ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 11/04/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ما بعد أمريكا

مازن كم الماز

4/10/2010

القدس العربي

قد يثير السؤال استغراب البعض أو استهجانه لكنه مشروع تماما، ليس فقط في ضوء تجارب التاريخ نفسه الذي يبدو أن محاولة إنهائه فشلت أبكر مما توقعنا، بل في ضوء الأزمة العميقة التي تعانيها القوة المهيمنة اليوم. لا تنتهي الإمبراطوريات فقط بهزيمتها من قبل إمبراطورية أخرى، في كثير من الأحيان تتحقق الهزيمة، كما شاهدنا في حالة الاتحاد السوفييتي الأقرب إلينا، نتيجة انهيار مقدرة مركز الإمبراطورية على النهوض بأعباء المركز، عندما يجد نفسه أعجز من أن يوفر الموارد اللازمة لقمع الأطراف أو عندما يفقد القدرة على تجييش ما يكفي من القوة للعب دور الشرطي في تلك الأطراف. وإذا عدنا إلى تاريخ النظام الرأسمالي العالمي قبل أمريكا لربما أمكننا أن نتنبأ بصفات الإمبراطورية الجديدة التي ستعوض المركز الأمريكي أو ما قد تؤول إليه الأوضاع في حال انهار المركز الأمريكي على مستوى العالم.

يمكننا أن نرى أسلوبين لإحلال مركز جديد مكان القديم في تاريخ النظام الرأسمالي العالمي، واحد يؤدي الى صعود قوة منفردة بعينها مكان القوة السابقة التي انهارت سيطرتها ( كما شاهدنا في انتقال مركز هذا النظام الرأسمالي العالمي من إسبانيا الى البرتغال فهولندا ففرنسا وبريطانيا قبل أن تتمتع بريطانيا بمركز احتكاري لبعض الوقت لتتنازل لأمريكا عن هذا الدور بعد الحرب العالمية الثانية ) أو ظهور تنافس بين عدة قوى محتملة لملء هذا المركز الأمر الذي سيعني قيام حرب إمبريالية جديدة، ساخنة أو باردة.

إن القوة الأكثر احتمالا لتحل مكان أمريكا في حال واصلت الأخيرة انحدارها نحو أزمة قاضية هي الصين. ليس فقط أن أوروبا وروسيا، والقوى الأحدث كالبرازيل والهند، غير مهتمة بلعب دور المركز وربما غير قادرة على النهوض بأعبائه بسبب أزماتها الخاصة هي أيضا، بل لأن صعود القوة الصينية (الأصح البرجوازية الصينية) ولسخرية الأقدار يسير على ذات الطريق الذي أدى إلى صعود الرأسمالية الأمريكية، فكلاهما بدأ هيمنته بالسيطرة على الاقتصاد العالمي بينما كانت قوة المراكز الأخرى تتراجع تحت وقع تكاليف الحروب المدمرة التي كان على القوى السابقة خوضها.

لكن صعود القوة الاقتصادية للبرجوازية الصينية لا يكفي لوحده حتى لو تجاوز ما لدى أمريكا اليوم من قوة اقتصادية، فعلى الصين أن تتحول الى قوة إمبريالية، أن تبدأ بممارسة دور الشرطي العالمي خاصة في أكثر الأماكن أهمية بالنسبة لإنتاج الثروة والقوة الاقتصادية، كالشرق الأوسط مستودع النفط في العالم، وجنوب شرق آسيا ذي الاقتصاديات الناشئة والمتوسعة بسرعة، الخ. قلة من الدلائل تشير إلى بدء الصين في ممارسة دور كهذا، على الأقل بشكل مباشر، لكن يجب علينا ألا نتسرع في التقليل من قوة الصين السياسية والعسكرية، واحتمال لجوئها إلى بدائل أخرى عن ممارسة الإمبريالية المباشرة كالاعتماد على وكلاء إقليميين لسيطرتها بشكل شبكة من علاقات القوة والهيمنة تكون هي مركزها وعملية خلق مثل هذه الشبكات ممكنة ويمكن الزعم أنها في طور التشكيل اليوم من خلال الصراعات بين ما يسمى بمعسكر الاعتدال مثلا والمقاومة في الشرق الأوسط، بين الأنظمة الجديدة في أمريكا اللاتينية وبين الأنظمة الموالية لأمريكا وأمريكا نفسها من ورائها. يبقى من الممكن أن يشجع انهيار أمريكا الوشيك قوة أخرى كروسيا التي ما تزال تحتفظ بقوة عسكرية مؤثرة جدا وفعالة وأوروبا التي ما تزال تحن لماضيها الإمبريالي على الدخول في تنافس جديد على موقع المركز وبالتالي ظهور عالم 'متعدد الأقطاب' أو المراكز في حالة تنافس. يبقى هناك احتمال آخر يمكننا قراءته من صفحات التاريخ. يروي رودولف روكر أهم منظري الأناركية النقابية (السنديكاتية النقابية) في كتابه القومية والثقافة، أنه بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية ظهرت في كل مكان تقريبا في أوروبا دول بربرية نشرت القتل والدمار في كل الأرجاء. لكن في سياق الصراع ضد هذه الدول وضد هذه البربرية الخالصة ظهرت الإنسانية الأوروبية، بفضل الحركة الثورية التي انتشرت في كل مكان والتي تعرف تاريخيا بثورة التجمعات أو المجتمعات Revolt of communities. في كل مكان انتفض الرجال ضد طغيان النبلاء والقساوسة وحاربوا في سبيل استقلال مجتمعاتهم المحلية، بهذا الشكل ظهرت 'المدن الحرة' والفيدرالية من القرن العاشر حتى القرن الخامس عشر حيث ستبدأ النهضة خطواتها الأولى، ظهرت هناك بدلا من مؤسسات الإمبراطورية المنهارة والمؤسسات العسكرية لتلك الدول البربرية التي قامت مكانها العديد من المؤسسات التي قامت عليها تلك المجتمعات أو المدن الحرة كنقابات الحرفيين، الأخويات، كونفيدراليات المدن والأرياف، وأشكال أخرى عديدة تقوم على الاجتماع أو الاتفاق الحر. استمرت هذه المدن والكونفيدراليات الحرة حتى شجعت الحروب ضد الغزاة المغول والعثمانيين من جديد على ظهور الدول القوية (الملكيات المطلقة) وإلغاء المدن الحرة.

أما بالنسبة لنا كأطراف لهذه الإمبراطورية أو تلك فغالبا ما ستنتقل ملكيتنا من هذا المركز إلى ذاك، ستتغير 'الحقائق المطلقة' أو الإيديولوجيات التي ستصبح دارجة، ستعود مع الصين مثلا الأفكار عن رأسمالية الدولة وفضائلها، مع بعض السياسات النيوليبرالية بالطبع، كما هو عليه الحال في الصين اليوم، لكن ليس على طريقة المحافظين الجدد (بل على طريقة الصينيين الجدد)، وستصرف النخب طاقتها في محاولة البحث عن الطريق الجديد الى 'العصر' الجديد أيضا، سيتغير دور الشرطي الإقليمي بالتأكيد، سيكون للسيد الجديد خدمه الجدد وسيطاح بالقوى المقربة من السيد الآفل.

قد تعود المؤسسات التقليدية لتلعب دورا مركزيا في المقاومة أو كمركز محلي يدخل في صراع أو مساومات مع قوى الإمبراطورية، أو أن تظهر نخب حاكمة تابعة أو معادية لمركز الإمبراطورية بخلفيات إيديولوجية مختلفة تدخل في لعبة التنافس بين القوى على مركز النظام العالمي، وفي حال لم يوجد مثل هذا المركز، أي لم تظهر أية قوى أكثر تطورا من قوى مجتمعاتنا المتواضعة أطماعا إمبريالية في ثرواتنا وخيراتنا، يمكن أن تسود حالة من الركود، كما كان حالنا تحت حكم دولتي المماليك والعثمانيين، عندما بقينا في حالة من الركود المبني على العزلة حتى طرقت جيوش نابليون أبواب شرقنا من جديد ليصحو على عالم كان قد تغير منذ زمن طويل.

' كاتب سوري

=========================

الإسلام السياسي التركي أنموذج يحاكي الحداثة

د. ريتا فرج

4/10/2010

القدس العربي

 لم يأتِ تصاعد دور حزب العدالة والتنمية في تركيا على المستويين الداخلي والإقليمي، من فراغ تاريخي، بل من تطور تراكمي مرّ به الإسلام السياسي التركي مع حزب الرفاه أولاً، قبل أن يُتخذ القرار بحظره عام 1998، بفعل هواجس الطغمة العسكرية من تنامي مقدراته، ومن شعار المواءمة بين الحداثة والإسلام الذي تبنته حكومة رجب طيب أردوغان ثانياً، وذلك على وقع الاستفادة من العلاقات الاستراتيجية مع أوروبا والولايات المتحدة، مما مكنّه من إمتلاك أوراق ضغط لكسب المزيد من الرهانات على خارطة الشرق الأوسط المأزومة، وساهم في تفعيل قدرته عبر البوابة العالمية هذه المرة، خصوصاً بعد أن خسر العرب معاركهم أو حتى تنازلوا عنها لصالح الأجندة الامريكية، فوصلت مفاوضات السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين الى طريق مسدود، ودخل عراق ما بعد صدام حسين في دائرة من العنف، والحالة السودانية ليست بأقل خطورة، كل ذلك يرافقه غياب للقرار العربي المشترك الذي افتقد مقدراته الوحدوية منذ الموت الفجائي للرئيس جمال عبد الناصر.

الحديث عن الإسلام التركي المعتدل، يؤكد حقيقة جوهرية مفادها، أنه بإمكان الحركات الإسلامية خوض تجربة الحكم بنجاح في حال إختيارها لمنهجية التوليف بين الدين والحداثة، أي الحفاظ على مقومات بنى المقدس برؤية إجتهادية قادرة على محاكاة العالم بلغته المعاصرة من جهة، والتأكيد للمجتمع الدولي أن المعضلة ليست في الإسلام كدين، وإنما في السياسات الخارجية الدولية التي أنتجت هلال من الأزمات والحروب المتنقلة من المحيط الى الخليج من جهة ثانية، دون أن ينفي ذلك، أن المسلمين يمرون في حالة من المخاض بسبب قراءتهم الإسقاطية للتراث، وتغييبهم للعقل النقدي، وإسقاطهم لمفهوم السببية. ولا شك أن نجاح تجربة حزب العدالة والتنمية في الوقت الراهن، لا يعود فقط الى الرؤية التي يمتلكها في إدارته للملفات الداخلية وللسياسة الخارجية الهادفة الى تصفير الخلافات مع دول الجوار كما حددها عميد الاستراتيجيا داوود أوغلو حامل لواء العمق الاستراتيجي، بل عززت التحولات العالمية فعالية هذا الدور؛ فتفكك الاتحاد السوفييتي أجبر الأتراك على الاحتكاك المباشر مع آسيا الوسطى بحكم البُعد الإثني، عدا أن سياسة الانفتاح الاقتصادي بدءاً من عام 1980 مارست دوراً مهماً، وتأتي سياسة التوليف التركي  الإسلامي التي صاغها الهان تيكيلي في مؤلفه 'حول التوليف الإسلامي  التركي'، لتعبر عن الحراك النوعي الذي أوصل الإسلام التركي المعتدل الى ذروته حضوره الإقليمي.

وإذا ما تمت مقارنة تجربة الإسلام التركي بالحركات الإسلامية المنتشرة في العالم العربي، نلحظ إختلافات جوهرية بين الطرفين، ورغم حدة الضغط الذي مورس من قبل حماة الايديولوجيا الكمالية على الإسلام السياسي في أنقرة، لكنه استقى من تجارب من سبقه، وأدرك أهمية المزاوجة بين الهوية الدينية ومتطلبات العصر، في حين أن مخاض الاسلامويين على الجبهة العربية لم يؤدِ الى النتيجة المرجوة، رغم أقدميتهم التاريخية، تحديداً عند الإخوانية المصرية، التي ما برحت حتى اللحظة الراهنة تُستزف نتيجة عوامل متعددة، أولها، رفض تجديد خطابها العقائدي، أي ضمور الحقل الاجتهادي عند مرجعياتها؛ ثانيها، تعرضها لحالة من العنف الدوري من قبل النظام الرسمي الحاكم، الأمر الذي منع عنها إمكانية الخروج بعدة مفهومية حداثوية تقربها الى حد ما من الإنموذج التركي، فإنشغلت في حماية وجودها رغم الجماهيرية النسبية التي كشفت عنها انتخابات مجلس الشعب عام 2005.

الى ذلك، تكشف المقاربة بين الإسلام التركي والحركات الإسلامية في العالم العربي، عن وجود فروقات مفصلية، فبعد أن فشلت الاخيرة في الوصول الى الحكم وفي المشاركة بصناعة القرار، نزعت الى تطبيق قاعدة أساسية قائمة على أسلمة المجتمع، أي إحداث التحول المطلوب عبر القاعدة بهدف الوصول الى القمة. ولكن هذه الآلية أدخلتها في نمط من السلفية الجديدة، مما أفقدها القدرة على التعديل بناها العقائدية في ظل سطوة النزعة الدينية الشعبوية التي تجتاح الجمهور العربي، مما يشي بأن إشكالية التحديث المطلوبة عند الإسلامويين العرب تبدو أكثر صعوبة، لكون طبيعة المجتمعات غير قادرة على مجاراة متطلبات الواقع، مع ما يرافقها من إنسداد تاريخي بنيوي يتجلى في الفضاء العربي العام. ولكي يتخطى العرب تأخرهم، لا بد من توسيع دائرة التعددية السياسية، والإقرار بحق الاختلاف، وتعزيز أولوية العقد الاجتماعية بين المواطن والدولة، وتأمين الحد الأدنى من الرفاه الاقتصادي، وحين يتحقق ذلك، عندها يمكن الحديث عن إسلام سياسي عربي معتدل؛ فالأزمة لا تكمن عند الإسلامويين فقط، بل هي أزمة عابرة للشرائح المجتمعية التي ما برحت تعيش في حالة غربة عن الأنظمة الحاكمة، وعندما تتخطى السلطة رهابها الأمني عبر مدّ الجسور مع الجمهور والقبول بالرأي الآخر، سنشهد تيارات إسلامية معتدلة، لا تعيش هواجس الاضطهاد، بل على العكس ستتيح لها مساحة الحرية التعبير عن توجهاتها بلغة العصر، وليس بلغة سلفية، تؤكد للغرب أن الإسلام عصية على الحداثة.

نجاح حزب العدالة والتنمية في دعم حضوره الداخلي والإقليمي، لا يرتبط بنزعته الحداثوية فقط، بل في وضعه على سلم أولوياته منذ وصوله الى السلطة قضايا تقلق العرب أنفسهم، فركز على القضية الفلسطينية، وانتهج سياسة تصفير الخلافات مع محيطه، ولعب دور الوسيط في القضايا العربية بدءاً من العراق مروراً بالوساطة بين إسرائيل وسورية لإحلال السلام، وصولاً الى تحدي حكومة بنيامين نتنياهو المتشددة، ولعل ما أشار اليه رجب طيب اردوغان قبل لقائه الاخير مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حين قال 'إن الدولة العبرية هي الخطر الرئيسي اليوم على السلام في الشرق الاوسط' خير دليل على ذلك. كل هذه الأهداف التي حددها الإسلام التركي المعتدل في أجندته المثقلة، لا نجد لها حضوراً عند الاسلامويين العرب، حتى من وصل منهم الى السلطة، فهموم المواطن الحياتية غائبة عنهم، والقضية الفلسطينية لا تشكل بنداً أساسياً في أجندتهم. والحال لماذا نجح الإسلام السياسي خارج الدائرة العربية، وفشل عندنا؟ هذا ما سنعالجه في مقالة لاحقة.

' كاتبة وباحثة لبنانية

=========================

قمة الأمن النووي.. ماذا عن ترسانة اسرائيل؟

محمد خرّوب

kharroub@jpf.com.jo

الرأي الاردنية

4/10/2010

بعد غد، تنعقد في واشنطن القمة التي دعا اليها حامل جائزة نوبل للسلام الرئيس الاميركي باراك اوباما في مسعى واضح لوضع «بصمته» الشخصية على المشهد الدولي وخصوصاً بعد ان استطاع تحقيق «انجازين» يصعب عدم اخذهما في الاعتبار عند الحديث عما حققه بعد عام ونيف من ولايته كأول رئيس اسود، انخفضت شعبيته داخل الولايات المتحدة الى الحضيض وبدا للجميع انه على درجة من الضعف قد تبدو فرصته بالبقاء في البيت الابيض لولاية ثانية، غير واردة تماماً كما حدث مع رئيس «ضعيف» آخر وصدف ان كان ديمقراطياً هو جيمي كارتر القادم من الجنوب الاميركي كما هو حال اوباما..

 

لكن «الرجل» فاجأ الجميع باصراره على المضي قدماً في تنفيذ بعض الخطط الطموحة التي جاءت في برنامجه الانتخابي وبخاصة برنامج الرعاية الصحية الذي لم يكن يعتقد احد انه سيمر في مجلس النواب في ظل المعارضة الديمقراطية وليس الجمهورية فحسب لكن المشروع تم تمريره وحصد اوباما المجد، رغم استمرار الجدل والسجالات حوله وخصوصاً كلفته المالية العالية على نحو يزيد من اعباء الخزينة المرهقة اصلاً.

 

ما علينا..

 

عندما يلتقي «46» من قادة دول العالم ( بنيامين نتنياهو من بينهم قبل ان يلغي مشاركته في اللحظة الاخيرة) في ضيافة باراك اوباما، يكون الاخير قد مهّد في شكل جيد للموضوع الذي يمنحه اولوية على جدول اعماله وهو منع انتشار السلاح النووي وتأمين المواد النووية حول العالم، رغم ما يشوب هذه الاهداف من انتقائية وما تنطوي عليه من ابعاد سياسية مبالغ فيها بالطبع، كونها تركز على موضوع «الارهاب» النووي والخشية من وقوع هذه الاسلحة (او المواد) في ايدي منظمات ودول لا ترضى عنها واشنطن والغرب في شكل عام..

 

اوباما الذي وقّع يوم اول من امس الخميس، على اتفاقية «ستارت» الجديدة او اتفاقية براغ (ان جازت التسمية) مع الرئيس الروسي ميدفيدف كان اعلن قبل ذلك عن استراتيجيته النووية الجديدة التي يمكن اعتبارها خطوة متقدمة على طريق طويل يصعب الوصول الى نهايته في المديين الوشيك والمتوسط، هو وجود عالم خال من اسلحة الدمار الشامل، وكان لافتاً تعهده بعدم استخدام اسلحة نووية ضد دول لا تملكها او دول وقعت على معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية..

 

وهنا يمكن التوقف عند حال اسرائيل النووية «الراهنة» التي توفر لها الولايات المتحدة مظلة حماية تجعل من ترسانتها النووية ذخراً ليوم الدين وسيفاً مسلطاً على المنطقة دولها والشعوب، في تبريرات غير مقنعة تجعل من الموقف الاميركي متواطئاً وشريكاً اكثر مما هو ادعاء بحماية الدولة الديمقراطية «الوحيدة» في المنطقة من اعدائها المتربصين بها(!!)، ولهذا واصلت الادارات الاميركية المتعاقبة تبني ودعم سياسة «الغموض» بشأن مسألة امتلاك السلاح النووي وهو ما وصفها (أي سياسة الغموض) نائب وزير الخارجية الاسرائيلي داني يالون قبل يومين، بأنها تشكل احدى اسس الأمن القومي الاسرائيلي، كما تنظر اليها واشنطن باهتمام بالغ، بل لم يتردد المسؤول الاسرائيلي المتطرف (الذي اهان السفير التركي في حادثة الكرسي المنخفض)، في القول: ما من سبب يدعو الاميركيين الى تغيير مقاربتهم او يستدعي تغيير الموقف الاسرائيلي..

 

سقطت منذ عقود طويلة الاكذوبة التي رددتها اسرائيل طويلاً وهي انها لن تكون اول مَنْ يُدْخل السلاح النووي الى الشرق الاوسط، وليس مردخاي فعنونو وحده، كشف السر، بل ان ترسانة اسرائيل باتت مكشوفة، والدولة العبرية لا تتورع عن التهديد بها والتلويح باستخدامها.

 

فكيف يمكن مواصلة الحديث عن برنامج بيونغ يانغ وطهران النووي والصمت المطبق على عدم توقيع اسرائيل على معاهدة انتشار الاسلحة النووية، دع عنك ما كشفت عن التعاون النووي العميق الذي «كان بين نظام جنوب افريقيا العنصرية، ودولة اسرائيل الديمقراطية؟.

.. انه التحالف الاستراتيجي.. يا غبي!!

=========================

ما هو فحوى الرسالة السورية الجديدة إلى من يعنيهم الأمر في بيروت ؟

ابراهيم بيرم

النهار

4/10/2010

بات بعض المطّلعين على سير العلاقة بين رئيس الوزراء سعد الحريري ودمشق، على اقتناع بأن هذه العلاقة عادت في الايام القليلة الماضية، لتدخل حيز الازمة، او على خط التوتر النسبي، والسؤال الملح حيال ذلك هو هل يسارع "الراعي" السعودي المواكب لهذه العلاقة الى معالجة الموقف على عجل، واعادة الامور بين الطرفين الى خط سيرها التطبيعي كما دللت التطورات الاخيرة، ام ان سير التطورات يذهب بهذه العلاقة الطرية العود التي تمر، كما هو معلوم، في فترة "نقاهة" واختبار، نحو التجميد او التوتير، وبالتالي تعود الامور سيرتها الاولى أي السيرة الصعبة؟

المصادر اياها ما زالت تراهن على معطى اساسي فحواه انه ليس من مصلحة الطرفين واستطراداً ليس من مصلحة بيروت ودمشق على حد سواء، على الاطلاق اعادة عجلة الامور الى نقطة الصفر وتبديد ما تحقق على تواضعه، خلال الاشهر الثلاثة الماضية وبالتحديد منذ ان ولج الرئيس الحريري عاصمة الامويين قبل نحو اربعة اشهر.

وبالتالي فان في جعبة المصادر اياها يقيناً بأن الفرصة متاحة لازالة العقد التي برزت في الآونة الاخيرة ووتّرت المناخات، التي كانت تهيئ لزيارة مرتقبة للرئيس الحريري لدمشق، ولكن هذه المرة على رأس وفد رسمي، في زيارة ادرجت في خانة تنظيم مستقبل العلاقة بين البلدين.

وتقرّ المصادر العليمة نفسها، بأن العلاقة بين الحريري والقيادة السورية مرت في مرحلة ما بعد زيارة دمشق الاولى، بأكثر من محطة، واستتباباً بأكثر من إختبار. بحسب المعلومات التي توافرت للمصادر اياها، فإن المسؤولين السوريين وحلفاء سوريا في لبنان، تملكهم شعور بعيد زيارة الحريري للعاصمة السورية بأن في محيط الرئيس الحريري من عمل بشكل جاد وسريع لتبديد كل النتائج الايجابية التي نجمت عن زيارة الاخير لدمشق. وقد تبدى ذلك من خلال جملة تطورات وتداعيات سياسية واعلامية، تصب كلها في خانة واحدة هي رفع منسوب المناخ المعادي لسوريا وسلاح المقاومة على نحو غير مسبوق.

وتذكر المعلومات نفسها ان هذا الامر استدعى ان تبادر الجبهات السورية المعنية بالملف الى لفت الجهات السعودية المعنية ايضاً بالملف نفسه. وقد استدعت طريقة معالجة التوتّر ان يسمى رئيس فرع المعلومات في قوى الامن العقيد وسام الحسن حلقة اتصال، وان يزور دمشق اولاً حيث التقى بعيداً من الاضواء الرئيس السوري بشار الاسد واستمع منه الى "خريطة طريق" من شأن التزامها اعادة بعث الروح في العلاقة بين الطرفين ودفعها نحو الهدف المنشود.

وبناء عليه، وبناء على نصيحة سعودية بأن لا مصلحة لاحد ولاسيما للطرف اللبناني الذي يريد ان يؤمن لنفسه فرصة حكم طبيعية، في اخذ العلاقة الوليدة مع دمشق الى مجاهل التوتير ومتاهات الشحن واحتمالات التفجير، بادر الرئيس الحريري الى جملة اجراءات وخطوات غايتها إقناع فريقه، بالكف عن سلوك النهج السياسي والاعلامي الذي اعتاده تجاه القيادة السورية، وكان ابرزها اجتماعه الشهير مع "اركان فريقه الاعلامي" الفاعل والمؤثر والذي حضره بحسب المعلومات المتوافرة للجميع 11 اعلامياً بارزاً (رؤساء وحدات وكتاب ومسؤولو فترات...). وثمة من تعمد ترويج محضر متكامل لمضامين هذا الاجتماع، ومن بين اعضاء الفريق نفسه من حاول الاعتراض والاستفسار، فردّ الحريري مؤكداً ان لا مجال للاجتهاد والنقاش في الامر كله، فلا مجال اطلاقاً بعد الآن لأي انتقاد سوريا، بل هو قرار متخذ عنوانه ان زمن النيل من سوريا قد انطوى بلا رجعة وعلى الجميع التزام هذا التوجه".

ثم كان اجتماع آخر مماثل جمع بين الرئيس الحريري، ومندوبي قطاعات "تيار المستقبل" كافة، وكان المحور الاساسي في هذا الاجتماع طريقة التكيف مع مرحلة سياسية جديدة عنوانها العريض: سوريا ليست عدوة ولا مصلحة لنا في التعرض لها وفق السابق".

وبعد هذين التطورين اللافتين، كان للعقيد الحسن زيارة ثانية لدمشق حيث التقى مسؤولاً سورياً رفيعاً على صلة بملف العلاقات بين البلدين ونقل اليه خلاصة اجواء الرئيس الحريري واطلاعه على التوجهات الجديدة التي قرر السير بها خصوصاً لجهة ما يتصل بمستقبل العلاقة مع سوريا، والامر تم، بحسب المعلومات اياها من اقل من عشرة ايام وكانت نتيجته تطورات ايجابية وانطلاق الاستعدادات الجادة في كل من بيروت ودمشق، توطئة للاجتماع الثاني الاكثر رسمية بين الرئيس الحريري والوفد المرافق والقيادة السورية، وفي ضوء هذا التحسن الملموس والذي كانت احد مظاهره زيارة السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي للمرة الاولى للسرايا ولقاؤه الرئيس الحريري، بادر الحريري الى احاطة مجلس الوزراء علماً بأن موعد زيارته لدمشق سيكون مطلع نيسان الجاري، ثم عاد فتحدد الموعد مبدئياً في 13 من الشهر الحالي و14 منه، ثم افادت المعلومات أن رئيس الوزراء السوري العطري ابلغ الى بيروت أنه سيكون في هذين اليومين في رحلة عمل خارج سوريا وتالياً لن يكون مستعداً لاستقبال نظيره اللبناني. أمر التأجيل يبدو طبيعياً، لو ان المناخات والاجواء السياسية لم تكن ملتبسة ومتوترة، لذا بادر من هم على تماس مع الامر الى التكهن بأن دمشق تريد ايصال رسالة "استياء" الى الرئيس الحريري" في شكل أو آخر.

وبالطبع، فإن السؤال الذي يطرح نفسه ازاء هذا التطور غير الايجابي هو ما المستجد الطارىء الذي دفع بالامور الى دائرة "التوتير"؟

الاجابة المباشرة التي يعطيها اي مراقب لا يريد ان يحمل نفسه عبء المضي في رحلة تقص وبحث عنه جملة الاسباب الكامنة وراء عودة العلاقة الى دائرة التأزم، هي ان الحريري، لم يستوعب بعد دفتر شروط العلاقة الكاملة المواصفات مع دمشق، فوضع ضوابط صارمة امام فريقه الاعلامي، تمنعه من المضي قدماً في الحملة على سوريا، ولكنه، آثر في المقابل ان يترك حلفاءه الآخرين في فريق 14 آذار وبعض اركان تياره مستمرين بخط سيرهم القديم حيال سوريا وسلاح المقاومة.

وهذا امر لا يستقيم بطبيعة الحال، مع علاقة سوية تحمل صفة الديمومة، مع سوريا، وبمعنى آخر، يقول القريبون من دمشق، ان ثمة احساساً ظاهراً لدى القيادة السورية أن في بيروت من يحاول ان يتذاكى عليها، فيبني رهاناته على اساس انه ثمة فترة زمنية لا تتعدى الاشهر الاربعة ستكون بمثابة مرحلة انتقالية في المنطقة ككل لتبدأ بعدها معالم المرحلة المقبلة تتضح من خلال جلاء ملابسات.

- العلاقة الاميركية – الايرانية وهل تأخذ منحى التصادم عبر فرض عقوبات جديدة على ايران ام ينفتح باب التفاوض بين الطرفين؟

- احتمال انعكاس ذلك على الوضع في الجنوب او غزة من خلال تصعيد متدرج للأوضاع فيها.

- العودة الى ملف المحكمة الدولية واشهاره كسيف، وعليه فان عنوان "التذاكي" الذي تخشاه دمشق، وتجلياته تظهر واضحة من خلال عدم الجزم والحسم في كل ما هو مطلوب ومعروف لتصفية ذيول مرحلة الاعوام الخمسة الأخيرة، كالابقاء على اتفاقات تلك المرحلة وخطابها المعروف، وازدواجية اللغة حيال دمشق وسلاح المقاومة، حتى اذا انطوت المرحلة الانتقالية تلك تكون العدة جاهزة للسير بركاب المرحلة الجديدة.

وبناء عليه، فان دمشق ارادت في الايام الأخيرة ان تبعث الى يعنيهم الامر في بيروت وفي مقدمهم الرئيس الحريري برسالة فحواها أنها اولاً لا ترضى بدفتر شروط الآخرين القائم على الاستعداد لضبط جزء من حلفائه وجعله يتكيف مع التطور الجديد في العلاقة معها وترك الحبل على غاربه للجزء الآخر، فهذا الواقع عبارة عن "تقاسم ادوار" غير مرغوب فيه.

والى ان تسمع سوريا رد الآخرين على رسالتها الجديدة، سيبقى الوضع على ما هو وستبقى العيون شاخصة الى السعودية التي اعتادت ان ترسل الامير عبد العزيز بن عبدالله الذي بات المنسق والراعي.

=========================

الجوار العربي والتوازن الإقليمي

سميح صعب

النهار

4/10/2010

على رغم ان القمة العربية في مدينة سرت الليبية قد أرجأت النظر في اقتراح الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى "إقامة منطقة جوار عربي في رابطة اقليمية مع جامعة الدول العربية بدءاً من تركيا" ومن ثم الدخول في حوار مع ايران، فإن هذا الاقتراح أحدث حراكاً في بحيرة العالم العربي الراكدة. فللمرة الاولى تطرح رؤية للتوازن الاقليمي مع اسرائيل وتمثل نقضاَ لكل ما يروج في الدولة العبرية عن جبهة مشتركة مع العرب لمواجهة النفوذ الايراني.

ويشكل هذا الاقتراح في حال انتقاله الى حيز التنفيذ، خطوة اولى نحو إخراج العمل العربي في اطار جامعة الدول العربية من نطاق المراوحة التي يتخبط فيها منذ عقود الى فضاء اوسع بحكم التعاون مع دول مثل تركيا وايران، على ان يمتد ذلك لاحقاً الى دول افريقية ومن ثم الى جوار المتوسط وجنوب اوروبا.

ويوفر هذا الفضاء الجديد للعالم العربي متسعاً للتفاعل السياسي والاقتصادي في وقت تتشكل تكتلات اقتصادية عالمية كبرى، تنعكس في ما بعد وزناً سياسياً على الساحة الدولية. ولعل أقرب مثال على ذلك ما احدثته المواقف التركية الحاسمة حيال اسرائيل منذ الحرب الاسرائيلية على غزة، من تأثير على صورة اسرائيل، التي اعتادت ان ترى في تركيا حليفاً وثيقاً على صعيد التعاون العسكري والاقتصادي.

أما اليوم فإن الصورة تختلف تماماً، فتركيا التي وثقت علاقاتها مع سوريا ومع دول عربية أخرى، تقف في الجانب الاخر من المشهد السياسي في المنطقة. ويبدو ان اسرائيل على وشك ان تفقد التأييد التركي الذي اعتادت عليه طوال عقود. وتطرح أنقرة نفسها وسيطاً بين سوريا واسرائيل بعدما اضطلعت بمثل هذا الدور الى ان شنت اسرائيل حربها على غزة. ولا تزال الحكومة التركية تتطلع الى مثل هذا الدور، إلا ان مواقف رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان المنددة بالسياسة الاسرائيلية حيال الفلسطينيين تجعل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يرفض ان تضطلع انقرة بدور الوسيط على رغم موافقة واشنطن على هذا الامر.

ومع الابتعاد عن اسرائيل تقترب انقرة اكثر من العرب. وكان لانطلاق قناة تلفزيونية تركية تبث بالعربية مغزى كبير لسياسة الانفتاح التي تتبناها تركيا حيال العالم العربي. وبلغ الامر بأردوغان حد القول ان "لا معنى للعالم من دون العرب".

واذا كان هذا حال الوضع مع تركيا التي لا تشكل العلاقة معها حساسية بالنسبة الى معظم الدول العربية، فإن الحال مع ايران تختلف بعض الشيء في ظل تحفظات مصرية وسعودية عن قيام تعاون مع طهران بسبب ما تعتبره القاهرة والرياض تنامياً للنفوذ الايراني في المنطقة في العقد الاخير ولا سيما في العراق ولبنان وفلسطين. ولا تنظر مصر بعين الرضا الى الكثير من المواقف الايرانية الاقليمية وتتحفظ والسعودية حيال بروز ايران دولة اقليمية تتمتع بكل هذا النفوذ.

من هنا أتى اقتراح موسى البدء بحوار مع طهران "للنظر في المشاكل العالقة" بين ايران ودول عربية، علماً أن مواقف اكثر الدول العربية قلقاً من ايران لم تؤيد حتى الان اللجوء الى خيارات غير ديبلوماسية لمعالجة الملف النووي الايراني. كما ان اقتراح موسى لا يفترض ان ثمة تناقضاً جوهرياً في المصالح بين الدول العربية وايران، بخلاف ما هي الحال مع اسرائيل.

لذا امام الدول العربية فرصة الآن لتفعيل عملها مع تركيا وايران وافريقيا وصولاً الى تحقيق ذلك التوازن الاقليمي المفقود منذ زمن مع اسرائيل. ليس هذا فحسب وإنما الانتقال الى آفاق جديدة من التعاون السياسي والاقتصادي.

=========================

وهم الديمقراطية العراقية

بقلم :حسين العودات

البيان

4/10/2010

بررت إدارة الرئيس بوش غزوها للعراق بأنه يمتلك أسلحة الدمار الشامل، ولما فشلت في إثبات التهمة تحولت إلى القول إن هدفها هو نشر الديمقراطية في العراق وفي دول المنطقة، لأن الديمقراطية هي جوهر (نظام الشرق الأوسط الجديد) والسبيل الأكيد والسريع لتخليص شعوبه من واقعها المتخلف وأنظمتها الاستبدادية، وإنجاح عملية التنمية، وإحلال السلام في المنطقة.

 

وفرض معايير الدولة الحديثة في بلدانها وعلى رأسها معايير المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص والحرية والديمقراطية وتداول السلطة، وجعل الحياة في هذه المنطقة (سمناً على عسل).

 

وخدعت هذه السياسة الأميركية بشعاراتها بعضاً من الرأي العام ودوله، وبعضاً من النخب الثقافية والسياسية العربية، وشهدنا حينها نشوء تيار الليبراليين العرب الجدد واتساعه وزيادة مناصريه.

 

وقد دعم هذا التيار ما كان يجري في العراق على أمل نشر الديمقراطية وتعزيزها وتثبيت جذورها. وأعطت هذه المبررات للسياسيين الذين دخلوا العراق على الدبابات الأميركية حججاً يتكئون عليها لتبرير تعاونهم مع الغزاة، وقبول استباحة المحتل وطنهم، بل وتثمين هذه الاستباحة.

 

وشاركوا في مجلس الحكم الذي عينه (بريمر)، واستساغوا أن يعطي (بريمر) لنفسه حق التشريع في العراق (نيابة عن الشعب العراقي) مادام هذا يناسب مصالحهم، مثل حل الجيش والقوات المسلحة الأخرى، وإصدار ما يشبه (الدستور المؤقت) وسن القوانين، وترسيخ المحاصصة الطائفية، وتفتيت وحدة العراق ونهب ثرواته، وتفجير الخلافات بين مكوناته الاجتماعية (الإثنية والطائفية).

 

وزعم السياسيون العراقيون أن قبولهم بهذا كله هو من أجل الديمقراطية العراقية الوليدة التي ستكون نبراساً يهدي العراق ويضيء الطريق لدول الجوار ودول المنطقة (وكله في حبك يهون) وارتاحوا كما ارتاح الليبراليون العرب الجدد لهذه المقولة، وزعموا أن ضمائرهم مرتاحة.

 

جرت الانتخابات الأولى في العراق عام (2005) واعتقد الجميع أن الديمقراطية رسخت أقدامها هناك أو هكذا قالوا، ثم جرت انتخابات العام الجاري، وإذا بها تكشف العلل والخطل والخلل في ما يجري.

 

وتؤكد أن شعارات الديمقراطية العراقية هي شعارات مشكوك في جدية من يطرحها، فبدلاً من أن يعمل السياسيون العراقيون على ترسيخ هذه الديمقراطية من خلال صناديق الاقتراع، ويقبلوا النتائج مهما كانت، ويتحملوا مسؤولياتهم تجاه مستقبل بلدهم.

 

ويجاهدوا لإقامة شراكة وطنية، ويتذكروا الشعارات التي ثقبوا بها آذاننا حول الديمقراطية، ويعيدوا لحمة النسيج الاجتماعي العراقي التي كادت تتمزق بسبب سياساتهم، ويحفظوا ثروة بلادهم التي أهدرت أو سرقت، ويتوجهوا لإعادة البنية التحتية التي تحتاج لعشرات السنين حتى تعود، ويحققوا لشعبهم الأمن والأمان والحد الأدنى من العيش الكريم.

 

ويتعاونوا جميعاً لمواجهة هذا الذي يجري في العراق والذي كانوا هم والأميركيون مسببين له، ويشكلوا حكومة وحدة وطنية أو على الأقل يحترموا الدستور الذي وضعوه، بدلاً من هذا، بدأ التراشق بينهم، وحمي الوطيس.

 

وتنامى الصراع على السلطة، ونسوا الديمقراطية والمساواة وتداول السلطة وغيرها من الشعارات، وأخذوا يتراكضون وراء اقتناص الامتيازات ويتزاحمون عليها، وأخذ كل منهم (يذبُّ عن سفيهه) كما خاطب زياد بن أبيه ساسة العراق ومتنفذيه قبل ثلاثة عشر قرناً.

 

تيار سياسي عراقي يصرح بأن العملية الانتخابية سارت على خير ما يرام، وأن الاختراقات  إن حصلت  لا تؤثر في نتائج العملية الانتخابية، وكانت قائمته حينها متقدمة على غيرها، وما إن تراجعت القائمة إلى الدرجة الثانية، حتى انقلب على نفسه، وتناسى تصريحاته و(خطبه ونصائحه) وشكك بالعملية الانتخابية وبالمفوضية المستقلة وأقام الدعاوى.

 

وطالب بالفرز اليدوي، بدلاً من (الإلكتروني) ولتسقط (المعلوماتية والبرمجة والحواسيب والتحديث) وأُطلقتْ يد اللجنة المسماة (العدالة والمساءلة) لإقصاء أكثر من 500 شخصية عراقية ومنعها من دخول الانتخابات، بأسلوب غير ديمقراطي لا مثيل له في أي ديمقراطية في العالم، (ولعل لجنة العدالة والمساءلة نفسها هي الأحق بالإقصاء.

 

وقد تذكرت بعد سبع سنوات من سقوط النظام السابق بوجود أنصار متخفين له)، ثم بعد ظهور النتائج أضافت ستة شخصيات أخرى انتخبها الشعب، لأن من شأن إقصائها أن تتراجع القائمة الفائزة الأولى كي يتصدر غيرها. والمضحك (وربما المبكي) أكثر من هذا كله أنه تم اكتشاف أن والدة أحد المرشحين لتشكيل الحكومة لبنانية الجنسية ولم تحصل على الجنسية العراقية.

 

ولذلك لا يحق له أن يشكلها (وكأن اللبنانيين من شعوب واق الواق أو من سلالة أبناء صهيون)، وغير ذلك من الاختراعات والممارسات والطرائف والحجج التي تهدف لرفض تداول السلطة، والانفراد بها، والحفاظ على الامتيازات (بحكم شمولي سمّوه ديمقراطياً!..). ولتذهب الديمقراطية وشعاراتها إلى الجحيم.

 

لسنا بمعرض الدفاع عن أحد، فمعظمهم عاد إلى العراق على ظهر الدبابات الأميركية، وتولوا مناصب سياسية برغبة الاحتلال وفي ظل قواته، ولكن المرء يأسف لمواقف سياسيين برّروا احتضانهم للمحتل باسم الديمقراطية، وعند أول تجربة ألقوا بها في سلة المهملات، وكانوا قد قالوا في الحكم السابق وشموليته وديكتاتوريته ما قاله (مالك في الخمر).

 

وعندما تغيرت الظروف بدؤوا يمارسون ما كان يمارسه وأسوأ، مع فارق تجاهل القضايا الوطنية والاجتماعية والتنمية والإمعان في الاستمرار في تدمير العراق وتفتيته والتضحية بأمن مواطنيه وعيشهم الكريم، واعتبار السلطة والتسابق إليها والاحتفاظ بها هدف الأهداف وغاية الغايات.

كاتب سوري

=========================

التغييرات في السياسة الأميركية

بقلم :جيسي جاكسون

البيان

4/10/2010

 قبل حوالي سنة، أعلن باراك أوباما عن تغييرات في السياسة الخارجية الأميركية، واليوم نلاحظ أن جميع تلك «التغييرات» قد تغيرت، أوهي على وشك أن تتغير قريباً.

 

لننظر مثلاً إلى مقاربة أوباما للحرب على الإرهاب، والتي مازالت متواصلة منذ ثماني سنوات. لقد توقفت الخطط التي وضعت قبل أكثر من عام لإغلاق معسكر الاعتقال في خليج غوانتانامو بحلول 2010. وبرغم كل التصريحات العلنية الرنانة عن محاكمة خالد شيخ محمد، مهندس هجمات 11 سبتمبر، في محكمة مدنية في نيويورك، فإن مثل هذا التعهد السخيف على الأغلب لن يتحقق.

 

وكل الكلام عن محاكمة محققين سابقين في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) بتهمة القسوة في معاملة الإرهابيين المشتبه بهم لم يتمخض عنه شيء في النهاية..

 

ويبدو أن إدارة أوباما قد تبنت إستراتيجية بوش  بترايوس في العراق، والتي وجهت لها انتقادات على نطاقات واسعة، والتي تهدف إلى الانسحاب وفق المعطيات العراقية.

 

وبعد شهور من الانتظار، أقرّ أوباما أخيراً إرسال المزيد من الجنود إلى أفغانستان، متبنياً إستراتيجية مشابهة جداً لإستراتيجية التصعيد، التي انتهجها بوش في العراق في 2007.

 

والحقيقة ان جميع بروتوكولات بوش لمكافحة الإرهاب والتي كانت منتقدة على نطاق واسع، لا تزال كما هي، و الرئيس أوباما على الأرجح سيوقف خطبه المتتابعة لمد يد التواصل إلى العالم الإسلامي وترتيله المتكرر لقائمة الخطايا الأميركية.

 

ولقد افترض أوباما أن بوسعنا أن نقترض تريليون دولار من الصينيين الشيوعيين، ثم نعود ونلقي على مسامعهم دروسا ومحاضرات بشأن التيبت وحقوق الإنسان والتجارة الدولي وتثبيت سعر العملة. والآن يقول الصينيون إن علاقاتهم مع أميركا تعاني من «مشكلات خطيرة»، بينما هم يحاولون الإطاحة بعرش الدولار باعتباره العملة العالمية.

 

ولا أعتقد أننا سنتوصل إلى أي اتفاق كبير آخر مع الروس أيضاً، على غرار الاتفاق الذي قامت الولايات المتحدة بموجبه بسحب اتفاقيات الدفاع المضادة للصواريخ من بولندا وجمهورية التشيك على أمل إيقاف البرنامج النووي الإيراني.

 

إذن، لماذا يتم «تغيير» «التغييرات» التي جلبها أوباما إلى السياسية الخارجية؟

 

أولاً، إن أوباما حشر نفسه في الزاوية على عدة مستويات، بسبب معارضته لكل ما رمزت إليه إدارة بوش تقريباً. لكن معظم مشاكل أميركا تعود إلى ما قبل عهد بوش، الذي توجه، خاصة في فترته الرئاسية الثانية، إلى تبني سياسات وسطية. الأعداء القدماء كانوا أعداء لسبب، وذلك السبب لا علاقة له بشخص بوش.

 

ثانياً، إن خطب أوباما الأفلاطونية خلقت توقعات مستحيلة التحقيق بإيجاد نوع من الأخوية الدولية الجديدة. ولذلك كانت خيبة الأمل أكبر عندما تصرفت الدول على سجيتها، التي تقتضي الاهتمام بمصالحها الخاصة، بدلاً من التصرف كمجموعات مثالية، بحسب تصورات رؤى أوباما الأفلاطونية.

 

ثالثاً، ظهور أوباما المتواصل على شاشات التلفزة لإلقاء خطبه الواعظة أوجد نوعاً من السأم في أوساط الجماهير. فمعظم الدول، على ما يبدو، لا تخشى من وعيده ولم تعد تتأثر بخطبه الرنانة.

 

رابعاً، العجز الهائل في الميزانية السنوية والذي قارب 2 تريليون دولار يثبط القوة المعنوية والمادية للولايات المتحدة، التي أصبحت مدينة حتى للدول التافهة البغيضة.

 

ومن حسن حظ البلد، أن الأمر لم يستغرق من أوباما ثلاث سنوات حتى يغير مساره، بخلاف جيمي كارتر، الذي أدى سكونه وتراخيه إلى سلسلة من الكوارث في السياسة الخارجية في 1979، مثل الغزو السوفييتي لأفغانستان واقتحام السفارة الأميركية.

 

وبقيام أوباما ذي التوجهات المثالية بتصحيح مساره طوعياً وتلقائياً  أو نتيجة للصد الذي لاقاه من العالم الخارجي  في كل مبادراته تقريباً، فهو يذكّر العالم بأن نزعات معاداة أميركا في الخارج مردّها ليس إلى ما تقوم به الولايات المتحدة، بقدر ما هي إلى العدائية المسبقة لقيم الحرية، السوق الحرة، والحقوق الفريدة التي تمثلها الولايات المتحدة.

=========================

أمن العرب في "عهدة" إيران وتركيا

آخر تحديث:السبت ,10/04/2010

عصام نعمان

الخليج

لا أمن جماعياً لدى العرب . معاهدة الدفاع المشترك بين الدول العربية الموقَعَة في مطلع خمسينيات القرن الماضي هي مجرد حبر على ورق . فقد شُنّت على العرب، فرادى ومجتمعين، مباشرةً أو مداورةً، من طرف “إسرائيل” والولايات المتحدة ودول أطلسية متحالفة منذ توقيعها نحو ثماني حروب عدا مئات الاعتداءات المحدودة في المكان والزمان والفعالية، فلم يتصدَ لها العرب مجتمعين . وليس ثمة ما يشير، رغم كل ما يواجههم ويحيط بهم من تحديات، أنهم في صدد تفعيل تلك المعاهدة أو التفكير في آلية جديدة، جماعية أو ثنائية، لضمان أمنهم المهدد .

 

خلافاً للعرب، يشعر جيرانهم، الإيرانيون والأتراك على وجه الخصوص، بأن ثمة تحديات ومخاطر شتى تواجههم، قومياً وإقليمياً، ما يستوجب اعتماد سياسات واستراتجيات لا تكفل التصدي لها ضمن كيانهم القومي فحسب بل على مستوى المنطقة أيضاً . بعبارة أخرى، تشعر تركيا وإيران بأن أمن كل منهما يتصل بأمن العرب بل يتوقف عليه .

 

ها هو رجب طيب أردوغان يصرح لصحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، عشية زيارته لباريس، بأن بلاده “لن تقف مكتوفة اليدين اذا حاولت “إسرائيل” إشعال النار مجدداً في قطاع غزة”، محذراً من أن “غيوماً سوداً تحوم فوق القدس، درة حضارتنا” . وكان أردوغان قد مهّد لهذا الموقف اللافت بخطاب أمام رجال أعمال أتراك أعلن فيه أن العناصر التي تقرر مصير إسطنبول هي نفسها التي تقرر مصير غزة . وفي افتتاح القناة التركية الفضائية الناطقة بالعربية، دعا أردوغان العالم بأسره إلى التعاطف مع سكان غزة بالطريقة التي تعاطف فيها مع ضحايا هايتي وتشيلي بعد الهزات الأرضية .

 

أكثر من ذلك، قال أردوغان في حوار لمناسبة افتتاح الفضائية التركية “إن العرب والأتراك مثل أصابع اليد، ومثل الظفر ولحمه ( . . .) ماضينا واحد ومستقبلنا واحد” . ثم حرص، قبل اجتماعه إلى الرئيس نيكولا ساركوزي، على وصف “إسرائيل” بأنها “الخطر الرئيسي على السلام في المنطقة” .

 

تصريحات أردوغان اثارت “إسرائيل” . لعل أكثر ما أثارها قوله إن بلاده لن تقف مكتوفة اليدين إذا حاولت مهاجمة غزة مجدداً، وفهمتها بأنها تهديد مباشر لها . أفيغدور ليبرمان رد بتصريح في صحيفة “يديعوت أحرونوت” بأن رئيس الوزراء التركي “يتحول بالتدريج إلى قذافي أو تشافيز ( . . .) مشكلتنا ليست تركيا، وإنما أردوغان” .

 

في هذا السياق أوعز ليبرمان إلى مسؤولي وزارة خارجيته بأن يصدروا بياناً رسمياً ليضيف فيه أن “أردوغان يريد أن يتم انخراط تركيا في العالم الإسلامي على ظهر “إسرائيل””، وأنه تجاوز الحدود في إشارته إلى أن غيوماً سوداً تحوم فوق القدس .

 

إيران تربط، كما تركيا بل قبلها، بين أمنها القومي وأمن العرب . فقد قطعت صلتها ب”إسرائيل” غداة ثورتها الاسلامية العام ،1979 واحتضنت المقاومة الفلسطينية منذ ذلك التاريخ بل هي اعتبرت، بلسان العديد من مسؤوليها، ولاسيما الرئيس محمود أحمدي نجاد، أن النظام الصهيوني مهدد بزوالٍ غير بعيد .

 

أنقرة تشاطر طهران، على ما يبدو، نظرتها الاستراتيجية إلى وجوب تكامل الأمن الإقليمي لدول المنطقة . هذه النظرة تبدّت في موقف تركيا من الصراع الدائر بين إيران والولايات المتحدة وسائر دول الغرب الاطلسي . ففي أكثر من مناسبة، دافع أردوغان عن حق إيران في امتلاك الطاقة النووية . آخر مواقفه في هذا المجال تشديده في تصريحه لصحيفة “لوفيغارو” الفرنسية على بأن البرنامج النووي الإيراني هو لأغراض سلمية، وأن وكالة الطاقة الذرية الدولية لم تفلح في إثبات ان لدى إيران سلاحاً نووياً، وأنه “في كل حوار أجريه مع صديقي القريب الرئيس أحمدي نجاد يشدد كل منا على الحاجة إلى عدم إدخال سلاح نووي إلى المنطقة “ .

 

يتأسس على نظرة تركيا وإيران إلى أمنهما وأمن المنطقة، بل إلى استراتيجيتها المتقاربة في هذا المجال، أن أمن العرب، شاؤوا ام أبوا، أصبح في “عهدة” تركيا وإيران . ذلك أن كليهما، لن تتوقفا لاستشارتهم باستثناء دمشق المتحالفة مع طهران، وبالتالي الرد، بشكلٍ أو بآخر، إذا ما حاولت الولايات المتحدة أو “إسرائيل” التصرف سياسياً وعسكرياً على نحوٍ يسيء إلى أمنهما القومي أو إلى أمن المنطقة بما هو، في مفهومهما، أمن متكامل .

 

إلى ذلك، لا تستطيع غالبية الدول العربية غير المتحالفة أو غير المتفاهمة مع إيران وتركيا أن تعترض على سياساتهما (أو تصرفاتهما العسكرية) في المنطقة لكونها، أي السياسات ، غير مناقضة، إن لم تكن متكاملة، مع أمن دول المنطقة الإسلامية، فضلاً عن كونها داعمة، بقليل أو كثير، لأمن سوريا ولكفاح قوى المقاومة الفلسطينية واللبنانية ضد “إسرائيل” . وهل يجوز أصلاً أن تعترض مطلق دولة عربية على سياسة إيران أو تركيا المناهضة ل”إسرائيل” عندما لا تتوانى هذه الدولة العربية، عن عدم الاعتراض على سياسة الولايات المتحدة بل تحرص أحياناً على دعم سياستها علانيةً ما يؤدي إلى خدمة “إسرائيل”؟

 

من المؤسف أن قصور الوعي القومي، وضمور الفهم الاستراتيجي، وغلبة نهج حماية المصالح الذاتية الضيقة، والتذرع بالضعف والعجز لدى مسؤولي بعض الدول العربية قد أدى إلى هذا الشلل العربي المريع . فهل يلام الأتراك والإيرانيون إذا ما هم بادروا إلى التحرك من أجل حماية خاصرتيهما العربيتين من شر “إسرائيل” وذلك بملء الفراغ السياسي والأمني الناجم عن سبات العرب أو قصورهم؟

آن أوان الإدراك بأن الأمن المستعار لا يحمي الأوطان ولا الحقوق ولا المصالح، وأن زمان السبات قد طال وأن ساعة الاستيقاظ قد دقت، وألا حاضر ولا مستقبل للنائمين أو المتسكعين على حواشي التاريخ .

=========================

السودان بين مشكلات الداخل وضغوط الخارج

آخر تحديث:السبت ,10/04/2010

عدنان السيد

الخليج

لن تؤجل الانتخابات العامة في السودان، ولو ليوم واحد . هذا ما أكده الرئيس عمر البشير، الواثق من الفوز في انتخابات رئاسية تجري منذ 24 سنة .

 

انتخابات السودان مهمة لأنها شاملة، فهي رئاسية وبرلمانية . وهي تأتي بعد أحداث دارفور، وقبل سنة من الاستفتاء العام في ولايات الجنوب على مصيرها تحت عنوان “حق تقرير المصير” .

 

وهي انتخابات وطنية لأن معظم القوى والأحزاب السياسية ستشارك فيها، بما في ذلك حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي، حتى ولو شارك جزئياً، إنه يريد اثبات قدرته الشعبية، وتأكيد دوره في الحياة السياسية .

 

إن هذا التوصيف العام للانتخابات لا يسقط من الاعتبار وجود اشكاليات داخلية، وضغوط خارجية - إقليمية ودولية - متصاعدة في بلد بات محط أنظار المصالح الدولية . فما هي أبرز الاشكاليات والضغوط؟

 

في السودان تمرد واسع في غير منطقة، ولم يستطع اتفاق الدوحة الأخير بين “حركة العدل والمساواة” وبين حكومة الخرطوم إنهاء التمرد . والاتهامات المتبادلة بخرق الاتفاق متداولة وصريحة، فيما يصعب إجراء الانتخابات العامة في ولاية دارفور، على أن يجري تأجيلها إلى سنتين ريثما تسمح الظروف الأمنية والسياسية . في هذه الحال تمثل دارفور بأشخاص يتفق عليهم في السلطة الاقليمية، وفي السلطة المركزية .

 

وفي الولايات الجنوبية، تنشط الحركة الشعبية لإثبات قوتها الشعبية بعدما انقسمت على نفسها مرات عدة . وما بين المشاركة في الانتخابات الرئاسية بمرشح عنها، ثم الانسحاب من المعركة الانتخابية، تدخل ولايات الجنوب في مرحلة تصدعات مجتمعية وسياسية ملحوظة . ويبقى السؤال مطروحاً حول مصير الجنوب في الاستفتاء المقبل؟

 

إن مجرد التفكير في هذا الاستفتاء يثير نزاعات داخلية على طبيعته، واحقية المشاركين فيه، فضلاً عن المسؤولية الأمنية، ناهيك عن المسؤوليات الإقليمية والوطنية والدولية . والمشهد الأخطر يكمن في الانفصال بحجة حق تقرير المصير، فيما ستشهد ولايات الجنوب تفككاً إضافياً من شأنه “صوملة” السودان وتهديد الأمن في القرن الافريقي .

 

إن سيادة الطابع القبلي - على الطريقة الصومالية - من شأنها اسقاط فكرة الدولة، مهما كانت سلطاتها ونظامها السياسي، ودفع السودان نحو المجهول وسط ضعف عربي عام، وعدم قدرة الاتحاد الافريقي على التدخل والحسم .

 

ولأن مخاطر التصدع الداخلي مطروحة في غير ولاية لاعتبارات قبلية، ونتيجة الفقر وانتشار اللجوء، فمن المتوقع والحال هذه أن تشهد ولايات الشرق كما دارفور حركات متمردة تنادي بالانفصال تحت لافتات واهية من اللامركزية والتنمية المستقلة وحقوق الإنسان . بالطبع إن هذه المخاطر تراكمت بفعل الفشل في ضبط الأوضاع العامة في البلاد منذ عقود، وسيطرة الفئوية السياسية على الانتماء الوطني . فالحزبية الضيقة هي الأساس في التقويم الاجتماعي والسياسي، وكيف إذا كانت مستندة إلى القبلية؟

 

المبعوث الأمريكي سكوت غرايشن يجول في السودان، مقترحاً الانخراط في العملية الانتخابية، وارجاءها في دارفور الى سنتين . ويعتبر الانتخابات خطوة مهمة وأساسية في الحياة السياسية من دون أن يحدد موقفاً من مستقبل ولايات الجنوب في السنة المقبلة . ولا نعرف ما إذا كان هذا الموقف تكتيكياً أم استراتيجياً بعدما شهد السوادن ضغوطاً خارجية، بعضها تحت عنوان المنظمات والمؤسسات الدولية، وصلت حد المطالبة بمحاكمة الرئيس السوداني أمام المحكمة الجنائية الدولية ربطاً بمسؤوليته عن أحداث دارفور؟

 

هذا بعض ما يعترض السودان من داخله، وما يتعرض له من الخارج، والنتيجة هي تهديد وحدة السودان وأمنه بصورة جادة، إلا إذا تخلت القوى السياسية السودانية عن فئويتها، وآثرت المصلحة الوطنية العليا بعيداً من المغانم والاستئثار بالسلطة . وعبثاً نبحث عن الأسباب الداخلية بمعزل من العوامل الخارجية، فالاتصال بين الداخل والخارج سنة حياة الدولة، وكيف إذا كان القرن الافريقي يعيش مرحلة خطيرة ويغدو استقراره مطلباً صعب المنال؟

* وزير لبناني

=========================

هل التعايش مع إيران نووية وارد؟

الجمعة, 09 أبريل 2010

راغدة درغام – نيويورك

الحياة

ازدياد الكلام العلني في المحافل الفكرية الدولية وفي المقالات الصحافية عن الحاجة الى التأقلم والتعايش والتهيؤ لإيران نووية لا يعكس بالضرورة قرارات رسمية للدول لكنه يشير الى نمو الفكرة أو إنمائها في الأذهان إما ترقباً لها أو تمهيداً للقبول بها رسمياً وشعبياً. في المقابل، وفي العواصم كما في مقر الأمم المتحدة، تزداد التوقعات ببدء التفاوض الجدي بين الدول الست على مشروع قرار تعزيز العقوبات على طهران وذلك إذا وافقت الصين مبدئياً على الانخراط في هذه المفاوضات التي سبق ورفضتها. إنما فحوى ما يُرجّح ان تتفق عليه الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا لن يقضي على برامج إيران النووية ولن يقوّض طموحاتها الإقليمية. ذلك لأن الصين وروسيا لن تسمحا بقرار بأنياب ولأن الولايات المتحدة لا تبدو في صدد المواجهات أو حاضرة لإعادة طرح الخيار العسكري على الطاولة بأية جدية. وبالتالي ما يدور وراء الكواليس في عواصم عدة هو حديث مستقبل «التكتلات» الإقليمية، والهياكل الأمنية الجديدة، ومَن يقدم الضمانات وتحت أية مظلة أمنية تأتي الانتماءات الناتجة من الخلل الذي سيحدثه اقتناء إيران السلاح النووي، أو أقله قدرات التسلح النووي.

هذه الأحاديث وراء الأبواب المغلقة في حفنة من المحافل العلنية لم تشق طريقها الى الساحة العربية بصورة معمقة بعد، إنما واقع الأمر هو أن على القيادات السياسية والعسكرية العربية أن تتعمق بجدية في سيناريوات خريطة المنطقة في حال التوافق الدولي الصامت على إيران نووية. كذلك على الرأي العام الأميركي والأوروبي أن يدقق في ما يصنفه البعض «مخاطر» والبعض الآخر «فوائد» اقتناء إيران القنبلة النووية، وذلك ليكون حقاً واعياً لقرارات استراتيجية ضرورية تترتب على تطور كهذا. فلم يعد كافياً الاختباء وراء الإصبع ولم يعد مقنعاً التظاهر باستيعاب معنى رضوخ الأسرة الدولية لإملاءات الجمهورية الإسلامية الإيرانية النووية. العقيدة الأميركية النووية الجديدة مشجعة جداً لاسيما لجهة التفاهمات الأميركية – الروسية، والتعهد بعدم تطوير رؤوس نووية جديدة، وعدم استخدام السلاح النووي للرد على تهديدات غير نووية وتوجيه رسائل الى إيران وكوريا الشمالية، لكنها لا تحل مكان السؤال الضروري الذي على الإدارة الأميركية الرد عليه بشفافية وصدق وهو: هل التعايش مع إيران نووية وارد؟ وماذا يتطلب ذلك من إعادة صوغ علاقات أمنية إقليمية؟ والسؤال الأكثر إلحاحاً يجب أن تطرحه المنطقة العربية لتعرف ماذا أمامها اليوم من فرص للمساهمة في صوغ مستقبلها في ضوء قبول العالم بإيران نووية؟

بادئ الأمر، أن أكبر خاسر لامتلاك إيران القنبلة النووية قد يكون الشعوب العربية، والسبب هو أن القيادات العربية ستكرس، أو ستقول لشعوبها انها تكرس الموازنات والأموال لامتلاك قدرات نووية كي لا يقع العرب خارج موازين القوى الإقليمية. فامتلاك إيران وإسرائيل معاً السلاح النووي سيؤدي الى سباق تسلح نووي – أو التظاهر به – يتم على حساب ما تحتاجه المنطقة العربية من استثمارات في محو الأمية وفي التنمية الاقتصادية والإنسانية وفي التعليم العالي وبناء المؤسسات والبنى التحتية للتطور.

الخاسر الثاني هو المعارضة الإيرانية التي تدرك تماماً أن اقتناء النظام في طهران السلاح النووي يشكل ضمانة للنظام ضد أية محاولات خارجية للإطاحة به، كما إن الموافقة الدولية الضمنية على امتلاك الجمهورية الإسلامية الإيرانية هذه القدرات تعني التخلي التام عن أية معارضة إيرانية إن كانت شعبية أو تجميلية أو جذرية أو تصحيحية للنظام الحاكم. هذا يعني أن امتلاك طهران السلاح النووي يعني فرض رضوخ الشعب الإيراني للنظام الحاكم الى أجل غير مسمى.

الخاسر الثالث هو الدول العربية الصغيرة التي تشعر بالهشاشة مثل البحرين والكويت ولبنان، وكذلك فلسطين. فالقدرات النووية الإيرانية المقبولة دولياً ستقوّي الملالي في طهران وتزيد من غطرسة القائمين على تنفيذ طموحات الهيمنة الإقليمية بأية وسيلة وبأي ثمن كان. وهذا بدوره سيجعل من فلسطين أداة إيرانية ومن لبنان قاعدة إيرانية ومن أمثال البحرين والكويت ساحة مباحة لإملاءات إيرانية.

قد تكون الدول العربية الكبيرة محمية أكثر أو أقل، إلا أن «هشاشتها» مختلفة. ففي العراق مثلاً لن تتطاول إيران النووية كثيراً هناك لأن القوات الأميركية باقية في العراق ولن تغادره في الوقت الحاضر. أما مصر، فهي خاسر كبير من جراء أية موافقة دولية ضمنية على إيران نووية، لأن مصر لا تملك الأموال اللازمة لتطوير أو شراء السلاح النووي. كما أن وزن مصر الإقليمي سيؤول الى شبه اضمحلال أمام الموازين الإقليمية الجديدة التي ستفرضها إيران النووية.

الخاسر الرابع هو إسرائيل التي لن تعود تستفرد بالسلاح النووي بعد حصول إيران عليه وبعد أن يبدأ سباق التسلح النووي للدول العربية المتمكنة مادياً وفي مقدمها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات. إسرائيل خاسرة لأنها أوقعت نفسها في عزلة دولية بسبب تعنتها ووضوح رفضها لحل الدولتين ولشروط إقامة السلام مع 22 دولة عربية و58 دولة إسلامية، ولأن الخيار العسكري ضد إيران ليس متاحاً أمام إسرائيل بقرار دولي صارم، وليس ممكناً لإسرائيل لأسباب عسكرية عملية. وعليه، فإسرائيل مطوّقة اليوم ومكبلة الأيدي نحو إيران التي يعتقد معظم العالم ان برنامجها النووي ليس سلمياً. وإسرائيل ستزداد تطويقاً بعدما تمتلك إيران السلاح النووي وتسعى دول عربية أخرى لشرائه عن أكثر من «رف» متاح لها.

هذا لا يعني أن إيران ستجرؤ على استخدام سلاحها النووي ضد إسرائيل تحت أي ظرف كان، إذا أن معنى ذلك استدعاء الرد نووياً وإنزال الهلاك والدمار التام بالاثنين، ولا يعني أن إسرائيل ستقصف إيران نووياً. فعلى رغم ما يقال عن الخطر «الوجودي» الذي يشكل اقتناء إيران السلاح النووي على إسرائيل، فواقع الأمر أن العلاقة التاريخية بين البلدين والشعبين هي علاقة تهادنية ولم يحدث أبداً أن وصلت الى درجة المواجهة.

الأرجح أن تزداد المبالغات اللغوية، إنما لن تلجأ طهران الى الدفاع عن «كواكبها» في المنطقة العربية باستخدام سلاحها النووي ضد إسرائيل. فهي لم تلجأ إلى المشاركة الفعلية في حروب شجعت عليها، بل تركت حلفاء لها بمفردهم في الساحة مع إسرائيل كما فعلت في حرب تموز (يوليو) في لبنان بين «حزب الله» وإسرائيل، وكما فعلت عندما تركت «حماس» بمفردها تحت نيران إسرائيل في حرب غزة.

فما تريده طهران من السلاح النووي هو من أجل الجمهورية الإسلامية الإيرانية فقط وليس لتحرير فلسطين أبداً. انه من أجل بقاء النظام في السلطة والحصول على ضمانات لبقائه وليس لاستخدام هذا السلاح ضد الولايات المتحدة الأميركية في عقر دارها أو ضد قواتها في المنطقة. أهداف السلاح النووي الإيراني متعددة إنما معظمها يدخل في خانة الاستقواء على الجيران وعلى الداخل الإيراني ويصب في إملاء أجندة نفطية إقليمية ودولية.

كل هذه الأسباب يجب أن توقظ القيادات العربية الى ما يجب عليها التفكير فيه من استراتيجية ومن تكتيك لتكون في وضع يحصنها من افرازات ومفاجآت التطورات النووية الإيرانية. وهذا يعني أكثر من مجرد الهرولة الى التوسل للانتماء الى مظلة أمنية أميركية تكاليفها باهظة بكل المعايير.

العلاقة الاستراتيجية والأمنية مع الولايات المتحدة تبقى الأساس بالنسبة الى أكثرية دول المنطقة العربية، لاسيما الخليجية، وهذا قرار سيادي وإيجابي لعدة أسباب، أبرزها أن الولايات المتحدة هي الدولة العظمى الوحيدة في عالم اليوم والعلاقات معها تاريخية. إنما وبسبب السياسات الأميركية التي تفرضها عليها العلاقة العضوية مع إسرائيل، هناك تململ بل ودعوات الى التحول بعيداً عن العلاقات العربية التقليدية مع الولايات المتحدة ضاعفتها الحرب الأميركية في العراق، والتي بدورها أهدت إيران التفوق في منطقة الشرق الأوسط وأهدت إسرائيل سحب العراق من المعادلة الاستراتيجية في المنطقة.

زمن اليوم هو زمن الصداقات المتعددة والمصالح المتفرعة من علاقات وثيقة مع دول متنافسة مع بعضها بعضاً، عكس ما كانت عليه الأمور أثناء الحرب الباردة. لذلك، من الضروري للدول العربية توظيف علاقاتها المتميزة مع أمثال الصين وروسيا لأكثر من الأهداف التجارية الثنائية. فهاتان الدولتان مهمتان جداً في موازين العلاقات الدولية مع كل من إيران وإسرائيل وكذلك مع تركيا. ومن المفيد للعرب أولاً توطيد العلاقات على أسس إبراز المصلحة المشتركة القابلة للانكسار في حال عدم التفات الصين مثلاً الى الأولويات العربية الاستراتيجية.

كذلك، ومع تعزيز العلاقات مع الصين وروسيا في مجالات أمنية وليس فقط في الميادين النفطية والتجارية، تتخذ العلاقة العربية مع الولايات المتحدة بعداً مختلفاً غير ذلك القائم على الاتكال على الضمانة الأمنية والانتماء القاطع الى إملاءات المظلة الأمنية. فالتموضع في الهيكلية الأمنية الإقليمية الجديدة في هذه المرحلة بالذات بالغ الضرورة، وربما قد يؤدي بالدول الفاعلة كالدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الى إعادة النظر في سياسات تشجيع إيران على الاعتقاد بأنها ستحصل على مباركة هذه الدول لتحولها الى دولة نووية، لأنه لا يوجد خيار عسكري أمام هذه الدول، وبالتالي فإن التعنت والتحدي سيثمران بدلاً من أن ينالا من الطموحات الإيرانية.

علاقة الصين مع المملكة العربية السعودية متطورة ومتشابكة نفطياً وتجارياً وحتى في ميدان شراء الصواريخ وتنويع الأسلحة. ربع النفط الذي تستورده الصين هو نفط سعودي. وهذه العلاقة المهمة لها بالطبع تأثير في مواقف الصين في مسألة تعزيز العقوبات على إيران، بدلاً من تشجيع إيران على التعنت والتسويف والمماطلة الى حين فرضها امتلاك السلاح النووي كأمر واقع.

المستفيدون من إيران نووية هم تجار السلاح النووي الذين يريدون التسابق على التسلح النووي في منطقة الشرق الأوسط لكسب الأموال الباهظة، ولتحويل الأموال العربية بعيداً من التنمية الإنسانية التي تخيف بعض الدول إذ أن الكفاءات العربية غزيرة. هؤلاء المستفيدون ليسوا من قارة واحدة وإنما هم من جنس واحد في حكومات وقطاعات وصناعات عسكرية، هدفهم المشترك هو تقنين أموال النفط والسلاح في خزائنهم والتدجين الدائم للمنطقة العربية.

=========================

انتصارات أوباما وإخفاقاته

الجمعة, 09 أبريل 2010

باتريك سيل *

الحياة

حقّق الرئيس الأميركي باراك أوباما نجاحات بارزة في الولايات المتحدة على صعيد إصلاح نظام الرعاية الصحية وفي الخارج على صعيد معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية التي ستقلّص حجم ترسانة الولايات المتحدة وروسيا بنسبة 30 في المئة. ويشكّل ذلك خطوة صغيرة لكن مهمّة نحو تحقيق رؤيته بالتوصّل إلى عالم خالٍ من الرؤوس النووية.

ولا شكّ في أن نزع السلاح النووي والأمن النووي هما الهدفان الكبيران اللذان يضعهما أوباما نصب عينيه على صعيد سياسته الخارجية في المرحلة المقبلة.

فهو سيستضيف في واشنطن في 12 و13 نيسان (أبريل) أكثر من أربعين زعيماً من جميع أنحاء العالم، بمن فيهم الرئيس الصيني هو جينتاو والرئيس الروسي ديمتري مدفيديف، حيث ستُعقد قمة حول الأمن النووي، يليها مؤتمر في نيويورك في شهر أيار (مايو) لمراجعة معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

وستكون إيران بالطبع محط تركيز المجتمعين في كلّ من واشنطن ونيويورك. لقد وقّعت على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، لكن يبدو أنها تتجاهل هذا الموضوع عبر محاولتها حيازة الأسلحة النووية أو أقله حيازة القدرة على صناعة أسلحة مماثلة في حال حدوث أي طارئ. وستكون إسرائيل بدورها حاضرة في ذهن الجميع. فعلى رغم أنها تملك ترسانة نووية كبيرة، رفضت التوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية أو فتح مواقعها النووية أمام المفتشين الدوليين.

وبهدف الإبقاء على هيمنتها النووية على الشرق الأوسط والمحافظة على حريتها بالقيام بأي تحرك عسكري، هدّدت إسرائيل عدة مرات بضرب إيران في حال لم ينجح المجتمع الدولي في وضع حدّ لبرنامج طهران النووي.

ويواجه أوباما بالتالي مشاكل مع إيران وإسرائيل على حدّ سواء. وقد اتخذ موقفاً حازماً حيال إسرائيل في ما يتعلق بتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وهو يعلم أن موقفه هذا أساسي كي تستعيد أميركا صدقيتها مع العرب. لكن، إذا أراد التوصل إلى اتفاق مع إيران فيجب أن يتخذ موقفاً حازماً تجاه ترسانة إسرائيل النووية. إذ من غير الممكن إقناع إيران أو ممارسة الضغوط عليها كي تتخلى عن تخصيب اليورانيوم طالما أن إسرائيل لا تزال تقاتل وتهدّد من دون أي رقيب. فكلاهما وجهٌ لعملة واحدة.

وتشعر إيران بضرورة حيازة قدرة الردع للتصدي لأي اعتداء عسكري محتمل قد تشنه إسرائيل ضدها أو الولايات المتحدة في مرحلة ثانية. وعلى رغم أن أوباما معروف بمعارضته استخدام العنف ضد إيران وقد أبلغ الاسرائيليين بوضوح موقفه هذا، فقد يُجرّ ولو على مضض إلى الحرب في حال وجّهت إسرائيل الضربة الأولى. وعلى أيّ حال، لا يبدو تشديده على ضرورة فرض عقوبات أقسى على إيران مطمئناً لطهران.

تقرّ الولايات المتحدة بأنه لم يتمّ التوصل إلى توافق دولي على فرض عقوبات على إيران، إلا أنّ الإدارة تبدي ثقة متزايدة في أن الصين قد تدعم قراراً صادراً عن مجلس الأمن في الأمم المتحدة أو تمرّره من خلال الامتناع عن التصويت عليه. كما أعرب أوباما في الأسبوع الماضي عن اعتقاده «أن العقوبات ستُفرض على إيران في غضون أسابيع». ولا شك في أن الولايات المتحدة لا تألو أي جهد ديبلوماسي من أجل بلوغ أهدافها.

وعلى رغم أنّ هو جينتاو أجرى مكالمة هاتفية لمدة ساعة مع أوباما منذ أيام، إلا أنه من غير المؤكد بعد إذا كانت الصين ستوافق على دعم فرض عقوبات قاسية على إيران بسبب المصالح التجارية والاستراتيجية التي تربطها بهذا البلد. فهي لا تزال تؤيّد إلى جانب تركيا والبرازيل وروسيا وعدد من أبرز الدول التوصل إلى حلّ يتم التفاوض عليه.

في الوقت الراهن، هل يُعتبر «أسلوب الضغط» الذي اعتمده أوباما حكيماً؟ أم أنه محكوم عليه بالفشل؟ من المؤكد أنّ هذا الأسلوب سيؤدي إلى نتائج عكسية. فكلما تمّ تهديد إيران وتهويلها أصبحت أكثر تحدياً وترسخت قناعتها بضرورة حيازة رادع نووي.

قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في خطاب القاه في 4 نيسان إنهم «يقولون لنا بأنهم مدّوا يدهم إلينا وبأن الحكومة والأمة الإيرانية رفضتا هذه المبادرة. فما نوع اليد التي مدّوها نحو الدولة الإيرانية؟ ما الذي تغيّر؟ هل قمتم بإلغاء العقوبات؟ هل أوقفتم الحملات الدعائية ضدنا؟ هل قلّصتم الضغوط علينا؟»

لقد بدت رسالته واضحة. وتابع بالقول «كلما ازداد عداؤكم لنا ازداد عزم شعبنا على مضاعفة الجهود من أجل المضي قدماً».

ومن غير الواضح بعد ما إذا كانت هذه العقوبات ستنجح، حتى لو كانت أكثر قسوة من العقوبات الحالية، في دفع إيران إلى تغيير سياستها أو الإطاحة بنظامها. فتقوّضت الحركة الخضراء فيما لا يزال «الحرس الثوري» الإيراني قوياً. وقد يصبح أكثر قوة ويتسبب بانقلاب في حال بدا النظام على وشك الانهيار.

والأمر الملفت هو أن المديرين الأسبقين للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي وهانز بليكس قد أوصيا بإجراء مفاوضات مع إيران بدلاً من فرض عقوبات عليها أو استخدام العنف ضدها. وأشار البرادعي في حديث إلى صحيفة «الغارديان» البريطانية في 31 آذار (مارس) إلى أن «لا سبيل... سوى الحوار الفاعل»، مضيفاً «أتمنى أن يدركوا في لندن وفي الولايات المتحدة أهمية العبر التي تمّ استخلاصها من العراق... لا شك في أن الطغاة موجودون لكن هل أنتم مستعدون في كلّ مرة تريدون فيها التخلص من طاغية للتضحية بمليون مدني بريء؟»

كما قدّم هانز بليكس الذي حذّر عام 2003 من شن اعتداء على العراق، النصيحة نفسها. فكتب في صحيفة «إنترناشونال هيرالد تريبيون» في 5 نيسان «أليس من الأجدر أن يُعرض على إيران إقامة علاقات ديبلوماسية وتقديم ضمانات إليها بدلاً من تهديدها بالاعتداءات المسلحة والدمار وذلك في إطار صفقة نووية؟ لقد تمّ اللجوء إلى هذا الحلّ في كوريا الشمالية. فلم لا يطبّق الأمر نفسه على إيران؟».

لا شكّ في أن مقاربة أوباما لإيران ترتكز على المسألة النووية. ويجدر به الإقرار بمخاوف إيران الشرعية المتعلقة بالأمن وبرغبتها في أن يتمّ الاعتراف بها كقوة إقليمية. والجدير ذكره أن أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى قد حضّ الدول العربية على أخذ مبادرة التحاور مع إيران في مسائل تتعلق بالأمن عوضاً عن ترك المسألة بين أيدي الولايات المتحدة والقوى الأخرى.

سجل أوباما إخفاقاً آخر على ساحة الحرب الأفغانية - الباكستانية. ففي أفغانستان، يتمرّد الرئيس حامد كارزاي على حلفائه الأميركيين الذين أخطأوا بإهانته وتوبيخه فيما أدى تحليق الطائرات من دون طيار التابعة لوكالة الاستخبارات الأميركية في باكستان فوق المناطق القبلية على الحدود الشمالية الشرقية إلى ردّ فعل قوي من جانب حركة «طالبان»، تجلّى أخيراً في الاعتداء الذي شنته الحركة على مقرّ القنصلية الأميركية في بيشاور.

وتساهم الحملة العسكرية التي أطلقها قائد قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال في إثارة غضب الشعب ودفعه إلى أحضان حركة «طالبان». أما كارزاي الذي يعي حقيقة ما يحصل فيؤكد على استقلاله عن واشنطن وقد دعا إلى عقد مجلس قبلي موسّع يضم 13 ألفاً من زعماء القبائل في 2 أيار (مايو) المقبل، الأمر الذي يصب في إطار المصالحة الوطنية.

وتدل زيارة أوباما الأخيرة المفاجئة كابول ودعوته كارزاي إلى زيارة واشنطن في شهر أيار، عن عدم رضاه عن النصائح التي كان يقدّمها إليه الجنرال ماكريستال ومبعوثه الخاص ريتشارد هولبروك، على أمل أن يعي ضرورة إعادة التفكير ملياً في جميع الأمور.

* كاتب بريطاني متخصص في شؤون الشرق الاوسط

=========================

استراتيجية نووية شاملة

جو بايدن (نائب رئيس الولايات المتحدة الأميركية)

«إم. سي. تي إنترناشيونال»

والاتحاد الاماراتية

الرأي الاردنية

4/10/2010

عندما التحقت بمجلس الشيوخ عام 1973 كانت صياغة سياسة نووية أمرا يتطلب إتقان مسائل معقدة؛ مثل الاستقرار النووي، ونظرية الردع. وبنهاية الحرب الباردة، والعلاقة الجديدة التي نشأت بين دولتنا وروسيا، لم تعد تلك المسائل -لحسن الحظ- تهيمن على الخطاب العام. فاليوم نجد أن خطر نشوب حرب نووية عالمية عن عمد، قد زال أو كاد، غير أن ذلك لا يمنع من القول إن التهديدات النووية التي نواجهها اليوم من الإرهابيين والدول غير النووية الساعية للحصول على مثل هذه الأسلحة، قد باتت أخطر مما كانت عليه من قبل.

يوم الثلاثاء الماضي، اتخذ الرئيس أوباما خطوة مهمة نحو معالجة هذه التهديدات من خلال الإعلان عن خطة سوف تؤدي إلى تقليص دور الأسلحة النووية في استراتيجية أمننا القومي، مع ضمان بقاء ترسانتنا النووية في الآن ذاته سالمة، وآمنة وفعالة، لأطول فترة ممكنة نحتاج فيها لتلك الترسانة. وهذه الخطة المسماة «مراجعة الموقف النووي» تلقي الضوء على استراتيجية مدعومة بالإجماع من قبل مجلس الأمن القومي الأميركي، وتهدف لتحقيق قدر أكبر من الوقاية والأمن من المخاطر النووية، وتعمل على تنفيذ الأجندة التي عرضها أوباما في براغ منذ ما يزيد على العام، لمنع انتشار الأسلحة النووية والسعي لتحقيق سلام وأمن العالم، بدون وجود تلك الأسلحة.

والاستراتيجية الجديدة، والتي تختلف اختلافا بينا عن تلك الواردة في وثيقتي «مراجعة الموقف النووي» السابقتين اللتين تم إعلانهما عامي 1994 و2001، تتجاوز نمط التفكير الذي كان سائداً إبان الحرب الباردة. فهي تعترف بأن أكبر تهديد يواجه الأمن القومي للولايات المتحدة والأمن العالمي على حد سواء لم يعد هو المواجهة النووية بين الدول، وإنما الإرهاب النووي الذي يشكله الإرهابيون، وانتشار الأسلحة النووية لدى عدد متزايد من الدول. من الآن فصاعدا، سوف يتعين على القرارات التي نتخذها بشأن عدد الأسلحة التي نمتلكها، والكيفية التي يتم نشرها بها، أن تأخذ موضوعي حظر الانتشار والإرهاب المضاد في حسبانها، بدلا من قيامها فحسب على هدف الردع الثابت.

وتشتمل وثيقة المراجعة على بيان للسبب المنطقي لإجراء التخفيضات المدعو إليها بموجب اتفاقية «ستارت» الجديدة -خفض بنسبة 30 في المئة عن الاتفاقية السابقة. فبسبب التقدم الذي حدث في القدرات والتقنيات التقليدية مثل الدفاع الصاروخي، أصبح عدد الأسلحة النووية اللازمة لردع الأعداء وحماية الحلفاء، أقل كثيرا من العدد الذي كنا نحتاج إليه منذ عقد من الزمان. فبموجب الوثيقة الجديدة سوف نستبقي فقط تلك الأسلحة التي تلبي احتياجاتنا الأساسية فحسب.

تؤسس تلك الوثيقة أيضا لسياسة تقوم على أن الولايات المتحدة، والتزاما منها بتعهداتها في حظر الانتشار النووي، لن تستخدم الأسلحة النووية، ولن تلجأ للتهديد باستخدامها ضد دول غير نووية، طالما أن هذه الدول أعضاء في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. ومثل هذا النهج يوفر حافزاً إضافياً لتقيد الدول على نحو تام بتقاليد حظر الانتشار النووي. أما هؤلاء الذين لن يتقيدوا بذلك فسوف يكونون أكثر عزلة وأقل أمنا.

وإتمام «مراجعة الموقف الاستراتيجي» القائم على أساس الالتزام بتحقيق الأمن الأميركي، سوف يحقق الحماية لنا ولحلفائنا من التهديدات النووية بشكل أفضل، وهو ما ينطبق أيضاً على توقيع اتفاقية «ستارت» الجديدة. وقمة الأمن النووي غير المسبوقة التي سيقوم الرئيس باستضافتها الأسبوع المقبل -من خلال تركيزها على تأمين المواد النووية المعرضة للخطر حول العالم خلال أربع سنوات- سوف تساعد على تعزيز هذه الأهداف بشكل أفضل.

وفي الوقت نفسه يتعين القول إن الرئيس عاقد العزم على ضمان أن تكون أسلحتنا سالمة وآمنة وفعالة. وهذا على وجه التحديد، هو السبب الذي دفعه لمطالبة الكونجرس بزيادة التمويل المخصص لمجمعنا النووي بمقدار 5 مليارات دولار، على مدى خمسة أعوام، وهو ما سيتيح لنا الفرصة لتطوير منشآتنا العتيقة واستقطاب واستبقاء العلماء والمهندسين ذوي المهارة العالية المطلوبين لإدارة هذه الترسانة والمحافظة عليها. وخطتنا هذه تعكس مسار اتجاه استمر عقداً كاملا شاهدنا فيه تآكلا مستمراً في سياسة دعم مختبراتنا الوطنية. والالتزام الجديد سوف يضمن أن تظل ترسانتنا جاهزة على الدوام.

ونستطيع تحقيق هذه الأهداف، مع المحافظة في ذات الوقت على الحظر الذي يعود لعقدين تقريباً المفروض على إجراء التجارب النووية، والاستمرار في جهودنا للتصديق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية. وعلى الرغم من أننا لن نقوم بتطوير رؤوس حربية جديدة، أو نضيف قدرات عسكرية في الوقت الذي نقوم فيه بتدبير شؤون ترسانتنا في المستقبل، إلا أننا سنستمر مع ذلك في السعي لتحقيق برامج فترة حياة هذه الأسلحة بحيث يمكننا المحافظة على الأسلحة التي نستبقيها لدينا لأطول فترة ممكنة. وهذه المقاربة تحظى بدعم واسع النطاق، باعتبارها، وكما قال وزير الدفاع جيتس في مقدمة وثيقة «مراجعة الوضع النووي»، تمثل «خطة تحديث موثوق بها ولازمة لإدامة البنية النووية وتعزيز قدرة أمتنا على الردع».

لقد قدم الرئيس، وأنا كذلك، وعداً للشعب الأميركي بحمايته من الأخطار النووية. وليس لدينا في الوقت الراهن التزام أكبر من هذا الالتزام. واستراتيجيتنا المزمعة تسهم في إنجاز هذا الوعد، كما تسهم أيضاً في معالجة أخطر التحديات التي يواجهها كوكبنا وأكثرها مُباشَرةً.

=========================

ليست وحدها إسرائيل «إرهابية» بين دول المنطقة

زين الشامي

الرأي العام

4/10/2010

كان لافتاً أن ما شهده العراق في الآونة الاخيرة من تفجيرات إرهابية أتى بعد انتخابات تشريعية شهدت تنافساً حاداً بين الكتل السياسية الرئيسية رغم أنها في النتيجة حصلت جميعها على نتائج متقاربة، كما أن تلك التفجيرات أتت في خضم الحوارات السياسية بين هذه الكتل حول تشكيل الحكومة، ما يعني أن علينا أن نكون حذرين ومتيقظين جداً عند محاولتنا فهم ما يجري، أو فيما لو تساءلنا من يقف وراءها.

ان تنظيم «القاعدة» وما يدور في فلكه من مؤيدين وحركات جهادية سلفية يجب ألا يتحولوا إلى مشجب نعلق عليه كل ما تحويه الساحة العراقية من أدران وما تقذفه بلاليعها السياسية، أو مصارفها الصحية من صراع نتن على السلطة والحكم، وهذه النخب السياسية بمعظمها مرتبطة بالخارج، أو بأجندة دولة ما، مع كل أسف. ان هذا ليس دفاعاً عن «القاعدة»، لأن الكثير مما يدعون اليوم تمثيل الشعب العراقي، ما هم إلا طبقة سياسية فاسدة ومرتبطة ويهون عليها أن تفعل أي شيء بشعب العراق مقابل الوصول إلى السلطة، أو ارضاء لعاصمة وقرار ما.

ان قراءة متأنية في البيان الذي صدر عن محافظة بغداد في أعقاب تفجيرات «الأحد الدامي» حين حملت الكتل السياسية وسجالاتها حول تشكيل الحكومة ومطالبتها قيادة العمليات بتفسير الخروقات الأمنية، إضافة إلى التقارير التي نقلت عن مصادر عراقية قولها ان «التحقيقات الأولية أثبتت تواطؤ بعض العناصر الأمنية مع تنظيم «القاعدة» لتنفيذ التفجيرات، إذ سهلوا مرور السيارات المفخخة من خلال نقاط التفتيش المنتشرة في شوارع العاصمة»، نقول ان ذلك كله يعني أن هناك أطرافاً داخلية متورطة في هذه التفجيرات، وغيرها من التفجيرات الإرهابية التي ضربت العراق سابقاً، أو ستضربه لاحقاً. صحيح أن عناصر من «القاعدة» قد تكون الأداة المنفذة، لكن ما هو جوهري هو أن نعرف من أعطى الأوامر، ولماذا، وما هو هدفه في هذا الوقت تحديداً، وهل هناك جهة خارجية، أو دولة إقليمية تقف وراء ما يحصل، وهل يأتي ذلك في إطار الصراع على مستقبل العراق بين دول عدة؟

ان وصف تلك التفجيرات ب «العمليات الإرهابية الجبانة» لا يكفي وحده لمعرفة الحقيقة، ان علينا وقبل الإدانة أن نقر باحتمال أن تكون أطراف إقليمية عدة متورطة في هذه التفجيرات، حتى لو لم تكن متورطة بشكل مباشر، بل من خلال حلفائها السياسيين، لأننا من خلال هذه المعرفة نعرف حقيقة الأنظمة التي تعتبر إسرائيل وتصورها كما لو أنها وحدها من بين عموم دول المنطقة من يقوم بأعمال إرهابية، كتلك التي حصلت في غزة نهاية عام 2008 حين قتلت نحو 1400 فلسطيني، أو حتى تلك التي تعود لتاريخ تأسيسها.

علينا أن نعترف أن هناك الكثير من الأنظمة الإقليمية تقوم بالإرهاب فعلياً في حق شعوبها نفسها فما بالنا فيما لو كانت لها أجندة خارجية أو مطامح اقليمية؟ كذلك يعلمنا تاريخنا السياسي البعيد منه والقريب، أن الكثير من أبناء شعوبنا سقطوا في إطار ذلك الصراع، وأن الكثير وضعوا في السجون بحجج مختلفة، وأن الكثير من العائلات تم التنكيل بها أو تهجيرها إلى المنافي؟ وأن الكثير من المدن قد دكت دكاً بحجة احباط مؤامرة مزعومة، ولنا فيما حصل في حلبجة في العراق، وما حصل للكويتيين إبان احتلال بلادهم على أيدي النظام العراقي السابق بقيادة صدام حسين، وما شهدته مدينة حماه في سورية في الثمانينات، وما شهدته الكثير من المدن الجزائرية في التسعينات، وما شهده لبنان في الحرب الأهلية، ثم لاحقاً بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، وغيره من السياسيين والناشطين اللبنانيين، وأيضاً ما فعلته «الثورة الإسلامية» في إيران في حق معارضيها واليساريين بعد اسقاط نظام الشاه، وغيره الكثير من الأمثلة، يعطينا إشارات أن الإرهاب في منطقتنا ليس اختصاصاً إسرائيلياً فقط.

ان الإرهاب لم يبدأ مع «القاعدة»، كما أنه لن ينته عندها، وغالباً ما كانت الأدوات المنفذة للعمليات الإرهابية والتنكيل بالبسطاء عبر التاريخ، هي أدوات محلية الصنع تم حشو رؤوسها بأيديولوجيا «فاشستية نازية»، وبالكراهية والحقد، ثم افسادها بالمال، أو الوعد بالسلطة والمنصب، أو ربما... بالحور العين.

كاتب سوري

=========================

تركيا  إسرائيل: ما الذي ستقوله واشنطن؟

سمير صالحة

الشرق الاوسط

4/10/2010

فيما كانت قيادة الجيش التركي تتسلم دفعة من دبابات «إم - 60» التي تم تحديثها في إسرائيل وسط احتفال جرى في إحدى ثكنات مدينة قيصرية في قلب الأناضول بحضور مسؤولين سياسيين وعسكريين من البلدين بعد عقد ثنائي وقع عام 2000 بقيمة 700 مليون دولار، كان رئيس الوزراء التركي يوجه قذيفة سياسية جديدة من العيار الثقيل باتجاه الدولة العبرية واصفا إياها ب«الخطر الرئيسي على السلام الإقليمي» على مرأى ومسمع حليفها وحاميها الأوروبي نيكولا ساركوزي.

حالة مشابهة أخرى وقعت قبل أيام عندما جاء قائد أركان الجيش الإسرائيلي غابي أشكينازي للمشاركة في ندوة «الإرهاب وسبل المواجهة الدولية» التي نظمتها قيادة الجيش التركي بالتعاون والتنسيق مع منظمة حلف شمال الأطلسي في العاصمة التركية، الذي أبلغ الأتراك خلالها أن الدفعة الأخيرة من طائرات الاستطلاع الإسرائيلية «هيرون» جاهزة للتسليم، لكن حكومة أردوغان تجاهلت هذه الزيارة حتى لا تندرج ضمن مؤشرات عودة المياه إلى مجاريها بين أنقرة وتل أبيب المقطوعة منذ أكثر من عام تقريبا.

أشكينازي هو الشخصية الإسرائيلية الثانية التي تزور تركيا خلال عام واحد بعد محاولة فاشلة لوزير الصناعة الإسرائيلي بن أليعازر قبل 4 أشهر لإخراج العلاقات الثنائية من حالة الجمود والتدهور. وهو في اللحظة التي كان يتحدث فيها عن ضرورة إطلاق مسار جديد على خط الحوار بين البلدين، مشيدا بالصداقة التاريخية وحجم التقارب والتعاون التركي الإسرائيلي في المجالات العسكرية والأمنية والتجارية، كان رئيس الوزراء التركي يواصل هجماته ضد تل أبيب وسياساتها التصعيدية والقمعية في القدس الشرقية وحرم المسجد الأقصى.

رئيس الأركان الإسرائيلي الذي سارع لوضع إكليل من الزهور على ضريح مؤسس تركيا الحديثة (أتاتورك) وتدوين عبارة «كان قائدا مميزا بتجربته وحنكته العسكرية والسياسية وقراءاته الاستراتيجية الشاملة.. لي الفخر أن أزور شخصية مثل أتاتورك باسم الجيش الإسرائيلي» في دفتر الشرف في زيارة اليوم الواحد إلى أنقرة، وهو رغم الحفاوة الكبيرة التي لقيها من نظيره إيلكر باشبوغ وتصريحاته المشيدة بالتجربة التركية على أكثر من صعيد، لم يلق أية أذن صاغية من حكومة أردوغان التي ما زالت تحت تأثير أصوات القنابل والطائرات الإسرائيلية التي تدمر بيوت غزة وتقتل أطفالها بأوامر كان يصدرها هذا الضابط.

أشكينازي جاء يعتذر مرة أخرى باسم المؤسسة العسكرية الإسرائيلية على تصريحات أحد كبار ضباطه في سلاح البر، مزراعي، الذي كان يرد على انتقادات أردوغان «أنتم تعرفون جيدا كيف تقتلون»، بقوله: «لينظر الأتراك إلى المرآة أولا قبل مهاجمة الآخرين وانتقادهم»، ويطالب بالعودة إلى تطبيقات الأناضول العسكرية المشتركة في المتوسط التي جمدتها تركيا العام المنصرم وبمناقشة مصير غرفة الرصد والمتابعة السرية في الجناح الخلفي لقيادة الأركان التي يديرها ويشرف عليها مباشرة خبراء إسرائيليون، والتي تحدثت عنها بعض وسائل الإعلام التركية في إطار الحملة على منظمة «أرغنيكون» بتهمة الإعداد لانقلاب عسكري يطيح بحكومة أردوغان. لكن أشكينازي عاد بخفي حنين من زيارته مزودا بالفشل والخيبة. فحكومة أردوغان كما أنها لم تحمله أية بارقة أمل في حلحلة قريبة للأزمة القائمة بين البلدين، أسمعته رأيها بألا عقود تجارية وصفقات عسكرية جديدة مع تل أبيب رغم تكراره على مسامع الأتراك أن الأزمة السياسية العاصفة لم تطل التنسيق والتعاون الاستراتيجي الأمني والعسكري بين العاصمتين.

قيادات «العدالة والتنمية» متمسكة على ما يبدو بتأجيل مكان وزمان خطوة التقارب مع تل أبيب بانتظار معرفة مدى استعداد حكومة نتنياهو للتراجع عن حرب التدمير والتهويد وتوسيع رقعة المستوطنات وتبلور نتائج الأزمة السياسية الأخيرة بين تل أبيب وواشنطن وقدرة الأخيرة على حشر نتنياهو وإلزامه بنهج وأسلوب جديدين في التعامل مع دول المنطقة وشعوبها أو تحميله المسؤولية السياسية المباشرة حيال وصول مسار العملية السلمية في المنطقة إلى طريق مسدود. وكل هذا سيناقشه رجب طيب أردوغان مع إدارة البيت الأبيض خلال زيارته المرتقبة إلى الولايات المتحدة الأميركية.

ما الذي ستقترحه واشنطن، وإلى جانب من ستكون هذه المرة؟ هل ستقف إلى جانب أردوغان، الذي قرر استهداف إسرائيل بأكملها، حكومة وقيادات سياسية، ليحملها مسؤولية هذا التأزم؟ أم هي ستأخذ بما يقوله وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان، الذي يردد أن «لا أزمة لنا مع تركيا، بل إن أزمتنا هي مع أردوغان وحده»، فتضغط باتجاه مطالبة رئيس الوزراء التركي بتليين مواقفه وأسلوبه؟

======================

محاربة التطرف بالبدلة وربطة العنق

الفريد هاكنزبرغر

قنطرة

بون، ألمانيا - لم ينتظر الرئيس المصري حسني مبارك طويلاً، حيث قام قبل مرور أسبوعين على وفاة محمد سيد طنطاوي بتعيين خلفاً له لرئاسة الأزهر الذي أُنشئ قبل ألف عام والذي يُعدّ بمثابة أقدم وأشهر المؤسسات التعليمية للمذهب السّني.

تولّى أحمد الطيب، الذي شغل منصب مفتي الجمهورية سابقاً، رئاسة أكبر مؤسسة دينية في البلاد، وهذه المؤسسة تُعتبر في الوقت نفسه بوصلة لتحديد الاتجاه الذي يسير فيه أتباع المذهب السّني، الذين يشكّلون 90 في المائة من مجموع المسلمين في العالم والبالغ عددهم 1,5 مليار مسلم.

سوف يصبح الطيب، البالغ من العمر 64 عاماً والحاصل على شهادة الدكتوراة من جامعة السوربون الفرنسية، مسؤولاً عن نظام التعليم بالجامعة التي تضم 300 ألف طالب وكذلك نظام التعليم الابتدائي والثانوي الذي يضم 1,5 مليون تلميذ. وبتفويض من الحكومة المصرية، يقرّر الأزهر أي الأفلام والكتب تُمنع من النشر أو تخضع للرقابة إذا تعارضت مع مبادئ الإسلام.

ويُعرف الطيب الذي يفضّل ارتداء البدلة الغربية وربطة العنق بالاعتدال والانفتاح على العالم، فهو يرفض كل أنواع التطرف، وتجلى ذلك بحملاته لمحاربة الكثير من الفتاوى المتطرفة. وقد كان ذلك هو السبب الحاسم في قرار الرئيس مبارك تعيين الطيب.

وقد تكون عضوية الإمام الأكبر في حزب مبارك الوطني الديمقراطي الحاكم في نفس الوقت سبباً جوهرياً لاكتساب ثقة مبارك.

كانت هناك دعاوى تطالب الطيب بالتخلي عن كل المناصب الجانبية، لكن أحمد الطيب نفى أن تكون عضويته في الحزب الحاكم وراء تعيينه وقال إنه لا يرى في العضوية تعارضاً مع تأدية مهامه على أكمل وجه، وأنه "سيظل محايداً وسوف تكون قراراته في خدمة الأزهر ومصر والإسلام".

وطبقاً لذلك رفض الشيخ الاستقالة من مناصبه الحزبية، وهذا يعتبر أحد مطالب القوى السياسية المعارضة التي تنادي بمزيد من الديمقراطية في مصر.

وتعد جماعة الإخوان المسلمون إحدى هذه القوى السياسية المعارضة، وهي تعتبر أكبر وأكثر مجموعة معارضة منظّمة في مصر. وعندما كان الطيب رئيساً لجامعة الأزهر قام عام 2006 بفضّ استعراض له صبغة "عسكرية" لطلبة الإخوان في حرم الجامعة.

قام الطيب بتوجيه رسالة مفتوحة لجماعة الإخوان المسلمين، نُشِر نصّها على موقع الجماعة، عبّر فيها عن تقديره للإخوان المسلمين ورحّب بدورهم في مصر: "يمكن للإخوان المسلمين، مثلهم في ذلك مثل الأحزاب القومية والجماعات الإسلامية الأخرى، أن يساهموا في أنشطة الدولة ما لم يتعدّى ذلك حدود القانون". إلا أنه من غير المحتمل أن تغيّر هذه الرسالة معارضة الجماعة له.

لن تستطيع قيادة الأزهر الجديدة التغلب بسهولة على بعض الأصوات الراديكالية المتشددة. وفي هذا المضمار حاول أحمد الطيب بالفعل إرسال إشارات أولية لتحديد رؤيته، حيث أكد الإمام الأكبر بُعَيد توليه المنصب "أن الأزهر سوف يظل قلعة التسامح والوسطية ضد التطرف والتزّمت".

كذلك أعلن عن خطط خاصة لاتخاذ إجراءات ضد خطباء التلفاز الذين يتمتعون بشعبية ويجتذبون جمهور المسلمين بمواعظهم الراديكالية. وفي برنامج حوار على التلفاز المصري قال الطيب: "نريد أن نقف ضد هؤلاء الخطباء ذوي الأفكار المتطرفة، ويجب إبعادهم من وسائل الإعلام لأنهم لا يركّزون إلا على ما هو مثير فقط".

إلا أنه من غير المحتمل أن ينجح شيخ الأزهر الجديد في حظر خطباء التلفاز غير المرغوب فيهم، لأن معظمهم يمكن مشاهدته عبر الفضائيات التي تصل إلى كل بيت مصري، وبهذا لن يبق أمام أعلى سلطة دينية في مصر سوى حظر الفضائيات، وهي حركة بعيدة كل البعد عن التسامح الذي يريد الأزهر، أشهر مؤسسة تعليمية على مدى ألف عام، أن تمتد إلى المستقبل.

كما يسعى الطيب لاستخدام التكنولوجيا الحديثة لنشر الإسلام المعتدل في العالم، ويريد من فقهاء الأزهر أن يتعلموا الوسائل الحديثة في الخطابة حتى يستطيعوا مخاطبة الأجيال الشابة التي تتوقع في العادة ردود فعل سريعة بدلاً من الخطوات التقليدية البطيئة.

___________

* الفريد هاكنزبرغر صحفي ومؤلف. تقوم خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية بتوزيع هذه النسخة المختصرة من المقال بإذن من Qantara.de. يمكن الحصول على النص الكامل من الموقع www.qantara.de.

مصدر المقال: Qantara.de، 29 آذار/مارس 2010

www.qantara.de

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ