ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 18/04/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


معركة الإعلام السوري مع 'شاهد على العصر': الثأر الثأر... الانتقام الانتقام

أحمد شكرية

4/17/2010

القدس العربي

 قل لي من هو عدوك اقل من أنت؟

مرحى .. لقد وجد الإعلاميون السوريون عدوا جيدا هذه الأيام يمكن الانتصار عليه، العدو هو الإعلامي احمد منصور، 'الجريمة' هي حلقة من برنامجه 'شاهد على العصر' مع قائد الانقلاب على الوحدة العميد عبد الكريم النحلاوي، العدو في بعض التقارير المناضلة يصبح قناة 'الجزيرة' والطلبات تنهال على حكومة قطر بكم فم هذا 'الإعلامي الظلامي'، وقد طلع على لسان الحكومة القطرية شعر وهي تعيد وتكرر أن قناة 'الجزيرة' قناة مستقلة لكن يبدو أن الإعلاميين السوريين لا يعون هذه الحقيقة فكل ما على ارض الوطن العربي من بشر وحجر في اعتقادهم هؤلاء هو للحكومة أو للحاكم. احد هذه التقارير يحرَض ولكن بعد مداهنة ونفاق مألوفين، فيقول :لأني اعرف قطر جيدا واعرف سياسة أميرها المجدد والشجاع واعرف محبته لسورية وشعب سورية انتظر وينتظر معي ملايين السوريين محاسبة هذا المأفون الكريه لان السلوك العنصري ليس وجهة نظر.

لكن ما هو مربط البغل؟

القضية أن احمد منصور الذي يلعب دور المحقق في برنامجه الشهير زل لسانه بعبارة سبّق لها باعتذار قائلا ( ولا مؤاخذة ) وطريقته هي طريقة المدعي العام الذي يكيل للضيف تهما حادة لتحريضه على انارة القضية، وهي طريقة إعلامية معروفة حتى يتحول البرنامج إلى 'شو' و قد وجد هؤلاء الإعلاميون المناضلون في جملته اهانة لسورية وشعبها. عبارة احمد منصور هي (أنا فوجئت.. خالد العظم وأكرم الحوراني في مذكرات كل منهما يقولان: حركة 28 أيلول/سبتمبر 1961 قوبلت بالتأييد من أكثرية الشعب والجيش ما عدا مجموعات صغيرة خلفتها أجهزة المخابرات المصرية في سورية، 'هوالشعب السوري ده إيه؟ يوم يطلع لعبد الناصر يبوس، لا مؤاخذة، حذاءه ويشيل عربيته من الأرض، وبعد شوية يطلع يؤيد الناس اللي ضد عبد الناصر' ؟ ويرد النحلاوي: الشعب السوري واقعي.، فيقاطعه أحمد منصور قائلاً: مش واقعي، ده شكله شعب عاطفي وينضحك عليه.

وكنت أتوقع أن تنهال البرقيات والرسائل على البرنامج شاكرة على استضافة الضيف الكبيرالذي تصفه التقاريرالإعلامية بصفات خيانية وهي انه (أحد رموز الانفصال في سورية) وذلك لقيامه بالكشف عن حقبة من تاريخ سورية المعاصر وأماط اللثام عن وجه 'بطل هزيمة حزيران' الذي لعب بمقدرات مصروسورية واليمن ونكل بأبنائها ونخبتها، وفتح مدرسة ناجحة للدكتاتورية في كل بقاع بلاد العرب وخرّجت 'نوابغ' وتلاميذ فاقوا أستاذهم في العروبة اللفظية والوحدة الكاذبة والحرية التي لم يكن يتمتع سواه بها.

لم تتحرك كرامة هؤلاء عندما قصفت إسرائيل عين الصاحب أو ديرالزورأو حوّمت في سماء سورية فوق رموزسيادية، كما لم ينبس احد ببنت شفة عن اعتقال صبية مراهقة وطالبة ثانوية عامة اسمها 'طل الملوحي' على مواضيع إنشاء، أو طالبة جامعية اسمها 'آيات عصام احمد' تهمتها أنها تحمل أفكارا سلفية مثل' أفكار احمد منصور' كما يدعون. من حق هؤلاء أن يحاكمن علنا لنعرف جرائمهن حتى نتعظ وكي يكون القصاص عبرة... مربط الحمار ليس هنا، فالطريقة التي يرد بها هؤلاء تنحو طريقة الشتم والسب السوقي (لنتذكر شتيمة المأفون الكريه في شام برس) وتخفي عداوة إيديولوجية فهي متضايقة من لحية احمد منصور (احدهم وصفه بأنه يفكر من لحيته) وإعلامي آخر نبش تاريخ منصور واكتشف فيه 'عارا فاضحا' (فقد عمل مؤذنا في مساجد دبي) كان الرجل ينادي الله اكبر خمس مرات في اليوم والليلة و يجب أن لا يكون هناك احد اكبر سوى الطاغية في بلاد العرب اوطاني.

تذكرنا حملة هؤلاء بالمعركة الإعلامية المفتعلة بين مصر والجزائر من اجل كرة مليئة بالهواء. الجماهير العربية بحاجة إلى نصر ما ولو على احمد منصور. فهل سيتحول اعتذار منصور إلى عيد قومي؟

نطمئنكم أيها الغيورون على سورية وشعبها : الشعب السوري لا ينضحك عليه، ولا يخرج إلا في المسيرات العفوية ، وهم أحرار جدا، و لا يذهبون إلى الفروع الأمنية إلا بطلب من النيابة العامة و بحضور محامين، ولا يقفون في الدور من اجل جرعة مازوت أو حفنة سكر وكل واحد من هؤلاء لو فتحت له أوروبا وأمريكا والمريخ أبوابها لرفض مغادرة سورية الأبية التي لا يضام فيها احد.. الخلاصة:

1- الحرب الإعلامية هي على الحقيقة كما هي على الذاكرة (في احد الحلقات نكتشف أن رئيس سورية كان يسكن بالأجرة ولم يكن له سوى حاجب يذهب ليبيت في داره).

2- الحرب هي أيضا على عبد الكريم النحلاوي الذي يظهر بطلا حقيقيا ورمزا من الماضي التليد يدافع عن كرامة بلده وشعبه ، نزيه اليد، نبيلا، عفيفا.. وثمة تقارير إعلامية 'وطنية' تصفه 'بكومبارس الانفصال' (موقع شام برس)، فالنجم أو البطل في عرف هذا الموقع وسواه هو القائد الذي يستلم السلطة والشعب عشرات السنين ويحتكرها لأولاده ويحول الوطن إلى مزرعة او مدجنة.

3 - الحرب الإعلامية التي تريد الاعتذارعن اهانة لفظية محتملة ترد بشتائم صافية ومن الطريف أن 'الملتحي' أصبحت شتيمة (مع أن لحية منصور قصيرة جدا ومودرن. وتصفه 'بالأصولي والمتطرف' وهي تهم أمريكية شائعة.

نذكر الرسول صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب وعلي بن ابي طالب و صلاح الدين الأيوبي كانوا ملتحين وأن نتنياهو ليس ملتحيا، ولم تكن غولدا مائير كذلك كما لم يكن شارون ملتحيا ولم يكن مؤذنا في مساجد دبي ولا في المسجد الأقصى الذي يتعرض إلى الهدم فيما نحن مشغولون بالقصاص من احمد منصور الذي كشف في برنامجه صفحات من تاريخ العرب المعاصر المظلم الذي لم يكن يخلو من فرسان حق وشهود عدل.

' كاتب سوري مقيم في لندن

===================

قمة الأمن النووي والهدف المكشوف

عودة عريقات

4/17/2010

القدس العربي

عقد مؤخرا في واشنطن مؤتمر الأمن النووي العالمي بدعوة أمريكية والهدف من المؤتمر انبثق من رؤيا أمريكية وغربية بخصوص الحد من الأسلحة النووية في العالم وضبط إنتاجها.

وكان دافع وهاجس المؤتمر وفزاعته الخوف من وصول الأسلحة النووية إلى أيدي إرهابيين مفترضين،

وورد ذلك وفقا لما قاله الرئيس الأمريكي قبل عقد المؤتمر أن أكبر تهديد للأمن الأمريكي سواء على المدى القصير أو المتوسط أو الطويل هو احتمال حصول منظمة إرهابية على سلاح نووي وأي منظمة يصفها الأمريكان بالإرهاب فهي عدوة لأمريكا وعدوة أيضا للعالم الحر وفقا لرؤيتهم.

وشارك في المؤتمر زعماء ومسئولين كبار من أكثر من خمس وأربعين دولة وفي قمة كبيرة استضافها الرئيس الأمريكي حيث حثهم على الانضمام لخطته الرامية لتأمين مخزونات المواد النووية في عدة دول مختلفة والمعرضة لخطر النقل والعبث والتصرف فيها في غضون أربع سنوات قادمةومنذ عهد الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان والمباحثات التي أجراها مع ليونيد بريجينيف وزعماء آخرين من الاتحاد السوفييتي في ثمانينات القرن الماضي حول تخفيض عدد الأسلحة النووية في كلا البلدين حيث وضعت الاتفاقيات ووقعت بينهما وانحصر سباق التسلح بينهما في حينه.

وأبرمت اتفاقيات لاحقة بين أميركا وروسيا منها ستارت( 1) وبعدها ستارت (2) التي أكدت أن مصلحة ورخاء العالم يرتبط بتدمير أسلحة الدمار الشامل كلها عن كوكب الأرض ولا نعلم مدى مصداقية هذا التأكيد.

وهناك مجموعة غير قليلة من دول العالم تمتلك السلاح النووي وهناك دولا أخرى تجري بخطى حثيثة لامتلاك السلاح النووي ، ومن هنا يأتي الخوف الأمريكي والذي يستشف بسبب حالة العداء التي خلقها الرئيس الأمريكي السابق بوش الابن مع الشعوب الإسلامية بسبب حربه ضد المسلمين في عدة دول ومناطق إسلامية في العالم،

وما زال الإرهاب هو حجة العداء للجماعات الإسلامية والمسلمين ، ولهذا فالخوف الأمريكي والغربي والإسرائيلي هو الذي تجسده إيران بسبب مضيها وتقدمها في تخصيب اليورانيوم وعزمها على دخول النادي النووي العالمي في الزمن القادم القريب وفقا لتصريحات بعض مسئوليها،

ولا يخفى أيضا على المتعقبين للأحداث ظهور الخوف الأمريكي الغير معلن بشكل مباشر من انتقال السلاح النووي الباكستاني لأيدي الجماعات الإسلامية المناهضة لنظام الحكم الغير مستقر في باكستان وعلى وجه الخصوص جماعة طالبان باكستان المناوئة للحكم والمناوئة أيضا للتدخل الأمريكي والغربي في الشؤون الباكستانية ويؤكد ذلك قصف الطائرات الأمريكية لهذه الجماعات،ولكن الحقيقة الساطعة والتي يعرفها معظم زعماء وشعوب العالم هو أن الخطر الحقيقي هو قادم من الدول التي تملك الآن أسلحة نووية منذ سنوات طويلة وليس الخطر من الدول أو الجماعات التي لا تمتلكه ، وأيضا لا خطر متحقق الآن من الدول التي تسعى لامتلاك السلاح النووي وتتخذه مستقبلا كعامل رعب وعامل ردع للدول التي تملك أسلحة نووية وربما تسول لها نفسها لتهدد أمن ونهب ثروات بعض الدول في العالم مثلما تشكل القاعدة القانونية المتشددة في القانون الجزائي من عامل ردع لعدم ارتكاب الجريمة،فالخطر الإسرائيلي النووي قائم منذ أربعين عاما والمنسي بفعل فاعل أو تقاعس بعض الدول العربية عن إثارته كمصدر خطر عالمي كبير تلوح به إسرائيل كعلامة فارقة لها للتفوق على دول الشرق الأوسط العربية والإسلامية،ولذلك لا تحترم إسرائيل حقوق الغير ولن ترضخ لسلام يعيد الحقوق لأصحابها ولهذا لا يجبر إسرائيل على احترام حقوق الغير والانسحاب من الأراضي التي احتلتها سوى الحرب التي ينتصر بها العرب انتصارا صريحا وإسرائيل لن تمكن العرب من الانتصار عليها لأنها ستلوح باستخدام الصواريخ ذات الرؤوس النووية التي لديها والتي تغطي كافة الدول العربية والإسلامية المحيطة وهذا الأمر يجسد خير مثال على تهديد الأمن والسلم الدوليين من قبل الأسلحة الذرية الإسرائيلية،

ولكن للأسف كانت الغاية الحقيقية من المؤتمر لحشد الجهود الدولية والحصول على تفويض لمنع إيران من إكمال برنامجها النووي السلمي والحربي من خلال فرض عقوبات عليها لعرقلة مشروعها النووي أو شن حرب استباقية عليها لمنعها من إجراء المزيد من عمل الأبحاث وتخصيب اليورانيوم من باب أن الهجوم خير وسيلة للدفاع مثلما حدث في العراق وغيرها من دول العالم.

والغاية من القمة كانت أيضا لوضع خطة بتأييد دولي للسيطرة على السلاح النووي الإسلامي الباكستاني أو وضعه تحت المراقبة والحراسة بحجة الخوف من وصوله لأيدي الجماعات الإسلامية المناوئة للنظام الموالي لأميركا والتي يطلقون عليها مصطلح (الجماعات الإرهابية) خوفا من نجاح الجماعات الإسلامية في قلب نظام الحكم في الباكستان واستلام الحكم فيها،وما انتشار القوات الأمريكية في أفغانستان ومياه الخليج العربي إلا تهيئة للحرب المتوقعة والغاية المستشفة من القمة النووية هو للبحث عن مبرر لمعاقبة أو ضرب إيران بعد الحشد الدولي في القمة التي عقدت في واشنطن،

وهناك مخططات أمريكية وإسرائيلية لضرب إيران بالقنابل الضخمة والذكية كما كشف ذلك مؤخرا رئيس هيئة الأركان العامة للقوات الروسية الجنرال نيقولاي ماكاروف في مؤتمر صحافي في موسكو ،والرئيس الأمريكي بحشده زعماء العالم لمواجهة التهديدات النووية من خلال إيجاد سبل لضمان عدم وصول المواد النووية التي تنطوي على خطورة للأيدي الخطأ وأيضا لإيجاد سبل تأمين الأسلحة النووية وتأمين الوقود الخطر الذي يستخدم في مفاعلات الطاقة المدنية لعدم استخدامه في صناعة الأسلحة النووية وكذلك التوصل لكيفية لضبط ومنع تهريب التكنولوجيا والمعرفة النووية لمن لا يملكونها.

وخرج المؤتمر أيضا بوضع ضوابط جديدة للحد من انتشار الأسلحة النووية وظهرت رغبة الرئيس الأمريكي في تنشيط معاهدة حظر الأسلحة النووية لعام 1970م كوسيلة وأداة لمحاسبة دول تسعى لامتلاك السلاح النووي مثل إيران، وأيضا تم إدخال مصطلح الإرهاب النووي خوفا من وصول اليورانيوم عالي التخصيب وأيضا البلوتونيوم المنقى لأيدي تنظيمات معادية مثل القاعدة،وهاجس الخوف المبالغ فيه الذي انتاب الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الغربية من وصول التكنولوجيا النووية لأيدي معادية أو أيدي إسلامية ربما تشكل لها تهديدا في المستقبل هو لوضع مرحلة جديدة من العلاقات مع الدول النووية وعلاقات مع الدول الغير نووية من خلال تأكيد الهيمنة الأمريكية، وكان الأولى حقيقة هو بحث أسلحة إسرائيل النووية المتقدمة وبكمية كبيرة والتي تهدد العالمين العربي والإسلامي ، ولكن للأسف غياب الثقل العربي وغياب القرار العربي المستقل منع البحث في هذا الموضوع بصورة جدية.

والتجارب علمت العرب والفلسطينيين أن إسرائيل في حروبها ترد الصاع ثلاثة وخمسة وفي الانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية استعملوا الصواريخ والطائرات وقذائف المدفعية والرشاشات الثقيلة في الرد على الحجر أو على الأسلحة الخفيفة،فكيف إذا تلقت إسرائيل هجوم وضربات بصواريخ عربية متقدمة أو بطائرات حديثة وبقذائف كيماوية أو جرثومية، فإن هاجس الأمن والوجود لديها سيعطي إشارة لضغط أزرار الأسلحة النووية وهنا مكمن الخطر والكارثة،وذلك بالرغم من إطلاق 39 صاروخ عراقي على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 في حرب الخليج الثانية لتحرير الكويت .

وبالرغم أيضا من إطلاق المقاومة اللبنانية في حرب صيف عام 2006 مجموعة من الصواريخ الخفيفة والمتوسطة على عدة أهداف إسرائيلية في العمق ولكنها لم تشكل تهديد عالي الخطورة ولكنها أشعلت الضوء الأحمر لحس الأمن الإسرائيلي،ومن هنا فإن إسرائيل حريصة جدا على أن لا يستطيع العالم العربي الحصول على التكنولوجيا النووية ومنع إيران ودول إسلامية أخرى قريبة من الحصول على هذه التكنولوجيا على المدى القريب والمتوسط،

وإسرائيل أصلا لا تعترف بمعاهدة حظر الانتشار النووي وهي ليست طرفا موقعا على هذه المعاهدة ورغم ذلك فهي عضوا في الوكالة الدولية للطاقة الذرية،ورغم حضور ممثلين عن بعض الدول العربية للمؤتمر بصفتهم مراقبين أو ضيوف شرف أو مؤيدين لما سيخرج عن المؤتمر من خطط وقرارات وبدافع الخوف أيضا على أمن المنطقة العربية من تهديد من يمتلك السلاح الذري في منطقة الخليج العربي وما حولها ، ولكن الأمل أن يكون ذلك حافزا لهم ليحضروا المؤتمرات القادمة بصفتهم أعضاء في النادي النووي الدولي ولتحقيق هذه الغاية لا ينقصهم لا أموال ولا عقول ولا تنقصهم السبل للحصول على المواد اللازمة ولكن تنقصهم الإرادة لبلوغ المعرفة والتقنية والتي من الضرورة العمل الجدي للحصول عليها.

كاتب فلسطيني

===================

دمية الولايات المتحدة يخرج عن السيطرة

إريك مارغوليز - صحيفة "تورنتو صن" الكندية

الدستور

17-4-2010

ذات يوم ، علق هنري كسينجر قائلا أن تكون حليف أميركا أشد خطورة من أن تكون عدوا لها.

آخر مثال: الرئيس الأفغاني الذي نصبته الولايات المتحدة ، حميد قرضاي ، الذي هو في وضع صعب للغاية مع أسياده الغاضبين حقا في واشنطن.

تلوم إدارة أوباما قرضاي الضعيف على فشل أميركا في هزيمة طالبان. واشنطن اتهمت قرضاي بالتلاعب بالانتخابات التي جرت العام الماضي. هذا الأمر صحيح ، لكن الولايات المتحدة تلاعبت مسبقا بالانتخابات الأفغانية باستبعاد جميع الأحزاب المعارضة للاحتلال.

 

واشنطن ، التي تدعم الديكتاتوريين والانتخابات المزيفة في العالم الإسلامي ، لديها الجرأة على شن هجوم على قرضاي بسبب الفساد والتلاعب بالانتخابات ، في الوقت الذي كان البنتاغون يعد فيه جيشا كاملا للسيطرة على الباكستان.

 

لم تخفً إدارة أوباما رغبتها باستبدال قرضاي. يمكنك تقريبا أن تسمع واشنطن تصيح قائلة: "إنه دمية سيئة ، إنه دمية سيئة".

 

قام قرضاي برد الهجوم باتهام الولايات المتحدة بالتلاعب بالانتخابات. وكان قد طالب جيش الولايات المتحدة مرارا بالتوقف عن قتل هذا العدد الكبير من المدنيين الأفغان.

 

بعد ذلك ، فجر قرضاي مفاجأة مذهلة ، فقد أكد على أن الولايات المتحدة تحتل أفغانستان للسيطرة على منطقة حوض بحر قزوين الغنية بالطاقة ، وليس بسبب إزالة القاعدة أو طالبان من الوجود ، وأن طالبان كانت "تقاوم الاحتلال الغربي". سيكون لدى الولايات المتحدة قريبا 100 ألف جندي في أفغانستان ، بالإضافة إلى 40 ألف جندي من حلف الناتو خاضعين لها.

 

وقد قال قرضاي نصف مازح أنه قد ينضم إلى طالبان.

 

غضبت واشنطن بشكل كبير. وشنت حملة دعائية قاسية ضد قرضاي. ودعت صحيفة نيويورك تايمز ، الناطقة باسم إدارة أوباما والداعم المتحمس لحرب أفغانستان ، إلى الإطاحة بقرضاي واستبداله بجنرال مطيع.

 

وكان بيتر غالبريث ، الأميركي الذي طرد من وظيفته في الأمم المتحدة في كابول ، قد أرسل ليمثل الحكومة ويدافع عن وجهات نظرها وليقول لوسائل الإعلام أن قرضاي ربما يكون مدمنا على المخدرات ومجنونا في الوقت ذاته.

 

وراء هذه المشاحنة ، إن لم تكن كوميدية أيضا ، يكمن الانشقاق المتزايد بين الأفغان وواشنطن. بعد 31 عاما من النزاع ، ومقتل ما يقارب ثلاثة ملايين شخصا ، وملايين أخرى من اللاجئين والفقر المرعب ، يتوق الأفغان للسلام.

 

على مدى السنتين الماضيتين ، عقد قرضاي وحلفاؤه من أمراء الحرب محادثات سلام مع طالبان في السعودية.

 

يعلم قرضاي أن الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة الأفغانية هو منح حق الاقتراع للباشتون ، الذين يمثلون الأغلبية في الدولة: ولطالبان ، جيشهم المقاتل. التسوية السياسية مع طالبان هي الحل الوحيد - والحتمي.

 

لكن إدارة أوباما ، التي لم يقدم لها المحافظون الجدد من واشنطن وغيرهم من المتشددين النصيحة بشكل حكيم ، مصرة على "كسب" النصر العسكري في أفغانستان لحفظ ماء وجهها كونها قوة عظمى وفرض التسوية التي تسمح لها بالسيطرة على أفغانستان ذات الموقع الاستراتيجي.

 

وفقا لذلك ، تصدت الولايات المتحدة لمحادثات سلام قرضاي بجعل الباكستان ، التي تتلقى حاليا سبعة مليار دولار أميركي نقدا ، تعتقل قادة كبار من طالبان ممن وجدوا لهم مأوى هناك وممن كانوا جزءا من مفاوضات السلام الجارية مع كابول.

 

لقد كان دور قرضاي ليغضب. لذا بدأ بتحدي أسياده الأميركيين بصورة واضحة وتبني موقفا مستقلا. الدمية تخرج عن السيطرة.

 

جرأة قرضاي المكتشفة حديثا كانت تعود إلى حقيقة أن الهند والصين متحمستان للحلول محل الولايات المتحدة  بريطانيا  حلف الناتو المهيمنين على أفغانستان. فالهند تغرق أفغانستان بالأموال الأسلحة والموظفين وتدرب القوات الحكومية. تتحرك الصين ، وبشكل أكثر حذرا ، لاستغلال ثروة أفغانستان المعدنية المكتشفة مؤخرا والتي يقول قرضاي أنها تقدر بمليار دولار ، وفقا لمسح جيولوجي أجرته حكومة الولايات المتحدة.

 

روسيا ، التي ما زالت تتألم من هزيمتها في أفغانستان في الثمانينات ، تراقب العذاب الأميركي هناك بكثير من الاستمتاع وبكثير من الرغبة بالإنتقام. فموسكو لديها طموحاتها الخاصة في أفغانستان.

 

منذ فترة طويلة أشرت إلى أن أفضل خيار لقرضاي هو أن ينأى بنفسه عن الوصاية الأميركية وأن يطلب انسحاب جميع قوات الاحتلال الأجنبية.

بالطبع هذا عمل فيه مخاطرة. تذكروا تحذير كسينجر. يمكن أن ينتهي الأمر بقرضاي ميتا. لكن يمكن أيضا أن يصبح بطلا وطنيا وأفضل مرشح لقيادة أفغانستان المستقلة ويمكن أن تقبل به جميع الجماعات العرقية.

للأسف ، تواصل الولايات المتحدة ارتكاب الخطأ نفسه ، وهو البحث عن عملاء مطيعين بدلا من حلفاء ديمقراطيين ممن هم شعبيون وشرعيون بشكل أصيل.

===================

بايدن ينشر أخبارا جيدة من العراق

ديفيد اغناطيوس - "الواشنطن بوست"

الدستور

17-4-2010

بايدن: نائب الرئيس لم يستخدم العبارة المشؤومة "المهمة أُنجزت". ولكنه قدم تقييما متفائلا عن العراق عقب الانتخابات البرلمانية التي جرت في الشهر الماضي ، قائلا أن محاولة إيران السرية لفرض نفوذها هناك قد أحبطت ، وأنه يبدو أن بغداد تتجه نحو حكومة ائتلافية "شاملة".

 

قال بايدن في مقابلة أجراها يوم الخميس: "النشاط السياسي في العراق تحرر أخيرا... الجميع مشارك فيه بشكل حقيقي".

 

تعليقات بايدن المتفائلة جاءت بعد أيام من موجة جديدة من الهجمات التي أثارت المخاوف من أن العراق قد ينزلق مجددا نحو العنف الطائفي. طاقم بايدن اقترح إجراء المقابلة في محاولة لمواجهة هذه المخاوف ولإظهار أين تضع الولايات المتحدة "الخطوط الحمراء" في هذه الفترة الحساسة التي تعقب الانتخابات.

 

بايدن قال أنه "أوضح لكل من له علاقة بالانتخابات" أن الولايات المتحدة تعتقد أن انتخابات السابع من آذار نزيهة وأنها تعارض أي محاولة غير شرعية لتغيير النتيجة. لقد قال أن الولايات المتحدة ستظل تحتفظ في العام المقبل بخمسين ألف جندي في العراق "سيكونون قادرين على إطلاق النار بصورة مباشرة" وأنها ستأخذ بعين الاعتبار أي طلب من الحكومة للمساعدة اذا عاد العنف الطائفي الخطير الى الظهور.

 

نائب الرئيس متحمس دائما ، وحوار يوم الخميس لم يكن استثناء ، حيث قام بايدن بالتطرق الى جميع "النقاط الإيجابية المثيرة للاهتمام". ولكنه أيضا قدم بعض الأدلة المفصلة على أن السياسيين العراقيين يقتربون إلى حد ما من تشكيل الحكومة الائتلافية.

 

بايدن بدأ بالحديث عن الهجمات الثلاث الدامية التي وقعت هذا الشهر. فقد قال أن اثنان منها على الأقل تمت على يد فلول القاعدة المتبقية في العراق ، ولكن "قوة هذه الجماعة جرى تهميشها بشكل كبير" وأنها تعاني الفشل في تحقيق غايتها "بإشعال شرارة العنف الطائفي مجددا" وإعاقة تشكيل الحكومة.

 

قال بايدن: هجمات القاعدة حثت الحكومة العراقية على "البقاء في حالة تأهب" للعمل ضد تهديد الإرهابيين. ارتفع عدد العمليات اليومية لمجابهة الإرهاب في الأسبوع الماضي الى ما يقارب اثنا عشر عملية ، مقارنة بعملية أو اثنتان يوميا عقب الانتخابات مباشرة. العراقيون وافقوا ايضا على زيادة حجم التعاون الاستخباراتي مع الولايات المتحدة.

 

أما فيما يتعلق برهان إيران على بسط نفوذها ، أكد بايدن بانها فشلت. وكشف النقاب عن أن طهران أنفقت ما يقارب مائة مليون دولار لدعم الأحزاب الشيعية الدينية ومحاولة تدمير كتلة العراقية ، وهي تحالف سني شيعي علماني يرأسه إياد علاوي: رئيس الوزراء السابق. فبعد أن دُعمت بمشاركة سنية قوية ، فازت العراقية بأكبر عدد من المقاعد.

 

أما فيما يتعلق بحملة طهران غير الناجحة لتغيير نتيجة الانتخابات قال بايدن: "لقد فشل الإيرانيون في ذلك فشلا ذريعا". الأكثر من ذلك ، قال أن محاولة طهران التي أعقبت الانتخابات من أجل الضغط على القادة العراقيين الذين زاروا طهران "تسببت بنتائج عكسية". السياسيون العراقيون اكتشفوا أنهم "سيدفعون ثمنا حقيقيا ... اذا بدا أنهم يسعون للحصول على موافقة الإيرانيين أو اتباع نهجهم أو نهج أي دولة مجاورة".

 

رئيس الوزراء ، نوري المالكي ، وبعض السياسيين الشيعة الآخرين أشاروا في البداية الى أنهم سيطعنون في نتيجة الانتخابات. ولكن بايدن ذكر أن 80 بالمائة من العراقيين يعتقدون ، وفقا لاستطلاع جديد للرأي في الولايات المتحدة ، بأن الانتخابات كانت نزيهة. من ضمن هؤلاء الذين يعارضون إعادة فرز الأصوات الآن زعيمان شيعيان هامان ، آية الله العظمى علي السيستاني: وعمار الحكيم ، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في العراق.

 

بايدن قال أنه "من الضروري بالنسبة للعراق" تشكيل حكومة ائتلافية واسعة تجمع الأحزاب والجماعات الإثنية الرئيسية. لقد توقع أن تُقسم المناصب الوزارية الهامة بين العراقية والمجلس الإسلامي الأعلى والأحزاب الكردية وتحالف "دولة القانون" بزعامة المالكي. قال: "كل ما يرًدنا من جميع الأطراف يقر بأن الحكومة يجب أن تضم الأطراف الأربعة".

 

بايدن رفض أن ينحاز إلى أي جانب في ما يتعلق بمن يجب أن يكون رئيس الوزراء القادم. لقد امتدح علاوي باعتباره "الرجل الذي نجح في التواصل مع السنة والشيعة" ، ولكنه أيضا أثنى على المالكي لرفضه الانضمام الى تحالف شيعي بالكامل قبل الانتخابات. كما قال كلاما لطيفا بحق المجلس الإسلامي الأعلى والأحزاب الكردية.

 

أصعب مسألة تواجه إدارة أوباما ، التي اعتمدت في حملتها الانتخابية على الترويج لبرنامج انسحاب من العراق ، هي كيف يمكن أن تبقى فاعلة هناك ، حتى بعد عودة القوات الأميركية الى الوطن في نهاية العام القادم. بايدن قال أن تلك المسألة تثار تقريبا في كل حوار يُجريه مع العراقيين - - "الآن أنتم تنوون البقاء ، أليس كذلك؟".

 

بايدن قال أنه أخبر المالكي في الأسبوع الفائت: "نحن نخطط للبقاء مشاركين" خاصة في المجالات غير العسكرية التي تأمل الولايات المتحدة بأن تكون جزءا من علاقة مستقرة طويلة المدى.

 

المفارقة فيما يخص العراق هي أن الولايات المتحدة ، اذا ما أرادت الانسحاب بنجاح ، فإنه يجب عليها أن تُظهر أنها ما زالت تشارك منذ الآن. ملاحظات نائب الرئيس تبعث بالرسالة الصحيحة.

Date : 17-04-2010

===================

الجولان هنا

حامي شيلو

اسرائيل اليوم الاسرائيلية

الرأي الاردنية

17-4-2010

يملك حزب الله الان 44 ألف صاروخ حتى قبل ان تستعمل المنظمة استعمال صواريخ سكاد التي أبلغ عنها الاسبوع الماضي، وفيها مئات وربما آلاف من الصواريخ التي تستطيع ان تصيب تل أبيب ورمات غان، ونتانيا وريشون ليتسيون. يشعر اسرائيليون كثير اليوم ب "مقدمة العاصفة"، ويعلمون أن هذه الصواريخ، مثل مسدس "انطون نشيخوف"، ستطلق بيقين من قواعدها حينما يحين الوقت، وهم يدركون – لكنهم يكبتون تماما ذلك – ان اسرائيل بعد هجوم كهذا على لب لبابها ستكون دولة مختلفة تماما.

 ولا شك بعد كل ذلك في أنه ستنجم جميع تلك الاسئلة والحيرات التي كان يفترض ان تثور الان قبل أن يكون الأمر متأخرا.

 فرئيس سورية بشار الاسد يحذرنا منذ أشهر طويلة مما يستقبل، في واقع الأمر وبحديث مباشر صريح. فمن جهة يتحدى الاسد ويمكن بحسب التقارير الصحفية من نقل وسائل "تخل بالتوازن" هي بمنزلة "المحظور" الى حزب الله في لبنان، ومن جهة ثانية يكشف عن حس سخرية تاريخية ويتبنى أحيانا حرفيا تحذيرات رئيس مصر أنور السادات التي تجاهلناها آنذاك.

 قد لا يكون عجبا أن صيغت تصريحات الاسد في الرابع والعشرين من آذار 2010 في مقابلة صحفية مع محطة تلفاز "المنار"، كصدى مقلق للغة التي استعملها السادات في صيف 1971 قبل نشوب حرب يوم الغفران بسنتين.

 "نحن في وضع لا حرب ولا سلام، وهو وضع مؤقت سينتهي إما الى السلام وإما الى الحرب"، قال الأسد في تصريح لم يحظ ولو بعنوان رئيس واحد في اسرائيل.

 اما السادات فقد أعلن في خطبة خطبها في الثالث والعشرين من تموز 1971 احتفالا بثورة الضباط الاحرار – بعد أقل من يوم من اعلانه "سنة الحسم" في العلاقة باسرائيل – أننا "لن نوافق على وضع لا سلام ولا حرب، لان معنى ذلك ان تحتفظ اسرائيل بالاراضي العربية الى الابد".

 ويجب أن نتذكر أن كليهما، الأسد الشاب والسادات، أتى بعد "عظماء الجيل" في سورية ومصر – جمال عبدالناصر في القاهرة وحافظ الاسد في دمشق – وتولى كلاهما الحكم خلافا للتوقعات وبالصدفة فقط، وملنا الى الاستهانة بهما منذ اللحظة الاولى: بالأسد لكونه طبيب عيون، وهاويا سياسيا وبلا قوة حضور، وبالسادات لكونه، بحسب الحكايات، مهرجا قرويا ومدمنا للمخدرات ومحبا للنازيين.

 وعندما اقترح كلاهما من جهة التوصل الى اتفاق سلام على أساس انسحاب اسرائيلي الى حدود 1967، رفضناهما باحتقار لاننا فضلنا آنذاك شرم الشيخ بلا سلام على عكس ذلك، ويوجهنا التوجه نفسه نحو هضبة الجولان اليوم.

 وعندما هدد السادات بالتضحية بمليون جندي، استهان بذلك رئيس الاركان آنذاك دافيد اليعزر، في مطلع 1973 بقوله إن مصر "لا أمل لها في انجاز عسكري ما" اما وزير الخارجية افيغدور ليبرمان فقد تنبأ قبل نحو من شهرين، بأن نتيجة الحرب مع سورية ستكون خسارة حكم عائلة الاسد.

وكما قال موظف اسرائيلي رفيع المستوى لوكالة الانباء يو.بي.اي في الرابع من كانون الثاني 1972: "قد تقنع هزيمة أخرى العرب بأنهم لن يستطيعوا املاء شروط علينا".

صحيح ان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو صرح عشية الانتخابات عندما أتى ليغرس اشجارا عن أن "هضبة الجولان ستكون اسرائيلية الى الابد، وانها ذخر استراتيجي وانه يجب على اسرائيل الحفاظ عليها لتدافع عن نفسها وعن مواطنيها" – لكنه في الحصيلة العامة يعبر بذلك عن توجه أكثر رفاقه في الائتلاف، وعن تصور أكثر اعضاء الكنيست، وعن الرأي العام الدائم في اسرائيل وعن الاتفاق الوطني الشامل الذي يكاد يبلغ بحسب استطلاعات الرأي الاجماع.

لا ينبغي ان ننسى ان وزير الدفاع ايهود باراك، الذي هو اليوم المؤيد الرئيس حول مائدة الحكومة للتقدم السياسي مع سورية، أحجم في آخر دقيقة في شيبرد ستاون، في كانون الثاني 2000، عندما استجاب حافظ الاسد المريض جميع مطالب اسرائيل حتى في الشؤون الامنية، وحتى في قضايا الماء وقضايا التطبيع.

 استقر رأي باراك آنذاك على اللعب بالزمن الذي لم يبق للاسد المحتضر – على حسب شهادة مارتن اندك – بسبب استطلاعات للرأي العام تنبأت بمعارضة شعبية كاسحة لوجود السوريين في طبرية.

وكل ذلك قبل خيبة كامب ديفيد وخيبة الانسحاب من لبنان وجراح العمليات الانتحارية وخيبة الأمل من الانفصال من غزة، التي أبقت تأييد السلام بلا فرق عسكرية وثورة الاتفاق مع مصر كذكرى غامضة فقط.

وينبغي ألا ننسى ان هضبة الجولان في الثلاث والاربعين سنة التي سيطرنا عليها فيها قد أصبحت من اسرائيل أكثر من اسرائيل نفسها، وقد أصبحت ما يشبه صيغة مثالية من اسرائيل كما نريد أن تكون، بلا فلسطينيين وبلا انتفاضات لكن مع مناظر خلابة وأنبذة شهية وسكان ودودين، مع خيول وتماسيح وتزلج في جبل الشيخ.

في هذه الظروف، يسهل الاقتناع بأنه لا يوجد من يتحدث اليه ولا يوجد ما يتحدث فيه ولا داعي لذلك أيضا لان وضعنا – كما قالت غولدا مئير وقادة الجهاز في الاسابيع التي سبقت السادس من تشرين الاول 1973 – لم يكن قط أفضل مما هو اليوم.

 ومع ذلك كله، يؤمن وزير الدفاع ورئيس الاركان ورئيس أمان بأن الاسد يريد احراز سلام كامل عوض انسحاب كامل، وينسب الثلاثة أهمية استراتيجية عليا لتسوية تبعد خطر الحرب الشاملة، وتدفق اسفينا بين دمشق وطهران، وتضعف حماس حزب الله، وتقوي المعتدلين في العالم العربي. بل ربما تنهي حالة الطريق المسدود مع الفلسطينيين.

 ولربما يجب أن نذكر السائس القلق، مع جميع التغييرات الواجبة، ب 64 في المائة من الجمهور عارضوا الانسحاب من سيناء عشية الاتفاق مع مصر، قياسا ب 68 في المائة أيدوا ذلك بعد التوقيع من الفور.

 عشية يوم الذكرى، لا يعفى أحد من محاسبة النفس حتى أولئك الذين سيبقى رأيهم صلبا. لان التسوية المرحلية التي وقع عليها اسحاق رابين في تشرين الثاني 1995 شابهت على نحو عجيب الاتفاق الجزئي الذي اقترحه السادات في شباط 1971، ولم يكن اتفاق سلام مناحيم بيغن في 1979 مختلفا اختلافا جوهريا عن التسوية الشاملة التي اقترحها السادات قبل ذلك بثماني سنين، بيد أنه بين ذلك قتل 2656 جنديا، كثيرا منهم من أبناء جيلي الذين كانوا – ولا يكن عندكم ظل شك – جواهر التاج وواسطة العقد.

 التاريخ لا يتكرر أبدا في الحقيقة لكنه لا يوجد اليوم شيء يخيف أكثر من امكان أن يكون الأسد مثل السادات قبل على حق في تشخيصه أن "الاسرائيليين لا يفهمون سوى القوة"، أو ان حكمتها، للاسف الشديد تكون متأخرة دائما.

===================

إسرائيل وسياسة الأرض المحروقة

د. سحر المجالي

Almajali74@yahoo.com

الرأي الاردنية

17-4-2010

جسد القرار العسكري الاسرائيلي الذي اتخذه عتاة الحرب الصهاينة يوم الأحد الماضي 10 نيسان 2010، والقاضي بابعاد أكثر من سبعين الف فلسطيني عن الضفة الغربية بحجة انهم مسجلون كسكان في قطاع غزة او لانهم دخلوها دون اذن مسبق منه، سابقة خطيرة في تطور الصراع العربي- الصهيوني، وينذر بمأساة جديدة تنتظر الشعب الفلسطيني، ويمهد لخطر أكثر شراسة على الوجود العربي، وفي ظل صمت مطبق من قبل النظام العربي الرسمي، بإستثناء الأردن وبعض الأطراف الفاعلة في النظام العربي، لمواجهة هكذا خطر داهم يمثل مرحلة متقدمة من التطبيق العملي والفعلي ل»بروتوكولات حكماء صهيون».

 

يزامن هذه الممارسات اللا سلمية والعدوانية مع التهويد المستمر والمتسارع للقدس وما حولها.

 

ولم يكن غياب رئيس وزراء إسرائيل عن المشاركة في القمة النووية التي عقدتها الولايات المتحدة بحضور أكثر من اربعين رئيس دولة، إلا تأكيد على نوايا إسرائيل العدوانية، وخوفها من الإحراج أمام مؤتمر يهدف ظاهرياً إلى منع إنتشار السلاح النووي، ومحاولة التهيئة ربما لضرب إيران، في حين تمتلك إسرائيل كل انواع اسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة النووية، وما زالت رافضة للتوقيع على معاهدة منع إنتشار الأسلحة النووية.

 

ومنذ إنشاء الدولة العبرية عام 1948، وبخلاف طبيعة تكوين الأشياء وإنشائها بما فيها التطور الطبيعي لنشوء الدول وتطور الشعوب، دأبت على سلوك الأرض المحروقة فيما يتعلق بالبعد الديمغرافي العربي- الفلسطيني في فلسطين. فقد هجرت قسرياً ملايين الفلسطيين من ديارهم كنتائج لعدوانها المستمر على العرب منذ كارثة إلإنشاء عام 1948 وحتى عدواني 1967 و1982، مروراً بسياسات الإبعاد القسري والتهجير الممنهج. والتي كان آخرها القرار العدواني الأخير، الذي يشكل حلقة جديدة في سلسلة مستمرة لن تتوقف ما زالت إسرائيل تملك القوة منفردة أمام الضعف العربي الذي إستكان لحالة الضعف والهوان التي يعيشها.

 

إن العدوان الصهيوني هذا على الشعب الفلسطيني يتناقض مع كل الإتفاقيات الموقعة بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية، ويمثل خرقاُ لكل الأعراف والتقاليد الدولية والإنسانية المتوارثة، ويجسد تحدياً للنواميس الإلهية المتمثلة بالعقائد السماوية.

 

إن هذا العمل العدواني لهو دليل على إفلاس سياسي وعسكري وهروب من إستحقاقات مبررات وجودها، أي اسرائيل، كدولة في المنطقة، وعلى رأسها المسيرة السلمية، وإنعكاساً لعدم ثقة إسرائيل، لا بنفسها ولا بمستقبل أجيالها.

 

كما يأتي هذا العدوان المبيت والبيت الأبيض ملتزم بالصمت المطبق، مما يعني غياب أي مبرر للإعتماد على الدبلوماسية الأمريكية كوسيط محايد فيما يسمى بالمسيرة السلمية في «الشرق الأوسط». هذه الوساطة التي مازلنا نتلمس خطاها منتظرين نتائجها منذ نشوء الدولة العبرية عام 1948 حتى اليوم، والتي قد لاتأتي إلا بما يخدم المخططات الصهيونية.

 

وبالرغم من محاولات الأردن وبشتى الوسائل أن يوقف الممارسات الإسرائيلية الأخيرة التي تجاوزت الحد الذي يمكن للعرب القبول به، إلا أنه لا يمكن وضع حد لهذا التطاول في العدوان إلا بجهد عربي جماعي وموحد، يتجاوز المفهوم القطري للدولة إلى تغليب المصالح القومية العلياء للأمة العربية.

===================

ما هي قراءة "حزب الله" لأبعاد التصعيد الكلامي الأميركي - الإسرائيلي ؟

ابراهيم بيرم

الرأي الاردنية

17-4-2010

لا يزال المحيطون برئيس مجلس النواب نبيه بري يذكرون رد فعله عندما أبلغوه قبل فترة أن السفيرة الاميركية ميشيل سيسون تطلب موعداً عاجلاً للقائه، ثم يتحدثون عن مناخات اللقاء الذي جرى في اليوم التالي، وكيف انها تحدثت بلهجة مرتفعة عن المألوف عن مخاطر الاستمرار بما أسمته تدفق الاسلحة الى ترسانة "حزب الله"، ويلفتون الى ما قاله بري بعد اللقاء ومختصره "الله يسترنا من هذا الغضب".

ومذ ذاك اللقاء الذي تم قبل نحو ثلاثة أشهر، والمعنيون في "حزب الله" يلاحظون تصاعداً يومياً لوتيرة الكلام الاسرائيلي - الاميركي عن مسألة تسلح المقاومة في لبنان، لاسيما وان هذا الكلام الاميركي، أبلغ ايضاً في الوقت عينه الى العديد من المسؤولين اللبنانيين، والى المسؤولين في سوريا، فيما كان المسؤولون المعنيون بملف الشرق الأوسط في الخارجية الاميركية يستدعون مراسلي وسائل الاعلام العربية في واشنطن و"يملون" عليهم أجواء تنطوي على تهديدات وانذارات ضمنية مما سمّوه مخاطر تزود ترسانة المقاومة أسلحة وصواريخ جديدة كاسرة للتوازن العسكري مع اسرائيل، أي مرجحة كفة الحزب العسكرية وقدراته على الدفاع والمواجهة.

وفي ضوء ذلك استعدت الدوائر المعنية بهذا الموضوع في الحزب لما وصفته ب"جولة جديدة" من الكلام المتدرج، وغير المنقطع عن موضوع التسلح، الى أن كانت الذروة بالامس بالحديث المفاجئ عن ان صواريخ "سكود" البعيدة المدى والمتطورة، قد دخلت ترسانة الحزب.

بداية، تعتقد الدوائر عينها، ان الحديث عن صواريخ من نوع "سكود" تلج ترسانة قوة مثل مقاومي "حزب الله" ينطوي على مبالغة اميركية - اسرائيلية متعمدة، لأن كلاً من واشنطن وتل أبيب تعلمان علم اليقين، ان هذا النوع من الصواريخ الثقيلة والبعيدة المدى، هو سلاح معد ليكون في قبضة "جيش كلاسيكي"، لأنه يحتاج الى قواعد ثابتة ستنكشف بمجرد أن يطلق منها أول صاروخ، وحركته بطيئة جداً، وتتطلب إدارته ونقله والتحكم به مجموعة ليست صغيرة من التقنيين الاختصاصيين وإذا كان بالتالي، وبناء على هذه المعطيات والوقائع، صعباً جداً أن يكون الحزب قد تزوّد هذا الطراز من السلاح، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا اذاً تطلق واشنطن وتل أبيب هذه الزوبعة الاعلامية التي تبدو انها على درجة من الافتعال؟

بطبيعة الحال، لهذا الواقع المستجد والطارئ قراءة متأنية وعميقة لدى الدوائر المعنية في الحزب، فهو جزء لا يتجزأ من فصول المواجهة غير المنقطعة بينه وبين اسرائيل، وهي المواجهة التي تتعدد أوجهها في غياب الاحتكاك المباشر، فهي مواجهة أمنية دائماً وهي هجمة اعلامية - سياسية عندما تقتضي متطلبات المرحلة. وعليه، فدوائر الحزب تدرجها في خانة الهجمة الاعلامية - السياسية التي تستدعيها رزمة حاجات اسرائيلية أبرزها:

-1 على ابواب كل جولة من جولات الحوار الوطني لإقرار الاستراتيجية الدفاعية الوطنية، صار مألوفاً ومعتاداً أن ترتفع الاصوات الاسرائيلية - الاميركية التهويلية والتهديدية، بهدف جعل جولات التحاور تتم تحت وطأة هذا الضغط وهذا التهويل المقصود منه إبقاء لبنان على ساحة صفيح ساخن من التوتر والقلق وزيادة حدة التناقضات الداخلية.

-2 بعد حرب تموز عام 2006 ونتائجها المعروفة، تغير المشهد والوقائع، إذ لم يعد حتى الآن بمقدور الكيان الاسرائيلي التفكير بحرب ومواجهة واسعة، لذا لجأت الذراع العسكرية الاسرائيلية، في نطاق الحرب التعويضية اياها، الى القيام بضربات أمنية - نوعية مثل اغتيال الرمز العسكري للحزب عماد مغنية في دمشق، وبعده اغتيال أحد الرموز العسكرية لحركة "حماس" محمود المبحوح في دبي.

ومع اقرار الحزب بأن ضربة اغتيال مغنية هي ضربة صاعقة لا يستهان بها، فإن الجميع يدرك ان اسرائيل ما زالت "تلهث" لمنع حصول رد فعل من جانب الحزب على هذا الفعل المدوي. وبشكل أو بآخر لدى الخبراء في الشأن الاسرائيلي اعتقاد بأن هذه التجربة الصعبة لا تريد اسرائيل ان تقدم عليها مجدداً.

-3 الواضح ان اسرائيل ترفع منسوب كلامها التهديدي الى درجة الحديث عن صواريخ "سكود"، لأنها باتت تخشى فعلاً من تطور هائل على منظومة التدريب والتسلح والتحكم والرصد التي يكتنزها الحزب يوماً بعد يوم منذ لحظة توقف حرب تموز عام 2006، على نحو باتت اسرائيل ومعها حاضنتها واشنطن، في رحلة بحث وتقص دائبة عن الحجم الحقيقي الذي بلغه هذا التطور، وهل فعلاً بلغ الدرجة التي تخشاها وهي أن "يكسر التوازن".

لذا فإن الكلام المستجد عن صواريخ "سكود" يأتي بعد فترة قصيرة من كلام اسرائيلي موازٍ، برز قبل نحو خمسة اشهر عن منظومة صواريخ مضادة للطائرات متطورة جداً قد وصلت الى يد الحزب وهي عبارة عن صواريخ "سام" متطورة تطلق من الكتف وبامكانها اصابة الطائرات التي تطير على علو مخفوض او متوسط.

وعموماً، الهم الاساسي لكل من واشنطن وتل ابيب هو التيقن والتحقق مما اذا كانت مقاومة الحزب قد بلغت مرحلة كسر التوازن ام لا، لذا فهي تطلق عادة "البالونات" الاعلامية عن منظومة تسلح حديثة لبعض الوقت ثم تتراجع الهجمة الاعلامية.

-4 بعد قمة دمشق الاخيرة وكلام المسؤولين السوريين العالي اللهجة عن الاستعداد لضرب المدن الاسرائيلية وما تلا ذلك من كلام شهير للأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله وما يعنيه ذلك من اتساع مدى المواجهة وانتهاء عصر "التفرد" الاسرائيلي، صارت اسرائيل ومعها الادارة الاميركية ملزمتين سلوك مسلك سياسي – عسكري جديد مؤداه وفحواه ان تعيّش المنطقة جواً وكأن الضربة الاسرائيلية الثأرية آتية لا محالة بين عشية وضحاها، وهي بمثابة "وعد مؤجل" ليس الا وذلك من قبيل الكلام الاعلامي الاسرائيلي الاخير عن ان الطيران الاسرائيلي ألغى في آخر لحظة غارة كان يعتزم القيام بها على قافلة كانت تنقل صواريخ "سكود" الى "حزب الله". والمفارقة أن الغارة كانت تستهدف القافلة المذكورة ابان وجودها في الاراضي السورية اي انها كانت ضربة مزدوجة تطاول ميدانين عسكريين، اضافة الى الكلام الاخير الذي اطلقه القادة الاسرائيليون عن ان ترسانة "حزب الله" من الصواريخ بلغت اخيراً نحو 45 الف صاروخ.

وعليه فان هذا الكلام التصعيدي الذي يضع المعنيين في جو الحرب الدائمة والمقرون بالكلام البارز بين فينة واخرى عن مخاطر استمرار تزود الحزب اسلحة متطورة، كلاهما يندرجان عند الحزب في خانة واحدة عنوانها العريض "اشعار المعنيين بالامر سواء في لبنان او سوريا او فلسطين وايران بأن واشنطن وتل ابيب لم تبلغا بعد مرحلة القبول بالأمر الواقع وترك الساحة لقوى الممانعة.

مع كل ذلك فالواضح ان "حزب الله" لا يزال مقيماً على الاعتقاد الذي يفرج عنه عادة في مثل هذه المناسبات والمحطات وفحواه "ان اسرائيل ليست بعد في وارد القيام بخطوات تغير من واقع الحال القائم على جبهة الجنوب"، منذ انتهاء حرب تموز عام 2006. وعليه فان التصعيد الاسرائيلي – الاميركي الاخير هو بالنسبة الى الحزب "منطق تعويضي" وليس تهديدي بشكل آخر محاولة تعويض عن العجز عن ضبط مسار الامور ومنعه من بلوغ المرحلة التي باتوا يخشونها حقيقة وهي مرحلة كسر التوازن، واستطراداً محاولة الحفاظ على "تفوق" معنوي تريد اسرائيل عبره الايحاء لمن يعنيه الامر في الداخل والخارج بأنها ما زالت تقبض على زمام الامور.

... وفي النهاية كلها محاولات للتعويض.

===================

تجربة رفيق الحريري... لن تُكرِّرها سوريا !

سركيس نعوم

النهار

17-4-2010

لا يزال الزعيم الشمالي المسيحي النائب سليمان فرنجيه "يعمل على نفسه" بكثير من الجدية لاقناع اللبنانيين انه اهل لاحتلال اعلى المراتب. وقد ظهر ذلك في وضوح ليل اول من امس اثناء ظهوره المطوّل على ال"إل. بي. سي"، إذ نجح في ايصال مواقفه السياسية من قضايا الداخل ومن العلاقة مع سوريا والخارج على "راديكاليتها" بهدوء ومن دون استهزاء كان الناس يرفضونه في السابق، او عنف علَّمته التطورات انه لا يحل قضية. طبعاً لاحظ اللبنانيون ان المحطة التلفزيونية "الأعرق" في لبنان قد تكون تقوم وربما قبل الاوان بحملة لمصلحة فرنجيه في الاستحقاقات الكبيرة المقبلة. كما قد تكون تقوم بحملة وقائية تلافياً لوضع سلبي قد يطالها في شكل او في آخر نتيجة نزاعات قضائية معروفة. وليس هناك افضل من الزعيم الشمالي المسيحي لتأمين هذه الوقاية، وخصوصاً انه جُرِّب عام 1994 عندما حمى "المحطة" للاسباب المعروفة.

طبعاً ليس "سليمان بك" كما يناديه انصاره موضوع "الموقف" اليوم. بل هو زعيم "تيار المستقبل" رئيس الحكومة سعد الحريري والعلاقة بينه وبين سوريا الاسد التي يعرفها "البك" جيداً ويحبها كثيراً ويثق بها وتثق به، وخصوصاً بعدما اخذ هذا الموضوع حيزاً مهماً من الحوار بين فرنجيه ومضيفه الزميل مارسيل غانم. طبعاً قال الزعيم الشمالي المسيحي، انه لا ينطق باسم سوريا ويعبّر عن رأيه هو في موضوع الحريري وغيره. وكان قصده عدم الزام حليفته الوحيدة سوريا الاسد أي موقف او عدم احراجها. لكن اللبنانيين كلهم يعرفون انه اكثر المطلعين على سياستها اللبنانية وعلى بعض جوانب سياستها الاقليمية والدولية. ولذلك فانهم يعتبرون ما يقوله عنها متوافقاً مع مواقفها. وهم في اي حال لا ينسون انه هو الذي اخترع من زمان كلمة "الخطّ" والزم حلفاءه وحلفاء سوريا اياه. اذ كان دائماً يؤكد انه في سبيل "الخط" مستعد دائماً لاتخاذ مواقف تخالف اقتناعاته، وقد مارس ذلك اكثر من مرة.

ماذا قال النائب سليمان فرنجيه عن الرئيس سعد الحريري وسوريا في تلفزيون ال"إل. بي. سي" قبل يومين؟

 قال كلاماً يؤكد مباشرة او مداورة كل "التسريبات" السلبية التي نشرتها عن مواقف سوريا من الحريري في الاسابيع الماضية وسائل اعلام معروفة. وما قاله باختصار شديد هو اولاً، عدم توصل الحريري وسوريا الى لغة مشتركة حيال القضايا الكثيرة المعروفة. وثانياً، استمراره في علاقاته مع "الناس" المعادين لسوريا في لبنان. وثالثاً، استمرار رهانه ربما على تطورات خارجية ملائمة له. ورابعاً، كسله. وخامساً، عدم نجاحه او ربما عدم سعيه كي يستخدم فريقه لغة واحدة قوامها تأييد المقاومة وما الى ذلك. وسادساً، سعيه الى ادخال الدكتور سمير جعجع الى دمشق على حسابه (اي فرنجيه). وسابعاً، استبعاد حصوله اي (الحريري) على تسهيل من حلفاء سوريا لمهمته اذا استمر متمسكاً باعدائهم في بيروت. وثامناً، وجود "كاتالوغ" صنفه الإعلام اللبناني دفتر شروط لا يصبح الحريري في أمان اذا لم يقبله وينفذه كاملاً.

هذا النوع من العلاقة لا يمكن ان يؤدي إلاّ الى امر من اثنين. الاول، تجاوز الرئيس الحريري الماضي بكل مراراته والتعاون مع سوريا ولكن بشروطها لأنها الأقوى. اما الثاني، فهو تخلّيه عن رئاسة الحكومة سواء باقتناعه او بفعل تطورات سلبية كثيرة يبدو ان الساحة اللبنانية قد بدأت "تحبل" بها.

طبعاً لا يمكن التكهن أي من الأمرين قد يتحقق، لكن ما يمكن التساؤل عنه هو من يكون رئيس الحكومة المقبل في حال استقال الحريري او "أُستُقيل"؟ والجواب عن سؤال افتراضي كهذا ليس سهلاً. لكن يمكن القول ان هناك شخصين يرجح وصولهما الى السرايا الحكومية اكثر من غيرهما في هذه المرحلة على الأقل. الاول، هو نجيب ميقاتي النائب الحالي ورئيس الحكومة السابق. والاخر، هو بهيج طبارة النائب والوزير السابق والقانوني البارز دائماً. اما مؤهلات الاول فهي علاقته القديمة الثابتة كما يقول البعض مع سوريا بشار الاسد. وهي ايضاً علاقته التي صارت جيدة جداً مع المملكة العربية السعودية. وهي ثالثاً، العلاقة الجيدة حالياً بين الرياض ودمشق. وهي رابعاً، خبرته ومراسه ومرونته و"مواهبه" المتعددة وامكاناته المالية الكبيرة، اما مؤهلات الثاني فهي انتقاله بهدوء من "العشيرة السياسية" لآل الحريري الى "عشيرة" الصداقة والاستشارية ل"ثعلب" 8 آذار وداهيته الرئيس نبيه بري. وهي ايضا العلاقات الاجتماعية وربما الصداقة التي لا تزال تجمعه بالبعض من آل الحريري. وفي اي حال يعتقد كثيرون ان استشهاد السيد حسن نصرالله سيد المقاومة به مرتين في آخر مقابلة تلفزيونية له يمكن ان يكون نوعاً من الترشيح له او التزكية.

من تختار سوريا في حال كهذه؟

لا يمكن التبصير، لكن الذين يعرفون سوريا فعلاً يؤكدون انها الآن بعد كل الذي مر بها في لبنان لن تقبل شريكاً لها سواء فيه او في حلفائها من زعمائه. ويؤكدون ايضاً انها لن تكرر تجربة الشهيد رفيق الحريري في رئاسة الحكومة او اي رئاسة اخرى. ويلفتون الى ان التجربة السياسية لطبارة واحترافه القانوني وعدم صداميته قد تكون في مصلحته حكومياً.

طبعاً لا يعني ذلك انه ليس لنائب طرابلس محمد الصفدي حظ في رئاسة الحكومة المقبلة، يقول هؤلاء العارفون. ذلك انه يشترك مع ميقاتي في صفات ومع طبارة في اخرى.

===================

ترانسفير بالتقسيط

آخر تحديث:السبت ,17/04/2010

خيري منصور

الخليج

تتراوح موجات التهجير القسري للفلسطينيين منذ ستة عقود بين عشرات ومئات وألوف، فالمتوالية تخضع لبرنامج اقترن بالاستيطان، لهذا فإن من يندهشون لقرارات صهيونية حول الإبعاد والتهجير للفلسطينيين هم من الذين لم يقرأوا جيداً الأسس التي قام عليها المشروع الصهيوني برمته، أو أنهم ممن يحاولون إعفاء النفس وتبرئتها مما يجري تحت ذريعة التعامي والتجاهل . والمصيبة عندئذ تكون أعظم .

 

منذ عام 1948 لم يمر شهر أو عام لم يتم فيه إبعاد فلسطينيين لكن ذلك كان يحدث ليلاً، أو في ظهيرات سود صاح فيها الشهداء من عمق قبورهم وصمت الشهود . انه باختصار ترانسفير، لكنه يحدث بالتقسيط، وذلك لسببين يتكاملان ويتناغمان، هما ضبط إيقاع التهجير على إيقاع استقدام اليهود من العالم وخصوصاً من أوروبا الشرقية وروسيا، وعدم إثارة ردود أفعال واسعة وفي نطاق عالمي، لكن ما من قانون أعلنته دولة الاستيطان حول التهجير إلا وكان مسبوقاً ببالونات اختبار، وما أن تطمئن تلك الدولة إلى المنسوب المتدني لردود الفعل حتى تشرع في التنفيذ، وردود الأفعال كلها ازاء مثل هذه القوانين هي أقل من أضعف الإيمان بكثير، ولا يعادل الترانسفير بالتقسيط إلا الإبادة على مراحل، لأن هذا المنهج يشكل لمن ابتكروه ضمانات تقيهم من رد فعل واسع وعنيف على الصعيدين القومي والدولي .

 

وما أعلن هذا الاسبوع من قوانين لم يتجرأ على مثلها حتى الامبراطور كاليجولا في تل أبيب يراد منه إصابة عدة صقور لا عصافير بحصاة واحدة، هي ما يسمى في الأدبيات الصهيونية الملفقة حصاة كوهين الملونة .

 

فأولاً، يتم الفصل وبشكل حاسم ونهائي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، خصوصاً بعد التعامل مع القطاع على أنه كيان معادٍ، وينبغي وضعه دائماً في مرمى آلة الحرب إضافة إلى حصاره براً وجواً وبحراً ومن باطن الأرض أيضاً إذا كانت الانفاق جهة خامسة لبوصلة ملغومة .

 

لقد جربت الدولة الصهيونية من قبل إبعاد المئات من الفلسطينيين إلى مرج الزهور في لبنان وإبعاد عدد آخر بعد محاصرتهم في كنيسة القيامة ولم يكن رد الفعل فلسطينياً وعربياً ودولياً يرقى إلى تهديد جدي، لهذا أصبحت تل أبيب تتعامل مع كل وعيد لفظي بغض النظر عن مصدره على طريقة “ابشر بطول سلامة يامَرْبَعُ”، وها هو مَرْبع أو نتنياهو ينعم بمثل هذه السلامة، وثمة من يضيف إليها السلام المجاني ومن طرف واحد .

 

إن المشروع الصهيوني منذ جذره الأول قائم على الترانسفير، وإحلال بشر مكان آخرين، لهذا فالاستيطان ليس قضية معزولة عن الاحتلال، انه توأمه وقد يكون في اسوأ الأحوال إفرازه أو ابنه البكر، فهل تبطل معرفة السبب كل هذا العجب لمن يستغربون قرارات التهجير، والفصل بين الضفة والقطاع؟ إذا كان من بدهيات الاحتلال تشطير الأرض، وعزل المناطق وبناء شبكة مواصلات تستهدف عزل القرى والمدن الفلسطينية بحيث تتحول إلى ثآليل يحول العزل والحصار دون وصول الدورة الدموية إليها .

 

إن هذه الموجة من الترانسفير قد تكون مقدمة تمهد لتكرارها على نحو شامل، فالسبعون ألف فلسطيني المهددون الآن بالإقصاء لن يكونوا خاتمة المطاف، واذا أفلحت دولة الاستيطان في هذا المشروع فإن ما سوف يسجله بارومتر تل أبيب من منسوب ردود الفعل قد يصل إلى درجة الصفر .

===================

ماذا تبقى لخيار السلام العربي؟

آخر تحديث:السبت ,17/04/2010

عوني فرسخ

نشرت “هارتس” السبت الماضي أن الجيش “الإسرائيلي” بصدد تنفيذ قرار التهجير القسري “الترانسفير” بحق المواطنين العرب المقيمين في الضفة الغربية المحتلة من دون تصاريح “إسرائيلية”، باعتبارهم متسللين يخضعون لقانون منع التسلل الذي يقضي بحبس “المتسلل” ثلاث سنوات وتغريمه ثم طرده خارج فلسطين المحتلة . والقرار يطال ما يجاوز السبعين الف مواطن عربي فلسطيني، بينهم نحو ثلاثين ألفاً من قطاع غزة، والباقون من مواطني القدس المحتلة يعملون في الضفة أو مقيمون فيها، أو من حملة الجوازات الاجنبية وغالبيتهم من أبناء الضفة . وذكر د .نبيل شعث، عضو “اللجنة المركزية” لفتح، أن السلطة الوطنية سبق ان تدخلت لدى الحكومة “الإسرائيلية” التي اوقفت تنفيذ القرار . فيما لم تكشف عنه السلطة الستار في حينه، ولا هي عرضته على القمة العربية في “سرت” . برغم انه لا يتهدد فقط حاضر ومستقبل سبعين الف مواطن يقيمون في بعض وطنهم التابع للسلطة، وانما هو أيضاً مؤشر على استهداف الصهاينة تصفية الوجود العربي في فلسطين المحتلة من النهر إلى البحر، لتحقيق طموح “الدولة اليهودية” .

 

ولقد توالت ردود الفعل العربية والأجنبية المحذرة من تداعيات القرار على الشعب العربي في فلسطين وجوارها، وبخاصة الأردن المستهدف بمشروع “الوطن البديل” . وفي التعقيب على القرار ذكر حسن الشيخ، أحد أبرز قادة “فتح” في الزمن الراهن، أن السلطة احتجت لدى “إسرائيل” ولكنها تلقت رداً غامضاً . فيما اشارت بعض وكالات الانباء إلى أن الخارجية “الإسرائيلية” ابلغت الحكومة الاردنية بتجميد العمل بالقرار . ولو افترضنا جدلاً صحة ذلك فإن هذا لا يلغي خطورة سيف التطهير العرقي المسلط على رقاب المواطنين العرب في عموم فلسطين المحتلة . ما يستدعي موقفاً عربياً رسمياً وشعبياً يرقى إلى مستوى التحدي . موقف أبسطه، واقله كلفة، اعادة النظر جذرياً في مجمل السياسات الرسمية العربية من العدوان الصهيوني في ضوء معطيات الواقع عربياً و”إسرائيلياً” ودولياً .

 

فالنظام الرسمي العربي اعتمد ما اسماه “السلام” خياراً استراتيجياً في إدارة الصراع الذي فرض على الأمة العربية بإقامة الكيان الصهيوني في قلب وطنها . وهو خيار يعود بالدرجة الأولى لعقد الرهان على الإدارة الأمريكية، باعتبار انها تملك 99 % من أوراق اللعبة، وانها المعنية بتواصل “عملية السلام”، وصاحبة القول الفصل في “الرباعية الدولية” . وفي ضوء هذه القناعة اسقط معظم الانظمة العربية الالتزام بلاءات الخرطوم الثلاث: لا اعتراف ب”إسرائيل”، ولا مفاوضات مباشرة، ولا صلح معها . إذ في اعقاب توقيع اتفاقيتي كامب ديفيد سنة ،1979 عقد اتفاق أوسلو سنة ،1993 واتفاقية وادي عربة سنة 1994 . وعلى مدى السنوات التالية شرع الموقف الرسمي الأبواب على مصاريعها لنخب التطبيع من إعلاميين ورجال وسيدات اعمال، وليبراليين جدد، ودعاة “حوار الاديان” .

 

وعلى الرغم من التغيير الكيفي الذي احدثته المقاومة في ميزان القدرات والأدوار، بحيث لم يعد مختلاً لصالح الكيان الصهيوني، كما كانت عليه الحال عشية قمة الخرطوم في خريف 1967 التي اصدرت اللاءات الثلاث . إلا أن النظام الرسمي العربي، وغير يسير من النخب السياسية والاقتصادية والإعلامية العربية، ما برحوا يرون الكيان في ضوء انتصاره المبهر في “حرب الايام الستة”، وليس في ضوء نكسته في حرب الثلاثة والثلاثين يوما في لبنان صيف 2006 وما اعقبها في قطاع غزة المحاصر، حيث فشل الكيان في استعادة قوة ردعه، وتعرت عنصريته على الصعيد العالمي .

 

وبالمقابل فإنه على مدى العقود الأربعة الماضية لم يصدر عن الصهاينة، صناع قرار، وأحزاب، وأجهزة إعلام، أي موقف مكافىء لمبادرات السلام العربية، بما في ذلك مبادرة القمة التي سوقت لهم بإعلان مدفوع الأجر، مزنر بصور أعلام سبعة وخمسين دولة عربية وإسلامية مستعدة للاعتراف بالكيان والتطبيع معه، إن ارتضى الانسحاب من الضفة بما في ذلك القدس الشرقية . وعلى العكس من هذا العرض السخي مضى الكيان في تصعيد عدوانه وممارساته العنصرية، وتوسيع الاستيطان في الضفة، وتكثيف إجراءات التهويد في القدس، ومدها لتطال المقدسات الإسلامية في الخليل وبيت لحم، والتطاول على المقدسات والاحتفالات المسيحية . بل واستغلال المبادرات العربية و”عملية السلام” في تأصيل وتكثيف الوجود الصهيوني في فلسطين المحتلة من النهر إلى البحر .

 

أما الإدارة الأمريكية، موضوع رهان النظام الرسمي العربي، وحليف الكيان الاستراتيجي، فليس في مواقف أي من الإدارات التي توالت منذ عدوان 1967 ما يستدل منه اعارة الرهان الرسمي العربي عليها اي اهتمام . ذلك لكونها مطمئنة، بل وواثقة، بأن مصالح المركب الصناعي العسكري الأمريكي الواسعة في الوطن العربي بات لها من يحرص عليها عربياً باعتبارها ضماناً استراتيجياً لمصالحه الآنية والمستقبلية . وعليه فلا يتوقع ان يخرج الموقف الأمريكي، والأوروبي بالتبعية، عن اصدار بيانات لفظية تشجب التطهير العرقي الصهيوني من دون أي إجراء عملي . ما يعني في التحليل الأخير أن كرة “الترانسفير” الصهيوني ملقاة في الملعب الرسمي العربي . فهل يرقى صناع قراره لمستوى التحدي أم أن خيار سلامهم الاستراتيجي ما زال باقياً؟

===================

أمن وعسكر، ولا سياسة

السبت, 17 أبريل 2010

حازم صاغيّة

الحياة

بوجود صواريخ «سكود» في يد «حزب الله» أو بعدم وجودها، وبحرب بين إسرائيل وكلّ من سوريّة و«حزب الله» أو بغيابها، وبمواجهة أميركيّة أو إسرائيليّة مع إيران أو من دونها، تفتقر منطقة الشرق الأوسط إلى طرف يلمّ شتاتها ويحوّل تطوّراتها الأمنيّة، وربما العسكريّة، إلى وجهة سياسيّة.

فليس من المبالغة القول إنّ القوى المعنيّة بالأمر لا يملك أيّ منها خطّة للمستقبل، بل أدنى تصوّر عنه. يصحّ هذا خصوصاً في إسرائيل وفي قوى الممانعة التي تواجهها.

فالإسرائيليّون، منذ انهيار أوسلو ونشوب الانتفاضة الثانية، يتصرّفون كما لو أنّ الغد غير موجود: يستمرّون في التنكّر لحقوق الشعب الفلسطينيّ، عبر الجدار وقضم الأرض وسواهما. لكنّهم، فوق هذا، يتنكّرون لاحتمال السياسة أصلاً. والتنكّر هذا يمتدّ إلى أفق العلاقات الدوليّة، بحيث تسلك الدولة العبريّة سلوك مَن لا يعبأ البتّة بما يفكّره العالم وبما يراه. والتقدير هذا يكتسب أبعاداً أوضح حين يُعطف على تردّي الطاقم السياسيّ هناك، وعلى ضعف الإجماعات التي تقوم عليها حكومة بنيامين نتانياهو، وعلى إشارات الحيرة حيال الاستراتيجيّة العسكريّة، كما حيال الخيارات المعتَمدة حيال رام الله ودمشق وطهران، ناهيك عن الأزمة التي تضرب راهناً العلاقة بين تل أبيب وواشنطن.

والذين يقفون في مقابل إسرائيل ليسوا أفضل حالاً. فهم يمارسون «السياسة» يوماً بيوم، ملخّصينها إلى نشاط أمنيّ وعسكريّ بلا أفق سوى البقاء على قيد الحياة. وفي هذه الغضون، تبدو الأرض التي يقف عليها هؤلاء متشقّقة تحبل بتناقضات مؤهّلة لتفجير أصحابها وتفجير مجتمعاتهم معهم.

ولئن تجسّد أحد مكامن الضعف الإسرائيليّ في أنّ المنطقة دخلت طور «ما بعد» الحروب الكلاسيكيّة، فإنّ هذه ال»ما بعد» هي نفسها مكمن ضعف الممانعين، وإن كانت مكمن قوّتهم أيضاً. ذاك أنّها لا تزال مفهوماً غامضاً يفتقر إلى التعريف، يستعيض عن هذا الافتقار بذاك الغموض المقيم في التعبير ذاته، تعبير «ما بعد».

وبين هذين الطرفين الأقصيين يوجد «اعتدال»، غير أنّه أضعف من أن يؤثّر ومن أن يشتقّ وجهة تنضوي فيها المنطقة وتيّار حركتها العريض. وضعف التأثير هذا هو، بالضبط، ما يفسّر ظاهرات أخرى ربّما كان أهمّها انتفاخ «الدور» التركيّ، قبل أن تتّضح تماماً ما هي طبيعة هذا «الدور» وما حدوده.

في موازاة هذه الخيوط المقطّعة، هل يستطيع باراك أوباما استخلاص وجهة تتحصّل من الجمع بين الضغط على إسرائيل والضغط على إيران؟. وفي هذه الحال، ما الذي سيكون عليه اليوم التالي على الضغطين وعلى النجاح فيهما؟. السؤالان هذان، وإن كانا في محلّهما، إلاّ أنّ الإشارات المتوافرة على جوابيهما لا تزال قليلة جدّاً وتكهّنيّة كثيراً. وفي هذه الغضون، سيبقى الحدث، حدثنا، أمنيّاً، وربّما عسكريّاً أيضاً، وفي الأغلب تدميريّاً محضاً. غير أنّه لن يرقى إلى حدث سياسيّ، ناهيك عن أن يكون تاريخيّاً. وهذا ما يترك العفن، فضلاً عن الموت المعمّم والخوف الساطع، أفقاً وحيداً أمام منطقة معذّبة.

===================

«بوليساريو» وبان كي مون

السبت, 17 أبريل 2010

محمد الأشهب

الحياة

الخاسر في منافسة رياضية كثيراً ما يتهم الحكم بالتحيز لفائدة خصمه. غير أن وضع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في تعاطيه وقضية الصحراء، يزيد عن مسؤوليته كحكم نحو رصد سلوك المتنافسين حتى خارج الملعب، بدليل ان موفده الخاص كريستوفر روس حين عاين الصعوبات التي تعترض المفاوضات المباشرة، دعا الى مباحثات غير رسمية، تكون في مثل اللعب خارج أطوار المباراة. ولعله مثل بان كي مون سيحتاج الى قدر أكبر من الترويض النفسي والجسدي لمتابعة أشواط منافسات غير رياضية محتدمة.

ما بين موقف الرباط الذي يميل الى بعض الارتياح وإبداء «بوليساريو» مزيداً من الانزعاج حيال التقرير الأخير للأمين العام، يكمن تباعد آخر يزيد من تعميق الهوة، فقد أقر بان كي مون بالمأزق الذي يعكسه تمسك الطرفان بمواقفهما، غير ان اتهامه من طرف «بوليساريو» بالتحيز يضيف طوباً وصخراً الى جدار الخلافات القائمة.

في أكثر من مرة وجهت الأطراف المعنية سهام الانتقادات الشديدة ضد الوسطاء الدوليين الذين جربوا التعاطي وملف الصحراء من منطلقات عدة ذات خلفيات سياسية وقانونية. ولم يكن الموفد بيتر فان فالسوم الأول والأخير الذي انهالت عليه اللكمات يوم أقر بأن استقلال الإقليم خيار «غير واقعي». كذلك فإن الوسيط جيمس بيكر راوح مكانه بين ترحيب المغرب وغضب الجزائر و «بوليساريو»، ثم ارتياح الأخيرين وانتقاد الرباط الى ان اضطر الى الاستقالة.

غير انها المرة الأولى التي يجد فيها الأمين العام للأمم المتحدة نفسه وسط سيل من ردود فعل سلبية، وقد يكون مصدر ذلك ان الفترة الفاصلة بين صدور تقريره واتفاق مجلس الأمن الدولي على قرار جديد دفعت في اتجاه ممارسة بعض الضغط، سيما ان التجارب أكدت ان مجلس الأمن غالباً ما يقر مشروع توصيات الأمين العام، طالما ان النزاع يندرج في خانة التوترات الإقليمية المطلوب حلها وفاقياً وليس عبر فرض حلول من فوق. وبقدر ما تبدو بعض هذه الانتقادات بمثابة تمارين تسخينية للإعداد لمباريات قادمة، بقدر ما ترسخ الاعتقاد بأن خيار المفاوضات يواجه صعوبات حقيقية، ليس أقلها ان مسؤوليات رعايته باتت عرضة للتفكيك.

معنى ذلك ان المأزق لم يعد ينسحب فقط على تعارض المواقف بين التزام المغرب المضي قدماً في المفاوضات على أساس خطته منح الإقليم حكماً ذاتياً موسعاً، ورهن «بوليساريو» ذلك بمعاودة البحث في خيار الاستفتاء، وانما أصبح يطاول الإطار التنظيمي للمفاوضات، ومن غير الوارد احراز أي تقدم في مسار التسوية المتفاوض حولها في ضوء استمرار الشكوك في دور الهيئة التي ترعى تلك المفاوضات، أكانت رسمية أو غير رسمية.

عندما راهنت «بوليساريو» على ورقة حقوق الإنسان التي تهم بضعة نشطاء في الإقليم الواقع تحت نفوذ المغرب كانت تسعى من وراء ذلك الى توسيع صلاحيات بعثة «المينورسو» لتشمل رقابة أوضاع حقوق الإنسان. والحال أن هذه المهمة تبقى من اختصاص لجنة الأمم المتحدة في جنيف، عدا ان مهمات البعثة المرتبطة أساساً بتثبيت سريان وقف النار محددة بقرارات صادرة عن مجلس الأمن. وما أزعج «بوليساريو» انه بدل أن يتضمن تقرير بان كي مون توصية بهذا المعنى جاءت دعوته صريحة الى إحصاء اللاجئين المتحدرين من أصول صحراوية المقيمين في مخيمات تيندوف.

منطق الأشياء يفرض ان حقوق الإنسان لا يمكن تجزئتها عبر الكيل بمكيالين، وإذ يعبر بان كي مون عن قلقه حيال هذه الأوضاع في الصحراء فإنه يدعو بالقدر نفسه الى إحصاء السكان على الطرف الآخر، ولا يمكن الحديث عن أوضاع حقوقية صرفة من دون معرفة الأشخاص المشمولين بهذه المعايير، أقله على الصعيد الإنساني، ما دام الحل الكبير ليس قريباً.

ليس من مصلحة «بوليساريو» ان تنحو في اتجاه العزلة، فقد أصبحت ضمن التطورات السياسية التي أدت الى بدء المفاوضات المباشرة شريكاً في الحل، تماماً كما بلورت دعوة كريستوفر روس الجزائر الى التعاون مع الأمم المتحدة في القضايا الأمنية والإنسانية لتكريس البعد الإقليمي في حل نزاع الصحراء. وما من شك في أن هذه التطورات لا بد من أن تفضي الى تسوية في حال توافر «حسن النية والإرادة السياسية» كما حدد ذلك بان كي مون. غير ان الدرس الواجب استيعابه يكمن في استحالة العودة الى الوراء. فقضية الصحراء وقد انجذبت الى مربع المفاوضات التي لا بديل منها لم تعد هي نفسها كما في محطات ما قبل إقرار هذا الخيار الذي يتعزز صوابه في أنه يبقى رهن المرجعية الوفاقية وليس أي شرط آخر.

===================

الزمان وحرية الإرادة

المستقبل - السبت 17 نيسان 2010

العدد 3626 - رأي و فكر - صفحة 19

[ الكتاب: بحث في المعطيات المباشرة للوعي

[ الكاتب: هنري برغسون

[ ترجمة د. الحسين الزاوي

[ الناشر: المنظمة العربية للترجمة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2009.

مراجعة: عفيف عثمان

يمثل برغسون (1859- 1941) في نظر المترجم، أستاذ الفلسفة في جامعة وهران، هوية الفلسفة الفرنسية في عمقها ونقائها، وقد نجح في إنجاز نوع من التركيب الإبداعي لكل المعطيات العلمية والتقنية وحتى الإجتماعية لعصره. ويرى بعضهم أن في نسقه نظرتين: أولاً، ابداله العقل بالحدس بوصفه الطريق الى الحقيقة، وثانياً، نظريته في الحقيقة النهائية بوصفها قوة حيوية تتحرك على الدوام نحو صور جديدة.وقد قيل إن تأثير برغسون في الفلسفة كان ضئيلاً، وربما يرجع السبب، بحسب جون لويس في "مدخل الى الفلسفة"، الى ما تتضمنه أعماله من" أشياء لا منطقية بيَنة"، في حين أن تأثيره في السياسة والأدب كان عظيماً.

وعند جيل دولوز فإن الديمومة والذاكرة والطفرة الحيوية تمثل المراحل الكبرى في الفلسفة البرغسونية. والمنهج هو الحدس، ويمتلك قواعده المحددة التي تشكل ما يُطلق عليه "الدقة" في الفلسفة. ويرى برغسون أن هناك موقفين من العلاقة مع العالم: واحد، تقني والثاني، إبداعي. وجوهر التقنية التأثير في العالم ولهذا الغرض فإن مسارها يتحدد في تثبيت الأشياء لكي تكون أغراضاً يمكن التحكم بها بالأدوات التقنية. وهكذا، لا يأخذ الفكر التقني في الحسبان إلا الأشياء التي يمكن تمثلها، لذا تندرج الرؤية التقنية تحت مسمى الفضاء، التعبير بإمتياز عن اللامتحرك والجامد. وهذه الرؤية إختزالية في رأي برغسون، لأن الحياة بالتعريف، متحركة مليئة بالتلاوين والتنوع في كيفية ظهوراتها الى حد العجز عن وصفها.

ينبهنا برغسون في استهلاله الى الموضوع الرئيس لكتابه: "الحرية"، وهو المشكل الذي تتقاسمه كل من الميتافيزيقا وعلم النفس، وما الفصلان الأولان الخاصان بالشدة والديمومة إلا تمهيد للفصل الثالث. يعرض الفصل الأول"شدة الحالات النفسية" الخاصة بالوعي(الأنا) فيجعلها خاصية للإحساس(الإنفعال) الذي يُعاني من تغيرات كيفية، ومثال ذلك العاطفة الجمالية، اذ أن الإحساس بالجميل يحتوي على درجات.فما تقدمه الطبيعة هو التعبير في حين يوحي الفن الينا هادفاً الى"أن يرسخ بداخلنا عواطف بدلاً من أن يعبر عنها، انه يوحي بها".

عند برغسون، الاحساس بما هو جميل ليس إستثنائياً، ذلك أن كل إحساس نعايشه يكتسي طابعاً جمالياً، شرط أن يكون قد أوحي الينا وليس ناتجاً عن سبب ما" وسنفهم اذاً لماذا يبدو لنا أن الإنفعال الجمالي يقبل درجات من الشدة، وأيضاً درجات من الزيادة". ويسعى الفنان الى إدخالنا في الإنفعال الغني والخاص وجعلنا نعايش ما لا يمكنه أن يفهمنا إياه. وفي المحصلة يتجلى مفهوم الشدة من خلال خاصيتين، حينما يتعلق الأمر بدراسة حالات الوعي التمثلية لسبب خارجي، أو حينما يتعلق الأمر بحالات تكتفي بذاتها. وفكرة الشدة كما يبسطها برغسون تقع عند نقطة التقاء تيارين، حيث يقدم لنا أحدهما من الخارج فكرة المقدار الممتد، بينما يذهب الثاني الى البحث في أعماق الوعي عن صورة لتعدد داخلي لدفعه نحو السطح.

في الفصل الثاني تفصيل"عن تعددية حالات الوعي":فكرة الديمومة. وثمة تمييز بين الديمومة والفضاء، الديمومة بوصفها تجربة نفسانية وليس معاشة فحسب، ولكنها تجربة ممتدة وتتجاوز حتى شروط الإختبار. لأن ما تقدمه التجربة خليط من الفضاء والديمومة. والديمومة البحتة تقدم لنا تتابعاً داخلياً محضاً من دون أي بعد خارجي: الفضاء، خارجانية من دون تتابع. ولا يتعلق الأمر ببيان أن التتابع الذي يحدده الزمن لا يتوافق مع التواقت(التزامن) الذي يحدد الفضاء. وما ندعوه غالباً "الزمن" هو طريقة كي نتمثل معاً(في ساعة حائط ،روزنامة) أو تزامنياً ما لا يمكن أن يكون كذلك، وهو تشويه للديمومة. علينا فهم أن هذا التتابع لا يعني قدوم ومن ثم إختفاء الزمن عموماً، ولكن التتابع وحفظ حالاته يكون بوساطة وعي، ومن دونه لا يمكننا تفكر الزمن نفسه. فالزمن ليس شيئاً من دون وعي أو ذاكرة تحفظه في مروره نفسه. فالفضاء الذي يدعي أنه يحفظ هو فصل، في حين أن الديمومة التي نعتقد أنها عابرة، تُبقي وتوحد. وهكذا، آن نجد الزمن نجد أيضاً الوعي، كما لو أن الفضاء لا يفصل لحظات الزمن فحسب، ولكن الوعي أيضاً. ذلك هو التوسط، الذي يجب نقده أو تعليقه ببساطة، وهذه هي "المباشرة" التي نعثر عليها. وعلينا أن نضيف أن هذا الوعي ليس مشاهداً، ولكنه فاعلاً، و"المعطيات المباشرة" ليست معطاة"الى" وعي متمايز عنها، ولكنها معطيات"وعي" يوحدها من دون أن يفصلها. وهذا الوعي ليس سلبياً، اذ ينتهي بأن يرينا"أنا حية".

أما الفصل الثالث فهو "عن تنظيم حالات الوعي":الحرية. وفي نظر برغسون يحاصر سؤال الحرية(النشاط الإنساني) الآلية والدينامية، فهما في خاتمة المطاف يتلاقيان عند مبدأ الحتمية. فالحتمية الترابطية تتمثل على سبيل الذكر "الأنا كتجميع للحالات النفسية"، ما يجعل منها حالات مستقلة مثل الرغبة والكره يمكن أن تأخذ في عرفها شكل"صراع دوافع"، وتُدرج الحرية نفسها في هذا الباب. ونقد برغسون للمذهب الترابطي بسبب اختزاله الأنا وجعلها "ركام من وقائع الوعي". فالفيلسوف الفرنسي يرى"القرار الحر" ينبع من النفس بأكملها، وأن الإنسان قادر على الإختيار بغض النظر عن الدافع، اذ "نحن أحرار عندما تصدر أفعالنا عن شخصياتنا بشكل كامل، وعندما تعبرعنها".

في خاتمة مؤلفه الذي أخذ في الترجمة الإنكليزية عنوان"الزمان وحرية الإرادة" يرى برغسون إن مشكل الحرية قد نتج عن سوء فهم عند القدماء والمحدثين حين خلطوا الثنائيات: التتابع مع التزامن، والديمومة مع الإمتداد، والكيفية مع الكمية.

===================

أبعاد الدخول التركي على المسرح السياسي الشرق أوسطي

باسم الجسر

الشرق الاوسط

17-4-2010

الحضور التركي على المسرح السياسي العربي لم يعد بحاجة إلى تأكيد، منذ تولي حزب العدالة والتنمية الحكم في أنقره ومشاركة رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان في اجتماعات القمة العربية وجولاته، أو جولات وزير خارجيته، على العواصم العربية. ناهيك بمواقفه الشاجبة لسياسة الحكومة الإسرائيلية والمؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني. فهذه الخطوات والمواقف تشكل مجتمعة دليلا قويا على أن تركيا راغبة، بل ومصممة، على الانفتاح الواسع والإيجابي على العالمين العربي والإسلامي، بل والقيام بدور فاعل في لعبة الأمم المحتدمة فيهما، وعلى الأخص في الشرق الأوسط.

ذات يوم غير بعيد، كانت تركيا عضوا في حلف بغداد، وحليفة للولايات المتحدة وصديقة لإسرائيل. ولكن الأمور تغيرت مع انتهاء الحرب الباردة وتراجع الخطر الشيوعي عنها ومع وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، والاحتلال الأميركي للعراق (وشبه استقلال الإقليم الكردي في شمالي العراق)، ودخول إيران القوي والمباشر في الصراع العربي - الإسرائيلي. وأيضا بعد إغلاق الاتحاد الأوروبي أبوابه في وجه تركيا.

سؤالان يطرحهما هذا «الهجوم»السلمي والأخوي التركي على الشرق الأوسط والدول العربية: الأول: وهو حول الأغراض أو الأهداف القريبة والبعيدة منه. والثاني: هو ردود فعل الدول الكبرى عليه، ودول المنطقة، وعلى الأخص: إسرائيل وإيران. دون أن ننسى العراق وسورية ومصر والسعودية؟

مما لا خلاف عليه أن حزب العدالة والتنمية الحاكم، الإسلامي العقيدة والديمقراطي النهج، لا يمكنه إدارة ظهره للعالمين العربي والإسلامي كما فعلت الحكومات التركية السابقة بعد تفكك الإمبراطورية العثمانية. ثم إن شبه استقلال الأكراد في العراق يشكل هاجسا كيانيا تركيا، نظرا للامتداد البشري الكردي في جنوب وشرقي تركيا. يضاف إلى ذلك الدفع الإيراني للجماعات والتيارات الشيعية في المنطقة. وفي تركيا ملايين «العلويين» الذين يعتبرون أقرب إلى الشيعة منهم إلى السنة.

إنها تحولات كبيرة في خارطة القوى المتنازعة في هذه المنطقة، لا يمكن للحكومة التركية أن تقف مكتوفة الذراعين أمامها. ثم هناك الصراع العربي - الإسرائيلي الذي يغذي كل تلك التحولات الكبرى ويتغذى منها، وتأثيره المباشر على نمو الحركات السياسية المتطرفة التي باتت، اليوم، هاجسا دوليا وسببا لاستمرار التوتر والحروب في المنطقة. ومن هنا كانت المساعي التركية للتوسط بين سورية وإسرائيل، ومحاولتها استجلاب حماس إلى الحل السلمي، وغضبة الرئيس أردوغان على إسرائيل وانتقاداته العنيفة لسياستها.

إن الدول العربية، وعلى الأخص المملكة السعودية ومصر، لا يمكنها سوى الترحيب بهذا الدور بل بهذه المشاركة التركية في الهموم القومية العربية. كذلك سورية والعراق الجديد، وإن كان ترحيب الأخيرتين لا يخلو من بعض التحفظ. أما إسرائيل فإنها منزعجة جدا من هذا «الانقلاب» التركي عليها، رغم تلطيفها لتداعياته عليها. وأما إيران فإنها ترى في هذا الدخول التركي - السني على مسرح الأحداث، منافسة لها، وربما بداية لتكتل سني واسع في المنطقة، في وجه مشروعها الديني - الشيعي الذي تعمل على تحقيقه.

يبقى أن تركيا هي عضو في حلف الأطلسي، ولم تتخل حتى اليوم عن رغبتها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من كل شيء فهي ما زالت حليفة استراتيجية للولايات المتحدة. ومن الصعب عليها، مع هذه «القيود» أن تصل إلى سحب اعترافها بإسرائيل أو الدخول في جبهة الممانعة التي تتزعمها إيران وسورية. ولكنها تستطيع لعب دور الوسيط بين إسرائيل والعرب، إذا وجدت موافقة من قبل الدول العربية الراغبة في السلام، وتشجيعا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

في مطلق الأحوال، لا تستطيع العواصم العربية سوى الترحيب بهذا الدخول التركي إلى مسرح السياسة في الشرق الأوسط. وهو دخول ما زال في بدايته. وهو مرهون باستحقاقين: مصير الأوضاع في العراق بعد خروج القوات الأميركية فيه، ومآل «الكباش» النووي بين إيران والمجتمع الدولي. أما بالنسبة لتركيا فإن هذه السياسة المشرقية أو الشرق أوسطية الجديدة من شأنها، بالإضافة إلى المكاسب الاقتصادية الأكيدة التي سوف تجنيها من ورائها، أن تعزز مكانتها الدولية، أوروبيا وآسيويا. وأن تجعل من نموذج حكمها الإسلامي - الديمقراطي المعتدل والمنفتح على العالم والعصر، نموذجا، تقتدي به دول إسلامية أخرى، ويحول دون تفاقم صراع الحضارات بين الشرق والغرب.

========================

إرهابي بأي اسم آخر

جون بال

مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية

16 نيسان/إبريل 2010

www.commongroundnews.org

فيلادلفيا، بنسلفانيا

متى لا يُعتبر الإرهابي إرهابياً؟ عندما يُعرّفه الإعلام في الولايات المتحدة (أو يعرفها) بالمسيحي. ومتى لا تُعتبر مجموعة إرهابية إرهابية؟ عندما يسميها الإعلام في الولايات المتحدة "ميليشيا معادية للحكومة".

الاستثناء حي يرزق ويترعرع عندما يعود الأمر إلى تغطية العنف باسم الدين، كما ثبت في حالة تنظيم هوتاري في ميشيغان، وهي مجموعة وصفها الإعلام بالميليشيا بعد حملات شنتها هيئة التحقيقات الفيدرالية كشفت عن مخازن أسلحة غير قانونية، ومؤامرة لقتل ضباط شرطة، و"شنّ حرب" ضد الولايات المتحدة.

لم ينكر زعيم المجموعة المدعو ديفيد بريان ستون والبالغ من العمر 45 عاماً حقيقته، بعد أن أطلق اسم "هوتاري" على مجموعته، ومعنى التعبير حسب موقعه على شبكة الإنترنت "المحارب المسيحي". شعاره جملة من إنجيل يوحنا 3:15 "لا يملك الإنسان حباً أعظم من هذا، أن يضع الإنسان حياته في خدمة أصدقائه".

 

يبدو سلوك هذه المجموعة مماثلاً جداً لسلوك هؤلاء الذين يطلق عليهم الإعلام لقب "الإرهابيين".

إلا أن جوشوا ريت ميللر من محطة فوكس الإخبارية وصف الهوتاري في تقرير يوم 29 آذار/مارس بأنهم "ما مفاده مجموعة ميليشيا أساسها الدين المسيحي". وفي سياق مماثل، عرّف نيك بنكلي وتشارلي سافج من النيويورك تايمز ستون والهوتاري، بنوع من الاعتذار على أنهم "متشددين مسيحيين" في تقريرهما يوم 29 آذار/مارس. ويأتي هذا رغم حقيقة أن المجموعة لم تقم فقط بتخزين السلاح والانخراط في أعمال تدريب تشبه أسلوب عمل تنظيم القاعدة، وإنما قامت كذلك بالتخطيط لتفجيرات مرتجلة تعتمد على تلك التي يستخدمها الإرهابيون في العراق.

 

تسيطر النيويورك تايمز على نفسها بشكل إيجابي في جزء "مواضيع التايمز" لتتجنب استخدام تعبير "إرهابي". وهي تصف مجموعة الهوتاري بأنهم "مجموعة ميليشيا مسيحية مركزها ميشيغان"، وتعكس لغة وزير العدل الأمريكي إيريك هولدر بوصفهم بـِ "متطرفين معادين للحكومة".

هل أصبحنا نحتفظ بتعبير "إرهابي" هذه الأيام للمسلمين فقط؟ ليس لدى إعلام التيار الرئيس الأمريكي في تغطيته لقصص مثل إفشال خطة تفجير كنيس يهودي في نيويورك في أيار/مايو 2009 أو محاولة عمر فاروق عبد المطلب تفجير طائرة فوق مدينة ديترويت، مشكلة فيما يتعلق ببحث "خطط إرهابية جرى إفشالها". يغذّي مثل هذا التحفظ الخوف من "الآخرين" المسلمين. وهي أيضاً تبني ثنائية "نحن مقابل هم" ضمنية بين "أمريكا المسيحية" بشكل واسع و"العالم المسلم" التوحيد حسب الادعاء، كما أشار العالم السياسي الأمريكي صامويل هنتنغتون في نظريته حول "صدام الحضارات".

 

يُنظَر إلى الدين أحياناً كثيرة على أنه مصدر العنف الإرهابي، بدلاً من كونه واحد من أدواته الأكثر فاعلية. وكما ناقش سكوت شين في مقال له في النيويورك تايمز يوم 4 نيسان/إبريل تحت عنوان "إلقاء قنبلة الكلمة"، نحن بحاجة لجدل حواري نشط حول التعابير التي نستطيع استخدامها في الحالات التي نتعرض لها. يستطيع الصحفيون مد يد المساعدة من خلال ممارسة الاستقامة، والإشارة إلى حالات وضع مجموعة ما ككبش فداء واستثناء مجموعة أخرى من السلوك المخزي المتعلق بتعابير مثل "إرهابي".

ينكمش مسيحيو التيار الرئيس مثلي عندما يتم تعريف مجموعة مثل هوتاري بأنها "مسيحية". ربما تستطيع هذه الحادثة أن تساعد أمريكيين آخرين بالشعور المعمق مع ما يحّس به ما يقارب 1,5 مليار مسلم في كل مرة خلال السنوات القليلة الماضية عندما كانوا يسمعون تعبير "مسلم إرهابي" أو، وهو الأسوأ: "إرهابيون مسلمون".

ربما يشكّل "معاملة الآخرين كما نحب أن نعامَل نحن" قانوناً جيداً يتبعه الصحفيون ويصلح لنا جميعاً.

وهذا يعني تسمية الإرهابي، بغض النظر عن خلفيته، بهذا الاسم بالضبط.

ــــــــ

* جون بال (jpahl@ltsp.edu) أستاذ في تاريخ المسيحية بشمال أمريكا في كلية العلوم الدينية بفيلادلفيا ومؤلف "إمبراطورية التضحية: الأصول الدينية للعنف الأمريكي". ظهر هذا المقال في الكولورادو ديلي وقد كُتب لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

=========================

تشريع النقاب في كويبيك سيغطي أكثر من الوجه

داوود حمداني

مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية

16 نيسان/إبريل 2010

www.commongroundnews.org

أوتاوا – يجري حوار في كافة أنحاء أوروبا حول ما تلبسه النساء المسلمات وبالذات النقاب (الذي يغطي الوجه) والبرقع (الذي يغطي جسم المرأة كاملاً) والحجاب ( الذي يغطي الرأس). وقد انتشر هذا الحوار مؤخراً في مقاطعة كويبيك الكندية. ويميل هذا النقاش، كما هو الحال في أوروبا، إلى تجاهل التنوع داخل المجتمعات المسلمة، وكذلك الخطوات التي اتخذها المسلمون للانخراط والمشاركة بنشاط في مجتمعاتهم المحلية.

قد يجبر التشريع المقترح في كويبيك بعض النساء المسلمات على الاختيار بين النقاب والحصول على الخدمات العامة. ويعكس هذا الاقتراح، المعروف بمشروع القانون رقم 94، منظوراً ضيقاً لتكامل الأقليات الدينية، تدفعه الصور النمطية.

أصبحت كويبيك المقصد المختار للقادمين المسلمين إلى كندا بعد تيسير قوانين الهجرة في أواخر ستينات القرن الماضي. كانت ثنائية اللغة نعمة للمهنيين الذين يتكلمون الفرنسية والعاملين المهرة في إفريقيا وآسيا، الذين بحثوا عن فرص في الخارج. وبفضل سياسة كندا المتعلقة بثنائية اللغة، التي حدّدت الإنجليزية والفرنسية كلغتين رئيسيتين، لم تعد أوروبا المكان الوحيد الذي يُنظَر إليه كوطن جديد، فقد فُتحت أبواب أمريكا الشمالية كذلك.

وصل المسلمون من شمال إفريقيا والشرق الأوسط للدراسة أو ملء وظائف شاغرة في الجامعات والمستشفيات والمصانع. كان هؤلاء الآتون من مستعمرات فرنسية سابقة يتكلمون الفرنسية بطلاقة، ودخلوا الثقافة الكويبيكية بسلاسة وسهولة. كما قام مهاجرون مسلمون آخرون لم يجيدوا الفرنسية بتعلّمها كخطوة باتجاه التكامل والانخراط. وقد كشف تعداد عام 2001 أنه بالنسبة لأكثر من 50% من مسلمي كويبيك، كانت الفرنسية اللغة التي استخدموها في أوطانهم، وهي نسبة أعلى من العديد من الجاليات الدينية الأخرى في المقاطعة.

 

كذلك وجد تعداد عام 2001 أن ضعف عدد المسلمين نسبياً، مقارنة بجميع الكنديين، يستخدمون اللغتين الرسميتين الإنجليزية والفرنسية، في مكان عملهم، الأمر الذي يثبت، من الناحية اللغوية بأن المسلمين في كويبيك، بغض النظر عما إذا كانوا مهاجرين جدد أو مواطنين منذ فترة طويلة، على استعداد للانخراط في الثقافة المحلية. إلا أن النقاب، الذي يلبسه عدد قليل من النساء المسلمات، تم إبرازه كرمز لعدم استعداد المسلمين أن يتغيروا ويحترموا قيم كويبيك.

 

تتوقع حكومة كويبيك، من خلال إجبارهم على الاختيار بين النقاب والخدمات العامة تحقيق التكامل والمساواة في النوع الاجتماعي. ولكن هل ستنجح في ذلك؟

 

إذا كان النقاب يشكّل رمزاً لخنوع المرأة للرجل، كما لمّح رئيس وزراء كويبيك جان شاريت عبر ذكر المساواة في النوع الاجتماعي دفاعاً عن مشروع القانون رقم 94، فإن قرار إلغائه لن يُترك للمرأة بغض النظر عن الوصول إلى الخدمات العامة، حيث أن آباءهن أو أزواجهن على الأرجح سوف يفكرون بالخيارات ويؤثرون على صنع القرار بشكل كامل، إذا لم يتخذوا القرار بأنفسهم.

سوف تتعرّض النساء اللواتي يلبسن النقاب، واللواتي يتعرضن للسخرية في الشوارع ويصبحن أحياناً مواضيع لقصص إعلامية، إلى المزيد من تحديد حرياتهن إذا نجح التشريع.

يُعتبر التغيير في المجتمعات الدينامية عملية طبيعية. وتماماً كما هو الحال في بقية كندا، تطورت ثقافة كويبيك نتيجة لتداخل واختلاط الشعوب من خلفيات متنوعة وأفكار مختلفة. يُنتج نفس النوع من التفاعل بين المسلمين وغيرهم من الكنديين، وبين المسلمين من ثقافات متنوعة، تغييراً ويدفع باتجاه هوية كندية مسلمة جديدة لا تضحي بالدين أو العرق.

 

تتواجد المرأة المسلمة في الواقع، وحتى لا يتم تركها في الخلف، في مقدمة هذه الظاهرة الجديدة. تتحدى ترجمة إنجليزية للقرآن الكريم أجرتها مؤخراً العالمة المسلمة لالة بختيار بعض التفسيرات التقليدية التي يقوم بها مترجمون ذكور. فرضت النساء المسلمات كذلك حواراً عاماً حول تفسير قانون الأسرة الإسلامي عندما حاولت مجموعة من الرجال الحصول على وضع قانون لقرارات التحكيم التي تقوم به محاكم الأسرة المسلمة في أونتاريو.

بعد أن شعر بالمزاج السائد بحاجة الناس للتفكير بوضعهم، اتخذ إمام في تورنتو عام 2004 خطوة لم يسبق لها مثيل بأن دعا واحدة من المصلّيات يوم عيد الفطر لإلقاء خطبة العيد، والمثير للاستغراب أنه لم يتعرّض إلا للقليل من الانتقاد من جانب الأئمة في المنطقة.

الثقافة معيار ما فتئ يتطور، وخاصة في مجتمع تعددي، فهي الآلية الاجتماعية التي يتأقلم الأفراد من الأعضاء القدامى المؤسَّسين والقادمين الجدد من خلالها مع الأوضاع الجديدة. يتوجب على الدول الليبرالية الديمقراطية أن تيّسر هذه العملية، لا أن تفرضها من خلال تحديد الحريات.

ـــــــــــ

* داود حمداني هو مؤلف "على خطوات النساء الكنديات المسلمات 1837-2001". كُتب هذا المقال لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

============================

حان الوقت للتغيير بعد عشرين سنة من الحرب الأهلية في لبنان

فاديا كيوان

مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية

16 نيسان/إبريل 2010

www.commongroundnews.org

بيروت – ساد جو من التهدئة والاسترضاء بين الزعماء السياسيين في لبنان منذ الانتخابات العامة في لبنان في حزيران الماضي، والتي أبقت تحالف 14 آذار الذي يدعمه الغرب والسعودية في السلطة وأتت بسعد الحريري إلى رئاسة الوزراء. يجب أن يُنظر إلى هذا المزاج السائد بين السياسيين على أنه نافذة من الفرص.

 

أبرزت التطورات البرلمانية والانتخابية خلال السنوات القليلة الماضية كما لم تفعل من قبل المدى الذي يرتكز عليه التعبير السياسي في لبنان على التمثيل الطائفي. وليس هذا وضعاً عابراً في الشأن اللبناني وإنما أسلوب منهجي، فالسلطة عند الطائفة الشيعية تتواجد بشكل كامل تقريباً في أيدي ثنائي حزب الله – أمل، وتسيطر أسرة الحريري وحركة المستقبل التابعة لها على الطائفة السنية، وما زال وليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي التابع له على رأس الطائفة الدرزية. أما الجالية المسيحية فهي متأرجحة بين حزب القوات اللبنانية التابع لسمير جعجع (وهو جزء من تحالف 14 آذار) أو حركة الوطنيين الأحرار بقيادة ميشيل عون (التابعة لتحالف 8 آذار بقيادة حزب الله).

 

وفي الوقت الذي أدى فيه هذا الاستقطاب إلى نزعة متزايدة نحو سياسة رضا متبادل بين الزعماء السياسيين، إلا أنها قامت كذلك وبشكل لا مناص منه بترسيخ السياسة الطائفية بشكل اعمق، نفسياً وعملياً على حد سواء. ويأتي هذا رغم حقيقة أن اتفاقية الطائف، التي وضعت حداً للحرب الأهلية التي استمرت 15 سنة في لبنان عام 1990 وتشكل اليوم جزءاً من الدستور اللبناني، تنادي بوضع حد للحكم الطائفي أو حكم المجموعة.

 

ينص الدستور (المادة 95 فقرة 2) على فترة انتقالية يتم فيها "تمثيل المجموعات الطائفية بأسلوب عادل ومتساوٍ عند تشكيل مجلس الوزراء". وبهذا يتوجب على أي حكومة أن تمثل المجموعات الطائفية الرئيسية الأربعة، الشيعية والسنية والدرزية والمسيحية، حتى لو لم تشترك جميعها في الأجندة السياسية.

 

نتيجة لذلك تخضع جميع القرارات السياسية للتفاوض أو حتى المقايضة وعقد الصفقات، وتحكمها عملية تسوية ووصول إلى حلول وسطى. وتكمن المشكلة في أن غياب قدرة الحكومة على القيادة، من ناحية يحدّ من إمكانات الإصلاح ويجعل نشاط الحكومة يقتصر في أفضل الحالات على إدارة الأزمات.

 

يتوجّب على النخب وقادة المجموعات المختلفة أن يدركوا أنه في غياب إصلاحات بعيدة المدى، سوف تبقى الدولة اللبنانية غير قادرة على العمل. يتوجب على زعماء المجموعات هؤلاء أن يجتمعوا حول أجندة مشتركة وأن يطلقوا حملة إعلامية يُشركوا فيها وبشكل مباشر الزعماء السياسيين حول الضرورة المُلزِمة بتقوية المؤسسات السياسية للدولة وزيادة الوعي لدى الجمهور حول كلفة الاستمرار في طريق الشلل المنهجي.

 

ومن الأماكن الجيدة لمباشرة هذه العملية الإصلاح المعمّق للقطاع العام والقضاء، وذلك بمنع الشللية وتفضيل الأصدقاء والأقارب، والتشارك في السلطة بين الزعامات السياسية نيابة عن طائفة كل منهم. ويجب أن تكون الخطوة الثانية إصلاحاً شاملاً لقانون الانتخاب بهدف إيجاد نظام تصويت متناسب: تكون هناك في البداية جولة لانتخاب عضو واحد لكل منطقة انتخابية من المناطق الـ 128 القائمة حالياً، وهو العدد الحالي لأعضاء البرلمان، تليها جولة حاسمة تقسَم فيها الدولة إلى مناطق انتخابية ذات حجم متوسط، مكونة بشكل نسبي من ستة إلى ثمانية مقاعد، مع خيار ترتيب هؤلاء المرشحين حسب الأولوية أو الأفضلية.

 

يتمتع هذا القانون بمستويين من الفوائد، أولهما أن المواطنين اللبنانيين سوف يصوّتون على أسس سياسية وليس طائفية أو مجتمعية، وثانيهما أن هذا القانون سوف يخفف من أو يزيل السيطرة الخانقة للغالبية الدينية على أية مجموعة أو منطقة انتخابية. والواقع أن الجولة الأولى من التصويت سوف تضع الكرة بشكل واسع في ملعب الناخبين وستسمح لهم بالتصويت لصالح مرشحيهم المفضلين، بينما يترك النظام النسبي للمرحلة الثانية المجال لتحالفات سياسية غير طائفية في المناطق الانتخابية ذات الحجم المتوسط.

 

وكلما ازداد حجم المنطقة الانتخابية كلما ازدادت احتمالات تفاعل المواطنين من طوائف مختلفة لإيجاد هدف مشترك. يتوجب بالضرورة على أي مرشح يحتاج لأن يفوز في مجال متنوع من الناخبين داخل منطقته (أو منطقتها) الانتخابية أن يتنازل عن الجدل الطائفي أو المجتمعي المحلي وأن يتحرك قدماً نحو طرح وطني أكثر اتساعاً.

بهذا الأسلوب سوف يسود المناخ التوافقي السائد ويضع أسس جمهورية ديمقراطية دائمة قادرة على البقاء.

ـــــــــــ

* فاديا كيوان هي رئيسة معهد العلوم السياسية بجامعة القديس يوسف في بيروت. كُتب هذا المقال لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ