ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 21/01/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


مقامرة اوباما القادمة

شموئيل روزنر

20/01/2010

القدس العربي

 علمت أمريكا في الاسبوع الماضي بتفصيلات مكالمة هاتفية متوترة بين الرئيس السابق بيل كلينتون والسيناتور تيد كنيدي من ماساتشوسيتس والذي مات قبل بضعة أشهر.

نضج كلينتون في غضبه على باراك أوباما، الذي أتى من لا مكان وسلب هيلاري كلينتون المنصب الذي كانت واثقة من أنه موجود في جيبها وهو رئيسة الولايات المتحدة. هاتف كنيدي، وهو أقدم سيناتور من الحزب الديمقراطي في تلك الأيام. قال له قبل بضع سنين 'هذا الفتى' أي أوباما 'كان يقدم لنا القهوة'. تزعزع كنيدي. اعتقد ان هذه ملاحظة عنصرية. أصبح آخر الامر أبرز مؤيد لأوباما في حملته الانتخابية. علم الناخبون بهذه المكالمة الهاتفية، التي كان لها دور مهم في صوغ موقف كنيدي، الان فقط، من الكتاب الساحر الفاضح 'جيم تشاينغ'، الذي يصف الحملة الانتخابية في سنة 2008، والذي نشر في الاسبوع الماضي.

هذه مكالمة من المثير على نحو خاص تذكرها هذا الاسبوع، ازاء تطورين يشغلان جدول العمل الامريكي. في نهاية الاسبوع طلب أوباما من كلينتون لا من وزيرة الخارجية هيلاري فقط بل من الرئيس السابق بيل ان يترأس جهود مساعدة هاييتي. وليس وحده بل مع الرئيس السابق جورج دبليو بوش. وبهذا أعاد أوباما كلينتون الى تجربة سابقة. بعد التسونامي في اندونيسيا ايضا انضم كلينتون الى بوش كان آنذاك بوش الأب لان الابن كان الرئيس المتولي للرئاسة لتدبير حملة الانقاذ. ان المساعدة الانسانية هي من نوع التحديات التي يسهل بها عرض مشهد فوق حزبي امريكي عام. يحظى أوباما وبحق لهذا الاجراء بنقط استحقاق، ويبرهن على أنه قادر على أن يضع علاقاته المعقدة لكلينتون في الجانب الذي يجب وضعها فيه.

بيد أنه الى جانب الحدث المأساوي في هاييتي، سينظر الامريكيون غدا الى الشمال ايضا، الى ما يحدث في ولاية ماساتشوسيتس، الى حدث سياسي غير طائل في ظاهر الامر، أصبح امتحانا مهما للادارة. فغدا سيقرر ناخبو الولاية الليبرالية في امريكا من يحل محل السيناتور الراحل كنيدي. وتقول استطلاعات الرأي ان هذه الانتخابات متقاربة جدا. انها متقاربة على نحو محرج للحزب الديمقراطي الذي يفترض ان يفوز في ماساتشوسيتس من غير ان يعرق. وهي متقاربة الى حد ان أوباما قرر بذل جهد شخصي في مساعدة المرشحة الديمقراطية، مارتا كوكلي. وهي متقاربة الى حد أنه يمكن ان يحل محل الاسد الديمقراطي كنيدي، وهو ابن العائلة النبيلة الحزبية، وأكبر مؤيد لاوباما، والذي حارب حربا نقية من أجل جدول عمل ليبرالي في مجلس الشيوخ، المرشح الجمهوري. 'مقامرة خطرة'، هكذا يسمي المحللون تدخل أوباما. اذا فاز المرشح الجمهوري سكوت براون، واذا خسرت كوكلي فلن يستطيع أوباما التهرب. ستكون هذه خسارة له، سياسية وشخصية.

قامر أوباما وخسر في الماضي في ظروف 'خطرة' كهذه. مثلا عندما حاول ان يأتي بالالعاب الاولمبية الى شيكاغو. في الحقيقة أنه قوي الحضور وذكي، وقد نجح في فعل ما لا يصدق عندما انتخب، واعتقد انه يملك مزايا تتفوق على مزايا من سبقوه في المنصب. لكن أوباما بعد سنة يدعو كلينتون وبوش ليساعداه. وهو يقف دهشا كالجميع، ازاء قدرة الطبيعة على افتراس جدول العمل الذي خطط له وعلى أن تحدد له مهمات لم يقصدها. وهو يضطر الى أن يواجه الناخبين مرة اخرى، وذاكرتهم قصيرة وقد ضاقوا ذرعا. هذا درس مهم في التواضع لزعيم ليس التواضع جانبه الاقوى.

سافر وعاد وخسر. بيد أنه ستكون للخسارة هذه المرة آثار أبعد مدى. اذا فاز براون فان الديمقراطيين سيخسرون السيناتور الستين الضروري لهم لضمان اتمام سن قانون الاصلاح للجهاز الصحي. وقد يستطيعون اتمامه لكن سيحتاج الى حيل سياسية قبيحة لفعل ذلك. ولن يحبنا الجمهور الامريكي الذي أصبح يعبر عن رأيه المقاوم للاصلاح. وهذا سيزيد احتمال أن يتلقى الديمقراطيون في انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 لمجلس النواب، ضربة شديدة مؤلمة جدا. ضربة ستجعل من الصعب على الادارة أن تحقق جدول عمل طموحا.

معاريف 19/1/2010

=======================

تحديات الأزمة التركية

المستقبل - الاربعاء 20 كانون الثاني 2010

العدد 3543 - رأي و فكر - صفحة 19

ايتمار رابينوفيتش

( شغل سابقا منصب سفير إسرائيل في واشنطن ورئيس الوفد الإسرائيلي للمفاوضات مع سوريا أيام حكومة اسحاق رابين، ورئيس جامعة تل أبيب)

مع نهاية ميلودراما الإهانات والاعتذارات في العلاقات الإسرائيلية-التركية، يتعين على إسرائيل التصدي بجدية لواحد من التحديات المهمة لأمنها القومي. المطلوب الآن إجراء تقدير غير عادي، على أن يشمل قبل كل شيء تجند رئيس الحكومة لإدارة الأزمة.

فالأزمة في العلاقات بين تركيا وإسرائيل تمس أيضا منظومة القوى في المنطقة كلها. فقبل عقد تقريبا كانت تركيا حليفة للولايات المتحدة وأقامت مع إسرائيل منظومة علاقات متنوعة وشاملة. وفي السنوات الأخيرة انزلقت تركيا باتجاه إيران وسوريا، وابتعدت عن الولايات المتحدة وتحولت إلى منتقد لاذع لإسرائيل. وإذا استمر هذا الميل، فستتحول تركيا إلى ضلع مهم في مثلث إيران-تركيا-سوريا، الذي سيتحول إلى عنصر مركزي في السياسة الشرق أوسطية، على حساب واشنطن، إسرائيل والدول العربية المعتدلة.

ينبع التحول في السياسة الخارجية (والداخلية) التركية من التطورات التي تواجه الجهات الخارجية، ومن بينها إسرائيل، امكانية التأثير على معظمها. فانتهاء الحرب الباردة قضى على الارتباط بواشنطن كحامية في وجه الاتحاد السوفياتي، كما أن رفض أوروبا العملي باستيعاب تركيا أضعف القوى الموجودة في تركيا التي ترفع راية التوجه العلماني، العصري والغربي، والأهم من كل شيء هو أن الحزب الاسلامي، الذي بدأ كحزب معتدل، ينزع عنه تدريجيا ثوب الاعتدال، ويسيطر على مراكز القوة في الدولة ويجرها إلى سياسة إسلامية. في المقابل، الأحزاب العلمانية ضعيفة، والجيش مشلول جراء المعادلة التالية: السيطرة على السلطة بواسطة انقلاب عسكري، كما حصل في الماضي، سيسقط الحكومة لكنه سيسد الطريق امام تحقيق الحلم الأوروبي للمعسكر العلماني العصري الذي يمثله الجيش. وفي هذه الأثناء، تقوم حكومة أردوغان بتصفية منهجية لبؤر المعارضة.

هذا الأسلوب في العمل يمكن تلمسه أيضا في العلاقات مع إسرائيل: ابتعاد مصحوب بخطاب يبعث على التهدئة، وبعد ذلك عمليات وخطاب معاديين. قضية الوساطة بين إسرائيل وسوريا غطت على هذه العملية لكنها انتهت بانفجار.

لا تستطيع إسرائيل فعل الكثير في ضوء هذا التوجه. فالمصادر التي اثمرت تعاونا بين الدول اختفت في معظمها. فالاتحاد السوفياتي لم يعد موجودا، وتركيا عضو في المعسكر الراديكالي بالعالم العربي. ورافعات التأثير في واشنطن وأوروبا فقدت قيمتها. والذخر الأساسية التي بقيت هي المصالح الاقتصادية والأمنية المتبادلة، وحاجة الحزب الحاكم إلى أن يأخذ في الاعتبار، رغم كل شيء، موقف الجيش والمحافل المقربة من إسرائيل في تركيا، والتطلع إلى لعب دور رائد في السياسة الإقليمية. ومن الواضح للقيادة التركية، أنه من أجل التوسط بين إسرائيل وسوريا، أو من اجل مساعدة الفلسطينيين، من الأفضل إجراء حوار مع إسرائيل.

بغية استغلال هذه الذُخر، يتعين على إسرائيل توظيف جهد مركز وإدارته على أعلى مستوى. ذلك أن جزءاً كبيراً من الضرر الذي حصل الاسبوع الماضي كان يمكن توفيره لو بكّر رئيس الحكومة في التدخل. فعليه أن يحرص على القيام بنشاط منسق وعلى توزيع العمل. ينبغي تعزيز السفارة والقنصلية في تركيا، التي لا تزال دولة ديمقراطية، تتمتع باقتصاد ووسائل إعلام متطورين. وينبغي العمل مقابلهما وكذلك استخدام الديبلوماسية اليهودية ( الأتراك يولون أهمية كبيرة لها)_ فمن لديه أعداء اشداء كاليونانيين والأرمن، ليس بحاجة أيضا إلى التخاصم مع الشعب اليهودي.

يتعلق الأمر بمهمة صعبة ومركبة، والتي لن تُرى ثمارها فورا. على رئيس الحكومة إضافة هذه المهمة إلى المهام التي تتصدر جدول أعماله

=======================

معهد واشنطن وترويج الاكاذيب

Sami.z@alrai.com

سامي الزبيدي

الرأي الاردنية

20-1-2010

في قراءة قدمها يورام كوهين وماثيو ليفيت، مع بيكا واسر من معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى المقرب من اليمين الاسرائيلي والمشارك الفعال في الترويج لاكثر الافكار الصهيونية تطرفا طرح تساؤلا حول مدى تغلغل السلفية الجهادية في فلسطين وهي فكرة غاية في الخطورة فيما اذا كانت جزءا من النقاش العام في واشنطن في سياق الحديث عن ايجاد حل سلمي لانها تصرف النظر عن سلسلة اخطاء وخطايا اسرائيل باتجاه التركيز على العنف و»الارهاب» الفلسطيني من وجهة نظر اليمين الاسرائيلي.

 

تقول القراءة « إن التطرف داخل المجتمع الفلسطيني ليس جديداً، وهو الأمر بالنسبة لإستخدام الأيديولوجيات المتطرفة، من الماركسية إلى الإسلاموية، من أجل دفع الفلسطينيين من النشاط السياسي إلى «النشاط العنيف» فالدراسة بمجرد ان بدأت باقرار مبدأ العنف في المجتمع الفلسطيني فقد حكمت مسبقا على وجهة الدراسة باعتبارها مجيشة تماما لايذاء صورة المقاومة الفلسطينية المشروعة وتحويل النظر اليها بوصفها حالة ارهابية.

 

كما تقرر الدراسة مسبقا ان السلفية الجهادية اضحت موجودة بقوة في الضفة والقطاع حيث تقول الدراسة « إن التطور الجديد هو أن بعض الفلسطينيين المتطرفين! يختارون ممارسة العنف، ليس عن طريق الإنضمام إلى جماعات فلسطينية قائمة مثل «حماس» و»الجهاد الإسلامي» في فلسطين، أو «كتائب شهداء الأقصى»، ولكن من خلال الجماعات السلفية الجهادية التي تطمح أن تكون جزءاً من الجهاد العالمي لتنظيم «القاعدة» هذه المقولات لا تفتقر فقط للدقة التي تميز الباحث الرصين من البوق الدعائي بل تؤكد على علو الكعب في ذلك النمط من الانحطاط الاكاديمي والانكى ان هناك من يبرر هذا الانحطاط بالترويج لمقولة الحرية الاكاديمية او التعددية الاكاديمية.

 

القراءة تقول ايضا ان المسؤولين الإسرائيليين يركزون على الخلايا المارقة – لاحظوا اللغة المستخدمة - التي تفلت من المجموعات ذات الطابع الرسمي وعلى خلايا صغيرة من المتطرفين المنظمين ذاتياً الذين يعملون خارج نطاق المجموعات القائمة، سواء في غزة أو الضفة الغربية وتنقل الدراسة عن أحد المسؤولين الإسرائيليين قوله : «إن ما يثير القلق»، هو أن «خلايا مارقة وأفرادا من حركة «حماس» المقربين من تنظيم «القاعدة»» سيقومون بانفسهم بشن هجمات ضد إسرائيل» دون ان تقدم الدراسة ما يثبت ذلك باعتبار ان اقوال المسؤول الاسرائيلي ترتفع الى مصاف الحقائق الثابتة.

 

هذا المعهد يحاول في هذه الاثناء تقديم اسرائيل كضحية ل»لارهاب الفلسطيني» بعد ان يتم ربط الفلسطينيين بالتنظيمات السلفية الجهادية وهي اكذوبة لا تستطيع اسرائيل ذاتها الترويج لها واثباتها.

 

جملة القول اننا بلا اصدقاء مؤسسيين في واشنطن وان اصدقاء العرب والفلسطينيين يقتصرون على بعض الصحافيين والباحثين الذين دفعوا الى الاقتراب منا كراهية باللوبي الاسرائيلي وليس ايمانا بقضايانا في حين ان بعض المبتدئين العرب في سلم البحث يتعاملون مع هذا النمط من المراكز البحثية بواحد من اتجاهين اما عبر بوابة التعددية الاكاديمية اللاوطنية او من خلال نمط مستحدث من الانتهازية السياسية قصيرة النظر.

=======================

السلام .. اغتيال الحلم

نوفيل اوبسرفاتور

بقلم: جان دانييل - رئيس التحرير‏

ترجمة

الأربعاء 20-1-2010

ترجمة: مها محفوض محمد

الثورة

امتازت بداية العام 2009 بالوعظ واستنهاض الهمم حتى كادت تذكرنا بقيامة السيد المسيح لكنها انتهت بمرارة الفشل، أقصد هنا قضية الشرق الأوسط

وما اختياري لمصطلحات دينية إلا لأن المأساة في الشرق الأوسط تتركز على مفهوم الطائفية بشكل كبير والإله الذي تحدث عنه باراك أوباما هو الواحد الأحد الغفور الرحيم غير أن عباده اختاروا التفرقة بدل الوحدة.‏

وللتوضيح أكثر نقول إن حلم السلام الذي صاغه رئيس مسلم عاش في كنف المسيحية لم يصل ولا بطريقة إلى القلوب ولم يغير في الأنفس، وأنا إذ أعود وأتحدث عن الحلم ليس لأني لا أستطيع أن أمنع نفسي عن مقارنة اغتيال الحلم الكبير باغتيال شخصيات مثل مارتن لوثركينغ واسحق رابين، بل أيضاً لأنني أعلم على ماذا كانت تقوم الاستراتيجية السلمية لباراك أوباما، فلم يكن في كلماته فقط العبارات المختارة بشكل رائع والأفكار بل كانت هناك خطة متكاملة يمكن أن نسميها خطة أوباما ومن المهم أن نعرفها، وفي حملته الانتخابية كان عازماً وقد عبر عن آمال كبيرة في تصريحاته التي استقبلت بطرق مختلفة في إسرائيل كما في الدول العربية حيث تولد شعور بالارتياح، ثم أعاد أوباما الأفكار ذاتها في خطابه الشهير في القاهرة وهو يعلم قبل دخوله البيت الأبيض تأكيدات بعض الدول العربية أنها جاهزة لتجديد عرضها السخي الذي صاغته عام 2002 وهو مبدأ الأرض مقابل الاعتراف بإسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية معها.‏

الكل يعلم أن أوباما منذ وصوله إلى البيت الأبيض بدأ اتصالاته برئيس السلطة الفلسطينية وبرئيس الوزراء الإسرائيلي وكلف على الفور معاونيه بالتحرك، لكن بعد شهرين تبين لأوباما أن الإسرائيليين مازالوا مستمرين ببناء المستعمرات في الأراضي المحتلة ويضربون حصاراً قاسياً على شعب غزة ,فعقد حينها اجتماعاً على مستوى القمة وانتهزت هيلاري كلينتون المناسبة لتعلن دعمها له، واستمر التعنت الإسرائيلي الذي قاد إلى اغتيال الحلم، لكن هل يعني ذلك أنَّا وصلنا إلى طريق مسدود ولايمكن علاج الوضع الحالي؟.‏

الجواب يحمله جورج ميتشل في زيارته القادمة إلى الشرق الأوسط وفي جعبته مقترحات جديدة، وأملنا ألا تنتهي هذه المقترحات إلى ماآلت إليه سابقاتها لأنه وللأسف التجربة تدفعنا إلى الشك.‏

وعن زيارة ميتشل ومقترحاته الجديدة كتبت صحيفة الفيغارو:‏

يحاول الأميركيون الخروج من المأزق في الشرق الأوسط لأن محاولتهم في العام الماضي اصطدمت بتعنت إسرائيل ورفضها وقف الاستيطان ثم قبلت تجميده فقط، وهذا الشرط أساسي بالنسبة للرئيس محمود عباس، الآن تحاول واشنطن الانتقال إلى مرحلة أخرى واستئناف المفاوضات وقد كلفت لهذه المهمة أبرز شخصيتين في حكومة أوباما الجنرال جيمس جونز وجورج ميتشل بهدف إطلاق الحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين للتوصل إلى اتفاق خلال سنتين.‏

يحاول الأميركيون إقناع الفلسطينيين أن التجميد الجزئي للاستيطان كما أعلنه نتنياهو وإن يكن جزئياً ومحدوداً لكنه قد يكون تنازلاً كافياً للعودة إلى طاولة المفاوضات كما أن الغاية هي إقناع الإسرائيليين بأهمية التفاوض للوصول إلى الوضع النهائي دون التوقف عند نقاط حساسة، وتقوم الخطة الأميركية التي نشرت بعض نقاطها صحيفة معاريف الإسرائيلية على الدخول مباشرة في صلب الموضوع لتتناول قضية الحدود بين إسرائيل ودولة فلسطين المستقبلية ويأمل الأميركيون التوصل إلى رسم هذه الحدود خلال تسعة أشهر أي قبل نهاية قرار التجميد وعندها تستطيع إسرائيل استئناف بناء المستوطنات، لكن فقط ضمن الحدود الواقعة في أرضها المستقبلية ويمكن تبادل الأراضي حسب رغبة الطرفين على مبدأ الأرض للفلسطينيين والأمن للإسرائيليين وبعد الانتهاء من رسم الحدود ستتناول المفاوضات الملفين الأكثر حساسية وهما قضية القدس واللاجئين الفلسطينيين وفي هذا الإطار تدعو واشنطن إلى الصبر.‏

وفي مقابلة لجورج ميتشل في إحدى القنوات الأميركية الأربعاء الماضي استشف المراقبون للمرة الأولى وجود ضغوط أميركية على إسرائيل خلال حديثه عن الضمانات المصرفية للقروض الممنوحة لإسرائيل منذ عقدين وقد أراد ميتشل أن يوجه رسالة واضحة إلى محدثيه الإسرائيليين الذين يرون في الجنرال جونز محاوراً غير مريح لأنه يتمسك حسب رأيهم بالأفعال أكثر من التصريحات والوعود، أيضاً هناك ضغط واضح على محمود عباس من أطراف عربية للعودة عن طلب التجميد الكامل للمستوطنات اليهودية، إذاً مخاطر الاصطدام قائمة بين الطرفين لكن أميركا تراهن على نقاط الضعف لدى محمود عباس ونتنياهو فالأول مشكلاته معروفة مع الفلسطينيين بعد خمس سنوات من التنازلات والثاني يرأس تحالفاً هشاً يسيطر عليه اليمين المتطرف الذي لايرغب بأي حل مع الفلسطينيين.‏

والوضع عند المستوطنين لايبشر بالخير فقد استقال بنهاس واليرشتين الشخصية البارزة في تاريخ الاستيطان وهو القائد التاريخي لمنظمة «يشا» المنظمة الرسمية للمستوطنات ومع أنه أعلن أن استقالته لأسباب شخصية لكن السبب يبدو غير ذلك لأنه حذّر من المجموعات المتطرفة في منظمته، هذه المجموعات التي تعترض على قرار عدم استخدام وسائل غير سلمية لمواجهة قرار تجميد الاستيطان ويرأس هذه المجموعات ثلة من حاخامات المتعصبين والمتطرفين الذين ينوون استخدام العنف ضد حكومتهم إن أرادت إخلاء المستوطنات.‏

=======================

ما سرّ الظهور المفاجئ ل"ابو موسى" بعد غياب أكثر من ربع قرن ؟

رسائل متعددة من القرار 1559 إلى العلاقة مع سوريا

سمير منصور

النهار

20-1-2010

كان من الصعب جداً إقناع أي طرف سياسي في لبنان بعامل المصادفة وب"براءة" الظهور المفاجئ للمسؤول الفلسطيني المنشق عن حركة "فتح" السيد سعيد موسى "أبو موسى" في صيدا نهار الأحد الماضي، تماماً كما كان من الصعب على قائد حركة "فتح الانتفاضة" اقناع أحد ب"انتفاضته" على اي علاقة لسوريا بتحركاته او مواقفه، اذ لم يتمكن من تجنب احراجها في تصريحاته، وهو المحسوب عليها والمقيم في دمشق برعايتها. ولولا هذا الواقع لكانت الردود أكبر بكثير ومن الجهات الرسمية تحديداً، وبدا واضحاً أن تريثها لم يكن إلا إكراماً لسوريا ومراعاة لهذه الرعاية.

وبقدر ما بدا "أبو موسى" استفزازياً برفضه "الغاء السلاح خارج المخيمات بالمطلق" وبقوله ان وجود هذا السلاح داخل لبنان "هو قرار فلسطيني لا علاقة له بأي قوى"، فإنه بدا مرناً اذ لم يقفل الباب نهائياً، بل عبّر عن انفتاح على "تغيير او تعديل في بعض المواقع مما لا يضر برؤيتنا للصراع مع العدو الصهيوني". وحاول في اليوم التالي تخفيف وقع تصريحاته في صيدا محملاً الاعلام مسؤولية اجتزاء تصريحاته ومؤكداً الاستعداد لفتح حوار مع "السلطة والحكومة اللبنانية".

ولعل ردات الفعل على تصريحات "أبو موسى" حملت في طياتها شيئاً من المبالغة وساهمت في تضخيم هذه التصريحات ولا سيما بتجاهلها دعوته الى الحوار. وبهذا المعنى بدا الرجل محقاً في طلب قراءة تصريحاته كاملة غير مجتزأة. ولكن لا بد أنه يدرك شخصياً في الوقت نفسه، انه لم يكن ممكناً على الاطلاق تجاهل مواقفه، ولا سيما انها تتصل بمسألة تم التفاهم حولها على طاولة الحوار الوطني، وهذا ما زاد حدّة وقعها، فقد بدا أن في كلامه، من جهة، رفضاً مطلقاً لهذا التفاهم، ومن جهة أخرى، لأن اسمه ارتبط بمعارك طاحنة دارت رحاها في البقاع وطرابلس وبيروت والمخيمات بين الأعوام 1983 و1984 و1985 بعد انشقاقه مع آخرين عن حركة "فتح" برئاسة ياسر عرفات، وكذلك بوجود معسكرات خارج المخيمات لمنظمته ول"الجبهة الشعبية – القيادة العامة" في منطقة المصانع في مرتفعات الناعمة والدامور في الشوف، وفي قوسايا وحلوى في البقاع، وكذلك بظهور جماعة "فتح الاسلام" المسلّحة والمنشقة عن "فتح الانتفاضة" وما أعقب ظهورها من معارك دامية مع الجيش في مخيم نهر البارد في الشمال. وجاء ظهور "أبو موسى" في لبنان بعد غياب اكثر من ربع قرن "لينكأ" كل هذه الذاكرة.

وبدا أن أعنف الردود على تصريحات "أبو موسى" جاء فلسطينياً ومن مسؤولين في منظمة التحرير الفلسطينية، وهذا ما كان من شأنه فتح ملف آخر ذي صلة بالخلافات الفلسطينية – الفلسطينية وبانعكاساتها في لبنان وأخذها في الحسبان عند اي حوار لبناني – فلسطيني.

وأما على الصعيد السياسي اللبناني فقد جاءت الردود في معظمها متشابهة ومن طرف واحد (قوى 14 آذار) في مقابل امتناع الطرف الآخر (8 آذار) لاعتبارات مختلفة تتعلق بالعلاقة مع سوريا من جهة، وبالقرار 1559 من جهة اخرى، وهو القرار الذي يشكل السلاح الفلسطيني واحداً من ابرز مضامينه. وكان لافتاً أن رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون، لم يشر في البيان الذي تلاه إثر اجتماع تكتله أمس الى تصريحات "أبو موسى" أو الى مناقشتها داخل الاجتماع، واكتفى بالقول لدى سؤاله عن الموضوع: "قالوا لي إنه تراجع عن تصريحاته... اذا تراجع يكفي"..

والأهم ان السلاح الفلسطيني، يشكل من ضمن القرار 1559 "خط الدفاع الاول" عن الشق المتعلق بالسلاح، لبنانياً كان ام فلسطينياً، ومن الطبيعي أن يتوجّس "السلاح اللبناني" من ضغوط محتملة عليه، فور الانتهاء من الشق الفلسطيني في القرار المذكور. وهكذا يبدو من غير المستغرب عدم صدور ردات فعل من قوى 8 آذار وفي صدارتها "حزب الله"، مع الاشارة بالتأكيد الى ان القرار يتحدث عن "سلاح الميليشيات" لا سلاح المقاومة المتروك لطاولة الحوار تحت عنوان "الاستراتيجية الدفاعية"، بالاضافة الى أن فريقاً اساسياً يرى ان القرار نفذ وطواه النسيان، ولكن ذلك لا يلغي الحذر والتوجّس المشار اليهما.

وأما ما يحكى عن تفاهم على دعم سوري للبنان في معالجة السلاح خارج المخيمات والمعسكرات تحت عناوين فلسطينية خلال زيارة الرئيس سعد الحريري لدمشق ولقائه الطويل والمميز مع الرئيس بشار الأسد، فلا يعني بالضرورة ان المشكلة حلت "اوتوماتيكياً" ولم يبق سوى اقفالها، بل ان الحل الجدي يأتي ضمن سياق متصل بتطور العلاقات اللبنانية – السورية، وبحوار لبناني – فلسطيني لا يتجاهل الفريق المنشق عن "فتح" وعنوانه "فتح الانتفاضة" و"الجبهة الشعبية – القيادة العامة"، المعروفين بقربهما من سوريا. ومن هنا جاءت "الانتفاضة" في تصريحات "أبو موسى" وقوله ان السلاح خارج المخيمات "شأن فلسطيني حتى اذا صح الحديث عن اشارة سورية للرئيس سعد الحريري لمعالجة هذا السلاح"، وبذلك كان الرجل يدعو الى عدم تجاهله في أي حوار محتمل ويشير الى ان لا حل ممكناً من دون حوار مباشر. وهو عاد وأكد أمس: "سنبقى على موقفنا اذا لم يتم التحاور معنا"...

=======================

الاحتلال الأجنبي يعود بطلب من النظام العربي: العرب يحاصرون العرب، وإسرائيل تسود..

السفير

20-1-2010

طلال سلمان

لافتة هي التصريحات العلنية لبعض كبار المسؤولين الأميركيين التي يؤكدون فيها أن واشنطن لا تنوي إرسال قوات عسكرية الى اليمن، بل ستكتفي بتقديم الدعم، بأشكاله المختلفة، للنظام القائم في صنعاء، بل إنها باشرتها فعلاً، نقداً وعيناً، طائرات من دون طيار، وأسلحة وذخائر، وطواقم مخابرات وخبراء في حروب العصابات الخ...

أما السبب المعلن فهو أن الإدارة الأميركية لا تريد ان تتورط في عملية عسكرية كبرى، اذ تكفيها المصاعب والخسائر البشرية والنكسات السياسية والأعباء الاقتصادية التي تتكبدها نتيجة احتلال العراق والحرب الباهظة الكلفة في أفغانستان، إضافة الى الأعباء الثقيلة لأساطيلها المنتشرة في المحيطات والبحار، ولقواعدها العسكرية في اربع رياح الأرض...

ليس سراً أن في العديد من الدول العربية قواعد عسكرية ظاهرة او مموهة للجيوش الأميركية، بعضها بذريعة التدريب، وبعضها الآخر بتأمين طرق الإمداد، وبعضها الثالث تلبية لطلب أهل النظام العربي في البلد المعني...

فبعد غزو صدام حسين الكويت عام 1990، صار الوجود العسكري الأميركي، على شكل قواعد جوية، او محطات رصد ومراقبة، او تسهيلات للربط والتحكم، واقعاً قائماً على معظم الأرض والبحار العربية الممتدة بين المحيط والخليج!

لكأننا في بدايات القرن العشرين: لم نفعل في ظل «الدول المستقلة» التي ناضلت شعوبها للتحرر من الاستعمار ما يحمي هذا الاستقلال ودوله... الاستعمار الغربي «ورث» السلطنة العثمانية، فمزق الأرض العربية أشلاء، بحيث عجزت «الدول» المستولدة قيصرياً عن تحقيق طموحات أهلها، خصوصاً بعدما وضع الاستقلال في وجه مشاريع التوحد او التكامل او الترابط بالمصالح عبر مؤسسة رمزية مثل جامعة الدول العربية...

الفارق: أن أهل النظام العربي يستدعون الآن الحماية الأجنبية، ويبررونها ويعتبرونها ضمانة التحرر من أعباء الأخوة والمصير المشترك بعدما أنهكتنا، برغم أننا لم نجربها علمياً، وعجزنا عن كلفة الاستقلال الحقيقي، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، والحق في الحرية والسيادة والعزة التي طالما نظمنا فيها الأناشيد ذات الإيقاع الصاخب.

وبالتالي فليست مبالغة أن يقال إن «الوطن العربي»، بأقطاره جميعاً، كبيرها والأصغر، يقبع تحت الاحتلال او الحصار بالاحتلال، شعوبه ممنوعة من التواصل، و« دوله» قد استسلمت لأنواع من القطيعة، سواء منها المفروضة بقوة الأمر الواقع، كما حال العراق تحت الاحتلال الأميركي، أو بتناقض المصالح بين أهل النظام العربي بين قطر وآخر، والذين لم يعودوا يتلاقون إلا في واشنطن او عبرها.

لقد تعرضت القضية الجامعة، فلسطين، الى تذويب منهجي يكاد يذهب بقداستها، عبر الخلافات العربية العربية، بالمزايدة او بالمناقصة من حولها، كما بالتشققات التي ضربت منظمة التحرير عبر الخلافات المتفاقمة حول السلطة والموقف من الاحتلال الإسرائيلي، وهي تتغذى بصراع المصالح والخوف بين أهل النظام العربي، وكادت تصل الى حدود الحرب، لولا حواجز الفصل الإسرائيلية بين الأخ وأخيه في كل من الضفة الغربية وغزة.

وهكذا فإن فلسطين، المحتلة جميعاً، تحت حصار عربي، بالخلافات التي لم توفر مقدساً، ولم تستبق للقضية حصانتها، في حين أن المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي كانت تستنقذ القضية وكرامة شعبها والحد الأدنى من التضامن العربي، مع الوعي بأن «الحل» بعيد ومكلف جداً، ولن يتوفر إلا عبر صراع إرادات مرير ساحته التوازنات الدولية وموقع العرب منها وقدرتهم على التأثير فيها.

كذلك فإن جامعة الدول العربية قد تحولت، نتيجة الحصار المتبادل بين أعضائها والخلافات التي امتدت الى التفاصيل السياسية اليومية، الى حائط مبكى، وإلى مؤسسة مشلولة، ممنوعة من الفعل، لأن الفعل يفرض حداً أدنى من التوافق.. وهذا متعذر في المدى المنظور.. ومصير القمة العربية التي يفترض أن تعقد أواخر شهر آذار المقبل في طرابلس معلق، ولا بد من جهود استثنائية لتوافق اهل النظام العربي على العودة الى التلاقي في خيمة العقيد معمر القذافي وجماهيريته الفريدة في بابها.

بكلمة يمكن القول: إن الدول العربية جميعاً تحت الحصار... وإن الدول العربية جميعاً تكاد تكون محتلة... فالإرادة هي التي تحرر الأرض، ومتى ارتهنت الإرادة بقيت الأرض في أسر الاحتلال الأجنبي، إسرائيلياً كان أو أميركياً، او مختلطاً ومشتركاً الى حد التوحد.

إن مصر محاصرة بالفقر والخوف من المحيط والخوف من الفتنة، فضلاً عن القيود التي فرضتها معاهدات الصلح مع إسرائيل، فحرمتها من دورها العربي القائد، وأنقصت حجم تأثيرها، وكادت تذهب بنفوذها المعنوي الذي لم تكن تدانيها فيه أية دولة عربية أخرى.

والسودان محاصر بتهديد الخوف من تمزق الدولة...ومن شر البلية أن يصور انفصال الجنوب عن الشمال، وربما في وقت لاحق، الغرب عن الشرق، والكل عن الدولة المركزية، وكأنه اقصر الطرق الى الديموقراطية.

ولبنان محاصر بقرارات دولية عدة (أولها 1559 وآخرها 1701) وقوات دولية جاءت لتأمين حدود الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، بغض النظر عن التبريرات والذرائع التي أعطيت، عربياً ومحلياً، لتمركز هذه القوات في الأراضي اللبنانية، وهي المستهدفة بالعدوان والاحتلال والاجتياح الإسرائيلي منذ 1968 وحتى اليوم...

أليس لافتاً ومريباً أن تأتي قوات الطوارئ الدولية لتتمركز، تحت علم الأمم المتحدة، في الأراضي التي تتعرض للاجتياح الإسرائيلي، وليس على الجهة التي جاء جيش الغزو مرات ومرات ( 1972، 1978، 1982، 1993، 1996 ثم بعد التحرير في عام 2000 عاد ليفرض على لبنان الحرب في تموز 2006)...

وفي تلك الحرب الإسرائيلية وقف النظام العربي «على الحياد»، أي أنه عملياً ساند الحرب الإسرائيلية، بذريعة أن المقاومة قد اختطفت جنوداً إسرائيليين داخل الأرض اللبنانية، وهي بالتالي «المعتدية» او المتسببة في تلك الحرب التي دمرت البنى التحتية في معظم أرجاء لبنان، وسفكت دماء أكثر من ألف وخمسمئة امرأة وطفل ورجل، فضلاً عن تهجير مليون مواطن من مدنهم وقراهم في الجنوب والتي عادوا إليها متلهفين مع وقف الحرب صباح الرابع عشر من آب 2006، ليصمدوا فيها مجدداً ودائماً.

إن حدود لبنان مع فلسطين المحتلة هي خط نار، والطيران الحربي الإسرائيلي يغطي سماء لبنان يومياً، ويجول في أفيائها من أقصى الجنوب الى الحدود مع سوريا،

أما الحدود مع سوريا فقد فرض القرار الدولي أن تخضع لرقابة دولية تكاد تحصي على المواطنين أنفاسهم، متجاهلة أنهم أقارب وذوو رحم على جانبي الحدود، وأن تواصلهم شرط حياة لهم جميعاً.

وحين نصل الى العراق تحت الاحتلال الأميركي نكتشف عدداً من الوقائع ذات الدلالة: فحدوده مع الدول العربية (خصوصاً سوريا والسعودية ملغمة ومصفحة بجدران إسمنتية او ترابية موضوعة تحت رقابة قوات الاحتلال على مدار الساعة).

أما حدود العراق مع الأردن فمفتوحة لكل من لا يزعجه الاحتلال الأميركي... وهكذا فإن رجال المخابرات الإسرائيلية يسرحون ويمرحون في ارض الرافدين بتسهيلات استثنائية، في حين أن وجودهم في منطقة الشمال الكردي يكاد يكون الأوسع والأعظم نفوذاً، إن على المستوى الاقتصادي أو على المستوى المخابراتي..

إن أهل النظام العربي يحاصرون دولهم بالعداء مع الدول العربية الأخرى... والأغنى من بين هذه الدول تغلق حدودها على ذاتها، لا يصلها أي عربي من الفقراء إلا خلسة او بواسطة أصحاب النفوذ. إن ليبيا مغلقة في وجه المصريين والسودانيين والتوانسة، أما الأغنياء الوافدون من دول النفط لإقامة مشروعات استثمارية مشتركة فمرحب بهم، وقد انتهى عصر «طز طز في أميركا».. وانتهى التشنيع على الملوك وأمراء النفط والتشهير بتخليهم عن العروبة و«جماهير الفقراء»، وانخرط العقيد في نادي أهل النظام العربي مع الحفاظ على ملابسه الفولكلورية الطريفة وأسلوبه الفريد في الخطاب الثوري الذي لم يعد يخفي الصفقات المعقودة من اجل «التوريث».

لقد فرض الأغنياء من أهل النظام العربي الحصار على الفقراء العرب، دولاً وشعوباً، وهربوا بثرواتهم الطائلة بعيداً عن فلسطين، وكذلك عن مصر، وعن سوريا كما عن اليمن، وحصنوا أوضاعهم بالحماية الأجنبية، مباشرة بالقواعد العسكرية، جوية وبحرية، كما بالاستعلاء على من كانوا إخوانهم أصحاب الفضل عليهم، اذ هم الذين أوفدوا إليهم البعثات التعليمية، كما جاء منهم من داوى المرضى، ومن بنى المدن، يوم لم يكن يجيء الى تلك المدن المبعثرة في الصحراء أي أجنبي.

إن هؤلاء الأغنياء يعيشون الآن في محميات تقوم على حراستها الأساطيل ومصالح الدول الكبرى، وبينها إسرائيل... فبعض هؤلاء لا يتورعون عن المجاهرة «بأحقية» إسرائيل في أن تمتلك السلاح النووي، ويرون في مفاعل ديمونا مصدراً للحماية من... الخطر الإيراني، متجاهلين أنهم سيكونون الضحية الأولى لأي حرب محتلمة في المنطقة سواء أقدم عليها بعض المهووسين في الإدارة الاميركية، أم نفذها هؤلاء عبر إسرائيل تحاشياً لاعتراضات سيبديها، بالتأكيد، الكونغرس وعموم المواطنين الأميركيين.

وها هي الأحداث الدموية في اليمن تنذر هؤلاء الأغنياء من أهل النظام العربي بأن تخليهم عن موجبات التضامن لن يوفر لهم الأمان... فالفقر كافر، وهو سيؤدي الى الانفجار الشعبي وقد يسقط النظام ويفتح الباب لجهنم الحرب الأهلية في تلك الدولة الجارة، التي ساهم شعبها من موقع «الأجير» في بناء العديد من دول «إخوانه الأغنياء»...

إن الحصار سيرتد على المحاصرين، وعلى الأشقاء الذين يعطون ثرواتهم واستقلال بلادهم للاحتلال الأجنبي ويرفضون مد يد العون لأشقائهم الذين سينتفضون قطعاً وسوف يتسببون في إسقاط الأنظمة المشاركة في حصارهم وفي نقل النار إلى خارج حدودهم، كما حصل مع السعودية في اليمن.

وبالتأكيد فإن تفجير العراق بالفتنة، ولأسباب لا علاقة لها بالإسلام ومذاهبه، كان يستهدف التخلص من أقوى دولة عربية كانت قائمة ويمكن أن يعيد شعبها إقامتها، لأن أغنياء النظام العربي يرون فيها الخطر على مصالحهم، وبينها الاحتلال الأميركي للعراق الذي يرون فيه الضمانة، ولو كان الثمن حرية شعوبهم وهوية بلادهم.

إن الحصار مرشح ليرتد على المتواطئين على فرضه على «إخوتهم الفقراء».

وتلبية موجبات الأخوة والمصير المشترك أقل كلفة بما لا يقاس من فرض الحصار على من لا يملكون ما يخسرونه في الحرب الأهلية، بل إن أي تغيير قد يخفف من واقع الإذلال الذي يعيشون في «ظلاله» الوارفة، وهي «ظلال» لا تفيد منها «القاعدة» فحسب، بل كل طامح الى التغيير.

=======================

العدالة المفقودة في الانظمة القضائية المعاصرة

د. سعيد الشهابي

20/01/2010

القدس العربي

برغم الحديث عن 'العدالة' وضرورتها لارساء أسس المجتمعات واقامة الدولة العصرية الحديثة التي لا تظلم أحدا، فان القليل من الناس يعتقد بان هذا المطلب قد تحقق فعلا، او ان العدالة اصبحت ظاهرة عامة لاجهزة القضاء في هذه البلدان. مع ذلك فهناك اعتراف عام بوجود 'عدالة نسبية' وليست مطلقة في البلدان التي فصلت بين السلطات الثلاث.

ولكن ثمة تشكيكا حول مرجعية العدالة او تعريفها، فما هو 'العدل'؟ وما شروطه؟ وكيف يمكن تحقيقه؟ هل هو قيمة مطلقة ام مرتبطة بالزمان والمكان؟ هل هي قيمة واضحة في اذهان من يجلس على كرسي القضاء؟ ام انها تستمد معناها من 'القانون'؟ ما مدى عدالة القانون؟ المشكلة تنبع من ثقافة المجتمع المعاصر الذي يسعى للتخلي عما يعتبر 'ثوابت' في التشريعات الدينية، ويخضع تلك المفاهيم والقيم للتجربة البشرية، وبالتالي يصعب اصدار احكام مطلقة على مدى 'انسانية' هذه القيم، لان تعريف الانسانية نفسه اصبح خاضعا للاجتهاد البشري. والامر هنا شبيه بالمصطلحات الاخرى التي اصبحت تمثل جانبا من هموم المجتمع المعاصر. فما هو 'الارهاب' مثلا؟ هل له تعريف مطلق؟ ام انه يخضع لاعتبارات سياسية وايديولوجية مرتبطة بالزمان والمكان اللذين تعالج فيهما؟ هذا السجال ينطبق كذلك على مقولة 'الديمقراطية' و'حقوق الانسان' وغيرها من مقومات المجتمع المعاصر الذي تتم صياغته وفق منظومة الحضارة الغربية السائدة. هذه الحضارة تخضع بقدر كبير للتغيرات الفكرية والايديولوجية في المجتمعات الغربية، ويمكن القول انها اصبحت محكومة الى حد كبير بمقولات 'ما بعد الحداثة' التي تجعل التجربة البشرية اساسا للتصورات والمفاهيم والقيم. ان خضوع (او إخضاع) الانظمة القضائية للتطورات الفكرية التي لا تنفصل عن التطورات الفكرية والثقافية لتلك المجتمعات يقلل من وهج الادعاء بالاستقلال التام لنظام القضاء. فما دام العنصر البشري مشتركا ومتداخلا بين السلطات الثلاث، فمن غير المعقول القول بامكان الفصل الكامل بينها.

وثمة مفارقة مهمة تتصل بالحديث عن العدالة في المجتمع المعاصر. ففي الوقت الذي يتسابق الغربيون فيه للتباهي بالتطورات في الانظمة القضائية، فان هذه 'العدالة' نفسها اصبحت ضحية للتطورات المذكورة، وما تزال تخضع للتدخلات السياسية بشكل فاضح. فمثلا اتخذت بريطانيا في الاسابيع الاخيرة قرارا باجراء محاكمات تقتصر على القضاة وحدهم، ولا تعتمد على وجود هيئة محلفين كما هو سائد. هذا التطور هو الاخطر منذ بدء العمل بالنظام القضائي المعتمد على وجود افراد من المواطنين العاديين في المحاكم الجنائية مهمتهم الاساسية تدين المتهم او تقوم بتبرئته. كما ان هناك جنوحا لدى القضاء البريطاني للسماح للادعاء بتقديم ادلة مستوحاة من التصنت على الهواتف او عن طريق بقية اشكال التجسس. وبذلك تصبح هذه 'العدالة' التي تستحوذ على نصيب الاسد من الموازنات العامة، خاضعة ليس لمرجعية ثابتة تحدد اطرها، بل للتجربة البشرية المتغيرة، بما فيها اساليب التجسس والتنصت وكافة اشكال التعامل غير المتفق على مدى شرعيتها او انسانيتها. وعلى سبيل المثال، يتفق كثير من خبراء القضاء والمحاماة على ان خالد الشيخ محمد، المتهم بالتخطيط لحوادث 11 ايلول/سبتمبر، سوف يفلت من الادانة فيما لو قدم امام محكمة مدنية عادية على الاراضي الامريكية، لسبب واحد، وهو ان بعض الاعترافات التي سوف يقدمها الادعاء ضده قد انتزع باستعمال شكل من التعذيب يوحي للضحية بالغرق وذلك بصب الماء على فمه وانفه بشكل متواصل حتى يكاد يفقد انفاسه. فما دامت 'الاعترافات' مسحوبة تحت التعذيب فانها ليست مرفوضة فحسب، بل تستدعي محاكمة مرتكبي جريمة التعذيب. ولذلك تمر السنوات بدون تقديم هؤلاء للمحاكمة. فأين العدالة هنا؟ واذا كان الرئيس الامريكي، باراك اوباما، قد خاض حملته الانتخابية بتقديم وعود باعادة الممارسات الامريكية الى جادة الطريق واحترام حقوق الانسان والحفاظ على عدالة القضاء، فانه لا يبدو اليوم اقرب الى تنفيذ تلك الوعود عما كان عليه يوم اطلقها. فاذا كانت الليبرالية الامريكية قد عجزت عن تقنين منع التعذيب بشكل حاسم، وسمحت لنفسها بممارسته عمليا على مدى سنوات، وأنشأت سجونا سرية في ثلاثين بلدا، ونظمت رحلات سرية للسجناء المخطوفين من بلدان شتى، فانها قادرة ايضا على التكيف مع نظام قضائي هدفه خدمة النظام السياسي بالاضافة الى الفصل في الخصومات والنزاعات بين الناس ضمن الاطار السياسي الحاكم في البلاد.في مطلع الشهر اصدرت محكمة امريكية حكما ببراءة موظفي شركة بلاكووتر الذين قتلوا في 2007 عددا من العراقيين. فقد رفض قاض أمريكي كل التهم الموجهة لخمسة حراس من شركة بلاك ووتر الأمنية الأمريكية في جريمة القتل المذكورة. واعتبر القاضي أن الحكومة الأمريكية 'انتهكت باستخفاف الحقوق الدستورية للمتهمين'، وأن المدعين 'استخدموا خطأ أقوالا أدلى بها الحراس لمحققي وزارة الخارجية تحت تهديد فقدان وظائفهم'.

وكان حراس بلاك ووتر قد أطلقوا النار في ساحة النسور ببغداد أثناء مرافقتهم موكب دبلوماسي في 16 ايلول/سبتمبر 2007 مما أدى إلى مقتل 14 مدنيا وإصابة عشرين على الأقل، بينهم نساء وأطفال. هذا الحكم كان بمثابة الصاعقة على اسماع العراقيين الذين لم يشكوا يوما في فداحة الجرم الذي ارتكبه موظفو تلك الشركة بحق ابنائهم. وقال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إن تبرئة عناصر شركة بلاك ووتر الأمريكية فيه إجحاف كبير بحق العراق والعراقيين والشهداء الذين قتلوا بأيدي العصابة التي مارست عملية القتل بطريقة بشعة. وأضاف: ' قمنا بما ينبغي علينا لحماية أرواح المواطنين وأخذ الحق من الذين ارتكبوا الجريمة وشكلنا لجانا وسنقيم دعوى على شركة بلاك ووتر وسنطاردها سواء فى أمريكا أو نقيمها هنا فى العراق ولن نتنازل عن أخذ الحق من هذه الشركة'. وهنا تبرز تساؤلات جوهرية حول مدى تأثير النظام السياسي على مجرى العدالة، وما اذا كان هناك نظام قضائي لا يخضع للنظام السياسي. فمهما كانت دعاوى القائلين بامكان الفصل بين السلطات، فان ما يجري في قاعات المحاكمات في الدول الغربية مرتبط بالمرجعية الفكرية للنظام الحاكم، وبالتالي فالقضاء انما هو مكمل للسلطة التنفيذية التي هي الاخرى غير منفصلة تماما عن السلطة التشريعية. فما دام اعضاء الحكومة افرادا يتم اختيارهم من بين الاعضاء المنتخبين للبرلمانات، فان حلقة التواصل بين الجهتين لا يمكن تجاوزها. انه تداخل حقيقي بين السلطات لا بد ان يترك آثاره على سير كل منها. فوزير العدل في الدول الديمقراطية غالبا من يكون عضوا برلمانيا منتخبا ينتمي للحزب او التحالف الحاكم.

وهنا لا بد من الاشارة الى حقيقة متصلة بالقضاء والعدالة، وهي الرفض الامريكي المستمر عبر العقود لاخضاع المواطنين الامريكيين لانظمة القضاء في البلدان الاخرى. هذا المبدأ كان واحدا من اسباب الخلاف بين الحكومتين العراقية والامريكية العام الماضي ازاء الاتفاقية الامنية المعروفة ب 'سوفا'. فمن بين القضايا التي كانت موضع خلاف بين الطرفين اصرار الجانب الامريكي على رفض مثول المسؤولين والجنود الامريكيين للقضاء العراقي، الامر الذي رفضه العراقيون، حتى توصلوا الى حل وسط يحفظ ماء وجه الطرفين. بل يمكن القول بان هذا الموقف الامريكي لعب دورا في التأسيس للثورة الاسلامية في ايران. ففي تشرين الاول /نوفمبر 1963 وقع الشاه اتفاقية 'سوفا' مع الولايات المتحدة، التي تنص على محاكمة الجنود الامريكيين امام محاكم امريكية في الثكنات العسكرية وليس امام المحاكم الايرانية. وبعد ان اقر البرلمان الايراني هذه الاتفاقية ثار الامام الخميني ضد تلك الاتفاقية، فاعتقل ونفي لاحقا الى تركيا، وتواصل عمله ضد نظام الشاه حتى سقط لاحقا. ان اصرار امريكا على رفض مقاضاة مواطنيها امام محاكم الدول الاخرى يعكس عددا من الامور: اولها حالة الغرور والاستكبار لدى الولايات المتحدة في مقابل دول العالم وشعوبه، ثانيها: اعتبار الانظمة القضائية لدى الدول الاخرى دون المستوى الذي يحقق 'العدالة' من منظورها. ثالثها: الاصرار الامريكي على حماية الجنود والمسؤولين المجرمين من طائلة القانون. هذه مفارقة يصعب احيانا اعطاء تفسير مناسب لها، خصوصا في ضوء نظام قضائي يشجع مواطنيه على رفع الشكاوى لاتفه الاسباب. فما اكثر القضايا التي رفعت امام القضاء ضد مطاعم او مقاه بسبب الحرارة المرتفعة لأكواب الشاي والقهوة، او انسكاب مشروب على الثياب. هذا فضلا عن القضايا التي تقام على اساس تشويه السمعة او الاعتداء الكلامي او الاتهام الخاطىء.

ربما يكون ذلك كله مشروعا، ولكن الامر الذي يصعب فهمه، رفض محاكمة الامريكيين من قبل الجهات الدولية الاخرى. والا فما هذا الاصرار على رفض توقيع البروتوكولات الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية التي وقع عليها ثلثا دول العالم؟

هذا مع العلم ان امريكا هي اكثر الدول التي يخوض جنودها غمار الحروب ويرتكبون ابشع الفظاعات بحق الآخرين سواء بسبب اخطائهم الفنية ام نوازعهم الذاتية نحو الاجرام. وفي بلد تتراوح التقديرات حول عدد قطع الاسلحة التي يملكها المواطنون فيه ما بين 200 و300 مليون قطعة، فان احتمالات ارتكاب جرائم قتل واعتداء داخل امريكا وخارجها امر وارد جدا، ومن الضروري ان يكون للقانون مجراه للسيطرة على الامر وحماية ارواح البشر. الامر الواضح هنا ان ما يدفع الولايات المتحدة لاملاء شروطها على البلدان الاخرى انما هو الشعور بالقوة او النصر. فالمحاكم التي يشكلها المنتصرون او الاقوياء تفتقر عادة الى عنصر 'العدالة' وكثيرا ما يطلق عليها مصطلح 'عدالة المنتصر' للاشارة الى غياب تلك العدالة. ويسميها بعض المنظمات الحقوقية الدولية 'انتقام المنتصر'. فعندما تحسم المعركة لصالح احد طرفي النزاع، فكثيرا ما يلجأ للانتقام في الحالات السيئة او المحاكمات الصورية في الحالات الاقل سوءا. وفي الحالتين فان الطرف الاضعف في المعادلة مطالب بدفع ثمن خسارته في صورة محاكمات جائرة يفرضها الطرف الاقوى.

ان 'عدالة المنتصر' من بين أسوأ ما خلفته الحرب العالمية الثانية. فبرغم المحاكمات التي اجريت في نورومبرغ، التي ابتدأت ب 'محاكمة مجرمي الحرب الكبار' في صيف 1945 ثم محاكمات 'الاطباء' و'القضاة' فثمة اجماع على وصف احكامها ب 'عدالة المنتصر' التي تنطوي على افتقارها العناصر الاساسية للعدالة.

هذه المحاكمات تجرى نظائرها في اغلب دول العالم، فعندما يقدم المعارضون لمحاكمات امن الدولة، فانهم نادرا ما يحظون بأدنى مستلزمات العدالة. فهذه المحاكمات تدافع عن النظام السياسي وتعتبر مناوئيه اشرارا او مجرمين. ولذلك ترفض الحكومات العربية الاعتراف بوجود 'سجناء سياسيين' وذلك من منطلق ان معارضة النظام 'جريمة' يعتبر من يمارسها 'مجرما'، وكذلك من يختلف مع النظام الحاكم في سياساته ومواقفه وايديولوجيته.

ان العدالة تغيب عادة من هذه المحاكمات التي كثيرا ما تكون صورية وتعتمد على الافادات التي تنتزع تحت طائلة التعذيب، تماما كما تغيب عندما يجبر النظام على محاكمة شخص مسؤول. ومن ذلك محاكمة عيسى بن زايد بتهمة تعذيب احد مستخدميه. تلك المحاكمة التي اجريت بضغط من الولايات المتحدة الامريكية برأت المتهم مما نسب اليه بشكل احدث ردة فعل سلبية لدى المنظمات الحقوقية الدولية. وقد علقت منظمة 'هيومان رايتس ووتش' المعنية بمراقبة حقوق الإنسان، على الحكم بالقول إن على الحكومة الإماراتية القيام بخطوات أكثر من مجرد محاكمة الشيخ عيسى، 'إن أرادت استعادة الثقة بنظامها القضائي.' ودعت المنظمة الإمارات إلى إنشاء جهاز مستقل للتحقيق في التعديات وأعمال العنف المنسوبة إلى شخصيات أمنية وعسكرية.

فاذا كان اصرار العراقيين على رفض توقيع اتفاقية 'سوفا' قد دفع الطرفين للتوصل الى حلول وسط، وذلك بتشكيل لجان مشتركة عندما يتهم الجنود الامريكيون بارتكاب جرائم، فان الدول الاخرى التي وقعت اتفاقات دفاع مشترك مع الولايات المتحدة لم تجرؤ على المطالبة باخضاع الامريكيين للقضاء المحلي. وقد وقعت جميع دول مجلس التعاون الخليجي اتفاقات دفاعية مع واشنطن، ولم تعترض على البنود التي توفر حصانة للجنود الامريكيين. لا شك ان العدل اساس الملك، وان الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم، وبالتالي فان غياب ظاهرة 'عولمة العدالة' مؤشر سلبي للواقع السياسي الدولي اليوم، واصلاح هذا الخلل الكبير يتطلب جهودا كبيرة وتنازلات ما تزال الدول الكبرى غير مستعدة لها، ليس لانها مستحيلة التنفيذ، بل لانها تهدف لاقرار مبدأ المساواة امام القانون، بين الغني والفقير، والضعيف والقوي، بين المنتصر والمهزوم عسكريا، وبين الامريكي وغيره، وهذا ما لم تتوفر الارادة لتنفيذه حتى الآن. ان غياب ظاهرة العدالة المطلقة عن النظام القضائي الدولي يبعث على القلق والشعور بخيبة الامل. مطلوب تنقيح مفاهيم 'العدالة' والسعي لعولمتها، والابتعاد عن الانتقائية والتمييز بين البشر امام القانون. فالناس متساوون ولا فضل لأحد على أحد، وهذه المساواة يجب ان تتجسد امام القانون وعند تحديد الحقوق والواجبات في الدساتير والقوانين. وبدونها سيظل العالم يئن تحت وطأة الظلم، وهو آفة المجتمعات والامم.

' كاتب وصحافي بحريني يقيم في لندن

=======================

اسطمبول عاصمة للثقافة الاوروبية

حياة الحويك عطية

الدستور

20-1-2010

اسطمبول عاصمة للثقافة الاوروبية لعام 2010 . اوروبا منهمكة والعاصمة التركية تضج بالحركة منذ فترة طويلة ، تهيأت فيها لاطلاق الحدث الذي افتتحه رجب طيب اردوغان يوم 16 يناير الجاري .

 

467 مشروعا ثقافيا تنويها المدينة التاريخية لعامها الثقافي هذا ، وتوزعها على مساحتها الجغرافية البالغة 80 كيلومترا على خريطة قارتين ، وعلى مساحتها التاريخية الممتدة الاف السنين في عمق التاريخ . مشاريع يتضمن العديد منها احياء المعالم القديمة التي تعود الى المراحل المسيحية البيزنطية وما قبلها .

 

في باريس استضاف القصر الكبير ، منذ اكثر من اربعة اشهر ، معرضا ضخما بعنوان :"من القسطنطينية الى اسطمبول"قدم بتقنيات فنية عالية تاريخ المدينة ، وكأنه اراد من وراء التكريم ان يبين تعددية هذا التاريخ الفوار ، والذي لا يقتصر على المرحلة العثمانية - الاسلامية فحسب . ومع الافتتاح ينتقل المعرض نفسه الى قصر توبو كابي في اسطمبول .

 

منذ عقود وتركيا تدق الباب الاوروبي ، دون جدوى ، فهل سياتي اليوم الذي يفتح الباب من تلقاء نفسه نتيجة لالتفات انقرة الى مجال اخر ؟

 

وهل ان اوروبا باتت على وعي بذلك فراحت تهيئ للمرحلة بدعم تعددية الدولة التركية ، تجنبا لاسلمتها ، كي لا تضطر القارة العجوز الى ضم قارة اسلامية . فتركيا اليوم تنتهج سياسة اسلامية ، حتى ولو لم يكن ذلك بالمعنى الاصولي ، وهي في الوقت نفسه توزع امتداداتها السياسية عبر العالم العربي المسلم ، وعبر العالم الاسيوي المسلم . فهل لاوروبا قدرة على احتمال امبراطورية عثمانية جديدة في قلبها ؟ ولكن هل لها من جهة اخرى قدرة على الاستغناء عن تركيا اذا ما واصلت التطورات الدولية تحولاتها في الاتجاه الذي تسير فيه الان ؟

 

انقرة تدرك كل ذلك ، ولذلك تقدم نفسها بثوبين : ثوب التعددية والتاريخ المسيحي الذي فيه الكثير مما يجمعها باوروبا ، وثوب الاسلام الذي يجمعها بمحيطها الاخر .

 

لقد ادركت حكومة اردوغان - غول انها بدلا من التسول على الباب الاوروبي في ثياب العلمنة ، دون جدوى ، تستطيع الالتفات الى بعد اسلامي شاسع جغرافيا وبشريا وثراء ، والتمدد فيها ومن ثم الوقوف مدججة بثوبه النارد ، الذي يمثل صيغة الاسلام المعتدل الذي يحتاج اليها الغرب مقابل الاسلام المتطرف ، وعندها ستاتي اوروبا اليها متوسلة .

 

ولكي تتمكن من التدجج بهذا الثوب سلكت الدولة التركية ثلاثة طرق : القوة العسكرية ، اعتماد اقتصاد الانتاج ، والتمدد السياسي . القوة العسكرية بنتها منذ امد طويل ولم تجعلها تتأثر بالحروب المجاورة ، ولاجلها اقامت التعاون مع كثيرين خاصة اسرائيل . اقتصاد الانتاج ، عكفت عليه بدأب كبير ، بعد ان هيأت له السبل : زراعيا بعد انشاء السدود ، وصناعيا بعد تحديد المجالات ، واستطاعت بالسياسة ان تؤمن له الشرط الاساسي لنجاحه : السوق . اما التمدد السياسي ، فقد ادركت هذه القيادة الذكية أنها لن تحققه الا عبر محيطها الاسلامي ، واوله العربي ، اليتيم الذي يبحث عمن يتبناه . ولا يدرك أنه صاحب ثروة يهفو اليها اي مرشح للابوة : ثروة تتمثل اولا في حجم السوق ، وتتمثل ثانيا في حجم الثروات الطبيعية ، وتتمثل ثالثا في حجم القضايا التي تهز كل منها مصير العالم .

 

وفي حين كان اصحاب الثروات العربية مشغولين بموسوعة غينيس كانت تركيا تتوصل الى اعتماد سياسة الاغراق الانتاجي للاسواق العربية ، وتبدأ بغزو الاوروبية . كان بعض العرب ينشغلون بمداواة عقدهم بنسج اكبر علمْ وطهي اكبر صحنً حمص ، وكانت تركيا تنتج النسيج والحمص وتبيعه لنا .

 

اما سياسيا ، وهنا الطامة الكبرى ، فقد تخلت القيادات العربية عن دورها في قضايا شعوبها ، بمافيها القضية المركزية ، التي تظل مركزية في وجدان الشعوب مهما شطبتها ذاكرة القادة . وتخلوا عن دورهم في دعم ما تبقى من مظاهر الحياة والمقاومة ، فوقف الناس في العراء ليجدوا في رجب طيب اردوغان زعيما نصيرا ، وجريئا ، يجسد مسلك الكرامة الذي يشكل المحرك الاول لسيكولوجية الانسان العربي.

 

لا شك ان الرجل يتصرف بقناعات ، لكنه رئيس دولة لا كاتب صحفي يعبر عن ارائه فحسب ، انه امين على ميزان مصالح بلاده ، ووفقه عليه ان يتصرف ، ويتصرف . بناء على تجربة واستراتيجية بينت ان البعد العربي اكثر فائدة له من اسرائيل ، سياسيا واقتصاديا ، في حين يظل الخيط العسكري مربوطا مع اسرائيل بدليل اقتصار محادثات انقرة مع ايهود باراك امس على الجانب العسكري .

 

الطبيعة لا تحتمل الفراغ ، وقد افرغنا موقعنا في قاعة التاريخ ، فجاءت ايران لتملأ حيزا كبيرا منه اولا ، ثم جاءت تركيا ، ولاعتبارات مذهبية وتاريخية وواقعية حالية تقدمت انقرة بشكل اكبر . اما نحن فوقفنا نصفق ، وسنصفق لاختيار اسطمبول عاصمة للثقافة الاوروبية ، مع تأرجح المشاعر بين الفرح والتحفظ لاننا لا نريد الاعتراف بأن تركيا ليست فقط اسلامية ، في حين انها هي لا تريد ابدا التنكر لماضيها غير الاسلامي ، بل تحرص على توظيفه رصيدا لها في حسابات التعددية الغنية ، التي تؤهلها اكثر في عيون الغرب .

=======================

ادعاء الصداقة.. وفعل العداوة

الافتتاحية

الأربعاء 20-1-2010

بقلم : رئيس التحرير - أسعد عبود

الثورة

في الاجتماع المشترك للحكومتين الألمانية والإسرائيلية.. وجهت ألمانيا تحذيراً غير مكتوب لكل العرب يقول: نحن في الصف الإسرائيلي دون أي اعتبار لما تعانونه في غزة وفلسطين ولبنان، أو لغولدستون أو لغيره..!! «أسمعت لو ناديت حياً».. وتحذيراً آخر معلناً لإيران من قبل السيدة ميركل من أنها «إيران» ستواجه مزيداً من العقوبات إن هي لم تعدل مسارها في برنامجها النووي!!

لاتخشى ألمانيا من أن تتلقى أي تحذير من عرب أو مسلمين أو من أنها ستواجه أي مواقف قوية - على الأقل - إن هي استمرت في تجاوزاتها السياسية على حساب الحقوق العربية والدم الفلسطيني.‏

لو تعلم هذه الأمة إمكاناتها للتأثير في الموقف الألماني ولفرض تقويمه كي ينسجم مع المنطق والشرعية الدولية.‏

ليس هذا نداء لدول عربية أو مسلمة لتحذير ألمانيا.. بل هو شعاع قهر, أعلم أنه سيصطدم بسطح الجليد الذي يلف أمتنا العربية..في هذا الظرف التاريخي الذي يشبه إلى حد بعيد المحنة التاريخية.‏

هو نداء للعرب وغير العرب.. مسلمين وغير مسلمين.. يقول: لسنا أمة في ثلاجة.. ولا شعباً في العصر الجليدي.‏

يكفينا اليوم أن نعبِّر..نقول.. وعندما نمسك زمام المبادرة سيكون تعبيرنا عن الرفض والغضب موقفاً لا يخشى ألمانيا أو أميركا أو غيرهما..‏

نحن لا نعادي أحداً.. لكنهم يعادوننا.. نحن لا نكره أحداً.. لكنهم يفرضون علينا الكراهية.‏

يحتقرون مقدساتنا.. يعتدون على مواطنينا.. يرقصون على خراب أوطاننا ودماء شهدائنا.. ويحالفون عدونا دائماً وبكل شيء..‏

سياسة عدائية مستمرة.. لن تتوقف عند حدود غواصات حربية تعد بها ألمانيا إسرائيل كي تواجه «أعداءها».. من هم؟!‏

لا كلمة عن الاستيطان.. لا كلمة عن غزة.. لا كلمة عن تقرير المجلس الدولي لحقوق الإنسان.. وقبول لافت لمواقف ليبرمان العنصرية ودعوته «أن تحذو إسرائيل حذو الولايات المتحدة ضد اليابان لمكافحة حماس في غزة».‏

لسنا أمة في ثلاجة.. ولا شعباً في العصر الجليدي.‏

لكنه جبروت القوة.. واستكانة الضعف المفروض علينا ولسنا ضعفاء.‏

أليس موقفاً قوياً أن يقوم وفد من أبناء الجولان السوري المحتل بزيارة تعاضد ودعم للقدس وأبناء فلسطين؟.‏

أليس موقفاً قوياً أن يشكل أبناء غزة المنكوبون بالفعل الإسرائيلي الإجرامي المستمر.. مجموعة عمل لجمع التبرعات منهم إلى متضرري زلزال هاييتي!!‏

هذا إرثنا الإنساني.. وهو إرث لن ينتهي.. سنعيش لنصفع دائماً سلالات الغطرسة والتجبر والتطاول التي تقيمها الرأسمالية العالمية في العالم.‏

نقاوم الدبابات والمدافع والقنابل الفوسفورية والغواصات الحربية.. بالإنسانية والإيمان بالغد.‏

غداً إذاً نعلن موقفنا القوي من قوتهم الطاغية، سيكون هناك حديث آخر.. لن نحلها على طريقة أفلام «الكارتون» أبداً بل نحن واثقون من النصر..‏

نحن إذ قوتنا مصادرة.. نفعل.. ألا يحسبون ليوم تنطلق فيه قوة هذا الشعب من عقالها.‏

هو الغرب.. أميركا وأوروبا.. يقدم لنا كل صباح تحية أشبه بابتسامة ساخرة منا.. مملوءة بالغطرسة و«الإعجاب» بقدرتنا على التحمل ودفن الرأس في الرمال.‏

وبين تحية صباح غربية وأخرى، هناك وقفة خوف لوقت قصير بسبب المقاومة.. بعدها يبدؤون بالعمل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً للجم المقاومة.‏

فلنحذر مستقبلنا بلا مقاومة..‏

ولننتبه إلى ادعاء الصداقة، وفعل العداوة.‏

=======================

هل تعلمنا شيئاً من مئة سنة مضت؟

بقلم :سيار الجميل

البيان

20-1-2010

دوما أقول إن حياتنا العربية المعاصرة بدأت مع العام 1909، وها هي ذي مئة سنة رحلت عنّا مع 2009. مئة سنة رحلت من الزمن المتاح والطاقات الجديدة والوسائل الممكنة والثروات الطائلة التي ذهبت هباء منثورا، لأن أغلب مجتمعاتنا القديمة لم تستقم وكياناتنا الجديدة!

 

مئة سنة مرت ولم نعرف كيف نتعلم من مستويات بعضنا الآخر.. مئة سنة مرّت ولم نعرف حجمنا وقدراتنا إزاء الآخرين.. مئة سنة مرت وسياساتنا وثقافاتنا، تتقاذفها رياح حربين ساخنتين وحرب باردة بين معسكرين عالميين.. مائة سنة مرت وقد عجّت بالانقلابات والاضطرابات السياسية والانقسامات.

 

وحرب الإذاعات والحروب الفاشلة مع إسرائيل.. مئة سنة مرت، ولم نعرف كيف نعالج قضية فلسطين التي غدت قضية شرق أوسطية! مئة سنة مرت ولم نحاول ولو لمرة واحدة أن نغّير مناهج تربوياتنا، ولا قوانين مؤسساتنا القضائية.

 

ولا تطوير أحوال خدمات مجتمعاتنا وبلدياتنا (باستثناء تجربتين أو ثلاث).. مئة سنة مرت، ولم نسمع إلا الأقوال والخطابات والشعارات والمصطلحات المستوردة.. بل ونقرأ ونسمع تنظيرات فارغة عن أفكار وأيديولوجيات يستحيل تطبيقها على أوضاعنا..

 

مئة سنة مرت وقد دفعت أحزابنا وتياراتنا السياسية العديد من أبنائها قرابين وضحايا، ذهبت دماؤهم هدرا، ناهيكم عمّن عُذّب في السجون والمعتقلات، أو من شرّد وهجّر إلى الشتات!

 

ممئة سنة مرّت بكل انقلاباتها وثوراتها وحركاتها، والحياة لا تنتقل أبدا نحو الأحسن.. بل انتقلت اليوم نحو التوحش. لقد تبين اليوم أن ليس لكل ما رفع من شعارات ومانشيتات.. أية مضامين حقيقية لدى كل من حملها وتاجر بها، من أجل السلطة والقوة والمال والنفوذ.. الخ.

 

مجتمعاتنا تعيش مرحلة عتمة فكرية، وتشوش ذهني، وهزال ثقافي، وانقسامات اجتماعية، كي تدخل مرحلة توحش حقيقي.

 

ولم تزل مجتمعاتنا تسحب مشكلات الماضي إلى حاضرها، كي تزيد من تناقضاتها! لقد أصبحنا أسرى لها وستنقلنا إلى الزمن المتوحش، الذي تفتقد فيه كل المعايير وكل ما تبقى من قيم وثقافات! إن مجرد كوننا مجتمعات مستهلكة غير منتجة لأغذيتها، فسنكون عالة متطفلة على الآخرين، إذ ليست كل مجتمعاتنا غنية تبيع البترول.

 

وسيزداد حجم التناقضات في ظل تفاقم أحقاد وكراهية شعوبنا، بعد أن انعدمت الثقة بين دولنا ومجتمعاتنا معا، وهي تنتمي إلى منظومة عتيقة تبدو بائسة، اسمها «جامعة الدول العربية».

 

ولقد ساهم الإعلام ولم يزل في إشاعة التنكر والكراهية بين هذا وذاك، فضلا عن إثارة دعاوى أيديولوجية مذهبية وطائفية وسياسية وإعلامية.. إنها لم تزل تعاني من شقاء العنصرية والشوفينية، وتهوى الانفصالات بديلا عن التكتلات، فضلا عن السياسات الغبية التي خلقت طوابير خامسة وسادسة مضادة في دواخل مجتمعاتنا..

 

إن أمثلة متعددة اليوم تشهد على عظم المأساة، وأخشى أن تنسحق مجتمعات المنطقة بالكامل كما حدث في أكثر من بلد. المشكلة الحقيقية اليوم أن نمضي نحو الزمن المتوحش بإرادتنا، كوننا تركنا مرحلة الشعارات ودخلنا مرحلة الهذيان! فهل من هزة سوسيولوجية هائلة أو صدمة فكرية كبرى تنقذنا من هذا الاستسلام وتخرجنا من الهذيان؟ بل وتجعل مجتمعاتنا تدرك أي نوع مدمّر تمارسه من الغيبوبة؟

 

إن الماضي مسيطر علينا، وقد غدا مقدسا في عواطفنا بعد أن كان مجيدا في عقولنا، فهو اليوم فوقنا دوما، وليس من السهولة جعله يتساوق معنا اليوم ليمشي وراء الحاضر من أجل المستقبل.. إن متغيرات هذا العصر لا نجدها في كتب الماضي، وعليه فلا بد من حصول إدراك متبادل بين مجتمعاتنا ومتغيرات العصر.

 

فالماضي سوف لا يطعمنا أو يسقينا وهو لا ينقذنا ولا يحيينا.. قد يحفزنا ويعلمنا.. يرشدنا ويهدينا، ولكن أن يصبح دكتاتورا علينا، فهذا ما سيضرنا كثيرا، خصوصا إذا اختلطت مثالبه مع صوالحه في الأذهان.. إننا لا نعالج الأمر بأن ننفي دراسة التاريخ وتدريسه في مدارسنا وجامعاتنا، بل ينبغي معرفته لا للاندماج معه، بل للاستفادة منه!

 

إن أحياء اليوم لا تنقذها عظام الماضي، وأجد من يؤمن بذلك إيمانا جارفا من دون أي شعور بما سيؤول إليه المصير..

 

ولا أعتقد أن أحدا سينتقدني إذا وجدني أنتقد، بعد مئة سنة من التحولات، ما نجده من غرائب تعويذات، وتقديس أضرحة، وبكائيات مولولين، ورقص مشعوذين، ومواعظ دجالين! هناك من يختزل حياته بهذا، من دون أن يعلم أنها بحاجة إلى فقه جديد ومصالح مرسلة جديدة، بل وإلى تغيير جوهري، والفرق كبير بين انقسامات فرق الملل والنحل في مجتمعاتنا، وبين تجليات فلسفتنا وترجماتنا وعلومنا وآدابنا في تاريخنا!

 

ما العمل؟

 

لا يكفي أن ندرك أين هو إيقاع العصر، وليس لنا أن نردد معه، أو نرقص على وقعه كما حدث في القرن العشرين.. علينا أن لا نضحك على أنفسنا ونتوهم الأخيلة حقائق.. ليس مطلوبا منّا أن نتواطأ مع الأفكار المضادة لنا، ولكن المطلوب منّا أن نتعّرف عليها لنجادلها ونحاور أصحابها من موقع القوة..

 

ليس مطلوبا منّا أن نبقى كما نحن اليوم، فذلك ليس تهميشا لنا فحسب، بل عزلنا وإنهاؤنا، بل علينا التغيير لمزاولة تفكيرنا على حلبة الحياة القادمة.. والتغيير صعب، لكن من السهولة أن يبدأ من حيث يقبل أي واحد منّا بالآخر.. التغيير هو العدو اللدود للمحافظين على القديم، ولكنه أيضا ليس مجرد مبادرة عادية لفنتازيا أميركية يصفق لها المهرجون!

مؤرخ عراقي

=======================

إدارة أوباما نكوص وتراجع

آخر تحديث:الأربعاء ,20/01/2010

الخليج

عبد الزهرة الركابي

على العكس من مسحة التفاؤل التي أظهرها بعض المراقبين بشأن النهج الذي ستتبعه إدارة أوباما في مسار التفاوض الفلسطيني - “الإسرائيلي”، فإن هذه الإدارة بدت خطواتها بطيئة ومترددة، بل تصرّ على أن يقوم العرب بإجراءات لما أسمته “بناء الثقة”، وهي إجراءات بمعناها الصريح: التطبيع المجاني مع الكيان الصهيوني الذي لم يرسل أي إشارة لوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الأمر الذي حدا بأحد مستشاري رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى القول “لاحظنا تراجع الموقف الأمريكي بشأن المفاوضات بالانتقال من المطالبة بتجميد الاستيطان إلى المطالبة بالعودة إلى المفاوضات من دون تحقيق التزام “إسرائيل” بذلك” .

 

كما أن إعلان نتنياهو وقف الاستيطان الجزئي والمؤقت في هذا الوقت، يمثل مناورة مكشوفة من المناورات التي درجت عليها “إسرائيل” في مختلف المراحل التي شهدت جولات من التفاوض على المسار الفلسطيني .

 

وبدلاً من وضع خارطة جديدة لعملية السلام إثر الرفض “الإسرائيلي” لوقف الاستيطان بناءً على مطالبة إدارة أوباما في مستهل ولايتها، راحت هذه الإدارة تمالئ إن لم نقل تتماهى مع “إسرائيل” في موقفها، عندما التزمت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون مؤخراً، بالشروط “الإسرائيلية” لإعادة إطلاق عملية التسوية، وذلك على مسامع البعض من نظرائها العرب، حيث دعت إلى استئناف المفاوضات على المسار الفلسطيني - “الإسرائيلي” من دون شروط مسبقة، وهي بهذه الدعوة تؤكد أن مطالبة الفلسطينيين والعرب “إسرائيل” بوقف عملية الاستيطان، تعد شروطاً مسبقة، على الرغم من ان إدارتها نحت مثل هذا المنحى في بداية الأمر، قبل أن تعود إلى تبني الموقف “الإسرائيلي” في هذا الجانب، وهي التي تزعم في تصريحاتها، أنّ واشنطن ملتزمة بتحقيق سلام شامل في الشرق الأوسط على أساس حل الدولتين .

 

من الواضح، أن هناك تقابلاً في الرؤى والمواقف بين الفلسطينيين “السلطة الفلسطينية” والأمريكيين، طفا على سطح هذا الجانب بشكل لافت ولاسيما في الفترة الأخيرة، وحسبما أعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات رداً على وزيرة الخارجية الأمريكية كلينتون، فإن استئناف المفاوضات يتطلب وقفاً شاملاً للاستيطان . بينما ترى كلينتون أن تسوية مشكلة الحدود تحل مشكلة الاستيطان، وتسوية قضية القدس تحل مشكلة الاستيطان .

 

لكن الموقف الفلسطيني بدا مفنداً لرؤى الوزيرة الأمريكية عندما قال عريقات، سنستمر في مساعينا حتى تتمكن الإدارة الأمريكية من الزام “إسرائيل” باستئناف المفاوضات على أساس الالتزامات الواردة في خارطة الطريق، خصوصاً وقف النشاطات الاستيطانية، بما فيها النمو الطبيعي والقدس، وتابع عريقات كما نأمل أن تستأنف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها في كانون الأول/ديسمبر ،2008 ونريد اعترافاً واضحاً بحل الدولتين، والاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 .

 

ان استئناف المفاوضات على المسار الفلسطيني - “الإسرائيلي”، كما تراه السلطة الفلسطينية التي يؤازرها دعم وحراك عربيان في هذا الاتجاه، يجب أن يكون جدياً من الكيان وليس ملهاة وتسويفاً مثلما اعتادت في المراحل السابقة، وقد يكون التهديد الموجه للكيان من قبل مبعوث الإدارة الأمريكية جورج ميتشل والمتعلق، بإمكان استخدام المساعدات المالية التي تمنحها إدارته إلى “إسرائيل”، للضغط على حكومة بنيامين نتنياهو بهدف القيام بخطوات تساعد على عملية السلام، تصريحاً للاستهلاك الإعلامي وربما يأتي بمنفعة لحكومة نتنياهو أكثر مايثير لها القلق، حيث إن “إسرائيل” مطمئنة إلى موقفها في أروقة المؤسسات الأمريكية الفاعلة، وهي بالتالي لا تخشى من أي تهديد في هذا المضمار، وهو أمر أكده المسؤولون الأمريكيون في تعقيباتهم بشأن هذا التهديد، عندما سارع موظفو إدارة الرئيس باراك أوباما إلى إبطال مفعول هذه المواقف، بدليل ان صحيفة يديعوت أحرونوت “الإسرائيلية” نقلت عن مصدر أمريكي قوله إن كلام ميتشل لم يكن تهديداً، ولا حتى إشارة تهديد، وكل ما في الأمر أنه كان يرد على سؤال في مقابلة تلفزيونية عن موقف الولايات المتحدة في حال استمرار الرفض “الإسرائيلي”- الفلسطيني لتجديد المفاوضات .

 

على كل حال، يبدو أن إدارة أوباما على صعيد السلام في الشرق الأوسط لم تأت بشيء جديد، وليس بمقدورها القيام بعمل ضاغط لإجبار الكيان على وقف الاستيطان بشكل شامل، حتى يتسنى المجال لإجراء المفاوضات على المسار المذكور، كما أن حكومة نتنياهو تعي جيداً أن “العروض الجديدة” التي تقدمها سواء للفلسطينيين أو للعرب، هي عروض لايمكن القبول بها، وهي بالتالي عروض ولدت ميتة، وأن الغرض من تقديمها، هو الادعاء بأن الفلسطينيين هم من يرفضون إجراء هذه المفاوضات .

=======================

حصار ثلاثي

آخر تحديث:الأربعاء ,20/01/2010

ميشيل كيلو

الخليج

يتعرض قطاع غزة لحصار ثلاثي، تفرضه “إسرائيل” على القطاع بكامله، وحماس على أهاليه، ومصر على حماس والشعب . أما مسوغات الحصار، فهي تتفاوت بتفاوت مواقف أطرافه الثلاثة، ف”إسرائيل” تريد إبقاء حماس تحت مستوى من القوة يمنعها من المخاطرة بتسديد ضربات حقيقية إليها وشن مقاومة فعالة ضدها، من دون أن يتسبب هذا في إضعافها تجاه القوى الفلسطينية الأخرى، وخاصة منها منظمة التحرير، أو في فقدان سيطرتها على القطاع، وضياع الإفادة التي تجنيها من انقسام الصف الوطني والإسلامي، وانقلابات حماس على المنظمات الأخرى، وخاصة منها منظمة التحرير ومؤسساتها . بدورها، تفرض حماس حصاراً داخلياً محكماً ومتعاظماً على شعب غزة، يعود عليها بمغانم ومنافع مادية وسياسية، ويبقي أهلها تحت وطأة الحاجة، ويحول بينهم وبين التفكير بهز أو تحدي سيطرتها عليهم، كما يمنع عودة القطاع إلى السلطة الوطنية بالسياسة، بعد أن طردتها حماس منه بالقوة المسلحة . أخيراً، فإن الجانب المصرى يرى في حماس مشروع خطر داخلي، ولا ينسى أنها جزء مسلح من حركة الإخوان المسلمين، الموجودة بقوة داخل أرض الكنانة، وأن انتهاجها سياسات وطنية صائبة من شأنه أن يقدم نموذجاً تقتدي به قوى مصرية وازنة، وربما المجتمع المصري ذاته، فلا بد من خنقها، وهي التي يزيد من خطورتها كونها تضع يدها في يد قوى إقليمية مناوئة لمصر، تسلحها وتدربها وتمدها بالمال، وتمتلك نصيباً وافراً من قرارها، فإن هي اختنقت بالحائط الفولاذي تحت الأرضي، الذي يبنيه النظام المصري، كانت عبرة بدل أن تكون قدوة لغيرها، وتم إنزال هزيمة بحلفاء حماس الإقليميين، من عرب وفرس، تسحب منها ما تملكه من ورقة فلسطين، بعد أن سحب منها جزء من ورقة لبنان، بينما يشتد الصراع على ورقة العراق .

 

لا حاجة إلى الحديث عن شعب غزة: ضحية هذا الحصار الثلاثي، والذي لا يجد من يدافع عنه بصورة جدية وصادقة، غير أوروبيين يجهلون أحوال المنطقة، ويعتقدون بنية طيبة أن فك الحصار عن القطاع يعني فك الحصار “الإسرائيلي” وحده، وأنه سيؤدي بالضرورة إلى إخراج غزة من وضعها العصيب .

 

يتعرض شعب غزة، حسب ما يقوله الشهود وترويه الوقائع، لحالة رهيبة من التجويع والقتل البطيء والتخويف والنهب والتجهيل وامتهان الكرامات وانتهاك الحريات، ويخضع بقوة السلاح لأمزجة وأهواء وحسابات الممسكين بمصيره، الذين شرعوا في العام الأخير يرون في معركتهم ضد فتح ومنظمة التحرير ميدان نضالهم الرئيسي، وكانوا قد هددوا “إسرائيل” بأشد مقاومة تخطر ببال، إن هي هاجمت القطاع، وعندما هاجمته، وجدت مقاومة جد ضعيفة، فلم يلعب أطفال غزة بأشلاء جنود العدو ودباباته، كما وعد خالد مشعل العرب والمسلمين، بل سرح الصهاينة ومرحوا في غزة على هواهم، ولم يغير من هذه الحقيقة أن مشعل أعلن بعد انسحاب الغزاة أن انتصار حماس فتح طريق تحرير فلسطين، بينما التزمت حماس التزاماً تاماً بالهدوء، وأقلعت عن أي فعل من أفعال المقاومة، بل واعتقلت وسجنت من أطلق ولو صاروخاً واحداً على أراضي فلسطين المحتلة منذ عام ،1948 وقالت بلسان الناطق باسمها: إن من يدعونها إلى المقاومة لا يريدون غير تحريض “إسرائيل” على تسديد ضربة قاضية لها . في هذه المعمعة، كانت حسابات حماس واضحة: لا يجوز أن تؤثر مقاومة العدو على موازين القوى الفلسطينية الداخلية، أو أن تضعف حماس بحيث تتمكن منظمة التحرير والسلطة الوطنية من العودة إلى القطاع، والباقي كله تفاصيل غير مهمة، وكلام بكلام .

 

إلى هذا، يعامل الصهاينة أهل القطاع بالحقد الذي عبر عنه رابين ذات يوم، حين قال: “كم أتمنى أن استيقظ صباح الغد، فأرى غزة وقد ابتلعها البحر” . يغرق “الإسرائيليون” غزة في موتين: بطيء وعاجل، ويحكمون حولها حصاراً خانقاً جعلها- أو أبقاها - أرضاً محتلة، تحت رحمة عدو مجرم لا يفرق بين طفل وامرأة وشيخ وشاب، أتقن فنون المحرقة وطبقها يومياً على أرض تتسع بالكاد لساكنيها، مواردها محدودة، وفرص العمل فيها نادرة، يعيش فوقها عدد هائل من البشر يجعلها أكثر مناطق العالم كثافة سكانية، في حين تشح داخلها المياه وتنقطع الكهرباء وتتكدس القمامة وتطفو الفضلات البشرية في المجاري المكشوفة، التي تنشر رائحة قاتلة في معظم أحيائها، الفقيرة بطبيعة الحال، الفقيرة إلى أية مرافق صحية ذات شأن .

 

هنا، كما في كل حصار، يخضع الشعب لحسابات سياسية لا تهتم بالاعتبارات الإنسانية أو الوطنية / القومية . ينطبق هذا الحكم خاصة من الجنوب، الذي يريد خنق القطاع إلى أن تضع حماس أوراقها في يد القاهرة وتسحبها من يد غيرها . يذكر هذا كثيراً بالمنطق الأمريكي خلال الحصار على العراق، بين عامي 1991 و،2003 عندما قالت وزيرة خارجية واشنطن مادلين أولبرايت، إن حصار العراقيين سيستمر إلى أن يسقطوا نظام صدام حسين . إنه إذن حصار مفتوح وانتقامي . وهو يطرح السؤال التالي: ماذا إذا لم يسقط الشعب حماس، وإذا لم تسلم هذه أوراقها لمصر؟ إن لحصار مصر نكهة خطيرة جدا تختلف عن نكهة الحصار “الإسرائيلي” والحماسي للقطاع، فالصهاينة يحاصرون عدواً يستطيع إيذاءهم، وحماس تحاصر شعبا قد يتمرد عليها . أما الجانب المصري، فإن معركته موجهة ضد شعب القطاع، وليس له الحق في أن يخاف حماس ويتحسب لها كما يخافها ويتحسب لها الصهاينة وقسم وازن من شعب القطاع . ومع ذلك، يعتبر حصارها للقطاع الحصار الأشد إيلاما وإيذاء، ليس فقط لأنه خارج عن أي قانون أو عرف دولي أو شرعي، بل كذلك لأنه يتم بذرائع أمنية تضع الدولة المصرية في مواجهة مع قوم صديق لها، لا يسعى إلى مواجهتها ولا يقدر عليها، على فرض أنه جن وطلب المواجهة .

 

تشكل حالة غزة نموذجاً صرفاً، لا تخالطه أية شوائب، للحالة المأساوية التي يعيشها العرب: إنها تعيش مثلهم، ولكن في صورة مضاعفة مرات كثيرة . إنها أولا حالة فصام بين القيادة- حماس - والشعب، تعالج بالقمع والقهر وكم الأفواه والقتل . وهي ثانياً حالة خصام مبطن ومعلن مع الدول العربية المجاورة لها والقريبة منها، التي ترى في انتماء حماس إلى محاور إقليمية وضعا يستوجب العداء . وأخيراً، فإنها تعيش، أكثر من أي مكان عربي آخر، تحت رحمة عدو صهيوني لا يرحم، يتحكم بكل حبة قمح طحين ونقطة حليب تدخل إليها .

 

هذه الحقائق الثلاث تجعل فك الحصار عن غزة انتصاراً حقيقياً، خاصة إن واكبته مصالحة وطنية تعيد إلى الأطراف الفلسطينية المتنازعة رشدها، وتجعلها مسؤولة قولا وفعلا عن قضيتها الموشكة على الضياع .

 

هل هذا الانتصار ممكن في الظرف العربي الراهن؟ وماذا سيكون رد فعل “إسرائيل” على مصالحة وطنية تقيد قدرتها على التلاعب بالقضية الفلسطينية، وتمنعها من كسب الوقت الضروري لتوسيع الاستيطان وفرضه كأمر واقع؟ أعتقد أنه انتصار مستبعد، لأن الجو العربي ليس مهيأ له، وأن “إسرائيل” لن تمرره من دون رد شديد، مستفيدة من الجوين الفلسطيني والعربي .

=======================

العرب والضمانات الأميركية

الاربعاء, 20 يناير 2010

عبدالله اسكندر

الحياة

لم يكن ينقص القضية الفلسطينية، ومآسيها وانسداد الحلول أمامها، سوى المعركة الوهمية بين قطر ومصر، وما يمثل كل منهما في لوحة السياسة العربية، حول ما يطلبه العرب من إدارة الرئيس باراك اوباما ومن تولى نقل هذه الطلبات. واذ تقع هذه المعركة الوهمية في إطار التنافس على الأدوار والكسب الإعلامي، فإنها تكشف في الوقت نفسه المأزق العربي أمام الحركة الديبلوماسية العربية التي سيُسمع كل من عواصمها المبعوث الرئاسي الأميركي جورج ميتشل كلاماً مختلفا. لتتحول المسألة من كيفية فرض الضمانات الأميركية للجانب العربي الموجبة لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وإنجاح الحل السلمي في الصراع العربي - الإسرائيلي، الى نزاع بين العواصم العربية على الأهداف التي تخدم مصالحها المباشرة ومنافسة في العواطف إزاء الشعب المحاصر في قطاع غزة.

ليس جديداً ان تسعى دول عربية الى توظيف القضية الفلسطينية في خدمة مصالحها المباشرة، لكن الجديد هذه المرة هو أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتشددة تخلق من الوقائع على الأرض في القدس الشرقية والضفة الغربية ما يطيح فعلياً حل الدولتين الذي التزمته ادارة الرئيس باراك اوباما، ويطيح الآليات الممكنة لتنفيذ هذا الحل. والمأزق الجديد هو ان تحصل اسرائيل على ضماناتها الأمنية ويهوديتها فيما لا يزال العرب يتنافسون على إعلان من قدّم منهم اكثر للقضية وعلى من يحصل على ضمانات من الولايات المتحدة، وتفوت على الفلسطينين الضمانات بإقامة دولتهم المستقلة. وهذا في الوقت الذي يزداد التنافس اتساعاً في شأن المصالحة الفلسطينية وكيفية توظيف احتمال توقيعها وظروفه. ما يبعدها أكثر فأكثر عن التحقيق، ويعمق الانشطار الفلسطيني نحو طريق اللاعودة.

في خضم الزيارات العربية لواشنطن، والتي عكست التنازع العربي، وعشية بدء جولة ميتشل على المنطقة والتي يحمل فيها ما يُقال عن نوعية الضمانات الأميركية المطلوبة، وجه هنري سيغمان المدير التنفيذي السابق للمؤتمر اليهودي الأميركي، والخبير النافذ في السياسة الخارجية الأميركية، نداء الى الرئيس اوباما تضمن تصوره لكيفية معاودة إطلاق عملية السلام المجمدة.

يلاحظ سيغمان ان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو «نجح في مشروعه لجعل الاستيطان في الضفة الغربية لا عودة عنه... وهذا النجاح يجعل من المستحيل إقامة دولة فلسطينية». ويضيف «ان استسلام الرئيس باراك اوباما امام نتانياهو بالنسبة الى تجميد الاستيطان دمر الأمل الأخير في إمكان تحقيق حل الدولتين». ويستخلص ان إمكان استعادة الأمل بتحريك حل الدولتين يتعلق مباشرة بالإدارة الأميركية وتخليها عن الفكرة السقيمة المتعلقة بالحياد في العملية السلمية، واقتناعها بأن إقامة الدولة الفلسطينية تقتضي تدخلاً خارجياً مباشراً وملزماً لإسرائيل.

بالتأكيد يعتبر سيغمان ان هذا التدخل الأميركي الملزم مصلحة استراتيجية لإسرئيل التي عليها ان تحافظ على طابعها اليهودي والديموقراطي، ومصلحة استراتيجية اميركية ينبغي الا تكون في خدمة سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية. لكن ما يطرحه عن ضرورة التدخل الأميركي المباشر الملزم لإسرائيل لوقف الاستيطان، بما يوفر وضعاً على الأرض يتيح إقامة الدولة الفلسطينية يمكن ان يشكل اساس الضمانات التي يمكن ان يطالب العرب بها ميتشل وإدارته.

وكما انه من المستبعد، في الوقت الحالي، ان تستمع الإدارة الإميركية الى نصائح هذا اليهودي الغيور على رصيد «الدولة اليهودية» وصورتها ومصلحتها الاستراتيجية، كذلك من المستبعد ان يمارس العرب معاً قوة ضاغطة على ادارة اوباما لجعله يقدم مثل هذه الضمانات، وهم على ما هم عليه حالياً.

=======================

الديبلوماسية الإسرائيلية... تكتيكات في التهرب من الضغوط والالتزامات

علي حسين باكير*

الرأي العام

20-1-2010

تمر الولايات المتحدة بحال تاريخية من الوهن والضعف نتيجة لقرارات إدارة بوش الابن السابقة الخاطئة، التي أغرقت القوة العظمى في وحول العراق وأفغانستان والعبء المالي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي الناتج عن هذه الحروب. ثم جاءت الأزمة الاقتصادية العالمية لتعقّد وضع واشنطن في النظام العالمي، وكان نتيجة ذلك أن أتت إدارة جديدة بقيادة الرئيس أوباما تحت عنوان التغيير في محاولة لتدارك الأمر.

هذا التغيير يحمل ضمناً مفاهيم طارئة عدة على الوضع دفعت الأميركيين إلى إعادة النظر في عدد من الأمور التي كان ينظر إليها كمسلّمات. فالقوة العسكرية على سبيل المثال لم تعد الملجأ القادر على حل المشاكل، بل أصحبت مشكلة تعقّد الأوضاع وتضعف من مكانة الولايات المتّحدة العالمية. على الصعيد الديبلوماسي أيضاً أصبح هناك شعور راسخ بأهمية التعاون مع القوى الأخرى في المنظومة العالمية لأنّ المشاكل والتحدّيات أكبر من أن تقوم دوماً لوحدها بحلّها مهما بلغت من قوّة وعظمة.

ومن ضمن المواضيع التي شهدت إعادة نظر أيضاً القضية الفلسطينية. فالأميركيون عموماً والإدارة الأميركية خصوصاً، تدرك أن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي والصراع العربي - الإسرائيلي أصبحا يقوّضان وضع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والعالم. ولأن أميركا لم تعد بالقوّة التي كانت عليها من قبل، ولأن مشاكلها تفاقمت، ولأن القضية الفلسطينية أصبحت محركاً لكل من يريد معاداة أميركا، ولأن الأمن القومي الأميركي أصبح مهدداً بسبب هذه الإشكالية قبل هذا وذاك، أصبح حل هذه المعضلة أمراً أساسياً. نتانياهو يعلم الحقائق الضاغطة باتجاه إسرائيل، ولذلك عمد منذ انتخابه إلى اللجوء لعدد من التكتيكات الديبلوماسية المهمة التي تعطينا درساً في كيفية التملّص من الالتزامات والتهرّب من الضغوط:

1 - الملف الإيراني: تذرّعت إسرائيل بداية بالخطر النووي الإيراني والتهديد الوجودي الذي يفرضه على إسرائيل في محاولة لاستعطاف أميركا والغرب، وتحويل الأنظار عن شرط الوقف الكامل للاستيطان، كمقدمة لإجراء مفاوضات تفي إلى التوصل لتسوية ليست لمصلحة إسرائيل ولا تريدها. وكانت الولايات المتّحدة قد عبّرت سابقاً عن حنقها من التصرفات الإسرائيلية عبر رفض استقبال رئيس الأركان الإسرائيلي غابي أشكنازي في زيارته في بداية العام إلى واشنطن، إذ تفادى أي مسؤول أميركي رفيع المستوى مقابلته وشمل ذلك حتى نظيره الأميركي مايكل مولن، واقتصر لقاءه على مستشار الأمن القومي الجنرال جيمس جونس الذي رفض الخوض معه في الملف النووي ودعاه إلى التركيز على ضرورة التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين.

كما رفضت الإدارة الأميركية منح مبعوث نتنياهو إلى واشنطن مستشار مجلس الأمن القومي عوزي أراد تأشيرة دخول، علماً أن الأخير ممنوع أصلاً من دخول الولايات المتّحدة لعلاقته بمسؤول البنتاغون لاري فرانكلين في فضيحة نقل خطط أميركية حول إيران إلى إسرائيل عبر اللوبي اليهودي «أيباك».

2 - فخ التجميد الموقت للمستوطنات: لجأت حكومة نتانياهو في مرحلة لاحقة إلى طرح فخ التجميد الموقت للاستيطان (مدّة 6 أشهر)، للالتفاف على الضغوط الأميركية وحشر الفلسطينيين، أي أنها تكون بذلك نفذت شرط وقف الاستيطان «شكلياً» وأرضت الأميركيين، ثمّ أجبرت المفاوض الفلسطيني على التفاوض من دون الحصول على أي مكاسب حقيقية، خصوصاً أن الاستيطان سيتواصل في ما بعد. وأمام التعنّت الإسرائيلي والتمسّك بهذا الطرح، قام الأميركيون بنقل الضغط على الجانب الفلسطيني للقبول به، لكن الموقف السعودي أطاح بهذا الالتفاف عندما أعلن وزير الخارجية سعود الفيصل بشكل واضح وقوي، وفي خطوة نادرة في نيويورك، رفضه المماطلة والتسويف الإسرائيلي عبر تكتيك الوقف الموقت للاستيطان، أو طرح التطبيع الشامل قبل الحصول على خطوات إسرائيلية جدية.

3 - التلاعب على الانقسام الفلسطيني وتعميقه: اعتمدت الديبلوماسية الإسرائيلية أيضاً على التلاعب على مسالة الانقسام الفلسطيني، والمفارقة في الأمر أن الحكومة الإسرائيلية عملت على تعميق الانقسام من خلال تقويض السلطة الوطنية لمصلحة خصومها، على اعتبار أن الأولى منخرطة في الجهد الأميركي والعربي لانتزاع تنازل من إسرائيل، في حين أن خصومها يعارضون العملية السلمية، وهو ما يخدم إسرائيل حالياً، وذلك لأن المصالح الإسرائيلية الحالية تتقاطع مع مبدأ هؤلاء من ناحية رفض التفاوض. فلا إسرائيل تريد خوض مفاوضات من موقع المضغوط عليه، ولا خصوم السلطة يريدون مفاوضات من أساسه، ولذلك شهدنا تحركات باتجاه هذا التقاطع الذي يعزل السلطة، وبالتالي يفشل الجهود الأميركية من خلال تسريب الإسرائيليين لإمكانية عقد صفقة للأسرى، وهو بالتأكيد ما سيعزز من وضع «حماس» في الداخل الفلسطيني، كما عبّر موفاز في محطات عدة عن إمكانية استبدال السلطة ب «حماس» عن طريق التفاوض مع الأخيرة.

4 - التذرّع بعدم وجود شريك فلسطيني: بعد تعميق الانقسام الفلسطيني والتلاعب عليه، طرحت الحكومة الإسرائيلية موضوع عدم وجود شريك فلسطيني للسلام، على اعتبار أن «حماس» لا تفاوض وأن الرئيس الفلسطيني لا يصلح لأن يتم التفاوض معه، فهو ضعيف ولا يمثّل الفلسطينيين كلهم في ظل الانقسام الحاصل، وطلبت إسرائيل بالتالي تأجيل التفاوض إلى حين حل المشكلة الفلسطينية المتمثلة في الانقسام. وكأن الإسرائيليين يأبهون للوحدة الفلسطينية، بل إن هذا الانقسام يخدمهم في التهرب من مسؤولياتهم ومن الضغوط المفروضة عليهم ويحررهم من أي تنازل ممكن.

5 - الاستفتاء الشعبي: آخر أسلحة الديبلوماسية الإسرائيلية كانت اللجوء منذ أيام إلى إقرار مشروع قانون يلزم الحكومة الإسرائيلية بإجراء استفتاء شعبي قبل أي انسحاب إسرائيلي من أراض محتلة. والمراد طبعاً من إقرار مشروع كهذا التحصن ببعد شعبي يدعم التعنت الحكومي بعدم الاستجابة للضغوط الأميركية والمطالب العربية. ومن شأن هذا التشريع أن يفرغ أي مفاوضات مستقبلية أو أي قرار دولي أو حتى إسرائيلي بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، إذ سيتم التذرع بوجود غالبية شعبية معارضة للانسحاب، وبالتالي نقل الضغط من الجانب الإسرائيلي إلى الجانب الفلسطيني والعربي باتجاه دفعه إلى تقديم المزيد من التنازلات والتراجعات.

يحسب للرئيس أوباما وعلى العكس من الرؤساء الأميركيين السابقين أنه تحرّك منذ توليه لمنصبه، وإن لم يكن قد توصل إلى أي نتائج تذكر بعد، ومن غير المعروف ما إذا كان قادراً أصلاً على تحقيق أي نتائج في هذا الإطار. لكن الوضع الإسرائيلي يعطينا مؤشراً بتعرضه إلى ضغوط كبيرة، لكن المطلوب أن تبقى هذه الضغوط الأميركية موجهة إلى الجانب الإسرائيلي وأن تزداد وألا تتحول باتجاه الفلسطينيين أو أن يتم فقدان الأمل، وبالتالي إعطاء الحرية لإسرائيل في غيّها ومماطلتها. هناك العديد من التجارب التاريخية التي تشير إلى أنه عند التضارب بين مصالح الأمن القومي الأميركي وبين مصالح إسرائيل، فإن واشنطن تدافع بشراسة وقوة عن أمنها القومي حتى وإن تطلب ذلك إجبار إسرائيل الحليف الاستراتيجي على التراجع واتخاذ خطوات لا يحبّذها. في العدوان الثلاثي على مصر، على سبيل المثال، أجبرت واشنطن الحكومة الإسرائيلية على الانسحاب والتراجع وقالت غولدا مائير في حينه، بما معناه، بأن القرار الأميركي أذل إسرائيل وأجبرها على فعل ما لا تريد. وقد تكرر الأمر أيضاً في عهد بوش الأب الذي هدد إسرائيل بوقف المساعدات المالية والعسكرية المخصصة لها فما كان منها إلاّ أن لبّت طلبه.

صحيح أن الإدارة الأميركية لم تستعمل بعد الأوراق كلها، ولم تضغط بالشكل القاسي المفترض، لكن المطلوب عربياً تزويد أوباما بالأدوات التي يحتاجها أيضاً في الضغط على إسرائيل، لا التفرج على جهوده ومن ثمّ القول بأنه لم يغير شيئاً. ويمكن الإشادة في هذا الإطار بالتحرّك الأوروبي الأخير سواء عبر المشروع السويدي الذي طرح أخيراً أو عبر بيان المجلس الأوروبي في شأن عملية السلام، والاعتراف بالقدس، ورفض قيام إسرائيل بفرض أمر واقع عبر تغيير الوقائع على الأرض وتهجير الفلسطينيين وإقامة المستوطنات وتغيير التركيبة السكانية للقدس، والذي يصب أيضاً في دعم المجهود الأميركي، خصوصاً أن العديد من التقارير البحثية الأميركية الصادرة حديثاً تعترف بضرورة حل القضية الفلسطينية، وإن لزم الأمر الضغط على إسرائيل، علماً أن هذه التقارير تشير أيضاً إلى إمكانية أن يتسبب هذا الضغط بمشاكل للرئيس أوباما في الداخل الأميركي ويعرقل بالتالي مسيرته وتقدمه، سواء عبر اللوبي الصهيوني أو عبر أعضاء الكونغرس المواليين لتل أبيب.

*كاتب أردني، وهذا المقال يُنشر بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية»

======================

محاضرة للشيخ رائد صلاح شيخ الأقصى في وقف دار السلام

محمود عثمان

قدم الشيخ رائد صلاح.. شيخ الأقصى وبطل الرباط محاضرة قيمة في وقف دار السلام. تحدث قيها عن محنة المسجد الأقصى وعن مسؤولية العالم الاسلامي إتجاه.

عن معاوية رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك ." قال عمير فقال مالك بن يخامر : قال معاذ وهم بالشام ، فقال معاوية : هذا مالك يزعم أنه سمع معاذاً يقول وهم بالشام . رواه البخاري

وجاء في حديث أبي أمامة عند الطبراني قوله صلى الله عليه وسلم :( هم ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس ) . وورد أنها في دمشق وبيت المقدس فعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حولها وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله لا يضرهم خذلان من خذلهم إلى يوم القيامة ) رواه الطبراني في الأوسط وفيه الوليد بن عبّاد وهو مجهول كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد 7/288 .

إنها حكاية مكان مبارك أحبه الله تعالى وقدسه، وأحبه الأنبياء وقدسوه. ذلكم المكان المطهر هو المسجد الأقصى.. الذي بارك الله حوله،وجعل أرضه مهبط الرسالات ومهجر الرسل والأنبياء، ومهوى أفئدة وقلوب الأولياء الصالحين.

لقد جعل الله الحب فطرة مغروسة في النفوس البشرية ، وحب الأشياء الثمينة أعز على قلوبنا من أي شيء آخر ، وحب المقدسات أغلى من أي ثمين ، لأنها لا تقدر بثمن ، إننا نحب بيت المقدس ومسجده الأقصى وقدسهما.. و نحب ونقدس ما أحبه الله وقدسه.. ونحن نحب ونقدر ونجل الرجال الأبطال المرابطين في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس .. الذين يذودون عن حياضه كيد الصهاينة الغاصبين المعتدين .

ويأتي في مقدمة هؤلاء الرجال الأشاوس الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية داخل العمق الفلسطيني .. رائد الجهاد وقائد الرباط هناك ..

لقد كانت ساعة طيبة عندما التقينا بالشيخ الذي لبى دعوة وقف دار السلام في اليوم الثاني من السنة الجديدة .. كان يتحدث بنبرة حزينة ملؤها العتاب .. قال : ماذا سيكون رد فعل المسلمين لو أخبرهم أحد بأن أحد الحرمين قصف أو أصيب بأذى لا سمح الله .. ألن تقوم الدنيا دون أن تقعد ؟!.. ما بال المسلمين قد نسوا الأقصى الذي ما فتأت مكائد الصهاينة تحاك ضده صباح مساء ؟!. كل يوم يحاول اليهود الصهاينة اقتحامه بوسيلة جديدة وخديعة مختلفة .. آخرها كان المجموعات السياحية حيث يأتون ضمن السياح الأوربيين ويفعلون داخل حرمه الشريف ما تعف عن ذكره الألسن ويندى له الجبين .. عدد الانفاق لا تعد ومحاولات الاستيلاء على الأماكن لم تتوقف , حتى أن اليهود عرضوا على صاحب محل يقع على أحد أبواب المسجد الأقصى ما يعادل مليون وثلامائة ألف دولار للمتر المربع الواحد لكنه أبى !.. يأ له من امتحان صعب !!.. ناهيك عن التهديد والوعيد والمضايقات المستمرة .. حيلة ومكيدة أخرى ابتدعها بنو صهيون هي فصل الجامع عن ساحاته التي تزيد مساحتها على 140 ألف متر مربع .. هم يحاولون دخول الحرم بأي وسيلة .. وإذا استمرت الحال كما هي عليه الآن فربما لا يمضي عام إلا والأقصى قد هدم لاسمح الله .. الأقصى يئن .. الأقصى محاصر يقول الشيخ رائد .. لقد وضعوا كاميرات المراقبة في جميع أرجائه .. لقد وضعوا شبكة تشويش الكترونية فوق سمائه حتى إذا حانت ساعة اقتحامه قطعوا خطوط الاتصال مع من بداخله حتى لا يستنجدوا بإخوانهم ..

أين حكومات العالمين العربي والإسلامي ؟ سألناه ..

أين المؤسسات التي تحمل اسم الأقصى وتشرف عليها دول ويترأسها ملوك ؟

قال : هم مختلفون على لون سجاد المسجد ومن يفرشه !!..

ألبس من مخرج ؟ ما الحل ؟ ما الذي تنوون فعله ؟! رجوناه

قال : اليوم سبت .. يوم الأربعاء القادم عندي محكمة ولعلي لا ألقاكم بعدها .. ربما أمنع من الخروج .. وربما يحكمون علي بالسجن .. أما الحل فهو أنتم .. الأقصى في أعناقكم جميعا .. عندنا مشروع حلقات الدروس العلمية .. أي إنشاء جامعة داخل المسجد تكون بمستوى عال معترف به , وسنقوم بجلب الطلاب وتشجيعهم على الدراسة فيها بتكفل نفقات دراستهم .. الحل الوحيد للحيلولة دون هدم الأقصى هو إعماره بالمسلمين المرابطين .. إنهم لن يستطيعوا هدمه فوق رؤوس أهله . بل يعمدون بكل الوسائل لتفريغه ثم الانقضاض عليه , من أجل هذا نظمنا مسيرة البيارق , والمسابقة العالمية "الأقصى في خطر" , وصندوق الأقصى ..

ودعناه ونحن نبتهل إلى المولى عز وجل أن يحفظه وإخوانه المرابطين , ويكثر سوادهم ويمدهم بعونه ومدده ..

كلما كانت النفوس كبارا       تعبت في مرادها الأجسام

لمزيد عن هذا الخبر

http://darusselam.org/ar/pages/index.php?pagess=main&id=236

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ