ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 15/03/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


متى أوباما في طهران؟

آخر تحديث:الأحد ,14/03/2010

سعد محيو

الخليج

تساءلنا بالأمس: هل “الصفقة الكبرى” واردة حقاً بين إيران وأمريكا؟

ثقافياً وسايكولوجياً، الجواب هو نعم . ونعم كبيرة أيضاً . فالإيرانيون والأمريكيون يتقاسمون سمة تجعلهم يبدون في بعض الأحيان إخوة لا أعداء: النزعة البراغماتية الشديدة . هذا على الرغم من أن أصول هذه النزعة مغايرة تماماً لدى الطرفين: إذ هي كانت في إيران وليدة تجارب الإمبراطورية الفارسية العظيمة ثم التراث الإسلامي، فيما هي بالنسبة إلى الأمريكيين حصيلة قيام أمتهم القومية نفسها على أسس الصفقات والتسويات والمنفعة المادية .

بيد أن التباين في الأصول لايُفسد للود قضية بين البراغماتيين . وهذا ما أثبته الإيرانيون والأمريكيون معاً في تاريخهم الحديث .

فالأوائل كانوا قادرين بشكل مذهل على إخفاء عدائهم الإيديولوجي الشديد ل “الشيطان الأكبر” تحت السجادة، حين رأوا ذلك من مصلحتهم القومية والجيوسياسية . وهكذا عمدوا إلى تأييد الغزو الأمريكي لأفغانستان، وصفّقوا لاحتلال العراق، ثم قبلوا أن يناموا في سرير واحد مع “الشيطان الأكبر” في إطار السياسات العراقية .

بيد أن هذه البراغماتية الإيرانية، على إثارتها، تكاد لاتُقارن بالبراغماتية الأمريكية التي تتخطى بالفعل حدود الخيال .

فحين كان العالم بأسره يستبعد قيام علاقة بين أمريكا المتطرفة رأسمالياً وبين روسيا المتطرفة شيوعياً، فاجأ الرئيس رزوفلت الجميع بقمة مع جوزف ستالين لم تكرّس العلاقات وتقيم تحالفاً عسكرياً بين البلدين وحسب، بل هي أرست أيضاً تقاسم الكرة الأرضية بينهما في قمة يالطا .

 

وبالمثل، وحين شعر الرئيس الأمريكي نيكسون بأن النكسة الأمريكية في الهند الصينية باتت تهدد بنقل زعامة العالم إلى الصينيين والسوفييت والأوروبيين، لم يتردد لحظة في القفز إلى بكين حيث قدّم تنازلات ضخمة (هي مانشهد الآن من نهضة اقتصادية صينية كبرى) في مقابل فك عرى التحالف الصيني السوفييتي .

 

القاعدة التي ينطلق منها الأمريكيون للقيام بهذه الانقلابات البراغماتية هي التالية: حين تصل الأمور إلى مرحلة المأزق الاستراتيجي، لامناص من العمل على محاولة كسره بأي وسيلة متاحة .

الآن، هل وصلت واشنطن في مرحلة المأزق الاستراتيجي في صراعها مع طهران؟

ثمة فريق لايستهان به في الإدارة الأمريكية يعتقد ذلك . فهو يرى أن أي خيار عسكري لايتضمن احتلال كل إيران، سيرتد سلباً على كل المصالح والقوات الأمريكية في منطقة الخليج وبقية أنحاء الشرق الأوسط . كما أنه يرى أن العقوبات الاقتصادية التي لاتشارك فيها الصين وروسيا لن تجدي نفعاً حتى ولو شملت مبيعات الغازولين (البنزين) لإيران . إذ سيكون في وسع هذه الأخيرة مواصلة العيش طالما أن أبواب بكين وموسكو وبعض المنافذ المائية العربية ستبقى مفتوحة في وجهها .

وهذا يعني أن الأمور ستصل بالفعل إلى مرحلة المأزق الاستراتيجي، خاصة إذا ما وُضع الخيار العسكري نهائياً على الرف .

والحل؟ إنه، برأي هذا الفريق، هو نفسه الذي قام به في السابق روزفلت ونيكسون: أن يقوم الرئيس أوباما بالقفز إلى طهران لإبرام صفقة كبرى معها، تؤدي في خاتمة المطاف إلى كسر المأزق الاستراتيجي الراهن .

لكن، ما طبيعة هذا الحل الذي يقوم على “تصوّر ما لايمكن تصوّره” (Thinking about the unthinkable) وما أهدافه الحقيقية؟ وكيف يُمكن أن يُحقق الأهداف الأمريكية؟

==============================

خزان النصر العربي: امرأة وطفل

آخر تحديث:الأحد ,14/03/2010

الخليج

محمد خالد

ليست الجيوش الكبيرة التي تربح الحروب، بل الجيوش الجيدة ( . . .)

الجنرال الفرنسي لويس لوتي طلب من البستاني أن يزرع له في حديقة المنزل شجرة معينة، فاعترض الأخير بأن هذا النوع من الشجر يتطلب مائة سنة لتكبر، فقال الجنرال لوتي “حسناً، لقد تأخرنا كثيراً وليس لدينا وقت لاضاعته . . ازرعها اليوم بعد الظهر” .

خلال مائة عام مضت، فشل المشروع القومي العربي بكل أطيافه من أحزاب ونقابات واتحادات ومؤسسات المجتمع المدني والجيوش في تحقيق وحدة الأمة العربية، ولا مناص من أن نبدأ من جديد فقد تأخرنا كثيراً وليس لدينا وقت لإضاعته، فلنبدأ اليوم بعد الظهر .

ففي مقدمة الأولويات زراعة رأس الحربة: حزب قومي عربي لكل الوطن والأمة، لهذا الحزب ملامح أساسية نوجز بعضها:

 

مطلوب حزب قومي يؤمن بالحرية والديمقراطية والوحدة والمساواة بين جميع المواطنين بغض النظر عن الدين أو المذهب أو الطائفة أو اللون أو الجنس أو العرق . فالمواطن غير العربي من اثنيات أخرى له نفس الحقوق والواجبات من دون أي تمييز بين أغلبية وأقلية (متفاوتون في العدد متساوون في الحقوق والواجبات) .

 

حزب يؤمن بشكل قاطع بجميع حقوق المرأة ومساواتها الكاملة مع الرجل بغض النظر عن اللون أو الدين أو المذهب، ولها كامل الحق في تبوؤ أي منصب في الدولة على أساس الكفاءة من أصغر وظيفة إلى رئاسة البلاد مروراً بقيادة الجيش أو القضاء أو رئاسة الوزراء أو رئاسة مجلس النواب .

مطلوب حزب مدني يؤمن بفصل الدين عن الدولة، لا بفصل الدين عن المجتمع .

حزب قومي يؤمن ايماناً قاطعاً بأن العدو الاساسي للأمة هو “إسرائيل” والحركة الصهيونية، وأن هذا سرطان يجب القضاء عليه نهائياً بلا مساومة على التاريخ أو الجغرافيا مهما طال الزمن، وان فلسطين كلها للعرب ولا مكان فيها للعدو الصهيوني .

حزب يؤمن أن الصراع مع العدو الصهيوني ليس صراعاً دينياً بل صراع سياسي حضاري، وأن هذا الاستعمار يجب إزالته، فحيث احتلال، ثمة مقاومة .

حزب قومي قادر على دراسة كل قطر عربي وخصوصيات تطوره المرحلي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، تمهيداً لتوجيهه السلمي نحو الهدف الاساسي أي الوحدة العربية مروراً بأشكال سياسية متعددة من الفيدرالية إلى الاتحاد وصولاً للوحدة الكاملة مستقبلياً .

 

هو في النهاية حزب ثوري يمتلك عقيدة ثورية ويقود شعباً ثورياً بعيداً عن أن يكون ديمقراطياً في المعارضة ودكتاتورياً في الحكم .

 

* من أين نبدأ؟

يتبعثر الوطن العربي على 22 كياناً (14 جمهورية - 5 ملكيات - 3 دول) عدد سكانه 350 مليوناً، مساحته حوالي 13 مليون كلم2 .

 

لا يجوز القفز فوق الواقع القطري المتعثر فهذا واقع حقيقي يجب على الحزب القومي أن يجترح أسلوباً سلمياً طويل النفس للانتقال من القطرية إلى الوحدة .

السياسة كما الطبيعة ليس فيها فراغ وفي واقعنا الحالي هناك فراغات كثيرة اذا لم نملأها فسيملؤها غيرنا من قوى أجنبية، إقليمية ودولية .

من هنا تأتي الاستباحة للوطن العربي، فقد تجاوزت المهانة ضد العرب مقولة نبينا المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام: “من ضربك على خدك الأيمن أدر له خدك الأيسر” . . إذ يبدو أن النظام العربي له خدان أيمنان فلا داعي للخد الأيسر .

لقد نجح العسكر في الوصول إلى الحكم تحت عباءة الاحزاب القومية ثم حجموا تلك الأحزاب التي أوصلتهم إلى الحكم، واصبحت العسكرتاريا حزبا مستقلا لا علاقة له بالقومية وأهدافها البعيدة وخلقوا بدعة غير مسبوقة في أنظمة الحكم هي “الجمهوريات الملكية” . .

 

لقد مات معاوية بن أبي سفيان قبل 1400 سنة ولكن قتيله لم يمت فها هم الأحفاد ينقلون البيعة إلى إرث تحت شعار التوريث مشياً على خطى الدكتاتورية، في الوقت الذي تحرص فيه شعوب الأرض أن لا يترشح الحاكم لأكثر من ولايتين، فالوالي الجديد يلتصق بكرسي الحكم ولا يقدر على ازاحته سوى ملكين: ملك العسكر أو ملك الموت .

 

سباق الخيل والجمال

في السهول تسير قافلة الخيول سير أقواها، وهكذا توحدت المالنيا بالقوة العسكرية، إ ذ استطاع بسمارك أن يوحد 200 إمارة وولاية ومقاطعة، الأقوى وحد الأضعف، كذلك الحال في ايطاليا حيث وحد غاريبالدي ومتزيني ايطاليا بالقوة العسكرية .

لقد انتهى زمن الوحدة بالقوة، الآن تسير الوحدات حسب قانون القافلة في الصحراء: “تسير القافلة سير أضعفها” ففي جامعة الدول العربية “ 22 دولة” تؤخذ القرارات بالاجماع أي أن الأصغر والأضعف هو الذي يتحكم بالنتائج .

 

لنتذكر مقولة الرئيس الصيني: صن يات صن في فشله في توحيد البلاد: “لا مكان لليأس . . إنه

* الفشل السابع فقط” .

مطلوب عزيمة عربية لتلك الصينية الشجاعة .

أثمن شيء في الوجود هو أرخصها: الأوكسجين في الهواء، أوكسجين العرب هو وحدتهم .

إذا كنت تؤمن بقوة بصلابة مبادئك، فلا تخف أن يكون لك أعداء، في زمن الهوان جرب العرب ملوك الطوائف في الأندلس، الآن يجربون ملوك الطائفيين في المشرق .

الحزب القومي العربي العابر للحدود القُطرية كفيل بتأسيس ثقافة وطنية جامعة وبناء نظام حكم صالح قريب من ذلك الوصف الذي اطلقه برنارد شو: “الحكم الصالح أناس يؤمنون بالله ويخافونه، ويؤمنون بالناس ولا يخافونهم” .

==============================

تكريس تهويد القدس

راكان المجالي

 الدستور

14-3-2010

عندما قامت اسرائيل بحرق المسجد الاقصى في العام 1969 على يد متطرف صهيوني مبرمج يومها ، قصدت ان تتعرف على ردة الفعل العربي والاسلامي وكذلك العالمي على هذه الجريمة بحق هذا الرمز الاسلامي المقدس ، وكان هنالك بعد آخر وهو مجاراة التيارات المتطرفة دينيا وسياسيا في اسرائيل والتي دعت الحكومة الاسرائيلية الى هدم المسجد الاقصى والبدء ببناء الهيكل باعتبار ذلك هو المضمون والجوهر لقيام الكيان الصهيوني.

 

وكانت لدى هذه القوى المتطرفة تقديرات بان سكوت العالم على احتلال كل فلسطين يعطي اشارة لاسرائيل للتصرف بما تملك ومسح اي اثر يتعارض مع المشروع الصهيوني للتوصل الى اقامة الدولة اليهودية وابتداء الاقصى.

 

حدث هذا قبل اكثر من 40 عاما وكانت ردة الفعل العربية والاسلامية قوية ولم تقتصر على الغضب والاحتجاج لكن تم ربط علاقة العرب والمسلمين بالآخرين وفي مقدمتهم امريكا بمصير الاقصى ومصير القدس وبسبب ذلك لم تجرؤ امريكا على نقل سفارتها الى القدس.

 

ما يحدث اليوم من ردود فعل او لا ردود فعل شعبية فلسطينية وعربية بشأن الاقصى والمقدسات الاسلامية والمسيحية ومصير القدس التي يتم اغراقها في الاستيطان وتغيير معالمها ومسح هويتها هو وضع مؤسف ومحزن.

 

ما يحدث اليوم من خفوت لردود فعل شعبية ورسمية فلسطينيا وعربيا واسلاميا يؤشر على تراخْ ولا مبالاة وهوان ورضوخ للامر الواقع الاسرائيلي ، وهو ما شجع اسرائيل على التمادي والاندفاع في خطواتها المتسارعة لتهويد القدس ، وما اعتماد 150 اثرا اضافيا منسوبة تاريخيا لليهود الا لاثبات يهودية الدولة العبرية.

 

وكما هو معروف فانه ابتداء من الاحد 14 آذار 2010 والاثنين 15 آذار 2010 سوف تبدأ الجماعات المتطرفة محمية بسلطة الدولة ببناء ما يسمى كنيس "الخراب" وهو اسم على مسمى وعنوان للشرور اليهودية ، اما الثلاثاء 16 آذار فسوف يبدأ وضع حجر الاساس لبناء الهيكل ، وهذا الموعد 16 آذار 2010 هو كما يدعون تنفيذا لوعد إلهي حسب اسطورة مختلقة او متخيلة من قبل جماعات الهيكل وغيرها والتي تعتقد باقامة الهيكل مكان الاقصى سواء نزل هذا الهيكل من السماء او تمت اقامته على الاض.

 

انها على مستوى التغييرات الجغرافية فبالاضافة الى الطوفان الاستيطاني الذي يغمر القدس الشرقية فان الخطة بدأت لاتلاف باب العمود وحصر الطريق في باب الخليل بما يحقق ربط القدس الشرقية بالغربية وبما يوجد طريقا واحدا يصل الى الاماكن المقدسة عبر القدس الغربية.

 

وبغض النظر عن تفاصيل المشهد فان الحكومات الاسرائيلية استمرت في العمل لتهويد القدس لكن الحكومات اليمينية الحالية وفي ظل الظروف المريحة لاسرائيل واطلاق يدها في تهويد القدس وفلسطين فان حكومة نتنياهو - ليبرمان تندفع بسرعة جنونية بشطب هوية القدس الاسلامية والمسيحية وتكريس تهويدها في ظل حالة شلل وعجز عربي واسلامي ونفاق وتشجيع ضمني دولي.

==============================

المواجهة الكبرى مع المستوطنين.. قادمة

بقلم: مناحيم كلاين‏

هآرتس

ترجمة

الأحد 14-3-2010م

ترجمة: ريما الرفاعي

الثورة

في كتابه «بعد الحرب-تاريخ أوروبا منذ 1945» كتب المؤرخ طوني جادت أنه في السبعينيات اعتمد اليمين المتطرف في إيطاليا على شبكة دفاع وحماية من المؤسسات السياسية والأمنية

وضمت إحدى هذه الشبكات 962 عضواً بينهم 30 جنرالاً و 8 أدميرالات و 43 عضواً في البرلمان و3 وزراء في الحكومة، إضافة إلى ممثلين عن كبار رجالات الكنيسة والصناعة والبنوك الخاصة وهكذا كان بوسع اليمين الفاشي الجديد أن يضمن إلى حد ما تعاون أجهزة الدولة التي أراد تشويش عملها.‏

ولم تكن إيطاليا البلد الوحيد في أوروبا الذي عمل فيها اليمين المتطرف مع أجهزة الدولة لتشويش أو تخريب أعمال الحكومة.‏

ففي الستينيات تمرد ضباط ومستوطنون في الجزائر على قرار الرئيس ديغول الخاص بالجزائر وأعلنت المنظمة العسكرية السرية التمرد، بينما واصلت لجنة الدفاع عن الجزائر الفرنسية التي أقيمت في النصف الثاني من الخمسينيات عملها كمجموعة ضغط ضد كل تنازل من باريس للحركة الوطنية الجزائرية.‏

وسواء في إيطاليا أم في فرنسا حانت في مرحلة ما لحظة الحقيقة التي كانت فيها الحكومة ملزمة بأن تصطدم مع نفسها، الحالة الفرنسية أخطر لأن المواجهة الداخلية مع المتمردين من رجال المؤسسة دارت بالتوازي مع صراع خارجي خاضته فرنسا مع الحركة الوطنية الجزائرية، وكان هذا صراعاً عنيفاً أحياناً أو سياسياً في إطار المفاوضات.‏

وفي إيطاليا كان الصراع داخلياً فقط لكن إلى جانب اليمين المتطرف عملت ضد الدولة منظمات يسارية متطرفة والمافيا.‏

هاتان الحالتان لهما صلة بإسرائيل، لدينا حكومة اليمين تتمتع بتأييد شرعي من أغلبية المقترعين وحتى لو لم يكن كل الناطقين باسمها يعترضون بشدة على نشاط اليمين المتطرف فإنهم لا يوافقون عليها علناً على الأقل ولكن مع ذلك لا يمكن التهرب من السؤال: متى تأتي المواجهة الداخلية الكبرى مع المتطرفين؟ لقد شهدنا قبل أيام مواجهة صغرى مع حاخام مدرسة التسوية في هار براخا إلي عايزر ميلاميد حيث تخاذلت وتخبطت أجهزة الحكومة في صورة يمكن تخيلها لو كانت على نطاق أوسع، ومن وحي المواجهة الكبرى يمكن الرجوع إلى الجدال والصدامات المخففة التي رافقت عمليات فك الارتباط عن قطاع غزة والمواجهات خلال إخلاء البؤر الاستيطانية وفرض التجميد المؤقت على استمرار البناء في قسم من المستوطنات وفي بيت يونتان في سلوان.‏

إن التعاون بين الأجهزة الأمنية والمدنية للدولة وبين منظمات المستوطنين موثق في الكتب وفي تقارير المنظمات المتابعة وفي التقارير الصحفية ماذا سيحصل إذا ما قررت الحكومة في يوم ما بدعم من الأغلبية في إسرائيل الانسحاب من الضفة ومن القدس الشرقية؟‏

السؤال ليس إذا كان تفكيك المستوطنات ممكناً في ضوء انتشارها على الأرض بل إذا كان تفكيك وإعادة تركيب بعض الأجهزة ممكناً من السهل الادعاء أن الأمر لن يحصل بسبب تداخل أجهزة الدولة بالمستوطنين ومصالحهم المتطابقة، ولكن الأمثلة أعلاه تدل على أنه لا يمكن استبعاد السيناريو في أنه في يوم ما سيكون المجتمع الإسرائيلي ملزماً بالتصدي للمشكلة بكامل حدتها كل يوم يمر دون الإجابة عن هذه الأسئلة يصعب الإجابة النهائية لأن هذه قضايا لا يفيد تركها للزمن حتى لو كانت مصالح البعض في الحكومة أو الحكومة نفسها تتناغم مع أجندات تلك المجموعات المتطرفة فيما يخص فرض وقائع جديدة أمام الجانب الفلسطيني.‏

إن الاستسلام لمعطيات السياسة اليومية وتقديم اعتباراتها ينبغي ألا يغري الحكومة، أي حكومة مهما كانت متعاطفة ضمناً مع تلك المجموعات المتطرفة في مواصلة هذا النهج لأنه يخدم وقتياً أجندتها السياسية، لأن اللحظة التي ستكون مجبرة فيها على التصادم مع هذه المجموعات ستكون مكلفة أكثر كلما تأخر الوقت لضبطها قبل أن تصير بالفعل جزءاً متماهياً مع الحكومة وقادرة على شق هذه الحكومة وشق المجتمع برمته.‏

ولا ينبغي التهرب من السؤال سواء من أجل تأجيل أم منع المواجهة الداخلية الكبرى فيما إذا كان أصحاب القرار يبالغون عن قصد تصوير التهديدات الخارجية لإيران وحزب الله وسورية، بينما يتجاهلون المخاطر الحقيقية الماثلة أمام عيوننا ولا ننسى أن هؤلاء المتطرفين لا يمركزون نشاطهم في قضايا السياسة الخارجية الخاصة بالاستيطان والصراع مع الفلسطينيين بل هم موجودون في كل مناحي حياتنا ويتنفسون في وجوهنا صباح مساء.‏

==============================

ما الذي سيدفع عملية السلام للأمام؟

بقلم :د. محمد بن هويدن

البيان

14-3-2010

الدفع بعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو الشغل الشاغل للمجتمع الدولي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وهو المحور الأساسي الذي ما زال الجميع غير قادر على أن يؤسس له بعد.

 

البعض يلقي اللوم على الإسرائيليين وحكومة نتنياهو المتشددة في مواقفها لاسيما فيما يتعلق ببناء المزيد من المستوطنات الغير شرعية في الأراضي الفلسطينية والبعض يلوم السلطة الفلسطينية لعدم استعدادها تجاوز موضوع المستوطنات نحو تحقيق الهدف الأكبر وهو البدء في المفاوضات بين الطرفين تمهيداً للوصول إلى اتفاق سلام بينهم.

 

وبين هذا الموقف وذاك تقف القضية الفلسطينية عالقة وغير قادرة على تحقيق أي اختراق.

 

الحقيقة هي أن اللوم لا يمكن أن يلقى على عاتق السلطة الفلسطينية التي أصبحت في موقف داخلي غير قادر على القبول بعروض غير جدية في الوقت الذي تعمل فيه إسرائيل على التشدد في التعامل معه وعدم التقيد بالالتزامات الدولية التي وضعتها لها خارطة الطريق والتزامات الرباعية الدولية.

 

الفلسطينيون بحاجة إلى ضمانات دولية تشير بصراحة إلى أن أي مفاوضات سلام مع الإسرائيليين ستؤدي في النهاية إلى تحقيق اتفاق سلام نهائي، غير هذا لا يمكن لعملية السلام أن تمضي لاسيما وأن الخبرة التاريخية لا تسيير في صالح الفلسطينيين.

 

حيث أن اتفاق مدريد لعام 1991 وأنابوليس لعام 2007 لم يقدم سوى وعود كانت نهايتها عدم التوصل إلى حل نهائي وسلام نهائي بين الطرفين.

 

فما الذي سيجعل السلطة الفلسطينية تتحمس لمفاوضات جديدة وهي تعلم بأن مصير أية مفاوضات لن يكون بعيداً عن مصير سابقاتها؟!

 

إنه المجتمع الدولي الذي يجب أن يتحرك من جديد لضمان مفاوضات تؤدي لتحقيق اتفاق سلام بين الطرفين؛ وإن أردنا أن نكون أكثر دقة فإنه على الولايات المتحدة أن تتحرك في هذا المجال .

 

حيث أنها هي التي يقع على عاتقها الحمل الأكبر في هذه المسألة لأنها هي الطرف التي وضعت على عاتقها مسئولية حماية أمن إسرائيل ودعمها أكثر من أي طرف أخر وهي الدولة التي يجب أن تتحرك لتقديم مثل تلك الضمانات للفلسطينيين.

 

الرئيس أوباما الذي جاء بوعود الاهتمام بالقضية الفلسطينية أصبح عليه مسئولية إيجاد ضمانات للفلسطينيين لدخول مفاوضات تؤدي لتحقيق اتفاق سلام نهائي بين الطرفين. الواضح أن أوباما كان مهتماً .

 

ولكن الخط العام الذي أصبحت إدارته تسير عليه للتعامل مع القضية الفلسطينية أصبح أكثر تأثراً أو أصبح يواجه تعنت إسرائيلي من قبل حكومة نتنياهو المتشددة الأمر الذي جعل الرئيس الأمريكي يميل إلى الخط الذي وضعه مبعوثه الخاص السناتور جورج ميتشل للقضية الفلسطينية والقائم على الاعتماد على أسلوب النفس الطويل والقبول بضرورة أن يحل الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي مشاكلهم.

 

فيما بينهم وأن لا تتدخل الولايات المتحدة قبل أن يجلس الطرفان مع بعضهما البعض ومحاولة حل مشاكلهم العالقة وربما التدخل في مراحل المفاوضات عندما ترى ضرورة لذلك.

 

لذلك نجد أن الرئيس أوباما لم يدفع بشكل قوي نحو وضع خطة أو تصور للقضية الفلسطينية رغم أن الكثيرين كانوا يتوقعون منه مثل هذا الأمر مع بداية توليه إدارة الحكم في الولايات المتحدة إلا أن تأثير جورج ميتشل كان واضحاً في ضرورة الاعتماد على الطرفين أنفسهم في حل خلافاتهم من دون أن تفرض الولايات المتحدة على الطرفين خطة معينة.

 

ورغم أن المبعوث الأميركي الخاص متأثر بشكل كبير بنجاحه في حل المشكلة الايرلندية الشمالية التي اعتمد من خلالها على أسلوب النفس الطويل إلا أن الوضع في فلسطين قائم على طرفين إحداهما مستعد للتفاوض وهو الطرف الفلسطيني والثاني غير راغب على الإطلاق بل نجده يحاول فرض أجندته على الطاولة لبدء الحوار وهو الطرف الإسرائيلي.

 

فإذا كان ميتشل مدركاً لأهمية التحول التدريجي والبطيء فإن عليه أن يفرض نوعا من الضغط على حكومة نتنياهو الرافضة الجلوس مع الفلسطينيين إلا بشروطها هي.

 

فالذهاب إلى مفاوضات مع طرف راض بالمفاوضات وهم الفلسطينيون وطرف آخر يضع شروطه للمفاوضات لن تؤدي إلا لضياع الوقت أمام الفلسطينيين الذين لن يحصلوا إلا على أقل من ما كان سيمنح لهم.

 

إنها مسئولية الولايات المتحدة وليس غيرها لوضع ضمانات للفلسطينيين بأن تفاوضهم مع الإسرائيليين سيكون ذا جدوى وسيؤدي في النهاية إلى سلام واتفاق نهائي ولن يكون كما كان عليه مدريد وأنابوليس مجرد شعارات ووعود.

 

وهذا بالطبع لا يمكن أن يتحقق هكذا من دون التزام دولي تقوده الولايات المتحدة وإلى درجة الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة اللتين وللأسف الشديد تم تهميشهما من قبل الولايات المتحدة ومن قبل أنفسهم عندما شاركوا في عضوية الرباعية الدولية التي لم تحقق شيئا يذكر في مسار القضية الفلسطينية بل أنها أضرت بمواقفها.

 

حيث أصبحت أكثر تطرفاً وميلاً للخط الأمريكي الإسرائيلي عن خط الحياد الذي كان يمكن أن تلعبه لو لم تدخل في عضوية الرباعية.

 

هذه الأطراف عليها أن تعلن صراحة بأن قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية هو هدف من أهدافها الأساسية خلال فترة زمنية محددة.

 

وأنها يجب خلال هذه الفترة أن تعمل على تحقيق هذا الهدف، وأن فشلها في ذلك سيعرض المسئولين عن الإخفاق للمساءلة القانونية الدولية. مثل هذه الضمانات ستكون كفيلة بجعل الفلسطينيين والإسرائيليين يعملون بشكل إيجابي في هذا المجال.

 

أما ترك الأمر دون مساءلة يجعل الطرف الإسرائيلي يتمادى كيفما شاء حتى انه أصبح اليوم ينادي بفكرة عدم قبوله بحل الدولتين، وهذا أمر خطير للغاية .

 

حيث أنه يهدف من وراء ذلك صياغة رؤية جديدة مفادها لا دولتين ولا دولة واحدة يكون فيها الفلسطينيون على قدم المساواة مع اليهود وإنما دولة واحدة يهودية مقابل تولي الأردن ومصر مسئولية شعب فلسطيني وبعض أراضي الضفة والقطاع.

 

إنها مسئولية الولايات المتحدة بل والرئيس الأمريكي خاصة الذي أصبح مطلوباً منه أن يتحول من أوباما المتخوف من ردة فعل اليهود إلى أيزنهاور الذي وقف في وجه إسرائيل واليهود عندما انتقد إسرائيل والعدوان الثلاثي على مصر في عام 1956 وضغط على إسرائيل نحو الرضوخ للانسحاب من الأراضي المصرية.

 

فكما كانت مصلحة الولايات المتحدة في عدم خسارة مصر والدول العربية في ذلك الوقت فإنه من الواجب أيضاً أن تدرك واشنطن بأن خسارة العرب في الوقت الحالي هي أخطر وأكبر وقعاً على مصالح أميركا.

جامعة الامارات

==============================

تطوّر العلاقات التركية العراقية

بقلم :ديدييه بيليون

البيان

14-3-2010

كان لرفض البرلمان التركي مرور 62000 جندي أميركي عبر أراضيه في الأول من مارس آذار 2003 لمهاجمة العراق من الشمال وقع الصاعقة في سماء العلاقات الأميركية التركية التي كانت تبدو في غاية الصفاء.

 

هناك عدّة عوامل تسمح بفهم ذلك الرفض. أوّلها أن سماح تركيا بمرور الجنود الأميركيين كان يعني عزلها إقليميا. وتشكل مسألة الوضع في شمال العراق عاملا أساسيا آخر، ذلك أن العسكريين الأتراك واجهوا رفضا صارما من واشنطن لتدخّلهم في شمال العراق من أجل منع قيام دولة كردية ستكون لها آثارها على إحياء نزعة الاستقلال لدى الأكراد في تركيا.

 

ومع الإطاحة بالنظام البعثي في العراق تزايدت المخاوف التركية بسبب الدور المتزايد للتنظيمات الكردية. هذا رغم تأكيد القادة الأكراد في العراق أنهم يريدون المحافظة على وحدة البلاد لكن فدراليا وحيث ما يُشاهد هو استقلال ذاتي للأكراد في الواقع العملي.

 

ووجدت إدارة بوش السابقة أن التنظيمات الكردية قد تكون مفيدة في تحقيق مشاريع إعادة صياغة الشرق الأوسط العزيزة على قلب المحافظين الجدد.

 

والورقة الكردية يمكن أن تُستخدم ضد سوريا وإيران وحتى تركيا التي قلقت في مرحلة أولى من انتخاب جلال طالباني رئيسا للعراق ثم حللت سريعا أن ذلك هو الضمان الأفضل للمحافظة على الصيغة التوحيدية للدولة العراقية والتي تمثّل معيارا أساسيا بالنسبة لتركيا.

 

بالمقابل مثّل وجود قواعد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق وما تتمتع فيه من حماية السلطات المحلّية موضوع توتر مستمر. وهكذا طلبت السلطات المدنية والعسكرية التركية عدّة مرّات من نظيراتها الأميركية التدخل ضد قواعد حزب العمال الكردستاني، لكن دون استجابة.

 

في مثل ذلك السياق سمح البرلمان التركي للحكومة القيام بعمليات عسكرية ضد القواعد الكردية في شمال العراق وبتعاون استخباراتي مع إدارة بوش التي قبلت أخيرا أن وجود مقاتلي حزب العمال الكردستاني يساهم في هزّ استقرار المنطقة الوحيدة الواقعة تحت السيطرة الأميركية حقيقة في البلاد.

 

لقد أدانت السلطات الكردية في العراق تدخل الجيش التركي، كما أخذت مسافة من حزب العمال الكردستاني.

 

وخلال عامي 2008 و2009 تعددت الاتصالات بين مبعوثين أتراك ومسعود البرزاني. وتشكلت في نوفمبر 2008 لجنة تركية عراقية أميركية للحد من نشاطات حزب العمال الكردستاني لتتوالى بعدها الصلات بين السلطات التركية والعراقية والكردية العراقية.

 

وفي مثل هذا السياق قام الرئيس التركي عبد الله غل بزيارة بغداد في مارس 2009، وكانت الزيارة الأولى لرئيس تركي منذ 33 سنة.

 

وزادت بالوقت نفسه المبادلات التجارية بين تركيا والعراق بنسبة 5,37 بالمائة في عام 2008 قياسا بعام 2007. وتعددت مشاريع التعاون في مختلف المجالات بحيث يبدو أن تركيا تريد أن تكون البوابة الأوروبية للعراق.

 

تبقى منطقة الظل الوحيدة في لوحة العلاقات التركية العراقية هي التي تخصّ مسألة المياه. ولا شكّ أن تركيا تمتلك في هذا المجال سلاحا فعّالا في ظل الحالة المائية المأزومة للعراق حيث يلوح شبح الجفاف ورحيل أعداد كبيرة من السكان عن مناطقهم.

 

لقد زادت تركيا من تدفّق المياه على دفعات اعتبارا من عام 2009 وصولا إلى 517 مترا مكعّبا في الثانية حسب تصريحاتها. لكن العراق يطالب ب700 متر مكعّب في الثانية.

 

وتريد تركيا أيضا أن تؤكّد في العراق دورا يتماشى مع التوجّه الذي طوّرته حيال بلدان المنطقة الأخرى. وينظر البلدان إلى التطبيع المتدرّج لعلاقاتهما إيجابيا حيث فهم كل طرف أن منافع النضال ضد حزب العمال الكردستاني أكبر من مضارّه وكذلك الأمر بالنسبة لقيام منظور جوار سياسي واقتصادي مسالم.

 

والاجتماع الوزاري الذي ضمّ في شهر سبتمبر 2009 تسعة وزراء من كل بلد ثم اجتماع مشترك لمجلسي الوزراء في الشهر التالي يبرز ذلك التوجّه.

 

على ضوء هذه التطورات كلّها يمكن القول إن هناك مسارا جديدا للعلاقات التركية العراقية. وهو مسار يندرج في سياق السياسة التركية الحالية القائمة على مفهوم «صفر من المشاكل مع الجيران» مع تزايد المبادرات الدبلوماسية.

ولم يتردد وزير الخارجية التركي في التصريح أثناء زيارة قريبة إلى شمال العراق أنه جاءت اللحظة التي ينبغي فيها على «العرب والأكراد والأتراك أن يعيدوا معا بناء الشرق الأوسط».

إن وصول أول قطار قادم من الموصل إلى بلدة غازيانتيب التركية يوم 17 فبراير الماضي له قيمة رمزية كبيرة، خاصّة أن هذا الخط المعطّل منذ حوالي 20 سنة يشكّل جزءًا من الخط التاريخي بين اسطنبول وبغداد والذي يشكّل بدوره جزءًا من خط برلين بغداد.

المدير المساعد لمركز العلاقات الدولية والإستراتيجية باريس

==============================

الحملة على تركيا في دول الغرب لماذا؟

نصوح المجالي

الرأي الاردنية

14-3-2010

بدأت الحملة المعادية للحكومة التركية التي تمثل طيفاً اسلامياً معتدلا, تتصاعد سواء في الساحة الداخلية التي شهدت خمس محاولات انقلابية في بضع سنوات كان آخرها ما اعلن عنه مؤخراً واحالة رموزه من العسكريين الى المحكمة, مما يشير الى ان قوى خارجية أخذت تألب المؤسسة العسكرية التركية للاطاحة بالحكومة التركية الحالية للعودة بالنظام التركي الى العلمانية المحكومة بالعسكر, وليس الى الديمقراطية المحكومة بحكومة اسلامية معتدلة وهذا نتاج الفوبيا الاسلامية, التي تجتاح دول الغرب وتغذيها الصهيونية بالكراهية والاحقاد التاريخية التي ترى في الاسلام اينما تشكل له مركز قوة خطراً على الحضارة الغربية وعلى اسرائيل.

 

لقد شهدت العلاقات التركية الاسرائيلية عملية تراجع وتجاذب منذ صعود الاسلاميين للحكم, وفجرت مواقف الحكومة التركية وادانتها للعدوان الاسرائيلي على غزة, الموقف بين تركيا واسرائيل خاصة وان العدوان على غزة انهى عملياً الوساطة التركية بين سوريا واسرائيل.

 

وجاءت عملية اهانة السفير التركي من مسؤول في الخارجية الاسرائيلية رداً على نشر فيلم تركي يكشف جرائم الموساد لتدخل البلدين في ازمة دبلوماسية اضطرت معها اسرائيل للاعتذار والتراجع.

 

لكن الحملة على تركيا التي يديرها مايسترو صهيوني لم تتوقف, اذ أخذت شكل نبش للتاريخ العثماني, في محاولة لادانة تركيا بجرائم حرب ضد الارمن حصلت في العهد العثماني قبل خمس وتسعين عاماً, وقد بدأت كرة الكراهية تتدحرج عبر برلمانات دول الغرب في اوركسترا منظمة هدفها وصم تركيا تاريخياً بجرائم حرب ضد جهة اوروبية, مع ان جميع جرائم الحرب في الحربين الاولى والثانية, وحتى تلك التي تلتها في فلسطين والبوسنة والهرسك كانت من صنع اوروبي..

 

مؤخرا, عرضت مسودة قرار على البرلمان الاميركي لادانة تركيا بمذابح الارمن, مما وتر العلاقات التركية الاميركية لحساب المصالح الاسرائيلية وعلى حساب المصالح الاميركية في المنطقة, وتلا ذلك قرار من البرلمان السويدي يدين تركيا العثمانية بإبادة الارمن والاشوريين والسريان, والامر نفسه سيعرض خلال اسابيع على البرلمان البريطاني لنفس الغاية, ولن تتأخر برلمانات دول اوروبا الاخرى عن ادانة تركيا العثمانية بجرائم حرب ضد الشعوب الاخرى.

 

أهي محاولة للضغط على تركيا، ورسالة بأن دخولها الاتحاد الاوروبي مشروط، بتراجعها عن السياسات التي قربتها من دول المنطقة الاسلامية وابعدتها عن اسرائيل، ام هي رسالة واضحة، لتركيا بأن اوروبا ناد للدول المسيحية لا يرحب بعضو مسلم، وان شرط دخولها، انقلاب ما يغير احوال تركيا وسياساتها ويعيدها الى حضن الغرب واسرائيل.

 

لنا في المنطقة، تاريخ طويل مع (الحملات) التي تشنها دول الغرب على انظمة عربية واسلامية، اختلفت مع سياسات الغرب؛ فقد شن الغرب حملة متواصلة، تخللتها الحروب على نظام عبدالناصر لأنه غير وجهة مصر نحو الشرق بدل الغرب، وطالت الحملة فكرة القومية العربية، وتجارب الوحدة العربية، الى ان تهاوى نظام عبدالناصر عملياً بعد حرب حزيران عام 1967.

 

ثم تكرر الامر مع صدام حسين في حملة، تخللتها حروب وحصار، وتلفيق سياسي واضح الى ان اسقط نظامه عام 2003 وهناك حملة مسعورة تشنها، اوساط اعلامية وسياسية غربية، ما زالت تستهدف النظام السوداني بدأت على خلفية اسلامية ثم تمحورت حول قضية دارفور.

 

وهناك حملة، في دول الغرب تقودها اسرائيل ضد النظام الايراني، وضد سوريا وحزب الله وحماس عدا عن الحرب على الارهاب، التي طالت بلاد الاسلام ودوله وتعاليمه وقيمه ومجتمعاته، ولم تسلم منها حتى الدول الصديقة لدول الغرب.

 

والحملة على الحكم في تركيا، تأتي في هذا السياق، لخلق رأي عام دولي ضاغط على أي جهة تأخذ نهجاً مستقلاً في سياسات الشرق الاوسط او مصالحها الوطنية.

 

لو تتبعنا حجم المقالات والمواد الاعلامية التي تتناول ايران وتركيا في وسائل الاعلام الغربية، وما يترجم منها الى قرارات في سياسات الدول وبرلماناتها، وحجم الخوف والاحجام عن تناول الجرائم الاسرائيلية ضد شعوب المنطقة، لادركنا ان رأس الاوركسترا الاعلامية، يكمن في اسرائيل واطرافها في مراكز النفوذ الصهيونية في دول الغرب ومراكز التأثير والقرار فيها.

ستستهدف تركيا اكثر كلما اقتربت من قضايا المنطقة، وابتعدت عن الاملاءات الغربية المسخرة لخدمة اسرائيل واحتلالاتها في المنطقة.

==============================

هل يُصلح العطّار العربي ما أفسده الدهر الإسرائيلي؟

الأحد, 14 مارس 2010

عادل مالك *

الحياة

عيون لبنان واللبنانيين كانت ولا تزال وستبقى موزعة الاهتمام بين هموم الداخل وشجون الخارج.

ومع استئناف جلسات طاولة الحوار برئاسة الرئيس ميشال سليمان لم تحمل أي أمل بإمكانية حدوث الحد الأدنى من التفاهم الوطني، لا بد أن جلسة الثلثاء الفائت خيّمت عليها أجواء من الكآبة، فبدا وكأن على رؤوس المتحاورين الطير لتحاشي أن تقع عيون المتنافرين سياسياً على بعضها بعضاً ليتكرس الاختلاف حول كلمة «المقاومة» في البيان الختامي لمداولات طاولة الحوار، فكان الاحتجاج من رئيس مجلس النواب نبيه بري على إسقاط هذه الكلمة والتي أوحى بها رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة مؤيداً من رئيس الحكومة سعد الحريري، باعتبار أن موضوع المقاومة قضية خلافية وإشكالية كبيرة، ويمكن الاكتفاء بما ورد في صيغة البيان الوزاري للحكومة الحالية. وانتهى الاجتماع على الطريقة اللبنانية بالتسويات. ويتساءل البعض: هل استئناف جلسات الحوار الوطني هي للتوصل الى حل؟ أم لإشهار الاختلاف الوطني القائم بين مختلف الأفرقاء؟

وبناء عليه سيبقى التوفيق بين أطراف المعادلة الثلاثية الأبعاد: المزاوجة بين الجيش والشعب والمقاومة، الموضوع الإشكالي الكبير والذي أفرز القسمة بين اللبنانيين لفترات زمنية آتية يصعب معها تحديد الرؤية المستقبلية لمصير وطن يدعى لبنان. والغرض من استئناف الحوار كما أراده رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان هو خلق مساحة لاحتواء التوتر والاحتقان ونقلهما من الشارع الى الطاولة. ويعزز فكرة سليمان عدم وجود بدائل للمحافظة على الاستقرار ولو في شكل عام في أرجاء الجمهورية كافة حيث يُطرح السؤال المحوريّ الكبير: ما البديل عن الحوار؟ هل يكون بالعودة الى إقامة المتاريس؟ وقد أضيف الى جدول أعمال طاولة الحوار مطالبة بعض الأفرقاء المنتمين الى تكتل 14 آذار (مارس) بضرورة المشاركة العربية في الحوار القائم. لكن لا يبدو أن هذا الاقتراح سيؤخذ به ليبقى السجال حول «الاستراتيجية الدفاعية» في مهب رياح الانقسامات الداخلية والإقليمية والتي لا يمكن فصلها عن الواقع العام في المنطقة.

وبالانتقال الى هذا الفصل حدثت تطورات عدة في الأيام الأخيرة توحي بمزيد من التعقيدات ومن أبرزها موافقة وزراء الخارجية العرب – باستثناء سورية – على مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي حُددت بأربعة أشهر. ومن المفارقات أن يعيد التاريخ نفسه على رغم اختلاف المناخات العامة في المنطقة. إذ بعد «ترحيب» بعض الأوساط بالمبادرة العربية أملاً بإحداث كوّة ولو صغيرة في الجدار المسدود، إذ برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو يتجاهل الدعوة بالمضي في سياسة الاستيطان والموافقة على بناء 1600 وحدة سكنية جديدة في الضفة الغربية، فيما كان نائب الرئيس الأميركي جو بايدن الذي زار المنطقة يشيد بالموقف الإسرائيلي ويؤكّد من جديد التزام الولايات المتحدة بالحفاظ على أمن إسرائيل. وسؤال الأسئلة يبقى: هل ان ما رفضته إسرائيل منذ نكبة عام 1948 وحتى اليوم ستوافق عليه خلال الأشهر الأربعة المقبلة؟

وفي هذا المجال سارع أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى الى استصدار بيان يربط خطوة استئناف المفاوضات مع إسرائيل بوقفها خطة الاستيطان.

ما الذي يمكن أن يحدث إذا انتهت المهلة الزمنية من دون تجاوب نتانياهو مع الطرح العربي الجديد؟

ثم ان ما لفت الأنظار تعبير «مفاوضات غير مباشرة» بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وما هي الأهمية التقنية لهذا التوصيف، إذ إن المفاوضات المباشرة بين الجانبين لم تسفر عن أي نتائج أو جدوى، فهل ان المفاوضات غير المباشرة يمكن ان تقدّم إضافة معيّنة تحرك المياه الراكدة في عملية السلام؟

لقد أوفد الرئيس الأميركي باراك اوباما نائبه جو بايدن الى المنطقة في محاولة للتعويض عن الإخفاق الذي لازم طروحاته في شأن تحريك عملية السلام، منذ دخوله البيت الأبيض، فيما المبعوث الشخصي السيناتور جورج ميتشيل يحاول عبثاً إحداث اختراق في الطريق المسدود على المسارات كافة، و «الإنجاز» الذي تحقق يتمثل في قدرة ميتشيل على الاحتفاظ بابتسامة عريضة أمام الكاميرات، وعليه ان يدرك أن المقارنة بين إحلال السلام في إرلندا الشمالية، وهذا ما يُحسب له، يختلف كلياً عن الوضع المعقد في الصراع العربي – الإسرائيلي.

ويتزامن كل ذلك مع التبدل الجذري في الأولويات في المنطقة، إذ إن اسرائيل نجحت، وبأسف، في تسويق الفكرة القائلة بأن إيران هي «الخطر الأكبر» الذي يتهدد إسرائيل والمنطقة والعالم ويُسقط الأولوية المطلقة التي احتلّتها القضية الفلسطينية منذ نشوء دولة إسرائيل، وهذا يقودنا بصورة تلقائية الى «آخر المستجدات» في الملف النووي الإيراني.

واقع الحال أكّد حالة الإرباك لدى الغرب الأميركي والأوروبي في مسألة التعاطي مع إيران، ولا يزال الموقف يراوح مكانه من حيث التهديد بفرض المزيد من العقوبات الموجعة ضد إيران. فالفيتو الصيني يعطل أي قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي بفرض هذا النوع من العقوبات وكذلك الموقف الروسي المتذبذب. ثم ان نظام العقوبات الذي تعمل الولايات المتحدة الأميركية على فرضه ضد ايران لن يجدي نفعاً، والحصار على كوبا منذ حقبة الستينات خير مثال على ذلك.

وكان ظهور الرئيس بشار الأسد مع الرئيس محمود أحمدي نجاد والأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله في دمشق، ذلك الرد على أي تفكير من جانب إسرائيل أو الغرب ككل، في انتهاج الخيار العسكري في التعاطي مع إيران بعد استنفاد الوسائل التحاورية والسياسية كافة.

مثل هذا الاحتمال – إذا ما حدث – يضع المنطقة بكاملها في حالة بركانية متأججة ستصل شظاياها الى ما بعد... إسرائيل وإيران!

وعندما قام الرئيس الإيراني بزيارة العاصمة الأفغانية كابول قبل أيام بلغته تصريحات وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس والتي تساءل فيها: ماذا تفعل إيران في أفغانستان؟ فكان الرد سريعاً من أحمدي نجاد: وأنتم ماذا تفعلون هنا؟ وهذا المشهد على رمزيته يختزل الصراع الطاحن على النفوذ وعلى المصالح في المنطقة، وعلى السباق المحموم على بسط الهيمنة الذي يتخطى مساحة السجاد العجمي الى ما هو أبعد، الأمر الذي يُبقي المنطقة بأسرها على خط الزلازل وعلى إيقاعات الصراع الأبدي على النفوذ وعلى المصير.

وفي محاولة لاستشراف تطورات الآتي من الأيام والشهور وفي قراءة تحليلية وموضوعية للمشهد العام في جانبه الإقليمي والدولي ما لا يبعث على الارتياح ليبقى الشعار العام في المنطقة يتركّز على الحدّ من الخسائر بالقدر المستطاع وتجنّب المواجهات، حتى لا يبقى الكثير من دول المنطقة رهائن لدى مراكز النفوذ الكبيرة، وحتى لا تبقى شعوب المنطقة من لبنان الى سورية فالعراق فأفغانستان وما بعد الذخيرة الحيّة في واحدة من أكبر وأخطر فصول لعبة الأمم في التاريخ المعاصر.

* صحافي وإعلامي لبناني

==============================

عقدة الكراهية في العلاقات الدولية

الأحد, 14 مارس 2010

السيد يسين *

الحياة

هل يمكن للكراهية التي يمكن – لأسباب متعددة – أن تنمو بين شخص وآخر، أن تمارس بين دولة ودولة أخرى أو بين شعب وشعب آخر أو بين ثقافة وثقافة أخرى مختلفة؟

الإجابة التي قد تبدو غريبة حقاً هي نعم! ونقول ذلك ليس على سبيل التأمل النظري ولكن على ضوء واقع الخبرة التاريخية العالمية، خصوصاً الممارسات التي تمت في القرن العشرين والتي امتدت حتى وقتنا الراهن.

هناك أولاً شعور الكراهية الذي كان متأصلاً في فرنسا ضد ألمانيا نتيجة الهزائم التي لاقتها على أيديها. ومن ناحية أخرى كان الشعب الألماني نتيجة تربية سياسية خاطئة يفرط في تضخيم ذاته والفخر بقدراته وأصالته وفي الوقت نفسه يسرف في التقليل من ثورات الشعب الفرنسي، ما ولّد شعوراً بالكراهية من الشعب الفرنسي ضد الشعب الألماني.

ثم جاءت بعد ذلك حقبة ألمانيا النازية وصعود هتلر إلى السلطة بعد نجاحه في انتخابات ديموقراطية وانقلابه عليها وتحويل النظام السياسي الألماني إلى ديكتاتورية صريحة. في هذه الحقبة تبنى هتلر عقيدته النازية التي فرضها بقوة القمع واستبطن آراء عنصرية شديدة التطرف عن سمو الجنس الآري على غيره من الأجناس. وأخطر من ذلك نظرية دونية الشعوب الأخرى باعتبارها متخلفة وبدائية إذا ما قورنت بالسمو الألماني والعبقرية الآرية!

وكان طبيعياً أن تشعر الدول الأوروبية بكراهية تجاه هذه العنصرية الالمانية، وأهم من ذلك توقع سياسات عدوانية من قبل ألمانيا بحكم عقيدتها النازية وهذا ما حدث بالفعل. إذ باشر هتلر بعد أن بنى قوة عسكرية هائلة تهديد الدول المجاورة له، ثم بدأ بغزوها دولة اثر دولة بعد هجوم عسكري كاسح واستطاع بمهارة عسكرية فائقة في غزوه لفرنسا أن يتجاوز خط «ماجينو» الدفاعي الفرنسي الذي ظنت الدولة الفرنسية أنه يمكن أن يحميها من الغزو، ودخل فرنسا بحركة التفاف بارعة من الحدود البلجيكية وهكذا سقطت فرنسا فريسة العدوانية النازية في أسابيع قليلة.

ومن الطبيعي أن يتملك الشعب الفرنسي – في ضوء هذه الوقائع – شعور عميق بالكراهية ليس فقط ضد الدولة الألمانية النازية ولكن ضد الشعب الألماني ذاته! وقد كان مشهد استعراض الجيش الألماني لقوته الباطشة وهو يمر تحت قوس النصر في باريس مذلاً للغاية للشعب الفرنسي، وباعثاً على تبلور مرارة شديدة من كل ما هو ألماني!

ومشاعر الكراهية ذاتها تشعر بها الدول الأوروبية تجاه إيطاليا الفاشية بزعامة موسوليني الذي أراد أن يقلد هتلر في كل ممارساته. ولذلك لم يكن غريباً أن يتحالف مع ألمانيا ثم مع النظام الإمبراطوري الياباني ذي النزعة العسكرية العدوانية إزاء جيرانه في آسيا لتكوين ما أطلق عليه «دول المحور» التي اشتبكت مع «دول الحلفاء» في الحرب العالمية الثانية التي ستظل إحدى معالم القرن العشرين الدامية.

وإذا نظرنا إلى الصراع الإيديولوجي الضاري الذي دار بين الاتحاد السوفياتي بعد نشوب الثورة البلشفية في روسيا عام 1917 وبين الدول الغربية ذات الانظمة الرأسمالية التي بادلت الاتحاد السوفياتي الكراهية خوفاً من امتداد نفوذ الشيوعية إلى عقر دارها، لأدركنا أن هذا الصراع ولّد مشاعر للكراهية ليس بين الدول فقط ولكن بين الشعوب المختلفة في نظمها السياسية أيضاً.

ولذلك طبقت الولايات المتحدة الأميركية زعيمة العالم الحر كما كان يطلق عليه سياسة «الاحتواء» Containment بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945 في محاولة منها لصد موجات الإيديولوجية الشيوعية المتدفقة، ومن هنا نشأت ما يطلق عليها «الحرب الباردة الثقافية» التي قام فيها كل طرف، ونعني الاتحاد السوفياتي من جانب والدول الغربية من جانب آخر، بتفنيد الحجج الإيديولوجية للآخر. بمعنى أن السوفيات قاموا بجهود فائقة لنقد الرأسمالية كنظام سياسي فلسفياً وسياسياً، وكذلك قامت الولايات المتحدة بنقد الماركسية وتطبيقاتها الشيوعية نقداً بالغ الحدة والعنف واستخدمت في سبيل ذلك وسائل شتى.

وهناك الآن مشاعر الكراهية المتنامية لسياسات الولايات المتحدة الأميركية في كل أرجاء العالم! وكانت الولايات المتحدة من خلال زعمائها السياسيين في عهد الرئيس جورج بوش الابن وبعض مثقفيها والقائمين على الإعلام فيها هي التي فتحت الموضوع بعد أحداث ايلول (سبتمبر) الإرهابية الشهيرة التي قام بها إرهابيون عرب ومسلمون – بحسب الرواية الرسمية الأميركية – وضربوا معاقل القوة الأميركية الاقتصادية والسياسية.

وهكذا ارتفع السؤال الشهير: لماذا يكرهوننا؟ أثير هذا السؤال وكأن من أثاروه قد أصابهم عمى البصيرة ولم يدركوا أن السياسات الأميركية ذاتها في ميادين متعددة هي سبب الكراهية التي تشعر بها شعوب متعددة في العالم تنتمي إلى ثقافات جدّ متنوعة، ضد الولايات المتحدة الأميركية أو بمعنى أدق ضد السياسات الأميركية العدوانية وليس إطلاقاًَ ضد الشعب الأميركي.

ولو رجعنا إلى الكتاب المهم الذي ألفه كل من ضياء الدين سردار وميريل واين دايفيز الذي نشر عام 2002 وترجم إلى 22 لغة وعنوانه «لماذا يكره العالم أميركا؟» لوجدنا أعمق تحليل ثقافي لظاهرة الكراهية العالمية للسياسات الأميركية. (نشرت مكتبة العبيكان ترجمة عربية ممتازة لهذا الكتاب عام 2005 قام بها معين الإمام).

ويقرر الكتاب أن هذا السؤال الرئيسي حول لماذا يكره الناس أميركا ثار أساساً بعد الهجوم الإرهابي على الولايات المتحدة وازداد تواتراً بعد الغزو العسكري الأميركي للعراق، وما سبق الغزو من رفض كثير من الدول استصدار قرار من مجلس الأمن يقرر شرعية الغزو حتى من قبل بعض حلفاء أميركا! ولا شك أنه بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) حدث تعاطف عالمي مع أميركا نظراً الى فظاعة الحدث وعدد الضحايا الأبرياء الذين قتلوا نتيجة له. غير أن لحظة التعاطف هذه سرعان ما زالت بعد الغزو العسكري لأفغانستان والذي تلاه الغزو العسكري للعراق والذي كان محل خلاف عالمي.

والحقيقة أننا لو درسنا نتائج استطلاعات الرأي التي أجريت في دول أوروبية متعددة قبل الأحداث الإرهابية التي وجهت ضد الولايات المتحدة لاكتشفنا أن أعداداً كبيرة ممن تم استطلاع رأيهم في هذه البلاد كانت اتجاهاتهم بالغة السلبية إزاء الولايات المتحدة. وهذه الاتجاهات السلبية تعود إلى عدم موافقتهم على السياسات الأميركية في ميادين متعددة. وفي مقدم هذه الميادين ميدان البيئة. وذلك لأن الولايات المتحدة انسحبت من معاهدة «كيوتو» التي سبق أن وقعت عليها. وهذه المعاهدة تختص بالمحاولة العالمية لضبط المناخ سعياً وراء المجابهة الإيجابية لظاهرة الاحتباس الحراري وتأثيرها السلبي على الكون وبالتالي على الحياة الإنسانية، وقد تبين أن الولايات المتحدة هي في طليعة الدول التي تنبعث منها الغازات السامة بحكم اتساع نطاق التصنيع فيها، وعدم تزويد المصانع بالآليات اللازمة للتحكم في انبعاث هذه الغازات.

انسحبت الولايات المتحدة الأميركية من المعاهدة وخالفت الإجماع العالمي لأنها لم ترد أن تتحمل كلفة إعادة تهيئة مصانعها لمواجهة انبعاث الغازات السامة. وكذلك فعلت الولايات المتحدة حين انسحبت من معاهدة خفض انتشار الصواريخ، ما هدد بحدوث سباق بين الدول في مجال امتلاك صواريخ بعيدة المدى، كما شهدنا في السنوات الأخيرة، ما يهدد السلام العالمي.

ومن ناحية أخرى، استخدمت الحكومة الأميركية سلطاتها للدفاع عن مصالح منتجي ومصنعي المحاصيل المعدلة وراثياً على رغم معارضة ونفور وقلق المستهلكين في أوروبا وحتى الجياع في دول العالم الثالث الفقيرة. وهكذا يمكن القول إن الكراهية لأميركا نبعت من استمرارها في ممارسة سياسة القوة والهيمنة لتحقيق مصالح قومية ذاتية وضيقة.

ويمكن القول إننا نتفق مع ما خلص له كتاب «لماذا يكره العالم أميركا؟» الذي سبق أن أشرنا إليه من «أن الكراهية هي أسوأ الأسس الممكنة لإقامة العلاقات بين البشر عموماً والأمم على وجه الخصوص».

وفي تقديرنا أن العالم في حاجة إلى وضع قواعد تأسيسية جديدة للحوار والاختلاف في الرأي وذلك لتجسير الفجوة بين أميركا وبقية دول العالم. ليس ذلك فقط بل لجعل حوار الثقافات هو الأسلوب الأساسي الذي ينبغي الاعتماد عليه في مجال التفاهم بين الأمم والشعوب.

* كاتب مصري

==============================

إسرائيل تعربد وتتحدى.. إنما برعاية أميركية

بلال الحسن

الشرق الاوسط

14-3-2010

أعلنت الدولة العظمى، حامية إسرائيل، أي الولايات المتحدة الأميركية، أنها لا تستطيع أن تلعب دورا أساسيا وبارزا في المفاوضات التي انتدبت نفسها للإشراف عليها بين العرب وإسرائيل، وبين الفلسطينيين وإسرائيل. تقدمت أمام العالم، وطرحت بجرأة، أنها تريد الإشراف على مفاوضات ناجحة، شرطها الأول أن توقف إسرائيل بناء المزيد من المستوطنات. رفضت إسرائيل المحمية، ورضخت الدولة العظمى الحامية. وهنا بادرت الدولة العظمى إلى الإعلان عن استعدادها لإدارة مفاوضات غير مباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل، لا تستند إلى أي شرط، ولا تستند إلى أي مرجعية. مرة أخرى بادرت الدولة المحمية إلى الإعلان، يوم محاولة البدء بالمفاوضات غير المباشرة، إلى الإعلان عن بناء جديد للمستوطنات، ولم تعلن الدولة الكبرى الحامية، أي اعتراض، أو أي احتجاج، حتى إن المفاوضات أصبحت معرضة للخطر، ويجوز هنا التساؤل إن كانت ستتم أم لا.

تبدو هذه الصورة المعروضة أمام القارئ مملة للغاية، فلا أحد يصدق أن إسرائيل ترفض ما تريده أميركا. ولا أحد يصدق أن أميركا لا تستطيع أن تفرض على حكومة إسرائيل قرارا سياسيا بسيطا من نوع بدء مفاوضات غير مباشرة، وربما غير ملزمة. ولا أحد يصدق أن المفاوضات غير المباشرة إن بدأت ستسفر عن أي نتيجة عملية جديدة. فقد بات معروفا وشائعا أن إسرائيل لا تريد البحث في القضية الفلسطينية الأصل، ولا تريد البحث في حق العودة للاجئين، ولا تريد البحث في انسحاب إسرائيلي كامل من أراضٍ احتُلّت عام 1967، ولا تريد إزالة المستوطنات، ولا تريد الموافقة على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة في حدود أراضي 1967. وبات معروفا وشائعا في المقابل أن إسرائيل تريد نصف الضفة الغربية، وتريد مياه الضفة الغربية، وتريد سماء الضفة الغربية، وتريد المياه الإقليمية لقطاع غزة، وتريد التمركز العسكري على امتداد نهر الأردن. كل هذا تريده إسرائيل، وكل هذا تعرف أميركا أن إسرائيل تريده، ومع ذلك فهي تأتي إلى المنطقة بكل هيبتها لتقول لنا إنها ستدير مفاوضات غير مباشرة، وتتعهد لنا أنها ستنتهي في حدود عامين، وتريد منا أن نصدق هذه الكذبة الأميركية الكبرى.

إن الولايات المتحدة الأميركية تدير هذه الكذبة منذ العام 1991، يوم بدأت مفاوضات واشنطن بعد انعقاد مؤتمر مدريد، حيث جرت مفاوضات مباشرة برعاية أميركية، إنما من دون أي مرجعية مبدئية أو قانونية. وتكرست منذ ذلك الحين قاعدة أن «المفاوضات وحدها هي مرجعية المتفاوضين»، وكانت تلك القاعدة تعني أن الطرف المحتل، أي الطرف الأقوى، هو الذي يقرر (يفرض) نتيجة التفاوض. وحدثت آنذاك حادثة فريدة من نوعها، حين أبلغ رئيس الوفد الفلسطيني المرحوم حيدر عبد الشافي، وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر، أن الوفد الإسرائيلي لا يترك للوفد الفلسطيني ما يبحث فيه سوى قضايا جمع «القمامة»، فردّ عليه بيكر بجدية: «إذا أسرعوا وبادروا إلى البناء على أساس ذلك». إن هذا القول يلخص جوهر وحقيقة الموقف الأميركي، فلإسرائيل أن تشترط ما تريد، وللمفاوض الفلسطيني أن يحاول انتزاع شيء ما، ولو من بين أكوام القمامة. وحاليا تكرر الولايات المتحدة الأميركية الشيء نفسه. إن همها الأساسي هو أن تبدو كجهة دولية فاعلة، وأنها تتحرك ولا تقف جامدة. وهي تقدم لإسرائيل من أجل الحصول على هذه «الصورة»، موافقة على كل إجراءاتها، وتترك للمفاوض الفلسطيني أن يندب حظه. وإذا كان البعض يظن أننا نبالغ في تقديم هذه الصورة، فلنسجل أقوال نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، عند وصوله إلى إسرائيل يوم الإعلان عن بدء عملية التفاوض غير المباشر.

قال بايدن: «أنا أرى في نفسي صهيونيا، ولا حاجة إلى أن تكون يهوديا لتكون صهيونيا».

وقال بايدن: «لقد شاركت في الماضي عدة مرات، في مؤتمرات رابطة الصهيونية العالمية، لتجنيد الأموال لدولة إسرائيل».

وقال مخاطبا نتنياهو في مؤتمر صحافي مشترك: «لقد قمتَ سيدي رئيس الحكومة، في السنة الأخيرة، بخطوات هامة: تجميد البناء في المستوطنات (!!)، وتسهيلات في حرية الحركة في الضفة الغربية (!!)».

وقال بايدن: «إن حجر الأساس في علاقتنا هو التزام الولايات المتحدة التام تجاه أمن إسرائيل، وأنت تعرف أن لا فرق بين الولايات المتحدة وإسرائيل عندما يدور الحديث عن أمن إسرائيل».

هذه نتف من أقوال بايدن في إسرائيل، وحين يسمع نتنياهو هذه الأقوال، فمن المؤكد أن حالة من الدلال المفرط ستنتابه، حتى ليتجرأ بعد ذلك على معاكسة بايدن. وهو ما حصل فعليا عندما أعلن بحضوره بناء 1600 وحدة سكنية جديدة.

وحتى نضع الأمور في سياق سياسي أوضح وأشمل، نقول إن ثلاثة عوامل تقرر مصير التفاوض: العامل الدولي، والعامل الفلسطيني، والعامل العربي.

حال العامل الدولي هو كما رأينا، من تراجع الرئيس أوباما، إلى حنان جو بايدن في التعامل مع نتنياهو، وبذلك يصبح العامل الدولي منحازا كليا إلى إسرائيل.

أما حال العامل الفلسطيني، فقد بدأ برفض التفاوض قبل وقف كامل للاستيطان، وانتهى بطلب تغطية عربية أولا لعودته إلى المفاوضات، وقدم له العرب التغطية التي أراد، وظن أنها ستكون كافية لحمايته، ولكنه تلقى طعنة نجلاء عندما جدد نتنياهو بناء المستوطنات، حتى إن منظره التقليدي ياسر عبد ربه، خرج على الناس غاضبا يصيح: «إن حكام إسرائيل عصابة من العنصريين».

أخيرا.. هناك حال العامل العربي، وهو حتى الآن صامت إلا من معلومات نقلتها بعض المراجع الفلسطينية، وقالت فيها إن بعض الحكومات العربية تعتبر أن قرار التوجه نحو المفاوضات غير المباشرة لم يعد قائما.

وبهذا نجد أنفسنا أمام انحسار وتدهور للعوامل الثلاثة مجتمعة، والتي تشكل معا، رافعة المفاوضات مع إسرائيل، بل ونجد أنفسنا أيضا أمام انهيار الرافعة نفسها، وأمام تحدٍّ إسرائيلي وقح وفجّ للعرب جميعا.

في علم السياسة، عندما تتواجه دول في حالة حرب، ثم تنتقل إلى مرحلة التفاوض والتسويات، فإن انهيار عملية التفاوض لا يعني إلا العودة مجددا إلى حالة الحرب.

والعودة إلى حالة الحرب لا تعني الذهاب إلى الحرب فورا، ذلك إن الظروف الموضوعية تدفع الأمور كلها نحو حالة الحرب.

ومن يراقب تحركات الجيش الإسرائيلي، يعرف أن إسرائيل تفكر تماما بهذه الطريقة.. والسؤال بعد ذلك: كيف تفكر الدول العربية؟

ما لا بد من معرفته هنا، هو ذلك الحديث المتكرر عن انفجار انتفاضة فلسطينية ثالثة، يزيد من احتمالات انفجارها الخطر المحدق بمدينة القدس، والذي يأتي بعد بدء الهيمنة الإسرائيلية على الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال عند بيت لحم. وما لا بد من معرفته هنا أن فلسطينيي 1948، المهددين بالترانسفير من قِبل حكومة إسرائيل، سيكونون هذه المرة جزءا من الانتفاضة الجديدة، بل وقد يكونون عاملا أساسيا فيها.

ننبه إلى ذلك بعد أن سمعنا أمس، مستشارا في الرئاسة الفلسطينية، وهو ينفي احتمال قيام انتفاضة ثالثة، ويهدد من يفكرون بذلك بالويل والثبور. فماذا يقال لهذا المستشار الذي لا يرى شيئا مما يجري حوله؟

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ