ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 13/02/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


قضية الفساد التي تهز السلطة

آفي يسخروف

هآرتس 10/2/2010

القدس العربي 11/02/2010

يمكن لهذه ان تكون احدى القضايا الاكثر حرجا، التي يشهدها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) الذي بدأ ولايته في كانون الثاني/يناير 2005. عباس، الى جانب رئيس وزرائه سلام فياض، ليس متهما الان بالفساد، ولكن يبدو أن هذه التهمة تطارده مع ذلك، منذ عهد سلفه ياسر عرفات.

بالذات الرجل المسؤول عن مكافحة الفساد من جانب المخابرات العامة الفلسطينية، فهمي شبانة، أعلن في الاونة الاخيرة الحرب على السلطة وعلى رئيسها ابو مازن. شبانة، الذي نجح في الكشف عن كيفية سرقة سلسلة من كبار رجالات فتح بشكل منهجي الاموال من الجمهور الفلسطيني في عهد عرفات، يطلب علنا من ابو مازن اقالة رئيس مكتبه رفيق الحسيني، على قضية جنس تورط فيها، والتأكد من أن يعيد احد قادة فتح مبلغ 2.7 مليون دولار، يزعم شبانة بان هذا المسؤول سرقها من صندوق السلطة الفلسطينية.

بزعم شبانة، حذر امام ابو مازن ورئيس الوزراء فياض من قضايا الفساد هذه في الماضي، ولكن لم تتم معالجتها. في حديث أمس مع 'هآرتس' في منزله في شرقي القدس حذر شبانة من أنه اذا لم تستجب مطالبه، ففي نيته الكشف في غضون اسبوعين عن قضايا فساد اخرى ستهز الجمهور الفلسطيني والعالم العربي وستوقف الدعم المالي للسلطة.

شبانة، ابن 49 سنة، كان مسؤولا في حزيران/يونيو 2008 عن تصوير رئيس مكتب عباس، الحسيني، في موقف محرج جدا وهو يحتك جسديا بسكرتيرته. صور من الفيلم بثتها أمس القناة 10 لاول مرة. ولكن، قبل نحو سنة اعتقلته قوات الامن الاسرائيلية بسبب نشاطه ضد بيع الاراضي لليهود وبسبب عضويته في هيئة امنية اجنبية، كونه من سكان شرقي القدس. لا ريب لدي ان الاعتقال جاء في اعقاب طلب من السلطة الفلسطينية لمعالجته. ومنذئذ، وهو يحظى بالتجاهل من جانب السلطة التي تمتنع عن تمويل المساعدة القضائية له.

يحتمل ان في نظرة الى الوراء، قائد المخابرات العامة في الماضي، توفيق الطيراوي، يندم على اللحظة التي جند فيها شبانة لجهازه، وجعله لاحقا مسؤولا عن تحقيقات الفساد التي تقوم باجرائها المخابرات الفلسطينية. وابدى شبانة علائم ما يسمى 'الدافعية الزائدة' ومنذ الاشهر الاولى من عمله طُلب اليه البحث والعثور على مئات ملايين الدولارات التي نقلت الى السلطة الفلسطينية على مدى السنين واختفت من الصندوق العام. وقد نجح في الحصول على أدلة لما يعرفه الفلسطينيون والاسرائيليون: 'بلاط' عرفات غرق في الفساد. هكذا، مثلا، في احدى الحالات التي وصلت الى يد 'هآرتس' مسؤول كبير في فتح يعمل اليوم ايضا في منصب كبير في السلطة بلغ شبانة نفسه بانه اشترى اراضي في العام 1997 في منطقة قلنديا بمبلغ 2.300.000 دولار. ولكن فحص شبانة أدى به الى معرفة ان الاراضي اشتريت من مجموعة بائعين يهود بمبلغ 1.800.000 شيكل. اما الباقي، نحو 1.900.000 دولار فقد وضعها في جيبه.

في حالة اخرى، اقنع احد رؤساء فتح عرفات بضرورة شراء اراض، لان اليهود يريدون شراءها. وافق عرفات على منحه مبلغ مليوني دولار أخذا كقرض من مصرف في الاردن، لان خزانة السلطة كانت فارغة. بعد مرور سنة، وبعد ان لم تف السلطة بموعد اعادة المبلغ الاصلي، نجحت في أن تعيد الاموال الى المصرف بزيادة فائدة ضخمة. بين تحقيق شبانة انه لا توجد أرض كهذه وأن الشخص الذي اشتريت منه الأرض في ظاهر الامر ليس حيا. عندما أراد أن يحذر مما يجري، تبين له ان ذلك المسؤول الكبير في فتح قام في مكتب قائده الطيراوي ليوبخه على التحقيق. يقول ان موظفين رفيعي المستوى في وزارة الخزانة العامة آنذاك، عملا طول الوقت بتعاون مع قادة فتح الذين سرقوا الخزانة.

يزعم شبانة ان الفساد مستمر أيضا في أيام أبي مازن وفياض، بأنهما لا يفعلان شيئا ولا يحاكمان المذنبين. لا يعرض أدلة على قضايا فساد جديدة، لكنه يبين انه برغم انه حذر وطلب محاكمة المسؤولين عن الفساد، امتنع فياض وأبو مازن من فعل ذلك: 'أين أبو مازن؟

الحديث عن جماعة من الاشخاص عادت من تونس مع عدة آلاف من الدولارات في جيوبها. اذا اخذت دخلهم الشهري، وضربته ب 12 وضربته بعدد السنين التي وجدوا فيها ها هنا فربما يكون الناتج مليون دولار. اذا افترضنا لحظة انهم لم ينفقوا شيكلا فكيف يوجد عندهم اليوم خمسة او عشرة او اكثر من ذلك في حالات ما'.

بل ان شبانة يحاول ان يلمح الى مشاركة ابناء عائلة ابي مازن في قضية فساد، لكنه لا ينجح في ان يعرض أدلة على ذلك. يتحدث ايضا عن أن واحدا من كبار رجال السلطة يحصل كل شهر على نصف مليون دولار كجزء من مخصص خارجي من أجل تشغيل مكتب. المال يأتي نصفه من السلطة ونصفه من الولايات المتحدة. 'لكن تشغيل هذا المكان هو في الحد الادنى. ومن المحقق انه لا يحتاج نصف مليون دولار كل شهر'.

لكن القضية التي افضت الى تفجير العلاقات بين شبانة والسلطة مصدرها رئيس ديوان عباس رفيق الحسيني في حزيران 2008. 'تلقيت شكوى من امرأة توجهت الى مكتب ابي مازن لتقبل للعمل عنده. أتى الحسيني بيتها مع سكرتيرته وبدأ يحتك جسديا بالسكرتيرة قرب تلك المرأة. عندما خرج، أرسل رسالة نصية الى المرأة وقال لها انه يشتاق اليها. غضبت لذلك وشكته عندي. توجهت الى قائدي في الاستخبارات الطيراوي وبينت له ما حدث. اعتقدنا انه يجب العمل. طلبت اليها أن تدبر معه لقاء آخر وأن تهتم بأن يتحدث باللغة نفسها. أتى مرة اخرى مع السكرتيرة واحتك بها مرة اخرى. آنذاك طلب أن يلقى المرأة وحدهما وطلبت اليه ان يصل شقة سرية لنا وأن يتعرى ويدخل السرير. وهذا ما فعله، بيد انني دخلت لا هي. قلت له اننا ننوي التوجه بالمواد الى الرئيس. تبين لي أنه قال لابو مازن انهم هددوه بمسدس ليتعرى وصوروه بالقوة. استشاط عباس غضبا، واستدعى الطيراوي الذي قال انه لم يعلم بالامور وطلب الى الطيراوي ان يقيلني'.

بعد ان علق عمله، امر ابو مازن نفسه باعادة شبانة الى العمل. لكن آنذاك، ولدهشته اعتقلته قوات الامن الاسرائيلية. اعتقل شبانة عن 'العضوية في جهة أمنية اجنبية' واستعمال عملاء لمواجهة تجار الاراضي. منذ ذلك الحين يمكث في اعتقال اداري وينتظر المحاكمة. 'عندما رأيت ان السلطة تتجاهلني قررت ان امضي الى وسائل الاعلام مع قصتي'. جاء عن الطيراوي ردا على ذلك: 'شبانة كاذب. بينا ان الحديث عن جاسوس. لماذا لم ينشر الامور كلها الى اليوم؟ هذا جزء من حملة تحريض على أبي مازن'. رفضوا في مكتب أبي مازن الرد على الاقوال.

===========================

الولايات المتحدة و حصان طروادة في الشرق الاوسط

د. عوني صريف و د. محمود نمر موسى

11/02/2010

القدس العربي

 لم يتمكن إغريقيوا أثينا إحتلال طروادة حتى انسحبوا تاركين خلفهم حصاناً خشبياً مليئاً بالجنود هدية للمدينة .

من تلك الاسطورة أتى المثل حذار من إغريقين يأتوك بهدايا.

أخضع الاوروبيون العالم العربي في القرنين التاسع عشر والعشرين بقوة السلاح ، لكن الولايات المتحدة ، تظاهرت طوال عشرات السنين كأنها صديق يبشر بالحرية والديمقراطية ويقدم المعونات والتكنولوجيا . لقد جاءت بهيمنتها العسكرية المباشرة ، كما حدث في الصومال والعراق ، بعد أن ساهمت بواسطة أحصنة عديدة من تمزيق المنطقة إلى طوائف متقاتلة وإضعاف ثقافتها ومعنوياتها.

تركت الحرب العالمية الثانية بريطانيا على حافة الافلاس ، ولما أصبحت تكاليف الامبراطورية أعلى من مكاسب الحفاظ عليها تفككت وحصلت معظم مستعمراتها على الاستقلال ، وكذلك كان حال الامبراطورية الفرنسية . دفنت الاولى في خريف 1956 في السويس نتيجة غزو فاشل مع فرنسا وإسرائيل نفذ بعقلية أوروبا القرن التاسع عشر الاستعمارية ، والثانية في ثورة المليون شهيد الجزائرية بعد سنين قليلة . أصرت الولايات المتحدة على انسحاب المعتدين على قناة السويس ثم سارعت لملئ الفراغ الناتج - فيما سمي حينه بمشروع أيزنهاور - خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي .

 

حصان الاعلام

ازداد النفوذ الامريكي في الشرق العربي في الخمسينات من القرن الماضي . لكن الولايات المتحدة تواجدت هناك قبل انهيار الامبراطورية العثمانية وبزوغ شمس بريطانيا وفرنسا حيث أسس الامريكيون المدارس و الجامعات ، ومدوا نفوذهم في الجزيرة العربية مما سهل لهم السيطرة على أهم مصادر البترول . كان إعلامهم يركز على تفوق الديمقراطية الرأسمالية على الشيوعية الدكتاتورية . ولقد كان موقفها الإيحابي في البدء من ثورة 23 يوليو 1952 عاملاً مهماً في صقل هذه الصورة حتى أن جمال عبد الناصر ظنها حليفة إلى أن أدرك أنها أرادته عميلاً حين قدمت له رشوة بثلاث ملايين دولار .

لا شك أن هوليود كانت عاملاً في حب الناس لكل ما هو أمريكي ، فالفرد منهم ظهر مرحاً كثير الابتسام ، طيب القلب و يحب مساعدة الاخرين ، وفي دور السينما كثيراً ما صفق المشاهدون لرفع العلم الامريكي في المعارك مع ألمانيا و اليابان ، أو حين ينقذ الفرسان الزرق البيض المسالمين من هجمات الهنود الحمر الشرسة .

يتجسد أثر الاعلام الامريكي على الفكر العربي في الاعذار التي يقدمها الكثيرون لانحياز امريكا الكامل نحو إسرائيل ، والتي منها أسطورة سيطرة اليهود على الاعلام والاقتصاد الامريكيين وفعالية أصواتهم الانتخابية التي تقرر رئيس الجمهورية . والعرب دوماً يعقدون الامل على الرئيس المقبل بعد تقاعس سلفه عن حل قضيتهم متغاضين أن التأييد المطلق نحو إسرائيل تأييد قومي ثقافي وديني لا نتيجة سيطرة اليهود .

 

حصان الحضارة

أتى الامريكيون الاوائل ، وكذلك المستشرقون الاوروبيون ، بثلاثة أهداف : تنصير المسلمين ، نشر المذاهب خاصة البروتستينية كبديل عصري عن المذاهب التقليدية المسيحية ، وتقديم الثقافة الغربية و الامريكية خاصة رمزاً للرقي. لقد فشلوا في الهدف الاول ، ولم يتمكنوا بعد من القضاء على الكنائس العربية ، لكنهم حققوا انجازات في المجال الثقافي .

إحتجت الكنيسة الارثوذكسية في الاردن في العام الماضي على الخطر المحدق بها من قبل المبشرين . ولقد تبين هناك عن وجود ما يزيد عن أربعين جمعية معظمها أمريكية يعمل العديد منها لاغراض تبشيرية تحت غطاء تقديم المعونات . ربما كان خطر تلك الجمعيات اكبر على الطوائف المسيحية العربية المهددة بالانقراض منه على المسلمين خصوصاً مع ازدياد الهجرة ، أضف إلى ذلك الانقسام الطائفي الذي تحركه أصابع خارجية وتواجد الجهل والاستسلام الداخليين .

لقد أثبت تفوق ألمانيا واليابان الاقتصادي والصناعي بعد الحرب العالمية الثانية ، والصين والهند حالياً ، أن الامم لا تستسلم بانكسار جيوشهم و احتلال عواصمهم إلا إذا هزموا حضارياً ومعنوياً . هذا هو ما يهدد الشرق الاوسط اليوم .

 

حصان الدفاع عن الاسلام

شهد القرن العشرون نهضة عربية قكرية لم تعرف المنطقة مثلها منذ مئات السنين . باستثناء الفكر السياسي الاسلامي ، إقتبست الاحزاب العربية فلسفتها من حركات أوروبا القومية والاشتراكية والشيوعية . في خلال الحرب الباردة انقسم العالم العربي إلى المعسكر التحرري بقيادة مصر والمعسكر اليميني الذي اعتبر الشيوعية عقيدة ملحدة خطرة تهدد الاسلام . وسرعان ما استعمل الحكام في البلدان - "المعتدلة" - الموالية للغرب كلمة "هدامة" لتصف كل الاحزاب المناهضة لهم . واستغلت الولايات المتحدة ما وصف بالخطر المحدق بالاسلام ذريعة لمساندة عملائها العرب ، وإن كان في ذلك الكبت التعسفي للحريات وزج المعارضين في المعتقلات .  لقد أصبح لهم الاتحاد السوفياتي أكبر تهديد للعقيدة الاسلامية . هكذا انهار أول و آخر نظام ديمقراطي عرفه الاردن سنة 1957 عندما طلب الملك حسين من رئيس الوزراء سليمان النابلسي الاستقالة لحماية الاردن من العقائد الهدامة ، وساندت الولايات المتحدة حرصاً على مصالحها البترولية النظام السعودي ، وقدمت معه العون لمحاربة الاتحاد السوفياتي في افغانستان .

 

الحصان القادم

قبل أنهيار الامبراطورية البريطانية أخذت المنظمات الصهيونية تركز على الولايات المتحدة بديلاً لها ، حتى تبقى إسرائيل مستعمرة أوروبية الصيغة في فلسطين . بدون الدعم المادي والعسكري الذي يقدمه الغرب بقيادة الولايات المتحدة اليوم ، لكانت إسرائيل بلداً ضعيفاً لا دولة نووية تستخف بالامم وتتجاهل القانون الدولي .

إن الولايات المتحدة اليوم بلد أنهكتها حروبها المستمرة وتجابه مصير الامبراطوريات التي سبقتها مما يؤذن بانتهاء عهد الامبراطوريات . هذا يعني أن على إسرآئيل التي تحتل رقعة صغيرة خالية من الثروات الطبيعية أن تبحث عن مصدر آخر ثابت للعون لا يتغير بتغير ميزان القوى في العالم .

هنا يأتي دور الحملات التبشيرية الاعلامية الامريكية عبر المحطات الفضائية والتي ترى إسرائيل إرادة ربانية ووجودها ضروري لعودة المسيح المنتظر . بذلك يكون التأييد المطلق لاسرائيل عبر الشعوب المؤمنة لا عبر دولة معينة . إن عدداً من الطوائف الامريكية اليمينية صهيونية الصلب والتي تزداد انتشاراً ليس في الولايات المتحدة فقط بل في كثير من دول العالم أيضاَ ، تعتبر إسرائيل دولة الرب التي سيعود المسيح إليها حيث يقبله اليهود مسيحهم المنتظر ومعاً يسحقون أعداءهم في معركة الارمجدون في فلسطين .

حسب هذه النبؤة لا يوجد إسلام أو مسيحية أو يهودية أو بوذية أو أي دين آخر … هناك فقط دين واحد يقدس إسرائيل وإن كانت الديانة اليهودية أحدى ضحاياه .

هذا هو آخر حصان طروادة تقدمه الحملات التبشيرية الامريكية ليس فقط لشعوب الشرق الاوسط لكن للعالم أجمع .

كاتبان من فلسطين

===========================

التحقيق مع طوني بلير: هل هي بداية محاكمة مجرمي الحرب؟

إدريس جنداري

11/02/2010

القدس العربي

مثل رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير أمام لجنة تحقيق؛ شكلها البرلمان البريطاني ؛ للتحقيق في الحرب التي خاضتها بريطانيا؛ إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية؛ خلال ترؤس توني بلير للحكومة البريطانية.

ومن المعلوم أن رئيس الوزراء السابق؛ مثل حزب العمال البريطاني؛ الذي قاد الحكومة البريطانية لعشر سنوات؛ قبل أن يسلم قيادتها لنظيره من نفس الحزب غوردون براون؛ بعد الضجة التي أثيرت حول المشاركة العسكرية؛ للجيش البريطاني في الحرب المدمرة على العراق؛ والتي اتهم خلالها توني بلير بخداع الشعب البريطاني وأعضاء حزبه؛ من خلال تضخيم الخطر النووي العراقي؛ لتبرير إرسال 45000 جندي بريطاني إلى ساحة المعارك؛ لمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية؛ في إسقاط نظام صدام حسين؛ وتدمير العراق على جميع المستويات.

وتتميز لجنة التحقيق هذه بطابعها المدني؛ الشيء الذي يجعلها لجنة رمزية؛ لا تمتلك الشرعية القانونية لتعميق التحقيق؛ ومن ثم الوصول الى الإدانة؛ التي تبدو واضحة؛ في حق رئيس الوزراء البريطاني السابق؛ تؤكدها الأدلة المادية الملموسة.

ولعل هذا الطابع المدني للجنة؛ هو الذي يفقدها وظيفتها؛ ويحولها إلى استجواب صحافي؛ أو برلماني؛ في مجلس العموم؛ على أكثر تقدير؛ ويحولها كذلك إلى ورقة انتخابية رابحة؛ في يد حزب العمال؛ بعدما أكدت استطلاعات الرأي تراجعه أمام حزب المحافظين. فرئيس الوزراء الحالي غوردون براون يعرف جيدا أن تشكيل اللجنة؛ سيرسم صورة جيدة لحزبه؛ باعتباره يعكس صدى الشارع البريطاني؛ ويوافق على التحقيق مع مسؤولين؛ قادوا الحكومة السابقة؛ وينتمون إلى الحزب؛ وهذه أكبر ورقة رابحة؛ يستعد براون للعبها ضد حزب المحافظين.

لكن هذا لا يعني أن لجنة التحقيق؛ التي ترأسها جون شيلكوت عديمة الجدوى تماما؛ فهي وبرغم طابعها المدني والرمزي؛ وبرغم طابعها السياسي الواضح؛ لربح الرهان الانتخابي وربح أصوات الشارع البريطاني. رغم كل هذا يبقى أمام الخصوم السياسيين لحزب العمال في الداخل؛ وأمام مناهضي الحرب في الداخل والخارج ؛ تبقى أمام هؤلاء فرصة تاريخية؛ لاستثمار أية بادرة؛ ولو كانت رمزية؛ مع محاولة تطويرها مستقبلا؛ للإيقاع بقادة الإجرام على الشعب العراقي.

فهذه بادرة أولى ستليها من دون شك- بوادر أخرى فيما بعد؛ استجابة للنضال الذي تخوضه فعاليات المجتمع المدني؛ في الداخل والخارج؛ لجر رموز العدوان الغاشم على الشعب العراقي؛ إلى المحاكم الدولية؛ سواء تعلق الأمر ببريطانيا أو بالولايات المتحدة. ولعل هذا هو ما أكد عليه السيد أندرسون موراي رئيس ائتلاف (أوقفوا الحرب)؛ بموازاة انعقاد أشغال لجنة التحقيق؛ حيث قال: (إن السؤال الحقيقي الذي يجب على توني بلير الإجابة عليه؛ هو في النهاية سيكون في لاهاي؛ وأمام محكمة جرائم الحرب) . وهذا رهان منطقي ومعقول في حقيقة الأمر؛ ويمتلك الكثير من الأوراق الرابحة؛ نذكر منها:

أن رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير شارك في حرب فاقدة للشرعية القانونية؛ فقد تم شن هذه الحرب من طرف الحليفين (بلير- بوش) في انتهاك واضح لقرارات الأمم المتحدة.

أن توني بلير مارس الكذب والتعتيم على الشعب البريطاني عموما؛ وعلى حكومته وحزبه بشكل خاص؛ حينما روج لمعلومات ترتبط بامتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل؛ وهي معلومات خاطئة؛ تم دحضها فيما بعد على لسان وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول نفسه؛ قبل أن يتم إثباتها بشكل أكثر وضوحا فيما بعد.

وفي هذا الصدد لا بأس أن نشير إلى أن القانون البريطاني؛ يحاكم بتهم قد تصل إلى حدود الخيانة العظمى؛ كل من ثبت تعريضه للأمن القومي البريطاني للخطر. وهذا ما هو ثابت في حالة توني بلير.

فقد ذهب ضحية الحرب اللامشروعة ما يتجاوز 127 جنديا بريطانيا؛ كما أن المشاركة في الحرب على العراق؛ جعلت الأمن القومي البريطاني على كفي عفريت؛ حيث تضاعف التطرف في الداخل؛ وتضاعفت التحديات الأمنية؛ المفروضة على الشعب البريطاني؛ من طرف القاعدة؛ التي تتربص بالمصالح البريطانية في كل بقاع العالم؛ وفي كل حين .

وفي هذا الإطار كذلك يمكن استغلال تصريحات توني بلير عند دفاعه على غزو العراق؛ بادعاء علاقة الرئيس العراقي السابق بتنظيم القاعدة؛ وهذا ما لا تثبته الأدلة المادية الملموسة؛ وكذلك بادعاء دكتاتورية النظام العراقي السابق. وهذا التصريح - كما هو واضح- إدانة صريحة لتوني بلير؛ لأن علاقة صدام حسين ونظامه بتنظيم القاعدة؛ تدخل في إطار التخمين؛ الفاقد تماما للصحة؛ بل للمعقولية حتى. أما بخصوص التدخل لإسقاط النظام العراقي؛ بادعاء دكتاتوريته؛ فهذه أكبر إدانة للسيد توني بلير؛ لأن ميثاق الأمم المتحدة؛ لا يسمح لأية دولة بالتدخل العسكري؛ لتغيير نظام دولة أخرى.

وإذا كان ما أقدم عليه توني بلير بشراكة مع جورج بوش قانونيا ومشروعا؛ فهذا إيذان بنشر الفوضى في العالم؛ لأن أية دولة لا تتفق مع النظام السياسي لدولة أخرى؛ من حقها أن تتدخل لإسقاط هذا النظام . وبالتالي فإن جميع الأنظمة السياسية العالم - ثالثية خصوصا مهددة من طرف الولايات المتحدة وبريطانيا بالغزو. وهذا تهافت سياسي؛ ما قبله ولا بعده تهافت؛ يهدد القيم الأممية؛ التي ناضلت في سبيلها شعوب العالم؛ في العمق.

إن الصورة اليوم - وبعد انتهاء التحقيق- تبدو أكثر جلاء؛ وهي في كليتها إدانة واضحة للسيد توني بلير؛ الذي يتحمل المسؤولية المباشرة؛ في المغامرة بالجنود البريطانيين؛ في أتون حرب فاقدة للشرعية؛ في الداخل والخارج؛ خصوصا وأن رئيس الوزراء البريطاني السابق قد صرح بالمباشر؛ أن مشاركته في الحرب على العراق إلى جانب جورج بوش؛ تحكمت فيها مجموعة من الخلفيات؛ التي ثبث بالملموس كذبها الصريح ولا شرعيتها القانونية كذلك.

وهذا ما يفتح الباب في المستقبل؛ لإقامة دعاوى قضائية؛ تحول اللجنة المدنية إلى لجنة قضائية؛ تعمق البحث القضائي أكثر؛ في مجموع الادعاءات؛ وتصدر حكم الإدانة؛ بناء على القرائن المادية المتوفرة.

كما يفتح هذا التحقيق الباب كذلك أمام نشطاء حقوق الإنسان؛ ومعارضي الحرب؛ للتقدم بدعاوى قضائية أمام المحكمة الدولية في لاهاي؛ التي يجب أن تبت في الخرق الواضح؛ الذي مارسه كل من بوش وبلير؛ في حق القانون الدولي والشرعية الدولية.

' كاتب وباحث مغربي

===========================

ضع السلام في الشرق الأوسط على الأجندة مجددا

جيمس زغبي - موقع "ميديا مونيتورز"

الدستور

11-2-2010

فيما نحن نؤشر لمضي سنة واحدة من فترة أوباما الرئاسية ، اصبحت هناك حقائق عديدة واضحة بشكل مؤلم.

هناك حدود لما يرغب الرئيس به ، أو يقدر على فعله. بدأ أوباما فترته الرئاسية متعجلا لدفع عملية السلام الفلسطينية - الاسرائيلية ، والتي زعم أنها تصب في "مصلحة الأمن القومي الأميركي". بعد مضي عام ، اتضح بأنه لم يعد في عجلة من أمره. في مقابلات أجريت معه مؤخرا ، قام بتحليل أسباب الفشل في تحقيق تقدم وتجاهل بوضوح أي ذكر للقضية في خطاب الاتحاد.

 

ما يبعث على الأسى بالطبع هو أنه أثناء مناقشته للأولويات الأخرى التي لم يحققها ، والتي وضعها في عامه الأول (الرعاية الصحية ، إصلاح المؤسسات المصرفية ، وتغير الطاقة والمناخ) ، أوضح الرئيس عزمه على محاربة "أعضاء جماعات الضغط والمصالح الخاصة" التي تقف في طريق التغيير. لا يوجد مؤشرات على أنه سيتوسع في مثل هذه الروح القتالية لتشمل عملية السلام في الشرق الأوسط. فريقه ، برئاسة جورج ميتشل ، سيواصل العمل في الميدان ، ولكن بالنسبة للآن ، وفي ظل اقتصاد راكد ، ونسبة مذهلة من ارتفاع البطالة ، وانتخابات الكونغرس في تشرين الثاني القادم ، وإذا لم يحدث "انفراج" غير محتمل حدوثه في المستقبل القريب ، سيوجه أوباما طاقاته الشخصية الى القضايا التي تشغل عقول الناخبين بالدرجة الأولى.

 

الأوضاع السياسية لكل من الاسرائيليين والفلسطينيين أصبحت غير فعالة بصورة خطيرة. أوباما ألمح الى هذا في مقابلات جرت مؤخرا وفي جلسة بمبنى البلدية في فلوريدا قبل عدة أيام. بل إن حجم هذه المشكلة أكثر أهمية مما أشار اليه الرئيس. المتطرفون الاسرائيليون والمستوطنون المتعصبون دينيا يشكلون خطرا كبيرا لا على الفلسطينيين فحسب ، بل على أي حكومة اسرائيلية تحاول اقتلاع مستوطنات الضفة الغربية. إنهم "نواة حرب أهلية" ويجب الاعتراف بالخطر الذي يشكلونه والتصدي له. في حين أن إسرائيل كانت قد تباهت بمحاربتهم أحيانا ، ولو على نطاق ضيق ، فإنني أخشى ألا تكون أي حكومة تحالف اسرائيلية على استعداد لشن الحرب المطلوبة لهزيمة هذه العناصر. في غضون ذلك ، يشعر رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو بأنه قد نجح في "التلاعب" بالادارة الأميركية وبأن جرأته قد ازدادت بسبب هذه "الانتصارات".

 

في الجانب الفلسطيني ، لا يمكن وصف الوضع سوى بأنه محزن. قيادة السلطة الفلسطينية ، التي أُضعفت أصلا بخسارة الانتخابات عام 2006 ، وبانقسامها الداخلي العميق ، لحق بها المزيد من الضرر بسبب تنصل الولايات المتحدة من مواجهة القضايا الهامة (تجميد المستوطنات والرفض الأولي لتقرير غولدستون) ، ثم لتتخلى عنها في نهاية الأمر. ورغم المصائب التي ساعدت قيادة حماس الفاشلة في الحاقها بشعبها ، لا يبدو بأنهم مستعدون لتغيير اتجاههم في أي وقت قريب.

 

أخيرا ، هناك الضعف الواضح للدول العربية في استخدام قوتها الجماعية للقيام بأي مبادرات دبلوماسية من شأنها "تغيير اللعبة". لم يكن على العرب انتظار أوباما ، مثلما فعلوا ، حتى يتسلم السلطة. الفترة ما بين انتخابات 2008 وحفل التنصيب كانت تعطيعم فرصة ممتازة لطرح مبادرة عربية كان يمكن إجبار الرئيس الجديد على الاستجابة لها. بدلا من ذلك ، كانت إسرائيل هي من حاولت الترحيب بالادارة القادمة بما كان لديهم أمل بأن يكون حربا كارثية من أجل "تغيير اللعبة" للقضاء على حماس. وعندما دعا أوباما ، في بداية فترته الرئاسية ، الإسرائيليين والفلسطينيين والدول العربية للقيام ببوادر "لبناء الثقة" لخلق بيئة أحسن لصنع السلام ، حصل العرب مجددا على فرصة لتقديم مقترحاتهم. ومرة أخرى لم يقوموا بذلك.

 

وهذا ما وصلنا إليه بعد مضي عام واحد ، ضعفت عزيمة الرئيس ، الوضع على أرض الواقع أكثر إزعاجا وتعقيدا ، والاسرائيليون ، رغم أنهم يواجهون بعض الضغوط الدولية ، يشعرون بأنه استعادوا وضعهم الأقوى في الولايات المتحدة. ما الذي يمكن فعله؟ من المؤكد تماما أن الإجابة عن هذا السؤال ليست انتظار "عمل سحري" من أوباما أو ميتشيل. هناك خطوات محددة يمكن للعرب القيام بها خلال هذه الفترة.

 

أولا وقبل كل شيء ، يجب أن يكون الأمر الأهم على الأجندة متابعة المبادرة السعودية لتحقيق إجماع عربي أوسع يعمل على أمرين: ترميم وحدة الفلسطينيين الى حد ما ، والضغط عليهم ومساعدتهم على إعادة بناء البيت الفلسطيني ، ودعم جهود بناء المؤسسات ، كتلك التي طرحها سلام فياض. سيكون من الهام أيضا بالنسبة للفلسطينيين أن يضعوا أجندة لمواجهة الاحتلال وتفعيل وتنظيم قاعدتهم بطريقة مباشرة وسلمية. المظاهرات في الشيخ جراح وعند الجدار تتطلب الاهتمام. فهي قادرة على توفير قواعد لعمل مشترك موسع بين الفلسطينيين والاسرائيليين.

 

برنامج كهذا يمكن أن يساعد في إعادة تنشيط القاعدة الشعبية الفلسطينية وحمل القيادة وناخبيها على تطوير علاقة عمل أكثر قربا ، كما أن اجتذاب الدعم الدولي سيؤدي الى خلق ثقل جديد للفلسطينيين في المفاوضات المستقبلية. إذا تم تعزيز ذلك بمبادرة سلام عربية مجددة وذات مضمون قوي من العلاقات العامة ، فربما يكون بإمكانها أن تقدم "مغيًّرا للعبة" يكون بناء إلى حد يمكن له أن يضغط على كل من إسرائيل والولايات المتحدة ويدفعهما للاستجابة.

===========================

فضائح على الشاشة الإسرائيلية!!

ياسر الزعاترة

الدستور 11-2-2010

من الصعب الوثوق بدوافع ونوايا شخص يختار التلفزيون الإسرائيلي منصة لتوجيه الاتهامات لسلطته أو حركته ، ولكن قد يلتمس له البعض شيئا من العذر تبعا لكونها سلطة تحت الاحتلال ، ولا مشكلة في أن ينشر المعنيون غسيلها عبر منابر الاحتلال.

نتحدث بالطبع عن فهمي شبانة التميمي الذي سمعنا عن بضاعته منذ مدة ، قبل أن يصدح بها عبر التلفزيون الإسرائيلي لتنشر بعد ذلك في عدد لا يحصى من الصحف والمواقع الإلكترونية.

المذكور كان مسؤولا في جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني ، ويبدو أن وراء غضبته "المُضرية" أمراً ما لا نعرف ماهيته ، لكن ذلك لا يعني أن ما يقوله ليس صحيحا بالكامل ، لا سيما أنه يتحدث عن وثائق وتسجيلات.

من اللافت أن التسجيلات "وغالبا بالصوت والصورة" ، هي لعبة تلك الأجهزة ، ليس في سياق ملاحقة الفساد كما يبدو ، ولكن في سياق تركيع الرموز والأطراف الفاعلة في السلطة ، الأمر الذي لا يمكن أن يكون بعيدا عن أصابع الأجهزة الإسرائيلية التي تحب الفاسدين الذين يبدون مرونة أكبر بكثير في التعامل معها ، خلافا للشرفاء الذين قد تكون لهم مواقف مختلفة ، أقله في بعض المفاصل المهمة.

القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي بثت التقرير مساء الثلاثاء تحت عنوان "فتح غيت" ، وليس "السلطة الفلسطينية غيت" ، مع العلم أن من العبث القول إن فتح هي صاحبة القرار الفعلي ما دام الأمن بيد الجنرال دايتون ، والمال بيد سلام فياض ، من دون تبرئة قيادات الحركة الذين يسكتون على ذلك كله.

مادة التقرير استندت في مجملها إلى وثائق جمعها فهمي شبانة التميمي على مدار الأعوام الستة الماضية ، حيث كان معيّنا من قبل قيادتها للتحقيق في قضايا الفساد.

لم يجد شبانة حرجا في الحديث لمراسل التلفزيون الإسرائيلي والقول إنه قدم الوثائق والأدلة التي يملكها للرئيس الفلسطيني ، محذرا من أنه إذا لم يتخذ الإجراءات اللازمة بحق الفاسدين خلال أسبوعين فإنه سيكشف وثائق أكثر خطورة ، ربما تجاوزت "مدير مكتب الرئيس" الذي ركز عليه هذه المرة ، نحو آخرين يمكن الرجوع لأسماء بعضهم في تغطيات التقرير في الصحف ، مع العلم أن الرجل لم يتحدث عن فساد مالي فقط ، وإن كان الأهم ، بل أشار إلى فساد أخلاقي أيضا.

لم يقل صاحبنا هل كانت صلاحياته كمحقق في شؤون الفساد تشمل زرع كاميرات في غرف النوم ، أم أن ذلك كان محض تطوع منه ، ثم من أين حصل على تلك الأجهزة والكاميرات ، ولحساب من وبإشراف من جرى زرعها ، الأمر الذي يذكرنا بتلك التسجيلات والأشرطة التي عثرت عليها حركة حماس بعد الحسم العسكري في قطاع غزة وسكتت عنها ، وبالطبع تبعا لما تنطوي عليه من إساءة للشعب الفلسطيني ، وأحيانا لما تمسه من أعراض.

ثمة سؤال يتعلق بموقف التلفزيون الإسرائيلي من هذه القضية ، ودوافع تركيزه على هذه القضية في هذا التوقيت مع أن قصص الفساد لا تنتهي ، الأمر الذي يتعلق كما يبدو بسياسة الابتزاز التي دأب الإسرائيليون عليها في الضغط على السياسيين بين حين وآخر "يحدث ذلك مع الناس العاديين في سياق التجنيد" ، وعموما فإن أناسا لا يجدون حرجا في التنسيق الأمني وغير الأمني مع العدو ، لن يستغرب عليهم أي شيء بعد ذلك.

إن المصلحة الإسرائيلية تقتضي أن يتولى المناصب أناس فاسدون ، لأنهم كما قلنا الأكثر قابلية لتقديم التنازلات ، بل إن السياسة الإسرائيلية قامت دائما على إعادة تشكيل الفصائل الفلسطينية عبر الاغتيال والاعتقال ، الأمر الذي كان يتم وفق اختيارات بالغة الذكاء في معظم الأحيان.

لا نعرف كيف ستتصرف القيادة حيال اتهامات صاحبنا ، وهل ستنتهي مهلة الأسبوعين دون تنفيذ الإجراء المطلوب بحق المعنيين ، ولنكون أمام سلسلة جديدة من الفضائح التي ستصبّ في خدمة العدو من دون أن تغير في طبيعة السلطة ومهامها ، مع العلم أن ذات المحطة التلفزيونية الإسرائيلية قد تغير موقفها من بث بقية الاتهامات بناء على اتصالات سياسية من هنا وهناك؟،.

===========================

إسرائيل وسورية: فقاعات سياسية أم تمهيد ل «حرب شاملة»؟

الخميس, 11 فبراير 2010

مأمون الحسيني *

الحياة

 بخلاف الكثير من الآراء والتحليلات التي حاولت إثارة الشكوك حول قدرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على كبح جماح وزرائه، ولا سيما وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان الذي أشعل، وزميله الجنرال الحربجي إيهود باراك، حريقاً سياسياً وإعلامياً لم تخمد آثاره بعد، وبعكس المزاعم حول عدم وجود أساس للتهديدات الحربية على الأرض، واعتبار أن تصريحات ليبرمان تهدف إلى إحباط اتصالات سرية غير مباشرة تجرى بين إسرائيل وسورية، وفق ما ذكرت صحيفة «معاريف»، يصعب فصل التهديدات الإسرائيلية بإشعال حرب شاملة في حال عدم التوصل إلى تسوية (تصريحات باراك)، وبالأخص على سورية التي ستعمل إسرائيل على إسقاط نظامها السياسي (تهديدات ليبرمان)، عن مسار ومجرى التحضيرات والمناورات العسكرية، وآخرها تلك المناورة التي أجريت في منطقة النقب أواخر الشهر الماضي، والتي حاكت حرباً إسرائيلية ضد سورية، ونصب منظومات الدفاع الصاروخي في إسرائيل (القبة الحديدية) وفي أربع دول خليجية (صواريخ باتريوت «فك 3»)، وتسريع عمليات بيع صفقات الأسلحة إلى دول منطقة الخليج، كما يصعب عدم الأخذ بالاعتبار حالة الاهتزاز العسكري والأمني والسياسي التي تشهدها المنطقة نتيجة النهج العدواني للحكومة الإسرائيلية التي وزعت، وبموازاة أقنعة الغاز على سكانها للمرة الثانية منذ حرب الخليج، رزمة من الاعتداءات الموضعية خلال الأسابيع الأخيرة، كان آخرها تصفية المسؤول العسكري في حركة «حماس» محمود المبحوح في دبي.

هذه العناوين، وتجليات التهديد الناجمة عنها، والتي أعادت إلى الأذهان حقيقة أن حرب حزيران/ يونيو 1967 اندلعت بعد أن هدد رئيس الأركان الإسرائيلي، في حينه، اسحق رابين بضرب النظام السوري بسبب دعمه لما أسماه الأعمال «التخريبية» لحركة «فتح»، تشكل الأرضية الحقيقية للتوجهات الإسرائيلية خلال المرحلة المقبلة، لا سيما وأن ليبرمان وباراك هما عضوان أساسيان في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر الذي يتخذ قرارات الحرب والسلم، ويعكس التوجهات العسكرية قبل السياسية، في المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة، والذي يشير المحلل السياسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، شمعون شيفر، إلى أن مواقف أعضائه حيال المفاوضات مع سورية تبين أن وزيرين فقط هما باراك ودان مريدور، يؤيدان التوصل إلى سلام معها مقابل الانسحاب من هضبة الجولان، فيما يعارض الخمسة الآخرون وهم نتانياهو وليبرمان وموشيه يعلون وبيني بيغن وإلياهو يشاي هذا الانسحاب، فضلاً عن أن العناوين إياها تتوكأ على واقع الأزمة البنيوية الوجودية التي تعيشها إسرائيل اليمينية المتجهة بقوة نحو التحول إلى «دولة توراتية» لا تمارس القتل والبطش والتنكيل ضد الشعب الفلسطيني، كما «البلطجة» و «الزعرنة» ضد الجوار العربي والإقليمي فقط، وإنما أيضاً تنحو باتجاه ممارسة القمع والاضطهاد ضد مواطنيها اليهود من المعارضين، ناهيك عن تداعيات العزلة الدولية والكراهية المتصاعدة ضدها في أوساط معظم حلفائها منذ عدوانها الأخير على قطاع غزة، وبعد إدانتها بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية من قبل تقرير غولدستون، حيث يواجه جنرالاتها خطر الاعتقال في أكثر من عاصمة أوروبية.

وما يزيد من درجة هذا التأزم، واقع الإخفاقات الأميركية المستمرة في العراق وأفغانستان، وتصاعد القلق الأمني الأميركي من جراء فشل الحرب على الإرهاب، وتمدد تنظيم «القاعدة» واتساع نطاق عملياته، فضلاً عن الفشل في دفع إيران للتخلي عن طموحاتها النووية، ورفع الأخيرة منسوب درجة التحدي إلى مستوى إعلان الرئيس أحمدي نجاد، أخيراً، البدء في إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة، والذي يستند، بدوره، إلى الحراك الدولي الذي يطلق إشارات واضحة وجلية على تراجع مكانة الولايات المتحدة، وتآكل مصداقية معظم مرتكزات القوة الأميركية التي هشمت طيلة السنوات الثماني التي قضاها الرئيس السابق جورج بوش في السلطة، وذلك على رغم كون أميركا ما زالت تحتل الصدارة على صعيدي السياسة والقوة العسكرية، ما يجعل صنّاع السياسة فيها أكثر استعداداً لاستعمال المزيد من القوة في مناطق المصالح الحيوية، وعرقلة مسيرة التحول نحو «نظام عالمي مختلف» ما زال قيد التأسيس، وفق ما يرى العديد من المفكرين المرموقين.

في المقابل، يؤشر الرد السوري على التهديدات الإسرائيلية، والذي شكل سابقة في مستوى اللغة الديبلوماسية السورية، بعد تأكيد الرئيس الأسد أن إسرائيل تدفع المنطقة إلى الحرب، وإعلان الوزير المعلم ان أي اعتداء على سورية، أو على الجنوب اللبناني، سوف يشعل حرباً شاملة. يؤشر هذا الرد، الذي عكس قرار سورية بالتصدي للعربدة الإسرائيلية المتمادية، على جملة معطيات ذات طبيعة نوعية، من بينها إدراك دمشق العميق عدم إمكانية تحقيق تسوية أو «سلام» مع الحكومة اليمينية الحالية التي تواصل استعداداتها للحرب، وتوجه التهديدات والإنذارات، في موازاة الإعلان يومياً أنها ليست على استعداد للتنازل عن الجولان السوري المحتل، والمطالبة، في الوقت ذاته، بإعادة إطلاق عجلة التفاوض مع سورية «دون شروط مسبقة» ووضع ما يسمى «الاحتياجات الأمنية» الإسرائيلية في رأس جدول أعمال هذه المفاوضات، وكذلك التعاطي بجدية مع التداعيات الاستراتيجية التي خلفتها حرب تموز (يوليو) 2006، وعدم قدرة إسرائيل على ردع «حزب الله» عن إعادة بناء قوته، وصولاً إلى مستوى من الجاهزية الدفاعية والهجومية على حد سواء، والعجز عن إجبار سورية على التراجع عن موقفها الداعم لقوى المقاومة، ناهيك عن التغير الجوهري الذي طرأ على بنية الجيش السوري في السنوات الأخيرة، وفق ما يقول المراسل العسكري لصحيفة «معاريف» عمير ربابورت، الذي نقل عن جهات عسكرية إسرائيلية قولها إنه «بينما كنا في غفوة، استطاع (الرئيس السوري بشار) الأسد الوصول الى توازن استراتيجي مع اسرائيل».

المتغير الأبرز، في هذا السياق، وفق المصادر إياها، هو أن السوريين الذين قرروا صرف أموال كثيرة على ثلاثة أسلحة: «الصواريخ المضادة للدبابات، والصواريخ الحديثة ضد الطائرات، وطبعاً الاستثمارات الهائلة في الصواريخ الموجهة للعمق الإسرائيلي»، انتهجوا استراتيجية جديدة يطلق عليها في الجيش الإسرائيلي اسم «نهج التفاضل»، وتقوم على زيادة وحدات الكوماندوس على حساب وحدات المدرعات، وإحلال تكتيكات «حرب العصابات» بشكل متدرج مكان تكتيكات الجيوش الكلاسيكية، وامتلاك قاعدة صواريخ متطورة مضادة للدبابات من طراز «كورنيت» و «ماتيس»، وهي من أفضل الصواريخ في العالم. أما في في مجال صواريخ أرض أرض، فقد حرصت سورية على إقامة منظومات صواريخ «سكود» وصواريخ قصيرة المدى من قطر 220 ميلليمتراً وصواريخ 302 ميلليمتر، يبلغ مداها 150 كيلومتراً، كما تسعى الى امتلاك صواريخ روسية من طراز «اسكندر».

على أن الأهم في رزمة المعطيات المستجدة في مجرى الصراع مع إسرائيل التي تحاول فرض معطيات سياسية وميدانية تئد من خلالها إمكانية التوصل إلى تسويات قابلة للحياة، هو الربط السوري ما بين الجبهات العربية المرشحة للاعتداءات الإسرائيلية، والتلويح بنقل الحرب إلى المدن الإسرائيلية، دون إهمال دعوة العالم الغربي إلى وضع حد للعربدة والجموح الإسرائيلي الساعي إلى تفجير المنطقة، ما يفتح الباب على مختلف الاحتمالات التي تراوح ما بين إطلاق المزيد من الفقاعات السياسية، وارتفاع صوت طبول الحرب المتوقع أن تكون مختلفة عن سابقاتها، من حيث الشكل والنتائج والتداعيات.

* كاتب فلسطيني

===========================

جدل "سوري" في إسرائيل

رندى حيدر

النهار

11-2-2010

أثارت التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وسوريا الأسبوع الماضي اهتماماً كبيراً داخل إسرائيل، وأعادت من جديد الى واجهة الاهتمام موضوع المفاوضات السلمية المتوقفة بين البلدين منذ ذهاب حكومة إيهود أولمرت ومجيء بنيامين نتنياهو الى السلطة، وأحيت الجدل الداخلي والانقسام في الآراء بين المؤيدين للتسوية السلمية مع سوريا والرافضين لها.

المراقب لأداء حكومة نتنياهو لا بد أن يلاحظ الازدواجية في توجهات وزارة الخارجية الإسرائيلية التي تبدو أنها تدار من جانب شخصين هما: أفيغدور ليبرمان وإيهود باراك. فوزير الدفاع باراك بالاضافة الى مهماته الأصلية يقوم بالمهمات المطلوبة من وزير الخارجية، أو الأصح يحاول اصلاح الأضرار التي يتسبب بها أفيغدور ليبرمان. فلقد كان هو الذي تجنب الأزمة في العلاقة مع إدارة أوباما، واقترح التجميد الموقت للبناء في الضفة الغربية، الأمر الذي سمح للمبعوث الأميركي بالمضي بمساعيه لمعاودة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ وهو الذي حاول تهدئة خواطر الأتراك بعد التصرف المهين لوزراة الخارجية الإسرائيلية مع السفير التركي في إسرائيل.

وربما الأهم من هذا كله ان باراك هو من أشد المتحمسين داخل الإئتلاف الحكومي لموضوع عودة المفاوضات مع سوريا تدعمه في ذلك هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي. وحتى الأسبوع الماضي، كان باراك يمثل الجانب "العقلاني" في السياسة الخارجية الإسرائيلية، الى ان أتت تصريحاته التي حذر فيها من نشوب حرب شاملة مع سوريا في حال استمر توقف العملية السلمية، والتي سرعان ما تحولت كرة تصريحات ملتهبة ومتبادلة بين الخارجيتين السورية والإسرائيلية وصلت الى حد تهديد أفيغدور ليبرمان بأن أي حرب إسرائيلية ضد سوريا لن تؤدي فقط الى هزيمة عسكرية لسوريا وإنما الى "نهاية حكم عائلة الأسد".

يحرص وزير الخارجية أفيغدرو ليبرمان منذ توليه منصبه على لعب دور" الشرير"، فهو من السياسيين الذي يعتبرون الدفاع عن "الكرامة الوطنية" أهم من المصالح الإستراتيجية مع تركيا، والتمسك بإيديولوجيا اليمين في موضوع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية أهم من المحافظة على التعاون الإستراتيجي مع الولايات المتحدة. لا يحب ليبرمان اللغة الديبلوماسية التي يستخدمها باراك، والأرجح انه ايضاً لا يطيق باراك الذي يقاسمه مهماته. هذه المرة يستطيع ليبرمان الادعاء بأن كلام باراك عن سوريا أضر بإسرائيل وأضعف قدرتها على الردع يشاركه في الرأي عدد من السياسيين والمعلقين الإسرائيليين. كما أن المؤيدين لباراك يعتبرون أن كلام ليبرمان عن عائلة الأسد، استفزازي وغير مجد.

في إسرائيل اليوم انقسام واضح في الرأي حول التفاوض مع سوريا. فالمؤيدون يعتبرون أن التسوية مع سوريا"ستغير وجه الشرق الأوسط"، وستخرج سوريا من محور الشر، وتضعف إيران و"حزب الله" و"حماس". ولكن ثمن ذلك هو الإنسحاب من هضبة الجولان. أما الرافضون، وهم أحزاب اليمين اجمالاً، وبينهم حزب الليكود، فيعتقدون أن عودة المفاوضات غير المباشرة لن تغير شيئاً من تحالفات سوريا الإقليمية وستجعل إسرائيل تقدم تنازلات لسوريا من دون الحصول على مقابل لها.

بين هذين الموقفين المتضادين يحاول بنيامين نتنياهو أن يبلور موقفاً وسطياً مغايراً، ومحافظاً على قدر من الغموض بحيث يكون من الصعب معرفة موقفه الحقيقي. وهو منذ تسلمه السلطة يتحدث عن انفتاحه على السلام مع سوريا، ولكن من دون ان يقوم بخطوة واحدة في هذا الاتجاه. لكن كل المؤشرات تدل على أن موقفه من عودة المفاوضات مع سوريا لا يختلف كثيراً عن موقف ليبرمان ومعسكر اليمين الإسرائيلي. والسبب ببساطة رفض حكومة نتنياهو الحالية التي يسيطر عليها اليمين القومي المتشدد التفكير في انسحابات عسكرية من هضبة الجولان.

اذا لا يمكن هذا اليمين الذي يرفض ازالة حاجز من الحواجز العسكرية التي تفصل بين مدن الضفة الغربية، ولا يفعل شيئاً لتفكيك البؤر الاستيطانية غير الشرعية هناك، ويفعل كل ما في استطاعته للتحايل على قرار وقف البناء في مستوطنات الضفة الغربية، أن يُقدم على خطوة كبيرة مثل الانسحاب من الجولان.

===========================

قلق الحريري المبرر

سامي الزبيدي

Sami.z@alrai.com

الرأي الاردنية

11-2-2010

تدفع اسرائيل المنطقة نحو حرب جديدة وهذا بالضبط ما يدفع سعد الحريري رئيس وزراء لبنان الى تكثيف الاتصالات مع سورية لان البرنامج العدواني الاسرائيلي هذه المرة لا يستهدف لبنان فقط بل وسورية ايضا وهذا يتبدى من التصريحات الموتورة لافيغدور ليبرمان وزير الخارجية في «الكيان».

الحريري وفي مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية BBCحذر من دلالات قيام الطائرات الاسرائيلية باختراق المجال الجوي اللبناني يوميا مما يخلق وضعا خطيرا للغاية ويضيف ان الامر لا يقف عند التهديدات اليومية بل ثمة ما يحدث على الارض وفي الجو خلال الشهرين الماضيين متخوفا من احتمال نشوب حرب أخرى مع اسرائيل .

اسرائيل التي خاضت حربا لمدة 34 يوما عام 2006 ضد حزب الله ومنيت بفشل استراتيجي تتحدث الان عن قيام قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة بالعثور على مئات الكيلوجرامات من العبوات الناسفة قرب الحدود مع اسرائيل تقول الدولة اليهودية ان حزب الله هو الذي زرعها.

الجديد في المشهد هو ما نقلته BBC عن الحريري من تصريحات تفيد بان لبنان متحد وان حكومته ستقف الى جانب حزب الله اذا تعرض لعدوان أي لا طعنات في الظهر كما حدث قبل نحو اربعة اعوام.

اذن فالحديث عن سلام ومفاوضات مباشرة او غير مباشرة ليس سوى ذر للرماد في العيون والهاء وشراء للوقت فمن يجلس في غرفة بانتظار الوسيط القادم من الغرفة الاخرى يعرف تماما ان المشهد ليس اكثر من لعبة ساذجة لا تنظلي على الرأي العام، ومن كان بالامس يحضر مؤتمر هرتزيليا لا يضيره ان يجلس الى طاولة في مفاوضات مباشرة لكنها تخريجة او سلم لانقاذ من صعد الى الشجرة ولا يملك غير «الرغي» على طاولة المفاوضات.

لا شيئ في الافق يدلل على اننا مقبلون على انفراج ولا احد من «محبي السلام» يريد ان يفهم ان السلام لا ترتسم مدياته وحدوده الا بالفولاذ والنار وان التفاوض يكون دائما من اجل نقل موازين القوى من الميادين الى الورق لتصبح فيما بعد جزءا من ادبيات القانون الدولي.

مقبلون على زلزال والمنطقة ستصاغ باحدى اللغتين فاما الفارسية او العبرية اما العربية فهي ليست سوى لغة لترجمة افعال الاخرين بالرغم من ان ساحة الصراع هي عربية مئة بالمئة وهو ما يثير التأمل المشوب بالحزن والقنوط.

===========================

تطورات الملف الإيراني تسابق جمود مساعي السلام

المخاوف على لبنان من استخدامه ساحة إقليمية

روزانا بومنصف

النهار

11-2-2010

 رغم بروز بعض الثغر بين وقت واخر في جدار التجاذب بين المجتمع الدولي وايران حول ملفها النووي توحي ان هناك شيئا او اتفاقا يتم السعي اليه عبر الاخذ والرد الاعلاميين والسياسيين بحيث تبدو احتمالات التوصل الى اتفاق في هذا الشأن تطغى على اي خيار اخر، فان واقع التعامل الاوروبي مع الموضوع يشي بان لا شيء جديا يجري وراء الكواليس او بعيدا من الاضواء، وان ما يراه الرأي العام هو فعلا ما يجري على هذا الصعيد. وهذا على الاقل ما يكشفه القلق الغربي او الاوروبي تحديدا على الوضع في المنطقة نتيجة عاملين اساسيين في هذه المعادلة احدهما هو التوتر الذي تعانيه اسرائيل نتيجة الملف النووي الايراني، والاخر هو التوتر الايراني في ظل اعتبارات متعددة ليس اقلها التحديات التي يشكلها الوضع الداخلي الايراني امام النظام، فضلا عن تزايد الضغوط على ايران في شأن ملفها النووي في موازاة هذه التحديات.

هذا القلق عبّر عنه وزير خارجية اسبانيا ميغيل انخل موراتينوس في اثناء زيارته المسؤولين اللبنانيين على هامش مرافقته العاهل الاسباني الملك خوان كارلوس في الزيارة التي قام بها للبنان، علما ان موراتينوس كان جال على بعض الدول المعنية بالصراع العربي الاسرائيلي في المنطقة. وقد لا يرتبط هذا القلق بالغد القريب تحديدا بمعنى ان حصول اي امر هو رهن بالاسابيع او الاشهر القليلة المقبلة، بل انه قلق يتعين اخذه في الاعتبار في المدى المنظور وفق ما يعبر عنه المسؤولون اللبنانيون ايضا في العناوين الكبرى من دون التفاصيل والاحتمالات الداعية او المسببة للقلق. لكن الخشية تكمن في ان يكون لبنان ساحة تستخدم من الجانب الاسرائيلي، او بالعكس ايضا، في معرض تصاعد الكباش السياسي وصولا الى الاحتمالات العسكرية، حتى بدا ان المرجعيات اللبنانية تحاول ان تتعامل مع الموضوع على اساس التحوط لكل احتمالاته في حال كان واردا في اي لحظة، مع الاقرار بان ثمة ارباكا او ارتباكا وعدم وضوح، بحيث ان كل هذه المواقف التي تركز على التهديدات الاسرائيلية واحتمالاتها تتفاوت بين استبعاد الحرب وضرورة التضامن استعدادا لها مما يثير مخاوف اللبنانيين الذين لا يعرفون اذا كان يجب الاطمئنان الى اهتمام المسؤولين بالموضوع او الاستعداد لكل الاحتمالات، وما اذا كانت الحرب قريبة وواردة ام لا.

ولا يبدو هذا القلق متصلا، على غير عادة، بالتطورات على خط الصراع العربي الاسرائيلي، بمعنى ان الجمود على مسار المفاوضات وعدم نجاح الاميركيين في تحريك الامور يترك المجال كبيرا امام قلق حول صعوبات وتطورات قد تزيد عرقلة ذلك بدل تسهيله، خصوصا ان لا شيء يبدو واردا في الافق المنظور لجهة تحرك اي من المسارات لاعتبارات لا مجال للخوض فيها في هذا السياق. لكن يبدو ابرزها عدم نجاح الادارة الاميركية في استكمال المقاربة الاميركية التي اعتمدت لاعوام على صعيد العمل لمعاودة المفاوضات في ظل ظروف متغيرة على صعد عدة. في المقابل، فان لهذا القلق ارتباطا قويا بالملف النووي الايراني الذي يحتل واجهة الاهتمام ويستنفر الغرب ويستفزه على حد سواء في مقابل الاضطراب الذي تواجهه المنطقة تبعا لطبيعة الدور الايراني بهذا الملف وسواه ايضا.

ويشي هذا القلق الغربي بأن ما يتم تداوله على صعيد التفاوض لا يبدو جديا بمقدار ما يبدو جديا الاتجاه الى فرض عقوبات جديدة على طهران، فيكاد لا يمر يوم من دون موقف لوزير خارجية احدى الدول الخمس والمانيا يتصل بموضوع الملف النووي الايراني على نحو يبدو ممهدا للاجواء على نحو تصاعدي للخطوات التي يمكن اتخاذها في هذا المجال، ان لم تساهم هذه الضغوط في تليين المواقف الايرانية قبل ذلك. فبين ايلول الماضي ومطلع السنة الحالية يظهر الغرب انه اعطى مجالا كبيرا للتفاوض في مقابل عدم تجاوب طهران مع العرض الغربي حول تخصيب الأورانيوم، اقله وفق كل ظواهر الامور وجوهرها ايضا، ولا يمكنه تاليا في المرحلة القريبة المقبلة الا ان يظهر حزما ومتابعة عن كثب لتطور هذا الملف، في ظل الاعتقاد ان ايران تغذي المزيد من التوتر في المنطقة. وتعتبر دول اوروبية عدة ان امتلاك ايران القدرات النووية هو اكثر ما يكون بين ايدي الولايات المتحدة التي اعتمدت حتى الان السبل الديبلوماسية من دون اي نتيجة، في حين ان المسألة بالنسبة الى اسرائيل وجودية، وهي تضغط في هذا الاتجاه بقوة.

 وتقول مصادر ديبلوماسية متابعة ان التحدي الذي تخوضه ايران خصوصا في المرحلة الاخيرة وعدم قبولها الاتفاق الذي عرضه عليها المجتمع الدولي بتخصيب الاورانيوم في الخارج اطاح اي احتمال لاقناع الغرب بسلمية او مدنية اهداف البرنامج النووي الايراني. ومعلوم ان غالبية المجموعة الدولية لا تثق بذلك لاعتبارات عدة من بينها على الاقل رفض العرض الروسي الفرنسي تخصيب الاورانيوم والكشف على نحو متأخر عن المنشأة في قم، بالاضافة الى عدم الشفافية او السرية التي تحوط بالبرنامج النووي الايراني. وثمة من يضيف الى ذلك ايضا حول الاعتقاد بالاهداف غير المدنية للبرنامج النووي الايراني، ان طهران لا تمتلك اي محطة تسمح لها باستعمال الاورانيوم المخصب لاهداف مدنية، فضلا عن انها تملك مجموعة صواريخ باليستية لن يكون لها اي معنى ما لم تزوّد الرؤوس النووية المناسبة.

===========================

دول الخليج والعالم العربي

بقلم :صالح سلمان عبدالعظيم

البيان

11-2-2010

ماذا قدمت دول الخليج للعالم العربي منذ السبعينات وحتى الآن؟ سؤال يجب طرحه بعد مرور ما يقرب من عقود أربعة، على تبلور الدول الخليجية ككيان استراتيجي في المنطقة.ورغم أهمية التساؤل فإن أحداً لم يقترب منه، ربما بسبب حياء البعض، وربما بسبب تعالي البعض الآخر.

 

فعند التعامل مع الخليج تبدو كل تعقيدات الشخصية العربية في تعاملها مع الآخرين، من منطق ابتعاث شوفيني وتواريخ قاهرة، ورغبة لا يُستهان بها في الحفاظ على ما تبقى لدى البعض في المنطقة.

 

لا تبتعد الإجابة عن هذا السؤال، عن الحقول الأربعة المتعارف عليها، وهي السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة، بوصفها أهم ساحات الانجاز والعطاء المتعارف عليها في المجتمعات الإنسانية.

 

بالنسبة لحقل السياسة، يمكن القول ان منطقة الخليج، ورغم ارتباطها بإنتاج النفط والمخاطر المرتبطة به، كأهم سلعة استراتيجية عرفها العالم منذ اندلاع حرب أكتوبر 1973 وحتى الآن، كانت أكثر المناطق هدوءاً في العالم العربي.

 

فمعظم المشكلات السياسية الكبرى التي ارتبطت بها، جاءتها من خارجها وليس من داخلها.ويأتي على رأس هذه المشكلات حربا الخليج الأولى والثانية، اللتين دفعت خلالهما دول الخليج ثمناً باهظاً لسياسات صدام حسين العدوانية.

 

كما أن سياسات دول الخليج لم تشذ عن الإجماع العربي في الصراع العربي الإسرائيلي، والموقف من مصر بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، ومساعدة العراق في حربه ضد إيران، وغيرها من القضايا الحيوية الأخرى.

 

ومن الملاحظ أن سياسات دول الخليج حتى في ظل التأييد للتوجهات العربية العامة، تتسم بالهدوء وعدم الشطط؛ فالموقف من مصر بعد اتفاقية كامب ديفيد، لم يتسم بعدوانية غيرها من النظم العربية الأخرى، ولم ينقد وراء محاولة البعض النيل من مصر، بقدر ما اتسم بالخط العربي العام بهدوء ودون انفعال.

 

وربما كانت هذه سمة من سمات الدول الخليجية بشكل عام في مجال التوجهات السياسية، وهي سمة ترتبط بالشخصية الخليجية ذاتها، الأقرب للمحافظة منها للسلوكيات الانفعالية الهوجاء.

 

ومما ساعد على نجاح هذه السياسات، عدم وجود طموحات سياسية كبرى للدول الخليجية في المنطقة، على غرار المشروعات الناصرية أو البعثية أو الفرانكوفونية. وعلينا أن نضع في الاعتبار هنا حداثة النشأة بالنسبة لمعظم الدول الخليجية مقارنة بالدول العربية الأخرى، وهي حداثة فرضت بالتأكيد تواضعاً في الأهداف والمشروعات، أو لنقل الأحلام السياسية.

 

ورغم أن هذه السياسات المحافظة اكتست نوعاً من الإعلان المباشر في السنوات القليلة الماضية، كما ظهر من خلال موقف السعودية الواضح تجاه بعض الأطراف في لبنان وفلسطين، وكما ظهر أيضاً من خلال مواقف قطر عبر قناة الجزيرة، فإنها ما زالت حتى الآن تتسم بالمحافظة والهدوء، بل وربما عدم الظهور في طليعة الأحداث.

 

وبشكل عام، يمكن القول انه في ما عدا القرارات المتعلقة بالسياسات النفطية، فإن دول الخليج ارتبطت بالتوجهات السياسية العربية العامة ودعمتها، دون أن تحاول أن تبرز في صدر الأحداث، وإن كان هذا لا يعني عدم القيام بأدوار خلفية غير معلنة بخصوص بعض القضايا، وهي مسألة من غير المعروف ما إذا كانت سوف تستمر في المستقبل أم لا.

 

ورغم ميل بعض الدول الخليجية لدول عربية بعينها أكثر من غيرها، فإن توجهاتها السياسية اتسمت بشكل عام بالتوازن في التعامل مع معظم الدول العربية، بما في ذلك دول الأطراف.لقد ساعدت هذه السياسات المتوازنة دول الخليج على التوسط من أجل حل الكثير من القضايا العربية، سواء داخل البلد الواحد أو في ما بين الدول العربية ذاتها.

 

على المستوى الاقتصادي، يمكن القول ان دول الخليج العربي كانت وما زالت الملاذ الآمن للملايين من العمالة العربية الوافدة، منذ السبعينات وحتى الآن، حيث مثلت تحويلات العمالة العربية في الدول الخليجية ركناً أساسياً في اقتصاد الكثير من الدول، مثل مصر والأردن واليمن وسوريا والسودان والمغرب.

 

بل إنه يمكن القول أيضاً إن تلك التحويلات لعبت دوراً كبيراً في استقرار أوضاع تلك الدول، بشكل لا يمكن التنبؤ معه بالسيناريوهات المتوقعة في حال غياب هذه التحويلات.

 

كما أنه لا يستطيع أحد أن يتنبأ بوضع الطبقة الوسطى في الكثير من هذه الدول، دون لجوئها للعمل في منطقة الخليج، وبشكل أساسي في ما يتعلق باستقرار أوضاعها وتحديث شؤونها وتعليم أبنائها.

 

لا يقف الأمر فقط عند مسألة العمل، لكن الأمر المهم هنا هو المناخ الإنساني الذي احتضنت فيه الدول الخليجية هذه العمالة، بغض النظر عن خلفياتها وتوجهاتها، حيث نالت العمالة العربية تقديراً خاصاً من محيط الدول الخليجية.

 

واللافت للنظر هنا، أنه لا الحكومات الخليجية ولا شعوبها تحكمت فيهم أهواء السياسة في التعامل مع العمالة العربية الوافدة، وهي مسألة لا نجدها في الكثير من الدول العربية الأخرى، التي تنتهك حقوق، وأحياناً كرامة، العمالة العربية الوافدة، ليس فقط على مستوى الأفراد، ولكن بتحريض من حكوماتها عند اندلاع أول خلاف سياسي مع حكومات الدول المصدرة لهذه العمالة.

كما قدمت الحكومات الخليجية العديد من المساعدات للكثير من الدول العربية، سواء كانت منحاً لا ترد أو بشروط ميسرة.إضافة إلى ذلك، ساهم الكثير من الدول الخليجية بالكثير من المعونات المباشرة العينية والمادية، في الكثير من المناطق المنكوبة في المنطقة، في فلسطين والسودان واليمن وغيرها من المناطق العربية الأخرى.

أخيراً، يجب أن لا نتجاهل هنا حجم الاستثمارات الخليجية في العالم العربي، وتوسعها في كل أرجاء المنطقة، وهي استثمارات لعبت دوراً كبيراً في تدعيم الاقتصادات العربية من ناحية، وامتصاص نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل، وتأجيل الكثير من الاضطرابات المرتبطة بذلك.

يبقى في النهاية الحديث عن الإسهامات الخليجية في حقل الاجتماع والثقافة والتعليم، وهي إسهامات تحتاج لتناول آخر.

كاتب مصري

===========================

تكلفة الحرب على الإرهاب

بقلم :احمد عمرابي

البيان

11-2-2010

تكلفة «الحرب على الإرهاب» لها جانب اقتصادي.لا أقصد بذلك مئات المليارات من الدولارات التي تستنزف الخزينة العامة الأميركية، من خلال الإنفاق الأسطوري على غزو العراق واحتلاله، وعلى نحو تسع سنوات من الصرف على الحرب في أفغانستان.

 

كما لا أقصد عشرات المليارات التي تشكل الميزانية السنوية لوكالة الاستخبارات الأميركية، والتي تذهب لتمويل شبكات وعمليات استخبارية مرتبطة بمطاردة وتعقب الإرهابيين في جميع أنحاء العالم.أفراداً وجماعات وحكومات.مثل هذا الإنفاق يندرج تحت بند «التكلفة المباشرة»، لكن هناك تكلفة غير مباشرة.وهذا ما أقصده.

 

إليكم أولا حكاية ذات مغزى، يرويها مراسل مجلة «الاكونومست» اللندنية في واشنطن، عما جرى له في مطار أميركي، وهو عائد من بريطانيا إلى مقر عمله في العاصمة الأميركية.

 

يقول المراسل البريطاني:بأمر ضابطي الأمن في المطار، خلعت حذائي وجاكيتتي والقفازين والمعطف والقبعة والمحفظة والمفاتيح، ثم مررت بإزاء جهاز التفتيش. وعندما أطلق الجهاز صيحة، أدركت أنني نسيت أن أخلع حزامي.وفي هذه الأثناء كان كل من الضابطين يخاطبني بفظاظة لا مزيد عليها.

 

وقع هذا المشهد المتكرر في مطارات الولايات المتحدة قبل سريان إجراءات التفتيش الإضافية، ومن بينها تعريض الأجانب القادمين إلى جهاز مسح ضوئي، يعكس جسم الزائر على شاشة الكترونية وكأنه قد تعرى فعلا.وقد يشمل التفتيش تحسس الأجزاء الحساسة في الجسم.

 

ولكن.. ما مغزى الحكاية؟ من خلال مسح للرأي نظمه اتحاد شركات السفر والسياحة الأميركية، ثبت ان غالبية الزوار القادمين إلى الولايات المتحدة، يعتقدون أن ضباط أمن المطارات والموانئ الأميركية يسيئون أدب المعاملة.

 

وثبت أيضاً أن إجراءات الدخول إلى الأراضي الأميركية، هي الأسوأ في العالم بأسره.لهذا أخذت أعداد الزوار والمهاجرين إلى الولايات المتحدة تتقلص، بما في ذلك أصحاب الكفاءات والدارسون.

 

ففي عام 2001 كان 28% من الطلاب الدارسين في الخارج في كافة أنحاء العالم، يدرسون في جامعات أميركية، والآن تناقصت هذه النسبة إلى أقل من 20%، رغم أن العدد الإجمالي للطلاب الذين يدرسون خارج أوطانهم زاد في هذه الأثناء بنسبة 50%.

 

ويتساءل مراسل «الإكنوميست»:ما أهمية هذه الحقيقة؟ ويجيب: إن عدد الأجانب والمهاجرين يشكل أكثر من نصف عدد الباحثين في الولايات المتحدة إجمالا، ومن بين العلماء الذين يقومون بإجراء بحوث علمية ذات مستوى عال 60% من أصول أجنبية.

 

إن الطلاب والباحثين الأجانب المقتدرين ماليا، يتوجهون صوب الجامعات الأميركية لأنها الأفضل في العالم، لكن التجربة القاسية للحصول على «فيزا»، ثم المعاملة الفظة في المطارات الأميركية، أصبحت الآن تدفع بالطلاب والباحثين إلى وجهات أخرى في العالم.

 

هناك مشكلة مماثلة تعترض، ليس فقط الباحثين والطلاب، وإنما أيضا من يريدون التوجه إلى الولايات المتحدة في زيارات قصيرة.وتتمثل هذه المعضلة في ان الهيئات المنظمة للمؤتمرات العلمية العالمية، أصبحت تتردد في عقد مثل هذه المؤتمرات في أميركا، لأن المدعوين للمشاركة أو بعضهم لن يتمكنوا من الحضور.

 

وعلى سبيل المثال، فإن عالم فيزياء روسياً يعد مرجعاً عالمياً في هذا التخصص العلمي، تقدم بطلب للحصول على «فيزا» لحضور اجتماع لاتحاد علماء الفيزياء الأميركيين.

 

ومن قبيل التحوط للتأخير، بعث بالطلب قبل ثلاثة شهور من موعد انعقاد الاجتماع، لكنه مع ذلك لم يحصل على الفيزا إلا بعد يوم من موعد السفر المقرر، وبالتالي لم يستطع المشاركة.

 

ومن الواضح أنه عندما تتكرر معاناة العلماء الأجانب بمثل هذه المشاكل، فإنهم يفقدون الدافع إلى التعاون مع نظرائهم الأميركيين.هكذا ترتد الحرب على الإرهاب بشكل غير مباشر، على الولايات المتحدة وسمعتها كدولة عظمى، جراء المبالغة في الإجراءات الأمنية.

 

أما الأضرار الاقتصادية المباشرة، فتتمثل أكثر ما تتمثل في العجز الخرافي المتعاظم في الميزانية العامة الاتحادية، حيث بلغ حتى الآن نحو 7,1 تريليون دولار (1700 مليار)، وهو رقم قابل للزيادة بمتوالية هندسية، كلما طال أمد الحرب الأميركية الدائرة في أفغانستان وشمال غرب باكستان.

 

إزاء هذه المشكلة، يجد أوباما نفسه في مأزق.فمن أجل وقف تصاعد العجز والسيطرة عليه، فإنه تبنى لإدارته سياسة تقضي بتقليص الإنفاق الحكومي في الداخل، لكنه في الوقت نفسه يعد جماهير الطبقة الوسطى بالتغلب على ظاهرة البطالة المتفشية، عن طريق تخصيص اعتمادات مالية لتمويل مشروعات من أجل خلق وظائف جديدة.

 

الأمر الذي يتعارض رأسياً مع سياسة خفض الإنفاق لغرض تحجيم العجز.وهنا يبرز تساؤل:إلا تسحب أميركا البساط من تحت أقدام المنظمات الإرهابية، لو أنها حاربت الفقر في البلدان النامية الدافع الأساسي لالتحاق الشباب العاطل بهذه المنظمات عن طريق توجيه مئات المليارات التي تنفق على الحروب، نحو مشروعات تنمويةً؟!

كاتب صحافي سوداني

===========================

أميركا.. دروس الاحتلال القاسية

نوفوستي

ترجمة

الخميس 11-2-2010م

ترجمة: د. إبراهيم زعير

الثورة

ليس لدى أميركا خطط لاجتياح اليمن، رغم أن هذا البلد يعاني الحرب مع «القاعدة» ويواجه مشكلة تستفحل يوماً بعد يوم في حربه ضد الإرهاب ولاتفكر أميركا أيضاً في إعلان الحرب ضد الصومال أو التدخل العسكري فيه، فلديها تجربة معه غير مشجعة،

علماً أن «الإرهابيين» هبوا لمساعدة أصدقائهم في اليمن.‏

ولكن كل ذلك مازال مجرد تصريحات، فالرئيس باراك أوباما عبّر عن ذلك غير مرة للصحافة الأميركية ووسائل الإعلام، ولكن تصريحاته ترافقت «بحقنة عسكرية ديمقراطية» وصعدت واشنطن تحذيراتها من مخاطر الوضع في اليمن، معتبرة أن حربه ضد الإرهاب أصعب حرب بالنسبة للولايات المتحدة، فسارعت للإعلان عن تقديم المساعدات العاجلة لنظامه، فقررت تقديم 130 مليون دولار في السنة وستقدم مساعدات بأشكال مختلفة، بما في ذلك تجهيز الشرطة المحلية، وهذا بطبيعة الحال أفضل من قذف القنابل والصواريخ التي ستترك أثراً سيئاً على مجموع منطقة القرن الإفريقي، ولكن يجب عدم التباطؤ في ترتيب الأوضاع في اليمن.،ومن الأفضل فوراً كما يقول أوباما. ولم يتوان أوباما في تحضير ماهو ضروري لترتيب هذه الأوضاع بالسرعة الكلية، ومن المدهش أن يقدم له مثل هذه الخدمة الإفريقي عمر فاروق عبد المطلب المتهم بمحاولة تفجير الطائرة الأميركية المتجهة من أمستردام إلى ديترويت، والذي تدرب- حسب الرواية الأميركية- في أحد مواقع «القاعدة» في اليمن والمكلف من قبلها بتفجير الطائرة الأميركية وعقب ذلك فقد دعا السيناتور الأميركي الديمقراطي الأقرب للجمهوريين جون ليبرمان والذي يدّعي أنه ديمقراطي مستقل ولكنه دعم المرشح الجمهوري جون ماكين في انتخابات عام 2008، دعا أوباما لتوجيه ضربة عسكرية لليمن.‏

من المحتمل أن أميركا تعلمت قليلاً من دروسها القاسية في احتلال العراق وأفغانستان، ومن الممكن أنها لم تتعلم جيداً من تلك الدروس، فالوقت فقط سيظهر ذلك، فأوباما يعتبر الإرهابيين اليمنيين الأكثر خطورة، ولكنه لايمتلك خططاً لإرسال الجزمات العسكرية الأميركية في تلك المنطقة، ويعني بكلامه ليس فقط اليمن بل والصومال، رغم أنه لايوجد كلام لدى الرؤساء- كما هي العادة- مئة بالمئة أو بشكل قاطع وحاسم، ومن غير المعتاد أن يحشر الرئيس نفسه في الزاوية الضيقة ويقطع على نفسه أي وعد بشكل نهائي وإلا كيف يمكن تفسير كلامه بأنه لن يتدخل مادامت الحكومة اليمنية تقوم بواجبها بشكل مقبول مع الإرهابيين؟! وهذه العبارة الأخيرة من كلامه تثير الشكوك، فكل من يعرف الوضع الراهن في اليمن يدرك أنه بلد من أفقر بلدان الشرق العربي، والحكومة الحالية فيه لاتسيطر بشكل كامل وملموس إلا على 40٪ بالمئة من مساحته، والمناطق التي تتمركز فيها القاعدة يتفشى فيها الفساد والشمال يعيش حالة من الحرب الأهلية، ومن الصعب تصديق الحديث عن وضع مقبول بالنسبة للحكومة في محاربتها «للإرهاب». أما مايتعلق بالصومال فمن الصعب الحديث عن حكومة قادرة على إدارة أي شيء، حتى في العاصمة نفسها وضعها ليس على مايرام.‏

ويمكن فقط الشعور بمتاهة التخمينات حول ماقاله أوباما، ولاسيما أنه متورط في حرب لانهائية وغير مرئية النهاية ضد مايسميه «الإرهاب» في العراق وأفغانستان ويخوض حرباً حتى الآن سياسية ودبلوماسية ضد الملف النووي الإيراني، فكيف يمكنه فتح جبهة رابعة في اليمن؟! أليس مثل هذا التفكير أكثر من أحمق وغير معقول وهو يعلم على الأغلب أن فتح جبهة أخرى في اليمن بمساحته البالغة 528 كيلو متراً مربعاً، أي مساحة أكبر بقليل من العراق وأفغانستان الذي يشكل مساحة أكبر بمرتين من هولندا؟ إن جميع المحللين الأميركيين توصلوا إلى رأي بأن التدخل في بلد كاليمن الذي لم تستطع أي قوة أن تسيطر عليه في التاريخ إضافة إلى أن تدخله في اليمن سيثير غضب ومقاومة العالم الإسلامي برمته تقريباً، وبكل بساطة ليست لدى أميركا الآن القوة الكافية لارتكاب مثل هذه الحماقة.‏

وإذا ما أقدم على عمل كما فعل أسلافه في أفغانستان والعراق فإنه لن يحصد سوى الفشل، لأن جميع القبائل اليمنية وهي مسلحة لن تنظر إلى القاعدة كعدوة لها، بل إلى الاحتلال الأميركي بوصفه الشر العالمي، وإذا ما ارتكبت هذه الحماقة لا أحد يعرف كيف ستدبر الأمور في مساحة تقترب من مساحة أوروبا إذا أضفنا الصومال واليمن إلى أفغانستان والعراق، وعندئذ سيهب العالم الإسلامي ضد أميركا ربما في كل مكان، والنتيجة ستكون كارثية عليها.‏

===========================

لموضة الفرنسية الجديدة في الحقوق المدنية

آخر تحديث:الخميس ,11/02/2010

الخليج

إيان بوروما

في البداية أصدر السويسريون قراراً بحظر بناء المآذن، والآن يريد البرلمان الفرنسي منع النساء المسلمات من ارتداء النقاب، الرداء الذي يغطي الوجه والجسم بالكامل والذي ترتديه بعض النساء في البلدان العربية والذي تبناه الآن بعض المتزمتين من غير العرب، في الأماكن العامة. أما الحجاب الذي يغطي الشعر دون الوجه والذي ترتديه بعض النساء المسلمات، فهو محظور بالفعل في المدارس الفرنسية العامة، حيث بات الاستعراض “المتباهي” بأي رمز ديني محظوراً. ولكن النساء المسلمات نادراً ما يرتدين النقاب في فرنسا، حوالي 1900 من أصل 6 ملايين مسلم تقريباً، وكلهن تقريباً من بلدان لا ترتدي نساؤها النقاب تقليدياً.

 

إن السبب وراء دعم البرلمانيين الفرنسيين، الذين تتراوح انتماءاتهم ما بين شيوعيين إلى محافظين، لهذا الحظر يرجع إلى إجماع عام على أن ارتداء النقاب “مخالف لقيم الجمهورية”. أو كما قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي: “إن النقاب ليس محل ترحيب في فرنسا”.

 

ولهذا السبب رفضت السلطات الفرنسية الطلبات التي تقدمت بها نساء مهاجرات يغطين أوجههن للحصول على الجنسية. حتى أن أعضاء الحركات النسائية، بما في ذلك بعض النساء المنتميات إلى خلفيات إسلامية، أيدن الحظر، وذلك لأنهن يعتبرن هذا العرف عادة مهينة. كما حذر عضو شيوعي في البرلمان، وهو أندريه جيرين، من أن الإرهاب والتطرف “يتخفيان تحت النقاب”.

 

والواقع أن الاشتراكيين فقط هم الفئة الوحيدة التي رفضت التصويت على هذا القرار البرلماني. وهم أيضاً لا يحبون النقاب، ولكنهم لا يعتقدون أن التشريع هو أفضل وسيلة لمحاربته.

 

وأنا أرى أن الاشتراكيين محقون. فبعيداً عن وجود قضايا أكثر أهمية وخطورة من العادات المرتبطة بالملابس لعدد قليل من النساء في مواجهة الحكومة الفرنسية، فهناك مسألة الحرية الفردية.

 

والواقع أن بعض النساء قد يجبرهن أفراد من أسرهن أو ضغوط الأقران على تغطية أنفسهن. ويصدق نفس الشيء على النساء اليهوديات المتزمتات اللاتي يتعين عليهن أن يحلقن رؤوسهن ويرتدين شعراً مستعاراً عندما يتزوجن. والحق أنه ليس من الواضح لماذا تتوافق بعض الأشكال المتطرفة من التزمت اليهودي أو المسيحي مع القيم الجمهورية، ناهيك عن قيم الحركة النسائية، في حين لا تتوافق التقاليد الإسلامية المتزمتة معها. ولكن لا ينبغي لأحد رغم ذلك أن يرغم غيره على تغطية نفسه.

 

ولكن هل يجوز لأحد أن يرغم غيره على ألا يرتدي ما يرى أنه مناسب له؟ أعربت امرأة فرنسية اختارت ارتداء النقاب بمحض إرادتها عن احتجاجها قائلة: “من المفترض أن تكون فرنسا دولة حرة. ولكن في أيامنا هذه أصبح من حق النساء أن يخلعن ملابسهن، ولكن ليس من حقهن أن يرتدين ما يخترن من ملابس”. وقالت أخرى إعراباً عن احتجاجها: “إذا أرغمونا على خلعه فإنهم بذلك يأخذون جزءاً منا. أنا أفضل الموت على السماح لهم بذلك”.

 

ويؤكد بعض المسلمين، بمن في ذلك رجال هناك سبب آخر عملي لاعتبار قرار حظر ارتداء النقاب فكرة سيئة. فإن كنا جادين في دمج المهاجرين في المجتمعات الغربية، فلابد من تشجيعهم على التحرك في الأماكن العامة بقدر الإمكان. أما حظر النقاب فمن شأنه أن يرغم هذه الأقلية الضئيلة من النساء على البقاء داخل منازلهن، والاعتماد بشكل أكبر على رجالهن في التعامل مع العالم الخارجي.

 

ماذا يتعين علينا أن نفعل، إذاً، في مواجهة الممارسات التي نعتبرها غير ليبرالية، غير حظرها؟ في بعض الأحيان قد يكون من الأفضل ألا نفعل أي شيء. إن التعايش مع قيم قد لا نشترك مع آخرين في احترامها يُعَد الثمن الذي يتعين على من يعيش في مجتمع تعددي أن يتحمله.

 

إن الحرص على حصول جميع المواطنين على تعليم جيد قد يساعد على الحد من الأسباب المحتملة للصراع. ويصدق هذا أيضاً على الحس المرح الساخر، ولكن لا ينبغي لهذا الحس أن يكون شبيهاً بالرسوم الكاريكاتيرية التي نشرتها الصحيفة الدنمركية.

أستاذ الديمقراطية وحقوق الإنسان والصحافة بكلية بارد. والمقال ينشر بترتيب مع “بروجيكت سنديكيت”

===========================

اللاجئون الفلسطينيون في سوريا.. إطلالة على بعض أوضاعهم

المستقبل - الخميس 11 شباط 2010

العدد 3564 - رأي و فكر - صفحة 20

نبيل محمود السهلي ()

تعتبر سورية من الدول العربية التي استوعبت الافواج الاولى من اللاجئين الفلسطينيين اثر النكبة الكبرى في عام 1948؛ وبعد عامين من النكبة؛ أي في عام 1950 انتشرت خدمات الاونرا في خمسة اقاليم مصنفة لديها هي: الاردن ولبنان وغزة والضفة الفلسطينية اضافة الى سورية التي بات ينتشر فيها بعد نحو اثنين وستين عاماً على النكبة (110) مدارس ابتدائية واعدادية تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين تستحوذ على النسبة الاكبر من اعداد اللاجئين في سن الدراسة الالزامي، فضلاً عن ذلك تدير الوكالة (23) مركزاً صحياً في المخيمات الفلسطينية في سوريا والتجمعات الفلسطينية الأخرى.

أن العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين الى سورية، وصل بعد نكبة 1948، والاقتلاع القسري الذي تعرض له الفلسطينيون، حيث طبق الصهيونيون سياسة سكانية قامت على الاقتلاع والتطهير العرقي، وأدت فيما أدت إليه، الى اقتلاع وطرد 850ألفاً من الفلسطينيين خارج أرضهم، ووصل من بين هؤلاء /85/ ألفاً الى سورية، يمثلون (10) في المئة من اللاجئين المقتلعين من فلسطين إثر النكبة عام 1948، واستمرت عمليات ترحيل محدودة للفلسطينيين الى سورية، حتى نهاية النصف الأول من الخمسينات.وتعود أصول اللاجئين الفلسطينيين في سورية والمقدر مجموعهم في عام 2010 بنحو 465 الف لاجئ بشكل أساسي الى مدينة صفد في الجليل وقضائها، ثم من مدينة حيفا الساحلية وقضائها، والناصرة وقضائها، طبريا وقضائها، والمدن الفلسطينية الأخرى؛ وتشير الاحصاءات الفلسطينية الى ان نحو (90) في المئة من اللاجئين الفلسطينيين بشكل عام من الجليل والساحل الفلسطيني. ونتيجة ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية، مرتبطة بما يتعرض له الشتات الفلسطيني من أزمات، فقد جاءت الى سورية عام 1956، أعداد من اللاجئين الفلسطينيين من لبنان ودول مضيفة أخرى للاجئين، وشكل هؤلاء فئة خاصة من حيث تعامل القانون السوري معهم، وإن كانوا قد أضيفوا الى الكتلة الأساسية التي وفدت سنة 1948، والسنوات التي تلتها. وإثر عدوان 1967 قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بطرد /460/ ألف فلسطيني من الضفة الغربية والقطاع، حسب معطيات الجامعة العربية وخاصة الصادرة عن صندوق النقد العربي في عام 1991.

وقد أدت عمليات الطرد القسري الجديدة الى مجيء أعداد أخرى من الفلسطينيين الى سورية، ولا تتوفر معطيات احصائية لأعداد هؤلاء المقتلعين الجدد. وبسبب الأحداث التي شهدها الأردن عام 1970، وفد الى سورية أعداد قليلة من الفلسطينيين المنضوين في صفوف المقاومة مع عائلاتهم. وإن كانت تقديرات غير رسمية، تحدثت عن أن عددهم هو ما بين (50-60) ألفاً في عام 2010. وتبعاً لارقام النازحين الفلسطينيين الذين وفدوا الى سورية بعد عام 1967 فان العدد المقدر للفلسطينيين في سورية من لاجئي 48 والنازحين من الضفة والقطاع يصل الى خمسمئة الف فلسطيني في العام الحالي 2010. وقد سمحت القوانين السورية بتشغيل اللاجئين الفلسطينيين على ارضها منذ عام 1948 في كافة القطاعات الاقتصادية السورية؛ ولا توجد قوانين تسمح للنازحين في العمل في تلك القطاعات حتى اللحظة الراهنة؛ لكنهم يزاولون العمل في بعض الاعمال في القطاع الخاص اذا تمت عملية الحصول على اذن من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل؛ ناهيك عن اشارة اقامة.

وبالنسبة للتوزع الجغرافي للاجئين الفلسطينيين في سوريا؛ فان اللاجئين في المخيمات وفي التجمعات خارجها يعيشون في غالب الاحيان في مناطق واحياء وتجمعات تبعاً لقرية او مدينة المنشأ في فلسطين، ماأدى الى الحفاظ على بعض العادات والتقاليد، فنرى في اليرموك على سبيل المثال لا الحصر تجمع أهالي طيرة حيفا في حارة خاصة بهم جنوب الخيم، وأهالي صفورية في وسطه، وبلد الشيخ، وغيرها من أهالي القرى الفلسطينية، وتعود أصول اللاجئين الفلسطينيين في سوريا الى 300 قرية في الجليل والساحل الفلسطيني، وتتبع 16 مدينة هي مراكز أقضية في فلسطين، مثل حيفا، الناصرة، طبرية، صفد، عكا، بيسان، ويافا، والقدس، جنين وغيرها من المدن الفلسطينية، وقد ساهم اللاجئون الفلسطينيون في العمل الفدائي منذ بداياته في عام 1965 وقدموا حتى عام2009 (11) ألفا بين شهيد وجريح حسب معطيات مؤسسة أسر شهداء فلسطين في دمشق؛وقد عبر اللاجئون أيضاً تعبيرات مختلفة عن وحدة المصير مع أهلهم أثناء انتفاضة عام 1987 وانتفاضة الأقصى المباركة التي انطلقت من باحات الاقصى في نهاية شهر ايلول من عام 2000، إن عبر التظاهر في المخيمات والاعتصام أمام الصليب الأحمر أو مقار الأمم المتحدة، او عبر الرسوم والمعارض في شوارع دمشق والمخيمات جنباً الى جنب مع الشعب السوري وشرائحه المختلفة أطباء، فنانون، محامون وغيرهم، هذا فضلاً عن التبرعات المالية والعينية للانتفاضة في المخيمات والمدن السورية.

() كاتب فلسطيني

===========================

عقيدة الاجتثاث

السفير

بدر الابراهيم

11-2-2010

تبدو كلمةً منفرة، لكنها في الواقع كلمة السر في الثقافة السياسية العربية. تتردد علناً وباسمها الصريح في العراق اليوم، وتتردد بأسمائها المموهة في بقية العالم العربي كل يوم، وفي المحصلة يبدو الاجتثاث مفهوماً أساسياً من مفاهيم السلطة عربياً، بل هو في حقيقة الأمر «أساس المُلك».

يجمع الاجتثاث بين السلطة والمعارضة. لعله الأمر الوحيد الذي يجمعهما، فالسلطة تجتث المعارضة، والمعارضة تسعى لاجتثاث السلطة حين تمكنها، فالاجتثاث ربما يكون البرنامج الرئيسي للعمل على أجندات المتناقضِين المتحاربِين.

في العراق مثالٌ صارخ، فضحايا الاجتثاث القدامى يمارسونه اليوم بتلذذ، ويرقصون على الجثث السياسية لمناوئيهم. تحركهم رغبةٌ في الثأر من الماضي، وخوفٌ من عودته، فينتقمون من سنوات التهميش والاجتثاث ويمنعون عودتها باجتثاث المناوئين، لأن هؤلاء لو تمكنوا فسيجتثونهم أيضاً، فالمسألة ليست أن تجتث أو لا تجتث، بل: من يسبق الآخر ويجتثه أولاً؟.

وصلت الديموقراطية الموعودة أميركياً إلى ذروتها، فالاجتثاث السياسي جاء تتويجاً لمسيرة من الاجتثاثات المتنقلة بين التنظيمات الطائفية، تلك الاجتثاثات التي أعلنت موت الدولة وولادة ساحة الفوضى المبشرة بالفشل.

ثبت أنه لا فارق بين الانقلاب العسكري والانقلاب الاستعماري، فالمتحضرون القادمون عبر حروب الديموقراطية فعلوا ما فعله أهل الانقلابات العسكرية الدموية، وكان تحضرهم مكلفاً للغاية على الصعد كافة، وأوصل البلاد إلى عصر ما قبل الدولة. إنها إشارة لن تكون الأخيرة للمبشرين بالاستعمار المتحضر.

النظام السابق كان يجتث خصومه بعنف، وانخرط في اجتثاثٍ طائفي وعِرقي ساهم في تكريس الهوية الطائفية والعِرقية لخصومه من أهل سلطة اليوم، ومن سبق نظام صدام قام باجتثاثٍ مماثل، والعودة إلى التاريخ الحديث في العالم العربي تُظهر بوضوح تاريخاً طويلاً من الاستمتاع بالاجتثاث.

عودةٌ إلى تواريخ أقدم كفيلةٌ بتوضيح جذور المسألة، إنه منطق انتصار القبيلة، فحروب القبائل كانت حول النفوذ والسيطرة وامتلاك الأرض والثروة، والقبيلة المنتصرة لا بد من أن تحتفل بانتصارها باجتثاث خصومها وإذلالهم لتُثبِتَ علو كعبها وتُثبِّتَ مكاسبها.

منطق القبيلة، هو المنطق السائد منذ تلك العصور، لا أحد يفكر في بناء دولة أو قيادة أمة أو برامج تنميةٍ أو حتى مراكمة قوةٍ خارج الحدود، كل التفكير محصورٌ في إذلال «القبائل» الأخرى وتعزيز سيادة القبيلة الحاكمة على مقدرات البلد.

دورة الاجتثاث مستمرة على امتداد بلدان العرب، يكتسب فيها الضحية مهارة الإقصاء مع جلدات جلاّده، وتنتقل فكرة العنف عبر ممارسته، وينمو الوحش في داخل ضحايا التهميش ليخرج في اللحظة المناسبة وعينه على الانتقام ووراء ظهره مصلحة الوطن.

مع ذلك لا يمكن تجاهل عالمية الاجتثاث، فالقوى المنتصرة غالباً ما سعت لتطبيقه.

إن الحديث في العالم العربي هو عن مزارع وإقطاعيات لا عن دول، يقوم فيها المنتصر باستعباد البعض واجتثاث آخرين، ويسود فيها منطق الثأر القَبَلِي. مزارع تنتمي إلى عصورٍ سحيقة وإن تزينت بثيابٍ عصرية.

إن اجتثاث الاجتثاث من العقلية العربية هو خطوةٌ أساسية على طريق بناء الدولة العربية الحديثة، ومسألةٌ ضرورية لقيام مجتمعٍ بعيدٍ عن أمراض الحقد وعُقَدِ الثأر، لا يتمترس أفراده خلف طوائفهم وعشائرهم في مواجهة بعضهم، بل يلجأون إلى دولةٍ تمثل مصالحهم جميعاً ويشاركون هم في بنائها وتعزيز قوتها.

لن تقوم للعرب دولةٌ ما دام الاجتثاث يخلب ألبابهم، ويتصدر أجندتهم، وستبقى فئةٌ تحتكر السلطة والثروة وتتلذذ باجتثاث خصومها الذين يتشوقون ليوم الاجتثاث الآتي.

===========================

بعد تصعيد نجاد.. من سيبدأ الحرب إيران أم إسرائيل؟!

صالح القلاب

الشرق الاوسط

11-2-2010

بعد أن ألقى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ب«قفازاته» في وجه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والعالم كله، وبدأت إيران بإيعاز منه إلى رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي بإنتاج الوقود النووي المخصب بنسبة 20 في المائة بدت احتمالات التأزيم واللجوء إلى العمل العسكري تطغى على احتمالات معالجة هذه الأزمة بالوسائل السلمية وعلى أساس الوساطة التركية الهادفة إلى إنجاز الاقتراح الذي كان تقدم به منوشهر متقي قبل خمسة أيام مع الدول الغربية.

بعد هذا الإجراء الاستفزازي الذي لجأت إليه إيران وباشرت بموجبه، ابتداء بصباح أول من أمس (الثلاثاء)، تخصيب اليورانيوم بدرجة عشرين في المائة غدت مسألة فرض عقوبات جديدة مغلظة ومشددة من مجلس الأمن الدولي أمرا لا مفر منه ومسألة محتمة، اللهم إلا إذا تراجع نجاد عن هذه الخطوة التصعيدية والاستفزازية وبدأ يبحث عن مخرج من ورطته على أساس الوساطة التركية ويبدو أن هذا غير ممكن وغير متوقع.

وحسب تقديرات كثيرة فإن تراجع نجاد المفاجئ وعودته إلى التشدد واتخاذ هذه الخطوة الاستفزازية بهذه السرعة، بعد خمسة أيام فقط من بروز دلائل إيجابية على أنه بالإمكان التخلص من هذا الاحتقان السياسي الذي قد يتسبب في حرب جديدة في هذه المنطقة التي اُبتليت بسلسلة من الحروب المدمرة المتلاحقة في العقود الأخيرة، سببه أن المعارضة الإصلاحية بدأت تحقق مكاسب في الشارع في ضوء الانطباع المستجد بأن الرئيس الإيراني لم يصمد أمام الضغوطات الخارجية وأنه بدأ يتراجع وأصبح في طريقه للتخلي عن مسألة تتعلق بالعنفوان القومي والإرادة الوطنية. ثم هناك سبب آخر وهو أن الرئيس الإيراني لمس خللا في الموقف بالنسبة لمسألة العقوبات المقترحة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة وبين الصين وروسيا من جهة أخرى فاندفع على هذا النحو السريع ليضرب ضربته في اللحظة المناسبة وليضع هؤلاء جميعا ومعهم العالم كله أمام الأمر الواقع ولتكون هذه الخطوة خطوة التخصيب بدرجة عشرين في المائة مقدمة للخطوة اللاحقة التي هي خطوة إعلان إيران عن نفسها دولة نووية.

وبهذا وبعد أن تراجعت محاولات التهدئة بهذه السرعة بعد لجوء محمود أحمدي نجاد إلى ما لجأ إليه فإن سؤال: متى ستتكلم المدافع؟ عاد ليتردد مجددا أكثر مما تردد قبل أيام قليلة، حيث جرى تراشق كلامي ساخن ومرتفع النبرة بين سورية وإسرائيل وعلى مستويات عليا أشاع أجواءً بأن الحرب الجديدة المنتظرة قد تندلع في أي لحظة وأن المنطقة مقبلة على تغييرات كبيرة وجذرية في خرائطها السياسية وخرائطها الجغرافية.

كانت التقديرات أن محمود أحمدي نجاد وبنيامين نتنياهو رغم خلافاتهما واختلافاتهما يلتقيان دون تخطيط أو اتفاق على أن حربا جديدة هي في مصلحة الاثنين وأن الأول أي الرئيس الإيراني بات يشعر أنه غدا في ضائقة سياسية، في ضوء تعاظم شأن المعارضة الإصلاحية لا مخرج له منها إلا بالهروب إلى الأمام والذهاب إلى صدام عسكري ساخن مع «الاستكبار العالمي» يجرد هذه المعارضة من كل أسلحتها ويلزمها إلزاما بالانضواء تحت جناح الولي الفقيه وما يعتبر الشرعية الإيرانية.

أما بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي فإن اجتياح عملية السلام التي بدأت تتقدم على المسار الفلسطيني بخطوات واعدة معقولة لا يمكن إيقافه إلا بالإسراع لخلط الأوراق في هذه المنطقة وفي الشرق الأوسط مرة أخرى وهذا لا يمكن أن يكون إلا باتخاذ الخطوة التصعيدية التي أقدم عليها محمود أحمدي نجاد ذريعة للجوء إلى العمل العسكري حتى وإن اتخذ مجلس الأمن الدولي قرارا بموافقة الصين وروسيا بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية مغلظة ومشددة ضد إيران.

إنه لا بد من أخذ هذا الاستنتاج بعين الاعتبار وهنا فإن ما يجب تذكره هو أن بنيامين نتنياهو هذا نفسه كان قد استغل مسألة تلاقي المصالح، دون اتفاق أو تفاهم، بينه وبين إيران في عام 1996 عندما أصبح رئيسا للوزراء لتوجيه ضربة لعملية السلام التي كانت في حالة انتعاش في ذلك الحين وللقضاء على اتفاقيات أوسلو وإحباط خطوة إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة عام 1997 وفقا لهذه الاتفاقيات التي استكمل أرئيل شارون مهمة إدخالها في نفق مظلم لا نهاية له. قبل فترة عندما اشتد التراشق الكلامي بين سورية وإسرائيل كانت هناك قناعة شارك فيها الإسرائيليون بأن محمود أحمدي نجاد هو الذي سيبدأ الحرب إن فرض الغرب، ومعه الصين وروسيا، من خلال مجلس الأمن الدولي عقوبات جديدة مشددة ومغلظة سياسية واقتصادية وعسكرية على بلاده وأنه سيدفع حزب الله اللبناني لفتح جبهة جنوب لبنان مرة أخرى وهذا هو الذي دفع دمشق إلى المسارعة لتحذير الحكومة الإسرائيلية من مغبة ما قد تقوم به إن هي تجاوزت برد فعلها عملا عسكريا بغض النظر عن طبيعة مثل هذا العمل وإن هو اقتصر على خطوط التماس أم ذهب إلى عمق الأراضي السورية.

والآن وقد تأزمت الأمور على هذا النحو فإن ما هو متوقع هو أن يلجأ الرئيس الإيراني لمواجهة أي عقوبات قد يفرضها مجلس الأمن الدولي على بلاده بإجماع دولي تشارك فيه الصين وروسيا بالهروب إلى الأمام ودفع حزب الله الذي يشكل رأس جسر لإيران للتماس مع إسرائيل وفتح جبهة عسكرية معها إلى القيام بعمل عسكري بالصواريخ وبالمدفعية الثقيلة يستهدف الشمال الإسرائيلي وربما يصل إلى الأهداف الإسرائيلية الاستراتيجية في العمق ومن بينها مفاعل ديمونة في منطقة النقب وهذا إن هو حصل فعلا فإن المنطقة ستشهد حربا مدمرة جديدة ستصل إلى إيران حتما وهي ستشمل سورية بالتأكيد وستلحق بلبنان دمارا سيكون أكثر بعشرة أضعاف مما تعرضت له خلال حرب يوليو (تموز) عام 2006.

إن هذا «السيناريو» غير مستبعد بل هو وارد ومتوقع إن أتبع محمود أحمدي نجاد هذه الخطوة التي اتخذها قبل يومين بخطوات تصعيدية جديدة وإن لم يستطع الأميركيون التحكم في المواقف الإسرائيلية إزاء كل هذه التطورات مما يعني أن المنطقة كلها باتت تقف على حافة هاوية سحيقة وأن الشرق بانتظار قادم أعظم إن لم تستجد معجزة تبدد كل هذه المخاوف والتوقعات هذا مع العلم أن هذا الزمن ليس زمن معجزات ولا مستحيلات. ويبقى في النهاية أنه لا بد من التوقف عند المعلومات التي تحدثت عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي قد بادر في ذروة التصعيد الكلامي بين سورية وإسرائيل إلى إرسال رسائل إلى دمشق عبر مسؤولين أوروبيين وصفوا بأنهم كبار تضمنت استعدادا لاستئناف المفاوضات المتوقفة على المسار السوري وهذا إن كان صحيحا، والواضح أنه مؤكد وصحيح، فإنه يعني أن الإسرائيليين إن وصلت الأمور إلى حد أن هذه الحرب المتوقعة أصبحت خيارا غير ممكن تجنبه، يريدون أن يتركز رد فعلهم، أي حربهم وعملهم العسكري، على إيران وحزب الله وأن يحيدوا سورية ولا يجبروها إجبارا للدفاع عن نفسها والمشاركة في أي أعمال عسكرية لا بصورة مباشرة ولا غير مباشرة. ولعل ما تجدر الإشارة إليه في هذا المجال أن الأميركيين، وفقا لمعلومات مؤكدة، قد طلبوا من إسرائيل خلال حرب يوليو (تموز) عام 2006 استغلال الظرف وتوجيه ضربة «تأديبية» لسورية، لكن الإسرائيليين الذين لهم حسابات بالنسبة لهذا الأمر تختلف كثيرا عن الحسابات الأميركية رفضوا الاستجابة لهذا الطلب الأميركي وامتنعوا عن القيام بأي عمل كان سيدفع دمشق إلى دخول تلك الحرب والمشاركة في العمليات العسكرية ولو بالطيران والقصف البعيد بالصواريخ والمدافع الثقيلة.

===========================

التوتر المتزايد للعلاقات الأميركية الصينية

فريد زكريا

الشرق الاوسط

11-2-2010

على الرغم من التوترات التي أصابت العلاقات الأميركية الصينية مؤخرا، فما زالت لدى البلدين مبررات قوية للحرص على استمرار التعاون معا؛ وهو ما يقر به كلا البلدين.

وعلى الرغم من أن رد فعل الصين تجاه قرار إدارة أوباما بيع الأسلحة إلى تايوان كان غاضبا، فإنه اقتصر على بعض المواقف الرمزية، وذلك مقارنة بما حدث عام 1992، عندما أرسلت إدارة بوش أسلحة لتايبيه، فسارعت بكين ببيع الصواريخ إلى باكستان ووقعت اتفاقية تعاون نووي مع إيران.

ولكن من المرجح في الوقت الراهن أن تستهدف أقوى التهديدات الصينية، أن «تثأر» من الشركات الأميركية التي شاركت في عملية بيع الأسلحة، شركات مثل «رايثيون»، التي كانت المورد الرئيسي لتايبيه، ومن ثم كانت تلحق ضررا بالسوق الصينية، ولكن من المستبعد أن تفرض بكين عقوبات على الشركات الأميركية العملاقة، التي شاركت في الصفقة؛ «بوينغ»، و«جنرال إلكتريك»، و«يونايتد تكنولوجيز».

وبالمثل، كان رد فعل بكين الغاضب تجاه قرار الرئيس أوباما بلقاء الدالاي لاما رمزيا للغاية. فلم يكن ذلك اللقاء مفاجئا بالنسبة للحكومة الصينية؛ فكل الرؤساء الأميركيين في التاريخ الحديث التقوا الدالاي لاما، كما أن الرئيس أوباما كان قد أخبر الرئيس الصيني هو جين تاو أنه سوف يلتقي بزعيم التبت.

وبالنسبة لواشنطن، فإنه على الرغم من الانتقادات التي وجهتها هيلاري كلينتون إلى الصين بشأن حرية الإنترنت، وبالرغم من إعلان الرئيس أوباما عن اتخاذ إجراءات مشددة مع بكين بشأن العملة، فمن المستبعد أن تنتج عن ذلك الخطاب القوي إجراءات حقيقية. وذلك نظرا إلى أن الولايات المتحدة ليست لديها سوى عدة أسهم في جعبتها، كما أنها تدرك في الوقت نفسه أن الانتقادات العامة لبكين نادرا ما تؤتي ثمارها. وربما تلعب كلتا الدولتين، في الحقيقة، اللعبة نفسها: اللجوء إلى خطاب عالي النبرة لإرضاء الجماهير محليا. ولكن هناك نزعتان شائعتان تثيران القلق. أولاهما هي ذلك الإحساس المتنامي داخل الصين بأنها لم تعد في حاجة إلى الغرب، خاصة الولايات المتحدة، كما كانت من قبل. ففي الثمانينات، أخرج دينغ شياو بينغ الصين من الحرب الباردة من خلال التقارب مع أميركا والانفتاح على الاستثمارات الأجنبية. وكان ذلك مختلفا عن الاستراتيجية التي نهجتها كل من اليابان وكوريا الجنوبية، والتي اعتمدت على التصدير. ولكن الأكاديمي الصيني مين شين بي يقول إن ذلك لم يكن تحولا أيديولوجيا إلى السوق الحرة؛ حيث كانت الصين التي أضرت بها الثورة الثقافية، في أمس الحاجة إلى أساسيات الإدارة والتكنولوجيا والرأسمالية لكي تطور اقتصادها.

أما اليوم، فالصين غارقة في الرأسمالية؛ حيث أصبحت لديها كثير من الشركات المحلية الكبرى. ولأول مرة خلال العام الحالي كانت السوق المحلية، وليست الصادرات، هي المحرك الرئيسي للنمو في الصين. وكلما تزايد نشاط الصين، أصبحت السوق الداخلية هي مصدر القلق الرئيسي لديها.

وينطبق الشيء نفسه على السياسة الخارجية، فقد أعاد ماو العلاقات مع الولايات المتحدة كي يجد له حليفا في مواجهة الاتحاد السوفياتي. وأصبحت الصين في حاجة إلى الولايات المتحدة كحليف سياسي منذ ذلك الوقت؛ فكان احتفاء جيانغ زيمين الغائم بالولايات المتحدة جزءا من استراتيجية لها أهداف واضحة: الحصول على عضوية منظمة التجارة العالمية. أما اليوم، وفي ظل الاحترام الذي تحظى به الصين على المستوى العالمي، أصبحت أكثر ثقة، بل وربما مزهوة بنفسها على مستوى العلاقات الدولية. وليس هناك ما يعيب ذلك، ولكن زهو بكين بالحديث عن نفسها لا يقترن برؤية واسعة المدى؛ فلا يبدو أن الدولة على استعداد لكي تلعب دورا عالميا. ففي القمم الدولية، تركز بكين جهودها - إلى حد كبير - على السعي لتحقيق مصالحها من منطلق ضيق للغاية. فعلى سبيل المثال، في قمة العشرين التي عقدت في أبريل (نيسان)، شاركت الصين بفعالية في قضية واحدة: أن تتأكد من أن هونغ كونغ ليست ضمن قائمة الملاذات الضريبية التي يتم التحقيق فيها. ومن المحتمل أن تبدأ الصين في ممارسة دور عالمي أكبر في وقت قريب؛ وتبدأ في تحمل مسؤوليتها في النظام العالمي وتقديم التنازلات من أجل تحقيق مصالح على المدى الأبعد، ولكن في ظل التأثير العالمي للصين، سوف يجمد ذلك على الأرجح عدة جبهات. لقد كانت سياسة الانعزال الأميركية في العشرينات مفهومة، ولكن كانت لها تأثيرات سلبية متعددة على العالم. والعامل الثاني الذي ربما يزيد توتر العلاقات الصينية الأميركية هو المصير الذي ربما يؤول إليه الاقتصاد الأميركي. فهناك مخاوف من أن يكون الاقتصاد الأميركي حاليا يمر بانهيار هيكلي عميق. وإذا لم يتحل السياسيون الأميركيون بالشجاعة الكافية لإعادة الاقتصاد الأميركي إلى التنافسية مرة أخرى، حيث تعي بكين أنها تتعامل مع قوة عظمى في حالة تهاو شديدة، فإن العلاقات بين الصين وأميركا سوف تتغير جذريا. وبالطبع إذا ما حدث ذلك، فسيكون لدى أميركا الكثير من الأمور الأخرى التي يجب أن تقلق بشأنها.

=====================

ليس دفاعا عن العلمانية

إذا كانت هذه هي العلمانية فأين العلمانيون؟!!

زهير سالم

كلنا شركاء 12/2/2010

لست علمانياً..

ولا أرتضي المشروع العلماني. وأبذل ما وسعني الجهد لتكون خيرة الله فوق خيرة البشر. ولكني أعتقد أن المنهج العلماني حين يقوم على قواعده وأصوله يبني حالة أرقى بكثير، مما نسمعه ونعايشه ونعانيه، حتى صرنا كما تقول العامة: مثل... لا دنيا ولا آخرة.

للمشروع الإسلامي شروطه وقواعده. وللمشروع العلماني شروطه وقواعده. وأزعم أن المشترك بينهما أكبر، لولا بعض الهوى الذي يصد عن سبيل الله. وبينما قدم المسلمون في العالم العربي العدد الأكبر من الأوفياء والشهداء، فقد ظل المشروع العلماني، من غير غمط لصاحب فضل، بدون رواحل صدق ووفاء. اللهم إلا إذا اعتبرنا طلائع عصر النهضة بمعنى ما علمانيين، وهم لم يكونوا كلهم كذلك، فقد كان لأصحاب المشروع الإسلامي فيهم نصيب أوفى..

لم يجد المشروع العلماني بأبعاده الأساسية القاصدة نخبة تتبناه بصدق، وتدافع عنه، وتضحي في سبيله كمشروع كلي له أصوله وفروعه. كل ما حظيت به العلمانية العربية هو نفر من (المُقْتَسِمِينَ)، حسب التعبير القرآني، الذين أمسك كل واحد منهم من العلمانية بطرف تلبية لنازع، أو خدمة لمأرب، أو إشباعا لنهمة في ذات نفسه؛ فكان أمر العلمانية بينهم كحقيقة الفيل تتعرف عليه مجموعة العميان.

ولم يجد المشروع العلماني العربي بالتالي القاعدة الشعبية التي يرتكز عليها، وتضحي من أجله. الأحزاب العربية، التي تذرعت بالعلمانية ووصلت إلى السلطة وضعت قواعد الحياة العلمانية الحقيقية خلفها ظهرياً. وتبنت لنفسها مناهج ذات خصوصية ربما لا تجد لها في جدول تصنيف الأنظمة السياسية عنوانا. وكانت الحرية الفردية والجماعية سرُّ العلمانية وروحها أول الموؤدات.

وأصبحت العلمانية بفعل طروحات ومواقف بعض دعاتها، وشيء من كيد خصومها أيضا، صورة شوهاء، ودعوة إلى الكفر والفسق والفجور. والحقيقة أن كل من مر بوادي سلمى العلمانية يعلم أنها محايدة بالنسبة لجميع الأديان والعقائد والأفكار، وأنها منحازة فقط إلى حرية الإنسان واختياره، وليس إلى كفر أو إيمان..

كان مقتل العلمانية الأول أن المتحدثين باسمها – زعموا - حملوها إثم الدعوة إلى الإلحاد، وانحازوا باسمها إلى الاستهتار بالقيم على مسرح دعوات الأنبياء..

ثم لنتصور دعوة المسيح عليه السلام بلا حواريين (قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ..). ولنتصور دعوة الإسلام بعد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من غير أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي عبيدة وخالد..

مع كل دعوة ناجحة جيل من الأوفياء والشهداء وأصحاب التضحيات..( وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ).

 رُفع أصحاب عيسى بن مريم على الخشب، ونشِّروا بالمناشير، وكان فيهم ومنهم أصحاب الأخدود...

وخرج أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عن أموالهم وأهليهم وديارهم وضربوا في الأرض تضحية وفداء وقدوة وعطاءً..

ونتساءل هنا مع المتسائلين: عن حملة المشروع العلماني الأوفياء له بأبعاده الحقيقية ولوازمه الأساسية، كمشروع للحرية الإنسانية في إطاريها الفردي والجماعي. عن العلمانية كمشروع نهوض يقوم أساسا على إرادة الإنسان الحر المختار.؛ أين هم هؤلاء العلمانيون الذين ينصبون أعناقهم هدفا لسيف الجلاد، لتمكين مخالف من حقه في التعبير؟ ولماذا لا نسمع على ألسنة أدعياء العلمانية غير عبارات الندب والتحريض والدعوة إلى الإقصاء والتخويف؟ في الفهم العلماني الأصيل أن كل ما تنتجه الحرية هو علماني، تقدسه العلمانية وتدافع عنه مهما كان التقويم الموضوعي له.

وعلى أساس تقديم الخيار الإنساني الجماعي والفردي كل في إطاره، سبق العلمانيون في الغرب إلى تجريد البنى الأساسية التقليدية منذ القرن الثامن عشر من صلاحياتها وأدواتها السلطوية، فأعلنوا فصل الدين عن الدولة. لكي لا يكون للدين لا بنصوصه ولا بهيئاته ولا برجاله سلطان على الدولة ومؤسساتها، وخلّت العلمانية بين الدين أو أي سابق آخر غيره وبين الفرد سلوكه وضميره.

ولم تكن الدعوة العلمانية حين صادمت الكنيسة والإكليروس في الغرب تصادم الدينَ في الكنيسة، وإنما كانت تصادم النزوع السلطوي لديها. كانت الثورة العلمانية التي واكبت الثورة الفرنسية تجاهد لتحرير (الاختيار الإنساني) من كل هيمنة علوية مسبقة. مصرة على تحرير هذا الاختيار من كل سلطان سابق وليس من سلطان الدين فقط. كانت الدعوة العلمانية منصبة على تحرير الاختيار الإنساني من جميع أشكال الإكراه السلطوي. العلمانيون أو المنتسبون إلى العلمانية في العالم العربي لم يجرؤوا، خوفا من صاحب السلطان، أن يعلنوا مذهبهم عبر هذه البوابة، بوابة الدعوة إلى حرية الاختيار وتجميلها والتنديد بسياسات الإكراه مهما كان مصدرها؛ ولو فعلوا ذلك من حيث المبدأ ربما لوجدوا شرائح أكبر من أبناء المجتمع تناصرهم وتتعاطف معهم.

وجد العلمانيون العرب، الذين دخلوا الساحة العامة في عصر غربة الإسلام، وأفول شمس دولته، وانتصار الغرب السياسي والثقافي والاقتصادي منذ غزو نابليون لمصر، وجدوا في (الإسلام) و(أهله) جداراً واطئاً فركبوه. ووجدوا في أصحاب السلطان الذين أخذوا مكان (النص) و(الكنيسة) و(البرلمان) جانباً خشناً فهادنوه، ورأى فيه بعضهم ضرعاً مدرا فاحتلبوه.

ولم يكن لمن سُموا بالعلمانيين العرب غير الدين يقللون من قيمته، ويسخرون من نصوصه، ويحاربون دعاته وأتباعه. وراقبت المجتمعات المسلمة التي لم يكن لها تاريخ سلبي مع الإسلام: العقيدة والشريعة والدعاة. فأدارت ظهرها للمشروع وللمتخبطين باسمه. وخطت لنفسها طريقاً بين الفرث والدم لتصنع حالة مجتمعية جديدة، ربما تعجز مباضع الجراح عن الفصل بين خيوطها.

وزاد من سُموا بالعلمانيين العرب الطين بلة، فكما أنهم لم يطرحوا المشروع العلماني بالأمانة التي يستحق. وبالأسلوب الذي يحرص عليه (الداعية) لإقناع الجماهير بدعوته، فإنهم تجاوزوا عند التطبيق، فإذا لهم مكاييلهم المتعددة يكيلون كل واقعة بمكيال. وهم في كل أحوالهم إنما يشهدون على أنفسهم فعل ما قيل عن بعض من يسمى رجل الدين من قبل..

يحرم فيكم الصهباء ظهراً

ويشربها على عمد مساء..

فكيف نستطيع أن نفهم ونُفهم الجماهير من حولنا أن الرسوم الكاريكاتيرية في الدنمارك حرية تعبير وإبداع ينبغي أن تُحترم، وأن الخروج السلمي للاحتجاج عليها جمود ورجعية وتخلف وإرهاب..!!

كيف يستطيع العلماني العربي أن يفسر للمواطن البسيط أن من حقه وحق كل باحث أن ينتقد (النص المقدس) يعني القرآن الكريم وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم لأن العقل حر في النقد، ولأن ديكارت علمنا أن نضع جميع الحقائق قبل أن نقبلها على محك الشك. وأن علينا ألا نقبل القول بعصمة أحد.. ثم إذا حدث أن قال رجل (لمفتي) في المدرسة العلمانية أخطأت يا سيدي.. هبت عليه جوقة العلمانيين والعلمانيات تنتصر لواقعة وافقت هواها بنقض المبدأ العلماني القائم على نفي العصمة عن كل أحد، والتشجيع على النظر والنقد من كل أحد!! وحتى لو كان المخطِّئ مخطئا، فالعلمانية المنهج تقبل ذلك وتشجعه، لأنه انتصار لسابقة أن يقول المريد للشيخ لم؟! وأن تعيد المرأة التي رباها الإسلام الجواب في وجه عمر: ليس لك ياعمر..

 أما كانت المنهجية العلمانية تقتضي من العلمانيين أن يجعلوا من الواقعة سابقة تخدم توجههم. ليقرروا حقيقة أننا يمكن أن نراجع قول صاحب العمامة مهما كبرت. وأنه ما من صاحب قول إلا ويؤخذ منه ويرد عليه، هل علينا أن نشرح للعلمانيين الذين يكتبون عن (العقل المستقيل في الإسلام..)،وصفة تشرح في التعاطي العقلي ( طريقة الاستعمال)!!

كيف يقنع العلمانيون المجتمع بحرية الإنسان وطلاقة اختياره وقدسية هذا الاختيار، وهم ينتصرون لحق الفرد، ذكرا وأنثى، أن يخلع من ثيابه ما يشاء حيث يشاء متى يشاء، ثم هم فجأة يتكأكؤون خلف الذين ينكرون عليه أن يلبس ما يشاء حيث يشاء متى يشاء. معركة النقاب لا ينبغي للعلماني أن يخوضها تحت عنوان أن النقاب رمز ديني أو دنيوي، لأنه إن فعل طعن منهجه ( حرية الاختيار الإنساني وجدارته ) في الصميم.

قضية النقاب حسب المعطى العلماني نفسه هي قضية الخيار الفردي الإنساني. وعندما ينتصر العلماني لحق الإنسان في اختيار ما يلبس، فهو ينتصر لشرعته ومنهاجه وليس لواقعة يعترض على فرعها. هذا وزير العدل البريطاني جاك سترو، ولا أظن أحدا يشكك في علمانيته، يقرر ليس من المقبول أن نقر تشريعا علمانيا في شأن النقاب، يقرر هذا في البرلمان البريطاني؛ هذا رجل يحترم علمانيته ويقدمها أيضا لمخالفيه منهجا يستحق الاحترام. العلماني الذي يحشر نفسه ليحدد لغيره مضمون الاختيار هو كاهن محكمة التفتيش بعينه لم يتغير في وعيه غير الثياب.

وفيما تنتشر في عالم الغرب الأمريكي والأوربي مئات الجمعيات التي تعمل ليل نهار للحد من سلطان المشروبات الكحولية ( الخمر) على المجتمع، وآثار هذه المشروبات المدمرة صحيا واجتماعيا واقتصاديا، وانعكاساتها المباشرة على كثرة جرائم العنف الواقعة على المرأة وأفراد الأسرة بشكل خاص؛ يتباكى بعض العلمانيين في وطننا على جفاف الأحياء السورية من الحانات والخمارات، و يفتقد علماني آخر في مجتمعنا ناديا للمثليين ، وثالثة تبشر رفيقات دربها أنهم بدؤوا يصنعون غشاء بكارة في الصين بكلفة أربعة دولارات فقط...( يا بشراها..)، ورابع يحرض على صاحب عقيدة أو رأي، وخامس يتخوف من المصلين في مسجد، وسادس يضع الشيخ القرضاوي على المحك الصهيوني ويقومه على هذا الأساس، وسابع وثامن...

 كفى أرجوكم..

للمشروع العلماني الحق آفاق أسمى من هذه الترهات.. إنه مشروع لحرية الإنسان أرادها القوم مطلقة بلا قيد، وسبقنا إليها وما زلنا ندافع عنها، ونضحي من أجلها عليها غلالة من نور الله..

ما أكثر ما حذر المسيح عليه السلام من الرسل الكذبة، وفصل محمد رسول الله في وصفهم: فقال يختلون الدنيا بالدين، يلبسون للناس جلود الضأن من اللين، ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم قلوب الذئاب..

====================

فلسطين بين الدين والعلمانية

عزيز أبو سارة

مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية

8 شباط/فبراير 2010

www.commongroundnews.org

واشنطن العاصمة – تعرّضت الهوية الفلسطينية خلال العقود الثلاث الماضية إلى تغييرات هائلة. ويشير استطلاع أجراه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي نُشِرَت نتائجه في نيسان/إبريل الماضي أن 47% من سكان غزة والضفة الغربية يعرّفون أنفسهم أولاً وقبل كل شيء كمسلمين. ويثير هذا الاستغراب، إذا أخذنا بالاعتبار أن المجتمع الفلسطيني كان يعتبر في يوم من الأيام أحد أكثر المجتمعات علمانيّة في العالم العربي، وأنه قبل ثلاثة عقود لم يكن للإسلام السياسي سوى دور محدود جداً في الحركة الوطنية الفلسطينية. كذلك وجدت الدراسة أن 80% من الشباب الفلسطينيين مصابون بإحباط مزمن، مما يثبت الاعتقاد السائد بأن المستقبل لا يحمل سوى القليل من الأمل لهم.

ولا يشكل نصر حماس في الانتخابات الفلسطينية الأخيرة سوى واحد من المؤثرات بأن المجتمع يبحث عن أجوبة في وقت اليأس والفساد والظلم. تحوّل الناخبون الفلسطينيون، سعياً وراء التغيير إلى حماس آملين أن يحصلوا على الصدق والشمولية ورؤية للمستقبل.

إلا أن الاستطلاع يُظهِر أن العديد من الفلسطينيين سئموا حماس بعد الانتخابات مباشرة، إذ فشلت حماس في تحقيق وعودها بأجندة فلسطينية موحدة. وقد ناقشت عدة أصوات بأن القيادة الإسلامية فشلت وأنه يجب ألا تلعب المنطقة دوراً في الحياة السياسية الفلسطينية. وتدّعي هذه الحركة العلمانية أن المجموعات الدينية مثل حماس والمجموعات اليهودية المتطرفة تشكّل جزءاً كبيراً من المشكلة، وبالتالي يجب إزالتها من العملية السياسية والمدنية.

ولكن رغم صحّة أن القادة الدينيين والمنظمات الدينية صبّت وقوداً على نار النزاع، إلا أن ذلك لا يعني أن القيادة العلمانية هي الجواب الوحيد. على العكس من ذلك، يلعب الدين، بل ويجب أن يلعب دوراً أعظم في حل المشاكل التي تواجه المجتمع الفلسطيني.

هناك سوابق تاريخية كثيرة للدور الثنائي الذي يمكن للدين أن يلعبه في تشكيل العقيدة السياسية. ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، كانت فترة ما قبل الحرب الأهلية فترة غضب ويأس، واستُخدِم الدين فيها أيضاً لتبرير الظلم والفساد. وقد استشهد الزعماء الدينيين والسياسيين بنقاشات توراتية يهودية ومسيحية لتعليم العبيد بأنهم أقل منزلة من البيض، وقادت الكنائس والقساوسة جهود الحفاظ على العبودية في الجنوب. وقد تكلم القسّ المعمداني أر فورمان نيابة عن العديد من الجنوبيين عندما كتب قائلاً: "إن الحق في امتلاك العبيد موجود بشكل واضح في الكتب المقدسة، ضمنياً وعلى شكل أمثلة".

وحتى الرئيس الجنوبي جيفرسون ديفيس استخدم الإنجيل ليدّعي أن العبودية تأسّست بمرسوم إلهي. ولم تنته هذه المعتقدات مع تحرير العبيد، إذ استمر علماء الدين بدعم التمييز والرعب والهجمات العنصرية ضد السوء في المجتمع حتى فترة متقدمة من القرن الذي تلا.

إلا أن القادة الدينيين كانوا في مقدمة حركة ضخمة باتجاه التحرير والحقوق المدنية في الولايات المتحدة الأمريكية. عارض البيض والسود أمثال جوناثان دانييلز ومارتن لوثر كنغ الابن العنف الديني والجهل والعنصرية برسالة حب ولاعنف وعمل ناشط. لم يتحولوا ضد الدين عندما خذلهم الزعماء الدينيين، وإنما تحدّوا الوضع الراهن للدين. ومن المعروف جيداً إن كنج الابن استخدم منبر كنيسته للدعوة لرسالة جديدة من الأمل.

 

وبأسلوب مماثل، ورغم أن الإسلام استُخدم من قبل العديد من الفلسطينيين لدعم العنف بل وحتى تبرير المؤسسات السياسية الفاسدة، إلا أن الناس نسوا إن الإسلام غني كذلك بالكتب الدينية حول السلام والتعاطف. وقد رفض نبي الإسلام نفسه الحرب لمدة بلغت 13 سنة عندما كان في مكة، وبقي يعلّم ويعظ رغم الظلم والتعذيب.

 

وفي المناطق الفلسطينية حيث يتحوّل العديد من السكان للدين، لا يمكن تجاهل العقيدة ويجب عدم تسليمها إلى المتطرفين. يتوجب علينا أن نرفض فكرة أن خياراتنا السياسية مقتصرة إما على التطرف أو رؤية علمانية صرفة.

الوقت جاهز لحركة لا عنفية في المجتمع الفلسطيني تظهر من أقل الأماكن توقعاً: من المساجد والمعاهد الدينية والمراكز الإسلامية. تُتهم هذه الأماكن أحياناً بأنها أماكن ولادة العنف، ولكنها يمكن أن تكون كذلك أماكن ولادة أفكار إيجابية للتغيير. لقد نجحت حركات لا عنفية ترتكز على الإيمان في الماضي في إثارة الجماهير وتغيير الواقع السياسي حيث بدا ذلك مستحيلاً، وباستطاعتها توفير نفس الأجوبة اليوم.

 

لقد حققت الأساليب اللاعنفية بعض النجاح في قرى مثل "بدرس"، حيث ضم الفلسطينيون المتدينون والعلمانيون أيديهم معاً لمقاومة جدار الفصل الذي كان سيمر عبر أراضيهم. نجحت احتجاجاتهم وتم تغيير مسار الجدار، إلا أن الحركة اللاعنفية الفلسطينية ما زالت مفرّقة وعلمانية في معظم الحالات. وباعتقادي بأن الحركة تحتاج لرسالة أخلاقية وروحانية من العدالة، تستطيع أن تربطنا معاً. ولا يمكن لذلك أن يحدث في غياب الحضور القوي للقادة الدينيين وأعضاء المجتمع المتدينين. وتماماً مثلما عارض القس مارتن لوثر كنج الإبن وجوناثان دانييلز المسيحيين العنفيين بعقيدة دينية مسيحية مختلفة لاستعادة دينهم وأخلاقياتهم، يتوجب على الفلسطينيين كذلك كقوة أن يتوحدوا بدلاً من أن يتفرقوا.

 

لا تعني الحرية الدينية فقط حرية العبادة، بل تضم كذلك حرية استخدام الدين بشكل بنّاء في تحفيز الناس على إجراء تغييرات إيجابية في الحكومة. يشكّل الدين في منطقة جرى فيها اختطاف الدين لصالح أجندات المتطرفين عنصراً أساسياً لإيجاد مستقبل أفضل. لهذا يملك الفلسطينيون اليوم فرصة استخدام الدين لإلهام ولادة حركة لا عنفية تستطيع توحيدهم في سعيهم للحرية.

ـــــــــ

* عزيز أبو سارة هو مدير مشاريع الشرق الأوسط في معهد الديانات العالمية والدبلوماسية وحل النزاعات بجامعة جورج ميسون والفائز بجائزة إلياف سرطاوي لصحافة الأرضية المشتركة. يمكن الاتصال به على العنوان azizabusarah@gmail.com. هذا المقال جزء من سلسلة خاصة حول الحريات الدينية في إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وقد كُتب هذا المقال لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

=======================

إلى أبو راتب: مات النجاشي وبقي هرقل

محمد أبورمان

الغد الأردنية 12/2/2010

مرّة أخرى، يعود المنشد الإسلامي السوري المعروف أبو راتب، إلى قدره في المحنة. هذه المرّة في عاصمة "تمثال الحرية"، حين ظنّ نفسه هارباً إلى الحبشة "فهنالك النجاشي الحاكم نصراني لا يُظلم عنده أحد"، لكنه ضلّ طريق جعفر بن أبي طالب ورفاقه. فبلاد "الحريات والديمقراطية" هي مع الكلّ كذلك، إلاّ العرب والمسلمين.

قصة "أبو راتب" مؤلمة محزنة، تروي محنة الإصلاحيين العرب، الذين تضيق بهم بلاد الله الواسعة، فيهربون من نظم دموية تقتل وتعتقل وتدمّر مدناً على رؤوس أهلها إلى دول غربية تتواطأ ضد أي منطق إصلاحي وطني، يتمسّك بحقوقه البدهية القانونية، وقبل ذلك الإنسانية!

الحسبة التي يراد الزج بالمجتمعات العربية والمسلمة فيها تؤول إلى ثلاثة خيارات بائسة عدمية، تعكس ما وصلنا إليه من ضياع وفوضى وانحدار؛

فإمّا مواطن مرعوب يصفق للسلطان ويدعو الله ببقاء الظلم والطغيان، مسكون بالخوف من كل شيء، فاقد الأمل بأي تغيير، ليس لديه استعداد ليتقدّم خطوة واحدة في طريق السياسة المؤذية.

 وإمّا عميل للآلة السياسية الغربية، يحظى بالدعم المالي والسياسي والإعلامي، وتستقبله المؤسسات السياسية هناك، ويصنّف باعتباره مناضلاً سياسياً ضد النظم القمعية، يتقاضى راتبه وداخله من جهاز المخابرات الأميركية.

وإمّا متطرف، غاضب متشنّج، فقد الأمل في معاني التغيير السلمي، ووصل إلى قناعة أنّ السلاح هو طريق التغيير الوحيدة.

الجريمة التي اعتُقل عليها أبو راتب لدى عودته من كندا إلى الولايات المتحدة تنحصر في أنّه أدلى بمعلومات كاذبة (قبل اثني عشر عاماً) عن علاقته بمؤسسة الأرض المقدّسة، المتّهمة بتمويل حماس (= الإرهاب لدى الإدارة الاميركية)، والدليل شك مالي تقاضاه الرجل من المؤسسة.

حسناً، ما هي عقوبة هذه التهمة "الخطرة"؟.. تقدّر ب23 عاماً مع غرامة تقدّر ب75 ألف دولار! وما هي جريمة هذه المؤسسة: دعم حماس! وما جريمة أبو راتب! تقاضي أموال منها لأنه أنشد في حفلات أقامتها! هل نحتاج إلى أن نتساءل بعد ذلك: من أين تأتي القاعدة!

هل يحتاج القارئ العربي إلى مقارنة ذلك بالدعم الهائل للكيان الغاصب، وبالتناسب: كم تقدّر عقوبة اللوبي الصهيوني بعد الجرائم الصهيونية في غزة!

أبو راتب؛ يختزل رواية أجيال من الشباب المسلم الإصلاحي، يبحثون عن أوطانهم وهويتهم، يطمحون في يوم من الأيام أن يعيشوا في مجتمعات تتطور وتتقدم، تؤمن بالإنسان وحقوقه وحرياته، وقبل ذلك كرامته.

يسكن أبو راتب في داخلي منذ الطفولة، ليس فقط في أناشيده التي ارتطمت بها منذ كان عمري لا يتجاوز الثلاثة عشر عاماً، بل بتطوره الروحي والسياسي والفكري، الذي سرته معه، بمحض المحن والتحولات التي قادتنا جميعاً، الأجيال الجديدة، إلى الطرق نفسها: نطرق الأبواب وننتظر الفرج!

ما أزال أذكر كلمات أغانيه، كاملةً، منذ الصغر، وقد اشتريت كاسيت "أماه ديني قد دعاني للجهاد"، ومن ثم أدمنت عليه، فعشت مع "لا يا أخي فلا تقلها قد خبى صوت النضال".

في الجامعة، انتقلنا إلى لغة جديدة أكثر تطوّراً واعتدالاً، فغنّى أبو راتب للأردن "عشت يا أردن فينا.."، ولعمّان "عمّان يا عمّان يا زينة البلدان"، ولإنسان الحضارة "المجد للإنسان.. حامل القرآن". وطالب بالاستماع "يا سامعين الصوت.."، وابتهل باسم الله الفتّاح "فتّاح يا فتّاح..".

بدأ أبو راتب مشواره الفني بالنشيد للحركة الإسلامية، التي دخلت في صدام مع الحكم البعثي في سورية، ثم هرب إلى الأردن مع آلاف الأخوان السوريين، وساهم في نشر الفن الإسلامي وتطويره، مستثمراً خبرته في الموسيقى، وأصبح مع أبو مازن وأبو الجود أعمدة في الصوت النضالي الإعلامي للحركة الإسلامية الصاعدة، وانتقلت كلمات أناشيده وتطوّرت مع تطوّر أفكار الحركة الإسلامية.

لجأ كغيره، من آلاف المهاجرين- الهاربين العرب، إلى بلاد لا يظلمون فيها، وإن كان الزمن ضحك قليلاً له، إلاّ أن ذلك لم يطل كثيراً!

يا أبو راتب: إنّنا نفر من الدلف إلى المزراب، في أميركا وأوروبا ليس هنالك نجاشي بل هرقل، وإذا كان لك عزاء واحد تردده اليوم في سجنك المظلم فكلماتك نفسها: "لا يا أُخيّ فلا تقلها قد خبا صوت النضال.. فصراعنا كرٌّ وفرٌّ والوغى دوماً سجال.."!

=========================

مصادر أميركية:

دمشق رفعت نبرتها لأنها متأكدة من أن لاحرب ستندلع قريبا مع تل أبيب

الراي الكويتية 8/2/2010

مازال التصعيد الكلامي بين سورية واسرائيل بعيدا عن اشعال نيران الحرب في المنطقة، «فالحروب لا تشتعل بتصريحات»، حسب مصادر اميركية رفيعة المستوى.

وفسرت المصادر الاميركية ل «الراي» خلفية تصريحات وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان، التي هدد فيها بانهيار النظام السوري في حال اندلاع الحرب بين البلدين. وقالت: «ليبرمان يشير ضمنيا الى المرحلة التي اهتزت فيها دمشق في العام 2005، لكنها لم تنهار، اذ وفرت لها اسرائيل غطاء الوقاية».

وأشار مسؤول اميركي الى تصريحات اخيرة لمساعد وزيرة الخارجية جيفري فيلتمان ونائب رئيس مجلس الامن القومي السابق اليوت ابرامز، حيث قال الاثنان ان «اسرائيل هي التي فتحت الباب كي تخرج سورية من العزلة التي فرضها عليها المجتمع الدولي اثر اغتيال رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري» في العام 2005.

واضاف: «منذ العام 1974، واسرائيل مرتاحة للطمأنينة والهدوء اللذين يؤمنهما لها نظام الاسد في هضبة الجولان، ونظرا لغياب بديل في سورية يضمن امن اسرائيل في الجولان، فتل ابيب ستستمر في حماية الاسد وتأمين سبل الخروج له من ورطاته الاقليمية».

وتابع: «الاسد يعرف ذلك، ورأيناه يوم تعقدت الامور في وجهه في لبنان والمنطقة، صار يطل في الاعلام يوميا ويعرض السلام على اسرائيل، وكان يعرف انها ستكون خشبة الخلاص له».

وحسب المسؤول، فان تلميحات ليبرمان عن انهيار نظام الرئيس بشار الاسد تأتي على هذه الخلفية، و«مستندة الى 36 عاما من الهدوء في الجولان ومكافأة اسرائيل الاسد بالمقابل... اما اذا دخلت سورية في حرب مع اسرائيل، فان المعادلة ستتغير».

المسؤول الاميركي اشار الى ان الاسرائيليين قاموا بثلاثة عمليات في السنوات القليلة الماضية كانت بمثابة عدوان على سورية، ودمشق لم ترد، «والسبب الوحيد اننا نرى نبرة دمشق ترتفع اليوم، انها متأكدة ان لا حرب ستندلع قريبا بينها وبين اسرائيل». واضاف: «ليبرمان ادلى بتصريحاته بصراحة، وهو ما ادى الى الزوبعة السياسية في اسرائيل وبعض دول المنطقة».

العمليات الثلاث، حسب المسؤول الاميركي، كانت «قصف اسرائيل للمفاعل النووي السوري في الكبر، واغتيالها (القيادي في «حزب الله» عماد) مغنية في دمشق، واغتيال الضابط السوري رفيع المستوى محمد سليمان في طرطوس».

ويقول المسؤول: «في كل مرة، كان الرد السوري عبارة عن خطابات لم تتجه للتصعيد لان دمشق تعرف ان الحروب تندلع في مناسبات كهذه... اما الاسبوع الماضي، فعدم رغبة جميع الاطراف بالذهاب الى حرب ادى بالمسؤولين السوريين الى الرفع من حدة نبرتهم لانهم يعرفون ان الحرب بعيدة».

المسؤول اشار الى «الخطأ الاسرائيلي في التعاطي مع سورية عندما فتحت لها تل ابيب الباب»، وقال: «يومها استخدم السوريون، تل ابيب للوصول الى عواصم العالم ومنها واشنطن، واليوم، يشعر السوريون ان هذه العواصم اصبحت بين ايديهم، فلم تعد هناك حاجة للتصريحات السورية عن السلام، بل في الغالب عن حرب مزعومة».

كذلك اشار الى انه رغم تحسن وضعها الدولي، فان تصريحات الاسد، «في ذمة الصحافي سيمور هيرش، تشير الى ان دمشق مازالت غير مرتاحة للوضع، فهي ترغب في لعب دور اقليمي، والادارة الحالية تحصر التعاون معها بالامن والعلاقات الثنائية». واستدرك: «حتى في العلاقة بيننا والسوريين، مازالت الطريق طويلة».

اما عن دور سورية الاقليمي، فقال: «هناك مؤشرات الى انفراج قريب على المسار الاسرائيلي - الفلسطيني، وان بقيت الحكومة الاسرائيلية مصرة على فرض المفاوضات غير المشروطة في وجه سورية، ولا يمكن لاحد مساندة الموقف السوري والشروط السورية في وجه السلام، فان دمشق تخشى ان تسير العملية السلمية من دونها، وهو ما يؤدي الى المزيد من التهميش للدور الاقليمي الذي تحاول استعادته منذ العام 2005».

===================

طبول الحرب تقرع في لبنان والأصداء موجهة الى تل ابيب وطهران

مركز الدراسات العربي الاوروبي - باريس

12/2/2010

انشغلت وسائل الإعلام العربية والغربية طيلة الأسابيع القليلة الماضية بالحديث عن احتمال نشوب حرب ضد حزب الله في لبنان . وقال د. صالح بكر الطيار رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي في تقرير نشر اليوم الجمعة في باريس انه ذهب البعض الى رسم سيناريو يفيد ان شظايا هذه الحرب ستصل الى سورية ، وسيعاد اثر ذلك رسم خارطة سياسية جديدة للمنطقة. ونقلت وسائل الإعلام ان الرئيس ميشال سليمان سمع من نظيره الأميركي باراك اوباما اثناء لقائه في البيت الأبيض ان واشنطن قد رفعت الغطاء عن منع اسرائيل من القيام بأي عمل عسكري ضد حزب الله ، كما تردد ان رئيس الحكومة سعد الحريري قد سمع كلاماً مماثلاً اثناء لقائه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وتنقل وسائل الإعلام يومياً تصريحات لكبار المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين التي تهدد وتتوعد وتنذر بأنه في حال نشوب أي حرب فإن الجيش الإسرائيلي سيعتبر كل لبنان هدفاً عسكرياً له ، فيما يذهب البعض الى حد تهديد سورية والتلميح بأنها ستكون ساحة حرب لكي لا تمد مقاتلي حزب الله بالصواريخ والسلاح في حال نشوب الحرب المقبلة. كما تنقل وسائل الإعلام يومياً عن مناورات تقوم بها اسرائيل وعن توزيعها اقنعة ضد الغازات السامة وعن استحداث شبكات صواريخ باتريوت مضادة لصواريخ حزب الله وعن بناء مجسمات شبيهة بالقرى اللبنانية الجنوبية والتدرب على اقتحامها . وتصل هذه التهديدات الى اسماع قادة حزب الله ولكن لا يعيروها اهمية كبيرة إذ يجمع هؤلاء على القول ان اسرائيل اعجز من ان تشن أي حرب قريبة على لبنان ، وأنها في حال ارتكبت مثل هذا الخطاً فإن الحرب ستكون اقسى من سابقتها عام 2006 لأن حزب الله لديه مفاجأت كثيرة قد اعد لها العدة وأكمل التجهيزات اللازمة بشأنها. وتذهب التأويلات هنا الى حد الحديث عن امتلاك حزب الله صواريخ مضادة للطائرات ، او عن تجهيزه فرق عسكرية لإقتحام المستعمرات الإسرائيلية ، او عن قدرته على رمي مئات الصواريخ يومياً والتي ستطال حتماً ما هو ابعد كثيراً من تل ابيب . ودخلت سورية مؤخراً على خط المواجهة الإعلامية حيث صرح وزير خارجيتها وليد المعلم بأن سورية ستدخل الحرب في حال تم استهداف حزب الله او حركة حماس او أي منطقة سورية . واضاف الطيار انه برأي المتابعين لهذه الموجة الإعلامية والراصدين لتداعياتها فإن احتمال نشوب حرب قريبة في المنطة بعيدة جداً وأن كل ما يقال يدخل في خانة التهويل الإعلامي . وتسربت معلومات تفيد ان وزير خارجية اسبانيا ميغيل موراتينوس نقل الى السوريين مؤخراً رسالة اسرائيلية تفيد ان سورية لن تكون بمأمن في حال نشوب حرب بين اسرائيل وحزب الله ، ووضع هذه التهديدات ضمن اطار محاولة الدفع بدمشق للقبول بمفاوضات مباشرة مع تل ابيب دون شروط مسبقة ، فما كان من الوزير المعلم إلا ان رد على التهديد بتهديد ليبعث من وراء ذلك برسالة الى الإسرائيليين ان لا مفاوضات دون تعهد مسبق بإعادة الجولان وان دمشق ليست ضعيفة وان التهديد بالحرب يرد عليه بتهديد مماثل. وتقول معلومات اخرى وصلت الى دوائر رسمية لبنانية نقلاً عن تقارير غربية موثوقة ان التهديد الإسرائيلي بالحرب انما له هدفان: - الهدف الأول هو ان هناك تباين كبير بوجهات النظر بين الإسرائيليين انفسهم وأن تهديد وزير الخارجية افيغدور ليبرمان بمهاجمة سورية انما هي رد على محاولة وزير الدفاع ايهود باراك بإعادة احياء المفاوضات غير المباشرة مع سورية . وهذا التنافض في وجهات النظر برز ايضاً بشأن العلاقة الإسرائيلية مع تركيا حيث افتعل ليبرمان حادثة دبلوماسية مع انقرة عشية استعدادها لإستقبال ايهود باراك

. واضاف الطيار انه تفيد معلومات واردة من باريس ان المشكلة ليس فقط في تشدد ليبرمان بل وجود صقور متطرفين في حضن تكتل ليكود وهذا ما يمنع نتنياهو من الإلتزام بأي مبادرة سلام جدية ، وإن هؤلاء الصقور لا يجيدون إلا قرع طبول الحرب . - الهدف الثاني هو ايصال رسالة الى طهران بأنها إذا لم تتساهل في الملف النووي فإن الرد سيكون ضد حزب الله في لبنان وضد حركة حماس في غزة لأن استهداف ايران مباشرة يعني ادخال منطقة الشرق الأوسط في اتون حرب من غير الممكن تقدير حجم خسائرها ولا تداعياتها ولا فترة محددة لنهايتها . واضاف الطيار هذا يعني ان الحرب لا زالت على المدى المنظور مستبعدة إلا اذا حصلت تطورات استدعت عكس ذلك . وبإنتظار رصد التطورات فإن طبول الحرب التي تقرع في لبنان ليست سوى محاولة لمعرفة مدى قدرتها على وصول اصدائها الى تل ابيب او الى طهران .

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ