ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 13/04/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


تناقضات ما يسمى بالشرعية الدولية

د.ادهم احمد ابراهيم التكروري

4/12/2010

القدس العربي

عندما ننظر للشرعية الدولية في قاموس الغرب فان حركة حماس خارجة عن الشرعية (شرعية أبو مازن وشرعية الرباعية) وبالتالي تحارب وتحاصر(بضم التاء) بحرا وبرا وجوا ويجوع شعب غزة بكل الوسائل وعلى حركة حماس أن تقبل بكل شروط الرباعية وتقبل بوجود إسرائيل بدون قيد أو شرط.

لكن هذه الشرعية الدولية لا تلزم بالمقابل دولة إسرائيل بالاعتراف بحركة حماس بل توفر هذه الشرعية الغطاء لإسرائيل لاستيراد كل الأسلحة الممنوعة من أمريكا وبريطانيا لقتل الفلسطينيين وهذه الشرعية اللعينة تصر فقط على حركة حماس الاعتراف بإسرائيل بدون أن تلزم إسرائيل للاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في العودة لأرضه السليبة. الشرعية الدولية تريد حركة حماس أن تركع لأبي مازن وتسلم غزة إلى فتح كسلطة شرعية وتتجاهل الشرعية الدولية أن حكومة حماس هي حكومة شرعية منتخبة في انتخابات تعتبر الأكثر نزاهة في كل التاريخ. الشرعية الدولية تحتقر أكثر من بليون من العرب والمسلمين وتعلن على رءوس الأشهاد قبولها بخطة نتنياهو بيهودية الدولة الإسرائيلية وبالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وأنا على يقين لو قبلت حماس المغلوبة على أمرها بالدولة اليهودية بالإضافة الى شروط الرباعية كلها ما خفى منها وما ظهر، سوف يخرجون شيئا آخر من جرابهم لتعجيزها. وكما نذكر إن الشرعية الدولية وعدت بحل المشكلة الفلسطينية بعد تحرير الكويت مباشرة ووعدت مرة أخرى بعد الحرب على العراق مباشرة وتدعى خلسة وعلى خجل فى إمكانية حل القضية الفلسطينية بعد تدمير إيران، وكما صرح وزير الخارجية الإسرائيلية مشكلة إيران وبرنامجها النووي تسبق أي حل للقضية الفلسطينية والاستيطان. ومفارقة كل المفارقات لا احد يسال عن مجموعة القرارات الدولية الصادرة فى حق الشعب الفلسطيني والتى لم تر النور حتى الآن.

 

المفارقة الثانية

مشكلة دارفور التي ظهرت على السطح في أوائل هذا القرن، ذهبت الى الأمم المتحدة بأسلوب الفاست تراك (Fast Track) أي الأسلوب السريع للغاية وأصدرت بشأنها عدة قرارات نفذت معظمها عنوة أو بوعود كاذبة على الحكومة السودانية. أما القرارات الصادرة ضد إسرائيل فهي ما زالت تقبع فى الأدراج الأممية أو ذهبت أدراج الرياح الأمريكية الإسرائيلية. مشكلة جنوب السودان التي استمرت زهاء الأربعين عاما لم تدخل أروقة الأمم المتحدة على الإطلاق. حركات دارفور عندما جلست في أبوجا بنيجيريا مع الحكومة السودانية جلست بضغط من الشرعية الدولية وفى تلك الاجتماعات، دعت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا والمجتمع الدولي بمقاطعة أي فصيل من فصائل التمرد ترفض التوقيع على الاتفاقية. نفس هذه الدول تنازلت عن كل تهديداتها التي أطلقتها ضد الفصائل في أبوحا وتحتضن منذ ذلك التاريخ الفصائل التى لم توقع على الاتفاقية لا وبل توفر لها الذخائر والأسلحة والإعلام لكي تستمر في تمردها على السلطة الشرعية في السودان بل يستقبل قادة التمرد في البيت الأبيض وقصر الاليزيه وداونغ استريت. هذه الدول الغربية نفسها هي التي شجعت حركات دارفور بمقاطعة اجتماعات سرت في ليبيا وتحاول افشال اجتماعات الدوحة لإطالة أمد الحرب وتعلن الشرعية الدولية بدون حياء على لسان مسئول في الإدارة الأمريكية بان مشكلة دارفور ستحل عندما ينفصل جنوب السودان عن شماله بعد استفتاء تقرير المصير في عام 2011.

 

المفارقة الثالثة

متمردو التاميل فى سريلانكا تم إبادتهم عن بكرة أبيهم وفى وضح النهار من قبل السلطة الحاكمة ولم تنطق الدول الغربية بكلمة ولم يتكلموا عن اى إبادة جماعية لحقت بهؤلاء وسكتوا لأنها حركة متمردة عن السلطة الشرعية مع أن مطالبهم فى قضايا التهميش والتنمية شبيهة بمطالب حركات دارفور المتمردة. لم تدافع منظمات حقوق الانسان من امنستى انترناشونال وهيومان رايتس ووتش عن زعيم التاميل الذى قتل بواسطة الحكومة "الشرعية" فى سريلانكا. كل حركات التمرد في دول الغرب والشرق هي حركات غير شرعية فى أسبانيا وايطاليا ايرلندا الجنوبية حتى الصومال وحماس فى فلسطين مع الفارق من أن حركة حماس هي حركة تحرر وطنى وتقف الدول الغربية مع الدولة والشرعية التى تمثلها الدولة التي تحارب تلك الحركات المتمردة إلا فى دارفور تقف الدول الغربية على النقيض من كل مبادئها مع حركات التمرد.

 

المفارقة الرابعة

فى لبنان تمت تجاوزات فى الانتخابات لبنان لم تخرج المظاهرات ضد التزوير. كل ما فعله النائب العماد عون هو المطالبة بالتحقيق فى التجاوزات، بكل أدب. فى إيران، عندما فشلت الغرب فى تغيير محمود احمدي نجاد عن طريق الانتخابات أرادوا إحراق إيران وحاولوا نشر الفوضى. الدول الغربية لا تتعلم من تجربتها فى العالم الثالث والتى تؤكد بان الشعوب الإسلامية والعربية والإفريقية تعشق الزعامات الطاهرة من لوممبا وعبد الناصر الى حسن نصر الله واحمد نجاد. احمدي نجاد كما وصفه احد الصحفيين المصريين مشكلته تكمن في انه نظيف جدا أو أنظف من اللزوم وأمين أكثر من اللزوم. رئيس جمهورية إيران يذهب الى مكتبه وهو يحمل سندوتشات طعام أعدته له زوجته، هذا النوع من الزعامات غير مرغوبة فى الدول الغربية. الحكومة الأمريكية تعشق الحكام الفاسدين المتواطئين مع دولة إسرائيل الذين لا يمانعون فى إشعال الفتن حتى فى ملابسهم وفى شعوبهم ومللهم إرضاء لإسرائيل. أمريكا وإسرائيل تحترم الرئيس العربي الذي يدعو إلى محاربة العراق ومحاربة لبنان وإشعال الفتنة فى اليمن وتمزيق إيران وتحريض القبائل فى الصومال. لماذا لان شركات الأسلحة الأمريكية والبريطانية وغيرها تستفيد من هؤلاء الزعماء ولذا توفر الحماية لهؤلاء الحكام وتخمد أى مظاهرات تهدد حكم هؤلاء حتى يبقوا فى السلطة. ولا يمانعون من دعم عملية توريث ابنائهم كما حدث في سوريا وجارى الإعداد في مصر واليمن وليبيا فتخيل كم ستخسر مصانع السلاح لو انتهت حرب العراق وأفغانستان والصومال والسودان (كلها دول عربية أو إسلامية ويل للهول ).

 

المفارقة الخامسة

 

وللمرة الثانية منذ 2006، تتوافق الرؤى والمواقف بل تتطابق ليس فقط بين قيادات عرب الاعتدال والقيادات الإسرائيلية فقط بل بين الإعلام الاسرائيلى والغربي وإعلام عرب الاعتدال فقد عاشت صحافة عرب الاعتدال والصحافة الإسرائيلية تناغما مدهشا فى صيف 2006 عندما حاولت إسرائيل بهمجية غير مسبوقة فى تدمير لبنان. تلك المواقف أذهلت حتى الإسرائيليين لأنهم لم يكن يتوقعون أن تنهار النخوة العربية والإسلامية وتسقط من أول طلقة أطلقتها إسرائيل على لبنان ويتراقص الإعلام العربي الصديق لإسرائيل فرحا لنهاية حزب الله. المشهد تكرر فى الحرب المجنونة على غزة فى نهاية العام المنصرم وبدايات هذا العام. اتفاق تام بين إعلام عرب الاعتدال والإعلام الاسرائيلى فكتب كتاب عرب الاعتدال ونشرت قنواته الفضائية عن استحياء عن المجازر ولم يغيروا من تغطيتهم العابرة للمجزرة إلا بعد أن بدل الإعلام الغربي بقليل من الخجل من مواقفه المتواطئة مع إسرائيل وخسر الإعلام المرتبط بمصر إلى الأبد جماهير الشعوب العربية والإسلامية.

اليوم الإعلام العربي لدول الاعتدال يفردون عشرات الصفحات عن "الانتفاضة الإيرانية" مع إنهم يكرهون الانتفاضات فى دولهم بل لا وجود لهذه الكلمة فى قاموسهم. إحدى الصحف التي تصدر خارج وطنها أفردت خلال الانتخابات الايرانية 9 صفحات كاملة عن الانتفاضة على االسلطة الشرعية الإيرانية وهذه الصحيفة جندت 7 كتاب فى يوم واحد للكتابة عن موسوى الذى هز عرش الحكومة الإسلامية.

 

الإعلام الغربي يظهر نفاقا كبيرا فمعظم المراسلين الموجودين فى إيران كانوا فى القاهرة عندما تمت التجاوزات الانتخابية لصالح الحزب الوطني وفاز فى معظم الدوائر بالتزوير الواضح فى عام 2005 والكل يعلم ماذا حدث فى الانتخابات المصرية.

هل لك أن تتخيل ماذا كان سيحدث فى لبنان لو فازت أحزاب المعارضة؟ الخطة كانت جاهزة وموضوعة من قبل إسرائيل ومصر والدول الغربية قبل عام من انتخابات لبنان ومنذ أيام كوندليزا رايس لكى يقوم نتنياهو باجتياح لبنان بدعوى القضاء على أعداء إسرائيل وإشعال حرب أهلية لا تبقى ولا تذر. أحزاب المعارضة اللبنانية أظهرت مسئولية كبيرة بقبول نتيجة الانتخابات وهنا أيضا فوتت المعارضة اللبنانية الفرصة على أعداء لبنان من تنفيذ الخطة ب فى حال رفضهم نتيجة الانتخابات لتشتعل حرب الطوائف فى الشوارع وتتدخل إسرائيل لحسم الأمور لصالح الموالاة. كانت أحزاب المعارضة على قدر كبير من المسئولية وقبلت النتائج مع بعض التحفظات وأعلنت الطعن فى بعض الدوائر كما قال العماد عون فى مؤتمره الصحفي. هنا كانت المعارضة اللبنانية أكثر تحضرا من المعارضة الإيرانية الغوغائية التى دعمتها الغرب وبعض الدول العربية بكل الأسلحة الإعلامية لهزيمة احمدي نجاد. أظهرت هذه الأحداث بان الدول الغربية تقبل فقط بنتائج الانتخابات لو كانت فى صالح المشروع الأمريكي الصهيوني.

 

هل كانت إسرائيل ومن ورائها الغرب ستسمح بمظاهرات فى مصر لو الحكومة المصرية زورت الانتخابات التي ستجرى فى العام القادم كما هو معلن لكى لا تفوز القوى الوطنية والإسلامية وهل الغرب تسمح بإظهار كل الحقائق والصور عن التعذيب الذي مارسه الجيش الأمريكي على الشعب العراقي وهل الإعلام الغربي من الشجاعة بمكان بالمطالبة بمحاكمة تونى بلير وجورج بوش كمجرمي حرب. هل الإعلام الغربي يمكن ان يضغط حكوماتهم بمحاكمة مجرمي إسرائيل فى قتل الأطفال والنساء فى غزة.

 

المفارقة السادسة

إبان الحرب المجرمة على غزة والتي تم الإعداد لها بعناية فى أكثر من دولة فى المنطقة وخارجها، سكت الرئيس الأمريكي المنتخب باراك حسين اوباما عن التعليق تاركا للإجرام الاسرائيلى ان ينهى قوى المقاومة فى غزة. لم يفتح الله عليه بكلمة أو فرض عليه اللوبي الصهيوني السكوت طوال الحرب التى استمرت حوالى الشهر. فى أحداث إيران نجد الرئيس الأمريكي يجد فسحة من وقته الغالي ليدلى بتصريحات يومية بدأت لينة وأصبحت أكثر غلظة وشدة مع مرور الأيام بضغط من اللوبي الصهيوني. السؤال المشروع أما كانت حرب الإبادة التى تمت فى غزة أحق بالكلام من المظاهرات الإيرانية التى حتى فى نظر أعداء إيران تجسد أروع مثال لديمقراطية إسلامية. الحديث والتبريرات بان الرئيس اوباما لم يكن رئيسا فعليا حتى مغادرة الرئيس السابق بوش كلام مردود عليه ولا يقنع ذبابة. لو قامت الحكومة السودانية فى نفس تلك الأيام بتحريك كتيبة عسكرية فى مناطق قريبة من مواقع حركات التمرد فى دارفور، أو فكرت كوريا الشمالية فى إصلاح مبنى على الحدود مع كوريا الجنوبية لانبرى السيد اوباما والسيدة كلنتون فى إدانة هذا التحرك. هم لزموا الصمت فى حالة العدوان على الشعب الفلسطيني إما لأنهم راضون على الخطة أو لأنهم شاركوا فى إعدادها. الغريب أن اوباما وجد وقتا مع كل المشاكل التى يواجهها الشعب الأمريكى من اقتصادية وبطالة وتصادم القطارات واشنطن لكى يجلس أمام القنوات الفضائية الأمريكية ليشاهد أحداث التظاهرات فى إيران ويقطر قلبه دما لموت ندى اغا سلطانى برصاص طائش ولم يسعفه الوقت لمشاهدة قناة الجزيرة إبان الحرب على غزة لكى يرى كيف اعتدت دولة بواسطة الأسلحة الأمريكية الحديثة على شعب اعزل استخدمت فيها أسلحة أمريكية وإسرائيلية محرمة دوليا ومات ليس 10 الى 20 مواطن كما فى إيران خرجوا بكامل إرادتهم لمواجهة الأجهزة الأمنية الإيرانية بل مات 1500 طفل وامرأة وكهل وهم نيام بدون أن يكونوا سببا فى أي مشكلة للمحتل الذي حاصرهم وجوعهم.

 

ما هو قادم أسوأ بكثير

المشروع الأمريكى الصهيوني لن يسكت حتى يخربها ويقعد على تلها كما يقول المثل الشعبي. الدور القادم على السودان فى ابريل 2010 سوف تقام الانتخابات الرئاسية والولائية. والأحزاب التى شككت فى الإحصاء السكاني والتي ليست على استعداد لخوض هذه الانتخابات ناهيك عن الفوز بها أعدت مؤامرة للسودان بدعم وتحريض من الولايات المتحدة واسرائيل ستكون أسوأ من السيناريو الايرانى. المشروع الامريكى الصهيوني سوف يتدخل فى الانتخابات بضخ مليارات الدولارات لكى يهزموا القوى الوطنية التى رفضت الارتهان للغرب. إن نجحوا كان الله يحب المحسنين وكفا الله المؤمنين شر القتال، ولكن لو فشلوا فى تحقيق أغراضهم عن طريق صناديق الانتخابات، فما أعدوه لهذا الوطن المغلوب على أمره شي خطير للغاية. بعض القوى التي رفضت الإحصاء السكاني وأرادت أن تخلق مشكلة كبيرة لنتائجه تراجعت الآن استعدادا لمواجهة حاسمة بعد نتائج الانتخابات. سوف تدفع الدول الغربية وإسرائيل على وجه خاص وشركات الأسلحة الضخمة وبعض الدول المجاورة للسودان حركات التمرد الدارفورية لكى تمارس التسويف وإدخال الحكومة فى حلقات استنزاف من اجتماعات ومؤتمرات فى العواصم العربية أو حتى الغربية والتوقيع على الاتفاق الإطارى وفى نفس الوقت استخدام كل الوسائل من منظمات إغاثة وغيرها فى إدخال أسلحة ضخمة إلى داخل السودان لإشعال الحرب الأهلية والتى ستكون الأكبر فى التاريخ.

الإعلام العربي بدأ يهيئ الأجواء إلى فوضى إيرانية في السودان وتلعب بعض القنوات التي نعرفها جميعا دورا كبيرا في تأجيج الصراع في السودان بأوامر أمريكية إسرائيلية وأصبحت هذه القنوات تتحدث عن التزوير للانتخابات حتى قبل اجرائها وتقدم كروبى السودان (مبارك الفاضل) وموسوى السودان (ياسر عرمان) على قنواتها ليل نهار وانأ أشفق كثيرا على وطن تتآمر على هدمه إعلام عربي بدعم حكومات عربية ولمصلحة من يا ترى؟ في مصلحة اسرائيل بكل اسف.

سودانى مقيم فى جيرسى

======================

ذلك المجتمع 'العربي' الآخر الذي يصنعونه لنا..

مطاع صفدي

4/12/2010

القدس العربي

هل يعرف المواطن العربي كيف يتَّخذ حكامه قراراتهم السياسية، ذلك سؤال متأخر نسبياً في سياق المراجعة لإشكاليات النهضة المغدورة. فقد مرّ عهد طويل، أعفى المثقفون أنفسهم خلاله من الانشغال بوظائف الدولة العليا وأحوالها المتردية. فكان جلُّ اهتمامهم منصبَّاً على المواقف الشعارية العامة التي كانت هي المحرك الرئيسي لمتغيرات السلطة، سواء في رموزها القيادية الشخصانية، أو عبر الصراعات الحدِّية التي تنخرط فيها رؤوس السلطة تجاه منافسيها في الداخل، وأعدائها في الخارج الإقليمي والدولي.

تلك هي الحقبة المديدة الموصوفة بالثورية، المتواصلة لأربعة أو خمسة عقود، حينما كانت أفكار التحرر وحدها هي المحركة للجماهير، وهي عينها تؤلف المعايير الضرورية لاكتساب سلطات الحكم مشروعيتها. كان ثمة تواصل عفوي بين الحكم، المختفي وراء مصطلح القيادة السياسية، أو الزعامة الثورية، وبين المحكومين، المنخرطين في صيغة الشعب الثائر أو الأمة الناهضة.

في ذلك العصر (الثوري) لم تكن الجماهير واعية لما يسمى بحكم الفرد، ذلك أن رئيس الدولة أو الحاكم الأعلى لم يكن سوى الزعيم الذي أنتجته الثورة، وتابع هو إنجازاتها ورعايتها. فالحكم هو تحصيل حاصل للزعامة، وليس العكس. هكذا تفترض ضمنياً ايديولوجيا الثورة، كونها ليست سلطة حكم، بقدر ما هي المرجعية المتعالية ما فوق السلطات، التي عليها أن تضفي شيئاً من مشروعيتها على كل نظام دولاني يزعم النطق باسمها. لكن تجارب العصر الثورية، عالمياً وعربياً، لم يقدر لأي منها المحافظة على هذه المعادلة الصعبة؛ أصبح النظام الحاكم هو المتحكم بقوة السيادة على الأمر الواقع، بما يدفعه تدريجياً إلى امتصاص أية تراتبية نوعية أو معيارية مع مرجعية الثورة، بحيث تمتصها أجهزته السلطوية كلياً.

مع انتهاء العصر الثوري العربي، حسب نماذجه في الزعامة الكارزمية، دخلت الأقطار العربية جميعها تقريباً في مرحلة التشكلات الحكومية العادية؛ وإن كان بعضها لا يزال متمسكاً بذاكرته الثورية المنقضية. لكن التشكيل الحكومي انصبّ في القالب السلطوي عينه، الموروث عن النظام الزعامي، أو الرئاسي، بحسب مصطلحه الدستوري المخفف. فمن كان مصنَّفاً، من بين دول المنطقة، في الخانة الثورية أو التحررية، راح يعاني من عجزه عن إيجاد بديل للشرعية الثورية، بشرعية أخرى، لا بد أن تكون عائدة إلى مرجعية الشعب عامة. والنظام الوحيد المؤهل لتأمين هذه المرجعية، هي الديمقراطية. هنا يبرز الاستعصاء الأكبر الذي يواجهه أصحاب السلطات القائمة، لما بعد الثوريات. كيف يمكن لهؤلاء أن يردوا إلى الشعب ما لم يعد يجوز لهم أن يمتلكوه من خصائص نظام حكم ماض، فاقد لقواه ومعالمه المعروفة والمميزة له، والمسوّغة لوجوده.

هنالك سبع دول عربية تقريباً تعيش أنظمة سياسية مخضرمة بين العهدين الثوري، أو الشمولي، وما بعده. فهذا النموذج التالي، الموصوف بالمابعدية لما سبقه، هو الفاقد لهويته السلطوية ومشروعيته الدستورية معاً. تشكو هيكليته الدولتية من عسر التلاؤم مع متطلبات التغيير الأيديولوجي المفروض. لكنها في الآن عينه، تحاول التمسك بآليتها القديمة، مع الاعتراف العرضي، بفشل البحث عن البدائل الجديدة. إذ لا يعقل للكيان المهترئ أن يُنبت من ذاته المتهالكة الكيانَ الآخرَ الذي سيقضي عليه نهائياً. فالسلطة إذن تظل عصيَّةً على كل مبادرة للإصلاح صادرة عن أجهزتها عينها، مثلما هي معيقة بالضرورة لتلبية أية مشاريع مغايرة، تهبط عليها من رموز القمم العليا فوقها. حتى عندما تتوفر بعض نوايا (الإصلاح) لدى القليلين من أصحاب هذه القمم السلطوية، فقد تصير ترجمتها العملية إلى جملة مصالح بيروقراطية متحالفة مع الشبكات الزبائنية، من زمرٍ متطفلة، ملتصقة بهوامش الأجهزة الإدارية والحاكمة.

منذ انقضاء الحرب الباردة أُصيبت دول العالم الثالث بما يشبه ضياع بوصلة التوجه، أمسى الصنف الثوري منها متعطلاً عن العمل. لم تكن فئاته الحاكمة مدركة لما يعنيه الانتقال الفجائي المفروض عليها، من ملكوت الإيديولوجيا إلى ملاعب السياسة. وحتى عندما ينزل بعض رموز السلطة إلى مساحة ما من هذه الملاعب، فإنه لا يتعامل مع قواعدها إلا من خلال آمرية التسلط على الشريك الآخر إن كان ضعيفاً، أو تبعاً لتلقائية الاستتباع الذاتي له إن كان جامحَ القوة والنفوذ.

نشأة الظاهرة (الزبونية) قديمة، مترافقة مع أحادية أنظمة التسلط. وقد سيطرت بدايات ممارستها إبان العهد الثوري، عبر التحالفات الفئوية التي كان يعقدها رؤساء الأنظمة مع من يختارونه من المقرَّبين، ولكن تحت غطاء الحزب الحاكم الأوحد. وفي المرحلة المابعدية، والتي تتكنّى بالليبرالية، فإن الظاهرة الزبونية تبرز إلى العلن، باعتبارها صاحبَةَ المشاريع الإصلاحية. وهي المتوكلة بأمور هذا الاصطلاح السحري الجديد: الاستثمار؛ فأرقام الاستثمارات وأسماؤها، تحلُّ محلَّ أفكار الأيديولوجيا المنزاحة ومعاييرها معها. مشاريع التنمية الفوقية للدولة الليبرالية هي حاصل جرد لإنجازاتها (الوطنية). صارت لها الأولوية على الشأن السياسي، وبالتالي سوف تُعرف الدولة الليبرالية (العربية) بأبنيتها وشوارعها وملاهيها.. وفسادها (الجميل) المعمم. فلا عجب إن أضحت ثقافة المفاهيم والقيم والحقائق بضاعة متخلفة من الماضي السحيق بحسب منطق إعلامها السائد.

إنقلاب هيكلة الدولة، يسبق أو يترافق مع انقلاب مورفولوجيا المجتمع؛ إنها أحدث صناعة عولمية مختصة بإعادة صياغة عقول أمم كاملة، مع مختلف أجهزتها الحضارية. فالهوية، حسب المنتوج الليبرالي المحلي، هي مجرد ماركة مسجلة، تلصق ورقةً على كل سلعة تصدرها هذه الشركة من المستثمرين، أو تلك، أهليةً كانت أو أجنبيةً. فليس هو نموذج المجتمع الاستهلاكي الغربي الذي صارت تستورده بالجملة أقطارنا الملكية، وأشباهها الجمهورية معاً. إنه نمط خاص تماماً، من هذا النموذج المستورد، لكنه يُعاد إنتاجُه محلياً، ولكن تحت شرط تحديث التخلف المتوارث. بحيث يتجدد تجذيُره، وتَخَفِّيّه، تحت قشور التحديث المصطنع. الزبونية ورديفها الفساد لا يشكلان فحسب فضيحة الدولة الليبرالية، الكبرى، بل هما معاً أصبحا يؤلفان مؤسسة الدولة هذه، إذ لن تقوم لها قائمة بدونهما. والحال أن استتباب هذا القالب الليبرالي للدولة والمجتمع معاً، أضحى هو الرهان الأخير على إمكان إغلاق خط التطور العربي في منحنى دائري، كل مرحلة فيه تكرر قانونها فيما يستتبعها، بما يضاعف من فسادها، يفعل التراكم المستزاد والمستقوي أكثر بجديدها العرضي، والمتخفي تحت بوارقها الدعاوية الخداعة.

أخطر ما تواجهه النهضة العربية الثانية أن أولوية التهجين والإحباط لم تعد سياسية فحسب، بل أصبحت من طبيعة مورفولوجية تنصبُّ على شكلانية التموضع الاجتماعي، والتغيير الوظيفي لشرائحه المسيطرة. يحدث هذا دونما حاجة إلى إشغال الساحات العامة بالصراعات الأيديولوجية المعتادة، بعد أن تضيع الحدود المتمايزة بين اليمين واليسار. وتسود دينامية التشرذم، مانعة لاستقطاب الجماعات الكبيرة، وتشكيل بنى الحزبيات الواضحة، العاكسة لمصالح عامة. هكذا تنحسر قوى المعارضة، الممثلة لمطالب جماهيرية واسعة، متراجعةً إلى مستويات اهتمامات لشللٍ (بيتوتية) لا يدري بها الشارع إلا لماماً. بينما تستغرق الكتل الجماهيرية الكبيرة في نوع من الخَدَر الفكري واللامبالاة بالأحداث العامة بعد أن فقدت آمالها بتحقيق الأهداف الشمولية التي اعتنقتها أجيالها الشبابية منذ عصر الاستقلالات الوطنية؛ ثم شاخت هذه الأجيال وهي تشهد وتعاني انكسار تلك الأهداف العظيمة واحداً إثر الآخر عبر تجارب الممارسات المنحرفة والشخصانية لأغلب قيادات المرحلة، المتميزة بانعدام الخبرة المعرفية بمكر وخبث السياسات الدولية المطبقة على تطورات المنطقة ككل. لقد نجحت خيبات التجارب القومية الكبرى في تحييد القواعد الجماهيرية الواسعة نفسياً على الأقل، فارتدَّت هذه إلى موروثاتها الغيبية، تستمد منها بدائل سماوية عن أضاليل الحياة الدنيا، وأحلامها الغادرة المغدورة.

مع ذلك إذا كان التحييدُ قد طغى على المساحة الأوسع من الجماهير المتروكة لبؤسها المعيشي وعقلها الأسطوري، فإنه في الوقت عينه قد أخلى هوامش عديدة لاستنبات حركات العنف المطلق الذي سوف تستثمره أشكال من المعارضة الحدّية تحت مصطلحات الجهاديات وطقوسها الجاذبة لقطاعات الشبيبة، الباحثة عن أدوارها عما يكافئ نزوعها الرافض لمذلة الحطام الذي آلت إليه أحوال (الأمة).

خلاصة القول أن التغيير المورفولوجي الذي أصاب البنى الوسطى والعليا في المجتمع العربي، جعله يعوم على بحر من الجماهير المتمردة على كل تأطير أو تنميط مفروض عليها من خارجها. يشتد انطواؤها على خزان هائل من الإمكانيات والقوى المجهولة التي لن تُعرف لها أسماء إلا بعد تفجرها. ما تصنعه أنظمة الحكم بمساعدة الأجهزة الغربية الخبيرة، هو إعادة صياغة لشكلانية المجتمع، بفضل تلك الشرائح العائمة على سطحه. فالقمع الموجَّه إلى غالبية المجتمع المقهورة، والفساد الصانع لبرجوازيات المال والنفوذ والإعلام وكل الظاهرات العبثية الأخرى الأجنبية الضاجة في مشهديات الحياة اليومية (الجديدة) للمدن العربية الكبرى، قد يؤشران معاً، القمع والفساد على مدى انتصارات الارادات الخبيرة في صناعة مورفولوجيا مجتمعات الفقراء، وتغليفها بقشور حداثة مسطحة؛ لكنها لن تستطيع دفن عوامل التغيير الحقيقية تحت ركام أشباهها الزائفة هذه، وإلى أجل غير مسمى.

مئات مراكز الأبحاث والتفكير في أمريكا خاصة، وأوروبا عامة، أصبح شاغَلها المركزي النهضةُ العربية والاسلامية. ما هي شخصيتها المفهومية، ما هي عناصر قوتها وضعفها، كيفية التدخل في ديناميتها الذاتية، وتخريب قواها بتحويل إمكانياتها ضداً على بعضها. تؤازرها في مخططاتها تلك، زُمَرٌ من برجوازيات الفساد/الإفساد المحلية، التي تتبادل قوى الإسناد مع مراكز السلطة الحاكمة الظاهرة أو المقنعة.

بعد أن تم للغرب إجهاض طاقات الثورة السياسية في دينامية النهضة، ولو إلى حين، يلتفت أساتذة التخريب الممنهج إلى تنميط التلاعب ببداهات العقل النهضوي نفسه، في الوقت الذي يتمُّ عزله ما أمكن عن اهتمامات النخب الجديدة الصاعدة، التي تُستقطب مواهبها وميولها وراء أتفه اللذائذ المباشرة والمصالح المادية الضيقة.

هكذا يُفاجأ الوعُي النهضوي بتصنيع مجتمعٍ آخر لا يكاد يعرف له وجهاً.. ولا شرقاً حضارياً حقيقياً.

' مفكر عربي مقيم في باريس

======================

ابعاد الغاء نتنياهو المشاركة في القمة النووية الدولية بواشنطن!

عبدالله محمد القاق

 الدستور

12-4-2010

 لعل الغاء رئيس وزراء اسرائيل نتنياهو المشاركة في اجتماع القمة النووية الدولية التي ستضم (47) رئيساً في واشنطن خلال هذا الاسبوع يعود الى تخوف نتنياهو من ان تحول الترسانة الاسرائيلية الى موضع بحث ومناقشة خلال هذا اللقاء ، خاصة بعد ان تردد ان رئيس وزراء تركيا رجب اردوغان بالاضافة الى مصر وعدد من الدول العربية ترغب في اثارة وجود حوالي مائتي رأس نووي اسرائيلي في موقع ديمونا ، الأمر الذي سيثير حفيظة الاسرائيليين من التوجهات العربية والاسلامية حيال هذه الرؤوس النووية ، في الوقت الذي تطالب الولايات المتحدة الاميركية بضرورة تغليظ العقوبات على ايران لكونها تعد ملفها النووي السلمي. وهذه الاجراءات الاسرائيلية الاخيرة بالاستمرار في دعم برامجها النووية من شأنه ان يكون موضع مناقشة كبيرة من الدول العربية ، لأن كل القادة العرب والمسلمين وبعض الاوروبيين سيطالبون بان يكون الشرق الاوسط خاليا من الاسلحة النووية ، فضلا عن ان اسرائيل تخشى من ان تتعرض لضغوط اميركية حديدة لاجراء مفاوضات مع الفلسطينيين ووفق عمليات الاستيطان مقابل دعمها في ابقاء مشاريعها النووية في المرحلة الحالية،

 

ان دعوة المجتمع الدولي لاسرائيل بالانضمام الى معاهدة حظر انتشار السلاح النووي يعتبر امرا ضرورياً وهاماً في الوقت الحاضر ، لأن عدم توقيعها على هذا الانضمام يشكل نقطة ضعف في المواجهة الدولية لوقف سباق التسلح في المنطقة فضلا عن كونه سيدعو المتطرفين الى المزيد من القيام بعمليات ارهابية كثيرة لتشجيع عدم الاستقرار في المنطقة اذا ما استمرت اسرائيل في هذه البرامج وسياستها العدوانية على الدول العربية والفلسطينيين بشكل خاص لا سيما تهديداتها المستمرة في شان الفضاء على البرنامج النووي الايراني وتحذيراتها لبعض الدول العربية من اقامة مفاعلات نووية سلمية في المنطقة،

 

وبالرغم من ان اسرائيل قد توفد مسؤولاً آخر لحضور القمة هو دان ميردور نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي الا ان حضوره يشكل صفقة لنتنياهو في مواقفه الحالية المتمثلة في رفض العملية السلمية ، ودوره في التركيز على الحرب ضد ايران ، خاصة وان اسرائيل تواصل تفعيل هذا الملف النووي وتصفه بانه يهدد أمن المنطقة لا سيما وان البيان الصادر عن قمة الامن النووي سيركز على جهود تامين المواد الانشطارية دون أي تلميح الى الاسلحة الاسرائيلية غير المعلنة ، وهو ما ترفضه دول عربية واسلامية عديدة بغية التزام اسرائيل مع المجموعة الدولية لوقف سباق التسلح في الشرق الاوسط،،

 

واذا كانت الولايات المتحدة تسعى من خلال عقد هذا المؤتمر الى فرض عقوبات جديدة على طهران لبناء مفاعلها النووي ، وكذلك بحث لبرامج كوريا الشمالية اللتين استبعدتا في هذا اللقاء ، فان المراقبين يرون ابعاد الاسلحة النووية عن ايدي المتطرفين سواء في باكستان او الهند ووقف برامج ايران ، امام بالنسبة لاسرائييلن فانها (اميركا) تعتبرها كما قال المسؤولون الاميركيون (بأنها اي اسرائيل ، اقوى حليف لها في الشرق الاوسط ، بل من اقوى حلفائنا في اي مكان في انحاء المعمورة ورات ابنة نائب الرئيس السابق ديك تشيني ان الرئيس اوباما يلعب لعبة متهورة باستمراره في السير في طريق اضعاف علاقات اميركا باسرائيل).

 

ومن البدهي القول ان اسرائيل الدولة الارهابية استفادت من الحرب على الارهاب التي اعلنتها الولايات المتحدة بعد احداث ايلول حيث تعمقت علاقاتها مع اميركا بعد شن الحرب على افغانستان وبعد احتلالها للعراق حيث بات التحلاف الاميركي - الاسرائيلي اكثر صلابة وقوة ، مما يُعزى بتأثير اكبر في المستقبل للضغط على ايران في محاولة لوقف مشاريعها النووية واجهاضها لاعمالها التقنية في هذا البرنامج السلمي والمشروع،،

 

واذا كان الرئيس الاميركي مسروراً بحضور الرئيس الصيني هو جيتاو للمؤتمر الدولي للامان النووي ، فان رغبة اوباما هو التعاون مع الصين في مجال منع انتشار السلاح النووي وخاصة في المنطقة ولا سيما ايران بالرغم من اختلافهما في العديد من الموضوعات وخاصة رفض الصين لفرض أية عقوبات اقتصادية جديدة على ايران بالمرحلة الحالية ، خاصة وان هذه القمة التي ستعقد بالفترة ما بين 12 - 13 الجاري ستبحث بشكل اساس في التهديد الذي يفرضه الارهاب النووي والتدابير المقابلة التي تتخذها الدول والمجتمع الدولي.

 

واذا كانت ايران ستشهد هذا العام تشغيل المحطة الكهربائية الايرانية الاولى التي يجري بناؤها في بوشهر خلال هذا العام بمشاركه الخبراء الروس فانها ترمي من وراء ذلك التأكيد على موقفها من ان هذه المفاعلات هي الاسباب ضرورية (صحية وكهربائية وسلمية) ايضاً وان اية عقوبات مرتقبة على ايران لن تحقق النتائج المرجوة ، خاصة وان مجلس الامن الدولي فرض ثلاث (حُزم) من العقوبات على ايران من قبل من أجل حمل هذه الدولة الاسلامية على تعليق انشطة تخصيب اليورانيوم ، غير انها كما قال السيد رجب طيب اردوغان لدى زيارته الى الرياض مؤخراً بأنها لم تات بأية نتيجةّ).

 

فاسرائيل ترى في البرنامج الايراني محاولة جادة لكسر احتكارها للقوة النووية في المنطقة اثناء السلم وخطراً وجودياً عليها اثناء الحرب.. وان اسرائيل لا ترى ان هذا المفاعل النووي الايراني يشكل خطراً على الولايات المتحدة ، بل يتعداه لتغيير الاستراتيجية في الخليج ومنطقة الشرق الاوسط ، فضلا عن ان الولايات المتحدة تخشى من ان تصبح ايران منافسة لها في النفوذ في منطقة الخليج العربي والشرق الاوسط ، بالاضافى ان ذلك يعني ان ايران ستكون مظلة للعديد من الدول الخليجية اذا ما توفرت لها القوة النووية الامر الذي يدخلها في نادي السلاح النووي الاسلامي مثل باكستان وتركيا والعراق مستقبلا ، وهذا يشبه الاقليمية النووية السلمية التي يكون لها وزنها العسكري والاقتصادي مما يسهم في تقليص الهيمنة الاميركية على المنطقة.

 

فاسرائيل تخشى هذه القوة ، وتسعى لاجهاض المحاولات الايرانية ، اولا وترفض المشاركة في هذه القمة النووية حتى لا تكون عرضة للمساءلة الدولية عن برامجها النووية ومطالبتها بالانضمام الى معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية في المرحلة الحالية كأساس لتكون المنطقة خالية من السلاح النووي الذي يهدد جهود السلام في الشرق الاوسط،،

======================

نيسان في سجل المجازر الصهيونية

نواف الزرو

 الدستور

12-4-2010

ليس فقط لم يتوقف نهج المذابح والمجازر الصهيونية على مدار الاثنين والستين عاما الماضية التي اعقبت النكبة ، بل باتت هذه السياسة العمود الفقري للاستراتيجية الاسرائيلية ضد الشعب العربي الفلسطيني ، الذي اصبح يواجه في كل يوم المزيد والمزيد من المجازر والنكبات التي لا حصر لها ، غير ان شهر نيسان الفلسطيني يتميز عن شهور السنة الاخرى بموقعات عديدة نوعية اثرت على مجريات التاريخ الفلسطيني في الصراع مع المشروع الصهيوني.

 

فمن التفجيرات الارهابية الدموية الى الاغتيالات.. الى المجازر الجماعية.. الى التدمير والتهديم الشامل للبلدات والقرى الفلسطينية.. وغير ذلك من العناوين.. كلها نقرأها في نيسان من رزنامة المشهد الفلسطيني منذ ما قبل عام النكبة..،.

 

ففي الأول من نيسان 1948 "وصلت كما هو معروف - طائرة نقل من طراز داكوتا محملة بالأسلحة التشيكية إلى مطار عسكري بريطاني مهجور في جنوب فلسطين ، وقد تم توزيع الأسلحة على المستعمرات اليهودية في المناطق الجنوبية على الفور" ، وبعد يومين من ذلك ، "وصلت - كما يوثق محمد جلال عناية - باخرة سراً إلى خليج صغير على الساحل الفلسطيني تحمل شحنة أخرى من الأسلحة التشيكية" ، وجاءت الأسلحة استجابة إلى برقية بعث بها بن غوريون إلى ايهود أفريل ممثل الهاجاناه في براغ يأمره فيها بإرسال شحنات سريعة من الأسلحة.

 

وفي مطلع نيسان 48 تمكنت القوات الصهيونية من احتلال القسطل التي كانت تتحكم بالطريق الموصل بين تل أبيب والقدس ، ولكن قوات المجاهدين العرب استعادوت التلة في الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم 8  4  1948 وقد استشهد في ذلك اليوم عبدالقادر الحسيني قائد جيش الجهاد المقدس ، ثم سقطت القسطل في صباح اليوم التالي 9  4  ,1948

 

وفي 9  4  1948 نفذ الصهاينة مذبحة دير ياسين التي خصص لها 1500 من أفراد عصابات والهاغاناه ، ففي الساعة الثانية من فجر ذلك اليوم أعطى الأمر بالهجوم على القرية فتحركت وحدات الأرغون بالإضافة إلى إرهابيين من عصابات الهاغاناه والبالماخ لاكتساح القرية من الشرق والجنوب وتبعتهم جماعة شتيرن بسيارتين مصفحتين وضع عليهما مكبر للصوت.

 

استهدف الصهاينة من وراء المجزرة قتل او تهجير اهل القرية.

 

كانت المقاومة العربية افي دير ياسين فوق توقعات العصابات الصهيونية ، وما بزع الفجر حتى صعد هؤلاء هجومهم وعملياتهم العسكرية محاولين التقليل من الإصابات في صفوفهم عن طريق نسف مداخل البيوت الحجرية بالقنابل ثم مداهمتها وقتل الموجودين ، وانضم إلى هؤلاء فيما بعد أعضاء من عصابات بالماخ ، حيث قاموا بقصف الطريق المؤدية إلى القرية لردع الجنود العرب الذين جاءوا من عين كارم لنجدة القرية مستعملين "أي العصابات"قنابل المورتر في جهود لإسكات مصادر المقاومة الفلسطينية في القرية ، ونودي إلى السكان عبر مكبرات الصوت أن المخرج الغربي للقرية مفتوح.. سكان القرية الذين صدقوا النداء اصطيدوا برصاص الإرهابيين اليهود ، وأما الذين بقوا في المنازل ومعظمهم من النساء والأطفال والشيوخ فقد تم الإجهاز عليهم إذ أخذ اليهود يلقون بالقنابل داخل البيوت فيدمرونها على من فيها.. وقام اليهود بقتل كل من يتحرك أو من كان داخل أي بيت وكل عربي بقي حياً.

 

حفر الصهاينة في نهاية العملية قبراً جماعياً دفنت فيه مائتان وخمسون جثة أكثرهم من النساء والأطفال والشيوخ.

 

وتشير الذاكرة الوطنية الفلسطينية إلى أن المجزرة الجماعية التي نفذتها القوات الصهيونية ضد أهالي بلدة دير ياسين كانت الأخطر والأشد تأثيراً على مجريات حرب 1948 ونتائجها ، حيث استثمرها القادة الصهاينة في نشر الإرهاب والرعب في نفوس الفلسطينيين.

 

وفي 10  4  1948 هاجمت عصابات الهاغاناه قرية ناصرالدين (قضاء طبرية) وأحرقتها وقتلت معظم سكانها وأخرجت الباقين تمهيداً للهجوم على طبرية. ففي ليلة 14 نسيان حضرت قوة من الصهاينة يرتدون الألبسة العربية إلى القرية فاعتقد أهل القرية أنهم أفراد النجدة العربية المنتظرة القادمة إلى طبريا فاستقبلوهم بالترحاب ، فلما دخل الارهابيون القرية فتحوا نيران أسلحتهم على مستقبليهم ولم ينج من المذبحة إلا أربعين عربياً استطاعوا الفرار إلى قرية مجاورة وقد دمر الصهاينة بعد المذبحة جميع مساكن القرية ، وكان عدد سكان القرية عام 1945 قرابة 90 فلسطينياً.

 

في 10  4  1948 هاجمت الهاغاناه قرية قالونيا (بين القسطل والقدس) وأحرقتها. في 13  4  1948 هاجمت الهاغاناه قرية اللجون (قضاء جنين) وقتلت 13 عربياً. وفي 16  4  1948 هاجمت الهاغاناه قرية ساريس ( طريق القدس ) وهدمت معظم بيوتها وطردت سكانها.

 

وبتاريخ 10  4  1973 ، نفذت مجموعة من القوات الخاصة الإسرائيلية بقيادة "ايهود باراك" وزير الحرب في حكومة نتنياهو في العاصمة اللبنانية ، عملية تصفية قادة منظمة التحرير الفلسطينية الثلاثة ، الشهيد محمد يوسف النجار وزوجته والشهيد كمال عدوان وكلاهما من قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ، والشهيد كمال ناصر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

 

وبتاريخ 17  4  1988 ، نفذت القوات الخاصة الإسرائيلية بالعاصمة التونسية ، عملية تصفية الشهيد خليل الوزير "أبو جهاد". وبتاريخ 22  3  2004 نفذت عملية اغتيال الشيخ أحمد ياسين. وبتاريخ 17  4  2004 نفذت عملية اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي.

 

اما في نيسان  2002 فكانت اسطورة مخيم جنين التي وثقت كابرز المعارك التي خاضها الفلسطينيون ضد قوات الاحتلال ، اذ اجمع المتحدثون عن المعركة على ان اسطورة مخيم جنين شهد لها العدو قبل الصديق وباتت منهاجا يدرس في المعاهد والجامعات العسكرية العالمية ، يتعلمون فيها أن ما حدث في مخيم جنين حقيقة وليس من نسج الخيال ، يتعلمون كيف يصمد ثلة من الشبان المقاومين امام اعتى آلة عسكرية في العالم ، فان هذه الحقيقة الكبيرة ليست من نسيج الخيال الفلسطيني.

 

سطر أهل المخيم ، مقاتلين ونساء وشيوخا وأطفالا ، ملحمة بطولية صمودية أسطورية حقيقية اخذت تترسخ وتتكرس في الوعي والذاكرة الوطنية النضالية الفلسطينية والعربية على أنها من أهم وأبرز وأعظم الملاحم. وهكذا نقف في ختام هذه المراجعة لابرز جرائم الاحتلال التي اقترفت خلال شهر نيسان على مدى العقود الماضية ، أمام مشهد فلسطيني مثخن بالجرائم والمجازر الدموية الصهيونية التي تواصلت على مدى سنوات الاحتلال دون توقف ، متجاوزة كافة المواثيق والقوانين والخطوط الحمراء الدولية.. ولكننا نستذكر ايضا البطولات والملاحم العربية في فلسطين.

======================

المستعمرات الاسرائيليه في القانون الدولي

زهرة خميس عز

الرأي الاردنية

12-4-2010

بناء 1600 مستعمرة زاد من شعبية نتنياهو وجعله الرئيس المفضل لإسرائيل حيث انه ينفذ معتقداتهم الدينية ويحقق احلامهم بأن القدس عاصمة لليهود لا تقبل المشاركة او التقسيم ، وانها العاصمة الابدية لهم فهي لم تكن لغير اليهود ابدا لذلك يجب ان تكون موحدة تحت السيادة الاسرائيلية ، متجاهلة بذلك الدراسة التي وضعتها اللجنة التابعة لهيئة الامم المتحدة المعنيه بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف ، ناهيك عن المكانة الروحية للقدس لدى المسلمين في العالم بالاضافة الى موقف القانون الدولي من الاراضي المحتلة المستعمرة .

 

سياسة الاستيطان الاسرائيلية تتعارض تماما مع القانون الدولي لما ينطوي عليه من خرق واضح لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والخاصه بحماية المدنيين في زمن الحرب كما انها تجاوز واضح وفادح للصلاحيات والسلطات التي يخولها قانون الاحتلال الحربي للقائم بالاحتلال ( اسرائيل ) وهذا قبل ان تتمكن اسرائيل من فلسطين ويصبحوا ملاك قانونيين حسب فلسفتهم ومعتقداتهم المرفوضة.

 

لكن ومع كل ذلك تبقى اقامة المستعمرات عملا غير مشروع وغير قانوني خاصة وانه قائم بصورة دائمة وليس مؤقت ويطالب بأن يصبح كل ما يحيط به يهودي الطابع ، فوجود المستعمرات بالقدس يعني ضرورة وجود ادارة تحميها وتدافع عن مصالحها وهذا بمضمونه يعني ان تصبح القدس عاصمة لاسرائيل ، وهذا ما يريده نتنياهو من وراء ابقاء المستعمرات وتحدي اوباما .

 

على المجتمع الدولي حماية حقوق الفلسطينيين الذين انتزعت اراضيهم منهم بالقوة والاكراه وهذا بحد ذاته يعد عملا غير مشروع وباطل وفق احكام المادة 46 من اتفاقية لاهاي لعام 1907 والماده 53 من اتفاقية جنيف الرابعه لعام 1949 ، ولاننسى ان اللجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس الامن الدولي بموجب قرار رقم 445 سنه 1979 اثبتت ان المستوطنات التي اقامتها اسرائيل تشمل اراضي خاصة وعامة وان اسرائيل اجبرت سكانها الاصليين على الرحيل بعد تدمير منزلهم وهذا بحد ذاته انتهاك صريح لقواعد القانون الدولي وحقوق الانسان وفق المادة 46 من اللائحة المرفقة بمعاهدة لاهاي لعام 1907 .

 

لاتزال اسرائيل تلقي بقرارات الامم المتحده عرض الحائط وتبني المستعمرات في كل مكان والادهى منذلك ان نتنياهو لم يعد يخفي امر المستعمرات ويحاول التستر على بنائها بل اصبح يتبجح ويعلن ان القدس عاصمة اسرائيل وان بناء المستوطنات امر مشروع ، وهذا امر لا يمكن التسليم به لان اسرائيل دولة محتلة ولايمكن للمعتدي المحتل ان يجني ثمار عدوانه ، وهذا طبعا بعد خرق اسرائيل لجميع القوانيين الدولية الخاصة بشأن بناء المستوطنات لذلك فلابد لمجلس الامن من ان يتخذ اجراء صارم لتفعيل القوانيين تلك ولابد للعالم ان يترجم ارادته السياسية ليحاسب اسرائيل فالمفروض ان القانون الدولي سلطة لا يعلى عليها .

======================

الحرب الطويلة وحجر الزاوية في قندهار

د. حسن عبدالله العايد

hasanayed@yahoo.com

الرأي الاردنية

12-4-2010

جاء في مقالة لتوم هايدن وهو سيناتور سابق عن ولاية كاليفورنيا نشرها في صحيفة إم. سي. تي إنترناشيونال واعيد نشرها من قبل صحيفة الراي مفادها ان مصطلحا جديدا بدأ يبرز في الولايات المتحدة الا وهو مصطلح الحرب الطويلة فقد تبنت مجموعة في البنتاجون وبعض زملائهم عقيدة أطلقوا عليها تسمية» الحرب الطويلة» . وتشير هذه العقيدة الحربية حسب المفهوم إلى حزام من عدم الاستقرار تسببه الجماعات المتمردة من أوروبا إلى جنوبي آسيا، ربما يستمر لما يتراوح بين 50-80 عاماً. ووفقاً لأحد واضعي هذا المفهوم، فإن الحروب الدائرة الآن في العراق وأفغانستان وباكستان، ليست سوى معارك صغيرة جزئية من الحرب الأم الكبرى. وعند تأمل هذه الفكرة، فإن مدة 80 عاماً من الحرب غير المعلنة، من شأنها أن تورط 20 رئيساً أميركياً قادماً، وناخبين مستقبليين لم يولدوا بعد.

 

يذكر أن أول استخدام لمصطلح « الحرب الطويلة « لوصف نزاعات أميركا ما بعد 11 سبتمبر كان في عام 2004، وأول من استخدمه هما الجنرال (جون أبي زيد) و الجنرال المتقاعد (ريتشارد مايرز) ، في عام 2005. وتم تضمينه إلى وثيقة التقويم الدفاعي ربع السنوي لعام 2006.

 

ووفق ما كشفته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أخيرًا فإن الحرب على أفغانستان كانت تستهدف أنابيب البترول بالدرجة الأولى، وأن مفاوضات أمريكية كانت تجرَى مع حركة «طالبان» للسيطرة الأمريكية على حقول النفط في أفغانستان، وأنه كان هناك إصرار أمريكي على ضرب أفغانستان في شهر أكتوبر من العام 2001، وكان هذا التفكير قبل وقوع أحداث سبتمبر الشهيرة.

 

إلا أن المفاوضات فشلت في آخر جولة تفاوض في إسلام أباد في باكستان في 2 أغسطس من العام 2001، إلا أنه وبعد مرور ستة أسابيع، وتحديدًا في 11 سبتمبر ضرب تنظيم القاعدة أمريكا في عُقر دارها، ودمَّر برجي التجارة في نيويورك، وكان ذلك تحولا كبيرًا في مُجريات الأمور والأوضاع العالمية.

 

لذا يبدو التواجد العسكري في افغانستان والعراق واليمن والقرن الافريقي وتواجدها السري في كثيرمن الدول ليس الا جزء من الحرب الطويلة سواء كان المصطلح جديداً أم قديماً إلا انه يمثل حجر الزاوية بين الولايات المتحدة والعالمين العربي والاسلامي .

 

وما قاله الأميرال (مايكل مولن) أن الهجوم على حركة طالبان في معقلها في قندهار جنوب البلاد يمثل حجر الزاوية للحرب في أفغانستان. وقال إن «قندهار هي ما نتطلع إليه الآن. إنها حجر الزاوية في عملية قلب اندفاعة طالبان»

 

ومع ان هناك من يعارض هذا المصطلح وينتقده ومن بين هؤلاء المحلل (أندرو باسيفيتش) -أحد قدامى محاربي حرب فيتنام، والأستاذ الحالي بجامعة بوسطن- وهو في مقدمة منتقدي عقيدة الحرب الطويلة. ويصف المجموعة التي أطلقته بأنها مجموعة مغرورة من الاختصاصيين تروج لنفسها لا أكثر.

 

واخيرا اذا كان هناك توجه غربي لحروب طويلة فلا شك أنها ستتحول إلى حرب حضارات وهذا مكمن الخطر فعلى أمريكا أن تغير إستراتيجيتها حتى لا تدفع الى سياسة حافة الهاوية التي لا تستطيع التراجع عنها وبالتالي تدفع الاجيال الحالية والقادمة الى مجتمع يسوده الكراهية والحقد بين الحضارات .

======================

عجلة التاريخ.. وتضليل السياسة والإعلام!

راكان المجالي

منذ ان انطلقت الفضائيات العربية، مقتحمة الفضاء المعرفي لناس القارة العربية، كان لافتا اندفاع غالبية برامجها نحو الاعمال الوثائقية. وهي «وثائقيات» مارست نهما محموما تجاه التاريخ السياسي القريب لتلك المجتمعات، افرادا وجماعات، بشكل بدا ان لا موضوعات وثائقية غير ذلك التاريخ العتيد. ويندرج في سياق ذلك أعمال «شهود العصر» و«العمر»، بما في ذلك تاريخ القادة والاحداث المفصلية والانظمة، التي تم انتاجها وبثها. كما اندرج بعض هذه الاعمال في سياق اعمال المماحكة والمناكفة السياسية، في الزمن الراهن، بين انظمة وقوى سياسية بعينها. فما الذي جعل ذلك ممكنا؟ أو على الاقل، ما الذي يجعل تلك الوثائقيات قادرة على التحول الى ممارسة سياسة واعلامية فاعلة في راهن الانظمة الساسية العربية ومجتمعاتها..؟

لا يكون التاريخ تاريخاً الا اذا انقطع تأثيره المباشر على واقع الناس اليومي. فإن لم يفعل، واستمر في تأثيره، فهذا يعني أنه لم يتحول بعد الى تاريخ منقطع. ما يعني ان هذا «التاريخ» لا يزال «واقعاً»، في حياة الناس، يؤثر ويتأثر، ويتشكل ويتكامل أيضاً. وهو ما يوجد في واقع المجتمعات العربية اليوم، على نحو: ماضٍ لا يريد أن يمضي، وحاضر يتمنع في الحضور..!!.

بهذا المعنى، يصبح كل ما حدث، في واقع المجتمع العربي، بكل تشكيلاته، في القرن العشرين، ليس حدثاً ينتمي إلى الماضي، بل إلى حاضر معقد يتشكل، ويجدد ذاته، بأشكال مختلفة، على نحو مستمر. فطبيعة البنى الاجتماعية والسياسية، وبالتالي الثقافية، للدول التي تشكلت بعد الحرب الكونية الاولى، في القارة العربية، هي ما يحفظ للاحداث ديمومة استمرارها وتأثيرها وتجددها، في حياة الناس، ويمنعها من التحول الى تاريخ «بارد»، ينقطع تأثيره على حياة الناس الحاضرة.

فإذا صحّ ما سبق، بأنّ «تاريخ» العرب، في القرن العشرين، لم يتحول بعد إلى تاريخ، فماذا يكون إذاً ...؟.

كل ما هو فاعل ومتحرك بذاته، أو قابل للتحرك بتأثير غيره، في واقع المجتمعات، هو «سياسة»، ومهما اختلفت وتبدلت أشكال ظهوره وتجليه. أي أن التعاطي مع هذا «التاريخ»، تأريخاً او قراءة او رؤية، ومهما كان شكل هذا التعاطي، هو ممارسة سياسية. تماماً، كما يشكل الاهمال، او النسيان، او القفز عنه، ممارسة «سياسية» نقيضة وسلبية.

في المجتمعات الغربية القريبة، وبفضل البنى الاجتماعية والسياسية، المكونة لها، فإنّها تمكنت من امتلاك آليات للقطع الايجابي مع تاريخها، حتى القريب منه، عبر منع هذا التاريخ من التحول الى سياسة، تفعل فعلها في حاضر المجتمعات. فما يحدث اللحظة، بمجرد وقوعه في تلك المجتمعات، يتحول الى تاريخ، وينقطع تأثيره السلبي على حياة الناس اليومية. ومن ابرز آليات القطع الايجابي مع التاريخ، هو ما اوجدته تلك المجتمعات من قوانين حفظ الوثائق والمعلومات، وأنظمة الحصول عليها. وعلى الرغم من تلك الأنظمة والقوانين، ولارتباط تلك الوثائق والمعلومات، بمصالح وسياسة القوى الغربية، في مجتمعاتنا العربية، فقد ادخلت عليها تعديلات تتنافى وطبيعة مجتمعاتها، وتتفق مع مصالحها. فحجبت، ولا تزال تحجب، وثائق ومعلومات، تخص احداث المنطقة العربية، لفترات تقارب القرن، وفي بعض الحالات تزيد عنه. كما حدث في الوثائق البريطانية، الخاصة بمدينة القدس، والتي مددت فترة حجبها، منذ عقد، إلى نحو خمسة وسبعين عاماً..؟!.

وعلى سبيل المثال، فانّ الامبراطورية العثمانية، منذ انهيارها بعد الحرب الكونية الاولى، قد تحول تاريخها، وتاريخ المجتمعات فيها، ووثائقها الى تاريخ، باستثناء ما يخص مصالح «الدولة التركية»، المستمرة الوجود، كوريثة للامبراطورية المنهارة. تماماً كما هي الحال مع الامبراطورية البريطانية، التي انهارت تدريجا بعد الحرب الكونية الثانية، فتحولت احداثها الى تاريخ، باستثناء ما يخص دولة بريطانيا، التي استمرت بعد الحرب، فحجب من تاريخها ووثائقها ما يمس مصالحها المستمرة.

وبهذا المعنى، فإنّ الفترة السابقة على تشكل الدول العربية الحديث، بعد الحرب الاولى، هو التاريخ، وكل ما تلاه هو سياسة. فطبيعة بنى تلك الدول تمنع الاحداث من التحول الى تاريخ، وتبقيها في حقل السياسة، مهما طال عليها الزمن. والسيئ هنا، معرفيا وثقافيا، هو الخلط الذي يحدث، بقصد او بدونه، في التسميات والمعالجة، بين التاريخ والسياسة، سواء بالتورية او بالحذلقة او بالبديع. فهل نملك الجرأة على تسمية الاشياء، في هذا الحقل بأسمائها: أهي تاريخٌ.. ام سياسة؟! تمهيدا لمرحلة جديدة من «الجدل»، تميّز بين التاريخ والسياسة.

صحيح ان عجلة التاريخ تطحن ببطء، وعلى نحو ناعم ودقيق ،غير ان السياسة في بلادنا تعيق حركة تلك العجلة، على نحو يبدو كأن التاريخ واقف لا يتزحزح في هذه المنطقة من العالم، وكأن الناس هنا يعيشون في ماض لا يريد ان يمضي. اما حاضرهم فيتمنع في الحضور وبطبيعة الاحوال، فان غد هؤلاء يتبدد بين هلالين «معقوفين»، بسياسة أقل ما يقال في خبثها انها ضالة ومضللة...!!

 ([) نقيب صحفيي الاردن سابقاً

======================

أهم من "العقوبات" الايرانية منع التحايل عليها!

سركيس نعوم

النهار

12-4-2010

أخيراً نجحت الولايات المتحدة في عقد اجتماع الاسبوع الماضي لمجموعة ال5+1 التي تضم اليها روسيا الاتحادية والصين الشعبية وفرنسا وبريطانيا والمانيا للبحث في استمرار عدم تجاوب الجمهورية الاسلامية الايرانية مع اقتراحات المجتمع الدولي لتسوية ملفها النووي. ونجحت ايضاً في دفع دول المجموعة المذكورة الى مناقشة مشروع عقوبات جديدة يمكن ان تفرض على ايران بعد عرضها على مجلس الأمن وحصولها على موافقته. والنجاحان المذكوران لا يمكن التقليل من أهميتهما. ذلك ان الصين الشعبية اظهرت للمرة الأولى ربما أنها معنية بالملف النووي لإيران وانها ليست على استعداد للسير مع الاميركيين والاوروبيين في فرض عقوبات جديدة عليها رغم الحجج الكثيرة التي قدموها وبينها عدم شفافيته وخطره على محيطها والعالم. والسبب الأبرز للموقف الصيني هذا هو مصالحها الاقتصادية والنفطية مع ايران والتي يبدو انها غير مستعدة للتضحية بها وخصوصاً انها في ذروة نهضتها الصناعية التي تحتاج الى كميات هائلة من الطاقة. علماً ان الموقف الصيني في السابق سواء من الموضوع الإيراني أو من أي قضية أخرى كانت تختلف عليها مع "زميلاتها" الدائمة العضوية في مجلس الأمن كان أحياناً كثيرة الامتناع عن التصويت. أما ممارسة حق النقض أو "الفيتو" فلم تلجأ اليه يوماً لأنها لم تكن معنية مباشرة بالقضايا المطروحة. لكن بدا هذه المرة وفي الموضوع الايراني انها قد تلجأ الى هذا الحق اذا لم تُراعَ مصالحها.

أما النجاح المتعلق بروسيا الاتحادية في موضوع الملف النووي الايراني فيبدو انه أهم من النجاح الذي تحقق مع الصين فيه. اذ تمكن الرئيس الاميركي باراك اوباما وبعد التوتر الشديد الذي ساد علاقات بلاده وروسيا من اعادة ترتيبها على نحو يحترم مصالح الدولتين وأمنهما ويؤمن لروسيا دوراً شريكاً لأميركا في محاولة معالجة مشكلات العالم الكثيرة. وقد أكّدت موسكو ذلك أكثر من مرة أخيراً بإبداء استعدادها للبحث مع مجموعة ال5+1 ثم مع مجلس الأمن في فرض عقوبات جديدة على ايران وباتخاذ مواقف غامضة ومترددة من تنفيذ التزامات كانت وقعتها حيال ايران ابرزها اثنان. الأول، تشغيل مفاعل بوشهر النووي "السلمي". والثاني، تسليمها صواريخ أس. أس. 300 كانت اشترتها قبل مدة ودفعت ثمنها.

هل يكتمل النجاح المشار اليه اعلاه بعقوبات على ايران يصدرها مجلس الأمن؟

لا يزال مبكراً الجزم بأمر كهذا، تجيب مصادر ديبلوماسية غربية مطلعة. وهذا ما أكده اوباما بقوله انه قد يحصل خلال الربيع الحالي. لكن ليس هناك من ضمان لذلك. فالواضح حتى الآن ان احتمالات تجاوب ايران مع ضغوط ال5+1 لا تزال ضعيفة. والواضح أيضاً ان الصين الشعبية لن تقبل عقوبات قوية على ايران وإن دفعها ذلك الى مواقف جذرية. والواضح اخيراً ان روسيا الاتحادية رغم توظيفها بنجاح الملف النووي لايران في تحسين وضعها في مواجهة أحادية اميركا "الزاحفة" الى حدودها ستحاول مواصلة "ابتزاز" واشنطن وايران لتأمين مصالحها السياسية والامنية والاقتصادية. وأفضل طريقة لذلك هي التعاون مع الصين لإصدار عقوبات دولية مخففة لا فاعلية لها.

وفي هذا المجال قال وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس قبل مدة قصيرة، ان لا شيء يمنع بلاده ودولاً أخرى مهتمة ومعنية مثلها بموضوع ايران من فرض عقوبات اضافية على هذه الدولة من خارج مجلس الأمن. لكنه قال ايضاً ان هذه العقوبات وإن تكن اقوى من عقوبات المجلس المذكور ستبقى عاجزة عن الضغط على طهران لتغيير سلوكها النووي.

ما هي الخطوات المطلوبة، الى العقوبات الدولية والأخرى "الخاصة"، لجعل تطوير ايران ملفها النووي أصعب؟

الخطوة الاساسية أو بالأحرى الأهم، تجيب المصادر الديبلوماسية الغربية المطلعة اياها، هي وضع خطة محكمة ودقيقة لمنع ايران من التحايل على العقوبات. وهذا التحايل يكون من خلال وجود شبكة شركات - واجهات تتولى استيراد المواد والسلع الممنوع تصديرها الى ايران وخصوصاً التي لها استعمال مزدوج سلمي وعسكري لدول غير مشمولة بالعقوبات لكنها في اثناء عملية شحنها تعيد تصديرها الى ايران. وهناك محطات عدة لهذا النوع من العمل أهمها دبي وماليزيا وهونغ كونغ وتايلاند وسنغافورة وكذلك عواصم او مدن اوروبية. ولمواجهة هذا الخرق للعقوبات قدم باحثون وجهات معنية اميركية واوروبية الى حكوماتهم اقتراحات عدة. أولها، تعاون المجتمع الدولي وخصوصاً تياره "لفكفكة" الشبكات الايرانية التي تعمل على ايصال المواد والسلع الممنوعة الى ايران بوسائل غير شرعية. والدور الأكبر في ذلك لاميركا بسبب امكاناتها الكبيرة التابعة لادارتي الهجرة والجمارك فيها والموجودة في عشرات الدول. وثانيها، قيادة اميركا واوروبا جهداً كبيراً لكشف اللاعبين السيئين (Bad actors) الذين يقدمون التغطية لتزود ايران السلع الممنوعة عليها. وهؤلاء قد يكونون دولاً وشبكات اجرامية وشركات واجهة واحزاباً وجمعيات. وثالثاً، وضع قاعدة معلوماتية تمنع حصول ايران على معلومات تمكنها من كشف كل ما يُعد لمواجهة خرقها العقوبات. ورابعاً، دفع اميركا واوروبا مجموعة ال5+1 ثم مجلس الأمن لتكوين فريق يتحرى جهود ايران للافلات من العقوبات ويكشفها للمجتمع الدولي ويتحرى ايضاً عن الجهات الايرانية المتنوعة التي يفترض ان تشملها العقوبات مؤسسات كانت أو شخصيات.

======================

اقتصاد المعرفة حيوي لماليزيا.. ماذا عن الخليج؟

بقلم :عبدالجليل النعيمي

البيان

12-4-2010

جاء في التقارير الاقتصادية ليوم الجمعة أن هيئة الاستثمار والتطوير الماليزية MIDA وشركة Biotech Corp وقعتا مع شركة BIOME الخليجية ومركزها البحرين مذكرة تفاهم حول مشروع الاقتصاد المعرفي في ماليزيا.

 

وتعقد الآمال على أن يصبح مثل هذا المشروع محركا هاما للاقتصاد الماليزي ولدول أخرى.

 

تعنى مشروعات الاقتصاد المعرفي بتكامل العلوم المعرفية والتطبيقات في مختلف القطاعات وخصوصا مجالات النانوتكنولوجيا (التكنولوجيات المصغرة) والبايوتكنولوجيا (التكنولوجيا الحيوية) ودور هذه التكنولوجيات في تطوير قطاعات اقتصادية كالزراعة والعمليات الصناعية كالطاقة وتحلية المياه والصناعات الدوائية وأشباه الموصلات والمعالجات الحاسوبية السريعة.

 

وكذلك البيئة ومشاريع البنية التحتية إلى جانب تطوير التعليم والكوادر المهنية وكامل المجتمع.

 

وقد بينت التجربة الأوروبية حسن مردود مثل هذا المشروع الذي خلق سوقا ب 5,1 تريليون دولار وحوالي 22 مليون فرصة عمل.

 

وفي عام 2003 قدرت استثمارات عدد من الحكومات وكبريات الشركات حول العالم بستة مليارات دولار في صناعات النانوتكنولوجيا. هذه الصناعة في طريقها لأن تغير طبيعة السلع من حيث أحجامها وسرعاتها وإنتاجيتها وأدائها، وتغير معها معالم حياتنا الحالية.

 

كما أن هذا القطاع سريع التفاعل والتداخل مع صناعات المعرفة الأخرى. فالصين نفذت الآن من النانوتكنولوجيا إلى البايونانوتكنولوجيا.

 

ومع ذلك فقد بقيت منطقة الخليج بعيدة عن إدخال اقتصاد المعرفة في اقتصادها الوطني. ومنذ منتصف تسعينات القرن الماضي كانت إيران هي الدولة الوحيدة في منطقة الخليج التي طورت صناعة شبه الموصلات قبل أن تقدم دبي على فتح «وادي السلكون».

 

ومنذ الربع الثالث من عام 2003 أعلنت إسرائيل أنها تسعى بالتعاون مع عدد كبير من الشركات الغربية إلى أن تصبح قوة نانوتكنولوجية كبرى وأنها تعيد توجيه قاعدتها العلمية باتجاه هذا المجال من اقتصاد المعرفة.

 

أما ماليزيا فأدركت منذ بداية الألفية أهمية إدخال اقتصاد المعرفة في اقتصادها الوطني بقوة. واتجهت إلى التعاون مع روسيا آخذة في الاعتبار وجود قاعدة علمية تكنولوجية روسية متطورة في الوقت الذي كانت تعاني روسيا من مشاكل في تمويل المشاريع، الأمر الذي غطته ماليزيا.

 

الآن تقلب ماليزيا تجربتها بحنكة. فبعد أن قطعت شوطا في اقتصاد المعرفة بدأت هي تبحث عن التمويل في منطقة الخليج لبناء مشاريع أكثر تقدما في مجالات الاقتصاد المعرفي.

 

وهكذا جاءت الصفقة الكبرى التي تحدثنا عنها بداية. جيد أن يتزاوج المال الخليجي والتكنولوجيا الماليزية في تطوير الاقتصاد المعرفي في ماليزيا، شريطة ألا تقتصر المساهمة الخليجية في جوانب المال والإدارة دون الأبحاث والتطوير والتطبيق. لكن ماذا عن الخليج نفسه؟

 

تعمل بلدان مجلس التعاون الخليجي والبحرين على وجه الخصوص منذ مدة على تطوير نظم التعليم والتدريب فيها.

 

وإذا كان المطلوب من نظام التعليم والتدريب أن يؤمن قاعدة علمية معرفية وخبرة عملية لتوطين المعرفة والتكنولوجيا، فيجب أن تؤمن الاستثمارات أصلا نقل التكنولوجيات الحديثة وتحديث كامل القاعدة المادية التكنولوجية لكامل قطاعات الاقتصاد وإعادة بنائها وتوازناتها.

 

بهذا سيتوافر الشرطان الأساسيان لرفع إنتاجية العمل الاجتماعية وتحسين القدرة التنافسية للمنتج الخليجي.

 

وباعتقادنا فإن الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة على منطقة الخليج ليست معنية بحل هذه المشكلة.

 

فمن جهة كشف تقرير الاستثمار الأجنبي المباشر الذي أصدره توا مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد» أنه بسبب الأزمة العالمية تراجع مؤشر تدفق هذه الاستثمارات في عام 2008 بنسبة 39% على المستوى العالمي، أما بالنسبة لدول غرب آسيا التي تضم دول مجلس التعاون الخليجي فتراجعت بنسبة زادت عن 43%.

 

وتوقع تقرير المؤسسة العربية للاستثمار تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على الدول العربية في عام 2009 بما يصل إلى 30%. من جهة أخرى، ورغم توقعات «الأونكتاد» بعودة هذه الاستثمارات إلى الارتفاع ابتداء من عام 2011.

 

إلا أن معطيات السنوات الماضية تؤكد أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة تركز أساسا على استخراج النفط والغاز بدرجة رئيسية، ثم على الصناعات التحويلية الأخرى والاتصالات، وليس على قطاعات الاقتصاد الحيوية بما فيها اقتصاد المعرفة.

 

هذه المعادلة تطرح على صانع القرار الاقتصادي الاستراتيجي مهمة غاية في الوضوح، لكن صعبة التطبيق، وبحاجة إلى قرار سياسي ربما تعترضه المصالح الآنية والضيقة الأفق للمستثمر المحلي الخاص في كثير من الأحيان.

 

إذا كنا نتحدث عن تنويع وتحديث الاقتصاد الوطني ورفع إنتاجيته وتنافسيته وفي الوقت نفسه عن زيادة دور القطاع الخاص حتى الريادية، إذن، فلتدمج هاتان المهمتان : ليستثمر القطاع الخاص بمفرده أو ليشترك مع الدولة في خلق قطاعات اقتصاد المعرفة.

 

بدلا من مجرد الاستفادة من خصخصة المشاريع القائمة التي صرفت عليها الدولة لسنين، وخصوصا تلك المتعلقة بالخدمات الاجتماعية.

وليبن الخليجيون مثل هذه المشاريع في بلدانهم قبل غيرها. هنا سيلعب القطاع الخاص دوره الوطني حقا.

كاتب بحريني

======================

النووي الإسرائيلي.. الغموض المفضوح

بقلم :نواف الزرو

البيان

12-4-2010

الإجماع القيادي السياسي الأمني هناك في «إسرائيل» في مسألة النووي الإسرائيلي على سياسة الضبابية وعدم الإعلان أو الاعتراف بحيازة «إسرائيل» للسلاح النووي، لا يلغي الحقيقة السافرة بان تلك الدولة تمتلك هذا السلاح منذ عقود طويلة.

 

فكما هو معروف تعتبر المؤسسة الأمنية / السياسية الإسرائيلية الغموض بشأن امتلاكها السلاح النووي رادعا بحد ذاته، ورغم أن الصحافة الغربية أعدت عشرات التقارير خلال العقود الماضية عن برنامج «إسرائيل» وقدرتها النووية إلا أن «إسرائيل» الرسمية لم تعترف بذلك.

 

وفضلت الصمت وعدم الاعتراف بشكل علني وإتباع سياسة الغموض، وأصبحت هذه السياسة تقليدا إسرائيليا توارثته الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وتقيدت به، وأصبح الحديث به من المحرمات، ولا تزال «إسرائيل» تتبع ذات السياسة الضبابية حيال امتلاكها السلاح النووي.

 

لم تتوقف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة عن اعلانها تمسك «إسرائيل» بسياسة الغموض النووي حتى الى ما قبل مؤتمر واشنطن الذي يعقد اليوم، اذ أعلنت احتفاظها بسياسة الغموض حيال ترسانتها النووية.

 

فقال نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني ايالون قبيل المؤتمر بأيام فقط» إن إسرائيل ستبقي، بدعم الولايات المتحدة، على سياسة الغموض بشأن مسألة السلاح النووي».

 

وأضاف لإذاعة الجيش «أن سياسة الغموض هذه تشكل أحد أسس الأمن القومي الإسرائيلي وتعتبرها الولايات المتحدة بالغة الأهمية، ما من سبب يدعو الأميركيين إلى تغيير موقفهم أو يستدعي تغيير الموقف «الإسرائيلي».

 

وسياسة الغموض هذه ليست إسرائيلية القرار فقط، وانما بالتفاهم والتنسيق مع الادارة الاميركية، فكشف المحلل الوف بن في ؟ هآرتس،عن ذلك في مقال نشره تحت عنوان:» بطاقة عضوية في النادي..».

 

جاء فيه: «كلما تقدمت إسرائيل في مشروعها النووي باتت اميركا تميل لها أكثر وتوافق على مساعدتها بالسلاح، بالمال وبالدعم السياسي، وبالمقابل، تعهدت إسرائيل منذ 1969 «بالغموض» وعدم كشف قدراتها وعدم اجراء تجربة نووية،. وقد ولدت هذه السياسة من قبل، وهي اليوم تقبع في أساس علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة».

 

وجاء في وثيقة أميركية كشف النقاب عنها في صيف عام 1974 وصنفت على أنها «سرية للغاية» في أرشيف السي آي إيه، «إننا لا نتوقع أن يقوم الإسرائيليون بتأكيد هذه الشكوك المنتشرة بشأن قدراتهم، سواء في التجربة النووية أو في التفعيل، إلا إذا كان هناك خطر شديد على قيام الدولة».

 

واليوم- عندما يقرر نتانياهو، إلغاء مشاركته في المؤتمر الدولي لمنع انتشار الاسلحة النووية في واشنطن، فإن ذلك يتعلق مباشرة بالسياسات الإسرائيلية الضبابية ذاتها في المسالة النووية.

 

اذ جاء «أن السبب في إلغاء المشاركة هو معلومات وصلت إسرائيل مفادها أن مصر وتركيا إضافة إلى عدد من الدول الإسلامية تنوي استغلال القمة من أجل القيام بحملة تهدف إلى فرض الرقابة الدولية على المفاعلات النووية الإسرائيلية».

 

وفي أعقاب ذلك توصل نتانياهو إلى نتيجة أنه لا يمكن ردع هذه الحملة ضد إسرائيل، وأن مسألة البرنامج النووي الإسرائيلي سوف تتحول إلى أحد المواضيع المركزية في القمة، الأمر الذي يشرح تماما خلفية رفضه المشاركة في المؤتمر.

 

ورغم سياسة «الضبابية النووية» التي تنتهجها «إسرائيل»، الا انه بين الفترة والأخرى تنتشر في العالم ترجيحات حول الترسانة النووية الإسرائيلية من أبرزها ما جاء في كتاب الصحافي الأميركي «رؤوبين سكارابورو» الذي كشف «أن تل أبيب تمتلك 80 رأسا نوويا، كما قدرت وسائل إعلام غربية حيازتها ل200 قنبلة نووية».

 

الى ذلك، هناك، بعض «زلات اللسان» الإسرائيلية كما يطلقون عليها، التي كانت قد بددت جزئيا هذه الضبابية حتى باتت بمثابة أمر ذائع، فرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أولمرت «زل لسانه» في عهده حول امتلاك «إسرائيل» للنووي، اذ هدد ايران بمحوها عن وجه الارض، فتوالت التصريحات الإسرائيلية المنتقدة والغاضبة..

 

فقال: «زلة اللسان التعيسة في ألمانيا تمس 50 عاما من سياسة الغموض في إسرائيل»، وقال عضو الكنيست أرييه إلدار-إيحود ليئومي- مهددا: «إذا كانت أقوال أولمرت تعبر عن تغيير في السياسة وليست زلة لسان يتعين عليه أن يوجه رسالة واضحة إلى العالم الحر: إذا لم توقفوا إيران.

 

نحن سنوقفها بأي ثمن»، وقال شمعون بيريز، في سياق تعقيبه امام النادي الاقتصادي في تل ابيب على ما اعتبره زلة لسان أولمرت حول السلاح النووي الإسرائيلي: «ينبغي أن نبني قوتنا دون أن نهدد أحدا، أنا مع الغموض، وأنا الذي صغته، يعتقدون أن لدينا قنبلة فليعتقدوا».

 

ولكن- تعزيزا ل«زلة لسان» اولمرت النووية كشفت مجلة عسكرية إسرائيلية النقاب عن «أن خبراء ذرة في دولة «إسرائيل» اعترفوا بأن تل أبيب تملك من 150-200 رأس نووي متفجر»، ونشرت المجلة الشهرية العسكرية «جينز» أن خبراء بالذرة قالوا «إن إسرائيل تملك من 150 - 200 رأس متفجر نووي».

 

والحقيقة الكبيرة هنا في قصة «زلة لسان اولمرت النووية» انها لم تكن الا «زلة مخططة مقصودة» سقطت وفق حسابات واعتبارات إسرائيلية ؟ اميركية تتعلق عمليا بالتطورات الاستراتيجية في المنطقة، وتتعلق على نحو خاص ومحدد بالتهديدات الايرانية الابادية الصريحة للوجود الإسرائيلي ...

 

وفي هذا الصدد تحديدا، ربما يكون المؤرخ إلإسرائيلي «امنون راز» ادق من تحدث عن الطبيعة الاجرامية الارهابية ل«إسرائيل» كما هي عليه اليوم، حين وصفها قائلا: «أن إسرائيل مملكة صليبية جديدة مختلفة عن الممالك الصليبية التاريخية بحيازتها قنبلة نووية»، ودعا إلى «تفكيكها بأساليب ذكية».

 

وفي مسالة التفكيك ربما تكون هنا مصداقية إدارة الرئيس أوباما على المحك بشأن النووي الإسرائيلي: فعلى الإدارة الأميركية أن تتعامل مع الملف النووي الإسرائيلي، كما تتعامل مع الملفات المشابهة.

 

فإسرائيل دولة غير مسؤولة، والحكومة الإسرائيلية القائمة، من أكثر حكومات العالم تحريضا على إشعال نيران الحروب، وهي الأكثر استعداداً لشنّ مثل هذه الحروب في المنطقة.

 

ولكن - تبقى الكرة هنا في مسالة «النووي الإسرائيلي» في الملعب العربي اولا قبل الاممي، فعلى العرب ان يراجعوا استراتيجياتهم النووية والصراعية والتفاوضية في مواجهة العجرفة والعدوانية الإسرائيلية..!

كاتب فلسطيني

======================

المنازلة الأميركية على خطّي إسرائيل وإيران

الأحد, 11 أبريل 2010

عادل مالك *

الحياة

التطورات التي حدثت خلال الايام الماضية تؤشر بوضوح الى ان «الحوار النووي» بين الولايات المتحدة وإيران بلغ مرحلة تحول بالغة الخطورة، وانعطافة نوعية في الخلاف الناشب بين اميركا واوروبا من جهة وايران من جهة ثانية والذي تحول الى منازلة بالغة الحدة والخطورة من حيث دخول الازمة المعقدة فترة العد العكسي بعد مراوحة طويلة من التجاذبات.

ما الذي حرك ملف التصعيد النووي بعد فترة من الركود النسبي؟ الجواب يتمثل بقرار الرئيس باراك اوباما اعادة تقويم «العقيدة النووية». ومما جاء في حيثيات هذا القرار ان اميركا لن تلجأ الى السلاح النووي «الا في حال الضرورة القصوى للدفاع عن مصالحها ومصالح حلفائها»، الامر الذي لم تلتزم به الادارات الاميركية المتعاقبة لجهة عدم استخدام هذا السلاح.

لكن المراجعة التي قام بها الرئيس اوباما تتضمن استثناء ايران وكوريا الشمالية من هذا الاجراء. وفي معرض سرد الاسباب الموجبة لهذا القرار المهم ورد الآتي: «ان التهديد الاكبر للولايات المتحدة والامن العالمي لم يبقَ تبادلاً نووياً بين الدول، بل بات ارهابياً على الصعيد النووي، من قبل متطرفين عنيفين (كذا)، وانتشار الاسلحة النووية الى دول يتزايد عددها».

ويصر تقرير اوباما على «امكانية حماية أمننا الوطني وامن حلفائنا وشركائنا، من خلال قدراتنا العسكرية التقليدية وانظمة درع صاروخي قوية».

ولقي هذا الطرح ردوداً متفاوتة بين التأييد والتحفظ، ووصف وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس الخطة بأنها: خريطة طريق لتطبيق رؤية الرئيس اوباما في تقليص السلاح النووي في العالم والحد من التهديد بهذا النوع من الاسلحة. علماً أن وزير الدفاع غيتس سبق له ان عارض هذه الفكرة وكان يطالب حتى الامس القريب بالإبقاء على ما يطلق عليه «سياسة الغموض النووي».

والسؤال الطبيعي الذي يفرض نفسه: ما مدى انعكاس تداعيات القرار الاميركي على الوضع الاقليمي العام، وأكثر تحديداً في ما يتصل بالملف النووي الايراني؟ وهو يأتي بعد ان كاد صبر الرئيس اوباما والعديد من الدول الاوروبية ينفد مع تكرار التهديد بفرض عقوبات جديدة قاسية على ايران.

وعندما طرح السؤال حول ايران النووية: اجاب اوباما انه على قناعة بأن النهج الحالي الذي ينتهجه الايرانيون «سيوفر لهم قدرات امتلاك الاسلحة النووية». وعندما طرح على الرئيس الاميركي موضوع الاسلحة النووية في اسرائيل تهرب من الاجابة عن السؤال، واكتفى بتكرار القول: «ان ايران لديها قدرات نووية وتمثل خطراً مثل تلك الدول التي تمتلك بالفعل الاسلحة النووية».

وماذا عن العقوبات والعمل على تشديدها كما تم التهديد في العديد من المرات من دون جدوى؟ يرد اوباما بالاعتراف «لسنا من السذاجة لنعتقد ان اي مجموعة من العقوبات ستغير السلوك الايراني قريباً».

وعلى اللائحة النووية نلحظ ما يأتي: هناك خمس دول اعلنت انها دول نووية وهي اميركا، بريطانيا، فرنسا، روسيا والصين، وهناك ثلاث دول لديها اسلحة نووية لكنها رفضت التوقيع على المعاهدة وهي الهند وباكستان واسرئيل. ومن المفارقات ان ايران من الدول الموقعة على الاتفاقية، فيما اسرائيل ليست موقعة عليها.

وفور كشف الرئيس اوباما عن خطته الجديدة للتعاطي مع الاسلحة النووية جرى تصويب السؤال على الشكل الآتي: هل تعني الترتيبات النووية الجديدة التركيز على ايران ومقارعة النزاع النووي بالنووي؟.

لم يطل رد ايران على هذا الاجراء، اذ اطلق الرئيس محمود احمدي نجاد التهديدات المباشرة للرئيس اوباما بتوجيه ضربات موجعة اذا قرر السير على خطى سلفه جورج دبليو بوش.

اذاً... الوضع القابض على المنطقة من محاذير نووية وغير نووية سيستمر، ولو الى حين، بانتظار مفاجأة ما.

وهنا يطرح سؤال الاسئلة: من يستدرج من؟ واستطراداً: من سيكون البادئ بالفعل ليكون الآخر في موقع رد الفعل؟

هنا يدخل الدور الاسرائيلي والمتمثل برئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، وهو الذي يسوق للاميركيين ولغيرهم فكرة «التخلص» من «الخطر الايراني»، وبذلك ينقذ الامن الاميركي من الاخطار الايرانية. وسبق لرئيس الحكومة الاسرائيلية ان تناقش مطولاً مع الادارة الاميركية بهذا الشأن، لكن واشنطن كانت ولا تزال تدعو الى عدم التفرد بالقرار في ما يتصل بشن أي هجوم على ايران لأن محاذير مثل هذه الخطوة لا يمكن تحديد أبعادها ونتائجها ثم ان التوقيت الحالي غير مناسب لأن العلاقات الاميركية – الاسرائيلية تمر بأزمة حقيقية مقارنة بالمواقف الرخوة المعهودة، على خلفية رفض نتانياهو وقف المزيد من المستوطنات وخصوصاً في القدس الشرقية الامر الذي يخلص بنا الى الاستنتاج الآتي: انها المنازلة الاميركية المزدوجة بين اسرائيل وايران.

ماذا عن ارتدادات هكذا ازمات على الصعيد اللبناني وعلاقته بالواقع الاقليمي؟

للرد يمكن الاستعانة بموقف رئيس الجمهورية ميشال سليمان عندما قال امام المستشارة الالمانية انغيلا مركل خلال لقائهما في برلين: «سنبقى في لبنان من اوائل ضحايا الفشل في حل الصراع العربي - الاسرائيلي». وعندها ردت المستشارة مركل «ان تمسك اسرائيل ببناء المزيد من المستوطنات يشكل نكسة كبيرة تصيب الجهود المبذولة لاعادة احياء عملية السلام». لكن مركل انتقلت مباشرة الى الحديث عن الخطر الايراني.

وفي المقابل تتكون قناعة عند الرئيس ميشال سليمان بأن اسرائيل لن تقدم على حماقة بمهاجة لبنان، وبعدما انتهت اليه حرب تموز (يوليو) 2006 لن تكون الحرب نزهة بالنسبة الى اسرائيل.

وبعد... ادى قرار الرئيس اوباما بالكشف عن كيفية التعاطي مع ايران الى تحريك المياه الراكدة، وصارت التصريحات الغربية اكثر عدوانية من المواقف السابقة. وعندما تكبر الازمات وتزداد تعقيداً تفتش الأوطان الصغيرة عن زاوية تختبئ فيها اتقاء لعواصف آتية سواء من جانب اسرائيل، او اي جانب آخر.

ويؤكد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ورئيس الحكومة سعد الحريري على امر هام وهو ان الشعب اللبناني لن ينقسم على نفسه اذا ما فكرت اسرائيل بارتكاب عدوان ضد لبنان، كدليل على ان صيغة التآلف الوطني لا تزال قائمة، مع علم الكثيرين انها ليست بتلك الصلابة، الا اذا كان المطلوب نفح الروح الوطنية وشد العزائم. وهذا ليس من قبيل تشبيط العزائم بل الواقعية التي علمتنا اياها تجارب الهروب في لبنان.

* صحافي واعلامي لبناني

======================

القاهرة وواشنطن ... علاقات عامة

الإثنين, 12 أبريل 2010

محمد صلاح

الحياة

لم يكن البيان الذي أصدرته الخارجية الأميركية وانتقدت فيه قيام السلطات المصرية باعتقال عدد من المشاركين في تظاهرة 6 نيسان (أبريل) الجاري جديداً، كما أن رد الفعل المصري عليه أيضاً كان مكرراً، وإضافة إلى ذلك فإن النتيجة التي أفضى إليها التصرف الأميركي ورد الفعل المصري ليس فيهما جديد. فالإدارات الأميركية تعطي نفسها دائماً حق تقويم سلوك الحكومات والسلطات في باقي دول العالم، خصوصاً ما يتعلق بحقوق الإنسان والحريات والأديان، والحكومة المصرية في المقابل دائماً ما تسارع إلى الرد على كل انتقاد أميركي وتؤكد رفضه، معتبرة أن الأمر (أي أمر) هو شأن داخلي. والنتيجة أن الإدارة الأميركية مستمرة في التقويم والحكومة المصرية مستمرة في التعليق والرفض. وفي تقديري أن كل تدخل أميركي لصالح شخص أو فئة أو أي جهة معارضة مصرية يكون ضرره أكثر من نفعه بالنسبة إلى الشخص أو الفئة أو الجهة التي يفترض أن العم سام سعى إلى التضامن معها أو رفع الأعباء عنها.

في تاريخ العلاقات المصرية – الأميركية محطات من هذا النوع وأشخاص تأثروا كثيراً بفعل التدخل الأميركي، والدكتور أيمن نور والدكتور سعد الدين إبراهيم نموذجان واضحان، وليس سراً أن غالبية قوى ورموز المعارضة المصرية تتفادى التعاطي مع جهات أميركية تعمل في مجالات الحريات والإصلاح وحقوق الإنسان حتى لا تطاولها شبهة التعامل مع جهات خارجية أو الاستقواء بالأجنبي. ودائماً كانت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس تلاقي اعتذارات من رموز معارضة مصرية عن عدم لقائها أثناء زياراتها العاصمة المصرية في حين واجه الذين كانوا يقبلون بالاجتماع بها انتقادات حتى من دوائر معارضة مصرية.

تخشى الشخصيات العامة المصرية على سمعتها وتعرف أن النظر تحت القدمين فقط ونيل المكسب السريع بعد التخلي عن التفكير السليم والتصرف الحكيم سيفضيان في النهاية إلى المتاعب والخسائر وربما الكوارث، وعلى ذلك فإن الشهور المقبلة التي ستجرى فيها ثلاثة انتخابات مهمة في مصر، أولها التجديد النصفي لمجلس الشورى وبعدها انتخابات مجلس الشعب ثم الانتخابات الرئاسية السنة المقبلة، ستشهد بيانات صحافية أو تصريحات رسمية أميركية تتعلق بالشأن المصري، والمؤكد أنها ستتضمن انتقادات واحتجاجات، لأن مشاهد الصورة لا تشير إلى تبديل في طريقة تعاطي السلطات المصرية مع قوى المعارضة، والمؤكد أن الإدارة الأميركية في عهد الرئيس باراك أوباما والتي لم تحقق أي تقدم في ملف القضية الفلسطينية ستواجه بردود ترصد فشلها في هذا الملف وسعيها إلى استرضاء المعارضة المصرية في ملف آخر.

عموماً يجب ألا يتوقع أحد أن تتأثر العلاقات المصرية – الأميركية بالتجاذبات التي تحدث على فترات بين البلدين والتي صارت جزءاً من هذه العلاقات. وعلى رغم الانتقادات الأميركية والردود المصرية فإن الطرفين رضيا بما يجري حتى صار الأمر وكأنه جزء من عمل فرق العلاقات العامة لدى الأجهزة الرسمية في واشنطن والقاهرة. وطالما بقيت الإدارة الأميركية تعاني فشلاً في الوفاء بتعهدات قطعتها على نفسها في شأن ملفات مهمة بالنسبة الى العرب والمسلمين عموماً فإن ثقة قوى المعارضة المصرية وليس فقط الحكومات في نوايا الأميركيين تبقى محل شك، أما محاولات بعض المعارضين استخدام الورقة الأميركية في نزاعهم مع الحكومات فتدخل في باب اليأس من حكوماتهم أو قدرتها على حل مشاكلهم أو مشاكل المجتمع، لكن كل المحاولات السابقة والتجارب التي خاضها بعض المعارضين المصريين للاستعانة بالأميركيين لم تحقق نجاحاً... ولن تحقق.

======================

أوباما تلقى الصفعة ولم يفعل شيئاً!!

لوبوان

ترجمة

الأثنين 12-4-2010م

ترجمة: سراب الأسمر

الثورة

ما إن دخل باراك أوباما البيت الأبيض ومهما كان رأيه بمتملقيه إلا أنه نظم الجوانب الدبلوماسية مع إيران لكنه لم يتمكن من إقناعها أن تتخلى عن مشروعها النووي.

وبصدد الصين لم ينجح في إقناع أحد في كوبنهاغن بالوقوف معه ضد بكين مع أن الصين لم تبد متغطرسة لكن الأكثر إيلاماً كان في الإهانة التي وجهت له في القدس وإن كان نائبه جو بايدن هو من تلقى الصفعة بدلاً عنه، ففي الوقت الذي وصل فيه بايدن إلى القدس لإقناع نتنياهو بضرورة التفاوض مع الفلسطينيين وبتجميد جميع أشكال الاستيطان على الأراضي المحتلة أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها تريد البناء في القدس الشرقية العربية (ألف وستمئة) مسكن جديد.‏

ويمكننا أن نطلق على هذه الإجابة التحدي، بالتأكيد جاء الرد الأميركي سريعاً فقد أجرت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية اتصالاً هاتفياً لمدة /43/ دقيقة مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني وهذا ما يسميه الدبلوماسيون «إيضاحاً».‏

ومن ثم الرد عن طريق الإعلام على التلفزة الأميركية، والذي ظهر فيه ديفيد إيكسلرود وهو المستشار الخاص للرئيس أوباما في قضايا الشرق الأوسط الذي تحدث عن «التحدي» وكذلك عن «الإهانة» وأخيراً تحدث عن إرجاء زيارة جورج ميتشيل المبعوث الخاص لأوباما إلى القدس.‏

لكن ماذا كانت ردة فعل الجانب الإسرائيلي؟‏

كان جواب نتنياهو:«سنستمر في بناء المستعمرات في القدس كما كان الحال دائماً ومنذ اثنتين وأربعين سنة» بالتأكيد لدى إسرائيل والولايات المتحدة مصالح مشتركة ولكننا سنستمر بالعمل معاً».‏

نظرياً كان بإمكان أوباما أن يتخذ إجراءات ليقابله بالمثل على سبيل المثال بإمكانه تجميد المساعدات الأميركية السنوية التي تقدم لإسرائيل بشكل كامل أو جزئي والتي تقدر بخمسة مليارات دولار، وهذا الإمداد المتواصل الذي تقدمه أميركا يساعد تلك الأخيرة في دعم ميزانيتها لكن هذا الإجراء مجرد وهم، لماذا؟ السبب الوجيه وراء عدم العمل بهذا الإجراء أن الرئيس الأميركي يحتاج إلى تصويت البرلمانيين من أجل قيامه بالإصلاحات الداخلية ولاسيما خطة التأمين الاجتماعي وهو يحتاج بذلك إلى الديمقراطيين منهم الذين يعتبرون الداعمين لإسرائيل والذين يمكننا أن نطلق عليهم تسمية «اللوبي اليهودي».‏

ولهذا نقول: إن أوباما وقف أمام إهانة، وهذه الإهانة ستظل دون عقوبة وال (ألف وستمئة)مسكن التي تحدث عنها نتنياهو في أراضي القدس العربية ستبنى.‏

لم يعد هناك أي داع للاستغراب أمام بناء وتدشين معبد يهودي في حارة اليهود بمدينة القدس القديمة، تصرف يغضب الفلسطينيون لحد أنهم يرون حاراتهم «تشتعل» والبعض يبدأ بإثارة شرارة الانتفاضة الثالثة،ففي كل يوم تعاد فيه الكرة مرة أخرى، مستوطنات جديدة وشهداء جدد.‏

والعالم يقف مكتوف الأيدي لأن تحريك حجارة الشطرنج بأيد محدودة ومحكومة.‏

======================

الفضاء الإعلامي السوري التركي وأهمية التواصل

إضاءات

الأثنين 12-4-2010م

خلف علي المفتاح

الثورة

تلعب وسائل الإعلام في تركيا دوراً مهماً في الحياة العامة ، وتعتمد عليها القوى السياسية بشكل كبير في تعبئة الرأي العام حول العديد من القضايا التي تعتبر مثار جدل ، ويتشكل حولها اصطفاف شعبي وتعكس وجهات نظر لقوى سياسية مهمة وفاعلة في الحياة السياسية التركية.

ومن يتابع الحراك السياسي والاجتماعي في تركيا منذ إعلان الجمهورية التركية في منتصف العقد الثالث من القرن الماضي يلمس تنافساً قوياً بين تيارين مهمين شغلا تركيا لفترة طويلة ولا يزالان، الأول عمل على غربنة الحياة العامة ومحاولة إلحاق تركيا ثقافياً بأوروبا وسلخ هويتها المشرقية، وكرّس ذلك دستورياً ومؤسساتياً عبر المؤسستين العسكرية والقضائية وحوّله إلى خطاب رسمي للدولة التركية إلى درجة أنه منع كل القوى الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام من الدعوة إلى أي سلوك أو نشاط له طابع إسلامي، وهو ما يتناقض مع بنية النظام العلماني الذي يعني فيما يعنيه الحيادية من الدين وعدم إدخاله في الحياة السياسية، وعلى خلفية مناهضة النشاط الديني أغلقت العديد من الصحف ذات التوجه الإسلامي في تركيا وكذلك نشاطات الجمعيات والمدارس بما في ذلك منع المحجبات من دخول الجامعات أو ممارسة الوظائف العامة ، ما حذا رئيس الوزراء الحالي السيد رجب طيب أردوغان إلى إرسال ابنته للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك الأمر بالنسبة لعشرة آلاف فتاة ذهبن للدراسة في أذربيجان ، واستمر ذلك حتى بداية القرن الحالي ، ومع وصول حكومة حزب العدالة والتنمية الذي انتهج سياسة انفتاح على المجتمع التركي بكل أطيافه السياسية وتنوعه الثقافي والعرقي، وراعى فيه بنية المجتمع التركي وثقافته وبنيته الروحية وتاريخه وانتمائه إلى محيطه الإسلامي والمشرقي عموماً ، دبّ حراك جديد في الحياة العامة التركية على الصعد السياسية والاجتماعية والإعلامية وكان لوسائل الإعلام التركية على مختلف انتماءاتها الإيديولوجية وتوجهاتها السياسية دور أساسي في مواكبة ذلك التحول ، والمساهمة في تشكيل رأي عام حوله ، ومن يستعرض بنية الإعلام التركي الذي يشكل جسماً مهماً في الحياة التركية ورقماً صعباً ويظهر ذلك جلياً من استعراض مكوناته واستطالاته عمودياً وأفقياً، فالصحافة التركية تعود من حيث النشأة إلى بداية القرن الثامن عشر أيام السلطنة العثمانية، حيث صدرت عشرات الصحف في مختلف ولاياتها بلغت مع بداية القرن العشرين أكثر من مئة وثلاثين صحيفة، كان العديد منها يصدر باللغة العربية ومع إلغاء نظام السلطنة وقيام الجمهورية التركية أغلقت عشرات الصحف ولم يبق سوى خمس صحف تمثل وجهة نظر الحكومة التركية الكمالية وفي مقدمتها صحيفة الجمهورية ثم حريت ومليت وغيرها من صحف كانت في الحصيلة تدعو للغربنة وإلحاق تركيا بالثقافة الأوروبية وفصلها عن محيطها الإسلامي، ولم يحدث تحول في ذلك التوجه إلا مع بداية الثمانينات من القرن الماضي مع وصول حكومة تور كوت اوزال ، ولكن الانعطاف المهم كان مع وصول حكومة السيد رجب طيب اردوغان للحكم.‏

ومن خلال استعراض وضع الصحافة التركية في الوقت الراهن يتشكل لمتابع الشأن الإعلامي التركي تصور عام لهذا الإعلام بكل مكوناته، ففي تركيا تصدر حوالي 3450 صحيفة مركزية ومحلية و1090 محطة إذاعية مركزية ومحلية إضافة إلى أكثر من 248 محطة تلفزيونية فضائية ومحلية تسيطر عليها سبع مجموعات إعلامية ومؤسسات كبرى يمكن تصنيفها من حيث توجهها الإيديولوجي إلى اتجاهين خمس منها ذات توجه ليبرالي ويساري واثنتان ذات توجه إسلامي ويبرز اسمان مهمان فيما يمكن تسميته إمبراطورية إعلامية تركية وهما مؤسستا دوغان وفتح الله غولين تسيطران على أغلبية وسائل الإعلام التركية ، ومن خلال استعراض أهم الصحف في تركيا من حيث الانتشار والتوزيع نجد أن أكثر الصحف صعوداً من حيث أرقام الطباعة والتوزيع صحيفة «زمان» التي وصلت مطبوعاتها إلى حوالي 900000 نسخة توزع يومياً علماً أنها صدرت في النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي وكذلك صحيفة «ستار» ذات الانتشار الواسع في السوق الإعلامي التركي.‏

والمتابع لما تكتبه الصحافة التركية عن العرب وقضاياهم ولا سيما قضية الصراع العربي - الصهيوني.‏

يلاحظ تحولاً مهماً وإيجابياً في طريقة تعاطي أغلب هذه الصحف مع تلك القضايا وتناولها بشكل موضوعي وتقديمها للرأي العام التركي بعيداً عن أي خلفية إيديولوجية أو موقف مسبق، وهذا ما جعل الرأي العام ينظر إليها بشكل مختلف عما كان يجري سابقاً ، ولا شك أن للتحول السياسي التركي دوراً كبيراً في ذلك إضافة للتواصل الإعلامي والزيارات المتبادلة للإعلاميين الأتراك لسورية وبعض الدول العربية، وإطلاعهم عن كثب على حقيقة ما يجري في المنطقة وما لمسوه من حفاوة ومحبة يكنّها السوريون والعرب عموماً للشعب التركي والرغبة الصادقة في إقامة أفضل العلاقات معه وهذا ما يلمسه أيضاً كل من يزور تركيا ويلتقي فعالياتها السياسية والاجتماعية.‏

إن فتح البوابات الإعلامية سيشكل نافذة مهمة وجسراً للتواصل بين الشعبين السوري والتركي ما ينعكس بشكل إيجابي على العلاقات المتميزة التي أرسى دعائمها كل من السيد الرئيس بشار الأسد والحكومة التركية ممثلة بالرئيس غل والسيد رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء، ووجدت قاعدة شعبية واسعة تتفاعل معها وتبارك خطواتها ، وهذا ما يعطيها المزيد من القوة والاستمرار لأنها تحقق مصالح الشعبين وتنعكس بشكل إيجابي على المنطقة مايساهم في تنميتها وازدهار شعوبها ومساهمتهم في تحقيق السلم العالمي .‏

khalaf-almuftah@hotmail.com

======================

السلام مع سوريا هو الطريق الوحيد لإنقاذ أوباما

المستقبل - الاثنين 12 نيسان 2010

العدد 3621 - رأي و فكر - صفحة 19

آري شافيت

("هآرتس"، 8/4/2010)

ترجمة: عباس اسماعيل

إن حل مشكلة القدس سهل ومعروف: الأحياء اليهودية في يد إسرائيل، والأحياء العربية في يد فلسطين، والحوض المقدس تحت حكم خاص. وحل مشكلة اللاجئين سهل ومعروف: حق العودة الى الدولة الفلسطينية فقط، مع إزالة مطلب العودة الى الدولة اليهودية. سهل ومعروف أيضاً حل مشكلة المستوطنات: ضم كتل المستوطنات الى إسرائيل مقابل تبادل أراضٍ، مع إخلاء المستوطنات المعزولة. وهكذا، بسهولة، يمكن ضمان أن تعيش الدولة القومية للشعب الفلسطيني المنزوعة السلاح باطمئنان الى جانب دولة الشعب اليهودي. وهكذا يمكن في غضون سنة أو سنتين الانتقال من عصر النزاع الى عصر السلام.

ثمة مشكلة صغيرة: لا يمكن تطبيق أي واحد من الحلول السهلة والمعروفة في المستقبل المنظور. الصحيح حتى الآن هو أن الفلسطينيين لا يوافقون على أن تكون فلسطين منزوعة السلاح وعلى أن تكون إسرائيل يهودية، ولا توجد في إسرائيل قوة رسمية قادرة على إخلاء نحو 100 مستوطنة ونحو 100 ألف مستوطن. والفلسطينيون غير مستعدين للتخلي من مطلب العودة الى إسرائيل السيادية، ولا يوجد أيضاً في إسرائيل وفي فلسطين النضج والمسؤولية المطلوبان لإقامة نظام ناعم معقد من التعايش في أخطر مدن العالم، القدس.

الخلاصة واضحة: على الرغم من أن الجميع يعلمون في ظاهر الأمر كيف سيبدو اتفاق السلام الذي سيقسم البلاد إلا أن احتمالات التوقيع عليه وتطبيقه في السنوات الآتية ضعيفة. وليس من قبيل الصدفة أن ايهود أولمرت وتسيبي ليفني عادا خاليي الوفاض من سعيهما في خلال سنة محادثات مع محمود عباس وأحمد قريع ( أبو مازن وأبو علاء). وليس مصادفة أن الفلسطينيين يرفضون إجراء مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، وأن إسرائيل لا تخلي بؤراً استيطانية غير قانونية.

إن القول بأن السلام في متناول اليد هو قول واهم يثيره الطرفان أمام المجتمع الدولي كي يخفيا جداول عمل خفية. فالفلسطينيون يشعرون بأن التاريخ يسير في مصلحتهم وليسوا مستعدين للتسوية. والإسرائيليون مصابون بالشلل. وهؤلاء كأولئك يتكلمون عن السلام ويلعبون بالسلام لكنهم غير مستعدين لدفع ثمن السلام بالفعل.

ثمة مخرج واحد فقط أمام إدارة أوباما: سوريا. وحده اتفاق السلام بين إسرائيل وسوريا قادر على تثبيت استقرار الوضع في الشرق الأوسط. وحده اتفاق سلام إسرائيلي- سوري سيساعد العراق ويعزل إيران ويسهم بشكل غير مباشر في تحسين الوضع في أفغانستان أيضاً. وحده اتفاق كهذا سيوجد الإطار الزمني المطلوب لضمان تقدم بطيء لكنه مضمون في المسار الفلسطيني.

لذلك، يتعين على واشنطن أن تطلب الجولان من بنيامين نتنياهو بدل طلب القدس منه. وينبغي على أوباما أن يلقي بكامل بثقله للتوصل الى سلام في الشمال. لكن بغية فعل ذلك، يتعين على إدارته أن تكف عن الوقوع في خطأ الأوهام. المصالحة الإسرائيلية- السورية هي الطريقة الواقعية الوحيدة لإحلال السلام في الشرق الأوسط منذ هذا العام ولتسويغ جائزة نوبل التي حصل عليها أوباما في أوسلو في كانون الأول.

======================

إنقاذ الرأسمالية من «وول ستريت»

مات ميلر

الشرق الاوسط

12-4-2010

ما هي النقطة التي يصبح عندها الوجود المطلق للأغنياء غير المستحقين للثراء مزعجا للغاية في دولة ديمقراطية لدرجة أنه يثير رد فعل يسيء بطريقة غير مناسبة إلى الرأسمالية بالكامل؟

هذا هو سؤالي إلى بوب روبين وتشارلز برينس، الرؤساء السابقين ل«سيتي غروب»، عندما أدليا بشهادتيهما أمام لجنة التحقيق في الأزمة المالية يوم الخميس الماضي. على الرغم مما سبق، فإنني سأضع السؤال بهذه الطريقة: كيف حققتم يا رفاق الكثير من الأموال من تدمير «سيتي غروب» ووضعتموها تحت وصاية الدولة؟

حصل برينس على الأقل على 120 مليون دولار مقابل إدارة «سيتي غروب» لمدة أربعة أعوام، انخفضت خلالها القيمة السوقية للمؤسسة بواقع 64 مليار دولار. وحصل روبين على الأقل على 115 مليون دولار (إلى جانب خيارات الأسهم، وهو شكل من أشكال التعويض القائم على الحوافز يكون للموظف بموجبه الحق في شراء أسهم بأسعار الوقت الذي صدر فيه هذا التعويض) بين عامي 1999 و2008، قبل أن يضخ الاحتياطي الفيدرالي 45 مليار دولار ويضمن بعد ذلك 300 مليار دولار من التزامات الشركة لمساعدتها على مواصلة العمل.

وصرح روبين لصحيفة «وول ستريت جورنال» في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2008 بأنه كان يستحق كل سنت، وأكثر من ذلك. وقال: «أراهن على أنه لم يكن هناك عام واحد كنت أستطيع خلاله أن أذهب إلى أي مكان آخر وأحقق المزيد».

ويبدو أن هذا المعنى من استحقاق الربح من أنظمة تعويضات مزيفة هو المعنى السائد في النظام المالي: ونجا كل من كين لويس رئيس «بنك أوف أميركا»، وستان أونيل رئيس «ميريل لينش»، وكيري كيلينغر رئيس «واشنطن ميوتشوال» (أذكر ثلاثة فقط بأسمائهم) من حطام الشركات التي كانوا يديرونها وهم على درجة كبيرة من الثراء. ويفسر هذا النمط الكثير بشأن الأزمة التي دمرت بنوكنا، وخلفت 15 مليون عاطل، وأدت إلى تلاشي منتجات قيمتها تريليونات من الدولارات، وأثقلت الحكومة بديون ضخمة، ودمرت المصداقية الاقتصادية لأميركا. (كنت في شنغهاي الأسبوع الماضي، وثق بي، كان الصينيون سعداء بنسخ الاسطوانات المدمجة الخاصة بنا، لكنهم لا ينظرون الآن إلى الرأسمالية الأميركية على أنها نموذج يحتذى به).

وعلى الأقل اعتذر أكيو تويودا (رئيس شركة «تويوتا»). يشعر سادة العالم لدينا أنهم مستثنون من المساءلة أو العار. وخرجت طريقة التفكير السامة لدى الممولين الأميركيين سالمة من الأصول السامة التي أطلقوها. وإذا كنت بوب روبين فإن ذلك يعني أنك لا تعتذر على الإطلاق.

واللغز في الأزمة المالية هو: كيف استطاعت بعض المشكلات في فئة صغيرة نسبيا من الأصول، مثل قروض الرهن العقاري ذات التصنيف الائتماني المنخفض، أن تدمر الاقتصاد؟ وصلت خسائر هذه القروض، التي بلغت قيمتها تريليونات من الدولارات، إلى نحو 300 مليار دولار. كيف يمكن لهذا المبلغ من المال أن يشكل مصدر تهديد لاقتصاد قيمته 15 تريليون دولار، أي أكبر من قيمة هذه الخسائر بنحو خمسين مرة؟ وبهذه الصورة، لم تكن هذه الكارثة محتملة.

فلماذا حدثت إذن؟ الجزء الكبير من الإجابة عن هذا السؤال هو أن هذا السم الصغير في النظام انتشر بسبب الرهانات الثانوية والروافع المالية. وظهرت فجأة قطاعات جديدة من «المشتقات» المالية، التي كان الغرض الوحيد منها هو المقامرة على مصائر هذه القروض. وعلى افتراض أن مؤسسات لديها خبرة عملية اقترضت مبالغ كبيرة لتقوم بهذه الرهانات، فمن المهم أن يكونوا واضحين في ذلك: إن اقتراض مبالغ كبيرة من أجل المقامرة، وهو النشاط الذي يحتقره عادة الأشخاص الأسوياء، هو الطريقة التي يؤدي «أفضل وأذكى» الأشخاص في وول ستريت عملهم وفقا لها.

وعلى الجانب الآخر، كانت وكالات التصنيف، التي هدفت إلى تحديد مدى سلامة القروض التي دعمت هذه الرهانات، نائمة، أو متكاسلة عن أداء وظيفتها، أو تمت مساومتها بالأرباح التي حققتها عن طريق بيع موافقتها.

وفيما وراء هذه الخدع تكمن المشكلة الحقيقية، وهي الحقيقة التي تقول إن بضعة آلاف من كبار العاملين في وول ستريت من الممكن أن يظلوا (أو يصبحوا) على درجة عالية من الثراء حتى وإن انهارت هذه الهيئة الواهنة. وكان ذلك بدوره ممكنا فقط نظرا لممارسات الدفع التي أغدقت المكافآت على الفور حتى وإن كانت الأوراق المالية المدعومة بقروض الرهن العقاري، والتي استندت إليها هذه المكافآت، مقدر لها أن تنهار، ولأن هيكل الملكية العامة للشركات الرئيسية يشير إلى أن جميع هذه القروض والرهانات تمت بأموال أشخاص آخرين. ولم تكن الشراكات الاستثمارية الخاصة والقديمة في وول ستريت لتراهن بصافي ثروتها على سلعة تنطوي على الكثير من المجازفة.

وفي كتاب «The Big Short»، وهو بمثابة نظرة رائعة على الأزمة من وجهة نظر مستثمرين بعيدي النظر راهنوا ضد الجنون التقليدي، يرى مايكل لويس أن المشكلة تكمن في نظام الحوافز الذي قاد إلى الطمع اليومي في وول ستريت. ويقول لويس: «والشيء الغريب هو أن جميع الأشخاص المهمين على جانبي المقامرة تركوا الطاولة وهم أغنياء».

وكتب لويس عن انهيار قروض الرهن العقاري قائلا: «كان الرؤساء التنفيذيون لجميع الشركات الرئيسية في وول ستريت.. على النهاية الخاطئة للمقامرة. حيث إن جميعهم من دون استثناء قاد المؤسسات العامة التي يرأسونها إلى الإفلاس أو أن حكومة الولايات المتحدة أنقذتهم من الإفلاس. وجميعهم أصبحوا أغنياء كذلك».

وهذه ليست الطريقة التي من المفترض أن تعمل الأسواق الحرة وفقا لها. هذه هي الفضيحة التي ينبغي للجنة التحقيق في الأزمة المالية والكونغرس أن يتحدثوا بشأنها، ويصلحوها. وإذا كنت تعتقد (مثلما أعتقد) أن رأسمالية السوق المنظمة ببراعة هي أفضل أمل لنشر الرخاء، فمن الضروري إنقاذ الاقتصاد الأميركي من الانحراف في وول ستريت والذي يهدد بتشويه سمعة النموذج الأميركي كلية.

* باحث كبير في مركز التقدم الأميركي ويشارك في تقديم البرنامج الإذاعي «اليسار واليمين والوسط».

* خدمة «واشنطن بوست»

=======================

أين المبادرة الإسرائيلية؟

يحيئل شيفي... (مستشرق، خبير في الصراع العربي-الإسرائيلي)

(يديعوت أحرونوت 3/4/2010)

المصدر: جريدة المستقبل - الثلاثاء 6 نيسان 2010

منذ فترة طويلة تتلقى إسرائيل انتقادا قويا من جانب الإدارة الأميركية وتُتهم بأنها لا تنوي حل النزاع، بل ربح الوقت في ظل قيامها بفرض وقائع على الأرض. وتظهر إسرائيل كعقبة، وكعائق أمام السلام العالمي، وكمادة مشتعلة للحرائق في العراق وأفغانستان. وهي تتحول من ذخر إلى عبئ.

بدلا من تضييع الوقت، يجدر بإسرائيل أن تتعلم من السعودية، حيث أنه في الوقت الذي كانت تتراجع فيه مكانتها أمام الرأي العام الأميركي لتصل إلى الحضيض خلال فترة التفجيرات التي تعرضت لها الأبراج في نيويورك، صاغت السعودية خطة عبقرية. فبدل أن يتذمر السعوديون، بادروا. .. المبادرة السعودية التي طُرحت في العام 2002 أبعدت النار عنهم ونقلت الكرة إلى الملعب الإسرائيلي. بدل التصدي للادعاء بأن السعودية هي مكان لنمو الارهابيين، تلطوا وراء غطاء السعي للسلام وطرحوا مبادرة لحل النزاع في الشرق الأسوط. وقامت الجامعة العربية، بحكمة كبيرة، بتبني الخطة وتحول رؤساء دول ديكتاتورية إلى داعين للحورا دفعة واحدة.

بدل الدفاع، يتعين على حكومة إسرائيل أن تبادر أيضا، الى اتخاذ قرار استراتيجي بنقل عبئ الاثبات إلى الفلسطينيين. ينبغي التوقف عن التذمر والبدء في إغراق وسائل الإعلام بدعاية مركزة إلى جانب إعداد بنك بادرات طيبة يمكن التعايش معها.

ينبغي على إسرائيل أن تنشر بشكل دائم كلام التحريض الوارد في الكتب الدراسية الفلسطينية، وفي وسائل الإعلام الفلسطينية. يكفي أن يُطرح كل يوم معلومة واحدة عن التحريض الفلسطيني، ومن المهم الإشارة إلى إقامة ساحات وشوارع تحمل اسم "ارهابيين فلسطينيين" في مدن الضفة.

يتعين على إسرائيل أن تضع شرطا حاسما لتقديم بادرات حسن النية إلى الفلسطينيين قبل حصول محادثات التقارب. وعليها أن تطالب بالاعتراف الفوري بحدود الخط الأخضر، والتنازل العلني عن حق العودة، ووقف مشاركة مجموعات فتح- شركاؤنا في طاولة المفاوضات- في العمليات العنفية، ووقف التحريض في الكتب الدراسية ووسائل الإعلام الفلسطينية.

إلى جانب ذلك، على إسرائيل اتخاذ سلسلة خطوات لبناء الثقة: إعداد بنك بادرات حسن نية مدنية تقوم بتنفيذها اسبوعيا- رفع حواجز، زيادة ساعات التحرك والتنقل على طريق معين، زيادة قوة التيار الكهربائي في ضيعة ما، ربط البلدات بشبكات المجاري، نقل بضائع إلى بلدات فلسطينية في قطاع غزة، منح تراخيص لانتقال ممثلي السفارات الأجنبية اليها، على أن يُعطى كل يوم ترخيص مرور لممثل إحدى الدول، والسماح بدخول صحفيين إلى القطاع.

ينبغي على إسرائيل أن تستخدم ورقة السيطرة من أجل حث مصالحها واحتياجاتها، لا أن تكتفي بالاحتفاظ بها في يدها. فعندما تمنح إسرائيل بادرات حسنة في أوقات متباعدة، وعندما تقوم بالدفاع عن نفسها موضعيا، تربح جولة لكنها تخسر معركة. وهي تفرط بقدرتها على استخدام القوة المتاحة لها من أجل حث مكانتها أمام الرأي العام العالمي.

ينبغي على إسرائيل إيجاد عمل متواصل من البادرات الطيبة والمبادرات، من دون أي صلة بالسلوك الفلسطيني، والحرص على نشر ما تقوم به أمام الجميع. فهذه الأمور ستساعدها على الانتصار في معركتها لكسب الرأي العام العالمي.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ