ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 10/01/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


البدء من النهاية

الرأي الاردنية 9-1-2010

يوئيل ماركوس

عدة مرات في الاسابيع الاخيرة وصلت الى القدس برقيات تهديد من البيت الابيض. فقد نقل قنصلنا على لسان اكثر المستشارين قربا من الرئيس، رام عمانويل انه قال ان اوباما تعب من اسرائيل ومن الفلسطينيين على حد سواء. أنتم تضيعون وقتا باهظا وتفوتون الفرص للوصول الى السلام. ستكون هناك مرحلة نرفع فيها ببساطة ايدينا، نكف عن الانشغال في هذا النزاع الذي لا ينتهي ونترككم وحدكم.

هذه التحذيرات المقلقة انعكست ايضا في مقال توماس فريدمان الذي اقترح فيه على الرئيس اوباما سحب يديه من التدخل الذي كان في نزاعنا والسير في طريق وزير الخارجية جيمس بيكر الذي اقترح في حينه على زعماء اسرائيل انهم اذا كانوا يرغبون في الحديث معه فان رقم هاتف البيت الابيض هو كذا وكذا. شيء يبدو كنصيحة للرئيس لتركنا ننضج في مرقنا ذاته.

ليس واضحا من يغذي من، ولكن لا ريب في أن هذه الاقوال تدل على ميل احباط وغيظ. مجرد حقيقة انهم يضعونا نحن «حلفاؤهم الكبار» في صف واحد مع الفلسطينيين، من مولدي الارهاب في المنطقة تلمح بان الايام الحميمية والعلاقات الخاصة في خطر. ولكن خلافا لما بدا في حينه، خطاب اوباما في جامعة القاهرة، الذي اعتبر في حينه كاختراق وكمبادرة عالمية لاقامة سلام في منطقتنا - يظهر في هذه الاثناء كهواء ساخن. كما أن خطاب بار ايلان لنتنياهو كان مصنوعا هو الاخر من ذات القماشة. هواء ساخن ورذاذ هواء ساخن. والهواء الساخن لن ينتج شيئا حين يصل ارهاب القاعدة مرة اخرى الى أمريكا نفسها. شيء هو اعطاء نصائح لدولة خلف البحر، وشيء آخر نصح الحكومة يسيطر فيها الرئيس.

بالتوازي، تستعد اسرائيل نفسها لمعركة كبيرة حين ستوزع قريبا كمامات الغاز على معظم السكان وهذا الاسبوع ستجرى مناورة دفاع كبرى ضد عملية بيولوجية. ولا سيما في التجمعات السكانية في الوسط، في تل أبيب والمحيط. القاسم المشترك بين الدولتين هو ان كلتيهما صرفا الانتباه الى الدفاع عن النفس حيال الحروب المستقبلية بدلا من السلام المنشود لاوباما.

وكمن رافق كمراسل «هآرتس» في واشنطن محادثات السلام مع مصر، فكرت غير مرة كيف أن بالذات دولتين سفكتا كثيرا من الدم في الحروب بينهما، توصلتا الى السلام بل وبرئاسة مناحيم بيغن رئيس حيروت المتطرف وانور السادات. الجواب غير الصافي هو أن محادثات السلام بدأت عمليا من النهاية. فعندما فهم الطرفان بانه بعد هذا القدر الكبير من الحروب فان أيا منهما لن يكسب منها اكثر مما في الحوار. في لقاء سري عقده موشيه دايان في المغرب مع المستشار القريب من السادات، سمح له بالفهم بانه مقابل السلام سيحصل الرئيس المصري على كل ما احتل. دايان كان متحمسا جدا للوصول الى تسوية بحيث أنه اقنع في حينه بيغن بالموافقة على الحديث في كل شيء، بما في ذلك ذكر القدس. بيغن تردد، دايان اقنعه: «ما هي المفاوضات؟ هو سيطلب وانا سأرفض، نحن نعرض وهو سيرفض».

من اللحظة التي تقرر فيها مبدئيا بان الهدف النهائي هو الوصول الى السلام، دارت مفاوضات على مدى نحو سنتين الى أن وقعت معاهدة السلام.

ادارة بوش هرعت لاعداد كل الوثائق والبدائل المحتملة كي يخرج من كامب ديفيد اتفاق مبادىء. ماذا سنفعل بمستوطنات بتحات رفيح، سأل عيزر وايزمن السادات. من ناحيتي احرقوها، قال. لعناية اولئك الذين يحلمون بابقاء مستوطنات تحت سيادة فلسطينية. مصر لم تحظى فقط بالمكانة بل وبمساعدة امريكية سنوية سخية. بدون تدخل عميق كهذا من امريكا هل كان يمكن تحقيق سلام دائم كهذا؟ ليس مؤكدا. السادات وبيغن حصلا في حينه على جائزة نوبل للسلام. بالمقابل، اوباما حصل على الجائزة كمقدمة استنادا الى الكلام فقط.

لا يوجد أي منفعة في التسويات المؤقتة التي لا تؤدي الى هدف نهائي معروف مسبقا. خطوة مثل تجميد البناء في المستوطنات لعشرة اشهر هي مثل الاسبرين لمريض السرطان. ومع أنه لا يوجد شبه بين التسوية مع الفلسطينيين وبين التسوية مع دولة مثل مصر، فانه ضروري البدء من النهاية.

الفلسطينيون يتصرفون وكأن لديهم كل الوقت الذي في العالم. وهم يدعون بانهم كانوا هنا قبلنا، منوط الامر بكم من الوقت الى الوراء يحصون.

هناك من يؤمن بان الوحيد عندنا في هذا الوقت القادر على التنازل عن مناطق ونقل مستوطنين هو بنيامين نتنياهو الذي على نحو يشبه بيغن سيتمتع بتأييد مكثف اذا ما قدم تنازلات مقابل السلام. ولكن لن يتحرك شيء بدون خطة امريكية، بدون دفع مكثف، وربما مفروض، من جانب اوباما. دوما خشينا من حل مفروض ولكن من شبه اليقين ان هناك مخاطر اكبر من ذلك: استمرار الارهاب وانتصار الرحم الفلسطيني. بدلا من ان يبث لنا التعب والغضب من الافضل للرئيس اوباما ان يبادر الى اقتراح جسر او تحكيم ملزم لتحقيق سلام وحدود دائمة بين الشعبين.

هآرتس

=============================

مقاربة أميركية للدرع الصاروخية وإيران

المستقبل - السبت 9 كانون الثاني 2010

العدد 3532 - رأي و فكر - صفحة 19

نظام مارديني

يهدّد التغيير الدراماتيكي في السياسة الخارجية الأميركية، والذي اقتضى التخلّي عن مشروع الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية، بإبعاد الدول الحليفة للولايات المتحدة والتي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفياتي السابق، ولكنه سيرضي روسيا التي عارضت خطط نشر الدرع بشدّة.

فقد تخلى الرئيس الأميركي باراك أوباما عن الخطط بنشر درع صاروخية دفاعية في جمهورية تشيكيا وبولندا وسط أوروبا، واستبدلها بمشروع معدّل بعد إعادة تقويمه للتهديدات الإيرانية. بعدما كانت إدارة الرئيس السابق جورج بوش تخطّط لنشر صواريخ معترضة في بولندا، وقاعدة رادار في تشيكيا بحلول العام 2012.

وكانت الادارة الأميركية السابقة قالت إنها ستنشر الدرع الصاروخية لصد أي تهديد من دول "مارقة" مثل إيران.

ورحّب الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف بالقرار "المسؤول" لنظيره الأميركي، معتبراً أن الظروف باتت مواتية لقيام تعاون ضد الخطر البالستي. برغم أن الناطق باسم الخارجية الروسية نفى التوصّل الى أي اتفاق مع الولايات المتحدة مقابل تخلّيها عن درعها الصاروخي.

ويعتبر أوباما أن "هذه المقاربة الجديدة ستوفّر قدرات بشكل أسرع، وستكون مبنيّة على أنظمة راسخة وتوفّر دفاعات أكبر ضد تهديد أي هجوم صاروخي، مقارنة مع برنامج الدرع الصاروخية الأوروبية" التي تم اقتراحها العام 2007.

ويأتي هذا القرار بعدما قلّلت الولايات المتحدة من أهميّة التهديد بالصواريخ البعيدة المدى التي كان يعتقد أن إيران تمثّله استناداً الى معلومات استخباراتية. كما يستند القرار الى التقدّم في تكنولوجيا الصواريخ الدفاعية الأميركية وخصوصاً الصواريخ المعترضة الأرضية والبحرية.

ويكشف أوباما أن تركيز الإدارة الأميركية الواضح والمتواصل كان على الدوام على "التحدّي الذي يمثّله برنامج إيران للصواريخ البالستية"، وسيبقى هذا التركيز أساس البرنامج الذي تعلنه. غير أن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أوضح الخطط الجديدة، وقال إن الصواريخ المعترضة ستنشر في البداية على سفن لتسهيل نقلها من منطقة الى أخرى. ويقدم رؤية لمرحلة أنتشار الصواريخ قائلاً: أن "المرحلة الثانية، التي ستتم تقريباً في العام 2015، ستشتمل على صواريخ "إس إم 3" متطوّرة وتنشر على الأرض".

وأضاف أن "المشاورات بدأت مع الحلفاء بدءاً من بولندا وجمهورية تشيكيا حول استضافة نسخة جديدة من صواريخ "إس إم 3" الأرضية وغيرها من أجزاء النظام الصاروخي.

وكانت إدارة أوباما أمرت بإجراء مراجعة في وقت سابق من هذا العام، للاتفاقات التي وقّعتها إدارة بوش في آب من العام الماضي، لبناء محطة رادار في تشيكيا ونشر 10 صواريخ معترضة في بولندا. وهذا كان قد أكده رئيس الوزراء التشيكي يان فيشر أن الرئيس الأميركي، أبلغه أن واشنطن عدلت عن مشروع نشر الدرع المضادة للصواريخ في تشيكيا، وأن الرسالة نفسها أبلغت الى بولندا. وتابع قائلاً إن "الرئيس أوباما اتصل بي... ليبلغني أن حكومته تخلّت عن نيّتها بناء قاعدة للرادار على الأراضي التشيكية".

ويذكر أن الولايات المتحدة تستخدم تهديد الدول "المارقة" مثل إيران لتبرير نشر الدرع. إلا أن تلك الخطط أدّت الى اندلاع توتّر بين موسكو وواشنطن دفع موسكو الى توجيه صواريخها البالستية في تشرين الثاني نحو منطقة كاليننغراد في بحر البلطيق.

هذه التحولات التي أسس لها أوباما شكلت أرتياحاً في الجانب الروسي الذي رحّب مسؤولوها بتخلّي الولايات المتحدة عن الدرع الصاروخية. وفي هذا الصدد أعتبر كونستانتين كوساشيف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الروسي، إن "إدارة أوباما بدأت تفهمنا (...)، لقد انتظرت روسيا هذا منذ وقت طويل".

إلاّ أن خطوة واشنطن تسبّبت بانتقادات واسعة في بولندا وتشيكيا، اللتين كانتا من الكتلة السوفياتية السابقة، إذ إن أهميّة الدرع بالنسبة إليهما تتعدّى التهديد الإيراني. وقد صرّح ميريك توبولانيك الذي كان رئيساً للوزراء عندما وافقت براغ على نشر الدرع على أراضيها، أن القرار الأميركي للتخلّي عن الدرع "ليس بالخبر الجيد بالنسبة الى الدولة التشيكية وحرّيّة واستقلال تشيكيا". أما في بولندا، قال الرئيس السابق الحائز جائزة نوبل للسلام ليخ فاونسا، إن على بولندا إعادة التفكير في علاقاتها الوثيقة بالولايات المتحدة. وأكد إنه بعد مراقبتي لسياسة أوباما، كنت "أتوقّع" هذا القرار.

غير أن ألكسندر شيغلو رئيس الأمن القومي في الرئاسة البولندية، رأى أنه "إذا تأكد ذلك، فسيكون بمثابة إخفاق في التفكير البعيد المدى للادارة الأميركية في شأن هذا الجزء من أوروبا". وقال إنه بالنسبة الى بولندا فإن لهذه الدرع أهميّة "سياسية واستراتيجية" وكذلك عسكرية.

ولكن أوباما سعى الى تهدئة مخاوف حلفاء بلاده بالتعهّد بالعمل معهم بشأن هذه الاقتراحات الجديدة، وقال إن قراره سيجعل من دول الحلف الأطلسي أكثر أماناً الآن. وأضاف "لقد تحدّثت الى رئيس وزراء كل من جمهورية تشيكيا وبولندا حول هذا القرار وأعدت تأكيد علاقاتنا العميقة والوثيقة". وقال أوباما في بيان من البيت الأبيض "ببساطة، إن هندستنا الجديدة للدفاع الصاروخي في أوروبا ستوفّر دفاعات أقوى وأسرع وأكثر ذكاء للقوّات الأميركية ولحلفاء أميركا".

=============================

مراجعة سوريا... اللبنانية

السفير

9-1-2010

احمد جابر

صفحة العلاقات اللبنانية السورية لا تُطوى، لكن كلماتها وسطورها تخضع لعاملي الإطالة أو الإيجاز، حسب تطورات المراحل السياسية، لذلك لا يجوز القول: طويت صفحة، وفتحت صفحة جديدة من اللقاءات أو الاتصالات والتصورات... بل الأصح القول إن الطرفين، اللبناني والسوري، وضعا نقطة، بعد آخر كلمة لهما، وباشرا بكتابة سطر جديد.

لكن ما الجديد الذي ينتظره اللبنانيون من سوريا؟ وما الذي تستطيعه سوريا في ميدان الجديد؟ أصل الفعل، أي نقطة البدء في البحث عن الجديد السوري، يعود إلى سوريا أولاً، ليصار إلى تعميمه على الأقربين والأبعدين، وعلى من «يهمهم الأمر» من اللبنانيين، الذين هم «الأقربون... الأولى بالمعروف».

هذا يعادل طلب المراجعة، من الجانب السوري، الذي يجب أن يطرح على طاولة الواقعية، كل العناصر الأيديولوجية والسياسية، التي توفر الغطاء النظري لممارسته، وأن يتحلى بشجاعة نقدها، ونقضها أيضاً، إذا كان المنطق السليم يقود إلى ذلك، وإذا كانت «البنية» تحتمل فعل النقض ونتائجه.

تحتل الأيديولوجيا مركزاً مهماً، في قاعدة البيانات التي تستند إليها الشروح السورية، وعلى ما يبدو، فإن الأيديولوجي صار عتيقاً، ومكشوفاً على التطورات، التي تفتي بتفنيده، في مفاصل عديدة من بنيته الناظمة، ومن عصبيته المشدودة والمتوترة. وظيفة الأيديولوجيا القومية، التي اعتبرت مرجعية للسياسة السورية، تأمين اللحمة الداخلية حول مفاهيم وأهداف «ما فوق وطنية»، وصياغة الداخل السوري وتشكيله، في نجاحاته وفي إخفاقاته، انطلاقاً من هذه الرؤى العابرة، وبالاتكاء عليها. انعكس الأمر القومي هذا، في صيغة تشدد داخلي، فاض عن إطاره، ليطال بانعكاساته دواخل أخرى، وقعت ضمن الدائرة القومية، وفي مدى السياسة القيمة عليها، في سوريا... ماذا كانت النتيجة؟ صلابة سياسية في الداخل السوري، وصلابة في التعامل مع محيطه! الآن، ما كان مبعث قوة، على صعيد الأيديولوجيا، وما توفره من لحمة، بات مصدر ضعف، لأن الحاجة باتت ملحة للتنفس خارج المدى المحدود «للأيديولوجيا الوطنية»، ولأن الخروج من الدائرة المرسومة بإتقان، بات شرط حياة. خلاصة القول، إن اللحمة الوطنية الداخلية باتت بحاجة إلى تجديد عناصرها، والانفتاح على التطورات الوافدة إليها، لتمثلها وإعادة تشكيلها، والتشكل بواسطتها، من جديد.

الأمر الآخر الذي يسند الأيديولوجيا ويستند إليها، تمثله القضية الوطنية، بما تتضمنه من هدف تحرير الأرض المحتلة، في الجولان. على هذا الصعيد لا التباس في التحديد، ولا غموض في التعريف: الاحتلال هو الاحتلال، والتحرير هو التحرير، واستعادة الأرض حق لسوريا وواجب عليها. إذاً ما الذي يجب أن تطاله المراجعة؟ هل الحقوق والواجبات؟ أم أن المراجعة تقتصر على السياسات؟ غني عن البيان أن النقاش يدور على السياسة، وفيها، وفي هذا المجال، يتوجب القول إن إعادة ربط قضية الأرض المحتلة، بمجمل مسألة الصراع العربي الإسرائيلي، تفرض على كل المتدخلين تحديد مساهماتهم في هذا الصراع، وتعيين السياسات الكفيلة بترجمة هذه المساهمات.

النقاش التضامني في الصراع، يفتح على قضية أخرى، تتصل بها اتصالاً وثيقاً، عنينا بذلك موقع سوريا الجغرافي، ودورها السياسي، وما يرتبه كل ذلك من حقوق لسوريا، ومن واجبات عليها. ندمج حق الصراع بكل الوسائل، من جانب سوريا، لاستعادة الأرض المحتلة، بحق الإفادة من الموقع الحساس والاستراتيجي الذي تحتله سوريا في هذا الصراع، وفي قلب منطقة التوترات الحادة، التي يحفل بها المشرق العربي، وعمقه، بتفرعاته الشقيقة والصديقة وتلك التي تقع في «منزلة بين المنزلتين»! المراجعة على هذين الصعيدين: تحرير الأرض، والعناية بأحكام الموقع الجيوسياسي، ينبغي أن تحفظ لسوريا ما لسوريا، وأن تكتفي بالوقوف أمام السياسة التي يمكن أن تحفظ «الحقوق»، وأمام تلك التي يمكن أن تعيق الوصول إليها، أو تطيحها. نزعم أن الأمر يطل على واجبات سوريا، حيال محيطها، إذ على هذا البلد الهام، أن يلعب دوراً إيجابياً، وفاعلاً، في تصليب عود الواقعية العربية، وفي تحصين الدواخل الاجتماعية لأبناء «الضاد»... هذا حتى يتطابق قول «أمن سوريا من أمن أشقائها»، مع الوقائع المتبدلة في كل الميادين المشتركة. تجدر الإشارة هنا إلى أن كلمة الواقعية، لا تعني الرضوخ لظواهر الوقائع، دون معاينة إمكاناتها المكنونة، ولا التسليم بالمعروض المتاح، الراهن، وعدم النهوض بالممكن الأفضل، المستقبلي... بل إن المقصود بالواقعية، هو حسن جمع الأوراق، والتدقيق في الحسابات، ثم اتخاذ الوضعية المسؤولة حيال السياسات، ورصد ما هو مطلوب لها من إمكانيات...

على خلفية ذلك، ثمة مراجعة سورية مسؤولة، مطلوبة في أماكن ثلاثة، فلسطين والعراق ولبنان... ولأن هاجس الكتابة هذه، لبناني، فإن الدعوة إلى المراجعة اللبنانية، من قبل السياسة السورية، تتضمن طلب إعادة نقاش واسع للأوضاع اللبنانية عموماً، لرؤيتها في توازناتها وحساسياتها، ولإدراك التطورات التي طرأت عليها، ولتقرير نوع وحجم «الدلو السياسي»، الذي سيدلى به، في بئرها.

ندرك أن الأمر صعب، وأن نفس المقدمين عليه يجب أن يكون طويلاً، لكن الكتابة الجديدة، على هوامش «الكتاب القديم»، تستحق العناء... خاصةً أن لا جدوى من البحث في معجم «أخوي»، يخالف معاني اللغة العربية، وأن لا إمكانية للاستمرار في استعارة لهجة، لا يتعرف إليها السوري، ولا يجد اللبناني «لسانه» فيها.

=============================

قصة مدينتين... «برج دبي» و«مجمّع يلبغا» في دمشق

زين الشامي

الرأي العام

9-1-2010

وسط دمشق، أقدم مدينة مأهولة في التاريخ، يقف بناء اسمنتي ضخم (مجمع يلبغا) منذ ثلاثين عاماً على قدميه «عارياً»، مثل طفل هرم وفقير منتظراً أن يكسيه أحد، لكن الأعوام تمر ولا أحد يعيره انتباهاً، لا أحد يلتفت، وكأن البناء مجرد طفل لقيط، أو فتاة جلبت العار لأهلها.

منذ نحو عشرين سنة وقفت أنا وزوجتي، وكنا في شهر العسل، لنلتقط صورة بكاميرا من نوع «كوداك» للمبنى علّ الصورة تصبح ذكرى لأولادنا، حين يكبرون ليروا صورة من تاريخ إنشاء هذا المجمع التجاري الذي لابد أنه سيكتسي بحلة أنيقة، وربما يصبح أهم المباني في دمشق، لكن الأعوام مرت، وصار لنا أولاد، أكبرهم على أبواب الجامعة من دون أن يتغير شيء في ذلك المبنى الإسمنتي سوى أنه صار أكثر سواداً بسبب دخان السيارات.

وفيما بعد قمت بالتنقيب عن تاريخ البناء لأجد أن الدراسات للمشروع وضعت في منتصف الستينات، «بالتزامن وصول (حزب البعث) إلى السلطة عام 1963؟» لكن العمل الفعلي بدأ فيه مطلع الثمانينات، لينتهي عام 2005، أي بعد نحو خمسة وعشرين عاماً. لكن أهم ما لفت نظري أن البناء الذي صُمم له أن يكون مجمعاً تجارياً ضخماً وسط العاصمة ويحوي جامعاً في داخله، ما كان له أن يرتفع إلا بعد هدم مسجد كان قائماً في تلك المنطقة، ويبدو أن الغاية من المشروع كله كانت هي محو ذلك المسجد من الذاكرة، لأن لا أحد من «قيادة الثورة» في ذلك الوقت وإلى اليوم يكن أي علاقة طيبة مع فقه صاحب الاسم الذي كان يُطلق على ذلك المسجد.

في العام 1963 حين وصل «حزب البعث» إلى السلطة في سورية، لم تكن دولة الإمارات العربية المتحدة قد تشكلت أو حصلت على استقلالها، وما كنا نعرفه كله عن تلك المنطقة أنها مجرد إمارات عربية خليجية يسيطر عليها المستعمر البريطاني. ما نود قوله إن دراسات «مجمع يلبغا»، الذي لم يكتمل إلى اليوم، بدأت قبل استقلال دولة الإمارات، وإذا كانت هذه الدولة العربية قد نالت استقلالها مطلع السبعينات، فإن بداية العمل في ذلك البناء وسط دمشق قد بدأ بعد نحو تسعة أعوام من ذلك الاستقلال.

الإمارات كبرت وصارت من أهم دول المنطقة من الناحية الاقتصادية والمالية، وصارت فيها مبان ضخمة وبمواصفات عالمية، لا بل إن ثمة مباني وأبراجاً تمثل تحفاً عمرانية وهندسية حقيقية، مثل برج دبي أو «برج خليفة» الذي يُعتبر الأعلى في العالم، والذي استيقظت إمارة دبي على افتتاحه مطلع هذا العام بعد أعوام خمسة فقط على بدء العمل به؟

وعودة إلى «مجمع يلبغا» وسط دمشق الذي لا يزال ينتظر الكسوة منذ ثلاثين عاماً، فإن محيط المجمع وأقبيته تحولا مع الزمن إلى مكان لرمي القمامة، ومأوى للصوص والحرامية والمشردين ومتعاطي المخدرات، إلى درجة أن أي شخص لا يتجرأ على دخوله ليلاً إلا بمساعدة الشرطة.

قصة هذا البناء تناولته أكثر من صحيفة محلية وتصدى له أكثر من صحافي، ومن يقرأ التحقيقات كلها التي كتبت سيصطدم بحقيقة ساطعة عن حجم الفساد في الدولة والمبالغ الطائلة التي سرقت باسم هذا المشروع.

إن قصة «مجمع يلبغا» التجاري تعتبر مثالاً للفشل السياسي والاقتصادي والسياحي والإداري والهندسي في سورية، مقارنة مع برج دبي الذي افتتح أخيراً، والذي ما كان ليكون لولا قصة نجاح سياسي واقصادي واداري في دولة الإمارات قبل كل شيء.

قصة مبنى «مجمع يلبغا» هي قصة دولة ونظام سياسي، مثلما برج دبي يمثل قصة دولة ونظام سياسي، مثل الشانزليزيه وبرج إيفيل في باريس، والأهرامات والسد العالي في مصر، وساعة بيغ بين في لندن، ومبنى البوندستاغ في برلين، وتمثال الحرية في نيويورك.

غداً سأشتري كاميرا رقمية جديدة وأبحث عن هذه المباني لألتقط صوراً جديدة، فهذه صور تليق للاحتفاظ والمباهاة بانتظار أن يأتي زمن يُزال فيه الغبار عن وجه ذلك البناء الهرم.

كاتب سوري

=============================

'حرية الاساءة' للرسول الكريم

رأي القدس

09/01/2010

القدس العربي

اعادت صحيفة 'افتن بوستن' النرويجية امس الجمعة نشر العديد من الرسوم الكارتونية المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، بالاضافة الى اخرى جديدة لم تنشر من قبل، وذلك كرد على محاولة الاعتداء الفاشلة، على صاحب هذه الرسوم المسيئة كورت فيستر غارد.

الصحيفة النرويجية المذكورة، بررت نشر هذه الرسوم في المرة الاولى تحت ذريعة 'حرية التعبير' ولقيت مساندة واسعة وتضامنية من قبل الكثير من الصحف الاوروبية الاخرى، لان حرية التعبير مقدسة من وجهة نظر هؤلاء المتضامنين، وتعتبر احد ابرز اعمدة الحضارة الغربية.

اختلفنا مع هذا الرأي، وقلنا ان هناك فرقا كبيرا بين حرية التعبير، وحرية الاساءة لمعتقدات ورموز مقدسة من قبل اكثر من مليار ونصف المليار مسلم، واضفنا بان الصحيفة النرويجية عندما نشرت هذه الرسوم ارادت اهانة المسلمين، والسخرية من دينهم ورسولهم، وخطوتها هذه جزء من حملة واسعة بدأت بغزو كل من العراق وافغانستان تحت ذريعة اخرى وهي محاربة الارهاب.

اقدام الصحيفة النرويجية على نشر هذه الرسوم المسيئة مجدداً يؤكد وجهة نظرنا، ويبين مجدداً ان الهدف هو التشويه والاستفزاز وليس حرية التعبير، خاصة ان هذه الصحيفة والمتضامنين معها لمسوا حجم ردة الفعل الغاضبة التي سادت الكثير من المدن والعواصم الاسلامية على شكل مسيرات احتجاجية اسفرت عن مقتل العشرات من الضحايا.

محاولة الاعتداء على الرسام صاحب الرسوم المسيئة من قبل شاب مسلم انتصر لدينه ورسوله الكريم عملية مدانة، وتشكل خرقاً للقانون، ولكن هذه الخطوة لا تبرر اعادة نشر الرسوم، لان اعادة النشر اخطر في نظرنا من عملية الاعتداء نفسها واكثر اجراماً، فعملية الاعتداء التي نرفضها استهدفت رساماً، ولكن عملية اعادة النشر استهدفت المليار ونصف المليار مسلم، وربما تؤدي الى وقوع اضطرابات واحتجاجات يقع ابرياء ضحايا لها.

اننا امام جريمة عنصرية الطابع بكل المقاييس، عنصرية تستهدف اتباع ديانة سماوية مقدسة، تأتي في اطار موجة 'الاسلاموفوبيا' التي تجتاح المجتمعات الغربية، والاوروبية على وجه الخصوص، منذ احداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) عام 2001.

المؤسف ان ظاهرة 'الاسلاموفوبيا' هذه في تصاعد مستمر، وتعكف احزاب يمينية متطرفة على تغذيتها، وصب الزيت على نارها من حين لآخر لابقائها مشتعلة لاطول فترة ممكنة.

الاعلام المسؤول هو الذي يروج للتسامح والتآلف والحوار بين الاديان والثقافات، ويبتعد قدر الامكان عن اثارة الفتن، والتحريض على الصدام وعدم الاستقرار، ونأسف ان الصحيفة النرويجية التي اعادت نشر هذه الرسوم المسيئة بطريقة استفزازية متعمدة، اثبتت انها عكس ذلك تماما، من حيث السعي باصرار مريب على زرع بذور الفتنة، او اشعال نارها من جديد، مؤكدة مرة اخرى انها مع حرية الاساءة وليست مع حرية التعبير.

=============================

لا تُشعلوا النار في النفط !

راجح الخوري

النهار

9-1-2010

يستيقظ الأميركيون دائما متأخرين بعدما تصل النار، المتأتية أصلا من سياساتهم والاهمال، الى أسرّتهم. كذلك الوضع تقريبا بالنسبة الى الأوروبيين.

لماذا هذا الكلام؟

لسبب جوهري. فنحن الآن عشية مؤتمر دولي سيعقد في لندن في 28 من الشهر الجاري لبحث الوضع المقلق في اليمن. واليمن دولة تمثل مفصلا استراتيجياً بين آسيا وافريقيا، واذا نظرت الى الخريطة ولاحظت الصومال المتفجر جنوبا، فتظهر فورا الصورة على شكل شعلة نارية ملتهبة تتأجج تحت بحيرة النفط الخليجية، التي طالما قيل إنها تمثل منطقة حيوية لأمن العالم حيث السعودية ودولة الامارات وقطر والكويت، ثم صعودا الى العراق حيث يبدأ "الفك الثاني" للكماشة الملتهب الممتد الى باكستان وأفغانستان عبر ايران.

* * *

عندما تقول هيلاري كلينتون إن الوضع في اليمن قد يتحول مشكلة دولية، وإن هناك مؤشرات على تداعيات عالمية محتملة للحرب في ذلك البلد، فانها لا تضيف شيئا الى الواقع الدقيق والخطر حيث يواجه نظام الرئيس علي عبدالله صالح حربين ونزاعا انقساميا متزايدا:

* أولاً: الحرب ضد الحوثيين الذين اطلقوا تمردهم السادس بدعم من ايران، في سعي واضح من طهران لامتلاك أوراق مساومة مؤثرة في المسألة النووية مع أميركا، وذلك عبر محاولة لتوسيع رقعة النار الى داخل حدود المملكة العربية السعودية التي تصدّت للمتسللين بحزم، والتلويح بأن ايران قادرة على اشعال كل دول الخليج وخنق العجلة الصناعية الغربية وزعزعة أسس التوازن الدولي والحضارة الغربية.

* ثانياً: الحرب ضد "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" الذي يحاول أن يجعل من اليمن صيغة متفجرة تمثل خليطا مما يجري في الصومال وما يحدث في أفغانستان. وهذا بدوره يمثل محاولة لتوسيع رقعة النار داخل الاراضي اليمنية التي تشكل نقطة انطلاق في كل الاتجاهات، لكن الهدف الاول الواضح والمعلن هو زعزعة الاستقرار في السعودية التي تشكل أساسا لاستقرار المنطقة.

واستهداف السعودية يشكل قاسما تلقائيا مشتركا بين الحوثيين ومن يسلحهم ويدربهم و"القاعدة". وقياسا بالتهديد الناري المتزايد لمنطقة الخليج، تبدو السعودية الآن، وهي الخزان النفطي الاكبر، كأنها في موقع السور، أو بالاحرى خط الدفاع الاول والاخير ليس عن الاستقرار في دول مجلس التعاون الخليجي فحسب، بل استطرادا عن استمرار التوازن اقليميا وحتى دوليا وذلك قياسا بأهمية النفط في استقرار الدورة الصناعية الدولية.

* ثالثاً: الحراك في جنوب اليمن الذي ينادي بالانفصال ويجد في انهماك صنعاء في مواجهة التمرد الحوثي وملاحقة عناصر "القاعدة"، فرصة مؤاتية للتحرك الذي انضمت اليه أخيرا عناصر اسلامية متشددة في زنجبار عاصمة أبين بقيادة طارق الفضلي.

* * *

أمام هذا المشهد اليمني المقلق مع أبعاده الاقليمية والدولية وما فيها من احتمالات خطرة ودقيقة، يفترض في المؤتمر الدولي، الذي دعا اليه غوردون براون، أن يفكر بعقله لا بعضلاته، وبحنكته لا بسلاحه، وبدهائه "الاحتوائي" تمهيدا لمعالجات حكيمة ونهائية لمشاكل اليمن، لا بتهوره العسكري او بحماسته المفرطة التي قد تجعل من اليمن ساحة حرب جديدة لن تؤدي الى هزيمة "القاعدة" في "تورا بورا اليمنية"، بل ستجلب العطف عليها في الاوساط الاسلامية المتشددة، وخصوصا أن اميركا والغرب عموما يراوحان في سياسة الحماقة المطلقة بالانحياز الى اسرائيل والتقاعس عن فرض التسوية العادلة والشاملة على حكومة القتلة في تل أبيب، بما ينزع كثيراً من ذرائع طهران من جهة وتنظيم القاعدة من جهة ثانية.

لا، اليمن ليس أفغانستان. واذا كان "التحالف التلقائي" بين التمرد الحوثي في صعدة وتحرك "تنظيم القاعدة"، الذي دبّر أخيرا محاولة تفجير الطائرة الاميركية، يشكل إشعالا للنار تحت برميل النفط الخليجي عبر البوابة الأهم أي السعودية، فإن أي قرار أحمق بتحويل اليمن ساحة حرب، على غرار أفغانستان، قد يُتفق عليه ضمنا في مؤتمر لندن، انما سيكون ايقادا للنار والصواعق داخل مخزن للبارود، فالنفط هو ايضا متفجرة كبرى قد "تنسف" المنطقة والعالم كله اذا لم تتم معالجة النار في اليمن على طريقة الجراحة الدقيقة والحذر في غرف العناية الفائقة !

* * *

الأمر هنا يفرض مسؤوليات ووعياً على النظام اليمني الذي عرض المصالحة على الحوثيين، حيث يفترض مثلا تأمين عناصر المساعدة والدعم والعناية والعدالة ايضا الى قبائل بكيل وحاشد لاسقاط حجج الحوثيين حول المظالم التي تقوم بها صنعاء.

ولأن أنفاس رجال مثل الجنرال ديفيد بترايوس، الذي يتردد كثيرا على صنعاء، ستكون موجودة داخل مؤتمر لندن، فإن من الضروري جدا أن تدقق واشنطن في أبعاد تصريحات المسؤولين اليمنيين الذين يحذرون من ان التدخل الاميركي المباشر سيقوي "القاعدة"، ومن الطبيعي ان يدفع هذا التدخل ايران الى افشال أي فرصة للتفاهم بين صنعاء والحوثيين !

وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي يكرر رفض أي مطلب أميركي للتدخل العسكري المباشر في المواجهات ضد تنظيم "القاعدة". فكل المطلوب هو "اعادة بناء قدراتنا وتزويدنا التقنية والمعدات والعتاد والمعلومات الاستخبارية"!

الآن يستيقظ الاميركيون والاوروبيون متأخرين نسبيا عما جرى ويجري في اليمن وما يمثل من أخطار تتهدد منابع النفط واستقرار الحضارة، ولكأنهم لا يملكون "الخرائط السياسية" أو لا يدققون فيها، وهم صُنّاعها في الأساس، وخصوصا عندما تمضي واشنطن في ارسال عناصر "القاعدة" من غوانتانامو الى اليمن !!

استيقظوا؟

حسناً. عليهم بالضرورة أن يميزوا جيدا الفرق بين عشوائية النزول بالاحذية العسكرية الثقيلة في أفغانستان، وضرورة السير على رؤوس الاصابع في اليمن، حيث المطلوب محاصرة النيران لا إشعال حريق قد ينسف خزان النفط الكبير، فيغرق "باب المندب" أولا، ليموت مثلا البريطانيون من الجليد الذي يطبق عليهم هذه الأيام !

=============================

والعام يمر وراء العام

بقلم :حسين العودات

البيان

9-1-2010

 (ما زلنا في غرف التخدير على سرر التخدير ننام، والعام يمر وراء العام وراء العام وراء العام، والأرض تميد بنا، والسقف يهيل ركاماً فوق ركام).. شاعر معاصر

لا أظن أن هذا الشاعر كان متشائماً، أو أن حالنا  نحن العرب  ليس كذلك، كما أنه من غير المبالغة الإشارة إلى هذا الحال (أوحتى التشهير به)، لأن وصفه والإشارة إلى الثغرات والأخطاء والرزايا، ولو مع بعض المبالغة، لا يقع تحت تهمة «إضعاف الشعور القومي، والتسبب في وهن الأمة».

 

فتوصيف المرض لا يزيده بل يساعد على معالجته، خاصة أن مصلحة البلاد والعباد، وبناء الدولة الحديثة واستكمال الاستقلال وتحرير الأرض، ورفع مستوى حياة الناس، تقتضي عدم السكوت على الواقع المر الذي نحن فيه، والتعامي عن رؤية الأخطاء، والاستمرار في التخدير والتزوير والتبجح بمنجزات لم تتحقق، وتحرير لم يحصل.

 

واستعراض إنجازات غير موجودة إلا في تصوراتنا، ونجاحات متخيلة، والمبالغة بوجود أدوار لا يراها أحد ولا يلمسها، وتقديس من لا يستحق التقديس، وما لا يستحقه، وقلب سلم الأولويات، والسكوت عن التخلف والطائفية والعشائرية والإقليمية والقمع، وتجاهل الحريات والديمقراطية وتداول السلطة وفصل السلطات.

 

ووضع تطور الأمة وأهدافها، والشعوب وأمانيها، على طريق الحداثة والتقدم واللحاق بركب التطور الإنساني. ورغم هذا يطلب بعض الأنظمة العربية من الجماهير الشعبية ومن النخب ووسائل الإعلام والثقافة، السكوت والتجاهل والجهل والتستر على هذا الواقع المتردي.

 

أظن أن شاعرنا لم يبالغ، فنظرة مدققة إلى واقع الحال العربي تؤكد أن الأمة العربية ومجتمعاتها وحكوماتها ودولها، ليست في أحسن أحوالها، وتواجه صعوبات ومشاكل ومعيقات جعلتها أكثر ضعفاً من أي وقت مضى منذ استقلال البلدان العربية، وانسحاب القوى الاستعمارية الأوروبية وقيام إسرائيل، أي طوال النصف الثاني من القرن الماضي.

 

بعد اغتصاب فلسطين عام 1948، شقت تصريحات بعض حكامنا عنان السماء، مؤكدة أنها على وشك إزالة إسرائيل ومحوها من الوجود واستعادة الأرض السليبة، ثم فشلت جيوشنا في تحقيق مواجهة ناجحة أو إيقاف زحف العدو، بل فشلت في المحافظة على نصيب الفلسطينيين من قرار التقسيم.

 

واستعاضت عن الانتصار المأمول بأن بدأت سلسلة من الانقلابات العسكرية في بعض البلدان العربية المستقلة. ولم يكن لهذه الانقلابات في الواقع أي هدف محدد أو استراتيجية واضحة أو سياسة شاملة، سوى استلام السلطة وإدانة طاقم المرحلة السابقة لها.

 

ووعدتنا بتحرير فلسطين، لكنها لم تفعل شيئاً جدياً سوى انتظار الانقلاب المقبل، ثم بقي معظم أنظمتنا السياسية يلهج بتحرير فلسطين، لكننا ما لبثنا أن خسرنا ما تبقى لنا منها، إضافة لأراض جديدة من مصر وسوريا والأردن ولبنان.

 

كانت حرب أكتوبر فرصة لإحياء تماسك الأمة وتغيير موازين القوى، وتحرير الأرض، وحل المشكلة الفلسطينية، إلا أننا بدلاً من تحقيق هذه الأهداف كلها أو بعضها، شهدنا اتفاقيات الصلح الثنائي وتفرقنا أيدي سبأ، حتى أصبح كل بلد يتخلى عن واجباته القومية ويعتز بقطريته ويبحث عن خلاصه الذاتي.

 

في عصر تبحث فيه الشعوب والدول عن تأسيس تجمعات إقليمية، حتى لو كانت شعوبها «غريبة الوجه واليد واللسان» تجاه بعضها، ونحن نصر على رفض التضامن تحت شعار «بلدنا أولاً»، مع أن هذا الهدف يتحقق بالتضامن أكثر مما يتحقق بأي وسيلة أخرى.

 

طبق معظم شعوب الأرض (بعد انتهاء الحرب الباردة) مفاهيم الدولة الحديثة، أما نحن فقد نفرت أغلبية أنظمتنا السياسية من هذه المفاهيم وتجاهلتها، وبقيت قابضة على المفاهيم العتيقة.

 

حيث الاستبداد والقمع وتركيز السلطة في يد مجموعة صغيرة وشمولية النظام وهيمنته على الدولة والمجتمع، بل هيمنة الحكومة على الدولة والمجتمع، وتفشي الاستبداد والمحسوبية والطائفية والإقليمية وكل أمراض الدنيا، مما أدى إلى تناقض حكوماتنا بعضها مع البعض الآخر، واتهام كل منها الأخرى وتحميلها المسؤولية عن فشلنا في تحقيق أهدافنا القومية.

 

ودفن التضامن العربي، والفشل في إقامة نظام عربي جديد يستوعب مستجدات الحضارة الإنسانية ومفاهيمها الحديثة. ولم نبدأ  كغيرنا  في تنفيذ خطط تنمية شاملة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، لا على انفراد ولا في إطار التنسيق العربي والتكامل العربي، وفي ضوء المصالح القومية التي هي في النهاية مصالح كل قطر من أقطارنا.

 

استوعب معظم شعوب الأرض مبادئ الحداثة والتحديث، أما نحن فبعضنا اعتبر الحداثة بضاعة غربية رفضها كلياً دون تبصر، لأنها في نظره أفكار وممارسات وقيم مستوردة.

 

والبعض الآخر أخذها كما هي وبمفاهيمها الأوروبية وشروطها الأوروبية واندهش بها وتماهى معها، وكأنه لا تراث لنا ولا ثقافة ولا قيم ولا تقاليد. وفي الحالتين بقينا كلنا أعداء للحداثة ومفاهيمها وقيمها، نعيش مرحلة ما قبل الحداثة في عصر وصلت شعوب العالم الأخرى إلى مرحلة ما بعد الحداثة، اللهم باستثناء أننا نمارس التقاليد الاستهلاكية بتلقائية وبحماسة.

 

ونطبق نمط الحياة الاستهلاكي في مجتمعاتنا ما قبل الزراعية أو ما قبل الصناعية، مما أوصل هذه المجتمعات إلى أوضاع كارثية، وجعل قول شاعرنا الذي «تعكزنا عليه» واقعياً وصادقاً، والآراء المماثلة له ليست موتورة ولا مبالغة ولا انهزامية، لأننا بحاجة لتوصيف الحال بدقة، أكثر من حاجتنا للتستر عليه.

كاتب سوري

=============================

التغلب على فشل كوبنهاغن

آخر تحديث:السبت ,09/01/2010

الخليج

جوزيف ستيجلتيز

إن الخطب الجميلة لا يتجاوز أثرها ما تثيره بين المتلقين من إعجاب وقتي. فبعد أن مرّ شهر منذ انتهى مؤتمر كوبنهاغن للمناخ، بات من الواضح أن زعماء العالم كانوا عاجزين عن ترجمة الفصاحة الخطابية حول الانحباس الحراري العالمي إلى عمل حقيقي.

 

كان من الجميل بطبيعة الحال أن يتفق زعماء العالم على خطورة المجازفة بالسماح بالدمار الذي قد يترتب على ارتفاع درجات الحرارة العالمية بمقدار يتجاوز درجتين مئويتين. وهذا يعني أنهم على الأقل أولوا بعض الانتباه إلى الأدلة العلمية المتراكمة. كما شهد المؤتمر إعادة التأكيد على بعض المبادئ التي أرستها اتفاقية ريو الإطارية في عام ،1992 بما في ذلك “توضيح المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة والقدرات المختلفة”. وكذلك كان اتفاق البلدان المتقدمة على “تقديم الموارد المالية الكافية والمستدامة، والتكنولوجيا، ووسائل بناء القدرات...” للبلدان النامية.

 

إن فشل كوبنهاغن لم يكن راجعاً إلى عدم التوصل إلى اتفاق ملزم قانوناً. بل إن الفشل الحقيقي كان في غياب الاتفاق على كيفية إنجاز الهدف السامي المتمثل في إنقاذ كوكب الأرض، وغياب الاتفاق على مستويات خفض الانبعاثات الكربونية، وغياب الاتفاق على كيفية تقاسم الأعباء، وغياب الاتفاق على كيفية مساعدة البلدان النامية. وحتى الالتزام بتوفير مبالغ تناهز ثلاثين مليار دولار أثناء الفترة 2010-2012 لدعم جهود التكيف والتخفيف يبدو هزيلاً تافهاً مقارنة بمئات المليارات من الدولارات التي أنفقت على البنوك في إطار عمليات الإنقاذ أثناء الفترة 2008-2009 فإذا كان بوسعنا أن ننفق مثل هذه المبالغ الطائلة لإنقاذ البنوك، فلابد وأن يكون بوسعنا أن ننفق أكثر من ذلك لإنقاذ كوكب الأرض.

 

لقد تجلت عواقب الفشل بالفعل: فقد هبطت أسعار حقوق الانبعاثات في نظام مقايضة الانبعاثات التابع للاتحاد الأوروبي، مما يعني أن الشركات الآن لن يكون لديها الحافز الكافي لخفض الانبعاثات والاستثمار في الابتكارات القادرة على الحد من الانبعاثات في المستقبل. والشركات التي كانت راغبة في القيام بالتصرف السليم، وإنفاق المال من أجل الحد من الانبعاثات الناتجة عنها، أصبحت الآن تخشى أن يؤدي بها إنفاق المال في هذا المجال إلى وضعها في موقف تنافسي سيئ لأن شركات أخرى قد تستمر في إطلاق الانبعاثات بلا ضابط أو رابط. وسوف تظل الشركات الأوروبية في وضع تنافسي غير ملائم نسبة إلى الشركات الأمريكية التي لا تتحمل أي تكاليف عن انبعاثاتها.

 

هناك بعض الأسباب العميقة التي أدت إلى الفشل في كوبنهاغن. فقد خصص بروتوكول كيوتو حقوق الانبعاثات، التي تشكل أصلاً قيماً. وإذا تم تقييد الانبعاثات بالقدر اللائق فإن قيمة حقوق الانبعاثات قد تعادل بضعة تريليونات من الدولارات سنوياً ولا عجب إذن أن تنشأ الخصومات والمشاجرات حول من ينبغي له أن يحصل على هذه الحقوق.

 

لا شك أن فكرة حصول هؤلاء الذين أطلقوا قدراً هائلاً من الانبعاثات في الماضي على المزيد من حقوق الانبعاثات في المستقبل ليست بالفكرة المقبولة على الإطلاق. إن “الحد الأدنى” العادل من تخصيص هذه الحقوق للبلدان النامية لابد وأن يكون على أساس نصيب الفرد. والواقع أن أغلب المبادئ الأخلاقية تملي علينا، حين نتصدى لتوزيع “المال” على العالم، أن نعطي المزيد (من نصيب الفرد) للفقراء.

 

وعلى نفس المنوال، تقضي أغلب المبادئ الأخلاقية بأن هؤلاء الذين أسهموا بالقدر الأعظم من التلوث في الماضي وخاصة بعد إدراك وجود المشكلة في عام 1992 لابد وأن تكون حقوقهم في إحداث المزيد من التلوث أقل في المستقبل. ولكن مثل هذا التوزيع من شأنه ضمناً أن يحول مئات المليارات من الدولارات من الأغنياء إلى الفقراء. ونظراً لصعوبة جمع حتى 10 مليارات دولار سنوياً ناهيك عن جمع 200 مليار دولار سنوياً، وهو المبلغ المطلوب لتنفيذ عمليات التخفيف والتكيف فلابد وأن يكون من قبيل الوهم والخيال أن نتوقع التوصل إلى اتفاق يستند إلى هذه الخطوط.

 

ولعل الوقت قد حان الآن لتجربة نهج آخر: التزام كل بلد برفع سعر الانبعاثات (سواء من خلال فرض ضريبة على الكربون أو فرض قيود على الانبعاثات) إلى مستوى متفق عليه، ولنقل 80 دولاراً عن كل طن. وسوف يكون بوسع الدول أن تستخدم العائدات كبديل للضرائب الأخرى فمن المنطقي أن نفرض الضرائب على الممارسات السيئة وليس على الممارسات الطيبة. وقد يكون بوسع البلدان المتقدمة أن تستخدم بعض العائدات الناتجة للوفاء بالتزاماتها بمساعدة البلدان النامية فيما يتصل بجهود التكيف وتعويضها عن الحفاظ على الغابات، والتي تشكل منفعة عالمية عامة بفضل قدرتها على احتجاز الكربون.

 

لقد رأينا كيف أن النوايا الحسنة لا تكفي في حد ذاتها. والآن يتعين علينا أن نزاوج بين المصلحة الذاتية والنوايا الحسنة، خاصة وأن زعماء بعض البلدان (الولايات المتحدة بصورة خاصة) يخشون المنافسة من جانب الأسواق الناشئة حتى من دون أي ميزة قد تحصل عليها هذه الأسواق بسبب عدم اضطرارها إلى تحمل ثمن الانبعاثات الكربونية. ومن المؤكد أن الاستعانة بنظام للضرائب الحدودية يفرض على الواردات من بلدان حيث الشركات لا تضطر إلى دفع الثمن المناسب للانبعاثات الكربونية من شأنه أن يمهد أرض الملعب ويقدم الحوافز الاقتصادية والسياسية اللازمة لحمل الدول على تبني ضريبة كربونية أو وضع حد للانبعاثات. وهذا بدوره من شأنه أن يوفر الحوافز الاقتصادية اللازمة لحمل الشركات على الحد من الانبعاثات الناتجة عن أنشطتها.

 

إن الوقت يشكل أهمية جوهرية. فبينما يتلكأ العالم ويهدر الوقت الثمين، تتراكم الغازات المسببة للانحباس الحراري في الغلاف الجوي، وتتضاءل احتمالات نجاح العالم في الوفاء حتى بالهدف المتفق عليه بالحد من ارتفاع حرارة الأرض بما لا يتجاوز درجتين مئويتين. لقد منحنا بروتوكول كيوتو الذي استند إلى حقوق الانبعاثات الفرصة العادلة. ونظراً للمشاكل الجوهرية التي أحاطت بمؤتمر كوبنهاغن فإن فشله لا ينبغي أن يكون مستغرباً. والواقع أن الأمر يستحق على أقل تقدير أن نمنح البديل فرصة متكافئة.

أستاذ بجامعة كولومبيا وحائز جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2001. ومن المنتظر أن ينشر أحدث كتاب من مؤلفاته تحت عنوان “السقوط الحر” في هذا الشتاء والمقال ينشر بالاتفاق مع “بروجيكت سنديكيت”.

=============================

مأزق الثورة على الثورة في جمهورية الخميني!

السبت, 09 يناير 2010

سليم نصار *

الحياة

قبل أن يتوجه الى واشنطن للقاء الرئيس السابق جورج بوش، حرص الرئيس العراقي جلال طالباني على زيارة طهران بهدف استكشاف آخر مواقفها السياسية.

وقال له مرشد الثورة علي خامنئي «إن كل المشاكل مع الولايات المتحدة قابلة للحل، شرط أن تكف عن التآمر على نظام الجمهورية الإسلامية».

ويُستدل من طبيعة المراحل التي قطعتها الثورة الإيرانية ان هاجس التآمر الأميركي ظل يهيمن على سياسة مطلقها آية الله الخميني وعلى الأوفياء لخطه العقائدي من أمثال مرشد الجمهورية علي خامنئي.

وكان من المتوقع أن تقود هذه السياسة المتشددة الى تقليد الثورة البولشفية الملحدة، وإلى استنساخ النموذج الستاليني في عمليات تطهير العناصر الفاسدة وتصفية المنافسين على القيادة. وقد مورست عمليات التطهير في عهد الرئيس محمد خاتمي على نحو غير مألوف، خصوصاً ضد الكتّاب والصحافيين ودعاة التيار الإصلاحي. وشعر في حينه المرشد علي خامنئي أن احتفالات إيران بالذكرى العشرين لثورتها، ربما تقود البلاد الى انقسام داخلي. والسبب أن التيار الشعبي وفي طليعته طلاب الجامعات، أوصل خاتمي الى الرئاسة بغالبية 70 في المئة من الناخبين. ومن هذا المنطلق حمل خاتمي شعار «الثورة لتطوير الثورة»، مع وعد بإخضاع كل المؤسسات، بما فيها ولاية الفقيه، لأحكام القانون. كما تعهد بتطبيق برنامجه السياسي وعماده «بناء المجتمع المدني في إيران». كذلك طالب بالانفتاح على المحيط العربي من موقع المصالح المتبادلة لا من موقع تصدير الثورة. وفي الأمم المتحدة طرح شعار «حوار الحضارات» بدلاً من «صدام الحضارات»، الأمر الذي فسرته القيادة الدينية بأنه جسر التواصل مع الشيطان الأكبر، الولايات المتحدة.

وعندما بلغ خط الإصلاح في عهد خاتمي هذه النقطة الخطرة، تدخل المرشد علي خامنئي باعتباره الولي الفقيه ليحرك وسائله الأمنية عبر الجيش والحرس الثوري (الباسيج) والدرك والاستخبارات. يومها ازدادت موجة الاغتيالات التي طاولت عدداً كبيراً من الكتّاب والصحافيين ودعاة الديموقراطية والانفتاح على الثقافات الخارجية. وقد استخدم المحافظون المؤسسات التي تخضع لإرادتهم من أجل تبرير أعمال العنف، مثل: مجلس الشورى (البرلمان) ومحكمة رجال الدين التي تملك مفاتيح السلطة، ومجلس الخبراء المؤلف من 86 مجتهداً ورجل دين، والذي تشمل صلاحياته مهمة نزع الثقة من الولي الفقيه.

خشية اختيار غورباتشوف إيراني قد يدمر كل ما بنته ثورة الخميني، قرر علي خامنئي انتقاء رئيس من قادة الحركة الطالبية التي احتلت السفارة الأميركية في طهران واحتجزت ديبلوماسييها لأكثر من سنة. وقد أثبت محمود أحمدي نجاد أنه الشخص المناسب الذي يطمئن خامنئي الى إدائه، بعكس رفسنجاني وخاتمي اللذين حاولا تعديل النظام بما يلائم طموحاتهما السياسية.

خلال ولايته الأولى ركّز الرئيس نجاد على توسيع صلاحيات الحرس الثوري وإطلاق يده في الشؤون الأمنية والسياسية، مقلداً بذلك تنظيم الحرس الثوري في جمهورية كوبا. وبدلاً من تعزيز ترسانة الجيش بالصواريخ، حصر نجاد هذا السلاح بترسانة الحرس الثوري الخاضع لسيطرة خامنئي. وتضم هذه الترسانة كمية ضخمة من صواريخ روسية وكورية شمالية ومحلية الصنع بينها: شهاب (1) وشهاب (3) الذي يصل مداه الى أبعد من إسرائيل وشهاب (6) المعد لضرب مدن على سواحل الولايات المتحدة.

عقب الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس فلاديمير بوتين لطهران ذكرت الصحف الغربية ان الضيف الكبير أخرج إيران من عزلتها الدولية وقدم لها صفقة صواريخ كانت بمثابة مكافأة مجزية لقاء تجديد أسطولها الجوي بطائرات روسية حديثة. وعلقت الإدارة الأميركية على الزيارة بالقول إن بوتين وعد أحمدي نجاد بدعم برنامجه النووي، على رغم تهديد إسرائيل بتدمير المفاعلات. كذلك وعدته القيادة الصينية باستخدام حق الفيتو في مجلس الأمن، كثمن لصفقة الغاز والنفط التي قُدرت ب 24 بليون دولار.

في ضوء هذه التطورات السياسية الملائمة لترسيخ دعائم النظام، قامت قيادة الحرس الثوري بعرض مسلح لاختبار قوتها العسكرية من جهة، وإخافة الدول الصناعية المعتمدة على نفط الخليج، من جهة أخرى. واستمرت المناورات مدة أسبوعين (ربيع 2006) بمشاركة مئة ألف مجند يمثلون مختلف القطاعات. وعقد وزير الخارجية منوشهر متقي في حينه مؤتمراً صحافياً قال فيه ان بلاده ستقفل مضيق هرمز في حال الاعتداء عليها، وإن الهدف من المناورات ليس إخافة الدول العربية المجاورة، بل إفهام إسرائيل وأميركا ان التهديد لا يثني إيران عن نشاطها النووي.

بعد انتخاب باراك أوباما، توقعت طهران ان يكون الحزب الديموقراطي أكثر تفهماً لمطالبها، خصوصاً ان اقتناء السلاح النووي لم يعد حكراً على الدول الكبرى. واستخدم أوباما لغة الحوار لعله يقنع القيادة الإيرانية بأن لغة التهديد باقتلاع إسرائيل من المنطقة، لن تساعد على تمرير مشروع صنع «القنبلة الشيعية». ولكن المنطق الأميركي لم يقنع إيران التي رأت في السلاح النووي لدى إسرائيل والهند وباكستان حجة لاتهام واشنطن بالانحياز ضدها. كما رأت ان استخدام قنابل اختراق العمق والصواريخ الموجهة لن يدمر برنامجها بالكامل لأن المنشآت النووية موزعة على مواقع متباعدة بين ناتانز وأراك وبوشهر.

يقول المعلقون إن المرشد علي خامنئي فقَد دور الحكم العادل المتوازن عندما أعرب عن انحيازه المطلق لمصلحة مرشحه المفضل محمود أحمدي نجاد في الانتخابات الأخيرة. وبدلاً من أن يوافق على إعادة الانتخاب في بعض المناطق المشكوك في نتائجها، حسم الجدل بإعلان فوز نجاد الذي قبّل يده شاكراً أمام عدسات المصورين.

وبسبب تظاهرات الاحتجاج التي استقطبتها حركة زعيم المعارضة مير حسين موسوي، ازدادت قوة المواجهة بين النظام ومعارضيه، الأمر الذي دفع خامنئي الى استنفار «الحرس الثوري» في طهران وسائر المدن المضطربة. ومع دخول الرئيسين السابقين هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي حلبة النزاع، اتسعت شقة الخلاف بين قادة النظام وحركة الإصلاحيين على نحو لم تشهده البلاد منذ سنة 1979. وأمام تنامي موجة الاعتراض، شعر الرئيس نجاد بالحاجة السياسية الى توظيف العداء الخارجي من أجل تقوية مركزه الداخلي. لذلك أمر بإجراء اختبار جديد للصاروخ الباليستي «سجيل - 2» على أمل تهدئة الشارع الصاخب بحجة ان النظام يستعد لمحاربة إسرائيل ومقاومة العقوبات الدولية. ولما فشلت هذه المحاولة في لجم المتظاهرين، استغلت السلطة أحداث عاشوراء هذه السنة لتهاجم زعماء المعارضة لأنهم ينفذون سيناريو صهيونياً - أميركياً. وعليه طالبت بإعدامهم لكونهم «أعداء الله».

يجمع المراقبون على القول ان ثورة الإصلاحيين على الثورة ستدفع قادة النظام الإيراني الى انتقاء حلين لا ثالث لهما: إما التراجع عن استخدام القوة وإجراء مصالحة وطنية مع زعماء المعارضة، وإما مواصلة المواجهة والعنف ولو أدى ذلك الى ملء السجون وتوسيع القبور. ومعنى هذا ان الحل الأول سيقود الى إضعاف النظام سياسياً... بينما يقود الحل الثاني الى ظهور ديكتاتورية سافرة ترفض التعددية ولو استظل دعاتها مظلة الدين والديموقراطية. وعندما تصل الحال الى هذا المأزق، يكون «الحرس الثوري» قد وضع يده على مصير البلاد والعباد، تماماً مثلما فعلت حركة التطهير في روسيا عقب وفاة لينين واستلام ستالين زمام السلطة المطلقة. عندها فقط يبدأ تآكل النظام من الداخل. وهذا ما يربك الولي الفقيه ويشغل السلطة بمضايقات المعارضة، الأمر الذي يشل نشاطها الخارجي في الخليج ومصر ولبنان وغزة واليمن والصومال وبلدان آسيا الوسطى.

هذا الأسبوع اكتشفت إيران في تصريح وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ثغرة يمكنها التسلل عبرها الى ساحة الحوار حول برنامجها النووي. وكانت كلينتون قد أعلنت عدم تحديد مهلة نهائية لمساعدة طهران على الخروج من الزاوية التي حشرت نفسها فيها. ومن أجل تبرير استدارتها السياسية، أعلن قائد الحرس الثوري الأميرال مرتضى صفاري ان قواته ستجري مطلع الشهر المقبل (فبراير) مناورات بحرية ضخمة في مضيق هرمز. والمؤكد ان النظام بدأ يشعر بدنو الحصار الأخير بواسطة العقوبات الدولية، وأن مناورات 2010 ليست أكثر من نسخة جديدة عن مناورات 2006 بهدف إخافة الدول الكبرى من عواقب عملها.

* كاتب وصحافي لبناني.

=============================

أي أوباما بعد ديترويت؟

السبت, 09 يناير 2010

الياس حرفوش

الحياة

تكاد تسمع صرخة اليأس ترتفع من صوت باراك أوباما وهو يلقي خطابه الأخير، الذي عرض فيه مواقع الفشل التي منعت أجهزة الأمن والاستخبارات الأميركية من كشف خطة تنظيم «القاعدة» لتفجير الطائرة الأميركية. قال: لقد سعينا الى بدايات جديدة مع المجتمعات المسلمة حول العالم، لنتفاعل معها على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، ولنعمل معها على تحقيق طموحاتها. وكأنه يضيف: هل أستحق أنا باراك أوباما أن يردوا لي الجميل هكذا؟ لست جورج بوش. حاولت فتح صفحة جديدة، من إغلاق غوانتانامو الى وقف استخدام شعار «الحرب على الإرهاب» الذي كان شعار الإدارة السابقة. خضت معركتي ضد بوش على قاعدة التغيير في الداخل والخارج. أقسمت اليمين باسم «باراك حسين أوباما»، وأخذ ذلك عليّ كثير من الأميركيين ومن حزبي الديموقراطي ايضاً. ومع ذلك، ها هي حرب الطائرات تواجهني أنا ايضاً، وتسعى الى تحويل عهدي من عهد الانفتاح وإنهاء الصراعات والحروب الدينية الى عهد يعود فيه الخوف وهاجس الأمن الى المرتبة الأولى!

لم تكن ضربة «القاعدة» التي كان مفترضاً أن تدمّر الطائرة في مطار ديترويت موجهة ضد ركاب هذه الطائرة او ضد المواطن الأميركي فقط. كان هدفها باراك أوباما نفسه وكل الشعارات التي أطلقها، والتي رد قادة هذا التنظيم وغيرهم من قادة الحركات الإسلامية المتشددة أنها شعارات جوفاء. كان المناخ الذي أطلقه أوباما مناخاً غير مؤات لأفكارهم. لأنه مناخ كان مقدراً له ان يقطع الطريق على موجات التعصب التي ضربت العلاقات الدولية وعلاقات الغرب مع العالم الإسلامي منذ ذلك اليوم المشؤوم في 11 سبتمبر. لكن «القاعدة» ومن يصفقون لها وجدوا ان الاستثمار في مناخ كهذا سيكون صعباً عليهم، وستنضب في ظله منابع تجنيد الانتحاريين الذين يشكلون الوقود اللازم لعملياتهم.

كانت ضربة «القاعدة» موجهة ايضاً ضد كل مواطن عربي أو مسلم او أي شخص تثير سحنته السمراء ردود فعل الاشتباه خلف نوافذ الأمن في المطارات الدولية. مواطنو الدول الأربع عشرة الذين اعلنت ادارة أوباما أنهم سيخضعون لتشدد اكبر معهم اثناء القيام بتفتيشهم عند دخولهم الحدود الأميركية أو عبورهم مطاراتها. هؤلاء أيضاً هم ضحايا ارهاب «القاعدة» وهم الذين سيدفعون ثمن الإجراءات الجديدة التي ستتخذها السلطات الأميركية، وربما غيرها حول العالم ايضاً، في اعقاب المحاولة الأخيرة.

هذا بالضبط ما تريده «القاعدة»، وبهذا المعنى فقد انتصرت من دون ان تقتل حتى راكباً واحداً. انتصرت بإعادتنا الى حيث كنا في عهد بوش. أجواء المخاوف الأمنية عادت تلقي الذعر من جديد، ليس فقط بين المسؤولين عن الأمن والمكلفين منح تأشيرات الدخول الى الدول الغربية، بل ايضاً بين المواطنين العاديين في هذه الدول، والذين تشكل ردود أفعالهم عادة الميزان الذي تقيس به السلطات إجراءاتها.

من حق أوباما ان يدعو الأميركيين الى عدم الخضوع لما سماه «حالة الحصار» التي تقفل أبواب المجتمعات المنفتحة ونوافذ الحريات والقيم السائدة في العالم الغربي. لكن تشديد الإجراءات التي طالب بها، والتي كان لا مفر منها، سوف تؤدي تلقائياً الى حالة الحصار هذه، سواء من جانب المواطن الأميركي العادي الذي سوف يشعر ان إغلاق أبواب حدوده هو السبيل الأفضل لحمايته، او من جانب زوار أميركا المشتبه بهم، والذي سيتم التعامل مع كل منهم كعدو محتمل، مهما كانت نواياه او اهداف زيارته بريئة.

ومن حق أوباما ايضاً ان يدعو المسلمين، كما فعل في خطابه اول امس، الى اعلان براءتهم من افكار «القاعدة» التي لا تقدم لهم سوى «رؤية مفلسة مليئة بالبؤس والموت»، على حد وصفه. ولكن هل المسلمون مسؤولون جميعاً عن ارهاب «القاعدة» لتتم محاسبتهم جميعاً على نواياها؟ أليس وضعهم جميعاً في سلة واحدة شبيهاً بتقسيم العالم الى أخيار وأشرار، على طريقة جورج بوش؟

هنا يقع المأزق الذي يواجه اوباما: كيف يمكنه التوفيق بين حماية امن اميركا بإجراءات تستهدف مواطنين اكثرهم من دول عربية ومسلمة، وبين السعي الى «البدايات الجديدة» التي تحدث عنها، مع هذه المجتمعات؟

=============================

الرئيس أوباما.. دفاعا عن ليو شياو بو

الشرق الاوسط

9-1-2010

أصدرت المحاكم الصينية خلال الأسبوع الماضي حكما بحبس الإصلاحي المعتدل ليو شياو بو لمدة أحد عشر عاما، لتنظيمه حملة لتوقيع «الميثاق 08»، الذي يدعو إلى الإصلاح السياسي، وتطبيق حقوق الإنسان التي تطبق في معظم أنحاء العالم.

ويعد مثل ذلك الحكم رسالة واضحة لكل الذين كانوا يسعون لوضع قيود على القوة الجامحة للصين الجديدة، التي أصبحت تجلس بغطرسة على طاولة الحوكمة العالمية: إذا ما صنعت الكثير من الجلبة حول إطلاق سراح ليو، فسننزل بك عقابا أشد، حتى تعلم أننا لا نعبأ برأيك، وأننا لسنا مضطرين إلى ذلك.

وبصراحة، نحن - الصينيين - معتادون على ذلك التعالي السلطوي، فخلال عصور ماو تسي تونغ ودينغ شيوبنغ، عندما كنت أقضي عقوبة السجن لمدة 15 عاما لارتكابي «الجريمة الوحشية» بتعليق ملصق على أحد الجدران، كانت الحكومة الصينية تنظر إلى الرأي العام الدولي بنفس النظرة الحالية. فإذا ما رأى الشعب الصيني كيف تمكنت الحكومة ببساطة من إزالة شكوك الأجانب النافذين، فإن قادة الحزب الشيوعي يعتقدون أن الشعب الصيني لن يصبح أمامه سوى الإذعان للسلطة المفرطة للحكومة.

ولكن حدثت بعض التغيرات خلال فترة حكم جيانغ زيمين، ففي إطار جهوده لتقليل الضغط الدولي، وتطوير الاقتصاد في ظل شروط تجارية أفضل مع الولايات المتحدة، قدم النظام الصيني بعض التنازلات. فمن بين عدة إجراءات أخرى، تم إطلاق سراحي من السجن، وترحيلي إلى الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما تسبب في إثارة انتقادات حادة في دوائر المتشددين في الحزب، على الرغم من أن العجز الضخم في الميزان التجاري الأميركي هو ما كان يعزز النمو المتسارع للصين على مدار السنين.

وفي الوقت الراهن، ونظرا لأن زعماء الصين يعتقدون أن دولتهم المزدهرة قد أصبحت لاعبا أساسيا في تاريخ العالم، خصوصا في ظل الضعف الذي أصاب الصورة الأميركية في أعقاب حرب العراق والأزمة المالية الأخيرة، يسعى المتشددون لإحكام قبضتهم مرة أخرى.

ولا شك أن جانبا من غطرسة هؤلاء الزعماء يرجع إلى تعاظم دور الصين، باعتبارها أكبر دائني أميركا. وبالطبع فإن ذلك هو أحد الأسباب التي تجعل الرئيس الصيني مستعدا لإهانة الرئيس باراك أوباما. وقد فعل ذلك بالفعل خلال زيارته للصين، عندما منع التغطية الإخبارية الواسعة لخطابه، وعندما أرسل مسؤولين أقل منه مستوى للتفاوض معه في مباحثات قمة المناخ بكوبنهاغن، حتى انضم إليه رئيس الوزراء ون جيا باو في اللحظة الأخيرة.

ولم تكن الإهانة الموجهة إلى أوباما شخصية، فقد كانت مجرد إشارة إلى الموقع الذي باتت الصين تحتله على الساحة العالمية. ولكن الأهم من ذلك - كما في فترة ماو ودينغ - أن الارتقاء إلى مستوى القوى العظمى يحد من قدرة المعارضة الداخلية المتنامية، ويروع المعارضين الصينيين، ويلقي بهم في حالة من التبعية للقيادة الدكتاتورية للحزب الواحد، وهو ما يمثل أمرا شائكا هناك، لأن السماح بمساحة أكبر من الحرية سوف يكشف عن مشكلات الصين الاقتصادية الداخلية.

ولا يتعلق رد الرئيس أوباما على ذلك التحدي بكرامته أو موقفه الشخصيين، بل يتعلق بالدفاع عن منظومة القيم الديمقراطية للغرب في مواجهة تحدي القيادة الآيديولوجية في القرن الحادي والعشرين.

كما أن قضية ليو شياو بو تمثل فرصة للرئيس أوباما للوقوف في وجه غطرسة المتشددين المزعجة. وعلى الرغم من أن قضية ليو تمت إحالتها إلى محكمة أعلى، فإن الولايات المتحدة، وباقي أنحاء الغرب، يجب عليهم الإصرار على إلغاء الحكم الصادر ضده، حيث إن مثل ذلك الموقف القوي سوف يضعف المتشددين، ويعزز أصوات الإصلاح السلمي داخل الصين. وإذا لم تمارس الولايات المتحدة ضغوطا فسوف يمارس المتشددون ضغوطا لها عواقب سلبية على نطاق واسع من القضايا، بدءا من التجارة ووصولا إلى تقييم العملات، والأمن العالمي، والتغير المناخي.

قد تدين الولايات المتحدة بقدر كبير من الدَّين إلى الصين، ولكنها تدين بدَين أكبر إلى مبادئها التي تأسست عليها، من الحرية وحقوق الإنسان. وإذا ما كان الغرب، الذي تقوده الولايات المتحدة، غير قادر على موازنة قوة الصين الجديدة في النظام العالمي، فمن الذي يستطيع إذن؟

* وي جنغشينغ هو أحد النشطاء الصينيين في مجال حقوق الإنسان، قضى 15 عاما في السجن حتى تم ترحيله إلى الولايات المتحدة، وهو الحائز على جائزة روبرت كيندي لحقوق الإنسان، وجائزة أولف بالم كذلك.

* المنشق الصيني

* خدمات «تريبيون ميديا»، شبكة «غلوبال فيوبوينت»

خاص ب«الشرق الأوسط»

=============================

هل يكون عاماً مختلفاً؟

تشرين

9-1-2010

 أيام قليلة وتبدأ إدارة الرئيس أوباما عامها الثاني في البيت الأبيض دون أن تحقق أياً من وعودها التي بدأت بسقف عالٍ ثم سجلت التراجع تلو التراجع، إذ لا يزال بعض رواسب إدارة سلفه بوش راسخاً عند مخططي السياسة الأميركية الشرق أوسطية، ولا يزال تحرك الرئيس محاصراً بدائرة شديدة الانحياز لإسرائيل، ومواقف ممثلي هذه الدائرة تتعمد قولبة المواقف الايجابية التي سجلها الرئيس في خطابه الشهير بالقاهرة على عكس النقاط المضيئة التي قالها أوباما وهو يحاول تغيير الصورة النمطية للسياسة الأميركية المعروفة منذ خمسينيات القرن الماضي.

 

هذه الدائرة المحيطة بالرئيس أوباما، لا تزال تعمل على نغمة أن المطالب العربية كبيرة لا يمكن تلبيتها، وأنه مع الوقت والانخراط في المفاوضات مع إسرائيل قد تتحقق اختراقات تُحسن أجواء المفاوضات وتحقق حلولاً مجزأة ممكنة، وهذا سيكون أفضل التوقعات!. ‏

 

بغض النظر عما يراه هؤلاء وما يخططون له لحرف توجه الرئيس أوباما نحو الانخراط أكثر فأكثر في قضايا المنطقة المعلقة، والتي يعود الكثير منها إلى السياسة الأميركية المنحازة لإسرائيل، فإن الآمال بأن يكون انخراط الرئيس الأميركي ايجابياً تبدو أنها صارت ضعيفة، ولاسيما أن أياً من وعود هذا الرئيس لم تترجم أفعالاً، ولا يغير من هذه الحقيقة بعض الجولات المكوكية لوزيرة خارجيته في المنطقة، وكذلك مبعوثه ميتشل الذي سيأتي مرة ثامنة أو تاسعة، فإن هذه الجولات لم تكن مطمئنة للجانب العربي، بل أظهرت كل الدعم والتأييد لإسرائيل لاستكمال مشروعها الصهيوني الذي يستبيح الحقوق والأرض العربية، وأظهرت أيضاً أن الإدارة الأميركية ليست بصدد تحرك حقيقي يثني إسرائيل عن ممارساتها الاحتلالية، ويدفع باتجاه حل عادل شامل يقوم على أساس قرارات الأمم المتحدة ومبدأ الأرض مقابل السلام. ‏

 

ثمة من يقول: إن ما يطلق عليه العجز الأميركي إزاء إسرائيل، هو في حقيقة الأمر غير ذلك تماماً، إنه تطواطؤ واضح، وتبن لكل رغبات إسرائيل، وإن الإدارات الأميركية المتعاقبة كانت ولا تزال تنفذ سياسة إسرائيلية في منطقتنا ولم تتعامل مع قضايا المنطقة إلا من خلال العين الإسرائيلية، ولهذا لا يمكن التعويل على مواقف أميركية بناءة في هذا العام على الأقل، إذا ظل الموقف العربي متراخياً مفككاً وعاجزاً عن انتزاع حقوقه بقدراته الذاتية الموحدة، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن الرهان على الآخر سيصطدم بخلطة عجيبة من المواربات والالتفافات إضاعة الوقت التي لن تصب إلا في مصلحة إسرائيل. ‏

تشرين السورية

=============================

أميركا.. عودة المحافظين الجدد !!

 الرياض

9-1-2010

 أميركا على خط ساخن مع العالم، فلو ارتفعت درجة حرارتها لأي سبب، فكل البشرية تنتفض، وهي حالة صحة ومرض، حيث إن تأثيرها مذهل، فهي أكبر بلداً في إنتاج المستحدثات العلمية وأكبر اقتصاداً، وأقوى جيشاً في العالم، وأهم ركيزة للبحوث بشتى الاختصاصات، ولديها العدد الذي لم يحصل عليه أي بلد في الحاصلين على جائزة نوبل وغيرها..

 

داخل هذا البلد العجيب في كل شيء تدور معارك جديدة، لأزمات لم تُحل، وهنا صار الرئيس (أوباما) في مواجهة غير مسبوقة مع صراع قوى، ليست بمثل حوادث المجابهات مع عدو خارجي كالاتحاد السوفياتي الذي كاد أن يفجر حرباً نووية بسبب صواريخ كوبا التي زرعها السوفييت، وكشفتها طائرات التجسس «يو تو» ولكنها معارك داخلية أقوى من حروب العراق وأفغانستان، أو التحضير لحروب أخرى، إذ تحول المحافظون الجدد من المجابهة مع العالم الخارجي، إلى إدارة حرب ضد الرئيس الحالي وفريق عمله حيث اتهم بسواده، وميوله الإسلامية واليسارية، والتشكيك بجنسيته، وعطل -عن عمد- بواسطة المتنفذين في البنوك والشركات والمصانع التأمين الصحي، والسلام العربي - الإسرائيلي، والتفاهم مع كوبا وإنهاء الصراع معها، وكوريا الشمالية.

 

لكن حادثة الإرهابي النيجيري، وقتل سبعة أمريكان بواسطة جاسوس مزدوج، فتحت تحقيقاً شاملاً عن الثقوب التي تركها بوش الابن في رداءة الأجهزة الأمنية، وكيف إنها تتباطأ بالتفاعل مع أي معلومة، وأن الأزمة المالية جاءت بسبب ثغرات تعامى عنها النظام السابق، وهنا بدأ الصدام يأخذ مناحي كبيرة، عندما تحولت مداخل مطاراتها وموانئها وحدودها إلى معسكرات تفتيش يحبس فيها أي قادم من عدة دول إلى ساعات وأيام فيما يشبه حالة الاستنفار، ما أسقط رؤوساً في تلك الأجهزة، وإعادة هيكلتها.

 

وهذه القضية-رغم صغر حجمها-جاءت كمحاكمة للرئاسة السابقة من أدوارها التي ورثتها السلطة الراهنة..

 

هناك من قال بتراجع هيبة أميركا، وكأن إشعال الحروب العسكرية والسرية وابتداع الخصومات وإدامتها، مصدر قوة لها، ولعل من ينظرون إلى مصالحة النظم -في عرف المحافظين الجدد- استسلاماً، يراه جيل أوباما صراعاً مع مجهول، لأن حالات التسخين باسم القطب الواحد جلبت لأميركا أكبر العداوات، وهو الذي زعزع مكانتها الأخلاقية والسياسية، مع أن الدولة العظمى لديها العديد من الأجوبة على الأسئلة الصعبة، فهي قادرة على معالجة سياسة المعسكر اليميني المتطرف، حتى لو هيمن على مراكز القوة الداخلية، لأن البطالة، والمعاناة من الأمراض ورداءة الأداء الصحي، وحصر التنمية الاجتماعية ومضاعفة التفاوت بين الطبقات، عوامل لا يمكن فصلها عن الوضع الذي يجعل أوباما مصدر تحريك لهذه الواجهات المهمشة..

 

لقد تراجع الرئيس الأميركي عن الكثير من وعوده، والسبب لا يعود إلى مناورة سياسية كسب بها الاقتراع على الرئاسة، وإنما بسبب الكوابح التي نصبها الجمهوريون وبعض الديمقراطيين بشأن إيجاد سياسة داخلية إصلاحية، وأخرى خارجية تلعب دوراً متسامحاً وعاقلاً، وفي كلتا الحالتين لا يرغب المتمترسون في الواجهات الخلفية النجاح لرئيس لا يمثل طموحاتهم ورغباتهم..

الرياض

=============================

سورية تغرق في مستنقع ديمغرافي خطير

(دي برس - المتوسط أونلاين )

جاء في تقرير التنمية الإنسانية العربية لسنة 2009 أن الوطن العربي يسجّل أعلى معدلات التزايد السكاني في العالم، وتعتبر سورية من أكثر بلدان المنطقة العربية تعرّضا لخطر الانفجار السكاني بمعدّل زيادة يبلغ نحو 2,45 بالمئة، وهو أعلى معدلات النمو في العالم، ومن المتوقع أن يبلغ عدد سكان سورية في عام 2025 نحو 31 مليون نسمة؛ وهذه الزيادة المسجلة في معدل النمو السكاني يجعل الدولة في مواجهة تحديات كبيرة تتطلب الاستجابة إلى متطلبات الزيادة السكانية من ناحية الغذاء والتعليم والسكن والخدمات، مما يزيد من عبء الحكومة خاصة في ظل مواسم الجفاف التي ضربت مختلف المناطق السورية في المدة الأخيرة مهددة بإصابة المجتمع السوري بعجز غذائي خطير.

لقد باتت ظاهرة الانفجار السكاني أحد المؤثرات السلبية على الاقتصاد السوري في كافة مجالاته، حيث أن الزيادة السكانية تؤدي إلى زيادة الضغط على النمو الاقتصادي والاجتماعي واستنزاف نسبة عالية من الموارد المائية والطبيعية والاقتصادية؛ وهذا الانفجار الديمغرافي يعتبر من أهم أسباب تأخر مستوى التنمية في سورية، لأن الارتفاع المتسارع في عدد السكّان يعيق تطوّر المجتمع ويعرقل نموّه، فهو يؤثّر على مستوى التنمية، والتغذية، والتشغيل، والتعليم ويساهم في انتشار الفقر والجهل وتدهور الوضع الصحي والاجتماعي، لأنه يستنزف كل المدخرات الاقتصادية والموارد الطبيعية، حيث تؤدي زيادة عدد السكان إلى انخفاض معدل النمو الاقتصادي والدخل الفردي، وتؤثر سلباً على عملية خلق التراكمات اللازمة لعملية التنمية.

 

كما أن ارتفاع عدد السكان يؤدي إلى زيادة عدد المواليد في المجتمع، وهذا يؤدي في المستقبل إلى عدة مشاكل أخرى بدءا من توفير الغذاء، مرورا بمستوى التعليم وصولا إلى ارتفاع نسبة البطالة، فسوق العمل لن يكون قادرا على استيعاب هذا الانفجار الهائل في نسبة التزايد السكاني، خاصة وأن نسبة كبيرة من الشباب وخريجي الجامعات تشكو من شبح البطالة وتردي الأوضاع المعيشية بسبب ذلك؛ وضمن الظروف الحالية من جفاف وتصحر ونمو اقتصادي متأرجح، فإن النمو السكاني يعد نقمة وليس نعمة، وللخروج من هذه المعضلة تحتاج سورية إلى 15 سنة حتى يبدأ هذا النمو بالانخفاض ويستقر.

 

ومما يزيد الوضع سوءا ويعيق تحقق شروط معيشية أفضل للسوريين، هو التباين الكبير جدا بين مستوى النمو الاقتصادي في سورية ومستوى النمو السكاني، حيث أن النمو الاقتصادي ضعيف جدا مقارنة بعدد السكان الذي يتراوح، حسب تصريحات الخبير الاقتصادي حسين العماش لوكالة الأنباء السورية، بين 4 إلى 6 في المائة في حين أن نسبة النمو الاقتصادي يجب أن تتراوح بين 8 إلى 9 في المائة أي ضعفي معدل النمو السكاني، لافتا أن الحل يكمن في رفع معدلات النمو الاقتصادي لتمتص معدلات الزيادة السكانية، إلى جانب الإدارة الرشيدة للموارد والتخطيط الاستراتيجي طويل الأمد.

 

وترى مصادر حكومية أن ارتفاع عدد السكان في سورية، رغم أنه مؤشر خطير يهدد بإحداث خللا اجتماعيا، إلا أنه في المقابل يعكس بعض الجوانب الإيجابية، حيث يعتبر هذا الارتفاع نتيجة مباشرة لتحسن الخدمات الصحية وأدى بالتالي إلى ارتفاع نسب الولادة، وانخفاض عدد الوفيات؛ فيما يرجع باحثون أسباب تواصل الانفجار الديمغرافي في المجتمع السوري إلى ارتفاع نسبة البطالة، ونسبة الأمية العالية، وتآكل الطبقة الوسطى ونقص دخل الطبقات الفقيرة التي باتت تعتمد على عمل الأطفال في دعم معيشة الأسرة.

 

ويشير خبراء إلى أن سوء التخطيط واختلال خطط التنمية ساهم في هذا الارتفاع الخطير في مؤشر الكثافة السكانية في سورية، حيث تم التركيز على توفير الخدمات الأساسية في المدن الكبرى، على غرار العاصمة دمشق، ومدينة حلب، فيما تشكو بعض المدن والأرياف من الإهمال مما زاد من وتيرة الهجرة الداخلية، من المناطق المهمّشة إلى المدن الكبرى.

 

وبما أنها أصبحت مناطق جذب سكاني فقد باتت هذه المدن بدورها تشكو من الضغط السكاني حيث يقطن بدمشق وحلب 20 في المائة من السوريين، إذ يوجد في حلب 4.393 مليون نسمة، يليها ريف حلب ب 2.48 مليون نسمة، ثم دمشق 1.669 مليون نسمة، وإدلب 1.359 مليون، واللاذقية 943 ألف نسمة، والسويداء 346 ألف نسمة، مع العلم أن هذه المحافظات لا تشكل سوى نحو 20% من مساحة سورية، وقد بلغت ظاهرة التحضر نحو 50% وهي مرشحة لتصل إلى 60% في عام 2025. وقد تسبب النمو السكاني المتزايد وازدياد ظاهرة التحضر بانتشار أحزمة السكن العشوائي وانتشار الأحياء الفقيرة الهامشية في ضواحي المدن الكبرى، وظهور أحياء الصفيح التي تعتبر وكرا خصبا لنمو الجرائم ورواج المشاكل الاجتماعية بالخصوص.

 

وجاء في إحصائيات المكتب المركزي للإحصاء في سورية أن عدد سكان سورية المسجلين في سجلات الأحوال المدنية مع بداية 2009 بلغ 23 مليون نسمة، تسعة ملايين من هؤلاء السكان هم من الذكور والباقي إناث. وبين الإحصاء أن الهرم السكاني في سورية ذا قاعدة عريضة تشكل فيه الفئة العمرية من سن 14 سنة وما دون نسبة 5ر40 بالمئة من مجموع السكان وان هذه القاعدة تتسع لتصبح 54 بالمئة إذا ما أضيفت إليها الفئة العمرية من 15 إلى 19 سنة.

 

إن الطوفان السكاني في سورية ومراحل التحول الديمغرافي التي تشكّل صورة المجتمع السوري وتحدد ملامح مستقبله يفرض قراءة جديدة للواقع وعلاقته بالتنمية والتنمية البشرية والصحة ومشكلة البطالة والرعاية الاجتماعية والعشوائيات وتآكل الفئات الوسطى إضافة إلى توزيع الثروة والدخل القومي، ولمواجهة هذا الخطر أشار مدير السياسات الزراعية بوزارة الزراعة السورية عطية الهندي، في حديث لإحدى الصحف المحلية، أن موضوع الزيادة السكانية يتطلب وضع سياسة سكانية حقيقية تتأقلم مع واقع الموارد والزيادة السكانية الكبيرة وزيادة الحاجة إلى فرص العمل. وقال هندي: "يجب أن تكون هناك خطط واضحة للزيادة السكانية بما يتناسب مع الموارد وأن تكون هناك استثمارات كبيرة من أجل توفير فرص لليد العاملة ودراسات تتناسب مع الاحتياجات بين القطاعات المختلفة".

=============================

الحرب الثالثة ...؟

حسين حجازي

الايام الفلسطينة

9-1-2010

في غضون السنوات الثلاث الأخيرة، انخرطت حركة حماس في حربين كبيرتين، سوف يكون لهما أثر بالغ فيما بعد على صيرورتها ومصيرها. وكانت الحرب الافتتاحية الاولى لها، حرباً داخلية انتقلت بعدها "حماس"، من صورتها السابقة، كحركة الى الانخراط في سياق جديد، وتاريخي هو منطق السلطة والحزب الحاكم، بعد ان نجحت في فرض سيطرتها الكاملة على غزة ووراثة السلطة السابقة بعد اقصائها.

وقد حدث هذا التطور، التحول الدراماتيكي بعد وقت قصير من إخلاء اسرائيل، لأول جزء، قطعة من ارض فلسطين التاريخية، كنجاح، كإنجاز أولي، ولكن غير مسبوق وحاسم لحركة التحرير الوطني الفلسطيني.

اما حرب "حماس" الكبيرة الثانية، فهي الحرب التي شنتها اسرائيل في مثل هذه الايام قبل سنة على غزة، وهي الحرب التي أدت نتيجتها الى تعزيز قوة "حماس"، وبالتالي تعزيز الاتجاه الرئيسي داخل الحركة للمضي في عملية بناء سلطة سياسية منفردة في غزة، ككيان مستقل بصورة لا رجعة عنها.

ويبدو الآن ان "حماس" في مستهل عقدها الثالث إزاء استحقاق دفع ثمن. هذه البينية، المنظومة المستقلة التي تنخرط في بنائها، ويتضح ان الدمل الحماسي المتضخم والذي زاد من قوته العسكرية بحسب تقارير متعددة، خلال السنة الاخيرة بما في ذلك الحصول على اسلحة اكثر تطوراً، يواجه الآن مأزق الاعتراف والتعايش معه، في اطار المنظومة السياسية، الاقليمية، التي تتمثل بالرباعية الاقليمية الموازية للرباعية الدولية. هذه الرباعية التي تتمثل، بمصر والاردن والسلطة الفلسطينية واسرائيل.

وبعد فشل المحاولة الأخيرة، ولكن اليائسة التي بذلتها مصر، الدولة الأكبر في اطار هذه الرباعية، وحجر الزاوية، لإدماج "حماس" وادخالها، في اطار هذه المنظومة من بوابة الغطاء الشرعي الفلسطيني أي المصالحة الداخلية الفلسطينية. فإن المسألة المطروحة الآن كحل للأزمة، تحولت مرة اخرى، لأن تتخذ لها مساراً تصادمياً، ولكن هذه المرة، على الجبهة الغزية المصرية، وهو السياق، التحول الذي حاولنا الاشارة اليه في غضون الاسبوعين الماضيين كنقطة تحول حاسمة اليوم في سياق الصراع، والمنطقة ككل.

ان مصر التي ظلت طوال العقود الماضية بمنأى عن الانخراط في حروب الفلسطينيين الاقليمية، حروب الاخوة الاعداء، تجد نفسها اليوم، امام هذا الاحتمال. اذا لم يكن ممكناً الاقرار المصري ببقاء النظام الحماسي كقوة حاكمة ومنفردة على حدودها مع غزة يمثل حجر عثرة أمام إتمام تسوية ممكنة للصراع الفلسطيني الاسرائيلي ويمثل ظلاً ثقيلاً على استقرار النظام الداخلي المصري.

ان قراءة، ملاحظة، أسس، وفحوى، ومفردات الخطاب المتبادل بين الطرفين لا تدع مجالاً للشك حول وجهة السفر المقبلة، وأرى ان على الغزيين ان يقلقوا في هذا الصدد، من العناوين الرئيسة التي حملتها الصحف المصرية يوم الخميس الماضي، بعد سنة واحدة من حرب وحشية وشرسة، لم يخلدوا أو ينعموا خلالها بالراحة.

ولو كان الوضع، يسمح ويحتمل التفكه، والمزاح لقلت ان مصر بعد هذه الجيرة الطويلة، باتت تتحدث بذات اللغة التي تتحدث بها الفصائل الغزية نفسها (الرد على حماس سوف يكون مزلزلاً). واذا طلبت مصر الرسمية، التي تحدثت بلغة دبلوماسية، ممن يقفون على الجهة الاخرى دون تسمية "حماس" بالاسم بالاعتذار عن مقتل الجندي يوم الخميس الماضي، فإن اسماعيل هنية، وبلمحة لا تخلو من مكر سياسي غير مألوف في الخطاب الحماسي، دعا القاهرة لعقد لقاء عاجل على مستوى قيادي مع حكومته هذه المرة، لا مع الحركة، وأرفق ذلك بالرسالة الضمنية، ولكن الاساسية تجاه القاهرة، قال هنية: "اذا كانوا يقيمون جداراً فولاذياً فنحن نقول لهم، انه ها هنا، نحن نملك قلباً فولاذيا".

ان المنظومة الرباعية، التي لا تستطيع الاعتراف بحقيقة "حماس" كسلطة مستقلة، وانما ضمن السلطة الفلسطيينة، يوازيها قوة دفع جيو استراتيجية رباعية ايضاً في المنطقة، تلعب كغطاء اقليمي ل"حماس". هذه الرباعية الموازية هي سورية، وايران، وتركيا العثمانية الجديدة، التي امتدحها اسماعيل هنية، وقطر. وهو تحالف رباعي يجد اليوم، قوة اعلامية مساندة تتمثل بقناة الجزيرة وخدمات مساندة اخرى يقدمها رجال امثال جورج غالاوي ويوسف القرضاوي وحسن نصرالله.

هذا هو فحوى الانقسام الاقليمي الذي يوازي الانقسام الفلسطيني، ويطرح السؤال حول وجهة حل هذه الأزمة الكبيرة، حسمها، تصفية الحسابات الكبيرة، وفي أي حلقة من حلقات هذا الاشتباك الضعيفة او الرخوة؟. معبر رفح الحدود الغزية المصرية بعد ان استقال لبنان من لعب دور هذه الاسفنجة او المصفاة لتصفية وحسم هذه المعارك الاقليمية الكبيرة على ساحته. وحيث حسم الصراع اللبناني الداخلي بل والاقليمي، مرة اخرى لمصلحة سورية كما في كل مرة.

حاول سعود الفيصل بذل محاولة مجددة مع خالد مشعل، وربما ذهب ابو مازن الى تركيا، على أمل تحقيق اختراق بدعم الاتراك في هذا الجدار. ومع ان مشعل صرح في السعودية ان المصالحة هي اقرب مما تتوقعون فإن تركيا التي تمسك العصا من المنتصف، ومنحت الرئيس الفلسطيني فرصة التحدث امام 200 من سفرائها حول العالم وشدت على كتفي ابو مازن بقوة ان يواصل تصلبه، تغريز اقدامه في الأرض، برفض العودة الى التفاوض قبل ان توقف اسرائيل الاستيطان، كدعم له في موازة الضغوط التي يتعرض لها.

وهكذا من المتوقع، ان يستمع ابو مازن إلى ذات الموقف، دعم تصلبه حينما يلتقي الرئيس السوري بشار الاسد في دمشق، فهل يمكن لوساطة سعودية، تركية، سورية، ان تحقق هذا الاختراق في الجدار عجزت عنه مصر ؟بإعادة ادماج "حماس" وإدخالها في الاطار الاشمل، كمقدمة لحل النزاع على الحدود بين مصر و"حماس". اذا كانت الوساطة السعودية السورية استطاعت حل المشكلة اللبنانية. ولكن السؤال اليوم هو على أي قاعدة يمكن إعادة تفكيك الأزمة على الحدود المصرية الغزية اذا لم يصار الى تفكيك الأزمة الاقليمية الكبرى.

=============================

بلا مجاملات.. الاستيراد لا يحقق الأمن الغذائي

دمشق

صحيفة تشرين

رأي

السبت 9 كانون الثاني 2010

ناجي أسعد

حذر وزير الزراعة د.عادل سفر في اجتماع عقده مؤخراً في محافظة القنيطرة من تناقص الرقعة الزراعية مشيراً إلى أهمية مشروعات الاستصلاح وأهمية تصنيف الأراضي الذي بدأت به الوزارة وأننا ملزمون بالحفاظ على كامل الرقعة الزراعية تعزيزاً للأمن الغذائي، وأكد سفر أننا سنستورد كل المنتجات الزراعية مطلع العام 2025.

تصريح السيد الوزير يصب في اتجاه المخاوف التي يتلمسها المعنيون بالقطاع الزراعي والمتمثلة بمنعكسات الجفاف على قطاعنا الزراعي وتقلص إنتاجية محاصيلنا الرئيسية جراء ذلك وخاصة الحبوب، الأمر الذي يتطلب اتخاذ إجراءات فعالة فيما يتعلق بأزمة المياه. ‏

(مؤتمر فكر 8) الذي انعقد في الكويت الشهر الماضي كان من أهم جلساته واحدة عن الأمن الغذائي في المنطقة العربية ناقش فيها المتخصصون هذه المشكلة ووضعها العام لكن من دون أن تطرح حلولاً واضحة, إذ تم تسليط الضوء على الدول العربية التي في أغلبيتها تستورد الجزء الأكبر من حاجاتها الغذائية، وتعتبر المستورد الأكبر للحبوب، ما يضعها في موقع هش ويقيد استقلاليتها، خصوصاً مع ارتفاع أسعار هذه المواد منذ العام 2008 بين 130 و180% وعزا المعنيون العجز في إنتاج الغذاء في الدول العربية المستوردة له إلى محدودية الموارد الطبيعية المعززة للقطاع الزراعي والنقص في المساحات المزروعة أو تلك الصالحة للزراعة، إضافة إلى درجة ملوحة الأراضي فيتعذر استصلاحها. ‏

المشاركون ركزوا على مفارقة تفيد بأن بلداناً عربية عدة تشهد تزايداً في نسبة سوء التغذية لدى الأطفال، بينما تعاني أخرى من البدانة في الفئة ذاتها، خصوصاً في عمان والبحرين، وترتفع أيضاً هذه النسبة لدى الكهول ليرتفع معها عدد المصابين بداء السكري، ودعوا إلى تنسيق أكبر للتغلب على هذه الأوضاع في المنطقة العربية. ‏

معظم الدول العربية تدخلت منذ زمن لدعم المواد الغذائية الزراعية إلا أن المعطيات في السنوات الأخيرة، تغيرت نظراً لتغير الوضع الغذائي عالمياً وتزايد عدد السكان فأصبحت المنطقة العربية في مواجهة تحديات عدة أهمها تراجع الموارد الغذائية المحلية, وفي هذا المجال يشكل نقص المياه التحدي الرئيسي ثم الزيادة المطردة في عدد السكان, وبالتالي زيادة الاستهلاك واختلال الأنشطة الزراعية وتركزها في أماكن محاصيل معينة، يضاف إلى ذلك أن 80% من الزراعات في المنطقة العربية هي زراعات بعلية، تلك المعطيات معروفة ومنذ زمن وهناك جهود تم بذلها في العديد من البلدان العربية لرفع وتيرة الإنتاج الزراعي سواء عن طريق استصلاح الأراضي وإنشاء السدود وإدخال المكننة واعتماد أساليب حديثة في طريقة الزراعة والاعتماد على البذور المحسنة إلا أن التحدي الأكبر الذي يقف حائلاً دون تحقيق نجاحات متميزة على هذا الصعيد يكمن في شح المياه وتناقص الموارد المائية المتاحة في ظل وسائل ري بدائية أدت - ولا تزال- إلى هدر كبير في المياه ما جعل المتاح منها دون إمكانية التوافق مع التوجه إلى التنمية المستدامة. ‏

وهذا لا يقتصر على البلدان العربية التي تعاني بالأساس من شح المياه إنما على البلدان العربية التي تتوافر لديها موارد مائية جيدة, ففي بلدنا سورية شح المياه مشكلة قائمة منذ سنوات ولم تفلح الإجراءات المتخذة لتطوير تقنية الري الحديث في نشرها إلا على نطاق ضيق وتلك مشكلة بحد ذاتها. ‏

إن تصريح السيد وزير الزراعة الدكتور عادل سفر الذي سبق ليس إلا تأكيداً على المخاطر المحيطة بواقعنا الزراعي والمطلوب بذل كل جهد مستطاع لتطويره من خلال تنفيذ استراتيجية زراعة تستند إلى آلية قادرة على التعامل مع مشكلة الجفاف باستثمار كل قطرة مياه متاحة ومكافحة هدرها لأن الاستيراد لا يحقق الأمن الغذائي. ‏

=============================

عينٌ على الفساد.. إبتزاز ع/ط التهديد بالعدادات الإلكترونية فمن الضحية؟

سيريا بوست

9-1-2010

يعمل الفاسدون وضعاف النفوس على إبتزاز المواطن ودفعه لتقديم الرشوة بأساليب وأشكال متعددة،منها إساءة إستعمال سلطتهم كموظفين،متسلحين بجهلٍ أو مخالفةٍ لدى المواطن ليقوموا قاصدين وعن سابق تصورٍ وترصد بالإحتيال عليه وسرقة ماله إضافةً لإشتراكهم بسرقة المال العام إن وجد، وذلك بممارساتهم لأساليب إحتيالية يقف المواطن خاضعاً لها موقف الصمت والخنوع،إما لجهله أو لمخالفته التي يمكن (لفلفتها) بتقديم الرشوة التي لم تنتج غالباً عن فساد الفرد ذاته بل أتت نتيجة فساد موظف مكلف بتطبيق القوانين والأنظمة بإستغلاله لوظيفته لتحقيق مكاسب غير مشروعة على حساب المواطن وعلى حساب المال العام.

يعتقد اولائك الفاسدون ويظنون أن لهم من درجات الذكاء ما يخولهم إتمام عملياتهم غير المشروعة بعيدأً عن عيون الرقيب والسلطة فيتمادون بممارساتهم في ظل غياب الوعي والمعرفة والثقافة لدى ضحاياهم من جهة وبظل إطمئنانهم لمعرفتهم بقصور المعنيين أو تراخيهم عن ضبطهم أو لإعتباراتٍ لربما نجهلها - حتى الآن - من جهة ثانية.

 

قصة قصيرة..ولربما تطول!

ما تعرضت له المواطنة أ.أ من سكان مدينة دمشق من فعلٍ لأكثر من مرة وقع عليها من قبل موظفين إثنين ممن كُلِفوا بمراقبة الاستجرار غير المشروع للطاقة الكهربائية بالحي الذي تقطنه بات لا يمكن وصفه إلا بالإبتزازوالفساد حيث قام موظفان إثنان من مراقبي المؤسسة العامة لكهرباء دمشق خلال الشهر الحادي عشر من عام 2008 وأثناء جولتهما التفقدية على عدادات الكهرباء بمداخل الأبنية، قاما بفك العداد العائد لمنزل السيدة أ.أ بحجة وجود شكٍ لديهما أن العداد لا يعمل بشكل صحيح وأن ثمة خللاً به وسيقومان بإحالة العداد إلى المختبر الموجود لدى المؤسسة العامة للكهرباء لفحصه والتأكد من سلامته...

المواطنة أ.أ أصرت أن العداد الكهربائي لمنزلها يعمل بشكل طبيعي،ورغبةً منها ب (إراحة رأسها) وعدم الدخول في متاهات المخابر والكشوف والاعتراضات التي غالباً لن تأتي بفائدةٍ ترتجى منها،عرضت على الموظفين (لفلفة الأمر) بإعادة العداد،وكان لها ذلك بعد أن قبض الموظفان منها مبلغاً مالياً وقدره ستة آلاف ليرة سورية من بعد التخفيض الذي تكرما به عليها! حيث كان (البازار) بدأ بطلب عشرة آلاف ليرة سورية مقابل (لفلفة الأمر وإعادة العداد) لتنتهي المساومة على ستة آلاف قبضاها وأعادا العداد لمكانه وغادرا مصحوبان بالدعاء والشكر لهما على (لفلفة الأمر).

 

أجندة وخطة عمل 2008- 2009

خلال الشهر الحادي عشر من العام 2009 عاد الموظفان ذاتهما إلى مدخل البناء الذي تقطنه أ.أ وقاما بفك العداد الكهربائي الميكانيكي واستبدلاه بعدادٍ كهربائيٍ إلكتروني (ديجيتال،من النوع الذي بات يشكل وجوده رعباً لدى الكثيرين) وانصرفا..

فوجئت أ.أ بتغيير العداد الميكانيكي وإستبداله بال (ديجيتال) مما دفعها للبحث والتقصي الى أن استطاعت الحصول على رقم الهاتف الجوال الخاص بأحد الموظفين والاتصال به راجيةً منه إعادة العداد الميكانيكي الذي تم استبداله وكان لها ما أرادت من بعد (بازارٍ) جديد وإبتزاز جديد خضعت له بدفع ستة آلاف ليرة سورية للمرة الثانية وبفارق زمني لا يتعدى العام الواحد!

فالمرة الاولى كانت خلال الشهر الحادي عشر من عام 2008 والمرة الثانية بذات الشهر ولكنها بالعام 2009 ولا نعلم ماذا يخبئ لنا العام 2010 من مفاجآتٍ كهررقابية جديدة!!

يشار إلى أن الموظف صاحب الخط الخليوي لا يجيب على أية أرقام لا يعرفها مسبقاً ما لم يسبق ذلك إتصال توصية من أحدٍ ما من المعارف أو لربما ( الوسطاء ) ليجيب الإتصال والمطلب!!

فرق استهلاك بعشرات الآلاف لمن لا يخضع للإبتزاز!!

في الشهر العاشر من العام الماضي 2008 وعند عودة المواطن أ.و إلى منزله من سفره المعتاد وجد موظفان كهربائيان يقومان بفك العداد الميكانيكي العائد للمنزل المستأجر من قبله وبالاستفسار من الموظفين عن السبب أتته الإجابة مصحوبةً بإبتسامةٍ لطيفة أن ثمة شك لدى الموظفين بأن العداد لا يعمل بشكل صحيح وسيتم إحالته إلى المختبر وفحصه والتأكد من سلامته وإعادته إن كان سليماً أو سيتم إستبداله بال (ديجيتال) إن كان ثمة خلل ما يعتري عمل العداد....

لم يكن المواطن أ.و يملك من بعد النظر ما امتلكته المواطنة أ.أ ،ولم يعطي بالاً لما يحاك ويتم تدبيره من قبل الموظفين،ولم تكن تلك الابتسامة اللطيفة لتعطي معناها أو مغزاها بذاك الوقت لإدراك أ.و أن عداد منزله يعمل بشكل طبيعي وأن معدل استهلاكه للكهرباء طبيعي بسبب إقامته وحيداً بالمنزل وسفره الكثير،ولم يدرك أ.و معنى ومغزى تلك الإبتسامة اللطيفة المصاحبة لإجابة الموظف عند إستفساره منه عن سبب فك العداد إلا بعد ما يزيد عن عامٍ كاملٍ عندما أعلمته مالكة المنزل المستأجر بورود إنذارٍ صادرٍ عن المؤسسة العامة للكهرباء لدفع مبلغ وقدره فقط تسعة عشر ألفاً وستمائةٍ وواحد وثمانون من الليرات السورية كرسومٍ وثمن عدادٍ إلكتروني وكفرق استهلاك تم تقديره ووجب دفعه لأنه لم يعطي بالاً لإبتسامة لطيفة من موظفي مراقبة عمل العدادات الكهربائية خلال الشهر العاشر من العام 2008 !

 

مسلسل للتطنيش!!

لايزال الاستجرار غير المشروع للكهرباء مستمراً في تلك البؤرة من الفساد وعلى مرأى ورضا تام وقبول من قارئ العدادات ومراقبيها بالمنطقة ولربما بظل غياب حضارة الإعلام الإلكتروني عن المعنيين أو عدم قدرتهم على التفاعل معها أو..أو..أو؟!

ما يثير كثيراً من الأسئلة حول عمل هذين المراقبين إضافةً لما ورد ذكره هو عدم رؤيتهم للكابلات الكهربائية التي يتم من خلالها استجرار غير مشروع للطاقة الكهربائية (نهاراً أو ليلاً) والتي تظهر واضحةً بالصور ويمكن رؤيتها بالعين المجردة ولا تحتاج ل (مجهر تكبير)! حيث تبدأ تلك الكابلات من علبة توزيع الكهرباء وتنطلق من خلفها ومن أمامها معانقةً غيرها بإتجاهاتٍ متعددة وخلال ما مضى من أشهر أو سنوات لم يرغب المراقبان بلحظها أولم تمكنهما درجة الرؤيا عندهما من مشاهدة كابلات السرقة الواضحة للعيان ولم يقوما بتنظيم الضبوط بحق المخالفين!!

يشار إلى أن ما تقوم به وزارة الكهرباء من جهود لتحسين وضع الكهرباء في سوريا عبر الكثير من الإجراءات والتدابير التي انعكست بشكل إيجابيٍ ملحوظ من حيث عدم إنقطاع التيار الكهربائي وشبه إنعدام للتقنين إلا في حالات الأعطال المفاجئة،فتلك الجهود لا يمكن لنا إلا ذكرها والإشادة بها في حين يعمد بعض الفاسدون ولأجل مصالحهم الشخصية الضيقة للقيام بتصرفاتهم الخارجة عن القانون لأجل مكاسب غير مشروعة موجهين الإساءة والضرر والإيذاء المقصود لجهودٍ طيبةٍ تُبذل، فالوضع الكهربائي العام وما نلمسه على أرض الواقع نوراً وطاقةً مستمرة نستخدمها،يبين لنا مدى الإهتمام الحكومي والمتابعة لشؤون المواطن والحرص عليها ونرى الإهتمام والمتابعة والعمل الدؤوب الذي نلمس نتائجه الطيبة المشكورة ويبقى أن مابين دعمٍ هائلٍ تقدمه ميزانية الوطن لأجل إيصال الكهرباء لكل مواطن بسعرٍ يقول عنه المعنيون أنه الأرخص بالعالم ومابين مستهلكٍ يسرق هذا الدعم غير آبهٍ بما يمنعه من خيرٍ عن غيره،ومابين مستهلكٍ أيضاً أرهقته ما سميت بشرائح للإستهلاك وموظفٍ فاسدٍ فقد ضميره ستظل عدةُ أسئلة تتأرجح وتتقاذفها الألسنة..

من سيجفف هذه البؤرة من الفساد؟ ومن سيظل للثمن دافعاً؟!

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ