروكسل في 9-10 مايو/ أيار الجاري التي انتهت بتبني إجراءات فورية والاتفاق على خطة إنقاذ “تاريخية” مقدارها نحو 750 مليار يورو أي نحو تريليون دولار، بهدف مساعدة دول منطقة اليورو عند اللزوم، واحتواء أي أزمة مالية قد تنشب في المستقبل (المتوقعة في إسبانيا والبرتغال) . وتتضمن المساعدة غير المسبوقة هذه قروضاً وضمانات من دول منطقة اليورو (440 مليار يورو)، ومن المفوضية الأوروبية (60 مليار يورو)، فضلاً عن قروض من صندوق النقد الدولي(250 مليار يورو) . كما قرر المصرف المركزي الأوروبي التدخل لتخفيف الضغوط التي تواجهها سوق الديون في منطقة اليورو منذ أسابيع نتيجة مخاوف المستثمرين من عدم قدرة الكثير من الدول على إيفاء المبالغ المتوجبة عليها . ولضمان حسن سير الإجراءات سيشتري المصرف سندات من الدول ما يعني إقراضه إياها أموالاً . وهذا يناقض تماماً ما أعلنه حاكم المصرف المركزي الأوروبي جان-كلود تريشيه منذ أسابيع قليلة جداً، الأمر الذي تسبب له بانتقادات حادة . وطلبت القمة من أثينا ومدريد ولشبونة اتخاذ إجراءات إضافية “ذات مغزى” للحد من عجز موازناتها في الأعوام المقبلة مع الإعلان السريع عن هذه الخطوات بغية طمأنة الأسواق .

 

وكان للقرارات الأوروبية هذه الوقع الايجابي المباشر والسريع على اليورو الذي عاد إلى الارتفاع فوق العتبة الرمزية للدولار والثلاثين سنتاً، وعلى البورصات الأوروبية التي عرفت بعض الانتعاش، وعلى فوائد السندات لاسيما اليونانية التي عادت إلى مستوى قريب من الطبيعي بعد أن حلقت فوق مرتفعات عالية . وبذلك يمكن القول إن التضامن الأوروبي نجح في إنقاذ سفينة اليورو من الغرق .

 

هذا على المدى المنظور، أما على المدى الطويل فإن المحللين، من أمثال جاك كايو مدير الرويال بنك السكوتلندي، يبقون على حذر شديد، لأن التدخل الأوروبي الإنقاذي لا يحل المشكلات الأساسية البنيوية . ودينامية النمو الأوروبية تبقى أبطأ من الأمريكية، الأمر الذي يعاقب اليورو الذي يتوقع كايو أن يصل سعره إلى الدولار والعشرين سنتاً من هنا حتى نهاية العام . ويتفق حائزو نوبل للاقتصاد، المذكورون أعلاه، على أن الحل الحقيقي يكمن في إصلاحات بنيوية جذرية يستعرض ستيغليتز عدداً منها، ويقول كروغمان إنها ليست أقل من التحول إلى “ولايات متحدة أوروبية” الخ . . لكن الأوروبيين ليسوا جاهزين اليوم إلى تطبيق أياً منها، وبالتالي فإن عودة اليورو إلى دائرة الخطر، ومعه كل النظام الاجتماعي الاقتصادي وربما البناء الأوروبي برمته، قد تكون في الأفق غير البعيد .

===============

هل نودع الأسلحة النووية؟

آخر تحديث:السبت ,22/05/2010

كلاوس ناومان

الخليج

لقد أصبحت أمور مثل السيطرة على التسلح النووي ونزع السلاح النووي من بين أهم القضايا على أجندة السياسة العالمية، كما أثبتت لنا قمة الأمم المتحدة ثم قمة واشنطن مؤخراً . ومن المرجح أن تظل على نفس القدر من الأهمية في المستقبل المنظور . والواقع أن عام 2010 سوف يحدد ما إذا كانت رؤية رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما لعالم خال من الأسلحة النووية سوف تظل تشكل أملاً بعيد المنال ولكنه قابل للتحقيق، أم أنها سوف تتحول إلى فكرة يتعين على العالم أن يتخلى عنها برمتها . ولكن لا ينبغي لأحد أن يستسلم للأوهام . فحتى لو قررت كل الدول النووية في العالم احتضان هذه الرؤية لعالم خال من تهديد الصراع النووي، فإن الأسلحة النووية سوف تظل معنا لعقدين مقبلين من الزمان على الأقل، وحتى هذه النتيجة سوف تتطلب توفر أفضل الظروف المواتية لنزع السلاح .

 

إن عامنا هذا يشكل أهمية حاسمة . فقد جاء الاتفاق الذي تم توقيعه في أوائل إبريل/ نيسان في براغ بين روسيا والولايات المتحدة بشأن خفض الأسلحة النووية الاستراتيجية، متزامناً مع نشر تقرير استعراض الوضع النووي للولايات المتحدة، والذي حدد القدرات النووية التي ترغب إدارة أوباما في الإبقاء عليها في السنوات الأربع المقبلة . ومن المقرر أن يبدأ مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي في تكييف معاهدة منع الانتشار النووي مع عالمنا السريع التغير . ويأمل العديد من صناع القرار السياسي أن يجلب عام 2010 قدراً أعظم من الوضوح بشأن البرامج النووية في كل من كوريا الشمالية وإيران .

 

اليوم، هناك ما يقرب من 23 ألف سلاح نووي في العالم، وهذا العدد أقل بنحو 40 ألف سلاح نووي مقارنة بعددها في أوج الحرب الباردة . وقوة التدمير لهذه الأسلحة مجتمعة تتجاوز ما يعادل قوة مائة وخمسين ألف قنبلة نووية من حجم قنبلة هيروشيما . وهذا يعني أننا ما زلنا في حاجة ماسة إلى نزع السلاح النووي، ولقد أطلق بعض الساسة البارزين في الولايات المتحدة وألمانيا مبادرة “الصفر العالمي” تحت زعامة الولايات المتحدة، كما أسسوا اللجنة الدولية لمنع الانتشار النووي ونزع السلاح (ICNND)، تحت رعاية أستراليا واليابان والرئاسة المشتركة لوزيرة الخارجية اليابانية السابقة يوريكو كاواجوتشي ووزير الخارجية الأسترالي السابق جاريث إيفانز .

 

تمتلك الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة والصين وكلها بلدان موقعة على معاهدة منع الانتشار النووي تسعة أعشار الأسلحة النووية التي يحتوي عليها العالم، في حين تمتلك الهند وباكستان وربما “إسرائيل” نحو ألف سلاح نووي . ومن المفترض أن كوريا الشمالية تمتلك بضعة أسلحة نووية الآن، وإيران تسعى في أغلب الظن إلى تنفيذ برنامج لإنتاج الأسلحة النووية . ولقد اتفق أوباما مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف على خفض الترسانة النووية الاستراتيجية في كل من الولايات المتحدة وروسيا إلى 1550 سلاحاً نووياً لكل منهما وهو ما يزيد كثيراً على الألف التي اقترحها أوباما، ولكنها مع ذلك خطوة كبيرة قد تؤدي إلى المزيد من التخفيضات .

 

بيد أن الطريق إلى نزع السلاح النووي على المستوى العالمي سوف يكون طويلاً ووعراً . ذلك أن القدرة محدودة فيما يتصل بتفكيك وتدمير الأسلحة النووية، ومن المرجح أن يظل الأمر هكذا . فالقدرة الحالية لا تتجاوز 500 سلاح نووي سنوياً في كل من روسيا والولايات المتحدة، وهذا يعني أن هدف الإبقاء على ألفي سلاح نووي فقط في الإجمال بحلول عام ،2025 طبقاً للاقتراح الذي اشتمل عليه تقرير اللجنة الدولية لمنع الانتشار النووي ونزع السلاح، ليس من الممكن أن يتحقق بالكامل قبل حلول عام 2028 .

 

إن الإطار الزمني المحدد بحلول عام ،2025 يهدف إلى خفض المخزون من الأسلحة النووية على المستوى العالمي إلى 2000 فقط، أي أقل من 10% من إجمالي الأسلحة النووية اليوم . ولا بد من الاتفاق الجماعي على إعلان “عدم البدء باستخدام الأسلحة النووية”، إلى جانب تأسيس ما يقابل ذلك من هياكل القوة التي يمكن التحقق منها فيما يتصل بالانتشار وحالة الاستعداد . ويقترح التقرير أيضاً اتخاذ خطوات تكميلية تتلخص في التفاوض على فرض قيود على تصنيع وتداول الصواريخ، والدفاعات الصاروخية الاستراتيجية، والأسلحة المتمركزة في الفضاء، والأسلحة البيولوجية، فضلاً عن إجراء محادثات بشأن إزالة الخلل في توازن الأسلحة التقليدية .

 

إن إنجاز هذه الأجندة الطموحة بحلول عام 2025 من شأنه أن يمهد الطريق أمام المرحلة الأخيرة في السعي إلى عالم خال من الأسلحة النووية، وهذا يتطلب في المقام الأول والأخير توفر الظروف السياسية التي تحول دون نشوب حروب إقليمية أو عالمية . وبهذا فقط تصبح الأسلحة النووية زائدة عن الحاجة .

 

وآنذاك فقط يمكن حظرها والبدء في إزالتها بالكامل . وبالتزامن مع ذلك لابد من اتخاذ تدابير إلزامية لمعاقبة أي دولة تحاول الالتفاف حول الحظر، وأي فرد أو مجموعة من الأفراد يشاركون في تصنيع الأسلحة النووية .

 

ولكن سحب الأسلحة النووية الأمريكية من أوروبا ليس من الممكن بأي حال من الأحوال أن يشكل خطوة أولى نحو نزع السلاح النووي . واقتراح سحب هذه الأسلحة كخطوة أولى من شأنه أن يلحق الضرر بالأمن الأوروبي وأن يعرض التماسك عبر ضفتي الأطلسي للخطر، وعلى ذلك فإن الرسالة لا بد وأن تكون “لا” للانسحاب الأحادي الجانب، ولكن “نعم” لضم هذه الأسلحة للمفاوضات الخاصة بالحد من الأسلحة في المستقبل . وسحب هذه الأسلحة لن يعني نهاية الردع النووي بالنسبة لأوروبا، وذلك لأن الردع سوف يظل ضرورياً إلى أن يتم تفكيك آخر سلاح نووي . ولكن الغرض الأوحد من الحفاظ على درجة ما من الردع يتلخص في ردع استخدام الأسلحة النووية .

 

ولعل أوروبا استفادت أكثر من أي جزء آخر من العالم من الردع النووي، لأنه ساعد في الحفاظ على السلام أثناء الحرب الباردة وأسهم في منع الانتشار النووي . ولكن آن الأوان الآن للانضمام إلى أوباما وميدفيديف في محاولة تحقيق حلم نزع السلاح النووي . والواقع أن العالم في غياب القدوة من جانب الولايات المتحدة وروسيا من المحتم أن يشهد نشوء دول نووية جديدة .

* كان رئيساً للجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي ورئيساً لأركان القوات المسلحة الألمانية، والمقال ينشر بترتيب مع “بروجيكت سنديكيت”.

===============

الحرب مصلحة مشتركة؟

السبت, 22 مايو 2010

حسام عيتاني

الحياة

أحيت بداية مناورات «نقطة تحول 4» الإسرائيلية المتزامنة مع الذكرى العاشرة لانسحاب قوات الاحتلال من جنوب لبنان، توتراً شديداً واستئنافاً لحديث الحرب في المنطقة.

كل التقديرات والسيناريوات تتحدث عن مواجهة عسكرية، تكون مختلفة نوعيا، فيما لو وقعت، عن السلسلة الطويلة من المجابهات والاجتياحات والعمليات العسكرية التي تشهدها المنطقة منذ عقود سبعة. يحكي الخبراء العسكريون، والقائمون مقامهم، عن مستوى من العنف والدمار يطاول إسرائيل وأعداءها، لم يسبق له مثيل. وفيما يتحدث المحللون الإسرائيليون بثقة تامة عن إعادة سورية إلى العصر الحجري (ليس من داعٍ لذكر لبنان الذي يقول الخبراء المذكورون أن بنيته التحتية ستتلقى من الضربات ما يحيلها رماداً منذ الأيام الأولى للقتال)، ووقف البرنامج النووي الإيراني أو إعاقته لأعوام مديدة، ترد أوساط سورية وإيران و»حزب الله» برسم صورة تبدو أقرب إلى مشاهد سفر الرؤيا عن الآف الأطنان من المتفجرات تتساقط على المدن الإسرائيلية يومياً وعن أسبوع واحد سيتاح للإسرائيليين البقاء فيه أحياء قبل أن يقضي عليهم الرد الإيراني في حال تعرضت إيران إلى هجوم إسرائيلي أو أميركي.

يشير جموح الخيال الحربي، في المعسكرين، إلى ما يتجاوز الهوة الشاسعة التي باتت تفصل طرفي الصراع عن بعضهما وإلى عقم أي محاولة لبعث الجهود الديبلوماسية السلمية. انه يعلن عن بلوغ حالة الإنطواء على الذات درجة لم تعد تتيح مجرد تصور وجود الطرف الآخر، ناهيك عن الاعتراف بأي نوع من الحقوق، المكتسبة أو الموروثة أو سوى ذلك، يمكن أن تبرر مطلباً من مطالبه.

في وضع الشرق الأوسط اليوم، تبدو فاقدة لأقل معنى مقولات من نوع «القرية الكونية» و»شراكة المركب الواحد». لقد بتنا أسرى عشائر معزولة ومنعزلة لا يملك أي منها سوى فكرته عن حقوقه وتاريخه وتصوراته لمستقبله الخالي من مكونات الحاضر ومنغصاته، فلم يعد من حوار ممكن سوى حوار الصواريخ والقاذفات المقاتلة والتساؤل عن المدى الذي تبلغه أسلحة كل من الجانبين والأذى الذي ستنزله بالعدو.

في الوسع الإسهاب في تناول الخلفيات التي أدت إلى الحال هذه، وعقد مقارنات عن الأجواء السياسية في مستهل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين وتلك التي كانت قائمة حتى منتصف التسعينات من القرن الماضي. لكن العرض ذاك سيكون مجتزأ وناقصاً إذا لم يتطرق إلى عمليتين جرتا في الوقت ذاته داخل المجتمع الإسرائيلي وداخل المجتمعات العربية والإسلامية. يجوز الاستدلال من ظواهر عدة عن مضمون هاتين العملتين. منها تفتت الساحة السياسية الإسرائيلية وغياب أي تصور لمستقبل إسرائيل في محيطها المباشر والإفراط في اعتبار الإسرائيليين أنفسهم غير معنيين بما ارتكبه أسلافهم بحق الفلسطينيين، ما دفع عقلية أمنية سطحية إلى التحكم بالسياسة الإسرائيلية آيتها جدار الفصل والحواجز الاعتباطية ورهاب أمني شديد. في المقابل، جاءت المبالغة في إلقاء تبعات التخلف العربي على «الغرب وربيبته إسرائيل»، من جهة، واستغلال «التهديد الأصولي» كفزاعة لابتزاز الغرب ذاته، من جهة ثانية، لتقضي كلها على آمال الإصلاح الداخلي الذي يفترض أن يكون ثمرة نظر عقلاني في شؤون العرب وشجونهم.

على أسس كهذه، لا يبقى أمام أكثر السياسيين سوى تعليق الآمال على حرب تقلب طاولة تعج بالأزمات ويعجز الجالسون على جوانبها عن ابتكار الحلول. فالسلام سيكشف عورات كثيرة في إسرائيل وعند أعدائها سواء بسواء.

===============

عندما يوظّف نتانياهو الأساطير في خدمة السياسة!

السبت, 22 مايو 2010

سليم نصار *

الحياة

«هناك رابط وشائجي بين اليهود والقدس. فهي عاصمتهم الوحيدة، وهي التي ذُكرت في التوراة عشرات المرات، لكنها لم تُذكر في القرآن مرة واحدة».

طرح رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو هذه العبارة الاستفزازية في الكنيست، أثناء الاحتفال بالذكرى السنوية ليوم احتلال القدس، وفقاً للتقويم العبري. وتصدى له النواب العرب مؤكدين أن القدس هي أولى القبلتين وثالث الحرمين، وأن نتانياهو يزوّر التاريخ ويمس المشاعر الدينية للمسلمين والمسيحيين العرب.

وأنكر رئيس وزراء إسرائيل هذا الاتهام، مدعياً أن القدس ذُكرت 142 مرة في العهد الجديد (أي في الأناجيل) ولم يرد في القرآن اسم واحد من بين 16 اسماً عربياً للقدس. بينما ذُكرت في التوراة 850 مرة. وبعد أن تجاهل الحديث عن مفاوضات السلام غير المباشرة، أكد «أن إسرائيل ستحتفظ بكل القدس، وستضمن حرية العبادة في كل المواقع».

وفسر الفلسطينيون هذه العبارة بأنها تعني الاحتفاظ بالهيمنة السياسية والأمنية على الجزءين الشرقي والغربي من القدس، وأن قرار السماح بالوصول الى أماكن العبادة الإسلامية والمسيحية، سيظل يخضع لقانون مراقبة حواجز العبور. ولما طالبه نائب من «القائمة العربية الموحدة» بالاعتذار، هاجمه نواب اليمين، وأمر رئيس الجلسة بطرده من القاعة.

وكان نتانياهو قد أعلن عن افتتاح المهرجانات بيوم القدس، في كنيس كبير يدعى «كنيس الرباي». وفي الكلمة التي ألقاها راح يتبجح بمواصلة تهويد أورشليم على امتداد ثلاثة آلاف سنة. ثم كرر تعهد وزير الدفاع الأسبق موشيه دايان الذي أعلن في اليوم الثالث من حرب حزيران (يونيو) 1967، وأمام حائط المبكى، أن عاصمة إسرائيل المقسمة قد أُعيد تحريرها وتوحيدها.

ومع أن المبعوث الأميركي جورج ميتشل كان قد بدأ الإشراف على عملية المفاوضات غير المباشرة، إلا أن «اللوبي اليهودي» في الولايات المتحدة قابله بشن حملة تشويش واسعة بهدف التأثير في الإدارة والكونغرس. ومن أبرز مظاهر تلك الحملة كان الإعلان الذي موّله «صندوق مؤتمر رؤساء المنظمات الأميركية - اليهودية الكبرى»، أي الإعلان الذي نُشر في صحف عدة بحجم صفحة كاملة تحمل عنواناً ضخماً يقول: «القدس قلب اليهود».

وبين الإعلانات الهادفة التي استُخدمت في حملة الضغوط، كان الإعلان الذي نشره في الصحف إيلي فيزيل، الحائز جائزة السلام حول القدس. وقد اضطر الرئيس باراك أوباما الى دعوته الى الغداء لمناقشة مستقبل القدس.

الرد الأوروبي على هذه الحملة كان معارضاً وشاملاً، على المستويين، الرسمي والشعبي. فقد دان الاتحاد الأوروبي قرار إسرائيل مواصلة البناء الاستيطاني، معتبراً أنه عائق في وجه الجهود الدولية للسلام. كما رأت «اللجنة الرباعية» في مذكرتها الخاصة الى حكومة نتانياهو، أن وقف الاستيطان شرط لإنجاح عملية السلام.

أما «القنبلة الإعلامية» التي فجرتها عريضة موقعة من ثلاثة آلاف أكاديمي وكاتب وخبير وعالم يهودي، فقد تعامل معها وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان باحتقار وسلبية. ووصفها في أحاديثه، بأنها خنجر مسموم يُغرس في ظهر الحكومة، علماً بأن الذين استخدموا هذا «الخنجر» من أمثال دانيال كوهين - بنديت وبرنار هنري ليفي وإيلان فينك - كراود، صرفوا حياتهم في الدفاع عن إسرائيل. ولكنهم حذروا من تكرار عمليات التصفيات الجماعية ضد اليهود، في حال استمرت حكومة نتانياهو في تحدي قرارات المنظمة الدولية ومشاعر ملايين المسيحيين والمسلمين في العالم. وتشير العريضة الى مخاوف يهود أوروبا «من أن تكون الدماء التي روت هذه القارة قد ذهبت سدى. كل هذا بسبب تجاهل قيم العدل والإنسانية وحقوق الإنسان، الأمر الذي يشير الى ظهور حركة سياسية فاشية يتزعمها نتانياهو وليبرمان».

الجامعة العربية ردت على مزاعم الحكومة الإسرائيلية ببيان أصدرته لمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لاحتلال القدس الشرقية، شجبت فيه تزوير التاريخ لأغراض سياسية. ويقول البيان: «إن العرب الكنعانيين أسسوا مدينة أور - سالم وجعلوها عاصمة لدولتهم التي أقاموها على أرض كنعان في الألف الثالث قبل الميلاد».

وجاء أيضاً في البيان: «أن الاحتلال لم يكتف بضم المدينة تحت تهديد القوة المسلحة والعدوان، بل عمد الى الادعاء بأنها تعود الى اليهود بالاستناد الى مزاعم توراتية تدحضها التوراة ذاتها».

ولم يكن بيان الجامعة العربية سوى تحذير من التاريخ المضلل الذي ابتدعته الصهيونية بغرض إنشاء وطن قومي لليهود بعدما فشلت مشاريع التوطين في أوغندا والأرجنتين وسيبيريا. ويجمع المؤرخون على القول إن مدينة القدس بُنيت قبل الميلاد بثلاثة آلاف سنة تقريباً. وكان بناؤها على أيدي اليبوسيين الذين يتحدرون من الكنعانيين النازحين من الجزيرة العربية. وأعطاها المؤسسون اسمهم، أي «يبوس»، كذلك عرفت باسم «سالم» و «مدينة السلام». وتؤكد المراجع الموثقة أن «ملكي صادق» - ملك اليبوسيين - هو أول من نظم القدس عام 1800 ق. م. وكان العرب الكنعانيون أول من تعبد في هذه البقعة، قبل ألف سنة تقريباً من ظهور هيكل داود وسليمان.

خلال القرن الثامن قبل الميلاد، احتل الأشوريون القدس أثناء فترة حكم ملكها «أحاز» الذي أغلق هيكل سليمان. وفي عام 590 ق. م. زحف نبوخذنصر من بابل ليحاصر القدس ويدمر الهيكل والأسوار ويطرد اليهود الذين أعادهم إليها قورش الفارسي الذي احتل بابل عام 539 ق. م. بمساعدة اليهود.

أثناء الحكم البيزنطي عاشت القدس مرحلة هدوء طويلة استمرت خمسة قرون. ولم يسكن فيها طوال هذه المدة يهودي واحد. وظلت الحال على هذا المنوال حتى عام 614 م يوم هاجمها الفرس وأدخلوا معهم اليهود. وبعد مرور فترة قصيرة انتصر عليهم امبراطور الرومان هرقل وأخرجهم من كل بلاد الشام. وجدير بالذكر أن العرب لم يبارحوا القدس في كل الأزمنة. وفي عام 638 م عادت سيطرة العرب على القدس بعد فرار الحامية الرومانية. واستسلم في حينه البطريرك صفرونيوس للقائد أبي عبيدة بن الجراح. وقد اشترط البطريرك ألا يسلم مفاتيح المدينة لغير الخليفة عمر بن الخطاب الذي وصل من المدينة المنورة وكتب وثيقة الأمان التي عرفت فيما بعد ب «العهدة العمرية».

وتبدأ «العهدة العمرية» بالتوصية التالية: «هذا ما أعطى عبدالله عمر أمير المؤمنين أهل «ايلياء» من الأمان. (وإيلياء كان اسم القدس في تلك المرحلة). أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها. انه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم. ولا ينتقص منها ولا من حيزها ولا من شيء من أموالهم. ولا يكرهون على دينهم. ولا يضار أحد منهم. ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود».

يقول المؤرخ جورج تومبسون: «إن الحروب الصليبية كانت أول تجربة في الاستعمار الغربي قامت بها الأمم الأوروبية خارج حدود بلادها لتحقيق مكاسب اقتصادية واسعة النطاق». وقد استمرت تلك الحروب طوال قرنين من الزمن، الى أن حسمها لمصلحة العرب صلاح الدين الأيوبي.

في حرب 1948 تعرضت القدس للتقسيم بحيث ضم الجزء الشرقي العتيق كل المقدسات الإسلامية والمسيحية. ولما حدثت حرب 1967 استغلت إسرائيل الوضع لتحتل الجزء الشرقي، وتعمل على تهويده من طريق التضييق على السكان العرب ومصادرة أراضيهم وإسكان اليهود مكانهم على رغم قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة.

في سنة الاحتلال كان عدد سكان القدس الشرقية 69 ألف نسمة، وظل هذا العدد يتضاعف الى أن بلغ عام 2006 أكثر من 280 ألف نسمة موزعين على 23 حياً وقرية تقع في حدود بلدية القدس، ولكن الحكومات الإسرائيلية مارست سياسة الحصار والتضييق الاقتصادي لإرغام السكان على النزوح. ثم جاءت حكومة نتانياهو لتزيد ضغوطها بهدف خلق وقائع جديدة تجعل من مساحة «القدس الكبرى» موقعاً يوازي مساحة ثلث مساحة فلسطين تقريباً.

تقول الصحف الأوروبية أن العريضة التي وقعها ثلاثة آلاف أكاديمي وعالم يهودي لم تكن كافية لإقناع حكومة نتانياهو بالتراجع عن موقفها المتعنت. لذلك استنجد هؤلاء بأستاذ العلوم في جنيف موريس سترون ونائب سابق عن «ميرتس» يدعى افشلوم فيلان، كي يوضحا دور اليهود في تاريخ القدس. وجاء في الدراسة التي نشراها ما يلي:

أولاً - إن مقولة أن القدس كانت دائماً مدينة يهودية، وعلى ذلك فإن حقوقنا فيها تاريخية مشروعة... هذه المقولة ليست دقيقة.

ثانياً - سميت «يبوس» قبل مئات السنين من احتلال داود لها. وقد احتلها بجيش مرتزقة لم يثبت أن شارك فيه أي سبط من أسباط بني إسرائيل. ولذلك لم تنسب المدينة الى أي سبط بعد سقوطها. لذلك اشترى داود من حاكمها السابق قطعة أرض ليبني عليها الهيكل. ونقل الى تلك الأرض التابوت المقدس. وخلال مدة أربعين سنة من حكمه رفض داود جعل القدس مركزاً نهائياً خوفاً من اختفاء هياكل المراكز الأخرى في شيلو وبيت لحم والخليل وبيت ايل.

ثالثاً - محاولات السيطرة الدينية على العاصمة السياسية لم تحدث سوى الضرر. ذلك أن التطرف في نهاية عصر الهيكل الثاني بلغ ذروته بين الصدوقيين والفريسيين في القدس. وانتهى الأمر بسيطرة السكريكيين من طريق الإرهاب، الأمر الذي أدى الى خراب الهيكل وضياع الاستقلال السياسي.

رابعاً - عام 361 م اقترح القيصر يوليانوس على اليهود ترميم الهيكل. وقد رفض قادتهم هذا الاقتراح خوفاً من اختفاء السلطة السياسية تحت السلطة الدينية. وعليه نرى أن حكومة نتانياهو لم تتعلم من التجربة التاريخية لأنها قيادة قصيرة النظر، ولأن سياستها محصورة في أحزاب أصولية متزمتة لا تعرف الواقعية.

يقول الكاتب والمؤرخ اليهودي إسرائيل شاحاك في كتابه «وطأة ثلاثة آلاف سنة»، إنه سمع بن غوريون يفاخر بعد حرب السويس عام 1956، بأنه «شن تلك الحرب لإعادة مملكة داود وسليمان الى حدودها التاريخية».

ويرى شاحاك في هذه النزعة التوسعية خطراً أساسياً من اسرائيل كدولة يهودية على شعبها وعلى جيرانها أيضاً.

ويلتقي الكاتب شاحاك في نظرته الى الدولة اليهودية مع نظرة المستشار النمسوي برونو كرايسكي الذي قال: «تقوم الصهيونية على أوهام تاريخية تدعمها آراء خاطئة بأن كل اليهود قدموا من إسرائيل. ولضمان نجاح الحركة الصهيونية، انبرى عدد من كتّاب اليهود الى تحويل أساطير التوراة وخرافات التلمود الى حقائق تاريخية».

وقد تبنى نتانياهو عملية تحقيق هذه الخرافات خدمة للحركة الصهيونية!

* كاتب وصحافي لبناني

===============

إيران لا تريد شريكاً في العراق؟

خيرالله خيرالله

5/22/2010

الرأي العام

أي عراق بعد شهرين ونصف شهر من الانتخابات؟ كان مفترضاً أن تكون الانتخابات محطة أساسية، بل نقطة تحول في اتجاه تحديد أي عراق يريده العراقيون. فازت في الانتخابات «القائمة العراقية» التي كان على رأسها الدكتور اياد علاوي الذي يؤمن بأن العراق يتسع لجميع أبنائه، وأن في الإمكان إعادة بناء مؤسسات الدولة العراقية على أسس سليمة في ظل قانون واحد وعصري لا يفرّق بين عراقي وآخر بغض النظر عن الطائفة، أو المذهب، أو المنطقة التي يمكن أن ينتمي إليها هذا المواطن أو ذاك.

بعد فترة قصيرة، تميزت بالهدوء النسبي وتراجع حدة المناكفات بين السياسيين، جرت الانتخابات في أجواء شبه معقولة. لم تحل العمليات الإرهابية التي شهدتها مناطق عراقية عدة، على رأسها بغداد، دون توجه العراقيين إلى صناديق الاقتراع رافضين الرضوخ للابتزاز الإرهابي من جهة، ومن أجل التعبير عن وجود هوية وطنية عراقية من جهة أخرى. ليس سراً أن قليلين كانوا يتوقعون تقدم «العراقية» على لائحة «دولة القانون» التي يتزعمها رئيس الوزراء السيد نوري المالكي. كان تقدم «العراقية» التي ارتبط اسمها بأياد علاّوي دليلاً على أن الشعب العراقي لا يزال يمتلك القدرة على المقاومة ورفض كل ما يمت بصلة للمذهبية والطائفية والمناطقية. بكلام أوضح، أراد العراقيون القول انهم يؤمنون بالعروبة المنفتحة على الآخر، وأن هذه العروبة التي تعترف بوجود قوميات مختلفة في العراق ضمانة للجميع. أكثر من ذلك، تشكل هذه العروبة المنفتحة المرتبطة بكل ما هو حضاري في العالم الدرع الأقوى في مواجهة المد الإيراني وكل أنواع التدخلات الخارجية في العراق.

كان الردّ الإيراني على نتائج الانتخابات سريعاً. هناك «فيتو» على اياد علاّوي. سبب الفيتو أن رئيس الوزراء السابق ليس تابعاً لأي حزب مذهبي، ولم يكن خلال فترة النضال من أجل اسقاط النظام العائلي- «البعثي» الذي كان على رأسه صدّام حسين لاجئاً لدى الإيرانيين. كذلك، لم يقاتل اياد علاّوي ضد العراق خلال حرب الخليج الأولى بين العامين 1980 و1988 وذلك على الرغم من أن صدّام يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية اندلاع تلك الحرب المدمرة التي عادت بالويلات على العراقيين والإيرانيين في آن. ولكن، رغم الأخطاء الكبيرة التي ارتكبها صدّام في تلك المرحلة، احترم اياد علاّوي نفسه ولم يقاتل أبناء شعبه. انها الوطنية العراقية بامتياز التي عبّرت عنها شخصيات كثيرة ظلمها النظام العائلي- «البعثي»، لكنها أبت الدخول في الحرب إلى جانب النظام في إيران والأجهزة التابعة له. لا تكمن المشكلة في التركيز الإيراني على الرجل فحسب بمقدار ما أنها أيضاً تعبير عن رغبة إيرانية في وضع اليد على العراق، واختيار من يحق له أن يكون رئيساً للوزراء في هذا البلد المهم الذي تختزن أرضه ثاني أكبر احتياط نفطي في العالم. انها عودة إلى المربع الأوّل الذي رسمته الحرب الأميركية على العراق. انها بصراحة عودة إلى واقع لابدّ من الاعتراف به يتمثل في أن هذه الحرب اسفرت عن منتصر واحد وحيد هو إيران التي تمددت في كل المناطق العراقية، خصوصاً في الجنوب وبغداد، فيما بقيت المنطقة الكردية خارج دائرة نفوذها إلى حدّ كبير.

من الواضح أنّه كان مفترضاً في الانتخابات الأخيرة أن تهيئ لانتقال العراق إلى مرحلة جديدة يكون خلالها مستعداً لانسحاب القوات الأميركية من أراضيه العام المقبل. المؤسف أن الانتخابات التي كانت الآمال معلقة عليها من أجل استعادة المؤسسات العراقية في ظل حكومة متوازنة، تحولت إلى منعطف في غاية الخطورة. كشفت الانتخابات قبل كل شيء وجود رغبة للسيد المالكي في الاحتفاظ بالسلطة بغض النظر عما يقرره الشعب عبر صناديق الاقتراع. يبدو أن هناك صدّاماً صغيراً داخل كل سياسي عراقي، أو لنقل داخل معظم العراقيين. ولكن ما قد يكون أخطر من ذلك، الإصرار الإيراني على وضع العراق، باستثناء المنطقة الكردية، تحت هيمنة طهران. كان التنافس بين مجموعتين شيعيتين كبيرتين، احداهما بقيادة المالكي والأخرى بقيادة «المجلس الأعلى» والتيار الصدري ظاهرة صحية، خصوصاً في ظل وجود لائحة اياد علاّوي التي ضمت شخصيات من كل الطوائف والمذاهب. لكن وضع إيران ثقلها خلف الحلف المصطنع بين لائحة «دولة القانون» ولائحة «الائتلاف» قطع الطريق على أي نوع من أنواع التفاؤل بمستقبل أفضل للعراق، وبكسر الحواجز الطائفية والمذهبية بما يؤمن انتصار العقل على الغريزة.

على العكس من ذلك، شرّع التدخل الإيراني الفظ في العراق الأبواب أمام طرح الأسئلة الكبيرة من نوع أين يمكن أن يتوقف التدخل الإيراني... أو على الأصح هل من حدود للطموح الإيراني في السيطرة على العراق؟ ولعل السؤال الكبير الأهمّ ماذا سيحل بالعراق بعد الانسحاب العسكري الأميركي الذي يحول في الوقت الراهن اندلاع حرب أهلية تتخذ طابعاً مذهبياً؟

كل ما يمكن قوله، إن الأميركيين دمروا العراق. لا يعني ذلك أن في الإمكان الدفاع عن نظام صدّام بأي شكل من الأشكال، خصوصاً أنه ساهم في تدمير النسيج الاجتماعي للبلد عبر القمع من جهة، ومغامرتيه المجنونتين مع إيران والكويت من جهة أخرى. ولكن هل لا يزال في الإمكان لملمة العراق وإعادة تركيبه من دون المساس بوحدة أراضيه.

شيئاً فشيئاً، يعود التشاؤم سيّد الموقف في العراق. صار في الإمكان الحديث عن المأساة المستمرة للعراق الذي خرج من تحت جزمة ديكتاتور إلى دائرة الفوضى والنزاعات المذهبية. كان فوز «العراقية» في الانتخابات يجسّد الأمل، إلى أن تبين أن الوضع في هذا البلد الذي يشكل ركيزة من ركائز النظام الإقليمي فيه لا يبدو قابلاً للإصلاح، أقلّه في المدى المنظور. لا يريد الإيرانيون شريكاً في العراق. صار ذلك واضحاً. ولكن هل مسموح لإيران أن تستمر في اعتماد مثل هذه السياسة الهجومية طويلاً؟ أوليس ذلك دليل ضعف أكثر مما هو دليل قوة ما دامت وجدت نفسها، هي التي تعاني من مشاكل داخلية ضخمة، مضطرة إلى كشف كل أوراقها في هذا البلد النفطي الذي كان من المؤسسين لجامعة الدول العربية، ولمنظمة البلدان المصدرة للنفط (اوبيك). ما لا يمكن تجاهله لدى الحديث عن العراق ومستقبل العراق أن «اوبيك» تأسست في بغداد في العام 1960... قبل نصف قرن بالتمام والكمال!

===============

روسيا والشرق الأوسط

توكيل أميركي إلى أي حل؟

المستقبل - السبت 22 أيار 2010

العدد 3659 - رأي و فكر - صفحة 19

غازي دحمان

بعد الهيمنة الاستراتيجية والعالمية الكبرى للولايات المتحدة الأميركية، هل لازال باب الشرق الأوسط موارباً لدرجة تسمح للدب الروسي بالدخول منه، أم أن أميركا وبعد أن دخلت المنطقة أغلقت وراءها الباب نهائياً، ولم يعد بإمكان القوى العالمية الأخرى سوى التلصص من خلف الستائر الأميركية؟

المقصود بهذا السؤال استكشاف طبيعة التحرك الروسي الزخم باتجاه المنطقة، وذلك عبر ملفات ساخنة عدة، الإيراني، الفلسطيني، السوري، إذ من الواضح أن ثمة حركة دبلوماسية روسية منظمة تجاه هذه الملفات، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة هذا التحرك وتوقيته وأهدافه.

ومن المعروف أن الخروج الروسي من المنطقة قد تم في نهاية الحقبة السوفياتية بعد صراع طويل مع الولايات المتحدة الاميركية على النفوذ، وبعد حلم مديد بمياه المتوسط الدافئة، لينتهي إلى كابوس فرضه نفاذ الجهود والموارد الروسية، الأمر الذي انعكس تغييراً أساسياً في التفكير الروسي، ينطلق من تقدير واقعي لضعف روسيا لدى كبار زعمائها، وقد سعت واشنطن على مدار عقد ونصف لترسيخ هذا الاعتقاد كمعطى استراتيجي ثابت ونهائي، وقد عبرت عن هذا التطور في وثائقها الاستراتيجية التي صدرت تباعاً منذ العام 2002 وحتى اللحظة.

ومن جانبها عملت روسيا على إقناع نفسها بهذه المتغيرات، وأخذت تتكيف معها بطريقة أذهلت حتى صقور البيت الأبيض أنفسهم، وجرى ذلك عبر الاستهتار التام بالدور والمكانة الروسية، الامر الذي انعكس سلبا على المصالح الروسية في المنطقة.

فما الذي تغير في المشهد السياسي الدولي، والذي سعت واشنطن إلى استعمال كل الأدوات الممكنة والمتاحة لتوظيفه في خدمة استراتيجيتها العالمية حتى يصار إلى إدخال الدب الروسي إلى أهم المناطق الحيوية في هذه الاستراتيجية، وبإرادة ورغبة أميركية؟

من المؤكد أن هذا التراجع التكتيكي الأميركي، هو ثمرة الاستراتيجية الأمنية المتشددة التي كان قد رفع لواءها المحافظون الجدد، والتي قامت على رفع سقف التشدد تجاه بعض القوى الإقليمية، والتي اعتبرها المحافظون كمصادر لتهديد مصالح واشنطن الاستراتيجية، وهي استراتيجية أتضح من الناحية العملياتية خطأ تقديراتها، وخاصة لجهة القدرة على خوض أكثر من حرب في نفس الوقت، حيث أثبتت الحالة العراقية، المفتوحة على احتمالات واسعة ولكن على خلاصة واضحة، إن أميركا تستطيع بالفعل أن تسقط أنظمة سياسية وتهزم جيوشاً رسمية، ولكنها لا تستطيع أن ترفع أنظمة بديلة ومقبولة ولا أن تبني جيوشاً حليفة، والأهم أنها لن تعرف كيف تقفل حنفيات الدم المسالة من أجساد جنودها ومن أجساد أبناء الشعوب التي تظللها باسترتيجيتها.

إلى هذه الحقيقة، ثمة حقيقة أخرى تضاف، وهي أن ثمة مناطق في العالم، ومنها الشرق الأوسط فيها من الهشاشة والسخونة بمكان بحيث لا تستطيع الأصابع الاميركية الغليظة أن تعبث بصياغتها، الأمر الذي أحال كل المقاربات الاستراتيجية والأمنية التي صاغها استراتيجيو المحافظون الجدد إلى مجرد ركام ومأزق خطير.

وانطلاقاً من هذا الواقع الاستراتيجي والجيوسياسي المعقد، بدت الحاجة "أميركياً" ملحة لإدخال الدب الروسي إلى المنطقة، وبعد أن تم الاطمئنان إلى حقيقة استراتيجية مهمة، وهي أن روسيا بإمكاناتها وظروفها الحالية، ليس لديها طموحات أكبر من حجم الدور الذي تكلفها به واشنطن، وإنها برغم تعطشها للعب دور ما، فإن أدواتها الاستراتيجية باتت متخلفة وفقيرة، وهي في نهاية الأمر لن تطلب مقابلاً استراتيجياً مهماً لخدماتها يشكل تأثيراً على الاستراتيجية الكبرى لواشنطن.

في المقابل فإن للدور الروسي إيجابيات مهمة، أقله أنه يخفف من حدة النقمة على أميركا من قبل شعوب المنطقة، كما أنه يعطي لواشنطن فرصة للعب من خلف الكواليس، ويتيح لها مرونة أكبر في التفاوض، بعد أن كانت قد ألغت الدبلوماسية من بنود استراتيجيتها التي أعلنتها في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، وتحديداً بعد أحداث 11 أيلول، ما أوقعها في كثير من المآزق التي عجزت عن تجاوزها عبر قوتها العسكرية، ولا من خلال سيطرتها على منظمات الأمم المتحدة، أو ما يسمى بأدوات تشريع القانون الدولي.

والحال فإن الدور الروسي الجديد في المنطقة منوط به مهمة واحدة وهي لملمة خيبات العملاق الأميركي في عصر قوته المطلقة، ومساعدة واشنطن على إعادة التوازن لدورها الذي سيطر عليه جانب القوة العسكرية الصماء ذات المفاعيل المحدودة، على حساب قوة الدبلوماسية وديناميتها وفاعليتها الهائلة، فهل تنجح روسيا في تكييف الدور الأميركي ليتناسب والمعطيات الإقليمية المستجدة والتي فرضتها ساحات الشرق الأوسط بدءاً من العراق مروراً بلبنان وسوريا وانتهاءًا بفلسطين، أم أن واشنطن ستعمل على امتطاء الدب الروسي لتتجاوز من خلاله بعض الألغام، أو ربما للعمل على توريطه أكثر في ساحات المنطقة؟.

===============

هل ينقذ أوباما زيادة القوات في أفغانستان؟

جاكسون ديهل

الشرق الاوسط

5/22/2010

لم يخفِ سجاد أحمر لا حصر له بُسط أمام (الرئيس الأفغاني) حميد كرزاي في واشنطن الأسبوع الماضي واقعا قبيحا واضحا للعيان، وهو أن زيادة (الرئيس الأميركي) باراك أوباما لعدد القوات داخل أفغانستان لم تؤتِ ثمارها.

صحيح أن هذا مبكر. وكما أشار الرئيس خلال مؤتمر صحافي مع كرزاي، لم يصل إلا إلى ما يزيد قليلا على نصف تعزيزات أمر بتعبئتها داخل أفغانستان في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ولا تزال أمامهم 14 شهرا ليحدثوا فارقا قبل بدء الانسحاب المقرر.

فبعد مرور 15 شهرا من زيادة القوات داخل العراق عام 2007، حينها كانت الأدلة على نجاحها واضحة، فقد تراجعت أعمال العنف الطائفية، كما تبنت القبائل السنية موقفا معاديا لتنظيم القاعدة وكانت الحكومة العراقية توفي بالتزاماتها.

وفي مايو (أيار) 2010، واضح ما هو مصير الحملة داخل أفغانستان إذا لم يتغير شيء. والمناطق التي طهرتها القوات الأميركية مثل مارغا بمحافظة هلمند، لا تزال بها عناصر تابعة لحركة طالبان، إذ لم تظهر سلطة أفغانية فعّالة داخل هذه المناطق. وفي قندهار، حيث يجري الإعداد لهجوم حاسم، تقل فرص إيجاد حكومة غير تابعة لحركة طالبان بسبب عمليات اغتيال ورفض كرزاي الحد من نفوذ أخيه الفاسد داخل الساحة السياسية المحلية. وفي الوقت الحالي، يبدو أنه لا توجد خطة سياسية متساوقة للمدينة.

وربما كان الشيء الأكثر إثارة للقلق، هو الخلاف الواضح بين دبلوماسيين وجنرالات أميركيين وتابعين لدول حليفة يفترض أنهم ينفذون استراتيجية أوباما. ولا يبدو أن أيا من المدنيين الأميركيين المكلفين بالعمل مع كرزاي يحظى بثقته. ولا يعملون بالتناسق مع قائد القوات الأميركية الجنرال ستانلي ماكريستال. و«الفجوة بين القيادات البارزة في الميدان والجانب السياسي واسعة بصورة غير مسبوقة»، حسب ما قاله لي أفغاني بارز.

ولم يستطع أوباما تجنب بعض من هذه الفوضى، فدائما ما كان غياب قدرة مدنية أفغانية نقطة الضعف في استراتيجية لمكافحة التمرد. وتبدأ المشكلة عند كرزاي، الذي لديه اهتمام أقل ببناء حكومة معاصرة ويعارض جهودا أميركية لبناء هيئات محلية وإقليمية.

وقال الأفغاني الذي تحدثت إليه: «كرزاي ليس زعيم دولة معاصرة، وليس رئيس أركان، ويرى نفسه بدرجة أكبر كوسيط، وهدفه الرئيسي هو وقف إراقة الدماء». ولذا، يهتم كرزاي بالتفاوض مع حركة طالبان.

وقد عقّد أوباما من مشكلته المرتبطة بكرزاي عند طريق إساءة إدارة الزعيم الأفغاني حتى وقت قريب. وبعد عام من البرود، يتبنى حاليا استراتيجية معتادة لإدارة عميل ضعيف، من خلال إغراقه بالحب في الملأ، والضغط عليه في السر. ولم يتضح حتى الآن هل ستثمر هذه الاستراتيجية. ولن يكون الاختبار بدرجة كبيرة مرتبطا بما يقوم به كرزاي، ولكن بما سيسمح به للأفغانيين الآخرين في بناء مؤسسات عاملة داخل المستوى الوطني والمحلي.

وما يصعب فهمه هو فشل أوباما في إصلاح الخلل على الجانب الأميركي. وهناك لاعب رئيس هنا وهو كارل إيكنبري، الجنرال المتقاعد الذي عينه أوباما سفيرا. وعلاقات إيكنبري مع كرزاي سيئة، وربما تكون علاقاته مع ماكريستال أسوأ. ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي، تصل تقارير تتحدث عن الخلافات بينهما حول التكتيكات، ومن بينها معارضة إيكنبري تشكيل ميليشيات محلية ومشروعات التنمية السريعة داخل قندهار. والآن، هما مختلفان حول طريقة الرد على الطلب الأفغاني لشراكة استراتيجية معدلة، ومن بينها ضمان أمني أميركي. ويظهر هنا اختلاف آخر هو العراق: لم يكن ثمة خلاف بين القائد العسكري ديفيد بترايوس والسفير آنذاك ريان كروكر.

وخلال تقرير صحافي للبيت الأبيض يوم الاثنين سلطت الأضواء على إيكنبري، عندما سأله صحافي هل يعتقد أن الرئيس كرزاي يمثل شريكا استراتيجيا مناسبا. ورفض السفير أن يعبر عن موافقته الشخصية على الرجل المفترض أن يعمل معه. ورد قائلا: «لقد أعرب الرئيس أوباما عن ثقته في الرئيس كرزاي وعملنا معه».

وكتب أندرو إكسوم، من مركز الأمن الأميركي الجديد، في نقد للاستراتيجية المدنية التي تتبناها الإدارة الأميركية: «لا يعد حميد كرزاي رجل الولايات المتحدة داخل كابل. ويمكن أن يعذر لأنه لا يعرف مَن رجله داخل الولايات المتحدة». وتساءل إكسوم، الذي اقترح أن يحدد أوباما شخصا محددا يتعامل مع الرئيس الأفغاني: «هل يمثل السفير داخل كابل أو المبعوث الخاص لأفغانستان وباكستان متحدثا فعالا مع صناع السياسات داخل أفغانستان؟ وهل تدعم السفارة الأميركية داخل كابل بصورة تامة حملة مكافحة التمرد؟»

تظهر الإجابة عن هذين التساؤلين، وهي بالنفي، المشكلة الأولى التي يجب على أوباما علاجها إذا كان يريد إنقاذ خطته المعتمدة على زيادة عدد القوات.

* خدمة «واشنطن بوست»

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ