ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 03/01/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


عام سيئ للرئيس أوباما

رأي القدس

القدس العربي

2-1-2010

انتهى عام 2009 بطريقة دموية بالنسبة الى الرئيس الامريكي باراك اوباما وحلفائه، في افغانستان، حيث نجح احد الانتحاريين بتفجير نفسه في قاعدة اجنبية عسكرية مما ادى الى مقتل سبعة من عملاء المخابرات المركزية الامريكية (سي آي إيه) واصابة ستة آخرين بعضهم جروحه خطيرة، بينما قتل في حادث منفصل اربعة جنود كنديين وصحافية واحدة.

وكالة المخابرات المركزية الامريكية اعترفت بأن القتلى والمصابين هم من عملائها، وأصدرت حركة 'طالبان' بيانا قالت فيه ان أحد 'استشهادييها' هو الذي نفذ هذه العملية التي تعتبر الاجرأ من نوعها منذ احتلال أفغانستان عام 2001.

حركة طالبان نجحت في اختراق القوات الامريكية، مثلما نجحت في اختراق قوات الجيش الافغاني المتحالفة معها، وتجلت هذه الاختراقات في إقدام جنود في الجيش الاخير على تنفيذ العمليتين الاخيرتين، وهذا تطور سيثير قلق الادارة الامريكية على وجه التحديد التي اعتقدت ان بإمكانها السيطرة على الاوضاع من خلال زيادة عدد القوات، وتكثيف عمليات التدريب والتجنيد لأفغان في الجيش الافغاني.

الخط البياني يؤشر الى ارتفاع عدد الهجمات التي تستهدف القوات الاجنبية في افغانستان بشكل ملحوظ، وخاصة في العام المنصرم بحيث تجاوز عدد ضحاياها الألف جندي من مختلف الجنسيات.

ارسال ثلاثين الف جندي اضافي الى افغانستان لن يساهم في تغيير الاوضاع على الارض، واذا حدث بعض التغيير الايجابي فانه سيكون طفيفا للغاية، ولفترة زمنية محدودة، لان حركة طالبان ليست جيشا نظاميا، يقيم في قواعد معروفة، وانما هي مجموعة من رجال العصابات تملك قدرة كبيرة على الحركة وتجنب المواجهات المباشرة مع قوات حلف الناتو الاكثر منها عددا والافضل تدريبا وتسليحا.

الرئيس أوباما تردد كثيرا في ارسال هذه القوات الاضافية لانه يعرف جيدا انها لن تحقق النتائج المرجوة، واضطر مكرها على التجاوب مع جنرالاته الميدانيين حتى لا يضعف معنوياتهم، وحتى لا يتحمل اللوم في نهاية المطاف بالهزيمة اذا لم يرسل هذه القوات الاضافية.

العام الجديد لن يحمل الا الانباء السيئة للرئيس الامريكي وإدارته، سواء من العراق او افغانستان، لأن احداث العنف في البلدين بدأت تتفاقم بشكل سيجعل من انسحاب القوات الامريكية من الأمور الصعبة، لأن هذا الانسحاب، وفي ظل استمرار العنف، سيعني الاعتراف بالهزيمة اولا، والتخلي عن شعبي البلدين للطرف الآخر المقاتل.

ومن المفارقة ان الرئيس أوباما يريد اخبارا طيبة، خاصة قبل الانتخابات النصفية للكونغرس في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، لتحسين حظوظ حزبه الديمقراطي امام خصمه الجمهوري، ولكن التمنيات شيء، والواقع على الارض شيء آخر، فالحربان في افغانستان والعراق لا يمكن كسبهما، والشيء نفسه يقال عن الحرب على الارهاب، وضد تنظيم 'القاعدة' على وجه الخصوص.

==============================

الانقسام في إيران وتأثيراته الإقليمية والدولية

الرأي الاردنية

2-1-2010

رضوان السيد - جاءت وفاة الشيخ حسين منتظري لتجدد أحداث ووقائع الانقسام السياسي والاجتماعي في إيران. وهكذا فإن حدث الوفاة ما كان غير مناسبة ومسوغ لإعادة الطلاب وجماهير الشباب إلى الشارع، الذي لم يغادروه حقيقة منذ يونيو (حزيران) الماضي. ولو كانت الظروف عادية لكانت وفاة منتظري مناسبة لمناقشة ومراجعة ظروف الثورة والدولة منذ أواخر الثمانينات من القرن الماضي، عندما نحي الشيخ منتظري عن خلافة الإمام الخميني. فمنذ ذلك الحين برز اتجاهان في فهم ولاية الفقيه، الاتجاه الذي يراها مطلقة، والاتجاه الآخر -الذي مثله منتظري- ويرى أنها مقيدة بإرادة الشعب واختياره من طريق الانتخاب، مثلما تنتخب سائر المؤسسات الدستورية وبخاصة الرئيس ومجلس الشورى ومجلس الخبراء. وقد عدل الدستور بعد تنحية منتظري ليضاف إليه اعتبار ولاية الفقيه مطلقة الصلاحيات مثل ولاية الإمام المنتظر لو كان حاضرا. ومع ذلك، فإن الرئيس محمد خاتمي -دونما مناقشة علنية لصلاحيات المرشد- أصر طوال عهديه بالداخل والخارج على أطروحة الديمقراطية الإسلامية التي لا تتناقض من وجهة نظره مع ولاية الفقيه. وكانت مشكلته بالفعل ليس مع صلاحيات المرشد، بل مع تجاوزات السلطة القضائية، وتجاوزات الأجهزة الأمنية، والتي كان المرشد يتدخل انتقائيا في الحد من تغولها في المجال العام، ومجال الحريات الشخصية، دونما مساس بتنظيماتها أو مناقشة لصلاحياتها. وقد خفت النقاش والخلاف على مرحلتين: عام 2001، وعام 2003 بعدما غزت الولايات المتحدة أفغانستان المجاورة لإيران، ثم العراق المجاور لها من الناحية الأخرى أيضا. وقد اعتبر رجالات الحكم في إيران أن سقوط نظامي طالبان وصدام حسين، هو فرصة استراتيجية لها. ولذا فقد أظهر هؤلاء تجاوبا محدودا ولكنه مؤثر في الحالتين. لكن في عام 2003 أيضا، صارت الجيوش الأميركية محيطة بإيران من ثلاث جهات: جهة أفغانستان، وجهة العراق، وجهة الجزيرة من خلال قاعدة العديد بقطر.

وبذلك فقد غلب تدريجيا الإحساس بالخطر لدى كل من إيران وسورية. وصعد نجم محمود أحمدي نجاد الذي فاز بالرئاسة في انتخابات عام 2005، وشن حملة استراتيجية مضادة دفعا للخطر المحتمل من جهة، وإفادة من الفرص الجديدة للامتداد بالمنطقة على حساب الضعف العربي. لكن يبدو أن الأخطر والأهم من المكاسب الخارجية، استخدام تلك الحملة للاستيلاء الكامل من خلال الأجهزة الأمنية على الداخل وتجميده. ولذا فعندما حان موعد الانتخابات الرئاسية مجددا بعد أربع سنوات صاخبة مع الخارج، ما كان هناك أمل لدى الليبراليين بالفوز على نجاد. ولذا فقد كان تكتيكهم استخدام انقسام المحافظين في الصراع على السلطة، للحصول على منفذ للتأثير. وكان ذلك من خلال ترشيح مير حسين موسوي، الذي ما كان ينتمي إلى الإصلاحيين، وإنما كان أدنى إلى تيار وسطي على أثر ابتعاده عن السلطة بعد وفاة الإمام الخميني عام 1989. لقد نجح تكتيك الإصلاحيين في أمرين: جذب فئات واسعة من الشعب الإيراني من خلال الالتفاف حول وسطي غير راديكالي مثل موسوي (بدلا من مهدي كروبي مثلا)، كما نجحوا في إعادة الشبان والفئات الوسطى إلى الشارع بعد إخماد تمرد الطلاب عام 2003.

وساعدت الإصلاحيين ولا شك المبالغة في تفويز نجاد من جهة، والقمع الفظيع الذي مارسته الأجهزة ضد المتظاهرين احتجاجا على نتائج الانتخابات. وما أمكن إخماد الاضطراب بعد ذلك، فعادت الفورة في ذكرى وفاة الإمام الخميني، ثم بمناسبة وفاة منتظري، وذكرى عاشوراء. وكل يوم يضيف الإصلاحيون إلى حسابهم رصيدا جديدا بالشهداء من جهة، وبالمسجونين والمعروضين للمحاكمات، ومشاهد القمع في شوارع المدن من جهة ثانية.

وهكذا فإن الانقسام العميق قد وقع، وتضاءلت كل الشعارات الأخرى باستثناء شعار واحد: الديمقراطية في مواجهة الديكتاتورية! وستكون لهذا الواقع الانقسامي المتطور مراحله وفصوله ونتائجه بالداخل الإيراني، ولزمن قد يطول، لكن واقع ما قبل الانتخابات الرئاسية لن يعود. بيد أن الأكثر ظهورا للعيان هو تأثير الاضطراب الداخلي على الحركة الإيرانية الخارجية الإقليمية والدولية، فالواضح أن علاقات إيران بتركيا ما تزعزعت، بل ازدادت وثاقة وفعالية. ومضت تركيا أردوغان خطوات باتجاه النظام الإيراني، وازدادت الشراكات بينهما في الملف الكردي، وفي العراق بعامة، بل وفي التدخل التركي لدى الولايات المتحدة لصالح إيران. وربما كانت تركيا هي التي تشرف منذ قرابة العام على العلاقات الإيرانية/السورية لكي لا يبرز الخلاف أو في الحد الأدنى الافتراق بين النظامين إلى العلن. ولا علاقة للافتراق السوري/الإيراني بالأحداث الداخلية بإيران، فقد اتجهت سورية للعودة إلى المفاوضات مع إسرائيل وجاهدت لاستعادة العلاقات الطبيعية مع الولايات المتحدة، ولا تزال مختلفة مع إيران بشأن الموقف من الحكم القائم بالعراق. كما لا يبدو أن النفوذ الإيراني تأثر بالعراق. فلإيران صلات وثيقة بالمالكي ومعارضيه، ولذلك بدا غريبا اتجاه الحرس الثوري لاحتلال بعض آبار النفط العراقية دونما تعليل وفي هذا الفترة بالذات إبان اشتعال العلاقات بالغرب، والانتخابات العراقية على الأبواب. أما مع المملكة العربية السعودية فهناك خصومة إيرانية علنية منذ أكثر من عام. وفي مسألة الحوثيين بلغ الانزعاج الإيراني من المملكة حد اتهامها هي بالاعتداء على الحوثيين الذين يظهرون ولاء شديدا لإيران وحزب الله! وأرسلت زيارة لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني للقاهرة، ووزير الخارجية متقي إلى بيروت، رسائل متناقضة. فمن جهة كان هناك حرص على توثيق العلاقات مع مصر، وإرسال رسائل من خلالها إلى السعودية، ومن جهة ثانية هاجم خطيب الجمعة بطهران أحمد خاتمي السعودية وأيد الحوثيين، بينما حذر الأمين العام لحزب الله بلبنان مصر مما تحاول إقامته من جدر على حدودها مع غزة. أما متقي بلبنان فقد حاول القول إنه يريد لبلاده علاقات مع لبنان بالاستقلال عن سورية. على أن المشهد الداخلي الإيراني أثر أكثر ما أثر في علاقات إيران الدولية، وفي مفاوضاتها من أجل حل مسألة النووي.

إذ بعد الانتخابات وافقت إيران على التخصيب خارج حدودها، فسارعت المعارضة الداخلية إلى اتهام أهل السلطة بالاضطراب في فهم مصالح البلاد والتفريط فيها. إذ الأزمة كلها ومنذ عام 2005 قائمة على أساس التخصيب، فما الداعي للانتظار والتوتير هذه المدة والإضرار بالمصالح وتحمل العقوبات، إن كان التخصيب مقبولا خارج إيران؟! ثم تعقد الملف، وأعلن الرئيس نجاد عن خمسة أو عشرة مفاعلات يراد إنشاؤها بالداخل! ويتجه الأمر الآن إلى زيادة العقوبات على إيران في شباط (فبراير) المقبل. وما عاد النظام مستطيعا التراجع بالنظر إلى التوتر الغربي تجاهه، وانكشافه لجهة روسيا، والصمت المطبق من جهة الصين، واستمرار الاضطراب في مركز القرار. وقد كان الإسرائيليون وأحيانا الفرنسيون يتهددون إيران بالحرب، لكن اللهجة هذه خفتت بالنظر إلى تأثر الغربيين أيضا بالمشهد الداخلي الإيراني. إذ يقال في دوائر القرار الآن إن الحرب على إيران -أو حتى على حزب الله- كفيلة بجمع الإيرانيين من حول السلطة، بينما الاكتفاء بالعقوبات، إنما يزيد من السخط؛ لأن الأوضاع الاقتصادية في إيران سيئة أصلا. لكن ماذا يحتمل أن تفعل إيران إن زيدت العقوبات عليها للمرة الرابعة؟ ستستمر في التخصيب وتزيد فيه بقدر ما تستطيع بالفعل. لكن هل تستثير حزب الله أو حماس؟ يصعب تصور ذلك. فحماس فرضت حتى على الفصائل الأخرى هدنة غير معلنة مع إسرائيل. والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ورغم حملته الشديدة على المسيحيين الذين يعترضون على سلاحه، في خطابه الأخير بعاشوراء، اقترح على خصومه هدنة لمدة عام، ما كان واضحا ماذا يقصد منها. هل كان يقصد أن إسرائيل ستهاجم الحزب ولبنان فتثبت ضرورة سلاح الحزب، أم كان يقصد أن إيران قد تتفق مع المجتمع الدولي، فلا تعود هناك ضرورة للتهديد بالسلاح في الخارج والداخل؟! على أن المشهد قد يتغير بالفعل من حول إيران إذا استطاعت إخماد الاضطراب بداخلها، إذ عندها سيضطر الدوليون إلى تحسين شروطهم مع النظام الثابت إلى الأبد. كما أن تطورات قد تحصل في الملف التفاوضي بين إسرائيل والفلسطينيين. إذ هناك ما يدل على أن الدعوة الفرنسية إلى مؤتمر دولي حول القضية الفلسطينية قد تجد آذانا صاغية من الأطراف الكبرى والأطراف العربية، فلا تستطيع إسرائيل الرفض وقد جاء نتنياهو إلى القاهرة ليس من أجل شاليط وصفقة الأسرى فقط، بل ليحاول استباق المؤتمر الدولي بنوع من التفاوض -ولو بالواسطة- مع السلطة الفلسطينية. وفي كل الأحوال، فإن نجاح الغرب -إن كان- ولو شكلا في الملف الإسرائيلي/الفلسطيني، سوف يقوي جانبه مع إيران لجهة التمادي في الحملة على ملفها النووي، وسلاحها الصاروخي. حذر الأمين العام لحزب الله المسيحيين اللبنانيين من أن يقعوا كالسابق، في غلطة انتظار هجوم إسرائيلي على الحزب، كما حذر مسؤولون آخرون بإيران العرب من الغلطة نفسها. لكن الواقع أن توتر الأمين العام لحزب الله، وتوتر المسوؤلين الإيرانيين، ما كان سببه الخوف من هجوم إسرائيلي، بل لأن عيونهم جميعا كانت ولا تزال موجهة إلى الداخل الإيراني الثائر والموار.

الشرق الاوسط

==============================

أيّ سلام يسعى إليه أوباما؟

المستقبل - السبت 2 كانون الثاني 2010

العدد S1887 - رأي و فكر - صفحة 11

ماجد الشّيخ

يوم الخميس العاشر من كانون الأول المنصرم، تسلم الرئيس باراك أوباما جائزة لجنة نوبل للسلام التي قررت منحه إياها لهذا العام، في أعقاب وعوده بسلام لم يتم، وبإنهاء حروب لم تنته بعد، بل أريد لها أن تزداد اشتعالا، كتلك التي تخوضها واشنطن وتحالف الناتو في أفغانستان وباكستان، في وقت لم يزل العراق في مرمى نيران الاحتلالات الأجنبية، والأميركية في مقدمها، ما يلاشي أو يؤكد تلاشي آمال التغيير، ويبدّد وعود الخطاب الأوبامي بالقاهرة.

ولئن رأى أوباما في الجائزة "مثابة إمكانية للاعتراف بانجازاته" التي لم تتحقق بعد، بقدر ما هي الدافع الأبرز الذي يضع على عاتقه فعليا وبشكل جدي؛ تحقيق ما وعد به من إنجازات، وما تضعه الجائزة على عاتقه من ضرورة حضور "إنجازاته"، في عالم يطفح كيله ب "إنجازات" سلفه، على طريق الحروب والعنف والإرهاب باسم مكافحة الإرهاب. ففي حالة أوباما أين هي تلك الإنجازات أو بوادرها وإرهاصاتها، أم أن لجنة الجائزة حوّلت استحقاقات جوائزها للسلام على الأقل، نحو الخطابة أو الخطابات العتيدة التي لم تحز أرصدتها بعد، جريا على القول "نعطيكها الآن على أن تغطيها بإنجازاتك الموعودة غدا"!. لذا وفي محاضرته التي تلت تسلم الجائزة لم يجد الرئيس الأميركي سوى الوعود مرة جديدة، يؤمّل العالم بها، معيدا إلى الذاكرة حكاية "أن الولايات المتحدة ساعدت على إقرار السلام العالمي على مدى أكثر من ستين عاما بدماء مواطنينا وبقوة أسلحتنا"، لكن ما يجري في أفغانستان وفي العراق يضع أوباما وإدارته على المحك؛ محك تحقيق السلام الذي يبدو أنه لم يزل بعيدا، بفضل تواصل نمو تنظيمات الإرهاب كالقاعدة ومثيلاتها وشبيهاتها، وعدم إيمانها بالحوار، ورفضها الحديث مع "الآخر" أيا كان؛ محليا أو خارجيا.

وبعد عام من توليه الرئاسة الأولى في الولايات المتحدة، بدأت تتضح الصورة تدريجيا، فنوايا أوباما وقدراته وإمكانياته الفعلية، ليست تتطابق مع نوايا طواقم إدارته وقدراتها وإمكانياتها الحقيقية، أو نوايا أغلبية الشعب الأميركي، كما هي ليست كلها قابلة للتحقق، في ظل الكثير من العقبات والمعوقات الناتجة من هنا أو هناك أو هنالك، فالنوايا وحدها لا تكفي في عالم مثل عالمنا، المصالح الجيو سياسية والمنافع المادية والاقتصادية فيه، هي المحدد الأول لمسارات السياسة، حتى وسط المناخات الجديدة التي ظهرت واعدة، كتلك التي أحاطت ظروف صعود رئيس كباراك أوباما في البيت الأبيض.

لكن بالمقابل.. تحمل جائزة أوباما مؤشرا أبعد غورا، لا سيما حين وضعت لجنة الجائزة، أعمال جورج بوش وسياساته، في ميزان التضاد مع ما يعد به أوباما من وعود ونوايا، لم تزل في نطاق الإمكان والاستطاعة أو عدمها، فصاحبها لا يمتلك إنجازات تاريخية، ولا آنية حتى اللحظة، فما قد يواجهه في طريقه نحو إيجاد معالجات ومقاربات حلول للقضايا الدولية الساخنة قد لا يكون بسيطا، فهذه القضايا ليست من النوع القابل للحلول السهلة، قدر ما يدخل بعضها في نطاق المقاربات والحلول المستحيلة؛ كالصراع العربي الفلسطيني مع الحركة الصهيونية على أرض فلسطين التاريخية.

يوم أعلنت لجنة الجائزة منح أوباما جائزتها هذا العام، لاحظ جدعون ليفي (هآرتس 11/10) أن الأمور بدت وتبدو مقلوبة، حين رأى أن أوسلو ربما غيّرت عادتها، وباتت توزع جوائزها وفق ما أسماه "الدفع المؤجل": (نلها اليوم وادفع غدا). إلاّ أن ما فعله أوباما في عامه الأول من وجوده في البيت الأبيض، لا يتعدى عدم إمكانية الدفع من أصله، وكذا "عدم الاستطاعة"، بينما على عكسه تماما فعلت إسرائيل، لتثبت أن "إسرائيل تستطيع"، فهي ترفض وقف الاستيطان، وترفض كذلك تحمّل المسؤولية عن جرائم غزة وفق تقرير غولدستون وغيره من تقارير المنظمات الدولية، وهي بالطبع ترفض إنهاء الاحتلال. كل هذا "استطاعته" إسرائيل في مواجهة الرئيس الأميركي الحليف الأوثق لكيانها ودورها الوظيفي في هذه المنطقة من العالم، حيث خاض حملته الانتخابية تحت شعار "التغيير" الموشى ب "الاستطاعة"، فلا كان التغيير ولا كانت الاستطاعة. فأي سلام يسعى إليه أوباما؟.

بل هكذا.. من "عدم الاستطاعة"، ومن مضي الرئيس الأميركي في دروبها الضيقة، استحق نيل جائزة نوبل للسلام، على ما لم يفعله بعد، أو لم ينجزه أصلا بعد، لا في العراق ولا في أفغانستان، ولا حتى تجاه إيران أو كوريا الشمالية، فهو وإن لم يكُ ما زال في بداية الشوط، فلا يبدو أنه سيكون قادرا على تحسّس طرق الخروج من أنفاق النزوع الإمبراطوري الذي أدخل سلفه الرئيس جورج بوش الولايات المتحدة فيها، وها هو ما فتئ يتخبط وسط استراتيجيات خروج وانسحاب أو فوز أو انتصار، وهذه كلها لم تكتمل؛ لا في العراق ولا في أفغانستان أو باكستان، وعلى امتداد رقعة العالم، دون أن تظهر أي علامات على رؤية النور في نهاية النفق، أو الأنفاق التي أوشكت أو توشك على الانهيار، فأي سلام يسعى إليه أوباما وهو يزج بالمزيد من القوات الأميركية والأطلسية في أفغانستان، ويتخلى عن مطالبته حكومة نتنياهو وقف الاستيطان، والاصطفاف إلى جانبها رفض أو قبول مفاوضات مشروطة، بدل هذه المناورة المكشوفة والمفضوحة لتجميد مؤقت لا يمتلك روادعه المفترضة على الأرض؟.

==============================

وكأن الأكراد مهاجرون إلى وطنهم

بقلم :حسين العودات

البيان

2-1-2010

حظرت المحكمة الدستورية التركية حزب المجتمع الديمقراطي الكردي، وهو الحزب الكردي الوحيد المرخص، وألغت عضوية رئيسه ونائب الرئيس في المجلس النيابي.

 

كما حظرت العمل السياسي على عشرات من أعضائه بحجة «دعوته للإرهاب»، ودعمه لحزب العمال الكردستاني المحظور بقيادة عبد الله أوجلان المعتقل منذ حوالي عشر سنوات، بل واعتبرته حزباً إرهابياً وليس فقط داعماً للإرهاب. وقرر نواب الحزب كرد فعل على قرار المحكمة تقديم استقالاتهم من المجلس النيابي، ثم تراجعوا وقرروا الانتساب لحزب آخر.

 

ولا شك أن هذه الإجراءات تزيد الخلافات بين الأكراد والحكومة التركية، وتهدد بفشل سياسة حزب العدالة والتنمية ورئيسه رجب طيب أردوغان، التي تهدف إلى حل مشكلة الأكراد وإعطائهم بعض حقوقهم، والتعامل معهم كمواطنين أتراك كاملي المواطنة، وسد ذرائع دول المنظومة الأوروبية التي تريد حل المشكلة الكردية، ضمن جملة شروطها لقبول تركيا عضواً فيها.

تشكل الشعب الكردي، وهو من أصول هندو أوروبية، قبل آلاف السنين من امتزاج عدة شعوب تسكن محاذاة جبال زاغروس وطوروس، وقد حافظ على لغته وعاداته وتقاليده، وأقام خلال تاريخه كيانات مستقلة عديدة، كانت تُقمع وتُستعمر من إمبراطوريات عظمى كالرومان واليونان والفرس.

ولعل الأكراد الآن من أكبر الأمم (وربما أكبرها) في العالم، التي ليس لها كيان مستقل معترف به أو دولة مستقلة، ومعروف عنهم خلال التاريخ أنهم محاربون أشداء، وقد أطلق عليهم المؤرخ اليوناني «زينون» هذه الصفة في القرن الرابع الميلادي.

ويقدر عدد الاكراد حالياً بحوالي أربعين مليون نسمة، يتبعثر ربعهم في بلدان العالم المختلفة وفي القارات كلها، وتتقاسم العدد الباقي من السكان تركيا 15 مليونا، وإيران حوالي 8 ملايين، والعراق 5 ملايين، وسوريا ما يقارب المليونين.

وقد وزع معظم أراضي وطنهم على هذه البلاد منذ مطلع القرن الماضي (حسب نتائج الحرب العالمية الأولى، إضافة لبنود اتفاقية سايكس بيكو)، وأخلت الدول الكبرى بوعودها للأكراد بتوحيد بلادهم وإقامة دولة واحدة مستقلة لهم على أرضهم الوطنية.

وخدعتهم أكثر من مرة طوال ذاك القرن، وورطتهم بمواقف سياسية وحركات تمرد غير مجدية، عادت عليهم بالضرر والمآسي، وأسست لأحقاد بينهم وبين الشعوب المجاورة لهم، رغم التاريخ المشترك والثقافة المشتركة والمصير المشترك.

منذ إعلان مصطفى كمال أتاتورك دولته «العلمانية»، قرر هضم حقوق الأقليات والجور عليهم، وعلى رأسهم الأكراد انطلاقاً من موقف قومي متعصب، فأطلقت عليهم السلطات التركية المتعاقبة اسم «شعب شرق الأناضول» وأحياناً «أتراك الجبال» إنكاراً لهويتهم، ومنعتهم من التحدث بلغتهم أو تعلمها أو نشر الكتب بها أو ممارسة عاداتهم وتقاليدهم القومية، ورفضت حتى الاعتراف بهم كمواطنين مساوين لغيرهم.

فثاروا عام 1925 بقيادة «سعيد بيران»، فعاقبتهم السلطات التركية في ذلك الوقت بحسب مؤرخيهم بهدم ثلاثة آلاف قرية من قراهم وتشريد ما يقارب الأربعمئة ألف شخص، ويقول مؤرخوهم إن عدد الضحايا بسبب تلك الثورة وتهديم القرى وعمليات التشريد، تجاوز مليون مشرد وقتيل.

وقد تجاهلت السلطات الإيرانية بدورها حقوق الأكراد القومية والثقافية، ورفضت مطلقاً الاعتراف بحقوقهم السياسية، فقمعتهم طوال ما يقارب القرن بقسوة وعنف وشدة، وقضت على ثوراتهم المتتابعة، ومنعتهم من إقامة الحكم الذاتي وتعلم لغتهم الوطنية، وتشكيل أحزابهم، كما تصدت بقسوة وشدة لثورتهم في ثمانينات القرن الماضي بقيادة عبد الرحمن قاسملو، ثم اغتالت قاسملو نفسه في أوروبا.

وفعلت السلطات العراقية الأمر نفسه حتى عام 1972، حيث وافقت في ذلك العام على إقامة حكم ذاتي لأكراد العراق.

كما تجاهلت السلطات السورية بدورها حقوقهم الثقافية ومعاملتهم كبقية المواطنين، ورفضت منح بعضهم بطاقات شخصية، أو قبولهم في وظائف الدولة، وبقيت أمورهم معلقة، رغم تعاطف رئيس الجمهورية مع قضيتهم.

لا جدال في أن للأكراد وطنهم وأرضهم منذ آلاف السنين، واسم هذا الوطن التاريخي هو «كردستان»، أي أرض الكرد، وهو مجزأ بين عدة دول محيطة به تتقاسمه كغنائم الحرب، وتحرم سكانه ليس فقط من حقوقهم السياسية والقومية، وإنما أيضاً من حقوقهم كمواطنين في هذه الدول، وما زالوا يعاملون (عملياً) كمواطنين من الدرجة الثانية.

وتلوح وحدة أراضي وطنهم أمامهم كحلم صعب التحقيق أو أمنية بعيدة المنال، وقد أعيتهم الحيلة خلال التاريخ وفشلوا في توحيد أراضي بلادهم، وها هم ما زالوا يناضلون من أجل هدف بديهي حصل عليه معظم شعوب الأرض.

حزب العدالة والتنمية التركي برئاسة رجب طيب أردوغان، أدرك جور السياسة التركية على الأكراد خلال القرن الماضي بطوله، وفي الوقت نفسه اعتبر الأوروبيون أن حل المشكلة الكردية يقع على رأس شروطهم لقبول تركيا في صفوفهم، فبدأ أردوغان تنفيذ سياسة جديدة تجاههم، منها توسيع صلاحيات البلديات، والاعتراف باللغة الكردية.

والسماح بالدراسة فيها، والموافقة على تأسيس إذاعات تبث باللغة الكردية، وربما كان في طريقه للموافقة لهم على حكم ذاتي في مناطقهم في جنوب شرق تركيا، إلى أن جاء حكم المحكمة الدستورية الأخير هذا، فأضاع جهود أردوغان، وبدد آماله وآمال الأكراد، وخلق توتراً بين الأكراد والدولة التركية، وأربك حكومة حزب العدالة والتنمية وأوقعها في ورطة يصعب الخروج منها.

يبدو أن للعسكر التركي ألف يد ويد، فكلما قطعت يد نبتت غيرها، وها هم يدفعون أكراد تركيا دفعاً للالتحاق بصفوف الإرهاب، بعد أن قبلوا التطور التدريجي السلمي والدخول في نسيج المجتمع، وتجفيف منابع الإرهاب.

كاتب سوري

==============================

تحدّيات مزدوجة: الإرهاب وإسرائيل

الجمعة, 01 يناير 2010

باتريك سيل *

الحياة

دفع عمر فاروق عبدالمطلب وهو شاب نيجيري مسلم يبلغ من العمر 23 عاماً باراك أوباما إلى تغيير وجهة سياسته. فقد أجبر الرئيس الأميركي على إعلان حرب عالمية على تنظيم «القاعدة» وهي في الواقع سياسية لا تختلف عن «حرب جورج بوش الابن العالمية على الإرهاب».

لا شكّ في أن أوباما لم يكن يملك بديلاً آخر سوى الردّ بقوة على أحدث تجلّ لإرهاب تنظيم «القاعدة» وهو محاولة الشاب النيجيري إشعال متفجرات بلاستيكية خبأها في ملابسه الداخلية عندما كانت الطائرة التابعة لشركة «نورثويست إيرلاينز» والتي استقلها من أمستردام تستعدّ للهبوط في مدينة ديترويت يوم عيد الميلاد. واضطر أوباما الذي وقع فريسة انتقادات الجمهوريين والذي كان بحاجة إلى طمأنة الشعب الأميركي المتوتر، إلى قطع إجازته التي كان يمضيها في هاواي ليعلن «أننا سنستمر في استخدام كل عناصر قوتنا القومية لتعقّب وملاحقة وهزيمة المتطرفين العنيفين الذين يهددوننا سواء كانوا من أفغانستان أو باكستان أو اليمن أو الصومال أو من أي مكان آخر يخططون فيه لاعتداءات ضد أرضنا في الولايات المتحدة».

وأتى جواب تنظيم «القاعدة» على موقع إلكتروني إسلامي، إذ أعلن أن محاولة عبدالمطلب هي ردّ على الهجمات الجوية الأميركية. ففي نهاية كانون الأول (ديسمبر)، أدت هذه الهجمات الموجهة ضد مواقع لتنظيم «القاعدة» في اليمن والتي تنفذها القوة الجوية اليمنية بدعم من الولايات المتحدة، إلى مقتل حوالى 60 شخصاً على الأقل.

وأكدت صحيفة «نيويورك تايمز» هذا الأسبوع أن الولايات المتحدة فتحت جبهة جديدة ضد تنظيم «القاعدة» في اليمن الذي يعتبر حالياً مركزاً خطراً للعمليات الإرهابية وذلك لمنافسة المناطق القبلية الأفغانية - الباكستانية. وفي السنة الماضية، قامت فرق تابعة للقوات الخاصة الأميركية بتدريب الجيش اليمني، فيما قدمت له الولايات المتحدة الاستخبارات والأسلحة لاستخدامها ضد المجاهدين.

أما السؤال الذي يطرح نفسه فهو الآتي، هل تشكّل الحرب التي تشنّ ضد معظم البلدان الإسلامية بواسطة الضربات الجوية التي تقتل المدنيين والمحاربين على حدّ سواء، الطريقة الأفضل لمحاربة الإرهاب أم أنها على العكس تساهم في جمع شبان متشددين دينياً حول قضية متطرفة مثل عبدالمطلب؟

عندما استهل أوباما ولايته الرئاسية منذ سنة، كان يملك أجندة مختلفة. فقد اعتبر أن بناء الجسور مع العالم العربي والإسلامي يصب في المصلحة القومية الأميركية الطارئة. وقد أعلن عن موعد محدّد لسحب القوات الأميركية من العراق. وأشار إلى أنه يسعى إلى التوصل إلى حلّ مفاوض عليه في أفغانستان. كما أنه وضع حدّاً للتعذيب وتعهّد إغلاق معتقل غوانتانامو الشهير. وعبّر عن التزامه الكامل بعملية السلام العربية - الإسرائيلية ودعا إلى تجميد كامل للمستوطنات الإسرائيلية. حتى أنه مدّ يد الصداقة إلى إيران.

بدا وكأن أوباما قد أدرك أن الوسيلة الوحيدة لوضع حدّ للإرهاب ولحماية أميركا ولوقف قتل المسلمين يكمن في حلّ النزاع العربي - الإسرائيلي الذي يشكّل المصدر الأساس لبثّ السموم في علاقة الغرب مع الإسلام. لكن تمّ، لسوء الحظ، التخلي عن معظم بنود هذه الأجندة. فعوضاً عن البحث عن حلّ سياسي في أفغانستان، أرسل أوباما المزيد من القوات إلى هذا البلد. وقد دخل في ظلّ الضغوط التي يمارسها عليه قادته العسكريون في ما يبدو حرباً لا يمكن الفوز بها. وأدت الضغوط الأميركية التي مورست على باكستان لشنّ حرب على مناطقها القبلية إلى الإخلال باستقرار هذا البلد ووقوع تفجيرات انتحارية فيه ونزوح عدد كبير من سكانه.

وفي الشرق الأوسط، سمح أوباما لإسرائيل بتحديه وباستكمال بناء المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لا سيما في القدس الشرقية العربية. وفي هذا الوقت، قضت الاضطرابات التي تشهدها إيران حالياً على كل الآمال بإمكان حصول تقارب بين أميركا والجمهورية الإسلامية. وعوضاً عن السعي إلى حلّ مشكلة برنامج إيران النووي من خلال المفاوضات الواسعة النطاق التي قد تقرّ بمخاوف إيران الشرعية وطموحها، لجأ أوباما كما فعل قبله جورج بوش الابن إلى العقوبات بينما تهدّد إسرائيل بشن هجوم عسكري ضدها.

فهل يشكّل ذلك سيناريو قاتماً؟ لا أظن. لا يزال جورج ميتشل مبعوث أوباما الخاص إلى منطقة الشرق الأوسط يحاول حضّ الأطراف على الدخول في مفاوضات، إلا أن جهوده لم تُجدِ نفعاً بعد. أما بنيامين نتانياهو، رئيس وزراء إسرائيل الذي ينتمي إلى اليمين فيحتال عليه. يُعتبر التجميد الجزئي للاستيطان لمدة عشرة أشهر مجرّد خدعة تهدف إلى إرضاء الأميركيين وتفادي الدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين، فلا وجود لزعيم فلسطيني قوي بما فيه الكفاية للتفاوض على هذا الأساس الهش والغامض.

ومن المرجح أن يحدّد العام 2010 ما إذا سيتم حلّ النزاع العربي - الإسرائيلي من خلال المفاوضات أو من طريق الحرب. يرغب العالم في التوصل إلى حلّ مفاوض عليه، لكن يبدو أن إسرائيل تعتقد أنها تستطيع الحصول على ما تريده بالقوة وقد تكون محقة في ذلك.

ولا مجال للشك في أن هدف اليمين في إسرائيل في كل مظاهره يكمن في الحصول على كلّ «أرض إسرائيل». أما هدفه العقائدي والاستراتيجي فهو «إسرائيل الكبرى». يحصد نتانياهو نجاحات كبيرة في استطلاعات الرأي. إلا أنه يواجه مشكلة مع المستوطنين الذين يتذمرون من التجميد الذي أعلن عنه في الضفة الغربية. لكنه يعرف على غرارهم أن الاحتجاجات تخدم هدفه وتبيّن للعالم الحدود المعينة للتنازلات التي قد يقدّمها.

وبالنسبة إلى الإسرائيليين الذين ينتمون إلى اليمين، أصبحت إسرائيل الكبرى قريبة المنال. فبات معسكر السلام الإسرائيلي بحكم الميت ويقتصر على عدد من كتاب العواميد في صحيفة «هاآرتس» وبعض الناشطين الشجعان في منظمات مثل «بتسليم» التي تراقب الإساءات الكبيرة التي يتعرض لها الفلسطينيون. أما البلدان العربية فضعيفة ومنقسمة ولا سبب يدعو الى الخوف منها في حين أن ما يسمى ب «المجتمع الدولي» متردد للغاية أو غير قادر على فرض الحلّ.

تظن إسرائيل أنها ستتعرض الى ضغوط أقل من الولايات المتحدة أو روسيا أو الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة. فهي تعارض عقد مؤتمر دولي حول النزاع كما اقترح الروس. كما أنها ترفض وساطة طرف ثالث. فهي تريد أن تبقى بمفردها حتى تفرض شروطها الخاصة على الفلسطينيين. ويقال إن حلّ مشكلة فلسطين يكمن في الاختيار ما بين حلّ الدولتين وحلّ دولة واحدة، أي ما بين دولة فلسطينية صغيرة تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل وبين دولة واحدة يعيش فيها الإسرائيليون والفلسطينيون مع بعضهم بعضاً.

إلا أن ذلك ليس الخيار الحقيقي. يعارض معظم الإسرائيليين كل ما يشبه حلّ دولة واحدة. فهم يريدون التخلص من الفلسطينيين كي لا يدخلوهم ضمن حدودهم. ويكمن الاختيار الحقيقي ما بين حلّ الدولتين أو إسرائيل الكبرى وهي دولة يهودية كبيرة تقع «بين النهر والبحر» على أن يتمّ إخراج الفلسطينيين منها. وفي حال نجح البعض منهم في البقاء، قد يتمّ إجبارهم على العيش في مقاطعات معزولة كما يعيش سكان قطاع غزة حالياً.

أعلن أوباما أنه ملتزم التزاماً كاملاً بحلّ الدولتين. لكن، هل سيواجه نتانياهو؟ قد يكون هذا الأمر أهم اختبار لطريقة حكمه في السنة المقبلة.

* كاتب بريطاني متخصص في قضايا الشرق الأوسط

==============================

تداعيات مؤتمر كوبنهاغن على مستقبل الدول الصناعية

السبت, 02 يناير 2010

سليم نصار*

الحياة

أول تحذير أطلقه العلماء في شأن الاحتباس الحراري اختصره بول كرتزن عام 1995 بتسجيل ارتفاع قياسي في درجات حرارة الأرض. وقد نال على الدراسة التي قدمها حول تلاشي طبقة الغلاف الجوي (الأوزون) من جراء هذه الحرارة، جائزة نوبل في الكيمياء.

وكانت مجلة «نيتشر» قد أصدرت سلسلة أعداد ركزت فيها على رصد المتغيرات بواسطة مراكز الجليد والشعاب المرجانية وجذوع الأشجار. ويُستخلص من الدراسات التي نُشرت، أن تأثير الاحتباس الحراري كان قوياً جداً بحيث أذاب القمم الجليدية في «الاسكا» ورفع مستوى البحار ونشر الجفاف في افريقيا. إضافة الى هذا، فقد أظهرت تلك الدراسات نماذج مختلفة تثبت تزامن حدوث التغيير المناخي مع النشاطات الانسانية.

اعتبر مؤتمر المناخ التاريخي الذي عُقد في كوبنهاغن الشهر الماضي، أن شعوب العالم تدمر الكوكب الذي تعيش عليه بطريقة منهجية، الأمر الذي يهدد سبعة بلايين نسمة بالانقراض. وأجمع ممثلو 193 دولة على ضرورة احياء اتفاق مونتريال (1989) الذي طالب بحماية التنوع البيولوجي والحد من التلوث الزراعي، وتقليص استهلاك الماء.

وأجمع العلماء من أمثال جوناثان فولي ووليم شليزينغر على انتقاد الدول التي تعمل على تحطيم قواعد الأمان البيئي بطريقة تؤدي الى تغيير مناخ الأرض. ومثل هذا التغيير يؤدي بدوره الى تقليص التنوع البيولوجي وتفاقم حموضة المحيطات وإذابة جزء كبير من الغطاء الجليدي وتبديد طبقات الأوزون في الغلاف الجوي.

الرئيس الفرنسي ساركوزي شدد على أهمية مؤتمر كوبنهاغن، واعتبره نسخة جديدة عن مؤتمر فيينا الذي عقد عام 1815. ومع أن طبيعة الأهداف مختلفة بين كوبنهاغن وفيينا، إلا أن القاسم المشترك بينهما هو الاهتمام بمستقبل البشرية.

في مؤتمر فيينا الذي لعب فيه تاليران الفرنسي دور المحرك، تقرر مستقبل أوروبا ومستقبل الدول الفقيرة. ذلك أن العبودية بلغت ذروتها في القرن التاسع عشر على اعتبار أن استغلال أهل افريقيا يخدم الامبراطوريات. لذلك تقرر إلغاء العبودية، ونشر الاستقرار في أوروبا التي كانت تمثل قلب العالم في ذلك الزمان.

مؤتمر كوبنهاغن كان يرمي الى معالجة خطر وجودي على الانسانية. وتركزت الاجتماعات على ضرورة القيام بخطوات عملية حاسمة من أجل تبريد الكرة الأرضية قبل عام 2050. والسبب أن سخونة العالم تتأتى من تواصل انبعاث الغازات وذوبان جبال الجليد. وبخلاف مؤتمر فيينا، فإن غايته لم تكن محصورة في ضمان حالات السلام السياسي، بل في انقاذ العالم قبل فوات الأوان.

في مؤتمر كوبنهاغن، اختلف الخبراء حول تفسير ظاهرة الاحتباس الحراري واعترفوا بأنهم عاجزون عن ارجاع أسباب ارتفاع حرارة الأرض على مدى خمسة وخمسين مليون سنة، الى غاز الدفيئة وحده. وجاء في أحد التقارير المستندة الى ثقوب في قعر المحيطين الأطلسي والهادئ، ان حرارة سطح الأرض ارتفعت حوالى 9 درجات مئوية على مدى عشرة آلاف سنة. واستمرت الحرارة في الارتفاع على امتداد عشرة آلاف سنة أخرى. وهذا يؤكد أن ظاهرة ارتفاع حرارة الأرض ليست مرتبطة بنتائج الثورة الصناعية وأضرارها المتفاقمة.

ومع هذا كله، فإن بنود اتفاق كوبنهاغن اعتبرت ان الانسان يهدد سلامة الكوكب الذي يعيش فوقه، وأن من الضروري الالتزام بتحقيق النقاط الآتية:

أولاً - ينبغي إبقاء المعدل الشامل لارتفاع حرارة الكرة الأرضية دون درجتين مئويتين مقارنة بالمستويات ما قبل الصناعية (1800).

ولكن هذا الهدف لم يرفق بأي ضمان، على اعتبار أنه يتجاهل ذكر تقليص الانبعاثات الملوثة الى النصف مع حلول عام 2050.

ثانياً - حدد موعد 31 كانون الثاني (يناير) مهلة للدول الصناعية لتعلن أهدافاً لتقليص انبعاثاتها من الغازات الدفيئة مع حلول عام 2020. واللافت أن النص لم يشمل أي هدف بالأرقام.

ثالثاً - تخصص مساعدة فورية من 30 بليون دولار على ثلاث سنوات لدعم تكيّف الدول النامية مع نتائج الاحتباس الحراري، على أن تُعطى الأولوية للدول الاكثر فقراً في افريقيا والجزر الصغيرة.

رابعاً - تتعهد الدول المتقدمة تخصيص مبلغ مئة بليون دولار تدفع تدريجاً بين عامي 2013 و 2020 على أن يتم جمعها من مصادر عامة وخاصة.

خامساً - انشاء «صندوق المناخ الأخضر» في كوبنهاغن لدعم مشاريع الدول النامية وتدريبها على مكافحة تدمير الغابات وتعزيز قدراتها على نقل التكنولوجيا المتطورة.

سادساً - تقرر عقد المؤتمر المقبل في أواخر عام 2010 في المكسيك، شرط أن يبقى بروتوكول «كيوتو» القاعدة القانونية الوحيدة لمكافحة الاحتباس.

توقع الكثير من الدول الأوروبية أن يُقدم الرئيس أوباما عرضاً عملياً لخفض أكبر للغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري بحلول عام 2020. ولكن إحجام شيوخ الكونغرس عن دعمه بتشريع خاص حول هذا الموضوع، جعله يتردد في تقديم هذا العرض. واكتفى الرئيس الأميركي بالقول: «إن الاتفاق لم يأتِ بسهولة، ولم يحقق طموحاتنا. ولكننا نعتبره بداية واعدة».

وكانت المساومة الناجحة التي أجراها أوباما مع الصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا - أبرز الدول النامية - قد مهدت لتعاون أوثق بين الدول الصناعية والدول النامية. ولكن «اتفاق كوبنهاغن» - الذي ولد من رحم تلك المساومة - لم يقنع دول العالم الثالث بعروض الدول الكبرى.

وردد في حينه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ما قاله أوباما، لكن بصيغة مختلفة، أكد فيها أن الاتفاق لا يمثل آمال الشعوب، بقدر ما يمثل مرحلة انطلاق بالغة الأهمية.

ولوحظ في نهاية الاجتماعات أن الدول الفقيرة اعترضت على المساومات التي مارستها الدول الصناعية بحيث وصفها أحد الرؤساء بأنها «حفنة من الأموال من أجل خيانة شعوبنا وتهديد مستقبلها».

ونددت منظمات غير حكومية مثل منظمة «غرينبيس» بالاتفاق لأنه لا يحمل طابع الالزام، ولا يحدد فترة زمنية معينة للتوصل الى اتفاق ملزم قانوناً. لذلك وصفته ب «الاخفاق الكامل».

الموقف الأميركي الرسمي كان متناقضاً ومتبايناً بحيث ظهرت دلالاته واضحة بين التحفظ الذي أبداه الرئيس أوباما والتحذير الذي أعلنه وزير الزراعة الأميركي توم فيلساك. ففي الخطاب الذي ألقاه في المؤتمر، قال الوزير: «من المؤكد أن الطلب على الانتاج الغذائي العالمي سيتضاعف بحلول عام 2050 ووصول عدد البشر الى عشرة بلايين نسمة. ولكن هذا الانتاج سيتراجع بسبب ظروف تفاقم شح المياه وارتفاع درجة الملوحة والاحتباس الحراري وذوبان الثلوج».

وقال في كلمته، استناداً الى أبحاث علمية: «ان محاصيل الرز ستنخفض بنسبة 19 في المئة والقمح بنسبة 34 في المئة. ومعنى هذا أن المزارعين ومربي المواشي سيتعرضون لمواجهة تحديات تغيير المناخ على الأرض».

السؤال المركزي الذي يطرحه أضخم تجمع لقادة العالم هو: ما إذا كانت الثورة الصناعية ستتوقف بسبب الأضرار التي تحدثها على مستقبل الكرة الأرضية؟

الجواب جاء على ألسنة زعماء الولايات المتحدة والصين والهند والبرازيل ورؤساء دول الاتحاد الأوروبي، الذين أجمعوا على استئناف هذه الثورة ولو أدى ذلك الى حدوث إبادة جماعية.

وقد ساعدهم على اتخاذ مثل هذا القرار الجائر، ضعف الحجج التي قدمها العلماء حول ظاهرة التغيير المناخي. وفي زعم البعض أن المسؤولية تقع على الطبيعة وليس على الانسان. وهذا يقتضي البحث عن أماكن صالحة للسكن فوق كوكب آخر، ربما يكون المريخ. وربما تكون رحلات استكشاف القمر التي سيدشنها السنة المقبلة تشارلز برونسون، صاحب شركة «فيرجين»، هي المدخل لانتقال الانسان الى كوكب آخر، خصوصاً أن صور الأقمار الاصطناعية أثبتت وجود كميات ضخمة من المياه في الجانب المظلم من القمر. ومثلما أثبتت تطورات التاريخ، أن غرائب «جول فرن» عن الغواصة والطائرة، صارت حقيقة واقعة... فإن أفلام هوليوود عن غزو الفضاء، قد تصبح من الحقائق بعد خمسين أو مئة سنة.

حول هذا الموضوع يقول صاحب «ثورة المستهلك» رالف نادر، ان الانسان كثيراً ما يدمر نفسه بواسطة الاختراعات التي يكتشفها.

وكما أن الطائرات والسيارات والقطارات التي يستخدمها للتنقل تعينه على تقريب المسافات... فإن السموم التي تنفثها في الهواء بواسطة غاز ثاني أوكسيد الكربون، تزيد من أمراض السرطان بسبب التلوث وترقق غلاف الجو.

عند انتهاء مؤتمر كوبنهاغن، أعلنت الصين عن بيع مليوني سيارة من صنع محلي خلال هذه السنة. كما تنبأت بإنتاج مئة مليون سيارة قد لا تكون كافية لسد طلبات المواطنين الذين سيرتفع عددهم الى بليوني نسمة عام 2020. وهذا معناه أن تطبيق مبادئ التطور الصناعي سيصطدم بمقررات مؤتمرات المناخ في كيوتو وكوبنهاغن والمكسيك... وأن ظاهرة الحرارة القصوى ستظل في سباق عنيف مع مستلزمات العصر الحديث!

* كاتب وصحافي لبناني

==============================

خطوة واعدة محلياً وعربياً!

ميشيل كيلو

السفير

2-1-2010

قامت سوريا ولبنان بخطوة مهمة نحو مستقبل من نمط مختلف عن النمط الذي عرفتاه في ماضيهما القريب؛ سيأخذهما نجاحها إلى علاقة صحية ترتكز على ما يجمعهما من مصالح ومشتركات تاريخية ودينية وثقافية ولغوية وأمنية...، وأهداف عامة يفرضها الواقع والتاريخ، في تبنيهما الموحد لها خروجهما الأكيد من احتجاز مؤلم ومديد، سببه الحذر والشك بين الدولتين، واعتمادهما نظرتين متناقضتين إلى علاقاتهما، تنطلق واحدة منهما من حق الأخ الأكبر على أخيه الأصغر، ومن وجود دول/مراكز ودول/محيط عربية، وتركز الثانية على استقلال الأخ الأصغر عن أخيه الأكبر، الذي يجب أن يقر بأهليته لإدارة شؤونه. وقد أحدثت هاتان النظرتان ضروبا من تضارب السياسات والمصالح، وخلافات لم تكن في مصلحة أي منهما، ناهيك عن المصلحة العربية العليا، بينما كان عدوهما الإسرائيلي يتحين فرص استغلال وتعميق شقاقهما.

قلت إنها خطوة مستقبلية، تنتمي إلى مستقبل عربي توافقي، أكثر مما تنتمي إلى راهن العرب المفعم بالتناحر، فما حدث خلال زيارة الرئيس الحريري إلى دمشق، وقيل عن نتائجها بعد اختتامها، يبدو وكأنه سيطوي حقبة سياسية عربية قامت على مفهوم قومي يرى في الدول العربية كيانات آيلة إلى الزوال، يخون التاريخ وطموحات الأمة ومصالحها من يقر بنهائيتها ويقلع عن العمل لدمجها في الكيان العربي الأخير: دولة الأمة الموحدة (وجد هذا المفهوم بدرجات متباينة من النضج والتبلور لدى العرب جميعا، بمن فيهم السوريون واللبنانيون)، قابله، بين مفاهيم أخرى، مفهوم حضاري اعتبر الدول الصغيرة، وخاصة لبنان، مختلفة عن غيرها في هويتها وحضارتها، يجب أن يحميها الخارج من تهديد جوارها، مع ما ترتب على هذه المفاهيم المتقابلة المتناقضة من علاقات حملت كل أنواع القطيعة والضغينة والممارسات المؤذية. مع الوعد بطي هذه الصفحة من تاريخهما، سيعيش البلدان علاقات من نمط مختلف تقوم على ركيزتين هما:

 تعهد البلدان بأن يشكلا، من الآن فصاعدا، ليس مركزا ومحيطا، بل مركزا مشتركا ومتقارب المواقف لعروبة تفاعلية/تكاملية، يتكفل التنسيق والحوار والتكافل المتبادل بجعله مركزا حصينا وغير قابل للاختراق، فيه من حق الاجتهاد والرأي ما يجعل من الصعب إثارة الفرقة والشقاق بين مكونيه، المرتبطين بأواصر ومصالح وعواطف وتطلعات طبيعية/تاريخية أسمى وأنبل من أن يفرط أحد منهما بها، يتيح تنسيقها وتنظيمها تخطي أية خلافات أو أحداث عابرة أو أخطاء قد تظهر هنا أو هناك. يفترض هذا، بطبيعة الحال، نمطا من التواصل تحتضنه مشتركات جامعة متوافق عليها، معلنة وثابتة وخليقة بالتعايش مع وتجاوز ما قد يستجد من تطورات إيجابية أو سلبية، من أجل فائدة البلدين وتعزيز مناعتهما، بما أنه ما لديهما من قوة وقدرات سيأتلف بعضه مع بعض، ليسهل استخدامه في تحقيق مصالحهما العليا والمشتركة. تعهد البلدان أن يقيما نموذجاً من علاقات الأخوة يجب ويمكن أن يقوم بين بلدين شقيقين، وأن يصير حاضنة علاقات شاملة لا تقف عند قطاع أو مجال من قطاعات ومجالات الحياة العامة، يمليها تفكير ونيات وأهداف مشتركة أو متقاربة، في وحدتها منافع كثيرة لهما، شريطة أن يتم هذا كله في أطر جامعة ومدروسة، تحتم النظر بطريقة مختلفة إلى ما شاب علاقات البلدين من مشكلات وخلافات وتباينات، وتعيده إلى حجمه الحقيقي، ما أن تنزع منه عناصر الشحن والتحريض التي ضخمته، فيبدو أقل من أن يسبب أزمات، ومن أن يحدث قطيعة كتلك التي عرفاها في السنوات القليلة الماضية. في إطار نظرة مشتركة تقوم على تفكير وسلوك متقاربين، وعلى مقاربة صحية لعلاقاتهما، سيكون حل خلافاتهما واختلافاتهما أمرا ممكنا من دون صعوبات وعثرات، خاصة إن توفرت الإرادة لديهما كليهما بجعل الموقف الجديد نهائيا وملزما لهما فلا عودة عنه، كما نأمل ويأمل شعبا البلدين.

 ضرورة وضع حد لحقبة تنهي صراع العرب طيلة قرابة نصف قرن، كان وجوده خلالها شهادة دامغة على فشلهم، خاصة في حال كالحال السورية/اللبنانية، الفريدة والحافلة بالمزايا الطبيعية الإيجابية، التي كان يجب أن تقدم منذ وقت طويل أنموذجا ناجحا ومختلفا للعلاقات العربية/العربية، لكنها قدمت نموذجا معاكساً، لشديد الأسف. في هذا المقام، لا بد من التأكيد على أن صراعات العرب دارت معظم الأحيان حول جنس الملائكة، وأخذت صورة عراك بيزنطي وعبثي لا يعرف الصواب أو يتحاشى الخطأ، استمر طيلة نصف القرن الأخير، رغم أنه قضى على الصائب والصحيح في علاقاتهم البينية، وفاق في خطورته كثيراً مما تعرضوا له من خاطر، وصارت أضراره أكبر من أن تحتملها أمة طاولها أذاه وقوض معظم ما كان بين دولها من أواصر طبيعية، سياسية وإنسانية واقتصادية وثقافية...، فكرهت كل ما يذكرها بوجوده وطفقت تتمنى وقفه وتتشوق إليه، مهما كان الثمن. إذا كان ما قلته حول الركيزة الأولى صحيحا، وكان لا ينتمي إلى عالم الآمال، فإن المرحلة القادمة من علاقات سوريا ولبنان ستشير إلى إمكانية قيام مرحلة توافق عربي، تعتمد أسسا مشابهة لأسس العلاقات السورية/اللبنانية الجديدة، ولأسس توافق الدول العربية مع جيرانها غير العرب، تخرج العرب من صراعات الحق والباطل وجدلهما العبثي، الذي لم يترك حقا أو باطلا في الحياة العربية، ولم يؤسس لشيء غير التباعد والتقاتل. إنها مرحلة نأمل أن تكون عربية قدر ما هي سورية/لبنانية، تبنى العلاقات العربية خلالها على جوامع ومشتركات متينة، أهمها أن أهمية أية دولة تفوق أهمية أي تكوين سياسي أو اقتصادي جزئي في الدول الأخرى، مواليا كان أم معارضا، وأن العلاقات مع أي حزب أو جبهة أو تيار في بلد عربي وهي شرعية ومطلوبة يجب أن تنضوي تكوينيا في علاقة رسمية وشعبية أشمل وأوسع، أساسها المشتركات والمصالح الموحدة والمتقاربة. في الترتيب المنطقي للعلاقات: يجب أن تأتي المشتركات الناظمة لعلاقات الدولتين على رأس سلم أولياتهما، تليها أهمية الدولة بالنسبة إلى الدول الأخرى، وأخيرا أهمية ما للدول من صلات مع قوى داخل الدول الشقيقة. لا يجوز أن ترجح دولة عربية علاقاتها مع أي تكوين جزئي على علاقاتها مع الدولة، ومن الخطأ أن تعتبر دولة تكوينا ما اختراقا في دولة أخرى. ولا مفر من أن تنمي المشتركات، التي لا بد أن تنعكس على كل شيء ومن خلال وفي كل شيء، علاقات الدول العربية تنمية متوازنة تتخطى الأحداث والخلافات، هي جزء تكويني من نسيج تعاون توحيدي متين وواضح الأسس، والوحدة، في نظر الوحدوي من أمثالنا، أهم من أي شيء مهم عداها، كائنا ما كانت طبيعته وكان اسمه ودوره. لبنان أهم بالنسبة لسوريا من أي مكون من مكوناته، وسوريا أهم بالنسبة إلى لبنان من أي مكون داخلي فيها. هذا ما يجب أن يكون، وما يجب أن يصير، إن كنا نريد طي صفحة الصراعات العربية/العربية وفتح صفحة جديدة في علاقات العرب، تقطع مع سياسات فشلت وصار من الضروري إيجاد بدائل لها، نأمل ان تكون علاقات سوريا ولبنان بداية ونموذجا لها، هذا إن صدقت الإعلانات والنيات وارتقى الوعي إلى المستوى الضروري لإخراج البلدين والعرب من وحول التاريخ الحديث، ولبلوغ موقع يواجهان منه أي خطر، بما في ذلك أخطار السياسات العربية القائمة في المجالين الوطني والقومي.

يفترض ما سبق أن علاقات البلدين الشقيقين ستحظى برعاية خاصة من قيادتيهما وشعبيهما، وستظل محل تعميق دائم وإثراء مستمر، وستحصن ضد جميع الأخطاء والأخطار، وخاصة منها الخطر الصهيوني وخطر الاختراقات الدولية. إنها، كما سبق القول: أول علاقات تتمتع بقابلية الانتماء إلى حال عربي مختلف، فلتمنح إذن قدرا من الاهتمام يجعلها قابلة للعيش والاستمرار في جميع الظروف والأحوال، ليس فقط عبر علاقات الدولتين الرسمية، بل كذلك بقوة تعلق مواطنيهما بمشتركاتهما وتأييدهم علاقاتهما الجديدة واقتناعهم بضرورتها، وتحولها إلى جزء من حياتهم، يلمسون منافعه بصورة يومية من خلال الفرص التي يجب أن تتيحها حرية الانتقال والعمل بينهما، ومن خلال المشاريع المشتركة التي يجب أن تقام فيهما، وعبر شعور مواطنيهما أن البلد الآخر هو أيضا وطنهم، الذي يحبونه ويعملون في سبيل تقدمه وازدهاره. إن أعلى أشكال تفاهم ووحدة سوريا ولبنان تكمن في وحدة عقول وقلوب مواطنيهما، التي ستتكفل بإزالة حدودهما من النفوس وإن بقيت على الأرض، وستعزز إخاءهما رغم وجود سفارات تمثلهما، وستجعل منهما كيانا واحدا وإن اختلفت فيهما الأسماء والأشياء.

هذا هو رهان العلاقات السورية/اللبنانية الجديدة، فهل نحلم ونعيش في الأوهام، إن نحن اعتبرناه قابلا للتحقيق، كما حلم ذات يوم من عام 2006 مثقفون سوريون ولبنانيون راعهم ما آلت إليه علاقات بلديهما آنذاك، أم أننا لن ننجح هذه المرة أيضا في فتح الباب لحال لبنانية/سورية جديدة ومختلفة، لديها كل الفرص لأن تصير بوابة مستقبل عربي جديد ومختلف؟

==============================

مفاوضات اللاشيء

جدعون ليفي

القدس العربي

2-1-2010

ها هو جاء. الليلة في منتصف الليل سيبدأ عام جديد، عام المفاوضات في الشرق الاوسط. مبعوثو السلام يستعدون منذ الان على نقاط الانطلاق، واضعو الوثائق يحررون منذ الان مسوداتهم، المستشارون يضعون الصياغات، المحللون يعظمون الكلمات، المصورون يوجهون العدسات، والسياسيون يحزمون حقائبهم ويشحذون السنتهم. جورج ميتشيل سيصل لتوه الى هنا، بنيامين نتنياهو كان في القاهرة. محمود عباس على الطريق. في النهاية ستكون قمة. في واشنطن، في اوروبا سيبتهجون، المستوطنون سيهددون واليساريون سيغفون. فصل آخر في مسرحية العبث، سجل آخر مع معان لا نهاية له. وها هو قد جاء: بداية موسم المفاوضات، مفاوضات اللاشيء.

الارشيفات تتفجر منذ الان من كثرة المشاريع والمبادرات، الصيغ والمبعوثين، وكل شيء يعلوه الغبار. فالنزاع لم يكن ابدا على هذا القدر من الخطر والتواصل بهذا القدر الكبير من الحروب ومشاريع السلام. منذ مشروع روجرز الاول في كانون الاول 1969 ومشروع روجرز الثاني والثالث، وحتى ايامنا هذه تاريخ مثير للسأم من الدبلوماسية العقيمة، حملة طويلة الى اللامكان.

كل شيء كتب، كل المشاريع متشابهة على نحو مدهش، شبها غير مفاجئ. من يريد السلام يحتاج فقط الى ان يفتح احد الجوارير وان يسحب بالصدفة واحدا منها، لا يهم ايها، وان يبدأ بتطبيقه؛ من يريد 'مسيرة سلام' مدعو لان يضم الى الاحتفال التالي، بما في ذلك سكرة الغداة الدامي في نهايته. مسيرة سلام؟ يدور الحديث (فقط) عن سلام المسيرة.

يمكن، مثلا، سحب مشروع روجرز وازالة النفتالين عنه. وليام روجرز مات منذ زمن بعيد، ولكن كل شيء موجود في مشروعه: انسحاب الى حدود 67، اعتراف، سيادة؛ سلام. اسرائيل هي التي رفضت. بالضبط اربعين سنة مرت منذئذ، ونحن نثبت بالضبط في ذات المكان. اذا كنتم تريدون ان تكونوا اكثر حداثة فيمكن ايضا اخذ صيغة كلينتون. هناك ايضا كل شيء وارد. اذن من اجل ماذا الخروج في حملة اخرى من افساد الكلام؟ من اجل ماذا اتعاب العقول لكل العوزي اراديين والجورج ميتشليين؟

نتنياهو اجتاز منذ الان 'تحولا تاريخيا'، سبق ان بلغ بأنه مستعد للبحث، بالتأكيد للبحث في حدود 67، مع تبادل للاراضي وترتيبات أمنية. والجدول الزمني هو الاخر قد تحدد: سنتان، بالتأكيد سنتان، دوما هذا سنتان، سنتان اخريان. في ختامهما يتم الاعلان عن الانتصار (الاسرائيلي) المطلق: لا يوجد شيء. ومرة اخرى سنسمع شتائم 'الصوص من دون ريش' او 'عصبة المخربين'، مرة اخرى سنقول انه لا يوجد مع من يمكن الحديث.

لا شريك فلسطينيا لانه لا شريك اسرائيليا مستعد ايضا ان ينفذ. في اليوم الذي تبدأ فيه اسرائيل بالعمل، الى جانب الفلسطينيين، سينشأ الشريك، نيلسون مانديلا هو الاخر لم يكن مانديلا الى ان حرر من السجن ونقل جنوب افريقيا الى يديه. هو ايضا لم يوافق على التنازل على مدى عشرات السنين عن المقاومة العنيفة، ولكن ما ان لاحت له الفرصة الحقيقية حتى عمل بوسائل سلمية. المفتاح كان في يدي فريدريك فيلم دي كلارك وليس في يديه. هذا المفتاح هو ايضا في يدي اسرائيل. مؤخرا سحبت من يديها احدى الاسلحة الناجعة لديها: الارهاب.

مرة اخرى لم يعد ممكنا وقف كل شيء بسبب الارهاب، وذلك لانه يكاد لا يكون ارهاب. عندما يكون ارهاب محظورا العمل، وعندما لا يكون ارهاب لا مبرر للعمل. ولكن يمكن ازالة القلق: فهو سيستأنف، اذا لم يتحرك شيء.

كما ان محاولة فك الارتباط لن تجدي المعارضين: استمرار حبس غزة لم يغير شيئا في حياة سكانها.

آخر من لمس هذا الحلم كان ايهود اولمرت: عددا لا يحصى من اللقاءات 'الممتازة' مع عباس. فرص للصور والخطابات الشجاعة على نحو رائع. تكاد تكون جسارة، يكاد يكون اتفاقا. وللتو سيتحقق 'اتفاق رف'، وعلى عتبية الرف حربان خاسرتان وبناء اخر في المستوطنات. كل الاحاديث شحبت في ضوء النشاطات على الارض. اذ ان هذا هو الاختبار الاعلى: ليس مهما ما يقوله الاسرائيليون، مهم ما يفعلوه.

انتهى زمن الكلام؛ كف عن المفاوضات وابدأ بالافعال. رفع الحصار عن غزة وبيان عن تجميد للابد للبناء في المستوطنات اهم بكثير من ألف صيغة. من يريد دولتين لا يبني ولو حتى شرفة واحدة اخرى. هذا هو المقياس لنوايا اسرائيل الحقيقية. من دون هذه الخطوات، خسارة على الوقت، وقت المتباحثين ووقتنا جميعا. فهل يعتزم نتنياهو القيام بشيء من كل هذا؟ شك كبير، شك ثقيل ومضن.

هآرتس 31/12/2009

==============================

أحداث العام العلمية والقارئ العربي: تساؤلات جديرة بالاهتمام

صفات سلامة

الشرق الاوسط

2-1-2010

حفل عام 2009 بالكثير من الأحداث والقضايا العلمية المهمة، والتي مع كثرتها وأهميتها لم تستطع وسائل الإعلام العربية - وبخاصة الصحف واسعة الانتشار - تغطيتها بنوع من الوفاء كما تفعل في تغطيتها المتزايدة لشؤون وقضايا وأحداث ونجوم الرياضة والفن، ولهذا ليس غريبا أن لا تحظى أخبار وأحداث العلوم والتكنولوجيا باهتمام متزايد من القارئ العربي.

وليس المقصود بالتغطية العلمية، نقل وترجمة أحداث وقضايا العلم والتكنولوجيا عن الصحافة ووكالات الأنباء العالمية والأجنبية وكفى، بل أيضا ومهما أن تكون مصحوبة بالتحليل الدقيق والمتميز والرؤية العميقة لهذه الأحداث وأوجه التفاعل معها والاستفادة منها عربيا.

وإذا ألقينا نظرة سريعة على أهم الأحداث والقضايا العلمية - عربيا وعالميا - لعام 2009، نجد أن: إنفلونزا الخنازير واللقاحات الخاصة بها، والتغير المناخي والاحتباس الحراري، والنانوتكنولوجي (التقنيات متناهية الصغر) تأتي على رأس قائمة هذه الأحداث والقضايا، مع اختلاف كبير في كيفية وأساليب تغطيتها إعلاميا عالميا وعربيا.

ومن بين أهم أحداث العام العلمية التي حظيت باهتمام متزايد وبخاصة عالميا: موافقة الرئيس الأميركي (أوباما) على إجراء أولى التجارب على البشر باستخدام الخلايا الجذعية الجنينية، وهي خلايا متعددة الاستخدامات قادرة على التطور لتصبح أي نسيج متخصص في الجسم، الأمر الذي يشكل بداية عصر جديد في العلاجات الطبية.

وكذلك نجاح شركة «هوندا» اليابانية للسيارات في تطوير تقنية ترصد الأفكار وتحولها إلى إشارات يلتقطها الروبوت «أسيمو» لكي ينفذها كأوامر، وتعد هذه التقنية الأولى من نوعها في العالم التي يمكن لروبوت فيها تحريك يديه وقدميه بأوامر من أفكار الإنسان.

ومن بين أحداث العام أيضا التي أثارت العديد من التساؤلات الأخلاقية، تمكن علماء في جامعة «نيوكاسل» البريطانية من إنتاج حيوانات منوية في المختبر ولأول مرة عالميا، وذلك من خلال خلايا جذعية جنينية، الأمر الذي يمهد الطريق لطرق جديدة في علاج العقم، كما يثير العديد من القضايا والتساؤلات الأخلاقية بشأن مدى سلامة الحيوانات المنوية المنتجة مختبريا، أي التأكد من أنها حقيقية وتماثل الحيوان المنوي الأصلي وسليمة صحيا، وتساؤلات حول التدخل في عملية الإنجاب في صورته الطبيعية واحتمالات التداخل والاختلاط في الأنساب.

وأيضا تمكن باحثون في كلية «إمبريال كوليدج» البريطانية من تطوير لاصق طبي رقمي يلتصق بجسم المرضى ويمكنه رصد المؤشرات الصحية الحيوية لهم؛ مثل عمل القلب ورصد عملية التنفس وقياس درجة حرارة الجسم، ويرسل البيانات منها إلى الأطباء سواء في مواقع عملهم أو لدى تجوالهم مع كمبيوتراتهم الجوالة، الأمر الذي سيدعم اقتصادا كبيرا في النفقات الصحية.

كما حفل العام 2009 بالعديد من الدراسات الجديدة عن مخاطر استعمالات الفضة النانوية «النانوسيلفر» على الصحة والبيئة، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات والنقاشات والقضايا الأخلاقية حول النانوتكنولوجي وتطبيقاتها.

وتثير تغطية أحداث وقضايا العلوم والتكنولوجيا العالمية والعربية، العديد من التساؤلات المهمة الجديرة بالاهتمام عربيا، إذا أردنا أن يكون للعلوم والتكنولوجيا موقع بارز ودور مهم في حياتنا، والتي من بينها:

هل مكان نشر الأحداث والقضايا العلمية في الصحيفة (الصفحة الأولى، أو الأخيرة، أو الصفحات الداخلية، أو صفحات العلوم والتكنولوجيا) والمساحة المخصصة لنشرها، يؤثر في مدى قراءة وتفاعل القراء العرب معها؟ وهل كيفية وأساليب نشرها (في عناوين مثيرة، مزودة بالصور والرسوم التوضيحية، وربطها بالبيئة العربية، واستطلاع آراء العلماء العرب والجماهير) تؤثر أيضا في عدد وتفاعل القراء معها؟ وهل يزداد اهتمام القارئ العربي بقراءة أحداث وقضايا العلم والتكنولوجيا عند ارتباطها بحياته الخاصة واليومية، وبحدوث كوارث ومخاطر قائمة، مثل إنفلونزا الخنازير، والتغير المناخي والاحتباس الحراري، والسيول، والزلازل وغيرها؟ وهل يرتبط ويزداد اهتمام وتفاعل القارئ العربي بالأحداث العلمية، باهتمام وسائل الإعلام العربية المتزايد بها، ويرتبط أيضا بأسماء محرريها من كتاب وعلماء علميين متميزين؟

وأخيرا سؤال أخير.. إلى متى ستظل فوبيا (الخوف المرضي) القارئ العربي من العلوم والتكنولوجيا (Science Phobia) قائمة رغم استخدامه واستمتاعه يوميا بإنجازات العلم والعلماء؟

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ