ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 22/05/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


إيران لا تجيد لعب دور الضحية مع العراق

جمال محمد تقي

5/20/2010

القدس العربي

ليس لانها لا تحسن فن المراوغات ، ولا لانها لا تملك خبرة في الادعاء وقلب الحقائق ، ولا لانها لا تحرم سرقة حقوق الاخرين بذرائع منع الضرر ، ولا لانها تبطن ما يخالف الظاهر من سياستها كنوع من انواع التقية التي تنتهجها ، ليس لانها ضعيفة ، وانما لتضليل الراي العام من خلال ظهورها بمظهر المظلوم وهي الظالمة والمتجبرة وعلى اقرب الناس لها ، شعبها ، ومن ثم شعوب جيرانها .

ببساطة لان تاريخ العلاقة الايرانية العراقية ومنذ اقامة الدولة العراقية الحديثة ، وتحديدا منذ تحرر العراق من السيطرة المباشرة للاحتلال البريطاني مرورا باقامة النظام الجمهوري في عام 1958 وحتى الان هو عبارة عن سلسلة متلاحقة من سياسات البلطجة والاتاوة  الزورخانية  الايرانية الباغية قلبا وقالبا ، والساعية بسلوكها المتأصل هذا لتصريف ازماتها الداخلية ونهب وابتزاز جارها الساعي لبناء نفسه ، لتستضعفه بقوة التهديد والتدخل في شؤونه ، باثارة القلاقل والبلابل ، طمعا بالتوسع والهيمنة عليه ، وعلى عموم المنطقة كشرطي اقليمي يعمل بالوكالة عن المصالح الغربية بالتناغم والتنسيق مع الكيان الصهيوني ، هكذا كان حال العلاقة حتى حصول الانقلاب الاسلامي ومجيء الشاهات الجدد ، فتحت راية الاسلام الشيعي عمل هذا النظام على تحقيق الذات القومية الايرانية وتمددها وبحقوق مكتسبة تريد من خلالها قبول الغرب بها كدولة نووية ذات نفوذ معترف به بتفاهمات دولية تتقاسم الهيمنة الاقليمية  ما لاسرائيل لاسرائيل وما لايران لايران 

ما جرى على امير المحمرة الشيخ خزعل الكعبي من استدراج واحتواء ايراني ادى الى اقتطاع منطقة الاحواز وضمها الى ايران ، وهي الارض العراقية بسكانها وثقافتها وامتدادها الطبيعي ، وذلك في بداية عهد الاحتلال البريطاني للعراق ، كانت البداية المزمنة لما تلاها من عمليات قضم وتوسع ومطالبات وتحرشات لا تنتهي .

كان نظام الشاه يماطل ويسوف في قضية رسم الحدود المائية في منطقة شط العرب بل وينقض ما اتفق عليه سابقا ، تبعية العراق للانكليز ووصايتهم عليه خففت من غلواء الشاه ، اما بعد ثورة 14 تموز فقد توافقت المخططات الايرانية مع المصالح الغربية للنيل من الثورة العراقية ، وفي وقتها اشتهر منلوج شعبي بغدادي يخاطب الشاه : بهلوي شتريد منة ؟ جميخوي جميخوي ؟

بالمقابل كان الدور العراقي وفي اغلب الحالات مدافعا عن نفسه يريد السلامة وتفادي التحرشات والاعتداءات والسرقات الايرانية المتوالية عليه.

ايران الشاه كانت تستخدم ورقة العشائر الكردية وتشجيعها على التمرد بوجه الحكومات العراقية باسناد من المخابرات الامريكية وشركات النفط الاحتكارية واسرائيل لاستنزاف العراق واضعافه وقضم اراضيه وثرواته ، ايران الشاه كانت لا تنقطع عن التدخل بالشأن العراقي .

بعد قيام نظام الجمهورية الاسلامية ، بادر النظام العراقي لتنقية الاجواء بارسال تهنئة للخميني بمناسبة انتصار الثورة ، فكان جوابها نذير حرب ، وتحذير ، ووعيد ، الجواب كان مستهلا بعبارة سلام على من اتبع الهدى ، وكأن الخميني يخاطب كفار قريش.

ليس هذا فقط وانما جرت اتصالات تنظيمية وتعبوية مع جماعات حزب الدعوة لتحريكها من اجل تنفيذ مهمات خاصة كالاغتيالات واعمال الشغب ، غرضها اضعاف النظام وتسهيل مهمة اسقاطه بدعم ايراني لاقامة حكم في العراق موالي لايران ، ولم يكتفي نظام خميني بهذا وانما استمرت عمليات التحرش الحدودي والقصف المدفعي المشابه لما يجري اليوم من قصف ايراني للمناطق الحدودية في شمال العراق بحجة ملاحقة المناوئين للنظام الايراني ، كان العراق قد طالب النظام الايراني بالكف عن هذه الممارسات والتي اصبحت معروفة ومكشوفة ، لكن النظام الايراني استمر بغييه واستمر بارسال الدعم للمتمردين في داخل العراق فحصلت مناوشات عنيفة على طول الحدود بعدها لاحقت القوات العراقية القوات الايرانية المندحرة داخل العمق الايراني ، ومعنى هذا ان الجانب الايراني كان المسؤول الاول عن اشتعال الحرب بتدخلاته المتواصلة في الشان العراقي والتي جعلت النظام العراقي وقتها يعتبر اتفاقية الحدود لعام 75 مع شاه ايران بحكم الساقطة .

تطورت المناوشات الى حرب شاملة ، فاصدر مجلس الامن قرارا بضرورة وقف اطلاق النار وعودة الطرفين الى مواقعهما لما قبل يوم اندلاع المواجهات الشاملة ، بعد مرور اقل من شهرين وافق العراق على قرار وقف القتال ، لكن الجانب الايراني اصر على مواصلة الحرب ، واستمر القتال ثمان سنوات متتالية حتى رضخ في نهايتها الخميني معلنا الموافقة على وقف القتال ورجوع الطرفين للحدود الدولية ان اي منصف وموضوعي سيحمل ايران مسؤولية الخسائر الهائلة التي لحقت بالطرفين جراء استمرار الحرب كل هذه المدة الطويلة ، وبالتالي فان ايران مطالبة بتعويض العراق عن اضراره بسبب اطالة امد الحرب ، وهنا لا لبس في ان الجانب الايراني ممثلا بالخميني هو المسؤول عن تلك الخسائر الجسيمة .

انتهت الحرب وكانت هناك بوادر لتحسين العلاقات وخاصة من جهة العراق ، ولكن النظام الايراني كعادته كان يضمر الشر كله للعراق واهله ، فبعد حرب الكويت استغل النظام الايراني فترة الحصار الجائر على العراق لابتزاز العراق والتدخل بشؤونه ثانية من خلال تبني شبه معلن لفصائل المعارضة العراقية ودعمها بالمال والسلاح ، ومن ثم التلاقي مع المخطط الامريكي الداعي لاحتلال العراق واسقاط نظامه ، فقدم الايرانيون كل التسهيلات الميدانية للمحتلين الجدد وساعدوا على احتلال العراق وتخريب دولته وقتل الملايين من ابناء شعبه وسرقة كل ما امكن من ثرواته  معداته ومصانعه ونفطه  وكل هذا لا يقدر بثمن ، الان ليقل لنا نظام الملالي كم برميل نفط سرق من الحقول الحدودية العراقية وكم معمل فكك ونقل الى ايران؟

لقد صادرت ايران اكثر من 130 طائرة عراقية هبطت اضطراريا بالمطارات الايرانية تفاديا للقصف الامريكي والغربي ، وحتى هذه اللحظة ايران لا تاتي على ذكر تلك الطائرات وكانها بحكم المنسية ، ليس غريبا ان لا تطالب بها حكومات الاحتلال في العراق لان هذه الحكومات مشكلة بتفاهمات ايرانية امريكية ، وليس مبالغة مني اذا قلت ان امريكا بالدرجة الاولى وايران بالدرجة الثانية مطالبتان بتعويض العراق عما لحق به منذ 2003 وحتى الان ، اما بالنسبة لخسائر حرب الثمان سنوات فان على ايران دينا يجب ان تدفعه للعراق وان طال الزمن .

يشير احد الخبراء العراقيين الى ان التقديرات الاولية لما يجب ان تدفعه ايران كتعويض عن تكاليف الخراب الذي لحق بالعراق والمسبب بسياساتها العدوانية بشكل مباشر او غير مباشر ، اثناء الحرب بين البلدين واثناء فترة الحصار واثناء فترة احتلال العراق وحتى الان تقدر بحوالي 4 ترليون دولار ، وهي حسابات اولية لما يجب ان تقدمه ايران للعراق كتعويضات مستحقة ، ويمكن ان تتوصل لحساب هذا الرقم اي جهة محايدة تتوفر لها كل المعطيات ، ويضيف هذا الخبير ان ايران تستطيع ان تغطي هذا التعويض بتنازلها عن الضفة الاخرى لشط العرب لصالح العراق ، لا سيما وان ايران تعاني من ازمة مالية بسبب التكاليف الهائلة لبرامجها التسليحية والنووية.

ضربني وبكى وسبقني واشتكى ، هذا هو حال ايران مع العراق عندما تتلبس قناع الضحية وبكل وقاحة معلنة ، بحيث ترتفع الاصوات الايرانية مطالبة العراق بدفع تعويضات لايران ، اي عكس الاية تحسبا لاي حساب جاد مع دهاقنة حائكي سجاد الدسائس من امثال عوض حيدر بور ، وهاشمي رفسنجاني ، وخامنئي ، واحمدي نجاد .

كاتب عراقي

=========================

مأزق معارضي العدالة والتنمية التركي

د. بشير موسى نافع

5/20/2010

القدس العربي

سواء في مبارداته في حقل السياسة الخارجية، أو تحركه الجديد للإصلاح الداخلي، يوقع حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا خصومه في مأزق تلو الآخر. الحزب الذي يوصف في إعلام المعارضة الكمالية، القومي المحافظ منها ويسار الوسط، بأنه أصولي الجذور ومصدر تهديد للأسس العلمانية التي ترتكز إليها الدولة، تقود حكومته سياسة تقدمية لم تعرفها تركيا الحديثة منذ إعلان الجمهورية.

من يقف في مواجهة هذه السياسة، من يبذل كل جهد ممكن للحفاظ على الوضع الراهن، هي القوى التي ادعت دائماً أنها الحارس لتركيا الحديثة، ولانتماء تركيا للعالم 'المتحضر'. وهذه، على أية حال، لم تعد سمة تركية خاصة، بل تكاد تكون حالة نموذجية للانقسام والتدافع السياسي في أغلب بلدان المشرق.

شهدت تركيا خلال الأيام القليلة الماضية تطورين بالغي الأهمية، يتعلق أحدهما بحقل العلاقات الخارجية والآخر بمطلب الإصلاح الداخلي. تمثل التطور الأول في زيارة رئيس الوزراء التركي التاريخية للعاصمة اليونانية أثينا. العلاقات بين تركيا واليونان مثقلة بعبء التاريخ الطويل، العثماني وما بعد العثماني، وبالقلق والشكوك المتبادلة. وبالرغم من أن كلا البلدين عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) منذ الخمسينات، فإن عضوية الحلف المشتركة لم تمنع التنازع (المسلح أحياناً) بينهما على جزر بحر إيجة وفي جزيرة قبرص، المنقسمة منذ عقود بين جانب تركي وآخر يوناني.

وبينما تحتفظ تركيا بواحد من أكبر الجيوش في حلف الناتو، فإن اليونان، التي تنفق خمسة بالمائة من ميزانيتها على التسلح، تعتبر واحدة من أكبر عشر دول في العالم استيراداً للسلاح. أحد الأسباب الرئيسية لعسكرة البلدين هو بالتأكيد العلاقات الشائكة التي ربطتهما طوال القرن العشرين.

ولدت اليونان في عشرينات القرن التاسع عشر من حضن الدولة العثمانية، في أجواء ثورة وعنف دموي وتدخل أوروبي وروسي، مؤذنة ببداية تفكك الإمبراطورية التي امتدت على قارات العالم القديم الثلاث. ومنذ استقلال اليونان وهي تلعب دوراً عدائياً بالغاً ضد الدولة العثمانية في شبه جزيرة البلقان، بما في ذلك مشاركتها في حرب البلقان القاسية وباهظة التكاليف قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى بثلاث سنوات. ولأن المسلمين، أتراكاً ومن أبناء البلاد الأصليين، كانوا جزءاً لا يتجزأ من الحياة البلقانية، فقد أصبحوا، تهجيراً وقتلاً، هدف سلسلة التراجعات المستمرة التي فرضت على الحكم العثماني منذ الثورة اليونانية. وبعد أن كان المسلمون نصف تعداد سكان البلقان، تحولوا اليوم إلى بقايا مجتمعات من الأقليات الصغيرة والمعزولة. في نهاية الحرب الأولى، وما أن وقعت الدولة العثمانية الاعتراف بالهزيمة في اتفاقية ، حتى بدأت اليونان، بتشجيع من حكومة لويد جورج البريطانية، الاستعداد لغزو الأناضول والسيطرة على المنطقة الغربية منه، تحت راية إعادة بناء اليونان الكبرى. الاحتلال اليوناني للأناضول، إلى جانب تقسيم ما تبقى من الدولة العثمانية إلى مناطق نفوذ بين الحلفاء، كان القوة الدافعة لانطلاق حرب الاستقلال التركية، التي انتهت بطرد القوى الأجنبية وإعلان الجمهورية التركية تحت قيادة مصطفى كمال. ولكن حرب الاستقلال لم تنته بدون مأساة أخرى أضيفت إلى سلسلة مآسي العلاقات التركية - اليونانية، عندما انطلقت حركة تبادل هائلة للسكان بين البلدين، اقتلعت ملايين المسيحيين ذوي الأصول البيزنطية من الأناضول وملايين المسلمين من البلقان اليوناني والجزر اليونانية في المتوسط.

لهذه، ولأسباب أخرى لا تقل أهمية، تعتبر زيارة إردوغان لأثينا خطوة تاريخية، لم يكن أحد ليتوقعها قبل سنين قليلة فقط. رئيس وزراء الجمهورية التي قامت على رماد حرب الاستقلال المريرة ضد القوات اليونانية، يصل إلى اليونان ليفتح صفحة جديدة، ويوقع عدداً من الاتفاقيات الاستراتيجية التي تقيم العلاقات بين البلدين على أسس ثابتة ومستديمة. ثمة مكاسب استراتيجية يمكن أن تحققها تركيا من مثل هذه الخطوة فيما يتعلق بوضعها الأوروبي. هذا أمر لا يمكن تجاهله. ولكن مكاسب اليونان المتوقعة لا تقل عن مكاسب تركيا. ولذا، فقد استقبل رئيس الحكومة التركية استقبالاً حافلاً في أثينا، في تعبير عن رغبة يونانية لا تقل عن نظيرتها التركية في تجاوز أعباء التاريخ وإطلاق بداية جديدة للعلاقات بين البلدين المتجاورين في البلقان وفي حوض المتوسط. ولعل حكمة وجسارة إردوغان لا يوازيها على هذا الصعيد سوى حكمة وجسارة باباندريو، رئيس الحكومة اليونانية. ولأن اليونان تعاني واحدة من أكبر الأزمات الاقتصادية/ المالية في عالم اليوم، بل ويكاد انهيارها الاقتصادي يجر معه عدداً من دول أوروبا الأخرى، وكل منظومة اليورو، فقد حمل إردوغان معه رسالة تضامن مع اليونانيين، وعشرات رجال الأعمال الأتراك الراغبين في الاستثمار وتعزيز التبادل التجاري والاقتصادي.

بالنظر إلى الصورة التي رسمت لإردوغان وحكومته داخل تركيا وخارجها، لم يكن من المفترض أن يكون إردوغان هو من يأخذ هذه المبادرة.

يعرف الحزب الذي يقوده إردوغان عادة بجذوره الإسلامية، ويوصف تكراراً بحامل التوجهات العثمانية الجديدة، ولم تتوقف بعد التساؤلات حول ما إن كانت حكومته تسحب تركيا بعيداً عن الفضاء الأوروبي والعلاقات الغربية التقليدية نحو الجوار العربي والإسلامي.

مثل هذا الرئيس للحكومة التركية ما كان له أن يقفز فوق الميراث ثقيل الوطأة للعلاقات اليونانية التركية (العثمانية)، وملايين الأسر التركية اليوم تعود في جذورها إلى البلقان وجزر المتوسط، ولم تغادر ذاكرتها بعد سرديات الطرد والقتل والتهجير.

من جهة أخرى، خاض أردوغان، خلال الأسابيع القليلة الماضية، على صعيد الإصلاح الداخلي معركة برلمانية كبيرة من أجل تمرير حزمة لتعديل عدد ملموس من مواد الدستور التركي. الدستور، الذي وضع في ظل نظام الانقلاب العسكري في 1982، ظل طوال العقود الثلاثة الماضية القلعة الصلبة للطبقة الكمالية الحاكمة طوال العهد الجمهوري، والتي عززت سيطرتها على الحكم منذ الانقلاب الأول في 1960 بثقل المؤسسة العسكرية ودورها المعلن والخفي في تقرير شؤون البلاد. ليس ثمة ديمقراطية واحدة يوفر دستورها لجهاز الدولة، ولمؤسستيها القضائية والعسكرية، مثل السيطرة التي يوفرها الدستور التركي على الشعب، على تياراته السياسية المعارضة، على الأحزاب التي تخرج عن قواعد لعبة الحكم التقليدية، وعلى النقابات العمالية والهيئات المدنية، بما في ذلك حماية العسكريين الانقلابيين من قانون البلاد. ولأن الدستور يقف حائطاً صلباً أمام تحول تركيا إلى دولة ديمقراطية حقيقة، فقد وعد حزب العدالة والتنمية الشعب أثناء حملة 2007 الانتخابية بدستور جديد، يقطع نهائياً مع الميراث الانقلابي العسكري.

بيد أن قوى المعارضة، وحزب الشعب الجمهوري على وجه الخصوص، أجهضت المشاورات لوضع الدستور الجديد، التي وصلت في العام الماضي إلى مراحلها الأخيرة. المخرج الوحيد الذي تبقى أمام حكومة إردوغان كان إجراء تعديلات جزئية على الدستور، لاسيما المواد الأكثر إشكالية منه، بما في ذلك تعديل بنية مجلس القضاء الأعلى، والمحكمة الدستورية، ووضع نهاية لسلطة القضاء في حل الأحزاب.

والمدهش أن الجدل الذي أطلقته القوى المعارضة حول التعديلات الثلاثة الرئيسية يغفل أكثر من عشرين تعديلا آخر في الحزمة المقترحة، تعزز وضع المرأة التركية، توفر المزيد من الحقوق للنقابات العمالية والمهنية وللنقابيين، وتحمي حقوق المواطن المدنية. بأكثريته البسيطة في البرلمان التركي، لم يستطع العدالة والتنمية تمرير التعديلات المقترحة في قاعة البرلمان، حيث يتطلب التعديل الدستوري أكثر من ثلثي الأصوات وليس مجرد الأكثرية. ما استطاعه هو تمرير كل بنود الحزمة، ما عدا البند المتعلق بحل الأحزاب، للاستفتاء الشعبي. ولكن الاستفتاء يقف الآن أمام عقبات جديدة من القوى المعارضة.

في كلتا الحالتين، ملف العلاقات التركية - اليونانية والإصلاح الدستوري الداخلي، تواجه سياسة العدالة والتنمية معارضة داخلية هائلة، ليس بالمعنى الديمقراطي التقليدي للمعارضة، التي تأخذ في الاعتبار حسابات الأقلية والأكثرية وتوجهات الرأي العام، بل معارضة بالمعنى الاستقطابي، المعطل، وانقلابي التوجه، الذي يستهدف إصابة الحكومة المنتخبة بالشلل والعجز عن القيام بمسؤوليات الحكم.

لا تواجه المبادرة نحو اليونان معارضة من حزب الشعب الجمهوري والحزب القومي واتهامات للحكومة بالتفريط في المصالح القومية وحسب، بل وبينما كانت طائرة رئيس الحكومة التركية تحط في مطار اثينا، حرص أصدقاء المعارضة التركية في الجيش على إطلاق نفاثات سلاح الجو التركي في سماء بحر إيجه، في طلعة استفزازية للجار اليوناني. وفي اليوم الذي بدأ فيه إردوغان زيارته لليونان، كان حزب الشعب الجمهوري يتقدم بطعن أمام المحكمة الدستورية في العاصمة أنقرة، يستهدف منع الحكومة من إجراء الاستفتاء على حزمة التعديلات الدستورية.

في تركيا، كما في عدد آخر من بلدان المشرق، تتبنى القوى التقليدية، المحافظة، الإسلامية، سمها ما شئت، برنامج التغيير والتجرؤ على الانقلاب الوضع الراهن أو إصلاحه، تقف إلى جانب الحريات والقوى المدنية، وتعمل من أجل بناء نظام حكم تعددي، حقيقي، يرجح كفة المجتمع ويضعف من قبضة الدولة. وفي المقابل، تقف الطبقات الحاكمة التقليدية، التي طالما قدمت نفسها باعتبارها الحارس لقيم العلمنة والتقدم وتحرر المجتمع والدولة من قيود الموروث. إن استخدمنا مصطلح الثقافة السياسية الغربية السائدة، تحمل قوى يمين الوسط برنامجاً تقدمياً، بينما تعمل قوى يسار الوسط على تكريس الأوضاع الراهنة. وهذه، على أية حال، سمة أخرى من سمات الافتراق بين السياسة في المشرق العربي الإسلامي والسياسة في المتروبولات الغربية. المدهش، في العديد من الحالات، أن العواصم الغربية تقف إلى جانب القوى والطبقات المناهضة لقيم الحرية والديمقراطية وحقوق المواطنة المدنية، التي طالما اعتبرتها العواصم الغربية قيماً عالمية شاملة.

' كاتب وباحث عربي في التاريخ الحديث

=========================

أوروبا المريضة

أسامة الشريف

 الدستور

5/20/2010

تواجه اوروبا الموحدة اعظم تحد في تاريخها المعاصر ، واذا ما فشلت جهود وزراء المال والمفوضية الاوروبية والبنك المركزي الاوروبي في انقاذ منطقة اليورو من متوالية أزمات اقتصادية فان هواجس فشل المشروع الاوروبي ستبدو حقيقية اكثر من أي وقت مضى.

التراجيديا اليونانية ، كما وصفها الاقتصادي المعروف جوزف ستغلتز ، وضعت عملة اليورو على المحك ، فانقاذ اليونان المفلس يتطلب اكثر من تقديم قروض طارئة وفرض برنامج تقشفي قد يؤدي الى اضطرابات اجتماعية وسياسية تدخل اليونانيين في نفق مظلم لا نهاية له. ولأن مشاكل المديونية والبطالة والعجز تتجاوز حدود اليونان ، ما يسمى بانتقال العدوى ، وتشمل دولا كاسبانيا والبرتغال وايرلندة وايطاليا ، فان عبء الانقاذ ومداواة الجراح يقع على كاهل الدول الغنية مثل المانيا والى حد ما فرنسا ، ما يثير حفيظة دافعي الضرائب هناك الذين يرفضون تحمل اخطاء الآخرين ودفع فاتورة العلاج الباهظة.

انتهى الحفل الاوروبي الكبير وانفض السامر واكتشف الاوروبيون ان كلفة الوحدة اكبر بكثير من ارباحها ، فتبعات الأزمة المالية الكبرى لا تزال بين ظهرانينا ، واجراءات التقشف وضبط الانفاق المطلوبة قد تلقي بظلالها على وعود التعافي وعودة النمو. واوروبا ليست سوقا صغيرة أو لاعبا مغمورا في الاقتصاد العالمي ، وتعثرها يعني انتكاس اقتصاد الصين واميركا والعودة الى الركود وعدم اليقين.

امام اوروبا خيارات صعبة وهي تذود عن عملة اليورو وتحاول منع انتقال عدوى الاثينيين الى باقي العواصم. الواضح ان تجربة اليورو تواجه امتحانا قد ينتهي اما باخراج اليونان من نطاق العملة الموحدة وتركها لمصيرها ، او بانسحاب المانيا من عملة اليورو وتركه لقدره ، او باعادة تعريف منطقة اليورو وتقسيم اوروبا الى كانتونات نقدية. ويقترح ستيغلتز فرض اصلاحات نقدية صارمة ، وهو ما يبدو ان المانيا قد اتجهت اليه عندما قررت منع عمليات المضاربة بالبيع على المكشوف فيما يخص سندات الخزينة باليورو واسهم البنوك الكبرى ، ما اخرج المضاربين من الحلبة ودفع باليورو الى الانخفاض جراء عمليات البيع المتتالية ، لكنه قد يعيد التوازن للعملة الاوروبية على المدى المتوسط.

ما يحدث لاوروبا ولليورو لا يخص القارة العجوز ، كما يصفها البعض ، وحدها وانما هي فرصة لدول واقتصادات اخرى لاستلهام دروس وعبر. عنوان المشكلة في الحلقة الثانية من مسلسل الازمة المالية العالمية هو المديونية ، او ما يطلق عليه البعض اليوم معضلة عولمة الدين. الكل مدين للآخر ، وامريكا مدينة بتريليونات الدولارات للعالم ، وقوة عملتها اليوم ليست مؤشرا على ديمومة أو انتصار الدولار الاخضر ، والحلقة الثالثة من مسلسل الأزمات قد تطال عملة العم سام ايضا.

المتشائمون من مستقبل الرأسمالية والعولمة الاقتصادية وتخبط الاسواق المالية المبني على المضاربة لا على الاستثمار الحقيقي ، يعتقدون بأن كل العملات ستتعرض لهزات خطيرة وان الملاذ الآمن سيكون الذهب الذي قد يصل سعر الاونصة منه الى الفي دولار مع نهاية العام وربما الى خمسة آلاف دولار بحلول ,2012 اما المتفائلون ، وهم قلة ، فيراهنون على مرونة النظام الرأسمالي وقدرته على اجتراح الحلول رغم التحديات والتغيرات.

اما نحن في الدول النامية التي تتقدم خطوة وتتراجع خطوتين ، فمصيرنا ان نحارب ، على عدة جبهات ، اشباح المديونية والعجز والبطالة وتراجع الانفاق العام والفساد والغلاء وفشل الدولة في تقديم الخدمات العامة وجفاف سيل المساعدات الاجنبية وصعوبة الاقتراض ، واثر كل ذلك على الأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي. عندما تعطس اوروبا فان على جيرانها ، ونحن منهم ، ان يحتاطوا من الانفلونزا وغيرها من أمراض العولمة وآثامها،.

=========================

مستقبل العلاقة بين لندن وواشنطن

مارك إيه. تيسن (زميل معهد «أميركان إنتربرايز»)

واشنطن بوست الاميركية

الرأي الاردنية

5/20/2010

بعد رؤيتهم لتدهور العلاقات بين بريطانيا والولايات المتحدة خلال الأشهر السبعة عشر الأخيرة، يأمل العديد من الأميركيين اليوم في حدوث تغير إيجابي في عهد رئيس الوزراء البريطاني الجديد ديفيد كاميرون؛ غير أن خطابا ألقاه زعيم «المحافظين» قبل أربع سنوات يشير إلى أنهم سيصابون بخيبة أمل كبرى. ثم إن كاميرون وأوباما يشتركان في أمور كثيرة، وهذا يعني أن العلاقة المتميزة باتت في ورطة كبيرة.

في 2006، ألقى كاميرون ما يرقى إلى إعلان استقلال عن أميركا وهجوم شرس على سياسة الولايات المتحدة الخارجية (بدعوى انتقاد «تيار المحافظين الجدد»، الذي قال إنه طغى على سياسات أميركا منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر). واستهل كاميرون خطابه برفض مشاعر معاداة أميركا التي قال إنها «تمثل استسلاماً أخلاقياً وثقافياً»؛ ولكنه سرعان ما راح يهاجم مقاربة واشنطن للأمن القومي، واصفاً إياها ب»غير الواقعية والتبسيطية»، وتحركها «التصريحات السهلة» ويعوزها «التواضع والصبر»، حيث يدفع تيار «المحافظين الجدد»، يقول كاميرون، ب»رأي لا يرى في العالم سوى النور والظلام».

كما انتقد رد أميركا على هجمات الحادي عشر من سبتمبر، مجادلًا بأنه «عبر القول بوجود مصدر واحد للإرهاب – جهاد عالٍ–ومواجهته بواسطة رد عالمي وحيد (القوة)، فإننا بذلك إنما نقوم فقط بتحقيق نبوءاتنا»، مضيفاً أن هذه المقاربة «يمكن أن تُحدث تأثيراً معاكساً للتأثير المقصود بسهولة: جعل الإرهابيين أكثر جاذبية للناس». بعبارة أخرى، إن رد أميركا المبالغ فيه على هجمات الحادي عشر من سبتمبر ساعد على تجنيد الإرهابيين وغذى الجهاد العالمي، وهذا عموماً هو انتقاد أوباما لمقاربة إدارة بوش تجاه الإرهاب.

كما رسم «كاميرون» ملامح رؤيته ل»عالم ما بعد تيار المحافظين الجدد»، رؤية تبدو مشابهة كثيراً لرؤية أوباما، حيث دعا إلى «تركيز جديد على التعددية»، مضيفاً: «لقد وجدنا خلال السنوات الأخيرة أنه إذا كان باستطاعة بلد التصرف بمفرده، فإنه لا يستطيع دائماً النجاح بمفرده». واستشهد باثنين من أبرز منتقدي بوش – تشاك هاجل سيناتور «جمهوري» عن ولاية نبراسكا وجو بايدن سيناتور «ديمقراطي» عن ولاية ديلاوير، فهاجم ما يوصف بأحادية أميركا، وانتقد معتقل جوانتانامو و»فترات الاعتقال الطويلة من دون محاكمة»، مشدداً على أن «المهمة الأخلاقية تتطلب طرقاً أخلاقية. ومن دونها، فإننا نغدو مجرد مشعلين للحروب». وعن جهود أميركا الرامية لتشجيع الديمقراطية في الشرق الأوسط قال «كاميرون»: «إن الحرية تنمو وتنطلق من الأرض، إذ لا يمكن إسقاطها من الجو بواسطة طائرات من دون طيار». كما أوضح أنه من هنا فصاعداً ينبغي أن نعمل عبر «الأمم المتحدة التي تمنح الشرعية للتحركات متعددة الأطراف».

ولكن اللافت بشأن خطاب «كاميرون» ليس جرأته فقط، وإنما توقيته. ذلك أن كاميرون اختار شن هذا الهجوم على أهم حلفاء بريطانيا في الحادي عشر من سبتمبر 2006 – الذي صادف الذكرى الخامسة لأسوأ هجوم على التراب الأميركي. والحال أن الأمر يشبه شن سياسي أميركي هجوماً لاذعاً على رد بريطانيا على الاعتداء النازي في ذكرى «العاصفة الثلجية»، (الضربات الجوية الألمانية على بريطانيا إبان الحرب العالمية الثانية). والواقع أنه حتى الأشخاص الذين قد يتفقون مع مضمون ما قاله «كاميرون» ينبغي أن يعترفوا بأن إلقاءه الخطاب في الحادي عشر من سبتمبر، كان عملاً فظاً، ولا ينم عن الاحترام تجاه هذا البلد.

في ذلك الخطاب، أثنى «كاميرون» بعض الشيء على العلاقة المتميزة التي تجمع البلدين، ولكنه سرعان ما أعلن أنه تحت زعامته لن تظل بريطانيا «شريكاً لأميركا من دون قيد أو شرط في كل الأمور»، مضيفاً «ينبغي أن نكون أقوياء، وليس تابعين». والأسبوع الماضي كرر «ويليام هيج»، وزير الخارجية البريطاني الجديد، هذه الفكرة. لاحظ هنا استعمال كلمة «تابع»، إنها الكلمة نفسها التي استعملها حليف «كاميرون» الجديد زعيم «الديمقراطيين الأحرار» نيكولاس كليج، الذي قال في خطاب له أثناء الحملة الانتخابية الشهر الماضي: «أعتقد أنها محرجة أحياناً الطريقة التي يتحدث بها السياسيون «المحافظون» و»العماليون» بهذا النوع من التبعية حول العلاقة المتميزة»، مضيفاً «إنهم يتقدمون إلى الأمام. فلماذا لا نفعل أيضاً؟». وكليج اليوم هو نائب رئيس الوزراء الذي يحمل مفاتيح السلطة في أول حكومة ائتلافية في بريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية.

ماذا يعنيه كل هذا بالنسبة للعلاقة البريطانية الأميركية؟ خطاب كاميرون يشير إلى أن الرئيس الأميركي الليبرالي سيحب رئيس الوزراء الجديد أكثر بكثير مما فعل «براون»، لكن المشكلة هي أن أساس أي شراكة بين كاميرون وأوباما، هي رؤية مشتركة ترى أن علاقاتنا ليست مهمة جداً أن أمن العالم لا يقوم على قوة التحالف التاريخي بين «الشعوب المتحدثة بالانجليزية»، وإنما على «تركيز جديد على التعددية» وتنسيق أكبر من خلال الأمم المتحدة.

إننا نعلم أن «وينستون تشرشل»، هو الذي انتصر لفكرة إنشاء الأمم المتحدة؛ غير أن تشرشل قال أيضاً في خطاب ألقاه في «فالتون» بولاية ميسوري في 1946 محذراً: «لا الوقاية الأكيدة من الحرب، ولا الصعود المستمر لمنظمة عالمية سيتحقق من دون ما أسميه الشراكة الأخوية التي تجمع الشعوب الناطقة بالانجليزية... علاقة خاصة بين دول الكومنولث والامبراطورية البريطانية والولايات المتحدة». واللافت أنه من بين الأعمال الأولى التي قام بها أوباما كرئيس للولايات المتحدة، هو إعادة تمثال نصفي لتشرشل كان يزين المكتب البيضاوي خلال السنوات الثماني الماضية – كان معاراً كرمز لتلك العلاقة المتميزة–غير أنه أمر جيد ربما أن السير تشرشل لم يبق في المكتب البيضاوي حتى يشهد انحلال وتفكك هذه العلاقة.

=========================

السلام العادل أو انفجار العنف!!

إبراهيم العبسي

Ibrahim.absi@yahoo.com

الرأي الاردنية

5/20/2010

«انا لا افهم الى اين يسير نتنياهو، وماذا يريد،والى اين يسوقنا معه، نحن لا يمكننا ان نقبل جر الارجل» هذا الكلام الغاضب قاله الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي وهو في قمة الغضب والتوتر، وبحضور رئيس دولة اسرائيل شيمعون بيرس الذي حاول ان يمتص غضب ساركوزي الذي يعتبر من اشد المؤيدين لاسرائيل.

 

وكان نتنياهو قبل ذلك قد تسبب في توتير علاقته بالرئيس الاميركي باراك اوباما حينما طالبه هذا الاخير بتجميد الاستيطان استعدادا لبدء المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، ولكنه رفض مطلب اوباما وتسبب في حرج كبير لرئيس اقوى دولة في العالم على الاطلاق.

 

وكذلك فعل مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل عندما طالبته بالاستجابة لمتطلبات السلام. حتى رئيس وزراء ايطاليا سيلفيو بيرلسكوني اكثر المتحمسين والمؤيدين لاسرائيل بات يجد صعوبة بالغة في مواصلة دعمه السياسي والاقتصادي لاسرائيل بسبب مواقف نتنياهو المتشددة والمتعنتة تجاه عملية السلام ،فعندما القى بيرلسكوني خطابه اثناء انعقاد القمة العربية في ليبيا حمل نتنياهو مسؤولية الجمود التي تواجه عملية السلام.

 

ولا ادري كيف غاب عن هؤلاء الرؤساء الذين نعترف بانه اول كلام مفيد قيل في القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ان نتنياهو رجل غامض ومراوغ ومخادع ، اذ حتى هذه اللحظة ومع انه يتحدث عن السلام ورغبته في تحقيق سلامه هو، وسلام المتطرفين في اسرائيل، لم يقل لنا ولا للعالم ما هي خطته السياسية التي يمكن ان تصل بنا وبالعالم الى السلام رغم الضغوط الهائلة التي تحاول ان تستنطقه وتعرف شيئا من نواياه.

 

لقد افصح نتنياهو عن شيء واحد فقط، ويبدو انه كان تحته تأثير عنصريته الرهيبة وما افصح عنه هو خطته لتهجير الفلسطينيين من بلادهم على دفعات ، كل الفلسطينيين وليس اهالي الضفة الغربية فقط بل الفلسطينيون الذين يعيشون تحت حكم اسرائيل منذ عام 48ايضا ،تحقيقا لايدولوجيته العنصرية في التطهير العرقي وحتى تصبح فلسطين وطنا خالصا لليهود فقط» يهودية اسرائيل» هذ ما يشغل بال نتنياهو ولا ينشغل بأي شىء اّّّّخر. وما احاديثه عن السلام والمفاوضات الا مجرد مراوغة وخداع كما قلنا.

 

ساركوزي واوباما ميركل وبيرلسكوني وغيرهم من زعماء الغرب والشرق، مطالبون بقوة القرارات الدولية وارغام اسرائيل على الاستجابة لمتطلبات السلام وقرارات المنظمة الدولية وعلى راسها مجلس الامن، قبل ان يفرض نتنياهو واقعا جديدا يزيد الامور تعقيدا ويصعب معه ايجاد الحلول التي تلبي مطالب الفلسطينيين، وعندئذ سينفجر الصراع من جديد في المنطقة وعلى نحو اكثر عنفا وتطرفا.

=========================

سوريا ولبنان بين حريريتين

ميخائيل عوض

السفير

5/20/2010

ثنائية «المقاومة بالاعمار والمقاومة بالسلاح» عرض أسس لقيام حكومة الوحدة الوطنية، وحلم يراود الساعون لاستعادة مجد الحريرية الأولى بواحدة من خاصياتها الدور السوري في خدمة الحريرية، ونهجها، بتوافقات إقليمية ودولية، وبتقاسم وظيفي.

وافترض آخرون أن العودة الحريرية إلى البيت السوري السعودي تعيد إنتاج التجربة في صالح الابن الذي حررته الضغوط الدولية واغتيال الأب، من الوجود السوري المباشر ومثالبه.

ولدت تجربة الأب في مرحلة المد القومي، ورحم الحرب الأهلية. بدأ حياته قوميا، فقيرا فأثمر كفاحه ثروة هائلة، وشخصية محنكة صارت حلما، وأملا. أما الابن، فولد وفي جيبه بضعة مليارات من الدولارات، وشب في كنف الشيوخ وبهرجة الحياة.

هندس الأب اتفاق الطائف فحكم به، ويأتي الابن بعد اتفاق الدوحة مضطرا لتلبية شروطه.

صعد الأب مع الشرق الأوسط الجديد، والمنطقة في عاصفة الليبرالية العاتية عالميا وقطار التسوية بأقصى سرعته بقيادة الثنائي المصري السعودي، بينما أتى الابن والتسوية معطوبة، والسيطرة السعودية المصرية على المنطقة، تذوي، على تقدم حقبة قمة المقاومة في دمشق متضافرة مع «اردوغان العرب»، تخل بتوازن النظام الرسمي العربي والإقليم وتفتحه على حقبة أخرى..

جاء الأب في لحظة إقلاع أمركة العالم تحرك أطرافه على هواها، بينما الابن يعتلي وأميركا تغير لونها واستراتيجياتها، وتعاني من أزمات حادة بنتيجة استنفاد عزمها وضمور قدراتها وإخفاقات أسقطت تفردها لصالح عالم اللاقطبية..

جاء الأب وسوريا محاصرة، فقدم نفسه وزيرا لخارجية حافظ الأسد يفتح له بوابات أوروبا ويحنن الأميركيين والعرب، وكانت إيران مشغولة بالتعافي من الحرب العراقية، متمهلة في نهضتها، متعارضة في توازناتها الداخلية، ومع البيئة الإقليمية والدولية. ويأتي الابن وإيران قوة نووية وفضائية وشريكة حاسمة في المنطقة وملفاتها، وسوريا ظافرة في حروب إسقاطها، فصارت شريكا في تغيير مسلك إسرائيل أو تغيير نظامها.

والحال اللبنانية، مع المقاومة، وبين سوريا ولبنان، تغير الزمن، ولكل زمن دولة ورجال.

كان الاقتصاد مدمرا، وبيروت ركاما، والدين لا يجاوز 1650$، والواردات صفرية، والليرة في انهيار، والناس يقبلون العيش كيفما اتفق، والدولة دويلات، وكان القوم منهكين لشدة ما احتربوا، يناجون «الحاج خلاص»...

الأمن بالقوة المستعارة، واليد السورية ثقيلة في توزيع الأدوار، تقبض على الجمر كأهون الشرور، وللوالد فيها خلان، مفوضون بإدارة الملف اللبناني تبدد أثرهم..

ذاك زمن وهذا زمن. فالدين يلامس 55 مليار دولار، والجبايات استنزفت المدخرات، لا يقوى المجتمع على تحمل أعباء جديدة، ناهيك بالكهرباء والماء والخدمات المهددة، إلى إلغاء الضمان الاجتماعي وتقديماته، والشكوك تطاول إمكان عقد باريس 4 في ظل أزمة اقتصادية كونية تهدد أميركا بضربة ثانية، وتهز وحدة الاتحاد الأوروبي ومكانة دوله وعملته.

حال الناس وآمالهم غير التي كانت، والقوة المولجة ضبط التوازنات المحلية صارت محكومة بالتركيبة، وقدراتها محصورة بفرض الأمن بالتراضي، ومضغوطة بتمويل، وتسليح أميركيين ملزمين بالانتقال إلى العمل ضد المقاومة التي أنجزت انتصارات كبيرة تفيض عن قدرة لبنان على الاستثمار فيها، وسلاحها وجمهورها أكثر ثقة، والحسم عند الحاجة..

عناصر التمويل الخارجي للازمة، والودائع القطرية والسعودية والكويتية، ومليارات الديون، تضمحل باستثناء نفقات الانتخابات، لهدف ملزم، وضعه موضع التطبيق يشعل بيادر الطوائف القابل للالتهاب بنفط تحلق أسعاره وبغياب التدخلات العسكرية الخارجية التي استنزفت ليصبح أمر الحسم في ميزان القوى الداخلي «أحداث أيار 2008»

في البيئة الجديدة عناصر إضافية:

الاستعصاء سيد الحال في المبادرات الأميركية العربية والخلاف يتعمق بسبب طبيعة وطابع إسرائيل وإدارتها وحلف الاعتدال العربي في خبر كان.

التحالف السوري الإيراني تزداد قدرته على رد الصاع، وعلى طاولة التفاوض: العراق، ولبنان وفلسطين وأفغانستان، وتركيا تغيرت، وانفرطت باكستان وهزمت إثيوبيا، والأزمة تتقاطر في الأردن ومصر..

أميركا وأوروبا والسعودية تخطب ود سوريا، وتبحث عن فرص مع إيران لاحتوائها وضبط طموحاتها..

المحكمة الدولية أبرأت سوريا، ومحاولة تحوير الهدف باتجاه المقاومة محفوف بمخاطر ليس اقلها عاصفة تغير في دور وبنية نظام لبنان، إن أبقته على قيد الحياة.

اتسع مشروع الأب للجميع، فجمع حوله المستشارين والنواب والإعلاميين من كل الأطياف ومن أوسع قاعدة تتعارض ولاءاتها وخطابها. سياسة أمنت له الإمساك بالزمام، جعلته فوق الصراعات، وحلفاؤه في سوريا قادرون على تمهيد الطرق الوعرة، وكسر قوى الاعتراض بالحسنى حينا، وبالعقاب أحيانا، بينما الابن مشكوك بقدرته. وبالمقارنة مع الأب يتسع شق الشك، وصالونه لا يتسع إلا لبضعة متخندقة حديا، ما زالت في التزاماتها على تخوم ما قبل حرب تموز، وقبل أزمة أيار.

الأب ناجح في إيجاد مساحات للتسويات والتعايش مع المشاكسين والمحاصصين والمطالبين الشرهين.. بينما الحال مختلفة مع الابن بعد الانتخابات، وصعود القوى المسيحية الشريكة الباحثة عن شراكة في السلطة تعزز الحضور وتقطف الأثمان لحسم التمثيل المسيحي، يعجزها الانفتاح على سوريا وسحب التهم ضدها، واثر المتغيرات الحاكمات مع كتلة جنبلاط وشخصيته واحتلاله دور الوزنة الحاسمة في تقرير الاكثريات والسياسات والموقف من «الجنس العاطل» و«الانعزال» و«لبنان أولا».

هذه وتلك بعض من أحداث ومواقع وادوار، وظروف تغيرت، فهل ينجح الابن بالبناء على الموروث وحده؟؟ وهل تتكرر التجربة مرتين على نفس الأهمية والقيمة في ظروف تغيرت وتبدلت ريحها...

من يذهب إلى سوريا، أو يسعَ إليها طالبا تفويضا، أو ضغوطا، أو تيسيرا، لمشروعه، وتحقيقا لمصالحه الذاتية، أكان حليفا، أو عائدا، أو قاصدا، مناورا أو صادقا، فليبحث عن مبتغاه، هنا، وليبن قوته، وليعتمد خياراته واضحة صريحة بلا مناورة أو مداورة، أو تلكؤ بانتظار ما سيكون. فالكائن  والذي سيكون  يضع الغلة في بيدر سوريا وحلفائها المفوضين بإدارة الملف، بما يعزز عزيمة المقاومة وخيار حلفها في الإصلاح والتغيير، واقرب الشواهد لمن لم يستوعب بعد مسارات مصالحة جنبلاط، وزياراته ..

=========================

النفوس العظيمة وحدها تعرف كيف تسامح

بقلم :لبنى الخميس

البيان

5/20/2010

العفو والصفح عمل تفرح له السماء قبل الأرض، والتسامح والغفران قيم سامية وراقية حثت عليها جميع الأديان والحضارات، وقد حثنا الإسلام بشكل خاص على التسامح بكافة أشكاله، والعفو بجميع صوره. على تلك القيم تربينا.. وهذا ما لقنونا إياه في المدرسة وفي الحياة حين كنا صغارا، فعلمونا أن نسامح المخطئ ونتجاوز عنه، وأن الله يرحم ويغفر، فلماذا يتكبر البشر؟

 

مرت الأيام والسنوات وكبرنا وزادت تجاربنا وتوسعت مداركنا وآفاقنا، وأصبحت نظرتنا أشمل وذات طابع يحمل الشك وافتراض الخطأ، بدل الصواب في الآخرين. كبرنا واصطدمنا بالواقع، وأدركنا أن ما نشأنا وترعرعنا عليه من قيم جميلة وحميدة، لم يعد صالحاً للزمن الذي نعيش فيه، ومن أجمل وأعمق بل وأهم ما فقدناه من قيم رغماً عنا، قيمة التسامح وثقافة التجاوز والعفو، ففي كل يوم تزيد القضايا والمشاكل في البيوت وبين العائلات والناس، وقد تصل في أحيان كثيرة إلى أروقة المحاكم، لتزيد من تفشي مرض الحقد والضغينة في النفوس.

 

فهذه العائلة تحتضر أواصر الروابط بينها بسبب ميراث، وهذا يضرب صديقه ويدخله المستشفى ويخاصمه إلى الأبد، بسبب كلمة رماها في لحظة غضب، والزوج يطلق زوجته ويهدم بيته، لأنها لم تطع له أمراً! وقائمة القضايا والحكايات تطول.. تعددت الأسباب والفكر واحد، حتى إن التسامح الفكري لم يعد موجودا.. ومبدأ «إن لم تكن معي فأنت ضدي» أصبح رائجا، الفكر الإقصائي أصبح منتشرا، فالبعض يؤمن بأن من يخالفه في قناعاته وأفكاره وآرائه، هو عدو لدود له تجب مقاطعته.

 

للأسف أن الكثيرين يعتقدون اعتقادا جازما بأن الشخص الذي يسامح ويتجاوز، هو شخص ضعيف لا يستطيع أن يأخذ حقه، ولذلك نجد أننا نمثل على أنفسنا وعلى الناس أننا لا نقبل الخطأ ولا نسامح أبدا، لنوهم أنفسنا أننا أقوياء ولنا هيبة لا تتزعزع إطلاقا، حتى إن البعض يعلن بفخر واعتزاز أنه لا يسامح المخطئ مهما كان حجم خطئه، ويفضل أن يعاقب ويكره ويحقد على أن يغفر ويصفح! الكره والحقد أثقل مما نعتقد، ولهما تبعات مدمرة على الأمد القريب والبعيد، فهناك أمراض كثيرة تصيب الحاقد جراء حقده والمبغض بسبب بغضه.

 

ماذا حدث اليوم حتى قست قلوبنا ونزعت منها الرحمة؟ وما الذي يملأ نفوسنا بالحقد والقسوة يوما بعد يوم؟ ولماذا نرفض أن نسامح ونغفر، فنغرق في المشاكل ويفارقنا النوم وتباغتنا الأمراض التي تدمرنا؟

 

كم عائلة يجب أن تدمر.. وكم طفلاً يجب أن يشرد.. وكم عاماً مؤلماً آخر يجب أن يمر حتى نتنازل ونعفو ونعترف بأخطائنا إن كنا مخطئين.. ونسامح إن أخطأ أحد علينا؟!

 

لماذا انعدمت ثقافة التسامح والتصالح بيننا؟ ولماذا لا نغفر ما دمنا نحب؟ وإذا قابلنا الإساءة بالإساءة فمتى تنتهي الإساءة؟

 

أعتقد أنه حان الوقت كي ندرك أن الكره والحقد والرغبة في الانتقام أثقل مما نعتقد، وأكثر تدميرا مما نظن. كما أننا جميعا معرضون للخطأ، ولا أحد معصوم من الزلل، ونحن لا نعادي الأشخاص بل أخطاءهم. حان الوقت ليبدأ كل بنفسه.. وأن يسامح من أساء له أو اختلف معه. عليه أن يدرك أنه قد آن الأوان لنعيش بهدوء وراحة وطمأنينة، في زمن كثرت فيه الهموم والأوجاع، وأن نتوقف عن حصد المزيد من الخسارات النفسية والصحية والوقتية.

 

ختاماً أقول.. إن في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم علاجا ومنهاجا سليما، يكفل لنا العيش المريح والكريم في الدنيا والآخرة.. ففي قصصه مع من أساء إليه وعفا عنه خير أسوة، فقد عاداه وحاربه صناديد قريش، ومن كان يضمر له العداء والبغضاء والحقد الدفين، ولما نصره الله عليهم ومكنه جاؤوه خاضعين متذللين يجرون أذيال الخيبة والهزيمة، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما تظنون أني فاعل بكم؟}، قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم. فقال صلى الله عليه وسلم: {اذهبوا فأنتم الطلقاء}!

 

هذا الموقف يمثل قمة التسامح والعفو عند المقدرة، ويثبت أن النفوس الكبيرة والعظيمة وحدها تعرف كيف تسامح، وتعرف ما هي الراحة والعظمة التي تتبع السماح، ومن صفات المؤمنين الصالحين التي وصفهم الله تعالى بها ؟والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس؟، فأين نحن من هذا التوجيه الإلهي العظيم؟

نبض الضمير: «الشجرة لا تحجب ظلها حتى عن الحطاب».

كاتبة سعودي

=========================

هل مات اتفاق طهران قبل أن يولد ؟

علي حماده

النهار

5/20/2010

غداة الاعلان عن توقيع الاتفاق الثلاثي بين ايران وتركيا والبرازيل لتبادل الأورانيوم على الاراضي التركية، ساد اعتقاد ان طهران سددت ضربة موجعة الى الديبلوماسية الغربية ولا سيما منها الاميركية، برميها ورقة رابحة مربكة في اللحظات الاخيرة قبل وصول مشروع القرار الدولي بفرض عقوبات على ايران لعرقلة برنامجها النووي. فما من شك ان الايرانيين الذين احترفوا طويلا اللعب على حافة الهاوية خلال المواجهات الطويلة والقاسية، عللوا النفس بإمكان رمي الكرة في الملعب الآخر وارباكه، وتالياً تأجيل العقوبات الى اجل غير مسمى بفعل انفراط التحالف الدولي المعارض للبرنامج النووي الذي انضمت اليه روسيا الاتحادية قبل بضعة اشهر، والعودة الى المفاوضات الطويلة الامد من دون ان تفقد طهران زمام المبادرة، وخصوصا انها اعلنت بالتزامن مع اتفاق المبادلة الاستمرار في بناء مفاعلات، وانتاج الأورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة.

غير ان الحسابات الايرانية لم تتطابق تماما مع وقائع الساعات الاخيرة التي شهدت توافقا بين الخمسة الكبار في مجلس الامن زائد المانيا على طرح مشروع قرار بفرض عقوبات على الجمهورية الاسلامية تستهدف جميع المؤسسات التي هي على صلة بالبرنامج، فضلا عن انها تفتح من خلال احد بنودها باب الحصار من خلال فرض عمليات تفتيش على السفن التي يشتبه في أنها على صلة بالبرنامج النووي لجهة نقلها معدات محظورة.

واللافت هنا ان الخمسة الكبار في مجلس الامن + المانيا لم ينقسموا على رغم اتفاق طهران الذي تم بين ثلاث قوى اقليمية ناشئة هي: ايران، تركيا والبرازيل، بل على العكس جرى المضي قدمًا بالمشروع وقدم الى مجلس الامن الذي يرئسه لبنان حتى نهاية الشهر الجاري.

هذا التوافق الدولي ضرب زخم الاتفاق الثلاثي قبل ان ينطلق ويوسع دائرة التأييد حوله. وبرغم اهمية الدورين التركي والبرازيلي، وخصوصاً انهما عضوان غير دائمين في مجلس الامن، فإن وقوف الدول الخمس الدائمة + المانيا خلف مشروع قرار العقوبات سيضعف المظلة التي وفرتها كل من أنقرة وبرازيليا لهذا الاتفاق الذي يثير الكثير من الشكوك في أنه مجرد مناورة ايرانية لكسب مزيد من الوقت. ولا يغيب عن تقدير المراقبين ان اتفاق طهران شكل عملا استفزازيا للخمسة + 1 الكبار الذين سبق لهم ان قدموا العرض نفسه في ما يتعلق بالمبادلة وحدها وظلت ايران ترفضه حتى ليل الاثنين الماضي. اكثر من ذلك، شكل الاتفاق استفزازا لموسكو التي تطرح منذ اكثر من عامين على طهران الاتفاق عينه والاخيرة ترفض.

وهنا اسئلة عدة: أولا، هل ستتمكن القوى الكبرى من تأمين 9 اصوات او ما يزيد لإمرار مشروع القرار؟ وثانيا، ما حجم التعديلات التي ستطرأ على المشروع خلال مناقشته بين اعضاء المجلس؟

اما السؤال الاهم بالنسبة الى لبنان هو: هل سيعكس لبنان الموقف العربي المنقسم حيال طموحات ايران النووية والسياسية في تصويته، فيمتنع؟ ام ان الدولة اللبنانية ستقع مرة جديدة تحت أقدام الدويلة فيفرض عليها اصطفاف بقوة الابتزاز؟

=========================

لبنانيون يُعطِّلون تثبيت سفير اميركا في سوريا !

سركيس نعوم

النهار

5/20/2010

مسألة تعيين سفير جديد لاميركا في سوريا بدأت تتخذ منحى تصعيدياً في الكونغرس بمجلسيه بعدما عارض النواب والشيوخ الجمهوريون في لجنتيه للشؤون الخارجية قرار الرئيس باراك اوباما رفع مستوى التمثيل الديبلوماسي بين بلادهم وسوريا على مستوى السفير وذلك بعد نحو خمس سنوات من خفضه. وقد ظهر ذلك واضحاً بعد اقدام 12 سيناتوراً جمهورياً قبل ستة ايام على توجيه رسالة الى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون هددوا فيها بتعليق او عرقلة ايفاد السفير الاميركي المعين في دمشق روبيرت فورد لتسلم منصبه اذا لم يحصلوا على رد مقنع ومباشر منها عن التقارير والاتهامات لسوريا بتزويد "حزب الله" اسلحة متطورة من صواريخ "سكود".

اما سبب التصعيد كما اورده زميلنا من واشنطن هشام ملحم، فكان انزعاج "الشيوخ الجمهوريين من كلينتون لأنها لم تتعامل مع موقفهم بالجدية اللازمة الذي عبّروا عنه في رسالة اولى وجهوها اليها في شهر آذار الماضي. ذلك انها كلفت مساعداً لها الرد عليها بالابلاغ اليهم ان ارسال سفير اميركي الى دمشق ليس تنازلاً أو ضعفاً أو مكافأة لحكامها بل هو في مصلحة اميركا التي تحتاج الى التواصل معهم.

طبعاً لم تردّ كلينتون بعد على الرسالة الثانية. لكنها تدرس طريقة اخرى للرد تُرضي الشيوخ الجمهوريين المعترضين.

ما هي اسباب الموقف الجمهوري المتشدد من قرار اوباما ارسال سفير اميركي الى دمشق؟

يعزو متابعون للأوضاع السياسية الاميركية هذا الموقف الى النفوذ الذي تمتلكه قوى الضغط المؤيدة لاسرائيل في الكونغرس وخارجه. ويعزونه ايضاً الى ما تشعر به اسرائيل من انزعاج لتدفق السلاح على "حزب الله" عبر سوريا. ويعزونه ثالثاً الى حاجة الحزب الجمهوري في هذه المرحلة الى تأييد اليهود الاميركيين وحلفائهم اثناء اعادة بنائه لنفسه في اعقاب خسائره الكبيرة الرئاسية والتشريعية اواخر العام 2008 وخصوصاً بعدما ابتعد عنه مؤيدون كثر جراء سيطرة المحافظين الجدد" على مقدراته. ويعزونه رابعاً الى خوف قادة الحزب الجمهوري من نجاح اوباما في تجديد ولايته وتالياً الى قرار عندهم بالوقوف ضده تقريباً في كل شيء بغض النظر عن اثار ذلك على بلادهم.

هل من اسباب اخرى لموقف الجمهوريين المعرقل ارسال سفير اميركي جديد الى دمشق؟

يؤكد المتابعون الاميركيون انفسهم وجود سبب آخر غير اميركي هو اقدام جهة حزبية لبنانية لها تاريخ حافل من العداء مع سوريا بسبب خوفها من طموحاتها اللبنانية المزمنة ولها ايضاً "سفير" في واشنطن على تحريض الجمهوريين في الكونغرس على سوريا وعلى اقناعهم بأنها خطر ليس على لبنان فقط بل ايضاً على اميركا وحلفائها. وقد اعتمدت الجهة المذكورة للنجاح على اكتسابها قوة تأثير في الكونغرس حُرِمت منها عقوداً وعلى قرار الحزب الجمهوري التخلص من اوباما وحزبه.

اليس في "السبب اللبناني" المذكور اعلاه مبالغة ما؟ المبالغة، يجيب المتابعون ليست في المعلومة نفسها. ذلك انها صحيحة. لكن المبالغة من اميركيي الادارة تكمن في اعتبار تحرك الجهة اللبنانية المشار اليها حاسماً في الموقف "الجمهوري". علماً ان ذلك لا يعني على الاطلاق عدم تكوّن جو على مدى الاعوام الخمسة الماضية جمهوري وديموقراطي في اميركا وتحديداً داخل الكونغرس مؤيد للبنان. اما المبالغة الاكبر فهي الموجودة لدى الجهة اللبنانية المشار اليها. ذلك ان الرسائل الاعتراضية "الكونغرسية" قد تعطيها شعوراً بالثقة بالنفس، وبالموقف الاميركي مخالفاً للواقع والحقيقة. ومن شأن ذك ان يوقعها في خطأ التحليل والتقويم. وقد سبق ان وقعت في ذلك اكثر من مرة. وكذلك فعلت الجهات المعادية لها من لبنانية وغير لبنانية. والخطأ قد يجر الى استهداف، هو موجود اساساً. وقد يجر الى خلافات مع الحلفاء الذين "اضطرتهم" ظروفهم الاقليمية وتحوّل ميزان القوى الداخلي الى الانفتاح "غير المشروط" على سوريا. فضلاً عن ان لبنان يستفيد من علاقة اميركية – سورية متحسنة او جيدة، ولكنه لا يستفيد من علاقة سيئة، لأن اميركا ليست في وارد ضرب سوريا وتغيير نظامها كما ظهر واضحاً في السنوات "الجمهورية" الخمس الماضية. وفضلاً ايضاً عن ان استعداء ادارة اميركية قد تستمر 8 سنوات ليس في مصلحة لبنان ابداً. وقد تأكد اللبنانيون من ذلك، ومنهم الجهة "صاحبة الفضل" في رسالتي ال12 سيناتوراً اميركياً، عام 2004، وذلك عندما هبت اميركا الى مساعدتهم في وجه سوريا رغم انها كانت وعلى مدى 15 سنة مغطية عملياً دورها الواسع والمتنوع في لبنان.

=========================

إلى أين يمضون بالعالم؟!

الافتتاحية

الخميس 20-5-2010م

بقلم رئيس التحرير أسعد عبود

الثورة

لم تعلن الولايات المتحدة عن مشروع قرار بعقوبات جديدة على إيران حظي بموافقة 5+1, إلا غداة إعلان إيران وتركيا والبرازيل عن الاتفاق الثلاثي بينها، بشأن مبادلة اليورانيوم الإيراني المخصّب، بالوقود النووي على الأراضي التركية، فجاء الإعلان الأميركي كأنه ردة فعل.

علماً.. أن الولايات المتحدة لم تنف كلياً، وجود إيجابيات في الاتفاق.. إنما هي اتفقت في الرؤية مع إسرائيل بأن الأمر خدعة إيرانية!! ووصفت السيدة كلينتون الاتفاق بأنه محاولة «التملص» من الضغوط الدولية.‏‏

يقول وزير خارجية تركيا داوود أوغلو:‏‏

لا أعتقد أن ثمة مشكلة في نص الاتفاق، المشكلة أنها «الدول الست» لم تتوقع موافقة إيران.‏‏

ويضيف:‏‏

«رد فعلهم كان مرهوناً بتوقع أن تقول إيران دوماً: «لا».‏‏

في هذه الحالة لا تكون مشكلة الانتاج النووي الإيراني بالنسبة للغرب في احتمال استخدامه لصناعة السلاح.. بل هي – كما ذكرنا أمس – في أن تدخل إيران الصناعة النووية على هذا المستوى.‏‏

لقد توجهت تركيا والبرازيل إلى إيران بأسلوب حواري للوصول إلى نتيجة مرضية.. استطاعت أن تحققها.. ولاقت ترحيباً علنياً من فرنسا والصين.. وغير مباشر من روسيا حيث قال الرئيس ميدفيديف:‏‏

«إن هناك إيجابيات تحققت في اتفاق الرؤساء الثلاثة في طهران».‏‏

وكشف الرئيس الروسي عن الحاجة إلى فترة توقف قصيرة بشأن هذه المشكلة»‏‏

وتحدثت أكثر من جهة عن إيجابيات مما أوصل الانطباع للوهلة الأولى أن الاتفاق سيمضي قدماً إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.. ليبدأ الاستعداد لتنفيذه.‏‏

لكن.. هذا الانطباع لم يمنع كثيرين من توجيه آذان مصغية مستكشفة للولايات المتحدة، وما سيصدر عنها.. وبعد وقت قصير نسبياً أعلنت الولايات موقفها الرسمي بالترويج لمشروع قرار بالعقوبات على إيران.. أي موقف على طرف النقيض والرفض.‏‏

وطالما رفضته الولايات المتحدة، لن تكون طريق الاتفاق سالكة بسهولة.‏‏

لكن السؤال:‏‏

ماذا يعني ذلك؟!‏‏

أو مالذي يريدونه بالضبط.‏‏

إن الموقف الأميركي محبط لإيران وللبرازيل ولتركيا التي حذرت بلسان رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان إيران من عدم الإيفاء بالشروط المتفق عليها.. بما يعكس موقفاً معتدلاً يستهدف الوصول إلى حل.. وهو طالب مراراً بإبعاد أجواء العقوبات عن الجوار.. بل إن الموقف الأميركي محبط للعديد من الدول، ربما بينها دول ستقر العقوبات على إيران.‏‏

فما الذي ستجديه العقوبات؟!.‏‏

هل تريد الولايات المتحدة ومن معها.. الدفع بإيران للانسحاب من اتفاقية منع انتشار الأسلحة أو تخفيف تعاونها مع وكالة الطاقة الذرية؟!.‏‏

إيران لم تستبعد كثيراً مثل هذا الموقف.. بعد أن أظهرت من الهدوء والتريث أكثر من الولايات المتحدة ومن معها، الذين لم يقدموا حتى الآن ملاحظاتهم الدقيقة على الاتفاق.. فمادا يريدون بالعقوبات؟!‏‏

أخطر ما يمكن أن يحققوه أن تفقد أي من دول العالم الثالث، الثقة بمقدرتها على توضيح رؤيتها على شكل اتفاقات ومشاريع قرارات لحل المشكلات الدولية والإقليمية..‏‏

وعلى العالم أن يعرف. أن لا أحد له مصلحة في إنتاج سلاح نووي في إيران.. المصلحة العامة ألا يكون ثمة سلاح نووي في منطقتنا وفي العالم.. وأن يشمل ذلك إسرائيل بالتأكيد.‏‏

لقد وجهت تركيا والبرازيل كتاباً إلى المجلس تطلبان فيه عدم فرض أي عقوبات على إيران بهدف اتاحة الفرصة للاتفاق الثلاثي.‏‏

وفي حالة رفض طلب الدولتين سيكون الإحباط الذي يواجههما.. عاماً على معظم دول العالم خارج ال 5 + 1..‏‏

إنه إضعاف للموقف العالمي.‏‏

ولا أحد يعرف إلى أين يريدون أن يصلوا بالعالم.‏‏

=========================

مطالب التغيير في دولة أخرى

آخر تحديث:الخميس ,20/05/2010

جميل مطر

الخليج

زرت تايلاند ثلاث مرات . خرجت بعد كل زيارة من الزيارات الثلاث مقتنعاً بأن هذه البلاد تخضع لإرادة ملك قوي يستمد قوته من نظام ملكي عتيد يحظى باحترام النخبة السياسية والجيش وعامة الناس . كان صعباً، من خلال زيارات قصيرة، الحكم بدرجة الاستبداد في هذا النظام . ومع ذلك كانت، ومازالت، تسيطر على تقديري لمثل هذه الأمور، فكرة استحالة وجود حاكم، ملكاً كان أم رئيساً، أتاح له الدستور سلطات فائقة وسمحت له ظروف البلد أن يستعبد ولم يستعبد . قد يختلف معي صديق هنا أو كاتب هناك حول عدم جدوى النقاش لمعرفة إن كان الحاكم مستبداً عادلاً أم مستبداً ظالماً، فالاستبداد في رأيي نوع واحد، ولا يهم إن كان المستبد طيب القلب وكريم الخصال وحسن النوايا .

 

تكونت عندي، من قراءات وزيارات ومتابعات إخبارية عن تايلاند، انطباعات استمرت سنوات . ساعد في تكوين هذه الانطباعات، أو ربما أثر فيها أكثر من غيرها، عاملان أولهما أنني كنت ذات يوم، ومازلت معجباً بالفيلم السينمائي بعنوان “الملك وأنا” المأخوذ من المسرحية الغنائية الشهيرة التي بقيت تحتل مكانها في مسارح نيويورك عقوداً عديدة . كان خيال الكاتبين خصباً، ولكنهما قدما بالفعل صورة قريبة من واقع الحياة في البلاط الملكي التايلاندي، حيث إرادة الملك لا تعلو عليها إرادة وكلمته لا ترد، وفي النهاية يقع الملك أسير الرقة والقدرية والجمال شأنه شأن أي إنسان عادي .

 

أما العامل الثاني الذي ساعد على تكوين انطباعاتي عن بلاد سيام فكان أهلها . ظللت لفترة طويلة منذ زيارتي الأولى أعتقد أنه لم يخلق شعب آخر بالطيبة والدعة والنعومة التي يتسم بها الشعب السيامي، رجاله ونساؤه على حد سواء . رأيتهم في الريف التايلاندي وسط حقول الأرز الغارقة معظم الوقت تحت المياه، ورأيتهم في الجبال والغابات يزرعون الفواكه المدارية، كما رأيتهم في المدينة الكبيرة صاحبة الصيت الذائع والليل الساحر، ولكن أيضاً صاحبة سمعة الرطوبة الفائقة . هناك في هذه المدينة حيث ترتفع البنايات الحديثة إلى عنان السماء وقد شيدت في غير نظام، تماما كما يتحرك الزحام في الشوارع بغير نظام حتى تكاد من فرط الزحام والتنوع في شارع معين تنسى هوية المدينة والناس . ترى كافة وسائل النقل التي يمكن تصور وجودها، ولكن يستحيل أن تتصورها متجمعة في مكان واحد، إلا ربما في بعض المدن المصرية، وإن عاشت حتى عهد قريب من دون “التوك توك”، هذا الاختراع السيامي الأشهر . لا أذكر أنني عندما كنت أمشي وسط هذا الزحام مختنقاً بالرطوبة ومنبهراً بالابتسامات التي تكتسي بها كل الوجوه، أن شاهدت يوماً اشتباكاً أو مشاجرة أو خناقة بصوت عال . كنت أقول، لعلها البوذية وكانوا يقولون إنها الاحترام المتبادل بين البشر .

 

حلت العولمة وكتب توماس فريدمان الكاتب الأمريكي المعروف عن وصولها إلى أرصفة بانجكوك حيث النساء كبار السن يفترشن الإسفلت وأمامهن تصطف علب مالبورو المهربة أو المرخصة . كان فريدمان منبهراً بالعولمة وبخاصة بالتغيير في سلوكيات أهالي جنوب آسيا ومنطقة الخليج العربي . كان مؤمنا بأن العولمة الطريق الوحيدة المتاحة لنهضة شعوب آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط . هو الآن مهتم بالهند والصين، ولا يشير إلا عابراً إلى تايلاند وإندونيسيا وماليزيا، الدول التي ركز اهتمامه عليها في عقد التسعينات . ليته يزور بانجكوك الآن حيث يعسكر في وسطها عشرات الألوف من نساء ورجال يرتدون قمصاناً حمراً ويطالبون بالتغيير . بدأت حركتهم مسيرات واعتصامات احتجاجية لأسباب اجتماعية واقتصادية، وتطورت إلى مطالب بحل البرلمان وإجراء الانتخابات . ثم نزل الفلاحون إلى المدينة، ومدن أخرى، يطالبون بأكثر مما يطالب به فقراء المدن حتى بات واضحاً أن في البلاد فتنة طبقية سياسية، طرف فيها يمثل الطبقة الحاكمة وطرف آخر يمثل فقراء تايلاند . يقول خبراء في شؤون تايلاند إن السنوات الأخيرة شهدت انقسامات طبقية خطيرة تجاوزت كل الحدود، حتى إن أحدهم وصف الاعتصام طويل الأمد في وسط بانجكوك بأنه “كوميون باريس” يبعث مجدداً بعد قرن ونصف القرن في آسيا . ويقول خبير آخر إن المسألة أبسط من كل هذه التبريرات الطبقية، فما يحدث في بانجكوك حاليا، ورغم سقوط قتلى عديدين واغتيال قوات الجيش لضابط منشق انضم إلى المتظاهرين، لا يزيد على أن الفساد استشرى في البرلمان حتى فقد دوره وثقة الشعب به، ولم يجد الناس بديلاً من الخروج إلى الشارع لعرض مطالبهم .

 

أتصور أن عناصر اجتمعت على امتداد السنوات الأربع الماضية فشكلت التربة الصالحة لنشوب تمرد شعبي واسع . من هذه العناصر انفراط الإجماع الوطني واتساع الفجوة بين طبقة رأسمالية توحش بعض أطرافها، وطبقة من الفقراء ازدادوا فقراً وتنافس على كسب ودها سياسيون متخاصمون . إلا أن العنصر الأهم كان التغير الذي أصاب مكانة ملك البلاد . كان الملك يحكم ويملك، وكانت له شعبية فائقة، وكان يقوم بدور خصص له دور في مرتبة ما فوق المؤسسات الدستورية والتقليدية، وهو التوسط بين القوى الاجتماعية والسياسية وحل المشكلات التي تنشب بينها . كان الملك، على امتداد فترة حكم تجاوزت أربعة وستين عاماً، القوة الحقيقية في الدولة قبل أن يفقدها لاعتبارات أهمها التقدم في السن، إذ إنه مع تقدم الملك في السن وضعف صحته ولأهمية مكانته في الدولة حاولت كل الأطراف استخدام مكانته وتزييف قرارات وتوجيهات صادرة باسمه . وحاولت المؤسسة العسكرية التدخل باسمه مرات معتمدة على تجارب سابقة حين كان الملك يستخدمها فعلاً للتدخل وحسم الخلافات كما حدث في عامي 1973 وفي،1992 وحاولت “البيروقراطية الملكية” التدخل باسمه مراراً لتثبيت مصالحها وزيادة ثرواتها . نشأت “البيروقراطية الملكية” من تحالف بين رجال القصر وعائلة الملك وبعض رجال الأعمال وعدد من كبار المسؤولين في الدولة . كذلك حاولت التدخل باسمه قيادات نقابية وفلاحية باعتبار سمعته كنصير الفقراء وحامي مصالحهم من جشع الطبقة الحاكمة .

 

في كل الأحوال، تدهورت حال الملك إلى حد لا يسمح له بالتدخل الفعال الأمر الذي جعل القوى السياسية تفكر في رفع مستوى مطالبهم إلى مطلب تغيير النظام القائم، بمعنى إلغاء الملكية كنظام حكم . بل إن وزير الخارجية كاسيت بروميا خرج أمام حشد من الأكاديميين في جامعة جونز هوبكنز بواشنطن قائلاً إنه “يجب أن تتوفر فينا الشجاعة لنناقش بصراحة مستقبل النظام الملكي في بلادنا . لقد تعود الشعب لمدة طويلة على أن يقوم الملك بحل المشكلات . حان الوقت لينضج هذا الشعب ويحل مشكلاته بنفسه ويفكر في إصلاح النظام الملكي كمرحلة أولى ليكون أكثر اتساقاً مع عصر العولمة بإيجابياتها وسلبياتها” .

 

لن تفيد عودة ثاكسين شيناواترا رئيس الوزراء المنفي ذاتياً هرباً من عقوبة السجن وصاحب الشعبية الفائقة بين الفلاحين . الناس عامة قد يحنون إلى عصر أو مرحلة معينة، ولكنهم يتمنون في قرارة أنفسهم ألا يعود العصر أو المرحلة . يكفيهم صيتها رصيداً في معركتهم من أجل التغيير .

=========================

استقالة بايكال وفرصة التغيير

آخر تحديث:الخميس ,20/05/2010

محمد نور الدين

الخليج

مرة جديدة تحفل الساحة التركية الداخلية بتطورات مهمة تفتح على احتمالات تغير المشهد السياسي في اتجاهات مختلفة عن المشهد الحالي .

 

لا شك أن مرور الإصلاحات، باستثناء مادة تعديل شروط إغلاق الأحزاب، في البرلمان التركي يعتبر محطة أولى على طريق إقرارها لاحقاً . والمحطة الثانية كانت في مصادقة الرئيس التركي عبدالله غول وبسرعة قياسية لم تتجاوز الخمسة أيام على التعديلات رغم أن المهلة الممنوحة له هي أسبوعان، وهذا يعكس الشعور بالحاجة إلى إنهاء هذا الملف الذي تأخر إنجازه .

 

أما المحطة الثالثة المهمة في هذا المسار فقد تكون حاسمة . حزب الشعب الجمهوري قدّم بالتعاون مع نواب آخرين طعنا بالإصلاحات إلى المحكمة الدستورية لاعتبارها متناقضة مع الدستور في مواده المتعلقة بالعلمنة .

 

الآن تتجه الأنظار كلها إلى المحكمة الدستورية فإن وافقت على مضمون الطعن وأبطلت الإصلاحات أو جزءاً منها، فسوف تعود المعركة بين دعاة الإصلاح ومعارضيه إلى نقطة الصفر، وسوف يجري البحث عن سبل أخرى لدى حزب العدالة والتنمية لكيفية مواجهة العراقيل، وربما يكون ذلك بإعداد دستور جديد شامل لطرحه على استفتاء شعبي .

 

أما إذا مرت التعديلات في المحكمة الدستورية، فسوف يكون الطريق مفتوحاً أمام طرحها على استفتاء شعبي يحتمل أن يكون في منتصف تموز/يوليو المقبل أو بعده بشهرين .

 

الإصلاحات لم تعد مخفية فهي تشكل، إن نجحت، انقلاباً في موازين القوى الداخلية لصالح الحركة التغييرية التي يقودها حزب العدالة والتنمية، والتي خرج منها وللأسف قادة الحركة الكردية عندما عارضوها بالجملة، على رغم أنها تفيد نضال الأكراد في العديد من الجوانب، وأفضل من أن يبقوا في ظل الوضع الراهن .

 

ولعل أهم ما في هذه الإصلاحات أنها تكسر استبداد القضاء بالحياة السياسية بطريقة لا تقل عن تجاوزات العسكر بانقلاباتهم العسكرية السابقة . كما أنها تقلل من طغيان الذهنية العسكرية بالسماح بمحاكمة عسكريين أمام المحاكم المدنية .

 

الاستطلاعات كلها تشير إلى أن الإصلاحات إن وصلت إلى مرحلة الاستفتاء سوف تنال ما لايقل عن ستين في المائة . لكن من الآن وإلى حينها ستنشغل تركيا بتطورات ديناميكية غير مسبوقة، ومع أن القضية محلية لكنها تتجاوز بتداعياتها وتأثيراتها إلى مستقبل تركيا ودورها ومكانتها في الخارج أيضاً .

 

فللمرة الأولى يسقط زعيم سياسي مزمن في فخ فضيحة جنسية مع نائبة من حزبه، الزعيم هو دينيز بايكال والنائبة هي نسرين بايقوت . بايكال في الثانية والسبعين في العمر وبايقوت في الخمسين .

 

ليست الفضيحة الجنسية الأولى لرجل سياسي في العالم؛ فقد سبقه الكثيرون من جون كينيدي إلى سيلفيو برلسكوني وبيل كلينتون وغيرهم الكثير، لكن فضيحة بايكال جاءت في لحظة حساسة من المشهد السياسي في تركيا وفرصة ذهبية للتغيير .

 

بايكال نفسه اتهم الحكومة بأنها الوحيدة القادرة على امتلاك أدوات التنصت والتصوير في غرفة في فندق وبهذه الطريقة، غير أن رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان وصف اتهامات بايكال بأنها، بقدر فعلته، شنيعة وغير أخلاقية ومنحطة .

 

لم يشأ بايكال أن ينهي حياته السياسية بالاستقالة من رئاسة الحزب فقط والاعتراف بفعلته، بل أراد أن يوظف حتى فضيحة أخلاقية وهو المتزوج من أجل التشويش على مسيرة حزب العدالة والتنمية .

 

بعض المتابعين كتب في تركيا أن لكل إنسان جوانب ضعيفة من شخصيته توقعه في الخطأ، لكن خطأ بايكال كان خطيئة لأنه وجّه ضربة قاسية إلى دعاة التمدن الذين يتهمون الإسلاميين بالتخلف، ويريدون منهم أن تخلع نساؤهم الحجاب، فإذا بحجاب الأخلاق هو الذي يسقط عن بايكال ودعاة التغريب الذين وقفوا ضد الإصلاحات التي تتم وفقاً للشروط الغربية نفسها ومع ذلك وقف بايكال يعارضها بشدة .

 

وإذا كانت مصائب قوم عند قوم فوائد، فإن أفضل درس يمكن أن يؤخذ منها هو أن يغيّر “حزب الشعب الجمهوري” سلوكه، ويمد يده إلى حزب العدالة والتنمية ليعملا على تأسيس تركيا حديثة وديمقراطية وحرّة، تحترم حقوق الإنسان بدلاً من أن تستنزف هذه البلاد الكبيرة بطاقاتها في معارك وقضايا هامشية . أما إذا استمر سلوك الحزب بعد بايكال كما كان عليه معه، فلينتظر الحزب تراجعاً في شعبيته، لأن التاريخ والتقدم لا يرحمان ولا ينتظران المتخلفين عن الركب .

إنها فرصة للتغيير، وسيكون عملاً تاريخياً أن يلتقط اليسار التركي هذه الفرصة ليكون إلى جانب العدالة والحريات .

=========================

أحزاب تلفزيونية

الخميس, 20 مايو 2010

محمد صلاح

الحياة

إذا أردت أن تدرك حجم الأمراض التي تعانيها الأحزاب المصرية، ليس عليك إلا أن تجلس أمام جهاز التلفزيون وتضبطه على القنوات الأرضية، وتتابع أحاديث رؤساء ورموز تلك الأحزاب وآراءهم حول القضايا المحلية والدولية وشرحهم لبرامج أحزابهم. كان المسؤولون عن الإعلام الرسمي قرروا منح الأحزاب فرصاً متساوية لعرض وجهات نظرها من القضايا العامة وعرض وعود مرشحيها لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى المقررة بداية الشهر المقبل. وشكل وزير الإعلام أنس الفقي لجنة من متخصصين في الإعلام لمراقبة الالتزام بمعايير المساواة بين كل المرشحين والأحزاب وبدأت اللجنة في أداء المهام المؤكلة إليها. لكن أكثر ما يلفت الانتباه في الدقائق التي يظهر فيها رئيس هذا الحزب أو ذاك أن بعض ممثلي الأحزاب لا يجيدون حتى أسس التعامل مع وسائل الإعلام أو مخاطبة الجماهير وأن بعضهم فشلوا في استغلال الفرصة التي أتيحت لهم لتحسين صورة أحزابهم أو جذب الناس ودفعهم إلى نيل عضوية الحزب أو تأييد مرشحيه. وصل الأمر إلى درجة أن بعض هؤلاء بدا عليه الفرح والسرور لمجرد ظهوره في التلفزيون الرسمي، ونسي أثناء حديثه أو ردوده على الأسئلة الموجهة اليه لأي مناسبة يظهر أصلاً على الشاشة، في حين غلب الخجل على بعضهم ورأوا أن توجيه النقد إلى الحكومة عبر التلفزيون الذي تشرف عليه الحكومة أمر لا يجوز، فأسهبوا في مديح «الحزب الوطني» الحاكم واستهلكوا الوقت في توجيه الشكر للقائمين على التلفزيون لمنحهم الفرصة للإطلال على الناس.

في الشارع لا يوجد صد كبير للمعركة الانتخابية ليس فقط لأن المنافسة تدور على نصف مقاعد المجلس، ولكن أيضاً لأن الأحزاب نفسها باستثناء الحزب الوطني الحاكم لم تأخذ الانتخابات مأخذ الجد، وغالبية الأحزاب لم تطرح مرشحين أو انشغلت بإدارة صراعاتها الداخلية التي تفوق بكثير صراعها مع الحزب الحاكم، وسواء كانت خطوة منح الأحزاب وقتاً تلفزيونياً خطوة جادة أو شكلية، فإن برودة الانتخابات وغياب تنافس حقيقي بين المرشحين المنتمين إلى أحزاب المعارضة من جهة ومرشحي الحزب الحاكم من جهة أخرى جعلت الإجراء غير ذي جدوى، وربما أفرز نتائج سلبية ضد النظام الحزبي كله. والمؤكد أن السؤال الذي دار في أذهان الذين وجدوا أنفسهم مضطرين للجلوس أمام أجهزة التلفزيون وقت العروض الحزبية تعلق بمدى قدرة هذه الأحزاب على طرح مرشحين للانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، إذ كيف للأحزاب التي ليس لها مرشحون لمجلس الشورى ولا رؤى تعرضها على الناس، أن يكون من بين رموزها مَنْ يملك أدوات المنافسة على مقعد الرئاسة؟

المؤكد أن ملامح الصورة بالنسبة الى التنافس الرئاسي ستتضح بشكل أكبر مع انتخابات مجلس الشعب المقررة قبل نهاية العام الجاري، فالأحزاب بررت عدم مشاركتها بجدية في انتخابات الشورى برغبتها في التركيز على انتخابات مجلس الشعب، ولن ينطلي على أحد إذا عجزت الأحزاب عن المشاركة في انتخابات مجلس الشعب أن تأتي لتقول للناس إنها ستركز جهودها على الانتخابات الرئاسية! مع كل محك سياسي تبرز على واجهة الأحداث أمراض النظام الحزبي في مصر وضعف الأحزاب وغياب تأثيرها في الشارع إلى درجة أن الذين شاهدوا ممثلي الأحزاب يتحدثون على الشاشات سألوا: من هؤلاء؟ وعن أي شيء يتحدثون؟

=========================

تداعيات الأزمة اليونانية على أوروبا

الخميس, 20 مايو 2010

عمرو حمزاوي *

الحياة

تجددت، على وقع أزمة اليونان المالية وما استدعته من التزام حكومات الدول الأعضاء في الوحدة النقدية الأوروبية تقديم مساعدات عاجلة لإنقاذها من خطر الإفلاس والتوافق على حزمة سياسات وضمانات مالية تهدف لحماية استقرار اليورو في الأسواق العالمية، نقاشات الأوروبيين حول كلفة اندماجهم القاري في مرحلته الاتحادية الراهنة وحدود مبدأ التضامن (principle of solidarity) الناظم لعلاقات أغنياء القارة – مقدمي المساعدات - في الشمال والغرب بفقرائها – متلقي المساعدات - في الجنوب والوسط والشرق، والمؤسس في الممارسة لمصداقية الوعد الأوروبي بتحقيق السلام والرخاء الاقتصادي لكل مجتمعات القارة. والحال أن وجهة ومضامين النقاشات هذه دوما ما تمايزت واختلفت من مجتمع إلى آخر وفقاً لعوامل من شاكلة موقع المجتمع المعني على سلم الغنى والفقر الأوروبي (تذمر أغنياء الشمال والغرب من أعباء الاتحاد المالية في مقابل شهية الجنوب والوسط والشرق غير المحدودة لتلقي المساعدات والنظر إليها كحق طبيعي يشرعنه مجرد الانتماء الجغرافي الى أوروبا)، والظروف المحددة لانضمامه للسوق/للجماعة/للاتحاد، وطبيعة النظرة السائدة الى أوروبا في فضائه العام (إيجابية الأوروبيين القاريين كالألمان والفرنسيين من جهة وشكوك البريطانيين وترددهم من جهة أخرى). بيد أن الأمر اللافت اليوم، وكما يستدل من اتجاهات الرأي العام في معظم المجتمعات الأوروبية، يتمثل في ذيوع نظرة بالغة السلبية لأوروبا تحوي الكثير من التشكيك الجوهري في جدوى الاتحاد ومستقبل مسار الاندماج القاري، ويلتقي عليها أغنياء وفقراء القارة تماماً كما باتت توحد بين تيارات اليمين واليسار في المجتمعات المختلفة. وربما يحمل كل من التحول الراهن في اتجاهات الرأي العام الألماني في ما خص الاتحاد الأوروبي وكذلك تفاصيل موقف حكومة المستشارة ميركل الائتلافية (الحزب المسيحي الديموقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي وحزب الأحرار الديموقراطيين) حيال الأزمة اليونانية الإشارات الأكثر وضوحا بشأن مدى التراجع والتضعضع الطارئين على الفكرة الأوروبية.

فعلى مستويات مجتمعية وحكومية متعددة، استقرت في ألمانيا لفترة طويلة نظرة إيجابية لأوروبا رأت في مسار الاندماج القاري في لحظات البداية (خمسينات القرن الماضي) ضمانة وحيدة لإعادة ألمانيا في شطرها الغربي إلى أوروبا والتجاوز التدرجي لهمجية النازي باتجاه بناء علاقات سلام وتعاون مع الجوار، وصاغت في مرحلة ثانية (سبعينات القرن الماضي) رابطة سببية مباشرة بين الاندماج والحفاظ على الرخاء الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع الألماني، ثم تطورت بعد وحدة الألمانيتين (تسعينات القرن الماضي) لتجمع بين رابطة الاندماج-الرخاء وبين قراءة للفكرة الأوروبية والتزام ألمانيا بها كأداة لتهدئة مخاوف الجوار من صعود ألمانيا الموحدة بقوتها الاقتصادية المستمرة ووزنها الجيو إستراتيجي الجديد وكمدخل لاستكمال التوحد القاري بدمج مجتمعات وسط وشرق أوروبا القريبة تاريخيا وثقافيا من المجتمع الألماني. واتسمت الحياة السياسية الألمانية في المقارنة القارية، وباستثناء تيارات اليمين الراديكالي المحدودة الأهمية على صخبها وفصائل اليسار التي رفضت الانخراط في السياسة وتورط بعضها في ممارسات عنفية، بالتزام الأحزاب الكبيرة بعدم المزايدة على الفكرة الأوروبية وتبني خطاب عقلاني علني يشرح للمواطنين مزايا الاندماج الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الكثيرة ويعول عليها لتبرير الكلفة المادية التي تتحملها ألمانيا كالممول الأول للمؤسسات الأوروبية ولممارسة «التضامن» مع المجتمعات الأوروبية المحدودة النمو والقدرة الاقتصادية بدعمها ماليا (في السبعينات اليونان واسبانيا والبرتغال ثم منذ التسعينات وسط وشرق أوروبا). فمنذ الخمسينات تناوب الحزبان الكبيران، المسيحي الديموقراطي والاشتراكي الديموقراطي، على شغل مقاعد الحكم والمعارضة وامتنعا، وبغض النظر عن حسابات المنافسات الانتخابية المتكررة بينهما وبمعزل عن صخب اليمين واليسار الراديكالي، عن التعامل الشعبوي مع كلفة الاندماج القاري على نحو سمح بصعود الفكرة الأوروبية لتصبح عنوان التزام أخلاقي وإستراتيجي للمجتمع والدولة في ألمانيا لا يقبل التراجع والتشكيك. وترجمت اتجاهات الرأي العام، خاصة بين السبعينات ومنتصف التسعينات، عقلانية ومسؤولية النخبة السياسية هذه إلى تأييد مستمر من جانب أغلبية واضحة ومستقرة بين المواطنين الألمان (دارت دوماً ارتفاعا وانخفاضا حول حد الستين بالمئة) للاندماج القاري على كلفته العالية وذيوع نظرة إيجابية لأوروبا وللهوية الأوروبية كسياق جمعي جديد تعاطت معه الأغلبية بقبول بل وبإقبال(منذ السبعينات والألمان في المقارنة القارية هم الأكثر تنقلاً بين المجتمعات الأوروبية والأكثر تملكاً للعقارات والأراضي خارج بلادهم في إيطاليا واسبانيا والبرتغال واليونان).

أما اليوم، وبعد الأزمات الاقتصادية والمالية المتعددة التي عصفت بأوروبا وباليورو خلال الأعوام القليلة الماضية ومع بروز أزمة المديونية اليونانية وخطر تكررها في دول أخرى تنتمي الى منطقة اليورو كالبرتغال وأرلندا وأسبانيا، فلم يعد هناك من الاتجاهات السابقة للرأي العام الألماني بشأن أوروبا سوى القليل، ويطل شبح الشعبوية من بين ثنايا سياسات ومواقف وخطاب حكومة ميركل الائتلافية حيال مسار الاندماج القاري وعموم الفكرة الأوروبية. فوفقا لقياسات واستطلاعات الرأي العام الأخيرة التي أجرتها صحف ومراكز بحثية ألمانية، يشعر ثلثا اللمان بأن كلفة وسلبيات الإندماج القاري باتت تطغى على عوائده الإيجابية وأن الحكومة الألمانية تنازلت عن الكثير من سلطاتها لمؤسسات أوروبية بيروقراطية وفاسدة على نحو أضحى يهدد رخاء ومصالح المجتمع. وفي حين يسجل أيضا ثلثا المواطنين رفضهم قيام ألمانيا بتقديم مساعدة مالية لليونان في أزمتها ويربطون بين إجراء كهذا لحكومة ميركل وبين واللامسؤولية السياسية والتعامل باستهتار مع أموال دافعي الضرائب الألمان، يتراجع التأييد الشعبي للعملة الموحدة إلى أدنى مستوياته ليسجل معدلات حول حد الخمسين بالمئة فقط وتنقلب النظرة السلبية للاتحاد الأوروبي من معبرة عن قناعات أقلية صغيرة إلى موقف أغلبية تبلغ نسبتها في بعض الاستطلاعات 55 بالمئة. وباستثناءات جد بسيطة، يتماهى مجمل التغطية الإعلامية والصحافية الراهنة للقضايا الأوروبية مع التحول السلبي في اتجاهات الرأي العام إلى الحد الذي لم تعد معه صحف يومية عرفت دوما إن بليبراليتها كصحيفة «فرانكفورت الغماينه تسايتونغ» العامة أو بالتزامها المبدئي بالفكرة الأوروبية كصحيفة «سودويتشي تسايتونغ» ذات التوجه اليساري تتحرج من استخدام لغة شعبوية حين التعاطي مع أوروبا. وللتدليل بمثالين فقط: حاورت صحيفة «سودويتشي تسايتونغ» في السابع عشر من الشهر الجاري المستشارة انغيلا ميركل حول أوروبا والأزمة اليونانية وتداعياتها المحتملة، وانتقد المحاورون موافقة ميركل على تقديم مساهمة ألمانية كبيرة لإنقاذ اليونان بتعابير من شاكلة إهدار أموال الألمان واستخدام أموالهم لتسديد ديون شعوب أوروبية لا تعمل، وربطوا أكثر من مرة في الحوار بين خسارة الحزب المسيحي الديموقراطي في الانتخابات الاخيرة في ولاية وسيتفاليا-شمال الراين وبين تجاهل المستشارة لنظرة الأغلبية السلبية للاندماج القاري وكلفته. أما أسبوعية «در شبيغل» فنشرت في عددها الأخير وبصورة غير مسبوقة أكثر من مقال للرأي وتعليق تضمن دعوة صريحة لانسحاب ألمانيا من منطقة العملة الموحدة والعودة إلى المارك.

ومع أن ميركل في حوارها مع صحيفة «سودويتشي تسايتونغ» أعادت إنتاج الخطاب العقلاني للنخبة السياسية بشأن أوروبا لتذكر القراء بمزايا الاندماج الكثيرة وبأن مستقبل الاقتصاد الألماني أصبح وثيق الارتباط بالعملة الموحدة وبأن مبدأ التضامن الأوروبي لا يسمح بالتخلي عن اليونان ولتنتقد «الشعبوية غير المسؤولة» للحديث عن الكلفة التي يتحملها المواطنين الألمان، إلا أن بعض سياسات ومواقف حكومتها في الآونة الأخيرة لم يتنزه عن الشعبوية هذه. فقد امتنعت حكومة المستشارة لعدة أسابيع مؤلمة لليونانيين وللعملة الموحدة عن التصديق على خطة الاتحاد الأوروبي والمؤسسات المالية الدولية للإنقاذ وهددت أكثر من مرة بأن ألمانيا لن تقبل أن تتحول إلى «الممول الأول» لإخفاقات شعوب أوروبية غير منتجة، كما سعت ميركل بالفعل إلى تأجيل التصويت على خطة الإنقاذ إلى ما بعد انتخابات ولاية وسيتفاليا-شمال الراين خوفا من التداعيات السلبية. وترافق مع ذلك وما زال ضلوع عدد من الوزراء ومن القيادات النافذة في الأحزاب المشكلة للائتلاف الحاكم في الترويج لقراءة شعبوية تعلن عن تخوفها على مصير مدخرات الألمان وإنتاجية وحيوية اقتصادهم العالية إزاء سيطرة البيروقراطية الأوروبية ونزوعها نحو إعادة توزيع حصاد الاقتصاد الألماني على أوروبيين «كسالى» لا يستحقون.

لا تبتعد بقية الأوروبيين كثيراً عن التحول السلبي الطارئ على اتجاهات الرأي العام الألماني، ولا تختلف حكوماتهم عن حكومة ميركل في ترددها حيال الفكرة الأوروبية وتمثلها لشيء من الشعبوية في التعاطي مع كلفة الاندماج القاري الراهنة، وإن تفاوتت مضامين ومفردات الخطابات الحكومية بتفاوت سياقات الغنى والفقر بين أعضاء الاتحاد الأوروبي. وأيا كان الأمر، فان الاختبار القاسي الذي يتعرض له التزام الأوروبيين مجتمعات وحكومات، على وقع الأزمات الاقتصادية والمالية بمسار الإندماج والتوحد مرشح للاستمرار لفترة طويلة قادمة.

* أكاديمي مصري.

============================

إيران قوية أم ضعيفة في العراق؟

المستقبل - الخميس 20 أيار 2010

العدد 3657 - رأي و فكر - صفحة 19

خيرالله خيرالله

اي عراق بعد شهرين ونصف شهر من الانتخابات؟ كان مفترضا ان تكون الانتخابات محطة اساسية، بل نقطة تحول في اتجاه تحديد اي عراق يريده العراقيون. فازت في الانتخابات القائمة "العراقية" التي كان على رأسها الدكتور اياد علاوي الذي يؤمن بأن العراق يتسع لجميع ابنائه، وان في الامكان اعادة بناء مؤسسات الدولة العراقية على اسس سليمة في ظل قانون واحد وعصري لا يفرّق بين عراقي وآخر بغض النظر عن الطائفة او المذهب او المنطقة التي يمكن ان ينتمي اليها هذا المواطن او ذاك.

بعد فترة قصيرة، تميزت بالهدوء النسبي وتراجع حدة المناكفات بين السياسيين، جرت الانتخابات في اجواء شبه معقولة. لم تحل العمليات الارهابية التي شهدتها مناطق عراقية عدة، على رأسها بغداد، دون توجه العراقيين الى صناديق الاقتراع رافضين الرضوخ للابتزاز الارهابي من جهة ومن اجل التعبير عن وجود هوية وطنية عراقية من جهة اخرى. ليس سرا ان قليلين كانوا يتوقعون تقدم "العراقية" على لائحة "دولة القانون" التي يتزعمها رئيس الوزراء السيد نوري المالكي. كان تقدم "العراقية" التي ارتبط اسمها بأياد علاّوي دليلا على ان الشعب العراقي لا يزال يمتلك القدرة على المقاومة ورفض كل ما يمت بصلة للمذهبية والطائفية والمناطقية. بكلام اوضح، اراد العراقيون القول انهم يؤمنون بالعروبة المنفتحة على الاخر وان هذه العروبة التي تعترف بوجود قوميات مختلفة في العراق ضمانة للجميع. اكثر من ذلك، تشكل هذه العروبة المنفتحة المرتبطة بكل ما هو حضاري في العالم الدرع الاقوى في مواجهة المد الايراني وكل انواع التدخلات الخارجية في العراق.

كان الردّ الايراني على نتائج الانتخابات سريعا. هناك "فيتو" على اياد علاّوي. سبب الفيتو ان رئيس الوزراء السابق ليس تابعا لأي حزب مذهبي ولم يكن خلال فترة النضال من اجل اسقاط النظام العائلي - البعثي الذي كان على رأسه صدّام حسين لاجئا لدى الايرانيين. كذلك، لم يقاتل اياد علاّوي ضد العراق خلال حرب الخليج الاول بين العامين 1980 و1988 وذلك على الرغم من ان صدّام يتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية اندلاع تلك الحرب المدمرة التي عادت بالويلات على العراقيين والايرانيين في ان. ولكن، على الرغم من الاخطاء الكبيرة التي ارتكبها صدّام في تلك المرحلة، احترم اياد علاّوي نفسه ولم يقاتل ابناء شعبه. انها الوطنية العراقية بامتياز التي عبّرت عنها شخصيات كثيرة ظلمها النظام العائلي  البعثي، لكنها ابت الدخول في الحرب الى جانب النظام في ايران والاجهزة التابعة له. لا تكمن المشكلة في التركيز الايراني على الرجل فحسب بمقدار ما انها ايضا تعبير عن رغبة ايرانية في وضع اليد على العراق واختيار من يحق له ان يكون رئيسا للوزراء في هذا البلد المهم الذي تختزن ارضه ثاني اكبر احتياط نفطي في العالم. انها عودة الى المربع الاوّل الذي رسمته الحرب الاميركية على العراق. انها بصراحة عودة الى واقع لا بدّ من الاعتراف به يتمثل في ان هذه الحرب اسفرت عن منتصر واحد وحيد هو ايران التي تمددت في كل المناطق العراقية، خصوصا في الجنوب وبغداد، فيما بقيت المنطقة الكردية خارج دائرة نفوذها الى حدّ كبير.

من الواضح انّه كان مفترضا في الانتخابات الاخيرة ان تهيئ لانتقال العراق الى مرحلة جديدة يكون خلالها مستعدا لانسحاب القوات الاميركية من اراضيه السنة المقبلة. المؤسف ان الانتخابات التي كانت الامال معلقة عليها من اجل استعادة المؤسسات العراقية في ظل حكومة متوازنة، تحولت الى منعطف في غاية الخطورة. كشفت الانتخابات قبل كل شيء وجود رغبة للسيد المالكي في الاحتفاظ بالسلطة بغض النظر عما يقرره الشعب عبر صناديق الاقتراع. يبدو ان هناك صدّاما صغيرا داخل كل سياسي عراقي، او لنقل داخل معظم العراقيين. ولكن ما قد يكون اخطر من ذلك، الاصرار الايراني على وضع العراق، باستثناء المنطقة الكردية، تحت هيمنة طهران.

كان التنافس بين مجموعتين شيعيتين كبيرتين، احداهما بقيادة المالكي والاخرى بقيادة "المجلس الاعلى" والتيار الصدري ظاهرة صحية، خصوصا في ظل وجود لائحة اياد علاّوي التي ضمت شخصيات من كل الطوائف والمذاهب. لكن وضع ايران ثقلها خلف الحلف المصطنع بين لائحة "دولة القانون" ولائحة "الائتلاف" قطع الطريق على اي نوع من انواع التفاؤل بمستقبل افضل للعراق وبكسر الحواجز الطائفية والمذهبية بما يؤمن انتصار العقل على الغريزة.

على العكس من ذلك، شرّع التدخل الايراني الفظ في العراق الابواب امام طرح الاسئلة الكبيرة من نوع اين يمكن ان يتوقف التدخل الايراني... او على الاصح هل من حدود للطموح الايراني بالسيطرة على العراق؟ ولعل السؤال الكبير الاهمّ ماذا سيحل بالعراق بعد الانسحاب العسكري الاميركي الذي يحول في الوقت الراهن اندلاع حرب اهلية تتخذ طابعا مذهبيا؟

كل ما يمكن قوله، ان الاميركيين دمروا العراق. لا يعني ذلك ان في الامكان الدفاع عن نظام صدّام بأي شكل من الاشكال، خصوصا انه ساهم في تدمير النسيج الاجتماعي للبلد عبر القمع من جهة ومغامرتيه المجنونتين مع ايران والكويت من جهة اخرى. ولكن هل لا يزال في الامكان لملمة العراق واعادة تركيبه من دون المساس بوحدة اراضيه...

شيئا فشيئا، يعود التشاؤم سيّد الموقف في العراق. كان فوز "العراقية" في الانتخابات يجسّد الامل، الى ان تبين ان الوضع في هذا البلد الذي يشكل ركيزة من ركائز النظام الاقليمي فيه لا يبدو قابلا للاصلاح، اقلّه في المدى المنظور. لا يريد الايرانيون شريكا في العراق. صار ذلك واضحا. ولكن هل مسموح لإيران ان تستمر في اعتماد مثل هذه السياسة الهجومية طويلا؟ اوليس ذلك دليل ضعف اكثر مما هو دليل قوة ما دامت وجدت نفسها، هي التي تعاني مشاكل داخلية ضخمة، مضطرة الى كشف كل اوراقها في هذا البلد النفطي الذي كان من المؤسسين لجامعة الدول العربية!

==========================

كلهم يتجنبون الحرب ولبنان وحده يتحدث عنها!

هدى الحسيني

الشرق الاوسط

5/20/2010

يحمل نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى العراق اقتراحا لجمع نوري المالكي وإياد علاوي في حكومة ائتلاف عراقية. هدف بايدن الانسحاب الأميركي من العراق، فإذا لم تتفق «دولة القانون» مع «العراقية» دبت الفوضى، ويوم السبت الماضي حذر علاوي من احتمال حرب أهلية.

الفوضى الدموية في العراق تؤخر الانسحاب الأميركي، والرئيس الأميركي باراك أوباما يريد أن ينتهي الانسحاب عام 2011، لأسباب كثيرة أبرزها الكلفة المالية، ثم إن أوباما وصل إلى سدة الرئاسة الأميركية على عربة الانسحاب من العراق.

يقول لي مصدر أميركي، إن الأميركيين قريبون من المالكي ويستطيعون التعامل معه، «لقد تعاملوا واستقبلوا حميد كرزاي الرئيس الأفغاني!».

يشغل واشنطن الملف النووي الإيراني، وهي تشعر بأن إيران تستعمل العراق كورقة ضغط. تقول إيران: «إذا وجهتم صواريخكم ضدنا، فلدينا جنودكم في العراق»، ثم إن قيام إسرائيل بغارات على إيران، يعني عبورها الأجواء العراقية، وهذا أمر صعب لأن أميركا تسيطر على الأجواء.

وترى واشنطن الآن، أن المطلوب مقاطعة إيران وعزلها واحتواؤها ومساعدة المعارضة، وأوباما سيذهب حتى الميل الأخير قبل أن يدعو إلى المقاطعة. وبهذا تؤيده بعض الدول العربية التي ستتأثر إذا ما وقعت الحرب. يقول محدثي: «السعودية والإمارات مع المقاطعة، تركيا وسورية ضدها، قطر وعمان متحفظتان». ويضيف: «تقول إيران إن نفوذها يمتد من العراق مرورا بفلسطين ووصولا إلى باكستان، وإن استقرار سعر النفط مرتبط بها، لكن كل هذه الاعتبارات تسقط إذا ما رفضت التفاوض من أجل برنامج نووي سلمي».

لكن أوباما الذي يريد السير في عملية السلام العربي - الإسرائيلي خلال الأشهر العشرة المقبلة، يدرك أن الحرب مع إيران تنهي هذه العملية. لذلك كانت رسالة واشنطن إلى تل أبيب: إياكم وتوجيه أي ضربة، فالضربة قد تؤخر البرنامج لسنوات خمس، لكنها قد تنعش وتحيي النظام.

إن جزءا من استراتيجية البيت الأبيض لعزل إيران يقوم على تحقيق تقدم على الساحة الفلسطينية، ضباط البنتاغون وعلى رأسهم الجنرال ديفيد بترايوس يرون في إيجاد حل للقضية الفلسطينية عدة فوائد، منها تحجيم النفوذ الإيراني في العالم العربي والإسلامي. ثم إن أوباما صار واثقا من أن هذه المسألة مهمة للأمن القومي الأميركي. لذلك بعد بدء المفاوضات غير المباشرة، سيكون الدور الأميركي حاسما، واشنطن ستقدم اقتراحات، وسوف يتدخل أوباما شخصيا. خلال الأشهر الأربعة المقبلة سيتم تحديد القضايا الأساسية في المفاوضات: الأرض، الأمن، المياه، وموضوع اللاجئين. بعد أن تطرح واشنطن هذه القضايا، سيدرس أوباما أين يقف كل طرف وعندها سيقدم مبادرته، ويقول محدثي: «إن التدخل الأميركي الحاسم سيبرز بعد شهر نوفمبر (تشرين الثاني) (موعد انتخابات الكونغرس في الولايات المتحدة)». ويضيف: «لكن أوباما لا يستطيع فعل هذا لوحده، فيما العرب يتفرجون ويطلبون منه أن يعرض على إسرائيل سلاما أو انسحابا. عليهم أن يقبلوا على مبادرته خصوصا أنه يدرك جيدا أن لا دولة فلسطينية ولا سلام من دون القدس الشرقية».

في لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كانت رسالة أوباما واضحة: هل تريد السلام أم لا؟ إنها فرصتك لأن السلام يضاعف أمن إسرائيل. ثم كانت رسالة أوباما إلى يهود أميركا، هي أن «سياستنا ألا نضعف أمن إسرائيل». المراهنة في واشنطن الضغط على نتنياهو للإتيان بحزب كديما إلى الحكومة، فوحده هذا التحالف قادر على السلام. وبمجرد أن تبدأ المفاوضات غير المباشرة الإسرائيلية - الفلسطينية سيحصل تحرك أميركي تجاه سورية، فواشنطن لا تريد معارضة سورية.

ويعود محدثي إلى موضوع العراق، حيث يلاحظ أن الانتخابات وما تلاها حتى الآن من صراع على السلطة كشف عن انقسام شيعي في العراق، ويعتقد بأنه بعد الانسحاب الأميركي من مصلحة إيران عدم تخويف العرب والمنطقة لأن من شأن ذلك أن يجعل كل دول المنطقة تعتمد أكثر وأكثر على أميركا. لكن، ماذا تريد إيران؟ يعترف بأن هناك رسلا من قبل طهران إلى واشنطن، فإيران تركز على ما إذا كانت أميركا ستعترف بدورها في المنطقة. تنقل شعورها إلى أميركا بأنها أهم دولة في الخليج، ولا تريد أن تكون دول الخليج متحالفة مع أميركا ضدها، «هي تريد تحالفا كالتحالف التركي مع أميركا».

وكان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وجه قبل نحو أسبوعين رسالة صوتية عبر الإذاعة الإيرانية إلى أميركا، يدعوها فيها إلى أن تتحالف مع إيران «حيث ستجد فيها الصديق المخلص الممكن الاعتماد عليه». ما تريده إيران معرفة وقع هذا النداء على الإدارة الأميركية؟

اللعبة الإيرانية، ترك كل طرف في المقابل يخمن خطوتها المقبلة، لكنها تعرف في الوقت نفسه أن الحرب مدمرة لها. ويعتقد بعض الذين يؤيدون إيران في مواقفها ونفوذها، بأن إسرائيل تضخم مسألة النووي الإيراني تهربا من الموضوع الفلسطيني.

وترى أصوات في واشنطن وعواصم أخرى، أن إيران، بكل مناوراتها المستمرة، تريد التركيز على تحقيق طموحها، أي التحكم بمنطقة الشرق الأوسط، وصولا إلى باكستان وأفغانستان، وهي بعد التخلص من نظام صدام حسين في العراق، لم يبق أمامها إلا إسرائيل التي تهدد هذا الطموح وتهددها. وتضيف هذه الأصوات، أن إسرائيل لا تتحمل حربا تستمر أشهرا طويلة، السياحة تموت فيها والهجرة المعاكسة ستنشط. وأي حرب تصل صواريخها إلى تل أبيب ستؤدي إلى سقوط بلد كضحية وهو لبنان. الوضع ليس سهلا، ثم إن أميركا لن تسمح لإسرائيل بأن تجرها إلى حرب. ففي الحرب تهديد للاقتصاد العالمي والأمن القومي الأميركي.

الملاحظ في هذا كله، أن كل الأطراف حتى إيران تبحث عن سبل لتجنب الحرب. أحمدي نجاد قبل اتفاق يوم الاثنين وبعده يدعو أميركا للتفاوض مع إيران بمصداقية، وإسرائيل تؤكد عبر سياسييها وجنرالاتها بأنها لا تريد حربا، لا بل تقول إن تحقيق السلام مع سورية يبعدها عن حزب الله وعن إيران. أميركا تقول إنها تريد أن تتجنب الدخول في حرب ثالثة، إلا إذا فرضت عليها. تدرس اتفاق إيران - البرازيل - تركيا بحذر وتستمر في العمل على المقاطعة.

وحدهم المسؤولون اللبنانيون لا ينفكون عن تحذير اللبنانيين من أن الحرب على الأبواب. رئيس الجمهورية ميشال سليمان حتى أثناء مشاركته في تنظيف مياه الشواطئ اللبنانية الملوثة، ألقى خطابا ضمنه تحذير اللبنانيين من الحرب وأنه «بوحدتهم يواجهون العدوان الإسرائيلي». رئيس مجلس النواب نبيه بري وهو يرسم لوائح انتخابات بلديات الجنوب يحذر اللبنانيين من رياح الحرب وكأن جحافل الجيش الإسرائيلي أطلت لتعرقل نتائج تلك الانتخابات. والناطقون باسم رئيس الوزراء سعد الحريري يبلغون اللبنانيين بأنه يقوم بمحاولات دبلوماسية من أجل تجنيب لبنان أي ضربة إسرائيلية. الزعيم الدرزي وليد جنبلاط يحذر من الدعوة إلى تحييد لبنان، إذ يجب أن نخوض معا الحرب التي على الأبواب. أما الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله فقد قرر بأن التلاحم بين المقاومة والشعب والجيش يشكل ردعا يوفر الكثير من الحروب.

كأن الزعماء اللبنانيين كلهم يتمنون الحرب لأنها التبرير الوحيد لعجزهم عن الالتفات إلى بناء اقتصاد لبنان والتفكير بمستقبله والإصغاء لطلبات اللبنانيين.

الأمل، أن يقف الفلسطينيون والدول العربية التي يهمها إيجاد حل للقضية الفلسطينية، إلى جانب الرئيس أوباما لإنجاح المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية. فإذا نجحت، سقطت كل الأصوات النشاز التي تدعو إلى حرب في المنطقة من شأنها أن تسرّع الخطى نحو التخلف. حتى إيران تبحث عن تجنب المقاطعة وبالتالي الحرب، فلنتشبه بها.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ