ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 16/05/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


العلاقات الروسية  السورية: يد إلى موسكو والقلب إلى واشنطن

صبحي حديدي

5/15/2010

القدس العربي

لسنا نعرف هوية المستشار الذي نصح الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف باختيار صحيفة 'الوطن' السورية الخاصة، وليس أية صحيفة أخرى حكومية مثل 'البعث' أو 'الثورة' أو 'تشرين'، لتوجيه رسالة إلى الشعب السوري في مناسبة زيارته إلى دمشق قبل أيام (هي، للتذكير، أوّل زيارة رسمية يقوم بها رئيس روسي إلى سورية، في عهد الإتحاد الروسي بالطبع، وليس في زمان الإتحاد السوفييتي).

لكننا نرجّح، اعتماداً على المنطق البسيط، أن لا يكون ذلك المستشار جاهلاً بشؤون سورية المعاصرة، ويعرف أنّ 'الوطن' صحيفة أطلقها ويملكها رامي مخلوف، ابن خال الرئاسة وأشدّ رجال الأعمال السوريين نفوذاً وهيمنة وسطوة وسيطرة على ميادين المال والإستثمار والتجارة والتصنيع المحلي. وإذا كان يعرف، فإنّ نصحه لرئيسه بأن يستقرّ على هذه المطبوعة بالذات لم يكن عشوائياً ولا بريئاً، وكان إرسال إشارات ذات مضامين سياسية واقتصادية هو القصد؛ لا يغيب عنها المغزى الإيديولوجي ربما، في تفضيل القطاع الخاصّ على الحكومي.

أمر آخر هو الحكم على أخلاقية هذه الخطوة، من حيث احترام مشاعر الشعب السوري الذي  وأنْ تساوت لديه 'الوطن' مع أية مطبوعة حكومية أخرى، من حيث المصداقية المهنية على الأقل  لا نخاله رأى فيها أقلّ من دغدغة، وبعض الغزل، لبعض أسوأ ما في الحياة الاقتصادية السورية الراهنة من أعراف رثّة. قبل ميدفيديف كان السفير الفرنسي الجديد في دمشق، إريك شوفالييه، قد استهلّ أنشطته الإعلامية بزيارة الصحيفة ذاتها، وكأنه أراد تثبيت سلسلة الرسائل التي سبق لرئيسه نيكولا ساركوزي أن بعث بها إلى الشعب السوري، وانطوت على منح النظام شهادة تبرئة في ملفات حقوق الإنسان والحرّيات العامة.

وفي كلّ حال، ليس للمرء أن يستغرب خطوات كهذه، روسية أو فرنسية أو بريطانية أو ألمانية... إلا حين تأخذه السذاجة مأخذ مَنْ يصدّق خطاب الغرب الرسمي حول فلسفة حقوق الإنسان، وإعلاء شأنها فوق اعتبارات التجارة والمنفعة والمصالح الصغيرة.

بمعزل عن هذا التفصيل، إذاً، ثمة في رسالة ميدفيديف إفصاح عن طبيعة الملفات التي كان ينوي بحثها مع بشار الأسد، وهذا ما جرى بالفعل، كما يفهم المرء من شذرات المؤتمر الصحافي عند انتهاء الزيارة؛ وثمة ملفات أخرى تقصّد التكتّم عليها، وهي من طبيعة حساسة لا تقرّ الأعراف الدبلوماسية الخوض فيها علانية، لكنها بُحثت أغلب الظنّ بسبب من أهميتها، وبدليل الاجتماعات المغلقة المطوّلة بين ميدفيديف والأسد في اليوم الثاني للزيارة. ولعلّ هذه الطائفة الأخيرة من الملفات هي الأرفع قيمة في تحديد أفق العلاقات القادمة، ونسبة اقتسام فوائد تسخين هذه العلاقات أو تجميدها عند مستواها الراهن، فضلاً عن انعكاس مفاعيلها على مصالح الطرفين مباشرة في المدى المنظور، إقليمياً ودولياً.

ميدفيديف  ونقتبسه، هنا، في نصّ صحيفة 'الوطن' السورية  استذكر علاقات التعاون التاريخية بين البلدين، وعدّ 'عشرات المشاريع الصناعية ومشاريع البنية التحتية'، وخصّ بالذكر 'مجموعة المحطات الكهربائية على نهر الفرات، وآلاف كيلومترات من سكك الحديد، ومن خطوط الكهرباء، وكذلك منشآت الري والمياه، ومشاريع استخراج النفط، وخط الغاز حمص  حلب، ومصنع الأسمدة'. ثمّ انتقل مباشرة إلى ما يهمّ موسكو بصفة أولى في ميزان العلاقات الدولية، أي نظام تعدد الأقطاب، وقال: 'قبل كل شيء يجب تفعيل الحوار السياسي المتعدد الأبعاد، وتجمعنا فكرة إقامة نظام عالمي عادل يقوم على سيادة القانون الدولي، ومساواة كل الدول أكانت كبرى أم صغرى  والتعامل بينها من أجل حلّ القضايا العالمية، بما فيها التحديات والمخاطر الجديدة التي نواجهها في القرن الحادي والعشرين'.

وفي فقرة لاحقة، سوف يكون ميدفيديف أكثر وضوحاً ومباشرة: 'تتصدر في جدول أعمال المجتمع الدولي اليوم مهمّة إقامة نظام عالمي جديد، عادل ومستقر، وتفرض تعدّدية الأقطاب واقعها أكثر فأكثر على جميع المستويات في السياسة والاقتصاد والشؤون المالية، وتتقدّم إلى مكان الصدارة ضرورة البحث الجماعي عن أساليب مواجهة التحدّيات والمخاطر الشاملة'. وبعد استعراض مشكلات التقلّبات المالية والاقتصادية، والنزاعات الإقليمية والمحلية، والإرهاب والجريمة العابرة للحدود، والتحدّيات الغذائية والمناخية التي تشكل تهديداً للتنمية العالمية؛ اعتبر الرئيس الروسي أنّ هذه جميعها تملي جدول الأعمال التوحيدي، وضرورة انسجام العلاقات الدولية على أساس التقارب والتأثيرات المتبادلة بين الاقتصاديات والثقافات المختلفة'.

وعن 'المواضيع الملحّة للأمن الإقليمي'، التي رأى أنها سوف 'تحتلّ مكانة خاصة في المباحثات'، اعتبر ميدفيديف أنّ العالم بأجمعه كان قد قدّر 'القرار البعيد النظر' الذي اتخذه حافظ الأسد في 'خياره الاستراتيجي لمصلحة التسوية السلمية في الشرق الأوسط'، منوّهاً بأنّ الأسد الابن إنما 'يتابع مسيرة والده، فيما يتعلق بالتقدّم نحو هذا الهدف'. ولم يفوّت فرصة التأكيد على دور روسيا، بصفتها العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي وعضو 'الرباعية' الشرق الأوسطية، في بذل 'جهودها الجادّة من أجل المساعدة على إعادة إطلاق الحوار العربي  الإسرائيلي'، والثقة بأن 'الأطراف سوف تبدي مسؤوليتها التاريخية عن مستقبل شعوبها وتتخذ خطوات جديدة باتجاه بعضها'.

وللوهلة الأولى لا تبدو هذه النقاط مدعاة إشكال في العلاقات بين البلدين، وأنها أقرب إلى تحصيل حاصل متفق عليه ويحظى بإجماع طبيعي، لولا أنّ ما وراء الأكمة فيها يُظهر منطقاً آخر مختلفاً، لعلّه يطيح بقسط كبير من روحية الاتفاق. ذلك لأنّ النظام السوري يمدّ يد الصداقة إلى موسكو، ولكنّ القلب يخفق لهفة على تحسين العلاقات مع واشنطن، قبلئذ وبعدئذ وفي الغضون، فهذه لا تكتسب الأولوية على المستوى العملي التكتيكي فحسب، وإنما قد تكون الغاية القصوى والعليا على المستوى الاستراتيجي كذلك. وموسكو لا تجهل هذا، كما للمرء أن يتخيّل بيسر، بل كانت تقيم التوازن مع نظام بشار الأسد على هذا المعيار طيلة عهد الرئيس السوري السابق فلاديمير بوتين، وحتى سنة 2005 عندما قرّر الأسد اتخاذ خطوة نوعية تجاه موسكو حين ضاقت به سبل ترطيب الأجواء مع واشنطن.

ذلك، في مضمار آخر، جعل العلاقات الروسية  الإسرائيلية أفضل حالاً من العلاقات الروسية  السورية، لا سيما في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون، الذي خالف الولايات المتحدة ومعظم الدول الغربية في رفض إدانة سياسة الحديد والنار التي اعتمدتها موسكو في بلاد الشيشان، بل لجأ إلى النقيض فباركها وامتدحها. ولعلّ واقعة قيام بوتين بزيارة إسرائيل ومصر، ولكن ليس سورية، في نيسان (أبريل) 2005، أي بعد أقلّ من ثلاثة أشهر على زيارة الأسد إلى موسكو (حين لاح أنّ العلاقات عادت متينة، بدليل استعداد موسكو لتزويد سورية بصواريخ ارض  جوّ متطورة)، كانت بمثابة تذكرة صارخة بأنّ المياه لم تعد تماماً إلى مجاريها، وأنّ خيار الأسد في اللعب على حبال روسية لشدّ انتباه المتفرّج الأمريكي ليست خافية على موسكو.

وفي مضمار ثالث، جيو  سياسي إقليمي ودولي، كانت موسكو تضع العلاقات مع سورية في إطار الفلسفة ذاتها التي أخذت تقود نهجها على امتداد المنطقة، والتي تقوم على ركيزة أولى بسيطة: نحن أصدقاء مع الجميع، أنظمة 'الإعتدال' مثل أنظمة 'الممانعة'، وإسرائيل مثل طهران، و'حماس' و'حزب الله' مثل السلطة الوطنية وجماعة 14 آذار في لبنان... والفيصل في هذا كلّه مصالحنا الاقتصادية العليا، وهي وفيرة ويمكن أن تكون مجزية تماماً، من جهة أولى؛ واكتساب سكوت الشارع العريض المسلم، السنّي بصفة خاصة، عمّا ارتكبته وترتكبه موسكو من مجازر وأعمال قمع في بلاد الشيشان.

وأخيراً، في مضمار اقتصادي واستثماري صرف هذه المرّة، كانت موسكو وتظلّ متلهفة على استرداد سوقَيْن وفيرَيْ المردود في الشرق الأوسط، السلاح والتكنولوجيا النووية، ومن الحماقة المطلقة أن لا تبذل موسكو كلّ جهد ممكن لاستغلال هذين السوقين على أقصى نحو متاح. لقد اتضح هذا في الإشارات العابرة إلى مستقبل التعاون التكنولوجي النووي بين موسكو ودمشق، ثمّ في الاتفاقيات المعلنة والصريحة مع تركيا أثناء زيارة ميدفيديف التي أعقبت زيارته إلى دمشق. ولم يكن بغير مغزى خاص، يغمز من قناة النظام في دمشق، أنّ رسالة ميدفيديف إلى صحيفة 'الوطن' السورية انطوت على تذكير بأنّ حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ مليارَي دولار في عام 2008، لكنه هبط إلى 1.136 مليار دولار في عام 2009. ولعلّ اللباقة الدبلوماسية هي التي منعت ميدفيديف من اقتباس الأرقام النظيرة، الأعلى والمتصاعدة باضطراد، لواقع الميزان التجاري بين الإتحاد الروسي وإسرائيل.

وأمّا الملفات التي تكتّم ميدفيديف على الإشارة إليها، فإنها متعددة الجوانب بدورها، وقد تبدأ من تطوير القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، وتمرّ بالإعراب عن تحفظ موسكو على تصدير السلاح الصاروخي الروسي إلى 'حزب الله'، ولا تنتهي عند حضّ قيادة 'حماس' على تسهيل صفقة إطلاق الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط. في هذا كله تحرص موسكو على الظهور بمظهر القوّة العظمى الحاضرة في الشرق الأوسط على نحو 'مسؤول' و'متعقّل' يسعى إلى التهدئة والسلام، وليس إلى التسخين والحرب، الأمر الذي يشكّل في ذاته مصلحة روسية عليا ضمن منظورات النظام الدولي الراهن والعلاقات الجيو  سياسية والاقتصادية والأمنية مع الولايات المتحدة، والحلف الأطلسي، والغرب عموماً.

والمرء، بالطبع يتمنى أن تلعب موسكو أي دور حيوي يكسر نظام القطب الأمريكي الواحد، لولا أنّ التعويل على روسيا الراهنة هو ضرب من الاتكاء على قوّة عالقة في شباك مآزقها المحلية والوطنية ذاتها، قبل مآزق الكون. وليس جديداً التذكير بأنّ روسيا تعاني من انحدار متواصل في مستوى المعيشة، وتآكل ثابت في القدرة الشرائية، وفشل متواصل في الخطط الاقتصادية، وتضخّم وعجز وبطالة وعصابات مافيا. وروسيا العقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين ترتدّ إلى ما يذكّر بروسيا أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وكأنّ مشاهد البلاد اليومية قفزت مباشرة من أفلام سيرغي ميخائيلوفيتش أيزنشتاين. الدولار هو العملة الوطنية في الأسواق والمصارف والشوارع، والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي هما السيف المسلط على عنق السيادة الوطنية، تماماً كما هي الحال في أكثر أنظمة العالم الثالث عجزاً وضعفاً واستسلاماً.

وإذ ترتدّ هذه الأيام إلى ما يشبه المربّع الأول في حسابات القوّة الدولية، فذلك لأنها تعود من بوّابة واحدة وحيدة هي كاريكاتور التحديث الليبرالي، الذي يتجلّى في صورته الأكثر بشاعة وإثارة للرعب: مخلوق ديناصوري نووي اغترب عن هويته وعن أطرافه الجغرافية والسكانية (25 مليون مواطن روسي يقيمون في بلدان الجوار غير الروسية)، لا يستطيع التقدم خطوة إلى الأمام إلا إذا توقّف في المكان بمعدل زمني يساوي خطوتين إلى الوراء.

فأيّ غرابة، إذاً، في أن لا يتورّع هذا الديناصور عن مغازلة ذئاب النهب في سورية؟

' كاتب وباحث سوري يقيم في باريس

============================

الروس عائدون عبر البوابة السورية

رأي القدس

5/15/2010

القدس العربي

جولة الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف الاخيرة التي شملت كلا من سورية وتركيا، وبحثت توقيع اتفاقات تعاون في مجالات الطاقة النووية، تشكل انطلاقة العودة الروسية الى منطقة الشرق الاوسط بقوة اكبر.

الرئيس الروسي الذي حظي بحفاوة بالغة في العاصمتين السورية والتركية، اظهر رغبة قوية بمساعدة البلدين لبناء برامج نووية للاستخدامات السلمية الامر الذي اثار غضب واشنطن، ودفع فيليب كراولي المتحدث باسم الخارجية الامريكية الى التعبير عن قلق ادارته بالقول، ان سورية لم ترد على الاسئلة التي اثيرت بشأن التزامها بمعاهدة الحد من الانتشار النووي.

انه منطق امريكي اعوج، بكل ما تعنيه الكلمة، فأي دولة تستطيع ان توقع اتفاقات لبناء مفاعلات نووية للاغراض السلمية، طالما انها حليفة لواشنطن، وتحصل على التكنولوجيا اللازمة من دول غربية مثل الولايات المتحدة وفرنسا، اما اذا حاولت اي دولة لا تدور في الفلك الغربي الحصول على التكنولوجيا نفسها من روسيا او كوريا الشمالية فانها تتعرض لحملات التشكيك، بل وحتى القصف والعدوان مثلما حدث مع المفاعل السوري المزعوم الذي دمرته طائرات اسرائيلية بالقرب من دير الزور في الشمال الشرقي لسورية.

سورية دولة وقعت على المعاهدة الدولية للحد من الانتشار النووي، واعلنت التزامها الكامل ببنودها، ولذلك ليست بحاجة للرد على اي اسئلة امريكية تتعلق بطموحاتها النووية المشروعة التي تتم وفق الضوابط والمعايير الدولية، بل لا نبالغ اذا قلنا انه من الوقاحة ان تقدم الولايات المتحدة وليس الوكالة الدولية للطاقة الذرية على توجيه مثل هذه الاسئلة لسورية.

من الواضح ان سورية وبعد ان تعرضت لعدوان اسرائيلي على تجهيزاتها النووية الوليدة، وبضوء اخضر امريكي، قررت الذهاب الى موسكو والتعاون معها في هذا الصدد، لان اسرائيل لن تجرؤ على قصف برنامج نووي سوري سلمي تشرف على بنائه او ادارته خبرات روسية.

اساليب 'البلطجة' التي مارستها اسرائيل على مدى الستين عاما الماضية تقترب من نهايتها، لان وقائع جديدة بدأت تفرض نفسها على الارض وتغير المعادلات السابقة، وابرزها التحالف السوري الايراني التركي الروسي المتنامي، والذي يأخذ اشكالا عسكرية واقتصادية.

فلم يعد سرا ان روسيا تبني قاعدة عسكرية بحرية في منطقة اللاذقية على الساحل السوري، لاستضافة اساطيلها، تماما مثلما تفعل واشنطن في البحرين وقطر والكويت ودولة الامارات العربية المتحدة، فالتحالفات في عالم اليوم تقوم على المصالح، وليست على النوايا الطيبة فقط.

ان من حق سورية وتركيا وكل دول المنطقة العربية تطوير خبرات نووية في المجالات كافة، السلمية والعسكرية، طالما ان اسرائيل تملك اكثر من مئتي رأس نووي، وتحتمي بها لارهاب دول المنطقة، والاستمرار في احتلالها لاراضي العديد منها، وتعطيل مسيرة السلام باستفزازاتها الاستيطانية.

كما ان من حق سورية في الوقت نفسه ان لا تعير اي اهتمام للضجة الاسرائيلية  الامريكية المفتعلة حول صواريخ السكود التي قيل انها هربتها لحزب الله اللبناني، لان المسؤولين فيها ليسوا على هذه الدرجة من الغباء بحيث لا يعرفون الهدف منها، وهو الحصول على قرار دولي بوضع قوات مراقبة دولية على الحدود السورية  اللبنانية.

الخرق الاسرائيلي بدأ يتسع كثيرا على الراقع الامريكي، بحيث باتت مهمته متعثرة في اصلاحه، ولذلك فان على واشنطن ان تكف عن تبني السياسات الاسرائيلية والدخول في عداء مع معظم دول المنطقة، مثلما هو حادث حاليا.

============================

قمتا تركيا .. ماذا تعنيان؟

محمد شريف الجيوسي

الدستور

 5/15/2010

تزامنت القمتان الثنائية السورية التركية ، والثلاثية السورية التركية القطرية ، مع زيارة الرئيس الروسي ميديديف لسورية وتركيا على التوالي اعتباراً من 10 أيار الجاري ، وتسلمه رسالة من رئيس الكيان الصهيوني بيريس ، يزعم فيها أن إسرائيل غير معنية بتوتير حدودها مع سورية.. بعد أيام من تهديدات صهيونية وأمريكية لها بذريعة تزويد المقاومة اللبنانية بصواريخ سكود ، وبعد أيام من تمديد الإدارة الأمريكية للعقوبات على سورية بتهمة رعاية الإرهاب.

 

وكأن الإرهاب في ظل سياسات الإدارات الأمريكية المتعاقبة في حاجة للرعاية ، فما تقدمه هذه الإدارات من سياسات قاصرة وتمييزية ومنحازة ، يمد الإرهاب بأسباب النمو بالمجان.

 

وتتخذ القمتان أهميتهما بعد موافقة إيران إجراء محادثات مع الغرب حول برنامجها النووي في تركيا ، وقيام الأخيرة بدور الوساطة وتأكيدها وسورية على حق إيران امتلاك الطاقة النووية السلمية وضرورة حل النزاع بالطرق الدبلوماسية ، وتقديم تركيا والبرازيل مبادرة للحل بتقديم ضمانات لإيران باستعادة وقودها النووي منخفض التخصيب ، بعد معاملته في الخارج.

 

وصعّدت واشنطن وتل أبيب تهديداتهما لإيران ولسورية وللمقاومتين اللبنانية والفلسطينية ، ومنحت أمريكا وروسيا فرصة إضافية لإسرائيل لعدم رقابة منشآتها النووية والامتناع عن توقيع معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ، واستثنائها من خلو المنطقة من أسلحة الدمار الشامل حتى التوصل إلى سلام ، وهو سلام تعرقل إسرائيل قيامه ، وتخرق اتفاقياته.

 

وأعربت تركيا قبل وأثناء القمة عن استعدادها لاستئناف وساطتها بين سورية وإسرائيل ، كما أعرب الرئيس السوري بشار الأسد عن ترحيبه بالوساطة التركية ، إلا أن إسرائيل مصرة على رفضها ، بعد أن انتقدت تركيا المذابح التي ارتكبتها إسرائيل في عدوانها الهمجي على غزة أواخر عام ,2008 فإسرائيل لا تريد وسطاء نزيهين وإنما وسطاء منافقين منحازين لها.

 

ورغم تراجع السياسات الروسية تجاه العرب ، باتجاه تلبية مصالح أمريكية وإسرائيلية ، لكن من غير المرجح استمرار ذلك ، فإسرائيل عملت ضد مصالح روسيا في جورجيا وغيرها ، وتحاول إملاء شروطها على دولة عريقة السيادة ووثيقة المصالح بالعرب ، وإذا كانت الأيديولوجيا حالت زمن الحرب الباردة دون كسب أغلب العرب ، فإنها الآن قادرة على استعادة الصداقات القديمة وكسب صداقات جديدة ، وليس من الحصافة مبادلة هذه المصالح بصداقة إسرائيل ، التي لن يكون موقعها إلا مع أمريكا وأوروبا. فضلاً عن أن مصالحها العربية تفوق مصالحها بإسرائيل ، وموازين الحق والعدل هي موضوعياً في صالح العرب.

 

لم يحدث تاريخياً أن بادلت الولايات المتحدة: روسيا ، الصداقة ، على مدى تاريخها ، مع توالي الأنظمة المختلفة في موسكو من قيصرية وسوفيتية وإصلاحية ، ومن غير الحكمة التوجه خارج ما قدمته التجارب والوقائع والمصالح ، في وقت تنشد فيه بلدان عربية وإسلامية صداقة روسيا وتفتح لها ذراعيها ، وسورية وتركيا أنموذجان على ذلك وغيرهما.

 

لقد قدمت القمة الثلاثية رسالة لروسيا مفادها أن صداقتها للمنطقة في الميزان ، بعد كل التهديدات ودق طبول الحرب التي أعلنتها إسرائيل.

============================

لندع تركيا تشارك

كيتلين ماكنزي

كاتبة عمود في «تركيش ويكلي»

«كومون جراوند» والاتحاد الاماراتية

الرأي الاردنية

5/15/2010

يتنامى النقاش، في خضمّ محادثات عن تجدّد الجهود نحو السلام في الشرق الأوسط، حول المسار السوري الإسرائيلي بالذات. ورغم أن اتفاقاً حول إعادة استئناف المحادثات لم يتم بعد، ومن المعترف به أنه صعب التحقيق حالياً، فإن التوقعات كثيرة. ويتمركز معظم الحديث حول احتمال أن تقوم تركيا بإعادة إحياء دورها كوسيط، حتى في مضمون العلاقات التركية الإسرائيلية المتدهورة. وبما أن تركيا لعبت دوراً رئيسياً في الجمع بين إسرائيل وسوريا في الماضي، واقتربت من التوصل إلى اتفاق حول استئناف المحادثات قبل الحرب الإسرائيلية على غزة، فإنها تبدو المرشح الطبيعي للتوسط في جولة جديدة من المحادثات.

لكن إذا كانت تركيا تنوي استئناف دورها، فهي ضمن الظروف الراهنة تستطيع المساهمة على أفضل وجه من خلال استخدام علاقتها الجديدة مع سوريا لجمع الطرفين، إضافة إلى الولايات المتحدة مرة أخرى. وكانت دمشق قد أعربت مرات عديدة عن رغبتها بوجود وساطة تركية، وهو طلب يزداد أهمية بالنظر إلى العلاقة المتزايدة بين الجارين. ويعطي هذا الطلب تركيا قوة مضاعفة للحفاظ على صورتها كلاعب في محادثات السلام ولتحسين موقفها في عيون واشنطن.

وقد تحوّل موقف واشنطن نحو سوريا التي أصبح يُنظر إليها كمعبر إلى السلام الإقليمي. ويشكل تعيين «روبرت فورد» سفيراً في دمشق، وزيارة السناتور كيري للرئيس الأسد، أمثلة على هذا التحوّل.

لكن مهمة تيسير المفاوضات لن تكون سهلة. فرغم أن دمشق ترحب بعودة السفير الأميركي، فإن السوريين حذرون من نية واشنطن الواضحة للاستثمار في المسار السوري في عملية السلام في الشرق الأوسط. وتبدو سوريا متشككة في قدرة هذه الإدارة على النجاح حيث فشلت الإدارات الأخرى، بل متشككة في صدق خطابها حول السلام. وهذا صحيح فيما يتعلق بمطلب سوريا حول إعادة الجولان. من المستبعد أن توافق سوريا على محادثات دون ضمانة ما بعودة الجولان، وهو أمر تعارضه إسرائيل علناً.

وعقب فشل إدارة أوباما في منع إنشاء مزيد من المستوطنات في القدس، يشعر السوريون بالتشاؤم من احتمال أن تستطيع الولايات المتحدة إقناع إسرائيل بإعادة الجولان.

إلى ذلك، لا تساعد العلاقات المتوترة بين إسرائيل وتركيا على تحسين الوضع، فقد أدت مشاعر تركيا الشديدة المضادة لإسرائيل ببعض المراقبين للاستنتاج بأن تركيا تفقد مصداقيتها بسرعة كوسيط غير منحاز بين الطرفين. لكن هل يُعتبر الموقف «غير المنحاز» ضرورياً للنجاح؟

تُظهر نظرة سريعة على تاريخ محادثات السلام، من كامب ديفيد إلى أوسلو وما بعدها، أن «الوسيط المحايد» لم يضمن النجاح. إذ يُنظر إلى الولايات المتحدة، رغم ادعائها بأنها «وسيط صادق»، على أنها تساند إسرائيل. لكنها حققت نجاحا كما يظهر في اتفاقيات السلام المصرية الإسرائيلية .

قد تكون أفضل مساهمة تستطيع تركيا تقديمها في المستقبل القريب، المساعدة على إقناع سوريا بالانضمام إلى طاولة المفاوضات، لكنها لا تستطيع أن تضمن اتفاقية سلام سورية إسرائيلية.

يمكن النقاش بأن نجاح تركيا المحتمل كوسيط في محادثات السلام السورية الإسرائيلية جزئي. وفي نهاية المطاف، تعلم جميع الأطراف أن الولايات المتحدة وحدها تملك القدرة على إقناع إسرائيل بالتوقيع على صفقة سلام.

============================

إملاءات إسرائيلية على طاولة المفاوضات

عمار الجنيدي

amrjndi@yahoo.com

الرأي الاردنية

5/15/2010

يعود السيناتور جورج ميتشل مبعوث الرئيس الأمريكي إلى منطقة الشرق الأوسط وهو منهك من الإصرار الإسرائيلي على إفشال المساعي التي يبذلها الجميع وبخاصة مساعي الاتحاد الأوروبي والسلطة الفلسطينية المتّكئة على المبادرة العربية التي تنصّ على حدود دولة فلسطينية حدودها حسبما نصّ القرار الأممي 194 هي حدود الرابع من حزيران 1967.

 

لكن المثير للانتباه سكوت الإدارة الأمريكية على التعنّت «النتنياهوي» الذي يفرض شروطاً تتخذ شكل الاقتراحات لإملائها على طاولة المفاوضات وتنطلق منها شروطه لإفشال هذه المساعي وإبعاد المفاوض الفلسطيني عن التركيز عن جوهر مطالبته بحقوقه كاملة غير منقوصة وتشتيته بقضايا لا تمتّ إلى لبّ وعمق المفاوضات التي يعود من اجلها المبعوث الأمريكي، وهذا يعني فيما يعنيه أن لا جدّية في الموقف الأمريكي في الضغط على إسرائيل من اجل انصياعها لشروط السلام بتركها الحبل على غاربه لنتنياهو لفرض املاءاته البعيدة عن واقع الحال التفاوضي والمفترض أن يخضع لشروط السلام المُراد بحثه وتحقيقه.

 

لا احد ينكر الدعم الأمريكي المنقطع النظير لإسرائيل ولنتنياهو تحديدا؛ حتى الإدارة الأمريكية تتباهى بين الفينة والأخرى بهذا الدعم والتشجيع والمؤازرة، بأنه انتصار للحليف الاستراتيجي، ولكن أن يتم ذلك الانتصار على حساب حقوق الشعوب الأخرى المكتسبة، كما هو الحال عند الفلسطينيين، بأن يتغاضى هذا الموقف ويُناقض إرادة وقرارات الشرعية الدولية؛ فما ذلك إلا انحياز سافر للعنصرية الإسرائيلية وتشجيع له للمضي في غيّها المتمثّل في انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني والاستمرار في اغتصاب أرضه وتشريده وعدم الاعتراف بحقوق لاجئيه بالعودة والتعويض كذلك يعني استمرارا شرها في التوسّع الاستيطاني، ممّا يؤدي بهذا الانحياز والدعم الأعمى إلى وضع الجدّية والمصداقية الأمريكية على محك الخذلان واللاأخلاقية بسبب الازدواجية والانتقائية والانتصار للقوة بل الانتصار للحق والتشجيع على الإرهاب الدولي، وممّا يجعل الخيارات محدودة أمام لعرب والفلسطينيين بعد الفشل في التوصل لاتفاق حتى على الخطوات الأولى لعملية السلام.

 

ما زال الفلسطينيون متسلّحين بحقهم التاريخي في أرضهم ووقوف الشرعية الدولية إلى جانبهم؛ بالرغم من ممارسة الضغط على الفلسطينيين لإبداء الرغبة بالمزيد من التنازلات من اجل الجلوس على طاولة المفاوضات، إلا أن حجر العثرة الحقيقي المازال جاثما في طريق المفاوضات هو الاستيطان الذي ما تزال إسرائيل ماضية فيه سواء في الضفة الغربية أو في القدس، فإصرار الفلسطينيين على التمسّك بتخلّي الإدارة الإسرائيلية عن مضيها في مشروعها الاستيطاني ما دامت هناك رغبة في الاحتكام إلى طاولة المفاوضات من اجل إحلال السلام المنشود.

============================

العلاقات اللبنانية  السورية تحت مجهر المحكمة الخاصة بلبنان؟

فادي فاضل

السفير

5/15/2010

تندرج العلاقات الدولية في منطق التطور الذي يستحيل بموجبه الرجوع إلى الوراء. وتخضع العلاقات اللبنانية  السورية بدورها لهذه القاعدة. فمنذ دخول الجيش السوري إلى لبنان في العام 1976 وحتى انسحابه منه في العام 2005، مروراً باتفاق الطائف في العام 1989، شهدت العلاقات اللبنانية  السورية الكثير من اليُسر والعُسر والتحسن فالتراجع والتغيرات والتدهور ومن بعدها التطور... والحبل على الجرّار.

تشكل المحكمة الخاصة بلبنان التي تأسست بموجب اتفاق ثنائي بين لبنان ومنظمة الأمم المتحدة الذي دخل حيّز التنفيذ بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 2007/1757، عنصراً مهماً في تطور العلاقات بين الدولتين المذكورتين. فمع أن المحكمة الخاصة بلبنان تتمتع أساساً بصلاحية محاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، إلا أن رهانات السياسة الإقليمية والبيئة الجيوسياسية حاضرة على الدوام منذ عملية الاغتيال في العام 2005 وحتى يومنا هذا. فهل يكفي ذلك لتهديد العلاقات اللبنانية  السورية جرّاء المحكمة الخاصة بلبنان؟ وهل تشكل المحكمة، نظراً إلى نظامها الأساسي وقواعد الإجراءات والإثبات، سيفاً مسلطاً على رأس سوريا على أساس القضية اللبنانية؟ أم أن المحكمة الخاصة بلبنان ستكون موضع اختبار في إطار سياسي دولي يميل إلى تعزيز العلاقات اللبنانية  السورية؟

للنظر في مختلف هذه الرهانات، سنعتمد قراءة قانونية للرابط بين المحكمة الخاصة بلبنان من جهة والعلاقات اللبنانية  السورية من جهة أخرى، مع العمل بدايةً على توضيح أوجه الغموض واللبس التي تعتري هذا الرابط (أ). وستتيح لنا هذه الدراسة التوسع في مرحلة لاحقة في علاقات المحكمة الخاصة بلبنان مع الدول الثالثة، ولا سيما سوريا منها، من دون أن يفوتنا التركيز على الضوابط القانونية داخل المحكمة التي ستمكّنها من إتمام مهمتها. (ب).

أ  لغط وغموض في أساس الوضع المعقّد بين المحكمة الخاصة بلبنان وسوريا

بدايةً، لا بدّ من الإشارة إلى أن المحكمة الخاصة بلبنان هي سلطة قضائية خاصة «ذات طابع دولي» وليست هيئة دولية صرفة، خلافاً لباقي المحاكم «الدولية». فقد أُنشئت المحكمة الخاصة بلبنان بموجب اتفاق ثنائي بين لبنان ومنظمة الأمم المتحدة، خلافاً للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا اللتين أُنشئتا بموجب القرارين 827/1993 و995/1994 الصادرين عن مجلس الأمن الدولي. وبالتالي، فإن تعاون الدول الأخرى إلزامي في ما يخص كلتا المحكمتين استناداً إلى القرارين الأمميين المذكورين، في حين أن المسألة غير محسومة من تلقاء نفسها في حالة المحكمة الخاصة بلبنان. ويفترض تعاون الدول الثالثة مع المحكمة الخاصة بلبنان اتفاقاً جرى التفاوض عليه وتوقيعه والمصادقة عليه من خلال إجراء داخلي يُتخذ على صعيد الدول المعنية.

فعند قراءة الصيغة الأولى لقواعد الإجراءات والإثبات الصادرة بتاريخ 20 آذار/مارس 2009، يتبيّن من خلال المادة 21 الفقرة (دال) أنه يجوز لرئيس المحكمة اللجوء إلى مجلس الأمن اذا تمنّعت إحدى الدول الثالثة عن التعاون مع المحكمة. ولكن كيف يمكن إرغام دولة تتمتع بالسيادة على التعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان من دون أن يسبق ذلك توقيع اتفاق بهذا الصدد تتعهد فيه تلك الدولة بالتعاون بملء إرادتها؟ وقد جاء الجواب في 5 حزيران/يونيو 2009، يوم أدرك قضاة المحكمة الخاصة بلبنان الخطأ الذي ارتُكب في الصيغة الأولى لقواعد الإجراءات والإثبات وعمدوا إلى إلغاء الفقرة (جيم) ذات الصلة. من الآن فصاعداً، أصبحت كل دولة ثالثة مدعوة إلى التعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان على أساس اتفاق موقع، علماً بأن الإجراءات الداخلية في بعض الدول معقدة عندما يتعلق الأمر بدراسة الوثيقة المذكورة والتوقيع والمصادقة عليها. وهذا ما دعا رئيس المحكمة الخاصة بلبنان القاضي أنطونيو كاسيزي إلى الاقتراح على الدول الثالثة التعاون ودّياً مع المحكمة، قبل توقيع الاتفاق، لكن من دون واجب ولا تعهد ملزم1(1).

وعليه، فلا بدّ من أن نلحظ ثانياً أن المحكمة الخاصة بلبنان لا تربطها علاقة جوهرية ومباشرة بمجلس الأمن، على عكس ما هي عليه حال كل من المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة والمحكمة الجنائية لرواندا. كما أن التقارير حول أنشطة المحكمة الخاصة بلبنان الصادرة عن رئيس المحكمة تُسلَّم حصراً إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية. فليس ما يحول في المستقبل دون قيام المحكمة الخاصة بلبنان بإحالة ملف أو أكثر إلى مجلس الأمن، ولكن حتى الآن ونظراً إلى الصكوك القانونية السارية المفعول، فإن مجلس الأمن لا يتدخل إلا في ثلاث حالات: أوّلاً ليُدرج ضمن صلاحيات المحكمة الخاصة بلبنان الدعاوى المتعلقة بالاعتداءات والاغتيالات الحاصلة بعد 12 كانون الأول/ديسمبر 2005 والمرتبطة باعتداء 14 شباط/فبراير (المادة 12 من قواعد الإجراءات والإثبات) وثانياً في مجال عدم رغبة لبنان في التعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان (المادتان 17 و20 من قواعد الإجراءات والإثبات)، وثالثاً لاستكشاف وسائل بديلة لتمويل المحكمة في حال عدم كفاية التبرعات (المادة الخامسة من الاتفاقية بين لبنان والأمم المتحدة بشأن إنشاء المحكمة). وما خلا هذه الحالات، لا يضطلع مجلس الأمن، خلافاً لما هو عليه الوضع في السلطات القضائية الدولية الأخرى، بأي دور حيال المحكمة الخاصة بلبنان، وخصوصاً حيال الدول الثالثة.

ثالثاً، ينحصر اختصاص المحكمة الخاصة بلبنان بمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن الهجوم الإرهابي الذي وقع في 14 شباط/فبراير 2005 (المادة الأولى من النظام الأساسي). فلا الأنظمة السياسية في الدول الثالثة ولا الأحزاب أو التيارات السياسية (سواء في الأكثرية أو المعارضة) تقع ضمن نطاق أعمال المحكمة الخاصة بلبنان، ما يشير إلى خطر المزج بين من يتمّ استجوابهم و/أو اتهامهم من جانب المدعي العام ومسألة انتمائهم الديني أو الطائفي أو الوطني أو السياسي المفترَض. وقد يتطور هذا الخطر إلى صراع داخلي أو أهلي إن أخفق الرأي العام واللاعبون السياسيون في التمييز بين «الأشخاص المسؤولين» والهيئات الرسمية التي لا علاقة لها بالمحكمة الخاصة بلبنان. ويأتي هذا الواقع القانوني والموضوعي لينفي الحملات المغرضة التي طالت هذه الدولة أو تلك، أو هذه الجهة الرسمية أو تلك، متّهمة إياها بالتورط في عملية التفجير، تحت ذريعة «الاتهام السياسي»، باعتبار أن تلك الحملات غير منطقية وبعيدة كل البعد عمّا تنصّ عليه وثائق المحكمة الخاصة بلبنان ذات الصلة. باختصار، إن القرار الاتهامي سيصدر بحق «أشخاص» طبيعيين، على أساس أدلة وبراهين وليس ادّعاءات أو مواقف سياسية (المادة 68 من قواعد الإجراءات والإثبات).

ب  المحكمة الخاصة بلبنان: ضامنة التعاون السليم مع الدول الثالثة من أجل عدالة أفضل

منذ تعديل المادة 21 من قواعد الإجراءات والإثبات بتاريخ 5 حزيران/يونيو 2009، أصبحت الدول الثالثة غير الملزَمة بالتعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان تحتفظ بحقها السيادي بالاستجابة أو عدم الاستجابة لطلبات صادرة عن مختلف أجهزة المحكمة الخاصة بلبنان، من دون أن يؤدي ذلك إلى نتائج على صعيد مجلس الأمن. فحتى الدول الملزَمة بالتعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان التي تتخلف عن موجباتها تحتفظ بإمكانية ترجيح أسبابها، بالطرق الاستشارية أو التحكيمية، على أساس الاتفاق الموقع مع المحكمة الخاصة بلبنان، وبموجب المادة 21 الفقرة أ من قواعد الإجراءات والإثبات، من دون أن يكون لزاماً على رئيس المحكمة اللجوء إلى مجلس الأمن2(2).

وبذلك، فإن الصكوك القانونية للمحكمة الخاصة بلبنان التي تشكل المرجعية الوحيدة المرعية الإجراء لدى أجهزة المحكمة تنفي الادعاءات التي مفادها أن المحكمة الخاصة بلبنان قد أُنشئت بطلب من المجتمع الدولي لزعزعة سوريا أو إرغامها على اتخاذ هذه الخطوة السياسية أو تلك على الصعيد الإقليمي.

بل أكثر، حيث لا بدّ من الإشارة إلى أن اللجنة المستقلة الدولية للتحقيق التي أُنشئت بموجب القرار 1595/2005 كانت تتمتع بصلاحيات وسلطة إكراه لجهة إلزامية تعاون سوريا معها وهي أهم بكثير من تلك المناطة بمكتب المدعي العام للمحكمة الخاصة بلبنان. فقرارا مجلس الأمن الرقم 1636/2005 و1644/2005 اللذان اعتُمدا على أساس الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يُلزمان سوريا بالتعاون من دون قيد أو شرط مع اللجنة 3 (3). غير أنه ابتداءً من الأول من آذار/مارس 2009 أصبح مكتب المدعي العام للمحكمة الخاصة بلبنان يتمتع بصلاحية حصرية لمتابعة التحقيق في اعتداء 14 شباط/فبراير 4(4) 2005، وانتهى بالتالي الموجب الإلزامي الواقع على سوريا بالتعاون مع هيئة التحقيق.

منذ ذلك الحين، لم يعد تعاون سوريا مع المدعي العام ناتجاً من موجب قانوني منصوص عليه في أحد قرارات مجلس الأمن. بل أصبح يتعين على المدعي العام من الآن فصاعداً أن يطلب أو يلتمس هذا التعاون، من دون أي سلطة قسرية أخرى5 (5). في هذه الحالة أيضاً، نلاحظ فرقاً أساسياً بين المحكمة الخاصة بلبنان والمحاكم الدولية الأخرى، حيث الدول ملزمة بالتعاون بموجب قرارات مجلس الأمن التي أنشأت تلك المحاكم وعززت أعمالها مع الأطراف الثالثة.

فما هو المخرج القانوني المتبقي للمحكمة الخاصة بلبنان لمتابعة أعمالها القضائية إذا كان المتهَم مواطناً من دولة ثالثة غير ملزَمة بالتعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان؟ أو إذا كان المتهَم موجوداً على أرض هذه الدولة، من دون أن يكون من رعاياها؟ بحسب الفلسفة القضائية الحاضرة في مختلف وثائق المحاكم الجنائية الخاصة، لا يشكل تعاون الدول غاية بحدّ ذاته، بل هو وسيلة تتيح للقضاء متابعة مساره الطبيعي من دون عوائق أو تأخير ملحوظ. وإحدى السمات الأساسية للمحكمة الخاصة بلبنان تكمن في قدرتها على محاكمة أي متهَم لم تسلّمه سلطات الدولة المعنية إلى المحكمة أو توارى عن الأنظار أو تعذّر العثور عليه، محاكمة غيابية 6(6). ونمط المحاكمات هذا لا يشكل مخرجاً قانونياً وحسب في حال عدم حضور المتهَم، بل يشكل أيضاً ضمانات أهم من تلك التي توفرها المحاكمة الغيابية. فإن كان هدف المحكمة الخاصة بلبنان يقضي بإعطاء أصحاب الحق حقهم وبإنهاء حالة اللاعقاب، يجدر التذكير بأن الضمانات المقدمة إلى المتهمين والمشتبه بهم معززة من أجل ضمان أفضل لمبدأ تكافؤ وسائل الدفاع وحماية أفضل للحقوق الأساسية.

وبالتالي، فإن المحاكمة الغيابية تسمح للمتهَم المتغيّب بالاستعانة بمحامي دفاع أو وكيل دفاع تعينه المحكمة الخاصة بلبنان، وبالحصول على إعادة محاكمته حضورياً أمام المحكمة... إن هذا المخرج يسمح للقضاء بالتقدم في مساره من دون عوائق أو تأخير يُلحَظ، ليس فقط في مجال عدم تعاون إحدى الدول الثالثة، بل أيضاً في حال عدم قدرة الحكومة اللبنانية على تسليم متهَم أو مشتبه به إلى المحكمة. وبين عدم القدرة لدى الحكومة اللبنانية وعدم رغبتها في التعاون فرق واضح يتعين على رئيس المحكمة إجلاؤه، إذا اقتضى الأمر، في محضره القضائي7 (7).

خلاصة

لقد أصبحت المحكمة الخاصة بلبنان هيئة قضائية مستقلة ذات طابع دولي غير مرتبطة لا بدولة ولا بمجلس الأمن. فهي تنهل توجهاتها وتعليماتها الواجب احترامها من أنظمتها الداخلية. وما دام لبنان هو الدولة الوحيدة التي وقعت إلى يومنا هذا اتفاق تعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان، فأي دولة أخرى غير ملزَمة بالتعاون معها. وعليه، فإن هذه المحكمة لا تُلزم حتى الآن إلا لبنان واللبنانيين، من أجل وضع حدّ مرة جديدة لحال الإفلات من العقاب ولقيام القتلة والمجرمين بحلّ المسائل السياسية على هواهم. فمن خلال تمكين القضاء من أن يأخذ مجراه ومساره الطبيعي، ستتمكن المحكمة من الوصول إلى خواتيمها. أما التدخل في كل شاردة وواردة في أعمال هذه المحكمة، سواء من خلال الآراء السياسية الحزبية أو التقارير الإعلامية المزوّرة والمركبة، فيعيق مسيرة المحكمة الطبيعية والمعيارية. فالمحكمة الخاصة بلبنان ليست ولن تكون مصدر تهديد للعلاقات اللبنانية  السورية والعكس بالعكس، إذا ما درسنا موضوعيا وبوعي وتبصر الأنشطة التي تقوم بها المحكمة. بل أكثر، إذ سيتمّ إرساء مصالحة حقيقية من خلال هيئة قضائية ذات طابع دولي بين لبنان وسوريا إن أخذ القضاء مجراه وتحققت العدالة. وهذا ليس من سابع المستحيلات.

أستاذ جامعي في القانون الدولي

نائب الرئيس والأمين العام للجامعة الأنطونيّة

هوامش

3(1) مقابلة أجرتها صحيفة الحياة مع الرئيس كاسيزي في 3 نيسان/ أبريل 2010

http://international.daralhayat.com/internationalarticle/126034 

2(2) خلافاً للصيغة الأولى للمادة 21 الفقرة (دال) (المُلغى في الصيغة الحالية)، حيث يرد بوضوح أن رئيس المحكمة الخاصة بلبنان يلجأ إلى مجلس الأمن، على أساس محضر قضائي، في حال عدم تعاون دولة ثالثة ملزمة بالتعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان.

3(3) الفقرة 5 من منطوق القرار 1636 والفقرة 4 من منطوق القرار 1644.

4(4) المادة 11 من النظام الأساسي للمحكمة الخاصة بلبنان، والمادة 17 من قواعد الإجراءات والإثبات.

5(5) المادتان 18 و19 من قواعد الإجراءات والإثبات.

6(6) المادة 22 من النظام الأساسي للمحكمة الخاصة بلبنان.

7(7) المادة 20 من قواعد الإجراءات والإثبات.

http://international.daralhayat.com/internationalarticle/126034

============================

التمايز الروسي

سميح صعب

النهار

5/15/2010

من الواضح ان زيارة الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف لسوريا وتركيا هي بداية العودة الروسية الى الشرق الاوسط والمياه الدافئة، لكن هذه العودة تختلف عن الدور الذي كان لروسيا في الحقبة السوفياتية والحرب الباردة. آنذاك كان عنوان الدور السوفياتي مواجهة النفوذ الاميركي ومن يدور في فلك واشنطن والحد منه. أما اليوم، فالروس يقيمون علاقات مع العرب واسرائيل على حد سواء، الأمر الذي يتيح لهم الاضطلاع بدور الوسيط مع كل الاطراف.

إلا ان الطموح الروسي الى هذا الدور لا يزال يصطدم بكثير من المعوقات، أبرزها المعارضة الاميركية لمنح موسكو دوراً اكبر في تسوية الصراع العربي - الاسرائيلي. ومنذ مؤتمر أنابوليس عام 2007 والروس يسعون الى استضافة مؤتمر مماثل لدفع التسوية الى الأمام، لكن ذلك لا يلقى استجابة اميركية او اسرائيلية، ولذلك بقي الدور الروسي في اللجنة الرباعية غير قادر على تجاوز الدور الاميركي.

ومع ذلك، فإن الروس يسلكون مسلكاً اكثر توازناً وأكثر عقلانية وواقعية من ذلك الذي تنتهجه الولايات المتحدة. فموسكو على رغم التحذيرات الاميركية والاسرائيلية لم تقطع علاقاتها ب"حماس"، كما انها لا تزال تحتفظ بعلاقات واسعة مع سوريا تبلورت في الزيارة التاريخية للرئيس الروسي لدمشق، وإن تكن هذه العلاقات لا تزال محكومة بسقف المحرمات الاميركية والاسرائيلية لا سيما في مجال تصدير الاسلحة الروسية المتطورة الى روسيا. وقد لاقى الاعلان الروسي عن استعداد موسكو لمساعدة سوريا في بناء محطة للطاقة النووية السلمية استياء في واشنطن وتل أبيب.

وحاول ميدفيديف ان يعطي العلاقة المتجددة بسوريا بعداً استراتيجياً يضع موسكو في قلب العلاقات الاقليمية المتنامية في الشرق الاوسط، كتلك العلاقة الوطيدة بين سوريا وتركيا او بين تركيا وايران. ومن هنا كانت أنقرة المحطة الثانية لميدفيديف بعد دمشق. ومن تركيا يستطيع الروس ان يكوّنوا فكرة اوسع عن الدور الذي تطمح اليه أنقرة في نزع فتيل الأزمة بين ايران والغرب. واذا كانت دولة مثل البرازيل تنهمك في الوساطة مع تركيا، فلماذا تبقى موسكو بعيدة؟

ولئن بدأت روسيا تستعيد منذ اعوام مكانتها على الساحة الدولية، إلا انه لا يمكنها إلا ان تكون اكثر انخراطاً في القضايا الاقليمية وفي مقدمها الصراع العربي - الاسرائيلي او الملف النووي الايراني، فأي تفجر لهذه القضايا لن تكون روسيا في منأى عنه، ولذلك تجد نفسها معنية بالقيام بدور ما في المساعي الرامية الى التهدئة.

واسرائيل، التي تنفر من تركيا اليوم، تجد نفسها أقرب الى روسيا في نقل الرسائل الى سوريا، وإن كان لا يعجبها مثلاً الاجتماع بين ميدفيديف ورئيس المكتب السياسي ل"حماس" خالد مشعل في دمشق. وهنا تكمن خصوصية الدور الروسي وأهميته وقدرته على القيام بما لا تستطيع واشنطن القيام به.

ويصح ذلك أيضاً على الملف الايراني، إنطلاقاً من العلاقات الاقتصادية القوية التي تربط موسكو وطهران. وحتى الآن لا تزال روسيا ترفض الذهاب وراء الدعوة الاميركية الى فرض عقوبات مشددة على ايران يمكن ان تطاول القطاع النفطي بما ينعكس سلباً على الشعب الايراني.

إن اهمية الدور الروسي الآن تنبع من قدرة موسكو على محاورة الجميع، ومن كونها مقبولة من الجميع، الأمر الذي لا ينطبق على الولايات المتحدة. ومع تحسن الموقع الاقتصادي لروسيا منذ ارتفاع اسعار النفط في الاعوام الاخيرة، فإن الرغبة تزداد لدى الروس في استعادة مواقع سياسية كانت لهم على الساحة الدولية. والاحداث تثبت انهم يسيرون في الاتجاه الصحيح، من اوكرانيا، الى الشرق الاوسط، الى اتفاقات الحد من الاسلحة النووية الاستراتيجية، الى موقع الشريك في الاقتصادات الصاعدة من الصين الى الهند فالبرازيل.

============================

سوريا وايران واسرائيل: الحقيقة والتبسيط !

سركيس نعوم

sarkis.naoum@annahar.com.lb

النهار

5/15/2010

نقلت جريدة "هآرتس" الاسرائيلية قبل ايام قليلة عن شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية "أمان" ان الرئيس السوري بشار الاسد مستعد لاستكشاف آفاق تسوية سلمية مع اسرائيل. وأشارت الى انها المرة الاولى التي تقول فيها قيادة الجيش الاسرائيلي انه من الواجب اخراج سوريا من دائرة القتال. ونقلت ايضاً عن رئيس الاركان الجنرال غابي اشكينازي ان الاسد يرقص في عرسين في وقت واحد. الاول "عرس" ايران و"حزب الله" و"حماس" والفلسطينيين. والثاني هو "عرس" السلام مع اسرائيل. وشددت على ضرورة ان تعتمد اسرائيل واميركا اخراج سوريا من دائرة الحرب لأن من شأن ذلك تحقيق هدفين. الاول، عزل ايران. والثاني، اضعاف "حزب الله". واشارت الى ان الثمن الذي تريده سوريا لوقف "الرقص" في العرس الاول معروف وهو استعادة الجولان المحتل عام 1967 كاملاً. وهو في اي حال ليس اقدس من المناطق التي اعادتها اسرائيل الى مصر. ولفتت الى ان النجاح في ذلك يزعج الفلسطينيين ويجعلهم اكثر جهوزية للتجاوب.

هل ما نقلته صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية ونقلته عن مسؤولين عسكريين صحيح؟

متابعو الاوضاع وتطوراتها في الشرق الاوسط وخصوصاً عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين واستطراداً العرب يؤكدون ان الرئيس السوري بشار الاسد كان دائماً مستعداً لاستكشاف آفاق تسوية سلمية مع اسرائيل تعيد اليه الاراضي المحتلة من بلاده عام 1967 كلها. وهو لا يزال مستعداً لذلك. وقد اعرب عن موقفه الايجابي هذا اكثر من مرة بمطالبته روسيا الاتحادية حيناً بالتدخل والضغط، او بمطالبة اوروبا الموحدة بالسعي لتحقيق الهدف المذكور بل السلام الاكثر شمولية حيناً آخر، او بدعوة الولايات المتحدة الى القيام بالدور الذي لا تستطيع جهة دولية اخرى القيام به على هذا الصعيد حيناً ثالثاً، او بمطالبة "اللجنة الرباعية الدولية" بالتصدي لحل ازمة الشرق الاوسط حيناً رابعاً. كما اعرب عن الموقف نفسه بتصرف عملي كان الانخراط في تفاوض غير مباشر مع اسرائيل بواسطة تركيا "حزب العدالة والتنمية" اي تركيا الاسلامية الديموقراطية.

لكن مطالباته ودعواته المشار اليها اعلاه لم تحقق المطلوب منها. اولاً، لأن اسرائيل لم تكن جاهزة للسلام مع سوريا وكذلك مع الفلسطينيين وسائر العرب. وثانياً، لأن المجتمع الدولي كله كان إما عاجزاً عن "فرض" التفاوض المُنتج على افرقاء الازمة المزمنة في المنطقة (روسيا – الصين – الامم المتحدة – اللجنة الرباعية – اوروبا الموحدة)، وإما غير راغب في الضغط على اسرائيل تحقيقاً للسلام (الولايات المتحدة)، وربما غير قادر على ذلك في الوقت نفسه.

والمتابعون انفسهم يؤكدون ما ذهبت اليه "هآرتس" مباشرة او بنقلها كلاماً لمسؤولين عسكريين اسرائيليين مثل القول ان الرئيس بشار الاسد "يرقص في عرسين" صحيح بدوره. لكنهم في الوقت نفسه يعتقدون ان في الاقوال المنقولة اعلاه الكثير من الحقيقة والكثير من التبسيط ايضاً. فإخراج سوريا من دائرة الحرب الرسمية مع اسرائيل بعد إعادة الجولان اليها امر ممكن التصور. ذلك ان في التسوية السلمية الموقعة يُفترض في طرفيها الامتناع عن القيام باعمال عدائية ضد بعضهم البعض او عن دعم جهات تقوم بأعمال كهذه. واضعاف "حزب الله" نتيجة السلام السوري – الاسرائيلي قد يكون ممكن التصور اذا كان المقصود بالاضعاف هو وقف الامداد بالأسلحة وفي الوقت نفسه وقف ايصال الاسلحة التي ترسلها الى الحزب ايران وجهات اخرى من طريق سوريا. اما اذا كان المقصود هو ان القدرة العسكرية ل"الحزب" ستضعف فان الاعتقاد بذلك يكون نوعاً من التبسيط لأن ما في حوزته من ترسانة صاروخية وغير صاروخية ضخمة ولأن جيشه "العصاباتي – النظامي" في آن واحد المقدر عدده بعشرات الآلاف كفيلان بابقائه على قوته وبابقاء خطره على اسرائيل كبيراً وكذلك قدرته على مواجهتها.

طبعاً قد يدفع "السلام السوري – الاسرائيلي" "حزب الله" وربما راعيه الاقليمي الى التفاهم على الابتعاد عن الاستفزاز على الجبهة اللبنانية تلافياً لاتخاذ اسرائيل قرار توقيت الحرب عليه، باعتبار ان قرار شن هذه الحرب مُتخذ من زمان. علماً ان السوق السوداء تشمل العالم، وان سيطرة الحزب على لبنان تكفي لتهريب كل ما يحتاج اليه من سلاح. واما اذا كان المقصود ايضاً ان "حزب الله" سيضعف لأن سوريا ستضغط عليه مباشرة سياسياً وعسكرياً في لبنان فإن هذا الامر يدخل في باب التبسيط ايضاً. اولاً، لأن سوريا بشار الاسد لن تتخذ ابداً قرار مواجهة "حزب الله" مباشرة لأنه حليفها الاول وسندها الاول في لبنان، ولأنها ليست في وارد الاصطدام مع ايران او الاختلاف معها هي مؤسسة الحزب وراعيته وداعمته... والمستفيدة منه مثل سوريا ولبنان واكثر، اي في الصراعات الدائرة مع اسرائيل واميركا. وموقف سوريا هذا نابع من عدم رغبة ثانياً لأن ما حققه بشار الاسد من مكاسب لنظامه ولبلاده من حلفه مع ايران و"حلفائها" ومن سيره في المواجهة الى الآخر لا يمكن مقارنته بما سيحققه من تسوية مع اسرائيل وتفاهم مع اميركا وتخل عن ايران ولا سيما في ظل المطالب الكثيرة التي لا بد ان تقدمها له واشنطن وتصر على تلبيتها قبل حصوله بل المكاسب الموعودة. كما انه نابع وبالمقدار نفسه من عدم القدرة. واما اذا كان المقصود ثالثاً واخيراً انهاء المشكلة مع سوريا واستطرادا لبنان واستعمال ذلك لعزل الفلسطينيين ولاجهاض حل الدولتين وللدفع في اتخاذ حلول لقضيتهم لا مكان للعدالة فيها ولا للشمولية ولا للحقوق، فان المتابعين يلفتون اصحاب هذا الاعتقاد الى ان ما كان حقيقة في الماضي ربما اصبح الآن تبسيطاً.

فأيام سوريا الراحل حافظ الاسد كان ممكناً تصور تسوية بينها وبين اسرائيل تعيد اليها اراضيها المحتلة كلها، وإن قبل نجاح الفلسطينين في حل صراعهم مع اسرائيل. ذلك ان زعيمهم التاريخي ورئيس منظمة التحرير ياسر عرفات انفرد ب"اتفاق اوسلو" عام 1993 واعطى لسوريا وغيرها حجة ل"الانفراد" مثله. اما اليوم وبسبب الاوضاع المعقدة في المنطقة وتحوّل ايران لاعباً اساسياً في المواجهة مع اسرائيل واستطراداً اميركا وكون سوريا شريكاً لها فان الانفراد بالتسوية السلمية قد لا يكون بالنسبة الى سوريا بشار الاسد بالسهولة التي كان عليها ايام سوريا الراحل. علماً ان سوريا الحالية التي تعلمت الكثير تعرف تماماً ان "التقاء المصالح" المعروف هو الذي ساعدها على البقاء في احلك الظروف، طبعاً اضافة الى عزمها وتصميمها واندفاعها في سياسة ما كان احد ليتصور انتهاجها من نظام اشتهر مؤسسه بالبراغماتية. وتعرف تالياً ان التفريط بهذا "الالتقاء" ليس في مصلحتها. ولذلك فانها قد تجد الطريقة المناسبة للتعاطي مع "التسوية السلمية" عندها تصبح اسرائيل مهيأة لها.

============================

سوريا.. تقدم روسي وتراجع أميركي

بقلم :ممدوح طه

البيان

5/15/2010

زيارة الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف لسوريا وتركيا في الأسبوع الماضي من حيث التوقيت و الدلالة والنتائج، هي زيارة تاريخية وهامة بمقاييس كثيرة، إذ أنها تاريخيا هي الزيارة الأولى لرئيس روسي إلى دمشق بعد الزيارات الثلاث للرئيس السوري بشار الأسد مابين عام 2005إلى عام 2008.

 

ورغم ارتفاع مستويات الوفود الزائرة بين البلدين دون انقطاع طويل ورغم العمق التاريخي للعلاقات السورية الروسية التي بدأت في منتصف الأربعينات عقب استقلال سوريا عن فرنسا وحافظت على استمرارها حتى اليوم رغم المتغيرات المختلفة.

 

وهي أيضا زيارة بالغة الأهمية في هذا التوقيت بالذات الذي يشهد تراجعا أميركيا كبيرا في الحوار مع سوريا، إلى حد الضغط الصهيوني والجمهوري على الإدارة الأميركية لعرقلة إيفاد السفير الأميركي، ولينتقل الخطاب الأميركي من الرغبة في الانفتاح على سوريا إلى التبعية السياسية لإسرائيل في سلسلة من الضغوطات والتهديدات.

 

بدءاً بترديد الاتهامات والمزاعم الإسرائيلية الكاذبة بشأن تسليح المقاومة اللبنانية، ومرورا بتمديد العقوبات الأميركية على سوريا، وانتهاء بتوجيه التحذيرات والتهديدات إلى سوريا فيما بين دخان الحرب وضباب السلام.

 

والدلالة أكثر من واضحة لهذه الزيارة في الزمان والمكان ،إذ يبدو العنوان الرئيسي هو «التقدم الروسي في الفراغ الأميركي»..

 

فبينما تفقد واشنطن مصداقيتها تدريجيا لدى شعوب المنطقة العربية والإسلامية بعد تآكل الرسائل السياسية والوعود الأوبامية بالتغيير الأميركي في السياسات والآليات باتجاه مواقف أقل انحيازا لإسرائيل وأكثر توازنا في التعامل مع قضايا المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

 

وتحاول بتهديداتها لسوريا العربية ولإيران الإسلامية بالعصا بدلا من تلويحها بالجزرة التغطية على الفشل الأميركي في إلزام إسرائيل بوقف الاستيطان، والتحدي الإسرائيلي لها وإحراجها في أكثر من مطلب وموقف.

 

وأيضا وللتغطية على المأزق الإسرائيلي أمام المجتمع الدولي سواء في جرائمها ضد الإنسانية في غزة التي سجلها تقرير غولدستون الأممي،أو في فضيحة جريمتها الدولية في دبي التي تم ضبطها فيها متلبسة، أو في فضح العرب والمسلمين لملف سلاحها النووي في نيويورك.

 

تستعيد روسيا تدريجيا تأثيرها ودورها في الشرق الأوسط بمواقف أكثر توازنا وأقل انحيازا تجاه قضية الصراع العربي الصهيوني،ويكفي أن روسيا التي تتحاور مع كل الأطراف في الشرق الأوسط لم تستثن من ذلك الحوار لا حركة المقاومة الإسلامية حماس في فلسطين ولا حزب الله في لبنان، بل حرص رئيسها ميدفيديف خلال زيارته لسوريا على عقد لقاء مع خالد مشعل الزعيم السياسي لحركة حماس بحضور الرئيس الأسد في رسالة ذات مغزى.

 

وذلك ما يغضب بالقطع كلا من إسرائيل وأميركا، خصوصا وأن الغضب الأميركي الإسرائيلي من سوريا قد ازداد حدة بعد اللقاء الثلاثي بين الرئيس نجاد والرئيس الأسد وحسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني في دمشق أيضا، كما يأتي بعد لقاء ثلاثي سوري قطري تركي في أنقرة التي توجه إليها الرئيس الروسي قادما من دمشق.

 

الموقف الروسي تجاه ما هو عربي وإسلامي يختلف بالقطع كثيرا عن الموقف الأميركي إذ يقوم على الحوار والتفاهم والتعاون والدعم، لا على الإملاء والضغط والتهديد والوعيد، والموقف الروسي لا يحتل اليوم دولة عربية ولا إسلامية مثلما تحتل أميركا العراق العربية وأفغانستان الإسلامية وحلفها الاستراتيجي مع إسرائيل عدو الشعوب العربية والإسلامية لا يتزعزع.

 

وإن بقي علي السياسة الروسية لدي شعوب المنطقة العربية والإسلامية بعض الملاحظات سواء فيما يتعلق بنمو العلاقات و النفاذ الإسرائيلي في السياسة والإعلام الروسي وتأثير ذلك على تذبذب الموقف الروسي من تسليح سوريا وإيران بصواريخ س 300، والتماهي النسبي مع أميركا في مسألتي الصمت عن الترسانة النووية الإسرائيلية والصياح على الملف النووي الإيراني.

 

تصريحات ميدفيديف في زيارته التاريخية لسوريا اليوم، ربما أعادت إلى الأذهان بعض مشاهد العلاقات التاريخية السوفيتية العربية الأكثر إثارة وحرارة، سواء في معركة بناء السد العالي أو ضد العدوان الثلاثي على مصر بالإنذار الروسي الشهير، لكن العالم تغير مثلما تغيرنا نحن أيضا!

كاتب مصري

============================

ميدفيديف في دمشق

بقلم :حسين العودات

البيان

5/15/2010

كما كان لفرنسا وبريطانيا والنمسا نفوذ في بلاد الشام أيام السلطنة العثمانية في القرن التاسع عشر كان لروسيا أيضاً مثل هذا النفوذ، ومثلما ادعت فرنسا حماية كاثوليك المشرق، وإنجلترا حماية البروتستانت (الإنجيليين) فقد ادعت روسيا القيصرية حماية الأرثوذكس والكنيسة الأرثوذكسية المشرقية، التي رغم استقلالها (الكهنوتي) والمالي والإداري.

 

وعدم ارتباطها بأي رئاسة دينية خارج البلاد العربية (كما هي حال الكاثوليك والبابوية) فإن الصلات المعنوية والروحية والتضامن كانت قائمة بينها وبين مثيلتيها اليونانية والروسية، ومازال هذا التعاطف والتعاون قائماً حتى الآن.

 

ومثلما كان للدول الأوروبية نصيب في الامتيازات التي فرضت على السلطنة العثمانية، كان لروسيا أيضاً مثل هذه الامتيازات في القدس ودمشق وبلاد الشام عامة، وبقيت بلاد (الموسكوف) كما كان الشاميون يسمونها قريبة من السمع والبصر، وتأسس استشراق روسي مبكر.

 

وقامت صلات علمية وثقافية بين بلاد الشام وروسيا، وافتتح الاتحاد السوفييتي سياسته الخارجية بعد قيامه مباشرة بأمرين هما إرسال برقية بتوقيع لينين إلى مجلس العلماء في دمشق (وكان يعتقد أنه مجلس علماء وليس مجلس رجال دين) يعلمهم فيه بقيام الثوة البلفشية وأهدافها ورغبتها بالتعاون مع الشعوب ودعوتها للسلم ورفضها للاستعمار.

 

والأمر الثاني هو نشر اتفاقية سايكس بيكو السرية، التي كانت تقضي بتقاسم بلاد الشام بين الاستعمارين الفرنسي والبريطاني، وهو ما يتعارض مع الاتفاقات البريطانية مع الشريف حسين ومع قادة الثورة العربية الكبرى.

 

لم يكن بإمكان سورية أن تقيم علاقات مع الاتحاد السوفييتي وهي تحت الانتداب الفرنسي، وما أن اعترف الفرنسيون بحقها في الاستقلال عام 1943 (أعلن الاستقلال عام 1946)، حتى قررت الحكومة السورية تبادل التمثيل الدبلوماسي مع الاتحاد السوفييتي، وقد تم ذلك عام 1944. وفي هذا السياق ابتدأ التمثيل الدبلوماسي بين البلدين بطرفة جديرة بالذكر.

 

سمّت سورية المرحوم عبد المطلب الأمين قائماً بالأعمال وممثلاً لها في موسكو، وكان شاعراً وروائياً وصحفياً ومن ظرفاء دمشق، فانتظر مدة ليست قصيرة قبل أن يستقبله (مولوتوف) وزير خارجية الاتحاد السوفييتي، وكان مولوتوف يعرف الوضع في سورية.

 

وإصرار السلطات الفرنسية المستعمرة على جعل استقلالها الذي أعلن عام 1943 نظرياً، وإبقاء القوات الفرنسية معسكرة فيها سنوات أخرى، فقال للدبلوماسي السوري أرجو أن تطمئن حكومتك وشعبك بأن الاتحاد السوفييتي يدعم مطالبكم بالاستقلال وليس له أي مطامع استعمارية في بلادكم.

 

وكانت الجيوش السوفييتية حينها تحاصر برلين. فرد القائم بالأعمال السوري: وأنا باسمي واسم حكومتي واسم الشعب العربي السوري أطمئن حكومتكم وشعبكم بأنه ليس لدينا أي مطامع استعمارية في الاتحاد السوفييتي. وعندها انفجر مولوتوف بالضحك وهو المعروف عنه (التجهم الدائم) وأصبحا صديقين.

 

أما في التاريخ المعاصر، فقد تنامت العلاقات السوفييتية السورية منذ عام 1956 بعد زيارة الرئيس السوري شكري القوتلي لموسكو ذلك العام، وحصوله على موافقتها بتزويد سورية بالسلاح، ثم توطدت أيام الوحدة السورية  المصرية وتحولت إلى علاقات تحالف وعلاقات إستراتيجية بعد تولي حزب البعث السلطة في سورية.

 

وتركزت هذه العلاقات في الستينات والسبعينات والثمانينات على التعاون العسكري أولاً وتزويد سورية بالسلاح والخبراء العسكريين، والتعاون الاقتصادي ثانياً (بناء سد الفرات، تمديد الخطوط الحديدية، تمديد خطوط نقل الكهرباء، مد أنابيب النفط واستثمارات أخرى..) فقد تجاوز عدد المشاريع التي نفذها السوفييت في سورية (65) مشروعاً اقتصادياً.

 

والتعاون السياسي ثالثاً حيث دعمت السياسة السوفييتية الحق العربي دعما كبيراً، وأخيراً التعاون الثقافي فقد استقبل الاتحاد السوفييتي آلاف الطلاب السوريين ليدرسوا في جامعاته، وبالإجمال كانت العلاقات بين البلدين علاقات إستراتيجية واسعة المدى، متعددة الجوانب.

 

بعد انهيار الاتحاد السوفييتي تراجعت هذه العلاقات زمن الرئيسين غورباتشوف ويلتسين، لكنها بعد عدة سنوات، وقبل أن يطوي القرن العشرين آخر سنواته، تم إحياؤها من جديد ثم تطويرها.

 

وابتدأ ذلك بحل مشكلة الديون التي كان حجم المتبقي منها على سورية حوالي (13) مليار دولار عند سقوط الاتحاد السوفييتي، فاتفق الطرفان على إلغاء (73%) منها، على أن تستثمر روسيا الباقي في سورية.

 

كما اتفقا على مضاعفة التبادل التجاري والسلعي بينهما، وبالفعل فقد وصل حجمه عام 2009 إلى ملياري دولار سنوياً، ووافقت الحكومة الروسية على الاستمرار بتزويد سورية بالأسلحة (الدفاعية فقط، على أن يدفع ثمنها كاملاَ دون التقيد بأية اتفاقية أخرى)، وبالمقابل وافقت سورية على تسهيل استخدام ميناء طرطوس من قبل القوات البحرية الروسية، وشعر الطرفان بأنهما استأنفا العلاقات السابقة.

 

في ضوء هذا لابد أن لزيارة الرئيس ميدفيديف لسورية قبل أيام أهدافاً تتجاوز هذه الجوانب من العلاقات بين البلدين التي تتطور تلقائياً ولا تواجه صعوبات ولا تحتاج لزيارة رئيس الدولة لتطويرها.

 

وربما كان على رأس أهداف الزيارة رغبة روسية باستئناف لعب دور عالمي، بعد تعافي روسيا وانتهاء مرحلة الانتقال من المرحلة السوفييتية إلى المرحلة الروسية، وتطلعها إلى لعب دور الدولة العظمى.

 

كما تقتضيه شروط السياسة الدولية، ولاشك أن المشاركة في حل الصراع العربي الإسرائيلي تصلح لأن تكون مفتاحاً للانطلاقة الروسية العالمية خارج مجالها الحيوي التقليدي، بعد نجاحها في القوقاز (جورجيا خاصة) وفي أوكرانيا وقيرغيزيا والجمهوريات السوفييتية السابقة.

 

فضلا عن أوروبا الشرقية (منع نصب الصواريخ في بولونيا وتشيكيا)، وبديهي أن الشراكة الجدية في تسوية الصراعات في الشرق الأوسط ستؤكد دور الدولة العظمى الذي تطمح إليه، خاصة بعد أن حيّدت السياسة الأميركية اللجنة الرباعية وخارطة الطريق، وبعد فشل مشروع عقد مؤتمر سلام في موسكو لحل مشكلة الشرق الأوسط.

أما من الجانب السوري فإن سورية تطمح بتزويدها بصواريخ وأسلحة متطورة، وبدعم روسي لسياستها تجاه القضايا الإقليمية الرئيسية، بما يشكل، في الوقت نفسه، رسالة للإدارة الأميركية وللدول الأوروبية التي مازالت تضغط على سورية.

كاتب سوري

============================

الصعود السوري في المجال الإقليمي

آخر تحديث:السبت ,15/05/2010

عدنان السيد

الخليج

يلاحظ المراقبون صعوداً للدور السوري في المجال الإقليمي، ما يعيد لسوريا دوراً لعبته في العلاقات الشرق أوسطية وفي العلاقات العربية العربية .

 

العلاقة مع تركيا قطعت أشواطاً متقدمة في النهوض الاقتصادي والتعاون الأمني والسياسي، والثقل السياسي السوري آخذ بالنمو في الملفات الإيرانية والعراقية واللبنانية والفلسطينية . . . فضلاً عن السعي لتجاوز الخلافات الحكومية في العمل العربي المشترك .

 

عكست القمة الثلاثية السورية - التركية - القطرية في مدينة اسطنبول، تفاهمات إقليمية مهمة لها علاقة بشبكة العلاقات الشرق أوسطية ومستقبلها . هذا بالإضافة الى زيارة الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف الى دمشق، وهي زيارة غير مسبوقة .

 

ماذا تحمل القمم المشار إليها؟ وما هي أبعادها في هذا المجال الإقليمي المضطرب؟

 

تحدثت القمة الثلاثية عن الاستقرار في المنطقة، وضرورة التعاون الإستراتيجي بين الدول المعنية، وبينها وسائر الدول الأخرى في الإقليم الشرق أوسطي . وتوصلت الى نتائج لافتة، منها على سبيل المثال:

 

1- وضع حد لإجراءات التهويد المستمرة في مدينة القدس، والدفاع عن هويتها العربية والإسلامية استناداً إلى قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية .

 

2- معالجة حالة الانقسام الفلسطيني، وتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية التي تشكل منطلق الدفاع عن حقوق شعب فلسطين .

 

3- تشكيل حكومة وحدة وطنية عراقية، تمثّل جميع أطياف الشعب العراقي .

 

4- التأكيد على حق إيران في امتلاك الطاقة النووية السلمية، وضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من جميع أسلحة الدمار الشامل . واعتماد الطرق الدبلوماسية في حل جميع قضايا المنطقة .

 

5- رفض التهديدات والمزاعم “الإسرائيلية” التي تستهدف سوريا ودول المنطقة، مع ما تسبب من أجواء التوتر وصرف الأنظار الدولية عن الجرائم “الإسرائيلية” في الأراضي العربية المحتلة .

 

6- دفع العلاقات بين الدول الثلاث وصولاً إلى تحقيق تعاون استراتيجي بين دول المنطقة ينعكس إيجاباً واستقراراً على شعوبها .

 

تأتي هذه النتائج لقمة اسطنبول في الوقت الذي تتكرر تهديدات حكومة نتنياهو للبنان حكومةً ومقاومةً ودولةً .ولم تستطع المفاوضات الفلسطينية - “الإسرائيلية” غير المباشرة برعاية جورج ميتشل إضفاء جو من الاستقرار الإقليمي، وهي غير مضمونة النتائج في نهاية المطاف! وهي تشكل ضغطاً واضحاً على “إسرائيل” كي تنخرط في العملية السلمية مع موافقة سوريا وتركيا على استئناف المفاوضات غير المباشرة مع الحكومة “الإسرائيلية” . بتعبير آخر، هناك مجهودات دبلوماسية دولية وإقليمية لدفع العملية السلمية من دون ضمان النتائج الإيجابية المتوخاة .

 

في هذا المناخ، جاء موقف الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف في دمشق المؤيد لبذل جهود كبيرة لتشجيع العملية السلمية، والمركّز على دور سوريا المحوري في هذه العملية .

 

ومن دمشق، لفت الرئيس الروسي إلى عالم متعدّد الأقطاب في معرض رفضه لنظام القطب الواحد . ودعا الى إقامة نظام عالمي جديد عادل ومستقر . . كيف تتحقق العدالة؟ هذا هو السؤال الجوهري .

 

ثمة ضغط روسي إضافي لتحريك العملية السلمية في الشرق الأوسط، على قاعدة السلام العادل والشامل . وهي قاعدة قانونية لا بد من الانطلاق منها كما تؤكد القيادة الروسية .

 

مما لا شك فيه أن هذه المواقف تعطي لدمشق وزناً إضافياً في الشرق الأوسط، أمناً وسياسةً واقتصاداً . وتشير الى ضرورة الإفادة من هذه الحالة في سبيل استعادة التضامن العربي قبيل انعقاد القمة الاستثنائية في أيلول/ سبتمبر المقبل كما دعت القمة العربية في مدينة سرت الليبية . إنها حالة متزامنة مع صعود دور تركيا الإقليمي، التي خطت خطوات مهمة في البناء الداخلي، وهذه من العلامات الفارقة في الشرق الأوسط .

 

ستسعى الدبلوماسية “الإسرائيلية” للهروب من استحقاقات السلام، وسيستمر تركيزها على الملف النووي الإيراني وسلاح حزب الله وحركة حماس، مع تهديد دائم لسوريا . بيد أن الملف الداخلي “الإسرائيلي” صار مثقلاً بالتناقضات والإخفاقات المتوالية .

* وزير لبناني

============================

روسيا في سوريا لخوض الحرب الباردة الاقتصادية

آخر تحديث:السبت ,15/05/2010

عصام نعمان

الخليج

هاجس روسيا القيصرية كان دائما الوصول إلى المياه الدافئة . هاجس روسيا الشيوعية توليف بين الاستراتيجيا والايديولوجيا . الاستراتيجيا كان هدفها إقامة مراسٍ وقواعد للأسطول الروسي في المياه الدافئة، والايديولوجيا كان هدفها زرع مواطئ أقدام سياسية في مختلف انحاء اليابسة الكونية لتوطيد نفوذ الامبراطورية السوفييتية في وجه الامبراطورية الامريكية .

 

الصراع بين الامبراطوريتين كان يسمى “الحرب الباردة”، وهي منافسة حامية على جميع المستويات تتخللها أحياناً صراعات ساخنة يخوضها اللاعبان الجباران من خلال وكلاء محليين، وتنتهي غالباً إلى تسويات على حساب اللاعبين الصغار .

 

الحرب الباردة وضعت أوزارها في مطالع تسعينات القرن الماضي مع انهيار الاتحاد السوفييتي من الداخل لأسباب اقتصادية بالدرجة الاولى . رافق الانهيار أيضاً خروج جملة دول في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى من قبضة روسيا الكبرى، ودخول الولايات المتحدة لملء الفراغ الجيوبوليتيكي الحاصل .

 

مع أفول الحرب الباردة، زالت التعددية القطبية وحلّت محلها الوحدانية القطبية المعقودة اللواء للولايات المتحدة وحدها . غير ان انفراد أمريكا بزعامة العالم لم يدم طويلاً إذ انزلقت اداراتها المتعاقبة إلى حروب إقليمية في العراق في عهد جورج بوش الأب، وفي الصومال في عهد بيل كلينتون، وفي افغانستان والعراق مباشرةً، وفي لبنان وقطاع غزة مداورةً في عهد جورج بوش الابن، وفي باكستان ارثاً من بوش الابن في عهد باراك اوباما . هذه الحروب الوحشية والمدمرة استنزفت أمريكا بشرياً ومادياً، وأسهمت في تعطيل زعامتها الوحدانية، وفتحت الباب مجدداً امام التعددية القطبية .

 

خلال العقدين الماضيين، كانت روسيا تستعيد قوتها ونفوذها تدريجياً: في الداخل بإعادة بناء اقتصادها ومؤسساتها، وفي الخارج بإعادة اجتذاب الدول الاوروبية والآسيوية التي استقلت عن سلطتها ونفوذها، وبترميم علاقاتها السياسية والاقتصادية مع حلفائها السابقين خلال الحرب الباردة .

 

في هذا السياق استعادت موسكو نفوذها في روسيا البيضاء واوكرانيا وجمهوريات القفقاس السلافية وجمهوريات آسيا الوسطى الاسلامية . وبعدها رممت علاقاتها السياسية مع الدول الاسلامية ولاسيما إيران وتركيا وسوريا ومع قوى المقاومة العربية في فلسطين ولبنان .

 

لعل أبرز خطوات موسكو في مسار إحياء التعددية القطبية قيام اول رئيس روسي بزيارة سوريا العربية . ففيما تحوّل الشرق الاوسط كله من اصقاع افغانستان شرقاً إلى بلاد الشام ووادي النيل غرباً منطقة نفوذٍ لامريكا لا منافس لها فيها، إذْ بالرئيس ديمتري ميدفيديف يأتي ليعاود إحياء الحرب الباردة ولكن على اسس اقتصادية .

 

ليست أهداف ميدفيديف اقتصادية وتكنولوجية فقط اذ لها أيضاًأبعاد سياسية واستراتيجية . وقد حرص الرئيس السوري في خطبة الترحيب كما في البيان الختامي على تذكير الرئيس الروسي والعالم بالمخاطر والتحديات التي تواجه المنطقة والعالم بسبب تعنت “إسرائيل” ورفضها تنفيذ القرارات الدولية كما المبادرات المتعددة من اجل السلام الشامل . ولم يكن مفاجئاً لأحد تجاوب ميدفيديف مع مضيفه اذ حذّر من أن “عملية السلام في الشرق الاوسط قد تدهورت”، ونبّه إلى أن “التوترات (في المنطقة) تهدد بانفجار جديد او حتى بكارثة”، وتعهد المساعدة في دفع المنطقة نحو السلام بقوله: “اتفق مع الرئيس الاسد على انه يجب على الجانب الامريكي اتخاذ موقف اكثر نشاطاً”، من دون ان يغفل التأكيد مجدداً على ان السلام يتطلب انسحاباً “إسرائيلياً” من الاراضي العربية المحتلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة .

 

كان تردد، قبل الزيارة، ان ميدفيديف حمل رسالة إلى الرئيس السوري من الرئيس “الإسرائيلي” . تبيّن، بعد وصوله إلى أنقرة لمباشرة زيارته الرسمية، ان الناطقة باسمه، ناتاليا تيماكوفا، صرحت بأن الرئيس الروسي التقى في دمشق رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” ودعاه إلى الإفراج عن الأسير “الإسرائيلي” جلعاد شاليت “بالسرعة الممكنة” . نصيحة ميدفيديف إلى مشعل لم تتضمن، على ما يبدو، اي اشارة سلبية إلى الثمن الذي تطلبه “حماس” مقابل الإفراج عن الأسير، وهو تحرير مئات الاسرى الفلسطينيين من سجون الكيان الصهيوني . إلى الاتفاق السياسي، اقترنت زيارة الرئيس الروسي لدمشق بإعادة اطلاق للعلاقة الاستراتيجية بين البلدين من خلال بيان مشترك بأربعة عشر بنداً تزخر بعناوين التعاون الاقتصادي والتكنولوجي والنووي، وتشير إلى اعتزامهما اقامة مجلس للتعاون الاستراتيجي بينهما .

 

هل أثار الاسد مع ضيفه مسألة التهديدات “الإسرائيلية” المتواصلة وضرورة ردعها بتزويد سوريا صواريخ مضادة للطائرات من طراز “300-S” .

 

يقتضي التأكيد، مرةً اخرى، ان الغاية الاساسية من زيارة ميدفيديف، كما بدا من الاستقبال الحافل الذي جرى له في دمشق هي اقتصادية بالدرجة الاولى . ذلك تبدّى في الاتفاقات التي تمّت بين الطرفين في مجالات البنية التحتية، والنفط والغاز، وبناء محطة نووية للأغراض السلمية، وتكنولوجيا المواصلات، وحماية البيئة والري، والتكنولوجيا العالية، واستخدام الفضاء للأغراض السلمية . وكذلك في ما اعلنته وزيرة الاقتصاد السورية لمياء عاصي لجهة طلب بلادها الانضمام إلى منطقة التجارة الحرة التي تربط روسيا وروسيا البيضاء وكازاخستان، لكون الاندماج في الاقتصاد العالمي من اهم محاور الاصلاح الاقتصادي في سوريا .

 

من المعلوم ان الرئيس بشار الاسد هو صاحب نظرية البحار الاربعة الداعية إلى التكامل الاقتصادي بين سوريا وتركيا وايران المشاطئة للبحر المتوسط والبحر الاسود وبحر قزوين وبحر الخليج . وهو يرنو، على ما يبدو، إلى ترفيع التعاون مع روسيا، المشاطئة أيضاً للبحر الاسود، بدليل ان شركة الطاقة الروسية العملاقة “غازبروم” تشجعت بنظرته الاستراتيجية تلك فطلبت الانضمام إلى خط الانابيب العربي للغاز . ويهدف هذا الخط إلى نقل الغاز من مصر، وسيمر عبر الأردن وسوريا ولبنان وتركيا . كما من المقرر أن تشارك شركة “جيورسورس” التابعة ل”غازبروم” في عطاءات لاستشكاف آبار نفط في سوريا .

الحرب الباردة الاقتصادية اندلعت، وها هي سوريا تختار، كما في الماضي، التحالف مع روسيا لخوضها والافادة من مفاعيلها في وجه إسرائيل” ومن يقف وراءها .

============================

التحدّيات الكثيرة التي تواجه بريطانيا

الجمعة, 14 مايو 2010

باتريك سيل *

الحياة

لم ترزح المملكة المتحدة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية تحت هذا العبء الهائل من المشاكل السياسية والدستورية والاقتصادية والعسكرية والجغرافية الاستراتيجية المستعصية.

وضعت النتائج غير الحاسمة للانتخابات العامة التي أجريت في 6 أيار (مايو) الجاري والتي لم يفز فيها أي حزب بالأكثرية المطلقة، هذه المشاكل كافة تحت المجهر، ما أثار قلق الطبقة السياسية برمّتها. وتحدّث زعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون، الذي أسف لعدم تحقيق انتصار كان يعتقد أنه في متناول يده، عن وجود «نظام سياسي متصدّع».

غير أنّ المفاجأة غير المتوقعة تمثلت في إمساك زعيم الحزب الديموقراطي الليبرالي نيك كليغ بتوازن القوى بين حزب العمّال وحزب المحافظين. فحاز الديموقراطيون الليبراليون على 23 في المئة من الأصوات، إلا أنهم لم يحصلوا الا على 57 مقعداً في مجلس العموم، أي أقل من عُشر أعضاء المجلس، الأمر الذي يدل بوضوح على عدم عدالة النظام الانتخابي الحالي الذي يقوم على فوز المرشح الذي يحصل على اعلى نسبة من الاصوات، مهما كانت هذه النسبة.

لهذا السبب، لجأ الحزب الديموقراطي الليبرالي إلى تنظيم حملات متعدّدة على مدى عقود من أجل اعتماد نظام انتخابي يقوم على التمثيل النسبي. ويبدو أنّ هذا الحزب في صدد المطالبة بإجراء هذا التغيير الجذري أو أقلّه إجراء استفتاء حول هذه المسألة. فبطريقة أو بأخرى، بات نظام الحزبين، الذي طالما ساد السياسة البريطانية لوقت طويل، في حكم الميت، الأمر الذي أدى إلى اعتماد سياسة الائتلاف!

لا يطالب الحزب الديموقراطي الليبرالي باعتماد التمثيل النسبي فحسب بل يريد تطوير علاقات أوثق مع أوروبا من العلاقات التي يطمح إليها حزبا المحافظين والعمّال. كما أنّ هذا الحزب يبدي تسامحاً أكبر تجاه الأقليات الإثنية ومثليي الجنس ويسعى إلى تقليص الاعتماد الكبير على الولايات المتحدة.

لقد عارض الحزب الحرب التي شنّها حزب العمّال في العراق والتي وُصف على أثرها رئيس الوزراء حينها توني بلير بأنه «كلب أميركا المدلل». إلا أنّ حزب المحافظين دعم بدوره هذه الحرب. وكان الحزب الديموقراطي الليبرالي الحزب الوحيد الذي تصرّف بطريقة مناسبة حيال هذا الموضوع. وهو اليوم يعارض الحرب في أفغانستان ويريد أن تنسحب القوات البريطانية منها في أسرع وقت ممكن. ويطرح اعتماد هذا النوع من السياسات الجذرية مشكلة كبيرة أمام شركاء الحزب الديموقراطي الليبرالي في الائتلاف الحكومي.

غير أنّ الأزمة المالية الحادة التي تعاني منها بريطانيا تطغى على الخلافات كافة المرتبطة بالسياسات. ويقارب العجز الهائل في الموازنة ال 170 بليون جنيه إسترليني بحلول عام 2010 - 2011 أي حوالى 11 في المئة من الدخل القومي. وإن لم تكن بريطانيا ترغب في معاناة تجربة اليونان المريرة التي طلبت ذليلة من شركائها في الاتحاد الأوروبي ومن صندوق النقد الدولي مساعدتها، فعليها أن تفرض تخفيضات كبيرة على نفقات الحكومة. ولا شك في أن الضمانات الاجتماعية والقطاع العام سيكونان في مقدم الضحايا.

بالتالي، ستتقلّص الفوائد التي يحصل عليها كبار السن والمرضى والعاطلون من العمل وسيتقلص عدد موظفي الحكومة وعدد اساتذة المدارس وعدد الممرضات في المستشفيات. كما سيتمّ إرجاء المشاريع الأساسية الخاصة بالبنى التحتية إلى يوم آخر وسيتمّ رفع الضرائب. لم تعد بريطانيا بلداً ثرياً بعد الآن. وينبغي عليها أن تخفّف مصاريفها ليس لبضعة أشهر فحسب بل لعدة سنوات مقبلة.

هل يمكن حصول ذلك من دون حدوث اضطرابات اجتماعية وإضرابات وصراع بين الطبقات الاجتماعية ومناوشات في الشارع؟ تتشارك بريطانيا في هذا المشهد القاتم مع إسبانيا والبرتغال وإرلندا وفرنسا وبالطبع اليونان حيث أدت الأزمة إلى بروز وضع شبه ثوري.

تنظر بلدان مثل السويد وهولندا وألمانيا على وجه الخصوص، التي تحرز جميعها نجاحاً اقتصادياً، بازدراء شبه متخفٍّ الى البلدان التي فشلت في ضبط موازنتها واتخذت خيارات اقتصادية خاطئة. ولا يحبذ الألمان إنفاق الأموال التي تعبوا في جنيها على دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي أقل فاعلية منهم. فعندما خضعت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل للضغوط الدولية ووافقت على مضض على مساعدة اليونان، تمّت معاقبتها خلال الانتخابات المحلية التي أجريت في الأسبوع الماضي في مقاطعة نورث راين ويستفاليا. إذ مني حزب ميركل المسيحي الديموقراطي بخسارة كبيرة، الأمر الذي أدى إلى خسارتها الأكثرية في المجلس الأعلى في البرلمان.

ولعلّ الصدمة الكبيرة التي تواجه الشعب البريطاني تكمن في أنّ الأزمة المالية تدل على أن بريطانيا لم تعد قوة عظمى. وعلى رغم أن التراجع في سلطة بريطانيا بدا واضحاً على مرّ العقود الأخيرة، إلا أنّ معظم الشعب لم يعر هذا الأمر اهتماماً. كانت سلطة بريطانيا تتراجع منذ المحنة المضنية والمكلفة التي خبرتها خلال الحرب العالمية الثانية وإثر عملية تصفية الاستعمار التي تلتها. وساهمت الانتخابات التي أجريت في بداية هذا الشهر في توضيح ملامح المشهد لا سيما أن الوقت قد حان لمراجعة الأمور.

لم تتفوّق ألمانيا فحسب على بريطانيا بل تبعد عنها الاضواء ايضاً كل من الصين والهند وروسيا والبرازيل والولايات المتحدة طبعاً التي بدأت تسجل معدل نمو جيّد وصل إلى 3.5 في المئة وتتيح فرصاً متعددة للعمل. وسيترتب على بريطانيا التي لا تزال تعاني من الركود أن تتأقلم مع موقع متواضع في عالم يتغيّر بسرعة.

شكلت حرب العراق خطاً فاصلاً. فكانت بمثابة عمل امبريالي كارثي شاركت فيه الولايات المتحدة تحت ضغوط المحافظين الجدد الموالين لإسرائيل وارتكبت بريطانيا خطأ كبيراً في الانضمام إليه. وبدت هذه الحرب مكلفة أكثر من حرب السويس التي شنت عام 1956 ضد جمال عبدالناصر في مصر. ففي ذلك الوقت انضمت كلّ من بريطانيا وفرنسا إلى إسرائيل في الحرب التي شنتها ضد حاكم عربي بعد أن تمّ إقناعهما بأن هذا الأخير يشكل خطراً على مصالحهما. وتسبب فشل حرب السويس بتراجع فادح في تأثير بريطانيا في الشرق الأوسط كما يحصل اليوم بسبب حرب العراق.

يرغب الحزب الديموقراطي الليبرالي في خروج بريطانيا في أسرع وقت ممكن من أفغانستان التي تعتبر مغامرة امبريالية فاشلة. فلا يساهم قتل المسلمين في أفغانستان وباكستان سوى في تأجيج غضب المسلمين وفي استقدام التوترات من جنوبي آسيا إلى بريطانيا وأميركا. وتمثّل الدليل على ذلك أخيراً في محاولة الشاب الباكستاني - الأميركي فيصل شهزاد تفجير سيارة مفخخة في ساحة التايمز في نيويورك.

وستكون القوات المسلحة عرضة ايضاً لعملية التوفير في النفقات. وتبعاً لذلك ينتظر أن يتقلّص عدد حاملات الطائرات والغواصات النووية والطائرات النفاثة السريعة وعدد أفراد الجيش البريطاني الصغير أصلاً. كما يجب أن تتمّ مناقشة ما اذا كانت بريطانيا قادرة على تحمل تكاليف قوة ردع نووي مستقلة. وتشكل هذه احدى النتائج الجيوسياسية المترتبة على هذه الأزمة.

يجب على حكومة بريطانيا المقبلة أن تعالج هذه المجموعة الكبيرة من المشاكل. وما يجعل الأمر أكثر صعوبة هو عدم تمتع أي حزب بالقوة الكافية لفرض آرائه على البرلمان وعلى البلد. في انتظار بريطانيا إذاً مرحلة طويلة من التسويات القاسية التي من شأنها توجيه ضربة إضافية إلى نفوذ بريطانيا وصورتها.

ويكمن المخرج من الأزمة في أن تقوم أوروبا بتخطي مشاعرها القومية الضيقة والتوحد من أجل تشكيل قارة قوية قادرة على موازاة ثروة وسلطة الولايات المتحدة والصين والبلدان الصاعدة الأخرى. لكن من المستبعد أن يختار البريطانيون على رغم نقاط قوتهم وضعفهم حلاً جذرياً مماثلاً.

* كاتب بريطاني متخصص في قضايا الشرق الاوسط

============================

رئيس روسيا يجدّد دور الاتحاد السوفياتي مع سورية

السبت, 15 مايو 2010

سليم نصار *

الحياة

قبل أن يطير الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف الى دمشق، احتفل مع رئيس الوزراء فلاديمير بوتين بذكرى النصر على النازية. وأُقيمت للمناسبة منصة خاصة في الساحة الحمراء، مرت أمامها الدبابات والمدرعات وفرق الجيش والخيالة. وشوهد الرئيسان يرفعان أيديهما بالتحية، مثلما كان يفعل ستالين وبيريا وجوكوف وكوسيغين ومولوتوف.

واحتار المراقبون في تفسير أهداف هذا الاستعراض العسكري الضخم الذي أحيا ذكرى إمبراطورية انهارت منذ عشرين سنة. ولكن الجواب وصل الى دمشق مع ميدفيديف الذي أعلن أمام حليفه القديم «أن روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي إذا ما تعرضت المنطقة لانفجار جديد».

ومع أن ميدفيديف لم يذكر صراحة اسم الدولة التي يحمّلها مسؤولية الانفجار المتوقع، إلا أن تهديدات إسرائيل المتواصلة بضرب لبنان وسورية كانت بمثابة اتهام للدولة المعنية.

والملاحظ أن إسرائيل باشرت منذ أربعة أشهر في إطلاق اتهاماتها ضد سورية لأنها تقوم بتهريب صواريخ «سكود» الى «حزب الله». ولما نفت دمشق هذه الافتراءات، عادت حكومة نتانياهو لتهاجم موسكو وتتهمها بتزويد الجيش السوري بنظام صاروخي دفاعي مضاد للطائرات من طراز (أس – 300). وهو طراز يمتاز بقدرته على تدمير الطائرات الإسرائيلية من مسافات بعيدة. ومع أن دمشق التزمت جانب الصمت حول هذا الموضوع، إلا أن الحديث عن تعزيز القدرات الدفاعية السورية بأسلحة حديثة، قاد إسرائيل الى هذا الاستنتاج.

كذلك انتقدت تل أبيب النشاط السياسي الذي قام به ميدفيديف، معتبرة أن اجتماعه مع خالد مشعل يخدم الحركات الإرهابية، علماً بأن وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف سبق له أن التقى زعيم حركة «حماس» مرات عدة. كذلك زارت قيادة «حماس» موسكو، وأجرت محادثات سياسية مع كبار المسؤولين عن منطقة الشرق الأوسط في الخارجية الروسية.

في هذا السياق، يرى الصحافيون في دمشق أن زيارة الرئيس الروسي كانت موجهة الى إدارة أوباما عقب قرار تمديد العقوبات الأميركية على سورية، خصوصاً بعد إعلان تعيين السفير روبرت فورد، واعتماد سياسة الانفتاح الاقتصادي والسياحي تجاه دولة قوطعت مدة طويلة من قبل الولايات المتحدة. وغاية تمديد العقوبات، كما يراها الإسرائيليون، هي إبعاد سورية عن إيران وقطع تعاونها مع «حزب الله» و «حماس». أما ثمن الانتقال الى محور الاعتدال، فقد لمحت واشنطن الى استعدادها لحض إسرائيل على تجديد المفاوضات حول مرتفعات الجولان.

في معرض ردها على الضغوط الأميركية – الإسرائيلية، قالت دمشق إن سياستها الخارجية لا تخضع لإملاءات الدول الأخرى. وعليه قررت اعتماد استراتيجية دفاعية مبنية على نظام صاروخي قوي ضد الطيران ووحدات مضادة للدروع والدبابات، إضافة الى ترسانة «حزب الله». ومع أن هذه الوسائل لا تشكل أدوات الانتصار على إسرائيل، إلا أنها بالتأكيد ستحدث أضراراً في الأرواح والممتلكات تحاول دولة اليهود تحاشيها. وقد اتبعت سورية هذه الاستعدادات لحرب مفاجئة بتشكيل تكتل إقليمي في مواجهة التهديدات. وظهرت بوادر هذا التكتل في الاجتماع الأول الذي عقد في دمشق بين الرئيسين بشار الأسد ومحمود أحمدي نجاد وأمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله.

الأسبوع الماضي، عقد الاجتماع الثاني في أنقرة بحضور الرئيس الأسد ورئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس الوزراء حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني.

وفي هذا الأسبوع قدمت روسيا دعمها السياسي والعسكري للتكتل الذي ضم سورية وإيران وتركيا تحت غطاء التعاون الاقتصادي. وكان ذلك كافياً لإعلان تطابق المواقف في القضايا الدولية والإقليمية، خصوصاً قضية فلسطين. وظهر هذا التطابق جلياً في محادثات أنقرة التي استنكرت استبعاد حركة «حماس» من عملية السلام.

وترى قيادات فلسطينية محايدة أن رئيس السلطة محمود عباس يتعرض لضغوط أميركية متواصلة قد تدفعه للانسحاب من عملية المفاوضات غير المباشرة. والسبب أن الرئيس أوباما حضه في اتصال هاتفي على بذل قصارى جهده لمنع أعمال التحريض على إسرائيل أو الطعن بشرعية وجودها. ويخشى أبو مازن أن تكون المفاوضات التي تتم عبر المبعوث الأميركي جورج ميتشل، مجرد مضيعة للوقت يوظفها نتانياهو من أجل استكمال مشروع تهويد القدس الشرقية وطرد آخر الصامدين من سكانها العرب. والدليل على ذلك أن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان اعترف أثناء زيارته هذا الأسبوع لطوكيو، بأنه لا يوجد أي اتفاق مع واشنطن على وقف البناء في القدس الشرقية. علماً بأن الوسيط الأميركي كان قد أقنع أبو مازن بضرورة استئناف المفاوضات، لأن اتفاقاً غير معلن مع إسرائيل يقضي بتجميد البناء في القدس الشرقية طيلة هذه الفترة.

قبل انطلاق المفاوضات كتب يوسي بيلين، كبير المفاوضين في أوسلو يقول إن محمود عباس وضع برنامجه على الطاولة بعدما ضمنه الشروط التي اتفق عليها مع قادة السلطة. ويتلخص برنامج العمل في التالي: أولاً – الموافقة على أن تضم إسرائيل نحو اثنين في المئة من الكتل الاستيطانية الكبيرة مقابل التعويض بمساحة مماثلة تنقلها إسرائيل الى الدولة الفلسطينية.

ثانياً – القبول بأن تكون الأحياء الإسرائيلية في القدس الشرقية، زائد الحي اليهودي وحائط المبكى، تحت سيادة إسرائيل، في حين تبقى الأحياء الفلسطينية وجبل الهيكل تحت السيادة الفلسطينية.

ثالثاً – مطالبة إسرائيل بقبول عودة مئة ألف فلسطيني من لاجئي 1948 والتعويض على الآخرين.

رابعاً – من أجل ضمان أمن إسرائيل، تكون الدولة الفلسطينية المزمع إنشاؤها، مجردة من السلاح ما عدا السلاح الخفيف الخاص بالشرطة.

خامساً – الموافقة على قوة متعددة الجنسيات بقيادة أميركية تنشر بين حدود الدولتين.

على الجانب الآخر، حدد نتانياهو شروطه بالتالي:

أولاً – ضرورة تأجيل البت بالتسوية الدائمة الى وقت يكون الشعب الإسرائيلي مستعداً لها ومقتنعاً بها.

ثانياً – العمل على تأجيل البحث في القضايا الجوهرية كالحدود النهائية ومستقبل القدس ومبادلة الكتل الاستيطانية والسيطرة الأمنية على المناطق التي ستنسحب منها إسرائيل ومصير غور الأردن.

الرئيس أوباما يحض جورج ميتشيل على ضرورة اختصار المرحلة الأولى بشهرين بدلاً من أربعة أشهر، بغرض منح المتفاوضين الفرصة الكافية للانتقال الى مرحلة المفاوضات المباشرة، أي المفاوضات التي رسمت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون معاييرها على ضوء مبادرة جنيف والمؤتمر الذي عقده زوجها مع ياسر عرفات وإيهود باراك. وقد افتتح ميتشيل الجلسة الأولى بالتذكير أن القرار 242 هو المرجعية الأساسية لإقامة تسوية دائمة.

الدول الأوروبية غير متفائلة بجدوى المفاوضات التي اقترحها الرئيس أوباما. وهي ميالة الى الأخذ بخطة رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض التي تقضي بإعلان الدولة ولو من طرف واحد عام 2011. وقد صاغها فياض كمَخرَج محتمل من الطريق المسدود في المسيرة السياسية.

رئيس السلطة محمود عباس يعارض إعلان الدولة من دون التنسيق مع الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية. وحجته أن الدولة لن تصبح شرعية إلا إذا ساندتها القوى الكبرى وإلا إذا اعترفت بها جارتها إسرائيل. وهو يعطي أمثلة عدة على فشل هذا الخيار مثل الدولة التي أُعلنت عام 1988.

قيادة «حماس» لا تعطي المفاوضات غير المباشرة أكثر من شهرين على أبعد تقدير، قبل أن يعلن جورج ميتشيل تجميدها بسبب عدم توقف موجة الاستيطان. ومن المؤكد أن محمود عباس سيطلب من أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى الدعوة الى اجتماع طارئ لإعلان استقالته من رئاسة السلطة الفلسطينية. وكان عباس قد أوقف محادثات السلام في كانون الأول (ديسمبر) عام 2008، وبرر موقفه في حينه بالقول إن أولمرت لم يعطه سوى الكلام المعسول، وأن الضوء الأخضر الذي حصل عليه من الدول العربية والقيادات الفلسطينية، تحول الى ضوء أحمر ينذر بعواقب جمة بينها حرب لبنان صيف 2006 ومجزرة غزة. وكان بهذا التوصيف يشدد على أهمية استمرار المحادثات لملء الفراغ السياسي، لأن البديل في حال التوقف، هو القتال. لهذا السبب تبدو عملية «التخدير» السياسي التي اقترحها ميتشل لمدة أربعة أشهر، فاقدة لأثر «المفعول» الذي توقعه باراك أوباما، ومعنى هذا أن الرئيس الأميركي سيضطر الى اتخاذ موقف حاسم مع إسرائيل قبل أن تشعل في هذا الصيف حرباً نجح ميتشيل في تأجيلها وليس في إلغائها...

* كاتب وصحافي لبناني

============================

سفينة أوباما وأمواج اللوبيات المتلاطمة

المستقبل - السبت 15 أيار 2010

العدد 3652 - رأي و فكر - صفحة 19

أسعد عبدالرحمن

قبل نحو ثلاثة أشهر، بدا وكأن الرئيس الأميركي (باراك أوباما) قد "خضع" لرئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو)!! لكن إعلان وزارة الداخلية الإسرائيلية (أثناء زيارة نائب الرئيس الأميركي) عزمها بناء 1600 وحدة استعمارية/ "استيطانية" جديدة في القدس الشرقية قد قلب الطاولة، وهو ما عكسته طريقة استقبال الرئيس الأميركي لضيفه (نتنياهو) في واشنطن. ورغم استمرار الأخير على مواقفه المتطرفة المانعة "للتسوية"، حرص (اوباما) وإدارته على استمرار طرح المواقف الواضحة تجاه رفض إسرائيل التجاوب مع الطلب الأميركي بخصوص "المستوطنات"، مع تأكيد تأييدها لحل الدولتين، في ظل استمرار الجهد الأقصى الأميركي لتفعيل "التسوية". هذا كله، جعل (نتنياهو) يلجأ إلى اللوبي اليهودي "إيباك".

لقد وقف المحللون كثيرا أمام مواقف (أوباما) الأخيرة، متسائلين من أين جاءته هذه الجرأة خاصة مع اجتماع "إيباك" الذي حضره آلاف اليهود والصهاينة مع نحو 300 عضو كونغرس. ولم ينتقص من جدية هذا التساؤل حقيقة منظمة "جي ستريت" المنافسة والمعاكسة ل "ايباك" كون "إعلان المبادئ" الخاص بمنظمة "جي ستريت" يؤيد إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ضمن تسوية متفاوض بشأنها تقوم على حل الدولتين انطلاقا من حدود 1967 على أن تكون القدس عاصمة مشتركة لكلتا الدولتين، علاوة على دعوتها للحوار - وإن عبر وسطاء - مع حركة حماس. وطبعا، لا يزال جناح "ايباك" اللوبي اليهودي الأعمى بتأييده المطلق لإسرائيل هو الأقوى وعلى نحو بارز من جناح اللوبي اليهودي "غير الأعمى" ولا نقول "المبصر"! وفي جميع الأحوال، لا يستقر القرار النهائي لأي إدارة أميركية عند إرادة اللوبي اليهودي وحده (كما سنوضح لاحقا).

الآن، إن كان تصلب (نتنياهو) ليس جديدا، فإن الجديد هو إصرار إدارة (أوباما) على حل الصراع العربي - الإسرائيلي كبؤرة للتوتر تحول دون الاستقرار في عموم المنطقة، ودون تحقيق سياسة (أوباما) بفتح صفحة جديدة مع العالمين العربي والإسلامي، خاصة بعد التأييد الذي حصل عليه من عدد من القادة في مجالات عسكرية أميركية (ومن أبرزهم وزير الدفاع روبرت غيتس، الجنرال جيمس جونز، الادميرال مايك مولين، والجنرال ديفيد باتريوس). بل ان الجنرال الأخير رئيس القيادة الأميركية الوسطى قد شهد أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي موضحا بأن "استمرار الصراع العربي - الإسرائيلي يغذي جذوة مشاعر العداء للولايات المتحدة في المنطقة، بسبب محاباة واشنطن ومساندتها لإسرائيل، مما يعرض حياة الأميركيين للخطر". وهو الأمر الذي أكده قادة سياسيون وإعلاميون بارزون آخرون على نحو لا سابق له. من جهتها، ترى إسرائيل ان المشكلة تكمن في فريق البيت الابيض. لذلك، نجدها تلجأ لما يمكن تسميته اللوبي الصهيوني غير اليهودي ممثلا أساسا بالعناصر القوية المؤيدة لها في الكونغرس.

على صعيد مقابل، يقول (شموئيل روزنر) في مقال بعنوان "من هو المؤيد لاسرائيل؟": "لقد وافق داني ايالون نائب وزير الخارجية على لقاء اعضاء من الكونغرس ولكن دون مرافقيهم من منظمة (جي ستريت). فوزارة الخارجية تعتقد ان عناقا اسرائيليا ل (جي ستريت) مشروط بتفاهمات مسبقة مع المنظمة على "قواعد لعب" تحدد انتقادها لاسرائيل ونشاطها دون تجاوز (خطوط حمراء)". بالمقابل، يقول (يوسي بيلين) في مقال بعنوان "أزمة مع الولايات المتحدة وتنفس الصعداء في الايباك": "ازدحم جمهور بلغ نحو 10 آلاف شخص لاستماع البث المكرور: القدس عاصمة اسرائيل وأننا اصدقاء جيدون للولايات المتحدة برغم جميع خلافات الرأي. تكريم كبير، واحتضان كثير، ولا نهاية للتصفيق مع الوقوف. سنة بعد أخرى يعدون (أعضاء مجلس) الشيوخ الذين يأتون (أتى 60 هذا الاسبوع) وأعضاء مجلس النواب (لا يمكن العد)، ويطلقون تنفسا الصعداء: ما تزال الايباك على قيد الحياة. كل ذلك برغم الأزمة والكلمات الشديدة التي قيلت في واشنطن وفي القدس، وبرغم كلام الجنرال بتريوس، وبرغم جي ستريت، التي تعرض بديلا ليبراليا معتدلا من سياسة الايباك اليمينية المحافظة، وبرغم النقد الذي يزداد للمنظمة. (ايباك) اليوم تواجه موجات انتقاد داخل الجماعة اليهودية الاميركية وخارجها". من جانبها، كتبت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية (وغيرها من صحف عالمية بارزة) تقول إن (آيباك) حركت مناصريها في الكونغرس للضغط على البيت الأبيض بهدف دفع الإدارة الأميركية والرئيس (أوباما) إلى تخفيف حدة مواقفهم من سياسات "الاستيطان". وقد استهدف هذا اللوبي اليهودي من هذه التحركات خلق انطباع عند الرأي العام الأميركي أن موقف الادارة الأميركية من بناء المستعمرات/"المستوطنات" في القدس لا يحظى بموافقة الكونغرس وأن العديد من المسؤولين الأميركيين يشاطرون الحكومة الإسرائيلية الرأي بخصوص بناء المزيد من "المستوطنات".

إن ظهور منظمة (جي ستريت) انعكاس للتناقض الأميركي - اليهودي مع السياسات التي تتبعها إسرائيل التي لم تدرك تغير المناخ في واشنطن، حيث وصف (نتنياهو) المنظمة بأنها مناهضة لاسرائيل، على عكس لجنة (إيباك) (واللوبي الصهيوني غير اليهودي في مجلسي الكونغرس الأميركي) حيث يمثل هذان الأخيران اللوبي الأعمى لإسرائيل، في حين تمثل (جي ستريت) اللوبي اليهودي غير الأعمى. ومع ما يبدو من تأييد "اللوبي العسكري" الأميركي (وهو أقوى "اللوبيات" دون أي منازع) لسياسة قيادته السياسية الراهنة، وفي ظل هذا التباين/ الشرخ في بنيان الأقلية اليهودية المؤثرة في الولايات المتحدة، هل ينجح الرئيس (اوباما) حتى في ظل غياب النظامين الرسمي العربي والمسلم - في تحقيق رؤيته؟

=======================

وقد يكون بن لادن في إيران!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

5/15/2010

بدأ الملف النووي الإيراني ينحو منحى تصاعدياً. وأبرز مؤشر على ذلك التصريح المتشائم للرئيس الروسي حين قال أمس معلقاً على تفاؤل الرئيس البرازيلي الذي يسعى لانتزاع تسوية مع طهران «بما أن صديقي متفائل وأنا متفائل أيضاً، أتوقع النجاح بنسبة ثلاثين في المائة»، إلا أن القصة ليست هنا، بل في التقارير الأخيرة التي تشير إلى أن بعضاً من قيادات تنظيم القاعدة قد عادوا للتحرك بحرية من وإلى إيران، نحو السعودية، أو المناطق القبلية شمال غربي باكستان.

وكلنا يذكر التصريحات التهكمية التي أطلقها الرئيس الإيراني في نيويورك قبل قرابة أسبوعين، حين قال إن زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن موجود في واشنطن، «لأنه شريك سابق لبوش.. كانا زميلين.. تعاونا في مجال النفط وعملا معا. ولم يتعاون بن لادن يوما مع إيران لكنه تعاون مع بوش»، ومضيفا بجدية «كونوا متأكدين أنه في واشنطن. هناك احتمالات كبيرة أن يكون هناك».

وعليه، فمن يعلم ما إذا كان بن لادن موجودا فعلا اليوم في إيران؟ لكن الأكيد، وهو الأمر الذي كشفته «الشرق الأوسط» من قبل، أن بعضاً من أبناء بن لادن موجودون في إيران، وقد تكون القصة الأكثر حضوراً في الذاكرة هي قصة إيمان بن لادن التي غادرت طهران بعد جهد كبير إلى سورية. واليوم تشير التقارير إلى أن بعضاً من قيادات «القاعدة» عادت للتحرك بحرية من وإلى خارج إيران.

التقارير تشير إلى أن إيران بدأت تعيد النظر في حساباتها تحسباً لاندلاع مواجهة عسكرية مع أميركا، أو إسرائيل، أو حتى في حال فرضت عليها عقوبات. الخطورة تكمن في أن هذا الطرح يجد تأييداً لدى كثير من المصادر العربية والغربية، التي تحدثت إليها طوال الأشهر الماضية؛ فالجميع يرى أن التهديدات العسكرية الإيرانية هي للاستهلاك الإعلامي، بينما الخطورة الحقيقية تكمن في احتمالية استخدام إيران للأعمال الإرهابية، وبعض الخلايا النائمة، هنا وهناك. وهذا ما قد يفسر بعضاً من الأخبار المتلاحقة التي تخرج بين الحين والآخر في منطقتنا عن وجود خلايا، أو شبكات تجسس إيرانية، إلا أن كثيراً من الدول العربية، الخليجية تحديداً، تسعى إلى التقليل من قيمة تلك الأخبار، من أجل عدم التصعيد مع إيران.

وما يؤكد خطورة الوضع، وجديته، هو ما قاله مصدر إيراني مطلع للصحيفة أول من أمس بأن طهران استخدمت بالفعل «القاعدة» في كل من العراق وأفغانستان، حيث يقول المصدر الإيراني المطلع إن استخدام عناصر «القاعدة» من قبل طهران «يأتي في إطار لعب إيران بكل الأوراق التي يمكن أن تسبب إيذاء لأميركا في المنطقة، وتعجل بخروجها»، موضحا أن «الإيرانيين استخدموا (القاعدة) ببراعة في العراق وأفغانستان. وبسبب الوضع الراهن فإن إيران على الأرجح تقوم بتغيير تحركاتها تجاه (القاعدة) من أجل الاستفادة منها أكثر ربما في مناطق أخرى».

وبالطبع هذا أمر مفهوم إذا ما تذكرنا أن عدو عدوي صديقي، إلا أن السؤال الملح هو: ما مدى استعدادنا لكل ذلك؟

tariq@asharqalawsat.com

======================

سياسات أوباما قد تعزز انتشار الأسلحة النووية

جيمس وولسي

الشرق الاوسط

5/15/2010

هناك ثلاث طرق أعتقد من خلالها أن القرارات الأخيرة التي اتخذتها إدارة أوباما تعزز من غير قصد انتشار الأسلحة النووية بدلا من تقييدها.

عند الحكم على السياسات الكثيرة التي طرحها الرئيس أوباما خلال الأسابيع الأخيرة من أجل التحرك تجاه التوصل إلى عالم خال من الأسلحة النووية، علينا أن نضع في الاعتبار الرأي القديم للقاضي أوليفر ونديل هولمز الابن: لكي تفهم القانون، عليك أن تنظر إليه من منظور رجل سيئ.

أولا: اقترح الرئيس وآخرون تعزيز حظر الانتشار عن طريق عزل المواد النووية في مستودع دولي واحد. والفكرة هي أن الجهات التي تحتاج إلى اليورانيوم المخصب من أجل الاستخدام في أغراض سلمية تستطيع الحصول عليه من هذه المنشأة حسب الحاجة إذا ما وعدت بعدم سلوك طريق صنع الأسلحة النووية. وقد يخفض وجود تصميم مفاعل أكثر تقدما في يوم من الأيام مخاطرة الانتشار. لكن ذلك أيضا في المستقبل.

لا ينبغي أن نفكر في كيف سينظر الأيرلنديون، على سبيل المثال، إلى نظام حظر الانتشار الحالي. فبدلا من ذلك، علينا أن نفكر في كيف ستنظر إليه القوى الحاكمة في إيران وكوريا الشمالية أو غيرهما من الأنظمة التي تميل بصورة سرية إلى السعي لامتلاك مواد لتصنيع الأسلحة النووية. وفي العالم الذي نعيش فيه الآن، تعد هذه القوى قادرة تماما على العمل باجتهاد لاستغلال النظام الحالي أو أي نظام مستقبلي للسعي للحصول على الأسلحة النووية.

ونشأت معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية بوضعها الحالي من برنامج «الذرة من أجل السلام» للرئيس الأميركي أيزنهاور في خمسينات القرن الماضي. وفي الواقع، تشجع هذه المعاهدة الدول التي تحصل على المفاعلات النووية لإنتاج الكهرباء على تخصيب اليورانيوم أيضا. تكمن المشكلة في أنه إذا ما قامت دولة بتخصيب اليورانيوم بدرجة 3 في المائة، وهي الدرجة التي تناسب تشغيل مفاعل لإنتاج الكهرباء، فإنها تكون قد أنجزت ما يقرب من ثلاثة أرباع العمل المطلوب للاتجاه نحو التخصيب بدرجة 90 في المائة، وهي الدرجة المطلوبة لتصنيع قنبلة نووية.

وبمجرد أن تصل أي دولة إلى مستوى أعلى من التخصيب، فإن الأسلحة تصبح شيئا سهلا نسبيا. وتعد القنبلة البسيطة مثل القنبلة التي أسقطتها الولايات المتحدة على هيروشيما هي الطريقة التي تبدأ بها أي دولة النشاط النووي. ولسوء الحظ، من السهولة إلى حد ما تصميم وإنشاء هذه القنبلة. (وهذا هو السبب في أن تقديرات المخابرات الوطنية لعام 2007، التي قالت إن إيران أوقفت جهودها الرامية إلى تصنيع أسلحة نووية، كانت التقديرات الأكثر تضليلا في التاريخ. إنها أيضا واحدة من أكثر التقديرات أهمية نظرا لأنها أعطت الانطباع بأن الإيرانيين قد أوقفوا ما كان أهم من أجل الوصول إلى بداية القنبلة النووية، وهو تخصيب اليورانيوم. لكنهم كانوا يفعلون ذلك بأفضل طريقة ممكنة. وربما يكونوا قد توقفوا فقط عن أعمال تصميم الأسلحة).

وبالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية - لتتفادى بذلك المراقبة - أو وضع منشآتها بصورة سرية في أحد الجبال، تستطيع إيران أو أي أنظمة أخرى لها نفس الطريقة في التفكير معالجة قدر كاف من اليورانيوم منخفض التخصيب ليصل إلى مستوى التخصيب 90 في المائة التي تحتاج إليه لتصنيع الأسلحة.

والقنبلة النووية الإيرانية الأولى ليست في حاجة إلى أن تكون قنبلة متطورة إلى هذا الحد. فأي شيء يحدث دويا ويطلق سحابة نووية في سماء الصحراء الشمالية الإيرانية - حتى وإن لم يكن له معدل مقبول بالنسبة إلى ناتج الانفجار إلى وزن القنبلة، حتى وإن لم تناسب الجزء المخروطي الأمامي من صواريخ سكود - فسيجعل إيران قوة نووية.

وسيؤدي ذلك إلى تغيير العالم.

وشأنها شأن إيران، تقول الدول الأخرى، بما في ذلك فنزويلا والمملكة العربية السعودية، إنها تسعى للحصول على طاقة نووية «سلمية» من أجل إنتاج الكهرباء. ونظرا للموارد النفطية الهائلة لهذه الدولة، فإن ذلك يعد هراء واضحا. إن هذه الدول تسعى فقط إلى امتلاك مفاعل كي تدخل في دائرة الوقود، وهي الطريق إلى اليورانيوم عالي التخصيب وخامات تصنيع القنبلة النووية.

وإذا واصلنا ضمان صادرات الطاقة النووية من الولايات المتحدة وغيرها من الدول بحيث تستطيع الدول امتلاك التكنولوجيا من أجل مفاعلات الماء الخفيف في الوقت الراهن - التي تجعلهم في دائرة الوقود - فإننا سنصبح أول من يقدم الأسلحة النووية.

وإذا ساعدت الولايات المتحدة على انتشار مفاعلات الماء الخفيف، وبناء عليه انتشار اليورانيوم المخصب في جميع أنحاء العالم تحت مسمى الطاقة الذرية السلمية، فإن ذلك يؤدي إلى مشكلة ضخمة وخطيرة.

ثانيا: تجسد مراجعة الوضع النووي التي أجراها الرئيس أوباما، وتسعى إلى تحديد الظروف التي قد تستخدم فيها الولايات المتحدة الأسلحة النووية، التردد فيما يتعلق بالردع. وقد يشك بعض الحلفاء، الذين استطاعوا في الماضي الاعتماد على الولايات المتحدة لحمايتهم من الهجمات من خلال «الردع الموسع»، في الوقت الراهن فيما إذا كانت المظلة النووية الأميركية لا تزال تغطيهم أم لا. وفي ظل سياسة أوباما الجديدة، إذا تعرض أحد الحلفاء للهجوم بأسلحة بيولوجية، ستقوم الولايات المتحدة بدراسة الأمر لترى أولا ما إذا كان الطرف الذي تعرض للهجوم يلتزم بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية أم لا، حيث إننا لن نرد باستخدام الأسلحة النووية إذا كان الطرف المهاجم قد وقع على هذه المعاهدة ولم ينتهكها.

والفكرة هي أنه إذا استمرت الولايات المتحدة في اتخاذ خطوات بحسن نية من أجل توضيح وخفض الظروف التي ستستخدم الأسلحة النووية فيها لحماية حلفائها، فإن العالم قد يكون إذن في طريقه إلى أن يصبح خاليا من الأسلحة النووية. ومع ذلك، يبدو من المنطقي أن الحوافز ستحقق نجاحا فقط في الطريق المعاكس. وقد يستنتج حلفاء الولايات المتحدة أن «هؤلاء الأميركيين لا يحموننا بالطريقة التي اتبعوها أثناء الحرب الباردة، لذا من الأفضل بالنسبة إلينا أن نمتلك الأسلحة النووية».

وبعد الاختبار النووي الذي أجرته كوريا الشمالية، سئل مسؤول ياباني، لم يذكر اسمه، حول ما إذا كان هذا الاختبار يعني أن اليابان ستتجه إلى الأسلحة النووية. إنهم في الحقيقة يمتلكون أطنانا من البلوتونيوم المتوافرة من برنامج الطاقة النووية الخاص بهم. وقال: «لا، إن بيننا وبين الولايات المتحدة معاهدة أمن مشتركة وإننا نثق في الأميركيين... لكن، إذا قررنا امتلاك الأسلحة النووية، فإن الأمر سيستغرق أقل من 200 يوم لتصنيعها».

أخشى أنه نتيجة للوضع النووي الجديد الذي أعلنت عنه إدارة أوباما سيبدأ بعض الأصدقاء والحلفاء، الذين كانوا يشعرون في الماضي بالحماية في ظل المظلة النووية الأميركية، في التخطيط لخيارات بديلة «من أجل أي احتمالية».

ثالثا: نتيجة للسياسات الجديدة للرئيس أوباما، فلن يكون فقط حلفاؤنا القلقون هم الذين قد يتجهون نحو الحصول على الأسلحة النووية، لكن أعداؤنا كذلك سيتجهون إلى نفس الأمر. لقد قللت الولايات المتحدة من الأسلحة المنشورة، التي بلغت نحو 8000 سلاح قبل عقد من الزمان، إلى نحو 2000 سلاح في الوقت الراهن. إننا في الفترة الحالية منخرطون في عملية خفض هذا العدد، بعد أن قمنا بخفضه إلى الربع تقريبا.

لم أسمع أي فرد يشيد في سورية أو بورما، ويقول: «يعني ذلك أننا لن نحتاج أبدا إلى الأسلحة النووية». لا أعتقد ذلك. هناك شيء واحد صائب قاله أسامة بن لادن: عندما ينظر الناس إلى حصان قوي وحصان ضعيف، فإنهم يحبون الحصان القوي أكثر.

ومن وجهة نظر سورية أو إيران أو كوريا الشمالية، فإن الحقيقة التي تقول إن الولايات المتحدة تصر على حلم الوصول إلى عالم خال من الأسلحة النووية وتتخلى عن التحديث في الوقت الذي تتقدم فيه هذه الدول تجاه امتلاك الأسلحة النووية، تجعل الولايات المتحدة تبدو مثل الحصان الضعيف. أخشى أن يشجع ذلك هذه الأنواع من الدول بدلا من تثبيطها.

لا أفهم كيف تنجح الحوافز المعلن عنها! فهذه الدول لن توقف برنامجها النووي وتقول: «الأميركيون يتخلون عن الأسلحة، وسنفعل ذلك أيضا». فهذه ليست نظرة على الوضع من وجهة نظر الرجل السيئ في مقولة هولمز.

ولهذه الأسباب، أخشى أن تكون الدول التي تعادي الولايات المتحدة، وبعضها لديه علاقات مع جماعات إرهابية، أكثر ميلا، وليس أقل، للتحرك تجاه الحصول على الأسلحة النووية.

وفي رأيي، لن نكون أذكياء فيما يتعلق بانتشار الأسلحة النووية إذا تحركنا في الاتجاه الذي اختاره الرئيس أوباما. سيصبح انتشار الأسلحة النووية مشكلة أكبر.

* المدير الأسبق لوكالة المخابرات المركزية الأميركية. عمل مستشارا وكبيرا للمفاوضين في أربع جولات من المفاوضات بشأن الحد من الأسلحة مع الاتحاد السوفياتي أثناء الحرب الباردة

=======================

خطاب أوباما في القاهرة بعد مرور سنة واحدة

إيبو باتيل

مصدر المقال: الواشنطن بوست

28 نيسان/إبريل 2010

www.washingtonpost.com

شيكاغو، إيلينوي – لا يحب براديب راماميرثي، وهو مسؤول في البيت الأبيض يلعب دوراً أساسياً في تطبيق الرؤية التي وضعها الرئيس باراك أوباما في خطابه التاريخي في القاهرة في حزيران/يونيو 2009، والذي تحدّث فيه عن الحوار بين الغرب والعالم المسلم، لا يحب الحديث عن "مبادرات" وغياب عمل حقيقي يخرج من القاهرة: "يتعلق الأمر بأسلوب جديد للعمل. حمض نووي جديد لكيفية وأسلوب عمل الولايات المتحدة"، كما أخبرني في القمة الرئاسية للأعمال الابتكارية التي عقدت في نهاية شهر نيسان/إبريل.

 

بمعنى آخر، لا يتعلق الأمر بمجرد وضع قائمة بمهمات محدّدة تنتج عن خطاب القاهرة ثم وضع إشارة في الربع المحاذي لها، بل يتعلق الأمر بدعوة جميع العاملين للنظر إلى العالم من خلال عدسة جديدة. وقد ساعدت قمة الأعمال الابتكارية، وهي ورشة عمل استمرت لمدة يومين بحثت في أساليب تعميق الروابط بين قادة الأعمال والمؤسسات والابتكاريين الاجتماعيين في الولايات المتحدة والدول ذات الغالبية المسلمة، على جمع هؤلاء اللاعبين. والواقع أن القمة توفر نافذة نحو كيف بدأت الرؤية التي بحثها أوباما في القاهرة تصبح واقعاً ملموساً.

 

يحب أوباما، وهذا هو أسلوبه، أن يجد نقطة التقاطع بين القيم التي تُعتبر أولويات هامة في العالم والتي تشكّل أرضية مشتركة للمجتمعات المختلفة. وتقع الابتكارية على هذا التقاطع. يحتاج العالم لابتكاريين في مجال الأعمال، ممن يقومون بإيجاد سلع وخدمات جديدة ويخلقون فرص عمل جديدة. وهو يحتاج لابتكاريين اجتماعيين يبنون مؤسسات جديدة لحل المشاكل الاجتماعية.

 

وتُعتبر الابتكارية قيمة مشتركة في الحضارتين الإسلامية والأمريكية. ويعتبر الابتكاريون، من الأخوين رايت اللذين صنعا أول طائرة إلى ستيفن جوبز مؤسس شركة أبل، شخصيات يحتفل بها في التاريخ الأمريكي. ولكنهما يتمتعان بنفس الأهمية في الإسلام. وكما صرّح الرئيس أوباما في خطابه في القاهرة: "كانت الاختراعات والاكتشافات في المجتمعات المسلمة هي التي طورّت علم الجبر وبوصلتنا المغنطيسية وأدوات الملاحة وإتقاننا للكتابة والطباعة وفهمنا لكيفية انتشار الأمراض وكيف يمكن شفاؤها".

 

وقد ضمّت القمة ابتكاريين من مجالات الأعمال والمجتمع من كافة أنحاء العالم المسلم، من نيجيريا إلى إندونيسيا ومن المملكة العربية السعودية إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وقد يكون التعبير الأكثر استخداماً من قبل المتحدثين في الحلقات الدراسية هو "ثقافة الابتكارية". أُعجبت بالطاقة والذكاء والبراغماتية والنقد الذاتي في الطروحات المقدمة.

 

عندما يعود الأمر إلى الابتكارية في ثقافة اتخاذ المخاطرة، فإن الفشل شيء جيد. أعيد تكرار ذلك التعبير مرة بعد أخرى من قبل أكثر الابتكاريين نجاحاً في القاعة. في معظم العالم المسلم (مثله مثل غيره)، هناك انحياز داخل الأسر تجاه الوظائف الحكومية والحياة المهنية مثل القانون والطب والمحاسبة والهندسة.

 

يكون الرد الأولي الذي يحصل عليه الشاب المبدع في مجتمع مسلم أحياناً كثيرة، عندما يأتي بفكرة جديدة هو "اجعل ذلك هوايتك، وتأكد من حصولك على وظيفة حكومية". لن يحل هذا الموقف مشاكل هذه الأيام، أو يخلق فرص العمل التي نحتاجها في المستقبل. وكما قال محمد يونس، مؤسس بنك غرامين الذي يقدّم قروض التمويل المتناهي الصغر، "يجب ألا نعلّم الشباب أن يكونوا باحثين عن وظائف. يجب أن نشجّعهم على أن يكونوا مبدعين مبتكرين، وبالتالي موفّرين لهذه الوظائف".

 

كان هناك أيضاً تأكيد على ثقافة التعدّدية. تكلم رجل الأعمال الأمريكي سانفورد إبراهيم في خطابه الرئيسي الجميل عن الأديان المتنوعة لمختلف المرشدين الذين رعوا حياته العملية، وعن زملائه الحاليين وعن الذين يقوم هو بإرشادهم ورعايتهم. وقد حرص على التأكيد على معرفته بأديان هؤلاء الناس واحترامها، وليس فقط خبرتهم ونجاحهم في مجال أعمالهم. كان ذلك درساً تعلّمه من والده المسلم الذي أخبره في مدينته حيدر أباد: "إن مشاركتي في احتفالات الأديان الأخرى لا تقلّل من قيمتي كمسلم، وإنما تعزز كوني من بني البشر".

 

كلما أصغيت كلما أدركت أن الأمر لم يكن فقط يتعلق بروح إبراهيم المعطاءة. كان ذلك موقفاً ضرورياً لعمل ناجح وثقافة ابتكارية. حتى يتسنى لك العمل في عالم تسوده العولمة، يتوجب عليك أن تتمكن من العمل مع أناس من خلفيات متنوعة. ليس هناك ما يماثل احترام هوية الآخرين لبناء أسس علاقات عمل ناجحة.

 

إضافة إلى ذلك فإن المواهب تأتي من كافة ألوان الصلاة ولغاتها. وكما قال أحد المشاركين في جلسات القمة: "لا يهمني إذا كانت القطة سوداء أو بيضاء. أريد فقط قطة تستطيع الإمساك بالفئران".

 

أما فيما يتعلق بثقافة التعليم والتنمية البشرية وأخلاقيات العمل: "إن المورد المتجدد الوحيد الذي أعرفه هو الدماغ البشري"، حسب قول رجل الأعمال الأردني فادي غندور. "لقد سئمت الحديث عن اكتشاف نفط جديد أو موارد طبيعية أخرى أو أساليب جديدة لتصفية النفط وإيصاله إلى الأسواق. أريد أن أسمع حديثاً عن اكتشاف قوة العقل البشري والاستثمار الضروري لإنعاشه. سوف يكلّف الأمر المليارات، ولكنها ستكون أفضل مليارات ننفقها".

 

يشكّل تحسين التعليم، بالطبع، عبارة شائعة للهتاف. تملك الثقافة المسلمة الكثير من ذلك المورد بالغ الأهمية: العنصر البشري. إلا أن غندور تقدّم خطوة إضافية وأكّد على أهمية أخلاقيات العمل. تحتاج ثقافة الابتكار إلى شعب مستعد لكشف السواعد وتحقيق الأحلام وبناء أنظمة جديدة، وهذا يحتاج إلى توجّه مختلف برمّته عن مجرد الأمل بأخذ موقع في المؤسسات القديمة.

كانت تلك قمّة عن وصفات جديدة، وليس مجرد المزيد من الطبخ. ويثبت هذا كله أن رؤيا القاهرة بدأت تأخذ شكلاً واقعياً.

ـــــــــ

*إيبو باتيل مؤلف ومؤسس "جوهر الشباب عبر الأديان" ومديرها التنفيذي، وهي مؤسسة مركزها شيكاغو تعمل على بناء حركة الشباب العالمية عبر الأديان. أدرجت مدونته (The Faith Divide) في الواشنطن بوست. تقوم خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية بتوزيع هذه النسخة المختصرة من المقال بإذن من الكاتب. يمكن الحصول على المقال كاملاً من الموقع www.washingtonpost.com

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

=========================

في مواجهة الإرهاب: الحرية هي أفضل دفاع أمريكي

وجاهة علي

مصدر المقال: Goatmilk

4 أيار/مايو 2010

www.goatmilk.wordpress.com

فريمونت، كاليفورنيا – يمثل اعتقال فيصل شاهزاد البالغ من العمر 30 عاماً، والأمريكي من أصول باكستانية، والسائق المفترض للسيارة المستخدمة في عملية التفجير الفاشلة بميدان تايمز (Times Square) بمدينة نيويورك قبل بضعة أسابيع فرصة للرد بفاعلية على عمل إرهابي محتمل بدلاً من الرد بخوف وفقدان أعصاب تستخدم في نهاية المطاف من قبل العناصر المتطرفة.

 

بدأت التفاصيل تظهر تدريجياً اعتباراً من صباح الثلاثاء فيما يتعلق بحوافز المتهم شاهزاد المحتملة، والذي ألقي القبض عليه في مطار كينيدي بنيويورك، حيث أنه كان قد خطط السفر إلى دبي. وفي تلك الأثناء ادّعت منظمة طالبان الباكستان مسؤوليتها عن هذه المحاولة الصبيانية الفاشلة.

 

تنمّ حماسة طالبان الباكستان عن الكثير عن يأسهم لزرع الرعب في قلوب الشعب الأمريكي من خلال عمل إرهابي على الأراضي الأمريكية.

 

استخدمت لحظات توتر مماثلة، رغم كونها معزولة، في الماضي لزرع الفتنة والعداء من خلال عبارات الاستقطاب في الإعلام من قبل جهابذة عقائديين حاقدين في كل من المجتمعات الأمريكية غير المسلمة والمجتمعات العالمية المسلمة. وقد شهدنا هذا التوجه مؤخراً عندما فتح الميجر نضال حسن مالك النار وقتل 13 جندياً في فورت هود بولاية تكساس، وعندما حاول الطالب النيجيري عمر فاروق عبد المطلب إشعال نفسه على طائرة مساء عيد الميلاد عام 2009 رغم أنه مُدرَج على لائحة خاصة بالإرهابيين.

 

تشكل أحداث كهذه وقوداً للمعلّقين اليمينيين لتشجيع صورة غير دقيقة وبشكل خطير عن كينونة مسلمة واحدة يكره فيها جميع المسلمين "حرياتنا". لا شك أن هجمات لفظية سوف تُشَن على الرئيس الأمريكي باراك أوباما وجهوده من أجل المصالحة والشراكة مع الجاليات المسلمة، ومن ضمنها مقابلته مع قناة "العربية"، وخطابه التاريخي إلى المسلمين في القاهرة في حزيران/يونيو الماضي، وتواصله مع المنظمات الأمريكية المسلمة وقادتها.

 

يناقش بعض جهابذة الإعلام بحماسة مثيرة على شبكة فوكس التلفزيونية بضرورة "وضع صور" تنم عن شخصيات صانعي الأعمال الشيطانية، مطالبين في الواقع بتصوير عنصري للأقليات العرقية، وخاصة هؤلاء من الشرق الأوسط وجنوب آسيا. تفاعل الرئيس أوباما، متوقعاً غضباً شعبياً، مع نداءات بالمزيد من الإجراءات الأمنية بعد محاولة التفجير الفاشلة يوم عيد الميلاد عام 2009 بتنفيذ إجراءات شاملة تم تعديلها مؤخراً لتحديد أساليب التفتيش والتصوير النمطي المتزايد للأفراد العائدين من 14 دولة معظمها ذات غالبية مسلمة.

 

يعتبر التصوير النمطي العرقي وتآكل الحريات المدنية وإتباع إجراءات قانونية محددة، إجراءات ذات أثر عكسي في محاربة الإرهاب. رغم ذلك، أخاف أن يؤدّي الخوف والطرح العدائي إلى أن تُفشِل الإجراءات التي يجري تطبيقها الثقة المتبادلة والتعاون اللذين جرى إنشاءهما بصعوبة خلال السنتين الماضيتين بين الأمريكيين المسلمين ومؤسسات تنفيذ القانون.

 

يجب تذكير الديماغوجيين من اليمين، الذين يرفعون راية قيم الغرب ويناقشون أن الإرهاب مقتصر على "العالم الإسلامي"، بعملية اعتقال تسعة أفراد من مجموعة الهوتاريين الإرهابية التي تآمرت لقتل رجال شرطة وشن حرب على حكومة الولايات المتحدة. وقد تم وصف المجموعة بأنها شاذة من قبل المسيحيين والمجموعات المسيحية.

 

كذلك تم تجاهل العملية الانتحارية التي قاد فيها جوزيف ستاك الحاقد على الحكومة طائرته ليصطدم بمبنى حكومي ويقتل موظفاً حكومياً بريئاً في ولاية تكساس، من قبل العديد من جهابذة الإعلام، رغم أن الغضب في مؤسسات الحكومة الفيدرالية سُمِح له أن يستشري في احتجاجات شعبية غاضبة.

 

من المؤكد أن عناصر إسلامية تحولت إلى الأصولية تقوم بإساءة استخدام أحداث مثل الصور الكاريكاتورية للنبي (ص)، على أنها إثبات شامل على أن الغرب "الإمبريالي" يعمل على إدامة حرب على الإسلام والمسلمين. لا يظهر العنف الذي شهدناه مؤخراً ضد هؤلاء الذين نشروا هذه الرسومات للنبي (ص) في أوضاع مهينة، من الفراغ، وإنما هي أعراض لمعتقدات مستدامة في طروحات مشوهة ومبسّطة "للغرب الذي يدعو إلى الحرب"، وتجد دلائلها في حرب العراق ودعم الولايات المتحدة لإسرائيل والضحايا المدنيين في أفغانستان وباكستان والعلاقات الأمريكية الحميمة مع ديكتاتوريات عربية.

 

تلك هي العناصر التي تحمل في نهاية المطاف الحصة الأكبر من اللوم لخيانتها إرث النبي (ص) وروحه، اللذان يحثان على الاعتدال والاحترام.

 

أكبر خطأ يمكن للأمريكيين أن يرتكبوه في وجه تهديدات المتطرفين هو استعادة موقف "نحن ضد هم" والسياسات الأمنية المزعجة التي اتبعتها الإدارة السابقة، مثل قانون "الوطنية" الأمريكي (Patriot Act)، الذي سهّل على الهيئات الحكومية الوصول إلى المعلومات الشخصية وحجز المهاجرين وتفتيش المنازل والأعمال. أثبتت هذه السياسات كونها كارثية في وقف الإرهاب العالمي، وناجحة جداً في تآكل موقف الولايات المتحدة في الرأي العالمي، وعملت على تدمير التعاون مع المجتمعات المسلمة في كافة أنحاء العالم.

 

أفضل دفاع، في نهاية المطاف، هو التمسّك بنفس قيم الحرية والاستقلال والديمقراطية التي يرغب الأمريكيون، مسلمين وغير مسلمين بالدفاع عنها وحمايتها.

 

الواقع الحزين للوجود الحديث المعولم في القرن الحادي والعشرين هو أن تهديد الإرهاب والعنف يشكّل مظهراً مستمراً للحياة اليومية. ولكن المواقف المناهضة والتصوير النمطي المستشري واختيار أكباش الفداء من بين الأقليات وإثارة انعدام الثقة بالأمريكيين المسلمين والحلفاء، لم تؤدِ جميعها إلا إلى زيادة المخاطر. لقد أظهر التاريخ الحديث أن المنظور المنطقي والمعتدل، مضافاً إليهما إجراءات أمنية صارمة وأعمال شرطية تتوخى الحيطة والحذر وحماية الحريات المدنية والمعونة المتبادلة، هي أفضل أمل لنا.

في الوقت الذي تظهر فيه المزيد من الإثباتات في محاولة تفجير ميدان التايمز خلال الأيام القليلة القادمة، لنأمل أن يسود هذا المنظور المنطقي المعتدل.

ــــــــــ

*وجاهة علي هو المحرر المشارك ل Altmuslim.com، وكاتب ومحامٍ. وتعتبر مسرحيته "المحارب الصليبي المحلي" مسرحية رئيسية حول حياة المسلمين في أمريكا بعد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر. تقوم خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية بتوزيع هذه النسخة المختصرة من المقال بإذن من الكاتب. يمكن الحصول على النص الكامل من الموقع

 www.goatmilk.wordpress.com

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ