ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 18/03/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


محاربة الارهاب بالفساد

سمير طاهر

3/17/2010

القدس العربي

"حقبة باراك أوباما" تسمية خاطئة للسياسة الأمريكية الحالية وفَلَكها العالمي، والأصح أن تُدعى حقبة ما بعد جورج دبليو بوش. والمتابع لمفكرة أعمال و"انجازات" الادارة الحالية تمكنه ملاحظة ان عملها الرئيسي في النطاق العالمي ليس اختطاط سياسة جديدة بقدر ما هو كنس مخلفات الادارة السابقة، وهو بحد ذاته سيكون عملا كبيرا لو تعدى نطاقه الحالي في تحسين العلاقات الى استئصال الأسباب التي خربت تلك العلاقات.

وحتى من الناحية النظرية يصعب قبول ان التأثيرات الشمولية والعنيفة التي أحدثتها فلسفة المحافظين الجدد في السياسة العالمية خلال أعوام ثمانية يمكن أن تختفي بين عشية وضحاها بمجرد حزم أغراضهم من البيت الأبيض. ومع ذلك فليس الجانب النظري هو ما يعنينا هنا وإنما واقع عالمي يُظهِر أنه اذا كانت عقيدة "الحرب على الارهاب" قد انتهت حقبتها (التعبير نفسه كفت إدارة أوباما رسميا عن استخدامه) فان ثمارها الفاسدة ما تزال تسمم مناطق كثيرة من عالمنا وتصدّر الفائض من سمومها الى المناطق الأخرى، ولا يبدو انها ستسقط في المستقبل المنظور. هنا علينا أن نصحح تصوراً شائعاً آخر مفاده ان تلك الحرب على الارهاب قد أنتجت اجماعا دوليا على خطورة منظمة القاعدة على جميع البلدان، فالواقع ان أخطر ما أنتجته هذه الحرب، سواء على المجتمعات كما على السياسة العالمية، هو عولمة الفساد السياسي. فالمبدأ ذاته الذي يسم العولمة الاقتصادية، وهو الاتجاه من المركز الرأسمالي الى الأطراف، ينشط في ظاهرة الفساد السياسي العلني الذي صاحب الحرب العالمية على الارهاب: فانطلق هذا الفساد من المركز ذاته ليكتسح الاطراف مجبراً إياها وبقوة التهديد على الانصياع إليه واتباع خطاه.

انطلق الفساد من واشنطن أولاً متمثلاً بالطابع التعسفي، والذي تحول بعد ذلك الى عجرفة سافرة، الذي ضُمِّنَ في شعار الحرب على الارهاب كما ورد في أول خطاب لجورج دبليو بوش بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. حيث انفردت الإدارة الامريكية في تحديد مفاهيم هذا الشعار ومقاييسه الجغرافية والاثنية والدينية. وعندما فَرَضت تدويله فقد جعلت منه عقيدة ومن نفسها أوليغاركية على مستوى العالم، الأمر الذي يفسر وقاحتها بازدراء القانون الدولي واستبدال المبادئ التي قامت عليها هيئة الأمم المتحدة بهذه العقيدة الجديدة التي يوحي اسمها الجاف بالعنف والقمع المنظمَين ويخلو من طراوة انسانية أو ملمح إيجابي. والآن لنتصور أي نوعية من الأدوات البشرية يمكن أن تكون عوناً في طريق كهذه، وأي نوعية بشرية ستُكَوّنها هذه الطريق. فلا توجد حكومة نزيهة حقا تقبل بالمشاركة في مخطط يذبح الديمقراطية وحقوق الانسان والقانون الدولي كقربان تقدمه لمكافحة الارهاب (حتى مع افتراض ان هذا الهدف حقيقي وليس غطاء لمصالح أخرى أمريكية حصراً). وقتها بدا لصقور البيت الأبيض ان من غير الممكن انجاح مخططهم من دون إحداث تغيير ضروري: إفساد الحياة السياسية على نطاق دولي. وبذلك كان لمبدأ "إما معنا أو ضدنا" الذي وضعه بوش أمام حكام الدول معنى محدداً: إما أن يقدموا لأمريكا القربان المذكور آنفاً، أو يزولوا. فشُجِّع، وأُرغِم في الآن ذاته، "أنصاف الديكتاتوريين" على أن يصيروا ديكتاتوريين، وأنصاف الفاسدين على أن يصيروا فاسدين علناً (كان الربط بين تدفق المساعدات الأمريكية للدول وانصياع حكامها للارادة الأمريكية يُذْكَر علناً في التصريحات الرسمية إثْر لقاءات المبعوثين الأمريكان مع حكام تلك الدول) والحكام "المتعاونين" على أن يبيعوا، ويبيحوا، بلدانهم للقرار والجيش الأمريكيَّين. وإذا كان هذا مفهوما بقدر تعلق الأمر ببلدان ضعيفة فان ما حصل في "المركز" كان سلسلة فضائح؛ فقد خالفت "ديمقراطيات" عريقة دساتيرها والقوانين الدولية وأباحت للأمريكان ما أباحته الدول "الضعيفة": أراضيها ومطاراتها وأجواءها، لخدمة عمليات خطف وسجن وتعذيب مشتبه بهم. والأخطر هو ما أسفرت عنه لجنة شيلكوت للتحقيق في حرب العراق من خيانات وطنية وتضليل وأكاذيب ليس على الشعب البريطاني والبرلمان فحسب وإنما حتى على وزراء الحكومة نفسها (راجع شهادة الوزيرة كلير شورت أمام اللجنة) من قبل توني بلير بالدرجة الأولى وبضعة مساعدين متواطئين معه. كل المسألة، والغرض الأصلي من هذه الممارسات، هو إخفاء حقيقة أن قرار غزو العراق كان قد اتخذ في واشنطن ولندن قبل هجمات نيويورك في 11 سبتمبر 2001 بزمن! حتى إذا ما انطلقت القطعات الأمريكية صوب العراق (البلد الذي تبين فيما بعد أنه لا علاقة له بهجمات نيويورك بالمرة!) وأسفرت الادارة الأمريكية عن مخططها للشرق الأوسط متخلية عن ذريعتها العلنية قابعةً في أفغانستان، تكشّف ان هذه العملية الهائلة، بخسائرها التي لا تحصى ولا تعوَّض، كان عمادها التضليل. فلا نستغرب أن ينتهي التحقيق الذي أجرته صحيفة الديلي تليغراف البريطانية (13 يناير 2010) حول شهادة مسؤول الاتصال في حكومة توني بلير الى أن المذكور كان يمارس، طيلة فترة التحضير للحرب، "هوساً مَرَضياً بسياسة التلفيق والتلاعب بالمعلومات لتشكيل الرأي العام" وتعامياً مقصوداً عن "النتائج المدمرة والكارثية" لغزو العراق؛ ولا نستغرب أن تفضح صحيفة الغارديان (في اليوم نفسه) السلوك المنافق بشكل احترافي لتوني بلير خلال الفترة ذاتها عندما كان يتعاهد بالسر مع جورج دبليو بوش على غزو العراق وفي الوقت نفسه يتحرك بالعَلَن "بنشاط!" من أجل حل النزاع مع النظام العراقي بشكل سلمي! وهكذا كلما تكشفت حقائق جديدة عن "الحرب العالمية على الارهاب" تأكّدَ أن أساس الجدل يتعلق بالاخلاق أكثر منه بالسياسة. فالحكام المسؤولون بالدرجة الأولى عن هذه الحرب هم أنفسهم الذين، في حياتهم المهنية، وفروا الغطاء والحماية للرشوة (صفقة اليمامة نموذجاً) والاختلاس (ما فضائح شركة هاليبرتون برئاسة ديك تشيني، وشركة كولوج براون أند روت سوى جزء من سلسة طويلة باتت مكشوفة) واستغلوا مناصبهم لمكافأة المجرمين ومعاقبة النزيهين سواء في إداراتهم كما في برلماناتهم.

نتيجة لكل هذا العبث بمصائر البشر، جعلت "الحرب على الارهاب"، وعلى العكس مما وعدَتْ به، العالم أسوأ والسياسة أقذر، الأمر الذي ما كان له أن ينتج شيئا آخر غير ما أنتجه من حكومات فاسدة وقمعية في طول العالم وعرضه، عبر عولمة الفساد السياسي. انها الآلية ذاتها التي تكررت على مر التاريخ: أن تحصل، في لحظة تاريخية معينة، استجابة متبادلة بين المتطلبات الموضوعية للمرحلة وطموحات أفراد مغامرين، فيجد كل من الطرفين ضالته في الآخر: بهذه الكيفية أصعدت السياسة الأمريكية الى مراكز النفوذ في بلدان، والى سدة الحكم في بلدان أخرى، أفراداً منحرفين غرقوا في كل أنواع الفساد والسمسرة وحتى الاجرام، بالتشارك مع متنفذين أمريكان (العراق مثلاً  راجع تحقيقات الكونغرس عن الفضائح "المذهلة والصاعقة" بوصف هيلاري كلنتون حين كانت في المعارضة!) أو مع رجال قبائل وتنظيمات مسلحة (باكستان مثلاً) أو زارعي وتجار مخدرات (أفغانستان مثلاً).

لكن هؤلاء المغامرين ليسوا بالحماقة التي تجعلهم يعلقون بقاءهم على الامريكان. فقد عملوا بجَدّ على ترسيخ وجودهم الحالي والمستقلبي في بلدانهم وبكل السبل المتاحة. وبالتدريج تمكنوا من أن يصبحوا مستقلين بامكاناتهم المالية ونفوذهم المحلي وزاهدين بدعم الولايات المتحدة. لقد وطد الفساد الذي زرعته إدارة بوش في تلك البلدان أقدامه في الحكم والادارة، وعمّمَ تقاليده في المجتمع، باستقلال عن القوة الدولية التي خلقته. وواصل هذا الفساد الحياة بعد أن ولّت حقبة المحافظين الجدد في أمريكا. ان الفساد المالي، والاستحواذ على المال العام، والتزوير الفج للانتخابات، والانتهاك المنهجي لحقوق الانسان وبدرجات متطرفة ودموية، والقمع الجماعي، وإهمال المتطلبات الأساسية للبلاد والمواطنين بسبب الانشغال برعاية المصالح الضيقة والشخصية للحكام وطبقتهم، هي ظواهر كارثية راهنة في بلدان تحكمها أوليغاركيات حكمت، أو استقْوَتْ، بفضل موجة "الحرب على الارهاب" منذ أواخر 2001.

وكرد فعل على هذا الواقع غير العادل تأخذ أعداد متزايدة من الشباب طريقها الى المنظمات الاسلامية المسلحة المعادية للسلطة، مما يجعل الأخيرة تطلب الاسناد الأمريكي العسكري والمالي وهذا بدوره يزيد الغضب الشعبي وهلم جراً. وحين تحاول الولايات المتحدة، ومعها الاتحاد الأوروبي هذه المرة، معالجة هذه المعضلة تتكشف لها حلقة مفرغة يعتاش فيها الارهاب على الفساد ويعتاش الفساد على الارهاب! فمن ناحية، يشكل فساد الادارة البيئة المثالية بالنسبة للمنظمات المسلحة لكي تمرر مخططاتها وتنفذ عملياتها. ويدين رجال المنظمات المسلحة ببقائهم واستمرار نشاطاتهم للمتنفذين في أجهزة الدولة الذين تم شراؤهم (أسرة حامد كرزاي نموذجا) ولجَوّ الرشوة الذي يخيم على كل مكان في البلاد (راجع تقرير الأمم المتحدة الذي يكشف ان الافغان قد دفعوا رشوة خلال عام 2009 ما يعادل مليارين ونصف المليار دولار، أي ربع الناتج المحلي! ومكانة اليمن والعراق ومصر في التقارير السنوية الأخيرة لمنظمة الشفافية الدولية). ومن ناحية ثانية، يغدو "الارهاب" حجة لهذه الانظمة لابتزاز الغرب، الأمر الذي دفع بالبعض في مؤتمر لندن حول اليمن الى الطلب الى الرئيس اليمني بضرورة التوقف عن اختلاق الانتصارات الوهمية على "القاعدة" والمبالغة في تصوير خطورة الأفراد المقبوض عليهم للحصول من الغرب على المزيد من الأموال والحماية. كما طُلِبَ شيء مشابه من كرزاي في مؤتمر لندن الآخر حول أفغانستان!

لقد شجعت "الحرب على الارهاب" كِلا الارهاب والفساد على الاتساع. هذا ما على الغرب أن يعترف به لكي يتمكن من اتخاذ البداية الصحيحة لطريق جديد. فمن خلال مؤتمرات المانحين وإرسال المزيد من القوات الى البلدان المعنية وإغراء المسلحين والحكام معاً بالأموال يحاول الغرب أن يقنع نفسه بوَهْمِ أن الدولة الفاسدة هي الاداة المناسبة للقضاء على الارهاب. لكن المضي في هذا الطريق سيراكم التناقضات بدل أن يقضي عليها؛ وفي نهايته سيفاجَأ العالم بهزة كبرى جديدة.

بدل أن ينكب الغرب على عمليات ترقيع لسياسة المحافظين الجدد سيئة الصيت عليه أن ينفض يده منها بكل صراحة. وبدلا من الاصرار على المراهنة على الفاسدين تنبغي مقاطعة هؤلاء وترك مصيرهم لشعوبهم. ان فكرة العداء بين الحكم الفاسد والارهاب مضلِّلة، فهما ليسا بالتناقض الذي يجري ترويجه. لنلاحظ على الأقل أنهما يخرجان غالباً من بيئة سياسية واجتماعية واحدة. لكن من المستبعد أن الغربيين لا يدركون ذلك. المسألة ليست خللاً في إدراكهم وإنما هم، أيضاً وأيضاً، يسترشدون بمصالحهم وحدها.

كاتب عراقي يقيم في للسويد

===========================

المرابطون في القدس وهبتهم البطولية

رأي القدس

3/17/2010

القدس العربي

ان يتصدى شبان فلسطينيون لمواجهة المستوطنين اليهود الذين يعتدون على المقدسات الاسلامية في القدس المحتلة، فهذا هو الحد الادنى بالنسبة الى هؤلاء الذين يرون ارضهم تتآكل، ومقدساتهم تتهود، والعالم كله، بما في ذلك مليار ونصف المليار مسلم يقفون موقف المتفرج والمبارك لمثل هذه الجرائم الاسرائيلية.

ساحات المدينة المقدسة وازقتها تحولت الى ميادين مواجهة بين هؤلاء الشبان الذين هرعوا من الاحياء المجاورة والمدن والقرى المحتلة عام 1948 للدفاع عن مقدساتهم، ومواجهة الرصاص وقنابل الغاز التي يطلقها الجنود الاسرائيليون.

الرصاص، وقنابل الغاز، والاعتداءات بالضرب على المدافعين عن كرامة القدس وعروبة مقدساتها لم تثبط من عزيمتهم، بل زادتهم اقداما على المواجهة بالحجارة، والاعتصام بتكوين الحواجز البشرية.

انهم رجال في زمن عزّ فيه الرجال، وابطال في زمن تقدم فيه الجبناء وهيمنوا، وشجعان في زمن اصبحت فيه هذه الشجاعة تهمة وتخلفا وارهابا وتصرفا غير حضاري، يتناقض مع ثقافة السلام وسلوكياتها.

الاسرائيليون يملكون الدبابات والعربات المصفحة، والاسلحة الفتاكة، ويحاولون فرض مشاريعهم الاستيطانية بالقوة، ولكن اهل الارض المحتلة ليسوا من ذلك النوع المستسلم الذي ترهبه ادوات القمع الفتاكة هذه، ويرون ان لا قيمة لهم، او لحياتهم، اذا ما تصرفوا تصرف القطيع العربي والاسلامي، وصمتوا على مؤامرات التهويد لمقدساتهم هذه.

الخالق جلّ وعلا اصطفاهم لهذه المهمة السامية، لانه يعرف جيدا معدنهم الوطني الاصيل وصلابته، مثلما يعرف غيرتهم العميقة على دينهم وعقيدتهم ومقدساتهم، واثبتوا انهم اهل لهذا الاصطفاء.

انها انتفاضة ليس ضد الاسرائيليين ومستوطنيهم اليهود الذين يريدون هدم المسجد الاقصى واقامة هيكل سليمان على انقاضه، وانما هي انتفاضة ايضا ضد ثقافة الصمت والاستسلام.. انتفاضة ضد المفاوضات العبثية، وقوات امن الجنرال دايتون، و'الصحوات الفلسطينية' التي تم شراء ذمم افرادها برواتب الدول المانحة، والسلام الاقتصادي.

كنا نتمنى لو ان هبة اهل القدس المحتلة وجوارها قد توازت وتدعمت بانتفاضة اشقائهم في نابلس وطولكرم والخليل ورام الله وجنين وبيت لحم، وباقي المدن والقرى الفلسطينية الاخرى، ولكن السلطة في رام الله بدأت تتصرف تماما مثل تصرف الانظمة العربية الاخرى، اي التزام الصمت، ومنع المظاهرات، بل التصدي لهذه المظاهرات والمواجهات اذا ما اندلعت، فقوات الامن الفلسطينية الجديدة تأسست من اجل هذه المهمة، وليس لحماية الشعب الفلسطيني ومقدساته المسيحية قبل الاسلامية.

المرابطون في القدس لن يتخلوا عن مقدساتهم، ولن يتقاعسوا عن حمايتها بدمائهم وارواحهم، ولن يستنجدوا باحد هذه المرة، لان نداءاتهم السابقة ذهبت ادراج الرياح.

فعندما تغمض الحكومات العربية عيونها عما يحدث، وتتحول الجيوش الى مهام اخرى غير الدفاع عن هذه الامة ومقدساتها، مثل تربية الدجاج وشق الترع، ورصف الطرق، وتوزيع الخبز، ما فائدة الاستنجاد واطلاق صرخات الاستغاثة؟

المرابطون في القدس يدافعون عن مقدسات اسلامية بينما يتمتع سفراء المستوطنين بالحفاوة في عواصم عربية واسلامية، لا يستدعيهم أحد، مجرد الاستدعاء للاحتجاج ناهيك عن الطرد.

المستوطنون اليهود لن ينتصروا على هؤلاء المرابطين العامرة صدورهم بالايمان ومعاني العزة والكرامة، لانهم عنصريون غرباء، وسيكون مصيرهم حتما مصير كل العنصريين الذين سبقوهم، وستبقى هوية القدس والارض الفلسطينية هوية عربية اسلامية.

===========================

أوباما والعودة إلى نهج بوش

بقلم :فيكتور دافيز هانسون

البيان

17-3-2010

يقال إن الامبراطور الروماني أغسطس قيصر، كان قبل تصوره لأي تغير دراماتيكي يحذر رعيته قائلاً: «أسرعوا بتمهل»! وكان ذلك الإمبراطور الإصلاحي راغباً في إجراء تحولات اجتماعية جذرية، لكنه كان يدرك أيضا أن عليه التعامل مع أجيال من العادات والتقاليد الرومانية، والألوف من المصالح الخاصة الراسخة.

 

وفي هذا الصدد يتعين على الرئيس الأميركي باراك أوباما الالتفات إلى نصيحة أغسطس، قبل أن يسعى لإجراء أية تغيرات شاملة، ومشؤومة.

 

لو أخذنا، على سبيل المثال، إصلاحاته المؤجلة الخاصة بالرعاية الصحية، فبدلاً من محاولته، على الفور، تحويل نظام صحي تابع للقطاع الخاص في معظمه، إلى قطاع نظامي ضخم تسيطر عليه الحكومة في زمن العجز التاريخي، كان الأفضل له لو توقف عن دعم إجراء تغيرات إضافية.

 

فإصلاح الأضرار سيقلص الدعاوى القضائية الطائشة، التي تتسبب في مصاريف طبية، أو كان سيتيح تنافس شركات التأمين الصحي من خلال الخطوط الحكومية. وكان بالإمكان تركيز الاعتماد الضريبي والمنح على غير المؤمن عليهم صحياً. وتكلفة مثل هذه التغييرات ستكون هامشية، بينما يكون التوفير الناجم عنها كبيراً.

 

وعوضاً عن ذلك، احتوى قانون الرعاية الصحية، الذي يزيد عدد صفحاته على 1000 صفحة، على كثير من التشريعات القانونية، التي لا يستطيع واضعوها من أعضاء الكونغرس تفسير تفاصيلها كافة، أو التكهن بتأثيرها.

 

ومن خلال الفحص الشامل الذي أجراه أوباما عليها، يبدو أنها ستلاقي المصير نفسه الذي لاقته الجهود الشاملة المشؤومة التي بذلها الرئيس الأسبق بيل كلينتون عام 1993، لإعادة صياغة الرعاية الصحية الأميركية.

 

كما وعد أوباما أيضا بإعادة صياغة الحرب على الإرهاب، بما فيها تغيير اسمها إلى «العمليات الخارجية الطارئة». وشن حملات لإنهاء المحاكم العسكرية، وعملية تسليم المدانين إلى البلاد التي ينتمون إليها، وكذلك إغلاق مركز اعتقال خليج غوانتانامو.

 

وكان يفترض إعادة تقليص صلاحيات القانون الوطني العام، وإعادة البحث في مسألة طائرات الاستطلاع من طراز «بريديتور» التي تعمل بالتحكم عن بعد. وعندما كان أوباما مرشحاً رئاسياً، طالب بسحب القوات الأميركية من العراق في مارس 2008.

 

وأعلن أن التعزيزات قد فشلت في وقف الحرب الضروس الناشبة هناك. وتم التخلي بالكامل عن استراتيجية إعادة الترتيب الشاملة للبيت الأميركي، وواصل أوباما عوضاً عن ذلك تطبيق كل البروتوكولات القديمة المناهضة للإرهاب، التي أصدرها سلفه بوش.

 

وعلى الرغم من حديثه في حملته الانتخابية عن وجوب الانسحاب من العراق على وجه السرعة، وانتقاده لترويع المدنيين الآمنين في مناطق الحروب، تابع الرئيس الأميركي كل سياسات الرئيس الأميركي السابق في أفغانستان والعراق.

 

كما لم تتحقق وعوده الصارخة بإغلاق معتقل غوانتانامو، واستجواب محققي المخابرات المركزية الأميركية السابقين، ومحاكمة بعض المتهمين بالإرهاب أمثال خالد شيخ محمد، في نيويورك، وربما لن تتحقق مطلقاً.

 

ونظرا لعدم مبالاته بالتفجر الداخلي لرعايته الصحية، ومواجهته التي كانت وشيكة للإرهاب، وفشله في استطلاعات الرأي، وعد أوباما جماعات المهاجرين من أميركا اللاتينية بأنه سيسعى لإجراء إصلاحات شاملة في قوانين الهجرة، وأنه قد يدعم «قانون الإصلاح الشامل للهجرة من أجل الأمن والرخاء في أميركا»، الذي يؤيده الديمقراطيون.

 

وبالطبع، كان بوش قد فشل في إصدار تشريع شامل للهجرة في عام 2008، نتيجة لرغبته في معالجة كل المشكلات في الوقت نفسه، بدءا من إغلاق الحدود، والعمال المهاجرين، وانتهاء بمنح العفو للمهاجرين غير الشرعيين، واكتساب الجنسية الأميركية.

 

وعوضاً عن ذلك كان من الأفضل كثيراً بذل جهود متواضعة أكبر من مجرد إغلاق الحدود، والقلق من المشاكل الأخرى لاحقاً. ويمكن تحقيق ذلك بسهولة أكبر من خلال التنفيذ العملي لقانون العقوبات الحالي على أرباب العمل، واستكمل بناء السياج الحدودي.

 

وفي الواقع، لم ينجح سوى عدد محدود جداً من الرؤساء الأميركيين السابقين في إجراء إصلاحات شاملة، فبوش تعهد في ولايته الثانية بعد فوزه على المرشح الديمقراطي جون كيري عام 2004، بتحويل الضمان الاجتماعي العام إلى مشروع شبه خاص. وكان هذا أشبه بخطة أوباما الشاملة، ولكن بصورة معاكسة.

 

حيث يتاح للعمالة الشابة فتح حسابات استثمار خاصة بها. وبالنسبة لجهود أوباما التي انصبت على إعادة صياغة الرعاية الصحية، فكلما ازدادت جهود بوش في تنظيم حملات في أرجاء الولايات المتحدة من أجل إجراء إصلاحات شاملة في الأمن الاجتماعي، زادت المعارضة الشعبية لها.

 

وكان أسهل كثيرا رفع سن التقاعد عاما أو عامين. والسؤال المطروح: لماذا تفشل مثل هذه الجهود الشاملة في العادة؟

 

ليست كل السياسات الحالية فاسدة في الغالب، فإعادة صياغتها من نقطة الصفر لها علاقة كبيرة بالسياسيين وحقوق التفاخر بالتغيرات الكبيرة، التي يتم إنجازها على اعتبار أنها من الاحتياجات الحقيقية.

 

كما أن الإصلاحات الشاملة غالبا ما تشمل فرض قوانين جديدة، وتحتاج إلى مزيد من المال، ومزيد من البيروقراطية.

 

ومع ذلك فإن كل مشكلة تواجه أميركا تكون ناجمة عن الكثير من النفقات الفيدرالية، وعمليات الاقتراض، وهذا ينطبق على عمليات الإنفاق الحكومية، وعمليات الاقتراض. وأخيرا، فإن القيام بإصلاحات شاملة يعني سنوات من الجدل والمفاوضات التجارية الشاقة، من قبل جماعات الضغط التي تسعى لتنفيذ أي شيء تريده.

 

وما أن تهدأ المصالح الخاصة أو تتحقق، حتى تبدو التشريعات القانونية الناجمة عنها غير شبيهة بما كانت معدة له وباختصار، عادة ما يفشل الدواء الحكومي الشامل في علاج المرض الحكومي.

 

وإذا أراد الرئيس أوباما إحداث تغيرات شاملة، فمن الأفضل ألا ينفق مزيداً من الأموال التي لا يمتلكها الأميركيون. وهذا درس آخر من أغسطس قيصر، الذي وضع الأولوية للإصلاح المالي، وسلامة الميزانية المالية.

أستاذ الدراسات الكلاسيكية والتاريخية في جامعة ستانفورد

===========================

الحوار اللبناني في الوقت الضائع

بقلم :جورج ناصيف

البيان

17-3-2010

بعد تجربتين سابقتين في الحوار الوطني (2006-2008) برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، انعقدت دورة ثالثة من الحوار برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، تميزت عن سابقاتها بثلاثة أمور في الشكل..

 

1 حضور القادة السياسيين الرئيسين، من غير طاقم من المستشارين والمساعدين كما حدث في جولة الحوار الأولى سنة 2006.

 

2 ارتفاع عدد المشاركين من 14 إلى 20 عضواً، بمن فيهم رئيس الجمهورية نفسه، وذلك بعد دخول وجوه جديدة هي: نجيب ميقاتي، فريد مكاري، جان أوغاسبيان، إلياس المر، سليمان فرنجية، طلال أرسلان، أسعد حردان وفايز الحاج شاهين.

 

أما الذين حضروا في الجلسات السابقة ولم يتم تعيينهم في دورة الحوار الحالية، فهم أربعة: ميشال المر، بطرس حرب، غسان تويني، وإيلي سكاف.

 

طاولة الحوار أثارت جملة من الاعتراضات والملاحظات السلبية، أبرزها:

 

1 اعتبار الحوار (مسرحية) استعراضية، نظراً لأن قراراته غير ملزمة ولا تمتلك أية آلية تنفيذية.

 

2. اعتبار جلسات الحوار تخطياً للمؤسسات الدستورية (مجلس الوزراء، مجلس النواب)، المولجة رسمياً بالحوار الوطني بين فرقاء المجتمع.

 

3 التشكيك في توقيت الدعوة إلى مؤتمر الحوار، حيث إن الدعوة خرجت في البداية من الإرادة الأميركية ومن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قبل أن تصدر من رئاسة الجمهورية اللبنانية، بحيث اعتبرت الدعوة اللبنانية مجرد خضوع للتوقيتات الأميركية أو استجابة سريعة لطلبات الأمم المتحدة، أكثر من كونها استجابة لحاجات لبنانية ضاغطة.

 

4 التشكيك في الدعوة أيضاً، باعتبارها جاءت إثر مؤتمر دمشق الذي جمع الرئيسين السوري بشار الأسد والإيراني أحمدي نجاد والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والذي أظهر إلى العلن تحالفاً ثلاثياً مواجهاً إسرائيل وراغبا في اجتذاب لبنان إلى فلكه.

 

5 اعتبار حركة 14 آذار أن تمثيل القوى السياسية الحليفة لسوريا قد ارتفع بشكل ملحوظ، مع انضمام سليمان فرنجية والوزير السابق طلال أرسلان والوزير السابق أسعد حردان إلى طاولة الحوار، والقادة الثلاثة من أقوى حلفاء سوريا على الساحة اللبنانية.

 

6 اعتراض كثيرين على غياب المعيار الواضح في اختيار المدعوين إلى طاولة الحوار، سواء كان مناطقيا أو طائفيا أو سياسياً.

 

7 مطلبات حركة 14 آذار بتمثيل الجامعة العربية على طاولة الحوار، تنفيذا لقرار سابق من هيئة الحوار التي انعقدت عام 2008، وتأميناً لتوازن عربي في مواجهة التمثيل السوري البالغ بين الفرقاء.

 

8 مطالبة البعض بتوسيع مواضيع الحوار، حتى لا تكون مقتصرة على بند وحيد هو «الإستراتيجية الدفاعية» للبنان، كما هو معلن في الدعوة إلى مؤتمر الحوار.

 

هذا في جانب الملاحظات السلبية، أما مؤيدو الحوار فقد أوردوا ثلاثة أسباب للترحيب بهذا الحوار المتجدد:

 

1 إن هيئة الحوار تشكل مرجعية وطنية عالية يناط بها تمثيل جميع الفرقاء السياسيين. وهي نوع من «مجلس الحكماء» أو «مجلس الشيوخ» الوارد في اتفاق الطائف، والذي لم يبصر النور بعد.

 

2 أن اللجوء إلى الحوار في غرفة مقفلة، هو السبيل الوحيد لمنع انتقال الخلافات إلى الشارع وإلى الاحتكام للعنف المسلح.

 

3 أن التمثيل القائم في هيئة الحوار، هو جامع وقريب من الشمولية الموجودة، فلا سبيل في الواقع إلى تمثيل الجميع، وإلا كانت طاولة الحوار أشبه بمجلس النواب أو هيئة فضفاضة لا قدرة لها على صياغة المشتركات الوطنية.

 

وفي الواقع انعقدت طاولة الحوار رغم الملاحظات، وجلس الجميع إلى طاولة جمعت الأضداد السياسيين لمدة ساعتين متصلتين.

 

فما هي الملاحظات والاستنتاجات التي خرج بها المراقبون السياسيون؟

 

هناك إجماع في الوسط السياسي على تسجيل الملاحظات الآتية:

 

1 كان الانقسام السياسي واضحا بين معسكري 8 آذار و14 آذار، سواء في الأطروحات السياسية أو في السلوكيات الاجتماعية (المصافحة، أو ترتيب مقاعد الجلوس).

 

فعلى امتداد ساعتين، كرر ممثلو 14 آذار (سمير جعجع، الرئيس أمين الجميل، فريد مكاري، فؤاد السنيورة) الذين تعاقبوا على الإدلاء بآرائهم، الأطروحات التقليدية لفريق 14 آذار: المطالبة بحصر السلاح في يد الدولة، رفض قيام فريق لبناني واحد باتخاذ قرار السلم والحرب نيابة عن اللبنانيين ومن غير موافقتهم.

 

في المقابل، استمر أركان 8 آذار الذين أدلوا بمداخلاتهم، في الدفاع عن المقاومة وسلاحها وحاجة لبنان إلى قدرتها العسكرية (العماد ميشال عون، سليمان فرنجية، طلال أرسلان، أسعد حردان).

 

2 لوحظ أن الأطراف الرئيسية في 8 آذار، لم تدل بمواقفها بعد (حزب الله، حركة أمل)، وأرجأت تقديم مداخلاتها إلى جلسة لاحقة.

 

3 تكرس خروج النائب وليد جنبلاط من صفوف حركة 14 آذار، سواء من حيث التعليقات أو مواقع الجلوس على الطاولة، والتزامه الحوار الشخصي المستمر مع الوزير إلياس المر، بحيث شكل الطرفان موقعاً وسطياً بين 8 و14 آذار.

 

4 إثارة المشاركين عددا من المواضيع، إضافة إلى البند الطاغي وهو السياسة الدفاعية للبنان (أبرز ما أثير هو مسألة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، والحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين).

 

في الخلاصة، لم تخرج جلسة الحوار الأولى عن كونها دخولا تمهيديا في الحوار الذي يتوقع أن يبدأ لاحقا، وإن تكن الآمال في بلوغه نتائج جامعة، ضئيلة جداً.

 

ماذا حققت الجلسة الأولى؟ حققت الاستمرار في جو التهدئة السياسية والإعلامية في فترة انتظار إقليمية. إنه (حوار في الوقت الضائع)، في انتظار أن تتضح الصورة على مستوى الشرق الأوسط، سواء في الملف الفلسطيني  الإسرائيلي، أو في العلاقة الأميركية  الإيرانية.

كاتب لبناني

===========================

كم ستبتعد أميركا عن إسرائيل؟!

د. غسان إسماعيل عبدالخالق

 الدستور

17-3-2010

بلسان كادت تشله المفاجأة ، هتف أبراهام فوكسمان عضو رابطة مكافحة تشويه سمعة إسرائيل قائلا: نحن مصدومون ومندهشون بسبب نبرة الإدارة الأميركية تجاه إسرائيل وإصرار هذ الإدارة على تعرية إسرائيل علانية، وبعد أن أكد انعدام قدرته على تذكر سابقة اشتملت على استخدام مثل هذه اللغة الحادة مع اسرائيل ، تساءل فوكسمان بحرقة: ترى ما المدى الذي يمكن للولايات المتحدة الأميركية أن تبلغه وهي تبتعد عن إسرائيل في سبيل إرضاء الفلسطينيين،،.

 

هذه التصريحات الملتاعة المفجوعة الصادرة عن أحد أبرز رموز اللوبي الصهيوني في أميركا جاءت في أعقاب الاتصال الهاتفي الذي أجرته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلنتون مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأبلغته خلاله باعتراضها الشديد على الإعلان عن مشروع بناء وحدات سكنية استيطانية جديدة في القدس الشرقية فيما كان نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن يقوم بزيارته لإسرائيل ، وقد اتبعت هذا الاتصال الغاضب بتصريح مدوْ لشبكة السي إن إن أكدت فيه أن الإعلان عن مشروع بناء وحدات سكنية استيطانية جديدة في القدس الشرقية فيما كان نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن يقوم بزيارته إلى إسرائيل كان عملاً مهيناً،،.

 

وقد زادت التصريحات الصادرة عن اللجنة الرباعية والأمين العام للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والسويد وإسبانيا - وكلها تؤيد هيلاري كلينتون وتنتقد إسرائيل - من حجم هذه الفجيعة غير المسبوقة.

 

أما أن أميركا آخذة في الابتعاد عن إسرائيل إرضاء للفلسطينيين فهذا كلام يمكن لأبراهام فوكسمان أن يأكل به عقول الناخبين الأميركيين عموماً وعقول أنصار اليمين الأميركي خصوصاً بغية إحداث أكبر حالة من الذعر والبلبلة في أوساط الرأي العام الأميركي وتأليبه للضغط على الإدارة الأميركية (القاسية) في تعاملها مع حليفتها التاريخية وإجبارها على العودة إلى أسلوبها الناعم مع هذه الحليفة. وأما أن أميركا منزعجة جداً من إسرائيل فهذا مؤكد جرّاء الطريقة التي تصر إسرائيل من خلالها على تفجير كل إمكانيات استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين ، سواء من خلال التضييق على أبناء غزة ومحاصرتهم عسكرياً وسياسياً وإنسانياً واقتصادياً ، أو من خلال الإقدام على ضم الحرم الإبراهيمي في الخليل ومسجد بلال في بيت لحم رغم أنهما خاضعان للسلطة الوطنية الفلسطينية وخرجا من دائرة الاحتلال الإسرئيلي ، أو من خلال التحرش الدائم بأبناء القدس ومصادرة ممتلكاتهم وتصعيد أعمال الحفريات التي من شأنها التسبب في أية لحظة بانهيار المسجد الأقصى وقبة الصخرة تمهيداً لافتتاح (كنيس الخراب) على بعد أمتار من المسجد الأقصى في الحي الإسلامي بالقدس المحتلة. ولا ريب في أن (البلطجة السياسية) هي الصفة الأكثر انطباقاً على ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في أذهان ممثلي المجتمع الدولي الذين لم يعودوا قادرين على إخفاء امتعاضهم الشديد من هذه العنجهية السياسية التي يقودها بنيامين نتنياهو.

 

وأما أن تكتفي السلطة الفلسطينية بدعوة الإدارة الأميركية إلى ترجمة انزعاجها من إسرائيل إلى قرارات ملزمة ، فهو أيضاً ضرب من توهم دالّة ليست موجودة ، لأن المطلوب من صانع القرار الفلسطيني - قبل أن يتدلّل على صانع القرار الأميركي - الإسراع في ترتيب البيت الداخلي في الضفة الغربية وفي غزة ، والعمل بكل الوسائل الممكنة لتوقيع وثيقة التفاهم بين فتح وحماس ، حرصاً على تحسين الموقف التفاوضي للفلسطينيين الذين فقدوا كثيراً من وزنهم السياسي ومصداقيتهم الدولية بسبب انقساماتهم الداخلية واقتتالهم الضاري.

 

وأما أن يكتفي العرب بالتشفي بإسرائيل لأنها تفتقر إلى الذوق واللباقة الدبلوماسية مع حليفتها الرئيسة فهذا رهان على سحابة صيف سوف تنقشع بسرعة ، فالعلاقة الأميركية الإسرائيلية أعمق وأوثق من أن تهتز لأسباب تتعلق بإحراج مسؤول أميركي فيما هو يقوم بزيارة إلى إسرئيل. والمطلوب من الدبلوماسية العربية سرعة التحرك باتجاه صانع القرار الأميركي لتعزيز تفكيره الإيجابي تجاه القضية الفلسطينية فضلاً عن دعم الموقف التفاوضي للفلسطينين وتشجيعهم على استعادة وحدتهم الوطنية وإعادة ترتيب أوراقهم ، وتقديم كل الدعم المادي والإعلامي اللازم لهم ، وخاصة على صعيد المعركة الفاصلة الشرسة التي يخوضونها في القدس دفاعاً عن مقدسات العروبة والإسلام.

===========================

كنيس الخراب

خليل قنديل

 الدستور

17-3-2010

رأيتهم بأم عيني اول أمس وهم يحملون تاريخهم على ظهورهم ، ويعبرون ازقة الحي الذي صار اسمه حي اليهود ، ويقبلون على افتتاح كنيسهم الجديد المجاور للمسجد الاقصى ، والذي أعطوه اسمه الجديد "كنيس الخراب".

 

رأيت فرحهم الغبي في احتلال الامكنة العربية والاسلامية وهم يحملون "توراتهم" الذي كان يختبئ في ثنايا وتسطيحات جدار البكاء الذي كان يحمل اسم جدار البراق. رأيت حاخاماً مسناً يمسك ونحن في الالفية الثالثة بريشة يغمس رأسها بالحبر ليدون سطره اللاهوتي الاضافي في التوراة التي كانت ترتعش بالاكف والايدي التي تحملها. حاولت أن أخمن ما كتبه الحاخام الهرم والذي كان يبدو أنه خرج من أغوار التاريخ للتو فلم أعرف ، سوى انه يمارس فعل الحقد الابدي لليهود على الامكنة ومحاولة تذوق طعم الاقامة فيها من جديد.

 

رأيتهم بأم عيني وهم يحملون بعض البيارق التي تشبه الخيمة ، التي ظلت طائرة عبر قرون عديدة في التاريخ كي تؤكد تشتتهم في جغرافيا الكون ، وكانت الخيمة ترتعش وتهتز منبهرة اخيراً بوجود المكان الذي يوحي بالثبات وبيقين التديُّن.

 

رأيتهم بأم عيني "التلفزاية" وهم يرقصون ويصفقون فرحأ وغناء وهم يعبرون المبنى الذي دشنوه حديثاً وصار اسمه كنيس الخراب. وكان عليّ أن استهجن من تلك الذاكرة اليهودية ، التي ظلت تعتقد أن هذا الكنيس اقيم في الاساس ، وأخذ هذه التسمية التخربية ، بسبب ما وقع على الهيكل المزعوم من خراب. وأن فرحة الافتتاح لهذا الكنيس قادت المحتفلين الى قناعة عجيبة من انهم ذهبوا في الخطوة الاولى نحو اعادة بناء الهيكل السليماني المقدس.

 

رأيتهم بأم عيني اول أمس وهم يمارسون هوايتهم المزمنّة في قيادة التاريخ من ياقته وادخاله قسراً في الالفية الثالثة ، وجعله يمارس غباءه المكاني من جديد. على اعتبار أن لليهود وحدهم - من بين كل الامم والاديان - الحق في استحضار عقدهم التاريخية ، دون أن يتهموا بتلك المسميات الجديدة والمتطايرة في كل ارجاء الكون عن التطرف والارهاب .

 

رأيتهم بأم عيني اول أمس وهم يدخلون كنيسهم المتورم عمرانيأ بقبته ومساحته كي يتطاول على الاشراقة الذهبية لقبة الصخرة المشرفة. رأيت كنيسهم الذي يحمل اسم الخراب ، ورأيت الخراب المقبل على فضاء المدينة المقدسة ، وتلك الاعمال التي تسعى لتحقيق النبوءة التاريخية والتي تقول: بأن حال القدس لن يصلح حتى يصل الدم في ازقتها وحواريها حد الرُكب.

===========================

دولة مارقة... وحليفة!

عبد الوهاب بدرخان

الاتحاد الاماراتية

الرأي الاردنية

17-3-2010

 في غضون أسابيع قليلة اضطرت إسرائيل للاعتذار مرتين. أولاً عندما تعمد نائب وزير الخارجية إهانة سفير تركيا التي يفترض أنها صديقة لكن ناقدة، وإسرائيل لا تقبل النقد حتى من الأصدقاء. وثانياً بعدما تعمد رئيس الوزراء، بواسطة وزير داخليته، إهانة نائب الرئيس الأميركي الزائر، وهو المعروف والموصوف بأنه الأكثر قرباً وتعاطفاً مع إسرائيل في الإدارة الأميركية الحالية.

في المرة الأولى طولب نتنياهو داخلياً بإجراء ضد داني إيالون، ليس من أجل تركيا وإنما لأنه من كبار مسؤولي الدبلوماسية وتصرف بطريقة سوقية لا علاقة لها بالدبلوماسية، إلا أن رئيسه تضامن معه.

وفي الثانية وضع نتنياهو اللوم على الوزير إيلي يشاي الذي اتخذ قراراً يفترض أنه يمس «استراتيجية» الحكومة المتعلقة ب«تجميد» شكلي كاذب للاستيطان استدراجاً للفلسطينيين إلى مفاوضات ولو غير مباشرة، وبرمج إعلان القرار ليأتي بمثابة استقبال حار للصديق جو بايدن. لا داعي لانتظار إهانة ثالثة (قد تتعرض لها غداً وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون) لإدراك أن حكومة إسرائيل الحالية تتبع سياسة مدروسة هي الرعونة.

قبل نائبه، كان أوباما خبر شخصياً شيئاً من صلف هذه الدولة المارقة، لكن الصديقة والحليفة أيضاً، التي تتوقع منها واشنطن أن تكون متعاونة أو على الأقل آخر من يعمل على إفشال سياساتها. وكان نتنياهو تفاخر علناً بأنه كسر الضغط الأميركي لوقف الاستيطان، وأجبر أوباما على التراجع، ولم يكتف بذلك بل توعد بأنه يستطيع أن يهزم الرئيس الأميركي في الكونجرس.

وعلى رغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نال توبيخاً في لقائه الأخير مع أوباما، إلا أنه ماضٍ في تنفيذ وعيده. كذلك على رغم أن صديقة أخرى لإسرائيل مثل هيلاري كلينتون اضطرت لتوبيخه على إحراجه لبايدن، فإن نتنياهو يرى في توالي التوبيخ له دليلاً على أن سياسة الرعونة تحقق أهدافها.

ففي السنة الأولى لأوباما أسقط «ليكود» المطالبة بوقف الاستيطان، وفي الثانية سيسقط المفاوضات والسلطة الفلسطينية المعتدلة، وفي الثالثة قد يفتعل حرباً للإرباك وخلط الأوراق، وفي الرابعة يحشد كل النفوذ الصهيوني لمنع أوباما من البقاء في البيت الأبيض لولاية ثانية. فبعد الآن لن تسمح إسرائيل بمجيء رئيس أميركي يحاول التفكير من خارج الأجندة التي تضعها... هكذا يفكر نتنياهو ووزراؤه المتطرفون المزايدون عليه.

لكن عليهم قبل ذلك أن يتعاملوا مع الأزمة الراهنة، وهي أزمة حقيقية بالمقاييس الأميركية، لا العربية.

أسوأ الحلول لهذه الأزمة قد يأتي من معالجتها «بين حلفاء» أو «بين أصدقاء» كما يمكن أن يقال. سيكون الأسوأ للإدارة الأميركية نفسها، وليس للعرب الذين ليست لديهم أوهام، لأن مثل هذا الحل سيطمئن نتنياهو إلى أنه يستطيع أن يواصل العمل على طريقته. قد يدخل مفاوضات غير مباشرة فقط ليتأكد من أنه سيكون كفيلاً بإفشالها. قد يوهم الأميركيين بأنه سيلتزم التوصل إلى حل نهائي خلال سنتين، فقط لينتزع درجة أعلى من التشدد الأميركي حيال إيران، ومن دون أن يسمح للحل النهائي بأن يرى النور. قد يعلن تجميداً مؤقتاً للاستيطان، فقط لاستفزاز حلفائه المتطرفين في الحكومة ليمارسوا أقصى العبث في المواقع الإسلامية المقدسة.

لم تكن الإهانة لبايدن وإنما لأوباما نفسه. أرادت إسرائيل أن تبرهن للعرب والفلسطينيين أن التعهدات الأميركية التي يستندون إليها لدخول المفاوضات لا تساوي شيئاً على الإطلاق. الأزمة الحالية يجب أن تشخص بل يجب أن تشكل فرصة لحل يقوم على توضيح الالتزامات وليس على مساعدة نتنياهو على التخلص منها، فهو يبحث أساساً عن أي ذريعة لإحباط التفاوض وتأجيل موجبات الحل النهائي ومتطلباته. طوال عقدين من الزمن كان العرب يقولون إن إسرائيل لا تريد السلام. والآن أصبح الجميع يقولون ذلك. ولا يكفي أن تقوله أميركا أيضاً، فهي قبل سواها مطالبة بأن تحمل إسرائيل على التصرف بمسؤولية، وليس كدولة مارقة.

===========================

صدقية أميركا والعرب على المحك

راجح الخوري

النهار

17-3-2010

عندما سألت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الرئيس سعد الحريري كيف نساعدكم، رد بالقول: "تساعدوننا عبر تحقيق تقدم فعلي لحل القضية الفلسطينية وانهاء الصراع العربي الاسرائيلي".

يشكّل هذا الجواب نواة جيدة وممتازة لتظهير موقف صلب وواضح خلال القمة العربية التي ستعقد في نهاية هذا الشهر من شأنه ان يضع الاسرة الدولية امام مسؤولياتها، عبر التأكيد ان المساعدة الاجدى والانفع التي يمكن تقديمها هي تحقيق السلام في الشرق الاوسط عبر اقامة الدولة الفلسطينية وطي ملف النزاع الاكثر مرارة ودموية في التاريخ.

واذا كان الحريري قد اضاف في سياق رده على ميركل ان لبنان كان وسيبقى من اولى ضحايا فشل حل الصراع العربي الاسرائيلي، فان العلاقات العربية مع دول العالم كما العلاقات بين الاسلام والغرب ستبقى ايضا من ضحايا الفشل المذكور.

في اي حال، سيكون الوضع المتفجر في فلسطين المحتلة وما قد يسببه من تداعيات اقليمية محتملة موضع نقاش مستفيض اليوم الاربعاء، خلال الاجتماع الذي ستعقده "الرباعية الدولية" في موسكو للنظر في ما آلت اليه مسألة التسوية في الشرق الاوسط. ولعله من المفيد ايضا ان يكون كلام الحريري مدخلا لمقاربة مسؤولة من اطراف "الرباعية الدولية" حيال خطورة ما يجري في فلسطين وما يمكن الاسرة الدولية ان تقدمه لانهاء ذلك المستنقع الدموي الملتهب الذي يحركه الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين.

واضح تماما ان بنيامين نتنياهو يواصل سياسة تحدي الادارة الاميركية في مسألة الاستيطان. وقد بدا من خلال موقفه اول من امس انه يرفض وضع قيود على الاستيطان في القدس، ان الامور تتجه نحو مزيد من التعقيد بين واشنطن وتل ابيب. واذا كان السفير الاسرائيلي في واشنطن قد اعتبر ان العلاقات بين البلدين تمر باسوأ ازمة منذ 35 عاماً، فإن الخروج من هذه الازمة قد لا يكون عبر الردود التي ينتظرها الرئيس باراك اوباما من نتنياهو في ما يتعلق باربعة طلبات قيل إن البيت الابيض ارسلها الى اسرائيل، معتبرا ان لا تنازل عنها، وهي:

اولا: الغاء قرار انشاء 1600 وحدة سكنية في القدس.

ثانيا: اجراء تحقيق جاد حول هذا القرار وظروفه.

ثالثا: القيام بخطوات تدل على وجود نيات حسنة تجاه الفلسطينيين!

رابعا: الاعلان رسميا عبر الحكومة الاسرائيلية ان المفاوضات ستعاود مع الجانب الفلسطيني.

لكن بدا امس ان نتنياهو يملك مجموعة من الارانب السوداء والبغيضة التي قد تقفز من قبعته السياسية في محاولة منه لتجاوز الازمة مع اوباما. من هذه الارانب على سبيل المثال:

اولا: قرار تدشين "كنيس الخراب" الذي اثار اضطرابات وصدامات جرت امس في القدس، لان من الواضح ان هذا الكنيس انما يأتي خطوة اضافية في اتجاه السعي الاحمق والمحموم للاستيلاء على الحرم القدسي. وقد يتطور الامر الى قيام انتفاضة جديدة تشمل الاراضي الفلسطينية المحتلة كلها، بما يساعد في تجاوز الخلاف بين واشنطن وتل ابيب!

ثانيا: ظهور مؤشرات تفيد أن نتنياهو لن يتوانى عن اتهام باراك بمحاولة اسقاط الحكومة الاسرائيلية، وهذا يعني ايضا محاولة لتجاوز الخلاف حتى ولو ادى الامر الى التلويح باستقالة الحكومة الاسرائيلية.

ثالثا: مراهنة نتنياهو على كسب المزيد من الوقت بهدف اعادة تأجيج الحملة الصهيونية ضد اوباما، سواء داخل الكونغرس او حتى في وسائل الاعلام الاميركية وداخل الحزب الديموقراطي. وكذلك كسب مزيد من الوقت لان الانتخابات النصفية في الكونغرس، التي ستجري في نهاية الصيف، تشكل عامل ضغط على البيت الابيض عبر اللوبي الصهيوني.

رابعا: المراهنة على توسيع حلقة العدوان والنار انطلاقا من تأجج الاوضاع في القدس والضفة الغربية بعد افتتاح "كنيس الخراب" بما يثير مخاوف حقيقية من قيام عدوان اسرائيلي يستهدف جنوب لبنان.

إن مثل هذه الاحتمالات تصبح اكثر وضوحا وجدية عندما يقرأ المراقب تصريحات المتحدث باسم الخارجية الاميركية فيليب كراولي الذي قال إنه "رغم الخلاف، فان اسرائيل حليف استراتيجي لاميركا وستبقى كذلك... وان التزامنا امن اسرائيل يبقى قائما ولا يمكن ان يتزعزع". وتتسع حلقة الدهشة عندما يرفض كراولي الانتقادات الفلسطينية لتدشين "كنيس الخراب" قائلا: "إننا نجد تصريحات عدد من المسؤولين الفلسطينيين في شأن ذلك الكنيس مزعجة ازعاجا عميقا، الامر الذي من شأنه ان يزيد التوتر الذي نشهده"، وهذا ما يدفع الى التساؤل عما اذا كانت الاهانات التي يوجهها نتنياهو الى الادارة الاميركية مزعجة بالمقدار عينه؟!

وفي ظل الحرص الاميركي المؤسف على التحالف الاستراتيجي مع اسرائيل، تبدو الازمة المتصاعدة بين باراك ونتنياهو وكأنها ستتحول غمامة صيف وتمضي. هذا ليس بجديد في علاقات البلدين، فقد استطاع القادة الاسرائيليون بالتعاون مع المنظمات الصهيونية تجاوز كل الازمات السابقة وإن كانت هذه الازمة اكثر بروزاً من سابقاتها.

على خلفية كل هذا، يحتاج العالم العربي الذاهب الى مؤتمر القمة في ليبيا الى بلورة موقف صارم ومسؤول يضع الاسرة الدولية امام مسؤولياتها، ربما انطلاقا من المعنى الضمني لكلام رئيس الحكومة اللبنانية الذي يرى ان صدقية العالم هي على المحك، وان افضل ما تقدمه "الرباعية الدولية" من مساعدة للبنان والمنطقة وللعلاقات بين الشرق والغرب اتخاذ موقف جاد ومسؤول يساعد في انهاء النزاع العربي الاسرائيلي المزمن، الذي اسقط كثيرا من الضحايا بشرا ودولا وانظمة وعلاقات تتآكلها الريبة والكراهية بين العرب والعالم.

===========================

اختلاق الأعداء لصرف الانتباه.... تقليد أميركي راسخ

بقلم: والتر روجرز‏

كاتب ومحلل سياسي أميركي‏

كريستيان ساينس مونيتور

ترجمة

الأربعاء 17-3-2010م

حكمت فاكه

الثورة

المحنة السياسية التي يعيشها الرئيس الأميركي أوباما أخطر مما يعتقد أو يقدر البعض، وربما لانجافي الحقيقة إذا ما قلنا ذلك،

فحتى الآن يبدو أنه ينظر إلى معارضيه كأعداء يمكن أن يتم كسبهم بأسلوبه المميز في الحديث والإقناع.‏

والحقيقة التي يتعين عليه معرفتها هو وجود أعداء حقيقيين يتربصون به الدوائر ومصممين على تدمير رئاسته وإدارته.‏

وحتى ينقذ برنامجه من براثن هؤلاء الأعداء ويحقق ما وعد به وانتخب من أجله، يجب عليه أن يتصرف كأسد داخل البيت الأبيض، يجب عليه تبني مواقف صارمة وصلبة، ليس فقط لأن الاستياء والغضب الشعبي يحققان النقاط الأعلى في استطلاعات الرأي العام الأميركي، بل لأن نجاح قيادته يعتمد على التصدي لكل من يتحداه سياسياً.‏

فيرى كل من الجمهوريين ومديري البنوك الكبيرة في وول ستريت، إضافة إلى التأمين الصحي وشركات الأدوية في أوباما العدو رقم 1 الذي يجب الإطاحة به وبجهوده.‏

فمثلاً، لايخفون شماتتهم بانتكاساته التشريعية، لذلك من غير المفيد استمرار الرئيس بمد يده إلى جميع هؤلاء الذين يرغبون بفشله وعجزه عن إنجاز وعوده ومواصلة سياساته، ولا يوجد مايمكن أن يقوم به لإرضاء الجمهوريين المصممين على معارضته، ولاأظن أنهم يرغبون في التحول إلى شركاء له حتى عندما شارك في مؤتمر الحزب الجمهوري في الثلاثين من كانون الثاني الماضي في محاولة يائسة وفاشلة منه لحشد تأييدهم وضمان دعمهم.‏

إن كل مايحتاجه أوباما في هذه المرحلة هو ما عبر عنه أكاديمي أوكسفورد (إي - دي - ناتال) في كتابه المشهور والممتاز (شكسبير المفكر) عندما قال ذلك المفكر الكبير: يحتاج الزعماء السياسيون أحياناً إلى شيطنة الآخرين حتى يبقوا سيطرتهم على مواطنيهم... فحتى يحكم الناس يجب إخافتهم أولاً.‏

ويقدم الكاتب ناتال هنا مثالاً عن ملك انكلترا هنري الخامس الذي شن حرباً على فرنسا لإخماد التمرد الداخلي.‏

ففي واشنطن يوجد تقليد أساسي وراسخ في خلق الأعداء لأهداف سياسية صرفة بحيث لم ينجح في هذا الإطار أحد أكثر من الرئيس ريتشارد نيكسون الذي كان بارعاً في خلق الأعداء، فلعدة عقود اتهم خصومه بالتعاطف مع الشيوعيين، وهو تهديد كان مبالغ فيه كثيراً.‏

لكن عندما أصبح نيكسون رئيساً وبدأ هو شخصياً يصادق قادة الصين والاتحاد السوفييتي كان يجب عليه خلق أعداء آخرين لصرف انتباه الرأي العام، فلجأ إلى توظيف مخاوف البيض من ارتفاع الجريمة، بحيث نجح في كسب الديمقراطيين في الولايات الجنوبية الذين لم ترق لهم برامج الرئيس جونسون بخصوص الحقوق المدنية.‏

وفي الإطار ذاته، استخدام هاري ترومان الخطر الشيوعي لضمان تمرير قوانينه في الكونغرس ولاسيما بعد استماعه إلى نصيحة السناتور آرثر فاد ينبروغ الذي أشار عليه (بتخويف الكونغرس للحصول على المال).‏

حقيقة، إننا أمام لحظة حاسمة في رئاسة أوباما تتطلب قدراً من القيادة فشل في إظهارها حتى الوقت الحالي.‏

لكن على ما يبدو فإن أوباما درس القانون طويلاً ولم يقرأ مافيه الكفاية من العبقري شكسبير.‏

فعلى لسان الملك هنري الخامس يقول شكسبير: (في أوقات السلام لاشيء يليق بالرجل أكثر من التواضع والهدوء) لكن أعداء أوباما لايكفون عن شن حروب يومية ضده، لذلك قد يكون خياره الوحيد متابعة كلمات الملك هنري الخامس الذي قال: لكن عندما تدق طبول الحرب في آذاننا.. يتعين علينا تقليد حركات الأسد عندما تتصلب العروق، وتتدفق الدماء.... ويسيطر الغضب على الطبيعة المسالمة... وليقدح الشرر من العيون.‏

فهل يقدح الشرر من عيون أوباما؟ وإذا لم يفعل ذلك يجب عليه قراءة شكسبير جيداً.‏

===========================

ليس على الكلام “جمرك”

آخر تحديث:الأربعاء ,17/03/2010

ميشيل كيلو

الخليج

أحسن آية الله خامنئي، مرشد الثورة الإسلامية وقائدها، عندما تساءل خلال لقاء موسع ضم كبار مسؤولي الدولة الإيرانية وسفراء الدول الإسلامية في طهران: “لماذا أصبح العالم الإسلامي، ورغم وجود الإمكانات الهائلة، يتخبط في شتى التخلفات الاقتصادية والفقر الثقافي والعلمي، ولا تستطيع البلدان الإسلامية أن تدافع عن نفسها إزاء القوى الاستكبارية والجبارة؟”.

 

أحسن المرشد، خاصة أن كلامه قد يسهم في وضع حد لفكرة واسعة الانتشار مفادها أن قادة إيران يرفضون النظر إلى حالتهم وحالة المسلمين الذاتية، مع أنها تبعث على الرثاء في كل ما يتعلق بالفقر الثقافي والعلمي وسوء - أو عدم - استخدام الإمكانات الهائلة التي بحوزتهم للدفاع عن أنفسهم. قال السيد الخامنئي ما قال، بينما كان يجلس وراءه مباشرة، الرئيس محمود أحمدي نجاد، الذي قال في الذكرى الثالثة والثلاثين لقيام الجمهورية الإسلامية: إن قيام الثورة الإسلامية في إيران هو الذي أدى إلى سقوط النمط الشرقي من الحضارة الغربية، كما كان قائما في الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية، وأن الثورة تسقط في أيامنا النموذج الغربي من هذه الحضارة، القائم في أوروبا وأمريكا. واستنتج أن المستقبل لإيران، التي اعتبرها أقوى دولة في العالم، وأن نموذجها هو الذي سيسود، وفي وقت غير بعيد.

 

ليس على الكلام جمرك. هذا ما يقوله المثل الدارج في سوريا. كل إنسان حر في أن يقول ما يريد، فالعبرة ليست في الأقوال، التي لا تسر أحدا غير العدو، إن كانت خاطئة أو كان بينها وبين الواقع بون شاسع. المشكلة ليست في الكلام، بل في أن من يقوله رئيس دولة تعد قوة إقليمية عظمى بكل معنى الكلمة، ترشح نفسها، وترشحها الأحداث، للعب دور مهم على النطاق الإقليمي، ليس فقط بسبب ما تملكه من إمكانات مادية وبشرية، وخبرات تاريخية ومؤهلات روحية، وتحتله من مواقع حاكمة في سائر المجالات، بل كذلك لأنها تخوض صراعاً شديداً قد ينقلب في أي وقت إلى قتال دموي مع أمريكا: أكثر امبراطوريات التاريخ شراسة وعدوانية، فلا يجوز لقائد إيراني رفع روح قومه المعنوية إطلاق الكلام على عواهنه، أو تأسيس مواقف دولته على حسابات يعرف القاصي والداني أنها تدل على فقر ثقافي وتخلو من الصحة، كالقول إن سقوط المعسكر الاشتراكي السابق سببه الثورة في إيران، مع أن هذا المعسكر كان قد قطع أكثر من ثلاثة أرباع الطريق إلى السقوط عندما انتصرت الثورة، وأن سقوطه نجم عن أسباب داخلية بالدرجة الأولى، عرف الغرب كيف يستغلها ويفيد منها ويجعلها تعجل بسقوط الدولة العملاقة، التي لطالما بدت راسخة كالجبال، عصية على الزوال، تملك ناصية المستقبل وتبشر بنظام عادل سيقوم على أنقاض النظام الرأسمالي المأزوم والظالم، الذي يتحدث الرئيس الإيراني عنه اليوم بهذه اللغة السوفييتية، متنبئاً بقرب سقوطه، متجاهلاً أنها - اللغة - لعبت دوراً خطيراً في انهيار المعسكر الاشتراكي، فقد حجبت عنه رؤية الواقع على حقيقته، وأوهمته أن مفرداتها لديها من القوة ما يجعلها قادرة على دك حصون الرأسمالية الوطيدة وإسقاطها.

 

بعد أسابيع قليلة من خطاب ذكرى الثورة، الذي تنبأ بصعود إيران إلى قوة عالمية قائدة وقطب كوني أوحد، على أنقاض الجناح الرأسمالي من الحضارة الغربية، الوشيك السقوط، قال الرئيس الإيراني في مؤتمر صحافي خلال زيارة إلى دمشق: إن العراق لم يعرف الانقسامات الطائفية والإثنية قبل الاحتلال الأمريكي، ولم يكن مواطنوه يفرقون بين السني والشيعي والعربي والكردي. هذه المعلومة أيضاً فقر ثقافي، شكا منه خامنئي واعتبره سبباً لهزائم الأمة الإسلامية ذات الإمكانات الهائلة. ومع أنني لا أعرف من أين استقى نجاد معارفه، فإنني لا أستطيع الاعتقاد بأنه يصدق ما يقوله: أليس هو من اتهم الرئيس الراحل صدام حسين مرات كثيرة باضطهاد هذه الجهة المذهبية من شعبه لصالح تلك، وأنه قتل الأكراد لمجرد أنهم أكراد، واستغل انقسامات العراقيين للبناء عليها وتضخيمها؟.

 

أنصح نجاد بقراءة كتاب الدكتور علي الوردي، الموسوم “لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث”، الذي يسرد في سبعة أجزاء وملاحق تاريخ الصراعات والانقسامات التي سادت مجتمع العراق منذ الفتح الإسلامي، وتجلت في ما يعتبره الوردي “مرضين قاتلين” هما: غزوات البدو للمدن، التي احتجزت العراق عند مستوى متدن من التطور ودمرته مراراً وتكراراً طيلة قرون مديدة، والانقسام المذهبي، الذي تسبب في مجازر محلية وأهلية لا نهاية ولا حصر لها، أدت إلى تدمير المجتمع العراقي وقواه الحية مرة بعد أخرى. إن من يقرأ هذا الكتاب المهم يجد نفسه مجبرا على طرح سؤال محزن: ترى، كم مرة تم تدمير مجتمع العراق بسبب صراع البدو ضد الحضر، وبفعل انقساماته المذهبية، التي بدأ بتسعير نارها ديلم القرن العاشر، بعد أن حولوها إلى موضوع للسياسة والسلطان، ثم استغلها كل من جاء بعدهم: من السلاجقة إلى الإنجليز، طيلة عشرة قرون كاملة.

 

يحتل الرئيس نجاد موقعاً قيادياً مهماً في العالمين العربي والإسلامي، يجعل سلامة الإقليم وأمنه من سلامة تقديرات الرئيس وثراء ثقافته ودقة معرفته للواقع السائد فيه. بغير هذا، يورط نجاد بلاده في مشكلات فادحة الثمن، ويورط معه من يجارونه في حساباته، من داخل الإقليم وخارجه، في منطقة كثيراً ما دفعت أثماناً باهظة لفقر قادتها الثقافي ولحساباتهم الخاطئة.

 

والآن: إذا كان صحيحاً أن السوفييت سقطوا بفعل الثورة الإيرانية، وأن الجناح الغربي من الحضارة يسقط بدوره تحت ضرباتها، فهذا يعني ببساطة أن لإيران مصلحة استراتيجية في التحرش بالغرب، وأنها هي - وليس أمريكا - من يجر خصومه إلى الحرب في الشرق الأوسط وينشر الفوضى فيه، لسبب بسيط جداً هو أن من غير المقبول أن يوقف طرف منتصر (إيران) معركته ضد طرف خاسر (أمريكا)، وليس معقولاً كذلك أن يواصل طرف خاسر (أمريكا) معركته ضد طرف رابح (إيران)، كانت إيران قد قالت قبل عيد الثورة إنها ضحية صراع يخوضه الغرب ضدها، ورئيسها يؤكد اليوم عكس هذا ويقول إنها هي الطرف الذي يفيد من الصراع ولا بد أن يصرّ على مواصلته، لأن ضحيته ليست إيران بل أمريكا والغرب والصهيونية.

 

 أتمنى أن لا يتصدى رئيس إيران لمصاعبها بمثل هذا وأن لا تسوق زلات لسان الرئيس بلاده إلى منزلقات لا يفيد معها كلام، ولا تخرجها منها أوهام. إن نجاد لا يخيف أعداءه وحدهم، إنه يجب أن يخيف أصدقاءه أيضاً، بكلامه الذي يأخذ الجميع إلى الهاوية.

===========================

لبنان: الاغتيال والدولة والطائفة

الاربعاء, 17 مارس 2010

عبدالله اسكندر

الحياة

في مسلسل العلاقة بين الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط والحكم في سورية، ثمة ما يدعو الى التأمل بإمكان قيام دولة في لبنان، بمعنى ان تكون مؤسسات هذه الدولة هي صاحبة القرار في شأن السياسة الخارجية عموماً، والعربية خصوصاً. كما أن في مسلسل دعوة لبنان الى حضور القمة العربية المقررة في ليبيا، ثمة ما يؤكد الإلحاح في هذا التساؤل.

لا يتعلق الأمر هنا بتقويم هذه الخطوة أو تلك، وإنما يتعلق باختزال الدولة في طائفة ترى ان من مصلحتها في لحظة ما اعتماد هذه السياسة، وبعجز مؤسسات الدولة عن ايجاد صيغة «دولتية» لإخراج مثل هذه السياسة. وقبل ذلك الدفاع عن حصريتها في مثل هذه القضايا وفي تقدير المصلحة الوطنية في أي خطوة تقدم عليها. أي أن الطوائف انتزعت «حق» تقرير سياسة خارجية، بعدما انتزعت «حق» التسلح وقرار استخدام هذا السلاح، بغض النظر عن قرار المؤسسات في هذا الشأن، على رغم الصياغات اللفظية المعتمدة في التصريحات، ومنها البيان الوزاري للحكومة الحالية.

في أي حال، يمكن ان نلاحظ أنه في الحالتين الوارد ذكرهما آنفاً، العلاقة الجنبلاطية - السورية والعلاقة اللبنانية - الليبية، ثمة قاسم مشترك هو القتل. في الحال الأولى اغتيال كمال جنبلاط الذي ورثه ابنه في الزعامة الدرزية، وفي الحال الثانية إخفاء الإمام موسى الصدر الذي ورثت حركة «أمل» اساساً زعامته للطائفة الشيعية، قبل ان يفرض «حزب الله» نفسه في هذه الزعامة.

فالقتل او الاغتيال، بغض النظر عن الفاعل او الدوافع، يبقى بالنسبة الى الطائفة هو المحرك الأساسي لعصبيتها اولاً وتحديد مصلحتها وفرض سياستها على مؤسسات الدولة التي تبقى في دور المتفرج على هذه التطورات، من دون ان تتمكن من التدخل او تجرؤ عليه، من دون المغامرة بتوتر عام، وربما زعزة استقرار البلاد.

والخطورة هنا تكمن في ان ثمة حكومة وحدة وطنية يُفترض على الأقل ان تسيّر الشأن السياسي، بعدما رُحّل موضوع سلاح «حزب الله» الى طاولة الحوار، كمخرج للانقسام المستمر وكآلية لمنع تفاقم المواجهات في هذه المرحلة الهادئة نسبياً على الأقل، والتي لا يرى طرف ما أن من مصلحته حالياً تخريبها.

وكان للطائفة ان تتولى بنفسها، وعلى طريقتها، الثأر من استهداف زعامتها. لأن الدولة، في كل من الحالتين المذكورتين اللتين تزامنتا مع الحرب الأهلية، كانت في حال من التفكك ومؤسساتها في حال من التعارض في ما بينها، ما حال دون ان يكون اغتيال زعامة لبنانية قضية وطنية عامة وأن تكون مؤسسات الدولة مسؤولة عن متابعة المسألة، تحقيقاً وملاحقات قضائية.

ولأن الاغتيال حمل شبهة سياسية، ولأنه استهدف زعامة طائفة بعينها في ظل انقسام طائفي يحول دون اعتبار هذا الاغتيال قضية وطنية، لم تجرؤ الدولة على القيام بمسؤوليتها، سواء بسبب الحساسيات الداخلية او خوفاً من الانتقام الخارجي، فتقدمت الطائفة لتقوم بدور المؤسسات.

المصالحة الجنبلاطية - السورية التي ستتكرس قريباً، لم تأت في اطار جهد لحكومة الوحدة الوطنية التي علمت بها، على الأرجح، مثل بقية اللبنانيين. بل جاءت نتيجة جهد ل «حزب الله» الذي لعب دوراً لإقناع دمشق بها، بعد المقابلة التلفزيونية لجنبلاط مع «الجزيرة». والدافع الى هذه المصالحة هو تعزيز العلاقة اللبنانية - السورية على اساس «تأكيده (جنبلاط) على الثوابت السياسية الأساسية، خصوصاً في ما يعني الموقف من سورية والمقاومة وفلسطين بالدرجة الأولى». أي تتحول مصالحة لها بُعدها الطائفي الأكيد، كما أكد جنبلاط مراراً في مقابلته المذكورة، سياسة مفروضة على مؤسسات الدولة ايضاً. هكذا تتولى طائفة التوسط لطائفة أخرى، لتتحدد بنتيجتها سياسة البلد.

وكذلك الأمر بالنسبة الى حضور القمة العربية في ليبيا، مع العلم ان هذه القمة لن تكون مفيدة في شيء نظراً الى طبيعة مضيفها وإلى الإخلال الليبي بأصول الدعوات اليها. ومع العلم أيضاً ان مضيف القمة يخضع لمذكرة اعتقال لبنانية لاتهامه بقضية اختفاء الصدر. لكن الأساسي في الموضوع هو تخلي مؤسسات الدولة عن متابعة المذكرة الاتهامية الصادرة عن سلطتها القضائية، بما يضع حداً للغط والاتهامات ويوضح المسؤوليات ويقنّن المحاسبة. ففرضت حركة «أمل» ممثلة بزعيمها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وبدعم من «حزب الله»، السلوك الذي على الدولة ان تتخذه. اي تراجعت الدولة وتقدمت الطائفة.

===========================

تحولات الموقف الأميركي والمفاوضات غير المباشرة

الاربعاء, 17 مارس 2010

علي بدوان *

الحياة

من المضحك أن تأتي عملية اللطم والنحيب العربية على مستوياتها الرسمية لتفوق الاحتجاج الأميركي ذاته، في ندب حظوظ نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في زيارته للمنطقة، وما رافقها من فجاجة إسرائيلية فاقعة عبر إعلان حكومة نتانياهو مصادقتها على تنفيذ عدد من المشاريع الاستيطانية.

فالحالة العربية الرسمية التي انبرت للتنديد بالموقف الإسرائيلي الأخير، انبرت أيضاً للتنديد بحالة الإحراج (نعم الإحراج) التي وقع فيها جو بايدن، في مساوقة تبريرية أرادت منها تبرئة الدور الأميركي من سياسات حكومة نتانياهو إزاء عملية التسوية في المنطقة.

لقد انتهت الجولة الأخيرة وهي التاسعة للمبعوث الأميركي الخاص السناتور جورج ميتشل منذ تعيينه في مهمته في المنطقة، كما انتهت بالتوازي معها جولة نائب الرئيس جو بايدن، والأمور تراوح مكانها لجهة الجمود المطبق على العملية السياسية في الشرق الأوسط، على رغم ضجيج المواقف الإعلامية الأميركية التي دأبت على نشر «التفاؤل المصطنع» منذ شهور عدة، وتحديداً منذ أن أطلق الرئيس باراك أوباما خطابه الشهير في القاهرة في حزيران (يونيو) 2009، والذي وجهه الى العالمين العربي والإسلامي.

لكن الوقائع العنيدة كانت أقوى من كل التقديرات، حيث باتت اليوم تنسف «التفاؤل المصطنع» المشار إليه أعلاه، والذي طالما روج له البعض في ساحتنا العربية، لتبدو المواقف الأميركية الحقيقية وقد تتالت في هبوطها لتنتهي تخومها الى جانب الرؤية الإسرائيلية بالنسبة الى مسار التسوية في المنطقة.

وهنا نستطيع القول إن موجات التفاؤل التي انطلقت في منطقتنا بعيد خطاب أوباما الأول الموجه الى العالم العربي من القاهرة كانت تحمل في طياتها مبالغة كبيرة، والدليل أن الرد الإسرائيلي عليها كان واضحاً، حيث تتالت التفسيرات الأميركية بالهبوط على تل أبيب لتخفيف حدة الانتقادات الإسرائيلية لبعض ما ورد في ذلك الخطاب، خصوصاً عند الحديث الملطف عن حركة «حماس» بطريقة مغايرة للمألوف في الموقف الأميركي من قوى المقاومة في فلسطين في شكل عام، وهو ما استولد صعوبة التنبؤ المسبق بما ستؤول إليه نتائج التحرك السياسي الأميركي بالنسبة الى قضايا وملفات الشرق الوسط، حيث ثمة ملاحظات باتت تؤشر منذ ذلك الحين بأن هناك صعوداً وهبوطاً، بل وتخبطاً، في تقديرات وبالتالي رؤية الإدارة الأميركية لمسار الأحداث في المنطقة.

وعلى الضفة الثانية يمكن القول بأن الانتظار والارتهان العربيين لمواقف أميركية جديدة يعتبر في جوهره علة العلل، فالموقف الرسمي العربي انتظاري واتكالي، وغير مبادر بالمعنى الحقيقي والتام للكلمة، على رغم إطلاق المبادرة العربية منذ قمة بيروت 2002، وهي مبادرة أصابها أوباما في خطابه الأخير في شكل غير مباشر لجهة ضرورة تعديلها لتنسجم مع مسار وفحوى الخطاب.

وعليه فمن كان يأمل من إدارة الرئيس باراك أوباما أن تأتي بالجوهري الجديد في السياسة الأميركية بالغ في أماله، فمصطلحات أوباما التي أطلقها منذ وصوله الى سدة القرار في البيت الأبيض عن تعزيز علاقات التطبيع بين الدولة العبرية والعالمين العربي والإسلامي، تابعها بحديثه المتكرر عن ضرورة وقف أعمال «الإرهاب» غامزاً من مشروعية الكفاح الفلسطيني في مواجهة فاشية دولة الاحتلال، وبالتالي فان الخطاب اللفظي لإدارة أوباما حول ضرورة التوصل الى السلام في المنطقة، يأتي من دون تغيير في المضمون ويدس المواقف المنحازة في معسول الكلام، لانتزاع ما هو مطلوب من العرب من الوجهة الأميركية في هذه المرحلة، لتصبح المصلحة الإسرائيلية هي الأقوى حضوراً في رؤية واشنطن.

وهنا يلحظ المتابع لمسار الأحداث تتالي التراجع في الموقف الأميركي، فقد أنهى المبعوث جورج ميتشل زياراته السابقة للمنطقة خالي الوفاض بعد فشله في الجولات الأولى من زياراته في إقناع حكومة نتانياهو بوقف عمليات الاستيطان، ولجأ في الجولات التي تلت الى السير باتجاه صيغة جديدة مصطنعة، تفتقت عنها عبقرية وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بصيغ التفافية ترقيعية تحت عنوان «كبح جماح الاستيطان». بل انتقلت كلينتون في أدائها البعيد عن التوازن لتقرير موقف جديد عنوانه أن السلطة الفلسطينية تعرقل عملية السلام من خلال وضع شروط جديدة لبدء المفاوضات السياسية مع إسرائيل. كما سعت لدفع الدول العربية المعتدلة إلى تليين مواقفها للدفع بعملية السلام المتوقفة.

أما الآن، وعلى رغم الأجواء السياسية المخيمة في المنطقة والتي تنبئ بعودة الطرف الفلسطيني الى طاولة المفاوضات (المباشرة/أو غير المباشرة) مع الطرف الإسرائيلي، بعد فترة من التمنع انطلاقاً من الموقف الذي كانت قد اتخذته السلطة الفلسطينية في ظل استفحال عمليات الاستيطان في عموم الضفة الغربية، وفي القدس في شكل خاص، فان العقبات الكبيرة ما زالت تعترض حتى الصيغة الهشة التي تدعو لمفاوضات غير مباشرة لمدة أربعة شهور. وفي هذا الجانب، كانت العديد من المصادر قد أشارت الى أن العودة الفلسطينية الرسمية الى طاولة المفاوضات تحت عنوان «المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل» هي اقتراح أميركي صرف، بل سماها البعض في الإدارة الأميركية «مفاوضات التقارب»، بوجود وسيط أميركي، تبدأ بعدها «مفاوضات مباشرة بين الطرفين محددة بسقف زمني وبآليات تنفيذ متفق عليها»، وهو ما اعتبره أكثر المراقبين محاولة للهروب من مطلب وقف عمليات الاستيطان والتهويد، كما يعني أن محادثات التقارب المقترحة ستكون لمرحلة موقتة قصيرة، تتم خلالها تهيئة التربة للمحادثات المباشرة.

إن أغلب التقديرات تنحو للقول بأن صيغة «المفاوضات غير المباشرة» المقترحة أميركياً، لا تحمل عناصر إدامة، لكنها تساعد فقط على خلق حراك تحت عنوان ملء الفراغ في الفترة الزمنية المقبلة، من دون الوصول الى نتائج حاسمة وقطعية ولو في الحد الأدنى بالنسبة الى العناوين التفاوضية المطروحة، وذلك لأسباب عدة أولها التعنت الإسرائيلي الرافض للنزول عند استحقاقات الشرعية الدولية. وثانيها أن بنيامين نتانياهو وضع اشتراطاً مسبقاً للعملية التفاوضية بقبول الطرف الفلسطيني لمبدأ «يهودية إسرائيل» وقيام السلطة الفلسطينية بمطاردة مجموعات قوى المقاومة، وثالثها فقدان التوازن في الدور الأميركي، ومراوحته عند تخوم الموقف الإسرائيلي في النظر الى قضايا التسوية النهائية. ورابعها أن هناك شكوكاً قوية في قدرة الإدارة الديموقراطية على توجيه البوصلة صوب أزمة فلسطين، وهي الغارقة خارجياً في أوحال العراق وأفغانستان، وداخلياً في لملمة تداعيات الأزمة الاقتصادية وإصلاح برنامج الرعاية الصحية على وقع اقتراب موعد الانتخابات النصفية خصوصاً مع تصاعد قوة اللوبي اليهودي داخل الولايات المتحدة في شكل لافت هذه الأيام. وخامسها أن دول الاتحاد الأوروبي ما زالت واقعة في مربع التذيل للموقف الأميركي، ولم تستطع الى الآن مغادرة هذا المربع باتجاه تبني مواقف بناءة مستقلة عن سطوة الموقف الأميركي. لهذه الأسباب فان آمال المتفائلين في إمكانية تحقيق اختراق تفاوضي على المسار الفلسطيني الإسرائيلي خلال الفترة القريبة المقبلة ستتبخر على أرض الواقع لتعود الأمور للمرة الألف الى نقطة الصفر.

* كاتب فلسطيني

===========================

إلى أي مربع نعود ؟!

الافتتاحية

الأربعاء 17-3-2010م

بقلم : رئيس التحرير - أسعد عبود

الثورة

بالمختصر، وبناء على كل ما يجري، إسرائيل تعود بالقضية إلى مربعها الأول، بالقوة.. بالسلاح.. بالعدوان.. بالقتل.. بالإرهاب.. وبالتضليل ستصفي القضية وصولاً لما تريد.

لعلها خسرت جزءاً مهماً من سلاح التضليل.. فبدت مكشوفة أمام هذا العالم الذي يصعب عليه أن يتجاوز ما تفرضه القوة في السياسة، أينما كانت الحقيقة.‏

العرب لا يظهرون أي رغبة في العودة بالقضية إلى مربعهم الأول «تحرير فلسطين» أو الثاني «رفض وجود اسرائيل أو الثالث مقاطعتها..‏

وإن رغبوا يستطيعوا..‏

إسرائيل لا تريد السلام وتفعّل القوة والسلاح والإرهاب، نستطيع أن نسحب ورقة السلام «المبادرة العربية أو غيرها» ونعود إلى مقاطعة العدو تماماً كما كنا قبل زلزال كامب ديفيد الكارثي وقبل مؤتمر السلام ذاك، كأحد أشكال المقاومة.‏

قد نكون استطعنا بحمل ورقة السلام والسعي إليه أن نكشف حقيقة إسرائيل، وهو ما حقق إبطال شيء من سلاح التضليل من يدها.‏

ما لا يجب أن ننساه:‏

أن مشروع السلام الذي عملنا له وعليه وفاوضنا من أجله.. وقدمنا لمصلحته التنازلات بأسماء شتى.. هو مشروع سلام أميركي.. الأصل فيه أن الولايات المتحدة سترعاه إلى حد فرضه.. والسؤال:‏

ماذا نفعل حين تعتذر الولايات المتحدة عن إتمام مهمتها تجاه السلام؟!‏

بصراحة.. ليس في العالم سلال كثيرة لوضع البيض العربي فيها..! والضعف الأميركي في أداء المهمة هو انسحاب منها.. فإن كنا ننتظر أن يأتي يوم تقول فيه الولايات المتحدة للعرب: لم يعد لنا من علاقة وتصرفوا أنتم!!‏

هذا اليوم لن يأتي.. خوفاً من احتمالات تجدد العزيمة العربية للمقاومة والمقاطعة و«التضامن والوحدة» وهذا أكثر ما يخيفهم.‏

هل ننتظر من يقرأ لنا الأحداث..؟!‏

هذا الذي نراه ليس مسلسلاً درامياً مصوراً!! هذا الذي نراه تراجيديا أمة ومأساة شعب.. ونحن ياللكارثة من مفاوضات مباشرة إلى غير مباشرة.. نبحث عن أعداء وهميين بين أصدقائنا ونعتذر عن فهم ما يجري مع العدو الحقيقي، نعتذر حتى عن رؤية ما يحصل بالقدس والأقصى وكل المقدسات.‏

لقد شعرت إسرائيل بضعف إدارة الرئيس أوباما.. فتصرفت بكل وقاحة، ولم تخف.. أمام نائب الرئيس، أمام كل الولايات المتحدة.. وهي ليست خائفة من أية احتمالات.‏

نحن أيضاً - أظن كلنا – نشعر بضعف إدارة الرئيس أوباما.. فبماذا نتصرف؟!.‏

لقد ردت إسرائيل بكل لا مبالاة واستهزاء حتى في اعتذاراتها على الاحتجاجات الأميركية ولم تغير من موقفها شيئاً.. وعاد نتنياهو وأكد استمرار الاستيطان حتى أمام الضيف البرازيلي الرئيس «لويس ايناسيولولا داسيلفا» الذي جاء يحدوه الأمل أن يجد خرم إبرة يمر منه الضوء.‏

«أهلاً وسهلاً بكم في القدس الموحدة، عاصمة إسرائيل الأبدية».‏

وإذ يرجىء ميتشل زيارته للمنطقة، ذلك يعني أنه لا أمل ينتظره من إسرائيل.‏

وللذي لم يفهم تطل السيدة كلينتون لتعلن تفاؤلها بالمستقبل، من خلال التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل و..؟!‏

هل للقدس من يحميها.. هل للأقصى من يحميه.. أعني.. غير مبادرة السلام العربية.. بحبرها الباهت.‏

نحن على أبواب قمة جديدة.. فلنعدّل تسرعنا في قمة سبقت.. لعلنا نعود إلى مربع رفض العدو وإجراءاته وبالتالي مقاطعته كلياً واللجوء للمقاومة بحثاً عن النصر أوالسلام.‏

a-abboud@scs-net.org

===========================

قليلاً من الحياء في التعاطي مع الشأن الفلسطيني

المستقبل - الاربعاء 17 آذار 2010

العدد 3597 - رأي و فكر - صفحة 19

اياد مسعود

من إفرازات الانقسام الفلسطيني أن الخطاب السياسي لدى بعض الأطراف انخفض في مستواه، وفقد القدرة على التحليل، ولجأ، محكوماً بآليات الانقسام وتفاعلاته، إلى لغة التخوين (وهي في السياسة الوجه الآخر للغة التكفير في الدين) كما لجأ إلى لغة مبتذلة، خرجت في سياقها العام عن قواعد الأخلاق في إدارة الخلافات في الصف الواحد.

ويمكن لنا، إذا ما نشرنا أمامنا سلسلة من التصريحات، من هنا وهناك، على لسان أكثر من طرف، وأكثر من متحدث، أن نخلص إلى أن لغة المهاترات واستهداف الأفراد، لا السياسات، باتت هي الطاغية. ولنا في جعبة المواقع الإلكترونية الفلسطينية، ووسائل إعلام الفصائل، خصوصاً فتح وحماس، الكثير مما يمكن أن نستعين به.

من أبرز الأمثلة في هذا الجانب تلك التوصيفات على لسان ناطقين باسم حماس، طالت الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولم تطل سياسته. من الطبيعي أن نسلم أن من حق أي طرف أن يختلف مع رئيس السلطة الفلسطينية في سياسته وتكتيكاته اليومية، غير أن هذا شيء، وأن يصبح الخلاف مع الرئيس عباس ذريعة للتطاول على شخصه، ونعته نعوتاً، وتوصيفه توصيفات، تنتمي كلها إلى عالم الشتائم والسباب، فهذا شيء آخر. الأمر نفسه ينطبق على الذين تناولوا خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بعبارات خرجت عن حدود النقد السياسي، وحدود الخلاف السياسي المشروع، لتدخل في مستنقع المهاترات الشخصية. وواضح لنا، تماماً، أن الآلة الإعلامية لدى الطرفين، انفلتت من عقالها تحت ضغط الانقسام وتأثيره، وتحت ضغط ما تلاه من أحداث يومية، بما فيها الخطف والقتل، والاعتقال والتعذيب. وبالتالي سادت بين الطرفين، بشكل أو بآخر، أجواء هي أشبه بأجواء الحرب الأهلية، التي تسقط فيها المحرمات، ويصبح كل شيء فيها مباحاً ومسموحاً به. وهو أمر عاد على الطرفين وعلى مجمل الحالة الفلسطينية بالضرر الكبير. فقد انتشرت في الصف الفلسطيني مفاهيم وقيم جديدة باتت تنظر لضرورة الانقسام وضرورة الاقتتال، وسقطت من جعبتها شعارات كانت أشبه بالمقدسة، كتحريم اللجؤ إلى السلاح في حل الخلافات، وتحريم سفك الدم الفلسطيني. وتقدمت الحالة الفلسطينية، تحت وطأة هذا الانجراف الخطير نحو مواقع جديدة، وكأنها فاقدة للرشد، عاجزة عن إدارة خلافاتها، وعاجزة عن رعاية شؤونها، كما برزت أنها قاصر، وتحتاج على الدوام إلى وصاية خارجية، مما أتاح لأكثر من طرف عربي أو إقليمي، التعامل مع الملف الفلسطيني باعتباره ورقه تصلح للصرف في عالم المساومات والمقايضات، ودوماً على حساب المصلحة الفلسطينية نفسها.

ظاهرة تدني مستوى الخطاب السياسي الفلسطيني وانحداره نحو مواقع مبتذلة بدت واضحة مع انفجار قضية اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح على أيدي عناصر من الموساد الإسرائيلي. فبفعل الارتباك الذي ساد صفوف حماس في الأيام الأولى للإعلان عن اغتيال المبحوح، لم تتردد بعض الأصوات الفلسطينية عن إثارة الشغب في الأجواء الفلسطينية من خلال التلميح أحياناً، والتصريح أحياناً أخرى، أن المبحوح ذهب ضحية صراعات داخل حماس. وهذا ما شكل خدمة جليلة قدمها فلسطينيون، مجاناً، للجانب الإسرائيلي، حين برأوا، عملياً، جهاز الموساد من جريمة قتل المبحوح، وألصقوها على الفور بعناصر من حماس. وهذا يعكس إلى أي مدى تعمل في نفوس بعضهم حالة من الكراهية، حلت محل ضرورات البحث عن مداخل لإعادة توحيد الحالة الفلسطينية وليس تعميق انقساماتها ونزاعاتها الداخلية. وعندما أماط الأمن في دبي اللثام عن حقائق الجريمة، وقع بعضهم في مطب، لا يقل هو الآخر خطورة عن مطب إحالة الجريمة إلى خلافات داخل حماس. فما أن أعلنت شرطة دبي أن اثنين من الفلسطينيين ضالعان في الجريمة، وأنهما الآن في عمان، وأنهما كانا ضابطين في الشرطة الفلسطينية، حتى تصاعدت أصوات ناشزة، تحاول أن تتهم فتح، والسلطة، بالتعاون مع الموساد لاغتيال المبحوح. إن مثل هذه التهمة المثيرة للسخرية تشكل في حقيقتها الوجه الآخر، لإحالة أسباب الجريمة إلى خلافات داخل حماس. وكما قال كثيرون، إن مثل هذه الأصوات، شدت الانتباه بعيداً عن الجريمة، وعن مرتكبيها الحقيقيين، لصالح الغوص في مستنقع الخلافات الفلسطينية.

ولعل آخر ما وصلنا من هذه المهاترات، كانت قضية نجل القيادي في حماس حسن يوسف. وهو شاب، تحدثت الصحافة الإسرائيلية عن سقوطه في فخ العمالة للمخابرات الإسرائيلية ونشرت حوله مجموعة من الروايات، بما فيها الإدعاء أنه كان سبباً في اعتقال عدد من قيادات حماس.

للأسف الشديد، فإن خصوم حماس تلقفوا هذا الخبر، وعملوا على توزيعه على أوسع نطاق وكأنهم حققوا فوزاً عظيماً، في موقف شامت بحماس وبوالد الشاب، الشيخ حسن يوسف. علماً أن حسن يوسف معتقل في سجون إسرائيل منذ سنوات. هؤلاء الذين استغلوا هذه الرواية، ومارسوا سياسة الشماتة، تناسوا أن سقوط مواطن فلسطيني واحد في فخ العمالة لإسرائيل، يشكل خسارة لكل الشعب الفلسطيني، بغض النظر عما إذا كان هذا "العميل" ينتمي إلى هذا الفصيل أو ذاك، وبغض النظر عن موقع القريبين منه سياسياً، ومدى اختلافي مع هذه السياسة أو تفاهمي معها.

أن يكون نجل حسن يوسف عميلاً للاحتلال، فهذه خسارة وطنية. تحتاج إلى وقفة وليس إلى موقف شماتة. وإلى سؤال: كيف ينجح الاحتلال في تجنيد شاب، والده مسؤول في حماس. كما أن الأمر يحتاج إلى موقف تضامني مع والد الشاب، بغض النظر عن موقعه في حماس. موقف تضامني لأكثر من سبب: الأول أن الأب مناضل وطني يقضي أيامه في السجن "عقوبة" له على وطنيته، لا بد أنه تألم كثيراً في أن يرى ابنه سقط في فخ العمالة. الثاني أن الأب وجد نفسه في مأزق، وهو السجين، مضطر لأن يدافع عن "نظافة" حركته السياسية (وفي السياق عن ابنه) حين نفى أن يكون ابنه عضواً في حماس، وأن يكون بالتالي، مسؤولاً عن اعتقال عدد من قادتها.

الأخلاق السياسية كانت تفترض التعامل مع قضية ابن حسن يوسف بمسؤولية وطنية وليس شماتة خبيثة بلهاء، لا تخدم سوى العدو الإسرائيلي. إذ كيف نشمت بأنفسنا ونحن نرى أحد شبابنا وقد سقط في فخ العمالة.

الخطاب السياسي الفلسطيني يحتاج إلى قليل من الأخلاق. وكثيرون في أيامنا هذه بحاجة إلى قليل من الحياء.

===========================

فهم ما يقوم به أوباما

ديفيد بروكس

الشرق الاوسط

17-3-2010

من هو باراك أوباما؟

إذا سألت جمهوريا محافظا هذا السؤال، ربما تسمع منه أن أوباما سياسي محنك دخل الانتخابات كمرشح يتبنى آراء معتدلة، ولكنه يحكم مثل ليبرالي بحكومة كبيرة تعوزها الكفاءة، وهو يتصرف اعتمادا على قواعد قاسية أخذها من الساحة السياسية بشيكاغو، فهو متغطرس إزاء خصومه، ومتعال على حلفائه، ويدير منظومة سياسية حزبية. وإذا سألت ديمقراطيا ليبراليا، ربما تسمع منه أن أوباما شخص ملهم، ولكنه زعيم ذكي بصورة مبالغ فيها يواجه صعوبات في اتخاذ قراراته ويقاتل من أجل مواقفه. إنه لم يحدد رسالة واضحة حتى الآن، وسمح للجمهوريين بالاستحواذ على ساحة النقاش. وهو متعجل في إجراء مساومات، وعقلاني جدا في الترويج للقضايا.

وستلاحظ أولا أن هاتين النظرتين على طرفي نقيض. وستلاحظ ثانيا أنه يمكن التنبؤ بهما. يتخيل الحزبيون في الساحة السياسية دوما أن الجانب الآخر فعال بشدة، وأن المواطنين سيكونون معهم إذا كانت لديهم قدرة أفضل على توصيل الرسائل فحسب. وفي النهاية، ستلاحظ أن النظرتين كلتيهما تشوهان الواقع، وتطلعانك على شرنقات معلوماتية يعيش فيها الحزبيون هذه الأيام أكثر من أن تعرفانك بأوباما نفسه.

والحقيقة هي أن أوباما، مثلما كان دوما، إصلاحي براغماتي من اليسار الوسط، ويسعى طوال الوقت إلى ذكر فلسفة رائعة، من كتابه «جرأة الأمل» خلال خطاب الرعاية الصحية أمام جلسة مشتركة في سبتمبر (أيلول) الماضي. ويتحدث دوما عن حكومة نشطة معتدلة يقيدها فهم للتوازنات، ويستخدم دوما بنية جمل تعتمد على المقارنات. ويجب على الحكومة التعامل مع المشكلات من دون التدخل في نشاط السوق. وحاول العثور على هذا التوازن في مدينة بلا وسط منتظم؛ داخل مدينة يترأس فيها الليبراليون اللجان الرئيسية ويقود محافظون فيها جبهة المعارضة. وحاول أن يقوم بذلك في سياق لا يتسع لأهدافه.

ولكنه قام بذلك بعناد شديد. ويعلم قراء هذا المقال أنني من منتقدي الرعاية الصحية وقضايا أخرى، فأوباما على يساري في معظم القضايا. وهو غير لائق فيما يتعلق بالتحدي الأخلاقي الأكبر في وقتنا: 9.7 تريليون دولار في صورة ديون جديدة تتكون في العقد الحالي. لقد أساء قراءة البلاد، وتصور عطشا لحراك فيدرالي غير موجود. ولكنه، لا يزال اللاعب البارز الأكثر عقلانية وواقعية داخل واشنطن.

ويخطئ الليبراليون حين يصفونه بالضعف والتردد، ولكنه لا يسعى من أجل أهدافهم على الدوام. ويخطئ المحافظون عندما يقولون إنه مثل ليبرالي بحكومة كبيرة تعوزها الكفاءة. ولا تعد هذه قراءة عادلة لأجندته.

انظر إلى الرعاية الصحية، على سبيل المثال. لقد دفع من أجل برنامج يوسع نطاق التغطية، ويخلق عمليات تبادل، ويجري تغيرات معتدلة على الوضع الراهن. ومن العبث وصف ذلك بأنها خطة ليبرالية تقليدية. ويعد ذلك مشابها بدرجة كبيرة لصفقات الوسط اليسار التي تعامل معها توم داشيل وبوب دول أو تيد كيندي وميت رومني. وقد دافع أوباما من أجل هذا البرنامج بعناد لا يوجد ما يوازيه في التاريخ السياسي المعاصر، فقد فاق عناد بيل كلينتون في خطة الرعاية الصحية الخاصة به وفاق عناد جورج دبليو بوش فيما يتعلق بإصلاح الرعاية الصحية. وانظر إلى التعليم؛ لقد وقف أوباما ضد جمهور من الناخبين داخل الحزب الديمقراطي؛ نقابات المدرسين، بشجاعة لم نرها منذ أن وقف جورج دبليو بوش ضد القوى المعادية للهجرة داخل حزبه. وفي خطاب شهير في 1 مارس (آذار)، اتجه مباشرة ضد الأوصياء على الوضع القائم من خلال الدعوة إلى فصل المدرسين الفاشلين بالمدارس المتعثرة. لقد كان أوباما الرئيس المصلح أشد إصرارا في ما يتعلق بالتعليم في التاريخ المعاصر. وانظر إلى السياسة الخارجية، لقد استأنف أوباما نحو 80% من سياسات الولاية الثانية لبوش، وهو الأمر الذي أفزع كثيرين في اليسار. وأجرى أوباما مراجعة طويلة للسياسة إزاء أفغانستان وتحرك بناء على حقائق. وظهر كصقر ليبرالي، ساعيا وراء تحقيق النصر داخل العراق، ومتبنيا زيادة في عدد القوات داخل أفغانستان بدّلت القوة الدافعة في هذه الحرب. ونشهد حاليا تراجعا لحركة طالبان، ويتعرض قادتها للاغتيال والأسر بوتيرة منتظمة.

وانظر إلى الجانب المالي، يتعرض أوباما وتيموثي غيتنر لانتقادات داخل اليسار، حيث يوصفان بالجبن حيال «وول ستريت»، وداخل اليمين، حيث يقال إنهما بيروقراطيان جاهلان لا يعلمان شيئا عن الطريقة التي تعمل بها الأسواق. ولكنهما، حاولا العثور على مجموعة من القيود من أجل توفير بعض الاستقرار في العمليات السوقية وحققا نجاحا معيبا.

في بلد واع، سوف يرى المواطنون أوباما رئيسا يحاول تحديد نمط عصري من التقدمية المعتدلة. وفي بلد واع، سيكون أوباما قادرا على تحديد مشروعه بصورة واضحة من دون الخوف من الإساءة إلى المواطنين الذين يحتاج إليهم لتمرير تشريع ما. ولكننا لا نعيش في مثل هذا البلد. بل نعيش في بلد كثير من المواطنين فيه داخل شرنقات معلوماتية يتحدثون داخلها مع أعضاء الأحزاب التي ينتمون إليها وحدهم، ويقرأون المدونات التي تتبع مذهبا وحسب. ولذا تكون لديهم تصورات تتناقض بصورة أساسية مع الواقع، وتسيء فهم الرجل الموجود على المكتب البيضاوي.

===========================

الرهان على غضبة واشنطن

عثمان ميرغني

الشرق الاوسط

17-3-2010

ليس هناك من غرابة أن تفرح أو حتى أن تشمت الأطراف العربية من «الأزمة الطارئة» بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والإدارة الأميركية، بعد غضب نائب الرئيس الأميركي جو بايدن من توقيت إعلان الحكومة الإسرائيلية لمشروعها الاستيطاني الجديد ببناء 1600 وحدة سكنية أخرى في القدس، الذي نظرت إليه إدارة باراك أوباما باعتباره صفعة لها ولدبلوماسيتها. فبايدن الذي جاء خصيصا من واشنطن لدفع عجلة المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية المتعثرة، حتى ولو عبر التفاوض غير المباشر، شعر بالإهانة من تصرف حكومة نتنياهو التي اختارت الإعلان عن مشروعها الاستيطاني الجديد في القدس خلال وجوده في إسرائيل، فجاء رد فعله غاضبا من خلال بيان ناقد للخطوة الإسرائيلية، وتعنيف بروتوكولي تمثل في تأخره عن حفل عشاء في منزل نتنياهو.

كذلك تحركت إدارة أوباما للتعبير عن غضبها عبر سلسلة من التصريحات والمكالمات الهاتفية وتأجيل عودة المبعوث الخاص جورج ميتشل إلى المنطقة. ووجد الغضب الأميركي صداه داخل إسرائيل، إذ شن الإعلام والمعارضة هجوما عنيفا على نتنياهو واتهموه بالقصور السياسي وبافتعال أزمة مع الحليف الأميركي. لكن اللافت أن كل هذه الضجة لم تؤد إلى إلغاء القرار الإسرائيلي، فنتنياهو اعتذر فقط عن «توقيت» الإعلان، وليس عن محتواه، وحكومته لا تبدو في وارد التراجع عن سياسة الاستيطان، وأقصى ما قد تقدمه في هذا الإطار لواشنطن هو تأجيل البناء وليس إلغاء المشروع الاستيطاني. فضم القدس وابتلاعها يعتبر استراتيجية إسرائيلية تلتقي حولها مختلف القوى الإسرائيلية الأساسية، وليس سياسة خاصة باليمين المتطرف وحده، والذي إن اختلف في شيء فهو في مدى عدوانيته في سياسة التوسع الاستيطاني.

على الجانب العربي كانت هناك سعادة واضحة إزاء هذه «الأزمة المصغرة» بين واشنطن وتل أبيب، وهي سعادة يخاف المرء أن تنسينا أن خطوة نتنياهو كانت أيضا ضربة للموقف العربي الذي أعطى قبل أيام «تفويضا» للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) لاستئناف المفاوضات بشكل غير مباشر مع إسرائيل. فنتنياهو أخذ الخطوة العربية، كما يبدو، على أنها علامة ضعف، خصوصا أن أبو مازن كان قد تعهد قبل ذلك بعدم العودة إلى المفاوضات إلا إذا توقف الاستيطان الإسرائيلي، لكنه تراجع عن موقفه وقبل الطرح الأميركي بالعودة إلى مفاوضات غير مباشرة.

وقد يقول قائل إن الخطوة العربية أحرجت نتنياهو ودفعته إلى مواجهة مع الجانب الأميركي، وهذا صحيح، لكن المحك هو: هل ستستمر «الأزمة» الأميركية - الإسرائيلية، أم سيتم احتواؤها بسرعة؟ وهل ستدفع «صفعة» نتنياهو إدارة أوباما لتغيير نهجها مع إسرائيل، أم أنها سوف تستمر على النهج الأميركي المعتاد في اعتبار إسرائيل حليفا مدللا لا يمكن الدخول في أزمة مفتوحة معه، وبالتالي لا يمكن الضغط عليه تحت شعار عدم مس أمنه؟

الأرجح، وكما علمتنا التجارب، أن «الأزمة» الراهنة بين واشنطن وتل أبيب ستكون غضبة يزول مفعولها سريعا، خصوصا أن موقف أركان الإدارة الأميركية الراهنة هو نفس موقف الإدارات السابقة في الالتزام «المطلق» بأمن إسرائيل وفي التعامل معها باعتبارها الحليف المدلل، كما أن هناك مواقع نفوذ عديدة داخل واشنطن لن تسمح لإدارة أوباما بالمضي في هذه الأزمة بعيدا. والأهم من كل ذلك أن إدارة أوباما لن تستطيع أن تنوب عن العرب والفلسطينيين في مواجهة إسرائيل، وما دام هناك انقسام فلسطيني وضعف عربي، فإن الحكومة الإسرائيلية الراهنة لن توقف برنامجها الاستيطاني. ويكفي التذكير بأنه قبل الإعلان عن برنامج بناء الوحدات السكنية الجديدة في القدس، قامت هذه الحكومة بالعديد من الخطوات الاستفزازية من بينها مصادرة أراض ومساكن فلسطينية، وضم مناطق في الخليل باعتبارها من التراث اليهودي. والتصدي لمثل هذه السياسات لا يمكن أن يكون بالاتكال فقط على حدوث «أزمة» بين واشنطن وتل أبيب، فالمسؤولية الأساسية هي على الطرف الفلسطيني المطالب بإنهاء حالة التشرذم والشتات التي فاقمت معاناة الفلسطينيين، وأضعفت موقفهم، كما أدت إلى شل الموقف العربي وإضعافه أكثر مما هو ضعيف.

===========================

اليوان الصيني يضرب الإقتصاد الأمريكي

وليد جرادات

مجلة العملات الاجنبية 15/3/2010

تكلف العملة الصينية المقومة بأقل من قيمتها الإقتصاد الأمريكي أكثر من 200 مليون دولار سنويا تتمثل في فقدان النمو و خسارة سوق العمل الأمريكي ما يقارب 1 مليون فرصة عمل , حيث تستخدم بكين أسلوب التلاعب بالعملة للحفاظ على قيمة عملتها "اليوان" منخفضة , مما يجعل صادراتها رخيصة جدا و صادراتها عالية التكلفة .

 

التلاعب بالعملة يبقي قيمة " اليوان " , المعروف أيضا بإسم " الرنمينبي " أقل ب 25 % حسب قواعد الوزن التجاري , و أقل ب 40 % بالنسبة للدولار الأمريكي , هذا يعطي الصين أفضلية تجارية "غير عادلة" مما يشكل إنتهاكا لقواعد التجارة الدولية.

 

الصين من جهتها تنفي و بشدة أنها تتلاعب بسعر العملة لكي تنتهك قواعد التجارة الدولية , أو حتى أن تكون متورطة في مماراسات تجارية غير عادلة. رئيس الوزراء الصيني "ون جياباو" حذر في حديث صحفي نادر عقد أمس الأحد الدول الأخرى من مواصلة دفع بكين نحو مواجهة المصاعب ,كما أكد على نفي أن تكون بكين متورطة في أي انتهاكات لقوانين التجارة الدولية ، قائلا : " نحن نعارض الإنخراط في موقف تبادل توجيه أصابع الإتهام , أو إتخاذ تدابير قوية لإجبار الدول الأخرى على ضبط أسعار الصرف".

 

و يمكن وصف تدخلات الصين في سوق العملات بأنها " مذهلة و غير مسبوقة " وتقديريا , تنفق الصين ما يقارب 30 – 40 مليار دولار شهريا للإبقاء على قيمة عملتها منخفضة.

قوانين صندوق النقد الدولي واضحة للغاية , فعلى مدى طويل و بشكل واضح و بتدخلات كبيرة في سوق العملات , كان هناك إنتهاك لقوانين صندوق النقد الدولي من قبل بكين . كما أن إتباع المناهج المفضلة ل " الأسباب المجملة " و التعددية لم تنجح في إقناع الصين بتغيير سياساتها. فإذا لم تسمي الولايات المتحدة الصين ب "المتلاعبة" , فكيف يمكننا أن نتوقع من صندوق النقد الدولي أن يفعل؟.

إن مشاكل سعر صرف العملة تبدو كالمستنقع حيث جاءت جميع الآثار سلبية على سوق العمل الأمريكية بسبب إتفاقيات التجارة الحرة , مثل إتفاقية أمريكا الشمالية للتجارة الحرة مع مع المكسيك و كندا و التي صادق عليها الكونغرس في عام 1993 .

 

و على إعتبار أن الولايات المتحدة و غيرها من الدول المتقدمة تواجه فخ السيولة مع معدل فائدة قصير المدى متدني قد تقلرب الصفر فعليا , فإن سياسة الصين " الميركانتيليه " قد تسبب جروحا عميقة لشركائها التجاريين. كما أن تجارة الصين الهائلة المتعلقة بالفائض في الحساب الجاري و الذي بلغ ذروته عند 12% من ناتجها المحلي الإجمالي في عام 2008 , تأتي على حساب الوظائف و فرص العمل في أماكن أخرى من العالم .

فإذا ما توقفت الصين عن التلاعب بعملتها , فإن هذا سينتج عنه زيادة في صادرات الولايات المتحدة و أوروبا و اليابان بنسبة قد تصل الى نحو 1.5 % من الناتج المحلي الإجمالي , و زيادة في إقتصاد الولايات المتحدة بحوالي 220 مليار دولار.

كما أن رفع قيمة "اليوان" بنسبة 25 % - 40 % قد يكون من شأنه أن يخفض العجز التجاري في الولايات المتحدة بين 100 – 150 مليار دولار سنويا , و قد يضيف بين 750,000 الى مليون وظيفة الى سوق العمل الأمريكية , علما بأن التلاعب في قيمة العملة الصينية يكبد الإقتصاد الأمريكي بين 1.5 – 3 ملايين وظيفة.

سوق العمل الأمريكي فقدت ما يقرب 8.5 مليون وظيفة في القطاع الخاص منذ الركود الإقتصادي الذي بدأ في عام 2007 , و يبدو أن التصدي لمشكلة العملة مع الصين سيؤدي و لو جزئيا في تعويض بعض الوظائف في الولايات المتحدة بعد أكبر هبوط حدث لها منذ الكساد العظيم , كما أن هذا التحسن الإقتصادي من شأنه أن يأتي بدوت أي تلكفة على الميزانية و سيكون أفضل بكثير من أي حزمة من حزم الحوافز المالية

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ