ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 01/02/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


هاتنغتون آخر ( الغرب الديمقراطي والشرق الاستبدادي)

إضاءات

الأثنين 25-1-2010

خلف علي المفتاح

الثورة

يصر الكثير من كتاب الغرب ومفكريه ومنظريه على اضفاء طابع الصراع للعلاقة بين الشرق والغرب، وهو أمر مؤسف حقاً ويضع الداعين إلى الحوار بين الثقافات والحضارات

في مأزق صعب إضافة إلى أنه يعطي الحجة والذريعة لمروجي مقولة صراع الحضارات لاستمرار عزفهم على تلك الأوتار. وما يزيد الأمور تعقيداً هو ما ورد في كتاب صادر قبل عدة سنوات لكاتب بريطاني يدعى توم هولاند أتيح لي أن اطلع على دراسة مكثفة عن مضامينه ووجدت أن الفكرة المحورية للكتاب تبنى على مقولة الشاعر البريطاني رديارد كيبلنج الشهيرة «الشرق شرق والغرب غرب ولا يلتقيان»، وتأسيساً عليها يرى هولاند أنه لو لم يتح لقوات الامبراطورية الإغريقية أن تنتصر على جيوش فارس منذ أكثر من ألفي سنة لما قامت حضارة أوروبية واستمرت بإبداعاتها الفلسفية والعلمية لأن (استبدادية) الشرق كانت قد أتت عليها وأجهضتها في المهد.‏‏

ومن وجهة نظر الكاتب فإن قيام قوة شرقية او امبراطورية قوية في الشرق يعني سقوط مواز لقوة غربية والعكس صحيح، وهنا نجد التفسير لحالة العداء والخصومة التي واجهت بها الامبراطوريات الغربية كل المحاولات التي قامت في الشرق وعملت على مواجهتها والحد من اندفاعاتها وسعيها لمد نفوذها شرقاً وغرباً، وهذا هو حال الدولة العربية الإسلامية والامبراطورية الفارسية والدولة العثمانية وصولاً لمحمد علي الذي حلم بإقامة دولة عربية قوية جناحاها مصر وبلاد الشام ،وكذلك محاولات وأد مشروع النهضة العربية ومحاربة الفكر القومي العربي وضرب مرتكزاته وكذلك الحصار الغربي لإيران ومحاولات ثنيها عن الاستمرار في بناء قوة إقليمية .‏‏

ونجد تجسيده أيضاً في قيام الكيان الصهيوني في فلسطين الذي استنزف طاقات هائلة لدول عربية كان يمكن لها لو استثمرت في جوانب تنموية أن تضع دولها في مقدمة دول العالم تقدماً ورقياً .‏‏

وبالعودة لما أورده الكاتب من تحليل لا يمكن وضعه وقراءته إلا في دائرة اللابراءة لأنه سيجد كل الترحيب من دعاة الصراع بين الحضارات، وفي مقدمتهم قادة الكيان الصهيوني الذين يجدون في مقولات كهذه مادة خصبة و صدى واستجابة لما يروجونه من دعاوى باطلة حول حقيقة ما يجري في المنطقة من الصراع بينهم وبين العرب ومحاولة إخراجه من دائرة العدوان والسيطرة والاحتلال إلى أكذوبة رفض الآخر استناداً لهويته الدينية والثقافية .‏‏

إن ما يطرحه توم هولاند ومن قبله صموئيل هاتنغتون وبرنارد لويس وليو شتراوس صاحب نظرية الكذب النبيل الذي يرى أن النخب يجب أن تقود الرعاع من خلال إثارة العامل الديني واستحضار التاريخ الذي يعشعش في أذهان العامة، هؤلاء وغيرهم من معبدي الطرق للاتجاهات الفكرية المتطرفة في الغرب وحافري أخاديد الكراهية بين الشعوب هم الذي يسعرون نار الحروب الثقافية بين الشعوب وهي الأشد خطراً من غيرها لأنها تؤسس لثقافة الكراهية وروح العداء تجاه الآخر، والذي سيقابلها بشكل تلقائي وطبيعي رد فعل عنيف إن لم يكن أشد عنفاً سواء بالحقن الديني أم التربوي أم الفكري والإعلامي .‏‏

لقد حذر المفكر العربي الفلسطيني الكبير المرحوم ادوارد سعيد من ثنائية أقنومية بين شرق وغرب تقود إلى مزيد من التعصب والكراهية، حاول الفكر الاستشراقي تجذيرها في الوعي الجمعي الغربي على قاعدة المركزية الأوروبية وتفوق الإنسان الغربي، محذراً من تداعياتها وأثارها الكارثية على الحضارة الإنسانية والغرب بشكل خاص ،وهنا تبرز الحاجة إلى أهمية أنسنة الخطاب الثقافي وابتعاده عن كل أشكال التمحور حول الذات والتعالي على الآخر لأن تاريخ الحضارة البشرية - وهي مسألة لا تقبل النقاش -هو خلاصة التجربة الإنسانية منذ أن وجد الإنسان على هذه البسيطة، إنها أشبه ما تكون بسباق التتابع، انتقال من شخص إلى آخر ولكن في مضمار إنساني واحد ؟‏

khalaf-almuftah@hotmail.com

=================================

رسائل التحدي..

الافتتاحية

الأحد 31-1-2010

بقلم رئيس التحرير أسعد عبود

الثورة

أكد السيد توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا السابق أمام لجنة التحقيق حول مشاركته الرئيسية في غزو العراق وتدميره أنه «غير نادم»..

وأضاف: «لو قُدّر لي لكررت ما تقرر حول العراق..»‏

محرك التحقيق مع بلير ليس تدمير العراق وقتل مئات الآلاف من شعبه وتشريد الملايين وخراب مقدراته وبُناه وأصول تكوينه وحضارته وثقافته، بل مقتل أقل من «200» جندي بريطاني..‏

للجنة التحقيق وللشارع البريطاني الضاغط، كل الحق في البحث عن العدالة بشأن دماء قتلاهم، ولنا كل الحق بالبحث عن العدالة بشأن ضحايانا.. بل بشأن.. أمننا وأماننا.‏

ألا يعتبر قول السيد بلير «لو قدر لي لكررت ما تقرر حول العراق» تهديداً حقيقياً لنا..؟! لماذا لا نجيب..؟! لماذا تخوننا الذاكرة؟!‏

هذه المرة لا حاجة للذاكرة.. ها هو العراق أمامكم.. والمشردون من شعبه وصلوا إلى بقاع الأرض.. فالذي لا يعجبه ذلك يجب أن يرى في قول السيد بلير تهديداً حقيقياً لأمتنا وشعوبنا.‏

لا يمكن للغرب أن يقبل ما جرى للعراق.. إلا في العراق أو.. أشقاء العراق.. لا يمكن أن يتخيلوا ما جرى لغزة إلا في غزة أو شقيقاتها... هو الدم المباح.. والأرض المستباحة.. فإن كان الرفض فالمقاومة.. سموه الإرهاب..‏

لكن..‏

لا يجهلون أن الحياة تقتضي المقاومة.. حتى الطائر الصغير يقاوم ذبحه.. فكيف بالبشر..‏

في رسالة أخرى للتحدي يقول الجنرال «جيمس جونز» مستشار الأمن القومي الأميركي: «إن إيران قد تهاجم إسرائيل بواسطة حزب الله وحماس رداً على تشديد الضغوط».‏

ويشرح: «إن التاريخ يظهر أنه عندما تشعر الأنظمة بالضغط فإنها تضرب من خلال أتباعها».‏

لن نناقش هنا جدارة الجنرال «جونز» كمؤرخ.. كي لا نتحرك بالذهن عن التركيز على الرسالة..‏

الضغط على إيران.. معاقبة شعب بكامله شيء عادي وأمر مباح – حسب جونز – والخطورة أن تواجه إسرائيل رد فعل ما..؟!‏

سننسى أيضاً أنه إذا كان الأمر هو البحث عن السلاح النووي.. فإن الأجدر بالضغط من يملكه.. وليس من يتهم بالسعي إليه..‏

ننسى كي نركز الذهن في رسالة السيد جونز.‏

هل هي تنبيه لإسرائيل.. أم رفض للضغوط على إيران..؟!‏

طبعاً الشق الأول هو الأجدر بأن يمثل الحقيقة.‏

ممن؟!.. وما الهدف؟!‏

من إيران؟!.. كيف..؟!.. عبر أدواتها..‏

وتسمى الأدوات: حزب الله وحماس.‏

هل في هذه الرسالة رائحة تحريض مثلاً.‏

إذا كان ما نسبه السيد جونز للتاريخ - من أن الأنظمة عندما تشعر بالضغط فإنها تضرب - جديراً بالتصديق.. فإن إسرائيل أيضاً نظام يشعر بالضغط.. لديه أزمة سياسية.. يواجه بجرائمه رفضاً وضغوطاً دولية.. وبالتالي يمكن أن يضرب..‏

ويحدد السيد جونز الهدف لأنهم يخافون إيران.. ولولا خوفهم ربما تغيرت مواقفهم.‏

وصلت الرسالة.. لم يكن من حاجة لها.. إلا الرغبة لدى السيد جونز في التحدي.. تحدي إرادة المقاومة العربية..‏

وكما كل الدروب توصل إلى الطاحون.. فكل التحديات توصل إلى المقاومة..‏

على مدى العقود الماضية.. هل ثبتت حقيقة إلا حقيقة المقاومة لمشاريعهم.. ورسائلهم وعدوانهم..؟!‏

=================================

هآرتس: إخفاقنا الإعلامي بعد السياسي والعسكري

ترجمة

الأحد 31-1-2010

إعداد وترجمة :أحمد أبوهدبة

الثورة

احتل تقرير مراقب الدولة في الكيان الإسرائيلي الذي اقر بفشل وسائل الإعلام الاسرائيلية المكتوبة والمقروءة والمسموعة عامة وتلك التي تنطق بالعربية على وجه الخصوص،

حيزاً كبيراً في الجدل الحاصل حول نتائج حربي تموز عام 2006 وغزة في نهاية عام 2008، وجاء في تقريره السنوي الذي قدمه الى الكنيست ونشر قبل فترة وجيزة أن السياسة الإعلامية الاسرائيلية الموجهة للإنسان العربي داخل اسرائيل وفي الضفة والقطاع والدول العربية «تعاني من فشل وطني يتراكم منذ سنوات.وبحسب تقرير مراقب الدولة، ميخاليند نشتراوس، يتضح هذا الفشل في المنظومة الإعلامية الدعائية الإسرائيلية باللغة العربية» في حالات الطوارئ.. وقد بدا جليا ولاسيما في الفترة التي مهدت لعملية الرصاص المصبوب في قطاع غزة وأيضا خلال العملية وبعدها واعتبر التقرير ان الإعلام الإسرائيلي الموجه باللغة العربية «أخفق في شرح سياسة الدولة ومواقفها للمحيط العربي، وتركته مكشوفا على جبهة البث والدعاية» حيث المحطات العربية.‏

مكشوفون للدعاية المعادية‏

وقال التقرير: إن الجهات الوزارية الاسرائيلية والمؤسسات المعنية ذات الصلة «لا تعمل على هذه الجبهة..» و «المواطنون العرب في إسرائيل»... والإنسان العربي في المناطق الأخرى مكشوفون بالكامل للدعاية المعادية لإسرائيل بالمقدمة منها قناة «الجزيرة» القطرية، وقنوات عربية في لبنان فضلا عن محطتي«حماس وحزب الله». وحذر التقرير من «خطورة» القبول بوضع لا تقوم به إسرائيل بالاستجابة على نحو ملائم على الجبهة الإعلامية الدعائية...وان توضح صورة الوضع ومواقف الدولة للجمهور الهدف - المحيط العربي، وتحديدا في حالات الطوارىء.‏

وأفادت الإذاعة العامة الإسرائيلية بأن مكتب مراقب الدولة قدم ملاحظات خطيرة إلى مكتب رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية بشأن القصور قوميا في مجال الإعلام باللغة العربية. ودعا مكتب مراقب الدولة الجهات الحكومية المسؤولة عن الإعلام الرسمي باللغة العربية وعن وسائل البث الرسمية وفي مقدمتها الوزير يولي ادلشطين الى العمل على وقف المماطلة والتسويف التي تعترض تحسين برامج البث باللغة العربية الموجهة الى سكان اسرائيل والمناطق والعالم العربي. كما توصل التقرير إلى نتائج تشير إلى فشل في شرح المواقف والسياسة الإسرائيلية باللغة العربية في حالات الطوارئ ولا سيما خلال الفترة التي سبقت العملية العسكرية الرصاص المصبوب في قطاع غزة وبعدها.‏

جدل حول الفشل الاعلامي‏

ويذكر ان الجدل حول الفشل الإعلامي الإسرائيلي بعد حربي لبنان وغزة اتخذ اتجاهين متناقضين، فقد اتهم أصحاب الاتجاه الأول الصحافة الاسرائيلية حتى ان بعضا منهم وضعها في قفص الاتهام: «بحجة أن تغطيتها للحرب كانت تغطية غير وطنية وغير مسؤولة، الأمر الذي شكل، بنظر هؤلاء، خطراً أمنياً مباشراً ومساً بالأمن القومي الإسرائيلي خلال الحرب» بحسب البروفيسور غابي فايمان. أما مؤيدو الاتجاه الثاني، فرأوا أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تجندت بالكامل في المعركة، الى جانب المستويين السياسي والعسكري، بل إنها وقفت إلى يمين المؤسسة العسكرية والمستوى السياسي من خلال حثها إياهم على استخدام المزيد من القوة والعنف، وإنها تجاوزت دورها وواجبها المهني والأخلاقي من خلال أدائها التحريضي، وتجنّب ترشيد وتوجيه المستويين السياسي والعسكري على حد سواء.‏

وانعكست حدة هذا الجدل وأهميته حول أداء وسائل الإعلام الإسرائيلية، في عدد كبير من الأبحاث والمقالات والتقارير التي نشرتها مراكز البحث والدراسة والتي عكست ايضا الاتهامات المتبادلة بين من يحمّل وسائل الإعلام مسؤولية ما عن الفشل، وبين من يدافع عنها. ومن جملة الاتهامات التي سيقت ضد وسائل الإعلام القول إنها: «تجاوزت الخطوط الحمراء كلها، وإنها تصرفت بانعدام مسؤولية لامس حد الخيانة، وإنها قدمت إلى العدو خدمات مهمة أثناء الحرب، بسبب المعلومات السرية التي كان يحصل عليها حزب الله من تقارير هذه الوسائل، وخاصة أن لدى الحزب عشرات الأشخاص الذين يجيدون اللغة العبرية، والذين يتابعون وسائل الإعلام الإسرائيلية ويترجمون المواد في الوقت المناسب» على حد تعبير الصحفي يوسي ليفي في معاريف.‏

اتهامات لمراسلي الصحف‏

وقد طالت هذه الاتهامات مراسلي الصحف وقنوات التلفزة العسكريين وثمة من ذهب أبعد من ذلك، عندما حمل هؤلاء المراسلون المسؤولية المباشرة عن بعض الضربات والخسائر التي تعرض لها الجيش الإسرائيلي، وقد دافع ألون بن دافيد أشهر المراسلين العسكريين في التلفزيون الإسرائيلي عن نفسه قائلا: «كانت تلك حرباً غير ناجحة؛ وقد عكسناها (كما هي). كانت بكلّ بساطة حرباً غير ناجحة... وأقول إنّ الإعلام عَكَسَ حرباً لم تكن جيدة. وقد خرج الناس بعد 33 يوماً من الملاجئ وهم خائبو الأمل جداً من نتائج الحرب». على حين دافع المراسل العسكري للقناة الأولى يوآب ليمور عن أداء المراسلين العسكريين قائلا: «نحن الصحفيين نوفر المعلومات، ولسنا من يوجدها. هذه وظيفة وسائل الإعلام في الأنظمة الديمقراطية. نحن نعمل كرسل، وإطلاق النار على الرسول هو حل سيئ. لم نسلم أي معلومات إلى العدو، هذا هراء. المعلومات كلها سُلمت في المؤتمرات الصحفية اليومية، وفي المحادثات مع ضباط كبار. لقد كان العدو مستعداً لمواجهتنا لأنه أجرى مراجعة داخلية واستعد وليس لأنه شاهد أخبار القناة الأولى. أسهل شيء الادعاء أننا لم ننتصر بسبب وسائل الإعلام، لكن الحقيقة المؤسفة هي أننا لم ننتصر بسبب إخفاقات وفشل في المستويين السياسي والعسكري».‏

أما كرميلا منشيه المراسلة العسكرية للاذاعة الاسرائيلية، فقد اتهمت المستوى السياسي والعسكري بالمسؤولية عن الفشل الإعلامي إضافة إلى لفشل السياسي والعسكري قائلة: «إن الفشل والإخفاق العسكري لم يحصلا بسبب الصحف، بل بسبب السلوك السياسي والعسكري. وأضافت أن «وسائل الإعلام تُشكل هدفاً سهلاً، ولذلك ثمة من يحاول تحميلها مسؤولية كل شيء».‏

عاصفة غير مسبوقة‏

وتحت عنوان: «النقد الجماهيري للإعلام الإسرائيلي في حرب لبنان» نشرته هآرتس، شخص البروفيسور غابي فايمان، أستاذ في قسم الإعلام في جامعة حيفا، أداء الإعلام الإسرائيلي إبان حربي لبنان وغزة، وذلك من خلال تحليل منابر الخطاب الجماهيري.قائلا: «إنّ حرب لبنان الثانية أثارت عاصفة جماهيرية غير مسبوقة. وفي إطار ذلك، وُجّهت إلى الإعلام الإسرائيلي اتهامات كثيرة، من أوساط واسعة بين الجمهور، وكذلك من المؤسسة الأكاديمية السياسية والعسكرية، ومن وسائل الإعلام نفسها، تُحمله سلسلة من الإخفاقات والقصورات والأخطاء أيام الحرب. وأضاف يقول: «تضافرت عوامل عديدة خلف ذلك. ومن بين هذه العوامل، سلوك الإعلام الإسرائيلي في أثناء الحرب، الذي تميّز أكثر من أيِّ شيء آخر بإطلاق مقولات غير حذرة وتفاؤل مبالغ فيه وتفصيل زائد عن تحرّكات القوات العسكرية والعمليات الحربية. وتميّز أيضاً بالاعتماد على مُعلقين ذوي معلومات «يعلوها الصدأ»، وليست مُستجدة، وعلى ثرثرة كبيرة استدعتها على ما يبدو ساعات البث الحيّ الطويلة، غير المبرّرة في أغلبية الأحيان.‏

أما العامل الثاني بحسب الباحث المذكور: «فيتمثل في حقيقة أن من السهل إظهار الودّ لوسائل إعلام تجلب الأخبار الطيبة، مثلما من السهل مقت وسائل الإعلام التي تكون أنباؤها سيئة، جملة وتفصيلاً. ومن المعروف أنه في الحرب على لبنان، كان الإعلام الإسرائيلي نذيرَ أخبار السوء، سواء عن القتلى والمصابين والأضرار أم عن القصورات والإخفاقات». وهناك عامل ثالث يقف وراء اتساع دائرة النقد الجماهيري لوسائل الإعلام الإسرائيلية خلال حرب لبنان، هو أنّ الجمهور الواسع يرى في هذه الوسائل جزءاً من المؤسسة الحاكمة، أي جزء من الأجواء الرسمية، من جهة، وكذلك يرى فيها حصن الإجماع ورمزه الفاقع، من جهة أخرى. ولذا، فإنّ خيبة الأمل منها تبقى جزءاً من خيبة الأمل الأهمّ والأعمّ من المؤسسة الحاكمة، التي مُنيت بالفشل الذريع في كل مهماتها».‏

=================================

المصداقية الأميركية

صالح القلاب

الرأي الاردنية

31-1-2010

قبل أن يعود جورج ميتشل مجدداً إلى المنطقة من المفترض أن الولايات المتحدة قد أدركت أن بنيامين نتنياهو ، ومعه هذه الحكومة التي يحتل فيها أفيغدور ليبرمان موقع وزير الخارجية ، إنْ هو لم يغير مواقفه وسياساته فإنه يشكل أكبر خطرٍ وأكبر عدوٍ لمصالحها الإستراتيجية الحيوية في هذه المنطقة من بحر قزوين وجبال هندوكوش في الشرق وحتى شواطىء المحيط الأطلسي الشرقية في الغرب .

 

في عام 1999 رأت إدارة بيل كلنتون ، بعد أن تيقنت من عدم إمكانية تقدم عملية السلام ولو خطوة واحدة مادام أن على رأس الحكومة الإسرائيلية هذا الرجل الذي يعمل خارج سياق التاريخ المعاصر ، أنه لابد من إسقاط نتنياهو وتحالفه وإنه لابد من منح الإسرائيليين فرصة عاجلة لإختيار بديل له لديه القناعة ولديه القدرة أيضاً بمتابعة العملية السلمية بعيداً عن كل هذه التصورات المشوهة التي تستند على رواية لتاريخ فلسطين وهذا الجزء من العالم لا هي مقبولة وهي بالأساس غير صحيحة .

 

والآن وبينما يتهيأ ميتشل للمجيء مجدداً إلى الشرق الأوسط بتصورات وبأفكار جديدة فإن المفترض أن تكون هذه الرسالة الأميركية قد وصلت مسبقاً إلى نتنياهو وأن المفترض أن رئيس الوزراء الإسرائيلي قد أدرك أنه إن لم يتخلَّ عن مواقفه التي شكلت عائقاً في طريق إنطلاق العملية السلمية فإن الأميركيين سيتعاملون معه على أنه بتصرفاته يشكل الخطر الرئيسي على المصالح الحيوية للولايات المتحدة في هذه المنطقة الإستراتيجية الهامة.

 

الآن هناك تواجد للجيوش الأميركية في عدد من دول الشرق الأوسط وفي أفغانستان أيضاً والمتوقع أن يزداد هذا التواجد في ضوء ما تشهده هذه المنطقة من إشتعال متزايد لبؤر التوتر وهذا يستدعي أن تكون وقفة الأميركيين جادة وفعلية وفعالة إزاء بنيامين نتنياهو لجهة عدم تركه يتصرف كثور هائج في مكان مغلق مليء بالأباريق الزجاجية والفخارية .. فهل تبقى أميركا صامتة ..؟! .

 

في منتدى دافوس الذي إستقطب ، كما هي العادة كل عام ، عدداً كبيراً من صناع القرار في العالم أشار الملك عبدالله الثاني إلى أن مصداقية أميركا تحت المحك وإننا بحاجة في ضوء أن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في طريقها إلى الإستئناف إلى تركيز إنتباه الولايات المتحدة الكامل على هذه المسألة لشهر أو إثنين وهذا ما يجب أن يعرفه ويدركه الأميركيون جيداً وبخاصة وأن لهم كل هذا الوجود العسكري وكل هذه المصالح الحيوية في هذه المنطقة .

 

لا يجوز أن تترك الولايات المتحدة بنيامين نتنياهو يتصرف بهذه الطريقة التي تمس بصدقيتها وتعرض مصالحها الإستراتيجية للمخاطر فالإرهاب المتنامي في هذه المنطقة الحساسة يتسلح بالممارسات الإسرائيلية ليحرض وليعبىء وليستهدف الأميركيين ويستهدف حتى الناس الأبرياء ولهذا ولإقتلاع جذور هذا الإرهاب لابد من معالجة القضية الفلسطينية المعالجة الصحيحة ولابد من إلزام الإسرائيليين إلزاماً بأحد خيارين فإما دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران ( يونيو ) عام 1967 ومن ضمنها القدس الشرقية وإما دولة فلسطينية إسرائيلية واحدة أو « إسراطين « وفقاً لإقتراح الرئيس الليبي معمر القذافي .

=================================

المنطقة بين فريسة الإرهاب واعتراف أوباما بالفشل

الأحد, 31 يناير 2010

عادل مالك *

الحياة

لدى انتشار خبر سقوط الطائرة الأثيوبية على مقربة من الشاطئ اللبناني بعيد إقلاعها بثلاث دقائق، سارع البعض وانطلاقاً من نظرية المؤامرة الى طرح فرضية تعرض الطائرة لعمل تخريبي. لكن سرعان ما تم نفي ذلك ليتم تركيز الاهتمامات والتحقيقات على الأسباب الكامنة وراء هذه الكارثة التي مست مشاعر اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم، وهو الأمر الذي أكد من جديد كيف توحّد الكوارث الشعب اللبناني وكيف تجمعه الأحزان، وكم تفرقه السياسات والعصبيات والاصطفافات.

وهذا الشعور الذي ساور البعض من وجود عمل إرهابي أو تخريبي يعكس تنامي الهواجس والكوابيس جراء الإرهاب الذي تقع المنطقة والعالم فريسة له.

وتزامن هذا الحادث المأسوي مع انعقاد مؤتمر لندن للاتفاق على استراتيجية جديدة لمكافحة الإرهاب والمتمركز هذه الأيام في اليمن حيث برز فجأة أن خطوط الدفاع عن الأمن القومي الأميركي تقف عند العاصمة صنعاء أو في الحديدة أو في أي مكان داخل حدود اليمن المترامية الأطراف. وانطلاقاً من مؤتمر لندن الذي قرر تقديم الدعم المالي لليمن، بعض النقاط المحورية التي يجب الوقوف عندها:

إن مواجهة الإرهاب لم تعد عملية أمنية فحسب بل هي مرتبطة بمناخ عام يجد الإرهاب فيه «التربة الصالحة» لقيامها. وفي هذا المجال تقول وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون «إن النزاع القائم في اليمن له تداعيات خارج حدود اليمن ولكن يجب أن يحل داخل اليمن». وكشفت كلينتون أن بلادها خصصت مبلغ 120 مليون دولار خلال السنوات الثلاث الماضية لكنها أضافت «إن نجاح هذا الاستثمار يعتمد على قدرة اليمن على اتخاذ قرارات صعبة ضرورية لتحسين قدرته على الحكم وإصلاح اقتصاده وحماية حقوق الإنسان ومكافحة الفساد وخلق أجواء أفضل للأعمال والاستثمارات». وهذا الأمر يعني بوضوح مدى ترابط مكافحة الإرهاب وعمليات التنمية في الداخل إضافة الى الخطوات العسكرية والأمنية.

ويشير قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال ديفيد بترايوس الى ضرورة قيام شراكة بين الجانبين الأميركي واليمني ل «مواجهة العناصر المتطرفة والمرتبطة بتنظيم «القاعدة». وعندما يتوغل في التفاصيل يكشف عن وجود «ثلاث وحدات من الجيش الأميركي متمركزة في اليمن وهذا هو التحدي الذي نركز عليه حالياً».

هل من دور للولايات المتحدة في مواجهة الحوثيين في شمال اليمن أو الانفصاليين في جنوبه؟ يرد الجنرال بترايوس: «نحن نركز على كيفية مواجهة المتطرفين» (متحاشياً الحديث عن أي تدخل عسكري أميركي مباشر). ويضيف: «لكي نكون منصفين علينا أن نساعد اليمن في التنمية ونمنع العناصر التي قد تصبح متطرفة من التوجه الى التطرف بسبب مشاكل اقتصادية وتنموية». ويشير الى أن دولاً أخرى في المطلق مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مهتمة باليمن ولديها مصلحة كبيرة في دعم الرئيس علي عبدالله صالح. وبهذا يصبح الرئيس اليمني خط الدفاع عن الأمن الوطني الأميركي. وقد اتضح في الآونة الأخيرة وصول 36 أميركياً الى اليمن والهدف المعلن لزيارتهم كان تعلم اللغة العربية فاذا بهم ينخرطون في أعمال التدرب على الإرهاب في اليمن وخارج اليمن.

وإذا ما خرجنا من اليمن لتفقد أحوال المنطقة فماذا نرى؟

يرسم الجنرال بترايوس صورة الموقف على الشكل الآتي: «إن أفغانستان ستكون الحرب الأطول، وفي العراق فإن تطورات الأسابيع الأخيرة وما يتصل بتنظيم العملية الانتخابية واستبعاد البعض، كلها تطورات لا توحي بالطمأنينة، وهي تضعف حتماً عملية المصالحة مع كل الاطياف العراقية».

إذن هذه الصورة القائمة للوضع في المنطقة، حيث تزداد قتامة وتعقيداً إذا ما عرضنا لآخر مستجدات السلام المتعثر، أو ما يطلق عليه اصطلاح «سلام الشرق الأوسط». والمفاجأة الكبرى في هذا الشأن اعتراف الرئيس باراك أوباما بفشل سياسته في المنطقة مسجلاً بكل وضوح انه بالغ في التفاؤل حيال الجهود الرامية الى إحداث اختراق ما في أزمة المنطقة.

ماذا يعني هذا الاعتراف عملياً؟

يعني أن الرئيس الأميركي فشل في مقاومة التصلب الإسرائيلي المتمثل ببنيامين نتانياهو وشركائه، والذي رفض التجاوب مع طرح واشنطن الداعي الى قيام دولتين فلسطينية وإسرائيلية، إضافة الى الأزمة التي تزداد تفاقماً يوماً بعد يوم ونعني المضي في بناء المزيد من المستعمرات إمعاناً في تمزيق «الدولة الفلسطينية» المقطعة الأوصال، وإمعاناً في العربدة الإسرائيلية والمضي في سياسة التحدي لكل من هو فلسطيني وعربي مسلم أو مسيحي. بل للعالم بأجمعه، وأعلن نتانياهو قبل أيام أن الخطة التي يسير عليها تقضي باستقدام مليون مهاجر من كافة أنحاء العالم إنفاذاً لما يتفق عليه الإسرائيليون أو معظمهم على الأقل ب «إسرائيل الكبرى».

أين العرب من كل ما يجري في فلسطين؟ صمت مريب.

وأين العالم الذي يزعم زعماؤه سعيهم لإحقاق الحق والعدالة؟ الجواب صمت أكثر ريبة وتشكيكاً.

وكان لافتاً في خطاب «حال الاتحاد» الذي ألقاه الرئيس باراك أوباما أمام مجلسي الكونغرس التغاضي التام حتى عن الإشارة الى الوضع في الشرق الأوسط، وهو ما يثير الاستغراب حول تفسير هذا التجاهل من جانب الرئيس الأميركي، الأمر الذي يطرح العديد من الأسئلة التي لا إجابة عنها ومنها: هل استقال الدور الأميركي في المنطقة؟ وهل يمكن له أن يستقيل وهو الذي كان يعول الكثير على الجهود التي يبذلها موفده الخاص الى المنطقة السناتور جورج ميتشل؟

وبالتالي ما هي تداعيات هذا العجز الأميركي باعتراف أصحابه، والاعتراف سيد الأدلة في لغة القانون؟

وفي التدرج في السياسات والمواقف الأميركية تلاحظ بوضوح الصدمة التي أحدثتها آمال التغيير والتي أتت بأول رئيس أميركي من أصل أفريقي الى البيت الأبيض.

وفي هذا السياق يشار الى أن شعبية الرئيس اوباما تدنت في شكل كبير حتى قبل انقضاء السنة الأولى من حكمه، وحزبه الديموقراطي فقد الأكثرية في مجلس الشيوخ مع فوز المرشح الجمهوري خلفاً للسناتور الراحل ادوارد كينيدي. كل هذا يشير الى إصابة الرئيس اوباما بحالة من الوهن والترهل السياسيين على رغم هذه الفترة القصيرة من حكمه، وهو ما يحتم عليه القيام بحالة استدراكية أو استباقية لإنقاذ دوره من الفشل ويكون ذلك باستعراض ما ارتكب من أخطاء في التوجهات الأميركية في عهد الإدارة الحالية. كذلك يجب أن تشمل هذه المراجعة ما ارتكب من أخطاء جسيمة في المنطقة، بخاصة إذا أضفنا الى إعلان الرئيس اوباما عن فشله ما قاله مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان، السفير السابق في بيروت: «كنا نعتقد أن دمشق هي المقاطعة والمحاصرة فإذا بنا نكتشف أن واشنطن هي المقاطعة وهي المحاصرة».

هذا الكلام في منتهي الخطورة وهي يعكس في الوقت نفسه إجراء عملية نقد ذاتي. ولا يجب أن تقف الأمور عند هذا الحد، بل يجب أن تتبعها خطوات عملية تعكس توجهاً أميركياً جديداً في المنطقة.

إن تجارب السنوات الأخيرة يجب أن تؤكد لفريق المنظرين والباحثين وخبراء الأمن القومي سقوط كل الرهانات السابقة، وهذه عملية باهظة التكلفة سياسياً واقتصادياً وأمنياً ومن كل جانب، على الذين ساروا في موكب هذه الرهانات، وهم يدفعون الأثمان الغالية. ولم يعد يجدي بعد اليوم السخرية ممن يطلق عليه «محور الممانعة». فدول هذا المحور تنشط في أكثر من اتجاه وعلى أكثر من جبهة، لكن أخطاء السياسات الأميركية هي التي أسهمت الى حد كبير في تنامي دور ونفوذ دول «خط الممانعة».

وفي المحصلة الأخيرة ومن وحي تجارب الماضي القريب إن مقاربة الإرهاب ليست عملية أمنية فحسب، بل هي عملية تشجيع على التنمية والاستقرار في دول المنطقة حتى لا تسقط المنطقة نهائياً فريسة هذا الإرهاب الذي تأخر الغرب كثيراً في مواجهة نتائجه المدمرة. وفي المقابل تتحمل بعض دول المنطقة مسؤولية كبيرة عن عدم اعتماد سياسات التنمية والاستقرار والإفادة من الطاقات البشرية حتى لا تتحول هذه الكفاءات الى طاقات تفجيرية.

وشتان ما بين تفجير طاقات الشباب في اتجاه العلم والمعرفة، وجنوحهم نحو لوثة تكفيرية مدمرة لها ولكل ما يدور من حولها. وسيكون شعار المرحلة الآتية: المنطقة بين فريسة الإرهاب من جهة وإعلان واشنطن اوباما عن فشلها في إحداث اختراق ما في عملية السلام.

* كاتب واعلامي لبناني

=================================

تحولات الأمم في عالم متغير!

الأحد, 31 يناير 2010

السيد يسين *

الحياة

يمكن القول إن القرن العشرين – إذا نظرنا الى بنية النظام العالمي الذي ساده – كان يتسم بالثبات النسبي. ونعني بذلك أن العالم – وخصوصاً بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 – انقسم بوضوح شديد إلى عوالم ثلاثة متمايزة. العالم الأول والذي كان يطلق عليه العالم الحر، وتتصدره الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية الغربية الديموقراطية، والعالم الثاني والذي كان يطلق عليه العالم الاشتراكي، وكان يقوده الاتحاد السوفياتي الذي كانت تدور في فلكه دول أوروبا الشرقية، وتنتمي إليه بعض الدول في آسيا وأبرزها بالقطع الصين ودول متناثرة في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، وأخيراً العالم الثالث الذي يضم خليطاً غير متجانس من الدول النامية.

صاغت الولايات المتحدة الأميركية عقب الحرب العالمية الثانية سياسة الاحتواء لمواجهة المد الشيوعي في العالم، وهي سياسة كانت مثلثة الأبعاد، عسكرية من طريق التحالفات وأبرزها حلف الأطلسي، واقتصادية من طريق مد دول العالم الثالث بالمساعدات حتى لا تتحول إلى الشيوعية، وثقافية بمكافحة الشيوعية ونشر قيم الليبرالية والرأسمالية.

في ظل هذا العالم المقسم إلى ثلاثة عوالم كان هناك ثبات نسبي في أوضاع الأمم وفي مواقع الدول. وكان يسمح لبعض الدول – بحكم حيويتها الفائقة – أن تصعد في سلم التميز الاقتصادي، وهكذا شهدنا بروز المعجزة الاقتصادية الألمانية بعد الحرب، وكذلك المعجزة اليابانية. ولكن تحول هاتين الدولتين إلى عملاقين اقتصاديين لم ينف أنهما في الواقع قزمان في مجال السياسة الدولية! وليس هذا غريباً على كل حال لأن كلتا الدولتين هزمتا في الحرب العالمية الثانية وخضعتا لبرامج إعادة تأهيل سياسي من طريق الولايات المتحدة الأميركية. بمعنى أن نموهما السياسي – عكس انطلاقهما الاقتصادي – كان مقيداً بضوابط أميركية صارمة.

انتهى القرن العشرون بثباته النسبي الذي اختل اختلالاً عميقاً بعد انهيار الاتحاد السوفياتي حوالي العام 1993، وتحول النظام الثنائي القطبية الذي دارت في رحابه أخطر المعارك بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي إلى نظام أحادي القطبية، تهيمن عليه الولايات المتحدة بحكم قوتها العسكرية الفائقة وتميزها الاقتصادي ومبادراتها التكنولوجية وقوتها المعرفية.

غير أن أخطر من هذا كله أن ظاهرة العولمة برزت بروزاً شديداً، وهي عملية تاريخية تعد نتاجاً لتراكمات معرفية واقتصادية متعددة، أبرز أسبابها سيادة الثورة العلمية والتكنولوجية والتي أصبح العلم بموجبها العنصر الأساسي في الإنتاج، إضافة إلى قيام الثورة الاتصالية الكبرى، ونعني البث الفضائي التلفزيوني وأهم من ذلك ظهور شبكة الإنترنت بتداعياتها السياسية والاقتصادية والمعلوماتية والثقافية البالغة العمق.

وترتب على بزوغ عصر العولمة نشوء عالم جديد له ملامح وقسمات تختلف اختلافات جوهرية عن قسمات العالم التي كانت سائدة في القرن العشرين.

وحاولت مراكز أبحاث استراتيجية شتى في مختلف أنحاء العالم استشراف الملامح البارزة لهذا العالم الجديد. وأشرنا من قبل إلى وثيقة العالم للعام 2020 التي أصدرها المجلس القومي للاستخبارات الأميركية، ورسم فيها مشاهد متعددة مستقبلية.

غير أننا لو ألقينا نظرة شاملة على مناهج استشراف مستقبل العالم في القرن الحادي والعشرين لاكتشفنا أنها تقوم على ثلاثة أنماط من القراءات.

القراءة الأولى من منظور العلاقات الدولية، حيث يحاول من خلاله الباحثون استخدام مناهج وأدوات التحليل التقليدية في تحليل التغيرات التي لحقت بنمط توازن القوى. وبعض المحاولات الإبداعية هجر هذه الأدوات التقليدية، وتبنى بعض المنهجيات الحديثة المستقاة أساساً من أدبيات ما بعد الحداثة، لتلقي أضواء غير مسبوقة على مشاكل الأمن القومي. ومن الأمثلة البارزة عليها كتابات لبلوش الفرنسي وكامبل الأميركي.

والقراءة الثانية من منظور التحليل الثقافي الذي يركز على رؤى العالم المتغيرة، وعلى أنماط القيم، وأنواع التواصل بين المجتمعات، وعمليات التفاعل بين الثقافات. ومن الأمثلة البارزة عليها كتابات جاك أتالي الفرنسي وصمويل هنتنغتون الأميركي.

والقراءة الثالثة من منظور فلسفة التاريخ، ومن أبرز الأمثلة عليها كتابات بول كيندي الأميركي البريطاني الأصل، وفرانسيس فوكوياما الأميركي الياباني الأصل.

وعلى رغم الأهمية القصوى للتحليل النقدي لإنتاج الباحثين الذين تبنوا هذه القراءات المختلفة، بكل ما تحفل به من أفكار ثرية، إلا أننا نعتقد أن جهداً أساسياً ينبغي أن يبذل للتعرف الى الملامح الأساسية لخريطة المجتمع العالمي الجديد، قبل الانغماس في مناقشة وتحليل بعض الظواهر السياسية أو الأمنية أو الاقتصادية أو الثقافية.

ويلفت النظر أن أهم مراكز الاستشراف العالمية انتقلت من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا الغربية إلى اليابان، التي أقامت بعض مراكزها الاستراتيجية شراكة علمية مع أبرز هذه المراكز، وبالتالي أصبحت خريطة العالم الجديد التي رسمتها أكثر اكتمالاً، لأنها تضم الرؤى الغربية والنظرات الشرقية على حد سواء.

وتلفت النظر في هذا المجال المنشورات العلمية ل «اللجنة اليابانية لدراسة النظام الكوني ما بعد الحرب الباردة» وقد أصدرت هذه اللجنة كتاباً بالغ الأهمية بعنوان «إعادة بناء نظام كوني جديد: ما بعد إدارة الأزمة». وهذا الكتاب يتضمن في الواقع خريطة معرفية استشرافية للعالم الجديد في عصر العولمة.

وهذه الخريطة المرسومة تقوم على ركائز ثلاث رئيسية:

المؤشرات المتغيرة للمجتمع المعولم، والفواعل المتغيرة في المجتمع العالمي، وبنية المجتمع العالمي.

ونعرض أولاً للمؤشرات المتغيرة للمجتمع الكوني كما حددتها هذه الوثيقة الاستشرافية.

تحدد الوثيقة عشرة متغيرات للمجتمع الكوني تبدأ بانهيار نفوذ الإيديولوجية وسيطرتها على مصائر الأمم. ويقوم هذا المؤشر المهم على أساس أنه بعد الاستقطاب الإيديولوجي الحاد بين الرأسمالية والشيوعية الذي دار طوال القرن العشرين ونهاية الحرب الباردة وبزوغ النظام الدولي الأحادي القطبية يمكن القول إن العقود الماضية شهدت انهياراً سريعاً في التركيز على الإيديولوجية في المجتمع العالمي. وعلى رغم أن أنماطاً متعددة من الليبرالية والعقائد الدينية ستستمر في القيام بأدوار إيديولوجية، إلا أنها لن تكون هي العوامل التصادمية الرئيسية في المجتمع العالمي.

ومن المهم الالتفات إلى أن تقلص نفوذ الإيديولوجية في مجال الصراع العالمي لا علاقة له بالضرورة بالجدل الذي ثار في الستينات حول نهاية الإيديولوجية، وهي الفكرة التي روج لها عالم الاجتماع الأميركي المعروف دانيل بل. وذلك لأنه صاغ هذه النظرية في سياق الصراع الحاد والعنيف بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي، وأراد منها التقليل من المكانة الإيديولوجية للشيوعية، والتي كانت لها تأثيرات بالغة العمق على توجهات عديد من الدول في العالم الثالث. وقامت نظريته على أساس أن العامل الرئيسي في تقدم المجتمعات ليس ضرورياً أن يكون هو الإيديولوجية، وذلك لأن الإبداع التكنولوجي والتفوق الاقتصادي والنظام الليبرالي هي أهم بكثير من العامل الإيديولوجي كما صاغته الشيوعية.

ومن هنا يمكن القول إن هذه الوثيقة الاستشرافية التي نعرض لخطوطها الرئيسية ترصد في الواقع بدقة ما رافق انهيار الإيديولوجية من انهيار للاقتصاديات المخططة، وأدى ذلك إلى تغيرين بنيويين رئيسيين: الأول منهما في مجال نماذج الشرق والغرب، والشمال والجنوب، التي رسمت على أساسها خريطة العالم في القرن العشرين.

وذلك لأن الشرق أصبح – في هذا المنظور الجديد – مجموعة من الأقطار التي تسعى للحصول على رأس المال والتكنولوجيا من دول الغرب. وهكذا أصبح الشرق شبيهاً بالجنوب في سعيه لموارد التمويل العالمية.

ولأن العوامل الاقتصادية في المجتمع العالمي أصبحت لها أهمية متزايدة، فإن المجتمع الكوني سيتشكل من بنية أساسية تضم «الشمال» و «جنوباً» جديداً سيضم «الشرق» القديم. وهذه البنية تغطي مجمل المجتمع العالمي، وتتضمن عملية إعادة بناء وتنمية لما يمكن أن يطلق عليه «الجنوب الجديد». وهذه الشراكة الجديدة بين الشمال والغرب يمكن أن يطلق عليها «الشراكة المعولمة». والتغير البنيوي الثاني سيبدو في ازدياد المكونات التنافسية بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي واليابان. وستكون العلاقة مزيجاً من التنافس والاعتماد الاقتصادي المتبادل في الوقت نفسه. والعلاقة بين هذين المتغيرين البنيويين، ونعني الشراكة الكونية والمنافسة الثلاثية ستتسم إلى حد كبير بكونها «مباراة صفرية»، بمعنى أن مكسب طرف ما هو خسارة للطرف الآخر. وهناك ثلاثة سيناريوهات تشكل هذه العلاقة المعقدة. فقد تحل هذه المنافسة الضارية من خلال حلول سلمية، أو قد تنجم عنها انقسامات تقليدية وثقافية من الشرق والغرب، أو قد يحدث تقارب بين الاتحاد الأوروبي واليابان.

هذه بصورة موجزة مفردات المؤشر الأول المتعلق بانهيار الإيديولوجية وتحولات الأمم في عصر العولمة.

* كاتب مصري

=================================

مؤتمرات أفغانستان وخرائط التحالفات الجديدة

آخر تحديث:الأحد ,31/01/2010

الخليج

محمد السعيد ادريس

أليس انعقاد ثلاثة مؤتمرات إقليمية ودولية من أجل أفغانستان، في غضون أربعة أيام فقط تكفي لتأكيد أن الولايات المتحدة ومعها حلف شمال الأطلسي (الناتو) والدول الأخرى الحليفة في ورطة حقيقية، وأن ما سبق أن سعى إليه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش من أجل خروج مشرف من العراق هو الذي يواجه الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما بعد مرور أقل من شهرين فقط على إعلان استراتيجيته الجديدة من أجل أفغانستان؟

 

السؤال مهم الآن من أجل دراسة مواقف القوى الإقليمية والعربية منها بوجه خاص من المطالب الأمريكية والأطلسية ومطالب الحكومة الأفغانية التي تتراكم أمام هذه الدول، وكأنها المعنية دائماً بدفع أثمان السياسات الأمريكية الخاطئة دائماً وبالذات في الدول العربية والاسلامية .

 

فإضافة إلى مؤتمرات إقليمية ودولية سابقة عقدت من أجل بحث أكفأ السياسات لتحقيق انتصارات ساحقة ضد تنظيم القاعدة وحركة طالبان في أفغانستان تم عقد مؤتمرين في مدينة اسطنبول التركية يوم الاثنين الماضي (25 يناير/كانون الثاني الجاري) بمشاركة الرؤساء الثلاثة لتركيا وباكستان وأفغانستان، والثاني في اليوم التالي مباشرة (26 يناير/كانون الثاني الجاري) وضم الرؤساء الثلاثة وممثلين لدول الجوار الأفغاني وبالتحديد إيران وطاجيكستان وأوزبكستان، وتركمانستان والصين، وبعد يوم واحد أي في يوم الثامن والعشرين من الشهر الجاري عقد في لندن مؤتمر دولي موسع دعت إليه الحكومة البريطانية لمناقشة ما أسمته ب “سبل تحقيق أهداف المجتمع الدولي” في هذا البلد، وكان أحمد داوود أوغلو وزير خارجية تركيا قد أوضح أن الاجتماعين اللذين عقدا في اسطنبول يومي 25 و26 من الشهر الجاري استهدفا إنجاح مؤتمر لندن من خلال تفعيل الآلية الثلاثية (تركيا - افغانستان - باكستان) ومن خلال حل الخلافات بين باكستان وأفغانستان وتوسيع التعاون بينهما .

 

العلاقة بين مؤتمري اسطنبول ومؤتمر لندن كشفها بوضوح اكثر ديفيد ميليباند وزير الخارجية البريطاني على هامش مشاركته في الاجتماع الثاني الموسع يوم 26 يناير/كانون الأول الجاري وعقب لقائه مع وزير الخارجية التركي، عندما قال إن مؤتمر لندن سيركز على مناقشة ثلاثة بنود أساسية هي الأمن والتنمية الاقتصادية والحكومية ومحاربة الفساد، إضافة إلى كيفية قيام جيران افغانستان بدعم الاستقرار في هذا البلد المضطرب . مضمون هذا البند الأخير الذي لم يتحدث عنه الوزير البريطاني بإسهاب يبدو أنه البند الأهم على ضوء السياسة الجديدة التي سعى الرئيس الأفغاني حامد قرضاي لتمريرها في مؤتمر لندن وهي التفاوض مع حركة طالبان وطرح إغراءات مهمة تشمل عروضاً بالمشاركة في الوظائف الحكومية والحصول على الأموال المطلوبة لإعادة تعمير البلاد .

 

قراءة هذه البنود التي تركز على التنمية ومحاربة الفساد والحوار مع حركة طالبان تكشف عن حقيقتين مهمتين، الأولى أن استراتيجية الرئيس الأمريكي باراك أوباما الجديدة الخاصة بأفغانستان، والتي لم يمض شهران على إعلانها قد فشلت تماماً، وإن ما يناقش الآن هو استراتيجية أخرى بديلة، والثانية ان دول الجوار الاقليمي لأفغانستان هي التي عليها أن تتحمل مسؤولية هذه الاستراتيجية الجديدة سواء من ناحية توفير التمويل اللازم لإعادة الإعمار والتنمية في افغانستان، أو من ناحية تحقيق المصالحة الوطنية، واقناع حركة طالبان بوقف الحرب والانخراط في عملية الحكم، وتحمل مسؤولية الإشراف على هذه المصالحة وانجاحها لناحية القيام بدور أساسي في الاشراف على الحكومة وعلى تدريب قوات الأمن ومحاربة الفساد، واقرار حكم ديمقراطي من خلال مشاركة شعبية واسعة وانتخابات نزيهة .

 

لكن، تبقى الحقيقة الأهم هي ان أمريكا ومعها حلف الناتو قد هزما في افغانستان، وان كل ما يحدث الآن هو ترتيب خروج آمن ومشرف للقوات الأمريكية والأطلسية مع ضمانات اقليمية بضبط الاستقرار والأمن في افغانستان، والدليل على ذلك أن كل ما يناقش الآن يختلف تماماً مع ما نصت عليه الاستراتيجية الجديدة للرئيس الأمريكي باراك أوباما الخاصة بأفغانستان .

 

فقد تضمنت هذه الاستراتيجية ثلاثة عناصر أساسية يمكن إجمالها في الآتي:

 

1- إن الولايات المتحدة ستعمل على حرمان القاعدة من التمتع بملجأ آمن في منطقة الحدود الأفغانية الباكستانية .

 

2- إن الولايات المتحدة ستعمل على إيقاف تصاعد قوة ونفوذ حركة طالبان في افغانستان، وذلك عن طريق زيادة القوة العسكرية في أفغانستان بإضافة 30 ألف جندي أمريكي إلى هذه القوات وتحفيز الدول الحليفة إلى زيادة عدد قواتها هي الأخرى في افغانستان .

 

3- خلال فسحة من الزمن التي سيوفرها كسر هجوم طالبان، وفرض التراجع على قواتها، ستقوم الولايات المتحدة بجهد أكبر لتدريب وتجهيز قوات الجيش والأمن الأفغانية من أجل تأهيلها لمواجهة تهديد المسلحين، تمهيداً لبدء سحب القوات الأمريكية من أفغانستان ابتداء من يوليو/تموز 2011 .

 

واضح ان هذه الاستراتيجية كانت تعتمد على الحل العسكري بالدرجة الأولى وكسر قوة حركة طالبان، واخراج تنظيم “القاعدة” من أوكاره في افغانستان والحيلولة دون تمكينه من الحصول على ملاذ آمن في افغانستان، لكن ما يجري البحث فيه الآن هو الحل السياسي والتنموي وعن طريق دول الجوار الاقليمي، أي عن طريق الحل الاقليمي وليس الحل الدولي الأمريكي الأطلسي، ما يعني أن الغرب قد أقر فعلاً بهزيمته فيما يسميه الكاتب البريطاني روبرت فيسك في صحيفة “الاندبندنت” ب “مقبرة الجيوش”، ويقصد افغانستان .

=================================

عام من الخلافات الأمريكية - الصينية

آخر تحديث:الأحد ,31/01/2010

الخليج

إيان بريمر وديفيد جوردون

في عام 2009 أطلقت مجلة “فوربس” على رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما والرئيس الصيني هو جين تاو وصف “أقوى شخصين في العالم” . وفي عام 2010 سوف يتبين لنا أن كلاً منهما ليس لديه القدرة اللازمة لإبقاء العلاقات الأمريكية الصينية على المسار السليم . وهذا نبأ سيئ بالنسبة لهؤلاء الذين يعتقدون أن التعاون الأمريكي الصيني يشكل ضرورة أساسية لإنعاش الاقتصاد العالمي، ومواجهة التحدي المتمثل في تغير المناخ، واحتواء تهديدات الانتشار النووي، والتعامل مع مجموعة من المشاكل التي لا تعرف حدوداً وطنية . وهو أيضاً نبأ سيئ بالنسبة لأمريكا والصين .

 

ولنتأمل هنا الرقم 10 . فمن المحتم أن يحدث تصادم بين مستويات البطالة التي بلغت 10% في أمريكا وبين توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين بنسبة 10%، ولسوف يكون هذا التصادم أشبه بالتصادم بين الجبهات الجوية الباردة والساخنة الذي تتولد عنه العواصف . فالشعوبية الأمريكية سوف تكون في مواجهة التباهي الصيني . والواقع أن المناخ السياسي المحموم الذي خلقته انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة يعني أن العلاقات الثنائية الأكثر أهمية على مستوى العالم تتجه نحو اضطرابات حقيقية في عامنا هذا .

 

أمريكا والصين يعيشان الآن نوعاً من الدمار الاقتصادي المتبادل المؤكد، وكلا الرئيسين يدرك هذه الحقيقة . فالولايات المتحدة تحتاج إلى الصين لتمويل ديونها المتصاعدة، والصين تحتاج إلى الأمريكيين لشراء منتجاتها .

 

والواقع أن الصدمة القصيرة الحادة التي استوعبتها الصين من الأزمة المالية الأخيرة أثبتت أن نموها الاقتصادي ما زال يعتمد على الطلب الاستهلاكي في الولايات المتحدة، وأوروبا، واليابان، وسوف يستمر هذا الوضع على حاله لبعض الوقت . ولا شك في أن قادة الصين يودون لو يتمكنون من تحويل نموذج النمو الصيني نحو الاعتماد بشكل أكبر على الاستهلاك المحلي، ولكن تحقيق هذه الغاية يتطلب مشروعاً طويل الأجل . وهذا يعني أنهم في المستقبل المنظور سوف يعتمدون على المصنّعين المحليين في خلق فرص العمل التي تحمي أهداف التنمية في الصين واحتكار الحزب الشيوعي للسلطة السياسية المحلية .

 

وفي استطلاع أخير أجرته مؤسسة “بيو” أكد 44% من المستجيبين أن الصين هي “القوة الاقتصادية الرائدة على مستوى العالم”، في حين اختار 27% فقط من المستجيبين أمريكا . لا شك في أن تعافي الاقتصاد الأمريكي أمر محتم، ولكن نمو الوظائف يستغرق عادة وقتاً أطول حتى يتعافى . وما دام الناخبون قلقين بشأن محافظهم، فسوف يستمر الديمقراطيون والجمهوريون في التنافس على الدفاع عن العمال الأمريكيين . ومع اقتراب انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني فإن العديد من المشرعين الأمريكيين سوف يطالبون الدولة التي بلغ معدل البطالة بين عمالها 10% بإقناع الدولة التي تحقق نمواً يبلغ 10% بالتوقف عن تطويع القواعد لمصلحتها والتلاعب بقيمة عملتها .

 

والواقع أن القيادة الصينية من جانبها سوف تكون راغبة في التعرف إلى السبب الذي يدفع أنصار السوق الحرة في واشنطن إلى التهديد بفرض تدابير الحماية . فمع تسارع النمو في الصين، وتصاعد الإحباط الأمريكي إزاء اختلال التوازن التجاري، واقتراب موعد الانتخابات، فإن المشرّعين في كل من الحزبين الأمريكيين سوف يهددون باتخاذ إجراءات عقابية ضد الصين فيما يتصل بمجموعة متنوعة من المواضيع .

 

ولقد تحركت إدارة أوباما بالفعل ضد الصادرات الصينية من الإطارات والمواسير الفولاذية، ولكن المواجهة في هذا العام سوف تمتد إلى ما هو أبعد من التجارة . فحين يبدأ الكونجرس بمناقشة تغير المناخ على سبيل المثال، وحين ينادي بعض المشرعين بتطبيق نظام مقايضة الانبعاثات، فإن آخرين سوف يطالبون بمعرفة السبب الذي يحمل أمريكا على قبول تعهدات ملزمة بالحد من الانبعاثات، في حين يرفض الصينيون الالتزام بمثل هذه التعهدات .

 

إن قادة الصين، الذين لا تسمح لهم حالتهم المزاجية بلعب دور كبش الفداء، سوف يستغلون طفرة الكرامة الوطنية المتصاعدة لتعزيز موقفهم في المفاوضات . لقد استثمرت الحكومة الصينية بكثافة في السنوات الأخيرة في الشركات المملوكة للدولة و”الشركات الوطنية” المملوكة للقطاع الخاص، لضمان ربح الصين من قوة الأسواق، في حين تستمر القيادة الصينية في السيطرة على أعظم قدر ممكن من المغانم . ولمساعدة الشركات المحلية الكبرى في زيادة نفوذها في السوق فإن الحكومة كثيراً ما تحابيها على حساب المنافسين الأجانب . ولا شك في أن التصريحات الأمريكية المعادية والتحركات التجارية المعاكسة سوف تعطي قادة الصين العذر لتصعيد هذا التوجه .

 

كما تريد إدارة أوباما من الصين أن تتحمل المزيد من أعباء الزعامة الدولية . وهذا يتضمن مساعدة الولايات المتحدة في الضغط على بلدان مثل إيران والسودان وميانمار، التي ما زالت مستمرة في تحدي إرادة المجتمع الدولي وهي البلدان التي أسست معها الشركات المملوكة للدولة الصينية علاقات تجارية مربحة تخدم المصالح الاقتصادية والسياسية للحكومة الصينية . ولكن قادة الصين الرافضين للتسوية، فيما يتصل بأي قضية قد تقوض أهدافهم المحلية، مستمرون في المقاومة .

 

ولكن من غير المحتمل أن نشهد حرباً تجارية كاملة النطاق . فكلا من الحكومتين تدرك أن المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد في البلدين هائلة، وسوف يستمر أوباما والرئيس هو في العمل بجد في محاولة لإبقاء الأمور على مسار بنّاء . ولكن لن يستطيع أيّ من الرئيسين أن يضمن عدم اتخاذ الاتهامات المتبادلة واللوم لمسار خاص لا يمكن السيطرة عليه .

 

على سبيل المثال، إذا تصدرت عناوين الأنباء في الولايات المتحدة قضية أخرى متعلقة بسلامة المنتجات والواردات الصينية، فقد تتطور الأمور بسرعة من الإحباط إلى الغضب الحقيقي . والواقع أن أغلب الأمريكيين لا يبالون كثيراً بسياسة العملة الصينية أو موقف الصين من حقوق الملكية الفكرية . ولكن إذا هددت المنتجات الصينية صحتهم وسلامتهم فلا شك في أن المشرعين الانتهازيين سوف يكونون على أتم استعداد لتأجيج النيران .

 

كانت الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2008 هي آخر الانتخابات التي تهتم فيها الغالبية الساحقة من الناخبين الأمريكيين بمعرفة موقف المرشحين من الصين . ومن المؤكد أن المسؤولين في بكين، الذين أصبحوا أكثر حساسية إزاء الانتقادات الأمريكية، سوف يبدون استعداداً تاماً لتبادل الاتهامات كما يتبادلون السلع والخدمات أو الأفكار الجيدة . ولهذا السبب فإن “الشعب الأقوى في العالم” سوف يجد صعوبة أكبر في العمل الجماعي في مواجهة أشد تحديات اليوم صعوبة .

إيان بريمر رئيس مجموعة أوراسيا . وديفيد جوردون رئيس قسم البحوث بمجموعة أوراسيا . والمقال ينشر بترتيب مع “بروجيكت سنديكيت

=================================

تدهور العلاقات بين تركيا وإسرائيل

بقلم :ديدييه بيليون

البيان

31-1-2010

تعرف العلاقات بين تركيا وإسرائيل الأزمة تلو الأزمة منذ عدّة أشهر، وكانت الأخيرة منها تشير إلى خلفية الرهانات القائمة اليوم بينهما.

 

من الهام أوّلا وضع العلاقات التركية الإسرائيلية في سياق تطوّرها. ففي عام 1996 وقّع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري، تنصّ على تبادل المعلومات حول التجهيزات ذات التكنولوجيا المتقدمة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والقيام بتدريبات عسكرية مشتركة وإمكانية قيام الطائرات الإسرائيلية بتدريبات في الأجواء التركيّة، وبعض البنود الأخرى التي لم يتم الكشف عنها أبدا.

 

كان ذلك في السياق الذي أعقب التوقيع على اتفاقيات أوسلو عام 1993، التي كانت تندرج في إطار إرادة الرئيس كلينتون إعادة تنظيم العلاقات والتحالفات في الشرق الأوسط. كان الأمر يتعلّق بالنسبة له، بتنظيم أوّل حلقة من شركاء الولايات المتحدة حول تركيا وإسرائيل، ثم الأردن وأخيرا الدولة الفلسطينية المفترضة.

 

كانت الاتفاقية التركية تشكّل إذن المرحلة الأولى من ذلك المشروع، الذي جرّ على تركيا نقدا شديدا من جيرانها العرب وإيران، وبالتالي عزلتها في محيطها الإقليمي. لكن انتخاب جورج دبليو بوش، ثمّ المغامرة العراقية، كان ضربة قاضية للمشروع الذي بدأه بيل كلينتون. هكذا في الأول من شهر مارس/ آذار 2003، رفض البرلمان التركي طلب الرئيس الأميركي بنشر 62 ألفاً من المارينز الأميركيين على الأرض التركية، من أجل الهجوم على العراق من الشمال.

 

والمسؤولون السياسيون الأتراك اعتمدوا على التعبئة الشعبية الكبيرة، ورفضوا مشاركة الولايات المتحدة خياراتها التي فهموا أنها ستهز استقرار الشرق الأوسط. ومنذ ذلك الحين لم تتوقف تركيا عن النظر أولا إلى مصالحها الوطنية الخاصّة، وفي مقدمتها التقارب مع سوريا.

 

وفي مثل ذلك السياق من تدهور العلاقات بين واشنطن وأنقرة، كان من الواضح أن علاقة تركيا مع إسرائيل ستغدو أكثر صعوبة. هكذا في شهر يونيو/ حزيران من عام 2004، وصف رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان السياسة الإسرائيلية في الأراضي المحتلّة بإرهاب الدولة، وبعدها شهدت العلاقات التركية الإسرائيلية سلسلة من الأحداث والمواقف السياسية المتباينة. لكن لم يتم قطع العلاقات، إذ حرص كل طرف على عدم تجاوز الخط الأحمر وصولا إلى القطيعة.

 

في المقابل، شكّل العدوان الإسرائيلي على غزة في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2008، منعطفا حقيقيا وزاد من الشروخ. لم يتأخر أردوغان منذ غداة العدوان، عن وصفه بجريمة حرب ضد الشعب الفلسطيني، ونشط دبلوماسيا حيث زار جميع دول المنطقة باستثناء إسرائيل، لمحاولة الوصول إلى وقف إطلاق النار وإعادة دمج حماس في اللعبة السياسية.

 

وأثناء المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس عام 2008، غادر أردوغان قاعة النقاش الذي تعارض فيه بشدة مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز. وبعد عدّة أشهر ألغى وزير الخارجية التركي زيارة كانت مقررة لإسرائيل، بحجّة عدم السماح له بزيارة قطاع غزّة.

 

ومنذ فترة قصيرة نشبت أزمة جديدة، بعد الإهانة العلنية التي تلقاها سفير تركيا في إسرائيل. لقد استدعاه داني أيالون، نائب وزير الخارجية، بذريعة أن أفكارا مناهضة للساميّة ترددت في فيلم تلفزيوني تركي. وقد تركه ينتظر طويلا، ولم يصافحه، وتوّجه له بالحديث باللغة العبرية التي لا يتقنها، بل وحرص على أن يجلس السفير على كرسي منخفض جدا بالنسبة للكرسي الذي كان يجلس عليه، في مكتب في وزارة الخارجية لم يكن فيه سوى علم إسرائيل. لكن بعد عدّة ساعات من التوتر الشديد، وأمام تهديد أنقرة بسحب سفيرها، قدّم داني أيالون اعتذاره رسميا للسفير وللشعب التركي.

 

سلسلة طويلة من المواقف والأحداث التي تدلّ على التدهور الحقيقي في العلاقات بين تركيا وإسرائيل، وتؤكّد على نتيجتين أساسيتين. الأولى تخص تأكيد المكانة المركزية التي اكتسبتها تركيا حديثا على المسرح الإقليمي، ومن خلال قدرتها على المبادرات السياسية والتقارب مع العديد من الدول العربية ومع إيران، أثبتت أنقرة أن الشراكة مع إسرائيل لم تعد تحظى بالأولوية، وحتى لو لم يتم نقض اتفاق عام 1996 كما تدلّ الزيارة التي قام بها قبل أيام إيهود باراك إلى أنقرة. ثمّ إن إلحاح القادة الأتراك على شجب الوضع الذي دفعت إسرائيل شعب غزّة إليه منذ عام، يبيّن عدم تراجعهم حيال هذا الموضوع، مما جعلهم موضع احترام كبير في العالم العربي.

 

النتيجة الثانية تخص إسرائيل التي برز فيها اتجاهان؛ الاتجاه الذي يجسّده أعضاء حزب العمّال الذين يؤيدون المحافظة على علاقة قوية مع تركيا، كما عبّر وزير التجارة والصناعة بن إليعازر واعتبار أن تركيا يمكن أن تلعب دور الوساطة بين إسرائيل وسوريا. والاتجاه الآخر المعارض للتوجّه الأول، ويجسّده اليمين المتطرف بزعامة وزير الخارجية افيغدور ليبرمان، الذي يعتبر أن تركيا لم تعد مؤهّلة أبدا للعب أي دور لتسهيل الوساطة. بل ويرى الوزراء الأكثر تطرّفا، أن نتنياهو قد ذهب بعيدا حتّى في اقتراحاته الخجولة حيال الفلسطينيين.

 

وفي المحصّلة، يؤكّد الملف الفلسطيني مرّة أخرى مركزيته السياسية في الشرق الأوسط، واهتمام تركيا بهذا الملف يزيد التوتر في علاقاتها مع إسرائيل. والمؤشرات الراهنة تدل على أن هذا التوتر سيستمر، ولكن يصعب التكهن إلى مدى سيصل في المستقبل!

المدير المساعد لمركز العلاقات الدولية والإستراتيجية باريس

=================================

محمود المبحوح .. أول الرصاص وليس آخر الشهداء

ياسر الزعاترة

 الدستور

31-1-2010

منذ أن أخرجوا دولتهم إلى الوجود وحتى الآن ، لا يتوقف الصهاينة عن ملاحقة وقتل كل من تورط في قتل إسرائيليين بشكل مباشر ، بل حتى يهود في أي مكان من العالم ، وقد لاحقوا المتورطين في الإبادة النازية واحدا واحدا ، حتى قتلوهم جميعا.

 

القتل ليس هو النهاية دائما ، إذ هناك الأسر لمن هم في الداخل ، مع العلم أن ذات المعادلة قد تنطبق على الأسرى لاحقا ، والذين سيكون كبارهم برسم القتل فيما لو خرجوا بهذه الطريقة أو تلك.

 

ليست هذه النظرية مقدسة بالطبع ، فليس في عرف الصهاينة مقدس قط ، بما في ذلك النصوص الدينية التي تحمل عنوان المقدس ، وما يعنيهم هو معادلة الأرباح والخسائر ، وهذه المعادلة التي تقول بضرورة استمرار سياسة الردع لا تزال فاعلة إلى الآن ، لا سيما أنها ضُربت غير مرة خلال العقدين الأخيرين ، إذ تمكنت المقاومة ، بخاصة الإسلامية من الإثخان في دولة المحتلين على نحو استثنائي ، بل أشعرتهم بالتهديد الوجودي أكثر من مرة ، فضلا هما حققته من انتصارات صغيرة وكبيرة عليهم ، أكان في لبنان ، أم في فلسطين.

 

للصهاينة مع محمود المبحوح الذين اغتالوه في دبي ثأر وأي ثأر ، فهو ابتداءً كان فاتحة الرصاص الحمساوي الذي نقل الانتفاضة الأولى من الحجارة إلى الرصاص ، الأمر الذي تواصل لاحقا بعد أن أدرك المخلصون أن الحجارة لم تعد عبئا حقيقيا على الاحتلال ، لكن الأهم أنه قاد عمليتين ضربتا معنويات الاحتلال الذي كان في حينه يعربد داخل القطاع والضفة الغربية ، ولم يسبق منذ عقود أن تجرأ أحد في الداخل على اختطاف جنوده ومن ثم قتلهم والاحتفاظ بجثثهم لمبادلتها بأسرى على ذلك النحو.

 

عمليتا اختطاف الجنديين نسيم توليدانو وآفي سبورتاس وقتلهما (اختطف كل منهما على حدة 2 ، 5 )1988 كانتا في ذلك الزمن نقلة نوعية في أداء حماس التي لم يكن قد مضى على إعلان ولادتها كحركة مقاومة سوى بضعة شهور ، لا سيما حين كشفتا بخطأ عابر من دون أن يُلقى القبض على ثلاثة من منفذيها (فروا إلى خارج القطاع بعد شهور من الملاحقة) ، ومنذ ذلك الحين صار محمود المبحوح مطلوبا لسلطات الاحتلال ، وكان بيته أول بيت يهدم في الانتفاضة.

 

اعتقل الرابع (البطل محمد شراتحة) ، وكان أن اعترف تحت التعذيب على الشيخ أحمد ياسين الذي شكل المجموعة بإشرافه الشخصي ، ولذلك حكم كل منهما بمؤبدين ، أما الجثتان ، فقد عثر الاحتلال على إحداهما بالصدفة أثناء البحث ، فيما قامت أجهزة محمد دحلان بالعثور على الثانية وتسليمها في وقت لاحق.

 

أن يصلوا إلى محمود المبحوح في دبي بعد ملاحقة طويلة ، فليس ذلك بالأمر الرهيب ، ففي مثل هذه المدن التي تعج بسائر أنواع البشر ، يمكن للأجهزة الأمنية أن تجند الكثيرين بأثمان بخسة ، ولا ندري ما الذي كان يفعله المبحوح هناك ، والأرجح أن مروره كان ذا صلة بدوره في عمليات تهريب السلاح كما قال الإسرائيليون ، وهو الجانب الذي ربما دفعهم إلى التشدد في ملاحقته ، إضافة إلى القضية القديمة.

 

هذه المحاولة لاغتيال المبحوح ليست الأولى ، ولا يُعتقد أنه تساهل في إجراءاته الأمنية كما يقال ، مع العلم أن مثل هذه الإجراءات ليست عاصمة تماما بالضرورة ، ولو كانت كذلك لما وصلوا إلى عماد مغنية الأكثر حرصا على هذا الصعيد ، والذي استمرت مطاردته ثلاثة عقود.

 

اللافت هنا هو صلف الصهاينة الذي لا يعبئون بأية دولة ، حتى لو كانت من النوع الذي لا يدخل في معارك معهم ، أو كانت من صنف المعتدلين ، فضلا عن المتشددين ، فقد ضربوا في الحالتين وأصابوا الكثير من الأهداف.

 

يمضي محمود المبحوح إلى ربه شهيدا وهو في الخمسين من العمر ، وتلك كرامة ولا أروع ، فهو بدأ مجاهدا ، ولم يتوقف عن العمل حتى لقي ربه.

 

هي جولة يفوز فيها القتلة بصيد ثمين ، لكن الراية تعلو بدماء الشهداء ، وهي لم تنكس بعد أحمد ياسين والرنتيسي وجمال منصور وعياش والآخرين ، ولن تنكس أبدا ما دامت أرحام الأمهات ماضية في إنجاب الأبطال دون توقف.

 

سلام على محمود المبحوح وعلى سائر الشهداء ، ومن سيمضون على دربهم إلى يوم الدين. سلام ، سلام.

التاريخ : 31-01-2010

=================================

غراس نتنياهو واستجلاب المليون يهودي...!

نواف الزرو

 الدستور

31-1-2010

منذ البدايات الاولى لمشروعها الاستعماري في فلسطين ربطت الحركة الصهيونية ما بين ثلاثية الأرض والهجرة اليهودية والاستيطان الاستعماري كمرتكزات استراتيجية في بناء مشروعها ، كما جاء في خطاب لفلاديمير جابوتنسكي الأب الروحي لمعسكر اليمين الإسرائيلي المتشدد حيث أكد أن:"هدف الصهيونية

- الدولة اليهودية

الأسلوب

- الاستعماري الجماعي

 

مساحة الدولة

 

- لا حدود"

 

ولذلك كرست تلك الحركة بمنظماتها ومؤسساتها المختلفة التي أنشأتها من أجل تحقيق الهدف أعلاه ، كافة طاقاتها وإمكاناتها بهدف الاستيلاء على أوسع مساحات ممكنة من الأرض العربية ، وغزوها غزواً جماعياً ، عبر تهجير واستجلاب واستقطاب أكبر عدد من يهود العالم ، وبناء المستعمرات الاستيطانية على امتداد الجسم الفلسطيني.

 

يجدد نتنياهو في هذه الايام مضامين الخطاب الجابوتنسكي عبر ربطه الهجرة بالسيطرة على الارض العربية بالاستعمار الاستيطاني.

 

فخلال الايام القليلة الماضية قام بجولة غرس اشجار في المستعمرات الممتدة من غوش عصيون مرورا بمعاليه ادوميم وصولا الى ارئيل في شمال الضفة معلنا بقاء اسرائيل في هذه الاماكن الفلسطينية الى الابد ، وكان يعلن في الوقت نفسه خلال مشاركته في"مؤتمر الهجرة والاستيعاب" ، "إنه سيعمل على إحضار مليون مهاجر يهودي جديد إلى إسرائيل" ، وإنه يعتزم "إحضارهم من دول أوروبا الشرقية وأثيوبيا والولايات المتحدة وأميركيا اللاتينية وأوروبا الغربية" ، مؤكدا:"إنه يعمل من أجل استيعاب مهاجرين جدد حيث "يجب تحويل دولة إسرائيل إلى دولة عظمى إقليمية اقتصادية ودولة عظمة عالمية تكنولوجيا ، وتعزيز اقتصادها بشكل كبير ويصعب تنفيذ ذلك من دون مهاجرين يهود جدد وكالات - 27 - 1 - 2010".

 

واشار نتنياهو في السياق الى" إن استجلاب المهاجرين الجدد من اليهود بين 1989 - 2009 ، ومن بينهم مليون قادم جديد من دول الاتحاد السوفييتي السابق أنقذوا إسرائيل من النواحي الاقتصادية والأمنية والعلمية والديمغرافية".

 

يستحضر نتنياهو في تصريحاته هذه المرتكزات التي تقوم عليها الصهيونية ودولتها منذ مطلع القرن الماضي ، ليضع الجميع مجددا -لمن يريد ان يرى ويقرأ - امام معادلة "الارض والهجرة والاستيطان والامن" ، ولكن ليشير على نحو واضح بان الهجرة هي القلب النابض لتلك الدولة ، فلولا الهجرة اليهودية ما كانت دولة"اسرائيل" وما كانت المستعمرات منتشرة كالسرطان في الجسم العربي الفلسطيني ، ف"الهجرة مصلحة وجودية لدولة اسرائيل -كما كتب جلعاد شارون نجل رئيس الوزراء ارئيل شارون في يديعوت - 28 1 2010".

 

فالحركة الصهيونية هدفت منذ البدايات إلى حشد الملايين من اليهود في فلسطين لتهويدها بالكامل من جهة ، ولجعلها قاعدة انطلاق للغزو الصهيوني للوطن من جهة ثانية .. أما الدستور الفعلي الذي سار ويسير على نهجه الصهيونيون فقد سجله إعلان استقلال الكيان الصهيوني في الفقرة الخامسة منه ، إذ نص على"أن تظل دولة إسرائيل مفتوحة لهجرة اليهود من جميع البلدان التي انتشر فيها ".

 

ولعلنا نستذكر هنا أقوال مؤسسي الكيان الصهيوني ، فقد قال دافيد بن غوريون أول رئيس للوزراء في ذلك الكيان :"أن الهجرة اليهودية إلى فلسطين هي دم الحياة لإسرائيل ، وضمان أمنها ومستقبلها وجوهر حياتها وروحها"، وأكد بن غوريون نفسه المقولة ذاتها في مكان وزمان آخرين قائلاً :"إن انتصار إسرائيل النهائي سيتحقق عن طريق الهجرة اليهودية المكثفة .. إن بقاء إسرائيل يعتمد فقط على توفر عامل هام واحد وهو الهجرة اليهودية الواسعة إلى إسرائيل" ، أما غولدا مئير ، زعيمة حزب العمل ورئيسة وزراء الكيان الإسرائيلي منذ عام 1969 - 1974 فقالت :"ما نحتاج إليه في الوقت الحاضر أكثر من أي شيء آخر هو الهجرة .. وتوجد أمور كثيرة نحلم بشأنها ، لكن لقلة الرجال وبسبب الحروب المفروضة علينا ، لا نستطيع أن ننجزها إلا إذا أتي المزيد من الرجال"، ومن جهته ، أكد ناحوم غولدمان ، رئيس المؤتمر الصهيوني العالمي سابقاً :"إن مستقبل الصهيونية العالمية يتوقف على سياسة الهجرة اليهودية إلى إسرائيل"، وأضاف أنه"إذا حلت مشكلة الهجرة وهي المشكلة الثانية ، فإنه لن تكون هناك مشكلة أولى وهي مشكلة الأمن ".

 

واصل زعماء الكيان الإسرائيلي وقادته اللاحقون النهج الفكري - العملي ذاته ، فأقاموا مئات المستعمرات اليهودية فوق مئات آلاف الدونمات العربية المصادرة في الأراضي المحتلة ، واستقدموا مئات آلاف المهاجرين والمهجرين اليهود من أجل توطينهم فيها ، وقد استمرت هذه النشاطات الصهيونية في الأراضي المحتلة عام 1967 ، وكذلك في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948 ( في الجليل والنقب ) ، كما استمرت إلى جانبها في الوقت ذاته النشاطات والمساعي الصهيونية العالمية مستندة إلى الاحتضان والدعم الأمريكي الكاملين ، والرامية إلى إجبار الاتحاد السوفيتي على فتح أبواب حركة الهجرة والتهجير أمام"اليهود السوفيت".

 

وفي أعقاب رفع القيود السوفيتية عن حركة الهجرة والتهجير اليهودية ، أعلن شامير خلال جولة له في ريشون لتصيون في سياق رده على سؤال حول إمكانية استيعاب القادمين الجدد :"سوف نستوعب الجميع ، ومن سيأتي سيستوعب من يأتي بعده ، فهكذا تم بناء إسرائيل" ، وكان شامير قد أعلن قبل ذلك بيومين عبارته المشهورة التي تسببت بردود الفعل العربية والدولية الشاجبة التي قال فيها :"إن هجرة كبيرة تحتاج إلى إسرائيل قوية وكبيرة"، وقد ربط شامير ، في عبارته هذه بوضوح بين حركة الهجرة والتهجير واستيعاب القادمين الجدد في الأراضي المحتلة عام 1967 ، ثم عاد شامير وأكد على موقفه وسياسته المذكورة فصرح خلال جولة له في حي"نبي يعقوب في القدس"قائلاً :"إننا نحتاج إلى شعب إسرائيلي كبير وقوي .. وإلى دولة كبيرة وقوية"، ثم اتبع هذا التصريح بتصريح آخر أدلى به في مؤتمر صحفي قال فيه :"نستطيع أن نكون شعباً عظيماً ، والمهاجرين الذين يأتون اليوم لا يأتون إلى دولة فلسطينية ، أنهم يأتون إلى دولة يهودية ، ويجب أن نتذكر ذلك ، ولا يوجد أحد هنا يريد أن يرى دولة فلسطينية في أي جزء من أرض إسرائيل ، فهذه الدولة الصغيرة يجب أن نحافظ عليها ، وأن لا نتنازل عنها ، إذ لا يمكن تقسيمها من جديد"، وفي منتصف شهر شباط 1990 تقريباً عاد شامير ليوضح بما لا يدع مجالاً لأي شك ، إذ قال أمام الكنيست :"إن أرض إسرائيل ليست كعكة يمكن تقطيعها إلى أجزاء .. إن إسرائيل تشهد الآن وقتاً عظيماً وأياماً عظيمة ، ويجب أن نكون مستعدين لاستقبال إخواننا واستيعابهم بأذرع وبود وحب .. هناك فقط بلاد واحدة ، هي وطن الشعب اليهودي ، أرض التوراة والأنبياء ، إنها حلم الشعب اليهودي منذ أجيال عديدة .. لذا فإن من حق كل يهودي مهاجر أن يختار مكان إقامته حسب رغبته ".

 

وكان رعنان فايس رئيس شعبة الاستيطان في الوكالة اليهودية سابقا ، قد كثف أهمية المستعمرات الاستيطانية في الفكر الصهيوني بتأكيده :"أن مخططي الاستيطان الصهيوني خلال الستين عاماً المنصرمة عملوا على أساس أن حدود المستقبل للدولة اليهودية ، يجب أن تعين من خلال أنظمة من المستوطنات السكانية تبدأ كنقاط استيطانية ، وتأخذ بالتوسع لأكبر مساحة ممكنة من الأرض".

هكذا بدأت الصهيونية استنادا الى هذه الفلسفة الاستعمارية ، وهكذا واصلها قادة تلك الدولة على مدى القرن الماضي ، وهكذا يعلنها ويجددها نتنياهو في هذه الايام عبر غراسه في غوش عصيون ومعاليه ادوميم وارئيل وقبلها بشهور في الجولان المحتل..،

والفلسطينيون والعرب يراوحون في متاهات المفاوضات والسلام - المستحيل - ...؟،

nawafzaru@yahoo.com

=================================

درس لأوباما

إي جيه ديون

الشرق الاوسط

31-1-2010

في يونيو (حزيران) 2008، قبل تعالي دوي الانهيارات الاقتصادية ببضعة شهور، سألت اثنين من الرأسماليين الأذكياء، تصادف أنهما كانا من أعضاء الحزب الجمهوري، بشأن مستقبل الاقتصاد الأميركي الذي بدا متقلقلا.

وعلى خلاف التوقعات التقليدية التي كانت سائدة آنذاك، طرح أحدهما توقعا مظلما على درجة كبيرة من الدقة، حيث استفاض في شرح أسباب اعتقاده أن المصارف ستتداعى وستنهار الاستثمارات، وأن الحكومة الفيدرالية ستضطر إلى إنفاق «300 مليار دولار على الأقل» لتقديم إعانات لإنقاذ المؤسسات المالية. وأنصت الخبير المالي الآخر بحرص، ثم احتسى رشفة من شرابه وابتسم قائلا «ذلك سيبدو توقيتا رائعا للديمقراطيين كي يسيطروا على السلطة».

ولم يأت هذا القول لإعجابه بسياسات الحزب الديمقراطي، وإنما لمجرد رغبته في تحميل الطرف الآخر المسؤولية عندما تبدأ الأوضاع في الانهيار. وأشك في أن صديقي يراوده القدر نفسه من الدهشة الذي يراود آخرين حيال المصاعب التي واجهت الديمقراطيين في الانتخابات الخاصة المتعلقة بمجلس الشيوخ في ماساشوستس أخيرا. وكثيرا ما طرأ هذا التبادل للأدوار على ذهني وأنا أشاهد أوباما والديمقراطيين يناضلون في مواجهة المزاج المشاكس الذي يتسم به الأميركيون بوجه عام حاليا، وهو أمر يمكن تفهم أسبابه. ورغم أن التراجع الاقتصادي بدأ في عهد الرئيس بوش، فإن الحزب الموجود في السلطة هو الذي يعاني من التداعيات عندما تزداد الأمور سوءا على نحو ملموس.

وراء الكثير من التحليلات السياسية الدائرة حول المواجهة الانتخابية في ماساشوستس التي انتهت بفوز الجمهوريين، يكمن نقاش حول أسباب انحسار شعبية أوباما من الذروة التي كانت بلغتها في الربيع الماضي.

في المقابل، يرد أنصار أوباما بأن معدلات تأييده تعد صحية تماما في ضوء معدل البطالة الذي يتجاوز 10% والانهيار غير المسبوق للثروات الشخصية.

ويرى أبناء هذا الفريق أن تركيز المحافظين على الآيديولوجية يشكل محاولة من جانبهم لانتهاز الفرص وتشتيت الانتباه بعيدا عن الأخطاء التي شهدتها سنوات بوش في الرئاسة والدور الذي قامت به السياسات المحافظة في الوصول بنا إلى ما نحن عليه الآن. في الواقع إن الإشارة إلى الآيديولوجية بدلا من الظروف الاقتصادية في تفسير نتائج الاستطلاعات أشبه بتحليل أسباب الحرب الأهلية دونما إشارة إلى العبودية أو صعود «الاتفاق الجديد» من دون ذكر «الكساد الكبير».

من غير المثير للدهشة أنني أميل باتجاه المجموعة الثانية من التفسيرات، وآمل أن يتحلى أصدقائي المحافظون بالقدر نفسه من الصدق الذي أبداه الرأسمالي الجمهوري في اعترافه بأن تولي الرئاسة في الحقب السيئة يضر بالحزب الذي يتولى القيادة. لكن ينبغي أن يشكل نجاح الخطاب المحافظ مصدر قلق لليبراليين وإدارة أوباما. ورغم أن الكثير من الأميركيين يدركون أن الكارثة الاقتصادية التي حلت بنا بدأت فصولها قبل تولي أوباما الرئاسة، فإن الكثيرين يشعرون بالضيق، خاصة ذوي التوجهات السياسية المستقلة، حيال إنفاق الحكومة مثل هذه الأموال الضخمة وعدم تحسن الأمور بالسرعة التي كانوا يأملونها.

من المثير للانتباه أيضا أن غالبية المحافظين، عبر أسلوب يمكن وصفه بوقاحة الوقاحة، تصرفوا وكأنه لا شيء يعيب مطلقا نظرياتهم الاقتصادية. ويتحدثون ويتصرفون وكأنهم لا شأن لهم مطلقا بالعجوزات الضخمة التي يتحسرون عليها الآن، ويزعمون أنه يمكن إنقاذ كل شيء إذا ما عاودنا تطبيق السياسات ذاتها التي علينا الآن إسقاطها من حساباتنا.

أما الاستثناءات القليلة لهذه القاعدة، أمثال بروس بارليت وريتشارد بوسنر، اللذين تميزا بالشجاعة الكافية لتأليف كتابين أعربا خلالهما عن أفكارهما المنشقة، فيجدون أنفسهم معزولين عن الحركة المحافظة. إلا أن الحقيقة التي يتعين على الليبراليين وأوباما التعامل معها أنهم فشلوا حتى الآن في سبر أغوار الخطاب اليميني، خاصة أمام أعين المعتدلين والمستقلين الذين لا يبدون ميلا قويا لأي من جانبي هذا الصراع.

من ناحيتهم، يعزي أنصار الرئيس أنفسهم بأن نسبة تأييد أوباما في استطلاعات الرأي ستتحسن مع تحسن الظروف الاقتصادية، الأمر الذي يعد نمطا من الخنوع الثقافي. يذكر أن مستوى تأييد رونالد ريغان تراجع خلال فترة انحسار اقتصادي أيضا. لكن حتى في حالة التراجع، عمد ريغان إلى إرساء أسس نقد الليبرالية على نحو ترك أصداءه لفترة طويلة بعد رحيله عن منصبه.

ولن تصل العناصر التقدمية إلى المكانة البارزة التي تأملها داخل الولايات المتحدة إلا إذا عمدت إلى طرح نقدها للتوجهات المحافظة، الأمر الذي تجلت أهميته في التنافس الانتخابي الذي كان دائرا أخيرا في ماساشوستس.

* خدمة «واشنطن بوست»

=================================

على ذمة الوضع الراهن:الاستثمار الجائر للموارد المائية وراء تدهورها وتسجيل زيادة في العجوزات المائية

دمشق

صحيفة تشرين

اقتصاد

الأحد 31 كانون الثاني 2010

سامي عيسى

قطاع الموارد المائية لا يقل أهمية عن القطاعات الأخرى التي قامت هيئة تخطيط الدولة بتحليل الواقع الراهن لها وفق المنظور الذي اعتمدته في عملية التحليل والنتائج المتوخاة منها إذ تعتبر الموارد المائية من أهم الموارد الطبيعية في سورية لا من حيث أهميتها الحياتية فقط بل من حيث دورها في الاقتصاد الذي تشكل الزراعة المروية عموده الفقري. وما يزيد في أهمية تلك الموارد أن سورية تعتبر بلدا جافا وشبه جاف يتصف بندرة موارده المائية عموما وبعدم تجانس توزعها المكاني بدليل أن الأراضي غير القابلة للزراعة تشكل نسبتها 68% أي بحدود 12.5 ألف هكتار.

والأراضي القابلة للزراعة 5587 ألف هكتار نسبتها 32% والأراضي المروية 1502 ألف هكتار أيضا نسبتها 27% والمزروعة بعلا 4085 ألف هكتار وتشكل نسبتها 73%. ‏

أما مجمل الموارد المائية المتجددة في سورية تصل بحدها الأعلى إلى 18.209 مليار م3/سنة وسطياً. تتوزع على الشكل التالي: 90% للري و8% للأغراض المنزلية و2% صناعة – تجارة – سياحة. وسيبقى قطاع الري مهيمنا على الطلب المائي في سورية حيث تؤكد السياسات الزراعية على ضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي. ‏

حسب المصدر ‏

وحسب المصدر الذي اعتمدت عليه الهيئة في عملية التحليل فان إجمالي الموارد المائية التقليدية باعتماد سنوات التحليل (2006 - 2007) نجد أن الموارد المائية الجوفية المتاحة تقدر بنحو4812 مليون متر مكعب وبنسبة 36% والموارد المائية السطحية المتاحة تقدر بكمية 8744 مليون متر مكعب وبنسبة 64% بحيث يصبح إجمالي الموارد المائية المتاحة 13556 مليون متر مكعب وبنسبة 100%. ‏

المشكلات الرئيسية للموارد المائية ‏

وبهذا الإطار يمكن تحديد المشكلات والضغوطات البيئية التي تعاني منها الموارد المائية في أمرين اثنين: ‏

- الأول: يكمن في العجز حيث أشار تقرير الزراعة والري المعد للخطة الخمسية العاشرة إلى وجود عجز مائي وسطي قدره 1727مليون م3 سنوياً, ووصل إلى 3125 مليون م3 حالياً. ‏

- والثاني استنزاف الموارد المائية: حيث تتعرض الموارد المائية عموماً والجوفية المتجددة خصوصاً والتي تصل إلى 6 مليارات م3/سنة إلى استثمار جائر وضخ غير مرخص لاستخدامها في الري تجلى في هبوط مناسيبها بمقادير كبيرة في أغلبية الأحواض المائية وفي جفاف بعض الينابيع (ينابيع سهل دمشق مثل قلايا ورأس العين)، وفي تدني تصاريف ينابيع أخرى مثل: (ينابيع مزيريب في حوض اليرموك). ‏

وتجدر الإشارة إلى أن الاستمرار في السحب غير المرشد من المياه الجوفية لأغراض الري، سيؤثر سلباً على تأمين المياه لأغراض الشرب والاستعمالات الأهلية والصناعة. ‏

وسيبقى قطاع الري مهيمناً على الطلب المائي في سورية حيث تؤكد السياسات الزراعية على ضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي. ومع تسليمنا بالانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية الايجابية لمثل زيادات كهذه إلا أنه لابد من التنويه بمنعكساتها السلبية بيئياً ومائياً إذا ما استمر واقع إدارة الموارد المائية على حاله وبين التحليل أن: ‏

16% من الموارد المائية تفقد بالتبخر بسبب الحرارة العالية وطول فصل الصيف الجاف. ‏

11% من الموارد المائية احتياجات مياه الشرب نتيجة الزيادة في عدد السكان. ‏

4% من الموارد المائية احتياجات الصناعة بسبب زيادة المشروعات والمدن الصناعية ‏

94% احتياجات الري الزراعي ‏

- وجود عجز مائي في جميع الأحواض وبنسب تختلف حسب كل حوض باستثناء حوض الساحل الذي يحوي فائض يصل إلى 48% يذهب هدراً إلى البحر. ‏

- 26% متوسط العجز المائي الإجمالي الذي يقع بالكامل على عاتق احتياجات الري الزراعي. ‏

عيوب مسلم بها ‏

وهذا يعود لسبب الاعتماد الكلي على طرق الري السطحي (التقليدي) الذي تصدر عنه عيوب كثيرة في مقدمتها: ‏

الإدارة غير الرشيدة للمياه واستنزاف جائر وهدر كبير للمياه وكذلك انخفاض كبير في كفاءة الري وضياع 50% من الماء المضاف إضافة إلى تعرية التربة وانجرافها واستخدام آلات ذات كفاءة اقتصادية منخفضة والكثير من الجهد – وقت طويل لانجاز العمل – تكلفة اكبر – تخريب للتربة وصعوبة تطبيق المكننة الزراعية والاعتماد على الجهد اليدوي وتملح التربة بعد الري إضافة إلى نضوب الينابيع والآبار والمياه السطحية وحدوث التكهفات والانهيارات الأرضية المتكررة بسبب الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية والانهيارات الأرضية وانخفاض منسوب المياه الجوفية وكذلك جفاف مجاري المياه. أمام هذا العجز المائي والهدر الكبير للثروة المائية التي تعتبر منطلق ومستقر الأمن الغذائي والاقتصادي والاجتماعي لابد ولا مفر من الإسراع في التحول من طرق الري التقليدي إلى طرائق الري الحديث والتي من أهمها: الري السطحي المتطور والري بالرذاذ والري بالتنقيط خاصة في ظل القوانين والتشريعات المائية التي تتجه إلى تطبيق السياسات والإجراءات الصارمة على الزراعات المروية. ‏

التفاوت بين المسطحات ‏

وتشير الحالة الراهنة إلى تدهور كمي لعديد من الأنهار إلى درجة جفاف بعضها موسميا (بردى، الخابور، الأعوج ومعظم الأنهار الساحلية وغيرها)، كما تتحول أسرة بعضها إلى مصارف للمخلفات السائلة والصلبة والصرف الصحي كما في طرطوس حيث يوجد 350 مصب صرف صحي تجري في السواقي والوديان والأنهار. ‏

التلوث أهم مخاطرها ‏

أيضا فيما يتعلق بالتلوث فإننا نجد أن تلوث الموارد المائية السطحية والجوفية يؤدي طرح مياه الصرف الصحي والصناعي غير المعالج إلى الأراضي والمسطحات المائية إلى تدهور البيئة المائية للأنهار والبحيرات والمياه الجوفية كالتلوث بمياه الصرف الصحي – التلوث بمياه الصرف الصناعي والزراعي. وحسب تقرير الهيئة يمكن ذكر العديد من الأسباب في مقدمتها: ‏

- غياب سياسة مائية واضحة موجهة نحو أهداف الإدارة المستدامة للموارد المائية مؤيدة بصك تشريعي مناسب. ‏

- ضعف الإطار المؤسساتي الحالي لقطاع المياه وتعدد الجهات الوصائية والازدواجية الإدارية. ‏

- ضعف تطبيق التشريعات المتعلقة بضبط استنزاف وتلوث المصادر المائية المتعددة. ‏

- ضعف انظمه المراقبة لكمية ونوعية المياه على المستوى الوطني. ‏

مؤثرات سلبية ‏

أيضا ضعف دور المستفيدين في التخطيط والمشاركة في إدارة الموارد المائية وقد ولَّدَ هذا الأمر تأثيرات سلبية عديدة نذكر منها على سبيل المثال: ‏

1- انخفاض مناسيب المياه الجوفية في العديد من مناطق القطر وجفاف بعض الينابيع والآبار. 2- تدهور نوعية المياه السطحية الجوفية. ‏

- الرسوم المحصلة من المزارعين لقاء مياه الري لا تشكل أي حافز لهم للمحافظة على المياه ورسوم المياه ثابتة بحسب وحدة المساحة بغض النظر عن مستوى الاستهلاك وهناك نقص في المراقبة الملائمة لاستعمال المياه. ‏

- تشريع قانوني لفوترة سعر الري مع نظام يعتمد على كمية المياه (اكواستات 2008) قد يمكن الحل في إصلاح في سياسة التسعير التي تربط رسوم المياه بمستوى الاستهلاك وتوافرها الموسمي. ‏

- إن تحسن إنتاجية المياه وخصوصا في حقول القطن المروية بتسريع الاستبدال التقني(أنظمة الري بالتنقيط مثلا). وفي النهاية نأمل من الجهات الحكومية والمعنية العمل على الاستفادة الكاملة من الموارد المائية المتاحة وذلك خدمة لاقتصادنا الوطني وانعكاس ذلك على المستوى المعاشي للمواطن واستثمار ذلك في الاتجاهات الصحيحة لتنفيذ قضايا التنمية في كل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية. ‏

==========================

فرانسيس فوكوياما:

أوباما أخطأ في فهم معاني انتخابه

المستقبل - الاحد 31 كانون الثاني 2010

العدد 3554 - نوافذ - صفحة 16

عام على انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة. والمحللون ينقدون ويقيّمون. فرانسيس فوكوياما، صاحب نظرية "نهاية التاريخ والرجل الأخير" يدلي برأيه في أداء أوباما ("الفيغارو" الفرنسية 20 كانون الثاني 2010). وهنا اهم ما ورد في الحوار:

- "الفيغارو": ما هو تقويمك للسنة الاولى من رئاسة أوباما لأميركا؟

- فوكوياما: من المؤكد ان أوباما أخطأ في فهم معانى انتخابه. الغالبية العظمى التي جمعها حوله عام 2008 اقترعت اقتراعا سلبيا ضد سياسة جورج بوش، أكثر مما ارادت تحريك السياسة الاميركية نحو اليسار، كما حصل في انتخاب روزفلت. العديد من المقترعين المستقلين والوسطيين والجمهوريين الذين كانوا يصوتون عادة للجمهوريين، أعطوه صوتهم. والحال ان أوباما أطلق مباشرة بعد انتخابه اصلاحات اجتماعية طموحة. "خطة اعادة الانطلاق"، انقاذ قطاع صناعة السيارات، ثم ورشة الصحة؛ كل هذه المبادرات دفعت الناس الى الاستنتاج بأن اوباما لا يمارس السياسة "المتحررة من الحزبية" التي وعد بها المواطنين. ولهذا السبب يلاقي اوباما، وبسرعة فائقة، كل هذا الرفض.

- "الفيغارو": مع ان العديد من المحلّلين لاحظوا أثناء الحملة الانتخابية رغبة عارمة بالتغيير تنتاب المجتمع الاميركي. فيما تقول بأن نفس هذا المجتمع ليس مهيئا لتغيرات كبرى.

- فوكوياما: نعم هذا ما اعتقده. الشباب لم يصوّت بنفس الزخم الذي قيل عنه. الواقع ان الكتلة التصويتية الأكبر لأوباما أتت من الوسط... ولكن ربما هذا الخطا في التقدير سوف يسمح لبلادنا ان تجري تغيرات اساسية. اذا استطاع الرئيس ان ينتزع مشروع الاصلاح الصحي من الكونغرس، يكون قد اكمل المهمة الأكبر. وسوف يدرك الناس ساعتئذ الفوائد الناجمة عن هذا الاصلاح ووهمية مخاوفهم. (...)

- "الفيغارو": ما الذي أنجزه أوباما في السياسة الخارجية؟

- فوكوياما: أنجزَ أسهل ما يمكن انجازه: غيّر لهجة الديبلوماسية الاميركية، وبيّن ان اميركا لا تعتمد فقط على قواها العسكرية. انفتح على طهران وكوريا الشمالية، وكان متوقعا ان لا ينجح هذا الانفتاح كثيراً. ولكن هذا سيسمح له بالعودة الى سياسة أكثر قسوة. لا نستطيع التكلّم الآن عن نجاح أو فشل. السياسة الافغانية كان يمكن ان تكون أكثر حذرا، ولكنها ليست خالية من التعقّل. شخصيا لستُ مع سحب القوات الاميركية من افغانستان، ولكنني لستُ متأكدا من جدوى زيادة القوات فيها (...). أمامنا الآن ثمانية عشر شهرا لترك افغانستان. فإذا ما تبيّن الفشل، علينا الرحيل منها.

- "الفيغارو": هل تكون افغانستان الفخ الذي سيسقط الرئاسة؟

- فوكوياما: ليس في المدى القصير. خطر الفشل موجود بالأحرى في العراق وباكستان. خطر نشوب حرب في الخليج وارد، لأنه من المحتمل ان يتخطّى الايرانيون ما يعتبره الاسرائيليون خطاً أحمر. وعمل عسكري اسرائيلي وارد جدا.

- "الفيغارو": ألا يملك الاميركيون القدرة على ردع اسرائيل عن ضرب ايران؟

- فوكوياما: ليس لدى ادارة أوباما أية مصلحة في اندلاع حرب مع ايران. ولكنني لا أعتقد بانها تملك القدرة او الارادة لإيقاف اسرائيل. هذه الادارة ستكتفي فقط بالحد من الخسائر. والحال ان الملف الكوري الشمالي يدل على حدود المبادرات الديبلوماسية. اذا قررت طهران متابعة برنامجها النووي، سيكون صعبا علينا ادارة نتائجها العسكرية (...).

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ