ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 12/03/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الإعلام السوري محلّي ورديء

ياسين عبد اللطيف

• الحقيقة ليست ذات لون، أو شكل واحد، ولا تخضع في كل مكان للقوانين ذاتها، ولها أسطح وطبقات وكثافات، ولها عدة زوايا للرؤية، وأدوات لسير أغوارها.

هذا الكلام المرنّم الجميل، بمنطقه الفلسفي الصرف، يطربني مجازه ومؤدّاه، لكنه برأيي من أكاذيب الساسة الراشدين :

وقد قيل لي هذا الكلام : في معرض اللوم على نشر مقالتي السابقة (الإعلام السوري رديء بامتياز «1») وقد قمت – هنا – بإعادة صياغة وتركيب هذا الرأي لكم، لأنّ محدّثي السياسي العتوب لا يعرف اللغة جيداً، ولا يملك وضع الكلمات في أفضل مواضعها ! .

إنَّ مناطقة هذه الفلسفة يرون أنَّ للحقيقة أرجلاً تمشي عليها، وتنتقل وفق المشيئات من مقام إلى مقام، وليست ثابتة ! ويستخدمون الوسائل المقنعة والعذبة للهروب من الحقيقة ذاتها في كل حين، أو حين يسوّقون مشروعاً ملتبساً يتجاوز الإنسان ويسحقه وهو حي، إلى درجة بيع مستقبله وأحلامه، وكأنهم يستعجلون القيامة علينا، لكثرة علاماتها التي نراها في حياتنا، في كل ساعة من كل يوم حزين!.

• ما الذي جرى حتى تُسْتَنهضُ الهمم، بهذه النُفْرة التي تذكرني بنفرة الحَجيج مع الفارق في الهدف العظيم ؟! .

حاولت ـ من موقعي ككاتب وصحفي يعمل في الإعلام المرئي الحكومي ـ أن أنتهك شعور القارئ بافتضاح، لأنزعه من دوره المألوف، لنتشارك في تقديم حالتنا المدنية، بفعل يحطّمُ (الرعبه) ويمزّق حُجُبَ المستور، ببلاغة تسخر من البلاغة ذاتها، ونتحرر من تأثيم الأجهزة والجهات لنا، والتي ترى: أنَّ تقديم الواقع الإعلامي والثقافي للملأ في سورية والوطن العربي ـ بحجة ما علاقته بالأمر؟ـ ما هو إلاَّ هتك للستر والأسرار، والفضيحة . (وكأنّه دين مخبّا) ! .

• أنا يا سيد لست معنياً بهذا الإيهام الساذج، وهذه التهويمات الغربية الخائفة ! .

أية بئر عميقة أوقعتنا فيها ثقافة التخوين، هذه التي أطلقت عليها في مقالتي السابقة اسماً لطيفاً (ثقافة الاحتماء والخوف)؟ بارانويا تسعى بكل قوتها ووسائلها للحفاظ على هذه الديمومة (الهشة) بتغليف حججها الوطنية المقدسة بتعليقات الذكاء والثقافة؛ لكن الدلالات زائفة، لأنَّ المكتوب على الأرض (ينقرا من عنوانه) بعد أن فقد الناس عندنا مذاق الحياة، لكثرة ما يأسوا من الدفاع عن أسباب الحياة.

إلى متى نستحي من طول ما لا نستحي ؟!! .

• بعد هذه المقدمة الضرورية لكسر خشونة الرؤى الفجة، والردّ على رهط المدلكين الغارقين في الظل، سأعود إلى ما وعدت به في مقالتي السابقة ـ لاحقاً لمضمون ورقة العمل رقم (1) التي حملت عنوان (الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون ـ نظرة تحليلية من الداخل) خلصت إلى حلول بنائية للارتقاء بعمل المؤسسة الإعلامية، من خلال إعادة تأهيلها بكيفيات جديدة، وغير مسبوقة .

أولاً : سأبدأ بتعريف ثلاثة مفاهيم . لتحديد هوية المؤسسة المقصودة، وتحديد رسالتها، وبالتأكيد على تلازم هذين المفهومين، أصل إلى المقترحات البنائية :

1 – المؤسسة الإعلامية : هي هيئة عامة حكومية ـ أي إعلام دولة ـ خطابها الإعلام محلي وبدائي وفقير، لا ضفاف له، يختلف عن خطاب الإعلام الخاص المتحرر من قيود كثيرة، فنية وفكرية . ولكي يتحرر الإعلام الوطني من لوثة هذه المنظومة؛ ويفلت من إسارها، لا بد من أمر حيوي ووحيد، هو :

أ – تعدد القنوات

ب- تعدد الأصوات ـ وهو خيار يجرّب للوصول إلى إعلام عربي سوري مختلف، إلى جمهور مختلف، وهذا يدخل في الكيفيات الجديدة لإعادة تأهيل المؤسسة الإعلامية !

2 – الخطة الإعلامية : هي جزء لا يتجزأ من الخطة الوطنية الشاملة.

وتعتمد في نجاحها على حسن اختيار الأهداف، ورسم الخطط اللازمة لتحقيقها .

- ولتنفيذ الخطة الإعلامية، يحتاج الأمر إلى كفاءات إعلامية تتمتع بكافة المقومات الثقافية واللغوية والتقنية اللازمة للاتصال بالجمهور . وهذه الكفاءات المؤهلة المثقفة لا تجدها اليوم في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون التي نبذتهم خارج الأسوار فقالوا : مع الشاعر أبو الفتح البستي :

(وإن نَبَتْ بكَ أوطانٌ نشأتَ بها فارْحَلْ فكلُّ بلاد الله أوطان)

فرحلوا إلى منافيهم الجديدة ليعمروا المحطات الفضائية العربية باقتدار . وحلّ محلّهم رهط من الموظفين المسنودين، الذين ينطبق عليهم المثل القائل (شيلوني لدربس الباب!).

وبعد : فإن معرفة الخطة الإعلامية، يقودنا إلى ضرورة معرفة الموقف الإعلامي .

3 – الموقف الإعلامي : تلخصه العبارة المشهورة لأهم نظريات علم الاتصال الحديث :

( من ؟ ماذا يقول ؟ لمن ؟ ما هو تأثير ما يقال؟ في أي ظرف، ولأي هدف؟).

ثانياً : وللارتقاء بعمل المؤسسة الإعلامية وتحقيق سياساتها أرى الضرورات التالية :

1 – إعادة هيكلة الإذاعة والتلفزيون، وذلك بإجراء الوصف الوظيفي (للمؤسسة والوظيفة) لا للأشخاص والمناصب، للاستفادة القصوى من الطاقة المعطّلة والمهدورة لجحافل من العاملين في الهيئة يقبضون المال دون عمل، وتكفي أعدادهم العظيمة لإنشاء عشرين محطة فضائية.

ويقوم بالوصف الوظيفي وإعادة الهيكلة فريق فني من الاختصاصيين يمكن تشكيله. وإعادة الهيكلة خطوة في الإصلاح، وإجراء لا بديل عنه، لإخراج المؤسسة من غرفة الإنعاش، ثم إعادة تأهيلها وفق أهداف جديدة.

2 – بعد إعادة الهيكلة يعدّل النظام في الهيئة بحيث يصبح عمل الهيئة على أساس:

استقلالية المحطات التلفزيونية ـ واستقلالية المحطات الإذاعية،على قاعدة :

(التنوع ضمن الوحدة) أي تصبح المحطات مستقلة إدارياً وفنياً، وموضوعياً بفوارق ملحوظة، كي تحيى، وتؤثر وتتمايز، بدلاً من التبعية باعتبارها (أقسام تابعة للتلفزيون) ! .

3 – تعديل النظام المالي للهيئة، بعد إجراء الوصف الوظيفي، ليصبح خدمياً وربحياً ـ بمعنى أن يظل أميناً لوظيفته الثقافية والاجتماعية، ويتحرر في الوقت نفسه من سطوة التمويل الحكومي من (الخزينة) التي تحتكم إلى القوانين والقواعد ـ لتأمين موارد مالية هائلة وهي متاحة في سوق الإعلام والإعلان والدراما واستثمار البنية التحتية والتقنيات والخبرات المدربة .

4 – إلغاء منصب مدير التلفزيون، ومدير الإذاعة في النظام الجديد، بعد اعتماد صيغة مدراء : إذاعات – ومحطات فضائية متعددة ضمن الهيئة الواحدة، وعلى رأسها مدير عام للهيئة .

وتسمية (تلفزيون) أمست من الماضي عربيا وعالمياً، وليس لها إلاّ قيمة عاطفية عند الذي يحنّ للماضي ولذاكرته الكلاسية ! .

ومن خبرتي العملية . فإن منصب مدير التلفزيون . لم يكن موّصفاً في يوم من الأيام . وهو عقبة في وسط الطريق، وعامل خصومة مع مدراء الأقسام ومع المدير العام دائماً !، لأن كل الصلاحيات التنفيذية في أيدي مدراء الأقسام، والمدير العام .

أما مدير التلفزيون فعمله أشبه برئيس ورشة بروتوكولي، أو كما أسميه دعابةً (ملَهِّية الرعيان) وهو طائر لاهٍ، يطير على ارتفاعات بسيطة وأمتار قصيرة، يحط ثم يرفرف في الحقول، وهكذا . . . فيطمع به الرعاة الصغار ويلحقون به دون حساب مسافات هذه النطات القصيرة، ودون حساب الزمن، فيبتعدون عن قطعانهم حتى يضيعون أو تضيع القطعان ؟! .

5 – إجراء تعديل في النظام الداخلي الجديد يقضي : بأن يكون المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون رئيساً لمجلس الإدارة، بدلاً من وزير الإعلام للتحرر من متلازمة : الوزير ـ دائماً ـ ضد المدير . والمدير العام ـ دائماً ـ يكيد للوزير الذي يجرّده من صلاحيات العزل والتعيين، بينما هو الذي يملك المال الكثير بوصفه آمراً للصرف ويستطيع دائماً أن يشتري ذمم مدراء الهيئة، بمال الهيئة، للوقوف في وجه الوزير الذي يحسد المدير على غناه وهو يصرف بسخاء!!

6 – وزير الإعلام : سيكون هو رئيس المجلس الأعلى للإعلام الذي كثر الحديث على إحداثه. وهو هيئة مستقلة يضم في عضويته ممثلي المؤسسات الإعلامية الحكومية والخاصة، ودور المجلس ينحصر في رسم السياسات الإعلامية، لا الإطباق على المؤسسات الإعلامية.

7 – بعد إعادة الهيكلة، وعملاً بقاعدة العمل على الأهداف، يتم إعادة تأهيل القوى الحية في الهيئة، ممن يشغلون وظائف فنية في كافة الاختصاصات، لاكتسابهم مهارات جديدة وملاحقة كل جديد في عالم الميديا، وتقوم بإعادة التأهيل إدارة جديدة محدثة تسمى : «إدارة التأهيل والتدريب المستمر» . وتقوم هذه الإدارة بحصر (الفنيين) في الهيئة حسب العائدية – وأقسم أن لا أحد في الهيئة أو الوزارة يعرف عددهم – وتقوم بتصنيفهم حسب مؤهلاتهم ومسمياتهم الوظيفية الفنية، وتضع خططاً سنوية لإعادة تأهيلهم داخلياً وخارجياً، وبالتعاون مع النقابات المعنية (الفنانين ـ الصحفيين ـ المهندسين) دون المساس بحقوقهم التي حصلوا عليها في ظل قانون العاملين الأساسي. ولا يتم هذا الأمر، ولن يكتب له النجاح ما لم توقف الهيئة التعيينات الجديدة لمدة خمس سنوات على الأقل ! .

8 – اختيار كادر إداري وفني ـ إدارة جديدة طبعاً ـ انسجاماً مع شعار الارتقاء بعمل المؤسسة الإعلامية الوطنية .

وهناك سبب آخر هو : إن حماية القائمين على العمل ـ حالياً ـ بعد الفشل الذريع لعمل مؤسستهم الإعلامية، وتعثر أدائهم الفقير يعتبر مضيعة للوقت، ويحسب على الروافع التي جاءت بهم وتحميهم، لأنهم أصبحوا عبئاً عليها وعلى المؤسسة الإعلامية الوطنية !.

الفريق الجديد يختاره الوزير بالاحتكام إلى توفر شرطي الكفاءة والخبرة، لا الشرط الجازم ولا الشرط الناصب، فالمعيار في إسناد الوظيفة العامة هو الحق لا الحظ، لكل من يقف تحت العلم السوري ؟! ويقدم للهيئة في سلة واحدة، في اجتماع يخصص لهذه الغاية، ولتكن سابقة يؤسس عليها لغيرها في تقاليد العمل. ويمكن – عندها – الوقوف على أفكار الفريق الجديد في هذا الاجتماع .

ـ لا يمكن قبول مبدأ تعيين المدير العام أولاً ! نعرف ذلك من التجربة، ومن الثقافة المكرسة في المؤسسات الإعلامية .

لأن المدير الجديد ما أن تذهب فرحته وتهدأ مشاعره بعد انفضاض المهنئين عنه، حتى يستعمل عقله ويبدأ بعد أيام بنسج أحلامه وخيوطه وأوهامه، ويفصّل فريقاً على مقاسه. وبالتالي يفصّل المؤسسة على مقاسه، وعلى حساب دورها الوطني المأمول، ويبدأ نداؤه الداخلي يعلو ويترجمه توقيعه الأخضر على أوراق المؤسسة، وفعله في الاجتماعات التي هو بطلها الأوحد، وهو يردد بنبرة حزبية رزينة وواثقة :

«أنا المؤسسة» ! يا الله ما أعظم شأن هذا الرجل الذي اتحد صوفياً ومالياً بالمؤسسة التي أصبحت داره وبستانه ؟!.

9 – يمنح الفريق الجديد، فترة سماح لمدة ثلاثة أشهر ليضع خطته الإعلامية الجديدة، التي تقوم على التخطيط الإعلامي الذي يسعى إلى تحقيق الأهداف باستخدام الوسائل الفنية استخداماً بارعاً للتأثير في الرأي العام. وفي هذا البند تفصيلات كثيرة لا يتسع لذكرها المكان؟.

10 – اختيار مدراء الوسط في الهيئة وفق المعايير الحقيقية، وحمايتهم من العزل التعسفي لأنهم القوى الحقيقية التي تصنع الإعلام الوطني . وهؤلاء ـ دائماً ـ عرضة للتهديد بالعزل والتهميش، والحرمان من الميزات الكثيرة، وإن أعْنَتَ مدير الوسط يُجرّد من هيبته واعتباره!

- قد يقول قائل : إن حماية مدراء الوسط تجعل منهم مراكز قوى !. هذا هو ظاهر الأمر أو التفسير الميكانيكي للمقترح، هم مراكز قوة، لا قوى، لأنهم عامل استقرار للوظيفة، والمؤسسة. والموظف الخائف على وظيفته، لا يعطي، ولا يحترم مؤسسته. والموظف المطمئن على وظيفته وكرامته يعطي كثيراً، ويأخذ قليلاً، لأن الخوف من العزل الوظيفي كارثة على المؤسسة. وإن حماية الموظف الكفء من العسف والعنت حماية للمؤسسة ولآلية العمل المؤسسي.

ثالثاً وأخيراً : إن البرامج الإعلامية الناجحة ( فن ) لا تقوم على الحدس ولا على التخمين :

• إنما تقوم على المعلومة في عصر العولمة وعالم الميديا والتقانة العصرية.

• أن تكون على بينة من الجمهور المستهدف الذي تتصل به لمعرفة اتجاهاته ورغباته وميوله، وحاجاته .

• أن تختار أفضل الوسائل الكفيلة بإثارة اهتمامه .

• أن تدرس الإمكانات، المادية ،والوسائل السمعية والبصرية التي يمكن أن تؤثر في الجمهور .

وعليه: إذا عرفت المؤسسة الإعلامية متى تتصل بالجمهور ؟ وأين تجده في هربه منا إلى غيرنا ؟ وكيف تتصل به ؟ تكون بذلك قد نجحت واختصرت طريق هدر الجهد، والمال الكثير، ووصلت إلى هدفها المأمول.

• لا أستطيع أن أُخرجَ القارئ من هذه الحيرة السيكولوجية، حتى موعد المقالة القادمة التي سيكون نصفها الأول عن الإعلام السوري والنصف الثاني عن الإعلام السوري بالتأكيد؟!.

*كاتب وصحفي سوري

كلنا شركاء - 5/3/2006

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها  

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ